تذكرة الفقهاء - ج ٢

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تذكرة الفقهاء - ج ٢

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-35-3
الصفحات: ٥٣١

فإذا دبغ الجلد وبقي عليه الشعر بعد الدباغ لم يحكم بطهارته عندنا وهو ظاهر ـ وهو أحد قولي الشافعي (١) ـ لأن الدباغ لا تأثير له في الشعر فإنه قبل الدباغ وبعده على صفة واحدة بخلاف الجلد ، فإن الدباغ يصلحه والثاني : الطهارة لأن حكم الشعر حكم ميتته (٢).

مسألة ٣٣٤ : الشعر ، والوبر ، والصوف ، والريش من طاهر العين طاهر‌ ما دام متصلا به إجماعا ، وفي نجس العين كالكلب ، والخنزير قولان عندنا : الأقوى النجاسة ـ وبه قال الشافعي (٣) ـ وقد تقدم ذلك.

ولو ذبح مأكول اللحم فشعره ، وصوفه ، وريشه طاهر ، وكذا إذا جزّ منه حيّا إجماعا.

ولو مات لم ينجس بالموت بل يجوز جزّه ويكون طاهرا ـ وبه قال مالك ، وأبو حنيفة ، والثوري ، وأحمد ، وإسحاق ، والمزني (٤) ـ لأنه لا روح فيه فلا ينجس بالموت ، وقال الشافعي : إن فيه روحا وينجس بالموت ـ وبه قال عطاء ، والحسن البصري ، والأوزاعي ، والليث بن سعد ـ لأنه جزء من الحيوان ينمي بحياته (٥).

وقال حماد بن أبي سليمان : إنه ينجس بموت الحيوان ، ويطهر بالغسل (٦).

__________________

(١) المجموع ١ : ٢٣٨ ، حلية العلماء ١ : ٩٦.

(٢) المجموع ١ : ٢٣٩ ، حلية العلماء ١ : ٩٦.

(٣) المجموع ١ : ٢٣١ ، فتح العزيز ١ : ٣٠٠ ، الوجيز ١ : ١١ ، كفاية الأخيار ١ : ٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٨.

(٤) بداية المجتهد ١ : ٧٨ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٢١ ، المغني ١ : ٩٥ ، الشرح الكبير ١ : ١٠٥ ، المجموع ١ : ٢٣٦.

(٥) المجموع ١ : ٢٣٦ ، كفاية الأخيار ١ : ٩ ، المغني ١ : ٩٥ ، الشرح الكبير ١ : ١٠٥.

(٦) لم نعثر على قوله فيما لدينا من المصادر.

٢٤١

وأما غير المأكول فكذلك عندنا ، وبه قال مالك ، وأبو حنيفة ، والثوري ، وأحمد ، وإسحاق ، والمزني (١).

وقال الشافعي : إنه نجس إلاّ في حال اتصاله بالحي فإن جز في حياته ، أو ذكي الحيوان ، أو مات فهو نجس (٢).

وأما الآدمي ففيه قولان بناء على أنه هل ينجس بالموت أم لا؟ فإن قال بعدم النجاسة فشعره طاهر بكل حال ، وإن قال بالنجاسة فإنه طاهر مع الاتصال نجس بعد انفصاله ، ويعفى عن قليله لعدم الاحتراز منه (٣) ، ونقل المزني أن الشافعي رجع عن تنجيس شعر بني آدم لأنه تعالى كرّمهم (٤).

وعلى تقدير نجاسة شعرهم ، ففي شعر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجهان : الطهارة لأنه عليه‌السلام لما حلق شعره فرقه على أصحابه ، والنجاسة لأن ما كان من الآدمي نجسا كان منه عليه‌السلام كذلك كالدم (٥) ، وعندنا أنه طاهر على ما تقدم.

مسألة ٣٣٥ : العظم ، والقرن ، والظفر من الحيوان الطاهر العين طاهر‌ وإن كان ميتا لأنه لا تحله الحياة ، وكان للكاظم عليه‌السلام مشط من عاج (٦) ، وبه قال أبو حنيفة ، والثوري (٧).

__________________

(١) الشرح الصغير ١ : ١٨ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٢١ ، كشاف القناع ١ : ٥٧ ، المغني ١ : ٩٥ ، الشرح الكبير ١ : ١٠٥.

(٢) المجموع ١ : ٢٤١ و ٢٤٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٨.

(٣) المجموع ١ : ٢٣١ ، كفاية الأخيار ١ : ٩ ، المغني ١ : ٩٦ ، الشرح الكبير ١ : ١٠٧.

(٤) المجموع ١ : ٢٣١.

(٥) المجموع ١ : ٢٣٢ و ٢٣٣.

