تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٢٧

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

وقال الخطيب : قال الصّورى : وقد ذكر أبو أحمد أنّه قرأ على محمد بن يحيى الكسائي ، فكان الأمر من ذلك بعيدا.

قلت : وهذا وهم ، وقع لأبى أحمد رجع عنه ، وإنّما يروى هذه القراءة عن مجاهد تلاوة عن محمد بن يحيى سماعا لحروفها ، وكذا رواه لأبى عمرو الداني في «جامع البيان» ، فقال : قرأت بها على شيخنا أبى الفتح ، وقال : قرأت على عبد الله بن الحسين ، قال : قرأت على ابن مجاهد ، قال : أخبرنى محمد بن يحيى الكسائي ، عن اللّيث بن خالد ، عن الكسائي.

قلت : وأبو الفتح من أثبت القرّاء وأتقنهم ، وأما أبو القاسم الجدلي ، وابن الفحّام ، وغيرهما ممّن عنده طرق أبى أحمد ، فلم يذكروا قراءة أبى أحمد عن محمد بن يحيى أصلا ، وقد رواها ، أعنى رواية محمد (١) بن يحيى أبو الحسن بن شنبوذ ، وقد سقط اسمه على صاحب العنوان ، والله أعلم. وأنا أستغرب (٢) قراءة أبى أحمد على أحمد بن سهل الأشناني فإنّه توفّى سنة سبع وثلاثمائة ، ومولد أبى أحمد سنة خمس وسبعين ومائتين ، فيكون قد قرأ عليه وهو ابن اثنتي عشرة سنة إن كان قد قرأ عليه.

توفّى ليلة السبت لثمان بقين من المحرّم.

وذكر يحيى بن الطحّان أن أبا أحمد روى عن أبى العلاء الكوفي وعبد الله بن المعتزّ ، وعون بن أبى المزرّع.

قلت : ولم يدرك ابن المعتزّ ، فسألت الله السلامة ، فقد بان ضعف أبى أحمد وتخليطه فيا حينه.

عبد الرحمن بن محمد بن الخصيب (٣) بن رسته ، أبو على الضبّى الأصبهاني.

سمع الحسن بن محمد الداركى ، وأبا عمرو ابن عقبة ، وإبراهيم بن عبد الله بن محمد الزّينبى.

__________________

(١) في الأصل تكررت «رواية محمد».

(٢) في الأصل «المستقرب».

(٣) ذكر أخبار أصبهان ٢ / ١٢٣.

١٢١

روى عنه : أبو بكر بن أبى على ، وأبو نعيم الحافظ ، وأبو نصر إبراهيم بن محمد بن على الكسائي.

عبد الكبير بن محمد بن عفير (١) ، أبو محمد الحكمي الأندلسى المقرئ.

سمع من أبى جعفر بن النّحّاس ، وأبى سعيد بن الأعرابي ، وقاسم بن أصبغ ، والمظفّر بن أحمد المصري ، وقرأ على محمد بن عبد الله بن أشته ومحمد بن على.

وأقرأ الناس بقرطبة مدّة ، وتوفّى في صفر.

عبد الله بن أبى زيد (٢) ، أبو محمد فقيه القيروان.

توفّى سنة ستّ وثمانين ، وقيل سنة تسع ، وقد ذكر هنالك.

عبيد الله بن فرج بن مروان (٣) القرطبي النّحوىّ ويعرف بالطوطالقى.

أخذ عن أبى على القالي وأبى عبد الله الرّياحى ، وطائفة ، وبرع في اللّغة. وبرع في النّحو والآداب ، وقد اختصر كتاب «المدوّنة» ، وأجاد.

توفّى في عشر السبعين.

عبيد الله بن يعقوب بن إسحاق (٤) بن إبراهيم بن محمد بن جميل ، أبو أحمد الأصبهاني.

سمع من جدّه إسحاق «مسند أحمد بن منيع» وسمع من الحسن بن عثمان الفسوي : كتب يعقوب بن سفيان ، وسمع من أحمد بن جعفر بن محمويه البغدادي.

__________________

(١) تاريخ علماء الأندلس ١ / ٢٩٥ رقم ٨٧٦.

(٢) ستأتي ترجمته في وفيات سنة ٣٩٦ ه‍.

(٣) إنباه الرواة ٣ / ١٥٣.

(٤) ذكر أخبار أصبهان ٢ / ١٠٦ ، العبر ٣ / ٣٣ ، النجوم الزاهرة ٤ / ١٧٥ ، شذرات الذهب ٣ / ١٢٠ ، سير أعلام النبلاء ١٦ / ٥٣٥ رقم ٣٩١.

١٢٢

روى عنه : أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه ، [و] أبو بكر بن أبى على الذكوانيّ ، وأبو نعيم الحافظ ، وعلى بن القاسم بن إبراهيم بن شنبويه المقرئ ، وأبو نصر إبراهيم بن محمد الكسائي ، وعثمان بن أحمد بن سعيد الخلّال ، وعبد الواحد بن أحمد المعلّم.

قال ابن مردويه : توفّى في شعبان.

على بن أحمد بن محمد (١) بن مهران الأصبهاني.

روى عن أبى بكر محمد بن سعيد الفارسي ، عن زيد بن أخرم.

وعنه : أبو بكر بن أبى على ، وأبو نعيم.

على بن القاضي أبى عبد الله (٢) الحسين بن إسماعيل الضبىّ المحاملي ، أبو القاسم البغدادي.

سمع : أباه ، ومحمد بن محمد الباغندي ، وابن زياد النّيسابورى.

وعنه : ابن أخيه أحمد بن عبد الله ، وأبو القاسم الأزهري ، وتوفّى في شعبان.

وثّقه الخطيب.

على بن عمر بن محمد (٣) بن الحسن بن شاذان ، أبو الحسين الحميري البغدادي الحربي يعرف بالسّكرى وبالختلى ، وبالصّيرفي ، وبالكيّال.

سمع : أحمد الصوفي ، وعلى بن سرّاج ، وعبّاد بن على السيرينى ، ويحيى بن محمد الباغندي ، والهيثم بن خلف ، وأبا حبيب بن البرتي ، وعلى بن إسحاق بن زاطيا ، وعيسى بن سليمان ، والحسن بن الطّيّب البلخي ، وعلى بن الحسين بن حبّان ، وجماعة.

