المخصّص - ج ١٤

أبي الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي [ ابن سيده ]

المخصّص - ج ١٤

المؤلف:

أبي الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي [ ابن سيده ]


الموضوع : القرآن وعلومه
المطبعة: المطبعة الاميرية
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٦

المنقَلِبة عن الواوِ التى هى عين الفِعل كما همَزُوا الياءَ التى للمَدِّ في نحو سَفائِنَ وصَفائِحَ ولا تُشْبِه هذه الياءُ تِلكَ ألا تَرَى أن هذه مُنْقلِبة عن واوٍ هى عينٌ أصلُها الحركةُ وتلكَ زائدةٌ للمَدِّ لا حظَّ لها في الحركةِ* قال الفارسى* ومثلُ هدَا مِمَّا حمله أبُو الحسنِ على الغَلَط قولُ بعضِهم في جمعِ مَسِيل مُسْلانٌ فَمَسيل مَفْعِل والياءُ فيه عينُ الفِعْل فتوَهَّم فيه مَن قال في جمع مَسِيل مُسْلانٌ أنها زائِدةٌ للمدّ فجمَعه على فُعْلان كما يجمَع قَضِيبٌ على قُضْبانٍ* قال* وهذا عِنْدى انما يكونُ غلَطا اذا أُخِذ من سالَ فاذا أُخِذ من مسَل كان كمَصِير ومُصْرانِ* قال* ومثلُ هذا من الشَّوَاذِّ والغلَط لا يُعتَرَضُ به على الشائِع المُطَّرِد ولا يُحْمَل عليه غيْرُه وانما حكمُه أن يُعْرَف أصلُه ويبيَّنَ وجهُ الصَّواب فيه ومن أيْنَ وقَع التشبِيهُ الذى جاءَ من أَجْله الغَلطُ فمُسْلانٌ فيمن أخذَه من سالَ خَطأ وان كان قد قيلَ ونظيرُ غلَطِهم في همز مَصايبَ غلَطُ من قرأَ معائِشَ بالهمز لأن الياءَ فيها عيْنٌ فلا تهمر كما لا تُهْمَز مَقَاوِم جمع مَقَامٍ قال الفرزدق

وإنِّى لَقَوَّام مَقَاوِمَ لم يكُنْ

جَرِيرٌ ولا مَوْلَى جَرِيرٍ يَقُومُها (١)

* قال الفارسى* قال أبو عثمانَ انما أصلُ أخْذِ هذه القراءةِ عن نافعٍ ولم يكُنْ له علمٌ بالعربِيَّة وقد حمَل الهمزة في مَصائِب على الهمزة في إسادةٍ أى انها بدَلٌ من الواو كما أنَّها في إسادَة بدلٌ من الواو وقد أريتُك حكم بدل الهمزَة من الواو كيفَ هو وأعَلْمتُك أنَّ أبا عمرو يذهَبُ الى أن بَدَل الهمزة من الواو المكسورةِ أوَّلا غيرُ مُطَّرِد وأعلمتك كيف استدَلَّ الفارِسىُّ على صحة ما ذهَب اليه أبو عمرو من كلام سيبويه واذا لم يكُنْ هذا مطَّرِدا في الواو أوَّلا فحكمه أن لا يجوزَ فيما لم يكُنْ أوَّلا لأن التَّغايِيرَ أشدُّ اعتِقابا على الأوّل في هذا الباب وبهذا رد الفارسىُّ على الزجَّاج هُنا وقد لخَّصنا جميعَ ذلك آنِفا فهذا شئٌ عرضَ في مصائِب ثم نعُود الى ذكر المُعاقَبة* ابن السكيت* تَبَوَّغ الرجُلُ بصاحبه ـ غَلَبه وتَبَوَّغ الدَّمُ بصاحبه ـ قتَلَه وقد جاء في الحديث «اذا تَبَيَّغ الدَّمُ بصاحِبِه فَلْيَحْتَجِم» يعنى اذا هاجَ فكاد يقْهَرُه وحُكِىَ ما أَعِيج من كلامِه بشَئ ـ أى ما أعْبَأُ به وبنُو أسَد يقولُون ما أَعُوجُ بكلامه ـ أى ما ألْتَفِت اليه أخَذُوه من عُجْت الناقةَ ويقال هو في صُيَّابة قومِه وصُوَّابة

__________________

(١) قلت لقد أخطأ أبو على الفارسى وقلده ابن سيده في قوله قال الفرزدق واني لقوام الخ وانما الصواب أن قائل هذا البيت هو الاخطل وهو من قصيدة يمدح بها بشر بن مروان مطلعها عفا الجؤمن سلي فبادرت رسومها فذات الصفا صحراؤها فقصيمها الى أن قال في أثناء مدحه بشرا اذا بلغت بشربن مروان نافتى سرت خوفها نفسي ونامت همومها امام يقود الخيل حتي كأنها صدور القنا معوجها وقويمها الى الحرب حتي تخضع الحرب بعدما تخمط مسرحاها وتحمى قرومها أبوك أبو العاصي عليكم تعطفت قريش لكن عرنيتها وصميمها ـ

٢١

قومِه وحكى ثَوْرٌ وثِوَرَة وثِيَرة وثِيْرة وحكَى أبو عَمْرو قد تَصَيَّح البقلُ ـ اذا هاجَ وتصَوَّحَ وصاحَ* وقال العنبرى* تَصَيَّع البَقْلُ مثله وقد يكُون أيضا تَصَوَّعَ* قال* وقال أبو صخر

فانْ يَعْذِرِ القَلْبُ العَشِيَّةَ في الصِّبَا

فُؤَادَك لا يَعْذِرْك فيه الأَقاوِمُ

ويروى الأقايِم ـ يعنى القوْمَ يقال أَقَاوِمُ وأقَايِمُ ويقال تَهَيَّر الجُرُف وأكثرُهم تَهَوَّر الجُرُف* غيره* هَوَّرْته وهَيَّرته وفاحَتْ رِيحُه تَفِيح فَيْحا وفي الحديث الذى جاء «شِدَّةُ الحَرِّ من فَيْح جَهْنَّمَ» وفاحتْ رِيحُه فَوْحا ويقال فاحَ المِسْكُ يَفِيحُ وفاحَ يَفُوح وقد فاخَ بالخاء يَفُوخ ويَفِيخ مثل فاحَ وثاخَت رِجْلُه في الوَحَلِ تَثُوخ وتَثِيخ وقد قِسْته وقُسْتُه قَوْسا وقَيْسا ويقال لاطَ حُبُّه بقَلْبِى يَلُوطُ ويَلِيطُ ـ أى لَصِق وإنِّى لأجِدُ له لَوْطا ولَيْطًا وهو أَلْوَطُ بقلْبِى وألْيَطُ ويقال صُرْتُ عنُقَه أَصُورُه وصِرْتُه أَصِيرُه ـ اذا أمَلْته وقد صَوِرَ هو ويقال هو أحْوَلُ منك وأَحْيَلُ منك من الحِيْلة وهى الضِّيْقَى والضُّوْقَى والكِيْسَى والكُوسَى وجِئْت من حَيْثُ لا يَعْلَمُ وحَوْثُ وتتَضيَّعِ رِيحُه وتتَضَوَّعُ وقومٌ صُوَّمٌ وصُيَّم ونُوَّم ونُيَّم* غيره* الطَّوْع والطَّيْع وقالوا دامَ المطرُ يَدُوم ثم قالوا ما زالَتِ السَّماءُ دَيْما دَيْمًا ويقال باتَتْ بِلْيلةٍ شَيْباءَ وهو من الواو وإنَّما يقال اذا افْتَضَّها بَعْلُها من ليْلَتِها وانما قيل إنَّها مُعاقِبة لأنها من الواو وذلك أن ماء الرجُل يُشَابُ فيها بماءِ المرأةِ ـ أى يُخْلَط والشَّوْب ـ الخَلْط فهذه المعاقبَة في العين وأنا أذكُر الآنَ المعاقَبةَ في اللام ان شاء اللهُ تعالى* ابن السكيت* يقول بعضُهم حكَوْت عنه الكلامَ ـ أى حكَيْت ويقال طمَا الماءُ يَطْمِى طُمِيًّا ويَطْمُو طُمُوًّا ـ اذا ارتفَعَ ومنه يقال طَمَت المرأةُ بزَوْجها ـ أى ارتَفَعتْ به وكذلك يَنْمِى ويَنْمُو* وقال أحمدُ بنُ يحيى* الفُصْحَى يَنْمِى بالياء* أبو عبيد* عن الكسائى نَمَى الشىءُ يَنْمِى بالياء* وقال الكسائى* لم أسمَع يَنْمُو بالواو إلا من أخَوَين من بنى سُلَيم* قال* ثم سألْت عنه جماعةَ بنى سُلَيْم فلم يَعْرِفُوه بالواو* ابن السكيت* نَمَيت اليه الحدِيثَ فأنا أَنْمُوه وأَنْمِيه وكذلك يَنْمِى الى الحَسَب ويَنْمُو* أبو عبيد* نَمَيت الحدِيثَ أَنْمِيه ـ اذا رَفَعْته فان أردْتَ أنك أبلَغْته على وجْه الاشَاعة والنَّمِيمة قلت نَمَّيته* ابن السكيت* مَقًا

__________________

ـ الى أن قال يمدح نفسه ويفضلها على جرير ومولاه الفرزدق اي ابن عمه لعمري لئن كانت سليم تتابعت على أمرغاويها وضلت حلومها لقد عجموا مني قناة صليبة اذا ضج خؤار القناة سومها وما أنا ان مد المدى بمقصر ولا عضة مني بناج سليمها واني لقوام البيت وكتبه محمد محمود لطف الله به آمین

