تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٢٧

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

رحل وسمع الحسين بن عيّاش ، [و] القطّان ، وطبقته. يحضر مجلسه الكبار لفضله ورئاسته.

روى عنه : أبو بكر بن أبي علي ، وأبو نعيم.

توفّي في غرّة رمضان.

علي بن عبد الملك بن سليمان (١) بن دهثم الفقيه ، أبو الحسن الطّرسوسي ، نزيل نيسابور.

كان أديبا فصيحا ، وإلّا أنّه كان متهاونا بالسّماع والرواية.

روى عن أبي خليفة الجمحيّ ، وأبي على الموصلي ، وعمر بن سنان المنبجي.

قال أبو سهل الصّعلوكي : قدم علينا الطّرسوسي (٢) بغداد سنة اثنتين وعشرين ، فقلت له : يا أبا الحسن ، كيف رويت عن هؤلاء؟ فقال : قد كان أبي حملني إلى العراق وأنا صغير ، ثم ردّني إلى طرسوس.

روى عنه : أبو عبد الله الحاكم ، وأبو سعيد الكنجروذي ، وأبو معاذ عبد الرحمن بن محمد الزكيّ ، وغيرهم.

قال الحاكم : وكان معتزليا متهاونا بالسّماع ، ولم يزل يتجهّز إلى أن هجره.

وقد سمع من أبي عروبة ، وابن جوصا.

علي بن حفص بن عمرو (٣) بن نجيح ، أبو الحسن الخولانيّ الأندلسي هو إلبيري. الفقيه.

روى عن أبيه ، وسمع من علي بن الحسن المرّي ، وسعيد بن فحلون ، ومسعود.

قال ابن الفرضيّ : قرأت عليه «التفسير» ليحيى بن سلّام ، بسماعه من المرّي. أنبا أحمد بن مسعود بن جرير سنة أربع وسبعين ومائتين ، وكان لا بأس به. وقال لي : ولدت سنة تسع وثلاثمائة.

__________________

(١) تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٨٦.

(٢) في الأصل «الصعلوكي الطرسوسي».

(٣) تاريخ علماء الأندلس ١ / ٣١٥ رقم ٩٣٠ وفيه «علي بن عمر بن حفص بن عمرو».

٨١

علي بن عيسى (١) ، أبو الحسن النّحوي المعروف بالرّمّاني (٢).

أخذ عن أبي بكر بن دريد ، والزّجّاج ، وأبي بكر بن السّرّاج.

روى عنه : هلال بن المحسّن ، وأبو القاسم التنوخي ، والحسن [أبو] علي الجوهري.

وكان متفنّنا في علوم كثيرة ، من القرآن والفقه والنّحو والكلام على مذهب المعتزلة.

صنّف في التفسير والنّحو واللّغة.

وكان مولده سنة ستّ وتسعين ومائتين ، ومات في جمادى الأولى ، وله ثمان وثمانون سنة.

شرح كتاب سيبويه شرحا كبيرا ، وشرح «الجمل» لابن السّرّاج ، وله كتاب «الإشتقاق» وكتاب «التصريف» ، وكتبا كثيرة ذكرها القفطي في ترجمته.

قال : وصنّف في الكلام كتابا سمّاه «صنعة الاستدلال» في سبع مجلّدات ، وكتاب «الأسماء والصّفات لله تعالى» وكتاب «الأكوان» وكتاب «المعلوم والمجهول» ، وله نحو مائة مصنّف ، وكان مع اعتزاله شيعيّا.

قال التنوخي : وممن ذهب في زماننا إلى أن عليّا رضي‌الله‌عنه أفضل

__________________

(١) إنباه الرواة ٢ / ٢٩٤ ـ ٢٩٦ ، المنتظم ٧ / ١٧٦ رقم ٢٨٢ ، البداية والنهاية ١١ / ٣١٤ ، الكامل في التاريخ ٩ / ١٠٥ ، ١٠٦ ، بغية الوعاة ٢ / ١٨٠ ، ١٨١ رقم ١٧٤٢ ، معجم الأدباء ١٤ / ٧٣ ـ ٧٨ ، نزهة الألباء ٣٨٩ ـ ٣٩٢ ، الفهرست ٦٣ ، ٦٤ ، تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٨٦ ، ميزان الاعتدال ٢ / ٢٣٥ ، العبر ٣ / ٢٥ ، اللباب ٢ / ٣٧ ، النجوم الزاهرة ٤ / ١٦٨ ، طبقات المفسرين للسيوطي ٢٤ ، لسان الميزان ٤ / ٢٤٨ رقم ٦٧٤ ، مرآة الجنان ٢ / ٤٢١ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٢٩ ، مفتاح السعادة ١ / ١٤٢ ، دول الإسلام ١ / ٢٣٤ ، شذرات الذهب ٣ / ١٠٩ ، كشف الظنون ١١١ ، ٤٤٧ ، ٥٧١ ، ٦٣٥ ، ١٣٩٧ ، ١٤٢٧ ، ١٧٢٩ ، ١٧٩٣ ، ١٩٧٧ ، إيضاح المكنون ٢ / ٢٦٨ ، ٢٧٦ ، ٢٨٢ ، ٣٠٤ ، ٣٢٧ ، ٣٥٠ ، هدية العارفين ١ / ٦٨٣ ، روضات الجنات ٤٨٠ ، الوفيات لابن قنفذ ٢١٩ ، تاريخ ابن الوردي ١ / ٣١١ ٤٨١ ، معجم المؤلفين ٧ / ١٦٢ ، ١٦٣ ، طبقات النحويين واللغويين ٨٦ ، الإمتاع والمؤانسة ١ / ١٣٣ ، تاريخ بغداد ١٢ / ١٦ ، ١٧ ، الأنساب ٦ / ١٦٠ ، وفيات الأعيان ٣ / ٢٩٩ ، البلغة في تاريخ أئمة اللغة ١٥٩ ، ١٦٠ ، طبقات المفسّرين للداوديّ ١ / ٤١٩ ـ ٤٢١ ، سير أعلام النبلاء ١٦ / ٥٣٣ ، ٥٣٤ رقم ٣٩٠.

(٢) الرّمّاني : يضم الراء وفتح الميم المشدّدة وبعد الألف نون. نسبة إلى قصر الرّمّان بواسط. (اللباب ٢ / ٣٦).

٨٢

النّاس بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من المعتزلة : أبو الحسن الرّمّاني ، لله درّه.