(٦) الكافي ٦ : ٤٨٨ ـ ٣ و ٤٨٩ ـ ٤.

(٧) شرح فتح القدير ١ : ٨٤ ، المجموع ١ : ٢٤٣ ، المغني ١ : ٩٠ ، الشرح الكبير ١ : ١٠٤.

٢٤٢

وقال الشافعي : إنه ينجس بالموت ـ وبه قال مالك ، وأحمد ، وإسحاق ، والمزني (١) ـ لقوله تعالى ( قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ ) (٢) وهو محمول على إحياء صاحبها.

مسألة ٣٣٦ : الأقوى في مذهبنا نجاسة اللبن في ضرع الميتة‌ ـ وبه قال مالك ، والشافعي ، وأحمد (٣) ـ لأنه مائع في وعاء نجس فانفعل بالملاقاة.

وقال أبو حنيفة : يحل شربه ـ وبه قال داود (٤) ـ وهو رواية لنا (٥) لأن الصحابة لما فتحوا المدائن أكلوا الجبن (٦) ، وهو يعمل بالأنفحة وهي تؤخذ من صغار المعز فهي بمنزلة اللبن ، وذبح المجوس كموت الحيوان ، والبيضة في الدجاجة الميتة طاهرة إن اكتست الجلد الفوقاني ، وبه قال الشافعي (٧).

مسألة ٣٣٧ : الأواني المتخذة من غير جنس الأثمان يجوز استعمالها‌ غلت أثمانها كالبلور ، والياقوت ، والفيروزج ، أو لا كالخزف ، والزجاج ، والخشب ، ذهب إليه علماؤنا ـ وهو أحد قولي الشافعي ـ عملا بالأصل السالم عن معارضة النص لاختصاصه بالذهب والفضة ، والثاني : تحريم النفيس لما فيه من السرف (٨) فأشبه أواني الفضة ، وينتقض بالثياب النفيسة ، ولأن هذه‌

__________________

(١) المجموع ١ : ٢٤٢ ، بداية المجتهد ١ : ٧٨ ، المغني ١ : ٨٩ ، الشرح الكبير ١ : ١٠٣.

(٢) يس : ٧٩.

(٣) المجموع ١ : ٢٤٤ ، تفسير القرطبي ٢ : ٢٢٠ ، المغني ١ : ٩٠ ، الشرح الكبير ١ : ١٠٢.

(٤) احكام القرآن للجصاص ١ : ١١٩ ، المجموع ١ : ٢٤٤ ، المغني ١ : ٩٠ ، الشرح الكبير ١ : ١٠٢.

(٥) انظر الكافي ٦ : ٢٥٨ ـ ٣ و ٤.

(٦) المغني ١ : ٩٠ ، الشرح الكبير ١ : ١٠٢.

(٧) المجموع ١ : ٢٤٤ ، المغني ١ : ٩١ ، الشرح الكبير ١ : ١٠٢.

(٨) المجموع ١ : ٢٥٢ ، كفاية الأخيار ١ : ١٠ ، المغني ١ : ٩٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٩.

٢٤٣

الأشياء لا تعرفها إلا الخواص فلا افتتان للعامة فيها بخلاف الفضة.

مسألة ٣٣٨ : أواني المشركين طاهرة‌ ما لم يعلم مباشرتهم لها برطوبة فيجب غسلها ـ وبه قال أحمد ، وإسحاق (١) ـ لقوله تعالى ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ) (٢) وقال الشافعي : لا يجب (٣) وقد تقدم.

__________________

(١) المغني ١ : ٩٨ ، الشرح الكبير ١ : ٩٢ ، المجموع ١ : ٢٦٤.

(٢) التوبة : ٢٨.

(٣) المجموع ١ : ٢٦٤ ، المغني ١ : ٩٨ ، الشرح الكبير ١ : ٩٢.

٢٤٤

الفصل الثاني : في الحمام وآدابه.

مسألة ٣٣٩ : يجوز اتخاذ الحمام ، وبيعه ، وشراؤه ، من غير كراهة‌ ، وكذا إجارته عملا بالأصل ، ولما فيه من المنافع من التنظيف وغيره.

ودخل علي عليه‌السلام الحمام وعمر ، فقال عمر : بئس البيت الحمام يكثر فيه العناء ويقل فيه الحياء ، فقال علي عليه‌السلام : « نعم البيت الحمام يذهب الأذى ويذكر بالنار » (١).

وكره أحمد بناءه ، وبيعه ، وشراءه ، وإجارته (٢) لحديث عمر (٣) ، واتباع علي عليه‌السلام أولى.

مسألة ٣٤٠ : ولا بأس بدخوله إجماعا مع الاستتار‌ ، وترك النظر إلى عورة غيره لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل حماما بالجحفة ، وكذا ابن عباس ، وخالد بن الوليد ، والحسن ، وابن سيرين (٤).

