المخصّص - ج ٩

أبي الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي [ ابن سيده ]

المخصّص - ج ٩

المؤلف:

أبي الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي [ ابن سيده ]


الموضوع : اللغة والبلاغة
المطبعة: المطبعة الاميرية
الطبعة: ١
الصفحات: ١٨٠

١

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

كتاب الأنواء

بابُ ذكرِ السماءِ والفَلَك

* أبو حنيفة* السماءُ تذكر وتؤنث والتأنيث أكثر وقد تلحق فيها الهاء فتُمَدُّ وتُقْصر وهذا الاسم يَقُع لما عَلَاك فأَظَلَّك ولذلك قيل سَماءُ البيتِ وسَماوَتُه وجمعُه السماءُ والسَّمَاوُ (١) وأنشد

وأَقْصَمَ سَيارٍ مَعَ الحَىّ لم يَدَعْ (٢)

تَرَاوُحُ حافاتِ السَّماوِ له صَدْرا

يعنى بالاقصم الخِلَالَ الذى تَحُلُّ به الأعرابُ مواضعَ الفُتوقِ فى أبنيتهم وجعَلَه أقْصَمَ لانكسار فمه من طُولِ اعْتمالِه* قال سيبويه* سَماءٌ وسَماواتٌ لا يُعْنَى بذلك المطر اسْتَغْنَوْا بالتاء عن التكسير كما كان ذلك فى العِيرِ حين قالوا عِيَراتٌ

__________________

(١) قوله وجمعه السماء والسماو قال في اللسان وحكى الأخيرة الكسائي غير معلة وأنشد البيت لذي الرمة ثم قال هكذا أنشده بتصحيح الواو اه مصححه

(٢) قلت ليس أقصم مرفوعا مضافا الى سيار كما ظن والصواب أنه مخفوض معطوف على مخفوض فى أوائل أحجية العرب قصيدة ذى الرمة المشهورة وسيار وصف لاقصم وبين المعطوف والمعطوف عليه نحو خمسة وأربعين بيتا والمعطوف عليه هو قوله وأرض فلاة تسحل الريح متنها كساها سواد الليل أردية خضرا الخ وكتبه محققه محمد محمود لطف الله تعالى به آمين

٢

وقد تقدم تعليله* قال على* قوله استغنوا بالتاء فى سموات عن التكسير انما عَنَى به التكسير الذى لأدنى العدد والا فقد حكى هو وغيره سُمِيًّا واستثناؤه التى للمطر انما حمله عليه أنه ذكر جمع المؤنث الذى على أكثر من ثلاثة أحرف وهو الذى يجمع بالالف والتاء وأما سماء المطر فمذكر ولو عَنَى به المطَر لجَعَله من باب سُرادقٍ وسُرادِقاتٍ فَتَفْهمْهُ* الفارسى* فاما ما أنشده من قوله

* سَماءُ الالهِ فوقَ سَبْعِ سَمائيا*

فانه جاء خارجا عن الاصل الذى عليه الاستعمال من ثلاثة أوجه أحدها أنه جَمَعَ سَماءً على فَعائِلَ حيث كان واحدا مؤنثا فكأن الشاعر شبهه بشَمالٍ وشَمَائِلَ وعَجُوز وعَجائز ونحوِ هذه الابنية المؤنثة التى كُسّرَتْ على فَعائل والجمعُ المستعمل فيه فُعُولٌ دون فَعائل كما قالوا عَناقٌ وعُنُوقٌ قال

* كَنَهْوَرٌ كانَ منَ أعْقابِ السُّمِى*

فَجَمَعَه على فُعُول اذا كان مثلَ عَناق فى التأنيث وقد قالوا فى جمعها عُنُوق الا أنه خفف للقافية كما خفف فى قوله

* حَيْدةُ خالِى ولَقِيطٌ وعَلِى*

وكما خفف من سُر وضُر فان قلت ما تُنْكِرُ أن يكون السُّمِى فُعُلاً كفَذالٍ وقُدُلٍ ولا يكونُ فُعُولا فانا نَمْنَعُ من ذلك ألا ترى أن هذا الضرب من المعتل لم يُجْمع على فُعُلٍ لِمَا كان يَلزَمُ من القلب ولأنا قَدْ وجَدْنا نظيره من المؤنث جُمِعَ على فُعول ولم نَرَ هذا النحوَ جمع على فُعُل* وقد حكى سيبويه فى موضع* ثُنْىٌ على فُعْلٍ فأما فُعُل فلم يجئ فى موضع وليس عندى بالقَوِىِّ فى القياس ألا تَرى أن الحركةَ منوبةٌ الا أنه يشهد له عندى ما حكاه من قول بعضهم رَضْيُوا ألا ترى أنه أُجْرِىَ مُجْرى ما السكونُ لازمٌ له وحكى بعضُ مشايخنا فى جمع السماء الذى هو مطر أَسْمِيَةٌ وقال هو مذكر ولذلك جُمِعَ على أفْعِلة* قال الفارسى* أنا أقول تذكيرهم لهذا يدل عندى على أنهم سَمَّوُا المطَر سماءً لارتفاعه لا أنهم سَمَّوْه سماءً لنزوله من السماء كنحو تسميتهم المرأةَ ظَعِينةً والمَزادةَ راوِيةً ألا ترى أنه لو سُمِّىَ على هذا الحَدِّ سَماءً لَبَقِىَ على تأنيثه ولم يُذَكَّرْ فتذكيره يدل على أنه اسم آخَرُ فليس منقولا من التى هى خلافُ الأرض

٣

وكذلك القولُ عندى فى تسميتهم لسقفِ البيتِ سَماءً هو من أجْل ارتفاعه وليس المؤنثُ بذلك على هذا ما أنْشَدَناه أبو بكر

اذا كوكبُ الخِرْقاءِ لاحَ بسُحْرةٍ

سُهَيْلٌ أذاعَتْ غَزْلَها فى القَرائِب

وقالتْ سَماءُ البيتِ فَوْقَك مُنْهِجٌ

ولَمَّا نُيَسِّرُ أحْبُلاً للرَّكائِبِ

فقال مُنْهِجٌ فعلى الاغلب الاكثر نحمله لا على النسب ولا على التذكير للحمل على المعنى نحو قوله

* ثلاثُ شُخُوصٍ كاعِبانِ ومُعْصِرٌ*

وان كان ذلك غير ممتنع فى الشعر فأما قول الشاعر

* تَلُفُّه الرِّياحُ والسُّمِى*

فهذا عندى على أنه سَمَّى المطرَ سَماءً لنزوله من السَماء كما يُسمَّى الفِناءُ عَذِرةً ونحو ذلك يدلك على هذا أنه جُمِعَ على فُعُول كعِنَاقٍ وعُنوقٍ ولم يأتِ به على أفْعِلة فهذا كتسميتهم قضاءَ الحاجةَ عَذِرة وأصلُ هذا الباب فى اللغة الارتفاعُ ومنه الاسْمُ واللام محذوفة أنشدنا أبو بكر

سَمَا لَلبُونِ الحارِثِىّ سَمَيْدَعٌ

اذا لم يَنَلْ فى أوَّلِ الغَزْوِ عَقْبَا

هذا جمعُها المستعملُ وجاء به هذا الشاعر فى سمائيا على غير المستعمل والآخر أنه قال سمائيا وكان القياس الذى عليه الاستعمال سَمايا فجاء به الشاعر لَمَّا اضْطُرَّ على القياس المتروك فقال سَمائِىَ وسَأُثْبِتُ ما تَقِفُ منه على هذين الاصلين* اعلم أن سَماءً فَعالٌ الهمزة فيها لام منقلبة عن واو فاذا جمعته مُكَسِّرا على فَعائل وجب فى القياس المتروك استعمالُه أن تقولَ سَمائِىَ كما أنك لو جمعتَ مثلَه فى الصحيح نحو سَحاب لقلتَ سَحَائِبَ فأبدلتَ من الألف الزائدة فى فَعَال همزة لانها وقعت بعد ألف الجمع وألفُ الجمع ساكنةٌ وألفُ فَعالٍ أيضا ساكنة واذا اجتمع ساكنان فلا يخلو من أن يُحْذف أحدُهما أو يحرّك فحذفُ الساكن الاوّل هنا لا يجوز لأنه دليل الجمع ولو حذفت الثانيةَ لا لتقاء الساكين لم يجز أيضا لان الجمع كان يلتبس بالواحد واذا لم يجز حذف واحد من الساكنين وجب أن يُحَرَّك أحدُهما ولا يخلو من أن يكون الاوّلَ أو الثانىَ فالاوّل لا يجوز تحريكه لانه لو حُرِّك لبطلتْ دلالتُه على الجمع