قلت : كان رأسا في عدّة فنون وسماء العربية ، وكان يخرج كلامه في النّحو بالمنطق ، حتى قال فيه أبو علي الفارسيّ : إن كان النّحو ما يقوله الرّمّاني فليس معناه منه شيء ، وإنّ النّحو ما نقوله ، فليس معه منه شيء.

وكان يقال : النّحويّون في زمانهم ثلاثة ، وأحد لا يفهم كلامه ، وهو الرّمّاني ، وواحد يفهم بعض كلامه ، وهو أبو علي ، وواحد يفهم جميع كلامه ، وهو أبو سعيد السّيرافيّ.

وكان أبو حيّان التّوحيدي يبالغ في تعظيم الرّمّاني حتى قال : إنه لم ير مثله قطّ علما بالنّحو ، وغزارة في الكلام ، وبصرا في المقالات ، واستخراجا للفرص ، مع تألّه وتنزّه وفصاحة وفقاهة.

قلت : ثم وصفه بالدّين واليقين والحلم والرّواية والاحتمال والوقار.

علي بن محمد بن أحمد بن سهل ، أبو الحسن الأستراباذي الفقيه الشاعر. ثقة.

روى عن أبيه ، وأبي نعيم عبد الملك.

روى عنه : أبو سعد الإدريسي.

عمر بن زاذان القزويني القاضي.

سمع عبد الرحمن بن أبي حاتم ، ومحمد بن هارون بن الحجّاج.

روى عنه : العتيقي ، والعشاري.

حدّث في هذا لعالم ، وانقطع خبره.

محمد بن أحمد بن حمّاد (١) بن سفيان ، أبو الحسن الكوفي الحافظ ، محدّث الكوفة.

رحل إليه أبو ذرّ الهروي ، وأبو الحسن العتيقي ، وأبو العلاء الواسطي ، وخلق.

__________________

(١) تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٨٦ ، ٩٨٧ رقم ٩٢٢ ، الوافي بالوفيات ٢ / ٥١ رقم ٣٣٥ ، العبر ٢٠ ، سير أعلام النبلاء ١٦ / ٤٣٩ ، ٤٤٠ رقم ٣٢٤ ، شذرات الذهب ٣ / ١١٠.

٨٣

روى عنه : عبد الله بن زيدان ، وعلي بن العبّاس المقانعي ، ومحمد بن دليل بن بشر.

محمد بن أحمد بن محمد (١) بن حشيش (٢) ، أبو بكر الأصبهاني المعدّل.

سمع : إسحاق بن جميل ، ومحمد بن سهل بن الصباح ، والحسن بن ذكم (٣) ويحيى بن محمد بن صاعد ، والحسن بن علي بن زكريّا الفقيه العدوي ، ومحمد بن هارون الحضرميّ ، وجماعة.

روى عنه : أبو نعيم ، وأبو الحسين محمد بن عمر المقرئ ، وأحمد بن محمد اللّخمي ، وآخر من روى عنه عائشة بنت الحسن بن إبراهيم الوركاني.

توفّي عاشر رمضان.

محمد بن أحمد بن علي بن الحسن الكنجروذي (٤) الصّبغى.

كسمع السّرّاج ، وابن خزيمة.

وعنه : الحاكم وغيره.

مات في شوّال.

محمد بن منقذ البكري الطّليطلي الخطيب.

رحل إلى مصر ، وسمع من أبي محمد بن الورد بن السّكن ، وحدّث.

محمد بن العباس بن أحمد (٥) بن محمد بن الفرات ، أبو الحسن البغدادي الحافظ.

__________________

(١) ذكر أخبار أصبهان ٣٠٠ ، العبر ٣ / ٢٦ ، شذرات الذهب ٣ / ١١٠.

(٢) في أخبار أصبهان «جشنس».

(٣) كذا في الأصل ، وفي أخبار أصبهان «دكّة».

(٤) الكنجروذي : بفتح أولها وسكون النون وفتح الجيم وضم الراء وسكون الواو وفي آخرها ذال معجمة. نسبة إلى كنجروذ ، قرية على باب نيسابور. (اللباب ٣ / ١١٣).

(٥) تاريخ بغداد ٣ / ١٢٢ رقم ١١٤٠ ، المنتظم ٧ / ١٧٦ ، ١٧٧ رقم ٢٨٣ ، البداية والنهاية ١١ / ٣١٤ وفيه «القزّاز» بدل «الفرات» ، العبر ٣ / ٢٦ ، النجوم الزاهرة ٤ / ١٦٨ ، شذرات الذهب ٣ / ١١٠ ، تذكرة الحفاظ ٣ / ١٠١٥ رقم ٩٤٦ ، الوافي بالوفيات ٣ / ١٩٦ رقم=

٨٤

سمع : أبا عبد الله المحاملي ، ومحمد بن مخلد ، فمن بعدهما ، وجمع ما لم يجمعه أحد في وقته.

قال الخطيب : وبلغني أنّه كان عنده عن علي بن محمد المصري الواعظ وحده ألف جزء ، وأنّه كتب مائة تفسير ، ومائة تاريخ. ثنا عنه أحمد بن علي الباذا ، ومحمد بن عبد الواحد بن زرعة ، وأبو إسحاق البرمكي ، وحدّثني الأزهري أنّ ابن الفرات خلّف ثمانية عشر صندوقا مملوءة كتبا ، أكثرها بخطّه ، وكتابه هو الحجّة في صحّة النّقل ، وجودة الضّبط ، ولم يزل يسمع إلى أن مات. وقال لي العتيقى : هو ثقة مأمون ، ما رأيت أحسن قراءة منه للحديث ، وقال غيره : مات في شوّال ، وله بضع وعشرون سنة.

محمد بن علي بن سهل (١) بن مصلح الفقيه ، أبو الحسن الماسرجسي (٢) ابن بنت الحسن بن عيسى بن ماسرجس النّيسابوري الشافعيّ ، شيخ الشافعية في عصره.

سمع خاله مؤمّل بن الحسن ، ومكّي بن عبدان ، وأبا حامد بن الشرفي ، وجماعة ، ورجل إلى حدود الأربعين وثلاثمائة ، فسمع إسماعيل الصّفّار ببغداد ، وعبد الله بن شوذب بواسط ، وابن داسة بالبصرة ، وابن الأعرابيّ بمكّة ، وابن حذلم بدمشق ، وأصحاب يونس بن عبد الأعلى ، والمزني بمصر.

