الملل والنّحل - ج ١

أبي الفتح محمد بن عبدالكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني

الملل والنّحل - ج ١

المؤلف:

أبي الفتح محمد بن عبدالكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني


المحقق: أمير علي مهنا و علي حسن فاعور
الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٣٠٧

والخامسة : حكمه بأن أطفال المشركين في النار مع آبائهم.

والسادسة : أن التقية غير جائزة في قول ولا عمل.

والسابعة : تجويزه أن يبعث الله تعالى نبيا يعلم أنه يكفر بعد نبوته ، أو كان كافرا قبل البعثة. والكبائر والصغائر إذا كانت بمثابة عنده وهي كفر ، وفي الأمة من جوز الكبائر والصغائر على الأنبياء عليهم‌السلام ، فهي كفر.

والثامنة : اجتمعت الأزارقة على أن من ارتكب كبيرة من الكبائر كفر كفر ملة ، خرج به عن الإسلام جملة ، ويكون مخلدا في النار مع سائر الكفار. واستدلوا بكفر إبليس ، وقالوا : ما ارتكب إلا كبيرة حيث أمر بالسجود لآدم عليه‌السلام فامتنع ، وإلا فهو عارف بوحدانية الله تعالى.

٣ ـ النّجدات (١) العاذريّة

أصحاب نجدة بن عامر الحنفي (٢) ، وقيل عاصم. وكان من شأنه أنه خرج من اليمامة مع عسكره يريد اللحوق بالأزارقة. فاستقبله أبو فديك (٣) ، وعطية بن الأسود الحنفي في الطائفة الذين خالفوا نافع بن الأزرق ، فأخبروه بما أحدثه نافع من الخلاف ، بتكفير القعدة عنه ، وسائر الأحداث والبدع (٤) ، وبايعوا نجدة وسموه أمير المؤمنين ، ثم اختلفوا على نجدة فأكفره قوم منهم لأمور نقموها عليه.

منها أنه بعث ابنه مع جيش إلى أهل القطيف (٥) فقتلوا رجالهم ، وسبوا

__________________

(١) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٨٧ والتبصير ص ٣٠ وخطط المقريزي ٢ : ٣٥٤ ومقالات الإسلاميين ١ : ١٦٢ وما بعدها).

(٢) نجدة بن عامر الحنفي : استولى على اليمامة والبحرين في سنة ٦٦ ه‍. قتله أصحابه سنة ٦٩ ه‍. (راجع العبر ١ : ٧٤).

(٣) أبو فديك : هو عبد الله بن ثور من بني قيس بن ثعلبة من رءوس الخوارج وممن أجمع على نجدة بن عامر الحنفي. (راجع الطبري ٧ : ٥٧).

(٤) راجع الكامل ٣ : ١٧٥ ومجمع البيان ٢ : ٩٨ وشرح الكامل ٧ : ٢٣٧.

(٥) هي مدينة بالبحرين. (معجم البلدان ٤ : ٣٧٨).

١٤١

نساءهم وقوّموها على أنفسهم وقالوا : إن صارت قيمتهن في حصصنا فذاك ، وإلّا رددنا الفضل ، ونكحوهن قبل القسمة. وأكلوا من الغنيمة قبل القسمة ، فلما رجعوا إلى نجدة وأخبروه بذلك قال : لم يسعكم ما فعلتم؟ قالوا : لم نعلم أن ذلك لا يسعنا ، فعذرهم بجهالتهم.

واختلف أصحابه بذلك. فمنهم من وافقه ، وعذر (١) بالجهالات في الحكم الاجتهادي. وقالوا : الدين أمران :

أحدهما : معرفة الله تعالى ، ومعرفة رسله عليهم الصلاة والسلام ؛ وتحريم دماء المسلمين ، يعنون موافقيهم. والإقرار بما جاء من عند الله جملة ، فهذا واجب على الجميع ، والجهل به لا يعذر فيه.

والثاني : ما سوى ذلك ، فالناس معذورون فيه إلى أن تقوم عليهم الحجة في الحلال والحرام. قالوا : ومن جوز العذاب على المجتهد المخطئ في الأحكام قبل قيام الحجة عليه فهو كافر.

واستحل نجدة بن عامر دماء أهل العهد والذمة وأموالهم في حال التقية ، وحكم بالبراءة ممن حرمها قال : وأصحاب الحدود من موافقيه. لعل الله تعالى يعفو عنهم. وإن عذبهم ففي غير النار ، ثم يدخلهم الجنة ، فلا تجوز البراءة عنهم.

قال : ومن نظر نظرة ، أو كذب كذبة صغيرة أو كبيرة وأصر عليها فهو مشرك ،

__________________

(١) وكان السبب في ذلك أنه بعث ابنه مع جند من عسكره إلى القطيف فأغاروا عليها وسبوا منها النساء والذرية وقوّموا النساء على أنفسهم ونكحوهن قبل إخراج الخمس من الغنيمة وقالوا : إن دخلت النساء في قسمنا فهو مرادنا وإن زادت فيهن على نصيبنا من الغنيمة غرمنا الزيادة من أموالنا ، فلما رجعوا إلى نجدة سألوه عمّا فعلوا من وطء النساء ومن أكل طعام الغنيمة قبل إخراج الخمس منها وقبل قسمة أربعة أخماسها بين الغانمين فقال لهم : لم يكن لكم ذلك ، فقالوا : لم نعلم أن ذلك لا يحلّ لنا فعذرهم بالجهالة ثم قال : إن الدين أمران أحدهما معرفة الله تعالى ومعرفة رسله ، وتحريم دماء المسلمين ، وتحريم غصب أموال المسلمين ، والإقرار بما جاء من عند الله تعالى جملة. فهذا واجب معرفته على كل مكلف. وما سواه فالناس معذورون بجهالته حتى يقيم عليه الحجة في الحلال والحرام. فمن استحلّ باجتهاده شيئا محرما فهو معذور. ومن خاف العذاب على المجتهد المخطئ قبل قيام الحجة عليه فهو كافر. (راجع الفرق بين الفرق ص ٨٨ ـ ٨٩).

١٤٢

ومن زنى ، وشرب ، وسرق غير مصرّ عليه فهو غير مشرك ، وغلظ على الناس في حد الخمر تغليظا شديدا.

ولما كاتب عبد الملك بن مروان وأعطاه الرضى ، نقم عليه أصحابه فيه. فاستتابوه فأظهر التوبة فتركوا النقمة عليه والتعرض له ، وندمت طائفة على هذه الاستتابة وقالوا : أخطأنا وما كان لنا أن نستتيب الإمام ، وما كان له أن يتوب باستتابتنا إياه. فتابوا من ذلك، وأظهروا الخطأ. وقالوا له : تب من توبتك ، وإلا نابذناك ، فتاب من توبته.

وفارقه أبو فديك وعطية. ووثب عليه أبو فديك فقتله ثم برئ أبو فديك من عطية ، وعطية من أبي فديك وأنفذ عبد الملك بن مروان : عمر بن عبيد الله بن معمر التميمي مع جيش إلى حرب أبي فديك فحاربه أياما فقتله ، ولحق عطية بأرض سجستان ، ويقال لأصحابه العطوية. ومن أصحابه : عبد الكريم بن عجرد زعيم العجاردة.

