المخصّص - ج ١٠

أبي الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي [ ابن سيده ]

المخصّص - ج ١٠

المؤلف:

أبي الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي [ ابن سيده ]


الموضوع : اللغة والبلاغة
المطبعة: المطبعة الاميرية
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٢٨

ـ ما تَهَشَّم فَذَرَتْه الريحُ وسَفَتْه وأنشد

فَحُبِسْنَ فى هَزْمِ الضَّرِيعِ فكُلُّها

حَدْباء بادِيَةُ الضُّلُوع حَرُودُ

وهو الحُطَامُ والحَطِيمُ والرُّفَات والرُّتام والرَّمِيم والسَّفِير والجَوِيلُ* قال* واذا جَمَعه الريحُ الى أصول الشجر وأَذْراءِ الصُّخُور وجراثيم الارض فهو ـ العَوَذُ* أبو عبيد* وكلُّ حُطامٍ من شجر أو حَمْضٍ أو أحرار البُقُول وذكورها فهو ـ الدَّرِينُ اذا قَدُم* صاحب العين* ما فى الارض من اليَبِيس الا الدُّرَانة* أبو عبيد* الدَّوِيل ـ الذى قد أَتَى عليه عام وهو العامِىُّ* أبو حنيفة* الدَّوِيلُ والجَوِيلُ ـ مثلُ الدَّرِين واذا تَكَسَّر اليَبِيسُ وتَرَاكم فَذَاك ـ الحِبَّة وقال أبو النجم ووصف ابلا

* فى حِبَّةٍ جَرْفٍ وحَمْضٍ هَيْكَلِ*

وقيل ما كان له حَبٌّ من النَّبْت فاسمُ حَبِّه اذا جُمِعَ الحِبَّةُ وقيل الحِبَّة جمع حَبٍّ مثل ثَوْرٍ وثِيرةٍ والحَبُّ جمع حَبَّة* صاحب العين* الحِبَّةُ ـ حَبُّ الرَّيْحان* قال أبو حنيفة* وقال بعضهم واحد الحِبَّة حَبَّة* ابن السكيت* الحِبَّة ـ بُزُورُ الصَّحْراء* قال* فأما الحَبَّة فمن الحِنْطة* قال أبو حنيفة* ورَوَى ابن الاعرابى عن الصموتى الكلابى وذكر حِبَّة أرض فقال تِنْجَلُّ فيَأْخُذ بعضُها برِقاب بعضٍ فَتْنَطَلِق هِدْما كالبُسُط فهى مَطْوَلةٌ للسَّنَام مَغْلَظة للخاصرة ومَغْزَرة للدِّرَّة مَخْطَاة للبَضِيع فتَرَى راعيتَها كأَنَّ مَناخِرَها كِيرُقَيْنٍ من حاقِّ البِطْنة* قوله تِنْجَلَ ـ تَعْظُم والهِدْمُ ـ الكِسَاء الخَلَق والاخْذُ بالرقاب الاتصال* أبو عبيد* اذا رَكِبَ بعضُ اليَبِيس بعضًا فهو ـ الثِّنُّ من الكَلَا الذى قد أَحَالَ وجَمْعُه الأَثْنانُ وقيل هو يَبِيسُ الحَلِىِّ والبُهْمَى ويقال للنِّنِّ الدِّرِين وثُعَالة وثلثان* أبو عبيد* فاذا اسودّ من القِدَم فهو الدِّنْدِن* أبو حنيفة* الثَّلِيبُ ـ كَلَأُ عامَيْنِ اسْوَدَّ* قال* وهو مثل الدِّرِين وأنشد

رَعَيْنَ ثَلِيبًا ساعةً ثُمَّ إنَّنا

قَطَعْنا عَلَيْهِنَّ الفِجَاجَ الطَّوَامِسا

والغُفَّةُ ـ شَرُّ الكَلَا وهو كَلَأٌ قديمٌ بالٍ ويقول الرجلُ للرَّجلِ هل بَقِىَ فى بِلادِكم كَلَأٌ فيقول لا إلَّاغُفَّة من الارض إما كان أَخْضَر فكان قليلا وإمَّا كان يابسا فكان

٢٠١

قديما شَدِيد البِلَى* أبو حنيفة* اغْتَفَّت الخيلُ واغْتَثَّتْ وهى الغُفَّة والغُثَّة واليَبِيسُ كلُّه ـ حَشِيش ولا يقال للرَّطْب حَشِيش وكلُّ ما يَبِس فقد حَشَّ ويقال أَنْتَ بِمَحَشِّ صِدْقٍ فانْزِلْ ـ أى بموضعٍ كثير الحَشِيش وأرضٌ مَحَشَّة ـ كثيرة الحَشِيش* أبو عبيد* أَحَشَّت الارضُ ـ كثُرَ حَشِيشُها* أبو حنيفة* واذا كثُر اليَبِيس بالموضع وتَرَاكَم قيل كَلَأٌ مُعْلَنْكِسٌ وعُكَامِسٌ واذا ازداد كَثْرةً فهو ـ الدَّيْجُور* قال* وليس كلُّ العُشْب يكون له يَبِيسٌ يَبْقَى فيُنْتَفَع به لأن منه الضعيفَ الرَّقيق فاذا جَفَّ طارت به الريح وحَصَدَته فصار ذُرَاوة فيقال هذا نبات لا صَيُّورَ له ـ أى لا يَصِير منه كَلَأٌ يبقى فيكون مَرْعًى كقولك للشئ الذي لا عاقبة له لا مَرْجُوعَ له فاذا كثر اليَبِيسُ فى المكان حتى يَثِقَ به الناس بأن يَكْفِيهم سَنَتَهم قيل ـ هذا كَلَأٌ مُوثِق وأرض وَثِيقة للكَثِيرة العُشْب المَوْتُوق بها* قال* واذا كان الكَلَأُ كذلك فهو عُقْدة والجمع عِقَادٌ وقيل العِقَادُ من اليَبِيس ـ مثل الرياض والعُشْب والعُرْوةُ ـ مثل العُقْدة وقد تكون من الشجر أيضا وانما سمى عُرْوةً وعُقْدة لانها تكون للناس عِصْمة وهى ـ الارْضة* ابن الاعرابى* هى الارْضة والارْضة وقد أَرِضَت الارضُ ـ كثُر ذلك فيها وأتيتُ أرضَ كذا فارَضْتُها ـ وجدتُها كذلك* أبو حنيفة* غَفَا النَّبْتِ ـ رَدِيئه وهو من كل شئ رَذْلُه ويقال لأطراف النبات من الشجر والعُشْب ورَدِيئه ـ الزَّغَف قال رؤبة ووصف صائدا غَطَّى قُتْرتَه بالقِشْب والقُمَاش

غَبَّى على قُتْرَتِه التَّقْشِيما

من زَغَفِ الغُذَّام والحَطِيما

يريد بالتقشيم التقميش* ابن السكيت* القَشِيم ـ يَبِيسُ البَقْل والغُذْامُ من الحَمْض ولا يقال لأصول جميع الاعشاب (١) وليس كذلك الا من الجَنْبة وهو الذى تبقى أصوله اذا ذهبت فروعه ـ الجَعَائِنُ الواحدة جِعْثِنة* قال* وهى الجَذَامِير الواحدة جِذْمارة ومن أمثال العرب «تُقَفِّزُ الجِعْثِنَ بِى يا مُرَّزِدْها قَعْبا» يعنى فَرَسه كان يَصْبَحُها قَعْبًا ويَغْبُقُها قَعْبًا آخر* قال* واذا أصاب اليَبِيسَ المطرُ فَمغَثَه وصَرَّعه وأَلْزَم بعضَه بعضا فهو مَغِيثٌ من المَغْث وهو الاختلاط واذا كان الكَلَأُ هَشًّا لَيِّنا قيل كَلَأٌ هَمِقٌ وأنشد

__________________

(١) قوله ولا يقال الخ هكذا عبارة الاصل ويظهر أن فى الكلام نقصا فحرر كتبه مصححه

٢٠٢

باتَتْ تَعَشَّى الحَمْضَ بالقَصِيم

لُبَايهً مِنْ هَمِقٍ هَيْشُوم

* ومن حَلِىٍّ وَسْطَه كَيْسُوم*

* أبو عبيد* ما كان من البُهْمَى خاصةً فان يَبِيسَها ـ الصَّفَار والعِرْبُ* سيبويه* واحدته عِرْبة ـ وقيل هو ـ كل ما يَبِس من البَقْل* أبو عبيد* السَّفَى ـ شَوْكُ البُهْمَى* صاحب العين* الخَادِشة ـ السَّفَاة* ابن دريد* الطُّمَّة ـ القِطعة من يَبِيس الكَلَا وقيل ازْرَبَّ البَقْلُ ـ اذا كان فيه يَبِيسٌ فَتَلَّون بصُفْرة وخُضْرة* ابن السكيت* القَشِيمُ ـ يَبِيسُ البقل والكِنْبِت ـ اليَبِيس وربما رَعَتِ الضَّأنُ كِنْبِتَ السِّحاء وهو قَدْ مات وتكَسَّر شَوْكُه وضَعُف وذلك بعد سنة وسنتين ويَبْقَى منه شئ لم يَتَقَلَّع وهو بالٍ وقد تَقَلَّع بعضُه* ابن السكيت* الجَرِيف ـ يَبِيسُ الحَمَاط وهو مثل حَبِّ القُطْن لونًا اذا يَبِس واذا أَكَلتِ الابلُ قَفَّهُ ذاك جاءت ألبانها رَغْوةً كلُّها لا لَبَنَ فيها الا قليلا* قال* ويسمى عامَ الحَماط وليس بعامِ جَدْب* صاحب العين* المُرْتَكِز ـ من يابِس الحَشِيش وذلك أن تَرَى ساقًا قد طار عنها وَرَقُها وأغصانها فأما الحُنْجُب فاليابِسُ منه ومن كل شئ حكاه ابن دريد* الاصمعى* نَشَّ الرُّطْب ـ يَبِس

