تذكرة الفقهاء - ج ٢

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تذكرة الفقهاء - ج ٢

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-35-3
الصفحات: ٥٣١

مشروع ولا طريق إلى إزالة النسيان فصار كعدم الوصلة (١).

فروع :

أ ـ لو كان في رحله ماء فحال العدوّ بينه وبين رحله تيمم وصلّى ولا إعادة عليه إجماعا.

ب ـ لو كان الماء في رحله فضلّ عنه فحضرت الصلاة فطلب الماء فلم يجد تيمم وصلى ولا إعادة عليه لأنه غير مفرط ، وهو أحد وجهي الشافعية ، والثاني : يعيد كالناسي (٢).

ج ـ لو كان بقربه بئر فخفيت عنه ، فإن كان قد طلب فلا إعادة ، وإلاّ أعاد لتفريطه.

مسألة ٣٢١ : لو صلى بتيمم ثم أحدث في الأثناء ووجد الماء‌ ، قال الشيخان : إن تعمّد الحدث أعاد الصلاة بعد الوضوء ، وإن كان سهوا توضأ وبنى على ما مضى من صلاته (٣) لرواية محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : « إنه يخرج ثم يتوضأ ويبني على ما مضى من صلاته التي صلى بالتيمم » (٤).

وإنما نزّلها الشيخان على السهو لأن تعمد الحدث مبطل للصلاة إجماعا ، فلا يجوز حمل الرواية عليه إذ الخبر لا يعارض الإجماع.

وحملت الرواية على السهو لأن الواقع من الصلاة وقع مشروعا مع بقاء‌

__________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٣١.

(٢) المجموع ٢ : ٢٦٥ ـ ٢٦٦ ، فتح العزيز ٢ : ٢٥٩ ـ ٢٦٠ ، مغني المحتاج ١ : ٩١ ، السراج الوهاج : ٢٦ ، الوجيز ١ : ٢٠.

(٣) النهاية : ٤٨ ، المقنعة : ٨.

(٤) التهذيب ١ : ٢٠٥ ـ ٥٩٤.

٢٢١

الحدث فلا يبطل بزوال الاستباحة كالمبطون إذا فجأه الحدث ، والمستحاضة ، ولا ينتقض بالطهارة المائية لارتفاع الحدث فيها ، فالحدث المتجدد مبطل لذلك الرفع ، والأقرب عندي وجوب الاستئناف.

مسألة ٣٢٢ : إذا اجتمع محدث ، وميت ، وجنب ومعهم من الماء ما يكفي أحدهم‌ ، فإن كان ملكا لأحدهم اختص به ، وإن لم يكن ملكا لأحد ، أو لباذل ، أو اوصي لأحقهم به ، قال الشيخ في الخلاف : تخيروا في التخصيص لأنها فروض اجتمعت وليس البعض أولى فتعين التخيير ، ولاختلاف الروايات ففي رواية عن الكاظم عليه‌السلام : اختصاص الجنب (١) ، وفي أخرى مرسلة : اختصاص الميت (٢) فتعين التخيير (٣).

وله قول آخر : اختصاص الجنب (٤) لاتصال الرواية به ، ولأنه متعبد بالغسل مع وجود الماء ، والميت قد سقط الفرض عنه بالموت ، وهذه إحدى الروايتين عن أحمد ، والأخرى : اختصاص الميت ـ وبه قال الشافعي (٥) ـ لأنه خاتمة عمله فيستحب أن تكون طهارته كاملة ، والحي يرجع إلى الماء فيغتسل ، ولأن القصد بغسل الميت تنظيفه ولا يحصل بالتيمم ، والقصد بغسل الحي إباحة الصلاة وهي تحصل بالتيمم (٦).

فروع :

أ ـ لا يجوز للمالك بذله لغيره مع وجوب الصلاة عليه لأنه متمكن من الماء فلا يجوز العدول إلى التيمم.

__________________

(١) التهذيب ١ : ١٠٩ ـ ٢٨٥ ، الاستبصار ١ : ١٠١ ـ ٣٢٩.

(٢) التهذيب ١ : ١١٠ ـ ٢٨٨ ، الاستبصار ١ : ١٠٢ ـ ٣٣٢.

(٣) الخلاف ١ : ١٦٦ مسألة ١١٨.

(٤) النهاية للطوسي : ٥٠.

(٥) مختصر المزني : ٨.

(٦) المغني ١ : ٣١٠ ، الشرح الكبير ١ : ٣١٣.

٢٢٢

ولقول الصادق عليه‌السلام وقد سئل عن قوم كانوا في سفر أصاب أحدهم جنابة وليس معهم إلاّ ما يكفي الجنب يتوضئون أم يعطونه الجنب؟

قال : « يتوضئون هم ويتيمم الجنب » (١).

ب ـ لو أمكن أن يستعمله أحدهم ويجمع فيستعمله الآخر فالأولى تقديم المحدث لأن رافع الجنابة إما غير مطهر أو مكروه.

ج ـ لو كان مباحا فالسابق أولى ، فإن توافوا دفعة فهم شركاء ، ولو تمانعوا فالمانع آثم ويملكه القاهر لأنه سابق.

د ـ لو اجتمع جنب وحائض فالأقوى تقديم الحائض لأنها تقضي حق الله وحق زوجها في إباحة الوطء ، ويحتمل الجنب الرجل لأنه أحق بالكمال من المرأة.

هـ ـ لو اجتمع جنب ومحدث فالجنب أولى لأنه يستفيد به ما لا يستفيده المحدث ، وإن كان وفق حاجة المحدث فهو أولى ، لأنه يستفيد به طهارة كاملة ، وإن لم يكف أحدهما فالجنب أولى ، لأنه يطهر به بعض أعضائه.

