تذكرة الفقهاء - ج ٢

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تذكرة الفقهاء - ج ٢

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-35-3
الصفحات: ٥٣١

وإن كانت العمامة مما يصح السجود عليه صح كما لو كانت من خوص أو شي‌ء من النباتات.

* * *

٤٤١
٤٤٢

الفصل الرابع : في اللباس‌

ومباحثه ثلاثة :

الأول : ستر العورة‌

مسألة ١٠٥ : ستر العورة عن العيون بما لا يصف البشرة واجب في الصلاة وغيرها‌ ، لقوله عليه‌السلام : ( لعن الله الناظر والمنظور إليه ) (١) وقال عليه‌السلام : ( لا تكشف فخذك ولا تنظر الى فخذ حي ولا ميت ) (٢) ولا يجب في غير الصلاة في الخلوة إجماعا منا ـ وبه قال أبو حنيفة ، وأحمد (٣) ـ لأنه ليس معه من يستتر عنه ، وهو أحد وجهي الشافعي ، وأصحهما عنده : الوجوب (٤) لعموم الخبر (٥) ، وللتستر عن الجن والملائكة.

__________________

(١) الكافي ٦ : ٥٠٣ ـ ٣٦ ، الفردوس ٣ : ٤٦٥ ـ ٥٤٤١ ، الكامل لابن عدي ١ : ٣٢٥ ، سنن البيهقي ٧ : ٩٩ ، الجامع الكبير ١ : ٦٤٣.

(٢) سنن أبي داود ٣ : ١٩٦ ـ ٣١٤٠ و ٤ : ٤٠ ـ ٤٠١٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٦٩ ـ ١٤٦٠ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٨٨ ، سنن الدار قطني ١ : ٢٢٥ ـ ٤.

(٣) فتح العزيز ٤ : ٧٩.

(٤) المجموع ٣ : ١٦٦ ، كفاية الأخيار ١ : ٥٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧١.

(٥) سنن أبي داود ٣ : ١٩٦ ـ ٣١٤٠ و ٤ : ٤٠ ـ ٤٠١٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٦٩ ـ ١٤٦٠ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٨٨ ، سنن الدار قطني ١ : ٢٢٥ ـ ٤.

٤٤٣

والخبر ممنوع إرادة التحريم منه لأن الفخذ عند جماعة ليس من العورة (١) ، والتستر عن الجن والملائكة غير ممكن.

مسألة ١٠٦ : وستر العورة شرط في الصلاة‌ إجماعا منا ، فلو صلّى مكشوف العورة في خلوة أو غيرها بطلت صلاته ـ وهو قول أكثر العلماء كالشافعي ، وأبي حنيفة وأحمد (٢) ـ قال ابن عبد البر : أجمعوا على فساد صلاة من ترك ثوبه وهو قادر على الاستتار به وصلّى عريانا (٣) ، لقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار ) (٤).

ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه‌السلام وقد سئل ما ترى للرجل أن يصلّي في قميص واحد؟ قال : « إذا كان كثيفا فلا بأس » (٥) يدل على ثبوت البأس مع عدم الكثافة.

وقال مالك : ليس بشرط وإن كان واجبا في الصلاة وغيرها لأن وجوبه لا يختص بالصلاة فليس من فروضها فإذا عدم فيها لم يبطلها كالصلاة في الدار المغصوبة (٦). وينتقض بالإيمان والطهارة فإنّها تجب لمس المصحف ، ونمنع الأصل أيضا ، وقال بعض أصحابه : إنّه شرط مع الذكر دون النسيان (٧).

__________________

(١) عمدة القارئ ٤ : ٨٠ ـ ٨١.

(٢) المجموع ٣ : ١٦٦ و ١٦٧ ، الوجيز ١ : ٤٨ ، كفاية الأخيار ١ : ٥٧ ، اللباب ١ : ٦١ ، المغني ١ : ٦٥١ ، بداية المجتهد ١ : ١١٤ ، كشاف القناع ١ : ٢٦٣.

(٣) المغني ١ : ٦٥١ ، كشاف القناع : ١ : ٢٦٣.

(٤) سنن ابن ماجة ١ : ٢١٥ ـ ٦٥٥ ، سنن الترمذي ٢ : ٢١٥ ـ ٣٧٧ ، سنن أبي داود ١ : ١٧٣ ـ ٦٤١ ، مسند أحمد ٦ : ١٥٠ و ٢١٨ و ٢٥٩ ، مستدرك الحاكم ١ : ٢٥١.

(٥) الكافي ٣ : ٣٩٤ ـ ٢ ، التهذيب ٢ : ٢١٧ ـ ٨٥٥.

(٦) فتح العزيز ٤ : ٨١ ، بداية المجتهد ١ : ١١٤ ، القوانين الفقهية : ٥٠ ، حلية العلماء ٢ : ٥٢.

(٧) المجموع ٣ : ١٦٧ ، المغني ١ : ٦٥١ ، فتح العزيز ٤ : ٨١.

٤٤٤

مسألة ١٠٧ : وعورة الرجل عند أكثر علمائنا قبله ودبره لا غير‌ (١) ـ وبه قال عطاء ، وداود ، وابن أبي ذئب ، وهو وجه للشافعي ، ورواية عن أحمد (٢) ـ لأن أنسا قال : إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم خيبر حسر الإزار عن فخذه حتى لأني أنظر الى بياض فخذ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣).

ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه‌السلام : « الفخذ ليس من العورة » (٤).

ولأنه ليس بمخرج للحدث فلم يكن عورة كالساق.

وقال جماعة منّا : العورة ما بين السرة والركبة (٥) ـ وبه قال الشافعي ، ومالك ، وأحمد ، وأصحاب الرأي (٦) ، لقوله عليه‌السلام : ( لا تكشف فخذك ولا تنظر الى فخذ حيّ ولا ميت ) (٧) وهو محمول على الكراهة جمعا بين الأدلة.

فروع :

أ ـ السرة ليست من العورة على الرأيين عندنا ، وكذا الركبة لقوله عليه‌

__________________

(١) منهم : الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٨٧ ، وقطب الدين الراوندي في فقه القرآن ١ : ٩٥ ، ويحيى بن سعيد الحلي في الجامع للشرائع : ٦٥ ، وابن إدريس في السرائر : ٥٥ ، والمحقق في المعتبر : ١٥٤.

(٢) المجموع ٣ : ١٦٨ و ١٦٩ ، المغني ١ : ٦٥١ ـ ٦٥٢ ، نيل الأوطار ٢ : ٤٩.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٠٣ ـ ١٠٤.

(٤) الفقيه ١ : ٦٧ ـ ٢٥٣ ، التهذيب ١ : ٣٧٤ ـ ١١٥٠.

(٥) منهم : ابن البراج في المهذب ١ : ٨٣ ، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي : ١٣٩ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٨٩.

(٦) المجموع ٣ : ١٦٨ ـ ١٦٩ ، بداية المجتهد ١ : ١١٤ ، المغني ١ : ٦٥١ ، المنتقي للباجي ١ : ٢٤٧ ، العدة شرح العمدة : ٦٦ ، المبسوط للسرخسي ١٠ : ١٤٦ ، شرح العناية ١ : ٢٢٤ ، تفسير الرازي ٢٣ : ٢٠٢.

(٧) سنن أبي داود ٣ : ١٩٦ ـ ٣١٤٠ و ٤ : ٤٠ ـ ٤٠١٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٦٩ / ١٤٦٠ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٨٨ ، سنن الدار قطني ١ : ٢٢٥ ـ ٤.

٤٤٥

السلام : ( أسفل السرة وفوق الركبتين من العورة ) (١) وكان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقبّل سرّة الحسن (٢) ، وقبّلها أبو هريرة (٣) ، وهو ظاهر مذهب الشافعي (٤).

وعند أبي حنيفة الركبة من العورة دون السرة ، وهو وجه للشافعي (٥) وله وجه ثالث : أن السرة والركبة جميعا من العورة (٦) ، وعن مالك : الفخذ ليس من العورة (٧).

ب ـ لا فرق بين الحر والعبد إجماعا ، ولا بين البالغ والصبي.

ج ـ الواجب الستر بما يستر لون البشرة فإن كان خفيفا يبين لون الجلد من ورائه فيعلم بياضه أو حمرته لم تجز الصلاة فيه لعدم الستر به ، وإن ستر اللون ووصف الخلقة والحجم جازت الصلاة لعدم التحرز منه.

مسألة ١٠٨ : وعورة المرأة جميع بدنها إلاّ الوجه‌ بإجماع علماء الأمصار ، عدا أبا بكر بن عبد الرحمن بن هشام فإنه قال : كلّ شي‌ء من المرأة عورة حتى ظفرها (٨) ، وهو مدفوع بالإجماع.

وأما الكفان فكالوجه عند علمائنا أجمع ـ وبه قال مالك ، والشافعي ،

__________________

(١) سنن البيهقي ٢ : ٢٢٩.

(٢) سنن البيهقي ٢ : ٢٣٢.

(٣) سنن البيهقي ٢ : ٢٣٢.

(٤) الام ١ : ٨٩ ، المجموع ٣ : ١٦٨ ، الوجيز ١ : ٤٨ ، المغني ١ : ٦٥٢ ، تفسير الرازي ٢٣ : ٢٠٢.

(٥) تفسير الرازي ٢٣ : ٢٠٢ ، المغني ١ : ٦٥٢ ، المحلى ٣ : ٣٢٣ ، المجموع ٣ : ١٦٨ ـ ١٦٩.

(٦) المجموع ٣ : ١٦٨.

(٧) تفسير الرازي ٢٣ : ٢٠٢.

(٨) المجموع ٣ : ١٦٩ ، المغني ١ : ٦٧٢ ، بداية المجتهد ١ : ١١٥ ، عمدة القارئ ٤ : ٩٠.

٤٤٦

والأوزاعي ، وأبو ثور (١) ـ لأن ابن عباس قال في قوله تعالى ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ ما ظَهَرَ مِنْها ) (٢) قال : الوجه والكفان (٣).

وسأل محمد بن مسلم الباقر عليه‌السلام قلت : ما ترى للرجل أن يصلّي في قميص واحد؟ قال : « إذا كان كثيفا فلا بأس ، والمرأة تصلّي في الدرع والمقنعة إذا كان الدرع كثيفا » يعني إذا كان ستيرا ، (٤) فاجتزأ عليه‌السلام بالدرع ـ وهو القميص ـ والمقنعة ـ وهي للرأس ـ فيستحب ما عدا ذلك.