الاخْضِرار بعد الهَيْج وذكر الرَّبْل ونحوه

* أبو حنيفة* اذا أدْبَرَ العُشْبُ وأَخَذ فى الهَيْج ثم مُطِر فعادت اليه خُضْرَتُه ورأيته تَغَيَّر لونُه فذلك ـ النَّشْر وقد نَشَر نَشْرًا* قال* وزعم بعض الرّواة أنه الكَلَأُ يَبْيَس ثم يُصِيبه المطرُ فيخرج فيه شئٌ كهيئة الحَلَمة أَحْمر والمعروف الاول* قال* ولا يكون النَّشْر الا بالصيف وهو الجَمِيم لانه يأتى عند هَيْج الارض فاذا أصاب العُشْبَ فرَدَّه الى رطوبته كان ذلك زيادة فى الجَزْء أى الاجتزاء بالرُّطْب عن الماء ومُدَّ له وهو ـ النَّسِىءُ وكلُّ تأخيرٍ ومَدٍّ فى مُدَّةٍ فهو ـ نَسِىءٌ واذا مُطِر اليَبِيس فنَبَت فى أصوله نَبْتُ الخضرة جديدا حتى يَغْمُرَ الاوَّلَ فهو ـ غَمِير وقد غَمَره يَغْمُره ويَغْمِره ومنه قول زهير

ثلاثٌ كأَقْواسِ السَّراءِ وناشِطٌ

قد اخْضَرَّ مِنْ لَسِّ الغَمِير حَجَافِلُه

٢٠٣

وأن يكون الغَمِيرُ الأَخْضَرَ الذى عَمَره العامِىُّ أَصْوبُ لقول زهير

* قَدِ اخْضَرَّ من لَسِّ الغَمِير حَجَافِلُه*

لانه صِغارٌ ولو كان هو الغامِر لما احتاجَ الى لَسِّه لان اللَّسَّ لِمَا لم يَطُلْ ولم يَسْتَمْكِن* قال* وقال بعضهم اذا يَبِسَتِ البُهْمَى وتَحَطَّمت كانت كَلَأً يَرعاء الناسُ حتى يُصِيبه المَطَر من عامٍ مُقْبِل ويَنْبُت من تحته حَبُّه الذى سَقَط من سُنْبُله فَيُسَمَّى عند ذلك الغَمِير ويَأْكُله المالُ على رِيح الغَيْثِ الذى فيه* ابن السكيت* الغَمِيرُ ـ ما كان فى الارض من خُضْرة قليلةٍ إما رِيحةً وإما نباتًا والجمع أَغْمِراءُ ووجدتُ أَرْضًا تَغَمَّر غَنَمُها* أبو حنيفة* والمُوَدِّس ـ الذى اخْضَرَّ بعد ذهاب فرعه وأنشد

أو كَمَجْلُوحِ جِعْثِنٍ بَلَّهُ القَطْ

رُ فأَضْحَى مُوَدِّس الأَعْراض

وقد تقدّم أن التوديس اخضرارُ الارض فى أوّل انباتها والمعنيان متقابلان* أبو حنيفة* الخِلْفة والرِّيحة والرِّبَّةُ والرَّبْل والعَدَوِىُّ ـ نبات يَنْبُت فى دُبُر القَيْظ بعد يُبْس الارض اذا أَحَسَّ بانكسار الحَرِّ وبَرَدَ له الليلُ فمنه ما يكون ذلك أوَّلَ نباته ومنه ما يكون نباتا فى أصول قد ذَهَبَتْ فرُوعُها فأُكِلت ومنه ما يَنْبُت والنَّباتُ الاوَّلُ بحاله أخضر غير أنه يتجدد له وَرَقٌ وأفنان رطبة كهيئة ما يَنْبُت فى أول الزمان وربما أَزْهَى مع ذلك الشجرُ وأَثْمَر ثَمَرا جديدا يبلغ أن يؤكل وان لم يَنْتَه الى إنَاهُ* ابن السكيت* العَدَوِيَّة كالعَدَوِىِّ* أبو حنيفة* ويقال من الخِلْفة اسْتَخْلَف النباتُ وأَخْلَف كما يقال فى الطائر أَخْلَف ـ اذا نَفَض قَوادِمَه الاوَل ونَبَت له قَوَادِمُ جُدُد ويُسَمَّى خِلْفة وقد يُخْلِف بعد النبت الاوّل ولذلك قيل لزَرْع الحُبوب خِلْفة لانه يُسْتَخْلَف من البُرِّ والشعير والخِلْفة أيضا قد يقال لغير الرَّبْل وهو كلُّ شئ يجىء بعد شئ ويقال من الرِّيحة تَرَوَّح النبتُ ورَوَّح ورَاحَ يَراح رُيُوحًا ـ خرجتْ فيه الرِّيحة ومن الرَّبْل أَرْبَلَ النباتُ وتَرَبَّل وأنشد فى الارْبال

فى مُرْبِلاتٍ رَوَّحَتْ صَفَرِيَّة

بنَواضِحٍ يَقْطُرْنَ غير مَرِيس

صَفَرِيَّة ـ منسوبة الى الزمان الذى يسمى الصَّفَرِىَّ وهو ما بين القيظ والشتاء وفيه

٢٠٤

يَتَرَبَّل الشجر ويَسْتَخْلِف وأنشد

تُبِيح لنا أَرْماحُنا كُلَّ عازبٍ

من الصَّفَرِىِّ سُوقُه قد تَوَلَّتِ

الصَّفَرِيَّة ـ أواخر الحر وأوائل البرد* قال* ويَسْأل الرجلُ صاحبَه فى زمان الصَّفَرِية كيف مالُك فيقول قد تَصَفَّرَ المالُ وحَسُنَتْ حالُه اذا ذَهَبت عنه وَغْرَةُ القَيْظ وجمعُ الرَّبْل رُبُولٌ وان كان فى الاصل اسما لجمع قال الشاعر ووصف ظبية

لَها من وَراقٍ ناعمٍ ما يُكِنُّها

مَرَبٌّ فتَرْعاه الضُّحَى ورُبُول

يُكِنُّها ـ يَصُونُها فلا تَطْلُبُ غَيْرَهُ* والوَرَاق ـ الخُضْرة ما كانت فأراد أن لها مع الرَّبْل وَرَاقًا من غيره وذلك أن من النبات نباتا تَدُوم خُضْرته الى آخر القَيْظ حتى يَتَّصل بالرَّبْل فيجتمع المَرْعَيَانِ ومنه قول العَجَّاج

فاجْتَمَع الرَّبيعُ والرَّبْلِىُّ

مَكْرًا وجَدْرًا واكْتَسَى النَّصِىُ

وهذه التى عَدَّدَ ضروبٌ مما يَتَربَّل من النبات واكْتَسى النَّصِىُّ ـ أى اكتسى بالورق الجديد من الرِّيحة ولهذا قال الاصمعى فى وصف العرب تَيْسَ الحُلَّب بالسرعة حين شَبَّهت الفرسَ به فقالت (١) لانه اتصل له الربيعُ والرَّبْلُ* قال* وأَسْرَعُ الظِّباء تَيْسُ الحُلَّب لانه قد رعى الربيع والرَّبْلَ فاتَّصَل له المَرْعَى والرِيحةُ تكون من الحُلَّب وهو ـ أن يظهر النبت فى أصوله التى بَقِيَتْ من عام أول فى مَرَبٍّ يَرُبُّ الثَّرَى* صاحب العين* المَقِيظَةُ ـ نبات أَخْضَرُ يبقَى الى القَيْظ يكون عُلْقَةً للابل اذا يَبِس ما سواء* غيره* النباتُ اذا سَلَخ ثم عاد واخْضَرَّ فهو ـ سالخٌ من الحَمْضِ وذلك الى نصف الشهر أو عشرين ليلة أكثر ذلك* أبو حنيفة* وَهَفَ النباتُ وَهْفا وَوهِيفًا ـ اهْتَزَّ واشتدَّت خُضْرته* أبو صاعد* الصَّرَباتُ أشياءُ تَنْبُت إما مِنْ مَطَرٍ قليل وإما خُضْرةٌ رُعِيت ثم تُخُيِّرتْ بعد اليابس وقد صَرِبَت الارض وهى بلاد كان أصابها أوّل الربيع ثم دَلَكَها الناسُ حتى طَسَم تُرابُه ثم بَذَر الناسُ وتَرَكُوها فنبتت بشئ يسير بعد ذلك وأرض صاربةٌ ـ فيها صُرَيْبة من مَرْبَع ولا تكون الصَّرَبةُ الا فى الخَلَاء* ابن الاعرابى* الخَضْبُ من النبات ما يُصِيبه المَطَرُ فيَخْضَرُّ وجمعه خضوب وكلُّ بهيمةٍ أكَلَتْه فهى ـ خاضِبٌ

