تذكرة الفقهاء - ج ٢

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تذكرة الفقهاء - ج ٢

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-35-3
الصفحات: ٥٣١

وقال السيد المرتضى : يشترط طهارة المكان (١) ـ وبه قال الشافعي (٢) ـ لأنه عليه‌السلام نهى عن الصلاة في المزبلة والمجزرة (٣) ، ولا علة سوى النجاسة. ونقول بموجبه ، لأنها نجاسات متعدية ، أو نمنع نهي التحريم.

وقال الشافعي : يشترط الطهارة في جهة الصلاة ، والجوانب أيضا بحيث يكون ما يلاقي بدن المصلّي وثيابه طاهرا حتى لو وقف تحت سقف يحتك به أو بجدار نجس لم تصح صلاته ، وبه قال أحمد (٤).

وقال أبو حنيفة : لا يشترط إلاّ طهارة موضع القدمين ، وفي رواية موضع القدمين والجبهة ، ولا تضر نجاسة ما سواه إلاّ أن يتحرك بحركته (٥).

والكل ممنوع.

فروع :

أ ـ لو كان على رأسه عمامة وطرفها يسقط على نجاسة صحت صلاته عندنا ، خلافا للشافعي ، وأحمد في رواية ، وفي اخرى : أنه لا يشترط طهارة ما تقع عليه ثيابه (٦) ، ولو كان ثوبه يمس شيئا نجسا كثوب من يصلّي الى‌

__________________

(١) حكاه عنه الفاضل الآبي في كشف الرموز ١ : ١٤٣ ـ ١٤٤.

(٢) المجموع ٣ : ١٥١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٨ ، فتح العزيز ٤ : ٣٤.

(٣) سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٦ ـ ٧٤٦ ، سنن الترمذي ٢ : ١٧٨ ـ ٣٤٦ وانظر المهذب للشيرازي ١ : ٦٩.

(٤) المجموع ٣ : ١٥٢ ، المغني ١ : ٧٥٠ ، الشرح الكبير ١ : ٥٠٩ ، فتح العزيز ٤ : ٣٥.

(٥) بدائع الصنائع ١ : ٨٢ ، فتح العزيز ٤ : ٣٤ ، حلية العلماء ٢ : ٤٩ ، شرح فتح القدير ١ : ١٦٨.

(٦) مغني المحتاج ١ : ١٩٠ ، كفاية الأخيار ١ : ٥٦ ، المغني ١ : ٧٥٠ و ٧٥١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٠٩.

٤٠١

جانبه أو حائط لا يستند إليه صحّت صلاته عندنا ، خلافا للشافعي ، وأحمد (١).

ب ـ قال أبو حنيفة : إن كان تحت قدميه أكثر من قدر درهم من النجاسة لم تصح صلاته ، ولو وقعت ركبته أو يده على أكثر من قدر درهم صحّت صلاته ، ولو وضع جبهته على نجاسة تزيد على قدر الدرهم فروايتان (٢) ، وعند الشافعي لا تصح في الجميع (٣) ، وعندنا تصح في الجميع إلاّ موضع الجبهة فإن النجاسة إن استوعبته لم تصح صلاته وإن قلّت عن الدرهم ، ولو وقع ما يجزي من الجبهة على موضع طاهر والباقي على نجاسة فالأقوى عندي الجواز.

ج ـ لو كان ما يلاقي بدنه وثيابه طاهرا أو ما يحاذي بطنه أو صدره في السجود نجسا صحّت صلاته عندنا ـ وبه قال أحمد ، والشافعي في أحد الوجهين ـ لأنه لم يباشر النجاسة فصار كما لو صلّى على سرير وتحته نجاسة ، وفي الآخر : لا تصح (٤) لأن ذلك الموضع منسوب إليه فإنه مكان صلاته ، ويبطل بما لو صلّى على خمرة طرفها نجس فإن صلاته تصح وإن نسبت إليه بأنّها مصلاّه.

د ـ يجوز أن يصلّي على بساط تحته نجاسة ، أو سرير قوائمه على النجاسة وإن تحرك بحركته ، وبه قال الشافعي (٥) ، وقال أبو حنيفة : إن تحرك‌

__________________

(١) المجموع ٣ : ١٥٢ ، المغني ١ : ٧٥١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٠٩ ، كشاف القناع ١ : ٢٨٩ و ٢٩٠.

(٢) المبسوط للسرخسي ١ : ٢٠٤ ، بدائع الصنائع ١ : ٨٢ ، حلية العلماء ٢ : ٤٩.

(٣) المجموع ٣ : ١٥١ و ١٥٢ ، فتح العزيز ٤ : ٣٤.

(٤) المجموع ٣ : ١٥٢ ، مغني المحتاج ١ : ١٩٠ ، المغني ١ : ٧٥١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٠٩.

(٥) المجموع ٣ : ١٥٢ ، فتح العزيز ٤ : ٣٥.

٤٠٢

بحركته بطلت (١) ولا يصح ذلك في المغصوب سواء كان الساتر أو ما تحته.

هـ ـ لو اشتبه موضع النجاسة لم يضع جبهته على شي‌ء منه إن كان محصورا كالبيت والبيتين ، بخلاف المواضع المتسعة كالصحاري ، ولا يجوز التحري عندنا.

وقال الشافعي : يتحرى إن وقع الاشتباه في بيتين ، ولو اشتبه الموضع النجس من بيت أو بساط لم يتحر على أصح الوجهين (٢).

و ـ لو اضطر إلى الصلاة في المشتبه وجب تكرير الصلاة كالثوبين.

مسألة ٨٥ : تكره الصلاة في أماكن :

أ ـ معاطن الإبل : وهي مباركها ، سواء خلت من أبوالها أو لا عندنا لأنّ أبوالها طاهرة على ما تقدم (٣).

لقوله عليه‌السلام : ( إذا أدركتك الصلاة وأنت في مراح الغنم فصل فيه فإنها سكينة وبركة ، وإذا أدركتك الصلاة وأنت في معاطن الإبل فاخرج منها وصل فإنها جن من جن خلقت ) (٤).