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣٧٧ ـ ١١٦٦.

(٢) المغني ١ : ٢٦٣.

(٣) التهذيب : ١ : ٣٧٧ ـ ١١٦٦.

(٤) المغني ١ : ٢٦٣ ، الشرح الكبير ١ : ٢٦٣.

٢٤٥

ومن طريق الخاصة قول الكاظم عليه‌السلام وقد سئل عن الحمام : « أدخله بمئزر ، وغض بصرك ، ولا تغتسل من البئر التي يجتمع فيها ماء الحمام فإنه يسيل فيها ما يغتسل به الجنب ، وولد الزنا ، والناصب لنا أهل البيت وهو شرهم » (١).

ودخل الصادق عليه‌السلام الحمام ، فقال له صاحب الحمام : نخليه لك؟ فقال : « لا إن المؤمن خفيف المئونة » (٢).

ودخله الكاظم عليه‌السلام ، وغيرهما من الأئمة عليهم‌السلام (٣).

وأما الاستتار فلترك التعرض للحرام وهو النظر إلى العورة ، قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « إذا تعرى أحدكم نظر إليه الشيطان فطمع فيه فاستتروا » (٤).

ونهى أمير المؤمنين عليه‌السلام أن يدخل الرجل إلا بمئزر (٥). وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر ) (٦).

وروى حنان بن سدير عن أبيه قال : دخلت أنا وأبي وجدي وعمي حماما في المدينة فإذا رجل في بيت المسلخ فقال لنا : « ممّن القوم؟ » فقلنا : من أهل العراق ، فقال : « وأيّ العراق؟ » فقلنا : كوفيون ، فقال :

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣٧٣ ـ ١١٤٣.

(٢) الفقيه ١ : ٦٥ ـ ٢٤٩.

(٣) انظر الكافي ٦ : ٤٩٧ و ٥٠٠ و ٥٠١ و ٥٠٢ ـ ٧ و ٨ و ٢١ و ٢٢ و ٣٥ ، الفقيه ١ : ٦٥ و ٦٦ ـ ٢٥٠ و ٢٥١ و ٢٥٢ ، التهذيب ١ : ٣٧٤ ـ ١١٤٧.

(٤) التهذيب ١ : ٣٧٣ ـ ١١٤٤.

(٥) التهذيب ١ : ٣٧٣ ـ ٣٧٤ ـ ١١٤٥.

(٦) الكافي ٦ : ٤٩٧ ـ ٣ ، الفقيه ١ : ٦٠ ـ ٦١ ـ ٢٢٥.

٢٤٦

« مرحبا بكم يا أهل الكوفة وأهلا ، أنتم الشعار دون الدثار » ثم قال : « ما يمنعكم من الإزار؟ فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : عورة المؤمن على المؤمن حرام » قال : فبعث عمي إلى كرباسة فشقها بأربعة ثم أخذ كل واحد منا واحدا ثم دخلنا فيها فلمّا كنّا في البيت الحار صمد لجدي فقال : « يا كهل ما يمنعك من الخضاب؟ » فقال له جدي : أدركت من هو خير مني ومنك لا يختضب ، فقال : « ومن ذلك الذي هو خير مني؟ » قال : أدركت علي ابن أبي طالب عليه‌السلام ولا يختضب ، فنكس رأسه وتصابّ عرقا وقال : « صدقت وبررت » ثم قال : « يا كهل إن تخضب فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد خضب وهو خير من علي ، وإن تترك فلك بعلي أسوة » قال : فلما خرجنا من الحمام سألنا عن الرجل في المسلخ فإذا هو علي بن الحسين ومعه ابنه محمد بن علي عليهما‌السلام (١).

مسألة ٣٤١ : ويجوز للنساء دخوله مع الستر‌ لعذر من حيض ، أو نفاس ، أو غيرهما ، أو لغير عذر لما فيه من التنظيف والتحسين.

ولقول علي عليه‌السلام وقد قيل له : إن سعيد بن عبد الملك يدخل جواريه الحمام : « وما بأس إذا كان عليهن الأزر ، لا يكنّ عراة كالحمير ينظر بعضهم إلى سوءة بعض » (٢).

وقال أحمد : لا يجوز إلاّ لعذر (٣) لقول عائشة : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ( إن المرأة إذا خلعت ثيابها في غير بيت زوجها هتكت سترها بينها وبين الله عزّ وجلّ ) (٤) وهو محمول على الكراهة بمعنى ترك‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ٤٩٧ ـ ٤٩٨ ـ ٨ ، الفقيه ١ : ٦٦ ـ ٢٥٢.

