مختصر البصائر

الشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان الحلي

مختصر البصائر

المؤلف:

الشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان الحلي


المحقق: مشتاق المظفّر
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-470-280-8
الصفحات: ٥٨٤

فتوفّي فيها صلوات الله عليه.

فلمّا دفن عليه‌السلام لم تلبث أن خرجت حتى أتت القبر ، فضربت بجرانها (١) القبر ورغت (٢) وهملت عيناها ، فاُتي محمّد بن علي عليهما‌السلام ، فقيل له : إنّ الناقة قد خرجت إلى القبر ، فأتاها فقال : مَه ، قومي الآن بارك الله فيك ، فثارت حتى دخلت موضعها ، ثم لم تلبث أن خرجت حتى أتت القبر ، فضربت بجرانها القبر ، ورغت وهملت عيناها ، فاُتي محمّد بن علي عليهما‌السلام فقيل له : إنّ الناقة قد خرجت إلى القبر ، فأتاها فقال : مَه ، الآن قومي فلم تفعل ، فقال : دعوها فإنّها مودّعة ، فلم تلبث إلاّ ثلاثة أيّام حتى نفقت ، وإنّه كان ليخرج عليها إلى مكة فيعلّق السوط بالرحل ، فلم يقرعها قرعة حتى يدخل المدينة ».

وروي : « إنّه حجّ عليها أربعين حجّة » (٣).

[ ٢٧ / ٢٧ ] عنه وإبراهيم بن هاشم ، عن إبراهيم بن أبي محمود ، قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام : الإمام يعلم متى يموت؟ قال : « نعم » ، قلت : فأبوك حيث بعث إليه يحيى بن خالد (٤) بالرطب والريحان المسمومين علم به؟ قال : « نعم » ، قلت : فأكله

__________________

١ ـ الجِران : مقدّم العنق ، وقال ابن منظور : باطن العنق. من مذبح البعير إلى منحره ، فإذا برك ومدّ عنقه على الأرض ، قيل : ألقى جرانه بالأرض. الصحاح ٥ : ٢٠٩١ ، لسان العرب ١٣ : ٨٦ ـ جرن.

٢ ـ الرُغاء : صوت ذوات الخف ، وهو صوت الإبل ، والناقة ترغو رغاءً : صوّتت فضجّت. لسان العرب ١٤ : ٣٢٩ ـ رغا.

٣ ـ بصائر الدرجات : ٤٨٣ / ١١ ، وعنهما في البحار ٤٦ : ١٤٨ / ٤.

٤ ـ يحيى بن خالد : هو البرمكي أبو علي ، كان المهدي قد ضمّ هارون الرشيد إليه وجعله في

٦١

وهو يعلم فيكون معيناً على نفسه؟! فقال : « لا ، إنّه يعلم قبل ذلك ليتقدّم فيما يحتاج إليه ، فإذا جاء الوقت ألقى الله على قلبه النسيان ليمضي فيه الحكم » (١).

[ ٢٨ / ٢٨ ] سلمة بن الخطّاب ، عن سليمان بن سماعة (٢) وعبدالله بن محمّد ، عن عبدالله بن القاسم ، عن الحارث بن البطل ، عن أبي بصير ، أو عمّن رواه عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : « أيّ إمام لا يعلم ما يُصيبه ، ولا إلى ما يصير أمره فليس ذلك بحجّة الله على خلقه » (٣).

[ ٢٩ / ٢٩ ] يعقوب بن يزيد وإبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم (٤) ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : « مرض أبو جعفر عليه‌السلام مرضاً شديداً فخفت عليه ، فقال : ليس عليّ من مرضي هذا بأس ، قال : ثم مكث (٥) ما شاء الله ثمّ

__________________

حجره ، فلمّا استخلف هارون عرف ليحيى حقّه وكان يعظّمه ، وجعل اصدار الأمور وإيرادها إليه ، إلى أن نكب هارون البرامكة فغضب عليه وخلّده الحبس ، ومات سنة تسعين ومائة وهو ابن سبعين سنة. اُنظر تاريخ بغداد ٤ : ١٢٨ و ١٣٢.

١ ـ بصائر الدرجات : ٤٨٣ / ١٢ ، وعنهما في البحار ٢٧ : ٢٨٥ / ٢.

٢ ـ في نسخة : « س و ض و ق » : سليمان بن ساعدة.

٣ ـ بصائر الدرجات : ٤٨٤ / ١٣ ، وعنهما في البحار ٢٧ : ٢٨٦ / ٤.

٤ ـ هشام بن سالم : هو الجواليقي الجعفي مولاهم كوفي أبو محمّد ، كان من سبي الجوزجان ، روى عن أبي عبدالله وأبي الحسن عليهما‌السلام ، ثقة ثقة ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمامين الهمامين الصادق والكاظم عليهما‌السلام وكان من المتكلّمين الذين يعتمد عليهم الإمام الصادق عليه‌السلام في المحاججات مع الخصوم.