ولو كفى كل واحد منهما ويفضل منه فضلة لا تكفي الآخر فالمحدث أولى لأن فضلته يمكن للجنب استعمالها ، ويحتمل الجنب لاستفادته ما لا يستفيده المحدث.

و ـ لو تغلّب المرجوح أساء وأجزأ لأن الآخر لا يملكه.

ز ـ لو اجتمع ميت ومن على بدنه نجاسة احتمل تقديم الميت لأنه آخر عهده بالماء ، وغسل النجاسة إذ لا بدل لها ، وللشافعي كالوجهين (٢).

__________________

(١) التهذيب ١ : ١٩٠ ـ ٥٤٨.

(٢) المجموع ٢ : ٢٧٥ ، فتح العزيز ٢ : ٢٤٦ ، مختصر المزني : ٨.

٢٢٣

ولو اجتمع من على بدنه نجاسة مع محدث ، أو حائض ، أو جنب ، فإزالة النجاسة أولى لعدم البدل.

٢٢٤

الباب السابع : في اللواحق

وفيه فصول :

الأول : في الأواني والجلود.

مسألة ٣٢٣ : أقسام الأواني أربعة : ما يتخذ من الذهب ، أو الفضة ، أو من العظام ، أو من الجلود ، أو ما عدا ذلك ، ويحرم استعمال المتخذ من الذهب والفضة في أكل ، وشرب ، وغيرهما عند علمائنا أجمع ـ وبه قال أبو حنيفة ، ومالك ، وأحمد ، وعامة العلماء ، والشافعي في الجديد (١) ـ لقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في جوفه نار جهنم ) (٢) معناه يلقي في جوفه ، وهذا وعيد يقتضي التحريم.

وقول الصادق عليه‌السلام : « لا تأكل في آنية الذهب والفضة » (٣) ، والنهي للتحريم ، ولاشتماله على الفخر ، والخيلاء ، وكسر قلوب الفقراء.

__________________

(١) المجموع ١ : ٢٥٢ ، فتح العزيز ١ : ٣٠١ ، الهداية للمرغيناني ٤ : ٨٧ ، البحر الرائق ٨ : ١٨٥ ، الشرح الصغير ١ : ٢٥ ، المغني ١ : ٩٢ ، الشرح الكبير ١ : ٨٥ ، المحلى ١ : ٢١٨.

(٢) صحيح مسلم ٣ : ١٦٣٤ ـ ٢٠٦٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١١٣٠ ـ ٣٤١٣ ، سنن الدارمي ٢ : ١٢١.

(٣) الكافي ٦ : ٢٦٧ ـ ١ ، المحاسن : ٥٨٢ ـ ٦٣.

٢٢٥

وقال الشافعي في القديم : إنه مكروه غير محرم ، والنهي فيه نهي تنزيه ، لأن الغرض ترك التشبه بالأعاجم والخيلاء ، وإغاظة الفقراء ، وذلك لا يقتضي التحريم (١) ، وليس بجيّد لاشتمال الحديث عليه.

وقال داود : إنه يحرم الشرب فقط (٢) ، لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خص الشرب بذلك (٣) ، وهو غلط لما رواه حذيفة قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ( لا تلبسوا الحرير والديباج ، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ، ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة ) (٤) ولنهي الصادق عليه‌السلام عن الأكل (٥).

فروع :

أ ـ لا فرق في تحريم الاستعمال بين الأكل ، والشرب ، وغيرهما ، كالبخور والاكتحال منه ، والطهارة وشبهه ، وجميع وجوه الاستعمال لأن في تحريم الأكل والشرب تنبيها على منع غيرهما ، ولأن الباقر عليه‌السلام نهى عن آنية الذهب والفضة (٦) ، ولا يمكن تعلق النهي بالعين فيصرف إلى المنافع وهي وجوه الاستعمال.

ب ـ لا يحرم المأكول والمشروب منهما وإن كان الاستعمال محرما‌

__________________

(١) المجموع ١ : ٢٤٩ ، فتح العزيز ١ : ٣٠١ و ٣٠٢ ، الشرح الكبير ١ : ٨٦ ، نيل الأوطار ١ : ٨١.

(٢) المجموع ١ : ٢٤٩ ، نيل الأوطار ١ : ٨١.

(٣) صحيح مسلم ٣ : ١٦٣٤ ـ ٢٠٦٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١١٣٠ ـ ٣٤١٣ ، سنن الدارمي ٢ : ١٢١.

(٤) صحيح البخاري ٧ : ٩٩ و ١٤٦ ، صحيح مسلم ٣ : ١٦٣٨ ـ ٢٠٦٧ ، سنن الترمذي ٤ : ٢٩٩ ـ ١٨٧٨ ، سنن أبي داود ٣ : ٣٣٧ ـ ٣٧٢٣ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١١٣٠ و ١١٨٧ ـ ٣٤١٤ و ٣٥٩٠ ، سنن الدارمي ٢ : ١٢١.

(٥) الكافي ٦ : ٢٦٧ ـ ١ ، المحاسن : ٥٨٢ ـ ٦٣.

(٦) الكافي ٦ : ٢٦٧ ـ ٤ ، المحاسن : ٥٨٢ ـ ٥٩.

٢٢٦

لتعلق النهي به لا بالمستعمل.

ج ـ قال بعض الشافعية : إنما يكون مستعملا للمجمرة إذا بسط ثوبه عليها ، فأما إذا كانت بعيدة منه فلا يكون استعمالا (١) ، وليس بجيد ، بل لو وضع البخور في الإناء كان استعمالا لها مع الاستنشاق.

