المخصّص - ج ١٣

أبي الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي [ ابن سيده ]

المخصّص - ج ١٣

المؤلف:

أبي الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي [ ابن سيده ]


الموضوع : اللغة والبلاغة
المطبعة: المطبعة الاميرية
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩٤

الْإِثْمِ) وكَبِيرَ الاثْم* قال أبو على* حُجَّةُ الجمع قولهُ تعالى (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ) يراد بها تلك الكبائرُ المجموعةُ التى يُكَفَّرُ باجتنابها السيئاتُ التى هى الصغائر ويُقَوِّى الجمعَ أن المراد هو اجْتنابُ تلك الكبائرِ المجموعةِ في قوله (كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ) واذا أُفْرِدَ جاز أن يكون المرادُ واحدًا وليس المعنى على الافْراد وانما المعنى على الجمع .... (١) بما أفرد فانه يجوز أن يريد الجمعَ وان جاز أن يكون واحدا في اللفظ وقد جاءت الآحادُ في الاضافة يراد بها الجمع كقوله عزوجل (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها) وفي الحديث «مَنَعَتِ العِراقُ قَفِيزَها ودِرْهمَها» * الاصمعى* الوَكَفُ ـ الاثْمُ وقيل العَيْبُ وما في هذا الامْرِ وكَفٌ ـ أى عَيْبٌ* صاحب العين* أَصَرَّ على الذَّنْب ـ اذا لم يُقْلع عنه وقال رَانَ الذَّنْبُ على قَلْبه رَيْنًا ورُيُونًا ـ غَطَّاه وكُلُّ ما غَطَّى شيأ فقد رانَ عليه ومنه رانَتْ عليه الخَمْرُ ـ غَلَبَتْه* صاحب العين* عاقَبَهُ بذَنْبه مُعاقبةً وعِقَابًا ـ آخَذَه به والاسمُ العُقُوبة وقال احْذَرْ عَقْبَ اللهِ وعُقْبَه وعِقَابَهُ ـ أى عُقُوبتَه والعُقْبُ العاقبةُ وكذلك العُقْبَى والعُقْبانُ ومنه العُقْبَى الى اللهِ ـ أى المَرجِعُ* أبو عبيد* تَعَقَّبْتُ الرجلَ واعْتَقَبْتُه ـ آخَذْتُه بذَنْبٍ كان منه

الاعتذار

العُذْرُ ـ ما أَدْلَيْتَ به من حُجَّة تَذْهَبُ بها الى إسقاط المَلامة وهى الاعْذَارُ عَذَرْتُه أَعْذِرُه عُذْرًا ومَعْذِرة ومَعْذَرة بالفتح حكاها سيبويه قال فتحوا على القياس والاسم المَعْذُرة عنه أيضا وعِذْرةً وعُذْرَى وأَعْذَرْتُه قال الاخطل

فانْ تَكُ حَرْبُ ابْنَىْ نِزَارٍ تَواضَعَتْ

فقد أعْذَرَتْنا في كِلَابٍ وفي كَعْبِ

وقد اعْتَذَر اليه وعَذَرْتُه من فلانٍ ـ أى لُمْتُ فُلانًا ولم أَلُمْهُ والعَذِيرُ المَعْذِرةُ والجمعُ عُدُرٌ وعُذِيرِى من فلانٍ أى هَلُمَّ مَعْذِرَتَكَ إِيَّاىَ منه وعَذَّرَ الرجلُ ـ قَصَّرَ عُذْرُه وأَعْذَرَ ـ ثَبَتَ عُذْرُه وعَذَّرَ في حاجتِه ـ لم يُبالغ فيها وأَظْهَر المبالغة وأعْذَرَ ـ بالَغَ وقرئت «(وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ) والمُعْذِرُونَ» ف (الْمُعَذِّرُونَ) الذين لا عُذْرَ لهم والمُعْذِرُون ذَوُ والاعْذار (٢) وقرأ بعضُهم المُعِذِّرُونَ على الادغام والتحريك لالتقاء الساكنين

__________________

(١) بياض بأصله

(٢) قوله وقرأ بعضهم الخ الذى في البيضاوى وغيره ويجوز كسر العين لالتقاء الساكنين وضمها للاتباع ولم يقرأ بهما أحد وفي اللسان نقلا عن التهذيب من كسر العين فلا لتقاء الساكنين ولم يقرأ بهذا فانظر قول المخصص وقرأ بعضهم اه مصححه

٨١

والعَذِيرُ ـ ما يُحاوِلُه الانسانُ ويَلْزمه والْعَذِيرُ أيضا الحالُ منه وكل ما يُعْذَرُ عليه عذِيرٌ والجمع عُذُرٌ وأنشد

* وقد أَعْذَرَتْنِى في طِلَابِكُمُ العُذْرُ*

احْتاجَ الى تَخْفيفه هذا قول أبى عبيد وهو خطأ بل التخفيف جاء على اللغة التميمية وأعْذَرَ اليه ـ قَدَّم اليه عُذْرَه وفي المثل «قد أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَر» والاعْتِرافُ الاقْرارُ بالذنب والخُضُوعُ وفي التنزيل (فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ) * ثعلب* عَرَّفَه بِذَنْبِه فاعْتَرَفَ* صاحب العين* تَنَصَّلْتُ اليه من الذَّنْبِ تَبَرَّأْتُ وقال أَبْلَيْتُه عُذْرًا ـ أَدَّيْتُه اليه فَقَبِلَه وكذلك أَبْلَيْتُه جُهْدِى

العفو والعقاب

عَفَوْتُ عن ذَنْبه عَفْوًا وفلانٌ عَفُوٌّ عن الذنب والاسْتِعْفاءُ ـ طَلَبُ العَفْوِ وأَعْفَيْتُه من الامر ـ بَرَأْتُه منه والاسْتعْفاءُ طَلَبُ ذلك* صاحب العين* حَطَّ اللهُ وِزْرَهُ يَحُطُّه حَطًّا ـ وَضَعَه والاسمُ الحِطِّيطَى والحِطَّةُ وفي التنزيل (وَقُولُوا حِطَّةٌ) انما أُمِرُوا بقَوْلِها لِتُحَطَّ بها ذنوبُهم واسْتَحْطَطْتُه ـ سألتُه الحَطَّ وكلُّ ما وَضَعْتَه فقد حَطَطْتَه وانْحَطَّ هو ومنه الحَطُوطُ الذى هو ضد الصَّعُودِ والفِعْلُ كالفعل متعدّيه ولازمه* صاحب العين* صَفَحْتُ عنه أَصْفَحُ صَفْحًا ـ عَفَوْتُ ورجلٌ صَفُوح وصَفَّاحٌ* ابن جنى* اسْتَصْفَحْتُه ذَنْبِى ـ اسْتَغْفَرْتُه إياه والاسْجَاحُ ـ حُسْنُ العَفْو تقول العرب مَلَكْتَ فأَسْجَحْ* قال أبو على* وحقيقتُه التسهيلُ وقد تقدم ما يُؤْنِسُ بذلك من قولهم خَدٌّ أَسْجَحٌ ومِشْيةٌ سُجُحٌ* صاحب العين* تَمْحِيصُ الذنوب ـ تطهيرُها* ابن السكيت* تَجَوَّزْتُ عنه وتَجاوَزْتُ* غيره* غَمَّضْتُ عنه كذلك وقال تَغَمَّدَه اللهُ برحمةٍ منه ـ غَمَرَه فيها* أبو زيد* ومنه تَغَمَّدْتُ الرجلَ ـ اذا أَخَذْتَهُ بِخَتْلٍ حتى تُغَطِّيَهُ* صاحب العين* غَفَرَ ذَنْبَه يَغْفِرُه غَفْرًا وغُفْرانًا ومَغْفِرةً وغَفِيراً وغَفِيرةً واسْتَغْفَرْتُه ذَنْبِى وهما يَتغَافَرانِ ـ أى يَدْعُو كُلُّ واحد منهما لصاحبه بالمَغْفِرة* أبو عبيد* العِقَابُ ـ الاخْذُ بالذنب وقد عاقبتُه وتَعَقَّبْتُه والاسم العُقُوبة* الاصمعى* النِّقْمَةُ والنَّقِمَةُ ـ المُكافَأةُ

٨٢

بالعُقوبة والجمعُ نِقَمٌ ونَقِمٌ وقد نَقَمْتُ منه أَنْقِمُ* غيره* نَقِمَ يَنْقَمُ وانْتَقَم* الاصمعى* آخَذْتُه بذنبه ووَاخَذْتُه ـ عاقَبْتُه