٤

فحرّك الساكن الثانى وانقلب همزة لانه كان ألفا والألفُ اذا حُرِّكَتْ انقلبتْ همزةً وأما واو عجوز وياءُ صحيفة فمشبهان بهذه الألف لانهما يُقْلبانِ فى الجمع همزة فالألف فى سماء يجب أن تُقْلب همزةً فى الجمع كما قلبت التى فى سَحاب فى الجمع فاذا قلبت همزة صارت سَمَائِىَ على وزن سحائبَ فوقعت فى الطَّرَف ياءٌ مكسورٌ ما قبلها فيلزم أن تقلب ألفا اذ قلبت فيما ليس قبله حرفُ اعتلالٍ فى هذا الجمع وذلك قولُهم مَدارَى وحروف الاعتلال فى مَطَائِىَ وسَمَائِىَ أَكثر منها فى مَدَارى فلما قلبت فى مَدَارى وجب أن يَلْزَم هذا الضربَ القلبُ فيقال مَطَاءا وسَمَاءا فتقع الهمزة بين ألفين وهى قريبة من الألف فتجتمع حروفٌ متشابهةٌ يُسْتَثْقَلُ اجتماعُهنَّ كما اسْتُثقل اجتماعُ المثلين والمُتَقَارِبَىِ المَخارج فأدغما وأبدلت من الهمزة ياءٌ فصارا سَمايا ومَطَايا وهذه الأبْدالُ انما تكون فى الهمزة اذا كانت مُعْتَرِضةً فى الجمعِ مِثْلِ جمع سَماءٍ ومَطِيَّةٍ ورَكِيَّةٍ ألا ترى أنه لا همز فى واحدٍ من هذه الاسماء ولو كانت الهمزة فى الواحد ثابتة لم تبدل ألا ترى أنك اذا جمعتَ جائيةً لم تَقُلْ الّا جَواءا ولا تقُلْ جَوايا لأن الهمزة ثابتة فى الواحد وهذا البيت يدل على صحة قول النحويين ان الأصل فى مَطايا وبابه أن يكون مطاءا بالهمز وأن الابدال فى التقدير يكون من الهمزة ألا ترى أن الشاعر أخرج ذلك فى الضرورة ورَدّ الكلامَ اليه حيث اضْطُرَّ لِمَا كان الأصلَ كما تُرَدُّ الاشياءُ الى أصولها نحو اظهار التضعيف وصرف ما لا ينصرف وتحريك حرف العلة الذى لزمه السكونُ فلو لا أن الأصلَ فى هذا الباب أيضا الهمزةُ ثم يَقَعُ الابدالُ عنها لَم يَرُدَّه اليه فى الضرورة ولم تُبْدل من هذه الهمزة الواو لانها اختصت بالبدل مما ظهرت فيه الواو التى هى لامٌ مما جاء مبنيا على التأنيث نحو إداوةٍ وأَداوَى فهذه الواوُ فى أَداوى وما أشبهه عِوَضٌ من الهمزة الواقعة بعد ألف الجمع كما أن الياءَ بدلٌ من الهمزة الواقعة بعدها فى نحو مَطايا فكان حُكْمُ سماءٍ اذا جُمِعَ مُكَسَّرا على فَعائل أن يكون كما ذكرنا من نحو مَطَايا وَرَكَايا لكنَّ هذا القائلَ جَعَله بمنزلة ما لامُه صحيحةٌ وثَبَتَتْ قبله فى الجمع الهمزةُ فقال سَمَاءٍ كما يقال جَوَارٍ فهذا وجهٌ آخرُ من الاخراج عن الاصلِ المستعمل والرَّدِّ الى القياس المتروكِ الاستعمالِ ثم حَرَّكَ الياءَ بالفتح فى موضع الجر كما يحرك من جَوارٍ وموالٍ فصار سَمَائِىَ مثل مَوْلَى مَوَالِيا فهذا وجه ثالث من الاخراج عن الأصل

٥

المستعمل وانما هذا شئ عَرَضَ* ثمَّ نعود الى ذكر أسماء السماء* أبو حنيفة* الفَلَكُ ـ مَدارُ النجوم الذى يَضُمُّها وهو فى اللغة اسمٌ يقع للاسْتِدارة ومنه قيل للنَّجَفِ من الأرضِ فَلَكٌ ومنه فَلَّكَ ثَدْىُ الجاريةِ عند استدارة أصله قَبلَ النُّهودِ وليس قولُ من قال الفَلَكُ هو القُطْبُ بشئٍ لان القُطْبُ لا يزول كما لا يزولُ قُطْبُ الرَّحَى والفَلَكُ دَوَّارٌ يَدُورُ بِدَوْرِهِ كُلُّ ما فيه* الفارسى* وفَلَكُ الرَّوْض ـ مُعْظَمُه وما اسْتدارَ منه كَثْرةً والْتِفاقاً* قال وقال بعض العرب* رَعَيْنا فَلَكَ بِطَاحِ بَنِى فُلانٍ ـ يَعْنُونَ مُعْظَمَ الرَّوْضَ* صاحب العين* والجمعُ أفْلاكٌ* أبو حنيفة* ويقال للسَّمَاءِ الجَرْ ياءُ من أجْلِ كَواكِبها تَشْبيها بما يَثُورُ فى جِلْدِ الجَرْباء وأنشد الفارسى

أرَتْهُ مِنَ الجَرْباءِ فى كُلِّ مَوْطِنٍ

طِباباً فَمشْواهُ النهارَ المَراكِدُ

هذا يَصِفُ قُنَّاصاً ألْجأتِ الحمارَ الى أن يَدْخُلَ فى مُنْهبِط من الارض مُسْتَطِيلٍ فهو لا يَرَى من السماءِ الا رُقْعةً مُسْتطيلةً على حسب الطُّرَّة المَخْرُوزِة على العِرَاقِ من القِرْبة وهى التى يقال لها الطُّبَّةُ* قال* فان قلتَ ما وجهُ تسميتهم السماءَ الجَرْباءَ والاجْرَبُ خلافُ الأمْلَسِ وقد قال أُمَيَّةُ بنُ أبى الصَّلْتِ

وكأنَّ بِرْقِعَ والمَلائِكَ حَوْلَها

سَدِرٌ تَواكَلَهُ القَوائِمُ أجْرَدُ

سَدِرٌ ـ بَحْرٌ وبِرْقِعُ ـ اسم من أسماءِ السماءِ* وقال فى التذكرة* بِرْقِعٌ اسم السماء السابعة وأجْرَدُ صفةٌ للبحر المُشَبَّهةِ به السماءُ وكانه وَصَفَ البحرَ بالجَرَد لانه قد لا يكون كذلك اذا تَمَوَّجَ قيل لا يمتنع وصفُ السماء بالجَرَد وان كان من أسمائها الجَرْباءُ والجَرِبَةُ لانهم قد وَصَفُوها بما معناه المَلاسةُ قال ذو الرمة فى نحو ذلك

وَدَوِّيَّةِ مِثْلِ السماءِ اعْتَسَفْتُها

وقَدْ صَبَغَ اللَّيْلُ الحَصَى بسَوادِ

فهذا يُرِيدُ امْلِسَاسَهَا كما قال

ودَوِّ ككَفِّ المُشْتَرِى غَيْرَ أنَّه

بِساطٌ لأخْماسِ المَراسِلِ واسِعُ

وكما أنَّ قولَ الآخر

٦

* بَلْ جَوْزِ تَيْهاءَ كَظَهْرِ الحَجَفَتْ*

وقول الآخر

* ظَهْراهُما مِثْلُ ظُهورِ التُّرْسَيْن*

انما يريد به الاستواءَ والانْبِساطَ وأنه عَراءٌ لا خَمَرَ فيه ولا بُنْيانَ ولا جَبَلَ* وقيل* الجَرْباءُ من السماءِ ـ الناحيةُ التى يَدُورُ فيها فَلَكُ الشمسِ والقمرِ* الفارسى* ومِثْلُ تَسْمِيَتِهِم إياها بالجَرْباءِ تَسْمِيَتُهم إياها بالرَّقِيعِ* قال ابن الأعرابى* سَمَّوْها الرَّقِيعَ لانها مَرْقُوعةٌ بالنجوم* أبو حنيفة* الرَّقِيعُ اسمٌ لها عَلَمٌ وجَمْعُها أرْقِعةٌ وقيل الرَّقِيعُ السماءُ الدُّنْيا مُذَكر وقيل كلُّ واحدةٍ من السَّمواتِ رَقِيعٌ للُاخْرَى وفى الحديث «لقد حَكَمْتُ بحُكْمِ اللهِ من فَوْق سبعةِ أرْقِعةٍ» على التذكير ذَهَبَ الى السَّقْفِ* قال أبو على* وكان أُمَيَّةُ يُسَمّيها حاقُورة وصاقُورة وكان يقول

* هو السَّلِيطَطُ فَوْقَ الأرضِ مُقْتَدِرٌ* (١)