٢٢

الطَّسْتَ ـ أى جَلَاها يَمْقُوها ويَمْقِيها ومَقَوْت أسنانِى ومَقَيتها وقد نَثَوت الحدِيثَ ونَشَيْت وقد سَخَتْ نفْسُه تَسْخُو وبعضهم يقُول سَخِيَت تَسْخَى ويقال فَلَيْت رأسَه بالسَّيْف وفَلَوْت* قال أبو عبيد* معناه ضرَبْت رأسَه وأنشد

* أَفْلِيه بالسَّيْف اذا اسْتَفْلَانِى*

* ابن السكيت* قَلَوْت البُرَّ والبُسْرُ وبعضُهم يقُول قَلَيْت ولا يكونُ في البُغْض الا قَلَيت وفَأوْتُ رأسَه بالسَّيْفِ وفَأَيت ـ أى صَدَعت وقد انْفأَى القَدَح وقد حَلَيت المرأة ـ اذا جعلْتَ لها حَليا وبعضهم يقول حَلَوْتها في هذا المعنى* قال* ويقول بعضهم هذه قَوْسٌ مَغْرِيَّة يريدون مَغْرُوَّة ويقال داهِيَةٌ دَهْياءُ ودَهْواءُ وله غَنَمٌ قَنْوة وقِنْوةٌ وقِنْيةٌ وقُنْيان وقُنْوان وقِنْيانٌ* أبو عبيد* قَنَوت الغنَمَ وقَنَيْتها من القِنْية* ابن السكيت* حَزَيْت الطيْرَ وحَزَوْتها ـ اذا زَجَرتها وهى النُّقَاية والنُّقَاوةُ من كل شىءِ ـ خيارُه* أبو عبيد* على مثاله نُفَاية ونُفَاوَة وهى النِّفْوة والنِّفْية* ابن السكيت* عَزَيْته الى أبِيه ـ نسَبته اليه أشَدَّ العَزْى وبنو أسَد يقولون عَزَوْته إلى أبيه ويُقال اعتَزَى فلانٌ الى فُلانٍ ـ اذا انتَسبَ اليه* وقال* حَثَيت عليه التُّرابَ وحَثَوْت حَثْيا وحَثْوا قال الشاعر

الحُصْنُ أدْنَى لو تُرِيدِينَهُ

من حَثْيِكِ التُّرْبَ على الرَّاكِب

ويقال ما كان مَرْضُوًّا ومَرْضِيًّا قال أهل العالِيَةَ القُصْوَى وأهلُ نَجْد يقولون القُصْيَا ويقال مَضَيْت على الأمر مُضِيًّا وهذا أمرٌ مَمْضُوٌّ عليه وحكى الفرَّاءُ عن الكسائى قد سَنَاها الغيثُ يَسْنُوها فهى مَسْنُوَّة ومسْنِيَّة ـ يعنى سَقَاها ويقال سَحَوْت السِّحاءةَ وسَحَيْتها وقد سَحَوت الطِّينَ عن الارض وسَحَيْته ـ اذا قَشَرته عنها وقد أتَيْت به وأَتَوْت به إتاوةً وإتايةً ـ اذا وَشَيت به الى السُّلْطان ويقال كَنَيْته وكَنَوْته وأنشد

وإنى لَأَكْنِى عن قَذُورَ بغيْرهَا

وأُعْرِبُ أحْيانًا بها فأُصَارِحُ

ويقال نَقَوت العظْمَ ونَقَيته ـ اذا استَخْرَجت مُخَّه ويقال رَثَوْت زَوْجِى ورَثَيته ورَثَأْتُه ويقال رُغَايَة اللبَنِ ورُغَاوة ورِغَاية* أبو عبيد* العُجَاوة والعُجَاية لُغتان ـ وهما قَدْرُ مُضْغةٍ من لَحْم تكونُ موصُولةً بعَصَبة تَنْحَدِر من رُكْبة البَعِير الى

٢٣

الفِرْسِنِ* ابن السكيت* ويقال في السَّكْران نَشْوانُ قد اسْتَبانت نَشْوتُه وزعمَ يونُسُ أنه سَمِع نِشْوته بكسر النُّون* وقال الكسائى* يقال رجُل نَشْيانُ للخَبَر ونَشْوانُ هو الكلامُ المستعْمَل ويقال من أيْنَ نَشِيت هذا الكلامَ وهذا الخَبَر ويقال سَخَوت النار أسْخاها سَخْوا ويقال أيضا سَخَيْت أسْخَى سَخْيا وذلك اذا أُوقِدَتْ فاجتَمع الجمزُ والرَّمادُ ففرَّجْته يقال اسْخَ نارَك ـ أى اجعَلْ لها مكانًا تُوقَد عليه وأنشد

ويُرْزِم ان يَرَى المَعْجونَ يُلْقَى

بسَخْى النارِ إرْزامَ الفَصِيل

ويقال محَوْت أَمْحُو ومحَيَت أمْحَى وجَبَوت الماءَ وجَبَيته ـ اذا قَرَئ الماءَ في الحَوْض أى جَمَعه* أبو عبيد* جَبَوت الخَراجَ وجَبَيته جِبَايةً وجِبَاوةً* قال الفارسى* جَبَيْته جِبَاوةً من باب أَشَاوَى في الشُّذُوذ ومثله عِنْده إنْىٌ من اللَّيل وإنْوٌ يرفَع ذلك الى أبى زَيْد وأحمد بن يحيَى* ابن السكيت* لَخَيته ولَخَوْته ـ اذا أسْعطْتَه واللَّخَا ـ المُسْعُط وألخَيْت لغة وسيأتى ذكرُها في باب فَعَلت وأفْعَلت* ابن السكيت* عن الكسائى سمِعتُ من يقول اشتَدَّ حَمْوُ الشمسِ وحَمْىُ الشمسِ وهو بِلْوُ سَفَر وبِلْىُ سفَرٍ ـ للذى قد بَلَّاه السفَرُ وحُكِى لم تَعْنُ بِلادُنا بشئٍ ولم تَعْنِ ـ يريد لم تُنْبِت شيأ* وقال* ما أحْسَنَ أَتْوَيَدِى الناقةِ وأَتْىَ يديها ـ يعنى رَجْعَ يديْها في سَيْرها وأتَيْتُه أَتْيةً واحدةً وأَتَوْتُه وأنشد

يا قَوْمِ ما بالُ أبِى ذُؤَيْبِ

كُنْتُ اذا أَتوْتُه من غَيْبِ

يَشَمُّ عِطْفِى ويَمَسُّ ثَوْبِى

كأنَّما أرَبْتُه بِرَيْبِ

ويقال طَبَانِى الشىءُ يَطْبِينِى ويَطْبُونِى ـ اذا دَعاكَ وقد طَلَوت الطَّلَا وطَلَيْت ـ يعنى رَبَطْته برِجْله* أبو عبيد* مَأَوْت السِّقاءَ ومَأَيتُه ـ اذا مَدَدته حتى يَتَّسِع* وقال* طَغَوْتَ يا رجُلُ وطَغَيْت وهَذَوْت وهَذَيْت وزَقَوْتَ يا طائِرُ وزَقَيْت ومَنَوت الرجُل ومَنَيْته ـ اذا ابتَليْته واختَبَرْته ولَحَوت العَصَا ولَحْيتها ـ اذا قَشَرتها ولَحيْت الرجُلَ من اللَّومِ لا غيْرُ وشَأوْت القومَ شَأْوًا وشَأيتُهم شَأْبًا ـ سبَقْتُهم وقد طَهَوْت اللحمَ وطَهَيْته ـ اذا طَبَخْته وقد صَغَوْت وصَغِيت ولَغَوْت أَلْغُو ولَغِيت أَلْغَى لَغْيا ويقال عَلَوْت وعَلِيت وسَلَوْت وسَلِيت وقد حَلِيَتْ بصدْرِى وحَلَت

٢٤

فى عيْنِى وقد حَلَا يَحْلُو الطَّيْع لغةٌ في الطَّوْع وعَزَوْته وعَزَيْته اليه ومن التثنِيَة نَسَيانِ ونَسَوانِ لتثنية النَّسا ونَقَيَانِ ونَقَوانِ لتثْنِية نَقَا الرملِ ورَحَوانِ ورَحَيانِ* قال* وزعم الكسائى أنه سَمِع في تثنِيَة الرِّضَا والحِمَى رِضَوانِ وحِمَوانِ والوجهُ رِضَيَانِ وحِمَيَانِ ومن الجمع المسلَّم يقال هو ذُودَ غَيَاتٍ ودَغَواتٍ وأنشد

* ذا دَغَواتٍ قُلَّب الأَخلاقِ*

أى ذا أخْلاقِ رَدِيئة* قال الكسائى* انما قالُوا قَطَيَات ولَهَواتٌ ولَهَيات لأن فَعَلْت ليس منهما بكثير فيجعَلُون الألِفَ التى أصْلُها واو ياءً لقِلَّتها ولا يقُولونَ في غَزَواتٍ غَزَيَات لأن غَزَوت أَغْزُو مَعْرُوف كثيرٌ في الكلام ومما اعتَقَب عليه فَعُول وفَعِيل* ابن السكيت* ماءٌ شَرُوبٌ وشَريبٌ وكذلك قالوا في القابلة قَبُولٌ وقَبِيل وقال الشاعر

* كصَرْخَةِ حُبْلَى أسْلمْتها قَبِيلُها*

وقالوا قَبُولها وكذلك أَكِيلةُ الأسَدِ وأَكُولةُ الأسَدِ ويقال أَسْمَحت قَرُونه وقَرِينُه وقَرُونتُه وقَرِينتُه ـ أى تَبِعته نفْسُه وهو الفَتُوت والفَتِيت وهو الكَذَّاب الأَثُوم والأَثِيم ويقال أَنانٌ وَدُوق ووَدِيق ـ للتى قد اشتَهتِ الفحلَ* قال* والحَصِير ـ الذى لا يَشْرَب الشَّرابَ مع القومِ من بُخْله وهو الحَصُور وأنشد عن بعضهم للاخطل

