تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٣٢

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

حسان محمد بن أحمد المزكي ، وأبي سعد النّصروييّ (١) ، والحسين بن إبراهيم الكيسليّ (٢) ، ومحمد بن عبد العزيز النّيليّ (٣) ، وبشرويه بن محمد المغفليّ (٤) ، وأبي إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم النصرآباذيّ (٥).

قال شيرويه : سمعت منه ، وكان صدوقا (٦)

__________________

(١) النصرويي : بفتح النون المشدّدة ، وسكون الصاد المهملة ، وضم الراء. وقد تقدّم التعريف بهذه النسبة في حاشية الترجمة رقم (٢٢١).

(٢) لم أجد هذه النسبة.

(٣) النيلي : بكسر النون وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين. هذه النسبة إلى النيل ، وهي بليدة على الفرات بين بغداد والكوفة. (الأنساب ١٢ / ١٨٦ ، ومعجم البلدان ٥ / ٣٣٤).

(٤) المغفلي : بضم الميم ، وفتح الغين المعجمة ، وتشديد الفاء المفتوحة. هذه النسبة إلى عبد الله بن مغفل رضي‌الله‌عنه. (الأنساب ١١ / ٤٢٠).

(٥) النّصراباذي : بفتح النون ، وسكون الصاد ، وفتح الراء المهملتين ، والباء الموحدة وفي آخرها الذال المعجمة ـ هذه النسبة إلى محلتين إحداهما بنيسابور ، وهي من أعالي البلد. (الأنساب ١٢ / ٨٨) وإليها ينسب أبو إبراهيم المذكور. والأخرى : نصراباذ : محلة بالريّ.

وقال ابن نقطة في ترجمة (إسماعيل بن عمرو) : «حدّث عن الحاكم أبي عبد الرحمن محمد بن أحمد الشاذياحي ، وعن عمّه أبي عثمان سعيد بن أبي عمرو بن أحمد البحري. روى عنه أبو سعد أحمد بن محمد الحافظ البغدادي ، وأبو الأسعد هبة الرحمن القشيري». (الإكمال ١ / ٤٦٦ بالحاشية).

(٦) وقال عبد الغافر الفارسيّ ـ وقد ذكر اسمه مطولا ـ إسماعيل بن عمرو بن محمد بن محمد بن أحمد بن جعفر. «العدل ، وجه بيت البحيريّة في عصره ورأسهم ، وإليه تزكية الشهود منهم ، من أهل الفضل».

شدا طرفا صالحا من العربية ، وتفقّه على الإمام ناصر العمري ، وحضر درس زين الإسلام ، وكان حسن الاعتقاد ، نقيّ الجيب ، بالغ الاحتياط في الطهارة وتنظيف الثياب ، صائن النفس ، عفيف الباطن ، وله مداخلة واختصاص ببيت القشيرية ، نشأ مع الأئمة الكبار من الأخوال وصاحبهم ليلا ونهارا.

وكان يقرأ دائما «صحيح مسلم» على أبي الحسين بن عبد الغافر للغرباء والفقهاء ، فقرأ أكثر من عشرين مرة ، بعد أن قرأه قبله على الفقيه الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ أكثر من ثلاثين مرة.

وكان أبو سعيد حسن القراءة ، عارفا ببعض طرق الحديث ، ورقّ حاله فباع ضيعة بقيت له ، واشتغل بشيء من التجارة ، واشترى بعد ذلك شيئا من الضياع وحسن حاله ، وخرج إلى مكة حاجا ، وعاد على هيئة حسنة.

وعقد له مجلس الإملاء بعد الصلاة في المدرسة العماديّة ، ثم في الجامع المنيعي ، فأملى سنين ، ثم كف في آخر عمره ، فبقي في البيت مدة.

وتوفي ابنه محمد قبله ، وبقي إلى أن توفي يوم الثلاثاء السابع عشر من ذي الحجة سنة إحدى=

٢٢١

ـ حرف الحاء ـ

٢٣٤ ـ الحسين بن عليّ بن أبي نزار (١).

الحاجب الصدر أبو عبد الله المردوسيّ ، حاجب باب النّوبيّ.

محمود السيرة ، دين خير ، متعبد.

مات في ذي القعدة ، وله أربع وتسعون سنة (٢).

لم يرو شيئا.

٢٣٥ ـ حمزة بن عليّ بن محمد بن عثمان بن السّواق (٣).

أبو الغنائم البغداديّ البندار (٤).

ولد سنة اثنتين وأربعمائة.

وسمع : أبا الحسين بن بشران ، وأبا الفرج أحمد بن عمر العصائديّ صاحب جعفر الخلدي.

وعنه : أبو بكر الأنصاريّ ، وأبو القاسم بن السّمرقنديّ ، وعبد الوهاب الأنماطي ، والمبارك بن أحمد.

مات في شعبان (٥).

__________________

= وخمسمائة (!) ، وحمل إلى باب الطاق ، وصلّى عليه إسماعيل بن العباس ، ودفن بالحيرة عند أقاربه». (المنتخب ١٤٧ ، ١٤٨).

«أقول» : إن صحت رواية عبد الغافر الفارسيّ ، وفينبغي أن تحول هذه الترجمة من هذه الطبقة إلى الطبقة الإحدى وخمسين القادمة.

(١) انظر عن (الحسين بن علي) في : المنتظم ٩ / ١٧ ، ١٨ ، رقم ٣٨ (١٦ / ٢٤٣ ، ٢٤٤ رقم ٣٥٤٠) ، والبداية والنهاية ١٢ / ١٢٧ ، ١٢٨ وفيه : «الحسن».

(٢) قال ابن الجوزي : كان رئيس زمانه ، وكان قد خدم في زمن بني بويه ، وبقي إلى زمان المقتدي ، وارتفع أمره حتى كانت ملوك الأطراف تكتب إليه عبده وخادمه ، وكان كامل المروءة ، لا يسعى إلا في مكرمة ، وكان كثير البرّ والصدقة والصوم والتهجد ، وحفر لنفسه قبرا وأعد كفنا قبل وفاته بخمسين سنة. (المنتظم).

(٣) انظر عن (حمزة بن علي) في : المنتظم ٩ / ١٨ رقم ١٩ (١٦ / ٢٤٤ رقم ٣٥٤١).

(٤) البندار : بضم الباء الموحدة ، وسكون النون ، وفتح الدال المهملة ، وفي آخرها الراء ، هذه النسبة إلى من يكون مكثرا من شيء يشتري منه من هو أسفل منه أو أخف حالا وأقل مالا منه ثم يبيع ما يشتري منه من غيره. وهذه لفظة عجمية. (الأنساب ٢ / ٣١١).

(٥) وقال ابن الجوزي : وكان ثقة صدوقا من أثبت المحدّثين ، حدّثنا عنه أشياخنا.

٢٢٢

ـ حرف الزاي ـ

٢٣٦ ـ زياد بن عبد الله بن محمد بن زياد (١).

أبو عبد الله الأنصاري الأندلسيّ ، خطيب قرطبة.

أخذ عن : يونس بن عبد الله.

وحجّ فسمع من : أبي محمد بن الوليد.

وأجاز له أبو ذرّ.

قال ابن بشكوال : وكان فاضلا ، دينا ، (٢) ناسكا ، خطيبا ، بليغا ، (٣) محببا إلى النّاس (٤) ، معظّما عند السّلطان ، جامعا لكل فضيلة (٥) ، حسن الخلق ، وافر العقل.

أخبروني عن : محمد بن فرج الفقيه ، قال : ما رأيت أعقل من زياد بن عبد الله (٦).

توفي زياد في رمضان ، وله ستّ وثمانون سنة (٧). أنبأ عنه أبو الحسن بن مغيث (٨).

__________________

(١) انظر عن (زياد بن عبد الله) في : الصلة لابن بشكوال ١ / ١٨٩ ، ١٩٠ رقم ٤٣١.

(٢) زاد بعدها : «متصاونا».

