تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٣٢

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

وحدّث بأستراباذ.

سمع منه : محمد بن طاهر ، وعبد الله بن أحمد السّمرقنديّ ، ومحمد بن أبي عليّ الهمذانيّ.

ولد سنة ست وتسعين وثلاثمائة.

وتوفي بأستراباذ.

١٤٧ ـ عليّ بن هبة الله بن ماكولا (١).

الحافظ.

يقال إنّه قتل فيها (٢). وسيأتي في سنة سبع وثمانين (٣)

__________________

= والراء فيقولون ، استاراباذ ، إلا أنّ الأشهر هذا. وهي بلدة مازندران بين سارية وجرجان. (الأنساب ١ / ٣١٤).

(١) انظر عن (علي بن هبة الله) في : تاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية) ج ١٢ / ٢٨٠ أ ـ ٢٨١ أ ، و (مخطوطة التيمورية) ١٨ / ٦١٧ ، و (تراجم : عاصم ـ عائذ) ص ١٠٣ (في ترجمة «عالي بن عثمان بن جني») ، والأنساب ٥١٥ ب ، والمنتظم ٩ / ٣ رقم ٣ (١٦ / ٢٢٦ رقم ٣٥٢٥) ، ومعجم الأدباء ١٥ / ١٠٢ ـ ١١١ ، والكامل في التاريخ ١٠ / ١٢٨ ، واللباب ٣ / ١٨٢ ، ووفيات الأعيان ٣ / ٣٠٥ ـ ٣٠٦ ، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور ١٨ / ١٨٤ رقم ١٢١ ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ١٩٤ ، ودول الإسلام ٢ / ١٧ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٦٩ ـ ٥٧٨ رقم ٢٩٨ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٠٠ ، والمعين في طبقات المحدثين ١٤٠ رقم ١٥٣٤ ، وتذكرة الحفاظ ٣ / ١٢٠١ ، والعبر ٣ / ٣١٧ ، ومرآة الجنان ٣ / ١٤٣ ، ١٤٤ ، وتاريخ ابن الوردي ١ / ٣٨١ ، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد ٢٠١ ـ ٢٠٣ ، وفوات الوفيات ٣ / ١١٠ ـ ١١٢ ، والبداية والنهاية ١٢ / ١٢٣ ، ١٢٤ ، و ١٤٥ ، ١٤٦ ، والوافي بالوفيات ٢٢ / ٢٨٠ ـ ٢٨٢ رقم ٢٠٨ ، وعقود الجمان للزركشي ٢٣٤ أ ، وطبقات ابن قاضي شهبة (في وفيات ٤٧٥ ه‍.) ، والنجوم الزاهرة ٥ / ١١٥ ، ١١٦ ، وطبقات الحفاظ ٤٤٤ ، وكشف الظنون ١٦٣٧ ، ١٧٥٨ ، وشذرات الذهب ٣ / ٣٨١ ، ٣٨٢ ، وهدية العارفين ١ / ٦٩٣ ، وديوان الإسلام ٤ / ٢٧٤ ، ٢٧٥ رقم ٢٠٣٥ ، والرسالة المستطرفة ١١٦ ، وتاريخ الأدب العربيّ ٦ / ١٧٦ ـ ١٧٨ ، وتاريخ آداب اللغة العربية ٣ / ٦٩ ، والأعلام ٥ / ٣٠ ، ومعجم المؤلفين ٧ / ٢٥٧ ، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ٣ / ٣٦٤ ـ ٣٦٧ رقم ١١٢٧ ، وتهذيب تاريخ دمشق ٧ / ١٣٤ ، وكتابنا : الحياة الثقافية في طرابلس الشام ٢٩٧ ، ٢٩٨ ، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين ١٣٣ رقم ٦٩٨.

وانظر مقدمة كتابه «الإكمال».

ومقدّمة كتابه «تهذيب مستمر الأوهام».

(٢) قيل : ولد سنة ٤٢١ ، وقيل ٤٢٢ ه‍. وتوفي سنة ٤٧٥ ، أو ٤٧٦ ، أو ٤٧٩ ، أو ٤٨٥ ، أو ٤٨٦ ، أو ٤٨٧ ، أو ٤٨٩ ه‍.

(٣) انظر الطبقة التالية من الكتاب (٤٨١ ـ ٤٩٠ ه‍.) برقم (٢٣٣).

١٤١

ـ حرف القاف ـ

١٤٨ ـ قتيبة بن سعد بن محمد البقال (١).

توفي بكرمان (٢)

ـ حرف الميم ـ

١٤٩ ـ محمد بن أحمد بن عليّ (٣).

أبو بكر السّمسار.

أصبهانيّ ، مسند.

سمع : إبراهيم بن خرشيد قوله ، وجعفر بن محمد بن جعفر ، وأبا الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز التّميميّ ، وغيرهم.

روى عنه : أبو عبد الله الرّستميّ ، ومسعود الثّقفيّ.

ومات في نصف شوّال عن سنّ عالية.

قال السّمعانيّ : سألت أبا سعد البغداديّ عنه ، فأثنى عليه وقال : كان من المعمرين. سمعته يقول : ولدت سنة خمس وسبعين. وعاش مائة سنة (٤).

١٥٠ ـ محمد بن أحمد بن علّان (٥).

أبو الفرج الكرجيّ (٦) ، ثمّ الكوفيّ.

__________________

(١) انظر عن (قتيبة بن سعد) في : الأنساب ٢ / ٢٦٢ وفيه «قتيبة بن سعيد» ، وقد ضبطت «سعد» في الأصل بسكون العين المهملة. وهو «سعيد» في : تاريخ بغداد ٩ / ١١٤ رقم ٤٧٢٢.

(٢) كنيته : أبو رجاء. قال ابن السمعاني : يروي عن أبي نعيم الأصبهاني ، روى لنا عنه أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك الخلال بأصبهان.

وأخته : «لامعة» بنت سعيد البقال : حدّثونا عنها.

(٣) انظر عن (محمد بن أحمد السمسار) في : سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٨٤ رقم ٢٤٨ ، والإعلام بوفيات الأعلام ١٩٦ ، والعبر ٣ / ٢٨٢ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ١١٦ ، وفيه : «محمد بن أحمد بن عيسى» ، وشذرات الذهب ٣ / ٣٤٨.

(٤) وقال المؤلّف الذهبي ـ رحمه‌الله ـ : «وكان يمكنه السماع من أبي بكر بن المقرئ ، فما اتفق له». (سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٨٤).

(٥) لم أجد مصدر ترجمته.

(٦) الكرجيّ : بفتح الكاف والراء والجيم في آخرها. هذه النسبة إلى الكرج ، وهي بلدة من بلاد الجبل ، بين أصبهان وهمذان. (الأنساب ١٠ / ٣٧٩).

١٤٢

حدّث في هذا العام عن القاضي أبي عبد الله محمد بن عبد الله الهروانيّ الكوفيّ.

روى عنه : أبو الحسن بن عنبرة.

١٥١ ـ محمد بن الحسن بن عليّ (١).