وربما قيل للنجدات : العاذرية ، لأنهم عذروا بالجهالات في أحكام الفروع. وحكى الكعبي عن النجدات : أن التقية جائزة في القول والعمل كله وإن كان في قتل النفوس قال : وأجمعت النّجدات على أنه لا حاجة للناس إلى إمام قط. وإنما عليهم أن يتناصفوا فيما بينهم. فإن هم رأوا أن ذلك لا يتم إلا بإمام يحملهم عليه فأقاموه جاز.

ثم افترقوا بعد نجدة إلى : عطوية (١) ، وفديكية (٢) ، وبرئ كل واحد منهما عن صاحبه بعد قتل نجده! وصارت الدار لأبي فديك إلا من تولى نجدة (٣) ، وأهل سجستان وخراسان وكرمان وقهستان من الخوارج على مذهب عطية.

__________________

(١) نسبة إلى عطية بن الأسود اليمامي الحنفي.

(٢) نسبة إلى أبي فديك الخارجي أحد بني قيس بن ثعلبة.

(٣) وهم فرقة من النجدات بعدوا عن اليمامة وكانوا بناحية البصرة شكوا فيما حكى من أحداث نجدة ، وتوقفوا في أمره وقالوا : لا ندري هل أحدث تلك الأحداث أم لا فلا نبرأ منه إلّا باليقين. (راجع الفرق بين الفرق ص ٩٠).

١٤٣

وقيل : كان نجدة بن عامر. ونافع بن الأزرق قد اجتمعا بمكة مع الخوارج على ابن الزبير ثم تفرقا عنه. واختلف نافع ونجدة ، فصار نافع إلى البصرة ، ونجدة إلى اليمامة.

وكان سبب اختلافهما أن نافعا قال : التقية (١) لا تحل ، والقعود عن القتال كفر. واحتج بقول الله تعالى : (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ) (٢) وبقوله تعالى : (يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ) (٣).

وخالفه نجدة وقال : التقية جائزة ، واحتج بقول الله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) (٤) وبقوله تعالى : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ) (٥) وقال : القعود جائز ، والجهاد إذا أمكنه أفضل ، قال الله تعالى : (وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً) (٦).

وقال نافع : هذا في أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين كانوا مقهورين ، وأما في غيرهم مع الإمكان فالقعود كفر ، لقول الله تعالى : (وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) (٧).

٤ ـ البيهسية

أصحاب أبي بيهس الهيصم (٨) بن جابر ، وهو أحد بني سعد بن ضبيعة ، وقد

__________________

(١) التقية : الإظهار باللسان خلاف ما ينطوي عليه القلب للخوف على النفس.

(٢) سورة النساء : الآية ٧٧.

(٣) سورة المائدة : الآية ٥٤.

(٤) سورة آل عمران : الآية ٢٨.

(٥) سورة غافر : الآية ٢٨.

(٦) سورة النساء : الآية ٩٥.

(٧) سورة التوبة : الآية ٩٠.

(٨) كان فقيها متكلما من الأزارقة. اعتقله والي المدينة عثمان بن حيان المرّي فقتل وصلب بأمر من الوليد الأموي. توفي سنة ٩٤ ه‍ / ٧١٣ م. (راجع رغبة الآمل ٧ : ٢١٩).

١٤٤

كان الحجاج طلبه أيام الوليد فهرب إلى المدينة ، فطلبه بها عثمان (١) بن حيان المرّي فظفر به وحبسه. وكان يسامره إلى أن ورد كتاب الوليد بأن يقطع يديه ورجليه ثم يقتله ، ففعل به ذلك.

وكفر أبو بيهس : إبراهيم (٢) ، وميمون (٣) في اختلافهما في بيع الأمة ، وكذلك كفر الواقفية (٤). وزعم أنه لا يسلم أحد حتى يقر بمعرفة الله تعالى ومعرفة رسله ومعرفة ما جاء به النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. والولاية لأولياء الله تعالى ، والبراءة من أعداء الله. فمن جملة ما ورد به الشرع وحكم به ما حرم الله وجاء به الوعيد ، فلا يسعه إلا معرفته بعينه ، وتفسيره والاحتراز عنه. ومنه ما ينبغي أن يعرف باسمه ، ولا يضره ألا يعرفه بتفسيره حتى يبتلى به. وعليه أن يقف عند ما لا يعلم ولا يأتي بشيء إلا بعلم. وبرئ أبو بيهس عن الواقفية لقولهم : إنا نقف فيمن واقع الحرام وهو لا يعلم أحلالا واقع أم حراما؟ قال : كان من حقه أن يعلم ذلك.

والإيمان : هو أن يعلم كل حق وباطل ؛ وأن الإيمان هو العلم بالقلب دون

__________________

(١) عثمان بن حيان المرّي. وفي التقريب بالزاي ونون المزني ، أبو المغراء الدمشقي ، مولى أم الدرداء ، استعمله الوليد على المدينة سنة ٩٣ ه‍ وعرف بالجور وقد وصفه به عمر بن عبد العزيز. مات سنة ١٥٠ ه‍. (راجع تهذيب التهذيب ٧ : ١١٣ والتقريب ص ١٤١).

(٢) كان من الأباضية.

(٣) هو ميمون بن عمران وكان من الخوارج على مذهب العجاردة ثم خالفهم ورجع إلى مذهب القدرية .. ثم اختار من دين المجوس استحلال بنات البنات وبنات البنين وكان ينكر سورة يوسف ويقول إنها ليست من القرآن. (راجع التبصير ص ٨٣).

(٤) الواقفية : هم طائفة من الخوارج الأباضية. وقصّتهم أن رجلا من الأباضية اسمه إبراهيم أضاف جماعة من أهل مذهبه وكانت له جارية على مذهبه قال لها قدّمي شيئا فأبطأت فحلف ليبيعها من الأعراب وكان فيما بينهم رجل اسمه ميمون ، من العجاردة فقال له : تبيع جارية مؤمنة من قوم كفار؟ فقال : «وأحلّ الله البيع وحرم الربا» وعليه كان أصحابنا.

وطال الكلام بينهما حتى تبرأ كل واحد منهما من صاحبه وتوقف قوم منهم في كفرهما وكتبوا إلى علمائهم فرجع الجواب بجواز ذلك البيع وبوجوب التوبة على ميمون وعلى كل من توقف في نصر إبراهيم فمن هاهنا افترقوا ثلاث فرق : الإبراهيمية والميمونية والواقفية. (راجع التبصير ص ٣٥).

١٤٥

القول والعمل ، ويحكى عنه أنه قال : الإيمان هو الإقرار والعلم. وليس هو أحد الأمرين دون الآخر.

وعامة البيهسية على أن العلم والإقرار والعمل كله إيمان. وذهب قوم منهم إلى أنه لا يحرم سوى ما ورد في قوله تعالى : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ) (١) الآية. وما سوى ذلك فكله حلال.