__________________

(١) قلت قد سقط مقول فقالت يقينا وقائله امرؤ القيس وهو قوله وغيث من الوسمي حو تلاعه تبطنته بشيظم صلتان مكر مفر مقبل مدبرمعا كتبس ظباء؟ العدوان وكتبه محققه محمد محمود لطف الله تعالى به آمين

٢٠٥

* صاحب العين* الغَمِيمُ ـ الاخْضَرُ تحتَ اليابس

باب كُدُوءِ النبات وسُوء نِبْتَته وغيرِ ذلك من الآفة

* قال أبو حنيفة* اذا ساءَ خروجُ النبت أو أصابه البَرْد فلَبَّده فى الارض أو عَطِش فأَبْطأَ فى النبات قيل ـ كَدَأَ يَكْدَأُ كُدُوءًا وكَدِئَ كَدَأً وأنشد

أُنِيخَتْ بِجَوٍّ يَصْرُخُ الدِّيكُ عِنْدَها

وباتت بِقَاعٍ كادِئِ النَّبْتِ سَمْلَق

ويقال أَكْدَأَت الارضُ ـ اذا لم تُنْبِت وأَرْض مُكْدِيّةٌ وأنشد

له الرَّوْضُ يَنْدَى وحُسَّادُه

على الظَّلْفِ فى المَعِرِ المُكْدِىِ

* وقال* أصاب النباتَ بَرْدٌ فكَدَأَهُ ـ أى ردّه فى الارض* قال* وقال بعضهم كَدِىَ النَّبْتُ بغير همز كَدًى وكَدَتِ الارضُ كَدْوًا وكُدُوًّا ـ اذا أَبْطَأَ نَباتُها ويقال أصابتهم كادِيةٌ وكُدْيةٌ ـ شِدَّة* وقال* جَحِدَ النباتُ جَحَدًا ونَكِدَ ـ اذا قَلَّ ولم يَطُلْ فهو جَحِدٌ ونَكِدٌ* أبو حنيفة* الزَّمِر والجَحِن والحَجِن والمُجْعَن ـ القليل القصير من النبات وقد زَمِرَ زَمَرًا وجَحِنَ جَحَانةً وجَحَنًا* وقال* دِقُّ النباتِ ـ ما دَقَّ على الابل من النَّبْت ولان فيأكله الضعيفُ من الابل والصغيرُ والأَدْرَدُ والمريضُ والدِّقُّ ـ الذى لا يصير شجرا وانما هو كلأٌ ومَرْعَى كالقَرْنُوةَ والمَكْر والخِمْغِم والحَلَمة والرُّخَامَى والسَّعْدان ويقال نباتٌ مَصْرُورٌ أصابَهُ الصِّرُّ وهو بَرْدٌ يجىء فى ريحٍ فَيُهْلِكه ونَباتٌ مَحْسُوس من الحاسَّةِ وهو بَرْدٌ يُحْرِقه وقد حَسَّتْه تَحُسُّه حَسًّا والبَرْدُ مَحَسَّةٌ للنبات ـ أى مَحْرَقة والصاد لغة وقيل الحاسّة ـ الريحُ تَحْثِى الترابَ فى الغُدُر فتملأْها منه فَيَيْبَس الثَّرَى أو جَرَادٌ يأكل النبات وهو احدى الحاسَّتَيْن ويقال ضَرِبَ النباتُ ضَرَبًا فهو ضَرِبٌ ـ اذا ضَرَبه البردُ فأَضَرَّبه وقد أَضْرَبه البردُ وقيل هو من الضَّرِيب ـ أى الصَّقِيع وهو الجَلِيد يقال ضُرِبَ النباتُ وصُقِعَ وجُلِدَ* وقال* قَمَعَ البردُ النباتَ وأَقْمَعَه ومن آفاتِ المَرَاتِعِ الابَاء وهو ـ عَرَّضٌ يَعْرِض للنبات والعُشْب من أبوال الارْوَى فاذا رَعَتْه المَعَزُ خاصَّةً قَتَلها وكذلك ان بالت فى الماء فشربت منه هَلَكَتْ يقال عَنْزُ أَبْواءُ اذا أصابها الابَاء وقد أَبِيَتْ أَبًى فهى أَبِيَةٌ وأَبْواءُ وقد تقدّم ذلك فى الغنم

٢٠٦

واذا أصاب النباتَ رِيحٌ أو بَرْدٌ فأَضَرَّبه أو شَجَرةً فحَتَّ وَرَقَها فهى مَرُوحَةٌ ومَبْرُودة وان ضَرَبت الريحُ الشجرةَ فأَيْبَسَتْها قيل عَصَرَتْها ومن آفات النبات القَفْءُ وقد قَفِئَ النبتُ وقُفِئَ وأرضٌ مَقْفُوءة ـ اذا وقع الترابُ على بَقْلِها فأَفْسَدَه فان غَسَلَه مَطَرٌ وإلَّا فَسَد ومن آفاته اليَرَقانُ يقال يَرَقانٌ وأَرَقانٌ وأُرِقَ ونبات مَيْرُوقٌ ومَأْرُوق وهو ـ اصفرارٌ يَعْتَرِيه حتى كأنَّما عليه الوَرْسُ فيُفْسِد رَطْبَه ويابسَه الا أن يَغْسِلَه مطر اذا كان خفيفا وهو يصيب النخلَ والزرعَ والشجر ومن آفاته الحُسْبانُ وهو شَرٌّ وَبَلاء وحُكِىَ «أصابَ الناسَ حُسْبانٌ» اذا أصابهم جَرَادٌ أو عَجَاجٌ وقد قال الله تبارك وتعالى فى جَنَّة رَجُلٍ (وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ) ومن آفاته الجَرَادُ وقد جَرَدَ الجَرادُ الارضَ يَجْرُدها جَرْدًا ودَبَشَها يَدْبِشُها ونَمَشَها يَنْمِشُها ويقال احْتَنَكَ الجَرادُ الارضَ ـ اذا أَتَى على نَبْتِها ولُعابُه سُمٌّ اذا أصاب البَقْلَ أَهْلَكه وأنشد

وجاء رَيْعانُ جَرادٍ مائجُهْ

سَمَّ الرَّبِيعَ فاسْتَسَرَّ باهِجُه

يعنى بالربيع النباتَ كُلَّه سَمَّه يعنى بلُعابه وقد دَادتِ الشجرةُ وغيرُها تَدَادُ وتَدُودُ ودَوَّدَتْ دَوْدًا ودِيَادًا وأَدَادَتْ وسَاسَتْ تَسَاسُ وسَوّسَتْ سِيَاسًا وسَوْسًا وأَسَاسَتْ وسِيسَتْ واسْتَاسَتْ ـ اذا وقع فيها الدُّودُ والسُّوسُ وكذلك الطعام وكلُّ شئ وكلُّ آكِلٍ شيأ فهو سُوسُهُ وان كان دُودًا واذا عَرَضَتْ لها الارَضة قيل أُرِضَ أَرْضًا وأَرِضَ أَرْضًا والارَضَةُ ضَرْبانِ ضَرْبٌ صغار مثل كِبَار الذَّرِّ وهى آفة الخشب خاصَّة وضربٌ مثل كبار النَّمْل ذوات الاجنحة وهى آفة كل شئ من خشب ونبات غير أنها لا تَعْرِض للرَّطْب وهى ذوات القوائم وتُسَمَّى العُثَّ والعِثَّ وقد تقدّم ذلك فى الحَشَرات

نعوت الكَلَا فى القلة والتفرق

* قال أبو حنيفة* اذا لم يكن النَّبْتُ وَثِيجًا قيل انما هو ـ طَفْوة واذا كان الكَلَأُ قليلا ضعيفا فهو الطُّلَاوة والمُرَاقَةُ والطُّلْهة واللُّبَاية والرَّصَدُ ـ الكَلَا

٢٠٧

القليل يقال أرضٌ بها رَصَدٌ وأرضٌ مُرْصِدة وبها شئ من رَصَدٍ وهذا غير الرَّصَد من المطر واذا كان كَلَأُ الارض رقيقا قيل أرضٌ مُسْخِفة والشِّبْرِقة ـ الشئ القليل السَّخِيف من العُشْب ومن الشجر واذا حَسُن أَعَالِى النبات ولم يكن بَأَثِّ الأسافل فتلك الطَّهْفة وقد أَطْهَفَ الصِّلِّيانُ ـ نبت نباتا حَسَنا واذا كان العُشْب قِطَعا متفرقة فهى النُّفَأُ الواحدة نُفَأَة وأنشد

جادَتْ سَوَارِيه وآزَرَنَيْتَهُ

نُفَأٌ من الصَّفْراء والزُّبَّاد

الصَّفْراء والزُّبَّاد ـ نَبْتانِ* ابن السكيت* الجُلْبة من الكَلَا ـ قِطْعة متفرقة ليست بمتصلة وجمعها جُلَب* أبو حنيفة* والثُّجَر ـ القِطَع المتفرقة من النبات الواحدة ثُجْرة وأنشد

والعَيْرُ يَنْفُخُ فى المَكْنانِ قد كَتِنَتْ

منه جَحَافِلُهُ والعَضْرَسِ الثُّجَر

العَضْرَسُ والمَكْنَانُ ـ نبتان وهى أيضا ـ الرُّفُوض يقال فى أرض بنى فلان رُفُوضٌ من كلا اذا كان متفرقا بعيدا واحدها رَفْضٌ ومنه قول ذى الرمة يَصِفُ فِراخ قَطًا