التنسك وذكر أعمال البر

* صاحب العين* الشَّريعةُ والشِّرْعةُ ـ ما سنَّ اللهُ من الدِّينِ وأَمَرَ بالتَّمَسُّكِ به كالصَّلاةِ والصَّوْم والحج وقد شَرَعَها يَشْرَعُها شَرْعًا

الايمان

التصديقُ وقد آمَنَ وَزْنُه أفْعَلَ ولا يكون فاعَلَ* قال القارسى* لا تَخْلُو الالفُ في آمَنَ من أن تكون زائدة أو مُنْقَلِبةً وليس في القِسْمة أن تكونَ أَصْلاً فلا يجوز أن تكُونَ زائدةً لانها لو كانت كذلك لكانت فاعَلَ ولو كان فاعَلَ لكان مضارعُهُ يُفاعِلُ مثل يُقاتِل ويُضارب في مضارع ضَارَب وقاتَل فلما كان مضارعُ آمَنَ يُؤْمِنُ دل ذلك على أنها غير زائدة واذا لم تكن زائدة كانت منقلبة واذا كانت منقلبة لم يَخْلُ انقلابُها من أن يكون عن الياء أو عن الواو أو عن الهمزة فلا يجوز أن تكون منقلبة عن الواو لانها في موضع سكون واذا كانت في موضع سُكون وجب تصحيحُها ولم يجز انقلابُها وبمِثْل هذه الدلالة لا يجوز أن تكون منقلبة عن الياء فاذا لم يجز انقلابها عن الواو ولا عن الياء ثبت أنها منقلبة عن الهمزة وانما انقلبت عنها ألفا لوقوعها ساكنة بعد حرف مفتوح فكما أنها اذا خففت في راس وفاسٍ وياسٍ انقلبت ألفا لسكونها وانفتاح ما قبلها كذلك قلبت فى نحو آمَنَ وآجَرَو آتَى وفي الاسماء نحو آدَر وآخَر وآدَم الا أنَّ الانْقِلابَ ههنا لزمها لاجتماع الهمزتين والهمزتان اذا اجتمعتا في كلمة لزم الثانيةً منهما القلبُ بحسب الحركة التى قبلها اذا كانت ساكنة نحو آمَنَ أُوتُمِنَ إيذَنْ إيتِمانًا* صاحب العين* الاحْتِسَابُ ـ طَلَبُ الاجْرِ والاسمُ الحِسْبَةُ* ابن السكيت* احْتَسَبَ فلانٌ بَنِينَ ـ اذا ماتُوا له كِبارًا واحْتَسَبَ الاجْرَ بصَبْره* أبو عبيد* المَسِيحُ ـ الصِّدِّيق وبه سُمِّى عيسى بنُ مَرْيَم وقد تقدم وُجُوهُ الاختلافِ في ذلك* أبو زيد* القارِيةُ ـ الصالحونَ من الناس* أبو عبيد* وفي الحديث «الناسُ قَوَارِى اللهِ في

٨٣

الارضِ» أى شُهَدَاؤُه أُخِذَ مِنْ أنهم يَقْرُونَ الناسَ أى يَتَتَبَّعُونهم فينظرون الى أعمالهم

الرشد والهداية

* صاحب العين* الرُّشْدُ والرَّشَدُ والرَّشادُ ـ نَقِيضُ الغَىِّ وقد رَشَدَ يَرْشُد رُشْدًا ورَشِدَ رَشَدًا ورَشادًا فهو راشِدٌ ورَشِيدٌ وأَرْشدْتُه الى الامْرِ ورَشَّدْتُه واسْتَرْشَدْتُه ـ طلبتُ منه الرُّشْدَ* أبو زيد* الرَّشَدَى اسم للرَّشادِ

الوضوء

* أبو عبيد* التَّوَضُّؤُ ـ التَّنَظُّفُ وقد تَوَضَّأْتُ وَضُوءًا حَسَنًا وحَكَى غيرُه الوُضُوءَ بالضم* قال ابنُ الكَلْبىّ* الوَضُوءُ الاسمُ والوُضُوءُ المصدرُ وقيل الوَضُوءُ الفِعْلُ والوُضُوءُ الماءُ الذى يُتَوَضَّأَ به على مثال وَقَدَتِ النارُ وَقُودًا عالِيًا والوُقُود بالضم الحَطَبُ* ابن الكلبى* واشتقوا من الوَضُوءِ اسما للوَضِىءِ فقالوا وَضِىءٌ بَيِّنُ الوَضاءةِ وقد وَضُؤَ* صاحب العين* المِيضَأَة ـ المِطْهَرةُ التى يُتَوَضَّأ فيها ومنها* أبو عبيد* تَطَهَّرْتُ طَهُورًا كتَوَضَّأْتُ وَضُوءًا والطُّهْر الاسمُ فأما الطَّهارة فمصدرُ قولهم طَهُرَ وطَهَرَ والطَّهُورُ قد يكونُ المَصْدَرَ كما تقدم ويكون الوَصْفَ قالوا ماء طَهُورٌ بمعنى طاهرٍ كما قالوا قَتُولٌ بمعنى قاتِلٍ وقالوا تَطَهَّرَ واطَّهَر واطَّاهَرَ مُدْغَم عن تَطَاهَرَ كادّارَكَ مُدْغم عن تَدارَكَ وقيل الطَّهُورُ والوَضُوءُ اسم الماءِ كالغَسُول والقَرُورِ فالغَسُولُ الماءُ الذى يُغْتَسَلُ به أيا كانَ والفَرُورُ الماءُ الذى يُتَقَرَّرُ به أى يُتَبَرَّدُ* أبو حاتم* المَطْهَرةُ ـ البيتُ الذى يُتَطَهَّر فيه والمِطْهَرةُ وِعاءُ الماءِ الذى يُتَطَهَّر به* صاحب العين* الطُّهارةُ ـ فَضْلُ ما تُطُهِّرَ به* ابن السكيت* غَسَلَه غَسْلاً والغُسْلُ الاسم وقيل ما يُغْتَسَلُ به والتميم في الوضوء أصلُه من الأَمِّ وهو القَصْدُ يقال تَأَمَّمْتُ وتَيَمَّمْتُ* أبو عبيد* تَمَسَّحْتُ بالتُّراب ـ تَيمَّمْتُ

الاذان

الأذانُ ـ الاشعارُ بوقتِ الصلاةِ* سيبويه* أَذَّنْتُ وآذَنْتُ من العرب من يجعلهما

٨٤

بمعنى ومنهم من يقول أَذَّنْتُ لِلنّداءِ والتصويتِ باعلانٍ وآذَنْتُ أعْلَمْتُ* الاصمعى* التَّثْوِيبُ ـ تَرْجِيعُ الأذان* ابن السكيت* زَعْقةُ المُؤذِّن ـ صوتُه

الصلاة

قد أكْثَر الناسُ في شرحها والتعبير عنها وأنا أُورِدُ في ذلك أحسنَ ما سَقَطَ الىَّ من لَفْظِ الشيخ أبى علىّ الفارسى قال الصلاةُ في اللغةِ الدُّعاءُ قال الاعشى في الخَمْر

وقَابَلَها الرِّيحُ في كِنِّها

وصَلَّى على دَنِّها وارْتَسَمْ

فكانَّ معنى قوله جَلَّ وعز (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) وادْعُ لهم فانَّ دُعاءَك لهم تَسْكُنُ اليه نفوسُهم وتَطِيبُ به فأما قولُهم صَلَّى اللهُ على رسوله وعلى ملائكَته فلا يقال فيه انه دُعاء لهم من الله كما لا يقال في نحو وَيْلٌ للمكذِّبين انه دعاء عليهم ولكن المعنى فيه أن هؤلاء ممن يستحق عندكم أن يقال فيهم هذا النحوُ من الكلام وكذلك قوله تعالى (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ) فيمن ضم التاء وهذا مذهب سيبويه واذا كانت الصلاةُ مصدرا وقَعَ على الجميع والمفرد على لفظ واحد كقوله (لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) فاذا اختلف جاز أن يجمع لاختلاف ضروبه كما قال جل وعز (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ) ومما جاء به الصلاةُ مفردا يراد به الجمعُ قولُه تعالى (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً) وقولُه (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) فالزكاة في هذا كالصلاة وكانَّ المفروضَ والمُتَنَفَّلَ بها سميت صلاةً لما فيها من الدعاء الا أنه اسم شَرْعِىٌّ فلا يكون الدعاءَ على الانفرادِ حتى تَنْضَمَّ اليها خِلَالٌ اخَرُ جاء بها الشرع كما أن الحَجَّ القَصْدُ في اللغة فاذا أُرِيدَ به النُّسُكُ لم يتم بالقَصْد وحده دون خصال أُخر تنضم الى القَصْد كما أن الاعتكاف لُبْثٌ وإقامة والشرعىُّ ينضم اليه معنى آخرُ وكذلك الصومُ وحَسَّنَ ذلك جَمْعَها حيث جُمِعَتْ لانها صارت في التسمية بها وكثرة الاستعمال لها كالخارجة من حكم المصادر واذا جُمِعَتِ المصادرُ نحوُ قوله (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ) فانْ يُجْمَعَ ما صار بالتسمية كالخارج عن حكم المصادر أَجْدَرُ ألا ترى أن سيبويه جعل دَرًّا من قولك لِلَّهِ دَرُّكَ بمنزلةِ للهِ بِلَادُكَ وجَعَله خارجا عن حكم المصادر فلم يُعْمِله إعمالَها مع أنه لم يُخَصَّ بالتسمية به شئٌ وجَعَله بكثرة الاستعمال خارجا عن حكم المصادر ولم يُجِزْ أن يُضِيف دَرّ الى اليوم من قوله