كمال (٢) الملك أبو جعفر ابن الوزير نظام الملك.

كان همام الطّبع ، شجاع القلب. كانت فيه نخوة الوزارة وكبرياء الملك.

جمع خزائن أموالا ، وعدة غلمان وحجاب ، وأشياء لم تجتمع إلا لأبيه.

ووزر مدة للأمير تكش. وكان أكبر أولاد أبيه ، ففجع به (٣).

__________________

(١) انظر عن (محمد بن الحسن) في : المنتظم ٩ / ٥ رقم ٤ (١٦ / ٢٢٦ رقم ٣٥٢٦) وفيه : «أبو منصور بن نظام الملك» ، والكامل في التاريخ ١٠ / ١٢٣ ، ١٢٤ وفيه : «جمال الملك منصور بن نظام الملك» ، وتاريخ دولة آل سلجوق ٧٤ ، ٧٥ وفيه : «جمال الملك أبو منصور بن نظام الملك».

(٢) في الكامل : «جمال» ، ومثله في : تاريخ دولة آل سلجوق.

(٣) قال ابن الجوزي : أبو منصور بن نظام الملك وكان يلي خراسان ، توفي في هذه السنة ، وقيل إنه أراد ملك شاه قتله فسم لئلا ينكر بذلك أبوه. (المنتظم).

وقال البنداري :كان كبير أولاد نظام الملك ، وفيه دهاء وجرأة ، وعزّة ونخوة ، وخاطبة أبوه في أيام ألب أرسلان أن يوزر لولده ملك شاه ، فأظهر امتناع أبيّ ، وقال : مثلي لا يكون وزيرا لصبيّ ، ثم أقام ببلخ متوليا ، وعلى تلك الممالك مستوليا ، فسمع أن جعفرك مسخرة السلطان تكلّم على والده نظام الملك بأصفهان ، وقرر الوزارة لابن بهمنيار ، فهاج وتغيظ وثار ، وأغذّ السير من بلخ ، حتى وصل إلى الحضرة ، وأخذ جعفرك من بين يدي سلطانه ، وتقدّم بشقّ قفاه ، وإخراج لسانه ، فقضى في مكانه ، ثم أوقع التدبير في حق ابن بهمنيار حتى أخذه وسلمه ، ثم توجّه مع والده في خدمة السلطان إلى خراسان وأقاموا بنيسابور ، ودبروا الأمور. فلما أراد السلطان أن يرتحل ، استدعى بعميد خراسان أبي علي وقال : أنا مفض إليك بسرّ خفيّ ، فقال : أنا من كل ما تأمرني به على أقوم سنن ، فقال : رأسك أحبّ إليك أم رأس أبي منصور بن حسن؟ فقال : بل رأسي أحب ، وأنا لما تستطبني من دائه أطب. فقال له : إن لم تقتله قتلتك ، وصرفتك عن ولاية الحياة وعزلتك.

فخرج من عنده ، ولقي خادما بخدمة جمال الملك مختصا ، وعرف في عقله نقصا ، فقال : إن السلطان قد عزم على أخذ صاحبكم وقتله غدا ، والصواب أن تصوفوا بإبادته حرمتكم أبدا. فظنّ السخيف العقل ، أن ذلك عن أصل ، وجهل النظر ونظر عن جهل. وخاف على تشتت آل النظام بهذا الوليد ، فعمد إلى كوز فقاع فسمّه ، ولما انتبه صاحبه بالليل وطلب الفقاع أتاه بالكوز المسموم ، فلما شربه أحسّ بالموت ، فاستدعى أخته ليوصي إليها ، فقضى نحبه قبل أن

١٤٣

١٥٢ ـ محمد بن عمر بن محمد بن تانة (١).

أبو نصر الأصبهانيّ الخرجانيّ (٢).

وخرجان : محلّة بأصبهان.

توفي في شهر رجب.

يروي عن : الحافظ ابن مردويه.

ورحل فسمع من أبي عليّ بن شاذان.

روى عنه : أبو سعد أحمد بن محمد البغداديّ ، وأبو عبد الله الرّستميّ ، وإسماعيل الحافظ.

وكان عارفا بالقراءات ، ليس بالصّالح (٣).

١٥٣ ـ محمد بن فارس بن عليّ (٤).

أبو الوفاء الأصبهاني الصوفيّ.

سمع : أحمد بن موسى بن مردويه الحافظ.

وعنه : الرستميّ.

__________________

= تقع عليها عينه. وكان السلطان قد رحل ، ونظام الملك قد سبقه ، فسار مغذا أربع منازل ، حتى لحقه ، ودخل إلى الوزير ولم يعلم بوفاة ولده فعزاه وقال : أنا ولدك ، والخلف عمن ذهب ، وأنت أولى من صبر واحتسب. (تاريخ دولة آل سلجوق ٧٤ ، ٧٥) وانظر رواية مماثلة في : (الكامل في التاريخ ١٠ / ١٢٣ ، ١٢٤).

(١) انظر عن (محمد بن عمر) في : الإكمال ١ / ١٧٨ بالحاشية نقلا عن «الإستدراك» لابن نقطة ، وفيه : تانة : بفتح التاء المعجمة من فوقها باثنتين ، وبعد الألف نون ، والأنساب ٣ / ١٣ ، ١٤ ، و ١ / ٥٧٧ ، ٥٧٨ بالحاشية ، واللباب ١ / ٢٠٥ ، والمشتبه في الرجال ١ / ٤٥ بالحاشية رقم (٢) ، وتوضيح المشتبه ١ / ٣٣٥ وفيه : «لقبه تانة ، ويقال ابن تانة».

وقال ابن السمعاني في مادّة «التاني» : بالتاء المشددة المعجمة من فوقها بنقطتين والنون بعد الألف ، هذه النسبة إلى التناية ، وهي الدهقنة ، ويقال لصاحب الضياع والعقار : التاني. (الأنساب ٣ / ١٣) وذكر صاحب الترجمة وقال : يعرف بابن تانة ، وقيل له التاني لهذا. (٣ / ١٣ ، ١٤).

(٢) الخرجاني : بفتح الخاء المنقوطة بنقطة ، وسكون الراء المهملة ، وفتح الجيم ، وكسر النون ، هذه النسبة إلى خرجان ، وأهل أصبهان يقولون لها : خورجان. (الأنساب ٥ / ٧٥).

(٣) هكذا ، وقال السمعاني : شيخ ثقة صالح .. وكان له مجلس إملاء بأصبهان. (الإكمال ١ / ١٧٨ بالحاشية) وقال في (الأنساب ٣ / ١٤) : «كان شيخا صالحا مقرئا ، سديد السيرة ، مكثرا من الحديث». ومولده في سنة ٣٩٨ ه‍.

(٤) لم أجد مصدر ترجمته.

١٤٤

توفي رحمه‌الله ليلة عيد الفطر.

١٥٤ ـ محمد بن المحسن بن الحسن بن عليّ (١).

أبو حرب العلويّ الدّينوري النّسابة.