الى مُقْعَداتٍ تَطْرَحُ الرِّيحُ بالضُّحَى

عَلَيْهِنَّ رَفْضًا من حَصَاد القُلَاقِل

القُلَاقِلُ ـ نبتٌ وحَصادُه ـ يابِسه ورَفْضُه ـ ما ارْفَضَّ منه وتَفَرَّق والأرفاضُ مثل الرُّفُوض قال الراجز يخاطب ناقته

خَبْطَكِ بالليل مع المَخَاضِ

بالْقُفِّ فى عَوَازِبٍ أَرْفاض

عَوَازِبُ ـ بعيدةٌ من الناس ويقال ما فى أرض بنى فلان من النبت إلا قَنَازِعُ وإلَّا عَنَاصٍ اذا كان قليلا متفرقا وكذلك يقال فى الشَّعَر اذا كان متفرقا فى نَوَاحِى الرأس الواحدة قُنْزُعة وعُنْصُوة وأنشد

إنْ يُمْسِ رَأْسِى أشْمَطَ العَنَاصِى

كأَنَّما فَرَّقَهُ مُنَاصِى

* الفارسى* عُنْصُوةٌ فُعْلُوةٌ* أبو عبيد* الكَلَأُ فى أرضِ بَنِى فلان شُرُكٌ أى طرائق غير متصلة الواحد شِرَاك* أبو حنيفة* بهذه الارض لِقْطٌ ولَقَطٌ للمال ـ أى مَرْتَعٌ ليس بالكثير وجمعه أَلْقَاطٌ واللَّقْطُ والالْتِقاطُ ـ أن تَقَعَ على كَلَاٍ لم تَعْرِف مَكَانَه وكذلك كل شئ تُوَافِقه بَغْتَةً واذا كان العُشْب قِطَعا غير

٢٠٨

متصل قيل فى الارض تَعَاشِيبُ وقيل التَّعَاشِيبُ ـ الضُّروب من العُشْب* ابن السكيت* لا واحد للتَّعَاشِيب* قال أبو حنيفة* واذا كان النبت مُتَقَطِّعا غيرَ متصل قيل أرض بَقِعَةٌ ـ أى فيها بُقَعٌ من نَبْتِ وكذلك فَرِقَةٌ* ابن السكيت* أرضٌ فى نباتها فَرَقٌ كذلك والصِّلَالُ ـ ما تَفَرَّق من النبات سُمِّى بالصِّلَال وهى ـ الأمطار المتفرقة وقد يسمى النبات باسم المطر كتسميتهم له بالغَيْث والنَّدَى والسماء وأنشد أبو حنيفة

سَيَكْفِيك الالهُ ومُسْنَماتٌ

كَجَنْدَلِ لُبْنَ تَطَّرِدُ الصِّلَالا

«قال المُتَعَقِّب» هذه رواية مُغَيَّرة وانما الرواية

سَيَكْفِيكِ المُرَحَّل ذو ثَمانٍ

سَحِيل تَغْزِلينَ له الجُفَالا

ويَكْفِيكِ الالهُ ومُسْنَمات

كَجَنْدَلِ لُبْنَ تَطَّرِدُ الصِّلالا

* ابن السكيت* واذا كان النبات متفرقا قيل ما بهذه الارض الا أَوْبَاشٌ من نبات وشجر* النضر* بَقِيَتْ من الكَلَا كُدَادةٌ ـ أى شئٌ قليل* ابن السكيت* طَلَبُوا الكَلَأَ فَوَقَعُوا بأَرْضٍ قد وُكِمَتْ وذلك اذا أُكِلَتْ ورُعِيَتْ فلم يَبْقَ فيها ما يَحْبِسهم ويُقِيمهم* أبو زيد* فى الارض نِقَاطٌ من كَلَاٍ ونُقَطٌ ولم يقولوا نِقَاط الا فى الارض* ابن السكيت* تَنَقَّطَتِ الارضُ من النِّقَاط* أبو صاعد* أرض فيها أَدْلاسٌ من مَرْتَع ـ أى بَقِيَّةٌ من مرتع يابس أو رَطْب* ابن الاعرابى* غَدِيرٌ من نبات ـ أى قِطْعةٌ والجمع غُدْران* ابن السكيت* فى الارض مُشَاقةٌ من كَلَا ـ أى قليل

باب اجْتِزاز الكَلَا وانتزاعه وشَدِّه

* أبو حنيفة* اجْتَزَّ العُشْبَ ـ قَطَعَه وكذلك احْتَفَأَه وحَفَأَه فان نَزَعَه نَزْعَا باصُوله قيل خَلَاه خَلْيًا واخْتَلَاه وأنشد

* هُوف المَعَاصِير خُزَامى المُخْتَلى*

وقيل الاخْتِلاء ـ أن يَقْبِض على البَقْل باطراف أصابعه وَكَفِّه فيأخُدَه ويَدَعَ أُصولَه والمِخْلاة ـ كِسَاء يُجْعَل فيه الخَلَى والاخْتِضارُ كالاخْتلاء وهو جَزُّ الخُضْرة

٢٠٩

فأما حَصْدُ الحَشِيش فهو الاحْتِشاش وذلك من اليَبِيس خاصَّةً وقد قيل ان الحَشِيش الاخْضَرُ والاعرف أنه اليابس لأن موضوع الكلمة اليُبْسُ والواحدة منه حَشِيشةٌ والمِحَشُّ والمِحَشُّةُ ـ ما يُجعل فيه الحشيشُ وما يُجَزُّ به وهو ـ مِنْجَل ساذَجٌ يُحشُّ به الحَشِيش* أبو عبيد* المَحَشُّ كالمِحَشِّ وقد حَشَشْتُ الدابةَ أَحُشُّها حَشًّا واحْتَشَشْت الحشيشَ كحَشَئْتُه* ابن السكيت* أَحَشَّ الحَشِيشُ ـ أَمْكَن أن يُحَشَّ ولُمْعَةٌ مُحِشَّة* أبو عبيد* أَحَشَّتِ الارضُ ـ كثُرَ حشيشُها* ابن الاعرابى* أَحَشَّتْ ـ صار فيها الحشيشُ والمَحَشُّ والمَحَشَّة ـ الارضُ الكثيرة الحَشِيش وهو بمَحَشِّ صِدْقٍ ـ أى منزلٍ كثير الحَشِيش ويقال ذلك لمن أَصاب أىَّ خَيْرٍ كان مَثَلاً به والحُشَّاشُ ـ جامعو الحَشِيش وأَحْشَشْتُ الرجلَ ـ أَعَنْتُه على جَمْع الحَشِيش* أبو حنيفة* فأمَّا ما حواه المِحَشُّ من الحَشِيش فهو ـ الأَيْصَر وأنشد

تَذَكَّرَتِ الخَيْلُ الشَّعِيرَ فأَجْفَلَتْ

وكُنَّا أُناسًا يَعْلِفُون الايَاصِرا (١)

ويقال للَايْصَرِ أيضا إصَارٌ والجميع أُصُرٌ وأنشد

دُفِعْنَ الى اثْنَيْنِ عند الخصوص

وقد خَيَّسَا بَيْنَهُنَّ الاصَارا

* وقال* بَقَلْتُ بَقْلاً ـ مثل حَشَشْتُ حَشًّا وكلُّ نَبْتٍ له أصلٌ فيُسْتَخْرج فيُؤْكَل فذلك ـ الاحْتِفاء احْتَفَيْتُ الجَزَرةَ وحَفَيْتُها حَفْيًا ـ استخرجتها من تحت التراب ومنه «ولم تَحْتَفُوا بها بَقْلاً» وقد تقدّم* ابن السكيت* قَصَلْتُ العُشْبَ أَقْصِلُه قَصْلاً ـ قَطَعْته* أبو عبيد* قَصَلْتُ الدابَّةَ ـ عَلَفْتُها إيَّاه* صاحب العين* الضِّغْثُ ـ قُبْضة من قُضْبان مختلفة يَجْمَعُها أصلٌ واحد وقيل هى ـ الحُزْمة من الحَشِيش ونحوُها وخَصَّ أبو حاتم به الحُزْمةَ من الزرع* أبو عمرو* ضَغَّثْتُ الحشيشَ ـ جعلتُه أَضْغاثا

ما يُجْمَى من النبات

* ابن السكيت* حَمَيْتُ الكَلَأَ وأَحْمَيْتُهُ ـ جعلته حِمَى عَبَّر بذلك عن أَحْمَيْتُهُ

__________________

(١) قلت الرواية الصحيحة المتفق عليها فى بيت مَقَّاس العائذىّ هذا هى قوله تذكرت الخيل الشعير عشية لا فأجفلت وكتبه محققه راويه حافظه محمد محمود لطف الله تعالى به آمين

٢١٠

وقال فى تثنية الحِمَى حِمَيَانِ وحِمَوَانِ* أبو حنيفة* حَمَيْتُ الارضَ حِمْوةً وحِمْيةً وحَمْيًا وحِمَايةً* قال* ومن الرواة مَنْ يجعل حَمَى وأَحْمَى لغتين فى معنى واحد* قال* والنحويون يقول أَحْمَاء ـ اذا وَجَدَهُ مُحْمًى وحَمَاه ـ مَنَعَه قال الشاعر فى وصف أسد