اُنظر رجال النجاشي : ٤٣٤ / ١١٦٥ ، رجال البرقي : ٣٤ و ٤٨ ، رجال الشيخ : ٣٢٩ / ١٧ و ٣٦٣ / ٢ ، رجال العلاّمة : ٢٨٩ / ١٠٦٢ ، رجال الكشي : ٢٧٥ / ٤٩٤.

٥ ـ في نسختي « س و ض » : سكت.

٦٢

اعتلّ علّة خفيفة فجعل يوصينا ، ثم قال : يا بني أدخل عليّ نفراً من أهل المدينة حتى اُشهدهم ، فقلت له : يا أبة ليس عليك بأس ، فقال : يا بني إنّ الذي جاءني فأخبرني أنّي لست بميّت في مرضي ذلك هو الذي أخبرني أنّي ميّت في مرضي هذا » (١).

[ ٣٠ / ٣٠ ] وعنهما ، عن محمّد بن الفضيل ، عن علي بن أبي حمزة الثمالي (٢) ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال : « والله ما ترك الله الأرض منذ قبض الله آدم عليه‌السلام إلاّ وفيها إمام يُهتدى به إلى الله ، وهو حجّة لله على عباده ، فلا تبقى الأرض بغير إمام حجّة الله على عباده » (٣).

[ ٣١ / ٣١ ] وعنهم عن الحسن بن محبوب ، عن يعقوب السرّاج ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام تخلو الأرض من عالم منكم حيّ ظاهر ، يفزع إليه الناس في حلالهم وحرامهم؟ فقال : « لا يا أبا يوسف وإنّ ذلك لبيّن في كتاب الله عزّ وجلّ وهو قوله ( يا أيّها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا ) (٤) اصبروا على دينكم ، وصابروا عدوّكم ، ورابطوا إمامكم فيما أمركم وفرض عليكم » (٥).

[ ٣٢ / ٣٢ ] أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن حمزة بن حمران (٦) ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : « لو بقي على الأرض اثنان لكان أحدهما حجّة

__________________

١ ـ أورد الصفار نحوه في بصائر الدرجات : ٤٨١ / ٢ ، وعنه في البحار ٢٧ : ٢٨٧ / ٦.

٢ ـ في البصائر والعلل والكافي : عن أبي حمزة ، وفي الغيبة : عن أبي حمزة الثمالي.

٣ ـ بصائر الدرجات : ٤٨٥ / ٤ ، وأورده الكليني في الكافي ١ : ١٧٨ / ٨ ، والصدوق في علل الشرائع : ١٩٧ / ١١ ، والنعماني في الغيبة : ١٣٨ / ٧.

٤ ـ آل عمران ٣ : ٢٠٠.

٥ ـ بصائر الدرجات : ٤٨٧ / ١٦ ، وعنه في البحار ٢٣ : ٥١ / ١٠٥.

٦ ـ في البصائر والكافي : حمزة بن الطيار ، والظاهر كلا السندين صحيح ، لأنّهما يرويان عن

٦٣

على صاحبه » (١).

[ ٣٣ / ٣٣ ] أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : كتب أبو الحسن الرضا عليه‌السلام إلى أحمد بن عمر الحلاّل (٢) في جواب كتابه :

بسم الله الرحمن الرحيم

« عافانا الله وإيّاك بأحسن عافية ، سألت عن الإمام إذا مات بأيّ شيء يُعرف الإمام الذي بعده؟ الإمام له علامات منها : أن يكون أكبر ولده ، ويكون فيه الفضل ، وإذا قدم الركب المدينة قالوا : إلى من أوصى فلان؟ قالوا : إلى فلان بن فلان ، والسلاح فينا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل ، فكونوا مع السلاح أينما كان » (٣).

[ ٣٤ / ٣٤ ] عن سليمان بن جعفر الجعفري قال : سألت الرضا عليه‌السلام فقلت : تخلو

__________________

أبي عبدالله عليه‌السلام وعنهما محمّد بن سنان. انظر رجال الطوسي : ١٧٧ / ٢٠٧ و ٢٠٩ ، ومعجم رجال الحديث ٧ : ٢٧٩ و ٢٨٣ و ١٧ : ١٤٨.

١ ـ بصائر الدرجات : ٤٨٧ / ٣ باختلاف يسير ، وعنه في البحار ٢٣ : ٥٢ / ١٠٨ ، وأورده الكليني في الكافي ١ : ١٧٩ / ٢.