قال شيرويه : قدم علينا من بغداد في جمادى الآخرة سنة خمس وسبعين.

وروى عن : أبيه ، وأبي عليّ بن شاذان وأبي الطّيب الطبريّ.

وكان فاضلا ، استمليت عليه.

١٥٥ ـ مسعود بن عبد الرحمن بن القاضي أبي بكر أحمد بن الحسن (٢).

أبو البركات الحيريّ النّيسابوريّ.

سمع الكثير من جدّه ، ومن جماعة.

وتوفي في ربيع الآخر عن إحدى وسبعين سنة.

وعنه : عبد الغافر (٣).

١٥٦ ـ مسعود بن عليّ (٤).

أبو نصر النّيسابوريّ المحتسب.

روى عن : أبي بكر الحيريّ ، والصّيرفي ، والطّرازيّ.

ومات في رجب (٥).

١٥٧ ـ المطهر بن عبد الواحد بن محمد (٦).

__________________

(١) لم أجد مصدر ترجمته.

(٢) انظر عن (مسعود بن عبد الرحمن) في : المنتخب من السياق ٤٣٢ رقم ١٤٦٥ ، والمختصر الأول من المنتخب (مخطوط) ورقة ٧٧ ب.

(٣) وهو قال : «حافد القاضي أبي بكر أحمد بن الحسن الحيريّ ، مشهور ، من بيت العلم والقضاء والتزكية والثروة والنعمة».

ولد سنة ٤٠٤ ه‍.

(٤) انظر عن (مسعود بن علي) في : المنتخب من السياق ٤٣٥ رقم ١٤٧٣ ، والمختصر الأول من المنتخب (مخطوط) ورقة ٧٨ أ ، واسمه فيهما : «مسعود بن علي بن أحمد بن محمد بن يوسف المحتسب».

(٥) وقال عبد الغافر : حافد الأستاذ أبي عمرو بن يحيى ، مستور ، صالح ، سمع الكثير بإفادة جدّه وأقاربه .. ولد كما قال في شعبان سنة ٤١٣ ه‍.

(٦) انظر عن (المطهر بن عبد الواحد) في : الإكمال لابن ماكولا ٦ / ٥٣٦ ، ٥٣٧ ، والأنساب=

١٤٥

أبو الفضل اليربوعيّ (١) البزانيّ (٢) الأصبهانيّ.

سمع : أبا جعفر بن المرزبان ، وأبا عبد الله بن مندة ، وأبا عمر بن عبد الوهاب السّلمي ، وجماعة ، وإبراهيم بن خرشيد قوله أيضا.

وطال عمره ، وأكثر الناس عنه.

ولا أعلم متى توفي ، ولكنه بقي إلى هذا العصر (٣).

روى عنه : مسعود الثقفي ، والرّستميّ. وكان رئيسا كاتبا.

سأل السّمعانيّ أبا سعد البغداديّ عنه ، فقال : كان والده محدّثا ، أفاده في صغره.

__________________

= / ١٨٧ ، والإستدراك لابن نقطة (مخطوط) ورقة ٧٠ أ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٤٩ رقم ٢٧٨ ، والإعلام بوفيات الأعلام ١٩٦ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٣٧ رقم ١٥٠٧ ، والعبر ٣ / ٢٨٢ ، والمشتبه في الرجال ١ / ٥٧ ، ومرآة الجنان ٣ / ١٠٩ ، وتبصير المنتبه ١ / ١٣١ ، وتوضيح المشتبه ١ / ٤٠٩ ، وشذرات الذهب ٣ / ٣٤٨.

(١) اليربوعيّ : بفتح الياء المنقوطة بنقطتين من تحتها ، وسكون الراء ، وضم الباء المنقوطة بنقطة وفي آخرها العين المهملة ، هذه النسبة إلى بني يربوع وهو بطن من بني تميم. (الأنساب ١٢ / ٣٩٥).

(٢) البزاني : بضم الباء المنقوطة بواحدة وفتح الزاي وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى بزان ، وهي قرية من أصبهان. (الأنساب).

وقد تحرفت هذه النسبة في (شذرات الذهب) إلى : «البراني» بالراء.

(٣) قال ابن السمعاني : توفي في حدود سنة ثمانين وأربعمائة. (الأنساب ٢ / ١٨٧) ، وقال ابن نقطة في (الاستدراك ، ورقة ٧٠ أ) : «توفي في ربيع الأول سنة أربع وسبعين وأربعمائة».

وقال المؤلف الذهبي ـ رحمه‌الله ـ : وعاش إلى خمس وسبعين وأربعمائة ، (سير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٤٩) ، وقال في (العبر ٣ / ٢٨٢) : في سنة خمس وسبعين وأربعمائة : توفي فيها أو في حدودها. وأثبته في وفيات السنة ٤٩٥ ه‍. في (الإعلام بوفيات الأعلام ١٩٦) ، وكذا جاء في (مرآة الجنان) ، و (شذرات الذهب).

١٤٦

الكنى

١٥٨ ـ أبو عبد الله بن أبي الحسن بن أبي قدامة (١).

القرشيّ الخراسانيّ الأمير.

مات في رجب.

١٥٩ ـ الأمير أبو نصر بن ماكولا (٢).

توفي فيها في قول ، ويذكر في سنة سبع وثمانين.

__________________

(١) لم أقف على مصدر ترجمته.

(٢) انظر رقم (١٤٧).

١٤٧

سنة ست وسبعين وأربعمائة

ـ حرف الألف ـ

١٦٠ ـ أحمد بن عليّ (١).

أبو الخطّاب.

يذكر بكنيته.

١٦١ ـ أحمد بن محمد بن الفضل (٢).

الإمام أبو بكر الفسويّ.

توفي بسمرقند.

ذكره عبد الغافر في تاريخه فقال : الإمام ذو الفنون ، دخل نيسابور ، وحصل بها العلوم.

قرأ على الإمام زين الإسلام ، يعني القشيريّ ، الأصول. وسمع من أبي بكر الحيريّ ، وأقام بنيسابور مدة ، ثمّ خرج إلى ما وراء النّهر.

وصار من أعيان الأئمة. وشاع ذكره ، وانتشر علمه.

١٦٢ ـ إبراهيم بن عليّ بن يوسف (٣).

__________________

(١) انظر رقم (١٨٩).

(٢) انظر عن (أحمد بن محمد بن الفضل) في : المنتخب من السياق ١١٧ رقم ٢٥٦.

(٣) انظر عن (إبراهيم بن علي) في : تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) ٣٥٢ (سويم) ١٩ ، والأنساب ٩ / ٣٦١ ، ٣٦٢ ، وتبيين كذب المفتري ٢٧٦ ـ ٢٧٨ ، وطبقات فقهاء اليمن ٢٧٠ ، والمنتظم ٩ / ٧ ، ٨ رقم ٥ (١٦ / ٢٢٨ ـ ٢٣١ رقم ٣٥٢٧) ، وصفة الصفوة ٤ / ٦٦ ٦٧ رقم ٦٤٦ ، والمنتخب من السياق ١٢٤ رقم ٢٧٧ ، وزبدة التواريخ لصدر الدين الحسيني ١٤٢ ، ١٤٣ ، ومعجم البلدان ٣ / ٣٨١ ، والإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني ٢٠٣ ، والكامل في التاريخ=

١٤٨

الشيخ أبو إسحاق الشّيرازيّ الفيروزآبادي.

