المخصّص - ج ١٥

أبي الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي [ ابن سيده ]

المخصّص - ج ١٥

المؤلف:

أبي الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي [ ابن سيده ]


الموضوع : اللغة والبلاغة
المطبعة: المطبعة الاميرية
الطبعة: ١
الصفحات: ٢١٥

الياءُ فى مَوْضِع نَصْب تحرَّكت بالفَتح نحو رأيت قاضِيًا ورأيتُ القاضِىَ ورأيت قاضِيَكَ وداعِيَك ويجوز فى ضَرُورة الشِّعر جوازا مسْتَحْسَنا إسكانُ الياءِ فى موْضِع النَّصْب أيضا وقد جاء ذلك فى الكلام أيضا فاذا جاء كذلك كان فى الاحوال الثلاثِ الرفْعِ والنَّصبِ والجرِّ على صُورةٍ واحدةٍ مثل ما جاء آخِرُه ألِفا فمما جاء فى الكلام من ذلك قولُهم ذَهَبوا أيادِىْ سَبَا فى حروف أُخَرَ ومما جاء فى الشِّعر قوله

سَوَّى مَساحِيْهِنَّ تَقْطِيطَ الحُقَقَ

تَقْليلُ ما فارَعْنَ من سُمْرِ الطُّرَقْ

وهو فى الشعر كثير ولا يكونُ فى الأسماء ما آخِرُه واوٌ قبْلها ضَمَّة فاذا أدَّى الى ذلك ضَرْب من القِياس رُفِض فابْدِلتْ من الضَّمة الكسرةُ ومن الواوِ الياءُ وذلك قولُهم فى جمع دَلْو وجِرْو ونحو ذلك فى أقلِّ العَدَد أدْلٍ وأجْرٍ فاذا صار هذا صار حكمُه حُكْمَ ما تقدَّم من قاضٍ وداعٍ ونحوِهما* وأمَّا ما كان آخِرُه ألِفا من الأسماءِ فان الألفَ لا تَخْلُو من أن تكون مُنْقَلِبة أو مُلْحِقةً أو للتأنيثِ وقد جاءت على غير هذه الوُجُوه الثلاثةِ وذلك كالألف فى قَبَعْثَرَى وذلك أنه لا يجُوز أن تكونَ للِالْحاق لأنه ليس فى الاسماء شئٌ على ستَّة أحْرُف كُلُّها أصول فتكونَ هذه الكلمة مُلْحَقَة به ولا يجوز أن تكونَ الألِفُ منقَلِبة عن الاصل لذلك أيضا ولا يجوز أن تكونَ للتأنيثِ أيضا لأنها قد سُمِعت منوّنة فاذا لم يَجُزْ أن تكونَ من هذه الأنحاء ثبَت أنها قِسْم آخَرُ وهذا قليل جِدًّا فأمَّا المنقَلِبة فلا يخْلُو انْقِلابها أن يكونَ من واوٍ أوْ ياءٍ وقد جاءتْ مبْدَلة من الهمزةِ وذلك قولهم أيْدِىْ سَبَا وأيادِىْ سَبَا وقولهم مِنْساة فمثال الألِف المُنْقَلِبة عن الواو الالفُ التى فى عَصًا قالوا فى التثنِية عَصَوانِ والمُنْقَلِبة عن ياء كالتى فى فَتًى قالوا فى التثنية فَتَيانِ والمُلْحِقة نحو التى فى أَرْطَى ومعنى الالحاق أن تَزِيد على الكلِمة حَرْفا زائِدًا ليس من أصْل البناء ليَبْلُغ بِناءً من أبْنِية الاصول أزْيَد منها وذلك كزِيادتهم الياءَ فى حَيْدَر وجَيْأل وكزيادتهم الواوَ فى حَوْقلٍ وكَوْثَر والنون فى رَعْشَنٍ والالف فى أَرْطَى ولا تكون الالف للالحاق الا فى أواخِر الاسماء وأمَّا الالِف التى للتأنيث فنحو التى فى بُشْرَى والذِّكْرَى والدَّعْوَى وهذا الضَّرْب لا يَلْحَقُه التنوينُ على حالٍ وهذه الالفات على اختلاف وُجُوهِها اذا كانت فى آخِر اسمٍ كان فى الاحوال الثلاثة على صُورةٍ واحدةٍ والاسماءُ التى

١٠١

تكون فيها واحدةٌ من هذه الألِفَات تُسمَّى مقْصُورةً فما كان منها لا يَلْحَقُه التنوينُ وهو ما ذكرنا من التأنيثِ فهو فى الوَصْل مثلُه فى الوَقْف الا فى قول مَنْ أبدَل منها الهمزةَ فى الوقْف نحو رَجُلَأْ وما كان منها يَلْحَقُه التنوينُ فانها تَسْقُط مع التنوينِ لالْتِقاء الساكِنَينِ فى الدَّرْج وذلك نحو هذا فَتًى وهذه رَحًى وهو رَجًا واحِدُ الأَرْجاء فاذا وقفت عليها فقلت هذا رَجَا ثَبتَتْ فى الآخِر ألفٌ ويختلف النحوِيُّون فى هذه الألِف فمنهم من يقول انها فى موضِع النَّصْب بَدَل من التنوينِ وفى الرفعِ والجرِّ هى المُنقَلِبة عن اللامِ اعتِبارا بالصحيح* وقال أبو عثمان* فى رَحًى ورَجًا ونحو ذلك اذا وقَفْت عليه فالالف فيه فى الاحوالِ الثلاثِ الرفع والنصب والجرِّ التى هى بَدَل من التنوين ويقال للمقصور أيضا مَنْقُوص فأما قَصْره فهو حَبْسه من الهمزة بعدَه وأما نُقْصانه فنُقْصانُ الهمزةِ منه* واعلم أن المقصور والمَمْدُود كلُّ واحدٍ منهما على ضربينِ فأما ضَرْبَا المقصورِ فأحدهما أن تَقَع واوٌ أو ياءٌ طَرَفَ الاسم وقبلها فَتْحة فتُقْلَب ألِفا ولا يدخلها إعْراب لانها لا تتحرَّك فاذا احتيج الى تَحرِيكها فى التثنية رُدَّت الى الاصل الذى منه انقلبت الألف ان كانت واوًا رُدَّت الى الواو وان كانت ياءً رُدَّت الى الياءِ فأما الواو فنحو قولك عَصًا وقَفًا ورَجَا الشئِ ـ أى جانِبُه اذا ثَنَّيت قلتَ رَجَوانِ وعَصَوانِ وقَفَوانِ وفى مَنَا الحديدِ مَنَوانِ وكان أصلُ ذلك عَصَوًا ومَنَوًا أما الياء فنحو رَحًى وفَتًى اذا ثَنَّيت قلت رَحَيَانِ وفَتَيانِ لأن الاصلَ فيه رَحَىٌ وفَتَىٌ فان زاد على الثلاثةِ رُدَّتْ تثِنيَتُه الى الياء وقد جاء فى حرفٍ نادِرٍ التثنيةُ بالواو مما زاد على ثلاثةِ أحْرُف وذلك قولهم مِذْرَوانِ وكان القياس أن يقال مِذْرَيانِ كما يقال مِقْلَيانِ ومَلْهَيانِ وما أشبه ذلك وإنما جاءَ بالواو لأنه لا يُفْرَد له واحدٌ وبُنِى على التثنيةِ بالواو كما يُبْنَى على الواو اذا كان بعدها هاءُ التأنيثِ فى قولهم شَقاوَةٌ وغَبَاوةٌ وقَلَنْسُوَة وعَرْقُوَة ولو لا الهاء لانقلبتِ الواو فجعلوا لزومَ علامةِ التأنيثِ فى بَناتِ الواوِ كلُزُوم الواو وهذا قولُ سيبويه وقد ذكر أبو عبيد واحدَها فقال مِذْرًى فهذه جملة من تَثْنِية المقصور وقدّمتها لأُرِيَكَ وَجْهَ الانقِلابِ وسآتى على تفصيلها فى بابِ تثنية المقصور ان شاء الله* وأما الضَّرْب الآخَرُ من المقصور فأن تكون ألِفُه للتأنيث كَرْوَى وذِكْرَى وحُبْلَى أو للِالحاق كأَرْطًى ومِعْزًى وذِفْرًى فى لغة من

