تذكرة الفقهاء - ج ٢

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تذكرة الفقهاء - ج ٢

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-35-3
الصفحات: ٥٣١

عليه‌السلام : ( لا صلاة إلاّ بطهور ) (١) وهو محمول على الفرائض لأنها حقيقة فيها.

فروع :

أ ـ الطهارة وإن لم تكن واجبة إلا أنها مستحبة عند علمائنا ، لأن عبد الحميد سأل الكاظم عليه‌السلام أيجزيني أن أصلي على الجنازة وأنا على غير وضوء؟ فقال : « تكون على طهر أحب إلي » (٢).

ب ـ يجوز التيمم مع وجود الماء هنا عند علمائنا وهو أقل فضلا من الطهارة به ـ وبه قال أبو حنيفة (٣) ـ لقول سماعة : سألته عن رجل مرت به جنازة وهو على غير طهر ، قال : « يضرب يديه على حائط لبن فيتيمم » (٤) ولأن الطهارة ليست شرطا عندنا فساغ ما هو بدل عنها ، ومنعه الشافعي (٥) ، ولا يجوز أن يدخل بهذا التيمم في شي‌ء من الصلوات فرضها ونفلها ، فقد الماء أو لا.

ج ـ لو صلّى بغير طهارة جاز عندنا ، وقال الشافعي : لا تصح صلاته (٦). وكذلك من علم به من المأمومين ، وإن لم يعلموا صحت صلاتهم.

مسألة ٢١٠ : ولا يشترط الكثرة على المصلي الواحد وإن كان امرأة‌ ، ذهب‌

__________________

(١) سنن أبي داود ١ : ١٦ ـ ٥٩.

(٢) الكافي ٣ : ١٧٨ ـ ٣ ، التهذيب ٣ : ٢٠٣ ـ ٤٧٦.

(٣) عمدة القارئ ٨ : ١٢٣ ، المجموع ٥ : ٢٢٣ ، فتح العزيز ٥ : ١٨٥ ، بداية المجتهد ١ : ٢٤٣.

(٤) الكافي ٣ : ١٧٨ ـ ١٧٩ ـ ٥ ، التهذيب ٣ : ٢٠٣ ـ ٤٧٧.

(٥) الام ١ : ٢٧٥ ، المجموع ٥ : ٢٢٣ ، بداية المجتهد ١ : ٢٤٣.

(٦) المجموع ٥ : ٢٢٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٣٩.

٦١

إليه علماؤنا ـ وهو أحد قولي الشافعي ـ لأنها فرض كفاية فلا يشترط الزائد على الفاعل لها بالتمام ، ولأنها صلاة لا تفتقر إلى الجماعة فلم يكن من شرطها العدد كسائر الصلوات.

وفي الآخر : يشترط ثلاثة (١) ، لقوله عليه‌السلام : ( صلّوا على من قال لا إله إلا الله ) (٢) وهو خطاب للجميع وأقله ثلاثة ، وهو غلط ، لأن الخطاب وإن توجه عليهم أجمع إلا أن المراد كل واحد ، إذ ليس المراد ثلاثة لا غير ، بل الجميع ، فإن كان المقصود الإتيان به جماعة وجب الجمع وإلا فلا.

وله قول ثالث : وجوب أربع كما لا بد من أربعة يحملونه. ولا تلازم ، ثم إنّ الحمل بين العمودين أفضل عنده وهو يحصل بثلاثة.

وله رابع : وجوب اثنين ، لأنه أقل الجمع (٣).

مسألة ٢١١ : يستحب الجماعة ، وليست شرطا إجماعا‌ ، لأن المعمول عليه بعد زمن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى اليوم أن يصلّى على الميت جماعة بإمام.

فإن صلّوا عليها أفرادا جاز ، وبه قال الشافعي (٤) ، لأن الصحابة صلّت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفرادا (٥) ولأن الأصل عدم الوجوب.

وكذا النساء يستحب أن يجمعن لو صلّين منفردات ، ولو كن مع الرجال تأخّرن مؤتمات بهم ، ولو كان فيهنّ حائض انفردت وحدها بصف.

__________________

(١) الام ١ : ٢٧٥ ، المجموع ٥ : ٢١٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٣٩.

(٢) سنن البيهقي ٤ : ١٩ ، سنن الدار قطني ٢ : ٥٦ ـ ٣ و ٤ ، مجمع الزوائد ٢ : ٦٧ ، الجامع الصغير ٢ : ٩٨ ـ ٥٠٣٠.

(٣) المجموع ٥ : ٢١٢.

(٤) الام ١ : ٢٧٥ ، المجموع ٥ : ٢١٢.

(٥) سنن البيهقي ٤ : ٣٠.

٦٢

مسألة ٢١٢ : ويجب أن يقف المصلي وراء الجنازة‌ مستقبل القبلة ورأس الميت على يمينه غير متباعد عنها كثيرا ، وإذا صلوا جماعة ينبغي أن يتقدم الإمام والمؤتمون خلفه صفوفا ، وإن كان فيهم نساء وقفن آخر الصفوف ، وإن كان فيهنّ حائض انفردت بارزة عنهم وعنهنّ.

ولو كانا نفسين وقف الآخر خلفه بخلاف صلاة الجماعة ، ولا يقف على يمينه لأن القاسم بن عبد الله القمي سأل الصادق عليه‌السلام عن رجل يصلي على جنازة وحده ، قال : « نعم » قلت : فاثنان ، قال : « لا ، يقوم الإمام وحده والآخر خلفه ولا يقوم إلى جنبه » (١).

فروع :

أ ـ أفضل الصفوف هنا آخرها لقول الصادق عليه‌السلام : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خير الصفوف في الصلاة المقدّم ، وفي الجنائز المؤخر ، قيل : ولم؟ قال : صار سترة للنساء » (٢).

ب ـ ينبغي أن يقف المأمومون صفوفا ، وأقل الفضل ثلاثة صفوف لما رواه الجمهور عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( من صلّى عليه ثلاثة صفوف فقد أوجب (٣) ) (٤).

ج ـ يستحب تسوية الصف في الموقف هنا كالصلاة المكتوبة ، خلافا لعطاء (٥).

د ـ ينبغي أن لا يتباعد الإمام عن الجنازة ، بل يكون بينهما شي‌ء يسير.