(٢) التهذيب ١ : ٣٧٤ ـ ١١٤٦.

(٣) المغني ١ : ٢٦٣ ، الشرح الكبير ١ : ٢٦٤.

(٤) سنن الترمذي ٥ : ١١٤ ـ ٢٨٠٣ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٢٣٤ ـ ٣٧٥٠ ، سنن أبي داود ٤ : ٣٩ ـ ٤٠١٠.

٢٤٧

الأولى ، أو على غير الحمام.

وقد روي كراهة بعثهن إلى الحمام ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبعث بحليلته إلى الحمام ) (١).

مسألة ٣٤٢ : لو اغتسل عريانا بين الناس فعل محرما‌ ، والأقرب إجزاء الغسل ، وإن كان خاليا جاز لأن موسى ، وأيوب عليهما‌السلام اغتسلا عريانين (٢).

وإن استتر كان أولى لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يستتر بثوب ويغتسل وقال : ( فالله أحق أن يستحي منه الناس ) (٣).

ونهى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الغسل تحت السماء إلا بمئزر ، وعن دخول الأنهار إلاّ بمئزر وقال : ( إن للماء أهلا وسكانا ) (٤).

وروى الجمهور عن الحسن والحسين عليهما‌السلام أنهما دخلا الماء وعليهما بردان ، فقيل لهما في ذلك فقالا : « إن للماء سكانا » (٥).

مسألة ٣٤٣ : ويجوز ذكر الله تعالى في الحمام‌ لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه (٦) ، ولا يكره فيه قراءة القرآن ، وبه قال‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٦٣ ـ ٢٤٠.

(٢) انظر صحيح البخاري ١ : ٧٨ ، صحيح مسلم ١ : ٢٦٧ ـ ٣٣٩ ، سنن النسائي ١ : ٢٠٠ ـ ٢٠١ ، مسند أحمد ٢ : ٣١٤.

(٣) صحيح البخاري ١ : ٧٨ ، سنن أبي داود ٤ : ٤٠ ـ ٤١ ـ ٤٠١٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٦١٨ ـ ١٩٢٠ ، سنن الترمذي ٥ : ١١٠ ـ ٢٧٩٤.

(٤) الفقيه ١ : ٦١ ـ ٢٢٦.

(٥) كنز العمال ٩ : ٥٤٧ ـ ٢٧٣٥٥ وانظر المغني ١ : ٢٦٥ والشرح الكبير ١ : ٢٦٤ ـ ٢٦٥ وعمدة القارئ ٣ : ٢٢٨.

(٦) صحيح البخاري ١ : ٨٣ و ١٦٣ ، صحيح مسلم ١ : ٢٨٢ ـ ٣٧٣ ، سنن أبي داود ١ : ٥ ـ ١٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ١١٠ ـ ٣٠ ، مسند أحمد ٦ : ٧٠ و ١٥٣.

٢٤٨

النخعي ، ومالك (١).

لأن الكاظم عليه‌السلام سئل عن الرجل يقرأ في الحمام ، وينكح فيه فقال : « لا بأس » (٢).

وقال أبو بصير : سألته عن القراءة في الحمام فقال : « إذا كان عليك إزار فاقرأ القرآن إن شئت كله » (٣).

وكرهه أبو وائل ، والشعبي ، والحسن ، ومكحول ، وأحمد (٤) ، لأنه محل التكشف ويفعل فيه ما لا يستحسن في غيره فاستحب صيانة القرآن عنه.

وأما السلام فالأقرب تسويغه ، لعموم قوله عليه‌السلام : ( أفشوا السلام ) (٥). ودخل الكاظم عليه‌السلام الحمام وعليه إزار فوق النورة فقال : « السلام عليكم » (٦). قال الصدوق : وفي هذا إطلاق في التسليم في الحمام لمن عليه مئزر ، والنهي الوارد عن التسليم فيه هو لمن لا مئزر عليه (٧).

مسألة ٣٤٤ : ويستحب للداخل أشياء :

أ ـ أن يقول ما روي عن الصادق عليه‌السلام وقت نزع ثيابه : « اللهم‌

__________________

(١) المغني ١ : ٢٦٥ ، الشرح الكبير ١ : ٢٦٥ ، المجموع ٢ : ١٦٣.

(٢) الكافي ٦ : ٥٠٢ ـ ٣١ ، الفقيه ١ : ٦٣ ـ ٣٤ ، التهذيب ١ : ٣٧١ ـ ٣٧٢ ـ ١١٣٦.

(٣) التهذيب ١ : ٣٧٧ ـ ١١٦٥.

(٤) المغني ١ : ٢٦٥ ، الشرح الكبير ١ : ٢٦٥ ، المجموع ٢ : ١٦٣ ـ ١٦٤.