(٣) زاد بعدها : «محسنا».

(٤) زاد بعدها : «رفيع المنزلة عندهم».

(٥) في الصلة زيادة : «يشارك في أشياء من العلم حسنة».

(٦) وزاد في الصلة : كنت داخلا معه يوما من جنازة من الربض ، فقلت له : يزعم هؤلاء المعدّلون أن هذه الشمس مقرّها في السماء الرابعة ، فقال : أين ما كانت انتفعنا بها. ولم يزدني على ذلك ، قال : فعجبت من عقله. وكانت له معرفة بهذا الشأن. وهو أخذ قبلة الشريعة الحديثة الآن بقرطبة على نهرها الأعظم.

(٧) وكان مولده سنة ٣٩٢ قال ابن بشكوال : نقلت مولده ووفاته من خط أبي طالب المرواني ، وكان قد لقيه وجالسه ، قال ابنه عبد الله : توفي في شعبان من العام.

(٨) وهو قال : كان قديم الاعتكاف بجامع قرطبة ، كثير العمارة له ومن أهل الخبر الصحيح والفضل التام. وكان أزمت من لقيته وأعقلهم ، كان ممن يمتثل هديه وسمته. وذكر أنه أجاز له ما رواه وألفه من الخطب والرسائل. رحمه‌الله.

«أقول» أنا محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :

لقد ذكر ابن بشكول ترجمة قبل هذه ج ١ / ١٨٨ برقم ٤٢٩ وصاحبها سميّ صاحب هذه الترجمة : «زياد بن عبد الله بن محمد بن زياد بن أحمد بن زياد بن عبد الرحمن بن زياده» ،=

٢٢٣

ـ حرف السين ـ

٢٣٧ ـ سليمان بن أحمد الواسطيّ (١).

عن : ابن شاذان.

وعنه : إسماعيل بن السّمرقنديّ

ـ حرف الطاء ـ

٢٣٨ ـ طلحة بن عليّ بن يوسف (٢).

أبو محمد الرّازيّ. ثمّ البغداديّ ، الصوفي الفقيه.

من ساكني رباط أبي سعد.

كان حسن السّيرة.

سمع : أبا الحسين بن بشران ، وأبا القاسم الخرقيّ.

وعنه : ابنه محمد بن طلحة ، وإسماعيل بن السّمرقنديّ.

توفي رحمه‌الله في صفر

ـ حرف الظاء ـ

٢٣٩ ـ ظفر بن عبد الواحد بن عبد الرّحيم (٣).

أبو محمد الأصبهانيّ.

في ذي الحجة

ـ حرف العين ـ

٢٤٠ ـ عبد الله بن إسماعيل بن محمد بن خزرج (٤).

أبو محمد اللخميّ الإشبيليّ الحافظ المؤرخ.

__________________

= ويكنى : أبا عبد الله. وهو يروي عن أبي محمد الباجي. ولكن هذا مولده سنة ٣٤٧ ووفاته سنة ٤٣٠ ه‍.

(١) لم أجد مصدر ترجمته.

(٢) لم أجد مصدر ترجمته.

(٣) لم أجد مصدر ترجمته.

(٤) انظر عن (عبد الله بن إسماعيل) في : الصلة لابن بشكوال ١ / ٢٨٤ ، ٢٨٥ رقم ٦٢٦ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٨٨ ، ٤٨٩ رقم ٢٥١ ، وهدية العارفين ١ / ٤٥٣ ، ومعجم المؤلفين ٥ / ٣٥.

٢٢٤

ولد سنة سبع وأربعمائة.

وروى عن : أبي عمرو المرشانيّ ، وأبي الفتوح الجرجانيّ ، وأبي عبد الله الخولانيّ ، وخلق.

وعدد شيوخه مائتان وستون رجلا (١).

وكان مع حفظه فقيها مشاورا. أكثر الناس عنه (٢).

روى عنه : شريح بن محمد ، وأبو محمد بن يربوع.

مات رحمه‌الله في شوّال بإشبيليّة.

٢٤١ ـ عبد الرحمن بن الحسن (٣).

أبو القاسم الشيرازيّ الفارسيّ.

إمام ذو فنون ، سافر الكثير ، وسكون ميهنة (٤) ، قصبة خابران ، في آخر عمره ، وكان من مريدي أبي سعيد بن أبي الخير الميهنيّ.

سمع ببغداد : أبا يعلى بن الفراء ، وبدمشق : الحسين بن محمد الحنّائيّ ، وبالمعرّة : أبا صالح محمد بن المهذب ، وجماعة.

روى عنه : أبو بكر المحتاجي الخطيب بميهنة.

وحدّث في هذا العام ، ولم نعرف وفاته.

٢٤٢ ـ عبد الله بن عليّ بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عليّ الباجيّ (٥).

أبو محمد اللخميّ. من أهل إشبيلية.

سمع من : جده.

__________________

(١) في الصلة : مائتان وخمسة وستون رجلا وامرأتان بالأندلس.

(٢) وقال ابن بشكوال : كتب إليه جماعة منهم من المشرق ، وكانت له عناية كاملة بالعلم وتقييده وروايته وجمعه. وكان من جلّة الفقهاء في وقته ، مشاورا في الأحكام بحضرته ، ثقة في روايته ، سمع الناس منه كثيرا.

(٣) انظر عن (عبد الرحمن بن الحسن) في : مختصر تاريخ دمشق لابن منظور ١٤ / ٢٣٧ رقم ١٦١.

(٤) هكذا جودها في الأصل ، وهذا يتفق مع (معجم البلدان ٥ / ٢٤٧) ، أما ابن السمعاني فقال : بكسر الميم. (الأنساب ١١ / ٥٨٠).

(٥) انظر عن (عبد الله بن علي) في الصلة لابن بشكوال ١ / ٢٨٥ رقم ٦٢٧.

٢٢٥

وكان فقيها فاضلا.

روى عنه : أحمد بن عبد الله بن جابر.

٢٤٣ ـ عبد الرحمن بن مأمون بن عليّ (١).

الإمام أبو سعد (٢) المتولي (٣) النّيسابوري ، الفقيه الشّافعيّ.

أحد الكبار.

قدم بغداد ، وكان فقيها محققا ، وحبرا مدققا. ولي تدريس النّظامية بعد الشيخ أبي إسحاق ، ودرس وروى شيئا يسيرا.

ثمّ عزل بابن الصباغ في أواخر سنة ست وسبعين ، ثم أعيد إليها سنة سبع وسبعين.

وقد تفقّه على القاضي حسين بمروالروذ ، وعلى أبي سهل أحمد بن عليّ الأبيورديّ ببخارى ، وعلى أبي القاسم عبد الرحمن الفورانيّ بمرو ، حتّى برع وتميز.

وكان مولده في سنة ستّ وعشرين وأربعمائة (٤).

وتوفي ببغداد.

__________________

(١) انظر عن (عبد الرحمن بن مأمون) في : المنتظم ٩ / ١٨ رقم ٢١ (١٦ / ٢٤٤ رقم ٣٥٤٣) ، والكامل في التاريخ ١٠ / ١٤٦ ، ووفيات الأعيان ٣ / ١٣٣ ، ١٣٤ ، وتاريخ دولة آل سلجوق ٧٥ ، والعبر ٣ / ٢٩٠ ، ودول الإسلام ٢ / ٨ ، والإعلام بوفيات الأعلام ١٩٧ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٨٥ ، ٥٨٦ رقم ٣٠٦ ، ومرآة الجنان ٣ / ١٢٢ ، ١٢٣ وفيه : «عبد الرحمن بن محمد» ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٢٢٣ ـ ٢٢٥ ، وطبقات الشافعية للإسنويّ ١ / ٣٠٥ ، ٣٠٦ ، والبداية والنهاية ١٢ / ١٢٨ ، والوافي بالوفيات (مخطوط) ١٦ / ٦١ ، ٦٢ ، والعقد المذهب لابن الملقّن ٦٣ ، وتاريخ الخميس ٢ / ٤٠٢ ، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ١ / ٢٥٤ ، ٢٥٥ رقم ٢١١ ، وطبقات الشافعية لابن هداية الله ١٧٦ ، ١٧٧ ، وكشف الظنون ٢ / ١ و ٢ / ١٢٥١ ، وشذرات الذهب ٣ / ٣٥٨ ، وهدية العارفين ١ / ٥١٨ ، وإيضاح المكنون ٢ / ١٥٠ ، وديوان الإسلام ٤ / ١٧٦ ، ١٧٧ رقم ١٩٠٢ ، والأعلام ٣ / ٢٩٠ ، ومعجم المؤلفين ٥ / ١٦٦.