تفرّد بالرواية عن جماعة منهم.

__________________

(١) ذكر أخبار أصبهان ٢ / ٢٣.

(٢) تاريخ بغداد ١١ / ٤٠٠ رقم ٦٢٨٠.

(٣) تاريخ بغداد ١٢ / ٤٠ ، ٤٦ رقم ٦٤٠٥ ، المنتظم ٧ / ١٨٨ ، ١٨٩ رقم ٣٠٢ ، العبر ٣ / ٣٣ ، شذرات الذهب ٣ / ١٢٠ ، الكامل في التاريخ ٩ / ١٢٨ ، ميزان الاعتدال ٢ / ٢٣٤ ، لسان الميزان ٤ / ٢٤٦ ، تاريخ التراث العربيّ ١ / ٣٤٥ رقم ٢٥٢ ، الأنساب ٧ / ٩٦ ، سير أعلام النبلاء ١٦ / ٥٣٨ ، ٥٣٩ ، النجوم الزاهرة ٤ / ١٧٥.

١٢٣

روى : عنه أبو القاسم الأزهري ، وأبو محمد الخلّال ، وأبو الطّيّب الطّبرى ، والعتيقى ، وأبو القاسم التنوخي ، والقاضي أبو يعلى محمد بن الحسين الفرّاء ، وأبو الغنائم محمد بن على بن الدّجاجى ، [و] عبد الصمد بن المأمون ، وأبو الحسين محمد بن المهتدي بالله وهو آخرهم ، وأبو الحسين بن النقور.

أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهي ، أنا أحمد بن أبى الفتح ، والفتح بن عبد السلام قالا : أنا محمد بن عمر الأرموي ، أنا أحمد بن محمد البزّاز ، أنا على بن عمر الحربي ، ثنا أحمد بن الحسن الصوفي ، ثنا يحيى بن زبير ، ثنا سفيان بن عيينة ، عن حميد الأعرج ، عن سليمان بن عتيق ، عن جابر ، أنّ النّبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أمر بوضع الجوائح (١) ونهى عن بيع السنين (٢).

قال التنوخي : سمعت الحربي يقول : ولدت سنة ستّ وتسعين ومائتين ، وأوّل سماعي سنة ثلاث وثلاثمائة من الصوفي.

قال الخطيب : قال البرقاني ، عن الحربي : لا يساوى شيئا ، فسألت الأزهري عنه فقال : صدوق ، وكان سماعه في كتب أخيه ، لكنّ بعض المحدّثين قرأ عليه منها شيئا ، لم يكن سماعه ، وأمّا الشيخ فكان في نفسه ثقة.

وقال الأزجي : كان صحيح السّماع.

وقال العتيقى : كان ثقة ذهب بصره في آخر عمره ، وتوفّى في شوّال.

على بن محمد بن أحمد (٣) اليزداذى (٤) الرازيّ نزيل ما وراء النهر.

روى عن أبى بكر بن زياد النّيسابورى ، وابني المحاملي : القاسم والحسين ، وغيرهم.

__________________

(١) في الأصل «الجرائح» وهو تصحيف.

(٢) أخرجه مسلم رقم ١٥٥٤ في المساقاة ، باب وضع الجوائح ، وأبو داود رقم ٣٣٧٤ و ٣٤٧٠ في الإجارة ، باب وضع الجائحة ، وباب بيع السنين ، والنسائي ٧ / ٢٦٤ و ٢٦٥ في البيوع ، باب وضع الجوائح.

(٣) اللباب ٣ / ٤١١.

(٤) اليزداذى : بفتح الياء وسكون الزاى وفتح الدال المهملة وبعد الألف ذال معجمة. نسبة إلى يزداذ ، وهو جدّ المنتسب إليه. (اللباب ٣ / ٤١٠).

١٢٤

يعرف بالخازن ، ولّى القضاء بمدائن عدّة.

غزوان بن القاسم بن على (١) ، أبو عمرو المازني البغدادي ثم المصري.

روى عن الحسن بن مليح ، وقرأ القرآن على ابن شنبوذ ، وأقرأ.

عمّر ستّا وتسعين سنة.

وقال الداني : قرأ على ابن مجاهد ، وكان مساهرا ضابطا.

تلا عليه إسماعيل بن عمرو الحدّاد.

المثنّى بن محمد بن المثنّى (٢) ، أبو الهيثم الأزدي (٣) المروزي.

حدّث عن أحمد بن محمد بن المكندرى ، وعبد الرحمن بن محمد بن حمدويه.

روى عنه : جعفر المستغفري ، وأبو العلاء الواسطي ، وعلى بن طلحة.

محمد بن إبراهيم السوسي (٤) شيخ الصوفية بدمشق.

روى عن أبى على محمد بن شعيب ، وأبى عبد الله الرّوذباريّ.

روى عنه : محمد بن الحسين بن الترجمان.

محمد بن حسّان بن محمد الفقيه ، أبو عبد الله بن أبى الوليد النّيسابورى الشافعيّ.

أفتى ودرّس زمن أبيه ، وروى عن ابن الشرفى ، وابن عبدان.

وعنه : الحاكم وجماعة. مات في شوّال ، وله أربع وثمانون سنة.

محمد بن الحسن بن إبراهيم (٥) الأستراباذي ، وقيل إنّه جرجانى ، الفقيه

__________________

(١) معرفة القراء الكبار ١ / ٢٦٧ ، ٢٦٨.

(٢) تاريخ بغداد ١٣ / ١٧٤ رقم ٧١٥١.

(٣) في الأصل «الأردني».

(٤) النجوم الزاهرة ٤ / ١٧٥.

(٥) تاريخ جرجان ٤٣٧ رقم ١١٤٥ ، العبر ٣ / ٣٣ ، وفيات الأعيان ٤ / ٢٠٣ رقم ٥٧٧ ، الوافي بالوفيات ٢ / ٣٣٨ ، ٣٣٩ رقم ٧٩٢ ، طبقات الشافعية الكبرى ٢ / ١٤٣ ، النجوم الزاهرة ٤ / ١٧٥ ، شذرات الذهب ٣ / ١٢٠ ، مرآة الجنان ٢ / ٤٣١ ، طبقات العبّادى ١١١ ، طبقات الفقهاء للشيرازى ١٢١ ، الأنساب ٥ / ٤٧ ، اللباب ١ / ٤٢٢ ، طبقات الشافعية للإسنويّ=

١٢٥

الشافعيّ المعروف بالختن. كان ختن الإمام أبى بكر الإسماعيلي.