١٠٢

نَوَّن* وأما ضَرْبَا الممدود فأحدهما أن تقع واوٌ أو ياءٌ طَرَفا وقبلها ألفٌ فتنقَلِب همزةً والهمزةُ اذا كانت طَرَفا وقبلها ألف فى اسمٍ سُمِّى ممدودا وذلك قولك عَطاءٌ وكِساءٌ ورِدَاءٌ وظِبَاءٌ والاصل عَطاءٌ وكِسَاوٌ لانه من عَطَوت وكَسَوت وأصل رِداءٍ وظِباءٍ رِداىٌ وظِبَاىٌ لانه من قولك حَسَن الرِّدْية ومن قولك ظَبْىٌ وأما الضَّرْب الآخَرُ من الممدود فأن تقع ألفٌ للتأنيث وقبلها ألفٌ زائدةٌ فلا يمكِنُ اجتماعُ الالفيْنِ فى اللفظ ولا يجوز حذْفُ إحداهما فيلتَبِسَ المقصور بالممدود فتُقْلَب الألف الثانيةُ التى هى طرَفٌ همزةً لانها من مَخْرج الالف فيَصيرُ الاسمُ ممدُودا لوُقُوع الهمزةِ طَرَفا وقبلها ألفٌ وذلك نحو حَمْراءَ وصَفْراءَ وفُقَهاءَ وأَغْنِياءَ وما أشبه ذلك ويدخُل الممدودَ الاعرابُ لان الهمزة تتحرَّكُ بوُجُوه الحَرَكات* واعلم أن بعض المنقوص يُعْلَم بقياس وبعضه يُسْمَع من العرب سماعا فأما ما يعلم بقياس فما كان مصدرا لِفَعِل يَفْعَل والحرف الثالث منه ياء أو واو واسم الفاعل على فَعِلٍ وذلك كقولك هَوِىَ يَهْوَى هَوًى وهو هَوٍ ورَدِىَ يَرْدَى رَدًى وهو رَدٍ ولَوِىَ يَلْوَى لَوًى وهو لَوٍ وصَدِىَ يَصْدَى صَدًى وهو صَدٍ وكَرِىَ يَكْرَى كَرًى وهو كَرٍ وغَوِىَ الصَّبِىُّ يَغْوَى غَوًى وهو غَوٍ والغَوَى هو ـ أن يَشْرَب اللَّبن حتى تَخْثُر نَفْسُه ومن ذلك أن يكون على فَعِلَ يَفْعَل وفاعلُه على فَعْلان نحو طَوِىَ يَطْوَى طَوًى ـ اذا جاء وهو طَيَّان وصَدِىَ يَصْدَى صَدًى ـ اذا عَطِش وهو صَدْيان* قال سيبويه* قد قالوا غَرِىَ يَغْرَى وهو غَرٍو الغَرَاء شاذ ممدود وقد اختلف فيه أهل اللغة فأما الأصمعى فكان يقول غَرًا مقصور وكان الفراء يقول غَرَاء وقول كُثَيّر يُنْشَد على وجهين

إذا قيل مَهْلاً فاضتِ العَيْنُ بالبُكا

غَرَاءً ومَدَّتْها مَدَامِعُ حُفَّلُ

فَمَدَّ غَراء ومن الناس من ينشد

إذا قيلَ مَهْلاً غارَتِ العَيْنُ بالبُكا

غِرَاءً ومَدَّتْها مَدَامِعُ نُهَّلُ

فجعلوا غارَتْ فاعَلَتْ كأنه يقال غارَى يُغَارِى وكسر العين من غِرَاء لانه مصدر فاعَلَ يُفَاعِل كما تقول رَامى يُرَامِى رِمَاء وعادَى يُعَادِى عِدَاء* قال* وبعضُ أصحابنا يقول ان غِرَاء هو المصدر والغَرَاء الاسم وكذلك يقول فى الظَّمَاء كما يقول فى تَكَلَّم كلاما وانما مصدرُ تَكَلَّم تَكَلُّمًا فالكلام الاسم لا المصدر على غير الفعل والذى عنده

١٠٣

أنه حمل على ما جاء من المصدر على فَعَال كقولك ذَهَب ذَهَابا وبَدَا بَدَاء وهو على كل حال شاذ كما ذكره سيبويه فاعلمه وافهمه

(وأما الممدود) فكل اسم آخره همزة قبلها ألف كما تقدم والألف التى تكون قبل الهمزة التى هى آخر على ضربين أحدهما أن تكون منقلبة عن ياء أو واو وهى عين والآخر أن تكون زائدة غير منقلبة فالاول وهو قليل كقولهم ماء وشاء وأءَوَرَاء لضَرْبَيْن من النَّبْت وللواحد أءة وراءة وزعم سيبويه أن بعضهم يقول فى الراية راءة فهذا على أنه شَبَّه الألف التى فى راية وان كانت منقلبة عن العين بالزائدة فأبدل من الياء بعدها الهمزة وذلك لاجتماع الزائدة والمبدلة فى أنهما ليستا من نفس الكلمة كما جمع آدم اذا سميت به أَوَادِم فجعلوا الألف فيها كالتى فى ضاربة حيث قالوا ضَوَارِب ويُقَوِّى ذلك قولُ من قال فى الاضافة اليهما آئِىٌّ ورائِىٌّ وأما شاءٌ فان سيبويه قد ذهب فيه الى أن اللام ليست بهمزة وأنها منقلبة عن حرف لين والقياس أن يكون عن الياء على مذهبه لانه يذهب الى أن انقلاب الالف عن الواو فى موضع العين أكثر من انقلابها عن الياء وباب حَوَيْتُ أكثر من باب قُوَّة وحُوَّة وانما قال عن واو أو ياء ليعلم ان اللام ليست همزة فان قلت فهلا جَعَلَ اللام همزة ولم يجعلها منقلبة لما فى حكمه بانه .... (١) توالى الاعلالين وليس يَعْترِض ذلك فى قول من قال انها همزة قيل انما اختار ذلك عندنا لان القول بانها همزة أصل غير منقلبة يؤدى الى أن يحكم فيه بشذوذ من موضعين أحدهما أنه يلزمه اذا جَعَلَ اللام همزة أن يقول إن الشَّوِىَّ أُجْمِع على تخفيف الهمزة فيه كالبَرِيَّة والخَابِية وهذا النَّحْوُ مما يَقِلُّ فلا ينبغى أن يحكم به لقلته وخروجه عن قياس الاكثر وامتناعه هو من الأخذ بهذا النحو ألا ترى أن ما جاء من التخفيف على هذا الحد لا يُتَعَدَّى به موضعُه وقالوا فى مِنْسَاة فيمن قَلَب الهمزة مُنَيْسِئة فَحَقَّفوا وقالوا فى نَبِىٍّ كان مُسَيْلمةُ نُبَيِّئَ سَوْءٍ فَرَدُّوا الاصل وقَصَرُوا التخفيف على الموضع الذى جاء فيه لخروجه عن القياس فان قلت فقد قالوا انك تقول فيمن قال أَنْبِياءُ نُبِىُّ سَوْءٍ فلم يُقْتَصَرْ به على ما جاء قيل انما لم يقصر ههنا على هذا الموضع لأنهم لَمَّا قالوا أنبياء وجب أن يكون تحقيره على حكم جمعه وهذا كما أَلْزَموا بعض الحروف البدل

__________________

(١) بياض بالأصل والظاهر أن أصل الكلام لما في حكمه بانقلابها من توالي الخ وقوله بعد إنما اختار ذلك عندنا انظر ما معنى العندية ويظهر أن الكلمة محرفة كتبه مصححه

١٠٤

فى عدة مواضع من تصرفه كقولهم هذا أتْقَاهُما وتَقِيَّة وتُقًى ونحو ذلك فكما جاء هذا في غير الهمز كذلك جاء في الهمز على هذا الحد فان قلت فلم لا يُستدل بما أنشده أبو عثمان عن كَيْسان لابن هَمَّام

مَحْض الضَّرِيبةِ في البَيْتِ الذى وُضِعَتْ

فيه النَّباوةُ صِدْقا غير مَسْبُوق

على أن النبىَّ يجوز أن يكون من النَّبَاوة التى هى الرِّفْعة قيل هذا لا يدل على ذلك لانه لا يجوز (١) أن يريد وُضِعَتْ فيه الرفعة واذا أمكن ذلك ثبت بقول الجميع تَنَبَّأَ مُسَيْلِمةُ أن اللام همزة والموضع الآخر أنهم قالوا شاوِىٌّ وأجمعوا عليه ولو كان الأصل الهمز لكان القياس أن لا يقع فيه الاجماع على الواو ألا ترى أن ما كان من ذلك منقلبا جاز فيه الأمران الهمزة والقلب الى الواو نحو عَطَائِىٌّ وعَطَاوِىٌّ واذا جاز ذلك في هذا النحو فأقل ما كان .... فى الهمز .... أصل .... (٢) بمنزلة المنقلب فأَنْ لم يُجِيزوا شائىٌّ في الاضافة الى الشاء واجتمعوا فيه على شاوِىٍّ دلالةٌ على أن اللام ليست بهمزة وبدلُ الواوِ من الياء التى هى لام قد جاء في قولهم راوِىٌّ ونحوه فى النسب الى راية فان قلت فاجعل اللام في شاء همزة قد لزمها البدل فقد قلنا إنه لا يَذْهَبُ في الصواب ولا يجوز في الكلام وانما نُجِيز ذلك في ضرورة الشعر هكذا الثابت في الكتاب وعلى هذا حكى عنه أبو زيد قال قلت لسيبويه سمعت قَرَيْت أو نحو ذلك قَرَيْت بالقلب فقال فكيف تقول في المضارع قال فقلت أقْرَأُ فقال فَحَسْبُك فان قيل فلم لا يُجْعَل الشَّوِىُّ من لفظ آخر غير شاءٍ كان فيه بعض حروفه وليس من لفظه قيل له ليس ذلك بسهل لقلة نحو سَوَاء وسَواسِيَة وأن فَعِيلا فى الجمع وان كان يراه سيبويه اسما من أسماء الجموع فهو أوسع من نحو ما ذكرت ألا ترى أنه قد جاء الكَلِيب والعَبِيد والضَّئِين والحَمير والبابُ الذى ذكرتَ لم يَكْثُرْ هذه الكثرةَ فاذا كان كذلك لم يجعل شَوِىٌّ من شاءٍ كشاءٍ من شاةٍ ولكن كالضَّئِين من الضَّأْن وشاءٌ من شاةٍ كَسَواسِيَة من سَوَاء واذا كان الحكم على اللام من شاءٍ بأنها همزة يؤدى الى القول بشيئين شاذَّيْن عن القياس وهما ما ذكرناهما مما يلزم من ادعاء أن اللام في شَوِىٍّ مُلْزَمة البدل وكذلك في شاوِىٍّ والقولُ بأنها منقلبة عن الياء يؤدى الى القول بالشذوذ في شئ واحد وهو تَوَالى الاعلالين في شاءٍ وقد وُجِدَ له