وقال أحمد ، وداود : الكفان من العورة (٥) لقوله تعالى ( إِلاّ ما ظَهَرَ مِنْها ) (٦) والظاهر منها الوجه. ويبطل بقول ابن عباس.

وأما القدمان فالظاهر عدم وجوب سترهما ـ وبه قال أبو حنيفة ، والثوري ، والمزني ـ لأن القدمين يظهر منهما في العادة فلم تكن عورة كالكفين (٧).

__________________

(١) الام ١ : ٨٩ ، المجموع ٣ : ١٦٩ ، تفسير الرازي ٢٣ : ٢٠٢ ، المنتقى للباجي ١ : ٢٥١ ، مقدمات ابن رشد ١ : ١٣٣ ، بداية المجتهد ١ : ١١٥ ، المغني ١ : ٦٧٢ ، الشرح الكبير ١ : ٤٩٢.

(٢) النور : ٣١.

(٣) المغني ١ : ٦٧٢ ، الشرح الكبير ١ : ٤٩٢ ، العدة شرح العمدة : ٦٦ ، الدر المنثور ٥ : ٤١ ، المحلى ٣ : ٢٢١ و ٢٢٢.

(٤) الكافي ٣ : ٢٩٤ ـ ٢ ، الفقيه ١ : ٢٤٣ ـ ١٠٨١ ، التهذيب ٢ : ٢١٧ ـ ٨٥٥.

(٥) المغني ١ : ٦٧٢ ـ ٦٧٣ ، الشرح الكبير ١ : ٤٩٢ ، المحرر في الفقه ١ : ٤٢ ، حلية العلماء ٢ : ٥٣.

(٦) النور : ٣١.

(٧) المجموع ٣ : ١٦٩ ، المبسوط للسرخسي ١٠ : ١٥٣ ، اللباب ١ : ٦٢ ، شرح العناية ١ : ٢٢٥ ، عمدة القارئ ٤ : ٩٠ ، المغني ١ : ٦٧٢ ، الشرح الكبير ١ : ٤٩٣ ، بداية المجتهد ١ : ١١٥ ، المحلى ٣ : ٢٢٣.

٤٤٧

وقال الشافعي ، ومالك ، والأوزاعي ، وأبو ثور : إنهما عورة (١) لحديث ابن عباس ، ولا يعطي نفي الزائد.

مسألة ١٠٩ : الأمة الكبيرة يجوز أن تصلّي مكشوفة الرأس‌ بإجماع العلماء إلاّ ما نقل عن الحسن البصري من إيجاب الخمار عليها إذا تزوجت أو اتخذها الرجل لنفسه (٢).

واستحب لها عطاء أن تقنع إذا صلّت ولم يوجبه (٣) لأن عمر كان ينهى الإماء عن القنع ، وضرب جارية لآل أنس رآها مقنعة فقال : اكشفي رأسك ولا تشبهي بالحرائر (٤).

ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه‌السلام وقد سأله محمد بن مسلم الأمة تغطي رأسها إذا صلّت ، فقال : « ليس على الأمة قناع » (٥).

فروع :

أ ـ القناع وإن لم يجب لكنه مستحب لأنه أنسب بالخفر (٦) ، وهو أمر مطلوب من الحرائر والإماء ، وأنكر الجمهور ـ إلاّ عطاء ـ استحبابه (٧) لفعل‌

__________________

(١) الام ١ : ٨٩ ، المجموع ٣ : ١٦٩ ، المنتقي للباجي ١ : ٢٥١ ، مقدمات ابن رشد ١ : ١٣٣ ، عمدة القارئ ٤ : ٩٠.

(٢) المجموع ٣ : ١٦٩ ، المغني ١ : ٦٧٤ ، الشرح الكبير ١ : ٤٩٢ ، بداية المجتهد ١ : ١١٦.

(٣) المغني ١ : ٦٧٤ ، بداية المجتهد ١ : ١١٦.

(٤) المغني ١ : ٦٧٤ ، المبسوط للسرخسي ١٠ : ١٥١.

(٥) الكافي ٣ : ٣٩٤ ـ ٢ ، التهذيب ٢ : ٢١٧ ـ ٨٥٥.

(٦) في نسخة ( م ) : بالحصن.

(٧) المغني ١ : ٦٧٤ ، بداية المجتهد ١ : ١١٦.

٤٤٨

عمر ، وليس بجيد لما فيه من ترك الستر ، وجاز أن يكون فعله عن رأي رآه.

ب ـ عورة الأمة كالحرة إلاّ في الرأس عند علمائنا أجمع ـ وبه قال بعض الشافعية (١) ـ لأن الأنوثة تناسب الستر فكانت علة ، وإنما سوغنا لها كشف الرأس لما فيه من النص (٢) ، ولأنه ظاهر في أكثر الأوقات فأشبه وجه الحرة.

وقال بعض الشافعية : إنّ عورتها كالرجل ما بين السرة إلى الركبة ، وهو رواية عن أحمد (٣) ، لأن من لم يكن رأسه عورة لم يكن بدنه عورة كالرجل.

والفرق أن للمرأة محاسن بخلاف الرجل.

وقال بعضهم : جميعها عورة إلاّ ما يحتاج الى تغليبه وكشفه للخدمة كالرأس ، والذراع والساق للحاجة الى ذلك ، وهو رواية عن أحمد أيضا (٤) والمعتمد ما تقدم.