وشارِبٍ مُرْبِحٍ بالكاسِ نادَمنِى

لا بالحَصِيرِ ولا فيها بسَوَّارِ

وإنه لَنجِىءُ العينِ على مثال فَعِيل ونَجُوءُ العين على مثال فَعُول وقد تقدم نَجِئُ العين ونَجُؤُ العينِ على مثال يَقِظ القلبِ ويَقُظ القلْبِ ـ يعنى شَديدَ العينِ* وقال* جزُورٌ طَعِيمٌ وطَعوم ـ اذا كانتْ بين الغَثَّة والسَّمِينة ويقال شَرِبْت مَشُوًّا وقال الكلبى مَشِيًّا

(ومما اعتقب عليه الياء والواو زائدتين من بنات الاربعة) * ابن السكيت* جعَلْته على حِنْدِيرة عَيْنِى وحِنْدَوْرةِ عَيْنِى ـ اذا جعَلْته نُصْبَ عَيْنِك* أبو عبيد* الحِنْدِيرة والحِنْدَوْرة ـ الحَدَقة والحِنْدِيرة أجودُ ويقال لبَنٌ صَمَكِيك وصَمَكُوك

٢٥

ـ وهو اللَّزِج

(ومما جاء نادِرا مما قُلِبت فاء الفِعل منه واوا) استَيْدهتِ الابلُ واستَوْدَهَتْ ـ اذا اجتمعَتْ وانساقَتْ وقد استَيْدَهَ الخَصْمُ ـ اذا غُلِبَ ومُلِك عليه امْرُه ومن النادر قولُهم هو يَمْشى الخَيزَلَى والخَوْزَى والخَوْزَرَى والخَيْزَرَى ـ وهى مِشْية فيها تفَكُّك وأنشد

* والنَّاشِئَات الماشِيَات الخَوْزَرَى*

وهو العَبَيْثَرانُ والعَبَوْثَرَانُ ـ لضَرْب من النَّبْت طيِّب الرِّيح* قال* وأنشد بعضُهم

وما أُمِّى وأُمُّ الوَحْشِ لَمَّا

تفَرَّعَ في مَفَارِقِىَ المَشِيبُ

فما أَرْمِى فأقْتُلَها بسَهْمٍ

ولا أعْدُو فأُدْرِكَ بالوَثِيبِ

يعنى الوُثُوب وقالوا ناقةٌ وأنوُقٌ وأيْنُق وأوْنُق وقد قدمت تعليلَ هذه الكلمةِ وأبنتُه فى كتابِ الابلِ بغاية الشَّرح

بابُ ما يجىءُ بالواو فيكُون له معنى فاذا

جاء بالياءِ كان له معنًى آخَرُ

* ابن السكيت* حَنَوت عليه ـ عطَفْت عليه وحَدِبْت وقد حَنَيْت ظهْرِى وحَنَيْت العُودَ وحَنَوْته وقد قَرَوْت الأرضَ ـ اذا تتَبَّعتَها تخرُجُ من أرضٍ الى أرضٍ قَرْوًا وقَرَيْت الضَّيْفَ قِرًى وقَراءً وقد غَلَوت في القوْل فأنا أَغْلُو غُلُوًّا وقد غَلَوت بالسَّهْم لا غيْرُ وقد غَلَيت عليه من شِدَّة الغيظِ غَلْيا وغَلَيانًا وقد خَلَوْت به بالواوِ لا غَيْرُ وقد خَلَيت دابَّتِى خَلْيا ـ اذا جَزَزْت لها الخَلَا وهو الرُّطْب وسميت المِخْلاة مِخْلاةً لأنه يُجْعَل فيها الخَلا والمِخْلَى بالقصْر ـ ما يُخْتَلَى به وقد عَنَوْت له ـ خَضَعْت وقد عَنَوْت في بَنِى فلانٍ ـ اذا كنتَ فيهم عانِيًا ـ أى أسِيرًا وقد عَنَتِ الارضُ بالنَّباتِ تَعْنُو ـ اذا ظهَر نبْتُها فهذا بالواو لا غير وقد عَنَيت فُلانا بِكَلامِى وقد حَزَاه السَّرابُ يحْزُوه ـ اذا رفَعه وقد حَزَى الشىءَ حَزْيا ـ خَرَصه وتقول قد أَبَوْت الرجُلَ ـ اذا كنتَ له أبًا يقال ماله أبٌ يَأْبُوه كما يقال ما لَهُ أُمٌّ تَؤُمُّه وقد أَبْيت

٢٦

الشىءَ آبَاهُ إباءً وقد سَرَوت ثوبِى سَرْوا ـ اذا ألقَيْته وسَرَوْت عَنِّى دِرْعِى بالواو لا غيْرُ وقد سَرَيت باللَّيل وأسْرَيْت ـ اذا سِرْتَ ليلا

المقلوب

* أبو عبيد* أنْبضْتُ القَوْس وأنْضَبْتها ـ اذا جَذَبت وتَرَها لتُصوِّت ودَقَمته دَقْما ـ ضربْت فاهُ ودَمَقْته دَمقًا كَفَفت وطَمَس الطرِيق وطَسَم ـ دَرَس وقاعَ الفحلُ على الناقة وقَعَا يَقْعُو ـ ضرَبها ومَحُتَ يومُنا وحَمُتَ ـ اشتَدَّ حرُّه واضْمَحلَّ الشىءُ وامْضَحَلَّ ـ ذهبَ وشَفَنْت اليه شَفْنا وشَنَفْت شَنْفا ـ نَظَرت وأنشد

وقَرَّبُوا كلَّ صِهْمِيمٍ مَنَاكِبُه

اذا تَداكَأَ مِنه دَفْعُه شَنَفَا

* وقال* صُعِق الرجلُ وصُقِعَ وعُقَابٌ عَقَنْباةٌ وقد تقدم قلْبُها ثلاثًا قَعَنْباة وعَبَنْقاة وبَعَنْقاةٌ* وقال* ما أَطْيبَهُ وأيْطَبَه وقد أَشَافَ الرجلُ على الأمْرِ وأَشْفَى ـ أشْرَفَ واعْتامَ واعْتَمَى ـ اختارَ واعْتاقَهُ الشىءُ واعْتقاهُ ـ حبَسَه ويقال بَتَلْت الشىءَ وبَلَتُّه أَبْلِتُه ـ قَطَعته وأنشد(١)

«... وإنْ تُخاطِبْكَ تَبْلِتِ»

ـ أى تَنْقطِع* وقال* هَجْهَجْت بالسَّبُع وجَهْجَهْت ـ صِحْتُ به وزجَرْته* وقال* جَحْجَحْت عن الأمر وحَجْحَجْت ـ كَفَفت ويُقال لَفَتَ الرجلُ وجْهَه عن القوم وفَتَلَ ـ صرَفَه عنهم وشَاءَنِى الأمرُ وشَأنِى ـ حَزَنِنى وأنشد

مَرَّ الحُمولُ فَمَا شَأَوْنَكَ نَقْرةً

ولقد أرَاكَ تُشَاءُ بالأَظْعانِ

فجاء باللُّغَتين جميعا وقولُ عَدىِّ بن زيد «... وَشَأْيِى به ما ذاك هو من هذا (٢)

فلَيْتَ سُوَيْدارَاءَ من فَرَّ مِنْهُم

ومَنْ خَرَّ إذْ يَحْدُونَهمْ بِالكَتائِبِ

(٣) ويُرْوَى كالجَلائِب ـ ويُقال جَخْجَخَ ـ اذا لم يُبْد ما في نفسِه* ابن السكيت* هو البِطِّيخُ والطِّبِّيخ وهى المَبْطَخَة والمَطْبَخَة والمَبْطَخَة والمَطْبُخة وقد أَدَوْت له ودَأَوْت ـ أى خَتلْتُ* ابن دريد* دَهْدَهْت الشىءَ وهَدْهَدْته ـ حَدَرْته من عُلْوٍ الى سُفْل ورَبَضَ ورَضَبَ ولَعَمْرِى ورَعْمَلِى* وحكى الفارسى* رَعَمْرِى على اعتقاد القَلْبَيْنِ* ابن دريد* لَبَكْت الشىءَ وبَكَلْته ـ خَلَطته وأَسِيرٌ مكَلَّب

__________________

(١) البيت للشنفرى وقد أنشد بتمامه في اللسان والصحاح وهو کأن لها في الارض نسيا نقضه على أمها وان تخاطبك تبلت اه كتبه مصححه

(٢) قلت قول عدى ابن زيد هذا هو من حشو بيت وانشاده بتمامه لم أغمض له وشأيي به ما ذاك أني بصويه مسرور وكتبه محمد محمود لطف الله به آمين

(٣) قلت هنا نقص فى الاصل وهو كالذى قبله تقديره والله أعلم ويقال رأى وراء قال قيس ابن الخطيم فليت سويد الخ وقد غلط ابن سيده في رواية بيت قيس هذا وأخر المقدم وقدم المؤخر وحرف جملة منه والرواية المتفق عليها

فليت سويدا راء من خرمنهم

ومن فراذ نحدوهم كالجلائب

وكتبه محمد محمود لطف الله به آمين

٢٧

ومُكَبَّل وسَبْسَبٌ وبَسْبَس وسَحابٌ مُكْفَهِرٌّ ومُكْرَهِفٌّ وناقةٌ ضِمْرِزٌ وضِمْزِر وقافَ الاثر وقَفَاه وقَوْسٌ عُلُطٌ وعُطُل وناقة عُلُط وعُطُل وجارِيةٌ قَتِين وقَنِيت ـ وهى القليلةُ الرُّزْء وفي الحديث «إنّها حَسْنَاءُ قَتِينٌ» وشَرْخُ الشَّبابِ وشَخْره ـ أوّلُه ويقال تَنَح عن لَقَم الطَّرِيقِ ولَمَفهِ وهَفَا فُؤادُه وفَهَا ولَفَحْته بجُمْع يَدِى ولَحَفْته ـ ضَربْته بها وماءٌ سَلْسَالٌ ولَسْلاسٌ ومُسَلْسَل ومُلَسْلَس ـ صافٍ وفثَأْت الفِدْرَ وثَفَأْتُها ـ سكَّنْت غَلَيانَها وبَكْبَكْت الشىءَ وكَبْكَبته ـ طرَحْت بعضَه على بَعضٍ ثَكُم الطريقِ وكَثَمه ـ وجْهُه وجارية قُبَعة وبُقَعة وكَعْبَره بالسَّيف وبَعْكَره به وتَقَرْطَبَ على قَفَاه وتَبَرْقَطَ ـ سَقَط* صاحب العين* النَّفَكَة ـ لُغة في النَّكَفَة* ابن السكيت* أعطيتُه ألفا مُصَمَّتا ومُصَتَّما وأهْذَب في مِشْيتِه وأَهْبَذَ وعلى هذا قالوا مُهَابِذٌ قال أبو خِرَاش