والفرق ظاهر فإن الغنم لا يمنعه السكون في مراحها من الخشوع ، والإبل يخاف نفورها فتمنعه من الخشوع والسكون ، وقيل : إن عطنها مواطن الجن (٥).

ومنع الشافعي من الصلاة فيها مع وجود أبوالها فيها لأنها نجسة‌

__________________

(١) المجموع ٣ : ١٥٢ ، فتح العزيز ٤ : ٣٥.

(٢) المجموع ٣ : ١٥٣ و ١٥٤ ، فتح العزيز ٤ : ٣٥.

(٣) تقدم في المسألة ١٥ من كتاب الطهارة.

(٤) سنن البيهقي ٢ : ٤٤٩.

(٥) فتح العزيز ٤ : ٣٨ وانظر حياة الحيوان للدميري ١ : ٢٥.

٤٠٣

عنده وقد تقدم ، وسوّغ الصلاة مع الخلوّ ، وبه قال مالك ، وأبو حنيفة (١) للحديث (٢).

وقال أحمد : لا تصح الصلاة فيها وإن خلت ، وبه قال ابن عمر ، وجابر ابن سمرة والحسن ، وإسحاق ، وأبو ثور (٣) لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن الصلاة فيها (٤) ، والنهي يدل على الفساد ، وهو ممنوع لأن النهي للكراهة.

ولا بأس بالصلاة في مرابض الغنم عملا بالأصل ، ولقول الصادق عليه‌السلام : « لا بأس بالصلاة في مرابض الغنم » (٥).

ب ـ المقابر : وبه قال علي عليه‌السلام ، وابن عباس ، وابن عمر ، وعطاء ، والنخعي ، وابن المنذر ، فإن صلى صحّت سواء استقبلها ، أو صلّى بينها في الكراهة ، والصحة ، وبه قال الشافعي ، ومالك (٦) ـ لأنها بقعة طاهرة فصحت الصلاة فيها كغيرها.

وقال أحمد : لا يجوز وإن تحقق طهارتها أو استقبلها ـ وفي صحة‌

__________________

(١) المجموع ٣ : ١٦١ ، بداية المجتهد ١ : ١١٧ ، عمدة القارئ ٤ : ١٨٢ ، المغني ١ : ٧٥٣ ، الشرح الكبير ١ : ٥١٢.

(٢) سنن الترمذي ٢ : ١٣١ ـ ٣١٧ ، مسند أحمد ٥ : ١٤٥ ، صحيح البخاري ١ : ٩١ ، سنن أبي داود ١ : ١٣٢ ـ ٤٨٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٨٨ ـ ٥٦٧.

(٣) عمدة القارئ ٤ : ١٨٢ ، المغني ١ : ٧٥٣ ، نيل الأوطار ٢ : ١٤١.

(٤) سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٦ ـ ٧٤٦ و ٧٤٧ ، سنن الترمذي ٢ : ١٨١ ـ ٣٤٨ ، سنن النسائي ٢ : ٥٦ ، سنن الدارمي ١ : ٣٢٣ ، مسند احمد ٢ : ٤٥١ و ٤٩١ و ٥٠٩ ، سنن أبي داود ١ : ١٣٣ ـ ٤٩٣ ، سنن البيهقي ٢ : ٤٤٩.

(٥) الكافي ٣ : ٣٨٨ ـ ٢ ، التهذيب ٢ : ٢٢ ـ ٨٦٨ ، الاستبصار ١ : ٣٩٥ ـ ١٥٠٧.

(٦) المجموع ٣ : ١٥٨ ، بداية المجتهد ١ : ١١٧ ، المغني ١ : ٧٥٣.

٤٠٤

الصلاة عنه روايتان (١) ـ للنهي (٢) ، ونحن نحمله على الكراهة.

ولو جعل بينه وبين القبر حائلا ولو عنزة (٣) ، أو بعد عشرة أذرع عن يمينه ، ويساره ، وقدامه زالت الكراهة ، وقد روي جواز الصلاة الى قبور الأئمة عليهم‌السلام في النوافل خاصة (٤) ، قال الشيخ : والأحوط الكراهة (٥).

ولو صلّى على قبر كره سواء تكرر الدفن فيه ونبش أو لا ، إلاّ أن تمازجه نجاسة متعدية فيحرم.

وقال الشافعي : إن تكرر الدفن فيه ونبش بطلت صلاته ، لأنه صلّى على النجاسة لمخالطة صديد الموتى ولحومهم ، وإن كان جديدا لم ينبش كره (٦) للنهي (٧) ، وإن لم يعلم التكرر ، ولا عدمه فقولان لأصالة الطهارة وقضاء العادة بتكرر الدفن (٨).

وكره الاستقبال إلى القبر ، إلاّ الى قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّه منعه (٩) لقوله عليه‌السلام : ( لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم‌

__________________

(١) المغني ١ : ٧٥٣ ، المجموع ٣ : ١٥٨ ، الشرح الكبير ١ : ٥١٢.

(٢) سنن النسائي ٢ : ٦٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٦ ـ ٧٤٦ و ٧٤٧.

(٣) العنزة بالتحريك : أطول من العصا وأقصر من الرمح وفيه زجّ كزج الرمح. الصحاح ٣ : ٨٨٧ « عنز ».

(٤) كامل الزيارات : ١٢٢ ـ ١.

(٥) المبسوط للطوسي ١ : ٨٥.

(٦) الام ١ : ٩٢ ، المجموع ٣ : ١٥٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٠ ، رحمة الأمة ١ : ٥٧ نيل الأوطار ٢ : ١٣٧.

(٧) سنن الترمذي ٢ : ١٣١ ـ ٣١٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٦ ـ ٧٤٦ و ٧٤٧ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٢٩.

(٨) المجموع ٣ : ١٥٨ ، فتح العزيز ٤ : ٣٩.

(٩) المجموع ٣ : ١٥٨ ، فتح العزيز ٤ : ٣٩.

٤٠٥

مساجد ) (١) وإنما قاله تحذيرا لأمته أن يفعلوا.

ج ـ الحمام إن علمت طهارته أو جهلت ـ وبه قال الشافعي (٢) ـ لقول الصادق عليه‌السلام : « عشرة مواضع لا يصلى فيها : الطين ، والماء ، والحمام ، والقبور ، ومسان الطرق (٣) ، وقرى النمل ، ومعاطن الإبل ، ومجرى الماء ، والسبخ ، والثلج » (٤).

