تذكرة الفقهاء - ج ٢

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تذكرة الفقهاء - ج ٢

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-35-3
الصفحات: ٥٣١

فروع :

أ ـ لو كان مع العراة مكتس وجب عليه أن يصلّي في ثوبه ، وليس له إعارته والصلاة عريانا لوجود السترة ، نعم يستحب له إعارته بعد صلاته لقوله تعالى ( وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى ) (١) ولا تجب عليه الإعارة ، ويجب القبول لتمكنه من الساتر حينئذ.

ب ـ لو بذل لهم الثوب لم يجز لهم الجماعة مع سعة الوقت وصلّى كل واحد بعد آخر ، لإمكان ستر العورة مع الانفراد وهو واجب فلا يترك للندب ، فإن خافوا فوت الوقت بالانتظار لم يجز ، وصلّوا عراة ـ عند علمائنا ـ محافظة على تحصيل المشروط ، ولأنه موضع ضرورة فصار كالفاقد ، وقال الشافعي : يجب الانتظار وإن فات الوقت تحصيلا للسترة (٢). وليس بجيد.

ج ـ لو لم يعرهم وأراد أن يصلّي بهم قدم إن كان قارئا وإلاّ صلّوا فرادى ، وليس له أن يأتم بعار ، لأن قيام الإمام شرط في إمامة القائم.

وقال الشافعي : يصح ، لعدم سقوط القيام (٣) وليس بجيد.

د ـ لو اجتمع النساء والرجال فإن قلنا بتحريم المحاذاة لم تجتمع النساء معهم إلاّ مع حائل ، وإن قلنا بالكراهة جاز أن يقف الجميع صفا ، ولو كان معهم مكتس استحب له إعارة النساء بعد صلاته.

__________________

(١) المائدة : ٢.

(٢) الام ١ : ٩١ ، المجموع ٢ : ٢٤٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٤ ، المغني ١ : ٦٦٩.

(٣) المجموع ٣ : ١٨٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٣.

٤٦١

هـ ـ يجوز مع الحاجة أن يصلّي الرجال في أكثر من صف واحد ، لأن القيام يسقط حينئذ ، وكذا الركوع والسجود ، إلاّ بالإيماء فيغضوا أبصارهم.

و ـ يجوز للنساء العراة أن يصلّين جماعة فتجلس إمامتهن وسطهن.

ز ـ جوّز الشيخ للعاري الصلاة في أول الوقت (١) لعموم الأمر ، وتحصيلا لفضيلة أول الوقت ، وحذرا من تجويز المسقط ، وأوجب المرتضى ، وسلاّر التأخير إلى آخر الوقت رجاء لحصول السترة كالمتيمم (٢).

ح ـ إذا صلّوا جماعة جلسوا ، وتقدم إمامهم بركبتيه ، قال المرتضى : ويصلّون كلهم بالإيماء لأنه أستر (٣) ، وقال الشيخ : يومي الإمام ويركع من خلفه ويسجد (٤) ، للرواية السابقة (٥).

ط ـ ليس الستر شرطا في صلاة الجنازة ، لأنها دعاء ، خلافا للشافعي (٦).

ي ـ لو كان على سطح ترى عورته من أسفل لم تصح صلاته لعدم الستر. وقال الشافعي : تصح ، لأن الستر إنما يلزمه من الجهة التي يعتاد النظر منها ، والنظر من الأسفل لا يعتاد (٧). والمقدمتان ممنوعتان.

__________________

(١) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ١٥٦.

(٢) جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٤٩ ، المراسم : ٧٦.

(٣) جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) : ٣ : ٤٩.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ١٣٠ ، النهاية : ١٣٠.

(٥) التهذيب ٢ : ٣٦٥ ـ ١٥١٤ ، وسبق في صدر المسألة.

(٦) المجموع ٥ : ٢٢٢ ، فتح العزيز ٥ : ١٨٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٣٩ ، مغني المحتاج ١ : ٣٤٤.

(٧) المجموع ٣ : ١٧١ ، فتح العزيز ٤ : ٩٤ ، مغني المحتاج ١ : ١٨٦ ، السراج الوهاج : ٥٣.

٤٦٢

يا ـ لو صلى في قميص واسع الجيب ترى عورته حالة الركوع منه أو السجود بطلت صلاته حالة الركوع لا قبلها ، وتظهر الفائدة في المأموم إذا نوى الانفراد حينئذ.

يب ـ لا يكفي في الستر إحاطة الفسطاط الضيق به ، لأنه ليس بلبس.

البحث الثاني : في جنسه‌

مسألة ١١٧ : يجوز الصلاة في كل ثوب متخذ من النباتات‌ كالقطن ، والكتان ، والقنب ، وسائر أنواع الحشيش بالإجماع ، وكذا في جلد ما يؤكل لحمه مع التذكية لا بدونها وإن دبغ عند علمائنا أجمع ، وبه قال عمر ، وابن عمر ، وعائشة ، وعن مالك روايتان ، وكذا عن أحمد (١) لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا تستنفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ) (٢).

ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه‌السلام : « لا تصل في شي‌ء منه ولا شسع » (٣) ، وقال الباقر عليه‌السلام وقد سئل عن جلد الميتة أيلبس في الصلاة؟ فقال : « لا ولو دبغ سبعين مرّة » (٤) ولأن الميتة نجسة ، والدباغ غير مطهر ، وقد سبق.

وقال الشافعي : يطهر بالدباغ إلاّ جلد الكلب والخنزير ، ونقله عن علي‌

__________________

(١) بداية المجتهد ١ : ٧٨ ، القوانين الفقهية : ٣٧ ، المغني ١ : ٨٤ ، الشرح الكبير ١ : ٩٤ ، المجموع ١ : ٢١٧ ، تفسير الرازي ٥ : ١٧ ، الحاوي للفتاوي ١ : ١٢.

(٢) سنن الترمذي ٤ : ٢٢٢ ـ ١٧٢٩ ، سنن أبي داود ٤ : ٦٧ ـ ٤١٢٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١١٩٤ ـ ٣٦١٣ ، سنن النسائي ٧ : ١٧٥ ، مسند أحمد ٤ : ٣١٠ و ٣١١.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٠٣ ـ ٧٩٣.