يُبَادِرُ جُنْحَ اللَّيلِ فهو مُهَابِذٌ

يَحُثُّ الجَنَاحَ بالتَّبَسُّط والقَبْضِ

وغَرَس الشىءَ ورَغَسه هذه حكايةُ ابن الأعرابىِّ والمَعْروف أن الغَرْس في الشجَرِ كالزَّرْع في الحَبِّ وأن الرَّغْس النَّمَاءُ والبركةُ وقد رَغَسهُ اللهُ* غيره* كَنَعه ونَكَعه ـ حَبَسه والعَفَك والفَكَع ـ الحُمْق

بابُ الاتْباع

الاتْباع على ضَربَيْنِ فضَرْبٌ يكونُ فيه الثانِى بمعنى الأوَّل فيُؤْتَى به تَوْكيدا لأن لفظَه مُخَالِفٌ للفظ الأوّل وضرْبٌ فيه معنَى الاثنِى غيرُ معنى الأوّل فمن الاتباع قولهُم أَسْوانُ أَتْوانُ في الحُزْن فأَسْوانُ من قولهم أَسِىَ الرجلُ أَسًى ـ اذا حَزِنَ ورجل أَسْيانُ وأَسْوانُ ـ أى حَزِين وأَتْوانُ من قولهم أتَوتُه أَتْوةً بمعنى أتيْتُه أتْيةً وهى لغة لهذيل قال خالد بن زهير

يا قَومِ ما بَالُ أبِى ذُؤَيْبِ

كُنتُ اذا أتَوْتُه من غَيْبِ

يَشَمُّ عِطْفِى ويَمَسُّ ثَوبِى

كأنَّنِى أرَبتُه بَريْب

ويقُولون ما أحسَنَ أتْوَ يَدَىِ الناقةِ وأَتى يَديْها يعنُونَ رَجْع يَديْها فمعنى قولهم أَسْوانُ أَتوانُ حَزِينٌ متردِّد يذهَبُ ويَجِىءُ من شِدة الحُزْن ويقُولونَ عَطْشانٌ نَطْشانٌ فنَطْشانٌ

٢٨

مَأْخُوذ من قولهم ما بِه نَطِيش ـ أى ما به حركةٌ فمعناه عَطْشانٌ فَلِقٌ ويقولُون خَزْيانُ سَوْآنُ فسَوْآنُ مأخوذٌ من قولهم سَوْءَة سَوْءَآءُ ـ أى أمرٌ قَبِيح ورجل أسوَأُ وامرأةٌ سَوْءَآءُ ـ اذا كانا قبيحَيْنِ وفي الحديث «سَوْءَآءُ وَلْود خَيْرٌ من حَسْناءَ عقِيمٍ» ويقولون شَيْطانٌ ليَطْانٌ مأخُوذ من قولهم لاطَ حُبُّه بقَلْبى يَلُوط ويَلِيط ـ أى لَصِقَ ويقال للولَد في القَلْب لَوْطة وليْطة ـ أى أُلْزِق ويقال ما يَلِيطُ هذا بقَلْبى ويَصفَرِى وما يَلْناطُ ـ أى ما يَلْصَقُ ويُقال لاطَ القاضِى فُلانا بفُلان ـ أى ألْحَفه به فمعنى قولهم شَيْطانٌ لَيْطانٌ ـ شَيْطانٌ لَصُوق ويقولون هَنِىءٌ مَرِىءٌ وهو من قَولهم هَنَأَنِى الطعامُ ومَرَأَنِى فاذا أفردُوا لم يقُولوا لا أمْرأنِى ويقولُون عَيِّىٌّ شَوِىٌّ فالشَّوِى مأخوذ من الشَّوَى ـ وهو رُذَال المالِ ورديئُه قال الشاعر

أكَلْنا الشَّوَى حتَّى اذا لم نَدَعْ شَوًى

أشَرْنا الى خَيْراتِها بالأَصابِعِ

فمعناه عَيِىٌّ رَذْل ويمكن أن يكونَ مأخُوذا من الشَّوِيَّة ـ وهم بَقِيَّة قومٍ هَلَكُوا وجمعُها شَوَايَا قال الشاعر

فهُمْ شَرُّ الشَّوَايَا من ثَمُودٍ

وعَوفٌ شَرُّ منتَعِلٍ وحافِ

ويقولون عَيِىٌّ شَيِىٌّ وأصله شَوِىٌّ ولكنه أُجْرِىَ على لفظ الأوّل ليكون مثلَه ويقولون عَرِيض أَرِيض فالأَرِيض ـ الخَلِيق للخَير الجَيِّدُ النَّبات يقال أرض أَريضةٌ قال الشاعر

بلادٌ عَرِيضةٌ وأرضٌ أَرِيضةٌ

مَدافِعُ غيْثٍ في فَضاءٍ عَرِيض

* قال الفارسى* ويقولون امرأةٌ عَرِيضةٌ أرِيضةٌ ـ أى كاملةٌ وَلُود فليس أَرِيضةٌ إتْباعا لعرِيضةٍ لأن ابن الأعرابىِّ حكى أرْض أَرِيضةُ ـ كريمةٌ تَطْرَح بالنَّبات وتَرُبُّه وأنشد قول الاخطل

ولقد شَرِبْتُ الخمرَ في حانُوتِها

وشَرِبتُها بأَرِيضةٍ مِحْلالِ

ويقولون غَنِىٌّ مَلِىٌّ وهو بمعنى غنِىٍّ ويقولون خَبِيث نَبِيث فالنَّبِيث يمكنُ أن يكونَ الذى يَنْبُث أمُورَ الناس ـ أى يستَخْرِجُها وهو مأخوذٌ من قولهم نَبَثت البِئْر أَنْبُثُها ـ اذا أخرجت نَبِيثتَها ـ وهو تُرابها وكان قياسه أن يقول خَبِيث نابِثٌ فقيل نَبِيث لمجاوَرته لخَبِيث ويقولون خَبِيث مَجِيث كذا حكى ابن الاعرابى بالميم وأحسَبه

٢٩

لغة في نَجيث أَبْدِل من النون وخَفِيف ذَفِيف والذفِيف ـ السَّرِيع ومنه سمى الرجل ذُفَافَة ويقل ذَفَّف على الجَرِيحِ ـ اذا اجْهزَ عليه ويقولون قَسِيمٌ وَسِيم فالقَسِيم ـ الجميلُ الحسَنُ يقال رجل قَسِيم وامرأة قَسِيمة والقَسَام ـ الحُسْن والجَمالُ وأنشد يعقوبُ

* يُسَنُّ على مَرَاغمِها القَسَامُ*

وقال العجاج

* ورَبِّ هذَا البَلَدِ المُقَسَّمِ*

ـ أى المُحَسَّنِ قال الشاعر

ويَوْمًا تُوافِينا بوَجْهٍ مُقَسَّمِ

كأنْ ظَبْية تَعْطُو الى وارِقِ السَّلَمْ

 ـ أى مُحَسَّن والوَسِيم ـ الحَسَن الجميلُ أيضا يقال رجُلٌ وَسِيمٌ وامرأة وَسِيمةٌ والمِيسَم ـ الحُسْن والجَمَالُ قال الشاعر

لو قُلْتَ ما في قَوْمِها لم تِيثَمِ

يَفْضُلُها في حَسَبٍ ومِيسَم

* قال الزجاج* ليس وَسِمٌ إتباعا لقَسِيم كما أن قولَهم مَلِيح صَبِيح ليس صَبِيح فيه إتباعا لمَلِيح وإنما يكون اللفظُ مَقْضِيًّا عليه بالاتْباع اذا لم يكُنْ كقولهم (١) عَطْشانٌ نَطشانٌ فنَطْشان لا يُفصَل من عَطْشان ولذلك قيل في نحوِ هذا إتْباع لأنه لا معنى له اذا جِىءَ به وحْدَه فأما وَسِيم فقد جاءَ دُونَ قَسيمٍ ويقولون قَبِيح شَقِيح فالشَّقِيح مأخُوذ من قولهم شَقَّح البُسْرُ ـ اذا تغَيَّرت خُضْرتُه بحُمْرة أو صُفْرة وهو حِينئذٍ أقبَحُ ما يكونُ وتلك البُسْرةُ تسمَّى شَقْحة وحينئذ يقالُ أشْقَح النخلُ فمعنى قولهم قَبِيح شَقِيح ـ مُتناهِى القُبْح ويمكن أن يكون بمعنى مَشْقُوح من قول العَرب لأَشْقَحَنَّكَ شَقْح الجَوْز بالجَنْدل ـ أى لأَكسِرنَّكَ فيكونُ معناه قَبِيحا مكسُورا* وقال اللحيانى* شَقِيح لَقِيح فالشَّقِيح ههنا ـ المكسُورُ على ما ذكْرنا واللَّقِيح مأخوذٌ من قولهم لَقِحت الناقةُ ولَقِح الشجَرُ ولَقِحت الحرْبُ فمعناه مكسُور حامِل للشر* قال* وحكى عن يونُسَ شَقِيح نَبِيح فالنَّبِيح مأخوذ من النُّبَاح ومعناه مكسُور كثيرُ الكلامِ ويقُولونَ كثِير بَثير والبَثِير ـ هو الكثيرُ مأخوذٌ من قولهم ماءٌ بَثْر ـ أى كثير فقالوا بَثِير لموضِع كَثِير كما قالوا مُهْرة مأْمُورة وسِكَّةٌ مأبُورة وإنى لَآتِيه بالغَدَايَا والعَشَايَا