ولد سنة إحدى عشرة وثلاثمائة ، وكان إماما فاضلا ورعا مشهورا ، وله وجوه حسنة في المذهب ، وكان مقدّما في الأدب ، ومعاني القراءات والقرآن ، مناظرا ، سمع الحديث من أبى نعيم عبد الملك بن عدىّ وجماعة بجرجان ، ومن عبد الله بن فارس ونحوه بأصبهان ، ومن أبى العبّاس الأصمّ بنيسابور ، وأكثر عن الأصمّ ، وشرح «التلخيص» لأبى العبّاس بن القاصّ.

وخلّف من الأولاد أبا بشر الفضل ، وأبا النّضر عبيد الله ، وأبا عمرو عبد الرحمن ، وأبا الحسن عبد الواسع.

توفّى بجرجان يوم عرفة ، ودفن يوم الأضحى.

محمد بن خراسان ، أبو (١) عبد الله المصري.

قرأ القرآن على المظفّر بن أحمد ، وسمع من أبى جعفر النّحّاس ، وبرع في العربية ، وسكن صقلّيّة.

وحمل عنه جماعة ، وعمّر ستّا وتسعين سنة.

محمد بن سليمان بن يزيد الفامي القزويني ، أبو سليمان.

سمع من أبيع ، ومحمد بن جمعة بن زهير ، والعبّاس بن الفضل بن شاذان الرّازى ، وغيرهم.

وعاش تسعين سنة.

محمد بن عبد الله بن عبد المؤمن (٢) ، أبو عبد الله القرطبي المعلّم ، ابن بنت أصبغ بن مالك ، كان عنده أصول جدّه أصبغ ، ويذكر أنّه سمعها ، ويدّعى أنّه أدرك محمد بن وضّاح ، وكان شيخا تائها لا معرفة له.

__________________

١ / ٤٦٥ ، ٤٦٦ ، طبقات المفسّرين للداوديّ ٢ / ١١٧ ، ١١٨ ، طبقات الشافعية لابن هداية الله ١٠٤ ، ١٠٥ ، سير أعلام النبلاء ١٦ / ٥٦٣ ، ٥٦٤ رقم ٤١٥.

(١) في الأصل «أبى».

(٢) تاريخ علماء الأندلس ٢ / ٩٩ رقم ١٣٧٣.

١٢٦

كتب عنه قوم حدّثهم عن جدّه ، ولو أرادوه على أن يحدّثهم عن نوح عليه‌السلام لفعل.

توفّى في المحرّم ، وقيل إنّه ، جاوز المائة ، فالله أعلم.

محمد بن عثمان بن إسحاق ، أبو الفضل النّسفيّ. شيخ مسنّ.

روى عن محمود بن عنبر تسعين حديثا ، وهو آخر أصحابه.

روى عنه جعفر المستغفري.

محمد بن على بن عطيّة (١) ، أبو طالب الحارثي المكّي. مصنّف كتاب «قوت القلوب».

كان من أهل الجبل ، ونشأ بمكّة وتزهّد ، وله لسان حلو في التصوّف.

روى عن : على بن أحمد المصّيصيّ ، وأحمد بن يوسف بن جلاد النّصيبيّ ، وأحمد بن الضّحّاك الزّاهد ، وأبى بكر الآجريّ ، ومحمد بن عبد الحميد الصّنعانى ، ومحمد بن أحمد المفيد ، وغيرهم.

روى عنه : عبد العزيز الأزجي.

قال الخطيب : حدّثنى العتيقى ، والأزهري أنّه كان مجتهدا في العبادة ، وتوفّى في جمادى الآخرة ، وقال لي أبو طاهر محمد بن على العلّاف إنّه وعظ ببغداد ، وخلّط في كلامه ، وحفظ عنه أنّه قال : ليس على المخلوقين أضرّ من الخالق ، فبدعه الناس وهجروه. وقال غيره : إنّ أبا طالب كان يستعمل الرياضة كثيرا ، ولقي مشايخ وسادة ، ودخل البصرة بعد وفاة أبى الحسن بن سالم ، فانتهى إلى مقالته.

__________________

(١) تاريخ بغداد ٣ / ٨٩ رقم ١٠٧٩ ، المنتظم ٧ / ١٨٩ ، ١٩٠ رقم ٣٠٣ ، مرآة الجنان ٢ / ٢٣٠ ، البداية والنهاية ١١ / ٣١٩ ، ٣٢٠ ، الكامل في التاريخ ٩ / ١٢٨ ، العبر ٣ / ٣٣ ، ٣٤ ، النجوم الزاهرة ٤ / ١٧٥ ، عيون التواريخ (المصور) ١٢ ق ٢ / ٢٤٣ ، الوافي بالوفيات ٤ / ١١٦ ، الأنساب ١ / ٥٤١ ، وفيات الأعيان ٤ / ٣٠٣ رقم ٦٣٠ ، دول الإسلام ١ / ٢٣٤ ، لسان الميزان ٥ / ٣٠١ ـ ٣٠٣ ، ميزان الاعتدال ٣ / ١٠٧ شذرات الذهب ٣ / ١٢٠ ، ١٢١ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٣٨ ، كشف الظنون ١٣٦١ و ٢٠١٣ ، هدية العارفين ٢ / ٥٥ ، معجم المؤلفين ١١ / ٢٧ ، ٢٨ ، تاريخ ابن الوردي ١ / ٣١٣ ، سير أعلام النبلاء ١٦ / ٥٣٦ ، ٥٣٧. رقم ٣٩٣ ، الوفيات لابن قنفذ ٢٢٢ ، العقد الثمين ٢ / ١٥٨ ـ ١٥٩.

١٢٧

قال أبو القاسم بن بشران : دخلت على شيخنا أبى طالب المكّي فقال : إذا علمت أنّه قد ختم لي بخير فانثر على جنازتي سكّرا ولوزا ، وقل : هذا حاذق ، ثم قال : خذ بيدي إذا احتضرت ، فإذا قبضت على يدك فاعلم أنّه قد ختم لي بخير ، وإن لم أقبض فاعلم أنّه لم يختم بخير ، فقعدت عنده ، فلما كان عند موته قبض على يدي قبضا شديدا ، فلما خرجت جنازته نثرت عليه سكّرا ولوزا ، وقلت : هذا الحاذق كما أمرنى.