٨٥

* لله دَرُّ اليومَ مَنْ لَامَها*

على حد قوله (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) فهذا قولُ من جَمَع في نحو قوله (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) فان قلتَ فهلا جعل بمنزلة دَرّ فلم يجز فيه الا الافراء الا أن تختلف ضُروبُه كما لم يجز في دَرٍّ الاعمالُ قيل ليس كل شئ كثر استعماله يغير عن أحوال نظائره فلم تُغَيَّر الصلاةُ عما كانت عليه في الاصل من كونها مصدرا وان كان قد سمى به لانه وان كان قد انضم الى الدعاء غيره لم يخرج من أن يكون الدعاء مرادا بها ومثل ذلك من كلامهم قولُهم أرأيتَ زيدا ما فَعَل فلم يُخْرجْه عما كان عليه دخولُ معنى فالتسمية به مما يُقَوِّى الجمعَ فيه اذا عُنِى به الركعاتُ لانها جارية مجرى الاسماء والافرادُ له في نحو (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ) يُجَوِّزه أنه في الاصل مصدر فلم يُغَيَّرْ عما كان عليه في الاصل ومن أفرد فيما يراد به الركعات كان جوازه على ضربين أحدهما على أنه في الاصل مصدر من جنس المصادر لانها أجناس مما يفرد في موضع الجميع الا أن تختلف فتجمع من أجل اختلافها والآخَرُ أنَّ الواحدَ قد يقع في موضع الجمع كقوله (يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) وقوله

* قَدْ عَضَّ أعْناقَهُمْ جِلدُ الجَوامِيسِ*

* صاحب العين* قد يكون التسبيح بمعنى الصلاة وفي التنزيل (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) أى المُصَلِّين قَبْلَ ذلك وأنشد

* وسَبِّحْ على حِينِ العَشِيَّةِ والضُّحَى*

أى صَلِّ بالصَّباح والمَساء وهو معنى قوله عزوجل (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) وقيل السُّبْحةُ ـ الدعاءُ وصلاةُ التَّطَوُّع وسيأتى ذِكْرُ سبحان الله بمعناه وتعليلِه وافتتاحُ الصلاة التكبيرةُ الاولى وفَواتحُ السُّوَرِ أوائلُها منه وفاتحةُ القرآنِ الحَمْدُ وقال التَّثْوِيبُ ـ الدعاءُ للصلاة وغيرها وأصلُه أن الرَّجُلَ اذا جاء مُسْتَصْرِخًا لَوَّحَ بثَوْبِه فكان ذلك كالدُّعاءِ* ابن السكيت* هى صلاةُ الوِتْرِ* صاحب العين* وقد أَوْتَرْتُ ـ صَلَّيْتُ الوِتْرَ* أبو عبيد* أحرمتُ بالصلاة وأحرمتُ فيها وأحرمتُها والاحرامُ عَقْدُها ودخولُها الاسمُ والمصدرُ في ذلك سواءٌ وقد قيل الاحرامُ المصدرُ والحُرْمُ الاسمُ* قال أبو على* الاحْرامُ الاسمُ والمصدرُ* أبو عبيد*

٨٦

حَرُمَتِ الصلاةُ على المرأة حُرْمًا وحُرُمًا لغتان وحَرِمَتْ عليها حَرَمًا وحَرَامًا والهَيْنَمةُ ـ القراءةُ في الصلاة بالسر والجَهْر وقد تقدم أنها الاصواتُ المختلطةُ فاما القَنْتُ والقُنُوتُ فقد قيل هو القراءةُ فيها وقيل الدعاءُ وقيل إطالَتُها* صاحب العين* القُنُوتُ ـ الطاعةُ لله تعالى وقيل هو الامساكُ عن الكلام والخشوع ومنه قَنَتَتِ المرأةُ لبَعْلِها انقادتْ والاقْناتُ الانْقِيادُ قَنَتَ يَقْنُتُ قُنُوتًا* صاحب العين* أَقْنَعَ الرجلُ يَدَيْهِ في القُنُوت ـ مَدَّهما واسْتَرْحَمَ رَبَّهُ وقال صَلَّينا أعْقَابَ الفريضةِ وهو اذا صَلَّى عَقِبَ الظهر وهو واحدُ الاعْقابِ وقال نَحَرَ الرجلُ في الصلاةِ يَنْحَرُ اذا انتصبَ ونَهَدَ صَدْرُه وقولهُ تعالى (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قيل معناه وانْحَرِ البُدْنَ وقيل هو وَضْعُ اليمينِ على الشِّمالِ في الصلاةِ* ابن دريد* رَكَعَ يَرْكَعُ رَكْعًا ورُكُوعًا فهو راكع والرَّاكِعُ ـ الذى يَكْبُو على وَجْهه ومنه الركوع في الصلاة قال الشاعر

وأَفْلَتَ حاجبٌ فَوْتَ العَوالِى

على شَقَّاءَ تَرْكَعُ في الظِّرابِ

والرُّكْعةُ ـ الهُوَّةُ في الارض لغةٌ يَمانية* صاحب العين* كُلُّ قَوْمةٍ من الصلاة ركعةٌ وكُلُّ شئ يَنْكَبُّ لوَجْهِه فَتَمَسُّ رُكْبَتُه الارضَ أولا تَمَسُّ بعد أن يُطَأْطِئَ رأسَه فهو راكعٌ قال لبيد

أُخَبِّرُ أَخْبارَ القُرونِ التى مَضَتْ

أَدِبُّ كَانِّى كُلَّما قُمْتُ راكعُ

والجمعُ رُكَّع ورُكُوع ورَكَعَ الشيخُ ـ انْحَنَى* أبو عبيد* التَّحْنِيَةُ ـ وَضْعُ اليدين على الركبتين والارضِ في الصلاة* صاحب العين* الساجدُ ـ المُنْتَصِبُ* أبو عبيد* حقيقةُ السجودِ الخُضُوعُ سَجَدَ يَسْجُدُ سُجودًا ـ اذا وَضَعَ جَبْهَتَه بالارض وأَسْجَدَ البعيرُ طَأطَأ رأسَهُ وانْحَنَى وأنشد

* وقُلْنَ له أَسْجِدْ لِلَيْلَى فأَسْجَدَا*

وجمعُ الساجدِ سُجودُ* قال الفارسى* واذا حُقِّرَ رُدَّ الى واحدِه كما يُفْعَلُ بالقُعودِ والبُكِىِّ جمع قاعدٍ وباكٍ وأما المَسْجِدُ فانه أحد الحروف الشاذة التى جاءت من فَعَلَ يَفْعُل على مَفْعِلٍ وهذا اذا عُنِىَ الموضعُ الذى يُسْجَدُ فيه فأما من جَعَله اسما للبيت فعلَى من جَعَل المَضْرِبَ اسما للحديدة فلا يكون على هذا شاذا انما هو اسم كالمُدُقِ

٨٧

حين جعلوه اسما كالْجُلْمُودِ* أبو حاتم* المِسْجَدَةُ الخُمْرةُ المسجودُ عليها* صاحب العين* قوله عزوجل (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) قيل هى مواضعُ السجُود من الانسانِ الجبهةُ واليدانِ والرُّكْبةُ والرِّجْلانِ فاما الاسْجَادُ في النَّظَرِ فقد قيل انه الادامَةُ وقيل الفُتُور وهذا أشبه لانه مَيْلٌ وانْخِفَاضٌ وليس السُّجُودَ* أبو زيد* حَرِجَتِ الصلاةُ على المرأةِ ـ حَرُمَتْ زَمَنَ الحَيْض وقال حانت الصلاةُ حَيْنًا وحَيْنُونةً ـ وَجَبَتْ* صاحب العين* التَّرْوِيحةُ في شهر رمضانَ سميت بذلك لاستراحةِ القوم بعد كُلِّ أربع ركعاتٍ وقال رَهِقَتْنَا الصلاةُ رَهَقًا ـ حانت وقال التَّشَهُّدُ ـ قراءةُ التَّحِيَّاتِ واشتقاقُه من أشهد أن لا إله الا الله وأن محمدا عبدُه ورسولُه* غيره* الذِّكْرُ ـ الصلاةُ للهِ والدُّعاءُ اليه والثناءُ عليه وفي الحديث «كانتِ الانبياءُ اذا حَزَبَهُمْ حازِبٌ فَزِعُوا الى الذِّكْرِ» أى الصلاةِ يَقُومون فيُصَلُّون والذِّكْرُ أيضا الكتابُ الذى فيه تَفْصِيلُ الدِّينِ ووَضْعُ المِلَّةِ