__________________

(١) قوله اذا لم يكن كقولهم الخ فيه نقص ظاهر والأصل اذا لم يكن يفصل كقولهم الخ كتبه مصححه

٣٠

ويقولون كَثِير بَذِير عَفِير فالبَذِير ـ المَبْذُور والعَفِير ـ المُفَرَّق في العَفَر وهو التُّراب أو المجعُول في العَفَر ويقال كَثِير نَثِير كأنه نُثِر من كثْرته ويقُولون كثير بَجِير عَفِير أيضا ويقولون ضَئِيلَ بَئِيل فالبَئِيل ـ هو الضَّئِيل* قال أبو زيد* يقال بَؤُلَ الرجلُ بآلَة ـ اذا ضَؤُلَ ويقولون شَحِيح نَحِيح فالنَّحِيح ـ الذى اذا سُئِل الشىءَ تَنَحْنَح من لُؤْمه وبعضهم يقول أَنِيح وهو أقيسُ لأن الأُنُوحَ صَوْت مع تَنَحْنُح يقال رجل آنِحٌ على مثال فاعِل ـ وهو الذى اذا سُئِل الشىءَ تَنَحْنِح وذلك من البُخْل وقد أَنَحَ يَأْنِح* ابن دريد* وقيل شَحِيح بَحِيح* وقال* بَحِيح من قولهم بَحَّ بحِمْله وأبَحَّ ـ ضَعُف عن حَمْله ويمكن أن يكون بَحيح من البُحَّة ويقولون سَلِيخٌ مَلِيخ ـ للذى لا طَعْمَ له قال الشاعر

سَلِيخ مَلِيخ كطَعْمِ الحُوَارْ

فلا أنْتَ حُلْوٌ ولا أنت مرّ

السَّلِيخ ـ المسْلُوخُ الطَّعمِ والمَلِيخ ـ المَمْلُوخ وهو المَنْزُوع الطعمِ مأخوذ من قولهم مَلَخت اللِّجامَ من فَمِ الدابَّة ومَلَخَت اليَرْبُوع من الجُحْر وملَخْت قَضِيبا من الشجرةِ ـ اذا نَزَعته نَزْعا سَهْلا والمَلْخ في السيْرِ السَّهْلُ منه ويقولون فَقِيرٌ وَقِير فالوقِير ـ المَوْقور من قولهم وَقَرت العظْمَ أَقِرُه والوَقْرة ـ الهَزْمة في العَظْم ويقولون مَلِيحٌ قَزِيح وأصل هذينِ الحرفيْنِ في الطعام قَزِيح فالقَزِيح ـ المَقْزُوح والمَقْزوح ـ الذى فيه الأقْزاح ـ وهى الأبزار واحدُها قِزْح ومَلِيحٌ بمعنى مَمْلُوح من قولهم مَلَحت القِدْرَ أَمْلِحُها ـ اذا جعلتَ فيها المِلْح بقَدَر فمعنى قولهم مَلِيح قَزِيح كامِلُ الحُسْن لأن كمالَ طِيب القِدْر أن تكونَ مَقْزُوحة ويقولون مُضِيع مُسِيع والاساعَة ـ الاضَاعةُ وناقةٌ مِسياع ـ اذا كانت تَصْبِر على الاضاعةِ والجَفَاء ومعنى أساعَ ألقَى فى السَّيَاع ـ وهو الطِّين قال القطامى

* كما بَطَّنتَ بالفَدَنِ السَّيَاعَا*

فالأصل فيه ما أنبأتك ثم كَثُر حتى قيل لكل ضَيَاع سَيَاع ولكل مُضيع مُسِيعٌ* قال الزجاج* ليس مُسِيع إتْباعا لمُضِيع ولا سائِعٌ إتباعا لضائعِ فانهم يقولون ضاعَت الناقةُ وساعَتْ وناقة مِضْياع ومِسْياع وقد ساعَت تَسُوع وانما غرَّ من قال إنه إتباع قولُهم مِسْياع وأصلُه من الواو فتوهموا أنها قلَبُوها ياء اتباعا لمِضْياع وكيف

٣١

ذلك وهم يقُولون ناقة مِسْياع مِضْياع فيقدِّمون مِسْياعا على مِضْياع وانما قالوا مِسْياع وأصله مِسْواع لأنه من ساعَ يَسُوع على وجهين إما أن يكونَ مُعاقَبة فقد سَمِعنا بناقة مِسْواع وإما أن يكونَ شاذًّا ويقولون وَحِيد قَحِيد وواحِدٌ قاحِدٌ وهو من قولهم قَحَدَت الناقةُ ـ اذا عَظُم سَنَامُها والقَحَدة السَّنامُ ويقال أَقْحدت أيضا فمعناه أنه واحدٌ عظيمُ القَدْر والشأنِ في شئٍ واحد خاصَّةً* ابن دريد* واحدٌ قاحدٌ وقالوا فارِدٌ ويقولون أَشِرُ أَفِر فالأَشِرُ ـ البَطِر المَرِح وكذلك الأفِرُ عند ابن الأعرابى فأما الأَفْرُ والأُفُور فالعَدْو يقال أَفَرَ يَأْفِر أَفْرا وقد قالوا أَشْرَانُ أَفْرَانُ ويقولون هَذِرٌ مَذِر فالهَذِر ـ الكثيرُ الكلامِ والمَذِر ـ الفاسِدُ مأخوذ من قولهم مَذِرت البيضةُ تَمْذَر مَذَرا ـ اذا فَسدتْ ومَذِرتْ مَعِدتُه أيضا ويقولون حَقِرٌ نَقِر وحَقِير نَقِير وحَقْر نَقْرٌ وأصل هذا في الغَنَم فالنَّقِر ـ الذى به النُّقَرة وهو داءٌ يأخذُ الشاةَ في شاكِلتِها ومُؤخَّر فَخَذِيْها فيُثْقَب عُرقُوبُها ويُدخَل فيه خَيطٌ من عِهْن ويُتَرك معَلَّقا واذا كانت الشاة كذلك كانت هَيِّنَة على أهلها قال المَرَّار العَدَوِىُ

وحَشَوتُ الغَيْظَ في أصْلاعِه

فهو يَمْشِى حَظَلانًا كالنَّقِر

الحَظلان ـ أن يَمشِىَ رُوَيدا ويَظْلَع يقال حَظَلت تَحْظُل حَظْلا ـ اذا ظَلَعت* وقال ابن الاعرابى* شاة حَظْول ـ اذا وَرِم ضَرْعُها من عِلَّة فمشَت رُوَيدا وظَلَعت وأصل الحَظْل المنْع وأنشد يعقوب

تُعَيِّرُنى الحِظْلانَ أُمُّ مُحلِّم

فَقُلْت لها لمْ تَقْذِفِينِى بِدَائِيا

ويقال حَظَلت عليه وحَجَرت عليه وحَظَرْت عليه* وقال* الحَظلان ـ مَشْى الغَضْبان* وقال* قال الغَنَوىُّ عَنْز نَقِرةٌ وتَيْس نَقِرٌ ولم أرَ كَبْشا نَقِرا ـ وهو ظُلَاع يأخُذ الغَنَم ثم قيل لكل حَقِير مُتهاوَنٍ به حَقِرٌ نَقِر وحَقِيرٌ نَقِير وحَقْر نَقْر ويجوز أن يُرادَ به النقِير الذى في النَّواة فيكونُ معناه حَقِيْرا لا قَدْر له مُتناهِيًا في الحَفَارة والمذهَب الأوّل أجودُ* ابن دريد* تقول العرب اسَتَّبتِ الوَبْرةُ والأرْنَب فقالت الوَبْرة للأَرْنب عَجُز وأذُنانِ وصَدْر وسائِرُك حَقْر نَقْر فقالت الأرنب خَطْم ويَدان وسائِرُك صلَتان ـ أى مُنْجرِد من الشَّعَر واللَّحْم ويقولون ذَهب دَمُه خِضْرا مِضْرا وخَضِرا مَضِرا ـ أى باطِلا فالخَضِر ـ الأَخْضر ويقال مكانٌ خَضِر ويمكن

٣٢

أن يكونَ مَضِرٌ لغةً في خَضِر فيكون معنى الكلام أن دمَه بطَل كما يبْطُل الكلأ الذى يَحْصُده كلُّ من قَدَر عليه ويمكن أن يكونَ خَضِر من قولهم عَيْش خَضِرٌ ـ اذا كان رَطْبا ومَضِرٌ أبيَضُ لأنّ مُضَرًا إنما سمِّى مُضَرًا لبياضه ومنه مَضِيرة الطَّبِيخ فيكون معناه أن دمَه بطَلَ طَريًّا فكأنه لَمَّا لم يُثْأَر به فيُراق لأجله الدمُ بقى أبْيضَ وقال بعض اللغويين الخَضِرة ـ بَقْلة وجمعها خَضِر وأنشد فيه بيتا لابن مقبل