٢ ـ في نسخة « ض » : الخلاّل ، وفي معادن الحكمة للفيض الكاشاني : الجلاّب ، والظاهر ما في المتن هو الصحيح ، وقد عدّه البرقي من أصحاب الإمام الكاظم عليه‌السلام ، وعدّه الطوسي من أصحاب الإمام الرضا عليه‌السلام وتارة في من لم يرو عنهم عليهم‌السلام ، وقال النجاشي : روى عن الإمام الرضا عليه‌السلام وله عنه مسائل ، كان يبيع الحل يعني الشيرج.

اُنظر رجال البرقي : ٥٢ ، رجال الطوسي : ٣٦٨ / ١٩ و ٤٤٧ / ٥١ ، رجال النجاشي : ٩٩ / ٢٤٨ ، معجم رجال الحديث ٢ : ١٩١ / ٧٣٠.

والشَيْرَجُ : معرّب شيره ، وهو دهن السمسم. المصباح المنير : ٣٠٨ ـ شرج.

٣ ـ الكافي ١ : ٢٨٤ / ١ ، الخصال : ١١٦ / ٩٨ ، باختلاف يسير ، وعن المختصر في معادن الحكمة في مكاتيب الأئمّة عليهم‌السلام ٢ : ١٦٤ / ١٤٠.

٦٤

الأرض من حجّة؟ فقال : « لو خلت الأرض من حجّة طرفة عين لساخت (١) بأهلها » (٢).

[ ٣٥ / ٣٥ ] أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن علي الوشّاء ، عن علي بن قيس (٣) ، قال : لمّا قدم أبو عبدالله عليه‌السلام على أبي جعفر (٤) أقام أبو جعفر مولى له على رأسه ، وقال له : إذا دخل عليّ فاضرب عنقه ، فلمّا دخل أبو عبدالله عليه‌السلام على أبي جعفر فنظر عليه‌السلام إلى أبي جعفر فأسرّ شيئاً فيما بينه وبين نفسه ولم ندر ما هو ، ثم أظهر : « يا من يكفي خلقه كلّه (٥) ولا يكفيه أحد اكفني شرّ عبدالله بن محمّد بن علي » (٦) فصار أبو جعفر لا يبصر مولاه وصار مولاه لا يبصره ، فقال أبو جعفر : يا جعفر بن محمّد لقد عنّيتك (٧) في هذا الحر فانصرف.

فخرج أبو عبدالله عليه‌السلام من عنده ، فقال أبو جعفر لمولاه : ما منعك أن تفعل ما أمرتك به؟ فقال : لا والله ما أبصرته ، ولقد جاء شيء فحال بيني وبينه ، فقال

__________________

١ ـ ساخت : انخسفت ، وساخت الأقدام : بمعنى غاصت. لسان العرب ٣ : ٢٧ ـ سوخ.

٢ ـ بصائر الدرجات : ٤٨٩ / ٨ ، وأورده الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ١ : ٢٧٢ / ٤ ، وعلل الشرائع : ١٩٩ / ٢١ ، وكمال الدين : ٢٠٤ / ١٥ بتقديم وتأخير.

٣ ـ في البصائر والكافي : علي بن ميسر.

٤ ـ هو أبو جعفر المنصور العباسي.

٥ ـ في البصائر والكافي : كلّهم.

٦ ـ في البصائر والكافي : عبدالله بن علي ، والصحيح ما في المتن لأن عبدالله بن علي هو عمّ المنصور وليس هو المراد به في الرواية. انظر سير أعلام النبلاء ٧ : ٨٣.

٧ ـ في البصائر : أتعبتك ، وفي الكافي : عيّيتك ، وفي المختصر المطبوع : غثثتك.

٦٥

أبو جعفر : والله لئن حدَّثت بهذا الحديث أحداً لأقتلنّك (١).

[ ٣٦ / ٣٦ ] محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب والهيثم بن أبي مسروق النهدي ، عن الحسن بن محبوب ، عن معاوية بن وهب (٢) قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام بالمدينة وهو راكب حماره ، فنزل وقد كنّا صرنا إلى السوق أو قريباً من السوق ، قال : فنزل وسجد وأطال السجود وأنا أنتظره ، ثمّ رفع رأسه ، فقلت : جعلت فداك رأيتك نزلت فسجدت؟! فقال : « إنّي ذكرت نعمة الله عليّ فسجدت » قال : قلت : قريباً من السوق والناس يجيئون ويذهبون؟ فقال عليه‌السلام : « إنّه لم يرني أحد » (٣).

[ ٣٧ / ٣٧ ] علي بن إسماعيل بن عيسى ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن أحمد بن أبي نصر الخزّاز ، عن عمرو بن شمر (٤) ، عن جابر بن يزيد ، عن

__________________

١ ـ بصائر الدرجات : ٤٩٤ / ١ ، وعنهما في البحار ٤٧ : ١٦٩ / ١١ ، وأورده الكليني في الكافي ٢ : ٥٥٩ / ١٢.

