المخصّص - ج ١٣

أبي الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي [ ابن سيده ]

المخصّص - ج ١٣

المؤلف:

أبي الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي [ ابن سيده ]


الموضوع : اللغة والبلاغة
المطبعة: المطبعة الاميرية
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩٤

* سيبويه* الجمعُ آبالُ كَسَّرُوا فعِيلا على أفعال كما كَسَّرُوا فاعِلاً عليه حين قالوا شاهِدٌ وأشهادٌ* قال الفارسى* أنشدنا من نثِقُ بروايته عن الدِّمَشْقِىّ عن قُطْرب للاعشى

وما أَيْبُلِىٌّ على هَيْكَلٍ

بَناهُ وصَلُّبَ فيه وصَارَا

قال أبو على فقوله أَيْبُلِىٌّ لا يخلو من أحد أمرين اما أن يكون الاسمُ أعجميا أو عربيا فان كان أعجميا فلا اشكال فيه لان الاعجمى اذا أُعْرِبَ لا يُوجبُ تعريبُه أن يكون موافقا لأبنية العَرَبِىِّ ولو كان عربيا لجاز أن يكون أَيْبُلِىٌّ فَيْعُلِيًّا من قوله ... أَبَلَتْ شَهْرَىْ رَبيعٍ ... (١) ونحوه اذا اجْتَزَأَتْ بالرُّطْبِ عن الماء فكذلك هذا الرّاهب قد اقْتَصَر بما على هَيْكلهِ واجْتَزأ به وانْقَطَع عن غيره فان قلت قد قال سيبويه ليس في الكلام فَيْعُلٌ فكيف يصح ما ذكرتَه من أَيْبُلِىٌّ قلنا يجوز أن يكون لم يَعْتَدَّ بهذا الحرف لقلته وقد فَعَلَ مثل ذلك في حروف وأيضا في النسبة مثل تَحَوِىٍّ اذا أضَفْته الى تَحِيَّة فهذا لك في بعض الاستئناس أنه قد يجىء في بناء النسبة ما لا يجىء بغيره ولا يَبْعُدُ هذا كما جاء مع الهاء بناء لم يجئ بلا هاء والتاء وياء النسبة أخوان ألا ترى أن زَنْجِيًّا وزَنْجًا كشعيرة وشعير فكما جاء مَفْعُلة مع الهاء ولم يجئ بلا هاء كذلك يجوز أن يكون مع باء النسب ما لا يجىء مع غيرها لتشابههما فيما ذكرنا* صاحب العين* المُحَرَّرُ والنَّذِيرةُ ـ الابنُ أو الابْنَةُ يجعله أبواه قَيِّمًا وخادما للكنيسة وانما كان يفعل ذلك بنو اسرائيل كان ربما ولد لاحدهم ولد فحرزه أى جعله نذيرة في خدمة الكنيسة ما عاش لا يَسَعُه تَرْكُها في دينه* ابن دريد* تَنَحَّسَ النصارى ـ تَرَكُوا أَكْلَ الحيوانِ* أبو على* الهَرابِذَةُ ـ قَوَمَةُ بيتِ نارِ الهندِ ومِشْيَتُهم الهِرْ بِذَى وكلُّ مِشْية أشبهتْ مِشْيَتُهم فهى الهِرْبِذَى* ابن دريد* العَسَطُوسُ ـ رأسُ النصارى وقد تقدم أنه الخَيْزُرانُ* صاحب العين* الشَّمَّاسُ ـ مِنْ رُؤسِ النصارى يَحْلِقُ وَسْطَ رأسِه ويَلْزَمُ البِيعَةَ وليس بعربى صحيح والجمعُ شَمامِسة ألحقُوا الهاءَ للعُجْمة* غيره* النُّهَامِىُّ ـ الراهبُ لانه يَنْهُم أى يَدْعو* الزجاجى* الرَّبِيطُ ـ الراهب* أبو عبيد* وقوله عليه‌السلام «لا صَرُورةَ في الاسلام» معناه التَّبَتُّلُ وتَرْكُ النِّكاحِ جَعَلَهُ اسما للحَدَثِ* على* يقويه قوله «لا رَهْبَانِيَّة في الاسلام»

__________________

(١) قلت قوله أبلت شهري ربيع هو بعض بيت لأبى ذؤيب الهذلى يصف أم خشف ترعى أيكة والبيت بتمامه هو قوله

بها أبلت شهري ربيع كليهما

فقد ما رفيها نسئها وافترارها

وقبله

فما أن خشف بالعلابة فارد

تنوش البرير حيث نال اختصارها موشحة بالطرتين دنالها

جنة أيكة يضفو عليها قصارها

وكتبه محققه محمد محمود لطف الله تعالى به آمين

١٠١

مواقيت النُّسُك

الايامُ المَعْلُوماتُ ـ عَشْرُ ذى الحِجَّة والمَعْدُوداتُ ثلاثةُ أيام بعد يوم النحر وهى أيامُ التشريق لتشريقهم اللحم فيها وقيل لانهم كانوا يقولون أَشْرِقْ ثَبِير كيْما نُغِير والعِيدُ ـ ما يَعُود على المسلمين من أيامهم المُعَظَّمة والجمعُ أعياد وان كان من العوْد لان بعضَ البَدَلِ قد يكون لازما* ابن السكيت* عَيَّدَ القومُ ـ شَهِدُوا العيدَ وقد قَدَّمْتُ أن كَلَّ عائدٍ من هَمٍّ أو مَرَضِ عِيدٌ* ابن السكيت* الفِصْحُ ـ عيدُ النصارى اذا أكلوا اللحم وأفطروا* أبو عبيد* أَفْصَحَ النصارى جاء فِصْحُهم* الاصمعى* السَّبَاسِبُ والسَّعانِينُ من أعياد النصارى* ابن دريد* الدِّنْحُ ـ عيدٌ مِن أعيادهم ولا أَحْسَبُها عربيةً وقد تكلمتْ بها العربُ وهِنْزَمْرٌ من أعياد النصارى* ثعلب* وهو هِنْزَمْنٌ* ابن دريد* الباغُوثُ ـ أعجمىٌّ مُعَرَّبٌ عيدُ النصارى

مَواضعُ التَّنَسُّك

قد قدَّمْتُ أن المَنْسَكَ والمَنْسِكَ موضعُ النَّسْكِ وأن المَسْجِدَ اسمٌ للبيت على مذهب سيبويه كما أن مَضْرِبةَ السَّيْفِ اسم للحديدة فاما المَساجِدُ من قوله تعالى (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) فقد قيل انها البيوت فان كان كذلك فواحدها مسجِد وقد قيل انها ما أصاب المكانَ من الاعضاء المُتعاوَنِ بها في السجود والمُعْمَلةِ فيه فان كان كذلك فواحدُها مَسْجَد بالفتح لانهم لم يصرحوا أن المسجِد اسم للعضو كما صرحوا بانه اسم للبيت* صاحب العين* المِحْرابُ فى المسجد ـ الذى يُقيمه الناسُ مقامَ الامام ومَحاربُ بنى اسرائيل مساجدُهم التى كانوا يجلسون فيها وأنشد

وتَرى مَجْلِسا يَغَصُّ به المِحْ

رابُ مِلْقَومِ والثيابُ رِقاقُ

* أبو حنيفة* وقول الشاعر في صفة الاسد

مُتَّخِذٌ * فى الغِيلِ في جانِبِ العِرِّيسِ مِحْرابا*

جَعَلَه كالمَجْلِسِ والبِيعةُ ـ موضع المُتَرهِّب وقد تقدم الكلام على الهياكل المبنية للتفرد بالعبادة وقيل هى كنيسة اليهود* ابن دريد* فُهْرُ اليهودِ ـ موضعُ مِدْراسِهِم

١٠٢

ولا أحْسَبُه عربيا مَحْضا* صاحب العين* صَلوات اليهودِ ـ كنائسُهم واحدتُها صلُوتَى فأُعْرِبَتْ وفي التنزيل (لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ) والصَّوْمَعةُ قال سيبويه هى فَوْعَلة من الاصْمَعِ* قال أبو عبيدة* كُلُّ حَديدِ الطَّرَف فهو أَصْمَعُ ومنه قيل للمُؤَلَّلِ الاذنين أَصْمَعُ ولهذا قيل للبُهمى اذا ارتفعتْ ونَمَتْ من قبل أن تَتفقَّأ الصَّمْعاءُ والقُلَّيْسُ ـ بِيعَةٌ كانتْ بصَنْعاء للحبشة هَدَمَتْها حِمْيَر* صاحب العين* الهَيْكَلُ ـ بَيْتُ النصارى فيه صورةُ مريم عليها‌السلام وقد تقدم أن الهَيْكلَ الضَّخْمُ من كل شئ وربما سمى به دَيْرُهم* أبو عبيد* القُوسُ ـ موضعُ الراهب وقيل هو رأسُ الصَّوْمعة* غيره* السَّعِيدةُ ـ بيت كانتْ تَحُجُّه رَبِيعُة في الجاهلية والاكَيْراحُ ـ بيوتٌ ومواضعُ تخرُج اليها النصارى في بعض أعيادِهم وهو معروف وأنشد