ويروى السِّلِيطَطُ فمرة يَعْنِى بالسليطط اللهَ تعالى ومرة يَعْنى به الفَلَكَ* أبو حنيفة* وهى الخَضْراءُ للَونِها اسمٌ واقعٌ كالغَبْراء وهى الخَلْقاء لالْتِئامِها* قطرب* سميتْ خَلْقاءَ لَملاسَتِها* ابن الأعرابى* اخلَوْلَقَ السحاب ـ اسْتَوَى من ذلك كانه مُلِّسَ تَمْلِيسًا* الفارسى*

تَنَسَّكَ قَيْسُ بنُ نُشْبةَ فى الجاهليةِ وكان مُنجما مُتَفَلْسِفًا واعدًا بمبعث النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلما بُعِثَ النبى عليه‌السلام أتاه فقال له يا محمدٌ ما كَحْلُة فقال السماءُ قال وما مَحْلَةُ فقال الأرضُ فآمَنَ به وقال لا يَعْرِفُ هذا الا نَبِىُّ فقال قيسٌ فى ذلك

تابَعْتُ دِينَ مُحمدٍ ورَضِيتُه

كُلَّ الرِّضا لامانتى ولِدِينِى

ما زِلْتُ آمُلُهُ وأرْقُبُ وَقْتَهُ

واللهُ قَدَّرَ أنه يَهْدِينِى

أعْنِى ابنَ آمنةَ الأمِينَ ومَن بِه

أرْجُو التَّخَلُّصَ من عَذابِ الهُونِ

فكان قومُ قيسٍ اذا وَرَدُوا على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لهم كيف حَبْرُكُم * وقال* العَلْياءُ ـ السماءُ اسمٌ لا صفة ولذلك لم تصح واوها اشعارا بالاسم* صاحب العين* وعِلِّيُّونَ ـ جماعةُ عِلِّىٍّ وهو فى السماء السابعةِ

__________________

(١) قوله هو السليطط الخ أنشده في اللسان وصدره ان الانام رعايا الله كلهم اه

٧

اليه يُصْعَدُ بأرواح المؤمنين وهى الغُرْفةُ* أبو حنيفة* كَبِدُ السماءِ وَسَطُها وكذلك كُبِيْداؤُها وكُبَيْداتُها* صاحب العين* وتَكَبَّدَتِ الشمسُ السماءَ صارت فى كَبِدِها* أبو حنيفة* وعَيْنُها ما بينَ الدَّبُور والجَنُوبِ عن يمينِك اذا استقبلتَ القبلةَ قليلاً وقيل العَيْنُ عن يمين قبلةِ العِراقِ* وقال بعضهم* مُطِرْنا بالعَيْنِ ومن العينِ اذا كان السحابُ يَنْشَأُ من ناحيةِ القبلةِ وفى السماء مَجَرَّتُها ـ سميتْ بذلك على التشبيه لانها كأنها أثَرُ المَسْحَبِ والمَجَرِّ ويقال لها أيضا أمُّ النُّجوم ـ لانه ليس فى السماء بُقْعةٌ أكثرُ عَدَدِ كَواكبَ منها كما قيل أُمُّ الطَّرِيقِ لِمُعْظِمِها وقولُهم فيها أُمُّ النُّجوم كقولهم فى السماء جرْبةُ النجومِ* ابن دريد* أمُّ النجومِ. السماءُ* أبو حنيفة* ويقال للمَجَرَّة أيضا شَرَجُ السماءِ ـ أى مَجْمَعُها كَشَرجِ القُبَّةِ والهَواءُ ممدودٌ ـ الفَتْقُ الذى بين السماء والارض فى كُلِ وَجْهٍ والجمعُ أهْوِيةٌ وقد تقدم أنَّ كُلَّ فارغ هَواءٌ* صاحب العين* الخَافِقَانِ ـ قُطْرا الهَواءِ* أبو حنيفة* وهو السُّكَاكُ والسُّكَاكةُ* قال ابن جنى* هو من باب السَّلْبِ وذلك أن تصريف س ك ك فى كلام العرب انما هو للضَّيِّقِ من ذلك قولُهم بِئْرُ سُكُّ ـ أى ضَيِّقةٌ وعليه رواية من رَوَى

* وَمَسَكِ سابغةٍ هَتَكْتُ فُروجَها*

يُريدُ ضِيقَ حِلَقِ الدِّرْع وكذلك قوله

* وتِلْكَ التى تَسْتَكُّ منها المَسامعُ*

أى تَضِيقُ فلا تَسْمَعُ شيأ فأَما السُّكاكُ فَبِضِدّ هذا المعنى وذلك أن ما بين السماء والارض أوسعُ شئٍ فكانه سُلبَ الضِّيقَ الذى يكون فيما يُجاورُ غَيْره من الاجسام الكثيفة* أبو حنيفة* اللُّوحُ والشَّجَاجُ كالسُّكَاكِ* ابن دريد* وهو الخَوَاءُ وكلُّ هَواءٍ بين شَيْئين خَوَاءٌ* صاحب العين* الجَوُّ ـ الهَوَاءُ والجمعُ جِوَاءٌ* ابن دريد* وهو السُّمَّهَى والايَاد والكَبْدُ والكَبدُ والشَّجَجُ والشَّجَاجُ وقيل الشَّجَجُ ـ نَجْمٌ من نجوم السماء* أبو حنيفة* آفاقُ السماءِ ما انْتَهى اليه البَصَرُ منها مع وجهِ الأرِض من جميع نواحيها وهو الحَدُّ بين ما بَطَن من الفَلَكِ وظَهَر

٨

وآفاقُ الارضِ ـ أطرافُها من حيث أحاطت بك وأعْنانُ السماء ـ نَواحيها وعنَانُها ما عَنَّ لك منها اذا نَظَرْتَ اليها ويقال عنَانُ السماءِ كَبِدُها* صاحب العين* أسْبابُ السماءِ أعالِيها ونَواحِيها وأنشد

لَئِنْ كنتَ فى جُبّ ثَمانينَ قامةً

ورُقّيتَ أسبابَ السماءِ بِسُلَّمِ

أسماءُ المنازل وصفاتُها

* قال أبو حنيفة* المَنازلُ ثمانيةٌ وعشرون مَنْزِلاً وتسمى نُجوما وان كان منها ما هو كَوْكبٌ واحد وكانَ منها ما هو أكْثَرُ وقد قيل للثُّرَيَّا النَّجْم جُعل اسْماً لها عَلَمًا وهى سِتَّةُ كَواكِبَ وقد يَقَعُ النجم على واحدٍ وعلى جماعةٍ وأما الكَوْكَبُ فلا يقعُ إلا على واحد* الفارسى* انما سَمَّوُا الثريا النجمَ على حَدِّ تسميتهم المنظومَ شِعْراً والمَنْدَلَ عُودًا وعلْمَ السُّنَّةِ فِقْهًا* قال سيبويه* هذا بابٌ يكون فيه الشئُ غالبا عليه اسمٌ يكونُ لكلِّ مَنْ كان من أُمَّته أو كان فى صِفَتِه من الاسماءِ التى تدخلها الألفُ واللامُ وتكون نَكرتهُ الجامعةَ لما ذكرتُ من المعانى وذلك نحو قولهم فلانُ بنُ الصَّعِقِ والصَّعِقُ فى الاصل صفةٌ تقع على كل من أصابه الصَّعَقُ ولكنه غَلَبَ عليه حتى صار علما بمنزلة زيد وعمرو وقولهم النجم صار علما للثُّرَيَّا* الفارسى* ولا يجوز أن تقول هذا النجم وأنت تَعْنِى غير الثريا الا أن تُخَرِّجَهُ على العَهْدِ فتقول هذا النجم الذى تَعْلَمُ كما تقول هذا الكوكبُ الذى تعلم* أبو حنيفة* نُجُومُ الأخْذِ مَنازِلُ القَمرِ سميت بذلك لأخْذِهِ كلَّ ليلةٍ منها فى مَنْزِلٍ يقال أخَذُ القمرُ نَجْمَ كذا ـ نَزَل به وأنشد أبو عبيد

وأخْوَتْ نُجومُ الأَخْذِ الَّا أنِضَّةَ

أنِضَّةَ مَحْلٍ ليس قاطِرُها يُثْرِى

* قال أبو حنيفة* وقيل نُجومُ الأخْذِ هى التى يُرْمَى بها مُسْتَرقُ السَّمْع لانها تَأْخُذُه وقوله تعالى (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) قيل انَّ القرآن كان يَنْزلُ نُجوماً فأقْسَمَ بالنَّجْم منه اذا نَزلَ * وقال مجاهدٌ* أقْسَمَ بالثُّرَيَّا * أبو عبيد* أقسمَ بالنجم اذا سَقَط ولم يَخُصَّ أبو عبيدة بذلك نَجْماً دون نجم وكأنه جَعَله اسمَ الجِنْسِ ويَشْهَدُ لتأويله قوله فى