رأيت أربعين حديثا لأبى طالب وبخطّه ، قد أخرجها بأسانيده ، وروى فيها عن عبد الله بن جعفر بن فارس إجازة ، وروى في أوّلها : «من حفظ على أمّتى أربعين حديثا» من خمسة أوجه. وقد خرّج فيها من أبى زيد المروزي من «صحيح البخاري» رحمه‌الله ، «كنه حمده بحمده».

محمد بن عبد الله بن حمشاذ (١) ، أبو منصور الحمشاذى (٢) النّيسابورى الفقيه الأديب الزّاهد.

سمع من : أبى طالب حامد بن بدال أبى بكر القطّان ، وفي الرحلة من ابن الأعرابي ، وابن البختري.

وكان زاهدا عبادا كبير الشأن يخرّج أئمّة ، وعاش اثنتين وسبعين سنة ، وكان من كبار الشافعيّة.

محمد بن عمر بن سعدون (٣) ، أبو عبد الله المعافري القرطبي الغضائري.

شيخ صالح قليل العلم ، حجّ وسمع بمكّة من ابن الأعرابي ، وبمصر من أحمد بن جامع وجماعة. سقط عليه حائط فمات تحته في ربيع الآخر.

وقد أخذ عنه ابن الفرضىّ.

__________________

(١) الوافي بالوفيات ٣ / ٣١٧ رقم ١٣٦٩ ، طبقات الشافعية الكبرى ٢ / ١٦٧.

(٢) الحمشاذى : بفتح الحاء المهملة والميم الساكنة والشين المعجمة المفتوحة بعدها الألف وفي آخرها الذال المعجمة ، هذه النسبة إلى حمشاذ ، وهو اسم لبعض أجداد أبى على الحسن بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن حمشاذ بن سختويه .. (الأنساب ٤ / ٢٢١ ، اللباب ١ / ٣٨٩).

(٣) تاريخ علماء الأندلس ٢ / ٩٩ ، ١٠٠ رقم ١٣٧٤.

١٢٨

محمد بن محمد بن إبراهيم بن جبريل ، أبو طاهر النّسفي الفقيه.

قال جعفر المستغفري : كان يسبح وحده في الفقه والزّهد والورع ، رحمه‌الله ، ومات كهلا.

محمد بن المسيّب (١) ، أبو داود العقيلي صاحب الموصل ، تملّكها سنوات.

منصور بن يوسف بن بلكّين (٢) الصّنهاجى صاحب إفريقية.

كان بطلا شجاعا جوادا ، فولّى بعد أبيه باديس لعمّه حمّاد على ولاية أشتر ، فعظم حمّاد وكثر عسكره ، ثم عصى على ابن أخيه ، ثم اقتتلا سنة ستّ وأربعين ، فانهزم حمّاد ، ومات باديس بعد أشهر ، فقاتل المعزّ بن باديس حمّادا ، فانهزم حمّاد أيضا ، وفي بيته ملوك أنشئوا بجاية.

ميمون بن عبد الغفّار بن حسنويه ، أبو سعيد المصري. توفّى عن نيّف وستّين سنة.

أبو منصور العزيز بالله (٣) بن المعزّ بالله أبى تميم معدّ بن المنصور بالله أبى الطّاهر إسماعيل بن القائم بأمر الله محمد بن العبيدي. إنّهم علويّون فاطميّون ، وهذا هو صاحب مصر والشام والمغرب ، ووالد الحاكم. ولّى المملكة بعد والده في ربيع الآخر سنة خمس وستّين وثلاثمائة ، وله إحدى وعشرون سنة. وكان كريما شجاعا ، حسن الصّفح.

__________________

(١) الكامل في التاريخ ٩ / ١٢٥ ، شذرات الذهب ٣ / ١٢٦ ، العبر ٣ / ٣٧ (وفيات سنة ٣٨٧) ، المختصر في أخبار البشر ٤ / ١٣١.

(٢) الكامل في التاريخ ٩ / ١٢٧ ، مآثر الإنافة ١ / ٣٣١.

(٣) ذيل تاريخ دمشق ٤٤ ، المنتظم ٧ / ١٩٠ رقم ٣٠٤ ، مرآة الجنان ٢ / ٤٣٠ ، ٤٣١ ، البداية والنهاية ١١ / ٣٢٠ ، الدرّة المضيّة ٢٣٨ ، الكامل في التاريخ ٩ / ١١٦ ـ ١١٨ ، النجوم الزاهرة ٤ / ١١٢ وما بعدها ، وانظر فهرس الأعلام في اتعاظ الحنفا ، وفيات الأعيان ٥ / ٣٧١ ـ ٣٧٦ رقم ٧٥٩ ، تاريخ ابن خلدون ٤ / ٥١ ، خطط المقريزي ١ / ٣٥٤ ، العبر ٣ / ٣٤ ، شذرات الذهب ٣ / ١٢١ ، بلغة الظرفاء ٧١ ، بدائع الزهور ج ١ / ق ١ / ١٩٧ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٣١ ، تاريخ ابن الوردي ١ / ٣١٣ ، البيان المغرب ١ / ٢٢٩ ، سير أعلام النبلاء ١٦ / ١٦٧ ـ ١٧٣ رقم ٦٩ ، تاريخ الزمان لابن العبري ٧٣ ، عيون الأخبار وفنون الآثار ٢٠٥ وما بعدها ، تاريخ مختصر الدول ١٧٨ تاريخ الفارقيّ ٧١ ، تاريخ العظيمي ٣١٤.