الدعاء

طَلَبُ الطَّالِبِ للفعلِ من غَيْرِه وقد دَعَوْتُ* سيبويه* الدَّعْوَى الدُّعاءُ قال وفي الدعاء اللهم أَشْرِكْنَا في دَعْوَى المُسْلِمِينَ وأنشد

* وَلَّتْ ودَعْواها شديدٌ صَخَبُهْ*

والادْعُوَّة أُفْعُولةٌ من دَعا يَدْعُو صَحَّتَ الواوُ لانه ليس هناك ما يَقْلِبُها ألا تَرى أنك اذا بَنَيْتَ مِثالَ أُفْعُولةٍ من غَزَوْتُ قلت أُغْزُوَّةٌ ومن قال أُدْعِيَّة فلخفة الياء على حَدِّ مَسْنِيّة* ابن الرمانى* الدعاءُ الى الله على وجهين الاول طَلَبٌ في مَخْرَج اللَّفْظِ والمعنَى على التعظيم والمدح الثانى الطَّلَبُ لاجلِ الغُفْران أو عاجلِ الانْعامِ* ابن دريد* الابْتِهالُ ـ الاجتهادُ في الدعاء وإخلاصُه لله عزوجل وبه سميت باهلةُ أُمُّ هذه القبيلة* صاحب العين* وقوله

* إيَّاكَ أَدْعُو فتَقَبَّلْ مَلَقِى*

أى دُعائى وتَضَرُّعِى وقال التَّسْمِيت ـ ذِكْرُ اللهِ على الشئ والتَّسْمِيتُ الدُّعاءُ للعاطِسِ وحُكِيَتْ بالشِّينِ* أبو عبيد* أَلَّ يَؤُلُّ أَلًّا وأَلَلاً وأَلِيلاً ـ رَفَعَ صوتَه بالدعاء قال

٨٨

الكميت

وأنت ما أنت في غَبْراءَ مُظْلِمةٍ

اذا دَعَتْ أللَيْهَا الكاعِبُ الفُضُلُ

وقد يكون ألليها أنه أراد الالَلَ ثم ثَنَّاه كانه يريد صَوْتًا بعد صوت وقد يكون ألليها أنْ يريد حكايةَ أصواتِ النساءِ بالنَّبَطِيَّة اذا صَرَخْنَ

الزكاة

حقيقةُ الزَّكاةِ الزيادةُ يقال زَكَا يَزْكُو زَكاءً وزَكِىَ وتَزَكَّى وزَكَّاهُ* صاحب العين* الزَّكَاةُ زَكاةُ المالِ وتَطْهِيرُه والفعلُ منه زَكَّى والزكاةُ زكاةُ الصَّلاح تقول رجلٌ تَقِىٌّ زَكِىٌّ ورجالٌ أتْقِياءُ أزْكِياءُ والزَّرْعُ يَزْكُو زَكاءً وكلُّ شئ يزيد ويَنْمِى فهو يَزْكُو زَكاءًا وهذا الامر لا يَزْكُو بفلان أى لا يليق به والزكاةُ ـ الجُزْء من المال الذى يجب اخراجُه على سبيل الصدقة بما جاءت به الشريعةُ من مِقْداره ووقته والماعُونُ الزكاةُ* قال أبو اسحق* المَعْنُ ـ الشىءُ القليلُ ومنه اشتقاقُ الماعُونِ الذى هو الزكاةُ وانما سميت الزكاة بالشئ القليل لانه يؤخذ من المال ربعُ عُشْرِه فهو قليل من كثير فهذا قول أبى اسحق وقد قَدَّمْتُ ما رَدّ به عليه أبو على الفارسى في كتاب المياه عند ذكر نُعوتِ الماءِ من قِبَلِ جَرْيهِ* ابن دريد* الخَرَاجُ والخَرْجُ ـ شئ يُخْرجه القومُ في السَّنة من مالهم بقدر معلوم والخَرْجُ والخَرَاجُ أيضا ـ الاتَاوَةُ تُؤْخَذُ من أموال الناس وفي التنزيل (أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ) * صاحب العين* الفَريضةُ من الابل والبقر والغنم ـ ما بَلَغَ عَدَدُه الزكاةً* أبو عبيد* أَفْرَضَتِ الماشيةُ وَجَبَتْ فيها الفريضةُ* صاحب العين* فَرَضْتُ الشىءَ أَفْرِضُه فرْضًا ـ أوْجَبْتُه والاسم الفَريضةُ* صاحب العين* والجمعُ فَرائضُ وفرائضُ اللهِ حُدودُه التى أَمَر بها* أبو عبيد* الثِّنِىَ في الصَّدَقة أن تُؤْخَذَ فى العام مَرَّتَيْن وقيل الثِّنى أن تُؤْخذَ ناقتانِ مكانَ ناقة* صاحب العين* الصَّدَقةُ ـ ما أَعْطَيْتَه في ذاتِ اللهِ وقد تَصَدَّقْتُ عليه وصَدَّقْتُ والمُصَدِّقُ ـ القابِلُ للصدقة

٨٩

باب النذور

* صاحب العين* نَذَرَ على نفسه يَنْذُرُ نَذْرًا والاسم النَّذِيرةُ* أبو عبيد* النَّحْبُ ـ النَّذْرُ نَحَبَ يَنْحُبُ وقد قَضَى نَحْبَه وقد تقدم أنه الموتُ

الصوم

ابن دريد الصَّوْمُ ـ الامساكُ عن المَاْكَلِ والمَشْرَب وكُلُّ شئ سَكَنَتْ حَرَكَتُه فقد صامَ صَوْمًا قال النابغة

خَيْلٌ صِيامٌ وخَيْلٌ غَيْرُ صائمةٍ

تَحْتَ العَجاجِ وخَيْلٌ تَعْلُكُ اللُّجُما

* صاحب العين* الصومُ ـ الصَّمْتُ من قوله تعالى (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً) أى صَمْتًا والصومُ قِيامٌ بلا عَمَلٍ صامَ الفَرَسُ على آرِيِّهِ اذا لم يَعْتَلِفْ وصامتِ الريحُ اذا رَكَدَتْ وصامتِ الشمسُ حين تَسْتَوِى في مُنْتَصَفِ النهار ويقال تَقَبَّلْ صامَتِى قال الراجز

* وصُمْتُ يَوْمِى فتَقَبَّلْ صَامَتِى*

* ابن السكيت* قومٌ صُوَّمٌ وصُيَّمُ* سيبويه* أصله الواو وانما قلبت فيه ياء للخفة وقربها من الطرف ومنهم من يقول صِيَّم يُشَبِّهُها بعِصِىٍ* أبو زيد* التَّسحُّرُ الاكلُ بالسَّحَر للصِّيَام واسم الطعامِ السَّحُورُ* ابن السكيت* وهو الفَلَحُ وحقيقتُه البَقَاءُ* صاحب العين* وهو الفَلَاحُ* أبو زيد* حَرِجَ السَّحُورُ عليه حَرَجًا ـ اذا أصْبَحَ فَحرُمَ عليه* أبو عبيد* الكافِلُ ـ الذى يَصِلُ الصيامَ* صاحب العين* الفِطْرُ نقيضُ الصوم وهو من المَصادِر التى يُوصَفُ بها الواحدُ والجميعُ بلفظٍ واحدٍ* أبو الحسن* ليس بمصدر وإنما هو اسمٌ موضوعٌ موضعَ مصدرٍ* سيبويه* فَطَّرْتُه فأَفْطَر ومِثْلُ هذا قليل ـ يعنى أن يكون التفعيل لما مُطاوِعُه أَفْعَل

العكوف

* أبو عبيد* عَكَفَ بالمَكان يَعْكِفُ ويَعْكُف عُكُوفًا واعْتَكَفَ وأَعْكَفَ

٩٠

اذا أقام وقالوا عاكفٌ عليه والقولُ فيه كالقول في السَّجُودٍ وحكى أبو زيد عَكَفْتُه أعْكُفُه عَكْفًا