(٤) الفقيه ١ : ١٦٠ ـ ٧٥٠ ، التهذيب ٢ : ٢٠٣ ـ ٧٩٤.

٤٦٣

عليه‌السلام ، وابن مسعود (١) ، وقد تقدم.

وقال مالك : يطهر ظاهره دون باطنه فيصلّي عليه لا فيه (٢) ، وقال أبو حنيفة : تطهر الجلود كلها إلاّ الخنزير والإنسان (٣). وقد سبق ، فجوزوا الصلاة فيه.

تذنيب : يكفي في الحكم بالتذكية انتفاء العلم بموته ، ووجوده في يد مسلم لا يستبيح جلد الميتة ، أو في سوق المسلمين ، أو في بلد الغالب فيه المسلمون ، لقول العبد الصالح عليه‌السلام : « لا بأس بالصلاة في الفرو اليماني ، وفيما صنع في أرض الإسلام » قلت : فإن كان فيها غير أهل الإسلام؟ قال : « إذا كان الغالب عليها المسلمون فلا بأس » (٤).

وإنما اعتبرنا في المسلم انتفاء استباحته ليحصل الظن بالتذكية ، إذ لا فرق في انتفاء الظن بين المستبيح من المسلم والكافر إذ الأصل الموت ولا معارض له حينئذ ، أما من لا يستبيح الميتة فإن إسلامه يمنعه من الإقدام على المحرم غالبا.

ولو جهل حال المسلم فإشكال ينشأ من كون الإسلام مظنة للتصرفات‌

__________________

(١) الام ١ : ٩١ ، المجموع ١ : ٢١٥ و ٢١٧ ، فتح العزيز ١ : ٢٨٨ ، مختصر المزني : ١ ، كفاية الأخيار ١ : ٨ ، الوجيز ١ : ١٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧ ، تفسير الرازي ٥ : ١٧ ، المغني ١ : ٨٤ ، الشرح الكبير ١ : ٩٧ ، الحاوي للفتاوي ١ : ١٢ ، بدائع الصنائع : ١ : ٨٥ ، أحكام القرآن للجصاص ١ : ١١٥ ، نيل الأوطار ١ : ٧٤ ، الأشباه والنظائر للسيوطي : ٤٣٣.

(٢) المجموع ١ : ٢١٧ ، تفسير الرازي ٥ : ١٧ ، الحاوي للفتاوي ١ : ١٢ و ١٣.

(٣) المبسوط للسرخسي ١ : ٢٠٢ ، اللباب ١ : ٢٤ ، بدائع الصنائع ١ : ٨٥ ، أحكام القرآن للجصاص ١ : ١١٥ ، تفسير الرازي ٥ : ١٧ ، سبل السلام ١ : ٤٢.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٦٨ ـ ١٥٣٢.

٤٦٤

الصحيحة ، ومن أصالة الموت. ولو جهل إسلامه لم يجز استباحته.

مسألة ١١٨ : وجلد ما لا يؤكل لحمه لا تجوز الصلاة فيه وإن ذكي ودبغ‌ ، سواء كان هو الساتر أم لا عند علمائنا أجمع ، لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن جلود السباع ، والركوب عليها (١) ترك العمل به في غير الصلاة ، فيبقى في الصلاة.

ومن طريق الخاصة قول الرضا عليه‌السلام وقد سئل عن الصلاة في جلود السباع فقال : « لا تصلّ فيها » (٢).

وقال أبو حنيفة ومالك : يطهر بالذكاة فيصلّي فيه (٣) ، وقال الشافعي : يطهر بالدباغ (٤).

وكذا المسوخ إذا ذكيت يجوز استعمال جلودها في غير الصلاة ، وهي ما رواه محمد بن الحسن الأشعري عن الرضا عليه‌السلام قال : « الفيل مسخ كان ملكا زنّاء ، والذئب أعرابيا ديوثا ، والأرنب كانت امرأة تخون زوجها ولا تغتسل من حيضها ، والوطواط كان يسرق تمور الناس ، والقردة والخنازير قوم من بني إسرائيل اعتدوا في السبت ، والجريث والضب فرقة من بني إسرائيل حيث نزلت المائدة على عيسى بن مريم عليه‌السلام لم يؤمنوا فتاهوا فوقعت فرقة في البر ، وفرقة في البحر ، والفأرة وهي الفويسقة ، والعقرب كان‌

__________________

(١) سنن أبي داود ٤ : ٦٨ ـ ٤١٣١ ، سنن الدارمي ٢ : ٨٥ ، الجامع الصغير ٢ : ٦٩٧ ـ ٩٤٥٨ ، سنن البيهقي ١ : ٢١.

(٢) الكافي ٣ : ٤٠٠ ـ ١٢ ، التهذيب ٢ : ٢٠٥ ـ ٨٠١.

(٣) بدائع الصنائع ١ : ٨٦ ، شرح فتح القدير ١ : ٨٣ ، الهداية في شرح البداية : ٤٥ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٢١ ، الكفاية ١ : ٨٣ ، المغني ١ : ٨٨ ، الشرح الكبير ١ : ١٠١.

(٤) الام ١ : ٩ و ٩١ ، مختصر المزني : ١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧ ، الوجيز ١ : ١٠ ، بدائع الصنائع ١ : ٨٦.

٤٦٥

نمّاما ، والدب والوزغ والزنبور كان لحاما يسرق في الميزان » (١).

وأطلق الشيخان ، والمرتضى النجاسة (٢) والوجه : الطهارة ، لرواية أبي العباس الفضل (٣) الدالة على طهارة أسئار هذه الحيوانات.

مسألة ١١٩ : الصوف ، والشعر ، والوبر ، والريش تابعة‌ فإن كانت أصولها مما لا يؤكل لحمه لم تصح الصلاة فيه ، وإن كانت مما يؤكل لحمه صحت عند علمائنا أجمع ، إلاّ ما يستثنى من الأول ، لأن الصادق عليه‌السلام كان يكره الصلاة في وبر كلّ شي‌ء لا يؤكل لحمه (٤).

وأما الجمهور فالقائلون بطهارته سوّغوا الصلاة فيه ، والقائلون بنجاسته منعوا ، وقد سبق تفصيل مذاهبهم.