وقال أحمد : لا تجوز الصلاة فيه (٥) للنهي (٦).

ولو علمت نجاسته فإن لم تتعد إليه كرهت الصلاة فيه أيضا ـ خلافا للشافعي (٧) ـ وإلاّ بطلت.

وهل تكره في المسلخ؟ فيه احتمال ينشأ من علة النهي إن قلنا : النجاسة لم تكره ، وإن قلنا : كشف العورة فيكون مأوى ( الشيطان ) (٨) كره.

د ـ بيوت الغائط لعدم انفكاكها عن النجاسة ، ولو صلّى صحت ما لم تتعد نجاستها إليه ـ وبه قال الشافعي (٩) ـ لقول الصادق عليه‌السلام وقد سئل‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ١١٤ ـ ٥٣٢ ، صحيح البخاري ١ : ١١٦ ، صحيح مسلم ١ : ٣٧٦ ـ ٥٢٩ و ٥٣١ ، مسند أحمد ١ : ٢١٨.

(٢) حلية العلماء ٢ : ٥٠ ، المجموع ٣ : ١٥٩.

(٣) مسان الطرق : المسلوك منها. مجمع البحرين ٦ : ٢٦٩ « سنن ».

(٤) الكافي ٣ : ٣٩٠ ـ ١٢ ، التهذيب ٢ : ٢١٩ ـ ٨٦٣ ، الإستبصار ١ : ٣٩٤ ـ ١٥٠٤.

(٥) المغني ١ : ٧٥٣ ، عمدة القارئ ٤ : ١٩٠ ، نيل الأوطار ٢ : ١٣٧.

(٦) سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٦ ـ ٧٤٧ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٢٩.

(٧) الام ١ : ٩٢ ، المجموع ٣ : ١٥٩.

(٨) في نسخة ( ش ) : الشياطين.

(٩) المجموع ٣ : ١٦٢.

٤٠٦

أقوم في الصلاة فأرى بين يدي العذرة : « تنح عنها ما استطعت » (١). ولأنها لا تناسب العبادة المأمور بالتنظيف حال إيقاعها.

وقال أحمد : لا تصح ، ولا على سطحها (٢) ، وليس بجيد.

هـ ـ بيوت النيران لئلاّ يتشبه ( بعبّادها ) (٣).

و ـ بيوت المجوس لعدم انفكاكها من النجاسة ، فإن رشت الأرض زالت الكراهة ، لقول الصادق عليه‌السلام وقد سئل عن الصلاة في بيوت المجوس : « رش وصلّ » (٤).

ولا بأس بالبيع والكنائس مع النظافة ـ وبه قال الحسن البصري ، وعمر ابن عبد العزيز ، والشعبي ، والأوزاعي (٥) ـ لقوله عليه‌السلام : ( أينما أدركتني الصلاة صليت ) (٦) وسأل عيص ، الصادق عليه‌السلام عن البيع والكنائس يصلّى فيها؟ قال : « لا بأس » (٧) وقال الصادق عليه‌السلام : « صل فيها قد رأيتها ما أنظفها » (٨).

وكره ابن عباس ، ومالك الكنائس من أجل الصور (٩). ونحن نقول‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٩١ ـ ١٧ ، التهذيب ٢ : ٣٧٦ ـ ١٥٦٣ ، المحاسن : ٣٦٥ ـ ١٠٩.

(٢) المغني ١ : ٧٥٣ و ٧٥٦ ، كشاف القناع ١ : ٢٩٤.

(٣) في نسخة ( م ) بعبادتها.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٢٢ ـ ٨٧٧.

(٥) المجموع ٣ : ١٥٨ ـ ١٥٩ ، المغني ١ : ٧٥٩ ، عمدة القارئ ٤ : ١٩٠ و ١٩٢.

(٦) مسند أحمد ٢ : ٢٢٢.

(٧) التهذيب ٢ : ٢٢٢ ـ ٨٧٤.

(٨) التهذيب ٢ : ٢٢٢ ـ ٨٧٦ ، والفقيه ١ : ١٥٧ ـ ٧٣١ وفيه : « صلّ فيها » بدون الذيل.

(٩) المجموع ٣ : ١٥٨ ، عمدة القارئ ٤ : ١٩٠ و ١٩٢ ، المغني ١ : ٧٥٩ ، المدونة الكبرى ١ : ٩٠ ـ ٩١.

٤٠٧

بموجبه إن كان فيها صور.

ز ـ بيوت الخمور والمسكر لعدم انفكاكها من النجاسة ، ولقول الصادق عليه‌السلام : « لا تصلّ في بيت فيه خمر أو مسكر » (١).

ح ـ جواد الطرق ـ وبه قال الشافعي (٢) ـ لأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن الصلاة في محجة الطريق (٣) ومعناه الجادة المسلوكة ، وفي حديث : ( عن قارعة الطريق ) (٤) يعني التي تقرعها الأقدام ، ففاعلة هنا بمعنى مفعولة ، ولقول الصادق عليه‌السلام : « فأما على الجواد فلا » (٥) ولأنها لا تنفك غالبا عن النجاسة ، ويمنع السابلة من الاستطراق.

وقال أحمد : لا تصح (٦) للنهي (٧). وهو عندنا للكراهة.

ولا بأس بالصلاة على الظواهر التي بين الجواد للأصل ، ولقول الصادق عليه‌السلام : « لا بأس أن يصلّى في الظواهر التي بين الجواد » (٨) ولا فرق بين أن يكون في الطريق سالك أو لم يكن للعموم.

ط ـ مساكن النمل لما تقدم في الحديث (٩) ، ولعدم انفكاكه من ضررها ، أو قتل بعضها.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٩٢ ـ ٢٤ ، التهذيب ٢ : ٢٢٠ ـ ٨٦٤ و ٣٧٧ ـ ١٥٦٨.

(٢) المجموع ٣ : ١٦٢ ، فتح العزيز ٤ : ٣٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧١ ، مغني المحتاج ١ : ٢٠٣.