٩

الأخرى (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) وجَعلَهُ مجاهِدٌ الاسمَ المَخْصوصَ وقولُه (هَوى) يَدُلُّ على أنه من نجوم السماء لانها هى التى تُوصَفُ بالهُوِىِّ والوُقُوعِ والسُّقوطِ كقول جَرير

كأنَّ بَنِى القَعْقاعِ يَوْمَ وَفَاتِه

نُجومٌ هَوَى من بَيْنها القَمَرُ البَدْرُ

ولا يقال فى التنزيل هَوَى ولا وقَعَ انما يقال فيه نَزلَ وأُوحِىَ* أبو حنيفة* وأولُ ما يَبْدَؤُنَ به منها الشَرَطانِ ثم يَعُدُّونَ البُطَيْنَ والثُّرَيَّا والدَّبَرانَ والهَقْعةَ والهَنْعةً والذِّراعَ والنَّثْرةَ والطَرْفَ والجَبْهةَ والزُّبْرةَ والصَّرْفَةَ والعَوَّاءَ بالقصر والمدّ والسِّماكَ الأعْزلَ والغَفْرَ والزُّبانَى والاكْلِيلَ والقَلْبَ والشَّوْلةَ والنَّعائِمَ والبَلْدةَ وسَعْدَ الذابحِ وسعدَ بُلع وسعدَ السُّعود وسعدَ الأخْبِيةِ والفَرْغَ الأوَّلَ والفَرغَ الثانى والرِّشاءَ الأشْراطُ ـ الشَرَطانِ والكوكبُ الذى بينهما واحدُها شَرْطٌ وليس يَمْنَعُ تحريكُه فى التثنيةِ من أن يكونَ الواحد شَرْطًا باسكان الراء واذا نُسبَ اليها لم يُنْسَبْ الا بالجمع أو الافْرادِ* قال الفارسى* النَّسَبُ اليه بالواحد أقْيَسُ لانه قد عُقِلَ والنسبُ اليه بالجمع أكثرُ قال ذو الرُّمة يَصفُ رَوْضةً

حَوَّاء قَرْحاء أشْرَاطِيَّة وَكَفَتْ

فيها الذَّهابُ وحَفَّتْها البَراعِيمُ

* أبو حنيفة* الشَرَطانِ ـ قَرْنا الحَملِ ويسمونهما النَّطْحَ* الفارسى* هو تسميةٌ بالمَصْدَرِ* أبو حنيفة* الابَيْسانِ ـ كوكبانِ بين يَدَىِ الشَرَطَيْنِ شَبيهانِ بهما وأما البُطَيْنُ ويقال البَطْنُ ـ فثلاثةُ كواكبَ خَفِيَّةٌ على إثْرِ الشَرَطَيْنِ بين يَدَىِ الثُرَيَّا وأما الثُّرَيَّا فلا يتكلمون بها مُكَبِّرةَ وهى تصغير ثَرْوَى مشتق من الثَّرْوةِ فى العدد وهى أنثى ثَرْوانَ ويقال للثريا ألْيَةُ الحَمَل والدَّبَرانُ ـ الكوكبُ الاحمرُ الذى على إثْرِ الثريا بين يديه كواكبُ كثيرة مجتمعةٌ من أدناها اليه كوكبان صِغِيران يكادانِ يَلْتَصِقانِ به كَلْباء والبَواقِى غُنَيْمَتُه ويقولون قِلَاصُه وسمى دَبَراناً لدُبُورهِ الثُّريَّا كما قيل أبَيانٌ ولذلك سمى تالِىَ النَّجْمِ وحادِىَ النجم وتابعَ النجمِ ثم كثُرَ حتى عُرِفَ بالتابِع مُفْرَداً من غيرِ اضافةٍ وليس كلُّ كوكبٍ دَبَرَ كوكباً يسمى دَبَراناً* قال سيبويه* أما الدَّبرَانُ فانه يُلْزَمُ الالفَ واللامَ من قِبَل أنه عندهم الشئُ

١٠

بعينِه كالحارِث والعباسِ فان قال قائلٌ أيُقالُ لكل شئ صارَ خَلْفَ شئ دَبرانٌ فانك قائل لا ولكن هذا بمنزلة العِدْلِ والعَدِيلِ فالعدِيلُ ما عادَلَك من الناسِ والعِدْلُ لا يكون الا من المتاع وكذلك الحَصِنُ والحَصَانُ والرَّزِينُ والرَّزانُ والثَّلاثاءُ والأرْبعاءُ وأنشد الفارسى

ورَدْتُ اعْتِسافاً والثُّرَيَّا كأنَّها

على قِمَّةِ الرأسِ ابنُ ماءٍ مُحَلَّقْ

يَدِبُّ على آثارِها دَبَرانُها

فلا هو مَسْبُوقٌ ولا هو يلْحَقُ

بعِشْرينَ من صُغْرَى النجومِ كانَّها

وإياهُ فى الخَضْراءِ لو كان يَنْطِقُ

قِلَاصٌ حَدَاها راكبٌ مُتَعَمِّمٌ

هَجَائِنُ قد كادَتْ عليه تَفَرَّقُ

* أبو حنيفة* ويقال للدَّبَرانِ المِجْدَحُ والمُجْدَحُ وأنشد

وأطْعَنُ بالقومِ شَطْرَ المُلو

كِ حتَّى اذا خَفَقَ المِجْدَحُ

وأما الهَقْعةُ ـ فثلاثةُ كواكبَ صِغارٌ مُثَفَّاةٌ وتسمى الأثافِىَّ تشبيها بها وأما الهَنْعةُ فكوكبانِ بينهما قِيدُ سَوْطٍ رَأْىَ العينِ على إثْرِ الهَقْعةِ وسميتْ هَنْعةً لِتَقاصُرِها عن الهَقْعةِ والذِّراعِ المبسوطةِ وهى بينهما مُنْحَطَّةٌ عنهما وتَهانُعُ الطائِر الطويلِ مُقاصَرَتُه من عُنُقِه ويقال الهَنْعةُ ـ الذَّرُّ والمَيْسانُ والتَّحايِى ـ ثلاثةُ كواكبَ بحِذاءِ الهَنْعةِ الواحدةُ تِحْياةٌ ويقال لأحَدِ كَوْكَبَىِ الذراع المقْبُوصةِ الشِّعْرَى الغُمَيْصاءُ وقد تُكَبَّر* أبو عبيد* هى الغَمُوصُ* أبو حنيفة* ويقال لكَوْكَبِها الآخِر الشِّمَالِىِّ مِرْزَمُ الذِّراع وهما مِرْزَمانِ هذا أحدُهما والآخرُ فى الجَوْزاء* أبو عبيد* الشِّعْريانِ احْدَاهما العَبُورُ ـ وهى التى خَلْفَ الجَوْزاءِ والأُخْرى الغُمَيْصاء ـ وهى فى الذراع أحدُ الكوكبين* أبو حنيفة* النَّثْرةُ ـ ثلاثةُ كواكبَ مُتقاربةُ أحدُها كانه لَطْخةٌ يقولون هى نَثْرةُ الأسدِ أى أنْفُه تسمى اللَّطْخةُ اللهاةَ والزُّبْرةُ زُبْرةُ الاسدِ ـ وهى كوكبانِ على إثْرِ الجَبْهة بينهما قِيدُ سَوْطٍ رَأْىَ العينِ ويقالُ لهما الخَرَاتانِ والصَّرْفةُ ـ كَوكَبٌ واحدٌ نَيِّرٌ على إثْرِ الزُّبْرةِ سمى صَرْفةً لانْصِرافِ الحَرِّ عند طلوعه غُدْوةً وانْصرافِ البَرْد عند سُقُوطهِ غُدْوةً وأما العَوَّاءُ ـ فجَعَلَها بعضُهم أربعةَ كواكب وبعضُهم خمسةً سميت عَوَّاءَ بالكوكب الرابع الشِّمَالِ منها ويقال لها عَوَّاءُ البَرْد ويزعمون أنها اذا طلعت أو سقطتْ جاءتْ

١١

ببرد فلذلك قيل لها عَوَّاءُ البرد والسِّمَاكُ ـ كوكبانِ يسمى أحدُهما الرَّامِحَ لكوكب صغير بين يديه وهما سِماكانِ لسُمُوكِهِما وان كان كلُّ كوكبٍ قد يَسْمَكُ* قال سيبويه فى السِمّاكِ مثلَ قولِه فى الدَّبَرانِ* أبو حنيفة* البَلْدةُ رُقْعةٌ من السماءِ لا كوكبَ فيها بين النَّعائِم وبين سَعْدِ الذابِح وأما سعدُ بُلَع فنجمانِ نَحْوٌ من سعدِ الذَّابحِ أحدهما خَفَى جدّا وهو الذى بَلَّعَهُ أى جَعَله بُلَع كانه مُسْتَرِط* قال* وبلغنى انه سُمِّىَ بُلَع لانه فيما يزعمون طَلَعَ حين قال الله (يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ) ولستُ أدرى ما هذا ويقال لما بين المنازِل الفُرَجُ والفُرْجةُ التى بين الثُرَيَّا والدَّبَرانِ يقال لها الضَّيْقُةُ لضِيقِها* قال أبو عبيد* هو موضِعٌ نَحْسٌ وأنشد