فروع :

أ ـ لا بأس بالصلاة في الثوب الذي يكون وبر الأرانب فوقه أو تحته ـ خلافا للشيخ (٥) ـ لأنه طاهر.

ب ـ لو مزج صوف ما لا يؤكل لحمه مع صوف ما يؤكل لحمه ونسج منهما ثوب لم تصح الصلاة فيه تغليبا للحرمة على إشكال ينشأ من إباحة المنسوج من الكتان والحرير ، ومن كونه غير متخذ من مأكول اللحم. وكذا لو أخذ قطعا وخيطت ولم يبلغ كلّ واحد منها ما يستر العورة.

ج ـ لا يشترط في صوف ما يؤكل لحمه ، وريشه ، وشعره ، ووبره‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ٢٤٦ ـ ١٤ ، التهذيب ٩ : ٣٩ ـ ١٦٦ ، علل الشرائع : ٤٨٥ باب ٢٣٩ الحديث ١.

(٢) المقنعة : ٨٩ ، الخلاف ، كتاب الأطعمة والأشربة ، المسألة ٢ ، وحكى قول السيد المرتضى المحقق في المعتبر : ١٤٨.

(٣) التهذيب ١ : ٢٢٥ ـ ٦٤٦ ، الاستبصار ١ : ١٩ ـ ٤٠.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٠٩ ـ ٨٢٠ ، علل الشرائع : ٣٤٢ باب ٤٣ الحديث ١.

(٥) المبسوط للطوسي ١ : ٨٢.

٤٦٦

التذكية بل لو أخذ من الميتة جزّا كان طاهرا ، وصحت الصلاة فيه إجماعا منّا ، وبه قال أبو حنيفة ، وأحمد (١) ـ خلافا للشافعي (٢) ـ لأنه طاهر قبل موت الحيوان فكذا بعده عملا بالاستصحاب السالم عن معارضة كونه ميتا.

ولقول الصادق عليه‌السلام : « لا بأس بالصلاة فيما كان من صوف الميتة ، إنّ الصوف ليس فيه روح » (٣).

واحتجاج الشافعي بنموه فيكون حيا (٤) ، ممنوع الملازمة فيه.

د ـ لا يشترط الجز بل لو قلع وغسل موضع الاتصال بالميتة ، أو قطع موضع الاتصال كان طاهرا.

مسألة ١٢٠ : لا تصح الصلاة في جلود الثعالب ، والأرانب‌ ، لأنّ الرضا عليه‌السلام سئل عن جلود الثعالب الذكية فنهى عن الصلاة فيها (٥) ، ولأنه غير مأكول اللحم فيدخل تحت العموم.

وفي رواية جميل عن الصادق عليه‌السلام وقد سأله عن الصلاة في جلود الثعالب فقال : « إذا كانت ذكية فلا بأس » (٦) والأحوط للعبادة الأول ،

__________________

(١) شرح فتح القدير ١ : ٨٤ ، الكفاية ١ : ٨٤ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٢١ ، شرح العناية ١ : ٨٤ ، الهداية في شرح البداية : ٤٥ ، أحكام القرآن للجصاص ١ : ١٢١ ، المغني ١ : ٩٥ ، الشرح الكبير ١ : ١٠٥ ، زاد المستقنع : ٤ ، المجموع ١ : ٢٣٦ ، كشاف القناع ١ : ٥٧ ، بداية المجتهد ١ : ٧٨ ، المحلى ١ : ١٢٢.

(٢) المجموع ١ : ٢٣٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٨ ، المغني ١ : ٩٥ ، الشرح الكبير ١ : ة١٠٥ ، بداية المجتهد ١ : ٧٨ ، الهداية في شرح البداية : ٤٥ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٢١ ، الكفاية ١ : ٨٤ و ٨٥ ، شرح العناية ١ : ٨٤ ، المحلى ١ : ١٢٣.

(٣) التهذيب ٢ : ٣٦٨ ـ ١٥٣٠.

(٤) المغني ١ : ٩٥ ، الشرح الكبير ١ : ١٠٥.

(٥) التهذيب ٢ : ٢٠٦ ـ ٨٠٨ ، الإستبصار ١ : ٣٨١ ـ ١٤٤٦ ، الكافي ٣ : ٣٩٩ ـ ٨ وفي الأخير عن الماضي عليه‌السلام.

(٦) التهذيب ٢ : ٢٠٦ ـ ٨٠٩ ، الاستبصار ١ : ٣٨٢ ـ ١٤٤٧.

٤٦٧

ويحمل الثاني على الضرورة ، أو التقية.

مسألة ١٢١ : لو عمل من جلد ما لا يؤكل لحمه قلنسوة ، أو تكة فالأحوط المنع‌ ، لعموم النهي عن الصلاة في جلد ما لا يؤكل لحمه (١).

ولأن إبراهيم بن عقبة قال : كتبت إليه عندنا جوارب وتكك تعمل من وبر الأرانب فهل تجوز الصلاة في وبر الأرانب من غير ضرورة ولا تقية؟ فكتب : « لا تجوز الصلاة فيها » (٢).

وهو أحد قولي الشيخ (٣) ، وله قول بالكراهة (٤) لما رواه محمد بن عبد الجبار ، قال : كتبت إلى أبي محمد عليه‌السلام أسأله هل أصلّي في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه ، أو تكة حرير ، أو تكة من وبر الأرانب؟

فكتب : « لا تحل الصلاة في الحرير المحض ، وإن كان الوبر ذكيا حلت الصلاة فيه » (٥) والقول أرجح من الكتابة.

مسألة ١٢٢ : تجوز الصلاة في الخز الخالص لا المغشوش بوبر الأرانب والثعالب‌ عند علمائنا أجمع لأن الرضا عليه‌السلام سئل عن الصلاة في الخز فقال : « صلّ فيه » (٦) ، وبه قال أحمد (٧) لأن الحسن بن علي عليهما‌السلام ، ومحمد بن الحنفية لبسا الخز (٨) وكسى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجلا عمامة خز (٩).

__________________

(١) انظر الكافي ٣ : ٣٩٧ ـ ١ ، التهذيب ٢ : ٢٠٩ ـ ٨١٨ ، الإستبصار ١ : ٣٨٣ ـ ٣٨٤ ـ ١٤٥٤.