٢ ـ معاوية بن وهب : هو البجلي أبو الحسن ، عربي صميمي ، ثقة ، حسن الطريقة ، روى عن أبي عبدالله وأبي الحسن عليهما‌السلام. وعدّه الشيخ من أصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام. وقال المفيد في رسالته العددية : إنّه من الفقهاء والأعلام المأخوذ عنهم الحلال والحرام ، الذين لا يطعن عليهم ولا طريق لأحد إلى ذمّ واحد منهم.

اُنظر رجال النجاشي : ٤١٢ / ١٠٩٧ ، رجال العلاّمة : ٢٧٤ / ٩٩٦ ، رجال الشيخ : ٣١٠ / ٤٨٣ ، معجم رجال الحديث ١٩ : ٢٤٥.

٣ ـ بصائر الدرجات : ٤٩٥ / ٢ ، وعنه في البحار ٤٧ : ٢١ / ١٩.

٤ ـ عمرو بن شمر : هو أبو عبدالله الجعفي عربي ، روى عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، وعدّه البرقي من أصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام ، وزاد الشيخ عليه الإمام الباقر عليه‌السلام.

انظر رجال النجاشي : ٢٨٧ / ٧٦٥ ، رجال البرقي : ٣٥ ، رجال الشيخ : ١٣٠ / ٤٥ و ٢٤٩ / ٤١٧.

٦٦

أبي جعفر عليه‌السلام قال : « صلّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة فقرأ ( تبّت يدا أبي لهب ) (١) فقيل لاُمّ جميل ـ امرأة أبي لهب ـ إنّ محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يزل البارحة يهتف بكِ وبزوجك في صلاته ، فخرجت تطلبه وهي تقول : لئن رأيته لاُسمِعنّه (٢) ، وجعلت تنشد : من أحسّ لي محمّداً ، فانتهت إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأبو بكر جالس معه إلى جنب حائط ، فقال أبو بكر : يا رسول الله لو تنحّيت ، هذه اُمّ جميل وأنا خائف أن تُسمعك ما تكرهه ، فقال : إنّها لم ترني ولن تراني ، فجاءت حتى قامت عليهما ، فقالت : يا أبا بكر رأيت محمّداً؟ فقال : لا ، فمضت ، قال أبو جعفر عليه‌السلام : ضرب بينهما حجاب أصفر » (٣).

[ ٣٨ / ٣٨ ] عن العبّاس بن معروف ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز بن عبدالله ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : « ليس عند أحد شيء من حقّ ولا ميراث ، وليس أحد من الناس ( يقضي بحقّ ولا بعدل إلاّ شيء خرج منّا أهل البيت ، وليس أحد ) (٤) يقضي بقضاء يصيب فيه الحقّ إلاّ مفتاحه قضاء علي عليه‌السلام ، فإذا كان الخطأ فمن قبلهم والصواب من قبلنا ، أو كما قال » (٥).

__________________

١ ـ المسد ١١١ : ١.

٢ ـ لاُسمعنَّه : وهو من التسميع يعني التشنيع والشتم. انظر لسان العرب ٨ : ١٦٥ ـ والصحاح ٣ : ١٢٣٢ ـ سمع.

٣ ـ أورد الطبرسي مثلها في مجمع البيان ٥ : ٢٦٠ ، عن أسماء بنت أبي بكر ، والراوندي في الخرائج والجرائح ٢ : ٧٧٥ / ٩٨ ، وأورد الحادثة ابن هشام في السيرة النبوية ١ : ٣٨٠ بلفظ آخر.

٤ ـ ما بين القوسين لم يرد في البصائر.

٥ ـ بصائر الدرجات : ٥١٩ / ٢ ، وأورد مثله الكليني في الكافي ١ : ٣٩٩ / ١ ، والمفيد في الأمالي : ٩٥ / ٦.

٦٧

[ ٣٩ / ٣٩ ] أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ومحمّد بن عيسى ابن عبيد ، عن الحسين بن سعيد جميعاً عن فضالة بن أيوب (١) ، عن القاسم بن بريد (٢) ، عن محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن ميراث العلم ما مبلغه أجوامع هو من هذا العلم أم تفسير كلّ شيء من هذه الاُمور التي نتكلّم فيها؟ فقال : « إنّ لله عزّ وجلّ مدينتين : مدينة بالمشرق ومدينة بالمغرب ، فيهما قوم لا يعرفون إبليس ، ولا يعلمون بخلق إبليس ، نلقاهم في كلّ حين ، فيسألونا عمّا يحتاجون إليه ، ويسألونا عن الدعاء فنعلّمهم ، ويسألونا عن قائمنا متى يظهر ، وفيهم عبادة واجتهاد شديد.