شيخ الشّافعية في زمانه. لقبه : جمال الدين.

ولد سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة (١).

تفقّه بشيراز على : أبي عبد الله البيضاويّ (٢) ، وعلى : أبي أحمد عبد الوهاب بن رامين.

وقدم البصرة فأخذ عن الخرزيّ (٣). ودخل بغداد في شوال سنة خمس

__________________

= / ١٣٢ ، ١٣٣ ، واللباب ٢ / ٤٥١ ، وتاريخ الفارقيّ ٢٠٥ ، وطبقات ابن الصلاح (مخطوط) ورقة ٢٩ ، ٣٠ ، وتهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١٧٢ ـ ١٧٤ ، والمجموع للنووي ١ / ٢٥ ـ ٢٨ ، والطبقات للنووي (مخطوط) ، الورقة ٤٦ ـ ٤٨ ، ووفيات الأعيان ١ / ٢٩ ـ ٣١ ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ١٩٤ ، ١٩٥ ، ودول الإسلام ٢ / ٧ ، والعبر ٣ / ٢٨٣ ، ٢٨٤ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٣٧ رقم ١٥٠٨ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٢ ـ ٤٦٤ رقم ٢٣٧ ، والإعلام بوفيات الأعلام ١٩٦ ، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد ٤٢ ـ ٤٦ ، وتاريخ ابن الوردي ١ / ٣٨١ ، ومرآة الجنان ٣ / ١١٠ ـ ١١٩ ، والبداية والنهاية ١٢ / ١٢٤ ، ١٢٥ ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٨٨ ، ١١١ ، وطبقات الشافعية الوسطى ، له (مخطوط) ورقة ١٣٧ أ ، وطبقات الشافعية للإسنويّ ٢ / ٨٣ ـ ٨٥ ، والوفيات لابن قنفذ ٢٥٦ رقم ٤٧٦ ، والوافي بالوفيات ٦ / ٦٢ ـ ٦٦ رقم ٢٥٠٤ ، وتاريخ الخميس ٢ / ٤٠١ ، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ١ / ٢٤٤ ـ ٢٤٦ رقم ٢٠٠ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ١١٧ ، ١١٨ ، ومفتاح السعادة ٢ / ٣١٨ ـ ٣٢١ ، وتاريخ الخلفاء ٤٢٦ ، وطبقات الشافعية لابن هداية الله ١٧٠ ، ١٧١ ، وكشف الظنون ١ / ٣٣٩ ـ ٣٩١ ، ٤٨٩ و ٢ / ١٥٦٢ ، ١٧٤٣ ، ١٨١٨ ، ١٩١٢ ، وشذرات الذهب ٣ / ٣٤٩ ٣٥١ ، وهدية العارفين ١ / ٨ ، وشرح الفية العراقي ١ / ٣٤٢ ، وديوان الإسلام ١ / ٦٨ ٦٩ رقم ٧٣ ، وعنوان الدراية ٨٩ ، ١٩٧ ، وروضات الجنات ١ / ١٧٠ ، وذيل تاريخ الأدب العربيّ لبروكلمان ١ / ٦٦٩ ، والفتح المبين في طبقات الأصوليين ١ / ٢٥٥ ـ ٢٥٧ ، وفهرست المخطوطات بدار الكتب المصرية لفؤاد سيد ١ / ٢٤٢ ، والأعلام ١ / ٥١ ، ومعجم المؤلفين ١ / ٦٩ ، ومعجم المطبوعات لسركيس ١ / ١١٧١ ـ ١١٧٢. وانظر : «الإمام الشيرازي حياته وآراؤه الأصولية» للدكتور محمد حسن هيتو.

ومقدّمة كتابه «طبقات الفقهاء» بتحقيق الدكتور إحسان عباس. طبعة بيروت ١٩٧٠.

(١) الكامل في التاريخ ١٠ / ١٣٢ ، صفة الصفوة ٤ / ٦٦ ، وفي (المنتخب ١٢٤) : مولده سنة سبع وتسعين وثلاثمائة.

(٢) تحرفت في (الأنساب ٩ / ٣٦١) إلى : «البيضاوي».

(٣) في الأصل : «الخزري» بتقديم الزاي ، ثم راء مهملة. والصحيح ما أثبتناه ، قال ابن السمعاني :

«الخرزي : بفتح الخاء المعجمة والراء وبعدها الزاي ، هذه النسبة إلى الخرز وبيعها. (الأنساب ٥ / ٨١) وقد تحرفت هذه النسبة فيه في ترجمة الشيرازي (٩ / ٣٦١) إلى :«الخوزي» ، ومثله في (اللباب ٢ / ٤٥١) ، وفي (وفيات الأعيان) إلى : «الحوزي» بالحاء=

١٤٩

عشرة وأربعمائة ، فلازم القاضي أبا الطّيب (١) وصحبة ، وبرع في الفقه حتّى ناب عن أبي الطّيب ، ورتّبه معيدا في حلقته. وصار انظر أهل زمانه.

وكان يضرب به المثل في الفصاحة (٢).

وسمع من : أبي عليّ بن شاذان ، وأبي الفرج محمد بن عبيد الله الخرجوشي (٣). وأبي بكر البرقانيّ ، وغيرهم.

وحدّث ببغداد ، وهمذان ، ونيسابور.

روى عنه : أبو بكر الخطيب ، وأبو الوليد الباجيّ ، وأبو عبد الله الحميديّ ، وأبو القاسم بن السّمرقنديّ ، وأبو البدر إبراهيم بن محمد الكرخيّ ، ويوسف بن أيوب الهمذانيّ ، وأبو نصر أحمد بن محمد الطّوسيّ ، وأبو الحسن بن عبد السّلام ، وطوائف سواهم.

وقرأت بخطّ ابن الأنماطيّ أنّه وجد بخطّ قال : أبو عليّ الحسن بن أحمد الكرمانيّ الصوفي ، يعني الّذي غسل الشيخ أبا إسحاق ، سمعته يقول : ولدت سنة تسعين وثلاثمائة ، ودخلت بغداد سنة ثماني عشرة وله ثمان وعشرون سنة. ومات لم يخلف درهما ، ولا عليه درهم. وكذلك كان يقضي عمره.

قال أبو سعد السّمعانيّ : أبو إسحاق إمام الشافعية ، والمدرس بالنّظامية ، شيخ الدّهر ، وإمام العصر. رحل النّاس إليه من البلاد ، وقصدوه من كلّ الجوانب ، وتفرد بالعلم الوافر مع السيرة الجميلة ، والطّريقة المرضية. جاءته الدّنيا صاغرة ، فأباها واقتصر على خشونة العيش أيام حياته. صنف في الأصول ، والفروع ، والخلاف ، والمذهب. وكان زاهدا ، ورعا ، متواضعا ، ظريفا ، كريما ، جوادا ، طلق الوجه ، دائم البشر ، مليح المجاورة (٤).