تَعْتادُها قُرَّحٌ مَلْبُونةٌ خُنُفٌ

يَنْفُخْن في بُرْعُمِ الحَوْذانِ والخَضِرِ

ويقولُون شَكِسٌ لَكِس فالشَّكِس ـ السَّيِّئ الخُلُق واللَّكِس العَسِر ـ ويقولون رُطَب صَقِر مَقِرٌ فالصَّقِر ـ الكَثِير الصَّقْر وصَقْره ـ عسَلُه والمَفِر ـ المَنقُوع في العسَل ليَبْقَى وكلُّ شئ أنْقَعْته في شئٍ فقد مَقَرته وهو مَمْقُور ومَقِير ومنه السَّمَك المَمْقُور ـ وهو الذى قد أُنْقِع في الخَلِّ ويقولون سَغِل وغِلٌ فالسَّغِل ـ المُضْطَرِب الأعضاء السيِّئُ الخُلُق كذا قال الاصمعى* وقال غيره* السَّغِل ـ السيِّئُ الغِذاءِ والوَغِل في قول الاصمعى ـ الداخِلُ في قومٍ ليس منهم ويقُولونَ سَمِجٌ لَمِج فاللَّمِج ـ الكثيرُ الاكلِ الذى يَلْمُج كلَّ ما وجَده ـ أى يأكُله قال لبيد

يَلْمُجُ الْبارِضَ لمَجْافى النَّدَى

من مَرابِيعِ رِياضِ ورِجَلْ

ويقولون ثَقِفٌ لَقِف وثَقْف لَقْف واللَّقِف ـ الجَيِّد الالتِقافِ* ابن دريد* وقد لقَّفُوه ويقولون وَتِحٌ شَقِنٌ ووَتْحٌ شَقْن ووَتِيح شَقِين فالوَتِح ـ القليلُ والشَّقِن ـ مثله يقال وتُحَت عطِيَّتُه وشَقُنْت وأشْقَنتها أنا ويقُولون عابِسٌ كابِسٌ فالعابِسُ ـ من عُبُوس الوجهِ وكابِس يَكْبِس ويقولُون حائِرٌ بائِرٌ فالحائِر ـ المتحَيّر والبائِر ـ الهالِك والبَوَار ـ الهَلَاك* قال أبو عبيدة* رجُل بائِرٌ وبُورٌ بضم الباءِ ـ أى هالِكٌ قال ابن الزِّبَعْرَى

يا رسُولَ المَلِيكِ إنَّ لِسانِى

راتِقٌ ما فَتقْتُ إذ أنا بُورُ

ويكونُ البائرُ الكاسِدَ من قولهم بارَتِ السُّوقُ ـ اذا كَسَدت ويقولُون حاذِقٌ باذِق فباذِقٌ يمكن أن يكون لغةً في بائِق كما قالوا قَرَبٌ حَثْحاثٌ وحَذْحاذٌ ونَبِيثة ونَبِيذة ـ لتُراب البِئر فكأن الأصلَ والله أعلم أنّ رجُلا سَقَى فأجادَ وأكْثَرَ فقيل حاذِقٌ باذِقٌ ـ أى حاذقٌ بالسَّقْى بائِقٌ للماء ويقولون حارٌّ يارٌّ وحَرَّانُ يَرَّانُ وحارٌّ جارٌّ والجارُّ

٣٣

ـ الذى يَجُرُّ الشىءَ الذى يُصِيبه من شِدَّة حَرارتِه كأنه يَنْزِعه ويَسْلَخه مثل اللَّحْم اذا أصابَهُ أو ما أشبَهَه ويمكن أن يكون يارٌّ لغة في جارٍّ كما قالوا الصَّهارِيجُ والصَّهَارِىُّ وصِهْرِيجٌ وصِهْرِىٌّ وصِهْرِىٌّ لغةُ تميم وكما قالوا شِيَرة لشَجَرة وحَقَّروه فقالوا شِيَيْرة* قال الرياشى* قال أبو زيد كُنَّا يوما عِنْد المفضَّل وعِنْده أعرابٌ فقلت انهم يقُولونَ شِيَرة فقالُوها فقلت لهم كيف تُحقِّرونها فقالوا شِيَيرة ويمكن أن يكون أبدُلوا من الحاء هاءً كما قالوا مَدَحته ومَدَهته والمَدْه والمَدْح ثم أبدلُوا من الهاء ياءً كما أبدلُوا فى هذِه وهذِى وهذا الابدال قليلٌ في كلامهم وقد حكى الرؤاسىُّ عن العرب أنهم يقولون باقِلَاء هارٌّ ويقولون خاسرٌ دابِرٌ وخاسِرٌ دامِرٌ وخَسِرٌ دَمِر وخَسِر دَبِر فالدَّابِر يمكن أن يكونَ لغةً في الدَّامِر ـ وهو الهالك ويمكن أن يكون الدَّابِر الذى يَدْبُرِ الأمرَ ـ أى يتبعُه ويطلُبه بعد ما فاتَ وأدْبَر ومنه قيل لهذا الكوكبِ الذى بعْدَ الثُّرَيَّا الدَّبَرانُ لأنه يَدْبِرُ الثُّرَيَّا ومنه الرَّأْى الدَّبَرِىُّ ـ وهو الذى لا يأتِى الا عن دُبُر ويقال فلانٌ لا يأتِى الصلاةَ الا دَبَرِيًّا ـ أى في آخِرِها ويمكن أن يكون الدابِرُ الماضِىَ الذاهِبَ كما قال الشاعر

وأبِى الَّذِى تَرك المُلوكَ وجَمْعَهم

بصُهَابَ هامِدةً كأمْسِ الدَّابِر

 ـ أى الماضى الذاهبِ ويقولون ضالٌّ تالٌّ فالتالٌّ ـ الذى يَتُلُّ صاحِبَه ـ أى يَصْرَعُه كأنه يُغْويه فيُلْقِيه في هَلَكة لا يُنْقَذ منها ومنه قوله عزوجل (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) * قال ابن دريد* كلُّ شئٍ ألقيْتَه على الأرض مما له جُثَّة فقد تَلَلته ومنه سمِّى التَّلُّ من التُّراب* قال* وقال بعض أهلِ العلم رُمْح مِتَلٌّ انما هو مِفْعَل من التَّلِّ وأنشد

فَرّ ابنُ قَهْوسٍ الشُّجَا

عُ بكَفِّه رُمْحٌ مِتَلُ

يَعْدُو به خاظِى البَضِي

عِ كأنه سِمْع أزَلُ (١)

الخاظِى ـ الكثيرُ اللحم والبَضِيعُ ـ اللحم* قال الفارسى* لا يفِرُّ الشجاع وانما قال فَرَّ ابنُ قَهْوسٍ الشُّجَاعُ هُزْؤا به وهذا لجَعْفرِ بن عُلبة الحارثى وهذا مثل قوله

__________________

(١) قلت لقد غلط أبو على الفارسى وقلده ابن سيده في نسبة هذين البيتين لجعفر بن عُلْبة كغلط صاحب تاج العروس شرح القاموس فى نسبتهما الى جَوّاس بن نعيم الضبّى والصواب أنهما من جملةِ قصيدة لدختنوس بنت لقيط بن زُرارة تهجو بها النعمان ابن قهوس الرِّبابى التميمى وكان من أشرافهم وكان من فرسان العرب وكان معه لواءُ مَن سار الى جَبَلة من تميم وذبيان وغطفان وأسد وملوك كنْدة ففر ابن قهوس فهزم هؤلاء جميعا هزمهم بنو عامر بن صعصعة وبنو عبس حلفاؤِهم يوم شِعب جبَلة وهو ثالث أيام العرب الثلاثة العظام وكتبه محمد محمود لطف الله به آمين

٣٤

أَلَهْفَى بِقُرَّى سَحْبَلٍ حين أجْلَبَتْ

علينا الوَلَايَا والعَدُوُّ المُبَاسِلُ

وصفَهم بالبَسالة هُزْؤا بهم أيضا ويقال جاء بالضَّلَالة والتَّلَالة ويقولون جائِعٌ نائِعٌ فالنائِعُ فيه وجهانِ يكون المُتمايِلَ قال الراجز

* مَيَّالة مِثْل القَضِيب النائِع*

ويكون العَطشانَ قال القطامى

لَعَمْرُ بنِى سِهابٍ ما أقامُوا

صُدُورَ الخيل والأَسَلَ النِّياعَا

يعنى الرِّماحَ العِطاشَ ويقولون نادِمٌ سادِمٌ فالسَّادِمُ ـ المَهْمُومُ ويقال الحَزِين ويقال السَّدَم الغَضَب مع هَمٍّ ويقال غَيْظٌ مع حُزْن ويقولون تافِهٌ نافِهٌ فالتافِه ـ القليلُ والنافِه ـ الذى يُعْيِى أنشد أبو زيد

ولنْ أعُودَ بعْدَها كَرِيَّا

أُمارِسُ الكَهْلَةَ والصَّبِيَّا

* والعَزَبَ المُنَفَّهَ الأُمِّيَّا*

* وقال* الأُمِّىّ ـ العَيِىُّ القليلُ الكلام والمُنَفَّه ـ الذى نَفَّهه السيرُ ـ أى أعياهُ ويكون النَّافِه المُعْيى في هَيْئَته ويقولون أحْمَقُ تاكٌّ وفاكٌّ فَتَاكٌّ من قولهم تَكَّ الشىءَ يَتُكُّه ـ اذا وطِئَه حتى شدَخَه ولا يكون ذلك الشىءُ الَّا لَيِّنا مثل الرُّطَب والبِطِّيخ وما أشبههُما والأحمقُ مُولَع بِوَطْءِ أمثالهما وفاكٌّ من الفَكَّة ـ وهو الضَّعْف قال الشاعر

الحَزْمُ والقُوّةُ خيْرٌ من الا

دْهانِ والفَكَّةِ والْهاعِ

* وقال ابن الاعرابى* شيخٌ تاكٌّ وفاكٌّ فمعناه أن الشيخَ لضَعْفِه اذا وطِئَ لم يقدِر أن يشْدَخ غير الشئ الليِّن وفاكٌّ ـ هَرِم وقد فَكَّ يَفُكُّ فَكًّا وفُكُوكا فهو فاكٌّ ويقال عَنْزٌ فاكَّةٌ ونَعْجة فاكَّة وقالوا تائِك في معنى تاكٍّ وفائِك في معنى فاكٍّ ويقولون سائِغٌ لائِغٌ وسيِّغ لَيِّغ فاللَّائِغ الذى لا يتبيَّنُ نُزُوله في الحلق من سُهُولته* وقال أبو عمرو* الألْيَغُ ـ الذى لا يُبين الكلامَ وامرأة لَيغاءُ فأصلها من لاغَ يَلِيغ ويقولون مائِقٌ دائِقٌ فالدائِقُ ـ الهالكُ حُمْقًا كذا قال أبو زيد فأما الدانِقُ بالنون ـ فالساقِطُ المَهْزولُ من الرجال كذا قال أبو عمرو وأنشد