١٢٩

قال المسبّحي : وفي أيّامه بنى قصر البحر بالقاهرة الّذي لم يكن مثله لا في شرق ولا غرب ، وقصر الذّهب ، وجامع القرافة. وكان أسمر ، أصهب الشعر ، أعين أشهل (١) ، بعيد ما بين المنكبين ، حسن الخلق ، قريبا من الناس ، لا يؤثر سفك الدماء ، وكان مغرى بالصّيد ، ويتصيّد السّباع ، وكان أديبا فاضلا ، فذكر له أبو منصور الثعالبي في «يتيمة الدهر» هذه الأبيات :

نحن بنو المصطفى ذوو محن

تجرّعها في الحياة كاظمنا

عجيبة في الأنام محنتنا

أوّلنا مبتلى وخاتمنا

يفرح هذا الورى بعيدهم

طرّا وأعيادنا (٢) مآتمنا

وكان قد مات له ابن في العيد ، فقال هذا. ثم قال أبو منصور : سمعت الشيخ أبا الطّيّب يحكى أنّ الأمويّ صاحب الأندلس كتب إليه نزار صاحب مصر كتابا يسبّه فيه ويهجوه ، فكتب إليه : «أمّا بعد ، فإنّك قد عرفتنا فهجوتنا ، ولو عرفناك لأجبناك» قال : فاشتدّ ذلك على نزار ، وأفحمه عن الجواب ، يعنى أنّه دعىّ لا يعرف قبيلته ، حتى كان يهجوه.

وقال أبو الفرج بن الجوزي (٣) : كان العزيز قد ولّى عيسى بن نسطورس (٤) النّصرانيّ ، واستناب بالشام منشّأ اليهودىّ ، فكتبت إليه امرأة : بالذي أعزّ اليهود بمنشّا ، والنّصارى بابن نسطورس (٥) ، وأذلّ المسلمين بك ، إلّا نظرت في أمرى ، فقبض على اليهودىّ والنّصرانيّ ، وأخذ من ابن نسطورس ثلاثمائة ألف دينار.

قال ابن خلّكان (٦) ، رحمه‌الله : وأكثر أهل العلم لا يصحّحون نسب المهدىّ عبيد الله جدّ خلفاء مصر ، حتى أنّ العزيز في أوّل ولايته صعد المنبر يوم الجمعة ، فوجد هناك ورقة فيها :

__________________

(١) أعين : واسع العين.

(٢) أشهل : زرقة تشوب السواد.

(٣) في اليتيمة ١ / ٢٥٤ «أفراحنا».

(٤) المنتظم ٧ / ١٩٠.

(٥) في الأصل «نسطور».

(٦) وفيات الأعيان ٥ / ٣٧٣.

١٣٠

إنّا سمعنا نسبا منكرا

ويتلى على المنبر في الجامع

إن كنت فيما تدّعى صادقا

فاذكر أبا بعد الأب السابع

وإن ترد تحقيق ما قلته

وفانسب لنا نفسك كالطائع

أو لا دع الأنساب مستورة

ادخل بنا في النّسب الواسع

إنّا فإنّ أنساب بنى هاشم

يقصر عنها طمع الطّامع

وصعد العزيز يوما آخر المنبر فرأى ورقة فيها مكتوب :

بالظّلم والجور قد رضينا

وليس بالكفر والحماقة

إن كنت أوتيت علم غيب

بيّن (١) لنا كاتب البطاقة (٢)

قال ابن خلّكان : وذلك أنّهم ادّعوا المغيّبات ، وأخبارهم في ذلك مشهورة.

وفتحت للعزيز مصر وحماه وحلب ، وخطب له صاحب الموصل أبو الذّواد محمد بن المسيّب العقيلي بالموصل سنة اثنتين وثمانين ، وضرب اسمه على السّكّة والأعلام ، وخطب له أيضا باليمن.

ومات في رمضان ، وعمره اثنتان وأربعون سنة وأشهر ، ببلبيس في حمّام من قولنج لحقه.

يوسف [بن] (٣) إبراهيم بن موسى (٤) أبو يعقوب (٥) السّهميّ الجرجاني الرجل الصالح ، والد الحافظ حمزة.

وسمع أبا نعيم بن عدىّ الأستراباذي الجويني ، وجماعة.

وروى عنه : ابنه ، ومحمد بن الخوّاص.

أبو طالب المكّي. اسمه محمد بن على ، قد تقدّم.

* * *

__________________

(١) في الوفيات ٥ / ٣٧٤ «فقل».

(٢) والبيتان أيضا في تاريخ يحيى بن سعيد الأنطاكي (بتحقيقنا) ، وبدائع الزهور ج ١ ق ١ / ٢٠٨.

(٣) ساقطة من الأصل.

(٤) تاريخ جرجان ٤٩٣ رقم ١٠٠٠.

(٥) في الأصل «أبو موسى أبو يعقوب».

١٣١
١٣٢

[وفيات]

سنة سبع وثمانين وثلاثمائة

أحمد بن محمد بن على (١) بن مزدئن (٢) أبو على القومساني النّهاوندى الزّاهد. سكن أنبط ، قرية من كورة همذان.

روى عن : أبى يعلى محمد بن زهير الأبلّي ، وعلى بن عبد الله بن مبشّر الواسطي ، وعبد الله بن أحمد بن عمر الطّائى ، وعلى بن محمد بن عامر النّهاوندى ، وعبد الرّحمن الجلّاب الهمذانيّ ، وطائفة.

روى عنه : ابناه محمد وعثمان ، ورافع بن محمد أبو نصر شعيب ، وجعفر بن محمد الأبهري ، ومحمد بن عيسى ، وجماعة من أهل همذان.

قال شيرويه في «الطبقات» : كان صدوقا ثقة ، شيخ الصّوفية ، ومقدّمهم في الجبل ، والمشار إليه ، وكان له آيات وكرامات ظاهرة ، وقبره بأنبط يزار ويقصد من البلدان. سمعت الإمام محمد بن عثمان القومساني : سمعت جعفر بن محمد الأبهري يقول : دخلت (٣) على الشيخ أبى على بن مردين وهو في محرابه ، بعد ما ذهب بصره ، فجلست خلف عمود أفكّر في نفسي ، هل بقي في الدّنيا من يتكلّم على السّر ، فلم أستكمل خاطري حتى صاح الشيخ من المحراب فقال : يا جعفر ، لم تقول كذا؟ وهل تخلو الدنيا من أولياء الله الذين يتكلّمون على السّرّ؟ قال شيرويه : وسمعت أبا جعفر محمد بن الحسين

__________________

(١) الوافي بالوفيات ٨ / ٦٤ رقم ٣٤٨٦.

(٢) مزدئن : قال الصفدي : بفتح الميم وسكون الزاى وفتح الدال المهملة وياء مهموزة بعدها نون.