يا دَيْرَحَنَّةَ مِنْ ذاتِ الاكَيْراحِ

من يَصْحُ عنكَ فانِّى لستُ بالصَّاحِى

والرُّكْحُ ـ أبيات النصارى قال ولستُ من هذه الكلمة على ثقة

الكفر ونحوه

أما الكُفْر والشِّرْكُ فقد تقدم ذكرُهما وأذْكُر الآنَ ما في هذه الطريقة من النِّحَلِ* أبو عبيدة* اليَهُودُ من التَّهَوُّدِ ـ أى التوبةِ وقد تقدم تعليله* صاحب العين* النصارى منسوبون الى قرية من قُرَى الشام تسمى نَصْرَى واحدُهم نَصْرانِىٌّ ونَصْرانٌ والانثى نَصْرانةُ قال سيبويه الالف في النَّصارَى مثلُها في الصَّحارَى* أبو زيد* التَّنَصُّر ـ الدخولُ في دين النصارى وقال صَبَا الرجلُ يَصْبَأُ صُبُوءًا خَرَجَ من دِينهِ الى غيره* ابن دريد* النَّسْطُورِيَّةُ ـ قومٌ من النصارى يُخالِفُون سائرَهم وهم بالرومية نَسْطُورِس* صاحب العين* الرَّكُوسِيَّةُ ـ قوم لهم دينٌ بين النصارى والصابئين وقال الفِسْقُ ـ الخروجُ عن أمر الله وروى عن مالك أن الفِسْق في قوله عزوجل (أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) الذِّبْحُ* صاحب العين* الخُرْبَةُ والخَرْبَةُ والخُرْبُ والخَرْبُ ـ الفسادُ في الدينِ وهى الخُرَبُ والرُّجْزُ والرِّجْزُ ـ الشِّرْكُ باللهِ وقيل عبادةُ الاوثان وقوله عزوجل (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) قيل والله أعلم انه صَنَمٌ

١٠٣

الاصنام

* أبو على* الطاغوتُ ـ ما يُعْبَدُ من دون الله وهو اسم واحد مؤنث يقع على الجميع كهيئته للواحد وفي التنزيل (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها) * ابن دريد* الجِبْتُ ـ كُلُّ ما عُهِدَ من دون الله* صاحب العين* الصَّلِيبُ ـ الذى يتخذه النصارى والجمعُ صُلْبَان* الزجاجى* البَعْلُ ـ الصنم* ابن دريد* الضَّيْزَنُ ـ صنَمٌ كان يُعْبد من دون الله في الجاهلية والضَّيْزنَانِ ـ صَنَمانِ كانا للمُنْذِر الاكبرِ كان اتَّخَذَ هما بباب الحِيرة ليسجدَ لهما من دخل الحِيرَةَ امْتحانا للطاعة والجَلْسَدُ ـ صَنَم والوَثَنُ ـ صنم صغير وقيل هو كل صنم والجمعُ أوثانٌ ووُثُنٌ وحكى سيبويه وُثْنٌ وزعم أنها قراءة* ابن دريد* ذو الخَلَصةِ ـ صنم كان يُعْبد في الجاهلية والفِلْسُ ـ صنم كان لطِيِّئٍ في الجاهلية وعَبْعَبٌ ـ صنم كانت قُضاعة تعبده ويقال بالغين معجمة وبَاجِرُ ـ صنم* ابن دريد* شَمْس ـ صنم قديم كان في الجاهلية وبه سمى عَبْدُ شَمْسٍ وهو سَبَأُ بنُ يَشْجُبَ* أبو عبيد* الزُّورُ والزُّونُ ـ كل شىء يُتخذ ربا ويُعْبد وأنشد

* جاؤا بزُورَيْهِمْ وجِئْنا بالاصَمّ*

الاصَمُّ رجل وكانوا جاؤا ببعيرين فعَقَلُوهما وقالوا لا نَفِرّ حتى يَفِرَّ هذانِ* ابن دريد* الزُّونُ والزُّونةُ ـ بَيْتُ الاصنامِ الذى يُتَّخَذُ ويُزَيَّنُ* صاحب العين* البُدُّ ـ بيتٌ فيه أصنام وتَصاوِيرُ* غيره* العُزَّى ـ صنم كان طُلِىَ بدَمٍ* صاحب العين* نَصَّرُ ـ صنم وذاتُ أنْواطٍ ـ شجرة كانت تُعْبد في الجاهلية* أبو عبيْد* هُبَل اسم صنم والنُّصُبُ والنُّصْبُ ـ كُلُّ شئ نَصَبْتَه وأنشد

وذا النُّصُبَ المَنْصُوبَ لا تَنْسُكَنَّه

لِعاقبةٍ واللهَ رَبَّكَ فَاعْبُدَا

* صاحب العين* النُّصُبُ ـ كُلُّ ما عُبِدَ من دون الله والجمعُ أنْصابٌ وقيل الانْصابُ حجارةٌ كانت تُنْصَبُ فيُهَلُّ عليها لِغَيرِ الله* ابن دريد* الشَّارِقُ ـ صنم وبه سمى عبدُ الشَّارِق وشَرِيقٌ ـ صنم أيضا* غيره* الاقَيْصِرُ ـ صنم* صاحب العين* إسافٌ ـ اسم صنم كان لقريش ويقال ان إسافا ونائلة كانا رجلا وامرأةً دخلا البيتَ فوَجَدَا

١٠٤

خَلْوة فوَثَبَ إسافٌ على نائلة فمسخهما اللهُ حَجَرَيْنِ والكُسْعةُ ـ وَثَنٌ كان يُعْبد وسَعْدٌ ـ صنم كانت تعبده هُذَيْل ويَغُوثُ ويَعُوقُ ـ اسما صنمين وعَوْض وسُواعٌ ووَدْعٌ ونُهْمٌ وبه سمى عَبْدُ نُهِمْ* أبو على* نَسْرٌ والنَّسْرُ ـ صنم وفي التنزيل (وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) وأنشد

أمَا ودِماءٍ لا تَزالُ كأنها

على قُنَّةِ العُزَّى وبالنَّسْرِ عَنْدَما

الحلال والحرام

* صاحب العين* الحَلَالُ ضِدُّ الحَرام وهو الحِلُّ والحَلِيلُ حَلَّ الشىءُ يَحِلُّ حِلًّا وأَحَلَّه اللهُ سبحانه واسْتَحْلَلْتُه ـ اتَّخَذْتُه حَلالا ومنه حَلَّلْتُ اليمينَ تَحْلِيلاً وتَحِلَّة وتَحِلًّا شاذُّ وضربتُه ضربا تَحْلِيلاً أى شِبْهَ التَّعْزِير منه* ابن السكيت* الطِّلْق ـ الحَلالُ وقال هُوَ لَكَ حِلُّ وبِلٌّ* الاصمعى* كنتُ أُرَى أن بِلَّا اتْبَاعٌ حتى زَعَمَ المُعْتمِرُ أنه مُباح* صاحب العين* الحَرامُ ـ ضِدُّ الحَلالِ والجمع حُرُمٌ* ابن السكيت* هو الحِرْمُ* أبو زيد* حَرَمْتُه حَرِمًا وحِرْمانا* أبو عبيد* وكذلك أَحْرَمْتُه وهى رديئة* أبو زيد* حَرُمَ عليه الشىءُ حُرْمًا وحَرامًا وحَرَّمْتُه عليه وحَرُمتِ الصلاةُ على المرأةُ حُرْمًا وحُرُمًا وحَرِمَتْ عليها حَرَاما وحَرَمًا وحَرَمُ مكةَ والمدينة منه وهما الحَرَمانِ وأَحْرَمَ القَومُ ـ دَخَلُوا في الحَرَم ورجلَ حَرامٌ لا يُثَنَّى ولا يُجْمعُ ولا يُؤَنَّثُ وقد جُمِعَ على حُرُم ورجل حِرْمِىٌّ منسوب الى الحَرَم على غير قياس وقالوا في الثوب حَرَمِىٌّ على القياس وبَلَدٌ حَرام ومسجد حَرام وشهر حَرام وأشهر حُرُم وهى رَجَبٌ وذو القَعْدة وذو الحِجَّةِ والمُحَرَّمُ وسمى المحرّم بهذا الاسم لانهم كانوا لا يستحلون القتالَ فيه وحَرِيمةُ الرَّبِّ ـ ما حَرَّمَهُ على العبد* صاحب العين* فى قوله «وحِرْمٌ (عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها)» قيل معناه حَرامٌ وقيل واجبٌ والحِجْر والحجْرُ والحُجْر والمَحْجَرُ ـ كلُّ ذلك الحَرامُ حَجَرْتُه وحَجَّرْتُه وفي التنزيل (وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً) أى حراما مُحَرَّمًا وكذلك الحاجُورُ وأصلُ الحَجْرِ المَنْعُ وقال أَبَحْتُ الشىءَ أطْلَقْتُه* أبو عبيد* البَسْلُ ـ الحَلالُ والحَرامُ ضِدٌّ* أبو حاتم* الواحدُ والجميعُ والمذكر والمؤنث فيه سَواءٌ