__________________

(١) قوله لا يجوز الظاهر أن كلمة لا من زيادة الناسخ اذا المعنى لا يستقيم الا بحذفها فتأمل كتبه مصححه

(٢) بياض بالاصل في المواضع الثلاثة

١٠٥

مع ذلك النظيرُ كقولهم شاءٍ وجاءٍ في قول النحويين غير الخليل كان القول بأن اللام منقلبة عن حرف اللين أولى فان قلت فهلا أَجَزْتَ أن تكون الهمزة في شاءٍ بدلا من الهاء لقولهم شِيَاه كما كانت الهمزة من ماء منقلبة عن الهاء بدلالة قولهم فى الجمع أمواه وماهتِ الرَّكِيَّة قيل هذا لا يَسُوغ لقلة بدل الهمزة من الهاء اذا كانت لا ما ألا ترى أن ماء قليل المثل ومن ذهب من البغداديين الى أن الهمزة في هذه الكلمة بدل من الهاء لقولهم شُوَيْهَات لم يكن في ذلك دلالة على صحة قوله لأن شُوَيْهَات تكون جمع شاةٍ لا جمع شاءٍ فاذا أمكن ذلك سقط استدلاله به وهذه الهمزة التى في هذه الاسماء منها ما هو منقلب عن حرف ومنها ما هو من نفس الكلمة والتى في ماء منقلبة عن الهاء يدل على ذلك قولهم في جمعه أمواه أنشد سيبويه

سَقَى اللهُ أَمْوَاها عَرَفْتُ مَكَانَها

جُرَابًا ومَلْكُومًا وبَذَّرَ والغَمْرا

وقد جاء في الشعر أمواء أنشد أحمد بن يحيى

وبَلْدَةٍ قالِصَةٍ أمْواؤُها

ما صِحةٍ رَأْدَ الضُّحَى أَفْياؤُها

والقياس والأكثر استعمالا في الجمع رَدُّ الهاء وتصحيحها كما أن الاستعمال في الواحد القلب وعليه التنزيل والذى قال أَمْواء شَبَّهه بالبدل اللازم نحو عِيدٍ وأعياد وقد أنشد أحمد بن يحيى

إنَّكَ يا جَهْضَمُ ماهُ القَلْبِ

ضَخْمٌ عَرِيضٌ مُجْرَئِشُّ الجَنْب

فهذا ينبغى أن يكون بَنَى منه فَعِلاً كقولهم رجلٌ خافٌ ويومٌ راحٌ كأنه يصفه بخلاف التَّوَقُّد والذكاء أو يكون أراد الماء الذى هو اسم فاستعمل الأصل الذى هو الهاء وأجراه عليه كما تُجْرى الصفة وان كان اسما كما أنشد أبو عثمان

* مِئْبَرة العُرْقُوبِ إشْفَى المِرْفَق*

وكما قال الآخر

فَلَوْ لَا اللهُ والمُهْرُ المُفَدَّى

لَأُبْتَ وأنتَ غِرْبالُ الاهَاب

* وقال أبو زيد* ماهَتِ الرَّكِيَّةُ تَمُوه مَوْهًا وقال في كتابه في المصادر تَمُوهُ وتَمَاهُ وحكى أبو عبيدة أيضا تَمِيه* وقال أبو زيد* أَمَاهَها صاحبُها إماهةً وقد جاء هذا

١٠٦

الحرف مقلوبا في مواضع قال

* ثُمَّ أَمْهَاه على حَجَرِهْ*

أى أَمَاهَهُ وقال عمران بن حِطَّان

ولَيْسَ لِعَيْشِنا هذا مَهَاهٌ

ولَيْسَتْ دارُنا الدُّنْيا بِدَارِ

ويروى مَهَاة فمن أنشد مَهَاة بالتاء فهو من هذا وقولهم لِلمرْآة ماوِيَّة من هذا إلا أن الهمزة أُلْزِمَت البدل كما أُلْزِمت في النسب الى شاء حيث قالوا شاوِىٌّ ومن ذلك قولهم مَهًا ومُهًا* قال سيبويه* هو ـ ماء الفحل في رَحِم ـ الناقة* وأما آءٌ فالهمزة فيها لام وكذلك راءٌ للشجر وكذلك داءٌ والدليل على ان الهمزة منها لام أن أبا زيد حكى أَدْوَأْت وأَدَأْت ـ أى صار في قلبك الداء ويؤكِّد ذلك أن أبا زيد أنشد

* خالَتْ خُوَيْلةُ أَنِّى هالِكٌ وَدَءَا*

فقَلَب العين الى موضع اللام وهذا على أنه وصف بالداء كما يوصف بالمصادر وحكى أحمد بن يحيى عن ابن سلام أن كَحَّالاً كَحَل أعرابيًّا فقال كَحَلَنى بالمِكْحَال الذى تُكْحَل به العيونُ الدَّاءة وهذا يُحْمَل على أن دَاءةً فَعِلة لأنهم قالوا داء يَدَاء داءً فَداءٌ مثلُ خافٍ وصافٍ يعنى كبشا صافا أى كثير الصُّوف وان شئت قلت وَصَفَه بالمصدر كما قال* هالكٌ ودَءَا* إلا أنه أَلْحَق التاء كما قالوا عَمْلة وزَوْرة حكاه أبو الحسن* وأما الباءة فاللازم منها أيضا همزة من قوله (تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ) لانه ضَرْبٌ من الملازمة وقد قالوا باءٌ على لفظ شاء* فأما الهمزة اذا كانت آخر الكلمة وقبلها ألف زائدة غير منقلبة عن شئ فانها على أربعة أضرب الاول أن تكون من أصل الكلمة والثانى أن تكون منقلبة عن ياء أو واو من نفس الكلمة والثالث أن تكون للالحاق والرابع أن تكون للتأنيث فمما يُعْلم أنه ممدود من جهة القياس ما وقعت ياؤه أو واوه طَرَفا بعد ألف زائدة وذلك نحو الاشْتِراء والارْتِماء لأن اشْتَرَيْتُ بمنزلة احْتَقَرْت فكما تقول في المصدر الاحْتِقار فتقع الراء طَرَفا بعد ألف زائدة كذلك تقع الياء التى هى آخر الكلمة في شَرَيْت بعد الألف فتنقلب همزة وكذلك الادِّعاء تقع الواو التى هى لام في دَعَوْت بعد الألف التى في الافتعال

١٠٧

فتنقلب همزة كما انقلبت الياء همزة في الاشتراء والارتماء لان الواو مثل الياء في أنها اذا وقعت طَرَفا بعد ألف زائدة انقلبت همزة ومثلُ الهمزةِ المنقلبةِ عن الياء والواو الهمزةُ التى من أصل الكلمة اذا وقعت بعد ألف زائدة وذلك نحو الاجتراء والاقتراء فالهمزة هنا أصل لقولهم قارئ وليست منقلبة عن ياء كالتى في الاشتراء ولا عن واو كالتى في الادّعاء