(٣) سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٦ ـ ٧٤٧ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٢٩.

(٤) سنن الترمذي ٢ : ١٧٨ ـ ٣٤٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٦ ـ ٧٤٦.

(٥) الكافي ٣ : ٣٨٨ ـ ٥ ، التهذيب ٢ : ٢٢٠ ـ ٨٦٥.

(٦) المغني ١ : ٧٥٤ ـ ٧٥٥ ، العدة شرح العمدة : ٦٩ ، المحرر في الفقه ١ : ٤٩.

(٧) سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٦ ـ ٧٤٦ و ٧٤٧ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٢٩ ، سنن الترمذي ٢ : ١٧٨ ـ ٣٤٦.

(٨) الكافي ٣ : ٣٨٩ ـ ١٠ ، التهذيب ٥ : ٤٢٥ ـ ١٤٧٥.

(٩) تقدم في فرع « ج ».

٤٠٨

ي ـ مرابط الخيل ، والبغال ، والحمير لكراهة أرواثها ، وأبوالها فلا تنفك أمكنتها منها ، ولقول الصادق عليه‌السلام : « فأما مرابط الخيل والبغال فلا » (١).

يا ـ بطون الأودية لجواز هجوم السيل ، ولأنها مجرى المياه ، وكذا يكره في مجرى الماء لذلك ، وللحديث ، وقد سبق (٢).

يب ـ الأرض السبخة لعدم تمكن الجبهة من الأرض ، قال أبو بصير : سألت الصادق عليه‌السلام عن الصلاة في السبخة لم تكرهه؟ قال : « لأن الجبهة لا تقع مستوية » فقلت : إن كان فيها أرض مستوية ، قال : « لا بأس » (٣).

يج ـ أرض الثلج كذلك أيضا ، قال داود الصيرفي : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الثلج فقال : « إن أمكنك أن لا تسجد عليه فلا تسجد ، وإن لم يمكنك فسوّه واسجد عليه » (٤).

يد ـ أرض الخسف كالبيداء (٥) ، وذات الصلاصل (٦) ، وضجنان (٧) ،

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٢٠ ـ ٨٦٧ ، الاستبصار ١ : ٣٩٥ ـ ١٥٠٦.

(٢) تقدم في فرع « ج ».

(٣) التهذيب ٢ : ٢٢١ ـ ٨٧٣ ، الإستبصار ١ : ٣٩٦ ـ ١٥٠٩.

(٤) الكافي ٣ : ٣٩٠ ـ ١٤ ، الفقيه ١ : ١٦٩ ـ ٧٩٨ ، التهذيب ٢ : ٣١٠ ـ ١٢٥٦ ، الاستبصار ١ : ٣٣٦ ـ ١٢٦٣ وفيها عن ( داود الصرمي ).

(٥) البيداء : اسم لأرض ملساء بين مكة والمدينة وهي إلى مكة أقرب. معجم البلدان ١ : ٥٢٣.

(٦) اسم لموضع مخصوص في طريق مكة. مجمع البحرين ٥ : ٤٠٧ ـ ٤٠٨ « صلصل ».

(٧) ضجنان : هو موضع أو جبل بين مكة والمدينة. معجم البلدان ٣ : ٤٥٣ ، النهاية لابن الأثير ٣ : ٧٤ ، القاموس المحيط ٤ : ٢٤٣ « ضجن ».

٤٠٩

وكذا كل موضع خسف به ـ وبه قال أحمد (١) ـ لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لأصحابه يوم مرّ بالحجر : ( لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلاّ أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثل ما أصابهم ) (٢) وعبر علي عليه‌السلام من أرض بابل إلى موضع ردّت له الشمس فيه وصلّى (٣) ، وقال الصادق عليه‌السلام : « تكره الصلاة في ثلاثة مواطن بالطريق : البيداء وهي ذات الجيش ، وذات الصلاصل ، وضجنان » (٤).

يه ـ وادي الشقرة (٥) واختلف علماؤنا ، فقال بعضهم : إنّه موضع مخصوص خسف به ، وقيل : ما فيه شقائق النعمان (٦) لئلاّ يشتغل النظر ، لقول الصادق عليه‌السلام : « لا تصل في وادي الشقرة » (٧).

يو ـ المزابل ، ومذابح الأنعام لعدم انفكاكها من النجاسة ، ولأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن الصلاة في سبعة مواطن : ظهر بيت الله ، والمقبرة ، والمزبلة ، والمجزرة ، والحمام ، وعطن الإبل ، ومحجة الطريق (٨).

يز ـ أن يصلّي وفي قبلته نار مضرمة ـ وبه قال أحمد (٩) ـ لئلاّ يتشبه بعبّاد النار ، ولقول الكاظم عليه‌السلام : « لا يصلح أن يستقبل المصلّي‌

__________________

(١) المغني ١ : ٧٥٩ ، الشرح الكبير ١ : ٥١٤.

(٢) صحيح مسلم ٤ : ٢٢٨٥ ـ ٢٩٨٠ ، سنن البيهقي ٢ : ٤٥١ ، مسند احمد ٢ : ٧٢.

(٣) الفقيه ١ : ١٣٠ ـ ١٣١ ـ ٦١١ ، بصائر الدرجات : ٢٣٧ ـ ١.

(٤) الكافي ٣ : ٣٨٩ ـ ١٠ ، التهذيب ٢ : ٣٧٥ ـ ١٥٦٠.

(٥) شقرة : بضم الشين وسكون القاف وقيل بفتح الشين وسكون القاف. موضع في طريق مكة. مجمع البحرين ٣ : ٣٥٢ ـ ٣٥٣ « شقر ».

(٦) حكى القولين المحقق في المعتبر : ١٥٨.

(٧) المحاسن : ٣٦٦ ـ ١١٥ ، الكافي ٣ : ٣٩٠ ـ ١١ ، التهذيب ٢ : ٣٧٥ ـ ١٥٦١.

(٨) سنن الترمذي ٢ : ١٧٨ ـ ٣٤٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٦ ـ ٧٤٧ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٢٩.

(٩) المغني ٢ : ٧٣ ، الشرح الكبير ١ : ٦٦٣.