ولمدينتهم أبواب ما بين المصراع إلى المصراع مائة فرسخ ، لهم تقديس وتمجيد ، ودعاء واجتهاد شديد ، لو رأيتموهم لاحتقرتم عملكم ، يصلّي الرجل منهم شهراً لايرفع رأسه من سجدته ، طعامهم التسبيح ، ولباسهم الورع (٣) ، ووجوههم مشرقة بالنور ، وإذا رأوا منّا واحداً احتوشوه (٤) واجتمعوا إليه وأخذوا من أثره من الأرض يتبرّكون به ، لهم دويّ إذا صلّوا كأشدّ من دويّ الريح العاصف.

__________________

١ ـ فضالة بن أيوب : هو الأزدي ، عربي سكن الأهواز ، وهو فقيه من فقهائها ، ثقة في حديثه ، مستقيماً في دينه ، روى عن الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام ، عدّه البرقي من أصحاب الإمام الكاظم عليه‌السلام ، وزاد الشيخ عليه الإمام الرضا عليه‌السلام.

اُنظر رجال النجاشي : ٣١٠ / ٨٥٠ ، رجال البرقي : ٤٩ ، رجال الطوسي : ٣٥٧ / ١ و ٣٨٥ / ١ ، خلاصة الأقوال : ٢٣٠ / ٧٧٤ ، رجال ابن داود : ١٥١ / ١١٩١.

٢ ـ في نسختي « س و ض » : القاسم بن يزيد.

٣ ـ في نسخة « ق و س » : الورق ، وكذا البحار.

٤ ـ في نسختي « ق و ض و س » : تخشوه ، وفي البحار : لحسوه.

٦٨

منهم جماعة لم يضعوا السلاح منذ كانوا ينتظرون قائمنا ، يدعون الله عزّ وجلّ أن يريهم إيّاه ، وعمر أحدهم ألف سنة ، إذا رأيتهم رأيت الخشوع والإستكانة ، وطلب ما يقرّبهم إلى الله جلّ وعزّ ، إذا احتبسنا عنهم ظنّوا أنّ ذلك من سخط ، يتعاهدون أوقاتنا التي نأتيهم فيها ، فلا يسأمون ولا يفترون ، يتلون كتاب الله عزّ وجلّ كما علّمناهم ، وإنّ فيما نعلّمهم ما لو تُلي على الناس لكفروا به ولأنكروه.

يسألونا عن الشيء إذا ورد عليهم من القرآن لا يعرفونه ، فإذا أخبرناهم به انشرحت صدورهم لما يستمعون منّا ، وسألوا لنا البقاء وأن لا يفقدونا ، ويعلمون (١) أنّ المنّة من الله تعالى عليهم فيما نعلّمهم عظيمة ، ولهم خرجة مع الإمام إذا قام ، يسبقون فيها أصحاب السلاح ، ويدعون الله عزّ وجلّ أن يجعلهم ممّن ينتصر بهم لدينه ، فهم (٢) كهول وشبّان ، إذا رأى شاب منهم الكهل جلس بين يديه جلسة العبد لا يقوم حتى يأمره ، لهم طريق هم أعلم به من الخلق إلى حيث يريد الإمام عليه‌السلام ، فإذا أمرهم الإمام عليه‌السلام بأمر قاموا إليه (٣) أبداً حتى يكون هو الذي يأمرهم بغيره ، لو أنّهم وردوا على ما بين المشرق والمغرب من الخلق لأفنوهم في ساعة واحدة ، لا يعمل (٤) فيهم الحديد.

لهم سيوف من حديد غير هذا الحديد ، لو ضرب أحدهم بسيفه جبلاً لقدّه حتى يفصله ، ويغزو بهم الإمام عليه‌السلام الهند والديلم والكرد والروم (٥) وبربر وفارس ،

__________________

١ ـ في نسخة « ق » : ويعرفون.

٢ ـ في نسخة « ض » : فيهم.

٣ ـ في البحار : عليه.

٤ ـ في نسخة « س » : لا يحيك ، وفي المختصر المطبوع : لا يختل.

٥ ـ في نسخة « س » : ومرو.

٦٩

وما بين جابرسا (١) إلى جابلقا (٢) ـ وهما مدينتان واحدة بالمشرق وواحدة بالمغرب ـ لا يأتون على أهل دين إلاّ دعوهم إلى الله عزّ وجلّ ، وإلى الإسلام ، والإقرار بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والتوحيد ، وولايتنا أهل البيت.

فمن أجاب منهم ودخل في الإسلام تركوه وأمّروا عليه أميراً منهم ، ومن لم يجب ولم يقرّ بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يقرّ بالإسلام ، ولم يسلم قتلوه ، حتى لا يبقى بين المشرق والمغرب وما دون الجبل أحدٌ إلاّ آمن » (٣).