(وأما نظائر الممدود) فنحو اسْتَخْرَجْت واسْتَمَعْت وأَكْرَمْت واحْرَنْجَمْت وما جرى مجراه مما يكون قبل آخر مصدره ألفٌ وذلك الاستخراج والاستماع والاكرام والاحْرِنْجَام ونظائره من المعتل الممدود الاشْتِراء والاعطاء والاحْبِنْطاء والاسْتِسْقاء لان اسْتَسْقَيْت نظير استخرجت وأعطيت نظير أكرمت واحْبَنْطَيْت نظير احْرَنْجَمْت* ومما يُعْلَم أنه ممدود أن تجد المصدر مضموم الاول ويكون للصوت نحو الدُّعاء والرُّغاء وقياسه من الصحيح الصُّرَاخ والنُّبَاح والبُغَام والضُّبَاح والنُّهَاق وهذا أكثر من أن يحصى والبُكَاء يُمَدُّ ويُقْصَر فمن مَدَّه ذهب به مذهب الاصوات الممدودة ومن قَصَرَه جَعَله كالحَزَن ولم يذهب به مذهب الصوت هذا اعتبار الخليل ولم يَحْفِل باختلاف الحركتين في البُكَى والحَزَن لقلة الحركة ولذلك أضمروا مُتَفَاعِلُنْ وعَصَبوا مُفَاعَلَتُنْ حتى غَلَب الاضمار والعَصْب على السلامة ونظيرُه من المصادر الهُدَى والسُّرَى وليسا بصوتين ويكون فُعَال أيضا للعلاج فما كان منه مُعْتَلًّا فهو ممدود نحو النُّزَاء والقُيَاء والهُرَاء ونظيره من غير المعتل القُمَاص والنُّفَاص وقَلَّ ما يجىء مصدر على فُعَل بل لا أعرف غير الهُدَى والسُّرَى والبُكَا المقصور فهذه وجوه من المقصور والممدود دل القياس على القصر فيها والمد من نظائرها ومنها ما لا يقال له مُدَّ لكذا ولا يَطَّرِد له قياس وانما تعرفه بالسمع فاذا سمعتَه عَلِمْتَ في المقصور أنه ياء أو واو وَقَعَتْ طَرَفا فانقلبتْ ألفا كقولك قَلَى يَقْلِى على فَعَل ورَمَى يَرْمِى وعَدُّ ذلك مما لا يُعْرَف الا بالسماع وقد يدل السماع على المقصور والممدود فاذا رأيت جمعا على أَفْعِلة علمتَ أن واحده ممدود فتستدل بالجمع على مَدِّ الواحد كقولك في جمع قَبَاء أَقْبِية وفي رِشَاء أَرْشِيَة وفي سَمَاء أَسْمِية فَدَلَّك أَفْعِلَةٌ على مد الواحد لأن أَفْعِلة انما هى جمع فِعَال أو فُعَال أو فَعَال كقولك قَذَال وأَقْذِلة وحِمَار وأَحْمِرة وغُرَاب

١٠٨

وأَغْرِبة وقالوا نَدًى وأَنْدِية وهو شاذ فيما ذكره سيبويه والذى أَوْجَبَ الكلامَ فيه البيتُ الذى أنشدوه فيه وهو قوله

فى لَيْلةٍ من جُمَادَى ذات أَنْدِيةٍ

لا يُبْصِرُ الكَلْبُ من ظَلْمائِها الطُّنُبا

وفيه ثلاثة أوجه منهم من يقول أَنْدِية جمع نَدِىٍّ وهو المجلس الذى يجتمعون فيه لِيَتَحاضُّوا على طعام الفقراء منهم ومنهم من يقول إنه جمع نَدًى على نِدَاء كما قالوا جَمَل وجِمَال وجَبَل وجِبَال ثم جمع فِعَال على أَفْعِلة ومنهم من قال إنه شاذ واذا رأيت الواحد على فِعْلة أو فُعْلة ثم جُمِع مُكَسَّرا كان الجمع مقصورا لأن فِعْلة وفُعْلة تجمع على فِعَل وفُعَل وذلك قولهم عُرْوة وعُرًى وفِرْية وفِرًى ونظيره ظُلْمة وظُلَم وقِرْبة وقِرَب

ومن مقاييس المقصور والممدود

التى لم يذكرها سيبويه كلُّ جَمْعٍ بينه وبين واحده الهاء من بنات الواو والياء على مثال شَجَرة وشَجَر فهو مقصور كقولك قَطَاة وقَطًا ونَوَاة ونَوًى ودَوَاة ودَوًى وحَصَاة وحَصًى وما كان من نعتٍ للذَّكَر على فَعْلان فأُنْثاه مقصورة كقولك سَكْران وسَكْرَى وعَطْشان وعَطْشَى وغَضْبان وغَضْبَى وما كان من جَمْعٍ على فَعْلَى وفَعَالى وفُعَالَى فهو مقصور كقولك سَكْرَى وصَرْعَى وأَسْرَى وكَسَالى وكُسَالى وسَكَارَى وسُكَارَى وان كان فُعَالَى اسما واحدا فهو مقصور كقولك جُمادَى وذُنَابَى الطائر وسُمَعانَى تكون واحدا وجمعا وقد تكون السُّمَانَى جمع سُمَانَاة وكذلك فُعَّالَى كقولك حُوَّارَى وخُبَّازَى وشُقَّارَى وهو نبت وكذلك فَعْلَلَى كقولك القَهْقَرَى

ومن مقاييس الممدود التى لم يذكرها

* قال الفارسى* كلُّ ما جاء من المصادر على مثال تَفْعَال مثل تَرْماءٍ وفِعْلال مثل هِيهَاء وحِيحاء وانْفِعال مثل انْقِضاء وافْعِيلَال مثل اذْلِيلَاء وهو مصدر اذْ لَوْلَيْتُ ـ اذا مَرَّ مَرًّ سريعا* قال* وكذلك ما كان مصدرا لفاعلت نحو شارَتُه شِرَاءً ومارَيْتُه مِرَاء لأن مارَيْتُه مِرَاءً مثل جادَلْتُه جِدَالا وشارَيْتُه شِرَاء مثل بايَعْته

١٠٩

بِيَاعا فاما مُفْتَعَلٌ فقد قدّمت أنه من أبنية المقصور الا أنه قد رُوِى أن الحسن قد قرأ «وأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَاءا» بالمد على مُفْتَعال وهو شاذ

ومن مقاييس الممدود

الصفات التى تكون على مثال فَعْلاء ومُذَكَّرُها أَفْعَل كأَحْمَر وحَمْراء وأصْفَر وصَفْراء وكذلك أَفْعِلاء الذى هو جمع فَعِيل وفَعُول نحو شَقِىٍّ وأَشْقِياء وغَنِىٍّ وأَغْنِياء وكذلك جمع فَعْلة من ذوات الواو كقولك رَكْوَة وِركاء وشَكْوة وشِكَاء وحظْوة وحِظَاء وهو ـ السهم الصغير الا أنهم يجمعون الكَوَّة كِوَاء بالمد وكُوًى بالقصر والعلة في قَصْرِهم أنهم يقوْلون كَوَّة وكُوَّة بالفتح والضم فالقصرُ على لغة الذين يقولون كُوَّة كما تقول قُوَّة وقُوى وقرأ بعض القراء «شَدِيد القِوَى» وكذلك كل ما جمع على فُعَلاء كقولك شُرَكاء وضُعَفاء وخُلَفاء وأُمَراء وقَلَّ ما يأتى على هذا الجمع من بنات الياء والواو وقالوا تَقِىٌّ وتُقَواء فَرَدُّوا ياءه الى الواو وهو نادر وكذلك اذا كانت فُعَلاء اسما للواحد كقولك امرأة نُفَساء وناقة عُشَراء فعلى هذا جميع هذا الباب الاستة أحرف جاءت نوادر مخالفة للباب الأُرَبَى وهى ـ الداهية والأُدَمَى ـ موضع وشُعَبَى موضع وجَنَفَى ـ اسم موضع والأعرف جَنَفاء كما قدمنا وجُعَبَى وهى ـ النَّملة العظيمة التى تَعَضُّ وأُرَنَى ـ حَبُّ بَقْل يطرح في اللبن فَيُثْخِنه ويُجَبِّنه والأعرف الأُرَانَى وكذلك كل جمع كان على فَعْلاء فهو ممدود كقَصَبة وقَصْباء وحَلَفَة وحَلْفاء وشَجَرة وشَجْراء وطَرَفة وطَرْفاء وكذلك كل ما جمع من ذوات الياء والواو على أفعال فهو ممدود كقولك آباء وأبناء وأحياء وقد يجىء ما قد عُقِل أنه ممدود مقصورا في الشعر فتأَمَّلْه فان كان مما يمد ويقصر ففشا فيه المد وقَلَّ فيه القصرُ فاحْمِله على لغة من قصر ولا تُوَجِّهْه على الضرورة لأن من رَأْى الناظرين من أهل اللغة أن احتمالَ اللغةِ القليلةِ وتوجيهَ القول عليه أَوْجَهُ من الحَمْل على الضرورة اذ الضرورة نهاية التوجيه فِكُلَّما وُجِد عنها مَعْدِلٌ رُفِضَت وقد أجمع النحويون على جواز قصر الممدود في الشِّعْر كان قياسيا أو سماعيا كنحو الفُعَال في الأصوات الا الفراء فانه انما يجيز في الشعر قصر الممدود السماعى والغالب ولا يجيز قصر المطرد