ج ـ أم الولد ، والمدبّرة ، والمكاتبة المشروطة ، وغير المؤدّية (٥) كالقنة ـ وبه قال الشافعي ، وأحمد في إحدى الروايتين (٦) ـ لبقاء الملك فيها ، ولأنها تضمن بالقيمة فأشبهت القنة ، وقال محمد بن سيرين : أم الولد تصلّي‌

__________________

(١) المجموع ٣ : ١٦٨ ، مغني المحتاج ١ : ١٨٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧١.

(٢) انظر على سبيل المثال التهذيب ٢ : ٢١٨ ـ ٨٥٩ ، الاستبصار ١ : ٣٩٠ ـ ١٤٨٣.

(٣) المجموع ٣ : ١٦٩ ، فتح العزيز ٤ : ٩١ ، المغني ١ : ٦٧٤ ، الشرح الكبير ١ : ٤٩١.

(٤) فتح العزيز ٤ : ٩١ ، المغني ١ : ٦٧٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧١ ، حلية العلماء ٢ : ٥٤.

(٥) اي المكاتبة المطلقة التي لم تؤدّ شيئا من المال عن كتابتها.

(٦) المجموع ٣ : ١٦٨ ، فتح العزيز ٤ : ٩١ ، المغني ١ : ٦٧٥ ، الشرح الكبير ١ : ٤٩٣.

٤٤٩

مقنعة ، وهو رواية عن أحمد لثبوت سبب الحرية لها (١). وهو ممنوع.

د ـ لو انعتق بعضها كانت كالحرة أخذا بالاحتياط ، وتغليبا للحرية ، ولحصول يقين البراءة.

وقال الشافعي : أنّها كالأمة لأنّ وجوب ستر الرأس من أمارات الحرية ، وعلامات الكمال (٢). وهو ممنوع إن قصد في الجميع وإلاّ لم يتم.

هـ ـ لو اعتقت في أثناء الصلاة وهي مكشوفة الرأس فكالعاري يجد السترة في الأثناء ، إن أمكنها ستره من غير فعل كثير وجب وبنت ـ وبه قال الشافعي ، وأبو حنيفة (٣) ـ وإن لم تتمكن إلاّ بفعل كثير فإن خافت فوت الصلاة أتمت ، وإن لم تخف استأنفت ، والمرجع في كثرة الفعل إلى العرف لعدم التوقيف (٤) فيه.

و ـ لو وجدت السترة واحتاجت الى الانتظار الطويل بحيث لا يفوت الوقت احتمل وجوبه لأنه انتظار واحد ، والبطلان لأنها صلّت في زمان طويل عارية مع إمكان الستر فلم تصح.

ز ـ لو اعتقت في الأثناء ولم تعلم حتى فرغت ، أو كانت عتقت قبل الصلاة ولم تعلم ففي وجوب الإعادة نظر ينشأ من اشتراط العلم في التكليف.

ومن كونها صلّت جاهلة بوجوب الستر فلا تصح ، كما لو علمت العتق‌

__________________

(١) المغني ١ : ٦٧٦ ، الشرح الكبير ١ : ٤٩٣ ، المجموع ٣ : ١٦٩.

(٢) المجموع ٣ : ١٦٨ ، فتح العزيز ٤ : ٩١.

(٣) المجموع ٣ : ١٨٤ ، فتح العزيز ٤ : ١٠٢ ، المحلى ٣ : ٢٢٤.

(٤) في نسخة ( م ) : التوقيت.

٤٥٠

وجهلت وجوب الستر ، وللشافعي قولان (١).

ح ـ لو اعتقت ولم تقدر على سترة مضت في صلاتها ولم تلزمها الإعادة لعدم وجوب الستر عليها لعجزها عنه.

ط ـ الصبية الحرة كالأمة في تسويغ كشف الرأس لها ونعني بها من لم تبلغ ، ولو بلغت في الأثناء بغير المبطل فكالأمة إذا أعتقت فيه إلاّ أنها متى تمكنت من الاستئناف وجب ، لأن ما فعلته أولا لم يكن واجبا.

مسألة ١١٠ : يستحب للرجل ستر جميع بدنه بقميص ، وإزار ، وسراويل‌ لقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إذا صلّى أحدكم فليلبس ثوبيه فإن الله تعالى أحق أن يتزين له ) (٢) ولما فيه من المبالغة في الستر ، وتعظيم حال الصلاة. وأشد منه استحبابا ستر ما بين الركبة والسرة لوقوع الخلاف في وجوبه ، ويجزي الثوب الواحد ، لأن الباقر عليه‌السلام صلّى فيه (٣).

ويستحب التحنك ، لقول الصادق عليه‌السلام : « من تعمّم ولم يتحنك فأصابه داء لا دواء له فلا يلومن إلاّ نفسه » (٤).

وعنه عليه‌السلام : « من اعتمّ فلم يدر العمامة تحت حنكه فأصابه ألم لا دواء له فلا يلومنّ إلاّ نفسه » (٥).

ويجوز أن يصلّي في ثوب واحد يأتزر ببعضه ويرتدي بالآخر ، لأن الصادق عليه‌السلام سئل عن الرجل يصلّي في ثوب واحد قال : « يأتزر به إذا‌

__________________

(١) المجموع ٣ : ١٨٤ ، فتح العزيز ٤ : ١٠٢.