[ ٤٠ / ٤٠ ] حدّثنا سلمة بن الخطّاب ، عن سليمان بن سماعة وعبدالله بن محمّد ، عن عبدالله بن القاسم ، عن سماعة بن مهران ( عمّن حدّثه ، عن الحسن بن حي ) (٤)

__________________

١ ـ جَابَرْس : مدينة بأقصى المشرق ، يقول اليهود : إنّ أولاد موسى عليه‌السلام هربوا إما في حرب طالوت أو في حرب بخت نصّر ، فسيّرهم الله وأنزلهم بهذا الموضع ، فلا يصل إليهم أحد ، وإنّهم بقايا المسلمين ، وإنّ الأرض طويت لهم ، وجعل الليل والنهار عليهم سواء حتى انتهوا إلى جابرس. معجم البلدان ٢ : ٩٠.

٢ ـ جابلق : مدينة بأقصى المغرب ، وأهلها من ولد عاد ، وأهل جابَرس من ولد ثمود ، ففي كلّ واحدة منهما بقايا ولد موسى عليه‌السلام ، وللحسن المجتبى عليه‌السلام ـ عندما عقد الهدنة مع معاوية ـ خطبة قال فيها : أيّها الناس إنّكم لو نظرتم ما بين جابرس وجابلق ما وجدتم ابن نبي غيري وغير أخي ... معجم البلدان ٢ : ٩١.

٣ ـ بصائر الدرجات : ٤٩٠ / ٤ ، عن هشام الجواليقي باختلاف ، وأورده المصنّف في كتابه المحتضر : ١٠٣ ، والمجلسي في البحار ٥٧ : ٣٣٢ / ١٧ ، عن المحتضر والمختصر. وج ٢٧ : ٤١ / ٣ ، عن البصائر.

٤ ـ في البحار : سماعة بن مهران ، عن أبي الجارود ، والظاهر ما في المتن والبصائر هو الصحيح ، لأني لم أجد في ترجمة سماعة أنّه يروي عن أبي الجارود ، ولا عن الحسن بن حي ، إذاً لابدّ من وجود واسطة بينهما ، فمن هو؟ الظاهر هو الحسن بن محبوب من خلال طبقته في الحديث. اُنظر معجم رجال الحديث ٦ : ٩٩ و ٩ : ٣٠٩ و ٢٢ : ٨١.

٧٠

وأبي الجارود ذكراه عن أبي سعيد عقيصا الهمداني قال : قال الحسن بن علي عليهما‌السلام : « إنّ لله مدينة بالمشرق ومدينة بالمغرب ، على كلّ واحدة منهما سور من حديد في كلّ سور سبعون ألف مصراع (١) ذهباً ، يدخل في كلّ مصراع سبعون ألف ألف آدمي ، ليس فيها لغة إلاّ وهي مخالفة للاُخرى ، وما منها لغة إلاّ وقد علمناها ، وما فيهما وما بينهما ابن نبيّ غيري وغير أخي ، وأنا الحجّة عليهم » (٢).

[ ٤١ / ٤١ ] وعنه ، عن أحمد بن عبد الرحمن بن عبد ربّه الصيرفي ، عن محمّد بن سليمان ، عن يقطين الجواليقي ، عن فلفلة (٣) ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « إنّ الله عزّ وجلّ خلق جبلاً محيطاً بالدنيا من زبرجدة خضراء ، وإنّما خضرة السماء من خضرة ذلك الجبل ، وخلق خلفه خلقاً لم يفترض عليهم شيئاً ممّا افترض على خلقه من صلاة وزكاة ، وكلّهم يلعن رجلين من هذه الاُمّة ـ وسمّاهما ـ » (٤).

[ ٤٢ / ٤٢ ] أحمد بن الحسين ، عن علي بن الريّان (٥) ، عن عبيد الله بن عبدالله

__________________

١ ـ في نسخة « ق » : ألف مصراع ، بدل : سبعون ألف مصراع.

٢ ـ بصائر الدرجات : ٤٩٢ / ٥ ، وعنه في البحار ٢٧ : ٤٤ / ٤.

٣ ـ في البصائر والبحار ج ٦٠ : قلقلة ، وكلاهما لم يذكرا في كتب التراجم ، إلاّ النمازي ذكر قلقلة وذكر طريق الصفّار إليه. انظر مستدركات النمازي ٦ : ٢٨١ / ١١٨٩٥.

٤ ـ بصائر الدرجات : ٤٩٢ / ٦ ، وعنه في البحار ٢٧ : ٤٧ / ١٠ ، و ٦٠ : ١٢٠ / ٩.