(٢) الكافي ٣ : ٣٩٩ ـ ٩ ، التهذيب ٢ : ٢٠٦ ـ ٨٠٦ ، الإستبصار ١ : ٣٨٣ ـ ١٤٥١.

(٣) النهاية : ٩٧.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٨٤.

(٥) التهذيب ٢ : ٢٠٧ ـ ٨١٠ ، الاستبصار ١ : ٣٨٣ ـ ١٤٥٣.

(٦) التهذيب ٢ : ٢١٢ ـ ٨٢٩.

(٧) المغني ١ : ٦٦٣ ، الشرح الكبير ١ : ٥٠٧ ، كشاف القناع ١ : ٢٨١.

(٨) المغني ١ : ٦٦٣.

(٩) سنن أبي داود ٤ : ٤٥ ـ ٤٠٣٨.

٤٦٨

والخز دابة بحريّة ذات أربع ، تصاد من الماء ، فإذا فقدته ماتت.

ولا فرق بين كونه مذكى أو ميتا عند علمائنا ، لأنّه طاهر في حال الحياة ، ولا ينجس بالموت فيبقى على الطهارة.

وروي عن الصادق عليه‌السلام : « إن الله أحله وجعل ذكاته موته كما أحل الحيتان وجعل ذكاتها موتها » (١) وهو محمول على طهارتها ، وإباحة الصلاة فيها لا على جواز أكلها للإجماع على المنع من أكل ما ليس بسمك ، ومن السمك ما لا فلس له.

فروع :

أ ـ الأقرب جواز الصلاة في جلده ، لأن سعد بن سعد سأل الرضا عليه‌السلام عن جلود الخز قال : « هو ذا تلبس » فقلت : ذاك الوبر جعلت فداك ، قال : « إذا حل وبره حل جلده » (٢) ومنع ابن إدريس من ذلك (٣).

ب ـ لا تجوز الصلاة في المغشوش بوبر الأرانب والثعالب لقول الصادق عليه‌السلام : « الصلاة في الخز الخالص لا بأس به ، أما الذي يخلط فيه وبر الأرانب أو غير ذلك مما يشبه هذا فلا تصلّ فيه » (٤).

ج ـ لو مزج بالحرير المحض صحت الصلاة كما في القطن الممتزج به لأن الباقر عليه‌السلام نهى عن لباس الحرير للرجال والنساء إلاّ ما كان من حرير مخلوط بخز لحمته أو سداه خز ، أو كتان ، أو قطن (٥).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٩٩ ـ ٤٠٠ ـ ١١ ، التهذيب ٢ : ٢١١ ـ ٢١٢ ـ ٨٢٨.

(٢) الكافي ٦ : ٤٥٢ ـ ٧ ، التهذيب ٢ : ٣٧٢ ـ ١٥٤٧.

(٣) السرائر : ٥٦.

(٤) الكافي ٣ : ٤٠٣ ـ ٢٦ ، التهذيب ٢ : ٢١٢ ـ ٨٣٠ ، الاستبصار ١ : ٣٨٧ ـ ١٤٦٩ ، علل الشرائع : ٣٥٧ باب ٧١ الحديث ٢.

(٥) التهذيب ٢ : ٣٦٧ ـ ١٥٢٤ ، الإستبصار ١ : ٣٨٦ ـ ١٤٦٨.

٤٦٩

مسألة ١٢٣ : وفي السنجاب قولان : المنع ، اختاره الشيخ في موضع من النهاية (١) ، لقول الصادق عليه‌السلام : « أنّ كلّ شي‌ء حرام أكله فالصلاة في وبره ، وشعره ، وجلده ، وبوله ، وروثه ، وكلّ شي‌ء منه فاسد لا تقبل تلك الصلاة » (٢).

والجواز اختاره في النهاية أيضا والمبسوط (٣) لقول أبي الحسن عليه‌السلام وقد سئل عن الصلاة في السمّور ، والسنجاب ، والثعالب : « لا خير في ذلك كلّه ما خلا السنجاب ، فإنّه دابة لا تأكل اللحم » (٤).

وفي رواية عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام قال : « صلّ في الفنك والسنجاب ، فأما السمور فلا تصلّ فيه » (٥). والأحوط الأول أخذا بالمتيقن ، أما الفنك والسمور فالأشهر فيهما التحريم.

مسألة ١٢٤ : ويحرم لبس الحرير المحض للرجال‌ بإجماع علماء الإسلام ، ولا تصح الصلاة فيه عند علمائنا أجمع ـ وهو رواية عن أحمد (٦) ـ لأنّ النهي يدل على الفساد في العبادات.

وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( حرّم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي ، وأحلّ لأناثهم ) (٧).

ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن عبد الجبار قال : كتبت إلى أبي محمد عليه‌السلام هل يصلّى في قلنسوة حرير أو ديباج؟ فكتب : « لا تحل‌

__________________

(١) النهاية : ٥٨٦ ـ ٥٨٧.

(٢) الكافي ٣ : ٣٩٧ ـ ١ ، التهذيب ٢ : ٢٠٩ ـ ٨١٨ ، الإستبصار ١ : ٣٨٣ ـ ١٤٥٤.

(٣) النهاية : ٩٧ ، المبسوط للطوسي ١ : ٨٢ ـ ٨٣.

(٤) الكافي ٣ : ٤٠١ ـ ١٦ ، الاستبصار ١ : ٣٨٤ ـ ١٤٥٦.

(٥) الكافي ٣ : ٤٠٠ ـ ١٤ ، التهذيب ٢ : ٢١٠ ـ ٨٢٢ ، الإستبصار ١ : ٣٨٤ ـ ١٤٥٧.

(٦) المغني ١ : ٦٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٠٥ ، المجموع ٣ : ١٨٠.

(٧) سنن الترمذي ٤ : ٢١٧ ـ ١٧٢٠ ، سنن النسائي ٨ : ١٦١.

٤٧٠

الصلاة في حرير محض » (١).