(٢) كنز العمال ٧ : ٣٣١ ـ ١٩١٢٠ ( عن الطبراني في الأوسط ).

(٣) التهذيب ٢ : ٢١٦ ـ ٨٤٨.

(٤) الكافي ٦ : ٤٦٠ ـ ١ ، التهذيب ٢ : ٢١٥ ـ ٨٤٦.

(٥) الكافي ٦ : ٤٦١ ـ ٧ ، التهذيب ٢ : ٢١٥ ـ ٨٤٧ ، المحاسن ٣٧٨ ـ ١٥٧.

٤٥١

رفعه الى الثديين » (١).

ويستحب للمرأة ثلاثة أثواب : درع ، وخمار ، وإزار ، لاشتماله على المبالغة في الستر لقول الصادق عليه‌السلام : « تصلّي المرأة في ثلاثة أثواب : درع ، وخمار ، وإزار ، ولا يضرها بأن تقنع بالخمار ، فإن لم تجد فثوبين تأتزر بأحدهما وتقنع بالآخر » قلت : وإن كان درعا وملحفة ليس عليها مقنعة؟ فقال : « لا بأس إذا تقنعت بالملحفة ، فإن لم تكفها فلتلبسها طولا » (٢).

والدرع يريد به القميص السابغ الذي يغطي ظهور قدميها ، والخمار هو الجلباب وهو ما يغطي رأسها وعنقها.

ويستحب أن يكون الإزار غليظا ، وتجافيه عن جسمها ، لئلاّ يصفها في حال الركوع والسجود.

مسألة ١١١ : ويجوز أن يصلّي عاريا ساترا لعورتيه خاصة‌ لكن يستحب أن يجعل على عنقه شيئا ولو كالخيط وليس بواجب ـ وبه قال الشافعي (٣) ـ لأن العنق ليس بعورة فلا يجب ستره كسائر البدن.

وقال أحمد : إنه واجب (٤) لقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا يصلّي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شي‌ء ) (٥) وهو محمول على الاستحباب.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٩٥ ـ ٩ ، التهذيب ٢ : ٢١٦ ـ ٨٤٩.

(٢) الكافي ٣ : ٣٩٥ ـ ١١ ، التهذيب ٢ : ٢١٧ ـ ٨٥٦.

(٣) الام ١ : ٨٩ ، المجموع ٣ : ١٧٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٢ ، المغني ١ : ٦٥٤.

(٤) المغني ١ : ٦٥٥ ، الشرح الكبير ١ : ٤٩٥ ، المحرر في الفقه ١ : ٤٣ ، العدة شرح العمدة : ٦٧ ، المجموع ٣ : ١٧٥.

(٥) صحيح مسلم ١ : ٣٦٨ ـ ٥١٦ ، مسند أحمد ٢ : ٢٤٣.

٤٥٢

وقال الصادق عليه‌السلام : « ولكن إذا لبس السراويل جعل على عاتقه شيئا ولو حبلا » (١).

ويجوز أن يصلّي في ثوب واحد وإن كان واسع الجيب إذا لم تبد منه العورة حالة الركوع وغيرها لحصول الستر وإن لم يزرّه على نفسه ، لقول الباقر عليه‌السلام : « لا بأس أن يصلّي أحدكم في الثوب الواحد وأزراره محلولة ، إن دين محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حنيف » (٢).

مسألة ١١٢ : لو انكشف بعض العورة في الصلاة بطلت قلّ أو كثر‌ عند علمائنا ، سواء الرجل والمرأة ـ وبه قال الشافعي (٣) ـ لأنه حكم يتعلق بالعورة فاستوى فيه قليلها وكثيرها كالنظر.

وقال أبو حنيفة : إن انكشف من العورة المغلظة ـ وهي القبل والدبر ـ قدر الدرهم لم تبطل وإن انكشف أكثر بطلت وإن انكشف من المخففة ـ وهي ما عدا ذلك ـ أقل من الربع لم تبطل ، وأما المرأة فإن انكشف ربع شعرها ، أو ربع فخذها ، أو ربع بطنها بطلت صلاتها ، وإن كان أقل من ذلك لم تبطل (٤).

وقال أبو يوسف : إن انكشف أقل من النصف لم تبطل ، لأن ستر‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٩٣ ـ ١ ، التهذيب ٢ : ٢١٦ ـ ٨٥٢.

(٢) الكافي ٣ : ٣٩٥ ـ ٨ ، الفقيه ١ : ١٧٤ ـ ٨٢٣ ، التهذيب ٢ : ٣٥٧ ـ ١٤٧٧ ، الاستبصار ١ : ٣٩٢ ـ ١٤٩٢.

(٣) المجموع ٣ : ١٦٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧١ ، الام ١ : ٨٩ ، المغني ١ : ٦٥٣ ، الشرح الكبير ١ : ٤٩٧.

(٤) الهداية للمرغيناني ١ : ٤٣ ـ ٤٤ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٩٧ بدائع الصنائع ١ : ١١٧ ، الجامع الصغير للشيباني : ٨٢ ، المجموع ٣ : ١٦٧ ، فتح العزيز ٤ : ٨٢ ، الميزان ١ : ١٥٧ ، المغني ١ : ٦٥٤ ، الشرح الكبير ١ : ٤٩٧.

٤٥٣

العورة حكم يسقط حال العذر ، فيختلف قليله وكثيره في غير حالة العذر كإزالة النجاسة (١). ولا دليل على هذا التقدير ، وينتقض قولهم بالوضوء.