٥ ـ في البصائر : علي بن زيّات. وعلي بن الريّان : هو ابن الصلت الأشعري القمّي ، ثقة ، له عن أبي الحسن الثالث عليه‌السلام نسخة ، وكان وكيلاً ، عدّه البرقي من أصحاب الإمام الهادي عليه‌السلام ، وزاد الشيخ عليه الإمام العسكري عليه‌السلام.

اُنظر رجال النجاشي : ٢٧٨ / ٧٣١ ، رجال البرقي : ٥٨ ، رجال الطوسي : ٤١٩ / ٢٤ و ٤٣٣ / ١٤ ، خلاصة الأقوال : ١٨٥ / ٥٤٨ ، معجم رجال الحديث ١٣ : ٢٨.

٧١

الدهقان ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : سمعته يقول : « إنّ لله خلف هذا النطاق (١) زبرجدة خضراء منها اخضرّت السماء » قلت : وما النطاق (٢)؟ قال : « الحجاب ، ولله عزّ وجلّ وراء ذلك سبعون ألف عالم (٣) أكثر من عدد الجنّ والإنس ، وكلّهم يلعن فلاناً وفلاناً » (٤).

[ ٤٣ / ٤٣ ] محمّد بن هارون بن موسى ، عن أبي يحيى سهل بن زياد الواسطي (٥) ، عن عجلان بن صالح (٦) ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قبّة آدم عليه‌السلام ،

__________________

١ و ٢ ـ في نسختي « س و ض » والمختصر المطبوع : نطاف.

والنطاق : هي أعراض من جبال بعضها فوق بعض ، أي نواح وأوساط. لسان العرب ١٠ : ٣٥٦ ـ نطق.

والحجاب : ما أشرف من الجبل. لسان العرب ١ : ٢٩٩ ـ حجب.

٣ ـ في نسخة « س » زيادة : وأهل كل عالم.

٤ ـ بصائر الدرجات : ٤٩٢ / ٧ ، وعنه في البحار ٥٧ : ٣٣٠ / ١٥ و ٥٨ : ٩١ / ١٠ ، وأورده المصنّف أيضاً في كتابه المحتضر : ١٦٠ ـ ١٦١.

٥ ـ في البصائر : أبو يحيى الواسطي ، عن سهل بن زياد ، قال النجاشي : سُهَيل بن زياد أبو يحيى الواسطي ، لقى مولانا الإمام أبا محمّد العسكري عليه‌السلام ، واُمّه بنت محمّد بن النعمان أبو جعفر الأحول مؤمن الطاق ، له كتاب النوادر ، وكذلك ضبطه العلاّمة الحلّي.

انظر رجال النجاشي : ١٩٢ / ٥١٣ ، فهرست الشيخ : ١٤٢ / ٣٤٠ ، خلاصة الأقوال : ٣٥٧ / ١٤١٢ ، معجم رجال الحديث ١٣ : ٩٦ / ١٤٩٥٩ ، تنقيح المقال ٣ : ٣٩ باب الكنى و ٢ : ٧٧ / ٥٤٣٢.

٦ ـ في نسختي « ض و ق » : عجلان بن أبي صالح ، وفي البصائر والكافي : عجلان أبو صالح ، والظاهر هو الصواب ، وقد ذكر السيد الخوئي في معجمه ثلاثة أسماء : عجلان بن صالح وعجلان بن أبي صالح

٧٢

فقلت : هذه قبّة آدم عليه‌السلام؟ فقال : « نعم والله ، ولله عزّ وجلّ قباب كثيرة ، أما أنّ لخلف مغربكم هذا تسعة وثلاثين مغرباً ، أرضاً بيضاء مملوءة خلقاً يستضيئون بنورها ، لم يعصوا الله طرفة عين ، لا يدرون أخلق الله عزّ وجلّ آدم عليه‌السلام أم لم يخلقه ، يبرؤون من فلان وفلان ».

قيل له : كيف هذا وكيف يبرؤون من فلان وفلان وهم لا يدرون إنّ الله خلق آدم أم لم يخلقه؟ فقال للسائل عن ذلك : « أتعرف ابليس؟ » (١) فقال : لا ، إلاّ بالخبر ، قال : « إذاً اُمرت بلعنه والبراءة منه؟ » ، قال : نعم ، فقال : « فكذلك اُمر هؤلاء » (٢).

[ ٤٤ / ٤٤ ] محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبدالصمد بن بشير ، عن جابر بن يزيد (٣) ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « إنّ من وراء

__________________

وعجلان أبو صالح وقال : الصحيح هو عجلان أبو صالح ، وهو من أصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام.

اُنظر رجال البرقي : ٤٣ ، جامع الرواة ١ : ٥٣٦ ـ ٥٣٧ ، تنقيح المقال ٢ : ٢٥٠ / ٧٨٢٤ ، معجم رجال الحديث ١٢ : ١٤٤ ـ ١٤٦.١ ـ في نسخة « س » والمختصر المطبوع : أكنت تلعن ابليس.