إنّ ذَواتِ الدَّلِّ والبَخَانِق

قَتَلْنَ كلَّ وامِقٍ وعاشِقِ

٣٥

* حتَّى تَراه كالسَّليمِ الدانِق*

وقد صَرَّفوا من المائِق الدائِق فقالوا ماقَ وداقَ مَوَاقةً ودَوَاقةً ومُؤُوقا ودُؤُوقا ويقولون عَكٌّ أَكٌّ فالعَكُّ والَعْكة والعَكِيك ـ شِدَّة الحَرِّ والأَكُّ والأَكَّة ـ الحرُّ المحتدم ويقال يومٌ ذُو أَكٍّ والأكُّ أيضا ـ الضِّيقُ قال رؤبة

تَفَرَّجتْ أَكَّأتُه وغُمَمُه

عن مُسْتَنِير لا يُرَدُّ قَسَمُهْ

ويقال أَكَّه يَؤُكُّه أَكًّا ـ اذا زَحَمه والزِّحام ـ تَضْيِيق ويقولون كَزٌّ لَزٌّ واللَّزُّ ـ اللاصِقُ بالشىءِ من قولهم تَزَزْت الشىءَ بالشىءِ ـ اذا ألصَقْته به وقرَّبتَه اليه والعرَب تقول هو لِزَاز شَرٍّ ولَزِيز شر ولِزُّ شر ويقولون فَدْم لَدْم فالفَدْم ـ العَيِىُّ البَليدُ ويقال الجَبَانُ واللَّدْم ـ المَلْدُوم وهو المَلْطوم كما قالوا ماء سَكْب ـ أى مَسْكُوب ودِرْهَم ضَرْب ـ أى مَضْروب أُبْدلتِ الطاءُ دالاً لتَشاكُل الكلامِ ويقولُون رَغْمًا دَغْما شِنَّغْما فالدَّغْم والدُّغْمة ـ أن يكُونَ وجْهُ الدابَّةِ وحَجَافِلُها تَضْرِبُ الى السَّواد ويكُون وجْهُها مما يَلِى حَجَافِلَها أشدَّ سَوادا من سائر جَسَدِها فكأنه قال أرغَمَه اللهُ وسَوَّد وجْهَه ويمكن أن يكون الدَّغْم ـ الدخُولَ في الارض فيكونُ من قولهم أدغَمْت الحرْفَ فى الحَرْف وأدْغَمت اللِّجامَ في فَمِ الفرَس ويقولون فعلْت ذلك على رَغْمِه وشِنَّغْمه وقد رواه بعضهم في كتاب سيبويه سِنَّغْما وهو تصحيف ويقولون رُطَب ثَعْد مَعْد فالثَّعْد ـ اللَّيِّن والمَعْد ـ الكثيرُ اللحمِ الغلِيظُ وكان أبو بكر بن دريد يقُول اشتِقاقَ المَعِدة من هذا ويمكن أن يكون المَعْد المَمعُودَ ـ وهو المَنْزُوع المأخُوذ فأقيم المصدَرُ مُقام المفعول كما قالوا دِرْهم ضَرْبُ الأمير ـ أى مضْروبُ الأميرِ ويكون من قولهم مَعَدت الشىءَ ـ اذا نزَعته وقَلَعته ويقولون مَرَرْت بالرُّمْح وهو مَرْكوز فامتَعدْتُه فيكون معناه على هذا رُطَب لَيِّن أى مَنْزُوع من الشجرةِ لوقْتِه ويقولون أحمقُ بِلْغ مِلْغ* قال أبو زيد* البِلْغ ـ الذى لا يسقُط في كلامه كثيرا* وقال ابن الاعرابى* يقال بِلْغ وبَلْغ* قال أبو عبيدة* البَلْغ ـ البَلِيغ بفتح الباء* وقال غيره* البِلْغ والبَلْغ ـ الذى يبْلُغ ما يُرِيد من قولٍ أو فعلٍ والمِلْغ ـ الذى لا يُبالِى ما قال وما قِيلَ له كذا قال أبو زيد* قال أبو عبيدة* المِلْغ ـ الشاطِرُ وأبو مهدى الاعرابى هو الذى سمَّى عطاءً مِلْغًا ويقولون حَسَنٌ بَسَنٌ* ابن دريد* سألْت

٣٦

أبا حاتِم عن بَسَن فقال لا أَدْرِى ما هو ويقولون حَسَن قَسَنٌ ومن الاتباع قولُهم خَظًا بَظًا وبَظًا بمعنى خَظًا ـ وهو كثرة اللحم يقولُون بَظَا يَبْظُو ـ اذا كَثُر لحمُه فأما قول الرجل لأبى الأسود حَظِيَتْ وبَظِيَتْ فيمكن أن يكونَ من هذا أى زادَتْ عنده ويقولون أجمعُونَ أكْتَعُونَ فأكتَعُون بمعنى أجمعِينَ* وقال ابن دريد* كَتِع الرجُل ـ اذا انْقَبض وانضَمَّ* قال* ويقال كتِعَ كَتَعا ـ اذا شَمَّر في أمْره فيجوز أن يكونَ جاؤُا أجمعُون مشَمِّرين ويجوز أن يكونَ جاؤا أجمعونَ منْضَمِّين بعضُهم الى بعض ويقولون أجمعُونَ أبصَعُون فأبصَعُونَ من قولهم تَبَصَّع العرق ـ اذا سالَ ورَشَح وقد رُوِى عن أبى ذؤيب

* الَّا الحَمِيمَ فانَّه يَتبَصَّعُ*

أى يَسِيل سيَلانا لا ينقَطع فكأنه قال أجمعُونَ مُتتابِعُون لا ينقطع بعضُهم من بعضٍ كالشىءِ السائِل ويقولون ضَيِّق لَيِّق فاللَّيِّق ـ اللاصِقُ لما تضَمَّنه من ضِيقه مأخُوذ من قولهم لاقَتِ الدَّواة ـ اذا التَصَفَت ولاقَتِ المرأة عِنْد زوجها ـ اذا لَصِفتْ بقَلْبه* قال الاصمعى* ولا أعْرِف ضَيِّق عَيِّق فان كان قيل ضَيِّق عَبِّقٌ فهو صواب لأنهم يقولُون ما لاقَتِ المرأةُ عِنْد زوجها ولا عاقَتْ ـ أى لم تَلْتَصِق بقلبه ويقال عِفْرِيتٌ نِفْرِيتٌ وعِفْرِيَة نِفْرِيَة فعِفْريت فِعْليت من العِفْر ـ يُريدونَ به شدِيدَ العَفَارة ويمكن أن يكون عِفْرِيت فِعْلِيتا من العَفَر ـ وهو التراب كأنَّه شديدُ التَّعْفِير لغيره ـ أى التَّمْرِيغ ونِفْرِيت فِعْليت من النُّفُور يمكن أن يكون أرادُوا شديدَ النُّفُور ويمكن أن يكون أرادوا شديدَ التَّنْفِير لغيره ويقال إنَّه لَمِعْفَتٌ مِلْفَت فالمِعْفَتُ ـ الذى يَعْفِتُ الشىءَ ـ أى يَدُقُّه ويَكْسِره يقال عَفَتَ عَظْمَه ـ اذا كَسَره والمِلْفت مثلُه في المعنى يقال لَفَت عظمَه ـ اذا كسَره ويجوز أن يكُونَ المِلْفَتُ الذى يَلْفِتُ الشىءَ ـ أى يَلْوِيه يقال لَفَتُّ رِدَائى على عُنُقِى وأنشد ابنُ دريد

* أَسْرَع مِن لَفْتِ رِداءِ المُرْتَدِى*

ويقال لَفَتُّ الشىءَ ـ اذا عَصَدْته وكل مَعْصُود مَلْفُوت ومنه اللَّفِيتةُ ـ وهى العَصِيدة والعَصْدُ ـ اللَّىُّ ويقال عِفِتَّانٌ صِفِتَّانٌ وعِفِّتَانٌ صِفِّتَان فالصِّفِتَّان ـ

٣٧

القوِىُّ الشديدُ وهو أيضا اللَّوَّاء والعِفِتَّان ـ الشدِيدُ الكسْر فكأنَّه كَسَّار لَوَّاء ويقولون سِبَحْل رِبَحْل والسِّبَحْل ـ الضَّخْم ويقال سِقَاء سَحْبَل وسِبَحْل وسَبَحْلَلٌ* قال الاصمعى* ونَعَتَتِ امرأةٌ من العرب ابنَتها فقالت سِبَحْلةٌ رِبَحْله تَنْمِى نَباتَ النَّخْله* وقال أبو زيد* الرِّبَحْلة ـ العظيمةُ الجَيِّدة الخَلْق في طُول وقيل لِابْنةِ الخُسِّ أىُّ الابِلِ خَيْرٌ فقالت الْعَيْلَمُ السِّبَحْل الرِّبَحْل الرَّاحِلة الفَحْل والرِّبَحْل مثلُ السِّبَحْل في المعنى ومنه قول عبد المُطَّلِب لسَيْفٍ ومَلِكًا رِبَحْلا يُعْطِى عَطاءً جَزْلا يريدُ مَلِكا عَظِيما ويقولون في صِفة الذئب سَمَلَّع هَمَلَّع ـ فالهَمَلَّع ـ السرِيعُ وكذلك السَمَلَّع قال الراجز