قال الحاكم : كان أعرف الأصحاب بالمذهب وترتيبه. صحب أبا إسحاق المروزي إلى مصر ، ولزمه ، وتفقّه ، ثم انصرف إلى بغداد ، فكان

__________________

= ١١٧١ ، الكامل في التاريخ ٩ / ١٠٦ ، مرآة الجنان ٢ / ٤٢١ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٩٢ ، تاريخ ابن الوردي ١ / ٣١١ ، اللباب ٢ / ٤١٤ ، ٤١٥ ، سير أعلام النبلاء ١٦ / ٤٩٥ ، ٤٩٦ رقم ٣٦٥ ، طبقات الحفاظ ٤٠٢.

(١) طبقات الفقهاء ١١٦ ، الوافي بالوفيات ٤ / ١١٥ ، ١١٦ رقم ١٦٠٨ ، وفيات الأعيان ٤ / ٢٠٢ ، طبقات الشافعية لابن هداية الله ٣٢ ، طبقات العبادي ١٠٠ ، العبر ٣ / ٢٦ ، حسن المحاضرة ١ / ١٢٦ ، شذرات الذهب ٣ / ١١٠ ، اللباب ٣ / ١٤٨ ، ودول الإسلام ١ / ٢٣٤ ، مرآة الجنان ٢ / ٤٢١.

(٢) الماسرجسي : بفتح الميم والسين المهملة وسكون الراء وكسر الجيم. نسبة إلى ما سرجس. وهو اسم الجدّ صاحب الترجمة. (اللباب).

٨٥

مفيد أبي علي بن أبي هريرة ، ثم رجع إلى بلده ، وعقد مجلس النظر ومجلس الإملاء ، فأملى زمانا ، وتوفّي في جمادى الآخرة ، عن ستّ وسبعين سنة.

تفقّه عليه القاضي أبو الطّيّب الطّبرى ، وجماعة ، وحدّث عنه الحاكم وأبو نعيم ، وأبو عثمان إسماعيل الصّابوني ، وأبو سعد الكنجروذي ، وهو صاحب وجه في المذهب.

محمد بن عمران بن موسي (١) بن عبيد ، أبو عبيد الله المرزباني البغدادي الكاتب العلّامة.

حدّث عن : أبي القاسم البغوي ، وأبي بكر بن دريد ، وأبي حامد بن هارون الحضرميّ ونفطويه ، وغيرهم.

روى عنه : أبو القاسم التنوخي ، وأبو محمد الجوهري ، وغيرهما ، وكان إخباريا راوية للآداب ، صنّف في أخبار الشعراء وفي الغزل ، غير أنّ أكثر كتبه لم تكن ممّا سمعه ، بل بالإجازة ، فيقول : أخبرنا ، ولا يبين.

وقال القاضي أبو عبد الله الحسين بن على الصيمري : سمعت أبا عبد الله المرزباني يقول : كان في داري خمسون ، ما بين لحاف ودراج معدّة لأهل العلم الذين يبيتون عندي.

وقال أبو القاسم الأزهري : كان المرزباني يضع المحبرة وقنّينة النّبيذ ، فلا يكتب ، ويشرب ، وكان معتزليا ، صنّف كتابا في أخبار المعتزلة ، وما كان ثقة.

قال الخطيب : ليس حاله عندنا الكذب ، وأكثر ما عيب عليه المذهب ، وروايته بالإجازة ، ولم يبيّنها.

__________________

(١) تاريخ بغداد ٣ / ١٣٥ رقم ١١٥٩ ، المنتظم ٧ / ١٧٧ رقم ٢٨٤ ، مرآة الجنان ٢ / ٤١٨ ، ٤١٩ ، البداية والنهاية ١١ / ٣١٤ ، الوافي بالوفيات ٤ / ٢٣٥ ـ ٢٣٧ رقم ١٧٦٥ ، معجم الأدباء ١٨ / ٢٦٨ ، العبر ٣ / ٢٧ ، الكامل في التاريخ ٩ / ١٠٦ ، النجوم الزاهرة ٤ / ١٦٨ ، شذرات الذهب ٣ / ١١١ ، ١١٢ ، اللباب ٣ / ١٩٥ ، الفهرست ١٩٠ ـ ١٩٣ ، الأنساب ٥٢١ أ ، إنباه الرواة ٣ / ١٨٠ ـ ١٨٤ ، وفيات الأعيان ٤ / ٣٥٤ ـ ٣٥٦ ، ميزان الاعتدال ٦٧٢ ، ٦٧٣ ، سير أعلام النبلاء ١٦ / ٤٤٧ ـ ٤٤٩ رقم ٣٣١ ، لسان الميزان ٥ / ٣٢٦ ، ٣٢٧.

٨٦

وقال العتيقي : كان معتزليّا ثقة ، مات في شوّال ، وله ثمان وثمانون سنة. كان في زمانه تشبّه تصانيفه بتصانيف الجاحظ.

قال أبو علي الفارسيّ النّحويّ : أبو عبيد الله المرزباني من محاسن الدّنيا ، وكان الملك عضد الدولة مع عظمته يجتاز بباب المرزباني ، فيقف حتى يخرج إليه المرزباني ، فيسلّم عليه ، وكانت داره تجمع الفضلاء ، وكان مشتهرا بشرب النبيذ ، وكتابه في «أخبار الشعراء» خمسة الاف ورقة ، وله كتاب آخر في الشعراء المحدّثين خاصّة ، كبير إلى الغاية ، يكوّن عشرة آلاف ورقة ، و «أخبار المسمّعين» ثلاثة آلاف ورقة ، و «أخبار الغناء والأصوات» ثلاثة آلاف ورقة ، وله تصانيف كثيرة جدّا ، أوردها القفطي. وروى الجوهري عن المرزباني أنّه أعطى مرّة عضد الدولة ألف دينار ، وقال : أنه بلغني أنك تؤرّخ ، فإذا جاء اسمي فأجمل ، فقلت : نعم ، أجمل ، وبذكرك أتجمّل.

محمد بن عثمان بن عبيد (١) بن الخطّاب ، أبو الطيّب البغدادي الصّيدلاني.

سمع البغوي ، وأبا بكر بن أبي داود.

وعنه العتيقي ، ووثّقه.

محمد بن محمد بن إسماعيل (٢) ، أبو منصور البيّاع الواعظ النّيسابوري.

حدّث ببغداد عن أبي حامد بن بلال.

وعنه : أبو العلاء الواسطي.