ومن البيهسية قوم يقال لهم العونية (٢) ، وهم فرقتان :

١ ـ فرقة تقول : من رجع من دار الهجرة إلى القعود برئنا منه.

٢ ـ وفرقة تقول : بل نتولاهم ، لأنهم رجعوا إلى أمر كان حلالا لهم.

والفرقتان اجتمعتا على أن الإمام إذا كفر كفرت الرعية : الغائب منهم ، والشاهد.

ومن البيهسية صنف يقال لهم أصحاب التفسير (٣) ، زعموا أن من شهد من المسلمين شهادة أخذ بتفسيرها وكيفيتها.

وصنف يقال لهم أصحاب (٤) السؤال ، قالوا : إن الرجل يكون مسلما إذا شهد الشهادتين ، وتبرأ ، وتولى ، وآمن بما جاء من عند الله جملة ، وإن لم يعلم فيسأل ما افترض الله عليه ، ولا يضره أن لا يعلم حتى يبتلى به فيسأل. وإن واقع حراما لم يعلم تحريمه فقد كفر. وقالوا في الأطفال بقول الثعلبية : إن أطفال المؤمنين

__________________

(١) سورة الأنعام : الآية ١٤٥.

(٢) في «الفرق بين الفرق» العوفية بالفاء وكذلك في مقالات الإسلاميين.

(٣) جاء في مقالات الإسلاميين ١ : ١١٧ : ومن البيهسية فرقة يسمون أصحاب التفسير. كان صاحب بدعتهم رجل يقال له الحكم بن مروان من أهل الكوفة. زعم أنه من شهد على المسلمين لم تجز شهادتهم إلّا بتفسير الشهادة كيف هي؟ قالوا : ولو أن أربعة شهدوا على رجل منهم بالزنا لم تجز شهادتهم حتى يشهدوا كيف هو؟ وهكذا قالوا في سائر الحدود. فبرئت منهم البيهسية على ذلك وسموهم أصحاب التفسير.

(٤) هم أصحاب شبيب النجراني. (المصدر السابق).

١٤٦

مؤمنون ، وأطفال الكافرين كافرون ، ووافقوا القدرية في القدر ، وقالوا : إن الله تعالى فوض إلى العباد ، فليس لله في أعمال العباد مشيئة ، فبرئت منهم عامة البيهسية.

وقال بعض البيهسية : إن واقع الرجل حراما لم يحكم بكفره حتى يرفع أمره إلى الإمام الوالي ويحده ، وكل ما ليس فيه حد فهو مغفور.

وقال بعضهم : إن السكر إذا كان من شراب حلال فلا يؤاخذ صاحبه بما قال فيه وفعل.

وقالت العونية : السكر كفر ، ولا يشهدون أنه كفر ما لم ينضم إليه كبيرة أخرى من ترك الصلاة ، أو قذف المحصن.

* * *

ومن الخوارج : أصحاب صالح (١) بن مسرح ، ولم يبلغنا عنه أنه أحدث قولا تميز به عن أصحابه ، فخرج على بشر (٢) بن مروان ، فبعث إليه بشر ، الحارث (٣) بن عمير ، أو الأشعث بن عميرة الهمداني ، أنفذه الحجاج لقتاله ، فأصابت صالحا جراحة في قصر جلولاء ، فاستخلف مكانه شبيب (٤) بن يزيد بن نعيم الشيباني

__________________

(١) صالح بن مسرح هو أحد بني امرئ القيس وكان أحد الخوارج الصفرية وكان ناسكا وصاحب عبادة وله أصحاب يقرئهم القرآن ويفقّههم في الدين ويقص عليهم القصص وكان يدعو إلى مجاهدة أئمة الضلال وقد سرح إليه الحجاج أيام بشر بن مروان ، الحارث بن عميرة الهمذاني فقتل صالح بالمدبج من أرض الموصل سنة ٧٦ ه‍. (راجع ابن أبي الحديد ص ٤٠٩ والطبري ٧ : ٢١٧).

(٢) بشر بن مروان بن الحكم بن أبي العاص القرشي الأموي أمير. كان سمحا جوادا. ولي إمرة العراقين لأخيه عبد الملك سنة ٧٤ ه‍. توفي سنة ٧٥ ه‍ / ٦٩٤ م. (راجع خزانة البغدادي ٤ : ١١٧ وتهذيب ابن عساكر ٣ : ٢٤٨).

(٣) الحارث بن عميرة الهمذاني هو من قواد الأمويين. قتل صالح بن مسرح فكرّ عليه شبيب ، فضارب الحارث حتى صرع ، واحتمله أصحابه وانهزموا فكان أول جيش هزمه شبيب. (راجع الكامل ٣ : ٢٠٢ والطبري ٧ : ٢٢١).

(٤) شبيب بن يزيد بن نعيم بن قيس الشيباني ، أبو الضحّاك من الأبطال الثائرين على بني أمية وإليه تنسب الفرقة الشبيبية من فرق النواصب. توفي سنة ٧٧ ه‍ / ٦٩٦ م. (راجع البيان والتبيين ١ : ٧١ والمقريزي ١ : ٣٥٥).

١٤٧

المكنى بأبي الصحاري ؛ وهو الذي غلب على الكوفة ، وقتل من جيش الحجاج أربعة وعشرين أميرا ، كلهم أمراء الجيوش ، ثم انهزم إلى الأهواز ؛ وغرق في نهر الأهواز وهو يقول : (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (١).

وذكر اليمان (٢) أن الشبيبية يسمون مرجئة الخوارج ؛ لما ذهبوا إليه من الوقف في أمر صالح. ويحكى عنه أنه برئ منه وفارقه ، ثم خرج يدعي الإمامة لنفسه ، ومذهب شبيب ما ذكرناه من مذاهب البيهسية ، إلا أن شوكته وقوته ومقاماته مع المخالفين مما لم يكن لخارج من الخوارج ، وقصته مذكورة في التواريخ.

٥ ـ العجاردة (٣)

أصحاب عبد الكريم (٤) بن عجرد ، وافق النجدات في بدعهم ، وقيل : إنه كان من أصحاب أبي بيهس ، ثم خالفه وتفرد بقوله : تجب البراءة عن الطفل حتى يدعى إلى الإسلام ، ويجب دعاؤه إذا بلغ ، وأطفال المشركين في النار مع آبائهم ، ولا يرى المال فيئا حتى يقتل صاحبه ، وهم يتولون القعدة إذا عرفوهم بالديانة ، ويرون الهجرة فضيلة لا فريضة ، ويكفرون بالكبائر ، ويحكى عنهم أنهم ينكرون كون سورة يوسف من القرآن ، ويزعمون أنها قصة من القصص ، قالوا : ولا يجوز أن تكون قصة العشق من القرآن.

__________________

(١) سورة يس : الآية ٣٨.