مِثْلِىَ لا يُحْسِنُ مَشْيا فَعْفَعِى

والشاةُ لا تَمْشِى على الهَمَلَّع

تَمْشِى ـ تَنْمِى والفَعْفَعَة ـ زَجْر من زَجْر الغنَم ويقولون هو لك أبَدا سَمَدا سَرْمَدا ومعناها كلِّها واحدٌ ويقال لا بارَكَ اللهُ فيه ولا تَارَكَ ولا دَارَكَ* ابن دريد* وهذا مما لا يُفْرَد* أبو عبيد* وقالوا لا دَرَيْتَ ولا ائْتَلَيت ولا أَلَيْت مثال فعلت* ابن السكيت* ولا أَتْلَيتَ يدعُو عليه بان لا تُتْلِى إبلُه ـ أى لا يكُون لها أولادٌ ويقال مكانٌ عَمِير بَجِير من العِمَارة وفلانٌ يَحُفُّنا ويَرُفُّنا ـ أى يُعْطِينا ويَمِيرُنا ويقال هو سَهْدٌ مَهْد ـ أى حسَنٌ وما به حَبَضٌ ولا نَبَض ـ أى ما يتحَرَّك وجاء بالمالِ من حَسِّه وبَسِّه وعَسِّه وحِسِّه وبِسِّه ويقال ذهبَتْ تميمٌ فلا تُسْهَى ولا تُنْهَى ويقال ولا تُنْعَى ـ أى لا تُذْكَر ويقال له عَيْنٌ حَدْرة بَدْرة ـ أى عظيمة وثِقَةٌ نِقَة وكِنٌّ لِنٌّ وخائِبٌ هائِبٌ وهو مما لا يُفرَد وماله عالٌ ولا مالٌ وقال جِئْ به من عِيصِك وإيصِك وجِنْثِك وجِنْسك وقِنْسِك ـ أى جِئْ به من حيثُ كان وإنه لأَصيص كَصيصِ ـ أى متَقَبِّض* ابن دريد* جِئْ به من حَوْثَ بَوْثَ وحَوْثُ بَوْثُ ـ أى من حيث كان ولم يكن وقد باثَ الشىءَ بَوْثا ـ بحثَه ومالَهُ تُلَّ وغُلَّ ـ تدعُو عليه* غيره* أجمَعُ أكْتَعُ وجَمْعاءُ كَتْعاءُ ورأيت المالَ جمْعًا كَتْعا وقد قيل أكتَعُ كأجمَعَ وسأبيِّن تعليلَ هذا الضرْبِ عند تحديد الأسْوار من هذا الكتاب ان شاء اللهُ تعالى* وقال* واحِدٌ قاحِدٌ إتباع* ابن دريد* رجل شَغِبٌ جَغِبٌ إتباع لا يُتكَلَّم به مُفْرَدا

٣٨

باب ما أُعرِب من الأسماء الاعجمِية

اعلم أنه قال سيبويه اعلم أنهم مما يُغَيِّرونَ من الحُرُوف الأعجمِيَّة ما ليس من حُرُوفهم البَتَّةَ فرُبَّما ألحقُوه بِبنَاء كلامِهم وربما لم يُلْحِقُوه فأما ما ألحقُوه ببِناء كلامِهم فَدِرْهم ألحقُوه بِبِناء هِجْرَعِ وبَهْرَجٌ ألحقُوه بِسَلْهَب ودِينارٌ ألحقُوه بِدِيمَاس ودِيباجٌ ألحقُوه بذلك وقالوا إسْحاقُ ألحقُوه بِاعْصار ويعقُوبُ ألحقُوه بِيَرْبُوع وجَوْرَبٌ ألحقُوه بِفَوْعَل وقالوا آجُور فألحقُوه بعاقُولٍ وقالوا شُبَارِقٌ فألحقُوه بعُذافِر ورُسْتاقٌ ألحقُوه بقُرْطاسٍ لما أرادوا أن يُعْرِبُوه ألحقُوه ببناءِ كلامِهم كما يُلْحِقُون الحُروفَ بحروف العربيَّة وربما غَيَّروا حالَه عن حالِه في الاعجمِيَّة مع إلحاقِهم بالعربيَّة غيرَ الحُروف العربيَّة فأبدلُوا مكانَ الحَرْف الذى هو للعَرَب عربيًّا غَيْرَهُ وغيَّرُوا الحركةَ وأبدلوا مكانَ الزِّيادةِ ولا يبلُغُون به بناءَ كلامِهم لأنه أعجمىُّ الاصلِ فلا تبلغ قُوَّتُه عندهم أن يبلغ بناءَهم وإنما دعاهم الى ذلك أنّ الاعجميَّة يُغيِّرها دخولُها العربيَّةَ بابدال حروفِها فحملهم هذا التغييرُ على أن أبدلُوا وغَيَّرُوا الحركةَ كما يغيِّرُون في الاضافة اذا قالوا هَنَئِىٌّ نحو زبَانِىٌّ وثَقَفِىٌّ وربما حذفوا كما يحذِفون في الاضافة ويَزيدون كما يَزيدون فيما يَبْلُغون به البناءَ وما لا يَبْلُغون به بناءَهم وذلك نحو آجُرٍّ وإبْرَيْسَم وإسمعِيلَ وسراوِيلَ وفَيْرُوز والقَهْرمانِ فقد فعلوا ذلك بما أُلحق ببنائهم وما لم يُلْحق من التغيِير والابدال والزيادة والحذفِ لما يلزمه من التغيير وربما تركُوا الاسمَ على حاله اذا كانت حُروفُه من حُروفهم كان على بنائِهم أو لم يكن نحو خُراسانَ وخُرَّم والكُرْكُم وربما غَيَّرُوا الحرف الذى ليس من حُروفهم ولم يغيروه عن بنائهِ في الفارسيَّة نحو فِرِنْد وبَقَّم وآجُرٍّ وجُرْبُز

هذا باب اطِّراد الابدالِ في الفارسيَّة

* قال سيبويه* يبدلون من الحرف الذى بين الكاف والجيم الجيمَ لقُرْبِها منها ولم يكن من إبدالها بُدٌّ لأنها ليست من حُروفهم وذلك نحو الجُرْبُز والآجُرِّ والجَوْرَب وربما أبدلُوا القافَ لأنها قريبةٌ أيضا قال بعضهم قُرْبُز وقالوا قُرْبُق ويبدِلون مكانَ آخِر الحرْف الذى لا يثبتُ في كلامهم الجيمَ وذلك نحو كُوسَه ومُوزَه لأن هذه

٣٩

الحروف تُبدَل وتحدَف في كلام الفُرْس هَمزةً مرةً وياءً مرةً أُخْرَى فلما كان هذا الآخر لا يُشْبِه آخِرَ كلامهم صار بمنزلة حَرْف ليس من حُرُوفهم وأبدلوا الجِيمَ لأن الجيم قريبةٌ من الياءِ وهى من حُرُوف البَدَل والهاء قد تُشْبه الياءَ ولأن الياءَ أيضا قد تقَع آخرةً فلما كان كذلك أبدَلُوا منها كما أبدَلُوها من الكَافِ وجَعلوا الجيمَ أوْلى لأنها قد أُبْدلت من الحرف الأعجمى الذى بين الكاف والجيم فكانوا عليها أمْضَى وربما أُدْخِلت القافُ عليها كما أُدْخِلت عليها في الاول فأَشْرِك بينهما وقال بعضهم كَوْسَق وقالوا كُرْبَق وقُرْبَقٌ وقالوا كِيلقَة ويُبْدِلُون من الحرف الذى بين الفاءِ والباءِ الفاءَ نحو الفِرِنْد والفُنْدُق وربما أبْدلُوا الباءَ لانهما قريبتانِ جميعا قال بعضهم بِرِنْد فالبدَل مُطَّرد في كل حرف ليس من حُرُوفهم يُبْدَل منه ما قَرُب منه من حروف الأعجمِيَّة ومثلُ ذلك تغييرُهم الحركةَ التى في زَوْرْ وآشُوب فيقُولون زُورٌ وأَشُوبٌ ـ وهو التخليطُ لأن هذا ليس من كلامهم وأما ما لا يطَّرِد فيه البدَلُ فالحرفُ الذى هو من حُرُوف العربِ نحو سِينِ سَراوِيلَ وعيْنِ إسمعيل أبدلُوا للتغيير الذى قد لَزِم فغيَّروه لما ذكرتُ من التشبيه بالاضافة وأبدلوا من السين نحوَها في الهَمْس والانسِلالِ من بين الثَّنايا وأبدلوا من الهمزة العَينَ لأنها أشبه الحروف بالهمزة وقالوا قَفْشَلِيل فأتْبعُوا الآخِر الاوّلَ لقُرْبه في العدد لا في المُخْرَج فهذه حال الأعجميَّة فعلى هذا فوجِّهه إن شاء الله فهذه قوانِينُ الفارسِيَّة في تَصْرِيف التعرِيب من الزيادة والنُّقْصان والابدالِ وأذكر الألفاظ التى داخلَتْ كلامَ العرب من كلام فارِس وغيرها* أبو عبيد* مما دَخَل في كلام العَرَب من كلام فارِس المِسْحُ تسمِّيه العَربُ البِلَاس وجمعه بُلُس والأَكارِعُ عند العرب هى البالِغَاء ممدودٌ هى بالفارسية پايها ـ يعنى الأرجُل والمُقَمْجِرُ مثال مُقَرْمِد ـ القَوَّاس وهو بالفارسية كمانْكَر وأنشد للاخزر

* مِثْل القِسِىِّ عاجَها المُقَمْجِرُ*

* ابن دريد* القَمْجرة ـ إصلاحُ القِسِىِّ فارسى والقَمَنْجر ـ القَوَّاس* أبو عبيد* ومن هذا قول الاعشى

وبَيداءَ تَحْسِب آرامَها

رِجالَ إيَادٍ بأجْيادِهَا

٤٠