محمد بن يحيى بن وهب (٣) ، أبو بكر القرطبي الفهري مولاهم.

سمع أحمد بن القرشي ، ومسلمة بن قاسم ، وجماعة ، ورحل فأقام بمصر مدّة ، قبل الثمانين ، وكتب الكثير ، فكان بارعا في الفقه والنّحو وتجويد القرآن ، ثقة. فيما ينقله.

توفّي في صفر. وقد حدّث بيسير.

__________________

(١) تاريخ بغداد ٣ / ٥٠ رقم ٩٨٨ ، المنتظم ٧ / ١٧٧ رقم ٢٨٥.

(٢) تاريخ بغداد ٣ / ٢٢٤ رقم ١٢٨٦.

(٣) تاريخ علماء الأندلس ٢ / ٩٧ ، ٩٨ رقم ١٣٦٨.

٨٧

محمد بن يحيى بن عمّار (١) ، أبو بكر الدّمياطيّ.

سمع محمد بن زبّان ، وأبا بكر بن المنذر ، ومحمد بن إبراهيم الدّيبلي ، وأبا عبيد بن حربويه القاضي.

وعنه : أبو عمر أحمد بن محمد الطّلمنكيّ. سمع منه كتاب «الإشراف» لابن المنذر ، وكتاب الليث بن سعد رواية محمد بن رمح ، وروى عنه أيضا يحيى بن علي بن الطّحّان ، وطائفة.

المحسّن بن علي بن محمد (٢) بن أبي الفهم القاضي ، أبو علي التنوخي الأديب.

ولد بالبصرة ، فسمع بها أبا العبّاس محمد بن أحمد الأثرم ، وابن داسة ، وببغداد أبا بكر الصّولي ، وجماعة ، وكان أديبا إخباريّا علّامة مصنّفا شاعرا.

روى عنه : ابنه أبو القاسم علي ، وقال : مولدي سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ، وأوّل سماعه في سنة ثلاث وستّين. سمع من واهب المازني صاحب نصر بن علي الجهضمي وقال : لم يكن عند واهب بن يحيى غير هذا الحديث في ستر المسلم.

قلت : وقع لنا الحديث عاليا.

تولّى أبو علي قضاء رامهرمز وعسكر مكرم وغير ذلك ، ومات في المحرّم من السنة.

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٦ / ٥٠٤ رقم ٣٧٤.

(٢) يتيمة الدهر ٢ / ٣٤٦ ، معجم الأدباء ٦ / ٢٥١ ، العبر ٣ / ٢٧ وفيه «الحسن» وهو خطأ ، النجوم الزاهرة ٤ / ١٦٨ ، وفيات الأعيان ٤ / ١٥٩ ـ ١٦٢ رقم ٥٥٧ ، الجواهر المضية ٣ / ١٥١ ، فرج المهموم لابن طاووس ١٥٤ ، الكامل في التاريخ ٩ / ١٠٦ ، تجارب الأمم ١ / ٣٢٦ و ٣٤٥ و ٣٨٥ ، شذرات الذهب ٣ / ١١٢ ، ١١٣ ، تاج التراجم ٥٦ ، مفتاح السعادة ١ / ٢٠٢ ، سير أعلام النبلاء (المصور) ١٠ ق ٢ / ٢٧٥ ، عيون التواريخ (المصور) ١٢ ق ٢ / ٢٣٣ ب ـ ٢٣٤ ، كشف الظنون ٧٨١ ، ١٢٥٣ ، ١٦٧١ ، ١٩٥٣ ، معجم المؤلفين ٨ / ١٨٥ ، ١٨٦ ، تاريخ بغداد ١٣ / ١٥٥ ، ١٥٦ ، المنتظم ٧ / ١٧٨ ، النجوم الزاهرة ٤ / ١٦٨ ، وانظر مقدّمة كتابيه : الفرج بعد الشدّة ، ونشوار المحاضرة.

٨٨

قال الخطيب : كان سماعه صحيحا ، وأوّل ما تولّى القضاء سنة تسع وأربعين ، من قبل أبي السائب عتبة بن عبد الله.

منصور بن جعفر بن ملاعب (١) ، أبو القاسم البغدادي الصّيرفي.

سمع البغوي ، وأبا بكر بن أبى داود.

وعنه : أبو العلاء الواسطي ، وأحمد بن روح ، ووثّقه العتيقى ، وروى الرئيس الثقفي في أربعينه عن سفيان بن حسنكويه عنه.

موحّد بن إسحاق بن إبراهيم ، أبو الفرج بن البرّي الدمشقيّ المتعبّد.

حكى عن خاله عمر بن سعيد البرّي ، ومحمد بن عبد الله المقرئ ، والشيخ أبى صالح صاحب المسجد الخارج باب شرقى.

روى عنه : على بن محمد الجبّائي ، وطلحة بن أسد الرّقّى ، ومحمد بن عبد الرحمن بن المغيث ، وغيرهم.

نصر بن غالب (٢) ، أبو الفتح البزّاز.

حدّث عن البغوي ، وابن صاعد.

روى عنه : العتيقى وغيره ، وهو من أهل باب الطّلاق ببغداد.

لاحق بن الحسين بن عمران (٣) المقدسي ، أبو عمر.

كان كذّابا يضع (٤) الأسماء والمتون مثل طغج بن طغان ، وطرغيل بن غربيل.

حدّث بخراسان وخوارزم وما وراء النّهر عن خيثمة الطرابلسي ، والمحاملي ، ومحمد بن مخلّد العطّار.

__________________

(١) تاريخ بغداد ١٣ / ٨٥ رقم ٧٠٦٤ ، المنتظم ٧ / ١٧٧ رقم ٢٨٦.

(٢) تاريخ بغداد ١٣ / ٣٠١ رقم ٧٢٧٧.

(٣) الأنساب (تحقيق محمد عوّامة) ٨ / ١٢٨ ، تاريخ بغداد ١ / ٢٣٨ ، تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) ٤٦ / ٢ ، الوافي بالوفيات (مصورة معهد المخطوطات بالقاهرة) ٢٤ / ١٨٦ ، سلسلة الأحاديث الضعيفة للألبانى ١ / ٢٩١ ، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان ق ١ ـ ج ٤ / ٣٩ رقم ١٢٣٣ ، الموضوعات لابن الجوزي ٣ / ٨ ، ميزان الاعتدال ٤ / ٣٥٦ ، الكشف الحثيث ٤٥٤ رقم ٨٢٩.