(٥) صحيح مسلم ١ : ٧٤ ـ ٥٤ ، سنن الترمذي ٤ : ٢٨٦ ـ ١٨٥٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٦ ـ ٦٨ و ٢ : ١٢١٨ ـ ٣٦٩٤ ، مسند أحمد ١ : ١٦٥ و ١٦٧ و ٢ : ٣٩١ و ٤٤٢ و ٥١٢.

(٦) الفقيه ١ : ٦٥ ـ ٢٥١ ، التهذيب ١ : ٣٧٤ ـ ١١٤٧ ، قرب الاسناد : ١٣١.

(٧) الفقيه ١ : ٦٦ ذيل الحديث ٢٥١.

٢٤٩

انزع عني ربقة النفاق ، وثبتني على الإيمان » فإذا دخل البيت الأول قال : « اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ، وأستعيذ بك من أذاه » فإذا دخل البيت الثاني قال : « اللهم أذهب عني الرجس النجس ، وطهر جسدي وقلبي » وخذ من الماء الحار وضعه على هامتك وصب منه على رجليك ، وإن أمكن أن تبلع منه جرعة فافعل فإنه ينقي المثانة ، والبث في البيت الثاني ساعة ، فإذا دخلت البيت الثالث فقل : « نعوذ بالله من النار ونسأله الجنة » وترددها إلى وقت خروجك من البيت الحار ، فإذا لبست ثيابك فقل : « اللهم ألبسني التقوى ، وجنّبني الردى » (١).

ب ـ الاطلاء ، لأن الصادق عليه‌السلام كان يطلي في الحمام (٢).

وقال الكاظم عليه‌السلام : « ألقوا الشعر عنكم فإنه يحسن » (٣).

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « النورة طهور » (٤).

ج ـ قال الصادق عليه‌السلام : « من أراد أن يتنور فليأخذ من النورة ويجعله على طرف أنفه ويقول : اللهم ارحم سليمان بن داود كما أمر بالنورة فإنه لا تحرقه النورة إن شاء الله » (٥).

د ـ قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « أحب للمؤمن أن يطلي في كل خمسة عشر يوما » (٦).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٦٢ ـ ٢٣٢ ، أمالي الصدوق : ٢٩٧ ـ ٤.

(٢) الفقيه ١ : ٦٥ ـ ٢٤٨.

(٣) الكافي ٦ : ٥٠٥ ـ ٥ ، الفقيه ١ : ٦٧ ـ ٢٥٥.

(٤) الكافي ٦ : ٥٠٥ ـ ١ ، الفقيه ١ : ٦٧ ـ ٢٥٤.

(٥) الفقيه ١ : ٦٧ ـ ٢٥٦.

(٦) الكافي ٦ : ٥٠٦ ـ ٨ ، الفقيه ١ : ٦٧ ـ ٢٥٨.

٢٥٠

وقال الصادق عليه‌السلام : « السنة من النورة في كل خمسة عشر يوما فإن أتت عليك عشرون يوما وليس عندك فاستقرض على الله عزّ وجل » (١).

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « ينبغي للرجل أن يتوقى النورة يوم الأربعاء فإنه يوم نحس مستمر » (٢).

وقال الكاظم عليه‌السلام : « من تنوّر يوم الجمعة فأصابه البرص فلا يلومن إلاّ نفسه » (٣).

هـ ـ طلي الإبط ، كان الصادق عليه‌السلام يطلي إبطيه في الحمام ويقول : « نتف الإبط يضعف المنكبين ، ويوهي ويضعف البصر » (٤).

وقال عليه‌السلام : « حلقه أفضل من نتفه ، وطليه أفضل من حلقه » (٥).

و ـ التدلك بالحناء عقيب الإطلاء ، قال الصادق عليه‌السلام : « الحناء على أثر النورة أمان من الجذام والبرص » (٦).

مسألة ٣٤٥ : يكره له أشياء : قال الصادق عليه‌السلام : « إياك وشرب الماء البارد ، والفقاع في الحمام فإنه يفسد المعدة ، ولا تصبن عليك الماء البارد فإنه يضعف البدن ، وصب الماء البارد على قدميك إذا خرجت فإنه يسل الداء من جسدك » (٧).

__________________

(١) الكافي ٦ : ٥٠٦ ـ ٩ ، الفقيه ١ : ٦٧ ـ ٢٥٩ ، التهذيب ١ : ٣٧٥ ـ ٣٧٦ ـ ١١٥٧.

(٢) الخصال : ٣٨٨ ـ ٧٧.

(٣) الفقيه ١ : ٦٨ ـ ٢٦٨.

(٤) الفقيه ١ : ٦٧ ـ ٢٦٢.