(٣) في الأصل «دخل».

١٣٣

الصّوفى يقول : سمعت جعفر الأبهري ، يقول : سمعت أبا على القومساني يقول : رأيت ربّ العزّة في المنام سنة إحدى وثمانين فناولني كوزين ، شبه القوارير ، فشربت منهما ، فانتبهت وأنا أتلو هذه الآية (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً) (١). ورأيت مرة ربّ العزّة في أيام القحط فقال : يا أبا عليّ لا تشغل خاطرك ، فإنّك [من] (٢) عيالي وعيالك عيالي وأضيافك عيالي.

قال شيرويه : سمعت أبا على أحمد بن طاهر القومساني يقول : سمعت جعفر الأبهري يقول : دخلت على أبى على القومساني ، فغسل يديه عقيب الطّعام ، فأخذت الطّشت وخرجت به فشربته ، فخرجت إلى بغداد ، وما ذقت شيئا. وكنت أسمعه يقول : الرافضة أسوأ حالا عند الله من إبليس ، لأنّه قال في إبليس (وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ) (٣). فهذه لعنة إلى وقت معلوم. وقال في الرّوافض. (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٤). يعنى تكلّموا في عائشة. سمعت أبا الفضل محمد بن عثمان الفقيه ، سمع أبا الهيج الكردي يقول ، كانت نفسي تطالبنى في زيارة الشيخ أبى على القومساني ، فتمادت بى الأيام حتى بلغني مرضه ، فبادرت ، فتلقّاني نعيّه في الطّريق ، فسألت ولده أبا إسحاق أن يحكى لي بعض كراماته ، فقال لي : يطول عليّ وعليك ذلك ، ولكنّى أخبرك ما شاهدت منه في مرض موته ، أتانا رجل من كرمان ، صوفىّ في بزّة حسنة ، فاستأذنت له ، فقال : هذا الرجل لا أحبّ لقاءه ، فرجعت وتعلّلت بشدّة مرضه ، فقال : إنّني من مسافة بعيدة ، فلا تحرمني لقاء الشيخ ، فتبقى حسرة ، فقال لي : قبل أن أكلّمه يا بنىّ إيّاك أن تدخل هذا الرجل عليّ ، فهبت أن أراجعه ، ثم في المرّة الثالثة قال : يا بنىّ لا تدخلنّه عليّ ، فإنّه عاق لوالديه ، فرجعت وتجرّأت عليه ، وأخبرته بجليّة الأمر ، فاضطرب

__________________

(١) سورة الإنسان ـ الآية ٢١.

(٢) إضافة على الأصل.

(٣) سورة الحجر ـ الآية ٣٥.

(٤) سورة النور ـ الآية ٢٣.

١٣٤

الرجل وبكى ، وسقط إلى الأرض ، وقال لي : أنت تائب إلى الله ، فدخلت على الشيخ ، فقال : إنّ الرجل قد تاب ، فأدخله ، فإنّ الله يقبل المعذرة ، فدخل يبكى ويعتذر ، فقال الشيخ : تذكّر خروجك من عند أمّك وهي تبكى ، وتمنعك مفارقتها ، وأنت تقول ، أنا أريد زيارة المشايخ ، وهي تمنعك ، فخرجت وهي باكية حزينة ، وقد قال النّبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم للرجل الّذي أتاه يغزو «ألك والدان؟ قال ، نعم ، فارقتهما وهما يبكيان ، قال : «ارجع فأضحكهما كما أبكيتهما» (١). ثم قال الشيخ : عليك بالرجوع من فورك هذا ، وإلّا كنت من المطرودين من باب الله ، فرجع كما أمره ، ومات الشيخ بعد يوم.

قال شيرويه : توفّى سنة سبع وثمانين.

أحمد بن محمد بن أحمد (٢) بن سلمة ، أبو بكر الغسّانى الدمشقيّ النّحوىّ ، المعروف بابن شرام.

سمع : أبا الدّحداح أحمد بن محمد ، وأبا بكر الخرائطى ، وجماعة.

وعنه : أحمد الطّيّان ، وعلى بن محمد الربعي ، ورشأ بن نظيف.

توفّى في شعبان.

إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبى حمّاد ، أبو إسحاق الأسدي الأبهري المالكي.

حدّث بهمذان سنة سبعين كما ذكر وما وراء النهر (٣) ، وعمّر دهرا.

قال أبو يعلى الخليلي : فقيه عابد كبير المحلّ. سمع أحمد بن

__________________

(١) الحديث صحيح ، أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد ٣ / ١٧ باب في الرجل يغزو وأبواه كارهان (٢٥٢٨) من طريق عطاء بن السائب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : جئت أبايعك على الهجرة ، وتركت أبويّ يبكيان ، فقال : «ارجع عليهما فأضحكهما كما أبكيتهما».

والنسائي في كتاب البيعة ٧ / ١٤٣ باب البيعة على الهجرة ، وابن ماجة في الجهاد ، باب الرجل يغزو وله أبوان (٢٧٨٢) ، وأحمد في المسند ٢ / ١٦٠ و ١٦٤ و ١٩٨ و ٢٠٤.

(٢) تهذيب تاريخ دمشق ١ / ٤٤٥.

(٣) في الأصل «ذكرنا وما مهر».

١٣٥

محمد بن ساكن (١) الزّنجانى ، ومحمد بن مسعود القزويني ، وبالعراق الجوزجاني ، وابن عقدة ، ونيّف على المائة.

مات سنة سبع وثمانين وثلاثمائة.

قلت : تفرّد بالرواية عن محمد بن عبد بن عامر السمرقندي وغيره.

روى عنه خلق بهمذان.

تميم بن إسماعيل المعروف بالفحل (٢). قدم دمشق متولّيا عليها من قبل صاحب مصر الحاكم في هذه السنة ، وليها سنة تسعين ، ومات فيها.

جعفر بن محمد بن الفضل (٣) ، أبو القاسم بن المارستاني الدّقّاق ، بغداديّ ، قدم مصر ، وحدّث عن أبى بكر بن مجاهد ، ومحمد بن مخلد.

روى عنه : أبو محمد الخلال ، وأبو القاسم التنوخي ، وأبو على بن المذهّب. روى كتبا وقراءات (٤).

قال الدار قطنى : يكذب ، ما سمع من هؤلاء.