حَمَى أَجَماتِهِ فَتُرِكْنَ قَفْرًا

وأَحْمَى ما يَلِيه من الاجَام

فجاء باللغتين جميعا وقيل حَمَاه ـ مَنَعَه وأَحْماه ـ اذا عَلِمَ الناسُ أَنَّه حِمًى فَتَحا مَوْهُ وما لم يُحْمَ من العُشْب فهو ـ بَهْرَجٌ أى مُباحٌ يقال هذا حِمَى وهذا بَهْرَجٌ وأنشد

* فَخُيِّرَتْ بَيْنَ حِمًى وبَهْرَجِ*

مائِيَّة الكَلَا

* صاحب العين* الحَقِيلُ ـ ماءُ الرُّطْب فى الامعاء وربما جعله الشاعر حِقْلا

باب أوصاف الشجر التى تَعُمُّه دون الاوصاف

التى تَخُصُّ واحدا واحدا

* قال أبو حنيفة* النباتُ كلُّه ثلاثةُ أصناف شئٌ باقٍ على الشتاء أصلُه وفَرْعُه وشئ آخر يُبِيد الشتاءُ فرعَه ويُبْقِى أصله فيكون نباته فى أَرُومته تلك الباقية وشئ ثالث يُبِيد الشتاءُ فرعَه وأصلَه فيكون نباته مما يَنْتَثِر من بُزُوره* ثعلب* وهو العابِطُ من النبات لانه يَعْبِطُ الارضَ ـ أى يَشُقُّها وكلُّ مالا يقوم على أُرُومِ من الحَبِّ والبُزُور عابِطٌ* أبو حنيفة* وكل ذلك أيضا يتفرق ثلاثة أصناف اخَر فصِنْفٌ يَسْمُو صُعُدًا على ساقه مستغنيا بنفسه عن غيره وصِنْفٌ يَسْمُو أيضا صُعُدًا الا أنه لا يستغنى بنفسه ويحتاج الى ما يتعلق به ويَرْقَى فيه وصِنْفٌ ثالث لا ولكن يَتَسَطَّح على وجه الارض فينبت مُفْتَرِشا فيقال لكل ماسَما بنفسه

٢١١

ـ شَجَرٌ دَقَّ أو جَلَّ قاوَمَ الشتاءَ أو عَجَز عنه وقيل له شجرٌ لانه شَجَرَ وسَمَا وكلُّ ما سَمَكْتَه ورَفَعْتَه فقد شَجَرْتَه قال العجاج ووصف ثَوْر وَحْشٍ رَفَع أغصان الشجر عن نفسه

وشَجَرَ الهُدَّابَ عَنْهُ فَجَفَا

بِمِدْرَبَيْنِ فوْقَ أنْفٍ أَذْلَفَا

مِدْرَيَاهُ قَرْناه* أبو حاتم* الشِّجَرُ لُغَةٌ فى الشَّجَر* ابن السكيت* أرض شَجِيرة وشَجِرة وشَجْراء ـ كثيرةُ الشَّجَر والمَشْجَرُ ـ مَنْبِت الشَّجَر وهذا المكان أَشْجَرُ من هذا ـ أى أكثر شَجَرا* ابن دريد* وادٍ أَشْجَرُ وشَجِيرٌ ـ كثير الشَّجَر* ابن السكيت* شَاجَرَ المالُ ـ رَعَى الشَّجَر* صاحب العين* والمُشَجَّر من التَّصاوِير ـ ما كان على صِفَة الشَّجر* أبو حنيفة* فما كان منه يَنْبُت على بَزْره ولا ينبت فى أَرُومة وكان مما يَهْلِك فرعُه فاسْمُه ـ الجَنْبة لانه فارق الشجرَ الذى يَبْقَى فرعُه وأصلُه والشجرَ الذى يَبِيد فرعُه وأصلُه وكان جَنْبةً بينهما* غير واحد* واحدةُ البَقْل بَقْلةٌ وفى المثل «لا تُنْبِتُ البَقْلة الا الحَقْلة» الحَقْلةُ ـ القَرَاح وقد أَبْقَلَتِ الارضُ* أبو حنيفة* وهى المَبْقَلة والمَبْقُلة والبَقَّالة* ابن السكيت* أَبْقَلَتِ الارضُ وبَقَلَتْ وقد بَقَلَ الرِّمْثُ وأَبْقَل وهو باقل وقيل اذا خَرَج فى أعراض الشجر كأظفار الطير وأَعْيُن الجَراد قبل أن يَسْتَبِين وَرَقُه فذلك الابْقال ويقال حينئذ صار الشجرُ بَقْلة واحدة وبَقَلَ النَّبْتُ يَبْقُل بُقُولا ـ طَلَع والبُقْلة ـ بَقْلُ الربيع وأرضٌ بَقِلَةٌ وبَقِيلة وقد ابْتَقَلَت الماشيةُ وتَبَقَّلَتْ ـ رَعَتِ البَقْلَ وقيل تَبَقُّلُها ـ سِمَنُها عن البَقْل وتَبَقَّل القومُ وابْتَقَلُوا وأَبْقَلُوا ـ تَبَقَّلت ماشيتُهم* أبو حنيفة* وما تَعَلَّق بالشجر فَرَقِىَ فيه وعَصَب به فهو فى طريقة العَصْبة* قال الفارسى* سمى بذلك لتَعَصُّب مَنْبِته به وتَنَشُّبِه إياه وأنشد

إنَّ سُلَيْمَى عَلِقَتْ فُؤَادِى

تَنَشُّبَ العَصْب فُرُوعَ الوَادِى

* صاحب العين* الخُوصَة ـ الجَنْبة* ابن السكيت* هى من نبات الصيف وقيل هى ما نَبَت على أَرُومة وقيل اذا ظَهَر أَخْضَرُ العَرْفَج على أَبْيَضِه فتلك الخُوصَةُ وقد أَخْوَص* أبو حنيفة* وما افْتَرَش ولم يَسْمُ فهو فى طريقة السُّطَّاح

٢١٢

وقد زَعَم أبو عبيدة أنه النَّجْمُ على أن كل ما طَلَع من الارض فقد نَجَم وهو إلى أن تتبين وُجوهُه كذلك فقَصْدُنا فى هذا الباب الى ذكر الشجر المُقاوِم للشتاء الباقى أصلُه وفرعُه وان أَرْسَلْتُ الاسمَ ارسالا عامًّا فالشجرُ كلُّه صِنْفان صِنْفٌ ذو ورق أو ما يجرى مجرى الورق وصنفٌ لا ورق له ولا ما يقوم مقام الورق وانما نباته قُضْبان سُلُبٌ والوَرَقُ ـ كلُّ ما تَيَسَّط تَبَسُّطا وما كان له عَيْرٌ فى وسطه تنتشر عنه حاشِيَتاه وما ليس بِوَرَقٍ الا أنه يقوم مقام الورق فهو الهَدَبُ والفَتَل وحكى عن أبى عبيدة العَبَل* قال* وهو كل ورق مفتول وكذلك حكى عن أبى عمرو والفَتَلُ أيضا صحيح وهو ما لم يَنْبَسط ولكن تَفَتَّل وكان كالهَدَب وذلك كهَدَب الطَّرْفاء والاثْل والارْطَى وقد اعْتَزَل النخل هذا كله كما اعْتَزل الشجر فلا يُسَمَّى شَجَرًا الا على التأويل أنه سَمَا فَشَجَر وإلا فلا ولو أنَّ قائلا قال فى أَرْضِى مائةُ شَجرةٍ يريد مائة نَخْلة لم يكن مُصِيبا وكلُّ ما أشبه النَّخْلَ وجَرَى مجراه فهو مثله وانما وَرَقُهُ خُوصٌ فى رَطْبه ويابسه وأيهما يقال له الخُوص فى بابه فانِّى مُفْرِد النخل وعازِلُه عن الشجر وكذلك الكَرْم والزَّرْع ان شاء الله تعالى وذو الهَدَب والوَرَقِ أيضا صِنْفان صِنْفٌ منه يُعْبِل وصنف لا يُعْبِل والاعْبال ـ سقوط الورق فى قُبُل الشتاء وللشجر تجنيس آخر وتصنيف سنذكرهما على حِدَةٍ ان شاء الله تعالى الشجرُ وجميعُ النَّبْت اذا طَلَع من الارض فَنَجَمَ فهو بَذْرٌ قبل أن يتلوّن بلون أو تُعْرَف وجوهه وهو أيضا جَدْرٌ وقد بَذَرَتِ الارضُ وأَجْدَرَتْ وهذا غير الجَدْر الخاص من النبات* وقال أبو نصر* نَجَمَ الشجرُ يَنْجُم نُجُومًا وفَطَر يَفْطُر فُطُورا وبَقَلَ يَبْقُل بُقُولا وذلك أوّل ما يَطْلُع وقد تقدّم البُقُول فى النبات الذى ليس بشجر وهذا أيضا يصلح فى نبات أفنانه اذا بَدَأَ الشجر فى الايراق* قال أبو نصر* بَصَّصَ الوَرَقُ حين ينفتح وهو مثل تَبْصِيص الجِرْو اذا فَتَح عَيْنَيْه فاذا ارْتَفَع ولم ينتشر فهو عُنْقَرٌ وعُنْقُر وكذلك أصْل القَصَب والبَرْدِىِّ وذكر ذلك أبو نصر* قال* واذا انتشر فهو حينئذ خُوصَةٌ وقد أَخْوَصَ* وقال بعض العلماء* هو الغُرْنُوق والجميع الغَرَانِيق ويقال للشاب الناعم الطَّرِىِّ غُرْنُوق وغُرَانِقٌ وقد تقدّم وهذا غير النوع من الشجر الذى يقال له الغَرَانق واحدها أيضا غُرْنُوق فاذا سَمَا وهو فى ذلك رَخْصٌ بعدُ رَطِيبٌ فهو عُسْلُوج