* بضَيْقةَ بينَ النجم والدَّبَرانِ*

* أبو حنيفة* اذا لم يَعْدِلِ القَمرُ عن منزِله قيل كالِحٌ* ابن دريد* كُوَىُّ ـ نَجْمٌ من الانْواءِ وليس بثَبَتٍ

البُروجُ

* صاحب العين* البُرْجُ من منازل الشمسِ مَنْزِلتانِ وثُلُثٌ ومن منازل القمر والجمعُ أبراجٌ وبُروجٌ* أبو حنيفة* هى اثنا عشر بُرْجا الحَمَلُ وهو الكَبْشُ ثم الثُّوْرُ ثم الجَوْزاءُ ـ وهى الصُّورة ثم السَّرَطانُ ثم الاسَدُ ثم السُّنْبلةُ وهى العَذْراءُ والمِيزانُ والعَقْربُ والقَوسُ ـ وهى الصُّورة والرامى والجَدْىُ والدَّلْوُ والحُوتُ ـ وهى السَّمَكةُ وأما القوس فانَّ الكوكبَ الذى يرى قومٌ أن البُرْجَ سمى به ويُشَبهونه بصُورة القوس تسميه العربُ القِلادةَ والادْحِىَّ والكواكبُ المُلْتَفَّةُ التى يسميها قومٌ السُّنْبلةَ هى عند العرب هُلْبةُ الاسدِ والهُلْبةُ ـ هى الجُمعَةُ من الشَّعَر تكون على طَرَفِ ذَنَبِ الاسد* ابن دريد* الجَدْىُ جَدْيانِ أحدهما الذى تقدم ذِكرُه والثانى الذى يَدُورُ مع بَناتِ نَعْشٍ

١٢

الانْواءُ

* أبو حنيفة* ناءَ الكوكبُ نَوْأً وتَنْواءً ونَوْءُهُ ـ أولُ سُقوطٍ يُدْرِكه بالافُق بالغَداةِ قبل امِّحاق الكواكب بضوء الصُّبْح* قال* وقد تكلم علماء العربية فى تفسير النَّوْءِ فقال بعضُهم سمى نوءً الطُلُوع الرقيبِ لا لسُقوطِ الساقطِ وذهب الى أن النَّوْءَ فى اللغة النُّهوضُ ولو كان هذا هكذا لم تكن على العرب مؤنةٌ أن يَجْعَلُوا النائِىَ هو الطالِعُ وأن يتركوا السُّقوط وقيل النَّوْءُ السُّقُوطُ والمَيَلانُ ومنه قولُهم ما سَاءَك وناءَكَ ومعناه أناءَكَ فألْقَى الالفَ للاتباع فالنَّوْءُ على هذا التفسير من الاضداد ولو لم يكن النَّوْءُ الا النُّهوضَ لكان لقولهم ناءَ النجمُ وهُمْ يريدون سقط مَذْهَبٌ على طريق التفاؤلِ كأنهم كرهوا أن يقولوا سَقَط فأما من ذهب الى أن الكوكب يَنُوءُ ثم يَسْقُط فاذا سَقَط فقد تَقَضَّى نَوءُهُ ودَخَل نَوءُ الكوكبِ الذى بعده فان تأويلَ النوء فى قول هؤلاء هو التأويلُ المشهور الذى لا يُنازَعُ فيه لان الكوكبَ اذا سقط النجمُ الذى بين يديه أطَلَّ على السقوط وكان أشبهَ شئٍ حالاً بحالِ الناهضِ ولا نُهُوضَ به حتى يَسْقُطَ لان الفَلك يَجْتَرُّه الى الغَوْر فكانه مُتحامِلٌ بعِبْءٍ قد أثقله وغَلَبه فالنوءُ ما بيناه ويُجْمَعُ النَّوْءُ أنْواءً او نِواءًا وأما البَوارِحُ فقد زعم قوم ليس لهم باللغة علم أن البارِحَ ضِدُّ النَّوْءِ وأنه طُلُوعُ الرقيبِ فيقولون بَرِحَ الكوكبُ طَلَع وذلك غَلَطٌ وانما البَوارِحُ الرياح الصَّيْفية سميت بَوارحَ لانها فى السَّموم التى تأتى من الشَّمالِ وقيل البارح شِدَّةُ الريح فى البَرْدِ والسَّمُومُ وهو مذكر* قال* وبعضُ الانواء أغْزَرُ عندهم من بعض وأحْمَدُ فَنَوْءُ الشَّرَطَينِ (١) ثلاثُ ليالٍ وهو محمود مذكور ونَوءُ البُطَيْنِ كذلك الا أنه غير محمود ولا مذكور ونَوءُ الثُّريَّا خمسُ ليالٍ وقيل سبعٌ وهو محمود مشهور ونَوءُ الدَّبَرانِ ثلاثُ ليالٍ وقيل ليلةٌ وهو غير محمود ونَوءُ الهَقْعةِ ستُّ ليالٍ ولا يَذْكرون نَوءَها الا بِنَوْءِ الجَوْزاءِ والجوزاءُ مشهورةٌ بالنَّوْءِ مذكورةٌ والهَقْعةُ رأسُها ونوءُ الهَنْعةِ ثلاثُ ليالٍ وهى فى نَوء الجوزاءِ ولا تَكادُ تُفْردُ ونوءُ الذراعِ المقبوضة خمسُ ليالٍ وقيل ثلاثٌ وهو أوَّلُ نَوءِ الاسدِ وما بين الهَنْعةِ والغَفْرِ من الانْواء أسَدِيَّةٌ كلُّها ونوءُ الذراع محمودٌ عندهم ومن عادة العرب أن تذكر مع الذراع المقبوضةِ الذراعَ المبسوطةَ فتَجْمَعَهما مَعًا فى النَّوء وهما لا تَنُوآنِ معا

__________________

(١) قلت تحريك الراء من الشرطين في التثنية هو المسموع وقد صرح به المؤلف قبيل هذا ولم يتعقبه أحد وكتبه محققه محمد محمود لطف الله تعالى به آمين

١٣

ولا تَطْلُعانِ أيضا معا ولكن لكثرةِ صُحْبةِ احداهما الأخرى فى الذكر ونوءُ النَّثْرةِ سبعٌ وهو من الانواء المذكورةِ ونَوءُ الطَّرْفِ سِتُّ* قال* ولم أسمع به مفردا لغلبة الجبهة عليه ونوءُ الجَبْهة سِبعٌ وهو مشهور ونَوءُ الزُّبْرةِ أربعٌ وقلما تُفْرَدُ لغلبة الجبهة عليها ونوء الصَّرْفةِ ثلاثٌ وهو داخلٌ فى أنواءِ الاسدِ ونوءُ العَوَّاءِ ليلةٌ وليس من الانْواءِ المشهورةِ ونوءُ السِّماكِ الاعزلِ أربعٌ وهو مشهور مذكور وكثيرا ما يُذْكَرُ معه السِّماكُ الرامِحُ وليس يَنُوءُ مَعَهُ ولكنهما مُتقاربانِ فى الطلوع ولا خَيْرَ فى الرَّامِح ونوءُ العَقْرب ثلاثٌ وقيل ليلةٌ ونوءُ الزُّبانَى ثلاثٌ ونوءُ الاكْليلِ أربعٌ ونوءُ قَلْبِ العَقْرب ليلةٌ وهو غير محمود ونوءُ الشولةِ ثلاثٌ وقلما يُذْكَرُ هؤلاءِ الانجمُ بالانواء وربما ذُكِرَتِ العقربُ مُجْملةً ونوءُ النَّعائم ليلةٌ ونوءُ البلدةِ ثلاثٌ وقيل ليلةٌ ونوءُ سَعد الذابح ليلةٌ وقَلّما يذكرونه ونَوءُ سَعدِ بُلَع ليلةٌ وكذلك نوءُ سعدِ السُّعود وليس بالمذكور ونوءُ سعدِ الاخْبيةٍ ليلةٌ ونوءُ الفَرْغِ الاوَّلِ ثلاثُ ليالٍ ونوءُ الفرغِ الثانى أربعٌ وهما من الانواء المذكورة يُذْكَرانِ بأَسْمائهما ويُجْمَعانِ فى جُمْلةِ نوءِ الدَّلْوِ ونوءُ الحُوتِ وليس بالمذكور يَغْلِبُ عليه ما قبله وما بعده فلا يُذْكَرُ وانما جَعَلُوا لكل هؤلاء النجوم أنواءً مَوْقُوتةً وان لم يكن جميعُ فُصولِ السنة مَظِنَّةً للامطار لأنه ليس منها وقتٌ الاور بما قد يكون فيه المطر واذا ذَكَرُوا البُروجَ بالانواء وبالبَوارحِ فقد يحتمل أن يُرادَ جميعُ أنوائِه لأن البُرْجَ الواحدَ يَجْمَعُ عِدَّة أنواءٍ وقد يجوز أن يُراد بعضُ أنوائه وليس ذلك على قدر حظه فى قِسْمةِ المنازِل على البُروج لأن منها ما أنواؤُه المنسوبةُ اليه من حُظُوظِ غيره من البُروج كالأسدِ أوَّلُ أنوائِه الذراعُ وآخِرُه السِّماكُ وقد سَقَط به السَّرَطانُ والسُّنْبلةُ والميزانُ فنُسِبَ أنواءُ حُظوظِهما من المنازِل الى الأسَدِ وكذلك العقربُ أولُ أنوائها من قسمة الميزان وآخرُها من قسمةِ القَوسِ وآخرُ أنواءِ الدَّلْوِ من قسمةِ الحوتِ ولم يَدْخُل فى الجوزاء شئٌ من غيرها ويَزِيدُ النَّوْءُ عندهم غَزَارةً فان كان محموداً فأنْ يُوافِقَ آخِرَ الشهورِ فيكونَ فى سِرارِها وقد يَحْمَدُونه أيضا أن يكونَ فى غُرَّة الشهر* قال* ولا أعْلَمهم حَمِدُوا المِحاقَ فى شئ الا فى الامْطار واذ اناءَتِ النُّجومُ بغيرِ مطرٍ فقد خَوَتْ خَيًّا وخُوِيًّا وأخْوَتْ وأخْلَفَتْ فان لم تُخْلِفْ قيل صَدَقَتْ وما كان فيها من أمطارٍ وبَوارحَ فهى الهُيُوجُ الواحدُ هَيْجٌ