(٢) في مرآة الجنان ٣ / ١٢٢ : «أبو سعيد» ، وكذا في طبقات الشافعية للإسنويّ ، وطبقات ابن هداية الله ، وكشف الظنون ، وإيضاح المكنون.

(٣) قال ابن خلكان ٣ / ١٣٤ : لم أعلم لأيّ معنى عرف بذلك ، ولم يذكر السمعاني هذه النسبة.

(٤) المنتظم.

٢٢٦

وله كتاب «التّتمة» تمّم به «الإبانة» لشيخه الفورانيّ ، لكنّه لم يكمله ، وعاجلته المنية ، وانتهى فيه إلى الحدود. وله مختصر في الفرائض ، ومصنف في الأصول ، وكتاب في الخلاف جامع للمآخذ (١).

٢٤٤ ـ عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن زياد (٢).

أبو عيسى الأصبهانيّ الأديب الزّاهد.

لا أعرف متى توفي.

وتوفي في هذه الحدود (٣).

وسمع : أبا جعفر بن المرزبان الأبهريّ.

روى عنه : إسماعيل بن محمد الحافظ ، ويحيى بن عبد الله بن أبي الرجاء ، ومحمد بن أبي القاسم الصّالحانيّ ، ومسعود الثقفيّ ، والحسن بن العبّاس الرّستمي ، وآخرون.

وكان رحمه‌الله من بقايا الصّالحين والعلماء.

٢٤٥ ـ عبد الرحمن بن محمد بن سلمة (٤).

أبو المطرف الطليطليّ.

عن : أبي عمر الطلمنكيّ ، وأبي عمر بن عباس الخطيب.

وكان من كبار الفقهاء المفتين (٥).

__________________

(١) وفيات الأعيان ٣ / ١٣٤ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٨٥ ، ٥٨٦ ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٢٢٥ ، طبقات الشافعية للإسنويّ ١ / ٣٠٦.

وقال ابن الجوزي : سمع الحديث ، وقرأ الفقه على جماعة ودرس بالنظاميّة بعد أبي إسحاق ، ودرس الأصول مدة ثم قال : الفروع أسلم. وكان فصيحا فاضلا. (المنتظم).

وقال البنداري : رتب مؤيد الملك أبا سعد المتولي مدرسا ، فلم يرض نظام الملك به ، وجعل التدريس للشيخ الإمام أبي نصر الصباغ صاحب «الشامل» ، فاتفق خروج مؤيد الملك ، وخرج معه المتولي. فعاد متوليا ، وفي رتب السمو متعليا ، وقد لقب شرف الأمة ، وأبو نصر الصباغ مدرس. وتوفي يوم الخميس النصف من شعبان ، وبقي المتولي مدرسا إلى أن توفي في شوّال سنة ٤٧٨ (تاريخ دولة آل سلجوق ٧٥).

(٢) انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في : سير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٦٦ رقم ٢٩٥.

(٣) قال المؤلف في (السير) : بقي إلى حدود سنة ست وسبعين وأربعمائة.

(٤) انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في : الصلة لابن بشكوال ٢ / ٣٤٢ ، ٣٤٣ رقم ٧٣٢.

(٥) قال ابن بشكوال : كان حافظا للمسائل ، دربا بالفتوى ، وقورا ، وسيما ، حسن الهيئة ، قليل=

٢٢٧

مات فجأة. في صفر ، وله سبع وسبعون سنة (١).

٢٤٦ ـ عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن عليّ (٢).

أبو معشر الطبريّ القطان المقرئ ، مقريء مكّة.

كان إماما مجوّدا ، بارعا ، مصنفا ، له كتب في القراءات.

قرأ بحرّان على أبي القاسم الزّيديّ ، وبمصر على أصحاب السّامريّ ، وأبي عديّ عبد العزيز. وقرأ بمكة على أبي عبد الله الكارزينيّ.

وسمع بمصر من : أبي عبد الله بن نظيف ، وأبي النّعمان تراب بن عمر وعبد الله بن يوسف بتنيس ، وأبي الطيب الطّبريّ ببغداد ، وعبد الله بن عمر بن العبّاس بغزة.

وسمع بمنبج ، وحرّان ، وآمد وحلب وسلماس ، والجزيرة.

روى عنه : أبو نصر أحمد بن عمر الغازي ، ومحمد بن عبد الباقي الأنصاريّ ، وأبو تمّام إبراهيم بن أحمد الصّيمريّ.

قال ابن طاهر : سمعت أبا سعد الحرميّ (٣) بهراة يقول : لم يكن سماع أبي معشر الطّبري في جزء ابن نظيف صحيحا ، وإنما أخذ نسخة فرواها (٤).

__________________

= التصنع ، مواظبا على الصلاة في الجامع ، وسمع الناس عليه ، ونوظر عليه في الفقه ، وكان ثقة فيما رواه ، وكان الرأي الغالب عليه ، ولم يكن عنده ضبط ولا تقييد ولا حسن خطّ ، وامتحن في آخر عمره مع أهل بلده ، وسار إلى بطليوس فتوفي بها فجأة.

(١) ومولده سنة ٤٠١ ه‍.

(٢) انظر عن (عبد الكريم بن عبد الصمد) في : فهرست ابن خير الإشبيلي ٢٩ ، ٣٠ ، والإعلام بوفيات الأعلام ١٩٧ ، والعبر ٣ / ٢٩٠ ، ٢٩١ ، ودول الإسلام ٢ / ٨ ، ومعرفة القراء الكبار ١ / ٤٣٥ ، ٤٣٦ رقم ٣٧١ ، وميزان الاعتدال ٢ / ٦٤٤ ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٢٤٣ ، ومرآة الجنان ٣ / ١٢٣ ، وطبقات الشافعية للإسنويّ ٢ / ١٦٥ ، ١٦٦ ، ٤٠٩ ، والعقد الثمين ٥ / ٤٧٥ ، وغاية النهاية ١ / ٤٠١ رقم ١٧٠٨ ، ولسان الميزان ٤ / ٤٩ ، وطبقات المفسرين للداوديّ ١ / ٣٣٢ ـ ٣٣٤ ، وشذرات الذهب ٣ / ٣٥٨ ، وكشف الظنون ٤١٨ ، ٤٤١ ، ٤٧٩ ، ٧٥٢ ، ١٠٠٩ ، ١١٠٦ ، ١١٨٧ ، وإيضاح المكنون ١ / ٤٦٨ ، وهدية العارفين ١ / ٦٠٨ ، ومعجم المؤلفين ٥ / ٣١٦.

(٣) الحرمي : بفتح الحاء والراء المهملتين نسبة إلى الحرم المكيّ. (الأنساب ٤ / ١١٦).

(٤) معرفة القراء الكبار ١ / ٤٣٦.

٢٢٨

قلت : قرأ عليه القراءات خلق ، منهم أبو عليّ بن العرجاء ، وأبو القاسم خلف بن النّحاس ، وأبو عليّ بن بليمة.

وله كتاب «سوق العروس» ، يقال : فيه ألف وخمسمائة طريق (١).

توفي بمكة.