هـ ـ يستحب أن يتحفى عند الصلاة إن كان عليه نعلان ، وإن كان عليه‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٧٦ ـ ١ ، الفقيه ١ : ١٠٣ ـ ٤٧٧ ، التهذيب ٣ : ٣١٩ ـ ٩٩٠.

(٢) الكافي ٣ : ١٧٦ ـ ٣ ، التهذيب ٣ : ٣١٩ ـ ٣٢٠ ـ ٩٩١ ، علل الشرائع : ٣٠٦ باب ٢٥٢.

(٣) أوجب أي وجبت له الجنة. النهاية ـ لابن الأثير ـ ٥ : ١٥٣.

(٤) سنن الترمذي ٣ : ٣٤٧ ـ ١٠٢٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٧٨ ـ ١٤٩٠.

(٥) المغني ٢ : ٣٧٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٤٨.

٦٣

خف لم ينزعه ، لما فيه من الاتعاظ والخشوع ، وروى الجمهور عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار ) (١).

مسألة ٢١٣ : ويستحب أن يقف الإمام عند وسط الرجل وصدر المرأة‌ ـ وبه قال الشيخ في المبسوط (٢) ، وهو قول مالك (٣) ـ لأن سمرة بن جندب قال : صلّيت خلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم صلّى على أم كعب ، وكانت نفساء ، فوقف عند وسطها (٤). ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه‌السلام : « قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من صلّى على امرأة فلا يقم في وسطها ، ويكون مما يلي صدرها ، وإذا صلّى على الرجل فليقم في وسطه » (٥) ولأنه أبعد عن محارمها فكان أولى.

وقال الشيخ في الخلاف : السنة أن يقف الإمام عند رأس الرجل وصدر المرأة (٦) لقول الكاظم عليه‌السلام : « يقوم من المرأة عند رأسها » (٧).

وقال أحمد ، وبعض الشافعية : يقف عند صدر الرجل ووسط المرأة (٨) ،

__________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ٩ و ٤ : ٢٥ ، سنن الترمذي ٤ : ١٧٠ ـ ١٦٣٢ ، سنن النسائي ٦ : ١٤ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٠٢ ، مسند أحمد ٣ : ٣٦٧ و ٤٧٩ و ٥ : ٢٢٥ و ٢٢٦ و ٦ : ٤٤٤.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ١٨٤.

(٣) أقرب المسالك : ٣٤ ، المجموع ٥ : ٢٢٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٤١ ، المحلى ٥ : ١٥٥.

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٦٦٤ ـ ٩٦٤ ، سنن النسائي ١ : ١٩٥ و ٤ : ٧٠ ـ ٧١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٧٩ ـ ١٤٩٣ ، مسند أحمد ٥ : ١٩ ، والظاهر : أنّ الاستدلال بهذه الرواية إنّما يتمّ مع التوجيه باعتبار قرب الصدر من الوسط.

(٥) الكافي ٣ : ١٧٦ ـ ١ ، التهذيب ٣ : ١٩٠ ـ ٤٣٣ ، الاستبصار ١ : ٤٧٠ ـ ٤٧١ ـ ١٨١٨.

(٦) الخلاف ١ : ٧٣١ مسألة ٥٦٢.

(٧) الكافي ٣ : ١٧٧ ـ ٢ ، التهذيب ٣ : ١٩٠ ـ ٤٣٢ ، الاستبصار ١ : ٤٧ ـ ١٨١٧ نقلا بالمعنى.

والظاهر أنّ الاستدلال بالرواية إنّما يتمّ مع التوجيه الذي ذكره الشيخ الطوسي في التهذيب ٣ : ١٩٠ ذيل الحديث ٤٣٣ ، قال : لأنّ الرأس يقرب من الصدر ، فجاز أن يعبّر عنه به.

(٨) المغني ٢ : ٣٩٠ ، المجموع ٥ : ٢٢٥.

٦٤

وبعضهم قال : عند رأس الرجل ـ وبه قال أبو يوسف ، ومحمد (١) ـ لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى على امرأة ماتت في نفاسها فقام وسطها (٢) ، وصلى أنس بن مالك على جنازة عبد الله بن عمر ، فقام عند رأسه (٣). وفعل أنس ليس حجة.

وقال أبو حنيفة : يقوم عند صدر الرجل والمرأة معا لتساويهما في سنن الصلاة (٤) ، وهو ممنوع لمخالفتهما في الموقف فكذا هنا.

وقال مالك : يقف عند وسط الرجل ومنكبي المرأة (٥).

فروع :

أ ـ لو اجتمعت جنائز الرجال جعل رأس الميت الأبعد عند ورك الأقرب وهكذا صفا مدرجا ، ثم يقف الإمام وسط الصف للرواية (٦) ، وقال الجمهور : يصفّهم صفا مستويا (٧).

__________________

(١) عمدة القارئ ٨ : ١٣٦ ، المجموع ٥ : ٢٢٥ ، المغني ٢ : ٣٩٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٤١ ، بداية المجتهد ١ : ٢٣٦.

(٢) صحيح البخاري ١ : ٩٠ و ٢ : ١١١ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٦٤ ـ ٩٦٤ ، سنن النسائي ١ : ١٩٥ ، مسند أحمد ٥ : ١٩ ، سنن أبي داود ٣ : ٢٠٩ ـ ٣١٩٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٧٩ ـ ١٤٩٣ ، المحرر في الحديث ١ : ٣١٢ ـ ٥٢٦.

(٣) سنن ابن ماجة ١ : ٤٧٩ ـ ١٤٩٤ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٣.

(٤) المبسوط للسرخسي ٢ : ٦٥ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٩٢ ، شرح العناية ٢ : ٨٩ ، عمدة القارئ ٨ : ١٣٦ ، المجموع ٥ : ٢٢٥ ، المغني ٢ : ٣٩٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٤١.

(٥) الشرح الصغير ١ : ١٩٨ ، أقرب المسالك : ٣٤ ، المجموع ٥ : ٢٢٥ ، المغني ٢ : ٣٩٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٤١.

(٦) الكافي ٣ : ١٧٤ ـ ٢ ، التهذيب ٣ : ٣٢٢ ـ ٣٢٣ ـ ١٠٠٤ ، الاستبصار ١ : ٤٧٢ ـ ٤٧٣ ـ ١٨٢٧.