١٤

ذكر اسجاع العرب فى طلوع هذه النجوم

* قال أبو حنيفة* قال فقيهُ العرَب اذا طَلَع النَّجْم فالحَرُّ فى حَدْم والعُشْبُ فى حَطْم والعاناتُ فى كَدْم* وقيل* اذا طَلَعَ النجم اتُّقىَ اللّحْم وخِيفَ السُّقْم وجَرَى السَّرابُ على الاكم* وقيل* اذا طلَع النجمُ غُدَيَّة ابْتَغَى الراعِى شُكَيَّة* وقيل* اذا طلع النجمُ غُدَيَّا ابتغَى الراعِى سُقَيَّا* وقيل* اذا طلع النجمُ عِشاء ابتغَى الراعِى كِساء* وقيل* اذا أمْسَى النجمُ بقَبَل فشَهْرُ فتًى وشهرُ حَمَل واذا أمْسَى النجمُ بِدَبَر فشهرُ نَتاج وشهرُ مَطَر واذا أمْسَتِ الثُّرَيَّا قِمَّةَ راس فليلةُ فَتًى وليلةُ فاس* ومما يقال* حُفِظَ من كلام لُقْمانَ بنِ عادٍ اذا أمْسَتِ الثُّريا قِمَّ رأس ففِى الدِّثارِ فاخْنِس وعُظْمَاها فاحْدِس وأنْهِسْ بَنِيكَ وانْهَس وان سُئِلْتَ فاعْبِس واذا طَلَعَ الدَبَرانَ وتوَقَّدَتِ الحِزَّان واسْتَعَرَتِ الذِّبَّانِ ونَشَّتِ الغُدْران واذا طلعتِ الهَقْعَة تَقَوَّضَ الناسُ للقُلْعة ورَجَعُوا عن النُّجْعة وأوْرَسَتِ الفِقَعَة وأرْدَفَتْها الهَنْعة واذا طلعت الجَوْزاء توقدتِ المَعْزاء وكَنَسَتِ الظَّباء وعَرِقَتِ العِلْباء وطابَ الخِباء * وقيل* طلَعتِ الجَوْزاء ووافَى على عُودٍ الحِرْباء واذا طَلَعتِ الذِّراع حَسَرتِ الشمسُ القِنَاع وأشْعَلَتْ فى الافُقِ السُّعَاع وتَرَقْرَقَ السَّرابُ بكلِّ قاع واذا طلَعت الشِّعْرَى نَشِفَ الثَّرَى وأجَنَ الصَّرَى وجعَلَ صاحِبُ النَّخْلِ يَرَى* وقيل* اذا طلَعتِ الشِّعْرَى سَفَرا ولم تَرَ مَطَرَا فلا تَغْذُوَنَّ إمَّرَةً ولا إمَّرَا وأرْسِلِ العُرَاضاتِ أثَرا يَبْغِينَكَ فى الارض مَعْمَرا واذا طلَعتِ النَّثْرهْ قَنأَتِ البُسْرهْ وجُنِىَ النَّخْلُ بُكْرهْ وأوِّت المواشِى حَجْرهُ ولم تَتْرُكْ فى ذاتِ دَرّ قَطْرَهْ* وقيل* اذا طلعت النَّثْرهْ شَقَّحَتِ البُسْرهْ واذا طلعتِ الصَّرْفَهْ بَكِرَتِ الخُرْفهْ وكثُرَتِ الطُّرْفهْ وهانتْ للضيفِ الكُلْفهْ* وقيل* اذا طلعتِ الصَّرْفَه احتالَ كلُّ ذى حِرْفَهْ وقيل اختالَ كلُّ ذى خُرْفهْ وجَفَرَ كلُّ ذى نُطْفهْ وامْتِيزَ عن المِياهِ زُلْفهْ واذا طلعتِ العُذْرهْ فعَكَّةُ بُكْرهْ على أهلِ البَصْرهْ وليس بعُمَانَ بُسْرهْ ولا لَاكَّارِبها بَذْرَهْ وقيل بُرَّه واذا طلعتِ الجَبْههْ تَحانَّتْ الوَلَههْ وتَنازَتْ السَّفَهَهْ وَقَلَّتْ فى الارض الرَّفَهَهْ (١) واذا طلَع سُهَيْل طابَ اللَّيْل وجَرَى النَّيْل وامْتَنَع القَيْل وللفَصِيلِ الوَيْل ورُفِعَ كَيْلٌ ووُضِع كَيْل وقيل

__________________

(١) الرفهة فى الاصل بهذا الضبط ويؤيده عبارة اللسان فى مادة ر ف ه ونصها قال الازهرى العرب تقول اذا سقطت الطرفه قلت فى الارض الرفهه قال أبو الهيثم الرفهة الرحمة ا ه وضبط الصاغانى فى التكملة الرفهة بفتح الراء والفاء ويروى الرفه كتبه مصحه