الجهاد

* أبو عبيد* جَاهَدَه مُجاهَدةً وجِهادًا والمُكاوِحُ ـ المُجاهِدُ* صاحب العين* الغَزْوُ ـ السير الى قتال العَدُوِّ وانْتِهابِه وقد غَزَا غَزْوًا ورجلٌ غازٍ من قوم غُزًّى وغُزَاةٍ والغَزِىُّ اسْمٌ للجمع عند سيبويه وأَغْزَيْتُ الرجلَ وغَزَّيْتُه حَمَلْتُه على أنْ يَغْزُوَ وقالوا غَزَاةٌ واحدةٌ يريدونَ عَمَلَ وَجْهٍ واحدٍ كما قالوا حَجَّةٌ واحدةٌ يريدون عَمَلَ سنةٍ واحدةٍ والقياسُ غَزْوَةٌ* أبو عبيد* النَّسَبُ الى الغَزْو غَزَوِىٌّ وهو من نادر المعدول والمَغازى الغَزَوَات والمَغازِى مَواطِنُ الغَزْو والمَغَازى أيضا مَناقِبُهم وأَغْزَتِ المرأةُ فهى مُغْزِيةٌ ـ ذا غَزا بَعْلُها

المُطَّوِّعةُ

المُطَّوِّعةُ ـ القومُ الذين يَتَطَوَّعُونَ بالجهادِ وحكاه أحمدُ بن يحيى بتخفيف الطاء وشدّ الواو وردّ ذلك عليه أبو اسحق

الحج

الحَجُّ ـ القَصْدُ والتَّوَجُّه الى البيت بالاعمال المشروعةِ فَرْضًا وسُنَّةً وحقيقتُه الزيارةُ يقالُ حَجَّهُ يَحُجُّه حَجًّا* ابن السكيت* هو الحَجُّ والحِجُّ لُغتانِ* أبو على* حَجَّ يَحُجُّ حَجًّا والحِجُّ الاسمُ فأما سيبويه فقال حَجَّه يَحُجُّه حِجًّا مثلُ ذَكَره يَذْكُرُهُ ذِكْرًا وقالوا فى الجميع الحاجُّ فجعلوه اسما للجمع كالجامِلِ والباقِرِ وقالوا الحاجُّ على مِثاله وقد قالوا الحَجِيجُ في هذا المعنى على مثالِ الكَلِيب والعَبِيدِ والحِجُّ أيضا الحَجِيجُ قال

وكانَّ عافِيةَ النُّسُورِ عليهمُ

حِجٌّ بأَسْفَلِ ذِى المَجَازِ نُزُولُ

قال سيبويه وقالوا حَجَّة واحدة يريدونَ عَمَلَ سنةٍ واحدةٍ كما قالوا غَزَاةٌ واحدة يريدون عَمَلَ وجهٍ واحدٍ وذُو الحِجَّة ـ شَهْرُ الحَجِّ* صاحب العين* الهَدْىُ ـ ما أُهْدِىَ

٩١

الى مكة من البُدْنِ قال سيبويه واحدتُه هَدْيَةٌ* ابن الاعرابى* وهو الهَدِىُّ واحدَتُه هَدِيَّة وأنشد

حَلَفْتُ برَبِّ مَكَّةَ والمُصَلَّى

وأَعْناقِ الهَدِىِّ مُقَلَّداتِ

وهو من الاهْداءِ* صاحب العين* بَلَغَ الهَدْىُ مَحِلَّه يعنى الموضعَ الذى حَلَّ فيه نَحْرُه ووَجَبَ وقيل المَحِلُّ ههنا مَصْدَرٌ وهو أحد ما جاء من المصادر على مَفْعِل كالمَرْجِع في قوله تعالى (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً) وقال أَحْرم الرجلُ ـ دَخَلَ في الحَرم* أبو عبيد* وكذلك حَرَمَ وقال غيره أَحْرَمَ وحَرَم دَخَلَ في الشهر الحرام* ابن السكيت* الحُرْمُ ـ الاحْرامُ وفي حديث عائشة رضى الله عنها كُنْتُ أُطَيِّبُه لحِلِّه وحُرْمِهِ * أبو على* الحَرِيمُ ـ ما يَرْمِيه المُحْرِمُ عن نفسه من الثياب وقال رجلٌ حَرام وقومٌ حَرام مُحْرِمُون* صاحب العين* أَهَلَّ بالحَجِّ والعُمْرة رَفَع صَوْتَه بهما وأصلُه من أَهَلَّ الرَّجُلُ اذا نَظَر الى الهلال وكَبّر لانهم أكثر ما كانوا يُحْرِمُون اذا أهِلَّ الهِلَالُ* أبو عبيد* طافَ طَوْفًا وطَوافًا وطَوَفانًا ومَطَافًا وأَطافَ فأما يُطِيفُ ففى الخَيَالِ وقيل طافَ بالشئ جاء من نَواحِيه وأطَافَ به طَرَقَهُ لَيْلاً* ابن دريد* طُفْتُ بالبيت أسْبُوعا وسُبُوعًا* ابن السكيت* اسْتَلْأَمَ الحَجَر وهو أحد ما هُمِزَ وليس أصله الهمز كحَلَّأْتُ السَّوِيقَ وقولهم الذئبُ يَسْتَنْشِئُ الرِّيحَ وهو من السِّلَامِ التى هى الحجارةُ فأما التلبيةُ فالدعاءُ وسيأتى ذِكْرُ تَثْنِيةِ لبَّيْك في مُثَنَّيَاتِ المَصادِر ان شاء الله تعالى* ابن دريد* الجَمَرَاتُ والجِمَارُ ـ الحَصَيَاتُ التى تُرْمَى بمِنَى واحدتُها جَمْرة والمُجَمَّرُ موضعُ رَمْيِها هنالك* صاحب العين* والافاضةُ ـ الدَّفْعُ من عَرفاتٍ الى منًى بالتلبية ومنه الافاضةُ وهو الضَّرْبُ بالقِداحِ وأَفاضَ في الحديثِ انْدَفَعَ فيه ومنه أفاضَ البعيرُ بجِرَّتِه وأصْلُ البابِ الفَيْضُ والانْصِبابُ عن الامْتِلاءِ فمنه الافاضةُ في الحديثِ كفَيْضِ الاناءِ وكذلك الافاضَةُ من عَرفة لانهم يَجْتَمِعُونَ بها ثم يَدْفَعُونَ الى المَشْعَر كفَيْضِ الاناءِ عن الامْتِلاءِ وحديثٌ مُسْتَفِيضٌ ـ اذا ظَهَرَ في الناسِ كظُهُورِ الفَيْضِ عن الاناء* ابن السكيت* نَفَر الناسُ من مِنًى يَنْفِرُونَ نَفْرًا ونَفَرًا وهو يومُ النَّفْرِ والنَّفرِ والنُّفُورِ والنَّفِير وقال حَلَّ منِ احْرامِه يَحِلُّ حِلًّا وأَحَلَّ خَرَجَ وهو حَلَالٌ ولا يقال حالٌّ وهو القياسُ والحِلُّ ما جاوَزَ الحَرَمَ ويقال للرجل

٩٢

الذى لا يَرى للشهر الحَرَامِ حُرْمةً ولا يَتَدَيَّنُ باجْتِنابِ ما يُجْتَنَبُ فيه رجلٌ مُحِلٌّ ـ أى أحَلَّ الحَرَم وفي الحديث «أَحِلَّ بمَنْ أحَلَّ بِكَ» أى مَنْ تَركَ الاحْرامَ وأَحَلَّ بقِتالِكَ فأَحْلِلْ أنتَ أيضا به وقاتِلْهُ وان كنتَ مُحْرِمًا وأصلُه من الحِلِّ والحَلَالِ والحَلِيلِ وهو نَقِيضُ الحرام حَلَّ الشىءَ يَحِلُّ حِلًّا وأَحَلَّه اللهُ واسْتَحْلَلْتُه ـ اتّخذْتُه حَلَالاً ـ والمَشْعَرُ الحَرامُ المَعْلَمُ والمُتَعَبَّدُ والمَشْعَرُ الحَرامُ ـ هو مُزْدَلِفةُ وهو جَمْعٌ بلا خِلاف بين أهلِ العِلْمِ والفرقُ بين المَشْعَرِ والمِشْعَرِ ما قاله المُبَرّدُ وذلك أنه قال المَشْعَر بالفتح لمكانِ الشُّعُور كالمَدْخَلِ لمَكانِ الدُّخُولِ والمِشْعَرُ بالكسر الحديدةُ التى يُشْعَرُ بها أى يُعْلَم فكُسِرَتْ لانها آلة كالمِخْرَزِ والمِقْطَع* غيره* شَعائِرُ الحَج واحدتُها شَعِيرةٌ وشِعَارَةٌ وهى البَدَنَةُ تَهْدَى وقد أَشْعَرْتُ البَدَنَة ـ اذا جعلتَ لها علامةً وأَشْعَرْتُها اذا طَعَنْتَها حتى يَسِيلَ دَمُها وقيل شَعَائِرُ الحَجِّ ومَشَاعرُه مَناسِكُه وجميعُ عَمَلِه من طَوافٍ أو سَعْىٍ أو نَحْرٍ أو حَلْقٍ أو رَمْىٍ بالجِمارِ وأَنْصَابُ الحَرم ـ حُدُودُه وقال أيْدَعَ حَجًّا ـ أوْجَبَه وأنشد