فروع :

أ ـ قال الشيخ في المبسوط : لو انكشفت العورتان في الصلاة سترهما ولا تبطل صلاته به سواء كان ما انكشفت عنه قليلا أو كثيرا ، بعضه أو كله (٢). وفيه نظر من حيث ان ستر العورة شرط وقد فات فتبطل.

أما لو لم يعلم به فالوجه الصحة للعذر ، ولقول الكاظم عليه‌السلام وقد سأله أخوه عن الرجل صلى وفرجه خارج لا يعلم به هل عليه إعادة أو ما حاله؟ : « لا إعادة عليه وقد تمت صلاته » (٣).

ب ـ لو وجد من الثوب ما يستر به بعض العورة لزمه الستر بخلاف ما لو وجد من الماء ما يكفي بعض الأعضاء ، ولو كان الموجود يكفي إحداهما خاصة فالقبل أولى ـ وبه قال الشافعي (٤) ـ لظهوره واستقبال القبلة به ، ولا يجوز صرفه في غير ستر العورة ، خلافا لبعض الشافعية (٥).

ج ـ لو كان في ثوبه خرق فجمعه وأمسكه بيده فصلاته صحيحة ، ولو وضع يده على موضع الخرق وستره بيده فوجهان : الصحة لحصول الستر ،

__________________

(١) المبسوط للسرخسي ١ : ١٩٧ ، الجامع الصغير للشيباني : ٨٢ ، بدائع الصنائع ١ : ١١٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٤٤ ، المجموع ٣ : ١٦٧.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ٨٧.

(٣) التهذيب ٢ : ٢١٦ ـ ٨٥١.

(٤) الام ١ : ٩١ ، المجموع ٣ : ١٨١ ، فتح العزيز ٤ : ٩٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٣ ، السراج الوهاج : ٥٣.

(٥) المجموع ٣ : ١٨١ ، فتح العزيز ٤ : ٩٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٣ ، السراج الوهاج : ٥٣.

٤٥٤

والمنع لأنّ إطلاق السترة على ما يغطي العورة من غير البدن.

مسألة ١١٣ : لو لم يجد ساترا لم تسقط عنه الصلاة‌ إجماعا ، فإن وجد ورق الشجر وتمكن من الستر به وجب ، وكذا لو وجد طينا وجب عليه أن يطيّن عورته لأنه يستر العورة ، قال الصادق عليه‌السلام : « النورة سترة » (١). وهو أحد وجهي الشافعي ، وفي الآخر : المنع ، لأنه يلوث نفسه ويجف ويتناثر ولا يستر العورة (٢). ولا حجة فيه لأن التناثر بعد الاستظهار لا يضر.

ولو وجد وحلا أو ماء كدرا يستر عورته لو نزله فإن لم يكن فيه مضرة وجب وإلاّ فلا.

ولو وجد حفرة دخلها وجوبا ، وصلى قائما مع أمن المطلع ، وهل يركع ويسجد؟ قال بعض فقهائنا : نعم (٣) ، لأن الستر قد حصل وليس التصاقه بالبدن شرطا.

ولقول الصادق عليه‌السلام : « العاري الذي ليس له ثوب إذا وجد حفرة دخلها فيسجد فيها ويركع » (٤).

مسألة ١١٤ : لو لم يجد العاري سترة قال علماؤنا : يصلّي جالسا ‌إن لم يأمن المطلع ، ويكون ركوعه وسجوده بالإيماء ، وإن أمن المطلع صلّى قائما ويركع ويسجد بالإيماء لأنّ القيام قد يسقط أحيانا فيسقط مع خوف المطلع لئلا تبدو عورته وفيه فحش ، ولو أمنه صلّى قائما لعدم الموجب لسقوط القيام ، ولا يركع ولا يسجد إلاّ بالإيماء لما فيه من الفحش.

__________________

(١) المعتبر ١٥٥ ، وعن الباقر عليه‌السلام في الكافي ٦ : ٤٩٧ ـ ٧ ، والفقيه ١ : ٦٥ ـ ٢٥٠.

(٢) المجموع ٣ : ١٨٠ ، كفاية الأخيار ١ : ٥٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٣ ، السراج الوهاج : ٥٢.

(٣) القائل هو المحقق في المعتبر : ١٥٥.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٦٥ ـ ٣٦٦ ـ ١٥١٧.

٤٥٥

ولقول الصادق عليه‌السلام في الرجل يخرج عريانا فتدركه الصلاة قال : « يصلّي عريانا قائما إن لم يره أحد ، فإن رآه أحد صلّى جالسا » (١).

وقال الباقر عليه‌السلام فيمن خرج من سفينة عريانا ، قال : « إن كانت امرأة جعلت يدها على فرجها ، وإن كان رجلا وضع يده على سوأته ثم يجلسان فيومئان إيماء ولا يركعان ولا يسجدان فيبدو ما خلفهما » (٢).

وقال مالك ، والشافعي : يصلّي قائما بركوع وسجود. وأطلق ، لأنه مستطيع للقيام من غير ضرر فلم يجز له تركه ، كما لو لم يجد السترة (٣).

ونمنع انتفاء الضرر فإن اطلاع الغير ضرر.