٤١٠

النار » (١) وقال عمار للصادق عليه‌السلام : أله أن يصلّي وفي قبلته مجمرة شبه؟ قال : « نعم فإن كان فيها نار فلا يصلّي فيها حتى ينحيها عن قبلته » وفي القنديل المعلق قال : « لا يصلّي بحياله » (٢).

وفي رواية : « يجوز أن يصلّي والنار ، والسراج ، والصورة بين يديه ، إن الذي يصلّي له أقرب من الذي بين يديه » (٣) وجعلها الشيخ شاذّة (٤).

يح ـ أن يصلّي الى التماثيل ، والصور ـ وبه قال أحمد (٥) ـ لقول محمد بن مسلم قلت : أصلّي والتماثيل قدّامي وأنا أنظر إليها؟

فقال : « لا ، اطرح عليها ثوبا ولا بأس إذا كانت على يمينك ، أو شمالك ، أو خلفك ، أو تحت رجليك ، أو فوق رأسك فإن كانت في القبلة فألق عليها ثوبا » (٦).

يط ـ قال أبو الصلاح : تكره الى باب مفتوح ، أو إنسان مواجه (٧) ـ وبه قال أحمد (٨) ـ وهو جيد ، لاستحباب السترة بينه وبين ممر الطريق على ما يأتي.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٩١ ـ ١٦ ، الفقيه ١ : ١٦٢ ـ ٧٦٣ ، التهذيب ٢ : ٢٢٥ ـ ٨٨٩ ، الإستبصار ١ : ٣٩٦ ـ ١٥١١.

(٢) الكافي ٣ : ٣٩١ ـ ١٥ ، الفقيه ١ : ١٦٥ ـ ٧٧٦ ، التهذيب ٢ : ٢٢٥ ـ ٨٨٨.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٢٦ ـ ٨٩٠ ، الاستبصار ١ : ٣٩٦ ـ ١٥١٢.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٢٦ ذيل الحديث ٨٩٠ ، والاستبصار ١ : ٣٩٦ ذيل الحديث ١٥١٢.

(٥) المغني ٢ : ٧٣ ، الشرح الكبير ١ : ٦٦٣ ، كشاف القناع ١ : ٢٨٠.

(٦) الكافي ٣ : ٣٩١ ـ ٢٠ ، التهذيب ٢ : ٢٢٦ ـ ٨٩١ ، الاستبصار ١ : ٣٩٤ ـ ١٥٠٢ ، المحاسن : ٦١٧ ـ ٥٠.

(٧) الكافي في الفقه : ١٤١.

(٨) المغني ٢ : ٧٣ ، الشرح الكبير ١ : ٦٦١.

٤١١

ك ـ أن يصلّي وفي قبلته مصحف مفتوح لئلاّ يشتغل عن الإقبال على العبادة.

وعن عمار عن الصادق عليه‌السلام في الرجل يصلّي وبين يديه مصحف مفتوح في قبلته قال : « لا » قلت : فإن كان في غلاف قال : « نعم » (١) ، وهل يتعدى الحكم الى كل ما يشغل النظر من كتاب ونقش ( وغيره ) (٢)؟ الأقرب ذلك ، ويحتمل المنع ، لعدم القطع بالعلة.

كا ـ أن يكون قبلته حائط ينز من بالوعة يبال فيها ، لأنه ينبغي تعظيم القبلة فلا تناسب النجاسة ، ولقول الصادق عليه‌السلام وقد سئل عن مسجد ينز حائط قبلته من بالوعة يبال فيها فقال : « إن كان نزّه من بالوعة فلا تصلّ فيه وإن كان من غير ذلك فلا بأس » (٣) ، وهل يتعدى الحكم الى الماء النجس؟

عموم اللفظ يقضي بالمنع ، لقوله عليه‌السلام : « وإن كان من غير ذلك فلا بأس » (٤) والعلّة تقضي بالمساواة لكن العلّية ليست قطعية.

مسألة ٨٦ : ويكره الفريضة جوف الكعبة ، وتستحب النافلة‌ عند علمائنا لأنه بالصلاة في الكعبة ربما تتعذر عليه الجماعة ، والجماعة أفضل من الانفراد ، ولأنه باستقبال أي جهة شاء يستدبر قبلة اخرى ، ولقول أحدهما عليهما‌السلام : « لا تصلّ المكتوبة في الكعبة » (٥) وهذا النهي ليس للتحريم فإنه يجوز فعل الفريضة فيها ـ وبه قال الشافعي ، وأبو حنيفة (٦) ـ

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٩١ ـ ١٥ ، الفقيه ١ : ١٦٥ ـ ٧٧٦ ، التهذيب ٢ : ٢٢٥ ـ ٨٨٨.

(٢) لم ترد في نسخة ( ش ).

(٣) الكافي ٣ : ٣٨٨ ـ ٤ ، التهذيب ٢ : ٢٢١ ـ ٨٧١.

(٤) الكافي ٣ : ٣٨٨ ـ ٤ ، التهذيب ٢ : ٢٢١ ـ ٨٧١.

(٥) الكافي ٣ : ٣٩١ ـ ١٨ ، التهذيب ٢ : ٣٧٦ ـ ١٥٦٤ ، المقنعة : ٧٠.

(٦) الأم ١ : ٩٨ ، المجموع ٣ : ١٩٤ ، فتح العزيز ٣ : ٢٢٠ ، الوجيز ١ : ٣٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٤ ، اللباب ١ : ١٣٥ ، المغني ١ : ٧٥٧.

٤١٢

لقوله تعالى ( وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) (١) ولا يمنع تحريم الطواف تحريم الصلاة ، لأن الطواف به لا يحصل بطوافه فيه ، والصلاة لا تجب الى جميعه ، ولأن كل بقعة جاز أن يتنفل فيها جاز أن يفترض كالمسجد.