* بشُعْثٍ أَيْدَعُوا حَجا تمَامَا*

فأما قوله

* كَما اتَّقَى مُحْرِمُ حَجٍّ أَيْدَعا*

فالايْدَعُ هنا ـ الزعفرانُ لان المُحْرِمَ يتقِى أن يَمَسَّ الطِّيبَ وقال أَوْذَمَ على نَفْسِه حَجًّا أَوْجَبَهُ وعَمَّ به أبو عبيد فقال أَوْذَمَ على نفسِه سَفَرًا أَوْجَبَهُ* صاحب العين* القِلَادَةُ ـ ما جُعِلَ في عُنُق البدنة التى تُهْدَى وجمعُها قَلائدُ وهى أيضا ما يُجْعَلُ فى عُنُق الانسانِ والكلب وقد قَلَّدْتُه قلادةً وتَقَلَّدَها هو والتَّقْلِيدُ هنا أن يُجْعَلَ في عُنُق البُدْنِ شِعَارٌ يُعْلَم به أنها هَدْىٌ

التُّقَى والتقوى سواء

والتاء في التَّقْوَى والتُّقَى بدل من الواو والواو في التقوى بدل من الياء وسيأتى شرح هذا فى باب المصادر وأذكر ههنا شيأ من أصله واشتقاقه أصلُ الاتِّقاءِ الحَجْزُ بين الشيئين يقال اتَّقاهُ بالتُّرْسِ أى جَعَلَه حاجِزًا بينه وبينه واتَّقاهُ بحَقِّه أيضا كذلك ومنه الوِقايةُ ويقال وَقاهُ

٩٣

ومنه التَّقِيَّةُ وتَوَقَّى وأصلُ مُتَّقٍ مُوتَقٍ قلبت الواو تاء لانها سكنت وبعدها تاء مُفْتَعِل اذ كانوا يَفِرُّونَ اليها في مثل تُجاهٍ وتُراثٍ كراهيةً للحركة في حرف العلة* قال سيبويه* وقالوا هو أتْقاهُما فأبدلوا التاء من الواو الساكنة وان لم يكن بعدها تاء لانها الواو التى تَعْتَلُّ مع التاء وتَقِىٌّ وزَكِىٌّ وبَرٌّ وعَدْلٌ ومؤمن ومُحْسِن نظائرُ الا أن تَقِىّ أمْدَحُ من مُتَّقٍ لان بناءه عُدِلَ عن الصفة الجارية على الفعل للمبالغة* الاصمعى* رجل مَخْمُومُ القلْبِ أى نَقِىٌّ من الغِشّ والدَّغَلِ

البِرُّ والصِّلة والاحسان نظائر

تقول هو بارٌّ ـ وَصُولٌ مُحْسِن ونقيضُ البِرِّ العُقُوقُ* وقال ابن دريد* البِرُّ ضد العُقوقِ رجل بَرٌّ وبارٌّ وبَرَّتْ يمينُه بِرًّا ـ اذا لم يَحْنَثْ* صاحب العين* البَرُّ بذوِى قَرابَتِه يقال فلان بَرٌّ بوالديه وقوم بَرَرَةٌ وأَبْرارٌ وبهذا استدل سيبويه على أن وزنه فَعِلٌ لان فَعِلاً مما يُكَسَّرْ على أفعال كثيرا في الاسْمِ والوصفِ والمصدرُ البِرُّ تقول صَدَقَ وبَرَّ وبَرَّتْ بمينُه ـ أى صَدَقَتْ وبَرَّ اللهُ حَجَّكَ ونُسُكَك وحَجَّةٌ مبرورة ورَجَعَ مَبْرورًا مأجُورًا ويقال بَرَّ عَمَلُك وبَرَّ حَجُّكَ وبُرَّ حَجُّكَ فاذا قالوا أَبرَّ اللهُ حَجَّك قالوا بالالف وحَجٌّ مبرورٌ من أَبَرَّ وهو شاذ وله نظائر سنذكرها في باب المصادر ان شاء الله تعالى وفلانٌ يَبَرُّ فلانا واللهُ يَبَرُّ عِبادَه وقد كانتِ العربُ تقول فلانٌ يَبَرُّه أى يُطِيعه وأما قول النابغة (١)

* عليهن شُعْثٌ عامدون بحجهم*

* صاحب العين* أَبَرَّ يمينَه ـ أمْضاها على الصِّدْق

الورع

الوَرَعُ ـ التَّأثُّمُ والتَّحَرُّجُ* قال ابن السكيت* رجلٌ وَرِعٌ ـ مُتَحَرِّجٌ* سيبويه* وقد وَرِعَ يَرِعُ ووَرَع وَرَعًا* قال غيره* أصلُ هذه الكلمة الخشوعُ والاستكانةُ يقال رجل وَرَعٌ اذا كان ضَعِيفًا حكاه ابن السكيت وغيره قال وكان أصحابنا يذهبون بالوَرَعِ الى الجَبَانِ وليس كذلك انما الوَرَعُ الضعيفُ يقال انما مالُ فلانٍ أوْرَاعٌ أى صِغَارٌ

__________________

(١) قوله وأما قوله النابغة الخ سقط من الاصل الشاهد من الشعر كما سقط جواب أما فانظره كتبه مصححه

٩٤

* غيره* وَرَعَ يَرَعُ رِعةً ووَرُعَ وُرُوعًا ووُرُعًا ووَرَاعَةً وتَوَرَّعَ وما أحسنَ رِعَتَهم ورِيَعَتَهُمْ* صاحب العين* التَّطَهُّر ـ التَّنَزُّه والكفُّ عن الاثْم وما لا يَجْمُل وانه لَطاهرُ الثيابِ أى ليس بذى دَنَسٍ في الاخلاقِ وقوله تعالى (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) معناه قَلْبَكَ فَطَهِّرْ والتوبةُ التى تكونُ باقامةِ الحدِّ كالرَّجْم وغيره طَهُورٌ للمُذْنِب وقد طَهَّره الحَدُّ وقوله (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) يعنى الملائكة وقال خَزَوْتُ النفسَ خَزْوَا مَلَكْتُها عن الهَوَى وأنشد

* واخْزُها بالبِرِّ لِلّهِ الاجَلّ*

الوعظ

الوَعْظُ والعِظَةُ والمَوْعِظَة ـ تَذْكِرَتُك الانسانَ بما يُلَيِّنُ قَلْبَه من ثوابٍ وعِقَابٍ وَعَظْتُه وَعْظًا فاتَّعَظَ

التوبة والانابة والاقلاع نظائر في اللغة

ونقيضُ التوبةِ الاصْرارُ وتابَ تَوْبةً وتَوْبًا واسْتِتابةً واللهُ التَّوَّابُ (يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) * صاحب العين* تابَ الى اللهِ توبةً ومَتَابًا فاللهُ التَّائِبُ يَتُوبُ على عبده والعبدُ تائبٌ الى الله وقوله عزوجل (وَقابِلِ التَّوْبِ) أراد به التوبةَ قال الفارسى قال محمد ابن يزيد جمعُ تَوْبةٍ مثل لَوْزةٍ ولَوْزٍ* سيبويه* التَّتْوِبةُ من التَّوْبة* غيره* اسْتَتَبْتُ فلانًا ـ عَرَضْتُ عليه التوبةَ وأصلُ التوبةِ في اللغة النَّدَمُ فاللهُ التائبُ على عبدِه يَقْبَلُ نَدَمَه والعبدُ تائبٌ الى اللهِ يَنْدَمُ على مَعْصِيتِه والتوبةُ رجوعٌ عما سلف بالندَم عليه والتائبُ صفةُ مدح لقوله (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ) فلا يُطْلَق اسمُ تائبٍ الا على مُسْتَحِقٍّ للمدح من المؤمنين وقيل حقيقةُ التوبةِ الرُّجوعُ والأوّابُ الراجعُ عن ذنبه والاوْبةُ الرجوعُ* ابن دريد* يقال اللهم تَقَبَّلْ تَوْبَتِى وتابَتِى وارْحمْ حَوْبَتِى وحابَتِى وعلى مثالِه قامَتِى وقَوْمَتِى قال الراجز