(٥) الكافي ٦ : ٥٠٨ ـ ٥ ، الفقيه ١ : ٦٨ ـ ٢٦٣.

(٦) الفقيه ١ : ٦٨ ـ ٢٧٠.

(٧) الفقيه ١ : ٦٢ ـ ٢٣٢ ، أمالي الصدوق : ٢٩٧ ـ ٤.

٢٥١

وقال الصادق عليه‌السلام : « لا تتك في الحمام فإنه يذيب شحم الكليتين ، ولا تسرح في الحمام فإنه يرقق الشعر ، ولا تغسل رأسك بالطين فإنه يسمج (١) الوجه ، ولا تدلك بالخزف فإنه يورث البرص ، ولا تمسح وجهك بالإزار فإنه يذهب بماء الوجه ـ وروي أن ذلك طين مصر ، وخزف الشام ـ والسواك في الحمام يورث وباء الأسنان » (٢).

وقال الكاظم عليه‌السلام : « لا تدخلوا الحمام على الريق ، ولا تدخلوه حتى تطعموا شيئا » (٣).

وقال الرضا عليه‌السلام لسليمان الجعفري وقد مرض حتى ذهب لحمه : « يسرك أن يعود إليك لحمك؟ » فقلت : نعم ، فقال : « الزم الحمام غبّا فإنه يعود إليك لحمك ، وإياك أن تدمنه فإن إدمانه يورث السل » (٤).

__________________

(١) أي : يقبح. لسان العرب ٢ : ٣٠٠ « سمج ».

(٢) الفقيه ١ : ٦٤ ـ ٢٤٣ ، والكافي ٦ : ٥٠١ ـ ٢٤.

(٣) الفقيه ١ : ٦٤ ـ ٢٤٥.

(٤) الكافي ٦ : ٤٩٧ ـ ٤ ، التهذيب ١ : ٣٧٧ ـ ١١٦٢.

٢٥٢

الفصل الثالث : في أمور تتعلق بالفطرة.

قال الصادق عليه‌السلام : « قلّموا أظفاركم يوم الثلاثاء ، واستحموا يوم الأربعاء ، وأصيبوا من الحجامة حاجتكم يوم الخميس ، وتطيبوا بأطيب طيبكم يوم الجمعة » (١) ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( من اتخذ شعرا فليحسن ولايته أو ليجزه ) (٢).

وقال عليه‌السلام : ( حفّوا الشوارب وأعفوا اللحى ولا تشبّهوا باليهود ) (٣).

ونظر صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى رجل طويل اللحية فقال : ( ما كان على هذا لو هيّأ (٤) من لحيته ) فبلغ الرجل ذلك فهيّأ لحيته بين اللحيين (٥) ، ثم دخل على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلمّا رآه قال : ( هكذا فافعلوا ) (٦).

وقال عليه‌السلام : ( إن المجوس جزّوا لحاهم ووفّروا شواربهم ، وأما نحن نجزّ الشوارب ونعفي اللحى وهي الفطرة ) (٧).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٧٧ ـ ٣٤٥.

(٢) الكافي ٦ : ٤٨٥ ـ ٢ ، الفقيه ١ : ٧٥ ـ ٣٢٨.

(٣) الفقيه ١ : ٧٦ ـ ٣٣٢.

(٤) هيّأت الشي‌ء : أصلحته. مجمع البحرين ١ : ٤٨٤ « هيأ ».

(٥) أي : أصلحها وجعلها متوسطة بين القصيرة والطويلة ، مجمع البحرين ١ : ٤٨٤ ـ ٤٨٥ « هيأ ».

(٦) الكافي ٦ : ٤٨٨ ـ ١٢ ، الفقيه ١ : ٧٦ ـ ٣٣٣.

(٧) الفقيه ١ : ٧٦ ـ ٣٣٤.

٢٥٣

وقال عليه‌السلام : ( الشيب نور فلا تنتفوه ) (١).

ويستحب الخضب ، فإن رجلا دخل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد صفر لحيته ، فقال عليه‌السلام : ( ما أحسن هذا ) ثم دخل عليه بعد هذا وقد أقنى بالحناء ، فتبسّم عليه‌السلام وقال : ( هذا أحسن من ذلك ) ثم دخل عليه وقد خضب بالسواد فضحك وقال : ( هذا أحسن من ذاك وذاك ) (٢).

وقال لعلي عليه‌السلام : ( يا علي درهم في الخضاب أفضل من ألف درهم في غيره في سبيل الله ) (٣).

وقال الباقر عليه‌السلام : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخضب وهذا شعره عندنا » (٤).

وروي أنه كان في رأسه ولحيته عليه‌السلام سبع عشرة شيبة (٥).