(٤) في الأصل «لا يضع».

٨٩

وعنه : أبو عبد الله الحاكم ، وأبو نعيم ، وجعفر المستغفري.

وتوفّى بخوارزم ، وقد اتّفقوا على كذبه ، ويقال له : لاحق بن الورّاق.

يحيى بن على [بن] (١) يحيى بن عوف ، أبو القاسم القصري.

عن البغوي ، وابن صاعد.

وعنه : أبو محمد الخلّال. وكان ثقة.

يعقوب بن إسحاق ، أبو الفضل النّسفيّ المعدّل. ثقة.

روى عن أبى العبّاس الأصمّ ، وعبد المؤمن بن خلف.

كتب عنه : جعفر بن محمد بن المستغفر.

* * *

__________________

(١) تاريخ بغداد ١٤ / ٢٣٨ رقم ٧٥٤٩.

٩٠

[وفيات]

سنة خمسين وثمانين وثلاثمائة

أحمد بن إبراهيم بن عبدويه بن سدوس بن على ، أبو الحسن الهذلي العبدوي النّيسابورى الزّاهد ، أبو الحافظ أبى حازم.

سمع : أبا العبّاس بن السّرّاج ، وابن خزيمة ، وحاتم بن محبوب الفيامى.

روى عنه : ابنه والحاكم الكنجروذي. توفّى في رمضان.

أحمد بن الحسين بن أحمد الفقيه ، أبو نصر النّيسابورى الشافعيّ ، أحد الأئمّة.

سمع : أبا حامد الشرفى ، وطبقته.

وعنه الحاكم ، وقال : توفّى في جمادى الأولى.

أحمد بن محمد بن إسماعيل (١) ، أبو بكر بن المهندس. محدّث مصر في وقته.

سمع : أبا شيبة داود بن إبراهيم ، ومحمد بن محمد بن بدر الباهلي ، وأبا بشر الدّولابى ، ومحمد بن زبّان ، وعلى بن الحسن بن قديد ، وأبا عبيد بن حربويه ، وجماعة كثيرة ، منهم القاسم البغوي ، وانتقى عليه الحفّاظ من المشارقة والمغاربة.

روى عنه : عبد الغنى الحافظ ، والفقيه ، أبو القاسم يحيى بن الحسين القفّاص ، وعبد الملك بن مسكين الزّجّاج ، وأبو أحمد العبّاس بن الفضل بن

__________________

(١) العبر ٣ / ٢٧ ، ٢٨ ، شذرات الذهب ٣ / ١١٣ ، تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٨٩ ، حسن المحاضرة ١ / ١٥٧.

٩١

الفرات بن حنزابة ، وعلى بن عبد الواحد النّجيرمى الكاتب ، وعبد الرحمن بن المظفّر الكحّال ، وأبو القاسم يحيى بن على بن الطّحّان ، وقال : كان ثقة تقيّا ، وقال غيره : عاش تسعين سنة.

أحمد بن محمد بن عبدوس ، أبو الحسن الحاتمي الفقيه النّيسابورى.

سمع الأصمّ ، ومات كهلا في حياة والده.

أحمد بن محمد بن عبد الوارث الزّجّاج.

روى عن أبى جعفر الطّحاوى ، والمهرانى ، وغيره.

توفّى في ذي الحجّة.

إبراهيم بن محمد بن الفتح (١) المصّيصيّ الجلي ، بجيم.

حدّث ببغداد عن محمد بن سفيان المصّيصيّ ، ومحمد بن إبراهيم البطّال.

وعنه : أحمد بن محمد العتيقى ، وأبو القاسم التنوخي.

وقال البرقاني : صدوق ، وقال غيره : كان حافظا ضريرا ، ومن شيوخه إمام جامع المصّيصة أبو الماضي محمد بن يحيى ، ومحمد بن حاتم بن روح القزّاز ، ومحمد بن أحمد بن أبى الخطيب ، وآخر من حدّث عنه أبو الحسين محمد بن الآبنوسي.

إسماعيل بن عبّاد الصّاحب (٢) ، أبو القاسم ، وزير مؤيّد الدّولة بويه بن

__________________

(١) تاريخ بغداد ٦ / ١٧١ رقم ٣٢٢٥ ، المنتظم ٧ / ١٧٩ رقم ٢٨٨.

(٢) يتيمة الدهر ٣ / ١٦٩ ـ ٢١٥ ، معجم الأدباء ٦ / ١٦٨ ـ ٣١٧ ، نزهة الألبّاء ٣٩٧ ـ ٤٠١ ، إنباه الرواة ١ / ٢٠١ ـ ٢٠٣ ، المنتظم ٧ / ١٧٩ ـ ١٨١ رقم ٢٨٩ ، مرآة الجنان ٢ / ٤٢١ ـ ٤٢٦ ، ذيل تجارب الأمم ٢٦١ ، البداية والنهاية ١١ / ٣١٤ ـ ٣١٦ ، الكامل في التاريخ ٩ / ١١٠ ، ١١١ ، دول الإسلام ١ / ٢٣٤ ، العبر ٣ / ٢٨ ، وفيات الأعيان ١ / ٢٢٨ ـ ٢٣٣ رقم ٩٦ ، الوافي بالوفيات ٩ / ١٢٥ ـ ١٤١ رقم ٢٠٤٢ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٣٥ ، طبقات النحويين واللغويين لابن شهبة ٢١٩ ـ ٢٢٦ ، لسان الميزان ١ / ٤١٣ ـ ٤١٦ رقم ١٢٩٥ ، مآثر الإنافة ١ / ٣٢١ ، ٣٢٢ ، بغية الوعاة ١ / ٤٤٩ ـ ٤٥١ رقم ٩١٨ ، النجوم الزاهرة ٤ / ١٦٩ ـ ١٧١ ، شذرات الذهب ٣ / ١١٣ ـ ١١٦ ، نشوار المحاضرة ٤ / ٩٤ ، كشف الظنون ٣٠ ، ٦١٩ ، ٧٩٦ ، ٩٠١ ، ١٢٧٨ ، ١٣٧٦ ، ١٣٩١ ، ١٣٩٤ ، ١٣٩٨ ، ١٤٦٩ ، ١٤٩١ ، ١٦٢١ ، روضات الجنات ١٠٤ ـ ١١٠ ، تنقيح المقال ١ / ١٣٥ ، منتهى المقال ٥٦ ، أعيان=

٩٢

ركن الدولة. أصله من الطّالقان (١) ، وكان نادرة دهره وأعجوبة عصره في الفضائل والمكارم.