(٧) المجموع ٥ : ٢٢٦ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٦٥.

٦٥

ب ـ لو اجتمع الرجل والمرأة ، قال أصحابنا : يجعل رأس المرأة عند وسط الرجل ليقف الإمام موضع الفضيلة فيهما ، وكذا لو اجتمع رجال ونساء ، صفّ الرجال صفّا ، والنساء خلفهم صفا ، رأس أول امرأة عند وسط آخر الرجال ، ثم يقوم وسط الرجال ، وبه قال مالك ، وسعيد بن جبير ، وأحمد في رواية ، وفي أخرى : يسوّي بين رءوسهم كلهم (١) ، لأن أم كلثوم بنت علي عليه‌السلام وزيدا ابنها توفّيا معا ، فأخرجت جنازتهما ، فصلّى عليهما أمير المدينة فسوّى بين رءوسهما وأرجلهما (٢) ، ولا حجة في فعل غير النبيّ ، والإمام عليهما‌السلام.

ج ـ لا فرق بين العبيد والأحرار ، ولا بين البالغين وغيرهم في هذا الحكم.

مسألة ٢١٤ : ويستحب جعل المرأة مما يلي القبلة والرجال مما يلي الإمام لو اجتمعا‌ ـ وبه قال جميع الفقهاء ـ لأن أم كلثوم وابنها وضعا كذلك (٣).

ومن طريق الخاصة سؤال محمد بن مسلم أحدهما عليهما‌السلام كيف يصلّى على الرجال والنساء؟ قال : « الرجل مما يلي الإمام » (٤) ولأن الرجل يكون إماما في جميع الصلوات فكذا هنا.

وحكي عن القاسم بن محمد ، وسالم بن عبد الله ، والحسن البصري أنهم عكسوا ، لأن أشرف المواضع مما يلي القبلة ، ولهذا يكونون في الدفن هكذا (٥). والفرق أنه ليس في اللحد إمام فاعتبرت القبلة ، وهنا إمام فاعتبر القرب منه.

__________________

(١) المجموع ٥ : ٢٢٦ ، المغني ٢ : ٣٩١ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٤٣.

(٢) سنن الدار قطني ٢ : ٧٩ ـ ٨٠ ـ ١٣ وانظر المغني ٢ : ٣٩٠ والشرح الكبير ٢ : ٣٤٣.

(٣) سنن النسائي ٤ : ٧١ ، سنن الدار قطني ٢ : ٧٩ ـ ٨٠ ـ ١٣.

(٤) الكافي ٣ : ١٧٥ ـ ٤ ، التهذيب ٣ : ٣٢٣ ـ ١٠٠٥ ، الاستبصار ١ : ٤٧١ ـ ١٨٢٢.

(٥) المجموع ٥ : ٢٢٨.

٦٦

فروع :

أ ـ لو كانوا كلّهم رجالا أحببت تقديم الأفضل إلى الإمام ، وبه قال الشافعي (١).

ب ـ لو تشاح أولياؤهم فقال وليّ الرجل : أنا أصلي عليهم. وقال وليّ المرأة : أنا أصلي ، قال الشافعي : يقدم السابق منهما ، فإن استووا أقرع ، ولو أراد كل منهما الانفراد كان له (٢).

ج ـ الأفضل أن يصلّى على كل واحد من الجنائز المتعددة صلاة واحدة ، لأن القصد بالتخصيص أولى منه بالتعميم ، فإن كان بهم عجلة أو خيف على الأموات صلّي على الجميع صلاة واحدة.

د ـ لو كانوا مختلفين في الحكم بأن يجب على أحدهم الصلاة ويستحب على الآخر لم يجز جمعهم بنية متحدة الوجه ، ولو قيل بإجزاء النيّة الواحدة المشتملة على الوجهين بالتقسيط أمكن.

هـ ـ الترتيب بين الرجال والنساء مستحب ، لقول الصادق عليه‌السلام : « لا بأس أن يقدم الرجل وتؤخر المرأة ، ويؤخر الرجل وتقدم المرأة » (٣) يعني في الصلاة على الميت.

و ـ لو اجتمع رجل وصبي وعبد وخنثى وامرأة ، فإن كان للصبي أقل من ست سنين جعل الرجل مما يلي الإمام ، ثم العبد ، ثم الخنثى ، ثم المرأة ، ثم الصبيّ ـ ذهب إليه علماؤنا ـ إذ لا تجب الصلاة على الصبي ، بخلاف المرأة والخنثى ، فتقديمهما إلى الإمام أولى.

__________________

(١) الام ١ : ٢٧٥ ، المجموع ٥ : ٢٢٦.

(٢) الام ١ : ٢٧٥ ـ ٢٧٦ ، المجموع ٥ : ٢٢٧.

(٣) الفقيه ١ : ١٠٦ ـ ٤٩٣ ، التهذيب ٣ : ٣٢٤ ـ ١٠٠٩ ، الاستبصار ١ : ٤٧٣ ـ ١٨٢٨.

٦٧

وقال الشافعي : يجعل الصبي بين الرجل والخنثى مطلقا (١) لحديث أم كلثوم (٢).

ولو كان الصبي ابن ست سنين فصاعدا جعل بعد الرجل ، لقول الصادق عليه‌السلام في جنائز الرجال والصبيان والنساء : « توضع النساء مما يلي القبلة ، والصبيان دونهن ، والرجال دون ذلك » (٣).

مسألة ٢١٥ : إذا نوى المصلي ، كبر خمسا واجبا بينها أربعة أدعية‌ ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ـ وبه قال زيد بن أرقم ، وحذيفة بن اليمان (٤) ـ لأن زيد ابن أرقم كبر على جنازة خمسا ، وقال : كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكبرها (٥).

وعن حذيفة أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعل ذلك (٦) ، وكبر علي عليه‌السلام على سهل بن حنيف خمسا (٧) ، وكان أصحاب معاذ يكبرون على الجنازة خمسا (٨).

ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه‌السلام : « كبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمسا » (٩).

__________________

(١) الام ١ : ٢٧٥ ، المجموع ٥ : ٢٢٦.