(٢) هو اليمان بن رباب ، خراساني. قال الدارقطني : ضعيف من الخوارج ، وهو من جلّتهم ورؤسائهم. كان نظارا متكلما مصنفا للكتب. له كتاب التوحيد وكتاب الردّ على المعتزلة في القدر وغيرها. (راجع لسان الميزان ٦ : ٣١٦ والفهرست ص ٨٢٥).

(٣) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٩٣ والتبصير ص ٣٢ ومقالات الإسلاميين ١ : ١٦٤).

(٤) هو رئيس العجاردة ، وكان من أتباع عطية بن أسود الحنفي وقد حبسه السلطان ، ولما اختلف من أتباعه ميمون وشعيب في المشيئة كتب إليه أتباعه وهو في حبس السلطان في ذلك فكتب في جوابهم : إنما نقول ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولا نلحق بالله سوءا فوصل الجواب إليهم بعد موت ابن عجرد وادعى ميمون أنه قال بقوله لأنه قال : لا نلحق بالله سوءا. وقال شعيب : بل قال بقولي ، لأنه قال : نقول ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. (الفرق بين الفرق ص ٩٥ ـ ٩٦).

١٤٨

ثم إن العجاردة افترقوا أصنافا ، ولكل صنف مذهب على حياله ، إلا أنهم لما كانوا من جملة العجاردة أو رددناهم على حكم التفصيل بالجدول والضلع وهم :

(أ) الصلتية (١) : أصحاب عثمان بن أبي الصلت ، أو الصلت بن أبي الصلت. تفرد عن العجاردة بأن الرجل إذا أسلم توليناه وتبرأنا من أطفاله حتى يدركوا فيقبلوا الإسلام.

ويحكى عن جماعة منهم أنهم قالوا : ليس لأطفال المشركين والمسلمين ولاية ولا عداوة حتى يبلغوا فيدعوا إلى الإسلام فيقروا ، أو ينكروا.

(ب) الميمونية : أصحاب ميمون بن خالد. كان من جملة العجاردة إلا أنه تفرد عنهم بإثبات القدر خيره وشره من العبد. وإثبات الفعل للعبد خلقا وإبداعا ، وإثبات الاستطاعة قبل الفعل ، والقول بأن الله تعالى يريد الخير دون الشر ، وليس له مشيئة في معاصي العباد. وذكر الحسين الكرابيسي (٢) في كتابه الذي حكى فيه مقالات الخوارج : أن الميمونية يجيزون نكاح بنات البنات ، وبنات أولاد الإخوة والأخوات ، وقالوا : إن الله تعالى حرم نكاح البنات ، وبنات الإخوة والأخوات ، ولم يحرم نكاح البنات ، وبنات الإخوة والأخوات ، ولم يحرم نكاح أولاد هؤلاء.

وحكى الكعبي والأشعري عن الميمونية إنكارها كون سورة يوسف من القرآن ، وقالوا بوجوب قتال السلطان ، وحدّه ، ومن رضي بحكمه ، فأما من أنكره فلا يجوز قتاله إلا إذا أعان عليه ، أو طعن في دين الخوارج ، أو صار دليلا للسلطان ، وأطفال المشركين عندهم في الجنة.

__________________

(١) في التبصير والفرق بين الفرق أنهم أتباع صلت بن عثمان وفي الاعتقادات والتعريفات والمقريزي أنهم أتباع عثمان بن أبي الصلت. وهم كالعجاردة. وعندهم أن من دخل في مذهبهم فهو مسلم.

(٢) كان من المجبرة ، عارفا بالحديث والفقه وله تصانيف منها كتاب المدلسين في الحديث ، وكتاب الإمامة ، وكتابه في القضاء يدل على سعة علمه وتبحره ، ويقال إنه من جملة مشايخ البخاري توفي سنة ٢٥٦ ه‍. (راجع لسان الميزان ص ٣٠٣ وفهرست ابن النديم ص ٢٥٦).

١٤٩

(ج) الحمزيّة (١) : أصحاب حمزة بن أدرك (٢). وافقوا الميمونية في القدر وفي سائر بدعها ، إلا في أطفال مخالفيهم والمشركين فإنهم قالوا : هؤلاء كلهم في النار.

وكان حمزة من أصحاب الحسين بن الرقاد الذي خرج بسجستان من أهل أوق ، وخالفه خلف الخارجي في القول بالقدر ، واستحقاق الرئاسة ، فبرئ كل واحد منهما عن صاحبه ، وجوز حمزة إمامين في عصر واحد ، ما لم تجتمع الكلمة ، ولم تقهر الأعداء.

(د) الخلفيّة : أصحاب خلف (٣) الخارجي ؛ وهم من خوارج كرمان (٤) ومكران (٥) ، خالفوا الحمزية في القول بالقدر ، وأضافوا القدر خيره وشره إلى الله تعالى ، وسلكوا في ذلك مسلك أهل السنّة ، وقالوا : الحمزية ناقضوا حيث قالوا : لو عذب الله العباد على أفعال قدّرها عليهم ، أو على ما لم يفعلوه كان ظالما ، وقضوا بأن أطفال المشركين في النار ، ولا عمل لهم ، ولا ترك ، وهذا من أعجب ما يعتقد من التناقض.

(ه) الأطرافية (٦) : فرقة على مذهب حمزة في القول بالقدر ، إلا أنهم عذروا

__________________

(١) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٩٨ والتبصير ص ٣٣ ومقالات الإسلاميين ١ : ١٦٥).

(٢) حمزة بن أدرك الشامي الخارجي عاش بسجستان وخراسان ومكران وقهستان وكرمان وهزم الجيوش وكان في الأصل من العجاردة الخازمية ثم خالفهم في باب القدر والاستطاعة فقال فيهما بقول القدرية فأكفرته الخازمية في ذلك ثم زعم أن أطفال المشركين في النار فأكفرته القدرية في ذلك. كان ظهوره في أيام هارون الرشيد. (راجع المقريزي ٤ : ١٧٩ والفرق بين الفرق ص ٩٨).

(٣) وهو الذي قاتل حمزة الخارجي. والخلفية لا يرون القتال إلّا مع إمام منهم. وصارت الخلفية إلى قول الأزارقة في شيء واحد ، وهو دعواهم أن أطفال مخالفيهم في النار. (راجع الفرق بين الفرق ص ٩٦ والاعتقادات ص ٤٨).

(٤) كرمان : ولاية مشهورة بين فارس ومكران وسجستان. وخراسان. شرقيّها مكران وغربيّها أرض فارس وشماليها مفازة خراسان وجنوبيها بحر فارس. (معجم البلدان ٤ : ٤٥٤).

(٥) راجع «كرمان» التي تقدّم تحديدها في الهامش رقم (٤).

(٦) سموا بذلك لقولهم إن من لم يعلم أحكام الشريعة من أصحاب أطراف العالم فهو معذور ، وقد وافقوا أهل السنّة في أصولهم. (اعتقادات ص ٤٨ وتعريفات ص ١٩).

١٥٠

أصحاب الأطراف في ترك ما لم يعرفوه من الشريعة إذا أتوا بما يعرف لزومه من طريق العقل ، وأثبتوا واجبات عقلية كما قالت القدرية. ورئيسهم غالب بن شاذك من سجستان ، وخالفهم عبد الله السديوري (١) وتبرأ منهم.