د ـ لا فرق في التحريم بين الرجال والنساء إجماعا ، لوجود المقتضي فيهما ، وإنّما أبيح التحلي في حق المرأة لحاجتها إلى التزين للرجل والتجمل عنده وهو مختص بالحليّ فتختص الإباحة به.

مسألة ٣٢٤ : يحرم اتخاذ أواني الذهب والفضة من غير استعمال‌ ـ وهو أحد قولي الشافعي (٢) ـ لأن ما حرم استعماله مطلقا حرم اتخاذه على هيئة الاستعمال كآلات الملاهي ، ولأن فيه تعطيلا للمال ، وسرفا ، وخيلاء ، ولنهي الباقر عليه‌السلام عن آنية الذهب والفضة (٣) وهو يتناول الاتخاذ.

ولقول الكاظم عليه‌السلام : « آنية الذهب والفضة متاع الذين لا يوقنون » (٤).

وللشافعي قول بالجواز لأن الخبر ورد بتحريم الاستعمال فلا يحرم الاتخاذ ، كما لو اتخذ الرجل ثياب الحرير (٥). والفرق عدم تحريم الثياب مطلقا فإنها تباح للنساء ، وللتجارة.

مسألة ٣٢٥ : لو توضأ أو اغتسل من آنية الذهب والفضة فعل محرما‌

__________________

(١) المجموع ١ : ٢٥٠ ، فتح العزيز ١ : ٣٠٢ ، مغني المحتاج ١ : ٢٩.

(٢) فتح العزيز ١ : ٣٠٢ ، كفاية الأخيار ١ : ١٠ ، مغني المحتاج ١ : ٢٩.

(٣) الكافي ٦ : ٢٦٧ ـ ٤ ، المحاسن : ٥٨٢ ـ ٥٩.

(٤) الكافي ٦ : ٢٦٨ ـ ٧ ، المحاسن : ٥٨٢ ـ ٦٢.

(٥) مغني المحتاج ١ : ٢٩ ، المغني ١ : ٩٣ ، الشرح الكبير ١ : ٨٥ ـ ٨٦.

٢٢٧

وصحت طهارته ـ وبه قال الشافعي ، وإسحاق ، وابن المنذر ، وأصحاب الرأي (١) ـ لأن الطهارة تحصل بإجراء الماء على العضو ، وذلك يحصل بعد انفصاله عن الإناء.

وقال بعض الحنابلة : لا تصح لأنه استعمل المحرّم في العبادة فلا تصح كالصلاة في الدار المغصوبة (٢).

وهو خطأ لأن انتزاع الماء من الإناء ليس جزءا من الوضوء ، والطهارة إنما تقع بعد انقضاء ذلك الاستعمال فيكون كما لو قهر غيره على تسليم ثوب نفسه ليستتر به في الصلاة ، والتصرف جزء من الصلاة في الدار المغصوبة وهو منهي عنه فلهذا بطلت.

تذنيب : لو جعل آنية الذهب والفضة مصبا لماء الوضوء ينفصل الماء عن أعضائه إليه لم يبطل وضوؤه ، لأنه قد رفع الحدث قبل وقوعه في الإناء.

وبعض الحنابلة أبطله لما فيه من الفخر ، والخيلاء ، وكسر قلوب الفقراء (٣) ، وهو غلط لأن فعل الطهارة حصل قبل وصول الماء إلى الإناء.

مسألة ٣٢٦ : اختلف علماؤنا في المفضض‌ ، فجوزه في المبسوط (٤) وبه قال أبو حنيفة (٥) ـ وإن كان كثيرا لغير حاجة لأنه صار تابعا للمباح.

ولقول الصادق عليه‌السلام : « لا بأس بأن يشرب الرجل في القدح‌

__________________

(١) كفاية الأخيار ١ : ١٠ ، المغني ١ : ٩٣ ، الشرح الكبير ١ : ٨٧.

(٢) المغني ١ : ٩٣ ، الشرح الكبير ١ : ٨٨ ، المحرر في الفقه ١ : ٧.

(٣) المغني ١ : ٩٣ ، الشرح الكبير ١ : ٨٨ ـ ٨٩.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ١٣.

(٥) الهداية للمرغيناني ٤ : ٧٨ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٣٢ و ١٣٣ ، المغني ١ : ٩٤ ، الشرح الكبير ١ : ٨٧ ، تبيين الحقائق ٦ : ١١ ، نيل الأوطار ١ : ٨٤.

٢٢٨

المفضض ، وأعزل فمك عن موضع الفضة » (١).

ومنعه في الخلاف لما فيه من الخيلاء ، والبطر ، وتعطيل المال (٢) ولما رواه بريد عن الصادق عليه‌السلام : أنه كره الشرب في الفضة وفي القداح المفضضة وكذلك أن يدهن في مدهن مفضض والمشط كذلك (٣).

وقال الشافعي : إن كان المضبب على شفة الإناء لم يجز الشرب منه لئلا يكون شاربا على فضة ، وإن كان في غيرها جاز (٤).

وقال بعض الشافعية : لا فرق بين أن يكون على شفته أو غيرها في التحريم ، وبه قال مالك (٥).

ومن الشافعية من قسم المضبب أربعة أقسام : يسير لحاجة كحلقة القصعة وضبتها وهو مباح ، لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان حلقة قصعته وقبيعة سيفه من فضة (٦) ، وأذن لعرفجة بن أسعد لمّا قطع أنفه يوم الكلاب أن يتخذ أنفا من فضة فأنتن عليه ، فأذن له أن يتخذ أنفا من ذهب (٧) ، وكثير لحاجة فيكره لكثرته ، ولا يحرم للحاجة إليه ، وقليل لغير حاجة فلا يحرم لقلته ، ويكره لعدم الحاجة إليه ، وكثير لغير حاجة ويحرم (٨) ـ خلافا لأبي‌

__________________

(١) التهذيب ٩ : ٩١ ـ ٩٢ ـ ٣٩٢.