(٢) سنن النسائي ٤ : ٧١ ، سنن الدار قطني ٢ : ٧٩ ـ ٨٠ ـ ١٣.

(٣) الكافي ٣ : ١٧٥ ـ ٥ ، التهذيب ٣ : ٣٢٣ ـ ١٠٠٧ ، الاستبصار ١ : ٤٧٢ ـ ١٨٢٤.

(٤) المجموع ٥ : ٢٣١.

(٥) صحيح مسلم ٢ : ٦٥٩ ـ ٩٥٧ ، سنن الترمذي ٣ : ٣٤٣ ـ ١٠٢٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٨٢ ـ ١٥٠٥ ، سنن أبي داود ٣ : ٢١٠ ـ ٣١٩٧ ، سنن النسائي ٤ : ٧٢ ، سنن الدار قطني ٢ : ٧٣ ـ ٨.

(٦) مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ٣٠٣ ، سنن الدار قطني ٢ : ٧٣ ـ ٩.

(٧) المغني ٢ : ٣٨٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٤٩ نقلا عن سعيد في سننه.

(٨) مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ٣٠٣ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٧.

(٩) التهذيب ٣ : ٣١٥ ـ ٩٧٧ ، الاستبصار ١ : ٤٧٤ ـ ١٨٣٣.

٦٨

وسئل الصادق عليه‌السلام عن التكبير على الميت ، فقال : « خمس » (١).

وروى الصدوق : أن العلّة في ذلك أن الله عزّ وجلّ فرض على الناس خمس صلوات فجعل للميت من كل صلاة تكبيرة ، وفي اخرى : أن الله تعالى فرض على الناس خمس فرائض : الصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحج ، والولاية ، فجعل للميت من كل فريضة تكبيرة (٢).

وقال الفقهاء الأربعة ، والثوري ، والأوزاعي ، وداود ، وأبو ثور : التكبير أربع ، ورووه عن الحسن بن علي عليهما‌السلام ، وأخيه محمد بن الحنفية ، وعمر ، وابن عمر ، وزيد ، وجابر ، وأبي هريرة ، والبراء بن عازب ، وعتبة بن عامر ، وعطاء بن أبي رباح (٣) ، لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نعى النجاشي للناس وكبر بهم أربعا (٤).

والجواب : قد بيّنا أنه عليه‌السلام صلّى له بمعنى الدعاء ، ولو سلمنا أنه فعل ذلك ببعض الأموات لكن ذلك لانحراف الميت عن الحق ، فإنه قد روي عن أهل البيت عليهم‌السلام : أن الصلاة بالأربع للمتهم في دينه (٥).

قال الصادق عليه‌السلام : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكبر‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٨٤ ـ ٣ ، التهذيب ٣ : ١٩١ ـ ٤٣٦.

(٢) علل الشرائع : ٣٠٢ باب ٢٤٤ و ٣٠٣ باب ٢٤٥.

(٣) المجموع ٥ : ٢٣٠ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٦٣ ، اللباب ١ : ١٣٠ ، المغني ٢ : ٣٨٧ و ٣٨٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٠ ، بلغة السالك ١ : ١٩٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٣٤ ، الشرح الصغير ١ : ١٩٧ ، سبل السلام ٢ : ٥٥٨.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ٩٢ و ١١٢ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٥٦ ـ ٩٥١ ، سنن الترمذي ٣ : ٣٤٢ ـ ١٠٢٢ ، سنن أبي داود ٣ : ٢١٢ ـ ٣٢٠٤ ، سنن النسائي ٤ : ٧٢ ، الموطأ ١ : ٢٢٦ ـ ١٤.

(٥) التهذيب ٣ : ١٩٢ ـ ١٩٣ ـ ٤٣٩ ، علل الشرائع : ٣٠٤ ـ ٣٠٥ باب ٢٤٥.

٦٩

على قوم خمسا ، وعلى آخرين أربعا ، فإذا كبر أربعا اتهم » (١) يعني الميت.

وحكي عن محمد بن سيرين وأبي الشعثاء جابر بن زيد أنهما قالا : يكبر ثلاثا. وروي عن ابن عباس (٢).

وعن علي عليه‌السلام أنه كان يكبر على أهل بدر خمسا وعلى سائر الناس أربعا (٣). وهو يناسب ما قلناه من تخصيص الأربع بغير المرضي.

فروع :

أ ـ لا ينبغي الزيادة على الخمس لأنها منوطة بقانون الشرع ولم تنقل الزيادة.

وما روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أنه كبر على حمزة سبعين تكبيرة (٤) ، وعن علي عليه‌السلام أنه كبر على سهل بن حنيف خمسا وعشرين تكبيرة (٥) إنما كان في صلوات متعددة.

قال الباقر عليه‌السلام : « كان إذا أدركه الناس قالوا : يا أمير المؤمنين لم ندرك الصلاة على سهل بن حنيف فيضعه فيكبر عليه خمسا حتى انتهى إلى قبره خمس مرات » (٦).

ب ـ لو كبر الإمام أكثر من خمس لم يتابعه المأموم ، لأنها زيادة غير مسنونة للإمام فلا يتابعه المأموم فيها.

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٨١ ـ ٢ ، التهذيب ٣ : ١٩٧ ـ ٤٥٤ ، الاستبصار ١ : ٤٧٥ ـ ١٨٣٩.

(٢) المجموع ٥ : ٢٣١ ، المغني ٢ : ٣٨٩ ، المحلى ٥ : ١٢٧.

(٣) الموجود في المصادر : أن عليا عليه‌السلام كان يكبر على أهل بدر ستا وعلى غيرهم من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمسا ، وعلى سائر الناس أربعا ، راجع مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ٣٠٣ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٧ ، سنن الدار قطني ٢ : ٧٣ ـ ٧.

( ٤ و ٥ و ٦ ) الكافي ٣ : ١٨٦ ـ ٣ ، الفقيه ١ : ١٠١ ـ ٤٧٠ ، التهذيب ٣ : ١٩٧ ـ ٤٥٥.

٧٠

وقال الثوري ، ومالك ، وأبو حنيفة ، والشافعي ، وأحمد في رواية : لا يتابعه في الزائد على الأربع ، لما تقدم ، وعنه رواية أنه يتابعه الى سبع (١) ، لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كبر على حمزة سبعا (٢) ، وكبر عليّ عليه‌السلام على أبي قتادة سبعا ، وعلى سهل بن حنيف ستا وقال : « إنه بدري » (٣).