وقال مالك ، وأحمد ، وإسحاق : تجوز النافلة ، ولا تجوز الفريضة (٢) ـ وبه قال الشيخ في الخلاف (٣) ـ لقوله تعالى ( وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) (٤) أي نحوه ، وإذا كان فيه لم يول وجهه نحوه ولأنه مستدبر لبعضه فأشبه [ ما ] (٥) إذا استدبر وهو خارجه ، وقد بيّنا أن الصلاة لا تجب الى جميعه ، بل إنّما يتوجه إلى جهة منه فيتوجه إليها وإلى ما يحاذيها دون باقي الجهات ، وإذا استدبر وهو خارج لم يستقبل شيئا منه بخلاف ما لو كان فيه.

وحكي عن ابن جرير الطبري أنه قال : لا يجوز فعل الفريضة والنافلة (٦) لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل البيت ولم يصلّ (٧) ، ولأن الطواف لا يجوز فيه فكذا الصلاة ، ونمنع عدم صلاته عليه‌السلام فيه فإنه عليه‌السلام صلّى‌

__________________

(١) الحج : ٢٦.

(٢) المغني ١ : ٧٥٧ ، ٧٥٨ ، المجموع ٣ : ١٩٥ ، فتح العزيز ٣ : ٢٢٠ ، القوانين الفقهية : ٥٥ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٣٩.

(٣) الخلاف ١ : ٤٣٩ مسألة ١٨٦.

(٤) البقرة : ١٤٤ و ١٥٠.

(٥) زيادة يقتضيها السياق.

(٦) المجموع ٣ : ١٩٤ ، حلية العلماء ٢ : ٦٠.

(٧) صحيح مسلم ٢ : ٩٦٨ ـ ١٣٣١ ، سنن أبي داود ٢ : ٢١٤ ـ ٢٠٢٧ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٢٩.

٤١٣

فيه ركعتين (١) ، قال بلال : ترك [ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ] (٢) عمودا عن يمينه ، وعمودا عن يساره ، وثلاثة أعمدة من ورائه فإن البيت إذ ذاك على ستة أعمدة (٣). والمثبت أولى من النافي.

إذا عرفت هذا فاعلم أن الشافعي قال : الصلاة إن كانت فريضة فرادى أو نافلة فهي في الكعبة أفضل ، لأنها أطهر موضع ، وإن كانت جماعة فإن أمكنت في الكعبة فهو أفضل وإلاّ فالخارج أفضل (٤). وقد بينا ضعفه.

مسألة ٨٧ : وتكره الفريضة على ظهر الكعبة‌ إن كان بين يديه قطعة من السطح ـ وبه قال أبو حنيفة (٥) ـ لأن بين يديه بعض الكعبة فصح الاستقبال إليه كما لو كان خارجا عنها.

وقال الشافعي : يجوز إن كان بين يديه سترة وإلا فلا (٦) لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن الصلاة على ظهر بيت الله العتيق (٧) ولا علة للنهي إلا ما ذكرناه ، ولأنه يصلّي عليها لا إليها كالراحلة يقال : صلّى عليها لا إليها ، وينتقض بما لو كان قدامه سترة ، وقال أحمد : لا تجوز الفريضة مطلقا لأنه لم يستقبلها (٨). وهو ممنوع.

__________________

(١) سنن أبي داود ٢ : ٢١٤ ـ ٢٠٢٦ ، مسند احمد ٦ : ١٥ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٢٨ ـ ٣٢٩.

(٢) زيادة من المصدر.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٣٤ ، الموطأ ١ : ٣٩٨ ـ ١٩٣ ، سنن أبي داود ٢ : ٢١٣ ـ ٢٠٢٣ ، مسند أحمد ٢ : ١١٣ و ١٣٨ ، سنن النسائي ٢ : ٦٣ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٢٦ ـ ٣٢٧.

(٤) الام ١ : ٩٨ ـ ٩٩ ، المجموع ٣ : ١٩٥ ـ ١٩٦.

(٥) المبسوط للسرخسي ١ : ٢٠٧.

(٦) الام ١ : ٩٩ ، المجموع ٣ : ١٩٨ ، فتح العزيز ٣ : ٢٢١ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٢٠٧.

(٧) سنن الترمذي ١ : ١٧٨ ـ ٣٤٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٦ ـ ٧٤٦ و ٧٤٧ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٢٩.

(٨) المغني ١ : ٧٥٧.

٤١٤

فروع :

أ ـ لا يشترط السترة على ما تقدم ، وشرط الشافعي سترة مبنية بجص وآجر ، أو بطين وآجر ، أو بخشبة مسمرة لأنها كالجزء ، ولهذا تدخل في ( المبيع ) (١) ، ولو غرز عصى أو خشبة فلأصحابه قولان (٢) ، وكذا لو كان بين يديه آجرا معبأ.

ب ـ روى علماؤنا أنه إذا صلّى على ظهر الكعبة الفريضة استلقى على قفاه ، وصلّى بالإيماء متوجها الى البيت المعمور (٣). والوجه : أنه يصلّي قائما كما لو صلّى أسفل.

ج ـ لو صلّى على موضع أعلى كجبل أبي قبيس صحّت صلاته إجماعا ويتوجه إلى الكعبة.

د ـ لو صلّى داخل الكعبة استقبل ايّ جدرانها شاء وإن كان الى الباب وكان مفتوحا وليس له عتبة مرتفعة ، وأوجب الشافعي صلاته إلى حائط ، أو باب مغلق ، أو عتبة مرتفعة وإن قلّت (٤) وليس بمعتمد.

مسألة ٨٨ : وفي جواز الصلاة والى جانب الرجل المصلي أو قدامه امرأة تصلي‌ لعلمائنا قولان : أحدهما : المنع ، ذهب إليه الشيخان وأبطلا صلاتهما معا (٥) لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ( أخروهن من حيث أخرهن الله ) (٦) فأمر بتأخيرهن ، فمن خالف وجب أن تبطل صلاته ، وسئل الصادق عليه‌

__________________

(١) في نسخة ( م ) : البيع.

(٢) المجموع ٣ : ١٩٩ ـ ٢٠٠ ، فتح العزيز ٣ : ٢٢١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٤.

(٣) وهو قول الشيخ الطوسي في الخلاف ١ : ٤٤١ المسألة ١٨٨ وادّعى عليه إجماعا الفرقة ، ويدلّ عليه من الروايات ما في التهذيب ٢ : ٣٧٦ ـ ١٥٦٦ ، والكافي ٣ : ٣٩٢ ـ ٢١.