وكان النبيّ ، والحسين ، والباقر عليهم‌السلام يخضبون بالكتم (٦).

وكان زين العابدين عليه‌السلام يخضب بالحناء والكتم (٧).

وقال الصادق عليه‌السلام : « غسل الرأس بالخطمي في كل جمعة أمان من البرص والجنون » (٨).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٧٧ ـ ٣٤١.

(٢) الفقيه ١ : ٧٠ ـ ٢٨٢.

(٣) الفقيه ١ : ٧٠ ـ ٢٨٥.

(٤) الفقيه ١ : ٦٩ ـ ٢٧٧.

(٥) الفقيه ١ : ٦٩ ـ ٢٧٨.

(٦) الفقيه ١ : ٦٩ ـ ٢٧٩.

(٧) الفقيه ١ : ٧٠ ـ ٢٨٠.

(٨) الكافي ٦ : ٥٠٤ ـ ٢ ، الفقيه ١ : ٧١ ـ ٢٩٠ ، التهذيب ٣ : ٢٣٦ ـ ٦٢٤.

٢٥٤

وقال الكاظم عليه‌السلام : « غسل الرأس بالسدر يجلب الرزق جلبا » (١).

وقال الصادق عليه‌السلام : « تقليم الأظفار يوم الجمعة يؤمن من الجذام ، والجنون ، والبرص ، والعمى ، فإن لم تحتج فحكّها حكا » (٢).

وقال عليه‌السلام : « أخذ الشارب من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام » (٣).

وسئل الرضا عليه‌السلام عن قوله تعالى ( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) (٤) قال : « من ذلك التمشط عند كل صلاة » (٥).

وقال الصادق عليه‌السلام لبعض أصحابه : « استأصل شعرك يقل درنه ، ودوابه ، ووسخه ، وتغلظ رقبتك ، ويجلو بصرك ، ويستريح بدنك » (٦) وهو يعطي نفي كراهة الحلق.

قال ابن عبد البر : أجمع العلماء في جميع الأمصار على إباحة الحلق (٧) ، وفي رواية عن أحمد أنه مكروه (٨) ، والإجماع بخلافه.

وقال عليه‌السلام : ( من اتخذ شعرا فلم يفرقه فرقه الله بمنشار من نار ) (٩).

__________________

(١) الكافي ٦ : ٥٠٤ ـ ٦.

(٢) الفقيه ١ : ٧٣ ـ ٣٠٢.

(٣) الفقيه ١ : ٧٣ ـ ٣٠٦.

(٤) الأعراف : ٣١.

(٥) الكافي ٦ : ٤٨٩ ـ ٧ ، الفقيه ١ : ٧٥ ـ ٣١٩.

(٦) الكافي ٦ : ٤٨٤ ـ ٢ ، الفقيه ١ : ٧٥ ـ ٣٢٧.

(٧) المغني ١ : ١٠٤ ، الشرح الكبير ١ : ١٣٦.

(٨) المغني ١ : ١٠٣ ، الشرح الكبير ١ : ١٣٥ ، المجموع ١ : ٢٩٦ ، نيل الأوطار ١ : ١٥٥.

(٩) الفقيه ١ : ٧٦ ـ ٣٣٠.

٢٥٥

وقال عليه‌السلام : ( من سرح لحيته سبعين مرة وعدّها مرّة مرّة لم يقربه الشيطان أربعين يوما ) (١).

وقال عليه‌السلام : ( ما زاد من اللحية على القبضة فهو في النار ) (٢).

ولعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الواصلة ، والمستوصلة ، والواشمة ، والمستوشمة ، والواشرة ، والمستوشرة (٣).

فالواصلة التي تصل الشعر بشعر آخر ، والمستوصلة التي تسأل أن يوصل شعرها ، والواشمة التي تغرز الكف أو الجبهة بالإبرة وتتبعه بالخضاب حتى يخضر ، والمستوشمة التي تسأله ، والواشرة التي تشر الأسنان حتى تظهر في طرقها رقة وتجدد أطراف الأسنان ، والمستوشرة التي يفعل بها ذلك.

وعلّل الشافعي تحريم الوصل إما بنجاسة الشعر ، أو بكونه شعر أجنبي لا يحل النظر إليه ، وإن كان مجزوزا على أحد الوجهين ، وإن كان شعر بهيمة ولم تكن المرأة ذات زوج فهي متعرضة للتهمة ، وإن كانت ذات زوج فهي ملبسة ، وإن كان بإذن الزوج لم يحرم على أقيس الوجهين (٤) ، وعندنا العلة في شعر الآدمي ما ذكره في شعر الدابة.