وقال : فإن زاد على سبع لم يتابعه (٤).

وقال عبد الله بن مسعود : إن زاد الإمام على سبع تابعه فإنه لا وقت ولا عدد (٥).

ج ـ لو زاد الإمام على المقدر ، فقد قلنا : إنه لا يتابعه وينصرف ، وبه قال الثوري ، وأبو حنيفة (٦).

وقال الشافعي ، وأحمد : لا ينصرف بل يقف حتى يسلم الإمام فيسلم معه (٧).

مسألة ٢١٦ : الأقرب عندي وجوب الدعاء بين التكبيرات‌ ، لأن القصد الدعاء ، فلا تجب الصلاة لو لم يجب ، ولأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كذا فعل (٨).

__________________

(١) المجموع ٥ : ٢٣١ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٦٤ ، شرح العناية ٢ : ٨٧ ، المغني ٢ : ٣٨٧ و ٣٨٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٤٩ ـ ٣٥٠ ، الشرح الصغير ١ : ١٩٧.

(٢) سنن البيهقي ٤ : ١٢ و ١٣.

(٣) مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ٣٠١ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٦.

(٤) المغني ٢ : ٣٨٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٠.

(٥) مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ٣٠٣ ، مجمع الزوائد ٣ : ٣٤.

(٦) شرح العناية ٢ : ٨٧ ، بدائع الصنائع ١ : ٣١٣ ، المجموع ٥ : ٢٣١ ، المغني ٢ : ٣٨٨.

(٧) المجموع ٥ : ٢٣٠ و ٢٣١ ، المغني ٢ : ٣٨٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٠.

(٨) صحيح مسلم ٢ : ٦٦٢ ـ ٩٦٣ ، سنن أبي داود ٣ : ٢١١ ـ ٣٢٠١ و ٣٢٠٢ ، سنن الترمذي

٧١

قال الكاظم عليه‌السلام : « قال الصادق عليه‌السلام : صلّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على جنازة خمسا ، وصلّى على اخرى فكبر أربعا ، فالتي كبر عليها خمسا حمد الله ومجّده في الاولى ، ودعا في الثانية للنبي ، وفي الثالثة للمؤمنين والمؤمنات ، وفي الرابعة للميت ، وانصرف في الخامسة ، والتي كبر عليها أربعا ، كبّر وحمد الله ومجّده ، ودعا في الثانية لنفسه وأهله ، ودعا للمؤمنين والمؤمنات في الثالثة ، وانصرف في الرابعة ، ولم يدع له لأنه كان منافقا » (١).

مسألة ٢١٧ : الأقوى أنه لا يتعين دعاء معين‌ ، بل المعاني المدلول عليها تلك الأدعية ، وأفضله أن يكبر ويشهد الشهادتين ، ثم يكبر ويصلي على النبيّ ـ صلّى الله عليه ـ وآله ، ثم يكبر ويدعو للمؤمنين ، ثم يكبّر ويدعو للميت ، ثم يكبر الخامسة ، وينصرف مستغفرا ـ ذهب إليه علماؤنا أجمع ـ لأن ابن مسعود قال : ما وقت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قولا ولا قراءة ، فكبر كما كبر الإمام ، واختر من طيب القول ما شئت (٢).

ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه‌السلام : « ليس في الصلاة على الميت قراءة ولا دعاء موقت إلا أن تدعو بما بدا لك » (٣).

وقال الصادق عليه‌السلام : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا صلّى على ميت كبر وتشهد ، ثم كبر وصلّى على الأنبياء ودعا ، ثم كبر‌

__________________

٣ : ٣٤٣ ـ ٣٤٥ ـ ١٠٢٤ و ١٠٢٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٨٠ ـ ١٤٩٨ و ١٤٩٩.

(١) التهذيب ٣ : ٣١٧ ـ ٩٨٣ ، الاستبصار ١ : ٤٧٥ ـ ١٨٤٠.

(٢) سبل السلام ٢ : ٥٦٠ ، المغني ٢ : ٣٦٦.

(٣) الكافي ٣ : ١٨٥ ـ ١ ، التهذيب ٣ : ١٩٣ ـ ٤٤٢ ، الاستبصار ١ : ٤٧٦ ـ ١٨٤٣.

٧٢

ودعا للمؤمنين ، ثم كبر الرابعة ودعا للميت ، ثم كبر وانصرف » (١).

مسألة ٢١٨ : وليس فيها قراءة‌ عند علمائنا أجمع ـ وبه قال الثوري ، والأوزاعي ، ومالك ، وأبو حنيفة (٢) ـ لأن ابن مسعود قال : إن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يوقت فيها قولا ولا قراءة (٣).

ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه‌السلام (٤) وقد تقدم (٥).

ولأن ما لا ركوع فيه ليس فيه قراءة ، كسجود التلاوة.

وقال الشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وداود : تجب فاتحة الكتاب ، ورووه عن ابن مسعود ، وابن عباس ، وابن الزبير ، والحسن البصري (٦) ، لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرأ بعد التكبيرة الأولى بأم القرآن (٧). ولأنها صلاة يجب فيها القيام فوجبت القراءة كغيرها.

والجواب : قد بيّنا عدم التوقيت ، فكما جاز الدعاء جازت القراءة بنيّة الدعاء ، والفرق بين الصلاتين اشتراط الطهارة في غيرها دون هذه ، لأن القصد فيها الدعاء فناسب سقوط القراءة.

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٨١ ـ ٣ ، الفقيه ١ : ١٠٠ ـ ٤٦٩ ، التهذيب ٣ : ١٨٩ ـ ١٩٠ ـ ٤٣١.

(٢) بداية المجتهد ١ : ٢٣٥ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٦٤ ، شرح فتح القدير ٢ : ٨٥ ، المجموع ٥ : ٢٤٢ ، المغني ٢ : ٣٦٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٤٤.

(٣) سبل السلام ٢ : ٥٦٠ ، المغني ٢ : ٣٦٦.

(٤) الكافي ٣ : ١٨٥ ـ ١ ، التهذيب ٣ : ١٩٣ ـ ٤٤٢ ، الاستبصار ١ : ٤٧٦ ـ ١٨٤٣.