(٤) الام ١ : ٩٨ ، المجموع ٣ : ١٩٥ ، فتح العزيز ٣ : ٢٢٠ ، الوجيز ١ : ٣٨.

(٥) المقنعة : ٢٥ ، النهاية : ١٠٠ ـ ١٠١.

(٦) التذكرة في الأحاديث المشتهرة : ٦٢ ، كشف الخفاء ١ : ٦٩ ـ ١٥٦ ، جامع الأصول ١١ : ١٦ ـ ٨٤٨٠.

٤١٥

السلام عن الرجل والمرأة يصلّيان جميعا في بيت ، والمرأة عن يمين الرجل بحذاه قال : « لا حتى يكون بينهما شبر ، أو ذراع ، أو نحوه » (١) ولا دلالة في الخبرين لحملهما على الاستحباب عملا بالأصل ، مع منع دلالة الأول على صورة النزاع.

وقال المرتضى رحمهم‌اللهبالكراهة ، ولا تبطل به صلاة أحدهما (٢) ـ وبه قال الشافعي ، وأحمد (٣) ـ وهو الأقوى للأصل فإن الأمر بالصلاة مطلق فلا يتقيد إلا بدليل ، ولأنّها لو وقفت في غير الصلاة ، أو نامت مستورة ، أو غير مستورة لم تبطل صلاته ، وكذا لو كانت مصلية.

وقال أبو حنيفة : إن وقفت الى جنبه ، أو أمامه ولم تكن المرأة في الصلاة ، أو كانا في الصلاة من غير اشتراك لم تبطل صلاة واحد منهما ، والشركة عنده أن ينوي الإمام إمامتها ، وإن اشتركا فإن وقفت بين رجلين بطلت صلاة من إلى جانبيها ولم تبطل صلاة من الى جانب من الى جانبيها ، لأنهما حجزا بينها وبينه ، فإن وقفت الى جانب الإمام بطلت صلاة الإمام فتبطل صلاتهما ، وصلاة كل الجماعة لبطلان صلاة الجماعة ببطلان صلاة الإمام ، وإن صلّت أمام الرجال بطلت صلاة من يحاذيها ومن وراءها ، ولم تبطل صلاة من يحاذي من يحاذيها. وتسمى هذه مسألة المحاذاة ، اللهم إلاّ أن يكون الصف الأول نساء كلّه فتبطل صلاة أهل الصف الأول ، والقياس أن لا تبطل صلاة أهل الصف الثاني ، والثالث ، لكن صلاة أهل الصفوف كلّها تبطل استحسانا (٤).

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٣٠ ـ ٩٠٨ ، الاستبصار ١ : ٣٩٩ ـ ١٥٢٣.

(٢) نقله في المعتبر : ١٥٦ عن المصباح.

(٣) المجموع ٣ : ٢٥٢ و ٤ : ٢٩٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٠٧ ، المغني ٢ : ٣٧ ـ ٣٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧.

(٤) المجموع ٣ : ٢٥٢ ، اللباب ١ : ٨١.

٤١٦

وتحقيق الخلاف بين الشافعي وأبي حنيفة أن سنّة الموقف إذا خالفها لم تبطل الصلاة عند الشافعي ، وتبطل عند أبي حنيفة ، وعند الشافعي المخالفة منهما ، وعند أبي حنيفة من الرجل دونها فلهذا بطلت صلاته دونها.

فروع :

أ ـ لا فرق عند علمائنا بين أن تكون المرأة محرما ، أو زوجة ، أو أجنبية ، ولا بين أن تكون مصلّية بصلاته ، أو منفردة في التحريم والكراهة.

ب ـ قال في المبسوط : لو صلّت خلفه في صف بطلت صلاة من على يمينها ، وشمالها ، ومن يحاذيها من خلفها ، ولا تبطل صلاة غيرهم ، وإن صلّت بجنب الإمام بطلت صلاتها وصلاة الإمام ، ولا تبطل صلاة المأمومين الذين هم وراء الصف الأول (١).

ج ـ لو كانت بين يديه أو الى أحد جانبيه قاعدة لا تصلّي ، أو من خلفه وإن كانت تصلّي لم تبطل صلاة واحد منهما.

د ـ لو اجتمعا في محمل صلّى الرجل أولا أو المرأة ، ولا يصلّيان معا دفعة واحدة.

هـ ـ لو كان بينهما ساتر ، أو بعد عشرة أذرع صحّت صلاتهما وإن كانت متقدمة ، وفي الحديث : « شبر أو ذراع » (٢).

و ـ الأقرب اشتراط صحة صلاة المرأة لولاه في بطلان الصلاتين ، فلو‌

__________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٨٦.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٣٠ ـ ٩٠٨ ، الاستبصار ١ : ٣٩٩ ـ ١٥٢٣.

٤١٧

صلّت الحائض ، أو غير المتطهرة وإن كان نسيانا لم تبطل صلاته ، وفي الرجوع إليها حينئذ نظر.

ز ـ ليس المقتضي للتحريم النظر لجواز الصلاة وإن كانت قدامه عارية فيمنع الأعمى ، ومن غمض عينيه.

ح ـ لو صلّت المرأة خلف الرجل صحّت صلاتها معه ، وبه قال الشافعي ، وغيره من الفقهاء (١) ، إلاّ أبا حنيفة ، وصاحبيه (٢).

مسألة ٨٩ : يستحب أن يصلي الى سترة‌ فإن كان في مسجد ، أو بيت صلّى إلى حائط ، أو سارية ، وإن صلّى في فضاء أو طريق صلّى إلى شي‌ء شاخص بين يديه ، أو ينصب بين يديه عصى ، أو عنزة ، أو رحلا ، أو بعيرا معقولا بلا خلاف بين العلماء في ذلك ، ولأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان تركز له الحربة فيصلّي إليها ، ويعرض البعير فيصلّي إليه ، وركزت له العنزة فتقدم ، وصلّى الظهر ركعتين يمرّ بين يديه الحمار والكلب لا يمنع (٣).