١١٠

وانما أجازه في الغالب لأن نظيره في المعنى قد يجىء مقصورا نحو البُكَاء فيمن قصره وهذا الذى حَجَر عليه الفراء من قصر القياسى قد جاء مقصورا في الشعر كقول الأعشى

* والقارِح العَدَّا وكلّ طِمِرَّةٍ*

وقول الآخر

* بِفِىَّ مِنِ اهْدَاها لَكَ الدَّهْرَ إثْلِبُ*

فهذان قياسيان وأما المجمع على قصره فكقوله

* لا بُدَّ مِنْ صَنْعا وإن طالَ السَّفَرْ*

وأما مَدُّ المقصور فأجازه الاخفش كما أجاز عكس ذلك وأما الفراء فانه يجيز مَدَّ المقصور القياسى نحو مصدر فَعِلَ فَعَلاً من المعتل وفَعْلَى التى هى مؤنث فَعْلان وانما أجمعوا على قصر الممدود واختلفوا في عكسه لان قصر الممدود تخفيف وردُّ شئٍ الى أصله وكلاهما مطلوب في الشعر وغيره كالترخيم ونحوه من ضروب الحذف لانهم مما يُؤْثِرون التخفيف وأما مَدُّ المقصور فزيادة فيه وتثقيل فهذا فرق بينهما

باب تثنية المقصور

وأُبَيِّن شيأ من تثنية ما ليس بمقصور فأسوق حكم التثنية الكلية على ما يوجبه قول النحويين البصريين وأَعْتَلُّ لذلك وأَخْتَصِر* اعلم أن التثنية فيما لم يكن آخره ألفا مقصورة أو ممدودة انما تلزم اللفظ الواحد بغير تغيير منه ويزاد عليه ألف ونون فى الرفع وياء ونون في النصب والجر وذلك مُطَّرِد غير منكسر فيما قَلَّت حروفه أو كَثُرت كقولك رَجُلَانِ وتَمْرتانِ ودَلْوَانِ وعِدْلان وعَوْدَانِ وبِنْتَان وأُخْتانِ وسَيْفَانِ وعُرْيَانانِ وعَطْشَانانِ وفَرْقَدَانِ وصَمَحْمَحان وعَنْكَبُوتانِ ونحو ذلك وتقول في النصب والجر رأيت رَجُلَيْنِ ومررت بعَنْكَبُوتَيْن ويلزم الفتح قبل الياء وقد أكثر النحويون فى تعليل ذلك ولا حاجة بنا الى تعليله في هذا الكتاب اذ ليس من غرضه ويلزم ما كان من المنقوص وهو المقصور التغييرُ اذا ثَنَّيْناه فمن ذلك ما كان على

١١١

ثلاثة أحرف الثالثُ منها ألف فاذا ثَنَّيْناه فلا بُدَّ من تحريك الألف فَتُرَدُّ الى ما يمكن تحريكه من ياء أو واو وانما وجب تحريكه لانا اذا أدخلنا ألف التثنية اجتمع ساكنان الألفُ التى في الاسم وألفُ التثنية فلو حذفنا احدى الألفين لاجتماع الساكنين لوجب أن نقول في تثنية عَصًا ورَحًى عَصَانِ ورَحَانِ وكان يلزمنا اذا أضفنا أن نُسْقِط النون للاضافة فيقال أعجبْتنى رَحَاك وعَصَاك فيبطل .... (١) أحدى الألفين ووجب التحريك ولم يمكن تحريك الألف فجعلت الألف ياء أو واوا وقد علمنا أن ما كان على ثلاثة أحرف والثالث منها ألف أن الألف منقلبة من ياء أو واو فترد في التثنية الألف الى ما هى منقلبة منه فتقول في قَفًا قَفَوانِ لأنه من قَفَوْت الرجلَ ـ اذا تَبِعْته من خَلْفه وفي عَصًا عَصَوان لانك تقول عَصَوْته ـ اذا ضربته بالعَصَا وتقول في رَجًا رَجَوان وهو ـ ناحية البئر أو غيرها قال الشاعر

فلا يُرْمَى بِىَ الرَّجَوَانِ انِّى

أَقَلُّ القَوْمِ مَنْ يُغْنِى مَكَانِى

وتقول في رِضًا رِضَوَانِ لأن رِضًا من الواو يَدُلُّك على ذلك مَرْضُوٌّ ورِضْوَانٌ وربما قلبوا بعض هذا ياء في بعض تصاريفه باستحقاق أو عارض ولا يُزِيل حكمَ التَثنية عن مِنْهَاجِها قالوا مَرْضِىٌّ حملوه على رُضِىَ وأَرْضٌ مَسْنِيَّة وأصلُهما جميعا الواوُ لأنك تقول سَنَوْت الأَرْضَ ـ أى سقيتها وحُمِلَتْ مَسْنِيَّة على سُنِى واستُثْقِلت فيها الواو فأُبْدِلت ياء وقالوا في الكِبَا كِبَوَانِ والكِبا ـ الكُناسة مقصور حكى أبو الخطاب عن أهل الحجاز أنهم يقولون في تثنيته كِبَوَانِ والكِبَاءُ ممدود ـ العود يُتَبَخَّر به وتقول فى عَشَا العَيْنِ عَشَوانِ لأن الالف منقلبه عن واو تقول امرأة عَشْواء وقالوا رجلٌ أَعْشَى وقَوْمٌ عُشْوٌ ولو سَمَّيت رجلا بِخُطًا ثم ثَنَّيْت لقُلْتَ خُطَوَانِ لانها من خَطَوْت ولو جَعَلْتَ عَلَى اسما ثم ثنيت لقلت عَلَوانِ لأنها مِنْ عَلَوْت وتقول في تثنية رِبًا رِبَوان وقالوا نَسًا ونَسَوَانِ وهو ـ الداء المعروف بالنَّسَا ويثنى بالواو والجمعُ بالألف والتاء بمنزلة التثنية فيما كان مقصورا على ثلاثة أحرف تقول في قَطَاةٍ وأداةٍ وقَنَاةٍ قَطَوَات وأَدَوَات وقَنَوات ودَلَّ جمعُهم ذلك بالواو على أن الالف في قَنَاة وأَدَاة وقَطَاة منقلبة من واو وقالوا في رَحًى رَحَيَانِ وفي فَتًى فَتَيانٍ وفي نَدًى نَدَيَانِ فردُّوها الى ما الأَلفُ منقلبةٌ منه

__________________

(١) بياض بالأصل

١١٢

وهو ياء وقولُهم الفُتُوَّة والنُدُوَّة انما قُلِبت الياء واو للضمة قبلها وليس ذلك بقياس مُطَّرِد والدليل على أن الألف منقلبة من ياء أنهم قالوا فِتْيان وفِتْية للجمع وتقول عَمًى وعَمَيَانِ لأنك تقول عُمْيان وعُمْىٌ وتقول هُدًى وهُدَيَانِ لانك تقول هَدَيْتُ وقالوا في جمع حَصَاة حَصَيَات* قال سيبويه* وما جاء من ذلك ليس له فعل يدل على أنه من ياء أو واو وأُلْزِمَتْ ألفُه الانتصابَ يعنى أنه لا يُمال فانه من بنات الواو لأنه ليس شئ من بنات الياء تمتنع فيه الامالة وذلك نحو لَدَى وإلى وعلى اذا سَمَّيْتَ بشئ منهن ثَنَّيت بالواو لا غير فقلت لَدَوَانِ وإلَوَانِ وعَلَوانِ ولو سميت بِمَتَى أو بَلَى ثم ثنيت جعلته بالياء لانهما مُمَالانِ فقلت مَتَيانِ وبَلَيَانِ ولم يفرق النحويون في الثلاثى بين ما كان أوله مفتوحا وبين ما كان مكسورا أو مضموما واعتبروا انقلاب الالف في أصل الكلمة وأما الكوفيون فجعلوا ما كان مفتوحا على العِبْرة التى ذكرناها وما كان مضموما أو مكسورا جعلوه من الياء وان كان أصله الواو وكتبوه بالياء نحو الضُّحَى والرِّشَى وما أشبه ذلك وكان من حجة البصريين ما حكاه أبو الخطاب من تثنية الكِبَا كِبَوان وقد حَوْاهم أيضا عن الكسائى أنه سمع العرب تقول في حِمًى حِمَوَان وفي رِضًا رِضَوَانِ فهذا القياس