ومنهم المحمدية أصحاب محمد بن رزق ، وكان من أصحاب الحسين بن الرقاد ، ثم برئ منه.

(و) الشّعيبيّة (٢) : أصحاب شعيب بن محمد ، وكان مع ميمون من جملة العجاردة ، إلا أنّه برئ منه حين أظهر القول بالقدر.

قال شعيب : إن الله تعالى خالق أعمال العباد ، والعبد مكتسب لها قدرة وإرادة ، مسئول عنها خيرا وشرا ، مجازي عليها ثوابا وعقابا ، ولا يكون شيء في الوجود إلا بمشيئة الله تعالى ، وهو على بدع الخوارج في الإمامة والوعيد ، وعلى بدع العجاردة في حكم الأطفال ، وحكم القعدة والتولي والتبرّي.

(ز) الحازمية (٣) : أصحاب حازم بن عليّ ، أخذوا بقول شعيب في أن الله تعالى خالق أعمال العباد ، ولا يكون في سلطانه إلا ما يشاء ، وقالوا بالموافاة ، وأن الله تعالى إنما يتولى العباد على ما علم أنهم صائرون إليه في آخر أمرهم من

__________________

(١) في بعض النسخ : عبد الله السرنوي ، نسبة إلى سرنو من قرى استراباذ من نواحي طبرستان. (المعجم ٥ : ٧٦).

(٢) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٩٥ والتبصير ص ٣٢ ومقالات الإسلاميين ١ : ١٦٥).

(٣) في الفرق بين الفرق : الخازمية بالخاء وفي التعريفات : الجازمية بالجيم.

راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٩٤ والتعريفات ص ٥٠).

والحازمية هم أكثر عجاردة سجستان ، وقد قالوا في باب القدر والاستطاعة والمشيئة بقول أهل السنّة : أن لا خالق إلّا الله ولا يكون إلّا ما شاء الله وأن الاستطاعة مع الفعل. وأكفروا الميمونية الذين قالوا في باب القدر والاستطاعة بقول القدرية المعتزلة عن الحق.

ثم إن الحازمية خالفوا أكثر الخوارج في الولاية والعدوة وقالوا إنهما صفتان من الله تعالى ... وفي التعريفات الجازمية (بالجيم) هم أصحاب جازم بن عاصم وافقوا الشعيبيّة.

١٥١

الإيمان ، ويتبرأ منهم على ما علم أنهم صائرون إليه في آخر أمرهم من الكفر ، وأنه سبحانه لم يزل محبا لأوليائه مبغضا لأعدائه.

ويحكى عنهم أنهم يتوقفون في أمر عليّ رضي الله عنه ، ولا يصرحون بالبراءة (١) عنه ، ويصرحون بالبراءة في حق غيره.

٦ ـ الثعالبة (٢)

أصحاب ثعلبة (٣) بن عامر ، كان مع عبد الكريم بن عجرد يدا واحدة إلى أن اختلفا في أمر الأطفال فقال ثعلبة : إنا على ولايتهم صغارا وكبارا حتى نرى منهم إنكارا للحق ورضا بالجواز ، فتبرأت العجاردة من ثعلبة ، ونقل عنه أيضا أنه قال : ليس له حكم في حال الطفولة من ولاية وعداوة ، حتى يدركوا ويدعوا. فإن قبلوا فذاك ، وإن أنكروا كفروا. وكان يرى أخذ الزكاة من عبيدهم إذا استغنوا ، وإعطاءهم منها إذا افتقروا.

__________________

(١) غير أن أهل السنّة ألزموا الحازمية على قولها بالموافاة أن يكون علي وطلحة والزبير وعثمان من أهل الجنة ، لأنهم من أهل بيعة الرضوان الذي قال الله تعالى فيهم : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) وقالوا لهم : إذا كان الرضا من الله تعالى عن العبد إنما يكون عن علم أنه يموت على الإيمان وجب أن يكون المبايعون تحت الشجرة على هذه الصفة. وكان علي وطلحة والزبير منهم وكان عثمان يومئذ أسيرا فبايع له النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم وجعل يده ، بدلا عن يده ، وصحّ بهذا بطلان قول من أكفر هؤلاء الأربعة. (راجع الفرق بين الفرق ص ٩٤ ـ ٩٥).

(٢) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ١٠٠ ومقالات الإسلاميين والتبصير ص ٣٣).

(٣) سمّاه عبد القاهر في الفرق بين الفرق : ثعلبة بن مشكان. والأشعري لم يزد عن : «ثعلبة». وفي خطط المقريزي هو كما ذكره المؤلف هاهنا.

وروى المقريزي وعبد القاهر البغدادي والأسفراييني سبب اختلاف ثعلبة مع ابن عجرد فقالوا ما ملخصه : أن رجلا من العجاردة خطب إلى ثعلبة بنته ، فقال له : بين مهرها فأرسل الخاطب امرأة إلى تلك البنت يسألها هل بلغت البنت؟ فإن كانت قد بلغت وقبلت الإسلام على الشرط الذي تعتبره العجاردة لم يبال كم كان مهرها. فقالت أمّها : هي مسلمة في الولاية بلغت أم لم تبلغ. فأخبر بذلك عبد الكريم بن عجرد وثعلبة فاختار عبد الكريم البراءة من الأطفال قبل البلوغ. وقال ثعلبة : نحن على ولايتهم صغارا وكبارا إلى أن يبين لنا منهم إنكار للحق. فلما اختلفا في ذلك برئ كل واحد منهما من صاحبه وصار ثعلبة إماما.

١٥٢

(أ) الأخنسية (١) : أصحاب أخنس (٢) بن قيس ، من جملة الثعالبة ، وانفرد عنهم بأن قال : أتوقف في جميع من كان في دار التقية من أهل القبلة ؛ إلا من عرف منه إيمان فأتولاه عليه ، أو كفر فأتبرأ منه ، وحرموا الاغتيال والقتل ، والسرقة في السر ، ولا يبدأ أحد من أهل القبلة بالقتال حتى يدعى إلى الدين ، فإن امتنع قوتل ؛ سوى من عرفوه بعينه على خلاف قولهم ، وقيل إنهم جوزوا تزويج المسلمات من مشركي قومهم أصحاب الكبائر ، وهم على أصول الخوارج في سائر المسائل.

(ب) المعبديّة (٣) : أصحاب معبد بن عبد الرحمن ، كان من جملة الثعالبة خالف الأخنس في الخطأ الذي وقع له في تزويج المسلمات من مشرك ، وخالف ثعلبة فيما حكم من أخذ الزكاة من عبيدهم ، وقال : إني لأبرأ منه بذلك ، ولا أدع اجتهادي في خلافه ، وجوزوا أن تصير سهام الصدقة سهما واحدا في حال التقية.