ولا يتقدر بقدر بل الأولى بلوغها ذراعا فما زاد ، وقال الثوري ، وأصحاب الرأي : قدرها ذراع (٤). وقال مالك ، والشافعي : قدر عظم الذراع (٥). وعن أحمد روايتان (٦) ، ولا حدّ لها في الغلظ والدقة إجماعا ،

__________________

(١) المجموع ٤ : ٣٠١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٠٦ ، المغني ٢ : ٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٨٣.

(٢) المبسوط للسرخسي ١ : ١٨٣ ، المغني ٢ : ٣٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧ ، حلية العلماء ٢ : ١٨١.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٣٣ و ١٣٥ ، صحيح مسلم ١ : ٣٥٩ ـ ٥٠١ ـ ٥٠٢ و ٣٦٠ ـ ٥٠٣ ، مسند أحمد ٤ : ٣٠٨ و ٣٠٩.

(٤) عمدة القارئ ٤ : ٢٧٧ ، المغني ٢ : ٦٨ ، الشرح الكبير ١ : ٦٥٩.

(٥) المدونة الكبرى ١ : ١١٣ ، المغني ٢ : ٦٨ ، الشرح الكبير ١ : ٦٥٩.

(٦) المغني ٢ : ٦٨ ، الشرح الكبير ١ : ٦٥٩.

٤١٨

فإنه يجوز الاستتار بالسهم ، والخشبة ، والحائط ، نعم ما كان أعرض فهو أولى.

فروع :

أ ـ يستحب أن يدنو من سترته ، لقوله عليه‌السلام : ( إذا صلّى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته ) (١) ولأنه أصون لصلاته وأبعد من حيلولة المار به ، وقدّره الشافعي بثلاثة أذرع (٢).

ب ـ يجوز أن يستتر بالبعير والحيوان ـ وبه قال أحمد (٣) ـ لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يعرض راحلته ويصلّي إليها (٤) ، ومنع الشافعي من الاستتار بالدابة (٥).

ج ـ لو لم يجد سترة خط خطا وصلّى إليه ـ وبه قال سعيد بن جبير ، والأوزاعي ، وأحمد (٦) ـ لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ( فإن لم تكن معه عصى فليخط خطا ثم لا يضره من مرّ أمامه ) (٧) ، وأنكر مالك ، والليث بن سعد ، وأبو حنيفة الخط (٨) وقال الشافعي بالخط بالعراق ، وقال بمصر : لا يخط المصلّي خطا‌

__________________

(١) سنن أبي داود ١ : ١٨٥ ـ ٦٩٥ ، سنن النسائي ٢ : ٦٢ ، مسند احمد ٤ : ٢.

(٢) المجموع ٣ : ٢٤٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٦ ، مغني المحتاج ١ : ٢٠٠ ، المغني ٢ : ٧٠ ، الشرح الكبير ١ : ٦٦٠.

(٣) المغني ٢ : ٧٠ ، الشرح الكبير ١ : ٦٦٠.

(٤) صحيح البخاري ١ : ١٣٥ ، صحيح مسلم ١ : ٣٥٩ ـ ٥٠٢.

(٥) المجموع ٣ : ٢٤٨ ، المغني ٢ : ٧٠ ، الشرح الكبير ١ : ٦٦٠.

(٦) المغني ٢ : ٧١ ، الشرح الكبير ١ : ٦٦١ ، مسائل أحمد : ٤٤.

(٧) سنن أبي داود ١ : ١٨٣ ـ ٦٨٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٠٣ ـ ٩٤٣.

(٨) المبسوط للسرخسي ١ : ١٩٢ ، المغني ٢ : ٧١ ، الشرح الكبير ١ : ٦٦١.

٤١٩

إلاّ أن تكون فيه سنة تتبع (١) ، والظاهر أنه بالعرض ، وهو رواية عن أحمد ، وعنه أنه كالهلال ، وعنه أنّه بالطول ، وعنه أنه بالتدوير (٢).

د ـ لو كان معه عصى لا يمكنه نصبها ألقاها بين يديه عرضا ـ وبه قال الأوزاعي ، وسعيد بن جبير ، وأحمد (٣) ـ لأنه يقوم مقام الخط ، بل هو أولى لارتفاع حجمه ، وكرهه النخعي (٤).

هـ ـ قال أحمد : يستحب إذا صلّى الى عمود ، أو عود أن ينحرف عنه ويجعله على حاجبه الأيمن ، أو الأيسر ولا يجعله وسطا (٥). وهو ممنوع.

و ـ يكره أن يصلّي الى من يتحدث قدّامه لئلاّ يشتغل بحديثهم ، وكره ابن مسعود ، وسعيد بن جبير الصلاة الى النائم في الفريضة والنافلة (٦) ، وكره أحمد [ في ] (٧) الفريضة خاصة (٨).

ز ـ ولا بأس بأن يصلّي في مكة الى غير سترة ، لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى هناك وليس بينه وبين الطّواف سترة (٩) ، ولأن الناس يكثرون هناك لأجل قضاء نسكهم ، وسميت بكة لأن الناس يتباكون فيها أي يزدحمون ويدفع بعضهم بعضا ، فلو منع المصلّي من يجتاز بين يديه ضاق على الناس ، وحكم الحرم كلّه كذلك لأن ابن عباس قال : أقبلت راكبا على حمار‌

__________________

(١) المغني ٢ : ٧١ ، الشرح الكبير ١ : ٦٦١.

(٢) المغني ٢ : ٧١ ، الشرح الكبير ١ : ٦٦٢ ، مسائل أحمد : ٤٤.

(٣) المغني ٢ : ٧٢ ، الشرح الكبير ١ : ٦٦٢.

(٤) المغني ٢ : ٧٢ ، الشرح الكبير ١ : ٦٦٢.

(٥) المغني ٢ : ٧٢ ، الشرح الكبير ١ : ٦٦٢.

(٦) المغني ٢ : ٧٢ ، الشرح الكبير ١ : ٦٦٣.

(٧) الزيادة يقتضيها السياق.

(٨) المغني ٢ : ٧٢ ، الشرح الكبير ١ : ٦٦٣.

(٩) سنن أبي داود ٢ : ٢١١ ـ ٢٠١٦ ، مسند أحمد ٦ : ٣٩٩.

٤٢٠