وقال الصّورى : كان كذّابا.

الحسن بن إبراهيم بن الحسن (٥) بن الحسين بن على بن خلف بن زولاق ، أبو محمد اللّيثي المصري المؤرّخ.

له مصنّف في التاريخ ، وله كتاب «خطط مصر».

توفّى في ذي القعدة ، وكان جدّه من مشاهير العلماء.

الحسن بن أحمد بن عبد الله (٦) بن بكير ، أبو عبد الله البغدادي الصّيرفي الحافظ.

__________________

(١) في الأصل «سالن».

(٢) أمراء دمشق في الإسلام ٢٢ رقم ٧٥ ، ذيل تاريخ دمشق ٥٧ ، اتعاظ الحنفا ٢ / ١٧ و ٤٥.

(٣) تاريخ بغداد ٧ / ٢٣٣ رقم ٣٧٢٢ ، المنتظم ٧ / ١٩١ رقم ٣٠٦.

(٤) في الأصل «كتب قرأت» والتصحيح من تاريخ بغداد حيث قال ، «وروى قراءات وكتبا مصنّفة».

(٥) مرّت ترجمته في وفيات السنة السابقة ٣٨٦ ه‍.

(٦) تاريخ بغداد ٨ / ١٣ رقم ٤٠٥١ ، المنتظم ٧ / ٢٠٣ رقم ٣٢٠ (وفيات سنة ٣٨٨ ه‍) ، مرآة=

١٣٦

سمع أبا جعفر بن البختري (١) ، وإسماعيل الصّفّار ، وعثمان بن السّمّاك ، وأبا بكر النّجّار ، فمن بعدهم.

روى عنه : أبو حفص بن شاهين وهو أكبر منه ، وأبو العلاء الواسطي وأبو القاسم التنوخي ، وعبيد الله الأزهري ، وآخر من حدّث عنه أبو الحسين محمد بن المهتدي بالله.

قال الأزهري : سمعته يقول في حديث : هذا حديث كتبه عنّي محمد بن إسماعيل الورّاق ، وأبو الحسن الدار قطنى.

وقال أبو القاسم الأزهري : كنت أحضر عند ابن بكير ، وبين يديه أجزاء ، فأنظر فيها ، فيقول لي : أيّما أحبّ إليك؟ تذكّرنى متن (٢) ما تريد من هذه الأجزاء ، حتى أخبرك بإسناده ، أو تذكّر إسناده حتى أخبرك بمتنه ، فكنت أذكر له المتون ، فيحدّثنى بالأسانيد كما هي حفظا ، وفعلت هذا معه مرارا كثيرة ، وكان ثقة ، لكنّهم حسدوه وتكلّموا فيه.

قال الخطيب : قال ابن أبى الفوارس : كان يتساهل في الحديث ، ويلحق في بعض أصول الشرع ما ليس منها ، ويصل المقاطيع. ولد سنة سبع وعشرين وثلاثمائة ، وتوفّى في ربيع الآخر ، رحمه‌الله.

حسن بن أحمد بن النّيسابورى (٣) المحمي ، أبو على.

حدّث ببغداد.

عن أبى العبّاس الأصمّ.

روى عنه : محمد بن طلحة النّعالى ، وعبيد الله الأزهري.

حدّث في هذه السنة ، وكان ثقة.

__________________

= الجنان ٢ / ٤٣٥ ، البداية والنهاية ١١ / ٣٢٤ ، ٣٢٥ ، العبر ٣ / ٣٨ ، (وفيات سنة ٣٨٨ ه‍.) ،

لسان الميزان ٢ / ٢٦٢ ، ٢٦٣ رقم ١٠٠ ، ميزان الاعتدال ١ / ٥٢٨ ، تذكرة الحفاظ ٣ / ١٠١٧ ، الوافي بالوفيات ١٢ / ٣٣٩ ، ٣٤٠ رقم ٣١٧.

(١) في الأصل «البحتري» وهو تصحيف.

(٢) في الأصل «حين» والتصحيح من ترجمته القادمة.

(٣) تاريخ بغداد ٧ / ٢٧٧ رقم ٣٧٦٦.

١٣٧

الحسين بن أحمد بن محمد (١) ، أبو عبد الله البصري الرّيحانى.

سكن بغداد ، وحدّث عن أبى القاسم البغوي ، وابن صاعد ، وابن مبشّر الواسطي.

وعنه : أبو محمد الخلّال ، والعتيقى ، ومحمد بن على العشاري.

قال العتيقى : كان شيخا أمينا له أصول صحاح.

الحسين بن محمد بن سليمان (٢) ، أبو عبد الله البغدادي الكاتب.

حدّث عن البغوي ، وأبى محمد بن صاعد ، وأبى بكر النّيسابورى.

روى عنه ، أبو القاسم التنوخي ، وأبو طالب العشاري ، وأبو الحسين بن المهتدي بالله.

حدّث في هذه السنة ، ولم يضبط وفاته ، وكان صدوقا.

الحسين بن محمد بن إبراهيم (٣) بن شريك ، أبو على الأصبهاني الطبيب.

سمع محمد بن عمر الجورجيرى (٤) ، وأحمد بن محمد البناني.

روى عنه : أبو بكر بن أبى على المعدّل ، وأبو نعيم.

سبكتكين الأمير (٥) حاجب معزّ الدولة بن بويه.

__________________

(١) تاريخ بغداد ٨ / ١١ ، ١٢ رقم ٧٠٤٧.

(٢) تاريخ بغداد ٨ / ١٠١ رقم ٤٢٠٨ ، المنتظم ٧ / ١٩٢ رقم ٣٠٨ ، سير أعلام النبلاء ١٦ / ٤٦٤ رقم ٣٣٧.

(٣) ذكر أخبار أصبهان ١ / ٢٨٥.

(٤) في الأصل «الجورجرلى» ، والتصحيح من (اللباب ١ / ٣٠٦) : الجورجيرى : بضم الجيم وبالراء الساكنة بعد الواو ثم الجيم الأخرى المكسورة وبعدها الياء المثناة من تحتها وفي آخرها الراء. نسبة إلى جورجير وهي محلّة بأصبهان.