(٥) تقدم في المسألة ٢١٧.

(٦) الام ١ : ٢٨٣ ، المجموع ٥ : ٢٤٢ ، مختصر المزني ١ : ٣٨ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٦٤ ، بداية المجتهد ١ : ٢٣٥ ، المغني ٢ : ٣٦٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٤٣.

(٧) سنن ابن ماجة ١ : ٤٧٩ ـ ١٤٩٥ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٩.

٧٣

فروع :

أ ـ قال الشيخ في الخلاف : تكره القراءة في صلاة الجنازة (١) وبه قال أبو حنيفة وأصحابه ، والثوري ، ومالك ، والأوزاعي ـ لما تقدم (٢) من مشروعية الدعاء والتحميد ـ وهو مروي عن أبي هريرة وابن عمر (٣).

وقال الشافعي : قراءة الحمد شرط في صحتها (٤).

ب ـ يستحب الإسرار بالدعاء في صلاة الجنازة لأن السر أقرب إلى القبول لبعده عن الرياء ، وكذا من أوجب القراءة إلا بعض الشافعية فإنه قال : يسر فيها نهارا لا ليلا (٥).

ج ـ لا تستحب الزيادة على الفاتحة عند الموجبين لها.

د ـ لا يستحب دعاء الاستفتاح عند علمائنا ، وهو قول أكثر العلماء (٦) لاستحباب التخفيف في هذه الصلاة.

واستحبه الثوري ، وهو قول بعض الشافعية ، ورواية عن أحمد (٧) لأنه مستحب في غيرها ، والفرق التخفيف هنا.

هـ ـ لا يستحب التعوذ عندنا ـ وهو قول أكثر أهل العلم ـ لأنها مخففة ،

__________________

(١) الخلاف ١ : ٧٢٣ مسألة ٥٤٢.

(٢) تقدم في المسألة ٢١٧.

(٣) شرح فتح القدير ٢ : ٨٥ ، بدائع الصنائع ١ : ٣١٣ ، المنتقى للباجي ٢ : ١٦ ، بداية المجتهد ١ : ٢٣٥ ، المجموع ٥ : ٢٤٢ ، الموطأ ١ : ٢٢٨ ـ ١٧ و ١٩ وانظر الخلاف ١ : ٧٢٣ مسألة ٥٤٢.

(٤) المجموع ٥ : ٢٣٣ و ٢٤٢ ، السراج الوهاج : ١٠٧ ، مغني المحتاج ١ : ٣٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٤٣ ، وانظر أيضا الخلاف ١ : ٧٢٣ مسألة ٥٤٢.

(٥) المجموع ٥ : ٢٣٤ ، عمدة القارئ ٨ : ١٤٠.

(٦) المغني ٢ : ٣٦٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٤٣ ، المجموع ٥ : ٢٣٤ ، حلية العلماء ٢ : ٢٩٥.

(٧) المجموع ٥ : ٢٣٤ ، المغني ٢ : ٣٦٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٤٣.

٧٤

وبعض الشافعية استحبه ، وهو قول أحمد ، لأنه سنة للقراءة (١) لقوله تعالى : ( فَاسْتَعِذْ ) (٢) ونحن نمنع القراءة.

مسألة ٢١٩ : ولا تسليم فيها‌ ، بل يكبر الخامسة وينصرف وهو يقول : عفوك عفوك. ذهب إليه علماؤنا أجمع لقول ابن مسعود : لم يوقت لنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صلاة الميت قولا (٣).

ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه‌السلام والصادق عليه‌السلام : « ليس في الصلاة على الميت تسليم » (٤) ، ولأنه ليس لها حرمة الصلاة ، لإيقاعها من غير طهارة ولا قراءة ، فلا يشرع التسليم.

وقال الشافعي ، وأحمد : يكبّر ويقرأ فاتحة الكتاب إما من غير استفتاح ولا تعوذ أو بعدهما على ما تقدم ، ثم يكبر الثانية ويصلّي على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويدعو للمؤمنين ، ويكبر الثالثة ويدعو للميت وحده لأن القصد هو الدعاء له ، ثم يكبر الرابعة ويسلّم (٥).

وكذا قال أبو حنيفة في التسليم (٦) ، ورواه الجمهور عن علي عليه‌السلام ، وابن عمر ، وابن عباس ، وجابر ، وأبي هريرة ، وأنس ، وسعيد بن جبير ، والحسن البصري ، وابن سيرين ، والحارث ، وإبراهيم النخعي ،

__________________

(١) المغني ٢ : ٣٦٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٤٣.

(٢) الأعراف : ٢٠٠.

(٣) سبل السلام ٢ : ٥٦٠ ، المغني ٢ : ٣٦٦.

(٤) الكافي ٣ : ١٨٥ ـ ٣ ، التهذيب ٣ : ١٩٢ ـ ٤٣٧ ، الاستبصار ١ : ٤٧٧ ـ ١٨٤٦ ، وفي الأخيرين عن الامام الصادق عليه‌السلام.

(٥) الام ١ : ٢٧٠ ، المجموع ٥ : ٢٣٣ ـ ٢٣٩ ، فتح الوهاب ١ : ٩٤ و ٩٥ ، المغني ٢ : ٣٦٦ ـ ٣٦٧‌

(٦) الهداية للمرغيناني ١ : ٩٢ ، شرح العناية ٢ : ٨٦ ، بداية المجتهد ١ : ٢٣٦.

٧٥

والثوري ، وأحمد ، وإسحاق (١) قياسا على سائر الصلوات ، والجواب ما تقدم من الفرق.

فروع :

الأول : اختلف القائلون بالتسليم بعد اتفاقهم على وجوبه ، فقال الشافعي ، وأصحاب الرأي : يستحب تسليمتان وتجزي الواحدة كغيرها من الصلوات (٢) وأنكر الباقون استحباب الثانية إلا النخعي (٣) ، لأنهم نقلوا عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه سلّم على الجنازة مرة واحدة (٤).

الثاني : قال الموجبون للتسليم : يستحب أن يسلم عن يمينه ، وإن سلّم تلقاء وجهه فلا بأس (٥) ، لأنهم رووا عن عليّ عليه‌السلام أنه سلم على يزيد بن المكفف واحدة عن يمينه السلام عليكم (٦).