١٥

اذا سُهَيْلٌ مَغْرِبَ الشَّمْسِ طَلَعْ

فابْنُ اللَّبُونِ الحِقُّ والحِقُّ جَذَعْ

واذا طَلَعتِ الخَرَاتان أُكلَتْ أُمُّ جِرْذان واذا طلعت العَوَّاء ضُرِبَ الخِباء وطاب الهَواء وكُرِهَ العَرَاء وشَنَّنَ السِّقاء واذا طلَع السِّمَاك ذهَبَتِ العِكَاكُ واسْتَفاهَتِ الاحْنَاك وقَلَّ على الماءِ اللِّكَاك واذا طلَع الغَفْر جاد القَطْر* وقيل* اذا طلَع الغَفْر اقْشَعَرَّ السَّقْر وتَرَبَّلَ النَّضْر وحَسُنَ فى العَيْن الجَمْر واذا طلعت الزُّبانَى أحدثْت لكل ذى عِيالٍ شَانا ولكلِّ ماشيةٍ هَوانا وقالوا كانَ وكانا اجْمَعْ لَاهْلِكَ ولا توَانَى واذا طلَع الاكْلِيل هاجَتْ الفُحُول وقيل هَبَّتْ وشُمِّرَت الذُّيُول وتُخُوِّفَتِ السُّيُول واذا طلع القَلْب جاء الشِّتاءُ كالكَلْب وصارَ أهلُ الوادِى فى كَرْب ولم تُمَكِّنِ الفَحْلَ الا ذاتُ ثَرْب واذا طلع الهَدَّاران هَزَلَتِ السِّمَان واشْتَدَّ الزَّمان ووَحْوَحَ الوِلْدان واذا طلعتِ الشَّوْلهْ أعْجَلَتِ الشَّيْخَ البَوْلهْ واشْتَدَّتْ على العَيالِ العَوْلهْ وقيل شَتْوةُ زَوْلَهْ واذا طلع العَقْرب جَمَسَ المِذْنَب وقَرَّ الاشْيَب وقيل قَرُب واذا طلعت النَّعائم الْتَطَتِ البَهائم من الصَّقِيع الدائم وأيْقَظَ البَرْدُ كلِّ نائم وقيل اذا طلعت النَّعائم انْقَبَضَتِ البهائم من الصَّقِيع الدائم وخَلَصَ البَرْدُ الى كلِّ نائم وقيل توَسَّفَتِ التَّهائم واذا طلعت البَلْدهْ حَمَّمَتِ الجَعْدهْ وأُكِلَتِ القِشْدهْ وقيل للبرد أهْدَهْ وقيل اذا طلعت البَلْدهْ زَعِلَتْ كلُّ تُلْدهُ وقيل عَلَتِ الناسَ بُلْدهْ واذا طلَع سَعْد الذابِح حَمَى أهْلَه النَّابِح ونَفَع أهلَه الرَّائح وتَصَبَّح السارِح وظَهَرتْ فى الحَىِّ الانافح وقيل انْحَجَزَتِ الذَّوابِح ولم تَهْدَ النَّوابِح من الشِّتاءِ البارِح واذا طلع سَعدُ بُلَعْ اقْتَحمَ الرُّبَعْ ولَحِقَ أهْلَه الهُبَع وصِيدَ المُرَع وصار فى الارضِ لُمَع وقيل تشَكَّى كلُّ رُبَع واذا طلع سعدُ السُّعود نَضِرَ العُود ولانَتِ الجُلُود وكَرِه الناسُ فى الشمس القُعُود واذا طلع السَّعْد كَثُر الثَّعْد وقيل اذا طلع سعدُ السُّعود ذابَ كلُّ جَمُود واحْضَرَّ كلُّ عُود وانْتَشَر كلُّ مَصْرود واذا طلع سعدُ الاخْبِيهْ زُمَّتِ الاسْقِيهْ وتَدَلَّتِ الاحْوِيْه وتَجاوَرتِ الابْنِيهْ واذا طلعتِ الدلْو هِيبَ الجَزْو وأنْسَيلَ العَفْو وطَلَبَ الخِلْوُ اللهْو وقيل اذا طلعت الدَّلْو فالرَّبِيعُ والبَدْو والصَّيْفُ بَعْدَ الشَّتْو واذا طلَعتِ السَّمَكَهْ أمْكَنَتِ الحَركهْ وتَعَلَّقتِ الحَسَكَهْ ونُصِبَتِ الشَّبَكهْ وطابَ الزَّمانُ للنَّسَكَهْ واذا طلع الحُوت خَرَج الناسُ من البُيوت واذا طلع الشَّرَطان اسْتَوَى الزَّمان وخَضِرَتِ الاغصان وتَواقدتِ الاسْنان وتَهادَتِ الجِيران وقيل

١٦

هاقَ الزَّمان وباتَ الفَقيرُ بكلِّ مَكان وقيل طَلَع الشَّرَطان والْقِيَتِ الاوْتادُ فى الاغْصان وقيل طَلَعتِ الاشْراط ونَقَصَتِ الانْباط واذا طَلَع البُطَيْن اقْتُضِىَ الدَّيْن وظَهَرَ الزَّيْن واقْتُفِى بالعَطاءِ والقَيْن

التفسير

الحَدْسُ ـ الصَرْعُ حَدَسَ بناقَتِه فَوَجَأ فى سَبَلَتِها ـ اذا أناخَها فَوَجَأَ فى نَحْرِها وقوله حَسَرتِ الشمسُ القِناع ـ وانما هذا مَثَلٌ والمعنى أنها لم تَدَعْ غايةً فى الذُكُوّ ويقال للشمس اذا اشتدَّ حرها ولم يَحُلْ من دون شُعاعها شئٌ انْصَلَعتْ واليومُ الشَّديدُ وَقْعِ الشمس أصْلَعُ والعِلْباءُ مذكر فأُنّثَ ههنا على الغلطِ والتشبيه بِما همزتُه للتأنيث والأمْرُ ـ الصغير من أولاد الضَأن والأنثى إمَّرَةٌ وقيل هو من السائمة كلها والعُرَاضاتُ ـ العِراضُ الواحدةُ عُراضةٌ يعنى الابلَ لان آثار أخفافها فى الارض عِراضٌ والمَعْمَرُ ـ المَعاشُ وقد ظن قومٌ أن الساجعَ أراد طلوعَ الشِّعْرَى بالغَداة وقد أخطؤا فى ذلك وقد حكاه من لا أَثق به عن مُؤَرِّج فان كان صَدَقَ فان مُؤَرِّجاً اذاً كان قليلَ المعرفة بهذا الفَنِّ* قال المتعقب ثم نصر قوله وبين غلط مؤرج فأصاب فيما بين ولكنه أُتِىَ من حيثُ أَمِنَ قد غَلِطَ هو أيضا فى ألفاظ هذا السجع وفى تفسيره لانه قال فأما تفسير الكلام الذى فى هذا السجع فانه يقول اذا أخْطأ الوَسْمِىُّ فلم يَقَعْ له مطرٌ فأسِئ الظنَّ بسَنَتِك ولا تتشاغلْ بالغنم ولكن اظْعَنْ عن دارِك واطْلُبْ بالابل دارا قد غانَها اللهُ بغَيْث فاتجُ اليها والعُرَاضاتِ أثَرا ـ هى الابلُ والمَعْمَر ـ المنزلُ بدار معاش والامَّرُ ـ الذَّكَرُ من أولاد الضأن والأنثى إمَّرَةٌ وانما خَصَّ الضأنَ بالذِّكْر وان كان أراد جميعَ الغَنم لانها أعجزُ عن الطَّلَب من المَعزِ والمَعَزُ تُدْرِكُ ما لا تُدْرك الضأنُ* فأما ما حكيناه من غلطه فى الرواية فان أبا عمرو قال اذا طَلَعت الشِّعْرَى سَفَرا ولم تَرَ فيها مَطَرا فلا تُلْحِقْ فيها إمَّرَةً ولا إمَّرا ولا سُقَيْبًا ذَكَرَا* وأما غلطه فى التفسير فأنهما قالا جميعا فى تفسيره وقد قاله غيرهما الامَّرةُ الرجل الذى لا عقل له إلَّا ما أمَرْتَه به* وقال أبو عمرو* لا تُرْسِلْ فى ابلك رجلا لا عقل له يدبرها والامَّرُ والامَّرةُ أيضا من الضان كما ذَكَر الا أن المستعمل ههنا

١٧

ما حكيناه* قال* ولعله لو غَطَّى على الشيخ مؤرج لأعْفاه اللهُ من تَكَشُّفِنا* أبو حنيفة* وحَجْرة ـ ناحيةٌ والعُكَّةُ بالبَصْرة ـ كَرْبٌ يُصيبهم أيام شدة الحر فى وجه الصُّبح معه نَدًى يَكاد يأخُذُ بالانْفاس والوَلَهةٌ ـ جمعُ والِهٍ وهى التى قد فَقَدَتْ وَلَدها فقد كاد لَبَنُها يَذْهب جَزَعا والرُّفْهةُ ـ واحدةُ الرُّفَهِ وهو ما بَقِىَ فى المَداوِسِ من التِّبن بعد اخراج الحَب منه وحَذَا من الحُذَيا ـ وهو ما وَهَبْتَ للانسان من كرامة أو بِرٍّ والقَيْلُ ـ من القائلةِ وهى النَّوْمةُ فى الظَّهيرة وقيل هى الشَّرْبة يَشْرَبُها الانسانُ فى ذلك الوقت والامْتِياز ـ التَّنَحّىِ والزُّلْفةُ ـ أدنى منزلةٍ وتَشْنينُ السِّقاءِ بَرْدُه والماءُ الشُّنَانُ الباردُ وكلُّ سِقاءٍ أخْلَقَ فهو شَنُّ واسْتِفاهةُ الاحْناكِ ـ شَهْوةُ الطعامِ واللِّكاكُ ـ التَّزاحُمُ والتَّدافُع ووَحْوَحةُ الوِلْدان ـ حكايةُ أصواتِهم اذا قالتْ أَحْ أَحْ من البرد والزَّوْلة ـ المُنْكَرة وجَمَسَ ـ جَمَدَ والأشْيَبُ ـ الثَّلْج والجَليد وتَوسُّفُ التَّهائم ـ تَقَشُّرُ وجهِ الأرض من شدة البرد وتَحْمِيمُ الجَعْدة ـ أن تراها قد هَمَّتْ بالاطْلَاع كما يُحَمِّمُ وجْهُ الغُلام اذا هَمَّ بالبُقُول وقوله زَعِلَتْ كلُّ تُلْدة ـ التُّلدة تِلادُ المال والزَّعَلُ ـ النَّشاط يعنى المواشى أنها تَنْشَطُ فى هذا الوقت والتُّلْدةُ من التَّلِيدِ واقْتحامُ الرُّبَع ـ اسراعُه فى عَدْوه لانه قد قَوِىَ والأنْباطُ ـ المياه المُظْهَرةُ من الأرض نحو الآبار والقُنِىِّ الواحدُ نَبَطٌ وكلُّ ما أنْبَطْتَه فهو نَبَطٌ والاقْتِفاءُ ـ الكَرامةُ واللُّطْفُ وما ألطَفْتَ به الانسانَ وأتْحَفْتَه فهو القَفِيَّةُ* على* وقوله الجَزْوُ ـ يعنى الاجْتِزاءَ بالرُّطْبِ عن الماء وأصلُه الجَزْءُ ولكنه أبدل الهمزة واوا اعتباطا لغير علة الا لُمزاوجةِ الدَّلْو ومِثلُه كثيرٌ فى اللُّغة والنحو فتَفَهَّمْه