(٥) المنتظم ٧ / ٧٦ ـ ٧٩ رقم ٩٨ (وفيات سنة ٣٦٤ ه‍.) ، العبر ٢ / ٣٣٣ ، البداية والنهاية ١١ / ٢٨٢ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٣٣ ، دول الإسلام ١ / ٢٢٥ ، تكملة تاريخ الطبري ٢١٦ ، الفخرى في الآداب السلطانية ٣٩٠ ، تاريخ بغداد ١ / ١٠٥ ، تاريخ ابن الوردي.

١ / ٣١٤ ، كنز الدرر ١٦٧ ، الوافي بالوفيات ١٥ / ١١٦ رقم ١١٦ ، النجوم الزاهرة ٤ / ١٠٨ ، شذرات الذهب ٣ / ٤٨ ، الإنباء في تاريخ الخلفاء ١٨١ تاريخ مختصر الدول ١٧٨ ، وقد سبق أن ترجم له الحافظ الذهبي في سنة ٣٦٤ ه‍. فليراجع.

١٣٨

خلع عليه الطائع لله وطوّقه وسوّره ، ولقّبه «نصر الدولة» ، فلم تطل أيّامه.

قال أبو الفرج بن الجوزي : سقط من الفرس ، فانكسرت ضلعه ، فاستدعى ابن الصّلت المجبّر ، فردّ ضلعه ، ولازمه حتى برأ ، فأعطاه يوم دخوله الحمّام ألف دينار وفرسا وخلعة ، وبقي لا يمكن الانحناء للركوع ، وكان يقول للمجبّر : إذا تذكرت عافيتي على يدك ، فرحت بك ، ولا أقدر على مكافأتك ، وإذا ذكرت حصول رجلك فوق ظهري اشتدّ غيظي منك.

توفّى في أواخر المحرّم ، وكانت مدّة إمارته شهرين ونصف. وخلّف ألف ألف دينار ، وعشرة ألف ألف درهم ، وصندوقين جواهر ، وستّين صندوقا قماش وفضّيات وتحف ، ومائة وثلاثين سرجا مذهّبة ، منها خمسون ، في كلّ واحد ، وألف دينار حلية ، وستّمائة سرج فضّة ، وأربعة عشر ألف ثوب من أنواع القماش ، وثلاثمائة عدل وبسط ، وثلاثة آلاف رأس من الدّوابّ ، وألف جمل ، وثلاثمائة مملوك داريّة ، وأربعين خادما. وكانت له دار هي دار المملكة اليوم ، يعنى صارت دار السلطنة ، وقد غرم عليها أموالا لا تحصى.

ومما روى عليّ بن المحسّن التنوخي (١) عن أبيه ، قال : بلغت النفقة على عمل البستان ، يعنى الّذي للدار وسوق الماء إليه (٢) ، خمسة آلاف ألف درهم. قال : ولعلّه قد أنفق على أبنية [الدار] (٣) مثل ذلك فيما أظنّ.

سلمان بن جعفر بن فلاح (٤) ، أبو تميم الأمير. ولّى دمشق في أثناء السنة للحاكم ، ثم عزل في آخرها بجيش بن صمصامة.

سعيد بن خلف (٥) ، أبو عثمان الصوفي.

__________________

(١) نشوار المحاضرة ٤ / ٢٦١ وانظر : الوزراء للصابى ٢٩ و ١٦٣.

(٢) في الأصل «المالية» وهو تصحيف.

(٣) ساقطة من الأصل.

(٤) أمراء دمشق في الإسلام ٣٨ رقم ١٢٤ ، النجوم الزاهرة ٤ / ١١٥ ، ذيل تجارب الأمم ٣ / ٢٢٤ ، الكامل في التاريخ ٩ / ١١٩ وانظر كتابنا «تاريخ طرابلس السياسي والحضارى عبر العصور ـ ج ١ / ٢٠٩ طبعة دار البلاد ، طرابلس ١٩٧٨» ويقال «سليمان».

(٥) تاريخ علماء الأندلس ١ / ١٧٦ رقم ٥٣٤.

١٣٩

سمع بقرطبة من أحمد بن سعيد بن حزم ، وأبى عبد الملك بن أبى دليم ، وجماعة.

وكان فقيرا من أهل السّنّة ، يعيش من صلة إخوانه.

سهل بن إبراهيم بن سهل (١) بن نوح ، أبو القاسم الإستجي مولى بنى أميّة ، ويعرف بابن العطّار. كان عالما زاهدا متفنّنا.

سمع أحمد بن خالد بن الحباب ، ورحل إلى إلبيرة ، فأكثر عن ابن فطيس ، ولزم العبادة ، وسمع الناس منه قديما وجديدا ، وطال عمره.

قال ابن الفرضيّ : قرأت عليه أكثر كتبه ، وقال لي : ولدت سنة تسع وتسعين ومائتين ، وتوفّى في رجب.

صدقة بن محمد بن صدقة ، أبو القاسم البزّاز المصري الوكيل. توفّى في شوّال.

عبد الله بن محمد بن إبراهيم (٢) بن أسد ، أبو القاسم الرازيّ الفقيه الشافعيّ المحدّث ، نزيل مصر ، وكان يلقّب بالدود.

سمع : عبد الرحمن بن أبى حاتم وغيره بالرّيّ ، وأحمد بن إبراهيم بن عبادل ، ومحمد بن يوسف الهروي بدمشق.

قال أبو إسحاق الحبّال : كان مكثرا جدّا.

قلت : روى عنه عبد الكريم بن عبد الواحد الحسنابادى وعبد الوهاب بن محمد المصري ، ومحمد بن مغلّس ، وأبو عمر الطّلمنكيّ.

مات في جمادى الآخرة.

عبد الله بن محمد بن اليسع (٣) ، أبو القاسم المقرئ صاحب ابن مجاهد.

قرأ عليه طلحة بن على شيخ ابن سوار وغيره.

__________________

(١) تاريخ علماء الأندلس ١ / ١٩١ ، ١٩٢ ، رقم ٥٧٨.

(٢) طبقات الشافعية الكبرى ٥ / ٧١ رقم ٤٣٦ ، طبقات القراء ١ / ٤٤٦ ـ ٤٤٧ رقم ١٨٦٠ ، الوافي بالوفيات ١٧ / ٤٩٦ رقم ٤٢٤.

(٣) غاية النهاية ١ / ٤٥٦ رقم ١٩٠٣.

١٤٠