__________________

= المهملة والواو ، وفي (تهذيب الأسماء واللغات) إلى : «الجوزي» بالجيم والواو ، وتصحفت في (المنتظم) و (الوافي بالوفيات) (وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة) و (الفتح المبين) و (طبقات الشافعية لابن هداية الله) إلى : «الجزري» بالجيم والزاي ، ثم الراء.

(١) هو القاضي أبو الطيب الطبري طاهر بن عبد الله.

(٢) تهذيب الأسماء ٢ / ١٧٣.

(٣) الخرجوشي : بفتح الخاء ، وسكون الراء ، وضم الجيم ، وفي آخرها الشين المعجمة. هذه النسبة إلى خرجوش ، وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه. (الأنساب ٥ / ٧٩).

(٤) تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١٧٣ وفيه : «حسن المحاورة ، مليح المجاورة» ، وانظر : المجموع=

١٥٠

تفقّه بفارس على أبي الفرج البيضاويّ ، وبالبصرة على الخرزي (١).

إلى أن قال : حدثنا عنه جماعة كثيرة.

وحكي عنه أنه قال : كنت نائما ببغداد ، فرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومعه أبو بكر وعمر ، فقلت : يا رسول الله بلغني عنك أحاديث كثيرة عن ناقلي الأخبار ، فأريد أن أسمع منك خبرا أتشرّف به في الدّنيا ، وأجعله ذخيرة للآخرة.

فقال : يا شيخ ، وسمّاني شيخا وخاطبني به ، وكان يفرح بهذا. ثمّ قال :قل عني : من أراد السّلامة فليطلبها في سلامة غيره (٢).

رواها السّمعانيّ ، عن أبي القاسم حيدر بن محمود الشّيرازيّ بمرو ، أنه سمع ذلك من أبي إسحاق.

وورد أنّ أبا إسحاق كان يمشي ، وإذا كلب ، فقال فقيه معه : اخسأ. فنهاه الشّيخ ، وقال : لم طردته عن الطّريق؟ أما علمت أن الطّريق بيني وبينه مشترك؟ (٣).

وعنه قال : كنت أشتهي ثريدا بماء باقلاء (٤) أيّام اشتغالي ، فما صحّ لي أكلة ، لاشتغالي بالدرس ، وأخذي النوبة (٥).

قال السّمعانيّ : قال أصحابنا ببغداد : كان الشيخ أبو إسحاق إذا بقي مدة

__________________

= للنووي ١ / ٢٦ ، وفي (سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٤) : «مليح المحاورة» بالحاء المهملة ، ومثله في : طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٩٢ ، والمنتظم.

(١) في الأصل : «الخزري» بالزاي ثم الراء. وقد تقدّم التنبيه عليها. كما تقدم الخبر في أول الترجمة.

(٢) المنتظم ٩ / ٨ (١٦ / ٢٣٠) ، صفة الصفوة ٤ / ٦٦ ، تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١٧٣ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٤ ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٩٤ ، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ١ / ٢٤٥ ، ٢٤٦ ، الوافي بالوفيات ٦ / ٦٣ ، مرآة الجنان ٣ / ١١٢.

(٣) صفة الصفوة ٤ / ٦٧ ، تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١٧٣ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٤ ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٩٤ ، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ٤٥ ، ٤٦ ، الوافي بالوفيات ٦ / ٦٥ ، ٦٦ ، مرآة الجنان ٣ / ١١٣.

(٤) في الأصل : «باقلى».

(٥) المنتظم ٩ / ٨ (١٦ / ٢٢٩) ، صفة الصفوة ٤ / ٦٧ ، المجموع ١ / ٢٥ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٥ ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٩٠.

١٥١

لا يأكل شيئا صعد إلى النّصرية ، فله فيها صديق ، فكان يثرد له رغيفا ، وبشربه بماء الباقلاء. فربّما صعد إليه ، وقد فرغ ، فيقول أبو إسحاق : (تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ) (١). ويرجع (٢).

قال أبو بكر الشّاشيّ : الشيخ أبو إسحاق. حجة الله تعالى على أئمة العصر (٣).

وقال الموفق الحنفيّ : أبو إسحاق ، أمير المؤمنين فيما بين الفقهاء (٤).

قال السّمعاني : سمعت محمد بن علي الخطيب : سمعت محمد بن محمد بن يوسف الفاشاني (٥) بمرو ، وسمعت محمد بن محمد بن هاني (٦) القاضي يقول : إمامان ما اتفق لهما الحج : أبو إسحاق ، والقاضي أبو عبد الله الدّامغانيّ. أمّا أبو إسحاق فكان فقيرا ، ولكن لو أيدوه لحملوه على الأعناق ، والدّامغانيّ ، لو أراد الحجّ على السّندس والإستبرق لأمكنة (٧).

قال : وسمعت القاضي أبا بكر محمد بن القاسم الشّهرزوريّ بالموصل يقول : كان شيخنا أبو إسحاق إذا أخطأ أحد بين يديه قال : أي سكتة فاتتك (٨). وكان يتوسوس.

__________________

(١) سورة النازعات ، الآية ١٢.

(٢) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٥ ، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ٤٥ ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٩٠.

(٣) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٥ ، طبقات الشافعية الكبرى ٣ / ٩٤ ، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ١ / ٢٤٥ ، ومرآة الجنان ٣ / ١١٦.

(٤) المرجعان السابقان ، ومرآة الجنان ٣ / ١١٦.

(٥) الفاشاني : بفتح الفاء ، والشين المعجمة ، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى قرية من قرى مرو يقال : لها فاشان ، وقد يقال لها بالباء. وبهراة قرية أخرى يقال لها باشان بالباء الموحدة. (الأنساب ٩ / ٢٢٥ ، ٢٢٦).

(٦) هكذا هنا وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٥ ، أما في (تهذيب الأسماء واللغات) و (طبقات الشافعية الكبرى للسبكي) : «محمد بن محمد الماهاني» ، وكذا في : مرآة الجنان ٣ / ١١٦.

(٧) المنتظم ٩ / ٨ ، (١٦ / ٢٣١) ، تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١٧٤ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٥ ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٩٥ ، مرآة الجنان ٣ / ١١٦.

(٨) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٥ ، الوافي بالوفيات ٦ / ٦٤ ، حلقات الشافعية لابن قاضي شهبة ١ / ٢٤٥ وفيه : «أي سكتة تأتيك» ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٩٥.

١٥٢

سمعت عبد الوهاب الأنماطي يقول : كان أبو إسحاق يتوضّأ في الشّط ، وكان يشك في غسل وجهه ، حتّى غسله مرات ، فقال له رجل : يا شيخ ، أما تستحي ، تغسل وجهك كذا وكذا نوبة؟ فقال له : لو صح لي الثلاث ما زدت عليها (١).