* قد قُمْتُ لَيْلِى فَتَقَبَّلْ قامَتِى*

* صاحب العين* الارْعواءُ ـ الاقْلاعُ عن الجَهْل وهى الرُّعْوَى والرُّعْيا

٩٥

العبادة

أصلُ العِبَادةِ في اللغة التَّذْلِيلُ من قولهم طريقٌ مُعَبَّدٌ أى مُذَلَّلٌ بكثْرةِ الوَطْءِ عليه قال طَرَفَةُ

تُبَارِى عِتَاقًا ناجِيَاتٍ وأَتْبَعَتْ

وَظِيفًا وَظِيفًا فَوْقَ مَوْرٍ مُعَبَّدِ

المَوْرُ ـ الطريقُ ومنه أُخِذَ العبدُ لذِلَّتِه لمولاه والعبادةُ والخُضُوعُ والتَّذَلُّلُ والاسْتِكانةُ قَرائبُ في المعانى يقال تَعَبَّدَ فلانٌ لفلانٍ ـ اذا تَذَلَّلَ له وكلُّ خُضُوعٍ ليس فوقَه خُضُوعٌ فهو عبادةٌ طاعةً كان للمعبود أو غَيْرَ طاعةٍ وكُلُّ طاعةٍ لِلَّهِ على جِهَةِ الخُضُوعِ والتَّذَلُّلِ فهى عبادةٌ والعبادةُ نوعٌ من الخُضُوع لا يستحقه الا المُنْعِمُ بأَعْلَى أجناسِ النِّعَم كالحياةِ والفَهْم والسَّمْع والبَصَر والشُّكْرُ والعبادةُ لا تُسْتَحَقُّ الا بالنِّعْمة لان العبادةَ تنفرد بأعلى أجناسِ النِّعَم لان أقلَّ القليلِ من العبادةِ يَكْبُر عن أن يَسْتَحِقَّه الا مَنْ كانَ له أعْلَى جِنْسٍ من النِّعْمةِ الا اللهُ سبحانه فلذلك لا يَسْتحق العبادةَ الا اللهُ وقد قالوا عَبَدَ اللهَ يَعْبُدُه عِبادةً ورَجُلٌ عابِدٌ من قومٍ عَبَدةٍ وعُبُدٍ وعُبَّدٍ وعُبَّادٍ وقُرِئَت هذه الآيةُ على سبعة أوجه (وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) معناه أنه عَبَدَ الطاغوتَ من دونِ الله وعُبِدَ الطاغوتُ وهو بَيِّنٌ وعَبُدَ الطاغوتُ أى صار معبودا كقولك ظَرُفَ أى صار ظريفا وعُبَّدَ الطاغوتِ أى عُبَّادَه وعَبَدَ الطاغوتِ أراد عَبَدَ لها وعُبُدَ الطاغوتِ جماعةُ عابدٍ والمُعَبَّدُ ـ المُكَرَّمُ المُعَظَّمُ كانه عُبِدَ وكأنَّ هذه الكلمةَ لِمَوْضُوعِ معناها ضِدٌّ* صاحب العين* السِّياحَةُ ـ الذهابُ في الارض للعبادةِ والتَّرَهُّبِ ومنه المسيح ابن مريم كان يَذْهَب في الارض فايْنَما أدْرَكَهُ الليلُ صَفَّ قَدَمَيْهِ وصَلَّى حتى الصَّباحِ وقد سَاحَ وهو مفعول بمعنى فاعل وسِيَاحةُ هذه الامةِ الصِّيَامُ ولُزومُ المساجد وفي الحديث «أولَئِكَ أُمَّةُ الهُدَى لَيْسُوا بالمَسايِيح» يعنى الذين يَسِيحونَ فى الارض بالنميمة والشَّرِّ

التَّالَّهُ والزُّهد

* قال الفارسى* روى عن ابن عباس أنه قال في قوله جل وعز «ويَذَرَكَ وإلَهَتَكَ»

٩٦

أنه قال عِبادتَك وقولُنا إلَهٌ من هذا كانه ذو العبادة أى اليه يُتَوَجَّه واليه يُقْصَدُ قال وقال أبو زيد تَأَلَّهَ الرجلُ ـ نَسَكَ وأنشد

* سَبَّحْنَ واسْتَرْجَعْنَ مِن تَألُّهِى*

قال وهذا عندى يحتمل ضربين من التأويل يجوز أن يكون كتَعَبَّدَ والتَّعَبُّدِ ويجوز أن يكون مأخوذا من الاسم دون المصدر على حد قولك اسْتَحْجَر الطينُ واسْتَنْوَقَ الجَمَلُ فيكون المعنى أنه يفعل الافعالَ المُقَرِّبةَ الى الاله المُسْتَحقِّ بها الثواب وتسمى الشمسُ الالاهَةَ وإلَاهةً وأنشد

تَرَوَّحْنَا من اللَّعْباءِ عَصْرًا

وأَعْجَلْنا إلَاهَةَ أن تَؤُبَا

فكانَّهم سَمَّوْها إلاهةَ على نحو تعظيمهم لها وعبادتِهم إياها وعلى ذلك نَهاهُمُ اللهُ عزوجل وأَمَرَهُمْ بالتَّوَجُّهِ في العبادةِ اليه دون ما خَلَقَه وأوْجَدَه بعد أن لم يكن فقال (وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ) * صاحب العين* الزُّهْدُ في الدِّينِ خاصةً والزَّهادةُ في الاشْياءِ كُلِّها ضِدُّ الرَّغْبةِ* ابن السكيت* زَهُدَ وزَهَدَ زُهْدًا وزَهادةً* صاحب العين* زَهَّدْتُه في الامْرِ ـ رَغَّبْتُه فيه وقال المُتَقَرِّئ ـ المُتَنَسِّكْ والمُتَبتِّل المُنْقَطِعُ الى اللهِ عزوجل* قال سيبويه* ومما جاء فيه المصدر على غير فعله قولُه تعالى (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً)

الخشوع

* صاحب العين* خَشَعَ الرجلُ يَخْشَعُ خُشُوعًا فهو خاشِعٌ ـ اذا رَمَى ببصرِه الى الارضِ واخْتَشَعَ طَأْطَأَ رأسَه كالمُتَواضِع والخُشوعُ قريبُ المعنى من الخُضُوع الا أن الخضوعَ في البَدَنِ والاقْرارِ بالاسْتِخْذاءِ والخُشوعَ في الصَّوْتِ والبصرِ قال الله تعالى (خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ) وقال (وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ) أى سَكنتْ ويقال اخْتَشَعَ فلانٌ ولا يقال اخْتَشَعَ بَصَرُه والخُشْعةُ من الارض ـ قُفٌّ قد غَلَبَتْ عليه السُّهُولةُ ويقال قُفٌّ خاشِعٌ وأكمَةٌ خاشِعةٌ ـ مُلْتَزِقةٌ لاطِئَةٌ بالارض ويقال الخاشعُ من الارضِ ما لا يُهْتَدَى له وفي الحديث «كانتِ الكَعْبةُ خُشْعةً على الماءِ فدُحِيَتْ من

٩٧

تَحْتِها الارضُ» والتَّضَرُّعُ والتَّخَشُّعُ مَجْراهما واحدٌ وقال

ومُدَجَّجِ يَحْمِى الكَتِيبةَ لا يُرَى

عِنْدَ البَديهةِ ضَارِعًا يَتَخَشَّعُ

* وقال ابن دريد* الخاشعُ ـ المُسْتَكِينُ والخاشعُ في بعض اللغاتِ ـ الراكعُ وخَشَعَ الانسانُ خَراشِىَّ صَدْره ـ اذا أَلْقَى من صدره بُصَاقًا لَزِجًا وخَشَعَ ببَصِره ـ غَضَّهُ وهو خاشعٌ والخاشعُ والمُخْبِتُ سَواءٌ* ابن دريد* الاخْباتُ ـ التَّوَقِّى للمَأْثَمِ ويقال أَسْبَأْتُ لأمرِ اللهِ ـ اذا أَخْبَتَ له قَلْبُكَ