١٠٥

المِلَلُ والنِّحَلُ

المِلَّةُ ـ الشَّرِيعةُ والجميعُ مِلَلٌ وقد تَمَلَّلَ وامْتَلَّ ـ دَخَلَ في المِلَّة* أبو عبيد* الامَّة ـ المِلَّةُ* ابن السكيت عن اللحيانى* هى الامَّةُ والامَّةُ وحكى (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ) وإمَّةٍ» والامَّة ـ الاسْتقامةُ والامَّةُ ـ الرجلُ الصالح كقوله (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً) وكُلُّ مَنْ تَسَنَّنَ بسُنَّةٍ من غير نَبِىٍّ كامَيَّةَ ووَرَقةَ وابنِ عَمْرو فهو أُمَّةٌ والجمعُ من كل ذلك أُمَمٌ والامَّةُ ـ القَرْنُ على دِين واحدٍ والامَّةُ ـ الجماعةُ وكُلُّ صِنْفٍ من شئ أُمَّةٌ وفي الحديث «ولو لا أنها أُمةٌ تُسَبِّحُ لَقَتَلْتُها أو أَمَرْتُ بقَتْلِها ولكنِ اقْتُلُوا منها كُلَّ أسْوَدَ بَهِيمٍ» يعنى الكلابَ* صاحب العين* الدِّينُ الحَنِيفُ ـ الاسلامُ وفي الحديث «أَحَبُّ الادْيان الى اللهِ الحَنِيفيَّةُ السَّمْحةُ» والحَنِيفُ ـ المسلم الذى يَسْتَقْبِلُ قِبْلةَ البيتِ على مِلَّة ابراهيم وجمعُه حُنَفاءُ وقيل الحَنِيفُ من أسْلَم في أمر الله فلم يَلْتَوِ في شئ وقيل انما قيلَ له حَنِيفٌ لانه تَحَنَّفَ عن الادْيانِ ـ أى مالَ الى الحق

الحياء

* أبو عبيد* حَيِيتُ منه حَياءً واسْتَحْيَيْتُ* قال أبو على* ذكر سيبويه اسْتَحَيْتُ فقال عن الخليل انه جاء على حايا ولم يستعمل فَعَلَ منه وكذلك اسْتَحَيْتُ أسْكَنُوا الياء الاولى منهما كما سكنت فِي بعْتُ وسكنتْ الثانيةُ لانها لام الفعل فحذفت الاولى لانه لا يلتقى ساكنان وانما فعلوا هذا حيث كثر في كلامهم وكانتا ياءين حذفوها وألْقَوْا حركتَها على الحاء كما ألزموا يَرَى الحذفَ وكما قالوا لم يَكُ ولا أَدْرِ* قال أبو عثمان* اسْتَحيْتُ حَذَفُوا الياء التى هى عين وأَلْقَوْا حَرَكتَها على الحاء ولم تحذف لالتقاء الساكنين ولو كان حَذْفُه له لرَدَّها اذا قال هو يفعل يقول هو يَسْتَحْيِى وقد قال قوم حذفوا لالتقاء الساكنين ولم يَرَدُّوا في يفعل لانهم لو رَدُّوا في يفعل رَفَعُوا ما لا يرتفع مثلُه في كلامهم وذلك أن الافعال المضارعة اذا كان آخرُها معتلا لم يدخلها الرفعُ في شئ من الكلام ويُقَوِّى أنه ليس لالتقاء الساكنين قولُهم في الاثنين اسْتَحَيَا لان اللام لا ضمة فيها ولكن هذا حذفٌ لكثرة الاستعمال

١٠٦

كما قالوا في أشياء كثيرة الحَذْفِ مثل أَحَسْتُ وظِلْتُ ومِسْتُ ولم يستعملوا الفعلَ من اسْتَحْيَبْتُ الا بالزيادة كراهية أن يَلْزَمهم فيه ما يَلْزمُهم في آيةٍ وأخوانها والقولُ فيه عندى أن المثلين والمُتقاربين اذا اجتمعا خفف بأحد ثلاثة أشياء بالادغام نحو رَدَّ وشَدَّ وحَيَّةٍ وقُوَّةٍ أو الابدال نحو أمْلَيْتُ وذَوائبَ في جمع ذُؤابة فأما الحذف فعلى وجهين أحدهما أن يحذف الحرف مع جواز الادغام وامكانه نحو قولهم بَخٍ في بَخٍّ والآخر أن يحذف لامتناع الادغام لسكون الحرف المدغم فيه ولزوم ذلك له كقولهم عَلْماءِ (١) بنو فلانٍ وبَلْحرِثِ أو لما يلزم من تحريك حرف غير مدغم فيه يلزمه السكون كقولهم يسطيع وحَذْفُهم التاء لما كان يلزم من تحريك السين في استفعال لو أدغمت في مقاربها وقولُهم اسْتَحَيْتُ مما حُذف لامتناع جواز الحركة في المدغم فيه وامتناعُ تحرّكه من جهتين احداهما أن هذه اللام يلزمها السكون كما يلزم سائرَ اللاماتِ اذا اتصل بها ضمير الفاعل والاخرى أنه لو أدغم في الماضى مع اتصال الضمير به في اللغة القليلة التى حكاها عن الخليل من قولهم رَدَّتُ ورَدَّنَ للزم أن يتبعَه المضارعُ في الادغام كما تبع يَشْقَيَانِ شَقِىَ فتحرّك ما لم يحرّك مثله وهذا الادغام انما كان يلزم فى الماضى اذا اتصل بضمير الفاعل فاذا لم يتصل لم يلزم الادغام لانقلاب الحرف الثانى ألفا وزوال المثلية بانقلابه فلما كان الادغام فيه يؤدى الى تحريك ما لا يتحرك لما ذكرنا وكانت الكلمة مستعملة بحروف زائدة خفف بالحذف كما خفف عَلْماء بنو فلان ويَسْطِيعُ وبَلْخارثِ ويَلْعَنْبر ونحو ذلك فحذفت العين حذفا كما حذفت هذه الحروف لا لالتقاء الساكنين لانه لو حُذِفَ له لَرُدَّ في اسْتِحاءً ثم ألقى حركة الحرف للتخفيف على الفاء وان لم يكن الحذف لالتقاء الساكنين كما ألقى حركة المحذوف من ظَلِلْتُ ومَسِسْتُ على الفاء في قولهم ظِلْتُ وان لم تحذف العين لالتقاء الساكنين فهذا القول عندى في حذف العين من استحيت والقولُ في حذفهم لها من يستحى كالقول في الحذف من استحيت في أن المحذوف العين للتخفيف* أبو زيد* اسْتَحْيَيْتُه واسْتَحْيَيْتُ منه وكذلك اسْتَحَيْتُ فيهما ورجلٌ حَيِىٌّ ـ ذو حَياءٍ والانثى حَيِيَّةٌ وقال خَجِلَ الرجلُ خَجَلاً ـ فَعَلَ فِعْلاً يُسْتَحى منه وأَخْجَلَهُ الامْرُ وخَجَّلْتُه* أبو عبيد* خَمَرْتُ الرجلَ أَخْمُزُهُ ـ اسْتَحَيْتُ منه والتُّؤَبَةُ الاسْتِحْياءُ وقد اتَّأَبَ وأنشد

مَنْ يَلْقَ هَوْذَةَ يَسْجُدْ غَيْرَ مُتَّئِبٍ

اذا تَعَمَّمَ فَوْقَ التَّاجِ أو وَضَعَا

__________________

(١) أى على الماء بنو فلان وبنو الحارث

١٠٧

* ابن السكيت* وَأَبَ يَئِبُ إِبَةً ـ اسْتَحْيا* أبو زيد* أَوْ أَبْتُ الرجلَ وأَتْأَبْتُه ـ أَخْجَلْتُه وقال قُلْتُ له قَوْلاً فما لاحَ به ـ أى ما اسْتَحْيا منه* ابن دريد* انه ليَتَصَحَّتْ عن مُجالَسننا ـ أى يَسْتَحِى* صاحب العين* أَخَتَّ الرجلُ ـ اسْتَحْيَا وقيل له كلامٌ فأختَّ منه ـ أى استحيا منه وأنشد