٢١٣

وغُمْلُوج قال طَرَفة ووصف نساء

كَبَناتِ المَخْرِ يَمْأَدْنَ كما

أَنْبَتَ الصَّيْفُ عَسَالِيجَ الخَضِر

ويقال أيضا عُسْلُج قال العَجَّاج ووَصَفَ جارية

* وبَطْنَ أَيْمٍ وقَوَامًا عُسْلُجا*

يعنى اللِّينَ والتَّرَؤُّد وبناتُ المَخْرِ والبَخْر ـ سحائبُ بِيضٌ منتصبة تظهر فى المشرق فى قُبُل الصَّيف ذكر ذلك الاصمعى* وقال أبو نصر* كلُّ نَبْتٍ يخرج ملتويا قبل أن يتلوّن بسواد أو زَرَق أو حمرة فهو عُسْلُوج* غيره* هو العُسْلُج والعُسْلُوج والعِسْلاج وقد عَسْلَجَتِ الشجرةُ وقيل عَسَالِيجُ الشجرةِ ـ عُروقُها التى تَنْجُم منها* أبو حنيفة* فاذا اشتدّ فهو عاسٍ وقد عَسَا وهو عَرْدٌ وقد عَرَدَ يَعْرُد عُرودًا وكذلك العارِدُ والعُرُنْد مثل العَرْدِ ومنه قيل لناب البعير اذا اشتدّ بعدَ فُطُوره قد عَرَدَ قال ذو الرمة يصف الابل

يُصَعِّدْنَ رُقْشًا بَيْنَ عُوجٍ كأنَّها

زِجَاجُ القَنَا مِنْها نَجِيمٌ وعارِدُ (١)

وبهذا استدل سيبويه على أن النون فى عُرُنْد زائدة* وقال أبو حنيفة* فاذا كان قَضِيبا سامِقا غَضًّا فهو خُرْعُوب وأُمْلُود واذا أَنَّثْتَ قلتَ خُرْعُوبة وأُمْلُودة وأُمْلُود قال امرؤ القيس ووصف جارية

بَرَهْرَهَة رَخْصة رُؤْدة

كَخُرْعُوبَةِ البانَةِ المُنْفَطِر

وأنشد أبو زيد فى العُسْلُج

جارية شَبَّتْ شَبَابًا عُسْلُجا

فى حَجْرِ من لم يَكُ عنْها مُلْفَجا

* ابن دريد* غُصْنٌ أُغْلُوجٌ ـ ناعم* أبو حنيفة* هو أيضا خُوطٌ والجمع خِيطان* ابن السكيت* هو الخُوطُ ابنَ سَنَة* أبو حنيفة* وكلُّ غُصْنٍ خُوطٌ وقَضِيبٌ قال قيس بن الخطيم يصف جارية

حَوْراء جَيْداء يُسْتَضاء بِها

كأَنَّها خُوطُ بانةٍ قَصِفُ

ولا يقال غُصْنٌ ولا فَنَنٌ ولا فَرْعٌ ضعيف من نَعْمَته الا لِمَا كان من الشجر* ابن دريد* فَرَقَ قومٌ بين الغُصْن والفَنَنَ فقالوا الغُصْن القَضِيب الذى لا يتَشَعَّب والفَنَنُ المتشعِب* غير واحد* الجمع غُصُون وأَغْصان وغِصَنة وقد غَصَنْته أَغْصِنه

__________________

(١) قلت لقد أخطأ أبو الحسن على بن سيده هنا خطأ كبيرا حيث قال قال ذو الرمة يصف الابل فعم ولم يخص والموضع موضع خصوص لا عموم فكأنه لم يدر معنى البيت ولم يأخذه عن شيخ ولم يحفظ سابقيه ولواحقه والصواب وهو الحق المجمع عليه أن ذا الرمة يصف بالبيت جمالا ذكورا فحولا لا خصيانا ولا نوقا والدليل على صحة ما قلته البيت المستشهد به وسابقاه ولواحقه قال ذو الرمة بعد وصفه منهلا رحل اليه الحى له من معان العين بالحي قلصت مراسيل جونات الذفارى صلاخد مشركة الألحى كان صريفها صياح الخطاطيف اعتفتها المراود يصعدن رقشابين عوج كأنها زجاج الغنامنها نجيم وعارد ـ

٢١٤

غَصْنًا ـ أخَذْتُه من شجرته والغُصْنة ـ الشُّعْبة الصغيرة والجمع غُصَنٌ* أبو حنيفة* فأما الفَنَنُ فأَفْنانٌ لا غير* وقال بعض أهل العلم* كل غُصْنٍ عَذَبَة وعَذِبةٌ وكأنَّ العَذَبة التى تكون فى رأس السيف وفى الرمح من هذا فأما العِلْبة فغُصْنٌ عظيم يُتَّخذَ منه المِقَطْرة أزدية حكاها ابن دريد* قال* وجمعُها عِلَب* غيره* العَذْقُ ـ كلُّ غصن ذى شُعَب* أبو حنيفة* الخَصَلات ـ الغصون الواحدة خَصَلة قال حميد بن ثور ووَصَفَ أمرأة

بعِطْفَيْنِ مِنْ عَوْهَجٍ عَيْنُها

الى الفَرْع والخَصَلاتِ العُلَى

وكلُّ قضيبٍ رَطْبٍ أو يابسٍ ـ خُزْصٌ وخَرْص وخِرْص ذَكَر الفَتح أبو عبيدة* وقال غيره* هى لغة هذيل والجمع أَخْراصٌ وخِرْصَان ومنه سُمِّيت الرِّمَاح الخِرْصَان والرمح خَرْصٌ والخَرْصُ والقَضِيبُ والعُودُ يكون للرَّطْب واليابس ومنه قول الاعشى

والعُودُ يُعْصَرُ ماؤُه

ولِكُلِّ عِيدانٍ عُصَارَه

فاذا تَفَرَّع القضيبُ وصار فى حَدِّ الشجر وقَوِىَ وصار له ساقٌ فهو ـ مُسَوِّقٌ وقد سَوَّق قال العَجَّاج

* ضَرْب هَدَالِ الأَيْكةِ المُسَوِّقِ*

وزعم بعضهم أن نَبِيتَتَهُ أصله الذى ينْبُت منه وكلُّ قضيبٍ نابتٍ فى أصلٍ أو شجرة حَظْوة والجميع الحَظَوات والحِظَاء وقال أوس بن حجر فى وصف قوس

تعلّمها فى غِيلِها وَهْىَ حَظْوَةٌ

بِوَادٍ به نَبْعٌ كَثِيرٌ وحِثْيَلُ

وما بَيْنَ الارضِ وبيْنَ مُتَشَعَّب أفنانه هو السَّاقُ وهى حاملة الشجرة وهى من النخلة الجِذْع ولم أسمع بالجِذْع فى غير النخلة فان جاء فمستعار فاذا غَلُظَتْ فهى شَجَرة غَلْبَاءُ ومنه قوله تعالى (وَحَدائِقَ غُلْباً) وأصلُها الذى يلى الارضَ ـ قَصَرَتُها والجمع قَصَرٌ ذكر ذلك اللحيانى ومنه قوله جل اسمه «إنَّها تَرْمِى بِشَرَرٍ كالقَصَرِ» فى قراءة من حَرَّك ولغِلَظ قَصَرتها قيل لها غَلْباء كما قيل للغليظ العُنُق أَغْلَب ويقال لما فى جَوْفِ الارض من أصلها أَرُومَتُها والجمع أَرُومٌ ومنه قيل للرجُل الشريف «إنَّه لَفِى أَرُومَة صِدْقٍ» ويقال لقَصَرة الشجرة أيضا عَجُزُها ومنه قول الله جَلَ

__________________

ـ أذا أوجعتهن البرى أو تناولت قوى الضفر عن أعطافهن الولائد على كل أجاى أو كميت كأنه منيف الفرا من هضب نهلان فارد أطافت به أنف النهار ونشرت عليه التهاويل؟ التلائد ورفعن فما فوق الآنسات الخرائد يمتصن عن اعطافه حسك اللوى كما تمسح الركن الاكف العوائد وكتبه محققه محمد محمود لطف الله تعالى به آمین

٢١٥

اسمُه (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) فان كانت دَقِيقة الساق فهى سَوْقاء ومع ذلك طُولٌ واذا كان ذلك فى النخل خاصَّةً فَدَقَّ أسفلُ النخلة فهى ـ صُنْبُور وقد صَنْبَرَتْ صَنْبرةً وسيأتى ذكره شجرةٌ شَعْوَاءُ ـ منتشرة الأغصان* صاحب العين* الشَّمَالِيلُ ـ ما تَفَرَّق من شُعَب الاغصان* أبو حنيفة* فاذا طالت الشجرةُ قيل صاحَتْ تَصِيح* قال الاصمعى* يقال بأرْضِ بنى فلان شَجَرٌ قد صَاحَ ـ أى طال* قال* وإيَّاهُ أراد العَجَّاجُ بقوله