(٢) قال الشيخ في الخلاف ١ : ٦٩ المسألة ١٥ يكره استعمال أواني الذهب والفضة ، وكذلك المفضض منهما ، وحكى المحقق أيضا قوله في المعتبر : ١٢٦ ، ثم قال : ومراده التحريم. فلاحظ.

(٣) الكافي ٦ : ٢٦٧ ـ ٥ ، الفقيه ٣ : ٢٢٢ ـ ١٠٣٢ ، التهذيب ٩ : ٩١ ـ ٣٨٧.

(٤) المجموع ١ : ٢٥٨ ، فتح العزيز ١ : ٣٠٤.

(٥) المجموع ١ : ٢٥٨ ، فتح العزيز ١ : ٣٠٤ ، أقرب المسالك ١ : ٤ ، الشرح الصغير ١ : ٢٥.

(٦) سنن الترمذي ٤ : ٢٠٠ و ٢٠١ ـ ١٦٩٠ و ١٦٩١ ، سنن النسائي ٨ : ٢١٩.

(٧) سنن الترمذي ٤ : ٢٤٠ ـ ١٧٧٠ ، سنن النسائي ٨ : ١٦٣ ـ ١٦٤ ، مسند أحمد ٤ : ٣٤٢ و ٥ : ٢٣ ، أسد الغابة ٣ : ٤٠٠ ، سنن أبي داود ٤ : ٩٢ ـ ٤٢٣٢.

(٨) المجموع ١ : ٢٥٨ ، فتح العزيز ٣ : ٣٠٤ ـ ٣٠٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٩.

٢٢٩

حنيفة (١).

والتفصيل في المضبب بالفضة ، أما المضبب بالذهب فإنه حرام عندهم على الإطلاق (٢).

فروع :

أ ـ إذا سوغنا الشرب من المفضض قال الشيخ : يجب عزل الفم عن موضع الفضة (٣).

لقول الصادق عليه‌السلام : « وأعزل فمك عن موضع الفضة » (٤) والأمر للوجوب ، وقيل بالاستحباب عملا بالأصل (٥).

وبما رواه معاوية بن وهب عن الصادق عليه‌السلام سئل عن القدح فيه ضبة فضة فقال : « لا بأس إلا أن يكره الفضة فينزعها عنه » (٦).

ب ـ لا بأس باتخاذ اليسير من الفضة كالحلقة للقصعة ، والضبة ، والسلسلة والقبيعة للسيف لأن الكاظم عليه‌السلام كان له مرآة كذلك (٧).

ج ـ لا بأس باتخاذ ما ليس بإناء كالصفائح في قائم السيف والميل ، وقد روي أن العبّاس عذر ، فعمل له قضيب ملبس بفضة نحو ما يعمل للصبيان من عشرة دراهم ، فأمر به أبو الحسن عليه‌السلام فكسر (٨) ، وهو‌

__________________

(١) الهداية للمرغيناني ٤ : ٧٨ ـ ٧٩ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٣٣ ، المجموع ١ : ٢٦١.

(٢) المجموع ١ : ٢٥٥ ، مغني المحتاج ١ : ٣٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٩.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ١٣.

(٤) التهذيب ٩ : ٩١ ـ ٩٢ ـ ٣٩٢.

(٥) القائل هو المحقق في المعتبر : ١٢٦.

(٦) التهذيب ٩ : ٩١ ـ ٣٩١ ، المحاسن : ٥٨٢ ـ ٦٥.

(٧) التهذيب ٩ : ٩١ ـ ٣٩٠ ، المحاسن ٥٨٢ ـ ٦٧.

(٨) التهذيب ٩ : ٩١ ـ ٣٩٠ ، المحاسن ٥٨٢ ـ ٦٧.

٢٣٠

يعطي المنع.

د ـ لو استأجر صانعا ليعمل له إناء فإن قلنا بتحريم الاتخاذ مطلقا لم يستحق اجرة لبطلان العقد ، كما لو استأجره لعمل صنم ، وإلا استحق.

هـ ـ لو كان له إناء فكسره آخر ضمن النقصان إن سوغنا الاتخاذ ، وإلا فلا.

و ـ لو شرب وفي فيه دنانير أو دراهم أو طرحهما في الكوز وشرب لم يكن به بأس إجماعا لعدم اتخاذ ذلك من الزينة والتجمل.

ز ـ لو اتخذ إناء من ذهب أو فضة وموّهها بنحاس ، أو رصاص حرم ـ وهو أحد وجهي الشافعية ـ لأن الإسراف موجود هنا ، والثاني : الإباحة لأن السرف لا يظهر للناس فلا يخشى فتنة الفقراء (١) ، ولو عكس جاز ، وللشافعي وجهان (٢).

ح ـ لو اتخذ أنفا من ذهب أو فضة ، أو سنّا ، أو أنملة لم يحرم لحديث عرفجة بن أسعد (٣) ، ولو اتخذ إصبعا ، أو يدا فللشافعية قولان : الجواز قياسا على الأنف والسن ، والتحريم لأنه زينة محضة إذ لا منفعة به (٤).

ط ـ لا يجوز اتخاذ أواني الذهب والفضة لتزيين المجالس لأن الخيلاء فيه أكثر ، وللشافعي فيه وجهان (٥).

__________________

(١) المجموع ١ : ٢٥٩ ، فتح العزيز ١ : ٣٠٣.