وله كتاب «الدرر» في التفسير ، وكتاب «الرشاد» في شرح القراءات الشّاذة ، وكتاب «عيون المسائل» ، وكتاب «طبقات القرّاء» ، وكتاب «مخارج الحروف» ، وكتاب «الورد» ، وكتاب «هيجاء المصاحف» ، وكتاب في اللغة.

وقد روى كتاب «شفاء الصدور» للنّقاش ، عن الزّيديّ ، عنه ، و «مسند أحمد» ، عن الزّيديّ ، عن القطيعيّ ، «وتفسير الثعلبيّ».

رواه عن مؤلّفه. وكان فقيها شافعيا ، رحمه‌الله.

٢٤٧ ـ عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيويه (٢).

__________________

(١) المصدر نفسه.

(٢) انظر عن (عبد الملك بن عبد الله) في : طبقات فقهاء الشافعية للعبادي ١١٢ ، ودمية القصر للباخرزي ٢ / ٢٤٦ ، ٢٤٧ رقم ٣٦٥ ، والأنساب ٣ / ٣٨٦ ، ٣٨٧ ، والمنتظم ٩ / ١٨ ـ ٢٠ رقم ٢٢ (١٦ / ٢٤٤ ـ ٢٤٧ رقم ٣٥٤٤) ، وتبيين كذب المفتري ٢٧٨ ـ ٢٨٥ ، والمنتخب من السياق ٣٣٠ ، ٣٣١ رقم ١٠٩٠ ، ومعجم البلدان ٢ / ١٩٣ ، وزبدة التواريخ للحسيني ٦٧ ، والكامل في التاريخ ١٠ / ١٤٥ ، واللباب ١ / ٣١٥ ، ووفيات الأعيان ٣ / ١٦٧ ـ ١٧٠ ، وتاريخ الفارقيّ ٢١١ ، وآثار البلاد وأخبار العباد للقزويني ٣٥٢ ، ٣٥٣ ، ٤٤٧ ، وآثار الأول وأخبار الدول للعباسي ١٢٥ ، وتاريخ دولة آل سلجوق ٧٥ ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ١٩٦ ، ١٩٧ ، والعبر ٣ / ٢٩١ ، ودول الإسلام ٢ / ٨ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٣٧ رقم ١٥١٨ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٦٨ ـ ٤٧٧ رقم ٢٤٠ ، والإعلام بوفيات الأعلام ١٩٧ ، وتاريخ ابن الوردي ١ / ٣٨٣ ، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار ٨٥ ـ ٩٦ ، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد ١٧٤ ، ١٧٥ ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٢٤٩ ـ ٢٨٢ ، وطبقات الشافعية للإسنويّ ١ / ٤٠٩ ـ ٤١٢ ، والبداية والنهاية ١٢ / ١٢٨ ، ١٢٩ ، ومرآة الجنان ٣ / ١٢٣ ـ ١٣١ ، والوفيات لابن قنفذ ٢٥٧ ، ٢٥٨ رقم ٤٧٨ ، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ١ / ٢٦٢ ـ ٢٦٤ رقم ٢١٨ ، وتاريخ الخميس ٢ / ٤٠٢ ، والعقد الثمين لقاضي مكة ٥ / ٥٠٧ ، ٥٠٨ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ١٢١ ، وتاريخ الخلفاء ٤٢٦ ، ومفتاح السعادة ٢ / ١١٠ ـ ١١١ ، وطبقات الشافعية لابن هداية الله ١٧٤ ـ ١٧٦ ، وكشف الظنون ٦٨ ، ٧٠ ، ٧٥ ، ٢٤٢ ، ٨٩٦ و ٢ / ١٢١٣ ، ١٠٢٤ ، ١٢١٢ ، ١٦٤١ ، ١٧٥٤ ، ١٩٩٠ ، ١٥٦١ ، وشذرات الذهب ٣ / ٣٥٨ ـ ٣٦٢ ،

٢٢٩

إمام الحرمين أبو المعالي ابن الإمام أبي محمد الجوينيّ (١) ، الفقيه الملقب ضياء الدّين. رئيس الشافعية بنيسابور.

قال أبو سعد السّمعانيّ : (٢) كان إمام الأئمة على الإطلاق ، المجتمع على إمامته شرقا وغربا ، لم تر العيون مثله.

ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة (٣) في المحرّم وتفقّه على والده ، فأتى على جميع مصنّفاته ، وتوفي أبوه وله عشرون سنة ، فأقعد مكانه للتدريس ، فكان يدرس ويخرج إلى مدرسة البيهقيّ.

وأحكم الأصول على أبي القاسم الأسفرائينيّ الإسكاف. وكان ينفق من ميراثه وممّا يدخله من معلومه ، إلى أن ظهر التّعصب بين الفريقين ، واضطربت الأحوال ، واضطر إلى السفر عن نيسابور ، فذهب إلى المعسكر ، ثمّ إلى بغداد.

وصحب أبا نصر الكندريّ (٤) الوزير مدة يطوف معه ، ويلتقي في حضرته بالأكابر من العلماء ، ويناظرهم ، ويحتك بهم ، حتّى تهذّب في النظر وشاع ذكره. ثمّ خرج إلى الحجاز ، وجاور بمكة أربع سنين ، يدرس ويفتي ، ويجمع طرق المذهب ، إلى أن رجع إلى بلده بنيسابور بعد مضيّ نوبة التّعصب (٥) فأقعد

__________________

= والفوائد البهية ٢٤٦ ، وروضات الجنات ٤٦٣ ، ٤٦٤ ، وإيضاح المكنون ١ / ٢٨٨ ، وهداية العارفين ١ / ٦٢٦ ، والأعلام ٤ / ١٦٠ ، ودائرة المعارف الإسلامية ٧ / ١٧٩ ، ٧١٨٠ وديوان الإسلام ١ / ٤٧ ، ٤٨ رقم ٥٠ ، وفهرست المكتبة الخديوية ٥ / ٩٥ ، وفهرست المخطوطات المصورة بدار الكتب المصرية ١ / ٣٢٠ ـ ٣٢٤ ، ومعجم المؤلفين ٦ / ١٨٤ ، ١٨٥.

وللدكتورة فوقية حسين محمود دراسة بعنوان «الجويني إمام الحرمين» نشرت في سلسلة (أعلام العرب) بمصر سنة ١٩٦٥ رقم (٤٠).

(١) الجويني : بضم الجيم ، وفتح الواو ، وسكون الياء ، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى جوين ، وهي ناحية كبيرة من نواحي نيسابور تشتمل على قرى كثيرة مجتمعة يقال لها كويان ، فعربت فقيل : جوين. (الأنساب ٣ / ٣٨٥).

(٢) قوله ليس في (الأنساب) ففيه يقول : «إمام وقته ومن تغني شهرته عن ذكره ، بارك الله تعالى في تلامذته حتى صاروا أئمة الدنيا مثل : الخوافي ، والغزالي ، والكيا الهراسي ، والحاكم عمر النوقاني ، رحمهم‌الله». (الأنساب ٣ / ٣٨٦).

(٣) جاء في (المنتظم) و (الكامل في التاريخ) و (تاريخ الخميس) : سنة سبع عشرة.

(٤) هو عميد الملك أبو نصر محمد بن منصور بن محمد الكندري الجراحي وزير طغرلبك. قتل سنة ٤٥٦ ه‍. وقد تقدّمت ترجمته في الطبقة السادسة والأربعين.

(٥) راجع أخبار هذه الفتنة في : طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٣٨٩ وما بعدها ، و ٤ / ١٠٩.

٢٣٠

للتّدريس بنظاميّة نيسابور ، واستقامت أمور الطّلبة ، وبقي على ذلك قريبا من ثلاثين سنة غير مزاحم ولا مدافع ، مسلّم له المحراب ، والمنبر ، والخطابة ، والتدريس ، ومجلس الوعظ يوم الجمعة.

وظهرت تصانيفه ، وحضر درسه الأكابر والجمع العظيم من الطّلبة.

وكان يقعد بين يديه كلّ يوم نحو من ثلاثمائة رجل. وتفقّه به جماعة من الأئمة (١).