وقال الشافعي : تصح الصلاة ، وكذا لو كان معه ثوب هو وديعة عنده لا يجوز له لبسه ، فإن لبسه وصلّى فيه ضمن وصحت صلاته ، لأن النهي ليس لأجل الصلاة فإنّ لبسه في غير الصلاة محرّم وإذا لم يكن التحريم لأجل الصلاة لم يمنع صحتها (٢). والملازمة ممنوعة.

فروع :

أ ـ الثوب المموّه بالذهب لا تجوز الصلاة فيه للرجال ، وكذا الخاتم المموّه به ، للنهي عن لبسه.

ب ـ لا فرق في التحريم بين كونه ساترا للعورة أو لا ، لأن الصلاة فيه محرمة على التقدير الثاني ، وفاقدة للشرط على الأول.

ج ـ لا بأس بالحرير والذهب للنساء إجماعا ، والصلاة لهن فيهما ، إلاّ الصدوق فإنه منع من صلاتهن في الحرير لإطلاق النهي (٣) ، وهو ممنوع في حقهن ، وفي الخنثى المشكل الأولى التحريم تغليبا للحرمة.

د ـ يجوز لبس الحرير للضرورة كالبرد الشديد ، وهو إجماع لسقوط التكليف معها ، وكذا يجوز حالة الحرب لأنه يعطي قوّة القلب ـ وبه قال أحمد ، وعروة ، وعطاء ـ لأن عروة كان له يلمق (٤) من ديباج بطانته من سندس محشو قزا ، وكان يلبسه في الحرب (٥).

ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه‌السلام وقد سئل عن لباس الحرير‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٩٩ ـ ١٠ ، التهذيب ٢ : ٢٠٧ ـ ٨١٢ ، الإستبصار ١ : ٣٨٥ ـ ١٤٦٢.

(٢) الام ١ : ٩١ ، المجموع ٣ : ١٨٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٣.

(٣) الفقيه ١ : ١٧١ ذيل الحديث ٨٠٧.

(٤) يلمق : القباء المحشو. معرب يلمه بالفارسية. لسان العرب ١٠ : ٣٣٢ « لمق ».

(٥) المغني ١ : ٦٦٢ ، الشرح الكبير ١ : ٥٠٧.

٤٧١

والديباج فقال : « أما في الحرب فلا بأس به وإن كان فيه تماثيل » (١) ، ولأن لبسه منع للخيلاء.

وهو سائغ في الحرب ، لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأى بعض أصحابه يمشي بين الصفين يختال في مشيه فقال عليه‌السلام : ( إنها لمشية يبغضها الله ورسوله إلاّ في هذا الموطن ) (٢).

وعن أحمد رواية بالمنع للعموم ، ولو احتاج إليه بأن يكون بطانة لدرع جاز عنده قطعا ، وكذا درع مموّه من ذهب لا يستغني عن لبسه (٣).

هـ ـ يجوز لبس الحرير للقمل ، وصاحب الحكمة والمرض إذا كان ينفعه لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رخص للزبير وعبد الرحمن بن عوف في قميص الحرير لمّا شكوا إليه القمل (٤) ، وبه قال أحمد في رواية (٥) ، وفي أخرى بالمنع ـ وبه قال مالك ـ للعموم ، والرخصة مختصة بهما (٦).

وهو خطأ ، لأن ما ثبت رخصة في حق صحابي ثبت في غيره لقوله صلّى‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ٤٥٣ ـ ٣ ، الفقيه ١ : ١٧١ ـ ٨٠٧ ، التهذيب ٢ : ٢٠٨ ـ ٨١٦ ، الإستبصار ١ : ٣٨٦ ـ ١٤٦٦.

(٢) السيرة النبوية لابن هشام ٣ : ٧١ ، دلائل النبوة للبيهقي ٣ : ٢٣٣ ـ ٢٣٤ ، مجمع الزوائد ٦ : ١٠٩ ، الجامع الكبير ١ : ٣٠٤ ، كنز العمال ٤ : ٣١٧ ـ ١٠٦٨٥ ، المغازي للواقدي ١ : ٢٥٩.

(٣) المغني ١ : ٦٦٢ ، الشرح الكبير ١ : ٥٠٧.

(٤) صحيح البخاري ٧ : ١٩٥ ، صحيح مسلم ٣ : ١٦٤٦ ـ ١٦٤٧ ـ ٢٠٧٦ ، سنن أبي داود ٤ : ٥٠ ـ ٤٠٥٦ ، سنن الترمذي ٤ : ٢١٨ ـ ١٧٢٢ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١١٨٨ ـ ٣٥٩٢ ، سنن النسائي ٨ : ٢٠٢.

(٥) المغني ١ : ٦٦٢ ، الشرح الكبير ١ : ٥٠٦.

(٦) القوانين الفقهية : ٤٣٠ ، المغني ١ : ٦٦٢ ، الشرح الكبير ١ : ٥٠٦.

٤٧٢

الله عليه وآله : ( حكمي على الواحد حكمي على الجماعة ) (١). ولا يشترط السفر للعموم ، وفي وجه للشافعية : يشترط لأن السفر يشغل عن التفقد (٢).

و ـ الأقوى جواز مثل التكة ، والقلنسوة من الحرير المحض ، لقول الصادق عليه‌السلام : « كلّ ما لا يجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس بالصلاة فيه مثل التكة الإبريسم ، والقلنسوة ، والخف ، والزنار يكون في السراويل ويصلّي فيه » (٣).

وفي رواية محمد بن عبد الجبار وقد كتب الى أبي محمد عليه‌السلام هل يصلّي في قلنسوة حرير محض ، أو قلنسوة ديباج؟ فكتب : « لا تحل الصلاة في حرير محض » (٤) وتحمل على الكراهة.

ز ـ الأقرب جواز افتراش الحرير المحض ، والوقوف عليه ، والنوم للرجال ، لوجود المقتضي وهو أصالة الإباحة السالم عن معارضة النهي المختص باللبس لانتفاء اللبس هنا.

ولقول الكاظم عليه‌السلام وقد سأله أخوه عن فراش حرير ، ومثله من الديباج ، ومصلّى حرير ، ومثله من الديباج يصلح للرجل النوم عليه والتكأة ، والصلاة؟ قال : « يفرشه ، ويقوم عليه ، ولا يسجد عليه » (٥).