(٢) المجموع ١ : ٢٦٠ ، فتح العزيز ١ : ٣٠٣ ، كفاية الأخيار ١ : ١٠ ، مغني المحتاج ١ : ٢٩ ـ ٣٠.

(٣) سنن النسائي ٨ : ١٦٣ ـ ١٦٤ ، سنن الترمذي ٤ : ٢٤٠ ـ ١٧٧٠ ، سنن أبي داود ٤ : ٩٢ ـ ٤٢٣٢ ، مسند أحمد ٤ : ٣٤٢ و ٥ : ٢٣ ، أسد الغابة ٣ : ٤٠٠.

(٤) المجموع ١ : ٢٥٦.

(٥) المجموع ١ : ٢٥١ ، فتح العزيز ١ : ٣٠٢.

٢٣١

ي ـ المموّه إن كان يحصل منه شي‌ء بالعرض على النار حرم ، وإلا فإشكال ، وللشافعية وجهان (١).

يا ـ في المكحلة الصغيرة ، وظرف الغالية للشافعية وجهان : التحريم ، وهو المعتمد لأنه يسمى إناء ، والإباحة لأن قدره يحتمل ضبة للشي‌ء فكذلك وحده (٢).

مسألة ٣٢٧ : نجس العين كالكلب والخنزير لا يقع عليه الذكاة‌ فلا يجوز استعمال جلده ، سواء دبغ أو لا ، ذهب إليه علماؤنا أجمع لأنها أعيان نجسة في حال الحياة ، وغاية الدباغ نزع الفضلات والاستحالات ، والحياة أبلغ في دفعهما فإذا لم تفد الحياة الطهارة فالدباغ أولى ، وكذا فروعهما وما يتولد منهما ، أو من أحدهما مع بقاء الاسم ، والآدمي لا تقع عليه الذكاة فجلده نجس ، ولو غسّل وسلخ بعد الغسل فإشكال ، ينشأ من ورود التطهير بالغسل ، وكذا جلد الشهيد.

مسألة ٣٢٨ : جلد الميتة لا يطهر بالدباغ‌ سواء كان من نجس العين أو طاهرها ، وسواء كان من مأكول اللحم أو لا ، عند علمائنا أجمع ـ إلاّ ابن الجنيد (٣) ـ وبه قال عمر ، وابن عمر ، وعائشة ، وهو إحدى الروايتين عن مالك وعن أحمد (٤) لقوله تعالى ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ) (٥) وتحريم الأعيان ينصرف إلى تحريم جميع المنافع منها ومن أجزائها.

__________________

(١) المجموع ١ : ٢٦٠ ، فتح العزيز ١ : ٣٠٣ ، كفاية الأخيار ١ : ١٠ ، مغني المحتاج ١ : ٢٩.

(٢) فتح العزيز ١ : ٣٠٩.

(٣) حكاه المحقق في المعتبر : ١٢٩.

(٤) المنتقى ٣ : ١٣٤ ، المغني ١ : ٨٤ ، الشرح الكبير ١ : ٩٤ ، المجموع ١ : ٢١٧ ، نيل الأوطار ١ : ٧٤.

(٥) المائدة : ٣.

٢٣٢

ولما رواه عبد الله بن عكيم قال : قرئ علينا كتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونحن بأرض جهينة ( أن لا تستنفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ) (١).

ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه‌السلام وقد سئل عن الميتة ينتفع بشي‌ء منها؟ قال : « لا » (٢).

وكتب الكاظم عليه‌السلام « لا ينتفع من الميتة بإهاب ولا عصب » (٣) ولأن الموت سبب للتنجيس ولم يثبت المزيل.

وقال الشافعي : تطهر كل الجلود بالدباغ إلا الكلب والخنزير وما تولد منهما ، أو من أحدهما ، ورواه عن علي عليه‌السلام ، وابن مسعود (٤) وفي الآدمي عنده وجهان (٥) لقوله عليه‌السلام : ( أيّما إهاب دبغ فقد طهر ) (٦).

وحديث ابن عكيم متأخر لأنه قبل وفاة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشهرين (٧) ، ولأنه روى فيه : ( كنت رخصت لكم في جلود الميتة ، فإذا‌

__________________

(١) سنن الترمذي ٤ : ٢٢٢ ـ ١٧٢٩ ، سنن أبي داود ٤ : ٦٧ ـ ٤١٢٧ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١١٩٤ ـ ٣٦١٣ ، سنن النسائي ٧ : ١٧٥ ، مسند أحمد ٤ : ٣١٠ ـ ٣١١ ، سنن البيهقي ١ : ١٤.

(٢) الكافي ٦ : ٢٥٩ ـ ٧ ، التهذيب ٢ : ٢٠٤ ـ ٧٩٩.

(٣) الكافي ٦ : ٢٥٨ ـ ٦.

(٤) الام ١ : ٩ ، المجموع ١ : ٢١٥ و ٢١٧ ، فتح العزيز ١ : ٢٨٨ ، كفاية الأخيار ١ : ٨ ، المغني ١ : ٨٤ ، الشرح الكبير ١ : ٩٧ ، نيل الأوطار ١ : ٧٤.

(٥) المجموع ١ : ٢١٦ ، المغني ١ : ٨٤ ، الشرح الكبير ١ : ٩٧.

(٦) صحيح مسلم ١ : ٢٧٧ ـ ٣٦٦ ، سنن الترمذي ٤ : ٢٢١ ـ ١٧٢٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١١٩٣ ـ ٣٦٠٩ ، سنن أبي داود ٤ : ٦٦ ـ ٤١٢٣.