وسمع الحديث من أبيه ، ومن : أبي حسّان محمد بن أحمد المزكي ، وأبي سعد البصرويّ ، ومنصور بن رامش ، وآخرين.

ثنا عنه : أبو عبد الله الفراويّ ، وأبو القاسم الشّحّامي ، وأحمد بن سهل المسجدي ، وغيرهم.

أخبرنا أبو الحسين اليونيني (٢) ، أنا الحافظ زكيّ الدّين المنذريّ قال : توفي والد أبي المعالي ، فأقعد مكانه ، ولم يكمل عشرين سنة ، فكان يدرّس ، وأحكم الأصول على أبي القاسم الإسكاف الأسفرائينيّ (٣).

وجاور بمكة أربع سنين ، ثمّ رجع إلى نيسابور ، وجلس للتدريس بالنظاميّة قريبا من ثلاثين سنة ، مسلم له المحراب ، والمنبر ، والخطابة ، والتدريس ، والتذكير (٤).

سمع من أبيه ، ومن عليّ بن محمد الطرازيّ ، ومحمد بن أبي إسحاق المزكّي ، وأبي سعد بن عليك (٥) ، وفضل الله بن أبي الخير الميهنيّ (٦) ،

__________________

(١) تبيين كذب المفتري ٢٨٠ ، ٢٨١ ، المنتظم ٩ / ١٨ ، ١٩ (١٦ / ٢٤٤ ، ٢٤٥) ، وفيات الأعيان ٣ / ٦٨) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٦٩ ، ٤٧٠ ، ذيل تاريخ بغداد ٨٦ ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٢٥٠.

(٢) اليونيني : نسبة إلى يونين بلدة قرب بعلبكّ. وقد تقدّم التعريف بها.

(٣) تبيين كذب المفتري ٢٧٩.

(٤) تبيين كذب المفتري ٢٨٠ ، وزاد ابن عساكر : «وانغمر غيره من الفقهاء بعلمه وتسلّطه ، وكسرت الأسواق في جنبه ، ونفق سوق المحققين من خواصّه وتلامذته ، وظهرت تصانيفه ...».

(٥) عليك : بفتح العين المهملة ، وكسر اللام ، وتشد الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفتحها ، وآخرها كاف. والكاف في لغة العجم هي حرف التصغير ، وبعض الحفاظ قيده باختلاس كسرة=

٢٣١

والحسن بن عليّ الجوهريّ البغداديّ.

وأجاز له أبو نعيم الحافظ.

قال المؤلف : في سماعه من الطرازيّ نظر ، فإنه لم يلحق ذلك ، فلعله أجاز له.

قال السّمعانيّ : قرأت بخط أبي جعفر محمد بن أبي عليّ الهمذانيّ :سمعت أبا إسحاق الفيروزآبادي يقول : تمتعوا بهذا الإمام ، فإنه نزهة هذا الزّمان ، يعني أبا المعالي الجوينيّ (١).

قال : وقرأت بخط أبي جعفر أيضا : سمعت أبا المعالي يقول : قرأت خميس ألفا في خمسين ألفا ، ثم خلّيت أهل الإسلام بإسلامهم فيها وعلومهم الظاهرة وركبت البحر الخضم العظيم ، وغصت في الّذي نهي أهل الإسلام منها ، كلّ ذلك في طلب الحقّ. وكنت أهرب في سالف الدّهر من التّقليد ، والآن رجعت من الكل إلى كلمة الحقّ ، عليكم بدين العجائز. فإن لم يدركني الحقّ بلطيف بره ، فأموت على دين العجائز ، ويختم عاقبة أمري عند الرحيل على برهة أهل الحقّ ، وكلمة الإخلاص : لا إله إلّا الله ، فالويل لابن الجوينيّ (٢) ـ يريد نفسه ـ.

وكان أبو المعالي مع تبحره في الفقه وأصوله لا يدري الحديث (٣). ذكر في

__________________

= اللام وفتح الياء وخفف. قال ابن نقطة : وهذا عندي أصح. وليس في كتاب الأمير ابن ماكولا تشديد الياء ، بل أهمل ذلك ، وقد ضبطه المؤتمن الساجي بسكون اللام وفتح الياء. (المشتبه في الرجال ٢ / ٤٦٩ ، ٤٧٠).

وقد سمع الجويني من ابن عليك سنن الدار الدّارقطنيّ. (تبيين كذب المفتري ٢٨٥).

(٦) تقدّم التعريف بهذه النسبة في الترجمة رقم (٢٤١) وقد جودها الناسخ هناك بفتح الميم ، وبه قال ياقوت. أما ابن السمعاني فقال بكسر الميم.

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٧٠ ، ذيل تاريخ بغداد ٩٢.

(٢) المنتظم ٩ / ١٩ (١٦ / ٢٤٥) ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٧١ ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٢٥١.

(٣) قال ابن السمعاني في (الأنساب ٣ / ٣٨٦) : «وكان قليل الرواية للحديث معرضا عنه» وقال ياقوت في (معجم البلدان ٢ / ١٩٣) : «وكان قليل الرواية معرضا عن الحديث».

٢٣٢

كتاب «البرهان» حديث معاذ في القياس (١) ، فقال : هو مدون في الصّحاح ، متفق على صحته. كذا قال ، وأنّى له الصّحّة ، ومداره على الحارث بن عمرو ، مجهول ، عن رجال من أهل حمص لا يدرى من هم ، عن معاذ (٢).

وقال المازريّ رحمه‌الله في «شرح البرهان» في قوله إن الله تعالى يعلم الكليات لا الجزئيات : وددت لو محوتها بدمي.

قلت : هذه لفظة ملعونة.

قال ابن دحية : هذه كلمة مكذّبة للكتاب والسّنة ، مكفر بها ، هجره عليها جماعة ، وحلف القشيريّ لا يكلمه أبدا ، ونفي بسببها مدّة. فجاور وتاب (٣).

__________________

(١) ذكره العقيلي في (الضعفاء الكبير ١ / ٢١٥ رقم ٢٦٢)

قال : حدّثني آدم بن موسى قال : سمعت البخاري قال الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة بن شعبة ، عن أصحاب معاذ ، عن معاذ ، روى عنه أبو عون قال : البخاري ، ولا يصح ، ولا يعرف إلا مرسلا ، والحديث حديثه جدي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدّثنا سليمان بن حرب ، وأخبرنا إبراهيم بن محمد ، قال : حدثنا مسلم قال : حدّثنا شعبة ، عن أبي عون ، عن الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة بن شعبة ، عن أصحاب معاذ بن جبل ، عن معاذ بن جبل أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين بعثه إلى اليمن قال له : «كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟» ، قال : أقضي بما في كتاب الله ، قال : فإن لم يكن في كتاب الله؟ قال : بسنة رسول الله ، قال : فإن لم يكن في سنة رسول الله؟ قال : أجتهد رأيي لا آلو ، قال : فضرب رسول الله صدره قال : الحمد لله الّذي وفق رسول رسول الله ، لما يرضي رسول الله.

وذكره أيضا عن علي بن عبد العزيز قال : حدثنا أبو عبيد ، قال : حدثنا يزيد وأبو النضر ، عن شعبة ، عن أبي عون الثقفي ، قال : سمعت الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة بن شعبة يحدّث عن أصحاب معاذ بن جبل بحمص ، أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن : «كيف تقضي ...» ، فذكر نحوه. وقد أخرجه الإمام أحمد بالسند نفسه في (المسند ٢ / ٢٣٦).

(٢) انظر تعليق السبكي على قول المؤلف في (طبقات الشافعية الكبرى ٣ / ٢٦١).

(٣) وزاد المؤلف الذهبي ـ رحمه‌الله ـ في (سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٧٢) : «كما أنه في الآخر رجح السلف في الصفات وأقرّه». وانظر : المنتظم.