فمن يكُ من أوائِلِهِ مُخِتًّا

فانَّكَ يا وَلِيدُ بِهِم فُخورُ

* ابن السكيت* اخْتَتَأْتُ منه ـ اسْتَحْيَيْتُ* أبو زيد* هو أن تَخافَ أن يَلْحَقَكَ منه شئٌ وقد تقدّم أنه الفَرَقُ* ابن السكيت* خَزِىَ خَزَايةً ـ اسْتَحْيا* سيبويه* خَزِىَ خِزْيًا وخَزًى* ابن السكيت* خَزِيتُ فُلانا وخَزِيتُ منه ـ استحييتُ* سيبويه* رجل خَزْيَانُ وامرأةٌ خَزْبَا والجمعُ خَزَايَا* أبو عبيد* خَازانِى فَخَزَيْتُه ـ أى كنتُ أَشَدَّ خِزْيًا منه* غيره* وفي الدعاءِ اللهم احْشُرْنَا غَيْرَ خَزايا ولا نادِمِينَ ـ أى غَيْرَ مُسْتَحْيِينَ من الاعمالِ وخَزِىَ خِزْيًا وَقَعَ في بَلِيَّةٍ* صاحب العين* الحِشْمَةُ ـ الحَياءُ والانْقِباضُ وقد احْتَشَمْتُ منه وعَنْه ولا يقال احْتَشَمْتُه وما الذى حَشَّمَكَ وأَحْشَمَك* أبو عبيد* حَشَمْتُه أَحْشِمُه وأَحْشُمُه ـ وهو أن يَجْلِسَ اليك فتُؤذيَه وتُسْمِعَه ما يَكْره وقد تقدم أن الحِشْمةَ الغَضَبُ* ابن دريد* تَضَرَّجَ الخَدُّ عند الخَجَل ـ احْمَرَّ* أبو حنيفة* قَنِىَ حَيَاءَهُ قَنْوً ـ لَزِمَه وقيل أَصابه حَياءٌ* الكلابيون* القَزَازةُ ـ الحَياءُ رَجُل قَزٌّ منْ قوم أَقِزَّاءَ* أبو حاتم* الرَّجْبُ ـ الحَياءُ والعَفْوُ وأنشد

* فغَيْرُكَ يَسْتَحْيِى وغَيْرُكَ يَرْجُبُ*

الكسائى ضَبَأْتُ منه ـ استحيبتُ* أبو عبيد* اضْطَنَأْتُ منه كذلك

باب الوقاحة

* صاحب العين* رجل وَقَاحُ الوجهِ ـ صُلْبُه* أبو عبيد* الانثى بغير هاء* ابن دريد* رجل وَقِيحٌ وقد وَقُحَ وَقاحَةً وقِحَةً* أبو زيد* وَقِحَ وَقَحًا ووَقَحَ واسْتَوْقَحَ وأَوْقَحَ

١٠٨

المحالفة والمعاهدة

الحِلْفُ ـ الجِوَارُ والاجارَةُ وقد حالَفَ فيهم وحَالَفَهُم وحَلِيفُك ـ الذى يُحَالِفُكَ وقد تَحالَفُوا* صاحب العين* الاسمُ الحِلَافُ والحِلْفُ ـ المُحَالِفُ وهم الحُلَفاءُ والاحْلَافُ وأصلُه في الاحْلَاف التى في العشائِر والقبائِل ثم استعمل في كل ما لَزِمَ شيأ فلم يفارقه حتى قيل حَلِيفُ الجُودِ والاكْثارِ وحِلْفُهما والعَهْدُ كالحِلْفِ والجمعُ عُهُودٌ وهى المُعاهَدَةُ وقد عاهَدْتُ الذِمِّىَّ مُعاهدةً وقيل مُعَاهَدَتُه ـ مُبايَعَتُه لكَ على إعْطاءِ الجِزْية وكَفِّكَ عنه وأهلُ العَهْدِ ـ اهلُ الذِّمَّةِ وعهِيدُكَ المُعاهِدُ لك قال

فَلَلتُّرْكُ أَوْ في من نِزارٍ بعَهْدِها

فلا يَأْمَنَنَّ الغَدْرَ يوما عَهِيدُها

وكُلُّ تَقَدُّمٍ في أَمْرٍ عَهْدٌ ومنه العَهْدُ في الوصيةِ وقد عَهِدَ اليه عَهْدًا ومنه العَهْدُ وهو الكتابُ الذى يُكْتَبُ للوالى والعُهْدةُ ـ كِتابُ العَهْدِ والشِّراءِ والعَقْدُ ـ العَهْدُ والجمعُ عُقُود وقد عَقَدْتُه أعْقِدُه عَقْدًا وتَعَاقَدُوا ـ تَعَاهَدُوا والتَّكَلُّع ـ التَّحَالُفُ والتَّجَمُّعُ* ابن السكيت* الحَبْلُ ـ العَهْدُ والوَصْلُ* غير واحد* أَجَرْتُ الرجلَ ـ مَنَعْتُه واسْتَجارَنى ـ سَألَنِى أن أُجِيرَهُ وجارُكَ المُسْتَجِيرُ بِكَ* صاحب العين* الذِّمَّةُ ـ العَهْدُ والجمعُ ذِمَمٌ وهو الذِّمُّ وأَذْمَمْتُ له عليه ـ أخَذْتُ له عليه الذِّمَّةَ والوَلْثُ ـ عَقْدُ العَهْدِ بين القوم* أبو زيد* هُوَ ضَعْفُ العُقْدةِ يقال وَلَثَ لِى وَلْثًا ولم يُحْكِمْه ـ أى عاهَدَنِى* ابن دريد* الرِّبَابةُ ـ العَهْدُ والارِبَّةُ ـ المُعاهَدُونَ* أبو زيد* الاصْرُ ـ العَهْدُ والجمعُ آصارٌ* أبو عبيد* وَفَيْتُ بالعَهْدِ وأَوْفَيْتُ* صاحب العين* رجل وَفِىٌّ ومِيفَاءٌ وقد وَفَى وَفاءً* أبو زيد* وَزَّأْتُه بعهدِ اللهِ ـ أى حَلَّفْتُه بيمينٍ غَلِيظةٍ* صاحب العين* الخَفِيرُ ـ المُجِيرُ خَفَرَهُ يَخْفِرُهُ* أبو زيد* هو المُجِيرُ والمُجَارُ جميعا* أبو عبيد* خَفَرْتُه وخَفَرْتُ به وعليه أَخْفُرُ خَفْرًا وخَفَّرْتُ به وخَفَّرْتُه ـ مَنَعْتُه وأَجَرْتُه* أبو زيد* والاسمُ الخُفْرةُ* ابن دريد* الخَفارَةُ والخِفارَةُ والخُفَارةُ ـ جُعْلُ الخَفِير* صاحب العين* الميثاقُ العَهْدُ* ابن السكيت* الجمعُ مَواثِقُ ومَيَاثقُ

١٠٩

والمُواثَقَةُ ـ المُعاهَدةُ* غيره* وَكَّدْتُ العَهْدَ ـ أَوْثَقْتُه والهمز لغة

باب نقض العهد

* صاحب العين* النَّكْثُ ـ نَقْضُ العَهْدِ والبَيْعةِ وكُلِّ شئ نَكَثَهُ يَنْكُثُه فانْتَكَثَ ونَكَثَ القومُ عَهْدَهم وأَمْرَجَ عَهْدَه ـ نَقَضَه ومَرِجَ العَهْدُ ـ فَسَدَ وكذلك الدِّينُ والامانةُ

هذا باب حروف الاضافة الى المحلوف به

وسقوطها

وللقَسَمِ والمُقْسَمِ به أَدَواتٌ في حروف الجَرِّ فأكثرها الواوُ ثم التاء وتدخل فيه اللام ومن وأنا أُرَتِّبُ ذلك ان شاء الله اعلم أن القَسَمَ هو يَمين يُقْسِمُ بها الحالفُ ليُؤَكِّدَ بها شيأ يُخْبِرُ عنه من إيجاب أو جَحْدٍ وهو جُمْلة يُؤَكَّدُ بها جُمْلةٌ أخرى فالجملةُ المُؤَكَّدَةُ هى المُقْسَمُ عليه والجملةُ المُؤَكِّدةُ هى القَسَمُ والاسمُ الذى يَدْخُلُ عليه حرفُ القَسَم هو المُقْسَمُ به مِثالُ ذلك أَحْلِفُ باللهِ ان زيدا قائم فقولك ان زيدا قائم هى الجملة المُقْسَمُ عليها وقولُك أَحْلِفُ بالله هو القَسَم الذى وَكَّدْتَ به ان زيدا قائم والمُقْسَمُ به اسْمُ اللهِ عزوجل وكذلك كل اسم ذكر في قَسَم لتعظيم المُقْسَمِ به فهو المُقْسَمُ به وأصلُ هذه الحروف الباء والباء صلة للفعل المقدر وذلك الفعل أحلف أو أقسم أو ما جرى مَجْرَى ذلك فاذا قال بالله لَأَضْرِبَنَّ زيدا فكأنه قال أحلف بالله وجعلوا الواو بدلا من الباء وخَصُّوا بها القَسَم لانها من مَخْرَج الباء واستعملوا الواوَ أكْثَرَ من استعمالهم الباءَ لان الباء تدخل في صلة الافعال في القسم وغيرها فاختاروا الواو في الاستعمال لانفرادها بالقَسَم وقد تدخل الباءُ في ثلاثة مواضع من القَسَم لا تدخلها الواوُ ولا غيرُها أحدها أن تُضْمِرَ المُقْسَمَ به كقولك اذا أضمرتَ اسمَ الله بكَ لَاجْتَهِدَنَّ يا رَبِّ واذا ذُكِرَ اسمُ الله فأردتَ أن تَكْنِىَ عنه قلتَ به لَأَلْزَمَنَّ المسجدَ كما تقول بالله لالْزَمَنَّ المسجدَ والموضع الثانى أن تحلف على انسان كقولك اذا حَمَلْتَ عليه بالله إلَّا زُرْتَنِى