(ج) الرّشيديّة (٤) : أصحاب رشيد الطوسي ، ويقال لهم العشرية ، وأصلهم أن الثعالبة كانوا يوجبون فيما سقى بالأنهار والقنى نصف العشر ، فأخبرهم زياد (٥) بن عبد الرحمن أن فيه العشر ، ولا تجوز البراءة ممن قال فيه نصف العشر

__________________

(١) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ١٠١ والتبصير ص ٣٣).

(٢) في الفرق بين الفرق : سمّاه عبد القاهر «الأخنس» ولم يزد. وقال : كان في بدء أمره على قول الثعالبة في موالاة الأطفال ، ثم خنس من بينهم ، أي تنحّى واستخفى.

(٣) راجع في شأن هذه الفرقة. (التبصير ص ٣٣ والفرق بين الفرق ص ١٠١) حيث قال : «والفرقة الثانية منهم معبدية قالت بإمامة رجل منهم بعد ثعلبة اسمه معبد خالف جمهور الثعالبة في أخذ الزكاة من العبيد وإعطائهم منها ...».

(٤) في مقالات الإسلاميين أنها تسمى «العشرية» أيضا. وفي الفرق بين الفرق ص ١٠٢ : «والفرقة الخامسة من الثعالبة يقال لها «رشيدية» نسبوا إلى رجل اسمه رشيد ، وانفردوا بأن قالوا : فيما سقي بالعيون والأنهار الجارية نصف العشر ، وإنما يجب العشر الكامل فيما سقته السماء. وخالفهم زياد بن عبد الرحمن فأوجب فيما سقي بالعيون والأنهار الجارية العشر الكامل».

(٥) هو رأس الزيادية وقد أكفر أصحابه شيبان بن سلمة الخارجي في قوله بتشبيه الله سبحانه لخلقه.

١٥٣

قبل هذا ، فقال رشيد : إن لم تجز البراءة منهم فإنا نعمل بما عملوا ، فافترقوا في ذلك فرقتين.

(د) الشيبانية (١) : أصحاب شيبان (٢) بن سلمة ، الخارج في أيام مسلم (٣) ، وهو المعين له ولعلي (٤) بن الكرماني على نصر (٥) بن سيار ، وكان من الثعالبة ، فلما أعانهما برئت منه الخوارج ، فلما قتل شيبان ذكر قوم توبته ، فقالت الثعالبة : لا تصح توبته لأنه قتل الموافقين لنا في المذهب ، وأخذ أموالهم ، ولا يقبل توبة من قتل مسلما وأخذ ماله إلا بأن يقتص من نفسه ، ويرد الأموال ، أو يوهب له ذلك.

ومن مذهب شيبان أنه قال بالجبر ، ووافق جهم بن صفوان في مذهبه إلى الجبر ، ونفى القدرة الحادثة. وينقل عن زياد بن عبد الرحمن الشيباني أبي خالد أنه قال : إن الله تعالى لم يعلم حتى خلق لنفسه علما ، وأن الأشياء إنما تصير معلومة له

__________________

(١) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ١٠٢ والتبصير ص ٣٤).

(٢) هو شيبان بن سلمة السدوسي الحروري. قال المقريزي : «هو أول من أظهر القول بالتشبيه. كان قبيل ظهور الدعوة العباسية مقيما بمرو وثار على نصر بن سيار (والي خراسان من قبل مروان بن محمد) ، خرج في أيام أبي مسلم الخراساني وأعانه على أعدائه في حروبه ، ثم أخفر عهده ، فأرسل إليه أبو مسلم يدعوه إلى البيعة ، فقال له شيبان أنا أدعوك إلى بيعتي. واختلفا. فسيّر أبو مسلم جيشا لقتاله فقتل شيبان على أبواب سرخس سنة ١٣٠ ه‍ / ٧٤٨ م. (راجع الطبري ٩ : ١٠٢ والمحبر ص ٢٥٥ والمقريزي ١ : ٣٥٥).

(٣) هو أبو مسلم الخراساني مؤسس الدولة العباسية قتله المنصور سنة ١٦٨ ه‍.

(٤) هو علي بن جديع الكرماني ، طابق أبا مسلم على حرب نصر بن سيّار وساعده في دعوته. قتله أبو مسلم سنة ١٣٠ ه‍. (راجع الطبري ٩ : ١٠٤).

(٥) كان شيخ مضر بخراسان ووالي بلخ ثم ولي إمرة خراسان سنة ١٢٠ ه‍. قويت الدعوة العباسية في أيامه فكتب إلى بني مروان بالشام يحذرهم وينذرهم ، وهو صاحب الأبيات التي أرسلها إلى مروان بن محمد :

أرى خلل الرماد وميض جمر

ويوشك أن يكون له ضرام

فإن النار بالعودين تذكى

وإن الحرب مبدؤها الكلام

فقلت من التعجب ليت شعري

أأيقاظ أميّة أم ينام

مرض ، ومات بساوة سنة ١٣١ ه‍ / ٧٤٨ م. (راجع ابن الأثير ٥ : ١٤٨ وخزانة البغدادي ١ : ٣٢٦).

١٥٤

عند حدوثها ووجودها ، ونقل عنه أنه تبرأ من شيبان ، وأكفره حين نصر الرجلين ، فوقعت عامة الشيبانية بجرجان (١) ، ونسا (٢) ، وأرمينية (٣) ، والذي تولى شيبان وقال بتوبته : عطية الجرجاني وأصحابه.

(ه) المكرميّة (٤) : أصحاب مكرم بن عبد الله العجلي ، كان من جملة الثعالبة وتفرد عنهم بأن قال تارك الصلاة كافر ، لا من أجل ترك الصلاة ولكن من أجل جهله بالله تعالى. وطرد هذا في كل كبيرة يرتكبها الإنسان. وقال : إنما يكفر لجهله بالله تعالى ، وذلك أن العارف بوحدانية الله تعالى ، وأنه المطلع على سره وعلانيته ، المجازي على طاعته ومعصيته ، أن يتصور منه الإقدام على المعصية ، والاجتراء على المخالفة ما لم يغفل عن هذه المعرفة ، ولا يبالي بالتكليف منه وعن هذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : «لا يزني الزّاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السّارق حين يسرق وهو مؤمن» الخبر.

وخالفوا الثعالبة في هذا القول وقالوا : بإيمان الموافاة ، والحكم بأن الله تعالى إنما يتولى عباده ويعاديهم على ما هم صائرون إليه من موافاة الموت ، لا على أعمالهم التي هم فيها ؛ فإن ذلك ليس بموثوق به إصرارا عليه ما لم يصل المرء إلى آخر عمره ، ونهاية أجله. فحينئذ إن بقي على ما يعتقده فذلك هو الإيمان فنواليه ، وإن لم يبق فنعاديه. وكذلك في حق الله تعالى : حكم الموالاة والمعاداة على ما علم منه حال الموافاة ، وكلهم على هذا القول.

(و) المعلوميّة والمجهوليّة (٥) : كانوا في الأصل حازمية ، إلا أن المعلومية قالت : من لم يعرف الله تعالى بجميع أسمائه وصفاته فهو جاهل به ، حتى يصير

__________________

(١) مدينة مشهورة بين طبرستان وخراسان. (معجم البلدان ٢ : ١١٩).