* واذا كان المنقوص على أربعة أحرف فصاعدا ثُنِّى بالياء من الواو كان أصله أو من الياء أو كانت ألفا لا أصل لها من ياء ولا واو فأما ما كان من الواو فَكَمَغْزًى ومَلْهًى ومُغْتَزًى وأعْشَى وأصله من الغَزْو واللهْو والعَشْوِ تقول في تثنيته أَعْشَيَانِ ومَلْهَيَانِ وما كان من الياء فنحو مَرْمًى ومَجْرًى تقول مَرْمَيَانِ ومَجْرَيَانِ وأصله من رَمَيْت وجَرَيْت وما كان ألفا في الاصل فنحو حُبْلَى وذِكْرَى وما أشبه ذلك واذا ثَنَّيت قلت حُبْلَيانِ وذُكْرَيَانِ وكذلك لو سميت رجلا بِحَتَّى ثم ثَنَّيْت لَقُلْت حَتَّيَانِ وانما وجبت الياء فيما زاد على ثلاثة أحرف لانا اذا صَرَّفْنا منه فِعْلا انقلبت الواو ياء ضرورة في بعض تصاريفه تقول في الثلاثى غَزَا يَغْزُو وغَزَوْت فاذا لَحِقَتْه زائدةٌ قلت أَغْزَى يُغْزِى وغازَى يُغَازِى لأنك اذا قلت أَغْزَى فهو أَفْعَل واذا قلت غازَى فهو فَاعَل ولا بُدَّ من أن يلزم مُسْتَقْبَله كسر ما كان قبل آخره فاذا جعلناه واوا قلنا يُغْزِوُ فى المستقبل ويُغَازِوُ فاذا وقَفْتَ عليه وقَفْتَ على واو ساكنة قبلها كسرة فوجب

١١٣

قلبُها ياء وجُعِل ما لم يكن له أصل مُلْحَقا بالياء لانا لو صَرَّفْنا منه فِعْلا وهو على أكثر من ثلاثة أحرف لم يكن بُدٌّ من أن ينكسر ما قبل آخره فيصير أخره ياءا ألا ترى أنا نقول سَلْقَى يُسَلْقِى وجَعْبَى يُجَعْبِى ولو صَرَّفنا من حُبْلَى أو من حَتَّى فعلا لكان يجىء على فَعْلَى يُفَعْلِى نحو حَبْلَى يُحَبْلِى وحَتَّى يُحَتِّى وقد جاء حرف نادر في هذا الباب قالوا مِذْرَوانِ لطَرَفَى الأَلْيَتَيْن ورأيتُ المِذْرَوَيْنِ وكان القياس مِذْرَيَانِ ومِذْرَيَيْنِ لان تقدير الواحد مِذْرًى غير أنهم لم يستعملوا الواحد مفردا فيجب قلب آخره ياء وجعلوا حرف التثنية فيه كالتأنيث الذى يلحق آخر الاسم فيُغَيِّر حكمه تقول شَقَاءٌ وعَظَاء وصَلَاء لا يجوز غير الهمز في شيء من ذلك وأصله شَقَاوٌ وعَظَاىٌ وصَلَاى فوقعت الواو والياء طَرَفَيْن وقبلهما ألف ثم قالوا شَقَاوة وعَظَايَة فجعلوه ياء لانه لما اتصل به حرف التأنيث ولم يقع الاعراب على الياء صارتا كأنهما في وَسَط الكلمة وكذلك مِذْرَوَانِ لَمَّا لم تفارقهما علامة التأنيث بُنِيا عليها قال الشاعر

أَحَوْلِىَ تَنْفُضُ اسْتُكَ مِذْرَوَيْها

لِتَقْتُلَنى فَهَا أنا ذا عُمَارا

ومثلُ مِذْرَوَيْن عَقَلْتُه بِثِنَايَيْن لَمَّا لزمته التثنية جُعِل بمنزلة عَظَاية ولم تُقْلَب الياء التى بعد الألف همزة وقال الكوفيون ان العرب تسقط الالف المقصورة فيما كثرت حروفه اذا ثَنَّوْا فيقولون في خَوْزَلَى وقَهْقَرَى وما كان نحوهما خَوْزَلَانِ وقَهْقَرَان ولم يَفْرُق البصريون بين ما قَلَّت حروفه أو كثرت ورأيت في شعر العرب جُمَادَيَيْن فرأيتهم قد أثبتوا الياء فيهما ولم أر أحدا حذف الياء قال لبيد

آوَيْتُه حتَّى تَكفَّتَ حامِدًا

وأُهِلَّ بَعْدَ جُمَادَيَيْنِ حَرَامُها

وأنشد أبو بكر بن دريد

أَصْبَحَ زَيْنٌ خَفِشَ العَيْنَيْنَهْ

فَسْوَتُه لا تَنْقَضِى شَهْرَيْنَهْ

* شَهْرَىْ رَبِيعٍ وجُمَادَيَيْنَهْ* (١)

ولم أر الكوفيين استشهدوا على ذلك بشئ

باب تثنية الممدود

اعلم أن الممدود على أربعة أضرب فضَرْب همزته أصليةٌ وهى كقولك رجلٌ

__________________

(١) قلت لقد غير على ابن سيده فحرف فى هذه الاشطار الثلاثة فزاد ونقص متبعا ابن دريدان صح قوله وأنشد أبو بكر بن دريد أصبح زين الخ والصواب وهو الحق والرواية المعروفة المحفوظة أصبح زيد خفش العينين علته لا تنقضى شهرين شهرى ربيع وجماديين وكتبه محققه محمد محمود التركزى لطف الله تعالى به آمين

١١٤

قُرَّاءٌ ووُضَّاء وهو من قَرَأْتُ ووَضُؤْت والوُضَّاء ـ الجميل ووَضُؤَ وجُه الرجل ـ اذا حَسُن وأَشْرَق والضرب الثانى ما كانت همزته منقلبة من حرف كقولهم كِسَاء ورِدَاء وأصله كِسَاوٌ ورِدَاىٌ واذا وقعت الواو والياء طَرَفا وقبلها ألف انقلبت همزة والواوُ والياء في كِسَاء ورِدَاء وما جرى مجراهما أصليتان في موضع اللام من الفعل والضرب الثالث ما كانت الهمزة فيه منقلبة من ياء زائدة كقولهم حِرْباء وعِلْباء وخِرْشاء وما أشبه ذلك وكان الاصل عِلْباى والياء زائدة لأنك تقول سيف مَعْلُوب ومُعَلَّب ـ اذا كان مشدود المَقْبِض بالعِلْباء والضرب الرابع ما كانت همزته منقلبة من ألف تأنيث كقولك حَمْراء وخُنْفُسَاء وما أشبه ذلك فاما الوجوه الثلاثة الأُوَل فالباب في تثنيتها الهمزة كقولك قُرَّاآن ووُضَّاآن وكِسَاآن وعِلْباآن وحِرْباآن ويجوز فيهن الواو وانما كان الهمز الوجه لأنها الظاهرة في الكلام وهى أكثر في كلام العرب وأما من جعلها بالواو فلاستثقال الهمز بين الألفين لان الهمزة من مخرج الالف فتصير كأنها ثلاث ألفات وبعض هذه الثلاثة أقوى من بعض في القلب فأضعفها في قلب الهمزة واوا ما كانت الهمزة فيه أصلية كُقَّراء ووُضَّاء وبعده ما كانت الهمزة فيه منقلبة من حرف أصلى كَرِدَاء وكِسَاء لمشاركته الأوّل في أن الهمزة غير زائدة ولا منقلبة من زائد وأما عِلْباء فان قلب الواو فيه أحسن وأكثر من الأوّلين لان الهمزة فيه منقلبة من حرف زائد فأشبهت ألف التأنيث في حَمْراء وعُشَراء والذى عند البصريين في تثنية الممدود المؤنث قلبها واوا ولم يَحْكُوا غير ذلك كقولك حَمْرَاوَان وعُشَرَاوان وذكر المبرد أنهم انما قلبوها واوا لان الهمزة لما ثقل وقوعها بين ألفين في كلمة ثقيلة بالتأنيث وأرادوا قلبها كان الواو أولى بها من الياء لان الهمزة في الواحد منقلبة عن ألف تأنيث وليست الهمزة من علامة التأنيث وهى بمنزلة الألف في غَضْبَى وسَكْرَى والالف في غَضْبَى ليس قبلها ساكن فلم يُحْتَج الى تغييرها فاذا قالوا حَمْراء أتوا فيها بألف المد لا للتأنيث وجعلوا بعدها ألف التأنيث ولا يمكن اللفظ بألفين ولا يجوز اسقاط احداهما فيشبهَ المقصور فقلبوا الالف الثانية الى الهمزة لانها من جنسها فصارت الهمزة في الواحد وليست من علامات التأنيث فلما ثَنَّوْا جعلوا مكانها حرفا ليس من علامات التأنيث وهو الواو ولو جعلوه ياء لكانت