١١٠

وبالله لَما زُرْتَنِى ولا تدخلُ الواو ههنا والموضعُ الثالثُ أن تُظْهِرِ فِعْلَ القَسَم كقولك أحْلِفُ بالله ولا تقول أَحْلِفُ واللهِ وأما التاء فانها بدل من الواو كما أُبْدِلَتْ منها في اتَّعَدَ واتَّزَنَ وأصلُه وَعَدَ ووَزَنَ ولم تدخل الاعلى اسْمِ الله وَحْدَه لان قولك الله هو الاسم في الاصل والباقى من أسمائه صفاتٌ والتاء أضعفُ هذه الحروف لانها بدل من الواو والواو بدل من الباء فبَعُدَتْ فلم تدخل إلَّا على اسم الله عزوجل وفي التاء معنى التعجبِ وكذلك اللام تدخل في القسم للتعجب كقول أُمَيَّةَ بن أبى عائذ

لِلَّهِ يَبْقَى عَلَى الأيامِ ذُو جَيَدٍ

بمُشْمَخِرٍّ بهِ الظَّيَّانُ والْآسُ

ويروى حِيَدٍ بكسر الحاء ويجوز حذفُ حرفِ الجر من المُقْسَمِ به فاذا حَذَفْتَه نَصَبْتَه كقولك اللهَ لَأَفْعَلَنَّ ويَمِينَ اللهِ لَافْعَلَنَّ وهو بمنزلة قولك تَعَلَّقْتُ بزيد وتعلقت زيدا اذا لم تدخل الباء لانه يُقَدَّر للقَسَمِ فِعْلٌ وان حذف فاذا حَذَفْتَ حرفَ الجَرِّ وَصَلَ الفعلُ الى المُقْسَمِ به وشَبَّهَهُ سيبويه بقولهم إنك ذاهبٌ حَقًّا وقد يجوز انك ذاهبٌ بحَقٍّ فاذا حذفتَ الباء نصبتَه وأنشد قول ذى الرمة

أَلارُبَّ مَنْ قَلْبى لَهُ اللهَ ناصِحٌ

ومَنْ قَلْبُه لى في الظِّباءِ السَّوانِح

بنصب الله وقال الآخر

إذا ما الخُبْزُ تَأْدِمُه بِلَحْمٍ

فَذَاكَ أَمانةَ اللهِ الثَّرِيدُ

بنصب أمانةَ اللهِ ولا يجوز حذف التاء من تاللهِ ولا اللامِ من لِلَّهِ لانه لما دَخَله معنى التعجب بادخال التاء واللام كَرِهُوا اسقاطَ حَرْف المَعْنَى وربما اسْتُعمل تاللهِ في غير معنى التعجب الا أنك اذا أردتَ التعجبَ لم يجز اسقاطُ التاء* قال سيبويه* ومن العرب من يقول اللهِ فَيخْفِضُ الاسْمَ ويَحْذِفُه تخفيفا الكثرة الايْمانِ في كلامهم وشَبَّهَ ذلك بحذفِ رُبَّ في مِثْلِ قولهم

وجَدَّاءَ ما يُرْجَى بها ذُو قَرابةٍ

لِعَطْفٍ وما يَخْشَى السُّمَاةَ رَبِيبُها

انما يريد رُبَّ جَدَّاءَ وجَدَّاءُ في موضعِ خفضٍ لكنها لا تضاف وهى الصَّحْراء التى لا نَباتَ بها والواو فيها واو العطف لا واو القَسَمِ ومعنى قوله وما يَخْشَى السُّمَاةَ رَبِيبُها السُّماةُ الصَّيَّادُون في نصف النهار ورَبِيبُها وَحْشُها ثم قَوَّى سيبويه حَذْفَ حرفِ الجر بقول العَرَب لاهِ أبوكَ وأصلُه لِلَّهِ أبوكَ فحذف لام الجر ولام التعريف وكان أبو العباس المُبَرّدُ

١١١

يخالفه في هذا ويزَعْمُ أن المحذوفَ لام التعريف واللام الاصليةُ من الكلمة وأن الباقى لام الاضافةِ فقيل له لامُ الاضافة مكسورةٌ ولامُ لا مَفتوحة فقال أصلُ لام الجر الفَتْحُ ومع ذلك فلو جعلناها مكسورةً لانقلبت الالفُ ياءً وكان الزَّجَّاج يذهب الى قول سيبويه وهو الصحيح لان أبا العباس انما حمله على ذلك فرارا من حذفِ اللامِ لامِ الجر فيقال له قد حُذفتْ لامُ التعريف وهى غير مُسْتَغْنًى عنها وانما احْتُمِلَ الحذفُ الكثير في القَسم والتغييرُ لكثرتهِ في كلامهم حتى حُذِفَ فِعْلُ القَسَم ولا يكادونَ يَذْكُرونه بل لا يُذْكَرُ فيه مع الواو والتاء وقال بعض العرب لَهْىَ أبوكَ فبناه على الفتح وهو مقلوب مِنْ لَاهِ أبوك فقيل لابى العباس اذا كانت اللامُ لامَ الخَفْضِ فهلا كسروها في لَهْىَ فقالوا لِهْىَ بكسر اللام فكان جوابُه لما قلبوا كَرِهُوا إحداثَ تغيير آخر مع الحذف الذى في لاه والقَلْبِ وانما بُنِىَ لهْىَ لانه حُذِف منه لامُ الجرّ ولامُ التعريف ثم قُلِبَ فاختاروا له لفظا واحدا من أخَفِّ ما يُسْتَعمل وهو أن يكون على ثلاثة أحرف أوسطُها ساكنٌ وآخرُها مفتوحٌ ومما يقال في ذلك أنهم لما قَلَبُوا وَضَعُوا الهاء مَوضع الالفِ فنَكَّنُوها كما كانتِ الالفُ ساكنةً ثم قَلَبُوا الالفَ ياء لاجتماع الساكنين لانهم لو تركوها ألفا وقبْلَها الهاءُ ساكنةٌ لم يمكن النطقُ بها فَرَدُّوها الى الياء وهى أخف من الواو ثم فتحوها الاجتماع الساكنين كما فتحوا آخِرَ أَيْنَ واعلم أن من العرب من يقول مِنْ رَبِّى لافعلنّ ذاك ومنهم مَنْ يقولُ منْ رَبِّى انك لَأَشِرٌ ولا يستعمل مُنْ بضم الميم في غير القسم وذلك لانهم جَعَلُوا ضَمَّها دلالةً على القَسَم كما جعلوا الواو مكان الباء دلالة على القسم ولا يدخلون من في غير ربى لا يقولون من اللهِ لَافْعَلَنَّ وانما ذلك لكثرة القسم تصرفوا فيه وكَثَّرُوا الحروفَ واستعملوا فيه أشياء مختلفةً قال سيبويه ولا تدخل الضمة في من الا ههنا كما لا تدخل الفتحة في لَدُنْ الا مع غُدْوةٍ حين تَقُول لَدُنْ غُدْوَةً الى العَشِىِّ ولا تقول لَدُنْ زَيْدًا مالٌ فأراد أن يُعَرِّفَك أن بعضَ الاشياء تَخْنَصُّ بموضع لا تُفارِقُه وقال لا أَفْعَلُ ذلك بِذِى تَسْلَمُ أُضِيفَتْ فيه ذو الى الفِعْل وكذلك بذى تَسْلَمان وبذِى تَسْلَمُونَ والمعنى لا أفعل ذلك بذِى سَلَامَتِكَ وذُو هُنا الامْرُ الذى يُسَلِّمُك لا يضاف ذو من الافعال الا الى تَسْلَم كما أن ادُنْ لا تَنْصِبُ الا في غُدْوة

١١٢

هذا باب ما يكون ما قَبلَ المحلوف به عوضا

من اللفظ بالواو

وذلك في أشياء منها قولهم إى ها اللهِ ذا ومعنى إى نَعَمْ وقولُهم ها اللهِ معناه واللهِ وجعل ها عوضا من الواو ولا يجوز أن يقال ها واللهِ ذا وفي ها اللهِ لغتان منهم من يقول ها للهِ ذا فيُثبت الالفَ في ها ويُسْقط ألف الوصل من الله ويكون بعد ألف ها لام مشددة كقوله (الضَّالِّينَ) و (دَابَّةٍ) وما أشبه ذلك ومنهم من يحذف ألف ها لاجتماع الساكنين فيقول هاللهِ ليس بين الهاء واللام ألف في اللفظ وليس ذهابُ الواو في الله كذهابها من قولهم أللهِ لَافْعَلَنَّ لان قولَهم أَللهِ لَافْعَلَنَّ حذفت الواو استخفافا ولم يدخل ما يكون عوضا من الواو ويجوز أن تدخل عليها الواو واختلفوا في معنى الكلام فقال الخليل قولهم ذا هو المحلوف عليه كانه إى واللهِ لَلْامْرُ هذا كما تقول إى والله زيد قائم وحُذفَ الامر لكثرة استعمالهم هذا في كلامهم وقُدِّمَ ها كما قَدَّمَ قَومٌ ها هُوَ ذا وها أنا ذا وقال زهير