(٧) سنن الترمذي ٤ : ٢٢٢ ذيل الحديث ١٧٢٩ ، مسند أحمد ٤ : ٣١٠.

٢٣٣

أتاكم كتابي هذا فلا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ) (١) وهو يدل على التأخر فيتعين العمل به.

وروي عن مالك أنه يطهر ظاهره دون باطنه فيصلى عليه ولا يصلى فيه ، ويستعمل في الأشياء اليابسة دون الرطبة ، وهو قول الشافعي (٢).

وقال الأوزاعي ، وأبو ثور ، وإسحاق : يطهر جلد ما يؤكل لحمه دون ما لا يؤكل لحمه (٣) لقوله عليه‌السلام : ( دباغ الأديم ذكاته ) (٤) فشبه الدباغ بالذكاة والذكاة لا تعمل فيما لا يؤكل لحمه.

وقال أصحاب الرأي : الجلود كلها تطهر بالدباغ إلا جلد الخنزير والإنسان ، فجلد الكلب يطهر بالدباغ (٥) للعموم (٦). وهو غلط لأنه نجس العين في حياته فلا يطهر جلده بالدباغ كالخنزير.

وقال داود : تطهر كلها حتى الخنزير ـ وهو مروي عن أبي يوسف (٧) ـ لعموم ( أيما إهاب دبغ فقد طهر ) (٨) وهو محمول على المذكى‌

__________________

(١) نيل الأوطار ١ : ٧٨ نقلا عن الدار قطني.

(٢) المجموع ١ : ٢١٧ ، فتح العزيز ١ : ٢٩٥ ، نيل الأوطار ١ : ٧٦.

(٣) المجموع ١ : ٢١٧ ، المغني ١ : ٨٧ ، الشرح الكبير ١ : ٩٥ ، نيل الأوطار ١ : ٧٥.

(٤) سنن البيهقي ١ : ٢١ ، سنن النسائي ٧ : ١٧٤ ، مسند أحمد ٣ : ٤٧٦.

(٥) المبسوط للسرخسي ١ : ٢٠٢ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٢٠ ، بدائع الصنائع ١ : ٨٥ ، المجموع ١ : ٢١٧ ، المغني ١ : ٨٤ ، الشرح الكبير ١ : ٩٧ ، نيل الأوطار ١ : ٧٦.

(٦) صحيح مسلم ١ : ٢٧٧ ـ ٣٦٦ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١١٩٣ ـ ٣٦٠٩ و ١١٩٤ ـ ٣٦١٢ ، سنن أبي داود ٤ : ٦٦ ـ ٤١٢٣ ـ ٤١٢٥ ، سنن الترمذي ٤ : ٢٢١ ـ ١٧٢٨ ، سنن البيهقي ١ : ٢٠ ـ ٢١.

(٧) المبسوط للسرخسي ١ : ٢٠٢ ، المجموع ١ : ٢١٧ ، المغني ١ : ٨٤ ، الشرح الكبير ١ : ٩٧ ، بداية المجتهد ١ : ٧٩ ، نيل الأوطار ١ : ٧٦.

(٨) سنن الترمذي ٤ : ٢٢١ ـ ١٧٢٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١١٩٣ ـ ٣٦٠٩.

٢٣٤

لقوله عليه‌السلام : ( لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ) (١).

وقال الزهري : ينتفع بجلود الميتة بكل حال وإن لم يدبغ (٢) ، لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مر بشاة ميتة لمولاة ميمونة فقال : ( ما على أهل هذه لو أخذوا إهابها فانتفعوا به ) (٣) ولم يذكر الدباغ ، ومن شرط الدباغ روى فيه زيادة : ( فدبغوه فانتفعوا به ) (٤).

وعندنا أن الحديث ممنوع لما تواتر من النقل عن أهل البيت عليهم‌السلام من منع ذلك ، وروايتهم عن علي عليه‌السلام خلاف ذلك (٥) مدفوعة ، لأن أولاده عليهم‌السلام أعرف بمذهبه.

وقد سئل الصادق عليه‌السلام : الميتة ينتفع بشي‌ء منها فقال : « لا » فقلت : إن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ( ما كان على أهل هذه الشاة أن ينتفعوا بإهابها ) قال : « كانت لسودة بنت زمعة وكانت مهزولة فتركوها حتى ماتت فقال : ما كان على أهلها إذا لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا بإهابها أي بالذكاة » (٦).

__________________

(١) سنن الترمذي ٤ : ٢٢٢ ـ ١٧٢٩ ، سنن أبي داود ٤ : ٦٧ ـ ٤١٢٧ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١١٩٤ ـ ٣٦١٣ ، سنن النسائي ٧ : ١٧٥ ، مسند أحمد ٤ : ٣١٠ ـ ٣١١.

(٢) المجموع ١ : ٢١٧ ، نيل الأوطار ١ : ٧٦.

(٣) سنن أبي داود ٤ : ٦٦ ـ ٤١٢١ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١١٩٣ ـ ٣٦١١ ، سنن النسائي ٧ : ١٧١.

(٤) سنن البيهقي ١ : ١٥ ، صحيح مسلم ١ : ٢٧٧ ـ ١٠٢.

(٥) المجموع ١ : ٢١٧.

(٦) الكافي ٦ : ٢٥٩ ـ ٧ ، التهذيب ٢ : ٢٠٤ ـ ٧٩٩.

٢٣٥

وسأل عبد الرحمن بن الحجاج الصادق عليه‌السلام أشتري الفراء من سوق المسلمين فيقول صاحبها : هي ذكية هل يصلح أن أبيعها على أنها ذكية؟

فقال : « لا » قلت : وما أفسد ذلك قال : « استحلال أهل العراق الميتة ، وزعموا أن دباغ جلد الميتة ذكاته ، ثم لم يرضوا أن يكذبوا في ذلك إلاّ على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (١).