وقال الشافعي ، وأحمد بالمنع (٦) لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى‌

__________________

(١) عوالي اللئالي ١ : ٤٥٦ ـ ١٩٧ ، الأربعون للشهيد الأول : ٢٣ ، كشف الخفاء ١ : ٤٣٦ ـ ١١٦١ ، وانظر المغني ٢ : ٤٠٥ ، نيل الأوطار ١ : ٣٠.

(٢) نيل الأوطار ٢ : ٨١.

(٣) التهذيب ٢ : ٣٥٧ ـ ١٤٧٨.

(٤) الكافي ٣ : ٣٩٩ ـ ١٠ ، التهذيب ٢ : ٢٠٧ ـ ٨١٢ ، الإستبصار ١ : ٣٨٥ ـ ١٤٦٢.

(٥) الكافي ٦ : ٤٧٧ ـ ٨ ، التهذيب ٢ : ٣٧٣ ـ ١٥٥٣.

(٦) المجموع ٤ : ٤٣٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٣ و ١١٥ ، كفاية الأخيار ١ : ٩٩ ، المغني ١ : ٦٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٠٦ ، المحرر في الفقه ١ : ١٣٩.

٤٧٣

عن الجلوس عليه (١). وهو محمول على اللبس.

ولا يحرم على النساء افتراشه لجواز لبسه ، وهو أحد وجهي الشافعي ، وفي الثاني : المنع وإن جاز اللبس للخيلاء (٢) ، وهو ممنوع.

ح ـ لو كان الحرير ممتزجا بغيره مما تصح الصلاة فيه كالقطن ، والكتان صحت الصلاة فيه عند علمائنا سواء تساويا ، أو كثر أحدهما ما لم يخرج الى اسم الحرير فيحرم ، وبه قال ابن عباس ، وجماعة من العلماء (٣). لقول ابن عباس : إنما نهى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الثوب المصمت من الحرير ، وأما المعلم وسدى الثوب فليس به بأس (٤).

ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه‌السلام : « لا بأس بالثوب أن يكون سداه ، وعلمه ، وزرّه حريرا ، إنما كره الحرير المبهم للرجال » (٥).

وللشافعية قولان : اعتبار الأكثر فإن تساويا فوجهان ، واعتبار الظهور فيحرم مع ظهور الإبريسم لا بدونه (٦).

ط ـ لا بأس بالمكفوف بالإبريسم المحض ، بأن يجعل الإبريسم في رءوس الأكمام ، والذيل ، وحول الزيق (٧) لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى‌

__________________

(١) صحيح البخاري ٧ : ١٩٤ ـ ١٩٥.

(٢) المجموع ٣ : ١٨٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٣ ، كفاية الأخيار ١ : ١٠٠.

(٣) المغني ١ : ٦٦٢ ، الشرح الكبير ١ : ٥٠٦.

(٤) سنن أبي داود ٤ : ٤٩ ـ ٤٠٥٥ ، مسند أحمد ١ : ٣٢١ ، جامع الأصول لابن الأثير ١٠ : ٦٨٧ ـ ٨٣٤٢.

(٥) الفقيه ١ : ١٧١ ـ ٨٠٨ ، التهذيب ٢ : ٢٠٨ ـ ٨١٧ ، الاستبصار ١ : ٣٨٦ ـ ١٤٦٧.

(٦) المجموع ٤ : ٤٣٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ١١٥ ، كفاية الأخيار ١ : ١٠٠ ، المغني ١ : ٦٦٢ ـ ٦٦٣.

(٧) زيق القميص : ما أحاط بالعنق. مجمع البحرين ٥ : ١٧٩ « زوق ».

٤٧٤

عن الحرير إلاّ موضع إصبعين ، أو ثلاث ، أو أربع (١).

ومن طريق الخاصة قول جراح المدائني : إن الصادق عليه‌السلام كان يكره أن يلبس القميص المكفوف بالديباج (٢).

ي ـ ما يخاط من الحرير بالكتان ، أو القطن لا يزول التحريم عنه ، وكذا لو بطّن به الثوب ، أو ظهر به لعموم النهي.

يا ـ المحشو بالإبريسم تبطل الصلاة فيه لتناول النهي له ، ولما فيه من السرف ، وتضييع المال.

وقال الشافعي : يجوز لأنه لا خيلاء فيه (٣). ونمنع التعليل.

يب ـ لا يحرم على الولي تمكين الصغير من لبس الحرير لارتفاع التكليف عنه ، وقال أحمد : يحرم (٤) ، وللشافعي وجهان (٥) لقوله عليه‌السلام : ( حرام على ذكور أمتي ) (٦).

وقال جابر : كنا ننزعه عن الصبيان (٧) ، والمراد البالغون ، وفعل جابر للتمرين وزيادة الورع.

__________________

(١) صحيح البخاري ٧ : ١٩٣ ، صحيح مسلم ٣ : ١٦٤٤ ـ ١٥ ، سنن الترمذي ٤ : ٢١٧ ـ ١٧٢١ سنن أبي داود ٤ : ٤٧ ـ ٤٠٤٢.

(٢) الكافي ٣ : ٤٠٣ ـ ٢٧ و ٦ : ٤٥٤ ـ ٦ ، التهذيب ٢ : ٣٦٤ ـ ١٥١٠.

(٣) المجموع ٤ : ٤٣٨ ، الام ١ : ٢٢١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١١٥ ، المغني ١ : ٦٦٣.

(٤) المغني ١ : ٦٦٤ ، الشرح الكبير ١ : ٥٠٧ ، المحرر في الفقه ١ : ١٣٩.

(٥) المجموع ٤ : ٤٣٥ ـ ٤٣٦ ، كفاية الأخيار ١ : ١٠٠ ، مغني المحتاج ١ : ٣٠٦.

(٦) سنن ابن ماجة ٢ : ١١٨٩ ـ ١١٩٠ ـ ٣٥٩٥ و ٣٥٩٧ ، سنن أبي داود ٤ : ٥٠ ـ ٤٠٥٧ ، سنن الترمذي ٤ : ٢١٧ ـ ١٧٢٠ ، سنن النسائي ٨ : ١٩٠.