الثالث : إذا فرغ من الصلاة يستحب أن لا يبرح من مكانه حتى ترفع الجنازة.

مسألة ٢٢٠ : الميت إن كان مؤمنا دعا له في الرابعة ، وعليه إن كان منافقا‌ ، ويقرأ : ربنا اغفر للذين تابوا واتّبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ، إن كان مستضعفا ، وإن جهله سأل الله أن يحشره مع من يتولاّه.

والطفل ، سأل الله أن يجعله له ولأبويه فرطا ، لقول الباقر عليه‌

__________________

(١) المغني ٢ : ٣٧٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٤٧ ، المجموع ٥ : ٢٤٤.

(٢) الام ١ : ٢٧١ ، المجموع ٥ : ٢٤٠ ، بدائع الصنائع ١ : ٣١٣ ، بداية المجتهد ١ : ٢٣٦ ، المغني ٢ : ٣٧٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٤٧.

(٣) المجموع ٥ : ٢٤٣ ، المغني ٢ : ٣٧٠ ـ ٣٧١ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٤٧.

(٤) سنن البيهقي ٤ : ٤٣ ، وانظر المغني ٢ : ٣٧٠ ، والشرح الكبير ٢ : ٣٤٧.

(٥) المجموع ٥ : ٢٤٠ ، مغني المحتاج ١ : ٣٤١ ، المغني ٢ : ٣٧١ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٤٧.

(٦) مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ٣٠٧ ، وانظر المغني ٢ : ٣٧١ ، والشرح الكبير ٢ : ٣٤٧.

٧٦

السلام : « إذا صليت على المؤمن فادع له ، وإن كان مستضعفا فكبر وقل : اللهم اغفر للذين تابوا » (١) وصلّى الباقر عليه‌السلام فقال : « اللهم هذا عبدك ولا أعلم منه شرا فإن كان مستوجبا فشفّعنا فيه واحشره مع من كان يتولاه » (٢).

وحضر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جنازة عبد الله بن أبي سلول فقيل : يا رسول الله ألم ينهك الله أن تقوم على قبره؟! فقال : ( ويلك وما يدريك ما قلت ، إني قلت : اللهم احش جوفه نارا واملأ قبره نارا وأصله نارا ) (٣).

وصلّى الحسين عليه‌السلام على منافق فقال : « اللهم العن عبدك فلانا ، وأخزه في عبادك ، وأصله حر نارك ، وأذقه أشد عذابك ، فإنه يوالي أعداءك ويعادي أولياءك ويبغض أهل بيت نبيّك » (٤).

وقال علي عليه‌السلام في الصلاة على الطفل : « اللهم اجعله لنا ولأبويه فرطا وأجرا » (٥).

وأجب الشافعي القرءة والصلاة على النبي ، والدعاء للميت ، ولم يقدره ، واستحب الدعاء للمؤمنين (٦).

مسألة ٢٢١ : أجمع أهل العلم كافة على استحباب رفع اليدين في أول تكبيرة ، واختلفوا في البواقي‌ ، فلعلمائنا قولان :

أحدهما : الاستحباب (٧) ـ وبه قال ابن عمر ، وسالم ، وعمر بن‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٨٧ ـ ٢ ، التهذيب ٣ : ١٩٦ ـ ٤٥٠.

(٢) الكافي ٣ : ١٨٨ ـ ٦ ، التهذيب ٣ : ١٩٦ ـ ٤٥١.

(٣) الكافي ٣ : ١٨٨ ـ ١ ، التهذيب ٣ : ١٩٦ ـ ٤٥٢.

(٤) الكافي ٣ : ١٨٩ ـ ٣ ، الفقيه ١ : ١٠٥ ـ ٤٩٠ ، قرب الاسناد : ٢٩.

(٥) التهذيب ٣ : ١٩٥ ـ ١٩٦ ـ ٤٤٩.

(٦) الام ١ : ٢٧١.

(٧) قاله الشيخ الطوسي في الاستبصار ١ : ٤٧٩ ذيل الحديث ١٨٥٤ ، والمحقق في شرائع الإسلام ١ : ١٠٦ ، ويحيى بن سعيد الحلي في الجامع للشرائع : ١٢١.

٧٧

عبد العزيز ، والزهري ، وعطاء ، وإسحاق ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأحمد (١) ـ لأن ابن عمر قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يرفع يديه في كل تكبيرة (٢) وفعله ابن عمر ، وأنس (٣). ومن طريق الخاصة ما رواه عبد الرحمن العرزمي قال : صليت خلف الصادق عليه‌السلام على جنازة فكبّر خمسا ، يرفع يديه مع كل تكبيرة (٤) ، ولأنها تكبيرة حالة الاستقرار فأشبهت الأولى.

والثاني : عدم الاستحباب (٥) ـ وبه قال مالك ، والثوري ، وأبو حنيفة (٦) ـ لأن كل تكبيرة مقام ركعة ، ولا ترفع الأيدي في جميع الركعات بل في الأولى ، ولقول الصادق عليه‌السلام : « كان علي عليه‌السلام يرفع يديه في أول التكبير ثم لا يعود حتى ينصرف » (٧).

وحديثنا أولى ، لأن الصادق عليه‌السلام فعله (٨) فلا يروي عن جده ما ينافي فعله ، أو أنه مندوب فجاز تركه أحيانا ، ونمنع الأصل في القياس.

__________________

(١) الام ١ : ٢٧١ ، المجموع ٥ : ٢٣٢ ، المغني ٢ : ٣٧٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٤٧.

(٢) ذكره الدار قطني في علله كما في هامش سنن الدار قطني ٢ : ٧٥.

(٣) مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ٢٩٦ ، سنن البيهقي ٤ : ٤٤ ، المجموع ٥ : ٢٣٢ ، المغني ٢ : ٣٧٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٤٨.

(٤) التهذيب ٣ : ١٩٤ ـ ٤٤٥ ، الاستبصار ١ : ٤٧٨ ـ ١٨٥١.

(٥) قاله المفيد في المقنعة : ٣٧ ، والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٨٥ ، والنهاية : ١٤٥ ، وأبو الصلاح في الكافي : ١٥٧ ، وابن حمزة في الوسيلة : ١٢٠ ، وسلاّر في المراسم : ٧٩ ، وابن البراج في المهذّب ١ : ١٣٠.