١١٥

الياء من علامات التأنيث لأنهم يقولون أنتِ تَذْهَبين وتقومين والياء عَلَم التأنيث فتركوا الياء للواو في التثنية حتى يشاكل الواحد في الحرف الذى ليس من علم التأنيث* وقال بعضهم* انما جعلوه واوا دون الياء لأنهم لَمَّا كَرِهوا وقوعَ الهمزة بين ألفين وكانت الياء أقرب ال الألف فاختاروا الواو البعيدة منها* وقال بعضهم* اختاروا الواو لأنها أبين في الصوت من الياء هذا مذهب البصريين وقد حكى الكسائى أن من العرب من يقول رِدَايانِ وكِسَايانِ فيجتمع فيه على قول الكسائى ثلاثُ لُغات ويجيز التثنية بالهمز في حَمْراآن وبابه وأجاز أيضا حملَ باب حَمْراء على جميع ما يجوز في باب رِدَاء فيقال حَمْرَايانِ والمعروف ما ذكرتُه لك عن البصريين وقد حكى الكوفيون أشياء لم يذكرها البصريون فقالوا يجوز فيما طال من هذا الممدود حذف الحرفين الأخيرين فأجازوا في قاصِعاء وخُنْفُساء وحاثِيَاء ونحو ذلك أن يقال قَاصِعَان وحاثِيَانِ وقاصِعَاوَان وحاثِيَاوَان واستحسنوا في الممدود اذا كان قبل الألف واو أن يُثَنُّوا بالهمز وبالواو فقالوا في لَأَواء وحَلْواء لَأْوَاآن ولَأْوَاوان وأجازوا في سَوْأء وهى ـ المرأة القبيحة سَوْءاآن وسَوْأوَان

باب ما يُقْصَر فيكون له مَعْنًى

فاذا مُدَّ كان له معنى آخر

من ذلك المفتوح الأوَّل الأَدَى جمع أَداة مقصور ألفه منقلبة عن واو لقولهم أَدَوَات والأَداء ممدود من قوله تعالى (وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) وهو اسم من التَّأْدِية والأنَى مقصور جمع أَنَاة وهو ـ التَّرَفُّق والتُّؤَدَة قال كُثَيِّر

بصَبْرٍ وإبْقاءٍ على جُلِّ قَوْمِكُمْ

عَلَى كُلِّ حالٍ بالأَنَى والتَّحَفُّز

والأَنَى أيضا ـ واحد آناءِ الليل والأناء ممدود ـ التأخير والأَبَى مقصور ـ أن تَشْرَب الغنمُ أبْوالَ الأرْوَى فَيُصِيبَها منها داءٌ ألفه منقلبة عن واو لأنه يقال عَنْزٌ أَبْواء ولا يكاد يكون في الضأن والأَبَى مصدر أَبِيتُ من الطعامِ واللَّبَنِ ـ اذا انْتَهَيْت عنه من غير شِبَع* والأَباء ممدود جمع أَبَاءٍة وهى ـ أَطْرَاف القَصَب وقيل بل

١١٦

هو ـ القَصَبُ نفسُه وقيل هى ـ الأَجَمَة قال

مَنْ سَرَّهُ ضَرْبٌ يُرَعْبِلُ بَعْضُه

بَعْضًا كمَعْمَعةِ الأَباءِ المُحْرَقِ

* قال أبو عبيد* هى من الحَلْفاء خاصة وعَمَّ بها غيرُه* قال ابن جنى* كان أبو بكر يَشْتَقُّ الأَباءة من أَبَيْتُ وذلك أن الأَجَمة تمتنع وتَأْبَى على سالكها* والعَمَى فى العينِ والقَلْبِ مقصور ألفه منقلبة عن ياء بدلالة قولهم عَمْياء وعُمْىٌ ويقال عَمِىَ عَمًى هو في القلب أصل وفي العين منقول من افْعَلَّ ولذلك اذا تُعُجِّبَ من عَمَى القلب تُعُجِّب منه بفعلٍ تَصْريفُه منه واذا تُعُجِّب من عَمَى العين كان التعجب منه بتوسُّطِ فعلٍ من غير لفظه والعَمَى أيضا ـ الطُّول يكتب بالياء لغلبة الامالة عليه يقال ما أَحْسَنَ عَمَى هذه الناقةِ ـ أى طُولَها فأما عَمْىُ المَطَر فأُرَى أن بعضهم جاء به على فَعَل ولا أُحِقُّه والعَمْىُ ـ شِدَّة سيلانِ المَطَر قال الهُذَلى* وهْىَ ساجِيَةٌ تَعْمِى* والعَمَاء ممدود ـ السحاب المرتفع وقيل هو ـ السحاب الرَّقِيق ليس بالكَثِيف وقيل هو ـ الغَيْم الكَثِيف المُمْطِر قال الحرث بن حِلِّزة

وكأَنَّ المَنُونَ تَرْدِى بِنَا أَرْ

عَنَ جَوْنًا يَنْجابُ عنه العَمَاءُ

وقيل هو ـ الأَسْوَد وقيل هو ـ الذى هَرَاقَ ماءَه ولم يَتَقَطَّع تَقَطُّع الجُفَال ويقولون للقِطْعة الكَثِيفة عَمَاءةَ وبعضٌ يُنْكِر ذلك ويجعل العَمَاء اسما جامعا* والعَظَى مقصور مصدر عَظِىَ البعير فهو عَظٍ ـ اذا وَجِعَ بَطْنُه عن أكل العُنْظُوَان والعَظَاء ممدود جمع عَظَاءة وعَظَايةِ وهى دُوَيبَّة مثل الاصْبَع صَحْراء غَبْراء تكون فِتْرًا وشِبْرا وثُلُثًا وهى سَمٌّ عامَّتُها وأما قول الشاعر

ولاعَبَ بالعَشِىِّ بَنِى بَنِيهِ

كفِعْلِ الهِرِّ يَلْتَمِسُ العَظَايا

فَعَلى الضرورة ألا ترى أن بعده

يُلَاعِبُهُمْ ولو ظَفِرُوا سَقَوْهُ

كُؤُوسَ السُّمِّ مُتْرَعةً مِلَايا

والعَذَى مقصور جمع عَذَاة وهى ـ الارض الطَّيِّبة ألفه منقلبة عن واو لقولهم عَذَوات وأما عَذِيَةٌ فللكسرة وقد عَذِيَتْ عَذًى والعَذَاء ممدود ـ طِيبُ الأرض وفُسْحة الهواء والعَنَا مقصور ـ الناحيةُ وحكى عن ثعلب عَنًا وعِنْوٌ* قال ابن جنى*

١١٧

العَنَا من عَنَوْت ـ أى خَضَعْت وذَلَلْت والتقاؤهما أن أطراف الشئ ضعيفة بالاضافة الى وَسَطِه ومُجْرَمِزِهِ والعَنَاء ممدود ـ التَّعَب قال

* وفي طُولِ الحَياةِ لَهُ عَنَاءُ*

والعناء أيضا ـ الحَبْسُ همزته منقلبة عن واو لانه يقال عَنَا العَانِى ـ أى الأسير وهو يَعْنُو قال الحرث بن حِلِّزة

فَفَكَكْنَا غُلَّ امْرِئِ القَيْسِ عَنْهُ

بَعْدَ ما طالَ أَسْرُه والعَنَاءُ

والعَفَا ـ ولد الحمار مقصور وتثنيته عَفَوَان والعَفَاءُ ممدود ـ الدُّرُوس وقد عَفَا يَعْفُو والعَفَاءُ ـ التراب والعَرَاء مقصور ـ الناحية ويقال كنا في عَرَا فلان ـ أى فى ناحيته وظِلِّه قال الشاعر

اذا الرَّكْبُ حَطُّوا في عَرَاهُ رِحالَهُمْ

أَفَادُوا الغِنَى منه وفازُوا بِمَغْنَمِ

والعَرَا أيضا ـ ما سَتَرَ من شئ كالحائط وغيره والعَرَاءُ ممدود ـ الارض الفَضَاء التى لا يستتر فيها شئ والجميع الأعراء والأَعْرِية وتُذَكِّرهُ العرب تقول انْتَهَيْنا الى عَرَاءٍ من الارض واسع بارز ولا يجعل نعتا للارض وقيل هو ـ المكان الخالى وفي التنزيل (فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ) * قال ابن جنى* لامُ العَرَاء ياء لانه الموضع الذى يَعْرَى من العِمَارة فهو من العُرْىِ* قال أبو على* ومن هذا اللفظ العَرِيَّة وذلك لأنها عَرِيَتْ مما يَنْعَقِد عليه البيعُ للتجوز الذى في العَرِيَّة* قال* وهذا يعنى العَرَاء ممدود وجمعه ممدود ذهب الى قِلَّة مثله والعَرَاءُ ـ ما ظهر من مُتُون الأرض وظهورها والجمع أَعْراء والعَرَاء أيضا .... (١) مُسْتَوِية يقال اسْتُرْه عن العَرَاء* والعَشَا في العين مقصور يقال امرأة عَشْواء والعَشَا أيضا ـ الظُّلْم يقال عَشِىَ علىَّ عَشًا والعَشَاء ممدود الاسم يقال تَعَشَّبْت والعَشَاءُ ـ طعامُ الليل ألفه منقلبة عن واو لانه يقال عَشَوْتُه ـ أى عَشَّيْتُه قال

كان ابنُ أَسْماءَ يَعْشُوها ويَصْبَحُها

من هَجْمةٍ كفَسِيلِ النَّخْل دُرَّار (٢)