وقال الأوزاعي ، وأحمد ، والمزني : يصلّون قعودا (٤) وأطلقوا لأنه قادر على ستر العورة فلم يجز له كشفها ، والستر ممنوع بل الأرض تستر بعضها عندهم.

وقال أبو حنيفة : يتخير بين القيام والقعود ، والقعود أفضل : لأنه لا بد من ترك فرض في كل من الفعلين فيتخير فيهما (٥).

فروع :

أ ـ للشافعي قول بالصلاة قاعدا مطلقا ، فتجب الإعادة ، لأنه أخل بالقيام‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٦٨ ـ ٧٩٣ ، التهذيب ٢ : ٣٦٥ ـ ١٥١٦.

(٢) الكافي ٣ : ٣٩٦ ـ ١٦ ، التهذيب ٢ : ٣٦٤ ـ ١٥١٢ و ٣ : ١٧٨ ـ ٤٠٣.

(٣) الام ١ : ٩١ ، الميزان ١ : ١٥٧ ، المغني ١ : ٦٦٤.

(٤) المجموع ٣ : ١٨٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٣ ، المغني ١ : ٦٦٤ ، الشرح الكبير ١ : ٥٠٠ ، المحرر في الفقه ١ : ٤٦.

(٥) الكفاية ١ : ٢٣٠ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٤٤ ، الميزان ١ : ١٥٧ ، اللباب ١ : ٦٢ ـ ٦٣ ، المجموع ٣ : ١٨٣.

٤٥٦

وهو واجب مقدور عليه (١). ونمنع وجوبه ، والصلاة صحيحة ، لأنه فعل المأمور به على وجهه فأجزأ.

ب ـ لو وجد بائع الثوب بثمن المثل وجب مع المكنة ، وكذا لو آجره ، ولو لم يكن معه ثمن أو احتاج إليه لم يجب ، ولو كثر الثمن عن المثل وتمكن وجب كالماء.

ج ـ لو وجد المعير وجب القبول لتمكنه حينئذ مع انتفاء الضرر ، ولو وهب منه لم يجب القبول لما فيه من المنة ، وبه قال الشافعي في أحد الوجهين (٢) ، وقال الشيخ : يجب القبول (٣). وفيه إشكال.

د ـ لو وجد السترة في أثناء صلاته فإن تمكن من الستر بها من غير فعل كثير وجب ولو احتاج الى مشي خطوة أو خطوتين ، أما لو احتاج الى فعل كثير أو الى استدبار القبلة بطلت صلاته إن كان الوقت متسعا ولو لركعة وإلاّ استمر ، وفي قول للشافعي : أنه لو احتاج الى فعل كثير مشى ولبس وبنى على صلاته كمن سبقه الحدث (٤) ، والأصل ممنوع.

ولو وقف في موضعه حتى حمل إليه فالوجه الصحة ، وللشافعي وجهان (٥).

وقال أبو حنيفة : لو وجد السترة في الأثناء بطلت صلاته كالمستحاضة‌

__________________

(١) المجموع ٢ : ٣٣٥ ـ ٣٣٦ ، فتح العزيز ٢ : ٣٦٢ ـ ٣٦٣.

(٢) المجموع ٣ : ١٨٧ ، فتح العزيز ٤ : ١٠٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٤ ، كفاية الأخيار ١ : ٥٧.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ٨٨.

(٤) المجموع ٣ : ١٨٤.

(٥) المجموع ٣ : ١٨٤.

٤٥٧

إذا انقطع دمها (١). وينتقض بالأمة إذا أعتقت في الأثناء فإن صلاتها لا تبطل عنده إذا كانت مكشوفة الرأس (٢).

هـ ـ لو لم يجد إلاّ ثوب حرير صلّى عاريا لفقدان الشرط ، وهو وجدان الساتر ، للنهي عن هذه السترة ، وبه قال أحمد (٣).

وقال الشافعي : يصلّي فيه وجوبا لأن ثوب الحرير صالح للسترة (٤).

وهو ممنوع ، وتخصيص النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبد الرحمن بن عوف ، والزبير ، لمعنى الحكة (٥) لا يقاس عليه.

ولو خاف البرد من نزعه صلّى فيه وأجزأ.

مسألة ١١٥ : لو لم يجد إلاّ الثوب النجس صلّى عاريا إن تمكن من نزعه‌ ، لقول الصادق عليه‌السلام في رجل أصابته جنابة وهو بالفلاة وليس عليه إلاّ ثوب واحد وأصابه منيّ قال : « يتيمم ويطرح ثوبه ويجلس مجتمعا ويصلّي ويومئ إيماء » (٦).

وإن لم يتمكن من نزعه صلّى فيه ولا إعادة عليه ، للضرورة في الموضعين لقول الصادق عليه‌السلام في الرجل يجنب في الثوب أو يصيبه‌

__________________

(١) المبسوط للسرخسي ١ : ١٢٥.

(٢) شرح فتح القدير ١ : ٢٢٩.

(٣) المغني ١ : ٦٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٤٩٩.

(٤) المجموع ٣ : ١٨٠ ، فتح العزيز ٤ : ١٠٤.