(٧) سنن أبي داود ٤ : ٥٠ ـ ٤٠٥٩ ، جامع الأصول لابن الأثير ١٠ : ٦٨٦ ـ ٦٨٧.

٤٧٥

يج ـ لو كان في يده خاتم من ذهب أو مموه به بطلت صلاته للنهي عن الكون فيه (١).

ولقول الصادق عليه‌السلام : « جعل الله الذهب حلية أهل الجنّة ، فحرم على الرجال لبسه ، والصلاة فيه » (٢).

مسألة ١٢٥ : يشترط في الثوب الملك ، أو الإباحة صريحا ، أو فحوى‌ ، فلا تصح الصلاة في الثوب المغصوب مع العلم بالغصب عند علمائنا أجمع ـ وهو إحدى الروايتين عن أحمد (٣) ـ لأنها عبادة قد اشتملت على وجه قبح فلا تقع مجزية لأنها غير مأمور بها فيبقى في العهدة ، ولأنّ الكون فيه محرم لأن النهي عن المغصوب منع عن وجوه الانتفاع به ، والكون فيه انتفاع فيكون محرما وهو جزء من الصلاة.

والثانية عن أحمد : الصحة ، وبه قال الشافعي ، وأبو حنيفة وإن اتفقوا على التحريم ، لأن النهي لا يعود إلى الصلاة فلا يمنع الصحة كما لو غسل ثوبه بالماء النجس (٤).

وليس بجيد ، لأن الحركة التي هي القيام ، والقعود ، والركوع ، والسجود في هذا الثوب منهي عنها وعصيان فلا يكون متقربا بما هو عاص‌

__________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ٩٠ و ٧ : ٣١ و ٨ : ٦١ ، صحيح مسلم ٣ : ١٦٣٥ ـ ٢٠٦٦ ، سنن النسائي ٨ : ١٩١ ، سنن أبي داود ٤ : ٨٩ ـ ٩٠ ـ ٤٢٢٢ ، سنن الترمذي ٤ : ٢٢٦ ـ ١٧٣٧ ـ ١٧٣٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٢٠٢ ـ ٣٦٤٢ و ٣٦٤٣ ، مسند أحمد ١ : ٨١ و ٢ : ٤٦٨.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٢٧ ـ ٨٩٤.

(٣) المغني ١ : ٦٦٠ ، الشرح الكبير ١ : ٤٩٨ ، المحرر في الفقه ١ : ٤٣ ، العدة شرح العمدة : ٦٦ ، المجموع ٣ : ١٨٠.

(٤) المجموع ٣ : ١٨٠ ، المغني ١ : ٦٦٠ ، الشرح الكبير ١ : ٤٩٨ ، المحرر في الفقه ١ : ٤٣ ، العدة شرح العمدة : ٦٧ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٢٠٦.

٤٧٦

به ، ولا مأمورا بما هو منهي عنه.

فروع :

أ ـ لو جهل الغصب لم تبطل الصلاة لارتفاع النهي ، ولو علمه وجهل الحكم لم يعذر.

ب ـ لا فرق بين أن يكون الثوب هو الساتر أو غيره ، بل لو كان معه خاتم ، أو درهم ، أو غير ذلك مغصوب وصلّى فيه لم يصح ، وكذا لو كان غاصبا لشي‌ء غير مصاحب له ، إلاّ أنه هنا لو صلّى آخر الوقت صحت بخلاف المصاحب.

ج ـ لا فرق بين أن يكون لابسا له ، أو قائما عليه ، أو ساجدا.

د ـ لو نسي الغصب فالأشبه الإعادة لتفريطه بالنسيان.

هـ ـ لو أذن المالك للغاصب أو لغيره صحت صلاته لزوال المانع ، ولو أذن مطلقا جاز لغير الغاصب عملا بظاهر الحال.

و ـ الأقوى صحة الصلاة في المبيع فاسدا مع الجهل بالفساد ، أو الحكم ، أما العالم فالوجه البطلان إن لم يعلم البائع الفساد ، ويحتمل الصحة للإذن ، وكذا البحث في الإجارة.

مسألة ١٢٦ : يشترط في الثوب والبدن الطهارة ـ إلاّ ما يستثنى‌ ـ عند علمائنا أجمع ، فلو صلّى في النجس مع العلم بالنجاسة بطلت صلاته سواء كان هو الساتر أم لا ، وبه قال أكثر العلماء منهم ابن عباس ، وسعيد بن المسيب ، وقتادة ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد وأصحاب الرأي (١) لقوله تعالى :

__________________

(١) الام ١ : ٥٥ ، المجموع ٣ : ١٣٢ ، فتح العزيز ٤ : ١٤ ، تفسير الرازي ٣٠ : ١٩١ ، الوجيز ١ : ٤٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٦ و ٦٧ ، مغني المحتاج ١ : ١٨٨ ، الشرح الصغير ١ : ٢٦ ، المغني ١ : ٧٥٠ ، الشرح الكبير ١ : ٥٠٩ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٦٠ ، بدائع الصنائع ١ : ١١٤ ، مسائل أحمد : ٤١.

٤٧٧

( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) (١) قال ابن سيرين : هو الغسل بالماء (٢).

وقال عليه‌السلام : ( إنهما يعذبان وما يعذبان في كبيرة ، أما أحدهما فكان لا يستنزه (٣) من بوله ) (٤).

ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه‌السلام : « إن أصاب ثوب الرجل الدم وعلم قبل أن يصلّي فيه ونسي وصلّى فيه فعليه الإعادة » (٥) ولأنها إحدى الطهارتين فكانت شرطا للصلاة كالطهارة من الحدث.

وروي عن ابن عباس : ليس على الثوب جنابة ، ونحوه عن أبي مجلز ، وسعيد بن جبير ، والنخعي (٦). وقال ابن أبي ليلى : ليس في ثوب إعادة (٧). وهو مدفوع بالإجماع.

وكذا طهارة الجسد شرط بالإجماع ، وقوله عليه‌السلام للمستحاضة : ( اغسلي عنك الدم ) (٨).

__________________

(١) المدثر : ٤.

(٢) المغني ١ : ٧٥٠ ، الشرح الكبير ١ : ٥٠٩ ، تفسير القرطبي ١٩ : ٦٥.