وقد تحامل السبكي على المؤلف الذهبي بقوله : «ما أقبحه فصلا مشتملا على الكذب الصراح وقلة الحقّ مستحلا على قائله بالجهل بالعلم والعلماء ، وقد كان الذهبي لا يدري شرح البرهان ولا هذه الصناعة ، ولكنه يسمع خرافات من طلبة الحنابلة فيعتقدها حقا ويودعها تصانيفه. أما قوله إن الإمام قال : إن الله يعلم الكلّيات لا الجزئيات. يقال له : ما أجرأك على الله ، متى قال الإمام هذا ولا خلاف بين أئمتنا في تكفير من يعتقد هذه المقالة ، وقد نصّ الإمام في كتبه الكلامية بأسرها على كفر من ينكر العلم بالجزئيات وإنما وقع في «البرهان» في أصول الفقه شيء استطرده على كفر من ينكر العلم بالجزئيات وإنما وقع في البرهان في أصول الفقه شيء استطرده القلم إليه ، فهم منه المازري». (طبقات الشافعية الكبرى ٣ / ٢٦١ ، ٢٦٢) ، وأما قوله :=

٢٣٣

قال السّمعانيّ : وسمعت أبا روح الفرج بن أبي بكر الأرموي (١) مذاكرة يقول : سمعت أستاذي غانم الموشيليّ (٢). سمعت الإمام أبا المعالي الجوينيّ يقول : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما اشتغلت بالكلام (٣).

وقال أبو المعالي الجوينيّ في كتاب «الرسالة النظامية» (٤) : اختلفت مسالك العلماء في الظّواهر التي وردت في الكتاب والسّنة ، وامتنع على أهل الحقّ اعتقاد فحواها (٥) ، وفرأى بعضهم تأويلها ، والتزم ذلك في آي الكتاب وما يصحّ من السّنن. وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل ، وإجراء الظّواهر على مواردها ، وتفويض معانيها إلى الرّب تعالى.

والّذي نرتضيه رأيا ، وندين الله به عقدا اتباع سلف الأمة ، فالأولى الاتباع وترك الابتداع ، والدليل السّمعيّ القاطع في ذلك أن إجماع الأمة حجة متبعة

__________________

= «قلت : هذه لفظة ملعونة» ، فنقول : لعن الله قائلها. وأما قوله : قال ابن دحية ، إلى آخر ما حكاه عنه ، فنقول : هل يحتاج مثل هذه المقالة إلى كلام ابن دحية ، ولو قرأ الرجل شيئا من علم الكلام لما احتاج إلى ذلك فلا خلاف بين المسلمين في تكفير منكري العلم بالجزئيات ، فمن نقل له ذلك؟ وفي أي كتاب رآه؟ وأقسم بالله يمينا بارة أن هذه مختلفة على القشيري ، وكان القشيري من أكثر الخلق تعظيما للإمام ، وقدمنا عنه عبارة المدرجوركية وهي قوله في حقّه لو ادّعى النبوة لأغناه كلامه عن إظهار المعجزة. وابن دحية لا تقبل روايته فإنه متهم بالوضع على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فما ظنّك بالوضع على غيره؟ ...

... وبالجملة لا أعرف محدّثا إلا وقد ضعف ابن دحية وكذبه ، لا الذهبي ولا غيره ، وكلّهم يصفه بالوقيعة في الأئمة والاختلاق عليهم ، وكفى بذلك. وأما قوله : وبقي بسببها مدّة مجاورا ومات. فمن البهت ، لم ينف الإمام أحد ، وإنما هو خرج ومعه القشيري وخلق في واقعة الكندري التي حكيتها في ترجمة الأشعري ، وفي ترجمة أبي سهل بن الموفّق ، وهي واقعة مشهورة خرج بسببها الإمام ، والقشيري ، والحافظ البيهقي ، وخلق كان سببها أن الكندري أمر بلعن الأشعري على المنابر ليس غير ذلك ، ومن ادّعى غير ذلك فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا. (٣ / ٢٦٢).

(١) الارموي : بضم الألف وسكون الراء وفتح الميم وفي آخرها الواو. هذه النسبة إلى أرمية وهي من بلاد أذربيجان. (الأنساب ١ / ١٩٠).

(٢) الموشيليّ : بضم الميم ، وسكون الواو ، وكسر الشين المعجمة ، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها ، وفي آخرها اللام. هذه النسبة إلى موشيلا وهو كتاب للناصري ، واسم من أسماء الله بلسانهم. وغانم هذا هو : أبو الغنائم غانم بن الحسين الموشيلي الأرموي ، فقيه فاضل ورع مفت مناظر توفي سنة ٥٢٠ ه‍. وكان جدّه نصرانيا. (الأنساب ١١ / ٥٢١).

(٣) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٧٣.

(٤) طبعت باسم «العقيدة النظامية» ، بتحقيق الشيخ محمد زاهد الكوثري ١٣٦٧ ه‍. ١٦٤٨ م.

(٥) في «النظامية» زيادة : «وإجراؤها على موجب ما تبرزه أفهام أرباب اللسان منها». ص ٢٣.

٢٣٤

وهو مستند معظم الشّريعة. وقد درج صحب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ترك التّعريض لمعانيها ، ودرك ما فيها ، وهم صفوة الإسلام المستقلّون بأعباء الشّريعة. وكانوا لا يألون جهدا في ضبط قواعد الملّة ، والتّواصي بحفظها ، وتعليم النّاس ما يحتاجون إليه منها ، فلو كان تأويل هذه الظّواهر مسوغا أو محتوما ، لأوشك أن يكون اهتمامهم بها فوق اهتمامهم بفروع الشّريعة ، فإذا تصرّم عصرهم وعصر التّابعين على الإضراب عن التّأويل ، كان ذلك قاطعا بأنّه الوجه المتبع ، فحقّ على ذي الدين أن يعتقد تنزه الباري تعالى عن صفات المحدثين ، ولا يخوض في تأويل المشكلات ، ويكل معناها إلى الرّبّ (١) ، فليجر آية الاستواء والمجيء وقوله : (لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) (٢) ، (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) (٣) ، و (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) (٤) ، وما صحّ من أخبار الرسول كخبر النّزول وغيره على ما ذكرناه (٥).

وقال محمد بن طاهر الحافظ : سمعت أبا الحسن القيروانيّ الأديب بنيسابور ، وكان يسمع معنا الحديث ، وكان يختلف إلى درس الأستاذ أبي المعالي الجويني ، ويقرأ عليه الكلام ، يقول : سمعت الأستاذ أبا المعالي اليوم يقول : يا أصحابنا ، لا تشتغلوا بالكلام ، فلو عرفت أنّ الكلام يبلغ بي إلى ما بلغ ما اشتغلت به (٦).

وحكى أبو عبد الله الحسن بن العباس الرّستميّ فقيه أصبهان قال : حكى

__________________

(١) في المطبوع من النظامية زيادة هنا : «وعند إمام القرّاء وسيدهم الوقف على قوله تعالى : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ) من العزائم ، ثم الابتداء بقوله : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) ، ومما استحسن من إمام دار الهجرة مالك بن أنس أنه سئل عن قوله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) فقال : الاستواء معلوم ، والكيفية مجهولة ، والسؤال عنه بدعة».

(٢) سورة ص ، الآية ٧٥.

(٣) سورة الرحمن ، الآية ٢٧.

(٤) سورة القمر ، الآية ١٤.

(٥) زاد في المطبوع من (النظامية) : «بهذا بيان ما يجب الله».

(٦) المنتظم ٩ / ١٩ (١٦ / ٢٤٥) وفيه : «فلو علمت أن الكلام يبلغ إلى ما بلغ ما اشتغلت به» ، بإسقاط كلمة «بي» : وهي في : طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٢٦٠ وفيه قال السبكي : إنّا نشتبه أن تكون هذه الحكاية مكذوبة ، وابن طاهر عنده تحامل على إمام الحرمين ، والقيرواني المشار إليه رجل مجهول ، ثم هذا الإمام العظيم الّذي ملأت تلامذته الأرض لا ينقل هذه الحكاية عنه غير رجل مجهول ، ولا تعرف من غير طريق ابن طاهر ، إن هذا لعجيب ، وغالب ظني أنها كذبة فعلها من لا يستحيي.