تذنيب : وفي جواز الانتفاع بها في اليابس إشكال ، الأقرب عدمه لعموم النهي (٢) ، وعن أحمد : الجواز قياسا على الانتفاع بالكلب (٣). وهو ممنوع لبطلان القياس.

مسألة ٣٢٩ : ما لا يؤكل لحمه من الحيوان الطاهر في الحياة كالسباع وغيرها يقع عليه الذكاة إلا الآدمي‌ ، وبه قال أبو حنيفة ، ومالك ، وأحمد (٤).

ونعني بوقوع الذكاة بقاءه على طهارته لأن الذكاة أقوى من الدباغ ، لأنها تطهّر اللحم والجلد ، ولقوله تعالى ( إِلاّ ما ذَكَّيْتُمْ ) (٥).

والتذكية : الذباحة فتكون مطهّرة لوجود صورتها إذا كان المذبوح‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٩٨ ـ ٥ ، التهذيب ٢ : ٢٠٤ ـ ٧٩٨.

(٢) انظر الكافي ٦ : ٢٥٩ ـ ٧ والتهذيب ٢ : ٢٠٤ ـ ٧٩٩ وسنن الترمذي ٤ : ٢٢٢ ـ ١٢٧٩ وسنن أبي داود ٤ : ٦٧ ـ ٤١٢٧ ، وسنن ابن ماجة ٢ : ١١٩٤ ـ ٣٦١٣ وسنن النسائي ٧ : ١٧٥ ومسند احمد ٤ : ٣١٠ ـ ٣١١ وسنن البيهقي ١ : ١٤.

(٣) المغني ١ : ٨٦ ، الشرح الكبير ١ : ٩٥.

(٤) شرح فتح القدير ١ : ٨١ ، بدائع الصنائع ١ : ٨٦ ، بداية المجتهد ١ : ٤٤١ ، القوانين الفقهية : ١٧٩ ، المغني ١ : ٨٨ ، الشرح الكبير ١ : ١٠١ ، المجموع ١ : ٢٤٥ ، فتح العزيز ١ : ٢٨٨.

(٥) المائدة : ٣.

٢٣٦

طاهرا ، ولأنها تخلي الحيوان من العفن المقتضي للتحريم.

ولقول الصادق عليه‌السلام : « لا يصلى فيما لا يؤكل لحمه ، ذكاه الذبح أو لم يذكه » (١) وهو يدل على أن الذبح مطهر.

وقال الشافعي ، والأوزاعي ، وأبو ثور : لا تقع الذكاة إلاّ على ما يؤكل لحمه ، وما لا يؤكل إذا ذبحه نجس وكان ذلك موته ، لأنها ذكاة لا تبيح اللحم فلا تطهر الجلد (٢). والملازمة ممنوعة ، أما ما يؤكل لحمه فإذا ذكي حل أكله ، وكان طاهرا ، وجاز استعمال جلده قبل الدباغ وبعده ما لم يصبه دم ، فإن أصابه غسله إجماعا.

مسألة ٣٣٠ : إذا ذكي ما لا يحل أكله جاز استعمال جلده بعد الدبغ في غير الصلاة‌ عند علمائنا أجمع ، وهل يجوز قبله؟ قال الشيخ ، والمرتضى : لا يجوز (٣) لأنها تزيل العفن ، والدسومة.

وقيل بالجواز ، لأن الذكاة تقع عليه فيستغنى بها عن الدباغ لأنها لو لم تقع عليه لكان ميتة ، والميتة لا تطهر بالدباغ (٤).

مسألة ٣٣١ : إذا شرطنا الدباغ فإنه يكون بما كانت العرب تدبغ به‌ كالقرظ وهو ورق السلم ينبت بنواحي تهامة ، أو الشب بالباء المنقطة تحتها نقطة وهو يشبه الزاج ، وقيل بالثاء المنقطة فوقها ثلاث نقط وهو شجر مرّ الطعم لا يعلم هل يدبغ به أم لا ، وكذا بالعفص ، وقشر الرمان ، وما أشبه ذلك من‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٩٧ ـ ١ ، التهذيب ٢ : ٢٠٩ ـ ٨١٨ ، الاستبصار ١ : ٣٨٣ ـ ٣٨٤ ـ ١٤٥٤.

(٢) المجموع ١ : ٢٤٥ ، المغني ١ : ٨٦ ، الشرح الكبير ١ : ٩٥ ، بداية المجتهد ١ : ٧٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٨.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ١٥ ، وحكى المحقق قول المرتضى في المعتبر : ١٢٩.

(٤) المعتبر : ١٢٩.

٢٣٧

الأجسام الطاهرة التي تنشف الرطوبة وتنفي الخبث.

ولو دبغ بالأشياء النجسة ، قال ابن الجنيد : لا يطهر (١) ، والأقرب : أنه يطهر بالغسل ، وبه قال الشافعي (٢).

وقال أحمد : لا يطهر لأن النجس لا يطهر النجس ، وهو قول للشافعي (٣).

وما روي عن الرضا عليه‌السلام أنه سئل عن جلود الدارش (٤) فقال : « لا تصل فيها فإنها تدبغ بخرء الكلاب » (٥) محمول على الصلاة قبل الغسل.

فروع :

أ ـ الرماد أن أصلح الجلد جاز الدبغ به.

ب ـ التراب والتشميس لا يحصل بهما الدبغ عند الشافعي ، لأنه لا يأمن الفساد ومتى لحقه الماء عاد إلى حاله (٦).