تَعَلَّمَنْ هَا لَعَمْرُ اللهِ ذا قَسَمًا

فاقْصِدْ بِذَرْعِكَ وانْظُرْ أَيْنَ تنْسَلِكُ

أراد تَعَلَّمَنَّ هذا قَسَمًا ومعنى تَعَلَّمَنْ اعْلَمَنْ وقال الاخفش قولُهم ذا ليس المحلوفَ عليه انما هو المحلوفُ به وهو من جملة القَسَم والدليل على ذلك أنهم قد يأتون بعده بجوابِ قَسَمٍ والجوابُ هو المحلوف عليه فيقولون ها اللهِ ذا لقد كان كذا وكذا كأنهم قالوا واللهِ هذا قَسَمِى لقد كان كذا وكذا فقيل للمُحْتَجِّ بهذا اذا كان الامر كما قلتَ فما وجه دخولِ ذا قَسَمِى وقد حصل القسم بقوله واللهِ وهو المُقْسَمُ به فقال ذا قَسَمِى عبارةٌ عن قوله واللهِ وتفسيرٌ له وكان المُبَرّدُ يرجح قولَ الاخفش ويُجيز قولَ الخليل ومن ذلك قولُهم اللهِ لتَفْعَلَنَّ صارت ألفُ الاستفهام ههنا بدلا بمنزلة ها ألَا تَرى أنك لا تقول أَوَ اللهِ كما لا تقول ها والله فصارت ألفُ الاستفهام وها تُعاقِبانِ واوَ القَسم ومن ذلك أيضا قولُهم أَفأَللهِ لَتَفْعَلَنَّ بقَطْع ألفِ الوصلِ في اسم اللهِ والالفُ قبلَ الفاءِ للاستفهام والفاءُ للعطف وقَطْعُ ألف الوصل في اسم الله عوضٌ من الواو ولو جاء بالواو سقطت ألف الوصل وقال

١١٣

أفَوَ اللهِ وانما يكون هذا اذا قال قائل لآخر أبِعْتَ دارَك فقال له نَعَمْ فقال السائلُ أفَأللهِ لَقَدْ كان ذلك فالالف للاستفهام والفاء للعطف وقطع ألف الوصل للعوض ولو أدخل الفاء من غير استفهام لجاز أن تقول فَأَللهِ لقد كان ذلك اذا لم تستفهم فهذه المواضعُ الثلاثةُ التى ذكرناها تَسْقُط واوُ القسم فيها لِلعَوِض كما وَصَفْنا ولا تسقط في غير ذلك لعوض وتقول إى واللهِ ونعَمْ واللهِ ومعنى إى معنى نَعَمْ فاذا أسْقَطْتَ الواو نَصَبْتَ فقلتَ نَعَمِ اللهَ لَافْعَلَنَّ وإى اللهَ لَافْعَلَنَّ ـ وفي لفظه ثلاثةُ أوجه منهم من يقول إىَ اللهَ لأَفْعَلَنَّ ففتح الياء لاجتماع الساكنين ومنهم من يقول إى اللهَ لَافْعَلنَّ فيُثْبِتُ الياءَ ساكنةً وبعدها اللام مشددة كما قال هَا اللهِ ومنهم من يُسْقط الياءَ فيقولُ إللهَ لَافْعَلَنَّ بهمزة مكسورة بعدها لام مشددة

أفعال الأيمان

* غير واحد* أَقْسَمَ وآلَى وائْتَلَى وحَلَفَ يَحْلِفُ حَلِفًا* أبو عبيد* ومَحْلُوفًا وهو أحدُما جاء من المصادر على مفعول* ابن دريد* حَلَفَ عَلَىَّ أُحْلُوفَةَ صِدْقٍ* صاحب العين* حَلَفَ حَلْفًا وحِلْفًا وحَلِفًا وقال مَحْلُوفَةً بالله ما قال ذَلِكَ على اضمارِ يَحْلِفُ ورجل حَلَّافٌ وحَلَّافةٌ ـ كثير الحَلِفِ واسْتَحْلَفْتُه بالله وأَحْلَفْتُه وحَلَّفْتُه وكُلُّ شئٍ مُخْتَلَفٍ فيه مُحْلِفٌ لانه داعٍ الى الحَلِفِ ولذلك قيل حَضَارِ والوَزْنُ مُحْلِفانِ لانهما نجمانِ يَطْلُعانِ قبل سُهَيْلٍ فَيَظُنُّ الناسُ بكل واحد منهما أنه سُهَيْلٌ فيَحْلِفُ الواحدُ أنه ذاك ويَحْلِفُ الآخَرُ أنه ليس به وقد تقدم الاحْلافُ في إدراك الغُلام وسِمَنِ الناقةِ وألوانِ الخَيْلِ* غيره* وهو القَسَمُ والألِيَّةُ والالْوَةُ والالْوَةُ والالْوَةُ والحَلِفُ وقد تَقاسَمَ القومُ وتَأَلَّوْا ـ يَحالَفُوا واسْتَقسمْتُه باللهِ ـ اسْتَحْلَفْتُه* صاحب العين* أَنْشُدُكَ باللهِ إلَّا فَعَلْتَ ـ أى أسْتَحْلِفُكَ وأَنْشَدْتُكَ اللهَ كذلك وقد ناشَدْتُه مُناشَدةً ونِشَادًا* أبو عبيد* أَحْلَطَ الرجلُ واحْتَلَطَ ـ اجْتَهَدَ وحَلَفَ* أبو زيد* حَلِطَ حَلَطًا كذلك* ابن دريد* جَذَمْتُ اليمينَ جَذْمًا ـ أمْضَيْتُها وحَلَفَ يَمِينًا حَتْمًا جَذْمًا* أبو زيد* سَبَأَ علَى يَمِينٍ كاذِبةٍ ـ حَلَفَ* صاحب العين* بَسَأَ عليها كذلك* أبو عبيد* اليَمِينُ ـ الحَلِفُ وجمعُه

١١٤

أَيْمُنٌ* أبو على في التذكرة* اسْتيْمَنْتُه ـ اسْتَحْلَفْتُه* ابن دريد* عَتَكَ على يمينٍ فاجرةٍ ـ أَقْدَمَ وقال حَلَفْتُ يَمِينًا ما فيها ثَنِيَّةٌ ولا ثُنْيَا ولا مَثْنَوِيَّةٌ* وقال* حَلَفَ بَتَاتًا وبَتَتًا ـ حَلَفَ يَمِينًا بَتًّا فقَطَعَها* ابن السكيت* عَتَقَتْ عليه يمينٌ ـ أى تَقَدَّمَتْ ووَجَبَتْ وأنشد

عَلَىَّ أَلِيَّةٌ عَتَقَتْ قَدِيمًا

فليسَ لَها وانْ طُلِبَتْ مَرَامُ

* غيره* يَمِينٌ سَمْهَجَةٌ ـ شديدة وقد سَمْهَجَهَا وأصل السَّمْهَجةِ شِدَّةٌ الفَتْلِ* ابن دريد* التَّهْوِيلُ ـ شئٌ كانَ يُفْعَلُ في زَمَنِ الجاهليةِ اذا أرادُوا أن يَسْتَحْلِفُوا الرجلَ أوْقَدُوا نارًا وأَلْقَوْا فيها مِلْحًا والذى يُحَلِّفُ المُهَوِّلُ* أبو عبيد* المِحَاشُ ـ القومُ يُحالِفُونَ غَيْرَهم من الحِلْفِ عند النارِ وهو من المَحْشِ أى الاحْراقِ.

هذا باب ما عَمِلَ بعضُه في بعض وفيه معنى القَسَم

قد تقدَّم قبل هذا أن القَسَم انما هو جملةٌ من ابتداء وخبر أو فعل وفاعل يُؤَكَّدُ بها جملةٌ أخرى فمن الابتداء والخبر قولُهم لَعَمْرُ اللهِ كأنه قال لَعَمْرُ اللهِ المُقْسَمُ به فَعَمْرُ مبتدأ والمُقْسَمُ به المُقَدَّرُ خَبَرُه ولا يستعمل في القَسَم الا مفتوحا لخِفته والقَسَمُ موضعُ اسْتخفافٍ ولَافْعَلَنَّ هو جوابُه وهو المُقْسَمُ عليه ومن ذلك قولُهم أَيْمُ اللهِ وايْمُنُ اللهِ وايْمُنُ الكعبةِ فألفُ ايم وايمن فيما حكاه سيبويه عن يونس ألف موصولة وحكاها يونس عن العرب وأنشد

فقالَ فَرِيقُ القَوْمِ لَمَّا نَشَدْتُهُمْ

نَعَمْ وفَرِيقٌ لَيْمُنُ اللهِ ما نَدْرِى

ويقال انّ ايْمُن لم يوجد مضافا الا الى اسم الله عزوجل والى الكعبة وفي النحويين مَنْ يقول انه جمعُ يمين وألفُه ألفُ قَطْع في الاصل وانما حُذِفَ تخفيفا لكثرة الاستعمال وقد كان الزَّجَّاجُ يذهب الى هذا وهو مذهب الكوفيين قال سيبويه وسمعنا فُصَحاء العرب يقولون في بيت امرئ القيس