أخذ الأدب عن الوزير أبى الفضل بن العميد ، وأبى الحسين أحمد بن فارس ، وسمع الحديث من أبيه ، ومن غير واحد ، وحدّث باليسير ، وأملى مجالس روى فيها عن عبد الله بن جعفر بن فارس وأحمد بن كامل بن سحرة ، وأحمد بن محمد أبى الحسن الكنبانى ، وسليمان الطّبرانى ، وطائفة.

روى عنه : أبو العلاء ، محمد بن على بن حسول ، وعبد الملك بن على الرّازى القطّان ، وأبو بكر بن أبى على المعدّل ، والقاضي أبو الطّيّب طاهر الطّبرى ، وأبو بكر بن المقرئ مع تقدّمه (٢) ، وهو أوّل من سمّى بالصّاحب ، لأنّه صحب مؤيّد الدولة من الصّبا ، وسمّاه الصّاحب ، فغلب عليه ، ثم سمّى به كلّ من ولّى الوزارة بعده ، وقيل لأنّه كان يصحب أبا الفضل بن العميد ، فقيل له صاحب العميد ، ثم خفّف فقيل : الصّاحب.

قال فيه أبو سعيد الرّستمى :

ورث الوزارة كابرا عن كابر

موصولة الإسناد بالإسناد

يروى عن العبّاس عبّاد وزارته

وإسماعيل عن عبّاد (٣)

ولما توفّى مؤيّد الدولة بجرجان في سنة ثلاث وسبعين ، ولى بعده أخوه فخر الدولة أبو الحسن ، فأقرّه على الوزارة ، وبالغ في تعظيمه. وكان الوزير أبو الفتح من ذي الكفايتين قد قصد الصّاحب ، وأزاله عن الوزارة ، ثم نصر عليه ، وعاد إلى الوزارة ، ففي كتاب المحسّن التنوخي في «الفرج بعد

__________________

الشيعة ١١ / ٣٢٢ ـ ٥٧٥ ، الأعلام ١ / ٣١٢ ، معجم المؤلفين ٢ / ٢٧٤ ، تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٨٩ ، تاريخ ابن الوردي ١ / ٣١٢ ، الإمتاع والمؤانسة ١ / ٥٣ ، الفهرست ١٩٤ ، تاريخ ابن خلدون ٤ / ٤٦٦ ، معاهد التنصيص ٤ / ١١ ، سير أعلام النبلاء ١٦ / ٥١١ ـ ٥١٤ رقم ٣٧٧.

(١) الطّالقان : بلدة وكورة بين قزوين وأبهر وبها عدة قرى يقع عليها هذا الاسم. (معجم البلدان ٤ / ٧).

(٢) في الأصل «تقديمه».

(٣) معجم الأدباء ٦ / ٢٥٧ و ٢٦٣.

٩٣

الشدّة» (١) أنّ إبراهيم بن على بن سعيد النّصيبينى (٢) حدّثه قال : سرّ أبو الفتح ، فطلب النّدماء ، وهيّا مجلسا عظيما بآلات الذّهب والفضّة والمغاني والفواكه ، وشرب بقيّة يومه ، وعامّة ليلته ، ثم عمل شعرا وغنّوا به ، يقول فيه :

إذا بلغ المرء آماله

فليس إلى بعدها منتزح

وكان هذا بعد تدبيره على الصّاحب ، حتى أبعده عن مؤيّد الدولة ، وسيّره إلى أصبهان ، وانفرد بالدّست ، ثم طرب بالشعر ، وشرب إلى أن سكر ، وقال : غطّوا المجلس لأصطبح عليه غدا ، وقال لندمائه : باكروني ، ثم نام ، فدعاه مؤيّد الدولة في السّحر ، فقبض عليه ، وأخذ ما يملكه ، ومات في النّكبة ، ثم عاد الصّاحب إلى الوزارة.

قلت : وبقي في الوزارة ثمانية عشر عاما ، وفتح خمسين قلعة ، وسلّمها إلى فخر الدولة ، لم يجتمع منها عشرة لأبيه. وكان الصّاحب عالما بفنون كثيرة من العلم ، لم يدانه في ذاك وزير ، وكان أفضل وزراء الدولة الدّيلميّة ، وأغزرهم علما ، وأوسعهم أدبا ، وأوفرهم محاسن. وقد طوّل ابن النّجّار ترجمته وجوّدها.

أنبأنا أحمد بن سلامة ، عن مسعود بن أبى منصور ، أنا أبو على الحدّاد ، أنا أبو العلاء محمد بن على ، ثنا الصّاحب بن عبّاد ، أملانا أبو الحسن بن أحمد بن محمد ، ثنا سليمان بن داود القزّاز ، نا سفيان ، عن الزّهرى ، عن سالم ، عن أبيه : رأيت النّبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبا بكر وعمر يمشون أمام (٣) السّرير. قال الصّاحب : قد شارك الطّبرانى في إسناده.

قيل : كان ابن عبّاد فصيحا مفوّها ، لكنّه يتقعّر في خطابه ، ويستعمل وحشيّ اللّغة ، حتى في انبساطه ، يعيب التّيه ويتيه ، ولا ينصف من ناظره.

وقيل : كان مشوّه الصورة ، وصنّف في اللّغة كتابا سمّاه «المحيط» في سبع

__________________

(١) لم أجد هذه الرواية في المطبوع من الكتاب.

(٢) النّصيبينى النصيبي : بفتح النون وكسر الصاد وسكون الياء وكسر الباء الموحّدة. نسبة إلى نصيبين ، مدينة مشهورة من بلاد الجزيرة. (اللباب ٣ / ٣١٢).

(٣) في الأصل «أما».

٩٤

مجلّدات ، وله كتاب «الكافي» في الترسّل ، وكتاب «الأعياد» ، وكتاب «الإمامة» ذكر فيه فضائل عليّ رضى الله عنه ، وثبّت إمامة من تقدّمه. وكان شيعيّا كآل بويه ، وما أظنّه يسبّ ، لكنّه معتزلىّ ، قيل إنّه نال من البخاري ، وقال : إنّه حشوىّ لا يعوّل عليه ، وله كتاب «الوزارة» وكتاب «الكشف عن مساوى المتنبّي» وكتاب «أسماء الله وصفاته».