تم الجزء الأول (٥) من كتاب تذكرة الفقهاء ، ويتلوه في الثاني كتاب الصلاة فرغت من تسويده في رابع وعشرين صفر سنة ثلاث وسبعمائة ، وكتب مصنف الكتاب حسن بن يوسف بن المطهر الحلي غفر الله له وللمؤمنين والمؤمنات ، والحمد لله وحده ، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

__________________

(١) الكافي ٦ : ٤٨٩ ـ ١٠ ، الفقيه ١ : ٧٥ ـ ٣٢٢ ، ثواب الأعمال : ٤٠ ـ ١.

(٢) الكافي ٦ : ٤٨٦ ـ ٢ ، الفقيه ١ : ٧٦ ـ ٣٣٥.

(٣) معاني الأخبار : ٢٤٩ ـ ٢٥٠ ـ ١.

(٤) الوجيز ١ : ٤٧.

(٥) حسب تجزئة المصنّف للكتاب.

٢٥٦

٢٥٧
٢٥٨

بسم الله الرحمن الرحيم

« كتاب الصلاة »

وفيه مقاصد :

الأول : في المقدمات ، وفيه فصول :

الأول : في أعدادها.

مقدمة : الصلاة لغة : الدعاء ، وشرعا : ذات الركوع والسجود ، وهي من أهم العبادات ، قال علي عليه‌السلام : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ عمود الدين الصلاة ، وهي أول ما ينظر فيه من عمل ابن آدم ، فإن صحّت نظر في عمله ، وإن لم تصح لم ينظر في بقية عمله » (١) وهي واجبة بالنصّ (٢) ، والإجماع.

مسألة ١ : الصلاة إما واجبة أو مندوبة‌ ، فالواجبات تسع : اليومية ، وصلاة الجمعة ، والعيدين ، والكسوف ، والزلزلة ، والآيات ، والطواف ، وما يلزمه بنذر ، وشبهه. والمندوب ما عداه ، وهو إما النوافل اليومية ، أو‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٣٧ ـ ٩٣٦.

(٢) كما في الآيات ٤٣ و ٢٣٨ من سورة البقرة و ١٠٣ من سورة النساء.

٢٥٩

غيرها ، وسيأتي بيان ذلك مفصلا إن شاء الله تعالى.

واليومية خمس : الظهر ، والعصر ، والمغرب ، والعشاء ، والصبح بالإجماع ، ولا يجب ما عداها عند العلماء إلاّ أبا حنيفة ، فإنه أوجب الوتر (١) لقوله تعالى ( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ) (٢) وإيجاب الوتر يسقط هذا الوصف ، وقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( ثلاث عليّ فرض ولكم تطوع : الوتر ، والنحر ، وركعتا الفجر ) (٣) ، وجاء أعرابي إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسأله عن الإسلام فقال : ( خمس صلوات في اليوم والليلة ) فقال : هل عليّ غيرها؟ فقال : ( لا إلاّ أن تطوّع ) ثم سأله عن الصوم فقال : ( شهر رمضان ) فقال : هل عليّ غيره؟ فقال : ( لا إلاّ أن تطوّع ) ثم سأله عن الصدقة (٤) فقال : هل علي غيرها؟ فقال : ( لا إلاّ أن تطوّع ) فأدبر الرجل وهو يقول : والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( أفلح إن صدق ) (٥).

ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه‌السلام : « إنما كتب الله الخمس وليس الوتر مكتوبة » (٦) ولأنها تصلى على الراحلة اختيارا ولا شي‌ء من الواجب كذلك.

__________________

(١) بدائع الصنائع ١ : ٩١ ، المجموع ٤ : ١٩ ، فتح العزيز ٤ : ٢٢١ ، المغني ١ : ٤١١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٤٣ ، بداية المجتهد ١ : ٨٩ ، القوانين الفقهية : ٤٩ ، شرح الأزهار ١ : ٣٩٥ ، المحلى ٢ : ٢٢٨.

(٢) البقرة : ٢٣٨.

(٣) سنن الدار قطني ٢ : ٢١ ـ ١.

(٤) في بعض المصادر بدل قوله : ثم سأله عن الصدقة : ذكر له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، الزكاة. وفي بعضها بدل الزكاة : الصدقة.

(٥) صحيح البخاري ١ : ١٨ و ٣ : ٣١ و ٢٣٥ و ٩ : ٢٩ ، صحيح مسلم ١ : ٤٠ ـ ١١ ، الموطأ ١ : ١٧٥ ـ ٩٤ ، سنن النسائي ١ : ٢٢٦ ـ ٢٢٧ و ٤ : ١٢١ ، سنن أبي داود ١ : ١٠٦ ـ ٣٩١ ، سنن البيهقي ١ : ٣٦١.

(٦) التهذيب ٢ : ١١ ـ ٢٢.

٢٦٠