* كالكَرْمِ إذْ نادَى مِنَ الكَافُور*

وانما قال نادَى لانه يقال للنبات اذا ارتفع عن اللُّعاع نَاهُ يَنُوهُ وهو نبات نائِهٌ ومنه قيل للشجر اذا طال صَاحَ ونادَى مثله لان التَّنْوِيه صِيَاحٌ ونِداء* قال الاصمعى* أراد العجاج اذا صاح فلم يستقم له الشعر فقال نادَى* قال علىٌّ* هذا قول الاصمعى وليس كذلك لان الشعر يستقيم مع صاح على احتمال الطى ولم يكن الاصمعى عَرُوضِيًّا* أبو حنيفة* واذا أَسْرَعَ الشجرُ النباتَ وطالَ قيل شجرٌ غُمَالِجٌ والغُمْلُوج ـ الناعمُ الغَضُّ من النبات وقد تقدّم* ابن دريد* الامْلُوج الغصنُ الناعِمُ وقيل هو ـ العِرْق من عُروق الشجر يُغْمَس فى الثَّرَى لِيَلِين* أبو عبيد* الوَشِيجَةُ ـ عِرْقُ الشجرة وأنشد

* تَيْسٌ قَعِيدٌ كالوَشِيجَةِ أَعْضَبُ*

شبه التَّيْسَ من ضُمْرِه به* صاحب العين* الشُّنْغُوب والشغْنُوب والشُّنْغُب أعالى الاغصان

تَوْرِيقُ الاشجار وتَنْويرها

الوَرَقُ ـ من الشجر واحدته ورَقَةٌ وقد وَرَّقَتِ الشجرةُ وأَوْرَقَتْ وشجرةٌ وارقةٌ ووَرِيقَةٌ ووَرِقَةٌ ـ خَضْراءُ الوَرَقِ حَسَنَتُه ووَرَقْتُ الشجرة ـ أخَذْتُ ورَقَها والوَرَاق من الوَرَق* قال أبو حنيفة* اذا أصابَ الشجرَ المَطَرُ فَلَان عُودُه فهو المائِدُ لأنه يَمِيدُ من وقوع الماء فى .... (١) * أبو زيد* أَمَخَّ العُودُ ابْتَلَّ وجَرَى فيه الماءُ* أبو حنيفة* فاذا رأيتَ فى أعراضه شِبْهَ أَعْيُنِ

__________________

(١) بياض بالأصل

٢١٦

الجَراد قبل أن يَسْتَبِينَ وَرَقُهُ فذلك ـ الباقِلُ وقد أَبْقَلَ الشجرُ يقال صار الشجر بَقْلَةً واحدة فاذا زاد على ذلك حتى تَتَبَيَّن الخُضْرةُ قليلا قيل خَضَبَ الشجرُ يَخْضِبُ خَضْبًا وخُضُوبا وتلك الخُضْرة ـ الخَضْب والجمع الخُضُوب قال حُمَيد بن ثَوْر يَصِف ظببة

فلَمَّا غَدَتْ قد قَلَّصَتْ غيرَ حِشْوةٍ

من الجَوْفِ فيه عُلَّفٌ وخُضُوب

قَلَّصَتْ ـ خَمُصَ بَطْنُها* ابن دريد* خَضَبَ واخْضَوْضَب وقد تقدّم عامة ذلك فى النبات الذى ليس بشجر* أبو حنيفة* فاذا انْشَقَّتْ تلك العيونُ وبَدَتْ أطرافُ الوَرَق قيل انْضَرَجَتْ وانْفَصَدَتْ وأَفْصَدَت وفَقَّحَت وتَفَطَّرت وفَطَرَ الشجرُ يَفْطُرُ فَطْرًا وفُطُورًا وبَصَّصَ كلُّ ذلك اذا تَفَتَّحَ للِايراق ونَضَحَ نَضْحًا مثلُه وأنشد

بُورِكَ المَيِّتُ الغَرِيبُ كما بُو

رِكَ نَضْحُ الرُّمَّانِ والزَّيْتُونُ (١)

فاذا ظهر الورقُ تامًّا قيل ـ أَوْرَقَتِ الشجرةُ ووَرَّقَتْ ووَرَقَتْ وُرُوقًا* قال* وقال أبو نصر لا أعرف وَرَقَتِ الشجرُ فى معنى أَوْرَقَتْ ويقال للوقت الذى يُورِق فيه الشجر هذا وقتُ الوِرَاق ذُهِب به مَذْهَبَ الجِدَاد والكِنَاز وقد تقدّم ذكر الوَرَاق بالفتح* السكرى* ورق شَحْو ـ واسع وكذلك ثَجْرٌ* ابن دريد* كلُّ ما عَرَّضْتَه فقد ثَجَّرْتَه* ابن الاعرابى* مَأَى الشجرُ ـ اذا طَلَع وَرَقُه* أبو زيد* الحالُ ـ الوَرَقُ* أبو حنيفة* أَعْبَلَ الشجرُ ـ طلَع وَرَقُه وليس يقال للوَرَقِ المنبسطِ عَبَلٌ انما العَبَلُ ـ ما تَفَتَّل ودَقَّ مثل الهَدَب وقيل الاعْبال فى الأَرْطَى خاصّة الايراقُ وقيل إعْبالُ الارْطَى ـ أن يَغْلُظَ هَدَبُه فى الصيف ويَحْمَرَّ ويَصْلُح أن يُدْبَغ به* أبو عبيد* العَبَلُ ـ كلُّ وَرَقٍ مفتول كوَرَق الارْطَى والاثْل والطَّرْفاء وأشباه ذلك والسِّنْفُ ـ الورَقَةُ وأنشد

* تَقَلْقُل سِنْفِ المَرْخِ فى جَعْبةٍ صِفْر*

وقد أَسْنَفَ الشجرُ ـ طَلَع وَرَقُه* غيره* سَنَّفَ مثل ذلك* أبو حنيفة* فاذا نبتت له بعد الايراق أغصانٌ رَطْبة دِقَاق ناعمة فقد أَخْوَصَ الشجرُ وتلك الأفنان ـ خُوصَةٌ والجمع خُوصٌ وتلك الخُوصةُ ـ مَشْرَةٌ وقد أَمْشَرَ الشجرُ

__________________

(١) قلت نون الزيتون مرفوعة ولا تعويل على ما وقع فى أصل المخصص هنا وفى لسان العرب من ضبطها بكسرة فانه خطأ لان الزيتون معطوف على نضح الرمان لا على الرمان والقوا فى كلها مرفوعة والبيت من قصيدة لابى طالب ابن عبد المطلب يرثى بها نديمه وابن عمه مسافر بن أبى عمرو ابن أمية بن عبد شمس أحد أزواد الركب الثلاثة من قريش وأوّل القصيدة وهو من شواهد سيبويه وغيره ليت شعري مسافر ابن ابي عم رووليت يقولها المحزون اي تشىء دهاك أو غاالم مرآ لؤهل أقدمت عليك المنون بورك الميت الغريب كابوة رك نضح الرمان والزيتون ميت صدقء لي تبالة أمسيت ومن دون ملتقاك اللحون ـ

٢١٧

ـ ظهرتْ مَشْرَتْه وحينئذ تَرَى الشجرَ قد اسْتَدَّت خَصَاصُهُ وخَفِيَتْ عِيدانُه القديمة وأنشد

لها تَفِرَاتٌ تَحْتَها وقَصَارُها

الى مَشْرَةٍ لم تعْتَلقْ بالمحَاجِن

واذا كان النباتُ قَصِيرا زَمِرًا فهو ـ تَفِرٌ وقَصَارُها منتهاها الى شجرٍ فوق أعالى الجبال قد أَمْشَرَ ولم تعتلق مَشْرتها بمَحَاجِن الرِّعاء التى يَهْتَصِرون بها الأَفْنان يعنى أن الرِّعاء لا يَبْلُغُون مواضَع هذا الشجرِ لارتفاعه .... (١) وقد قصد وأنشد

ولا تَسْفَعَاها بالحِبال وتَحْمِيَا

علَيْها ظَلِيلَاتٍ يرِفُّ قَصِيدُها

وذلك أَغَضُّ ما تكون الشجرةُ وأَنْعَمُه وحينئذ يقال تَلَفَّع الشجرُ ـ اذا تَجَلَّلَ الخُضْرةَ ويقال لتلك المَشْرة التى خَلَفَت القَصَدُ والواحدة قَصَدة واذا ظَهَرت الخُوصة فوق الشجر قيل طَفَتْ طُفُوًّا ويقال للشجرة حينئذ قد نَدَرَتْ وذلك حين يَسْتَمْكِن المالُ منها من حيث أتاها واذا تلوّنت المَشْرة بِلَوْنِها واشتدّت فصارت قُضْبانا ودَخَل بعضُها فى بعض قيل وَشَجَتْ وُشُوجا واسْتَكَّتْ* قال* والغُصْن اذا كان كذلك له شُعَبٌ صغار قد الْتَبَس بعضُها ببعض فهو غصن مَرِيجٌ ومنه قوله جَلَّ اسمُه (فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ) * قال أبو زيد* أَشْطَأَت الشجرةُ بغصونها ـ أَخْرَجَتْها* أبو حنيفة* واذا بَدَأ الشجرُ يُورِق فكان صِنْفَيْن صنفا قد أَوْرَق وصِنْفًا لم يُورِق قيل ـ صَنَّفَ الشجرُ وكذلك فى الاثمار والجُفُوف قال الشاعر ووَصَفَ نساءً حادَثَهُنَ