ومن ترسّله : «نحن [يا] (١) سيّدي ، في مجلس غنى إلّا عنك ، شاكرا (٢) إلّا منك ، قد تفتّحت [فيه] (٣) عيون النّرجس ، وتورّدت خدود [فيه] (٣) بالبنفسج ، وفاحت مجامر الأترج ، وفتقت فارات (٤) النّارنج ، وانطلقت (٥) ألسن العيدان ، وقامت خطباء الأوتار ، وهبّت رياح الأقداح ، ونفقت (٦) سوق الأنس ، وقام منادى الطّرب [وطلعت كواكب الندماء] (٧) وامتدّت (٨) سماء النّدّ ، فبحياتى إلّا (٩) ما حضرت (فقد أبت راح مجلسنا أن تصفو إلّا أن تتناولها يمناك ، وأقسم غناؤه أن لا يطيب حتى تعيه (١٠) أذناك ، فخدود نارنجه قد احمرّت خجلا لإبطائك ، وعيون نرجسه قد حدّقت تأميلا للقائك) (١١):

وله :

رقّ الزّجاج ورقّت الخمر

وتشابهت (١٢) فتشاكل الأمر

فكأنّها خمر ولا قدح

وكأنّما قدح ولا خمر

 __________________

(١) إضافة من يتيمة الدهر ٣ / ٢٢٢.

(٢) في اليتيمة «شاكر».

(٣) إضافة من اليتيمة.

(٤) في الأصل «فأراه» والتصحيح من اليتيمة.

(٥) في اليتيمة «أنطقت».

(٦) في الأصل «نفق».

(٧) ما بين الحاصرتين إضافة من اليتيمة.

(٨) في الأصل «امتد».

(٩) في اليتيمة «لما».

(١٠) في اليتيمة «أو تعيه».

(١١) ما بين القوسين من مثال آخر غير الّذي قبله. (اليتيمة ٣ / ٢٢٣).

(١٢) في الأصل «تشابهها».

٩٥

وله يرثى الوزير أبا عليّ كثير بن أحمد :

يقولون لي : أودى كثير بن أحمد

وذلك مرزوء عليّ جليل

فقلت : دعوني والبكا (١) نبكه معا

فمثل كثير في الرّجال قليل

وورد أنّ الصّاحب جمع من الكتب ما كان يحتاج في نقلها إلى أربعمائة جمل ، ولما عزم على الإملاء ، تاب إلى الله ، واتّخذ لنفسه بيتا سمّاه «بيت التّوبة» ولبث أسبوعا على الخير ، ثم أخذ خطوط الفقهاء بصحّة توبته ، ثم جلس للإملاء ، وحضر خلق كثير منهم القاضي عبد الجبّار بن أحمد.

وكان الصّاحب ينفذ إلى بغداد في السنة خمسة آلاف دينار ، تفرّق على الفقهاء والأدباء ، وكان يبغض من يميل إلى الفلسفة ، ومرض بالأهواز بالإسهال ، فكان إذا قام من الطّشت ، ترك إلى جانبه عشرة دنانير ، حتى لا يتبرّم به الخدم ، فكانوا يودّون دوام علّته ، ولما عوفي تصدّق بنحو من خمسين ألف دينار. وله ديوان شعر.

وقد مدحه أبو محمد بن عبد الله بن أحمد بن الخازن الشاعر بقصيدته المشهورة ، وهي :

هذا فؤادك نهبي بين أهواء

وذاك رأيك سار (٢) بين آراء

هواك بين العيون النّجل مقتسم

داء لعمرك ما أبلاه من داء

لا يستقرّ بأرض أو يسير إلى

أخرى بشخص قريب عزمه نائى

يوما بحزوى ويوما بالكثيب ويوما

بالعذيب ويوما بالخليصاء (٣)

ومنها :

صبيّة الحىّ لم تقنع بها سكنا

حتى علقت صبايا كلّ أحياء

أدعى بأسماء نبزا في قبائلها

كأن أسماء أضحى (٤) بعض أسمائى.

 __________________

(١) في وفيات الأعيان ١ / ٢٣١ «والعلا».

(٢) في اليتيمة «شورى».

(٣) كذا في الأصل وفي اليتيمة ، نصب «يوما» ، وفي (معجم البلدان ٢ / ٣٨٦) :

يوم بحزوى ، ويوم بالعقيق ، ويوم

بالعذيب ، ويوم بالخليصاء

(٤) في اليتيمة «أضحت».

٩٦

ثنت أناملها عنّي وقد دميت

من مهجتي فادّعتها وشى حنّاء

وهي طويلة.

وقيل إنّ نوح بن منصور الساماني ، كتب إليه يستدعيه ليفوّضه وزارته ، فاعتلّ عليه بأنّه يحتاج لنقل كتبه ، خاصّة ، أربعمائة جمل ، فما الظّنّ بما يليق من التجمّل.

ومن بديع نظم الصّاحب بن عبّاد :

تبسّم إذ تبسّم عن أقاح

وأسفر حين أسفر عن صباح

وألحقنى بكأس من رضاب

وكأس من جنى ورد وراح

له وجه يدلّ به وطرف

يمرّضه فيسكر كلّ صاح

جبينك والمقلّد والثّنايا

صباح في صباح في صباح

ومن شعره :

الحبّ سكر خماره التّلف

يحسن فيه الذّبول والدّنف

علوّه زاد في تصلّفه (١)

والحسن ثوب طرازه الصّلف

وقال أبو يوسف القزويني المعتزلي : كتب الفهري (٢) قاضى قزوين إلى الصّاحب ، مع كتب أهداها له :

الفهري (٣) عبد كافى الكفاة

وإن اعتدّ عن وجوه القضاة

خدم المجلس الرّفيع بكتب

مترعات من علمها منعمات (٣)

فأجاب الصّاحب :

قد قبلنا من الجميع كتابا

ورددنا لوقتها الباقيات

لست أستغنم الكبير فطبعي

قول خذ ، ليس مذهبي قول هات

ولد بإصطخر ، وقيل بالطّالقان ، في سنة ستّ وعشرين وثلاثمائة. والطّالقان : اسم لناحية من أعمال قزوين ، وأمّا بلد الطّالقان التي بخراسان

__________________

(١) في اليتيمة ٣ / ٢٣٢ : «عابوه إذ لجّ في تصلّفه».

(٢) في اليتيمة «العميري».

(٣) في اليتيمة «مفعمات من حسنها مترعات».

٩٧

فأخرى ، خرج منها جماعة علماء.