فقلتُ يمينُ اللهِ أَبْرَحُ قاعِدًا

ولو قَطَعُوا رأْسِى لَدَيْكِ وأوْصَالِى

رُفِعَ اليمينُ كما رُفِعَ أَيْمُنُ الله والتقدير يَمِينُ الله قَسَمِى ومن رَوَى يَمِينَ اللهِ بالنصب أراد أحلف بيمين الله وحَذَفَ الباءَ فنَصَب ورَفْعُه كقولهم أَيْمُنُ اللهِ وايْمُنُ الكعبةِ وايْمُ اللهِ وفيه معنى القَسَم وكذلك قولُهم أمانةَ اللهِ* قال سيبويه* وحدثنى هارون القارئ

١١٥

أنه سمع من العرب

* فَذاكَ أمانةُ اللهِ الثَّرِيدُ*

بالرفع على ما فسرنا ومن ذلك قولهم عَلَىَّ عَهْدُ اللهِ فعَهْدُ اللهِ مبتدأ وعَلَىَّ خبره ومثل ذلك قولُهم يَعْلَمُ اللهُ لأَفْعَلَنَّ وعَلِمَ اللهُ لأَفْعَلَنَّ واعرابه كاعراب يَذْهَبُ زَيْدٌ والمعنى واللهِ لأَفْعلنَّ وذا بمنزلة يَرْحَمُك اللهُ لفظُه لفظُ الخبر وفيه معنى الدعاء ومن المنصوب قولُهم عَمْرَكَ اللهَ لَأَفْعَلَنَّ ذاك بمعنى عَمَّرْتُكَ اللهَ وعَمْرَ اللهِ لا أفْعَلُ ذلك* أبو عبيد* قَسَمًا لَأَفْعَلَنَّ ذاك وكذلك ان أدْخَلْتَ فيها اللامَ فهى نَصْبٌ على حالها لَقَسَمًا ولَيَمِينًا لَأَفْعَلَنَّ ذاك الا في لَحَقُّ خاصَّةً فانهم يقولون لَحَقُّ لَأَفْعَلَنَّ ذاكَ رفع بغير نون قال وعُقَيل تقول حَرامَ اللهِ لا آتيك كقولهم يَمِينَ اللهِ وكذلك كل يمين ليس في أوّلها واو فهى نَصْبٌ الا قولَهم اللهِ لا آتِيكَ فانه خَفْضٌ أبدا وقد قَدَّمْتُ تعليلَه قبل هذا

بِرُّ اليمينِ وكذبها والمبالغةُ فيها

* أبو زيد* اليمينُ الحَذَّاهُ ـ التى يُقْتَطَعُ بها الحقُّ وأنشد

تَزَوَّدَها حَذَّاءَ يَعْلَمُ أَنَّهُ

هو الْآثِمُ الآتِى الُامورَ البَجَارِيا

* صاحب العين* حَنِثَ في يمينِه يَحْنَثُ حِنْثًا وحَنْثًا ـ اذا لم يَبَرَّ فيها والغَمُوسُ ـ اليمينُ التى تُقْطَعُ بها الحُقوقُ وقيل هى التى لا اسْتِثْناء فيها* ابن قتيبة* هى التى تَغْمِسُ صاحبَها في النار* صاحب العين* يَمِينُ الصَّبْرِ ـ التى يُمْسِكُ الحاكمُ عليها حتى تُحْلَفَ وقد حَلَفَ صَبْرًا وحَلَفَ حَلْفةً غَيْرَ ذاتِ مَثْنَويَّةٍ ـ أى غَيْرَ مُحَلَّلَة

نوادر القسم

* أبو عبيد* جَيْرِ لا آتِيكَ خَفْضٌ بغير تنوين معناها نَعَمْ وأَجَلْ وهى مكسورة عند سيبويه لالتقاء الساكنين* أبو عبيد* عَوْضُ لا آتيك وعَوْضَ لا آتيك رَفْعٌ ونصبٌ بغير تنوين ومِنْ ذِى عَوْضُ* قال أبو على* الضم والفتح والكسر في ذلك جائزٌ* أبو عبيد* أَجِدَّك وأَجَدَّكَ ـ معناهما مالَكَ وقيل معناهما أَجِدًّا مِنْكَ وقَدَّرَه النحويون بقولهم أَحَقًّا مِنْك وبهذا رَدّ بعضُهم على من أنكر تقديمَ حَقًّا في

١١٦

قولهم زيدٌ أخوك حَقًّا فقال لم يمنع سيبويه تقديمَ حَقًّا ألا تَراهُ قال أَجِدَّكَ لا تَفْعَلْ أى حَقًّا منك لا تَفْعَلْ فقَدَّمه وللمُحْتَجِّ الذى لم يَرَ تقديمَ حقا أن يقول ان أَجِدَّك ليستْ ههنا مُقدَّمَةً لان حرف الاستفهام يقتضى الفعل فاذا كان كذلك لم تكن أجِدَّك مُقَدَّمةً لانها بعد الفعل* أبو عبيد* ومثلُ أَجِدَّكَ قِعْدَكَ لا آتيك وقَعِيدَكَ وأنشد

قَعِيدَكِ أَنْ لا تُسْمِعِينِى مَلَامةً

ولا تَنْكَئِى قَرْحَ الفُؤادِ فيِيْجَعَا

وسيأتى شرحُ نَصْبه في باب تقديسِ اللهِ عزوجل* ابن دريد* عَزَمْتُ عليكَ لَتَفْعَلَنَّ ـ أقْسَمْتُ عليك وقال عَزَم الرَّاقِى كانه أقسم على الداء وعَزَمَ الحَوَّاءُ ـ اسْتَخْرَج كانه يُقْسِمُ عليها ويُعاهدها والقَسَامةُ ـ الجَماعةُ يَشْهَدُونَ على الشئ أو يَحْلِفُون لانهم يُقْسِمُونَ عليه وقال لا جَرَمَ لَافْعَلَنَّ كذا ـ معناه حَقًّا لأفعلنّ وأما لا جَرمَ أن لَهُمُ النارَ ـ فان الخليل وسيبويه ومن تبعهما من البصريين يجعلون جَرَمَ فِعْلا ماضيا ويجعلون لا داخلةً عليها فمنهم من يجعلهما جوابا لما قبلهما وهم الخليل ومن تابعه ومثلُه يقول الرجل كان كذا وفعل كذا فيقول لا جَرَمَ أنهم سيندمون وبَيَّنَ غيرُ الخليل أنه رَدٌّ على أهل الكفر فيما قَدَّرُوه من اندفاع عقوبة الكُفْر ومَضَرَّتِه عنهم يومَ القيامة واختلفوا في معنى جَرَم اذا كان فعلا ماضيا قال سيبويه حَقَّ أن لهم النارَ واستدل على ذلك بقول المفسرين معناه حَقًّا أن لهم النارَ وبقول الشاعر

* جَرَمَتْ فَزارَةَ بَعْدَها أن يَغْضَبُوا*

أى حَقَّتْهُم بالغَضَب ورَدَّ على ذلك مَنْ بعده من البصريين وقال غيره جَرَمَ بمعنى كَسَبَ واسْتَدَلَّ على ذلك بقوله جل وعز (لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ) أى لا يَكْسِبَنَّكم وبقوله عزوجل (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا) أى لا يَكْسِبَنَّكُم وبقول الشاعر

جَرِيمةُ نَاهِضٍ في رأسِ نِيقٍ

تَرَى لِعِظامِ ما جَمَعَتْ صَلِيبا

جريمة ـ كاسبةُ يعنى عُقَابا ونَاهِض فَرْخٌ فالعُقَابُ تَكْسِبُ لِفَرْخِها ما يأكله وعلى ذلك تَأَوَّلَ* جَرَمَتْ فَزارةَ* أى كَسَبَتْ فَزارةَ الغَضَبَ واختلفوا في فاعل جَرَم اذا كان فعلا ماضيا فقال المبرد أنَّ في موضع رفع بجرم كأنه قال حَقَّ كونُ النار لهم