(٢) مدينة وبيئة بخراسان. (معجم البلدان ٥ : ٢٨٢).

(٣) اسم لصقع واسع في جهة الشمال وهما كبرى وصغرى. (معجم البلدان ١ : ١٦٠).

(٤) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ١٠٣ والتبصير ص ٣٤ والمقريزي ص ١٨٠).

(٥) في المقريزي والفرق والتبصير أنهم أتباع : «أبي مكرم» وفي الاعتقادات : أتباع «مكرم».

١٥٥

عالما بجميع ذلك ، فيكون مؤمنا (١). وقالت : الاستطاعة مع الفعل ، والفعل مخلوق للعبد، فبرئت منهم الحازمية (٢).

وأما المجهولية فإنهم قالوا : من علم بعض أسماء الله تعالى وصفاته وجهل بعضها ، فقد عرفه تعالى (٣). وقالت : إن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى.

(ز) البدعيّة : أصحاب يحيى بن أصدم. أبدعوا القول بأن نقطع على أنفسنا بأن من اعتقد اعتقادنا فهو من أهل الجنة ، ولا نقول : إن شاء الله ، فإن ذلك شك في الاعتقاد. ومن قال : أنا مؤمن إن شاء الله ، فهو شاك. فنحن من أهل الجنة قطعا ، من غير شك.

٧ ـ الإباضيّة (٤)

أصحاب عبد الله (٥) بن إباض الذي خرج في أيام مروان (٦) بن محمد ، فوجه إليه عبد الله بن محمد بن عطية ، فقاتله بتبالة (٧) وقيل إن عبد الله (٨) بن يحيى الإباضي كان رفيقا له في جميع أحواله وأقواله. قال : إن مخالفينا من أهل القبلة كفار غير مشركين ، ومناكحتهم جائزة ، وموارثتهم حلال. وغنيمة أموالهم من السلاح

__________________

(١) راجع في شأن هاتين الفرقتين. (الفرق بين الفرق ص ٩٧ والتبصير ص ٣٣ أما صاحب المقالات فقد خصّ كل واحدة منهما بحديث قصير).

(٢) في الفرق بين الفرق : «الخازمية» بالخاء.

(٣) وأكفروا المعلومية منهم في هذا الباب. (الفرق بين الفرق ص ٩٧).

(٤) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ١٠٣ والتبصير ص ٣٤).

(٥) عبد الله بن إباض : هو أحد بني مرّة بن عبيد من بني تميم رهط الأحنف بن قيس. وهو رأس الأباضية من الخوارج وهم فرقة كبيرة وكان هو فيما قيل رجع عن بدعته فتبرأ منه أصحابه واستمرت نسبتهم إليه. (راجع المعارف ص ٢٠٥ ولسان الميزان ٣ : ٢٤٨).

(٦) مروان بن محمد : هو آخر خلفاء بني أميّة ويلقب بالحمار قتل سنة ١٣٢ ه‍. (راجع تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٦٩).

(٧) تبالة : اسم بلدة من أرض تهامة في طريق اليمن فتحت سنة عشر. (معجم البلدان ٢ : ٩).

(٨) هو عبد الله بن يحيى الكندي الحضرمي ، كان داعية الأباضية وقد جرح سنة ١٣٠ ه‍ وقتل بتبالة.

(راجع الشذرات ١ : ١٧٧).

١٥٦

والكراع عند الحرب حلال ، وما سواه (١) حرام. وحرام قتلهم وسبيهم في السر غيلة ، إلا بعد نصب القتال ، وإقامة الحجة.

وقالوا : إن دار مخالفيهم من أهل الإسلام دار توحيد ، إلا معسكر السلطان فإنه دار بغي. وأجازوا شهادة مخالفيهم على أوليائهم ، وقالوا في مرتكبي الكبائر : إنهم موحدون لا مؤمنون.

وحكى الكعبي عنهم : أن الاستطاعة عرض من الأعراض ، وهي قبل الفعل ، بها يحصل الفعل ، وأفعال العباد مخلوقة لله تعالى : إحداثا وإبداعا ، ومكتسبة للعبد حقيقة ، لا مجازا ، ولا يسمون إمامهم أمير المؤمنين ، ولا أنفسهم مهاجرين ، وقالوا : العالم يفنى كله إذا فني أهل التكليف. قال : وأجمعوا على أن من ارتكب كبيرة من الكبائر كفر ، كفر النعمة ، لا كفر الملة ، وتوقفوا في أطفال المشركين ، وجوّزوا تعذيبهم على سبيل الانتقام وأجازوا أن يدخلوا الجنة تفضلا وحكى الكعبي عنهم أنهم قالوا بطاعة لا يراد بها الله تعالى ، كما قال أبو الهذيل.

ثم اختلفوا في النفاق : أيسمى شركا أم لا! قالوا : إن المنافقين في عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم كانوا موحدين ، إلا أنهم ارتكبوا الكبائر ، فكفروا بالكبيرة لا بالشرك وقالوا : كل شيء أمر الله تعالى به فهو عام ليس بخاص. وقد أمر به المؤمن والكافر ، وليس في القرآن خصوص. وقالوا : لا يخلق الله تعالى شيئا إلا دليلا على وحدانيته ، ولا بد أن يدل به واحدا. وقال قوم منهم : يجوز أن يخلق الله تعالى رسولا بلا دليل ويكلف العباد بما أوحي إليه. ولا يجب عليه إظهار المعجزة ، ولا يجب على الله تعالى ذلك إلى أن يخلق دليلا ، ويظهر معجزة وهم جماعة متفرقون في مذاهبهم (٢) تفرق الثعالبة والعجاردة.

__________________

(١) في الفرق بين الفرق ص ١٠٣ : «والذي استحلّوه الخيل والسلاح فأما الذهب والفضة فإنهم يردونهما على أصحابهما عند الغنيمة».

(٢) افترقت الإباضية فيما بينهم أربع فرق وهي : الحفصية ، والحارثية ، واليزيدية ، وأصحاب طاعة لا يراد الله بها. (راجع الفرق بين الفرق ص ١٠٤).

١٥٧

(أ) الحفصيّة (١) : هم أصحاب حفص (٢) بن أبي المقدام ، تميز عنهم بأن قال إن بين الشرك والإيمان خصلة واحدة ، وهي معرفة الله تعالى وحده. فمن عرفه ثم كفر بما سواه من رسول أو كتاب أو قيامة أو جنة أو نار ، أو ارتكب الكبائر من الزنا ، والسرقة ، وشرب الخمر ، فهو كافر لكنه بريء من الشرك.

(ب) الحارثيّة (٣) : أصحاب الحارث (٤) الإباضي. خالف الإباضية في قوله بالقدر على مذهب المعتزلة ، وفي الاستطاعة قبل الفعل ، وفي إثبات طاعة لا يراد بها الله تعالى (٥).