٢٣٥

لنا أبو الفتح الطّبريّ الفقيه قال : دخلت على أبي المعالي في مرضه فقال :اشهدوا عليّ أني قد رجعت عن كلّ مقالة تخالف السّلف ، وأني أموت على ما تموت عليه عجائز نيسابور (١).

وذكر محمد بن طاهر أنّ المحدّث أبا جعفر الهمذانيّ حضر مجلس وعظ أبي المعالي فقال : كان الله ولا عرش ، وهو الآن على ما كان عليه.

فقال أبو جعفر : أخبرنا يا أستاذ عن هذه التي نجدها ، ما قال عارف قطّ :يا الله ، إلا وجد من قلبه ضرورة تطلب العلو ، لا نلتفت يمنة ولا يسرة ، فكيف ندفع هذه الضرورة عن أنفسنا؟ أو قال : فهل عندك من دواء لدفع هذه الضّرورة التي نجدها؟

فقال : يا حبيبي : ما ثمّ إلا الحيرة. ولطم على رأسه ونزل ، وبقي وقت عجيب ، وقال فيما بعد : حيرني الهمذانيّ (٢).

ولأبي المعالي من التصانيف : كتاب «نهاية المطلب في المذهب» (٣) ، وهو كتاب جليل في ثمانية (٤) مجلدات ، وكتاب «الإرشاد في الأصول» (٥) ، وكتاب «الرسالة النظامية في الأحكام الإسلامية» (٦) ، وكتاب «الشّامل في أصول الدّين» (٧) ، وكتاب «البرهان في أصول الفقه» ، و «مدارك العقول» لم يتمه ،

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٧٤.

(٢) الخبر في كتاب «العلو» للمؤلف الذهبي ـ رحمه‌الله ـ ص ٢٧٦ ، ٢٧٧.

وقد جاء في هامش الأصل بقرب هذا الخبر ما نصّه :«ث. من طالع كتاب الشامل الإمام الحرمين قطع بكذب هذه الحكاية. قاله محمد المظفري لطف الله به».

(٣) في (تبيين كذب المفتري) و (وفيات الأعيان) و (المختصر في أخبار البشر) و (تاريخ ابن الوردي) : «نهاية المطلب في دراية المذهب». وفي (النجوم الزاهرة) : «... في رواية المذهب».

(٤) في آثار البلاد وأخبار العباد ٣٥٣ : «عشرين مجلدا».

(٥) وهو «الإرشاد في أصول الدين». وقد طبع في باريس ، والقاهرة ، وبرلين.

(٦) صدرت بتحقيق الشيخ العلّامة محمد زاهد الكوثري باسم «العقيدة النظامية» في القاهرة ١٣٦٧ ه‍. / ١٩٤٨ م. وترجمت إلى الألمانية سنة ١٩٥٨ م.

(٧) طبع منه الكتاب الأول من الجزء الأول في القاهرة سنة ١٩٦١ م.

٢٣٦

وكتاب «غياث الأمم في الإمامة» (١) ، وكتاب «مغيث الخلق في اختيار الأحق» ، و «غنية المسترشدين» في الخلاف (٢).

وكان إذا أخذ في علم الصوفية وشرح الأحوال أبكى الحاضرين (٣).

وقد ذكره عبد الغافر في «تاريخه» (٤) فأسهب وأطنب ، إلى أن قال : وكان يذكر (في اليوم) (٥) دروسا يقع كلّ واحد منها في عدّة أوراق (٦) ، لا يتلعثم في كلمة منها ، ولا يحتاج إلى استدراك عثرة ، مرا فيها كالبرق بصوت كالرّعد (٧).

وما يوجد في كتبه من العبارات البالغة كنه الفصاحة غيض من فيض (٨) ما كان على لسانه ، وغرفه من أمواج ما كان يعهد من بيانه. تفقّه في صباه على والده. وذكر الترجمة بطولها (٩).

وقال عليّ بن الحسن الباخرزيّ في «الدمية» (١٠) ، وذكر الإمام أبا المعالي فقال : فالفقه فقه الشافعيّ ، والأدب أدب الأصمعيّ ، وفي بصره بالوعظ الحسن

__________________

(١) ويسمّى أيضا «الغياثي» و «غياث الأمم في التياث الظلم» ، وقد نشر بهذا الاسم في الإسكندرية بتحقيق الدكتور فؤاد عبد المنعم والدكتور مصطفى حلمي ، وأصدرته دار الدعوة.

(٢) ومن مؤلفاته أيضا : الورقات ، في أصول الفقه والأدلة ، أصدرته دار الدعوة بالإسكندرية بتحقيق الدكتورة فوقية حسن محمود.

(٣) تبيين كذب المفتري ٢٨٤ ، وفيات الأعيان ٣ / ١٦٩ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٧٦.

(٤) المنتخب من السياق ٣٣١.

(٥) ما بين القوسين ليس في (المنتخب).

(٦) الموجود في (المنتخب) : «في أطباق وأوراق».

(٧) في (المنتخب) : «مارا فيها كالبرق الخاطف ، بصوت مطابق كالرعد القاصف ، ينزق فيه له المبرزون ، ولا يدرك شأوه المتشدقون المتعمقون».

(٨) حتى هنا ينتهي الموجود في (المنتخب) ، والّذي بعده غير موجود في المطبوع.

(٩) وفيها قوله : «إمام الحرمين ، فخر الإسلام ، إمام الأئمة على الإطلاق. حبر الشريعة ، المجتمع على إمامته شرقا وغربا. والمقرّ بفضله السراة والحداة عجما وعربا ، من لم تر العيون مثله قبله ولا ترى بعده. ورباه حجر الإمامة ، وحرّك ساعد السعادة مهده ، وأرضعه ثدي العلم والورع إلى أن ترعرع فيه ويفع.

أخذ من العربية وما يتعلق بها أوفر حظ ونصيب ، فزاد فيها على كل أديب ، ورزق من التوسع في العبارة وعلوها ما لم يعهد من غيره ، حتى أنسى ذكر سبحان ، وفاق فيها الأقران ، وحمل القرآن ، وأعجز الفصحاء اللّدّ ، وجاوز الوصف والحدّ. وكل من سمع خبره أو رأى أثره فإذا شاهده أقر بأن خبره يزيد كثيرا على الخبر ، ويبر على ما عهد من الأثر».

(١٠) في (دمية القصر) ٢ / ٢٤٦ ، ٢٤٧.

٢٣٧

البصريّ (١). وكيف ما هو ، فهو إمام كلّ إمام ، والمستعلي بهمته على كلّ همام.

والفائز بالظفر على إرغام كل ضرغام. إذا تصدر للفقه ، فالمزني من مزنته قطره ، وإذا تكلّم فالأشعريّ من وفرته شعره ، وإذا خطب الجم الفصحاج بالعيّ شقاشقه الهادرة ، ولثم البلغاء بالصّمت حقائقه البادرة.

وقد أخبرنا يحيى بن أبي منصور الفقيه وغيره في كتابهم عن الحافظ عبد القادر الرهاويّ أنّ الحافظ أبا العلاء الهمذاني أخبره قال : أخبرني أبو جعفر الهمذاني الحافظ قال : سمعت أبا المعالي الجوينيّ ، وقد سئل عن قوله تعالى :(الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) (٢) فقال : كان الله ولا عرش. وجعل يتخبط في الكلام ، فقلت : قد علمنا ما أشرت عليه ، فهل عندك للضرورات من حيلة؟

فقال : ما تريد بهذا القول وما تعني بهذه الإشارات؟

فقلت : ما قبل عارف قطّ يا ربّاه ، إلا قبل أن يتحرّك لسانه قام من باطنه قصد ، لا يلتفت يمنة ولا يسرة ، يقصد الفوق. فهل لهذا القصد الضروريّ عندك من حيلة ، فنبئنا نتخلّص من الفوق والتّحت؟

وبكيت ، وبكى الخلق ، فضرب بكمّه على السّرير ، وصاح بالحيرة.