١١٧

ووَجَبَ كونُ النارِ لهم ونحو ذلك وأما الفراء وأصحابه فذهبوا الى أن جَرَمَ اسم منصوب بلا على التَّبْرِئَة فقال الفراءُ لا جَرَم كلمةٌ كانت في الاصل والله أعلم بمنزلة لابُدَّ أنك قائم ولا مَحالةَ أنك ذاهب فَحُرِّكَ على ذلك وكَثُر استعمالُهم إياها حتى صارت بمنزلة حقا وحقا عنده في منزلة قسم واستدل على ذلك بما ذكر عن العرب من قولهم لا جَرَمَ لآتِيَنَّكَ لا جَرَم لقد أَحْسَنْتَ قال وكذلك فسرها المفسرون بمعنى الحَقِّ وأصلُ جَرَمْتُ كَسَبْتُ ورأيتُ بعضَ الكوفيين يَجْعَلُ أنَّ في موضع نصب في لابُدَّ ولا محالةَ ولا جَرَمَ وقال بعض الكوفيين جَرَمَ أصلُه الفعلُ الماضى فحوّل عن طريق الفعل ومنع التَّصرفَ فلم يكن له مستقبل ولا دائم ولا مصدر وجُعِلَ مع لا قَسَمًا وتركت الميم على فتحها الذى كان لها في المضى كما نقلوا حاشَى وهو فعل ماض ومستقبله يُحاشِى وفاعله مُحاشٍ ومصدره مُحاشاةً من باب الافْعَالِ الى باب الادَواتِ لَمَّا أزالوه عن التصرف فقالوا قام القوم حاشا عبدِ الله فخفضوا به ولو كان فعلا ما عَمِلَ خَفْضًا وأبْقَوْا عليه لفظَ الفِعْلِ الماضى ومن أيمانهم لا وقائِت نَفَسِى القَصيرِ لا والذى يَقُوتُنى نَفسى ما كان الا كذا لا والذى لا أَتَّقِيهِ الا بمَقْتَلِهِ لا ومُقَطِّعِ القَطْرة لا وفالِق الاصْباح لا ومُهِبّ الرياح لا ومُنْشِر الارْواح لا والذى مسحتُ أَيْمَنَ كَعْبَتِه لا والذى جَلَّد الابلَ جُلُودَها لا والذى شَقَّ الجبالَ للسَّيل والرجالَ للخَيْل لا والذى شَقَّهُنَّ خَمْسًا من واحدٍ ـ قال أحمد بن يحيى يريدون الاصابعَ من الكَفِّ قال الفارسى وهو معنى قوله تعالى (بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) أى نَجْعَلَها مع كَفّه صحيحةً مُسْتَوِيةً لا شُقوقَ فيها كخُفِّ البعير ويَعْدَم الارْتِفاقَ بالاعمال اللطيفة كالخِياطة والكتابة والخِرَازَة والصِّياغَةِ ونحو ذلك من لطيف الاعمال التى يُسْتعان عليها بالاصابع لا والذى وَجْهِى زَمَمَ بَيْتِهِ ـ أى مُقابِلَ بيته ومُواجِهَه يقال مُرَّ بِهِمْ فانهم على زَمَمٍ من طَريقِكَ لا والذى هو أقربُ الىّ من حَبْلِ الوَرِيدِ لا والذى يَرانِى من حيثُ ما نَظَرَ لا والذى رَقَصْنَ بِبَطْحائِه لا والرَّاقِصاتِ له ببَطْنِ جَمْعٍ لا والذى نادَى الحَجِيجُ له لا والذى أَمُدُّ اليه بيدٍ قَصيرةٍ لا والذى يَرانِى ولا أَراه لا والذى كُلُّ الشُّعُوب تَدِينُه* قال على بن حمزة قال السيرافى* وإى مستعملة في ذلك كله يذهب الى أن كل واحدٍ من هذه الاقسام بلا وإى* غيره* وكلمةٌ لأَهْلِ الشِّحْرِ يقولون بِعِزِّى لقد كان كذا وكذا وبِعِزِّك كما نقول نحن لَعَمْرِى ولَعَمْرُكَ

١١٨

تحليل اليمين

* صاحب العين* حَلَّلْتُ اليمينَ تَحْلِيلاً وتَحِلَّةً وتَحِلًّا شاذ وضربتُه ضَرْبًا تَحْلِيلاً ـ أى شِبْهَ التَّعْزير مشتق من تحليلِ اليمينِ ثم أجرى في سائرِ الكلامِ حتى قيل في وصف الابل اذا بَرَكَتْ وأنشد

* نَجَائِبٌ وَقْعُهُنَّ الارضَ تَحْلِيلُ*

أى هَيِّنٌ وكذلك كَفَّرْتُ اليمينَ حَلَّلْتُها وكذلك الذَّنْب والكفارةُ ـ ما كَفَّرْتَ به من صدقة أو صوم

قُصارُك أن تفعل ذاك ونحوُه

* أبو عبيد* قَصارُكَ أن تَفْعَل ذاك وقَصْرُكَ وقُصَاراكَ وعُنَاناكَ ـ أى جُهْدُك وغايَتُك في هذا كله كأنه من المُعانَّةِ من عنَّ يَعُنُّ من الاعتراض* ابن السكيت* ومنه قيل اشتركا شركةَ عِنَانٍ أى اشتركا في شئ خاص كأنه عَنَّ لهما شئٌ أى عَرَضَ فاشْتَرياه واشتركا فيه فأما المُفاوَضةُ فأن يُشاركه في كل شئ من ماله وقد تقدم* ابن دريد* عَنَّ يَعُنّ عَنًّا وعُنُونًا ـ اعْتَرَضَ* أبو عبيد* حَنَانَك أن تفعل ذاكَ وغايَتُك وغُنَاماكَ وحُمَاداكَ* ابن دريد* وحُمَادِىَ ومنه اشْتُقَّ محمدٌصلى‌الله‌عليه‌وسلم كأنه حُمِدَ مرةً بعد مرة* وقال* جَمَالَكَ أن لا تفعلَ كذا وكذا أى لا تفعله والْزَم الامرَ الاجْملَ* ابن السكيت* بَلَغَ به الحِدَاسَ ـ أى الغايةَ التى يجرى اليها وأبْعَدَ ولا تَقُل الادَاسَ* ابن دريد* كان حَفِيلَتُه دِرْهَمًا ـ أى جُهْدُه ومَبْلَغُ ما أَعْطَى وتقول هُذَيْلٌ لا آلُو كذا وكذا ـ أى لا أَسْتَطِيعُه وجميعُ العرب يقولون لا آلُو ـ لا أَدَعُ جُهْدًا* غيره* ما دَهْرِى كذا أى غايَتِى وهَمِّى وأنشد

لَعَمْرِى وما دَهْرِى بِتَأْبِينِ هَالِكٍ

ولا جَزَعًا مما أَصَابَ فَأَوْجَعَا

١١٩

المَحْكُ واللّجاجُ

* أبو زيد* لَجِبْتُ في ذلك الامر لَجَجًا ولَجَاجًا ولَجَاجةً* أبو عبيد* رجل لَجُوجٌ ولَجُوجةٌ ولُجَجَة* صاحب العين* المَحْكُ ـ اللَّحَاجُ مَحَكَ يَمْحَك مَحْكًا وقيل المَحْكُ التمادِى في اللَّجاجةِ عند المُسَاومةِ والغضبِ ونحوِ ذلك وقد مَحِكَ مَحَكًا وتَماحَكَ البَيِّعَانِ والخَصْمانِ ـ تَلَاجَّا والصَّرِيمةُ ـ اللَّجاجُ والعَزِيمةُ وقال نهْمَكَ في أَمْرِ كذا ـ لَجَّ وتَمادَى وما الذى هَمَكَهُ ....

.... (١) * ابن الاعرابى* لَجَّ* ابن دريد* الحَرْدَمَةُ ـ اللَّجاجُ زَعَمُوا* غيره* الغَوَايةُ ـ اللَّجَاجُ

الغضب

* أبو عبيد* غَضِبْتُ له اذا كان حَيًّا فان كان ميتا قيل غَضِبْتُ به وأنشد

فان تُعْقِبِ الايامُ والدَّهْرُ فاعْلَمُوا

بَنِى قَارِبٍ أَنَّا غِضَابٌ بمَعْبَدِ

وإنْ يَكُ عَبْدُ اللهِ خَلَّى مكَانَهُ

فما كانَ طيَّاشًا ولا رَعِشَ اليَدِ

فقال مَعْبَد وانما هو عبدُ الله بنُ الصِّمَّةِ* وقال رجل غُضُبَّةٌ ـ يَغْضَبُ سريعا* ابن دريد* وغَضَبَّةٌ وقال فَصَلَ قومٌ من أهل اللغة بين الغَيْظ والغَضَب فقالوا الغيظُ أشدُّ من الغَضب وقال قوم سَوْرَةُ الغضبِ أَوَّلُه* صاحب العين* رجل غَضُبٌ وغُضُبُّ وغَضُوبٌ* سيبويه* هو غَضْبانُ والجمع غِضَابٌ وقد أَغْضَبَه ذلك* وقال ابن جنى* الغَضَبُ مشتق من غَضَبة الرأس وهى جِلْدته ـ أى صار حَمْىُ قَلْبهِ الى جِلْدةِ رأسِه كما قيل أَنِفَ أى حَمِىَ أَنْفُه غَضَبًا* صاحب العين* رجل غَضُوبٌ وامرأة غَضُوب ـ عَبُوسٌ منه* الاصمعى* وقد تَغَضَّبَ وأغْضَبْتُه وغاضَبْتُ الرجلَ ـ أَوْصَلْتُ اليه غَضَبًا والمَغْضُوبُ عليهم ـ هم اليهودُ في التنزيل وغَضَبُ الالهِ نقيضُ رضاه والفِعْل كالفعل وله تحديد لا يليق بهذا الكتاب* أبو زيد* غِظْتُه وغَيَّظْتُه فاغْتاظَ وتَغَيَّظَ وفعلتُ ذلك غِياظَكَ وغِياظَتَكَ* أبو عبيد* حَرِبَ ـ غَضِبَ وحَرَّبْتُه ـ أغضبتُه* صاحب العين* الحَرَبُ ـ شدة الغَضَبِ

__________________

(١) بياض بأصله

١٢٠