(٦) المنتقى للباجي ٢ : ١٢ ، القوانين الفقهية : ٩٣ ، الحجة على أهل المدينة ١ : ٣٦٢ ، بدائع الصنائع ١ : ٣١٤ ، المجموع ٥ : ٢٣٢ ، المغني ٢ : ٣٧٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٤٨.

(٧) التهذيب ٣ : ١٩٤ ـ ٤٤٤ ، الاستبصار ١ : ٤٧٨ ـ ١٨٥٣.

(٨) التهذيب ٣ : ١٩٤ ـ ٤٤٥ ، الاستبصار ١ : ٤٧٨ ـ ١٨٥١.

٧٨

البحث الخامس : في الأحكام.

مسألة ٢٢٢ : قال الشيخ في الخلاف : يكره لمن صلّى على جنازة أن يصلي عليها ثانيا‌ (١) ـ وبه قال أبو حنيفة ، وهو أحد وجهي الشافعي (٢) ـ لأن المراد المبادرة. وفي الوجه الآخر : يجوز ـ وبه قال أحمد (٣) ـ لأن عليا عليه‌السلام كرر الصلاة على سهل بن حنيف (٤) ، وليس حجة لأنه عليه‌السلام كررها إما لتعظيمه وإظهار شرفه أو ليصلي عليه من لم يصلّ.

أما من لم يصلّ على الميت فهل يكره له الصلاة عليه بعد أن صلى عليه غيره؟ الأقرب ذلك ـ وبه قال النخعي ، ومالك ، وأبو حنيفة (٥) ـ لمنافاته المبادرة المطلوبة ، ولسقوط الفرض بالصلاة الأولى ، فالثانية تطوع ، والصلاة على الميت لا يتطوع بها ، ولهذا إنّ من صلّى لا يكررها.

ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه‌السلام : « إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى على جنازة ثم جاءه قوم فقالوا : فاتتنا الصلاة. فقال : إن الجنازة لا يصلى عليها مرتين ، ادعوا له وقولوا خيرا » (٦).

وقال بعض علمائنا : من فاتته الصلاة على الجنازة فله أن يصلي عليها ما لم تدفن ، فإن دفنت فله أن يصلي على القبر يوما وليلة ، أو ثلاثة أيام (٧)

__________________

(١) الخلاف ١ : ٧٢٦ مسألة ٥٤٨.

(٢) المجموع ٥ : ٢٤٦ ، شرح فتح القدير ٢ : ٨٣ ، شرح العناية ٢ : ٨٣ ، بدائع الصنائع ١ : ٣١١.

(٣) المجموع ٥ : ٢٤٦ ، حلية العلماء ٢ : ٢٩٧ ، بدائع الصنائع ١ : ٣١١ ، شرح العناية ٢ : ٨٣.

(٤) التهذيب ٣ : ٣٢٥ ـ ١٠١١ ، الإستبصار ١ : ٤٨٤ ـ ١٨٧٦.

(٥) بداية المجتهد ١ : ٢٣٨ ، شرح فتح القدير ٢ : ٨٣ ، شرح العناية ٢ : ٨٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٩١ ، بدائع الصنائع ١ : ٣١١ ، المغني ٢ : ٣٨٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٢.

(٦) التهذيب ٣ : ٣٢٤ ـ ١٠١٠ ، الاستبصار ١ : ٤٨٤ ـ ٤٨٥ ـ ١٨٧٨.

(٧) الخلاف ١ : ٧٢٦ مسألة ٥٤٨.

٧٩

على ما تقدم من الخلاف (١) ـ وهو مروي عن أبي موسى ، وابن عمر ، وعائشة ، وبه قال الأوزاعي ، والشافعي ، وأحمد (٢) ـ لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى على قبر المسكينة (٣). والظاهر أنها دفنت بعد الصلاة ، وصلّى علي عليه‌السلام على سهل بن حنيف خمسا وعشرين تكبيرة (٤) ، لتلاحق من لم يصلّ.

والوجه عندي التفصيل ، فإن خيف على الميت ظهور حادثة به كره تكرار الصلاة وإلا فلا.

إذا ثبت هذا ، فإذا صلّي على الميت مرّة لم توضع لأحد يصلي عليها ، ولا يحبس بعد الصلاة ويبادر بدفنه.

وقال أبو حنيفة : إذا صلّى غير الولي والسلطان أعاد الولي والسلطان (٥) لخبر المسكينة (٦).

مسألة ٢٢٣ : ويصلى على الجنائز في الأوقات الخمسة المكروهة‌ ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ـ وبه قال الشافعي (٧) ـ لأن أبا هريرة صلّى على عقيل حين اصفرت الشمس (٨) ، ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه‌السلام : « يصلى » ‌

__________________

(١) تقدم في المسألة ١٨٠.

(٢) المجموع ٥ : ٢٤٩ ، المغني ٢ : ٣٨٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٣ ، بداية المجتهد ١ : ٢٣٨.

(٣) سنن النسائي ٤ : ٦٩ ، الموطأ ١ : ٢٢٧ ـ ١٥ ، سنن البيهقي ٤ : ٤٨.

(٤) الكافي ٣ : ١٨٦ ـ ٣ ، الفقيه ١ : ١٠١ ـ ١٠٢ ـ ٤٧٠ ، التهذيب ٣ : ١٩٧ ـ ١٩٨ ـ ٤٥٥.

(٥) شرح فتح القدير ٢ : ٨٣ ، المجموع ٥ : ٢٤٩ ـ ٢٥٠ ، بداية المجتهد ١ : ٢٣٨ ، المغني ٢ : ٣٨٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٢.

(٦) سنن النسائي ٤ : ٦٩ ، الموطأ ١ : ٢٢٧ ـ ١٥ ، سنن البيهقي ٤ : ٤٨.

(٧) الام ١ : ٢٧٩ ، المجموع ٥ : ٢١٣ ، بداية المجتهد ١ : ٢٤٢ ، المغني ٢ : ٤١٧ ، عمدة القارئ ٨ : ١٢٤.

(٨) سنن البيهقي ٤ : ٣٢.

٨٠