(٣) في نسخة ( م ) وبعض المصادر : لا يستبرئ.

(٤) صحيح البخاري ١ : ٦٤ ، صحيح مسلم ١ : ٢٤٠ ـ ٢٩٢ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٢٥ ـ ٣٤٧ ، سنن النسائي ١ : ٢٩ ، سنن أبي داود ١ : ٦ ـ ٢٠ ، سنن الترمذي ١ : ٤٧ و ٤٨ ـ ٧٠ ، سنن الدارمي ١ : ١٨٨ ، مسند أحمد ١ : ٢٢٥.

(٥) التهذيب ١ : ٢٥٤ ـ ٧٣٧ ، الإستبصار ١ : ١٨٢ ـ ٦٣٧.

(٦) المغني ١ : ٧٥٠ ، الشرح الكبير ١ : ٥٠٩.

(٧) المغني ١ : ٧٥٠ ، الشرح الكبير ١ : ٥٠٩.

(٨) صحيح البخاري ١ : ٨٤ ، صحيح مسلم ١ : ٢٦٢ ـ ٣٣٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٠٣ ـ ٦٢١ ، سنن النسائي ١ : ١٢٢ و ١٢٤ ، سنن أبي داود ١ : ٧٤ ـ ٢٨٢ ، سنن الترمذي ١ : ٢١٧ ـ ١٢٥ ، سنن الدارمي ١ : ١٩٨ ، مسند أحمد ٦ : ١٩٤.

٤٧٨

ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه‌السلام وقد سئل عن الكلب يصيبه جسد الرجل قال : « يغسل الموضع الذي أصابه » (١).

فروع :

أ ـ لو سقطت عليه نجاسة ثم زالت عنه ، أو أزالها في الحال من غير فعل كثير صحت صلاته ـ وبه قال الشافعي (٢) ـ لأنّ النجاسة عفي عن يسيرها فعفي عن يسير زمنها.

ب ـ لو كان طرف ثوبه نجسا لم تجز الصلاة إذا كان حاملا له ، أو كان ينتقل بقيامه ويقلّها من الأرض ، ولو كان الطرف موضوعا على الأرض والآخر حامل له صحت صلاته إذا لم يقلّه بالحركة ، وقال الشافعي : تبطل صلاته (٣).

ج ـ لو كان طرف ثوبه متصلا بالنجاسة لم يمنع ذلك من الصلاة إلاّ أن يكون لو قام أقلّه من الأرض ، ولا عبرة بحركتها بحركته وهي على الأرض ـ وبه قال أبو حنيفة (٤) ـ عملا بأصالة الصحة السالم عن معارضة لبس النجاسة ، وقال الشافعي : تبطل وإن لم يتحرك بحركته (٥).

ولو كان أحد طرفي الحبل نجسا وقبض الطاهر صحت صلاته ، وإن تحرك النجس بحركته ، خلافا للشافعي فيما إذا تحرك بحركته ، وله فيما إذا‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٢٣ ـ ٦١ و ٢٦٠ ـ ٧٥٨ ، الاستبصار ١ : ٩٠ ـ ٢٨٧.

(٢) الوجيز ١ : ٤٦ ، فتح العزيز ٤ : ١١ ، المغني ١ : ٧٥٢ ، الشرح الكبير ١ : ٥١٢.

(٣) فتح العزيز ٤ : ٢٢.

(٤) المجموع ٣ : ١٤٨ ، فتح العزيز ٤ : ٢٢.

(٥) المجموع ٣ : ١٤٨ ، الوجيز ١ : ٤٦ ، فتح العزيز ٤ : ٢٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٨ ، مغني المحتاج ١ : ١٩٠.

٤٧٩

لم يتحرك وجهان بخلاف العمامة لأنها ملبوسة (١).

د ـ لو شدّ وسطه بحبل وطرفه الآخر مشدود بكلب صحت صلاته إذا لم يقل الكلب بحركته ـ خلافا للشافعي (٢) ـ ولو كان طرفه الآخر مشدودا في ساجور (٣) كلب صحت صلاته أيضا وإن انتقل الساجور خاصة بقيامه خلافا للشافعي في أحد الوجهين (٤).

ولا فرق بين كون الكلب صغيرا أو كبيرا حيا أو ميتا ، وأوجب الشافعي الإعادة فيما إذا كان الكلب صغيرا أو ميتا قطعا بخلاف الكبير لأن له قوة الامتناع (٥).

ولو كان الطرف تحت رجله لم يكن به بأس إجماعا ، لأنّ ما تحت قدمه طاهر ، وليس هو بحامل للنجاسة ، ولا لما هو متصل بها.

هـ ـ لو كان طرف مصلاه نجسا خارجا عن مسقط جسده جاز وكان كما لو اتصلت الأرض بموضع نجس.

و ـ لو وضع على النجس بساط أو شبهه طاهر صحت الصلاة ، لقول الصادق عليه‌السلام وقد سئل عن المنازل التي ينزلها الناس فيها أبوال الدواب والسرجين ، ويدخلها اليهود والنصارى كيف يصنع بالصلاة فيها؟ : « صلّ على ثوبك » (٦).

ز ـ لو كان الحبل مشدودا في زورق فيه نجاسة ، والآخر في وسطه ،

__________________

(١) المجموع ٣ : ١٤٩ ، الوجيز ١ : ٤٦ ، فتح العزيز ٤ : ٢٢ ـ ٢٣ ، مغني المحتاج ١ : ١٩٠.

(٢) المجموع ٣ : ١٤٨ ، فتح العزيز ٤ : ٢٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٨.

(٣) الساجور : خشبة تجعل في عنق الكلب. الصحاح ٢ : ٦٧٧ « سجر ».

(٤) الوجيز ١ : ٤٦ ، فتح العزيز ٤ : ٢٣ ، مغني المحتاج ١ : ١٩٠.

(٥) المجموع ٣ : ١٤٨ ، فتح العزيز ٤ : ٢٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٨.

(٦) الكافي ٣ : ٣٩٢ ـ ٢٥ ، الفقيه ١ : ١٥٧ ـ ٧٣٣ ، التهذيب ٢ : ٣٧٤ ـ ١٥٥٦.

٤٨٠