صفة الشمس وأسماؤها

* غير واحد* شَمْسٌ وشُموسٌ وقالوا عَبْد شَمْسٍ فصارت معرفةً فى حال الاضافة وليس أحد يقول هذه شَمْسٌ فيجعلَها معرفةً بغير ألف ولام ولهذا الضَّرْب تطائر قد أبائَها سيبويه* ابن جنى* فأما قول الهُذَلى

لما عَرَّفنا أنهم أثْآرُنا

قُلْنا وشَمْسَ لنَخْضِبَنَّهمُ دَما

١٨

فانه أراد هذا الصنم المسمى بشمس ويكون هذا الصنم مُعْتَقدا فيه التأنيث كتأنيث اللات والعُزَّى فلذلك لم يصرف شمس* ابن السكيت* شَمِسَ يومُنا وشَمَسَ يَشْمُسُ ويَشْمِسُ شُمُوسا* ابن دريد* أشْمَسَ كشَمِسَ* صاحب العين* ويوم شامِسٌ ـ واضحٌ وتَشَمَّسَ الرجلُ ـ قَعد فى الشمس* ابن السكيت* يقال للشمس ذُكَاءُ ويقال قد آضَتْ ذُكاء وانْتَشَر الرِّعاء (١) وانما اشْتُقَّ من ذُكُوّ النارِ وهو تَلَهُّبُها وأنشد

فتَذَكَّرَا ثَقَلاً رَثِيدًا بَعْدَ ما

ألْقَتْ ذُكاءُ يَمِينَها فى كافِر

قوله فتَذَكَّرا ـ يعنى ظَلِيماً ونَعامةً والثَّقَلُ ـ بيضُهما والرَّثِيدُ والرَّثَدُ المنْضُودُ رَثَدْتُه رَثْداً ومنه اشْتُقَّ مَرْثَدٌ ويقال تركتُ فلانا مُرْتثِدًا ـ أى ناضِداً مَتاعَهُ وقوله ألْقَتْ ذُكاءُ يمينَها فى كافر ـ أى بَدَأتْ فى المَغيبِ والكافر ـ الليلُ لانه يُوارِى كلَّ شئِ ومنه كفَرَ فوقَ دِرْعهِ بثَوْبه وابن ذُكاءَ الصُّبْحُ وأنشد

فوَرَدتْ قبْلَ انْبِلاجِ الفَجْرِ

وابنُ ذُكاءَ كامِنٌ فى كَفْرِ

ويقال لها إلَاهةُ والْالاهةُ مثل فِعالةٍ وأنشد

تَرَوَّحْنا من اللَّعْباءِ قَصْراً

وأعْجَلْنا الالاهَةَ أنْ تَؤُبَا

* قال الفارسى* سَمَّوْها إلاهةَ على نحوِ تَعْظيمهم لها وعِبادتهِم إياها وعلى ذلك نهاهم اللهُ عزوجل عن عبادتها وأمَرَهُم بالتَّوَجُّهِ فى العبادة اليه دون ما خَلَقَه وأوْجَده بعدَ أن لم يكن فقال (وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ) ويَدُلُّكَ على ما ذَكَرْنا من مَذْهبِ العربِ فى تسميتهم للشمس إلاهَةَ ما حكاه أحمدُ بن يحيى من أنهم يُسَمُّونَها إلاهةَ غيرَ مصروف فقَوَّى ذلك أنه منقولٌ اذْ كان مخصوصا وأكثَرُ الْاسماءِ المختصةِ الأعْلامِ منقولةٌ نحو زيد وأسد وما يَكْثُر تَعْدادُه من ذلك فكذلك إلاهةُ تكون منقولةً من الْالاهَةِ التى هى العبادةُ لما ذكرنا وأنشد البيت

* وأعْجَلْنا إلاهةَ أن تَؤُبا*

* غيره* مصروف بلا ألف ولام وقد جاء على هذا الحَدِّ غيْرُ شئٍ* قال أبو

__________________

(١) قلت لا يغترن أحد بعدُ بقول صاحب القاموس عند ذكره جموع الراعي ج رُعاة ورُعيان ورُعاء يكسر فيقدم رعاء بالضم الشاذ المخالف للقياس ويؤخر رعاءا بالكسر الموافق للقياس كرجال وصيام وقيام وجياع وكتبه محققه محمد محمود لطف الله تعالى به آمين

١٩

زيد* لقيتُه النَّدَرَى ونَدَرَى وفَيْنَةَ والفَيْنةَ بعدَ الفَيْنةِ وفى التنزيل (وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) وأنشد

أما ودِماءٍ لا تَزالُ كأنَّها

على قُبَّةِ العُزَّى وبالنَّسْرِ عَنْدَما

فهذا مِثلُ ما ذكرنا من إلاهةَ والْالاهةِ فى دخولِ لام المعرفةِ الاسْمَ مَرَّةً وسُقُوطِها أُخْرى* ابن دريد* وهى الالِيهةُ* ابن السكيت* الضَّحُّ الشَّمْسُ نَفْسُها يقال جاء بالضِّحِّ والرّيح ـ اذا جاء بالشئ الكثير أى ما طلَعتْ عليه الشمسُ والضِّحُّ ـ قَرْنُ الشمسِ يُصِيبك وكلُّ شئ أصابتْه فهو ضِحُّ يقالُ ضَحِيتُ للشمسِ ـ اذا ظهَرْتَ لها وبَرَزْتَ وأنشد

رأتْ رَجُلاً أما اذا الشمسُ عارَضَتْ

فيَضْحَى وأما بالعَشِىّ فيَخْصَرُ

* قال* ونَظَر ابنُ عُمَرٍ الى مُحْرِمٍ قد اسْتَظَلَّ فقال اضْحَ لِمَنْ أحْرَمْتَ له ـ أى اظْهَرْ ومنه أرضٌ ضاحِيَةٌ ـ اذا اتَّسَعَتْ وانْفَرَجتْ عنها الجبالُ ومنه ضَواحِى الرُّومِ وهو ما بَرَزَ من بلادِهم* الفارسى* ليس ضَحِيْتُ من الضِّحِّ ذلك ثنائى وهذا معتل وانما الضُحِىُّ الظُّهورُ والبرُوزُ الى الشئ وقد ضَحِيتُ ضُحُوًّا وضُحِيًّا ـ بَرَزْتُ للشمس واسْتَضْحَيْتُ للشمس ـ قَعَدْتُ عندَها فى الشتاءِ خاصةً* صاحب العين* الضِّحَّ ـ ضَوْءُ الشمسِ اذا تمكن من الأرضِ وقيل هو ضَوْءُها عامةً والضِّحُّ ـ الارضُ البَرازُ منه والضِّيحُ لغةٌ فى الضِّحِ من الشمسِ* على* أُرَى الضِّيحَ من مُحَوَّلِ التضعيفِ وان كان ذلك أكثره فى اللام نحو تَظَنَّيْتُ وتَقَضَّيْتُ وسيأتى ذلك* صاحب العين* الضَّحَاءُ مَمْدُود الشمسُ* ابن السكيت* ويقال للشمس الجَوْنَةُ ـ سميت بذلك لانها تَسْوَدُّ حين تَغِيبُ والجَوْنُ الأسودُ والأبيض* قال* وعَرَضَ أُنَيْسٌ الجَرْمِىَّ على الحَجَّاج دِرْعَ حَديدٍ وكانت صافيةً فَجَعل لا يَرى صَفاءَها فقال أُنَيْسٌ ان الشمسَ جَوْنةٌ ـ أى شديدةُ الضَّوْءِ فقد غَلَبَ ضَوْءُها بياضَ الدِّرْع وأنشد

يُبادِرُ الأثْآرَ أن تَؤُبا

وحاجِبَ الجَوْنةِ أن يَغِيبَا

الأثْآرُ جمعُ ثَأْرٍ* صاحب العين* الجَوْنةُ ـ عينُ الشمسِ* ثعلب* الشمسُ جَوْنةٌ بيِّنَةُ الجُونةِ حكاها عن الفراء* ابن السكيت* يقالُ لها

٢٠