النُّسُك

* ابن دريد* أصلُه ذَبائحُ كانتْ في الجاهلية تُذْبَحُ وفي الاسلام اخْتَلَفُوا فيه فقيل هو نُسُكُ الحج وقيل هو الزُّهْدُ في الدنيا من قولهم رجلٌ ناسِكٌ* ابن السكيت* هو النُّسْك والنَّسْك والمَنْسَكُ والمَنْسِكُ* صاحب العين* النُّسُكُ ـ العبادةُ رجل ناسِكٌ وقد نَسَكَ يَنْسُكُ نَسْكًا والنُّسُكُ ـ الذبيحةُ يقال منْ صَنَع كذا فعليه نُسُكٌ أى دَمٌ يُهَرِيقُه بمكةَ واسمُ تلك الذبيحةِ ـ النَّسِيكةُ والمَنْسَكُ النَّسْكُ والمَنْسِكُ الموضعُ الذى تُذْبَحُ فيه النَّسَائِكُ وبُعَدَّى فيقال نَسَكَ المَنْسَكَ ونَسَك فيه وفي التنزيل (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ) * ابن دريد* القُرْبانُ ـ ما تَقَرَّبْتَ بهِ الى اللهِ عزوجل* صاحب العين* الشَّبَرُ ـ شئ يَتَعاطاه النَّصارَى كالقُرْبانِ* ابن السكيت* العَتِيرةُ ـ النَّسِيكةُ* الاصمعى* أَصْلُ العَتْرِ الذَّبْحُ عَتَرَها يَعْتِرُها عَتْرًا والعَتِيرةُ ـ الشاةُ المَعْتُورةُ والعِتْرُ ـ الصَّنَمُ الذى يُعْتَر لهُ قال

فَزَلَّ عنها وأَوْفَى رَأْسَ مَرْقَبةٍ

كَمَنْصِبِ العِتْرِ دَمَّى رأسَه النُّسُكُ

فأما قوله

* فَخَّر صَرِيعًا مِثْلَ عاتِرِة النُّسُكْ*

فعلى أنه وَضَع فاعلا موضعَ مفعول وله نظائر سأُحَدِّدُها في فصل المصادر من هذا الكتاب وقوله

عَنَنًا باطِلاً وظُلْمًا كما تُعْ

تَرُ عن حَجْرِة الرَّبِيضِ الظِّباءُ

كانَ الرجلُ في الجاهلية يقول اذا بَلَغَتْ غنمى مائةً عَتَرْتُ عنها شاةً فاذا بلغتْ هذه العِدَّةَ

٩٨

شَحَّ بالغنم وصادَ ظَبْيًا فذَبَحه مكانَ الشاةِ ورواه المُفَضَّلُ تُعْنَزُ وهو تصحيف* صاحب العين* ضَحَّيْتُ بالشاةِ ذَبَحْتُها ضُحًى* ابن السكيت* هى الاضْحِيَّةُ والاضْحِيَّةُ والضَّحِيَّةُ والاضْحَاةُ والجمعُ أَضْحَى وبذلك سمى يومُ الاضْحَى والاضْحَى اسمُ اليوم يُذَكَّر ويُؤَنَّثُ والتَّذْكِيرُ على معنى اليوم وأنشد

رَأَيْتُكُمُ بَنِى الخَذْواءِ لَمَّا

دَنَا الاضْحَى وصَلَّلَتِ اللِّحامُ

* قال أبو على* أما الاضْحَى جَمْعُ أَضْحاةٍ فمن الجَمْعِ الذى يُساير واحدَه الى الهاء وكلُّ جمع كذلك فهو يذكر ويؤنث هذا قول أبى الحسن* أبو حاتم* الاضْحِاةُ بالكسر لُغَةٌ في الاضْحاةِ* أبو على* فأما قول الشاعر يَرْثِى عُثْمانَ رحمه‌الله

ضَحَّوْا بأَشْمَطَ عُنْيانُ السُّجُودِ بِه

يُقَطِّعُ الليلَ تَسْبِيحًا وقُرْآنا

فانه استعاره فأما لفظُ الذَّبيحةِ فقد تقدم في ذَبْحِ الغَنَم لان ذلك غيرُ مقصورٍ على القُرْبانِ* ابن دريد* البَدَنُة من الابل والبقَر كالاضحية من الغنم تُهْدَى الى مكة والجمعُ بُدُنٌ وبُدْنٌ* أبو عبيد* الفَرَعُ ـ ذِبْحٌ كان في الجاهلية وأنشد

وشُبِّهَ الهَيْدَبُ العَبَامُ مِنَ ال

أقْوامِ سَقْبًا مُجَلَّلاً فَرَعا

التَّحَرُّجُ والعِفَّة

التَّحَرُّج ـ التَّأَثُّم وأصلُه من الحَرَج وهو الضيق ومنه الحَرَجَةُ وهى الغَيْضةُ والشجر المُتَداخِلُ المُتَضَامُّ* ابن السكيت* الحِرْجُ والحَرَجُ ـ الاثْمُ وقد قرئ (يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) وحَرِجًا» وقال ابْتَارَ عِند اللهِ خَيْرًا ادَّخَرَهُ* أبو عبيد* التَّهَوُّدُ ـ التَّوْبةُ والعمل الصالح وأنشد

سِوَى رُبُعٍ لم يَأْتِ فيه مَخَانةً

ولا رَهَقًا من عائذٍ مُتَهَوِّدِ

وقد هُدْتُ قال الله تعالى (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ) * صاحب العين* هَادَ هَوْدًا وتَهَوَّدَ تابَ وفي التنزيل (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ) وبه سميت اليَهودُ ويقال لهم أيضا الهُودُ وقيل يَهُودُ اسم للقبيلة كعُمانَ وانما أدخلوا الالف واللام عليها على ارادة النسب يُراد اليَهُودِيُّونَ وقيل سميت هذه القبيلةُ يَهُوذَ فعُرِّبَتْ* قال سيبويه* عَفَّ عِفّةً كما قالوا قَلَّ قِلَّةً ورجل عَفِيفٌ والانثى بالهاء* أبو زيد* رجل عَفٌّ عَفِيفٌ* صاحب العين*

٩٩

الحِجْرُ ـ الرجلُ العَنِيفُ الظاهِرُ

الرحمة

* أبو عبيد* الرُّحْم ـ والرَّحمةُ وأنشد

ومن ضَرِيبتِه التَّقْوَى ويَعْصِمُه

من سَيِّئِ العَثَراتِ اللهُ والرُّحُمُ

وكان أبو عمرو يقرأ وأَقْربَ رُحُمًا* ابن دريد* الرُّحْمُ والرُّحُمُ واحدٌ رَحِمَه رَحْمةً ورُحْمًا ومَرْحَمةً* أبو عبيد* وهى الرُّحْمَى والرَّحَمُوتُ

الرهبانية ونحوها

* صاحب العين* الرَّهْبَانِيَّةُ ـ التَّابُّدُ والانْقِطاعُ عن النكاح ولا تكونُ في الاسلام وليستْ مأمورًا بها* قال الفارسى* ولهذا نَصَبْنا رَهْبانيَّةً في قوله جل وعز (وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً) بفعْل مضمر دل عليه هذا الظاهرُ فكان كقولك ضَربت زيدا وعمرا أكرمته ولا يكون عطفا على قوله (رَأْفَةً وَرَحْمَةً) لان ما وَضَعَه الله في القلوب من الرأفة والرحمة لا يوصف بالبدعة أو لا ترى أنك لا تقول جَعَلَ اللهُ في قلبه رأفة ابتدعها لان الابتداع الشرعىَّ انما هو فِعْلُ ما لم يؤمر به وهو في اللغة الابْتِداءُ والجِدَّةُ يقال بئر بديعٌ ـ أى جديد الحفر ومنه (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أى مُبْتَدِئُ خَلْقِهما ومُكَوِّنُهما بلا مِثالٍ ومُوجدُهما بعد أن لم يكونا* صاحب العين* الراهبُ ـ المُتَعَبّد المنقطعُ في الصَّوْمَعة والجمعُ رُهْبانٌ والقَسُّ والقِسِّيسُ ـ المُتَرَهِّبُ وهو أيضا قائم الكنيسة والجمعُ قَساوِسةٌ* غيره* الاسمُ القُسُوسة والقِسِّيسِيَّة* ابن دريد* الواهِفُ ـ سادِنُ البِيعَةِ وفي الحديث «فلا يُزَالَنَّ واهِفٌ عن وَهَافَته» * صاحب العين* الوافِهُ القَيِّمُ على بيتِ النصارى ورُتْبَتُه الوَفْهِيَّة بلغةِ أهل الجَزِيرِة* ابن دريد* هو مقلوب عن الواهِفِ* صاحب العين* الصُّوفةُ كلُّ مَنْ وِلَى شيئا من عَمل البيتِ وهمُ الصُّوفانُ* ابن دريد* الابِيلُ ـ القَسُّ القائمُ في الدَّير الذى يَضْرِب بالناقوس وأنشد

* كما صَكَّ نَاقُوسَ النصارى أَبِيلُها*

١٠٠