(ج) اليزيديّة (٦) : أصحاب يزيد (٧) بن أنيسة قال بتولي المحكمة الأولى قبل الأزارقة ، وتبرأ من بعدهم إلا الإباضية فإنه يتولاهم. وزعم أن الله تعالى سيبعث رسولا من العجم ، وينزل عليه كتابا قد كتب في السماء ، وينزل عليه جملة واحدة.

ويترك شريعة المصطفى محمد عليه الصلاة والسلام ، ويكون على ملة الصابئة

__________________

(١) راجع بشأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ١٠٤ والتبصير ص ٣٤).

(٢) هو أحد أصحاب عبد الله بن إباض. (راجع المقريزي ٤ : ١٨٠ والتعريفات ص ٦١).

(٣) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ١٠٥ والتبصير ص ٣٥).

(٤) جاء في التبصير وحده «الحارث بن مزيد الإباضي».

(٥) أكفرهم سائر الإباضية في قولهم في باب القدر بمثل قول المعتزلة لأن جمهورهم على قول أهل السنّة في أن الله تعالى خالق أعمال العباد وفي أن الاستطاعة مع الفعل. وزعمت الحارثية أنهم لم يكن لهم إمام بعد المحكمة الأولى إلّا عبد الله بن إباض وبعده حارث بن يزيد الإباضي. (راجع الفرق بين الفرق ص ١٠٥ والتعريفات ص ٥٥).

(٦) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٢٧٩ والتبصير ص ٨٣ ومقالات الإسلاميين ١ : ١٧٠).

(٧) يزيد بن أنيسة. وفي المحدثين من اسمه زيد بن أبي أنيسة ، له ترجمة في ميزان الاعتدال للذهبي برقم ٢٩٩٠ وقد يختلط بهذا على بعض الناس. كان يزيد من البصرة ثم انتقل إلى جور من أرض فارس وكان على رأي الإباضية من الخوارج ثم خرج عن قول جميع الأمة بقوله إن شريعة الإسلام تنسخ في آخر الزمان برسول من العجم ينزل عليه كتاب وأتباعه هم الصابئون المذكورون في القرآن. (راجع الفرق بين الفرق ص ٢٧٩ والتعريفات ص ١٧٤).

١٥٨

المذكورة في القرآن. وليست هي الصابئة الموجودة بحران (١) ، وواسط (٢).

وتولى يزيد من شهد لمحمد المصطفى عليه الصلاة والسلام من أهل الكتاب بالنبوة وإن لم يدخل في دينه وقال إن أصحاب الحدود من موافقيه وغيرهم كفار مشركون. وكل ذنب صغير أو كبير ، فهو شرك.

٨ ـ الصّفريّة (٣) الزّياديّة

أصحاب زياد بن الأصفر. خالفوا الأزارقة ، والنجدات ، والإباضية في أمور منها : إنهم لم يكفروا القعدة عن القتال ، إذا كانوا موافقين في الدين والاعتقاد. ولم يسقطوا الرجم ، ولم يحكموا بقتل أطفال المشركين وتكفيرهم وتخليدهم في النار. وقالوا : التقية جائزة في القول دون العمل. وقالوا : ما كان من الأعمال عليه حدّ واقع فلا يتعدى بأهله الاسم الذي لزمه به الحد كالزنا ، والسرقة ، والقذف. فيسمى زانيا ، سارقا ، قاذفا ، لا كافرا مشركا.

وما كان من الكبائر مما ليس فيه حد لعظم قدره مثل ترك الصلاة ، والفرار من الزحف ، فإنه يكفر بذلك. ونقل عن الضحاك (٤) منهم أنه جوز تزويج المسلمات من كفار قومهم في دار التقية دون دار العلانية. ورأى زياد بن الأصفر جميع الصدقات سهما واحدا في حال التقية. ويحكى عنه أنه قال : نحن مؤمنون عند أنفسنا ، ولا ندري لعلنا خرجنا من الإيمان عند الله. وقال : الشرك شركان : شرك هو طاعة الشيطان ، وشرك هو عبادة الأوثان. والكفر كفران : كفر بإنكار النعمة ، وكفر

__________________

(١) حران : اسم مدينة مشهورة على طريق الموصل والشام ، كانت منازل الصابئة وهم الحرّانيون. (معجم البلدان ٢ : ٢٣٥).

(٢) واسط : اسم قرية بنواحي الموصل بين مرقة وعين الرصد وهي غير واسط الحجاج. (معجم البلدان ٥ : ٣٤٧).

(٣) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٩٠ والتبصير ص ٣١ ومقالات الإسلاميين). والصفرية هم قوم من الحرورية.

(٤) هو الضحاك بن قيس الخارجي الشيباني.

١٥٩

بإنكار الربوبية. والبراءة براءتان : براءة من أهل الحدود سنّة ، وبراءة من أهل الجحود فريضة(١).

* * *

ولنختتم المذاهب بذكر تتمة رجال الخوارج :

من المتقدمين : عكرمة ، وأبو هارون العبدي ، وأبو الشعثاء (٢) ، وإسماعيل بن سميع.

ومن المتأخرين : اليمان بن رباب : ثعلبي ، ثم بيهسي. وعبد الله بن يزيد ، ومحمد بن حرب ، ويحيى بن كامل : إباضية.

ومن شعرائهم : عمران بن حطان ، وحبيب (٣) بن مرة صاحب الضحاك بن قيس. ومنهم أيضا : جهم بن صفوان ، وأبو مروان غيلان بن مسلم ، ومحمد بن عيسى برغوث ، وأبو الحسين كلثوم بن حبيب المهلبي. وأبو بكر محمد بن عبد الله بن شبيب البصري ، وعلي بن حرملة ، وصالح بن قبة بن صبيح بن عمرو ، ومويس بن عمران البصري ، وأبو عبد الله بن مسلمة ، وأبو عبد الرحمن بن مسلمة ، والفضل بن عيسى الرقاشي ، وأبو زكريا يحيى بن أصفح ، وأبو الحسين محمد بن مسلم الصالحي ، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن الحسن الخالدي ، ومحمد بن صدقة ، وأبو الحسين علي بن زيد الإباضي ، وأبو عبد الله محمد بن كرام ، وكلثوم بن حبيب المرادي البصري.

__________________

(١) في الفرق بين الفرق أن الصفرية صارت ثلاث فرق :

* فرقة تزعم أن صاحب كل ذنب مشرك كما قالت الأزارقة.

* والثانية تزعم أن اسم الكفر واقع على صاحب ذنب ليس فيه حد ، والمحدود في ذنبه خارج عن الإيمان وغير داخل في الكفر.

* والثالثة تزعم أن اسم الكفر يقع على صاحب الذنب إذا حدّه الوالي على ذنبه.

(٢) أبو الشعثاء : هو جابر بن زيد الأزدي تلميذ ابن عباس توفي سنة ٩٣ ه‍. (راجع تاريخ الإسلام للذهبي ص ٤٦ وابن كثير ٩ : ٩٣).

(٣) في نسخة : حبيب بن حدرة. وحبيب بن حدرة هو مولى لبني هلال بن عامر ومن شعراء الخوارج.

(راجع الطبري ٧ : ٢٦٨ و ٩ : ٦٥).

١٦٠