حَدِيثًا لَوَانَّ الارضَ تُولَى بِمِثْلِهِ

نَمَا البَقْلُ واهْتَزَّ العِضَاهُ المُصَنِّفُ

* قال* واذا صَنَّفَتِ العِضَاهُ حَبَلَ الحابِلُ يعنى نَصَبَ حِبالَتَه ولا يقال احْتَبَل انما الاحْتِبَالُ أن يَقَع الصَّيْدُ فى حِبَاله ويقال لجميع النبات الاخْضَر ـ الخُضْرة اسمٌ اشْتُقَّ له من النعت وأنشد

اذا شَكَوْنَا سَنَةً حَسُوسا

تَأْكُلُ بَعْدَ الخُضْرةِ اليَبِيسا

والخُضْرة لا تُؤْكَل الا أن يراد بها الاخْضر وتُجْمع الخُضْرةُ الخُضَر والأَخْضارُ يراد بها الخَضْرَاواتُ وأنشد

__________________

ـ مدره يدفع الخصوم بأيد وبوجه يزينه العرنين كنت لي عدّة وفوقك لافو في فقد صرت ليس دونك دون

(١) بياض بالأصل كنت مولى وصاحبا صادق الخبرة حقا وخله لا تخون أنا حاميك مثل أبائي الزهر لآبائك التي لا تهون كان منك اليقين ليس بشاف كيف اذا رجمتك عندي الظنون كم خليل بزينه وابن عم وحميم قضت عليه المنون فعليك السلام منى كثيرا أنفذت ماءها عليك الشؤون فتعزيت بالتأسى وبالصبر وإني بصاحبي لضنين وكتبه محقق محمد محود لطف الله تعالى به آمین

٢١٨

* بصُلْبِ رَهْبَى يَخْبِطُ الأَخْضارا*

* قال على* ليس الاخْضار جمع خُضْرة انما هو جمع خَضِر لان فُعْلة لا تُكَسَّر على أفعال وقد يجوز أن يكون جَمْعَ خُضْر الذى هو جمع أَخْضَر وخَضْراء والوجهُ ما قَدَّمْتُه لان جمع الجمع ليس بمقيس ويقال شَجَرٌ يَخْضُور وهو أيضا الخَضِير والغَضِير وقد اخْضَرَّ واغْضَرَّ وتَغَضَّر* وقال مرة* الخَضِرَةُ ـ كل خَضْراء وجَمْعُها خَضِر* قال* واذا كان فى دُبُر القيظ وبرد الليل فتجدد للشجر خِطَرَةٌ رَطْبة كمَشْرة الرَّبِيع ووَرَقٌ رَطْبٌ قيل ـ أَخْلَفَ الشجرُ وتَرَبَّل وأَرْبَل وتَرَوَّح ورَاحَ يَراحُ* قال* وليس من شجرة حَيَّة العِرْقِ فى الصَّفَرِيَّة إلا يَخْرجُ فيها نَبْتٌ وقد يكون مع النَّبْت ثَمَرٌ يُسَمَّى ذلك الثَّمر ـ الخِلْفَةَ وقد تقدم عامَّةُ ذلك فى الرِّيحة من عامَّة النبات* قال* فان كان الشجر مما يُزْهِى ويُثْمِر فانه يقال له اذا بَدَت بَرَاعِيمُ نَوْرِه قبل أن يَتَضَرَّج قد أَقْنَبَ الشجرُ ـ أى ظهرت أَكِمَّةُ نَوْرِه وبَرْعَمَ وهى البَرَاعِيمُ الواحد بُرْعُومٌ وبُرْعُومة* أبو عبيد* البُرْعُومُ ـ زَهْرَةُ الشجرة ونَوْرُ النَّبْتِ قبل أن يَتَفَتَّح* أبو حنيفة* قَنْبَعَ الشجرُ ـ مثل بَرْعَمَ وهى القُنْبُعة ومِثْلُه قَمْعَلَ وهى القَمَاعِيل وكَمَّمَ وهى الأَكَامِيمُ واحدُها كِمَامٌ ثم أَكِمَّةٌ ثم أَكَامِيمُ وأنشد

* وانْضَرَجَتْ عنْهُ الأَكَامِيمُ*

* أبو حنيفة* هى لَفَائِفُ نَوْرِ النبات وخَرَائطُه وظُرُوفُه وأَخْفِيَتُه وأَخْبِيَتُه كلُّ ذلك مَقُولٌ فاذا انْشَقَّتْ بَرَاعِيمُه وتَفَقَّأَت أَكْمامُه وظهَر النَّوْر قيل انْضَرَجَتْ قَنَابِعُه وفَقَأَ يَفْقَأ فَقْأً وفُقُوءاً وتَفَقَّأَ* وقال* فَقَّحَ الشجرُ ونَوْرُه ذلك فُقَّاحُه وزَهَرُهُ وزَهْوُهُ وقد أَزْهَى وزَهَى يَزْهَى زَهاءً وقد تقدم فى النبات الذى ليس بشجر والفَغْوُ ـ زَهْرةُ كلِّ نَبْتٍ طَيِّب الريح وقد أَفْغَى ومنه فاغِيةُ الحِنَّاء وهى نَوْرُه ويقال نَوَّرَ الشجرُ وهو النَّوْرُ والنُّوَّار ـ جِماعُ النَّوْرِ أَبْيَضِه وأصفرِه وأخضرِه وأحمرِه وأنشد

بِمُسْتَأْسِدِ القُرْيانِ حُوٍّ تِلَاعُه

فَنُوَّارُهُ مِيلٌ الى الشمس زَاهِرَه

وأنشد أيضا

٢١٩

حَمَتْها رِمَاحُ الحَرْبِ حتَّى تَهَوَّلَتْ

بِزَاهرِ نَوْرٍ مِثْلِ وَشْىِ النَّمَارق

والوَشْىُ من كلِّ لون وأنشد

ومَجْهلٍ جادَهُ الوَسْمِىُّ يَمْنَحُه

حَفْلَ الغُيُوتِ وتَاراتٍ مِنَ الدِّيَمِ

حتَّى تَعَاهَدَ مُسْتَكٌّ له زَهَرٌ

من التَّنَاوِير شَكْل العِهْن فى اللُّؤَم

فجعل النَّوْرَ من كل لون* ابن جنى* أَنَارت الشجرة ـ طَلَع نَوْرُها ومثله فى النخل صفر وسيأتى ذكره* أبو حنيفة* أَزْهَرَ النَّوْرُ وزَهَر يَزْهَر زُهُورا وذاك اذا نَصَع لَوْنُه وظهرت بَهْجَتُه وزَهْرتُه* وقال مرة* زَهَرَ ـ اذا حَسُنَ حين يُنَوِّر* قال* وزعم بعض أهل العلم أن الزَّهَرَ اسمٌ لما كان من النَّوْر أبيض فقط ذَهَب الى أن الزُّهْرة البياض وأن الابيض يقال له أَزْهر وليس هذا كما ذَهَب اليه ولكنَّه من قولهم لكل مُشْرِقٍ مُنِير زاهرٌ وان لم يكن أبيض ومنه زَهْرةُ الدنيا انما هى حُسْنُها وبهجتها ولو كان كما ذهب اليه ما كانت زَهْرة الدنيا الا ما كان منها أبيض ويقال للمَسْرُور مُزْدَهِر لاشراق وجهه كما يقال للكثيب كاسِفٌ ومن هذا قيل للمَزَاهِر مَزَاهِر لانها تُورِثُ السُّرور والنار تَزْهَر وان كانت حمراء قال الاسود ووَصَفَ نباتا

قَفْر حَمَتْهُ الخَيْلُ حتَّى كأَنْ

زاهِره أُغْشِىَ بالزَّرْنَبِ

ولو لم يكن الا الأبيض لَمَا قال أُغْشِىَ بالزَّرْنَب وهو الأصفر من كل شئ وللاشراق والانارة والبَهْجة قيل للزَّهَر زَهَرٌ كما قيل له صَبَحٌ وفى صَبَح النَّوْرِ يقول عَدِىّ

وَذِى تَنَاوِيرَ مَمْعُونٍ له صَبَحٌ

يَغْذُو أَوَابِدَ قد أَفْلَيْنَ أَمْهارا

المَمْعُون ـ المَمْطُور أُخِذ من المَعْن والماعونُ كل ما انْتَفَعْتَ به وقد تقدّم تعليل هذه الكلمة* قال* وصَبَحُهُ ـ بهجته وإشراقه فالنَّوْرُ بَيِّنُ الصَّبَحِ والوَجْهُ بَيِّنُ الصَّباحة والصُّبْح والصَّبَاحُ أيضا من هذا* قال* والحَنُّونُ ـ نَوْرُ كل شجرة ونَبْتٍ وقد حَنَّنَ الشجرُ والعُشْبُ ـ اذا نَوَّر وأنشد فى وصف تزيين الهوادج للظعن

فَلَمَّا تَعَاطَيْنَ الازِمَّةَ أَقْبلَتْ

بأَعْناقِها نَحْوَ الْأَزِمَّة تَرْسُف

فَعَلَّيْنَهُنَّ الرَّقْمَ حتَّى كأَنَّما

عَلَيْهِنَّ حَنُّونُ الجَرازِ المُزَخْرَف

٢٢٠