قال السّمعاني : دخل أبو إسحاق يوما مسجدا ليتغذى على عادته ، فنسي دينارا معه وخرج ، ثمّ ذكر ، فرجع ، فوجده ، ففكر في نفسه وقال : ربّما وقع هذا الدّينار من غيري ، فلم يأخذه وذهب (٢).

وبلغنا أن طاهرا (٣) النّيسابوريّ خرج للشيخ أبي إسحاق جزءا ، فكان يذكر في أول الحديث : أنا أبو عليّ بن شاذان ، وفي آخر : أنا الحسن بن أحمد البزّاز ، وفي آخر : أنا الحسن بن أبي بكر الفارسيّ ، فقال : من هذا؟ قال : هو ابن شاذان ، فقال : ما أريد هذا الجزء. هذا فيه تدليس ، والتّدليس أخو الكذب.

وقال القاضي أبو بكر الأنصاريّ : أتيت الشّيخ أبا إسحاق بفتيا في الطّريق ، فناولته ، فأخذ قلم خبّاز ودواته ، وكتب لي في الطّريق ، ومسح القلم في ثوبه (٤).

قال السّمعاني : سمعت جماعة يقولون : لمّا قدم أبو إسحاق رسولا إلى نيسابور ، تلقّاه الناس لما قدم ، وحمل الإمام أبو المعالي الجوينيّ غاشية فرسه ، ومشى بين يديه ، وقال : أنا أفتخر بهذا (٥).

وكان عامة المدرّسين بالعراق والجبال تلامذته وأشياعه وأتباعه ، وكفاهم

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٥ ، ٤٥٦ ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٩٥ وفيه تتمة للخبر ، مرآة الجنان ٣ / ١١٦.

(٢) تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١٧٣ ، المجموع ١ / ٢٥ ، ٢٦ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٦ ، طبقات الشافعية الكبرى ٣ / ٨٩.

(٣) في سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٦ «ظاهرا». بالظاء المعجمة.

(٤) تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١٧٣ ، المجموع ١ / ٢٦ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٦ ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٩٠.

(٥) المنتظم ٩ / ٨ ، (١٦ / ٢٣٠) ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٦ ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٩١ ، ٩٢ ، مرآة الجنان ٣ / ١١٢.

١٥٣

بذلك فخرا. وكان ينشد الأشعار المليحة ويوردها ، ويحفظ منها الكثير (١).

وصنف «المهذب» (٢) في المذهب ، «والتنبيه» (٣) و «اللّمع» (٤) في أصول الفقه ، و «شرح اللّمع» ، و «المعونة في الجدل» ، و «الملخص في أصول الفقه» ، وغير ذلك (٥).

وعنه قال : العلم الّذي لا ينتفع به صاحبه ، أن يكون الرجال عالما ، ولا يكون عاملا (٦).

ثم أنشد لنفسه :

علمت ما حلّل المولى وحرّمه

فاعمل بعلمك ، إنّ العلم للعمل (٧)

وقال : الجاهل بالعلم يقتدي ، فإذا كان العالم لا يعمل ، فالجاهل ما يرجو

__________________

(١) تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١٧٣ ، المجموع ١ / ٢٦ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٦ ، ٤٥٧.

(٢) بدا به سنة ٤٥٥ وفرغ منه سنة ٤٦٩ ه‍. وقد أخذه من تعليق شيخه أبي الطيب الطبري. (طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ١ / ٢٤٦) ، وقد نظم اليافعي أبياتا في «المهذب» لما اشتمل عليه من الفقه والمسائل النفيسات. انظر : مرآة الجنان ٣ / ١١٨. وقد طبع في مصر سنة ١٣٢٣ ه‍. وله شروح كثيرة من أجلها شرح الإمام النووي (المجموع).

(٣) بدا فيه أوائل رمضان سنة ٤٥٢ وفرع منه في شعبان من السنة الآتية. (طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ١ / ٢٤٦).

وفيه نظمت أبيات وجدت بخط أبي الحسين هبة الله بن الحسن بن عساكر للرئيس أبي الخطاب ابن الجراح الكاتب البغدادي : انظر : تبيين كذب المفتري ٢٧٧.

وقد طبع في المطبعة الميمنية بمصر سنة ١٣٢٩ ه‍.

وقيل في «التنبيه» : إن فيه اثنتي عشرة ألف مسألة ما وضع فيه مسألة حتى توضأ وصلّى ركعتين وسأل الله أن ينفع المشتغل به. وقيل : ذلك إنما هو في «المهذّب». (الوافي بالوفيات ٦ / ٦٣).

(٤) طبع في مطبعة السعادة بمصر سنة ١٣٢٦ ه‍.

(٥) ومن مؤلفاته أيضا : «تذكرة المسئولين» وهو كتاب كبير في الخلاف ، وآخر دونه سمّاه : «النكت والعيون» (طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ١ / ٢٤٦) ، وله «رسالة» في علم الأخلاق ، و «الطب الروحانيّ» في المواعظ. (معجم المطبوعات لسركيس ١١٧١ ، ١١٧٢) ، و «طبقات الفقهاء» وقد حقّقه الدكتور إحسان عباس ، وطبع في بيروت ١٩٧٠ ، و «التبصرة في أصول الفقه» وحققه الدكتور محمد حسن هيتو ، وطبع بدار الفكر في دمشق ١٩٨٠.

(٦) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٧ ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٩٤.

(٧) طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٩٤ وفيه : «بالعمل».

١٥٤

من نفسه؟ فالله الله يا أولادي ، نعوذ بالله من علم يصير حجة علينا (١).

وقيل : إنّ أبا نصر عبد الرّحيم بن القشيريّ جلس بجنب الشّيخ أبي إسحاق ، فأحسّ بثقل في كمه ، فقال : ما هذا يا سيدنا؟

قال : قرصي الملّاح. وكان يحملهما في كمّه طرحا للتكلّف (٢).

قال السّمعانيّ : رأيت بخط أبي إسحاق رحمه‌الله في رقعة : «بسم الله الرحمن الرحيم ، نسخة ما رآه الشيخ السّيد أبو محمد عبد الله بن الحسن بن نصر المزيديّ ، أبقاه الله. رأيت في سنة ثمان وستين وأربعمائة ليلة جمعة أبا إسحاق إبراهيم بن عليّ بن يوسف الفيروزآبادي ـ طول الله عمر ـ في منامي يطير مع أصحابه ، وأنا معهم استعظاما لتلك الحال والرؤية. فكنت في هذه الفكرة ، إذ تلقى الشيخ ملك ، وسلم عليه ، عن الرّبّ تبارك وتعالى ، وقال له : إنّ الله تعالى يقرأ عليك السّلام ويقول : ما الّذي تدرس لأصحابك؟

فقال : له الشّيخ : أدرّس ما نقل عن صاحب الشرع.

فقال له الملك : واقرأ عليّ شيئا لأسمعه.