وقال أبو حنيفة : إنه يحصل بهما الدباغ (٧).

ج ـ إذا دبغ جلد الميتة لم يطهر عندنا على ما تقدم ، واختلفت‌

__________________

(١) حكاه المحقق في المعتبر : ١٢٩.

(٢) المجموع ١ : ٢٢٥ ، فتح العزيز ١ : ٢٩٢ ، كفاية الأخيار ١ : ٩.

(٣) المجموع ١ : ٢٢٥ ، فتح العزيز ١ : ٢٩٢ ، كفاية الأخيار ١ : ٩ ، المغني ١ : ٨٨ ، الشرح الكبير ١ : ٩٩ ـ ١٠٠.

(٤) الدارش : جلد أسود معروف. انظر القاموس المحيط ٢ : ٢٧٤ ، تاج العروس ٤ : ٣١٠.

(٥) الكافي ٣ : ٤٠٣ ـ ٢٥ ، التهذيب ٢ : ٣٧٣ ـ ١٥٥٢.

(٦) المجموع ١ : ٢٢٤ ، فتح العزيز ١ : ٢٩٣ ، كفاية الأخيار ١ : ٩.

(٧) المبسوط للسرخسي ١ : ٢٠٢ ، بدائع الصنائع ١ : ٨٦ ، فتح العزيز ١ : ٢٩٣.

٢٣٨

الشافعية فقال بعضهم : لا بدّ من الغسل بالماء القراح ، ومنعه آخرون (١).

مسألة ٣٣٢ : القائلون بطهارة جلد الميتة بالدباغ اختلفوا‌ ، فقال الأوزاعي ، وإسحاق ، وأبو ثور : بالمنع في جلود السباع قبل الدبغ وبعده (٢).

وكره سعيد بن جبير ، والحكم ، ومكحول ، وإسحاق الصلاة في جلود الثعالب ، ورووه عن علي عليه‌السلام ، وعمر (٣) ، وكره عطاء ، وطاوس ، ومجاهد الانتفاع بجلود السنانير (٤).

ورخص ابن سيرين ، وعروة ، والزهري في الركوب على جلود النمور (٥).

وأباح الحسن ، والشعبي ، وأصحاب الرأي الصلاة في جلود الثعالب ، لأنها تفدى في الإحرام فكانت مباحة ، ولقيام الدليل على طهارة جلد الميتة بالدباغ (٦).

فروع :

أ ـ جلد الميتة كما لا يحل استعماله بعد الدباغ كذا لا يحل أكله لقوله تعالى ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ) (٧) ، ولأنه جزء من الميتة فحرم أكله كسائر‌

__________________

(١) المجموع ١ : ٢٢٦ ، فتح العزيز ١ : ٢٩٣ ـ ٢٩٤.

(٢) المغني ١ : ٨٦ ، الشرح الكبير ١ : ٩٧.

(٣) المغني ١ : ٨٦ ، الشرح الكبير ١ : ٩٧.

(٤) المغني ١ : ٨٦.

(٥) المغني ١ : ٨٦ ، الشرح الكبير ١ : ٩٧.

(٦) المغني ١ : ٨٦.

(٧) المائدة : ٣.

٢٣٩

أجزائه. وأباح بعض الشافعية ، وبعض الحنابلة أكله (١) ـ وللشافعي قولان (٢) ـ لقوله عليه‌السلام : ( دباغ الأديم ذكاته ) (٣) ، ولا يلزم من الطهارة إن قلنا بها إباحة الأكل ، وأجاز القفال من الشافعية أكل جلد الميتة غير المأكول لأنه طاهر يمكن تناوله ولا مضرة فيه (٤).

ب ـ لا يجوز بيع جلد الميتة قبل الدباغ ـ وبه قال الشافعي ، وأبو حنيفة (٥) ـ لأنه نجس كالكلب.

وأما بعد الدباغ فكذلك عندنا لأن الدباغ لا يطهره ، وبه قال مالك ، والشافعي في القديم (٦) وقال في الجديد : يجوز بيعه ـ وبه قال أبو حنيفة ـ لأنه طاهر (٧) وهو ممنوع.

ج ـ الإجارة وسائر وجوه الانتفاع كالبيع.

مسألة ٣٣٣ : ما يتناثر من جلد الميت من أجزاء الدواء نجس‌ لملاقاته النجس ، وللشافعي وجهان بناء على وجوب غسله بعد الدباغ ، فإن أوجبه فهو نجس وإلا فلا (٨) ، لأن نجاستها كنجاسة الجلد فإذا زالت نجاسته حكم بطهارتها كما أن نجاسة الدن لما فيه من الخمر فإذا انقلبت خلاّ طهر الدن.

__________________

(١) المجموع ١ : ٢٣٠ ، المغني ١ : ٨٧ ، الشرح الكبير ١ : ٩٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧.

(٢) المجموع ١ : ٢٣٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧.

(٣) سنن البيهقي ١ : ٢١ ، مسند أحمد ٣ : ٤٧٦.

(٤) المجموع ١ : ٢٣٠ ، فتح العزيز ١ : ٢٩٩.

(٥) المجموع ١ : ٢٢٩ ، أحكام القرآن للجصاص ١ : ١١٦.

(٦) المجموع ١ : ٢٢٩ ، كفاية الأخيار ١ : ٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧ ، أحكام القرآن للجصاص ١ : ١١٥.

(٧) المهذب للشيرازي ١ : ١٧ ، المجموع ١ : ٢٢٩ ، أحكام القرآن للجصاص ١ : ١١٥.

(٨) المجموع ١ : ٢٢٧ ، فتح العزيز ١ : ٢٩٣.

٢٤٠