(٥) صحيح البخاري ٤ : ٥٠ و ٧ : ١٩٥ ، صحيح مسلم ٣ : ١٦٤٦ ـ ٢٠٧٦ ، سنن أبي داود ٤ : ٥٠ ـ ٤٠٥٦ ، سنن الترمذي ٤ : ٢١٨ ـ ١٧٢٢ ، سنن النسائي ٨ : ٢٠٢ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١١٨٨ ـ ٣٥٩٢ ، مسند الطيالسي : ٢٦٥ ـ ١٩٧٣ ، مسند أحمد ٣ : ١٢٢ و ١٢٧ و ١٨٠ و ١٩٢ و ٢١٥ و ٢٥٢ و ٢٥٥ و ٢٧٣.

(٦) التهذيب ١ : ٤٠٦ ـ ١٢٧٨ و ٢ : ٢٢٣ ـ ٨٨٢ ، الاستبصار ١ : ١٦٨ ـ ٥٨٣.

٤٥٨

بول وليس معه غيره قال : « يصلّي فيه إذا اضطر إليه » (١).

وعلى هذا التفصيل يحمل قول الكاظم عليه‌السلام في رجل أصاب ثوبه دم نصفه أو كلّه وحضرت الصلاة يصلّي فيه أو يصلّي عريانا؟ قال : « إن وجد ماء غسله ، وإن لم يجد ماء صلّى فيه ولم يصل عريانا » (٢).

وللشيخ قول بالإعادة لو صلّى فيه للضرورة (٣) ، لقول الصادق عليه‌السلام وقد سئل عن رجل ليس معه إلاّ ثوب لا تحل الصلاة فيه ولا يجد ماء يغسله كيف يصنع؟ قال : « يتيمم ويصلّي ، فإذا أصاب ماء غسله وأعاد الصلاة » (٤).

وهي ضعيفة السند ، ومدفوعة بأن الأمر للإجزاء.

وبالصلاة عاريا فلا إعادة قال الشافعي في المذهب المشهور ، والليث بن سعد (٥).

وقال أبو حنيفة : يتخير إن شاء صلّى فيه ، وإن شاء صلّى عاريا ، ولم يفرق بين مقادير النجاسة في رواية أبي يوسف (٦).

وفي رواية محمد : إن كان الدم أكثر من قدر درهم لم يجز أن يصلّي عريانا ، وإن كان مملوءا دما يتخير لأن ترك السترة إخلال بواجب ، والصلاة‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٢٤ ـ ٨٨٣ ، الاستبصار ١ : ١٦٩ ـ ٥٨٤.

(٢) الفقيه ١ : ١٦٠ ـ ٧٥٦ ، التهذيب ٢ : ٢٢٤ ـ ٨٨٤ ، الاستبصار ١ : ١٦٩ ـ ٥٨٥ ، قرب الاسناد : ٨٩.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ٩١.

(٤) التهذيب ١ : ٤٠٧ ـ ١٢٧٩ و ٢ : ٢٢٤ ـ ٨٨٦ ، الاستبصار ١ : ١٦٩ ـ ٥٨٧.

(٥) المجموع ٣ : ١٤٢ ، فتح العزيز ٤ : ١٠٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٨ ، كفاية الأخيار ١ : ٥٧ ، المغني ١ : ٦٦٦ ، الشرح الكبير ١ : ٤٩٩.

(٦) المجموع ٣ : ١٤٣ ، الشرح الكبير ١ : ٤٩٩ ، حلية العلماء ٢ : ٤٦.

٤٥٩

بالنجاسة كذلك ، ولا يمكن الجمع بينهما فيتخير (١). وينتقض بجلد الميتة.

وقال مالك ، والأوزاعي : يصلّي فيه ولا إعادة (٢) لأنّ النجاسة لا تجب إزالتها عن المصلّي عنده ، وقد سبق.

مسألة ١١٦ : لو كان جماعة عراة استحب لهم الجماعة‌ ، ذهب إليه علماؤنا سواء كانوا رجالا أو نساء يصلّون صفا واحدا جلوسا يتقدمهم الإمام بركبتيه لعموم الأمر بالجماعة (٣).

وقول الصادق عليه‌السلام : « يتقدمهم إمامهم فيجلس ويجلسون خلفه يومي الإمام بالركوع والسجود وهم يركعون ويسجدون خلفه على وجوههم » (٤).

وقال الشافعي : يصلّون جماعة وفرادى قياما ، ويقف الإمام وسطهم ، وله قول آخر : أنّ الأفضل الانفراد لعدم تمكنهم من الإتيان بسنة الجماعة وهي الموقف (٥) ، واستدراك فضيلة الجماعة أولى من استدراك سنة الموقف ، وقال أبو حنيفة : يصلّون فرادى ، وإن كانوا في ظلمة صلّوا جماعة (٦).

__________________

(١) حلية العلماء ٢ : ٤٦.

(٢) بلغة السالك ١ : ١٠٤ ، القوانين الفقهية : ٥٩ ، المجموع ٣ : ١٤٣ ، المغني ١ : ٦٦٦ و ٦٦٧ ، الشرح الكبير ١ : ٤٩٩.

(٣) انظر على سبيل المثال الكافي ٣ : ٣٧٢ ـ ٥.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٦٥ ـ ١٥١٤.

(٥) الام ١ : ٩١ ، المجموع ٣ : ١٨٥ و ١٨٦ ، فتح العزيز ٤ : ٩٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٣ ، المغني ١ : ٦٦٨ ، الشرح الكبير ١ : ٥٠٣.

(٦) المغني ١ : ٦٦٨ ، الشرح الكبير ١ : ٥٠٢.

٤٦٠