فقرأ عليه الشيخ مسألة لا أذكرها ، فاستمع إليه الملك وانصرف ، وأخذ الشّيخ يطير ، وأصحابه معه. فرجع ذلك الملك بعد ساعة ، وقال للشيخ : إنّ الله يقول : الحق ما أنت عليه وأصحابك ، فادخل الجنة معهم (٣).

وقال الشّيخ أبو إسحاق : كنت أعيد كلّ قياس ألف مرّة ، فإذا فرغت ، أخذت قياسا آخر على هذا ، وكنت أعيد كل درس مائة مرة ، فإذا كان في المسألة بيت يستشهد به حفظت القصيدة التي فيها البيت (٤).

كان الوزير عميد الدّولة بن جهير كثيرا ما يقول : الإمام أبو إسحاق وحيد

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٧ ، طبقات الشافعية للسبكي ٣ / ٩٤.

(٢) المنتظم ٩ / ٧ (١٦ / ٢٣٠) ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٧ وفيه : «يحملهما في كمّه للتكلف» ، بإسقاط كلمة «طرحا».

(٣) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٧ ، ٤٥٨ ، طبقات السبكي ٣ / ٩٤.

(٤) صفة الصفوة ٤ / ٦٦ ، المجموع ١ / ٢٥ ، تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١٧٣ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٨ ، طبقات الشافعية للسبكي ٣ / ٩٠ ، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ١ / ٢٤٥.

١٥٥

عصره ، وفريد دهره ، ومستجاب الدّعوة (١).

وقال السّمعانيّ : لما خرج أبو إسحاق إلى نيسابور ، وخرج في صحبته جماعة من تلامذته ، كانوا أئمة الدّنيا ، كأبي بكر الشّاشيّ ، وأبي عبد الله الطبريّ ، وأبي معاذ الأندلسيّ ، والقاضي عليّ الميانجيّ ، وأبي الفضل بن فتيان قاضي البصرة ، وأبي الحسن الآمدي ، وأبي القاسم الزنجانيّ ، وأبي عليّ الفارقيّ ، وأبي العباس بن الرّطبيّ (٢).

وقال أبو عبد الله بن النّجار في «تاريخه» (٣) : ولد ، يعني أبا إسحاق ، بفيروزآباد ، بليدة بفارس ، ونشأ بها. ودخل شيراز. وقرأ الفقه على أبي عبد الله البيضاويّ ، وابن رامين. وقرأ على أبي القاسم الدّاركيّ (٤) ، وقرأ الدّاركيّ على المروزيّ صاحب ابن سريج.

وقرأ أبو إسحاق أيضا على الطبريّ ، عن الماسرجسيّ (٥) ، عن المروزيّ.

وقرأ أبو إسحاق أيضا على الزّجّاجيّ ، وقرأ الزّجاجيّ على ابن القاصّ صاحب ابن سريج.

وقرأ أصول الكلام على أبي حاتم القزوينيّ ، صاحب أبي بكر بن الباقلانيّ.

وكان أبو إسحاق خطّه في غاية الرّداءة (٦).

أنبأني الخشوعي ، عن أبي بكر الطّرطوشيّ قال : أخبرني أبو العباس

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٨ ، طبقات الشافعية للسبكي ٣ / ٩٥.

(٢) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٨ ، طبقات الشافعية للسبكي ٣ / ٩١.

(٣) انظر : المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ٤٣.

(٤) الداركيّ : بفتح الدال المهملة المشدّدة ، والراء ، بينهما الألف ، وفي آخرها الكاف. هذه النسبة إلى دارك ، قرية من قرى أصبهان. (الأنساب ٥ / ٢٤٨).

(٥) الماسرجسي : بفتح الميم ، والسين المهملة ، وسكون الواو ، وكسر الجيم ، وفي آخرها سين أخرى ، هذه النسبة إلى ما سرجس وهو اسم لجد أبي علي بن الحسن بن عيسى بن ماسرجس النيسابورىّ الّذي أسلم على يدي عبد الله بن المبارك. (الأنساب ١١ / ٧٨).

والمذكور هنا هو : أبو الحسن محمد بن علي بن سهل بن مصلح الماسرجسي أحد أئمة الشافعيين بخراسان. سمع منه أبو الطيب الطبري ، والحاكم أبو عبد الله. توفي سنة ٣٨٤ ه‍.

(٦) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٨.

١٥٦

الجرجانيّ القاضي بالبصرة قال : كان أبو إسحاق لا يملك شيئا من الدّنيا ، فبلغ به الفقر حتّى كان لا يجد قوتا ولا ملبسا. ولقد كنّا نأتيه وهو ساكن في القطيعة ، فيقوم لنا نصف قومة ، كي لا يظهر منه شيء من العري (١). وكنت أمشي معه ، فتعلق بنا باقلانيّ وقال : يا شيخ ، أفقرتني وكسرتني ، وأكلت رأس مالي ، ادفع إليّ ما لي عندك.

فقلنا : وكم لك عنده؟

قال : أظنّه قال : حبتان [من] ذهب أو حبّتان ونصف (٢).

وقال أبو بكر محمد بن أحمد بن الخاضبة : سمعت بعض أصحاب الشّيخ أبي إسحاق يقول : رأيت الشّيخ كان يركع ركعتين عند فراغ كلّ فصل من «المهذب» (٣).

قال : قرأت بخطّ أبي الفتوح يوسف بن محمد بن مقلد الدّمشقيّ : سمعت الوزير ابن هبيرة : سمعت أبا الحسين محمد بن القاضي أبي يعلى يقول : جاء رجل من ميافارقين إلى والدي ليتفقه عليه ، فقال : أنت شافعيّ ، وأهل بلدك شافعية ، فكيف تشتغل بمذهب أحمد؟

قال : قد أحببته لأجلك.

فقال : يا ولدي ما هو مصلحة. تبقى وحدك في بلدك ما لك من تذاكرة ، ولا تذكر له درسا ، وتقع بينكم خصومات ، وأنت وحيد لا يطيب عيشك.

فقال : إنّما أحببته وطلبته لما ظهر من دينك وعلمك.

قال : أنا أدلك على من هو خير مني ، الشّيخ أبو إسحاق.

فقال : يا سيدي ، إني لا أعرفه.

فقال : أنا أمضي معك إليه.

__________________

(١) الخبر حتى هنا في : طبقات الشافعية للسبكي ٣ / ٩٠.

(٢) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٩ والإضافة منه والتصحيح. وفي الأصل : «حبتين ذهب ، أو حبتين ونصف».

(٣) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٩ ، طبقات السبكي ٣ / ٨٩.

١٥٧

فقام معه وحمله إليه ، فخرج الشيخ أبو إسحاق إليه ، واحترمه وعظّمه ، وبالغ.

وكان الوزير نظام الملك يثني على الشّيخ أبي إسحاق ويقول : كيف لنا مع رجل لا يفرق بيني وبين بهروز الفرّاش في المخاطبة؟ لمّا التقيت به قال :بارك الله فيك. وقال لبهروز لما صبّ عليه الماء : بارك الله فيك (١).