وخرق ما كان عليه ، وصارت قيامة في المسجد ، ونزل ولم يجبني إلا : بيا حبيبي ، الحيرة الحيرة والدهشة الدّهشة الدّهشة (٣).

فسمعت بعد ذلك أصحابه يقولون : سمعناه يقول : حيرني الهمذانيّ (٤).

وقد توفي أبو المعالي في الخامس والعشرين من ربيع الأخر ، ودفن في داره ، ثمّ نقل بعد سنين إلى مقبرة الحسين ، فدفن إلى جانب والده وكسر منبره في الجامع ، وأغلقت الأسواق ، ورثوه بقصائد. وكان له نحو من أربعمائة تلميذ ،

__________________

(١) في (الدمية) : «وحسن بصره بالوعظ كالحسن البصري».

(٢) سورة طه ، الآية ٥.

(٣) تقدّم مثل هذا الخبر قبل قليل.

(٤) تكرر في هامش الأصل ما نصه : «من طالع كلام الشامل قطع بكذب هذه الحكاية والله أعلم. مظفري».

٢٣٨

فكسروا محابرهم وأقلامهم ، وأقاموا على ذلك حولا (١). وهذا من فعل الجاهلية والأعاجم ، لا من فعل أهل السنة والاتباع (٢).

٢٤٨ ـ عليّ بن أحمد بن عليّ (٣).

أبو الحسن الشهرستانيّ ، شيخ الصّوفية برباط شهرستان.

خدم الكبار ، وعمر وأسنّ ، ولعله نيف على المائة.

قال عبد الغافر : اجتمعت به وأكرم موردي في سنة ثمان ، وتوفي بعد بقريب. ٢٤٩ ـ عليّ بن أحمد بن محمد بن أبي سعد الهرويّ الشّروطيّ (٤).

أبو الحسين.

__________________

(١) انظر : تبيين كذب المفتري ٢٨٤ ، ٢٨٥ ، والمنتظم ٩ / ٢٠ (١٦ / ٢٤٧) ، ووفيات الأعيان ٣ / ١٦٩ ، ١٧٠ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٧٦ ، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار ٩٣ ، ٩٤ ، وطبقات الشافعية للإسنويّ ١ / ٤١١.

وقيل : ولما مرض حمل إلى قرية موصوفة باعتدال الهواء وخفة الماء اسمها بشتقان فمات بها ونقل إلى نيسابور. ومما رثي به.

قلوب العالمين على المقالي

وأيام الروي شبه الليالي

أيثمر غصن أهل العلم يوما

وقد مات الإمام أبو المعالي

(تاريخ ابن الوردي ١ / ٣٨٣) (مرآة الجنان ٣ / ١٣١).

(٢) وقد تحامل السبكي على المؤلف الذهبي لقوله هذا في (طبقات الشافعية الكبرى).

ووقع في (آثار البلاد وأخبار العباد ٣٥٣) : «توفي سنة ثمان وثمانين وأربعمائة».

وقال محمد بن الخليل البوشنجي : حدثني محمد بن علي الهريري وكان تلميذ أبي المعالي الجويني قال : دخلت عليه في مرضه الّذي مات فيه وأسنانه تتناثر من فيه ويسقط منه الدود لا يستطاع شم فيه ، فقال : هذا عقوبة تعرضي بالكلام فاحذره. مرض الجويني أياما وكان مرضه غلبة الحرارة ، وحمل إلى بشتنقان لاعتدال الهواء ، فزاد ضعفه ، وتوفي ليلة الأربعاء بعد العشاء الخامس والعشرين من ربيع الآخر من هذه السنة عن تسع وخمسين سنة ، ونقل في ليلته إلى البلد ، ودفن في داره ، ثم نقل بعد سنين إلى مقبرة الحسين فدفن إلى جانب والده.

(المنتظم).

ومما قيل عند وفاته :

قلوب العالمين على المقالي

وأيام الوري شبه الليالي

أيثمر غصن أهل الفضل يوما

وقد مات الإمام أبو المعالي؟

(تبيين كذب المفتري ٢٨٥).

(٣) لم أقف على مصدر ترجمته ، ولم يذكره عبد الغافر الفارسيّ في (المنتخب من السياق).

٢٣٩

سمع من : الحاكم أبي الحسن الدّيناريّ ، والقاضي أبي عمر البسطاميّ.

٢٥٠ ـ عليّ بن الحسن بن سلمويه (١).

أبو الحسن النّيسابوريّ الصوفيّ التّاجر.

روى عن : أبي بكر الحيريّ ، والطرازيّ ، والصّيرفي ، وغيرهم.

وتوفي في شعبان.

روى عنه : عمر بن محمد الدّهستانيّ.

٢٥١ ـ عليّ بن عبد السلام الأرمنازيّ (٢).

له شعر حسن.

روى عنه منه : المحدّث غيث (٣) ، والحافظ محمد بن طاهر (٤).

__________________

(٤) لم أجد مصدر ترجمته.

__________________

(١) انظر عن (علي بن الحسن بن سلمويه) في : المنتخب من السياق ٣٨٩ رقم ١٣١٣ ، والمختصر الأول من المنتخب (مخطوط) ورقة ٦٧ ب. وفيهما : «علي بن الحسن بن محمد بن أحمد بن سلمويه».

(٢) انظر عن (علي بن عبد السلام) في : أدب الإملاء والاستملاء لابن السمعاني ١٥٤ ، ١٥٥ ، والأنساب ، له ١ / ١٨٩ ، وتاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية) ١٢ / ٢٤١ ، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) ٢٩ / ١٢٩ ، ووفيات الأعيان ١ / ٣٩٩ ، ومعجم البلدان ١ / ١٥٨ ، ومعجم الأدباء ١٣ / ٢١١ ، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور ١٨ / ١٢٧ رقم ٢٧ ، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ٣ / ٣٣٤ ، ٣٣٤٥ رقم ١٠٨٩.

و «الأرمنازي» : بفتح الألف ، وسكون الراء ، وفتح الميم والنون ، ثم زاي. نسبة إلى أرمناز.

قرية من قرى بلدة صور بساحل الشام. (الأنساب ١ / ١٨٩).

وقال ابن الأثير في (اللباب ١ / ١٤٤) : وهي قرية بالشام من أعمال حلب.

وقال ياقوت : بليدة قديمة من نواحي حلب ، بينهما نحو خمسة فراسخ ، يعمل بها قدور وشربات جيدة حمر طينة.

وقال عبيد الله المستجير به : لا شك في أرمناز التي من نواحي حلب ، فإن لم يكن أبو سعد ـ رحمه‌الله ـ اغترّ بسماع محمد بن طاهر من أبي الحسن بصور ولم ينعم النظر ، وإلا فأرمناز قرية أخرى بصور. والله أعلم. (معجم البلدان ١ / ١٥٨).

وقال ابن عساكر : أصله من أرمناز ، قرية من نواحي أنطاكية. (تاريخ دمشق ٢٩ / ١٢٩).

وقال ابن خلكان : وهي قرية من أعمال دمشق ، وقيل : من أعمال أنطاكية ، والأول أصحّ.

(وفيات الأعيان ١ / ٢٩٩).

واسمه بالكامل : علي بن عبد السلام بن محمد بن جعفر ، أبو الحسن.

(٣) غيث هو ابنه ، وهو مورّخ صور. وستأتي ترجمة في وفيات سنة ٥٠٩ ه‍. إن شاء الله.

(٤) وهو أبو الفضل المعروف بابن القيسراني المتوفى سنة ٥٠٧ ه‍. صاحب كتاب «الأنساب=

٢٤٠