توفّى ليلة الجمعة من صفر ، سنة خمس وثمانين.

ومن مراثي الصّاحب :

ثوى الجود والكافي معا في حفيرة

ليأنس كلّ منهما بأخيه

هما اصطحبا حيّين ثم تعانقا

ضجيعين في لحد بباب دريه

إذا ارتحل الثّاوون عن مستقرّهم

أقاما إلى يوم القيامة فيه

وكان يلقّب «كافى الكفاة» أيضا ، وكانت وفاته بالرّيّ ، ونقل إلى أصبهان ، ودفن بمحلّة باب دريّة. ولما توفّى أغلقت له مدينة الرّيّ ، واجتمع الناس على باب قصره ، وحضره مخدومه وسائر الأمراء ، وقد غيّروا لباسهم ، فلما خرج نعشه ، صاح الناس صيحة واحدة ، وقبّلوا الأرض ، ومشى فخر الدولة ابن بويه أمام نعشه ، وقعد للعزاء.

ولبعضهم فيه :

كأن لم يمت حىّ سواك ولم تقم

على أحد إلّا عليك النّوائح

لئن حسنت فيك المراثي وذكرها

لقد حسنت من قبل فيك المدائح

إسماعيل بن محمد بن سعيد (١) ، أبو القاسم بن الخبّازة السّرقسطى.

سمع محمد بن يحيى بن لبابة ، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن ، وسعيد بن فحلون ، ورحل فسمع بمصر من أحمد بن مسعود الزّبيدى (٢) ، وبالقيروان من محمد بن محمد بن اللّبّاد ، وجمع علما كثيرا ، وكان شيخا صالحا ، وقرئت عليه الكتب ، وعاش نيّفا وثمانين سنة.

أفلح مولى الناصر (٣) عبد الرحمن بن محمد بن يحيى الأموي القرطبي.

رحل وسمع : أبا سعيد بن الأعرابي ، وجماعة ، وحدّث بيسير.

__________________

(١) الصلة لابن بشكوال ١ / ١٠٢ رقم ٢٣٣ ، تاريخ علماء الأندلس ١ / ٦٨ ، ٦٩ رقم ٢٢٢.

(٢) في الأصل «مسعود الزبيري».

(٣) تاريخ علماء الأندلس ١ / ٨٣ رقم ٢٦٢.

٩٨

الحسين بن على (١) ، أبو عبد الله النمري البصري ، صاحب التصانيف.

كان شاعرا محسنا لغويّا أديبا. قرأ على أبى عبد الله الأزدي ، وله مصنّف في أسماء الذهب والفضّة ، وكتاب «معاني الحماسة» وكتاب «الخيل» وكتاب «اللّمع».

وكان مقيما بالبصرة.

داود بن سليمان بن داود (٢) بن رباح ، أبو الحسن البغدادي البزّاز.

سمع أبا عبد الله المحاملي ، ومحمد بن عبيد الله الكاتب.

روى عنه : العتيقى ، وأبو القاسم التنوخي ، ومحمد العشاري ، ووثّقه العتيقى.

سعد بن محمد بن على (٣) ، أبو طالب الأزدي العراقي ، المعروف بالوكيل.

من كبار الأدباء ، وفحول الشعراء.

روى عنه أبو على التنوخي ، وأبو الخطّاب الجبليّ.

ألّف شرحا لديوان المتنبّي ، وكان فقيرا يمدح بالشيء اليسير ولا يبالي.

عاش ثمانين سنة.

عبد الرحمن بن محمد بن على (٤) ، أبو المطرّف بن السكان المالقي.

سمع بقرطبة من قاسم بن أصبغ ، ومحمد بن معاوية.

وكان حسن المشاركة في العلوم والآداب ، رئيسا.

عبد الواحد بن جعفر الناقد (٥) ، بغداديّ.

روى عن أبى القاسم البغوي.

__________________

(١) بغية الوعاة ١ / ٥٣٧ رقم ١١١٧ ، كشف الظنون ١ / ٨٩ ، روضات الجنات ٢٣٨ ، ٢٣٩ ، معجم المؤلفين ٣ / ٣٣.

(٢) تاريخ بغداد ٨ / ٣٨١ رقم ٤٤٨٧.

(٣) معجم الأدباء ١١ / ١٩٧.

(٤) تاريخ علماء الأندلس ١ / ٢٦٧ رقم ٨١٠.

(٥) تاريخ بغداد ١١ / ١٠ رقم ٥٦٦٩.

٩٩

وعنه : أحمد بن محمد العتيقى ، وقال : ثنا في هذه السنة ، وكان ثقة.

عبد الواحد بن محمد بن شاه ، أبو الحسن الشيرازي الصوفي نزيل نيسابور.

سمع إبراهيم بن عبد الصّمد الهاشمي ، ومحمد بن مخلد ، وأبا روق الهزّانى ، وصحب الزّهّاد.

روى : عنه الحاكم ، وغيره.

على بن أحمد بن محمد ، أبو الحسين المهلّبيّ الأديب.

توفّى بمصر ، وله فيما قيل : مائة وإحدى وخمسون سنة ، والله أعلم.

على بن الحسين بن بندار (١) بن عبد الله بن خير القاضي ، أبو الحسن الأذني.

سمع : محمد بن الفيض ، ومحمد بن خريم ، وسعيد بن عبد العزيز.

بدمشق ، وعلى بن عبد الحميد الغضائري بحلب ، وأبا عروبة بحرّان ، وابن فيل بأنطاكيّة ، وسكن مصر.

روى عنه : عبد الغنى الحافظ ، ومكّي بن على الجمّال ، ويوسف بن رياح البصري ، وهبة الله بن إبراهيم بن الصّوّاف ، وعبد الملك بن مسكين الفقيه ، وأحمد بن سعيد بن نفيس المقرئ.

وتوفّى في ربيع الأول. ما علمت به بأسا (٢).

__________________

(١) تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) ٥ / ٤٦٨ و ٢٥ / ٤٤ ، معجم البلدان ١ / ١٣٣ ، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان ق ١ / ج ٣ / ٣٢٦ رقم ١٠٧٣ ، العبر ٣ / ٢٨ ، شذرات الذهب ٣ / ١١٦ ، تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٨٩ ، حسن المحاضرة ١٥ / ١٥٧ ، سير أعلام النبلاء ١٦ / ٤٦٤ رقم ٣٧٨.

(٢) في الأصل «رأسا» وهو تصحيف.

١٠٠