وقال الفقيه أبو الحسن محمد بن عبد الملك الهمذانيّ : حكي أبي قال :حضرت مع قاضي القضاة أبي الحسن الماورديّ عزاء النابتيّ (٢) قبل سنة أربعين ، فتكلّم الشيخ أبو إسحاق وأجاد ، فلمّا خرجنا قال الماورديّ : ما رأيت كأبي إسحاق ، لو رآه الشّافعي لتجمّل به (٣).

أنا ابن الخلال ، أنا جعفر ، أنا السّلفي قال : سألت شجاعا الذّهليّ ، عن أبي إسحاق فقال : إمام الشافعية ، والمقدم عليهم في وقته ببغداد. كان ثقة ، ورعا ، صالحا ، عالما بمعرفة الخلاف ، علما لا يشاركه فيه أحد (٤).

أنبئونا عن زين الأمناء : أنا الصائن هبة الله بن الحسن ، أنا محمد بن مرزوق الزّعفرانيّ : أنشدنا أبو الحسن عليّ بن فضال القيروانيّ (٥) لنفسه في «التّنبيه» ، للإمام أبي إسحاق :

أكتاب «التّنبيه» ذا ، أم رياض

أم لآلئ فلونهن البياض

جمع الحسن والمسائل طرا

دخلت تحت كلّه الأبعاض

كل لفظ يروق من تحت معنى

جرية الماء تحته الرّضراض

قل طولا ، وضاق عرضا مداه

وهو من بعد ذا الطّوال العراض

يدع العالم المسمّى إماما

كفتاة أتى عليها المخاض

 __________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٩.

(٢) النابتي : بفتح النون وكسر الباء الموحدة بعد الألف ، وفي آخرها التاء ثالث الحروف. هذه النسبة إلى نابت. وهو اسم رجل فيما يظن ابن السمعاني (الأنساب ١٢ / ٧).

(٣) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٩ ، طبقات السبكي ٣ / ٩٥ ، مرآة الجنان ٣ / ١١٦.

(٤) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٦٠ ، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ٤٦.

(٥) توفي سنة ٤٧٩ ه‍. وستأتي ترجمته برقم (٢٩٤).

١٥٨

أيها المدّعون ما ليس فيهم

ليس كالدّر في العقود الحضاض

كلّ نعمى عليّ يا ابن عليّ

أنا إلّا بشكرها نهاض

ما تعداك من ثنائي محال

ليس في غير جوهر أعراض

أنت طود لكنه لا يسامى ،

أنت بحر ، لكنه لا يخاض

فابق في غبطة وأنت عزيز

ما تعدي عن المنال انخفاض

وقال أبو الحسن محمد بن عبد الملك الهمذانيّ : ندب المقتدي بالله الشيخ أبا إسحاق الشّيرازيّ للخروج في رسالة إلى المعسكر ، فتوجّه في ذي الحجة سنة خمس وسبعين ، وكان في صحبته جماعة من أصحابه ، فيهم الشّاشي ، والطّبريّ ، وابن فتيان ، وإنّه عند وصوله إلى بلاد العجم كان يخرج إليه أهلها بنسائهم وأولادهم ، فيمسحون أردانه ، ويأخذون تراب نعليه يستشفون به (١).

وحدّثني القائد كامل قال : كان في الصّحبة جمال الدّولة عفيف ، ولمّا وصلنا إلى ساوة خرج بياضها وفقهاؤها وشهودها ، وكلّهم أصحاب الشّيخ ، فخدموه. وكان كل واحد يسأله أن يحضر في بيته ، ويتبرّك بدخوله وأكله لمّا يحضره.

قال : وخرج جميع من كان في البلد من أصحاب الصناعات ، ومعهم من الّذي يبيعونه طرفا ينثرونه على محفته. وخرج الخبازون ، ونثروا الخبز ، وهو ينهاهم ويدفعهم من حواليه ولا ينتهون.

وخرج من بعدهم أصحاب الفاكهة والحلواء وغيرهم ، وفعلوا كفعلهم.

ولما بلغت النّوبة إلى الأساكفة خرجوا ، وقد عملوا مداسات لطافا للصغار ونثروها ، وجعلت تقع على رءوس النّاس ، والشّيخ أبو إسحاق يتعجب.

فلمّا انتهوا بدأ يداعبنا ويقول : رأيتم النّثار ما أحسنه ، أي شيء وصل إليكم منه؟ فنقول لعلمنا أنّ ذلك يعجبه : يا سيدي؟ وأنت أيّ شيء كان حظّك منه؟ فيقول : أنا غطّيت نفسي بالمحفة (٢).

__________________

(١) طبقات الشافعية للسبكي ٣ / ٩١ ، مرآة الجنان ٣ / ١١٣.

(٢) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٦٠ ، طبقات السبكي ٣ / ٩١.

١٥٩

وخرج إليه من النّسوة الصوفيات جماعة ، وما منهن إلا من بيدها سبحة ، وألقوا الجميع إلى المحفة ، وكان قصدهن أن يلمسها بيده ، فتحصل لهنّ البركة ، فجعل يمرّها على بدنه وجسده ، وتبرّك بهنّ ، ويقصد في حقّهن ما قصدن في حقه (١).

وقال شيرويه الديلميّ في «تاريخ همذان» : أبو إسحاق الشّيرازيّ إمام عصره ، قدم علينا رسولا من أمير المؤمنين إلى السّلطان ملك شاه. سمعت منه ببغداد ، وهمذان ، وكان ثقة ، فقيها ، زاهدا في الدّنيا. على الحقيق أوحد زمانه (٢).

قال خطيب الموصل : حدّثني والدي قال : توجّهت من الموصل سنة تسع وخمسين وأربعمائة إلى بغداد ، قاصدا للشيخ أبي إسحاق ، فلمّا حضرت عنده بباب المراتب ، بالمسجد الّذي يدرس فيه رحب بي ، وقال : من أين أنت؟

قلت : من الموصل. قال مرحبا : أنت بلدييّ.

فقلت : يا سيدنا ، أنت من فيروزآباد ، وأنا من الموصل! فقال : أما جمعتنا سفينة نوح عليه‌السلام؟ (٣).

وشاهدت من حسن أخلاقه ولطافته وزهده ما حبب إليّ لزومه ، فصحبته إلى أن توفي (٤).

قلت : وقد ذكره ابن عساكر في «طبقات الأشعرية» (٥).

ثمّ أورد ما صورته قال : وجدت بخط بعض الثّقات : ما قول السّادة الفقهاء في قوم اجتمعوا على لعن الأشعرية وتكفيرهم؟ وما الّذي يجب عليهم؟ أفتونا.

فأجاب جماعة ، فمن ذلك : الأشعرية أعيان السّنة انتصبوا للردّ على

__________________

(١) طبقات الشافعية للسبكي ٣ / ٩١.

(٢) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٦٠ ، وفيه : «على التحقيق».

(٣) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٦٠ ، ٤٦١ ، طبقات الشافعية للسبكي ٣ / ٩٣.

(٤) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٦١.

(٥) هو كتاب : «تبيين كذب المفتري» ص ٢٧٦ ـ ٢٧٨.

١٦٠