والعَشَاءُ يكون في الناس والابل قال الحُطَيئة

ويَأْمُرُ بالرِّكابِ فلا تُعَشَّى

اذا أَمْسَى وإن قَرُبَ العَشَاءُ

واستعمله كُثَيِّر في السَّحاب فقال

__________________

(١) بياض بالاصل وتحريف في قوله مستوية وعبارة المحكم والعرا كل شئ أعرى من سترته اه وبها يعلم ما هنا كتبه مصححه

(٢) قلت لقد حرف على ابن سيده في مخصصه ومحكمه بيت قرط ابن التوءم اليشكرى هذا تحريفا شنيعا حيث صير الذكر أنثى والصواب وهو الحق الذى لا محيد عنه أن قرط بن التوءم وصف فرسا ذكرا لا أنثى في بيته هذا والرواية الصحيحة كان ابن أسماء يعشوه ويصيحه ومن هجمة كفسيل النخل درّار وكتبه محققه محمد محمود التركزى لطف الله تعالى به آمين

١١٨

* رَوِىٌّ تَعَثَّى في البِحارِ وأَصْبَحَتْ* (١)

والعَلَا مقصور جمع عَلَاةٍ وهى ـ السَّنْدَان أعنى الحَدِيدة التى يَضْرِب عليها الحَدَّاد قال الراجز

لا تَنْفَعُ الشَّاوىَّ فيها شانُهُ

ولا حِمَارَاهُ ولا عَلَاتُه (٢)

وأصله من الواو والعلا أيضا جمع عَلَاةٍ وهى ـ الناقة الصُّلْبة الشديدة العالية والعَلَاءُ ممدود الرِّفْعة* قال أبو زيد* عَلَوْتُ في الجَبَل عُلُوًّا وعَلِيتُ في المكارم عَلَاءً والعَسْرَى مقصور ـ بَقْلة تكون أَذَنةً ثم تكون سَحَاة اذا ألْوَت ثم تكون عَسْرَى اذا يَبِسَت وقد يقال عُسْرَى وهى قليلة والعَسْراء تأنيث الأعْسَر وهو الأَيْسَر ممدود وعُقَابٌ عَسْرَاء ـ فى جَنَاحِها قَوَادِم بِيضٌ وقيل العَسْراء ـ القادمة البَيْضاء والعَسْراء ـ بنت جَرِير بن سعيد الرِّيَاحى والعَجْلَى مقصور ـ تأنيث العَجْلان وعَجْلَى أيضا ـ فَرَسُ دُرَيْد بن الصِّمَّة وفرس ثعلبة ابن أُمِّ حَزْنة وعَجْلَى ـ اسم ناقة والعَجْلَاء ممدود اسم موضع والعَجَاسَى مقصور ـ التَّقَاعُس والعَجَاساء ممدود ـ الْجِلَّة من الابل وإبلٌ عَجَاساء ـ ثِقَال وأنشد ابن السكيت

وإنْ بَرَكَتْ منها عَجَاساءُ جِلَّة

بِمَحْنِيةٍ أَشْلَى العِفَاسَ وبَرْوَعا

العِفَاس وبَرْوَع ـ اسْمَا ناقتيه وفَحْل عَجَاساء ـ عاجز عن الضراب ولَيْلة عَجَاساء ـ طويلة لا تكاد تَنْقَضِى وأنشد

اذا رَجَوْت أن تُضِىءَ اسْوَدَّتِ

دُونَ قُدامَى الصُّبْحِ وارْجَحَنَّتِ

منها عَجَاساءُ اذا ما الْتَجَّتِ

حَسِبْتُها ولم تَكُرَّ كَرَّتى

ارْجَحَنَّت ـ ثبتت وأقامت كما تَرْجَحِنُّ الرَّحَا وقيل العَجاساء ـ القِطْعة من الليل والحَيَا مقصور ـ المَطَر ألفه منقلبة عن ياء تكتب بالالف كراهية الجمع بين ألفين (٣) والحياء ممدود ـ الاستحياء يقال حَيِيت منه حَيَاءً فأما حياء الناقةِ والبقرةِ فَرْجُهُما فسيأتى فيما يمد ويقصر والحَفَا مقصور ـ مصدر حَفِىَ حَفًا ـ اذا اشْتَكَى رِجْله من الحجارة والحَفَاء ممدود ـ خُلُوُّ الرِّجْل من النَّعْل همزته منقلبة عن ياءٍ وواوٍ لأنه يقال حافٍ بَيِّن الحِفْوة والحِفْيَة وحَسْنَى مقصور ـ جَبَل بين الجارِ ووَدَّان والحَسْناء ممدود من النساء ـ ضد السَّوْآء والهَوَى مقصور ـ هَوَى النفس والهَوَاء ممدود

__________________

(١) قوله روى الخ صدر بيت أورده في اللسان بلفظ

خفيّ تعشى في البحار ودونه

من اللج خضر مظلمات وسدف

اه كتبه مصححه

(٢) قلت لقد أخطأ على بن سيده خطئا كبيرا في استشهاده على العلاة وهى السندان برجز الراجز لانه لم يعرف معنى مفرداته ولم يميز بين المشتركين ولا بين المتبايتين لان الشاوىّ هو صاحب الشاء لا الحداد والحماران هنا انما هما حجران ينصبان ويجعل فوقهما حجر ثالث هو العلاة هنا يجفف عليها الأقط وما يصنع الشاوى بالسندان وانما يتخذ الحمارين والعلاة لتجفيف أقطه وكتبه محققه محمد محمود التركزى لطف الله تعالى به آمين

(٣) قوله بين ألفين تحريف من الناسخ والصواب بين ياءين كتبه مصححه

١١٩

ـ ما بين السماء والأرض ويقال أرض طَيِّبة الهَواء والهَوَاء ـ كلُّ شئ مُنْخَرِق الأسفل لا يَعِى شيأ ولا يُوعِيه كالجِرَاب المُنْخَرِق الأسفل وما أشبهه ومن ذلك قوله جل وعز (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) جاء في التفسير انها مُنْخَرِقة لا تَعِى شيأ وكلُّ فارغ فهو هوَاء ومنه قيل للجَبان هواء ـ أى أنه خالٍ لا فؤاد له ومنه قول زهير

كأنَّ الرّحْل منها فَوْقَ صَعْلٍ

مِنَ الظِّلْمان جُؤْجُؤُه هَواءُ

وَصَفَه بالهَرَب والجُبْن والفَزَع ولذلك قيل للجبان يَرَاعة لان اليَرَاعة فارغةٌ والهَوَاء أيضا ـ الفُرْجة بين الشيئين قال الشاعر

ألَا أَبْلِغْ أبا سُفْيانَ عَنِّى

فأَنْتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَوَاءُ

أى خالى الصَّدْر لا قَلْب لك وهَوَاء ـ أى هاوٍ وأنشد

فلما الْتَقَيْنا لم يَزَلْ مِنْ عَدِيِّهِمْ

صرِيعٌ هواءٌ للتُّرابِ حَجَافِلُهْ

والهَطْلَى من الابل ـ التى تَمْشِى رُوَيْدا مقصور وقال

* أَبَابيل هَطْلَى مِنْ مُرَاحٍ ومُهْمَلِ*

وأنشد

تَمَشَّى بها الأرْءامُ هَطْلَى كأَنَّها

كَوَاعِبُ ما صِيغَتْ لَهُنَّ عُقُود

وقيل هَطْلَى في هذا البيت ـ مُهْمَلة وديمةٌ هَطْلاء ممدود وهى فَعْلاء لا أَفْعَلَ لها من جهة السماع وذلك أن كل فَعْلاء صفة فهى إمَّا فَعْلاء لها أَفْعَل كَحَمراء وأَحْمَر وإما فَعْلَاء لا أَفْعَلَ لها وهذا ينقسم الى ضربين فامَّا أن تَكُون لا أَفْعَلَ لها من جهة السماع نحو ما قدّمت من قولهم دِيمَةٌ هَطْلَاء وحُلَّةٌ شَوْكاء وإما أن يكون ذلك من اختلاف الخِلْقة كقولهم امرأة قَرْناء وعَفْلاء وسَنَأتى على شرح هذا فى أبواب الممدود من هذا الكتاب وامرأة هَيْمَى مقصور ـ عاشقةٌ ذاهبةٌ على وَجْهِها وناقة هَيْمَى أيضا من الهُيَام وهو ـ داء يُصِيبها عن بعض المياه بِتِهَامة وأرضٌ هَيْماء ممدود ـ بعيدة وقيل ـ لا ماءَ فيها والخَلَى مقصور ـ الرَّطْب من الحشيش واحدته خَلاةٌ يقال خَلَيْت الخَلَى خَلْيًا ـ جَزَزْته وخَلَيْتُ دَابَّتِى عَلَفْتها الخَلَى وبه سُمِّيت المِخْلَاة* وقال الفارسى* إنه لَحُلْوُ الخَلَى ـ أى الكلام وأنشد أحمد ابن يحيى لِكُثَيِّر عَزَّة

١٢٠