٢ ـ بصائر الدرجات : ٤٩٣ / ٨ ، وعنه في البحار ٢٧ : ٤٥ / ٥ وأورده الكليني في الكافي ٨ : ٢٣١ / ٣٠١ ، إلى قوله : يبرؤون من فلان وفلان.

٣ ـ لم يرد في البصائر ، والظاهر ما في المتن هو الصحيح ، لأنّي لم أجد من يقول إنّ عبد الصمد ابن بشير يروي عن الإمام أبي جعفر عليه‌السلام ، بل كلّ من ترجم له يقول : إنّه ممّن روى عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، ولذا لابدّ من وجود واسطة ألا وهو جابر بن يزيد.

وعبد الصمد بن بشير : هو العُرامي العبدي مولاهم ، كوفي ، ثقة ، ثقة ، روى عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام.

٧٣

شمسكم هذه أربعين عين شمس ، ما بين عين شمس إلى عين شمس أربعون عاماً ، فيها خلق كثير ما يعلمون أنّ الله خلق آدم أم لم يخلقه.

وإنّ من وراء قمركم هذا أربعين قرصاً من القمر ، ما بين القرص إلى القرص أربعون عاماً ، فيها خلق كثير ما يعلمون أنّ الله عزّ وجلّ خلق آدم أم لم يخلقه ، قد اُلهموا كما اُلهمت النحلة بلعن الأوّل والثاني في كلّ الأوقات ، وقد وكّل بهم ملائكة متى لم يلعنوا عُذّبوا » (١).

[ ٤٥ / ٤٥ ] يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي عمير (٢) ، عن رجاله ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام يرفعه إلى الحسن بن علي صلّى الله عليهما قال : « إنّ لله عزّ وجلّ مدينتين : إحداهما بالمشرق والاُخرى بالمغرب ، عليهما سور من حديد ، يدور على كلّ واحدة

__________________

انظر رجال الشيخ : ٢٣٦ / ٢٣٠ ، رجال النجاشي : ٢٤٨ / ٦٥٤ ، رجال البرقي : ٢٤ ، رجال ابن داود : ١٢٩ / ٩٥٩ ، خلاصة الأقوال : ٢٢٦ / ٧٥٦ ، منتهى المقال ٤ : ١٣١ / ١٦٢١ ، تنقيح المقال ٢ : ١٥٣ / ٦٥٩٧ ، معجم رجال الحديث ١١ : ٢٥.

١ ـ بصائر الدرجات : ٤٩٣ / ٩ ، وعنهما في البحار ٢٧ : ٤٥ / ٦ ، باختلاف يسير.

٢ ـ وهو محمد بن زياد بن عيسى أبو أحمد الأزدي ، كان أوثق الناس عند الخاصة والعامة ، وأنسكهم نسكاً وأورعهم وأعبدهم ، أدرك أبا الحسن موسى والامامين من بعده عليهم‌السلام ، وكان من أصحاب الاجماع ، جليل القدر عظيم الشأن ، وأصحابنا يسكنون إلى مراسيله لأنّه لايرسل إلاّ عن ثقة ، وقد بلغت رواياته أربعة آلاف وسبعمائة وخمسة عشر مورداً.

وقيل : إنّ اُخته دفنت كتبه في حال استتارها ، وكونه في الحبس أربع سنين فهلكت الكتب ، فلهذا أصحابنا يسكنون إلى مراسيله ، وقد صنّف كتباً كثيرة بلغت أربعة وتسعين كتاباً منها : المغازي والبداء والاحتجاج في الامامة والحج و ... مات رضوان الله عليه سنة سبع عشرة ومائتين.

اُنظر الكنى والألقاب : ١٩١ ، رجال النجاشي : ٣٢٦ / ٨٨٧ ، معجم رجال الحديث ٢٣ : ١١٣.

٧٤

منهما سبعون ألف ألف مصراع ذهباً ، وفيها سبعون ألف ألف لغة ، يتكلّم أهل كلّ لغة بخلاف لغة صاحبتها ، وأنا أعرف جميع اللغات ، ولا فيهما ولا بينهما حجّة غيري وغير الحسين أخي عليه‌السلام » (١).

[ ٤٦ / ٤٦ ] حدّثني الحسن بن عبد الصمد ، قال : حدّثني ( الحسن بن علي بن أبي عثمان ) (٢) ، قال : حدّثني أبو الهيثم خالد بن الأرمني ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : « إنّ لله عزّ وجلّ بالمشرق مدينة اسمها جابُلقا ، لها اثنى عشر ألف باب من ذهب ، بين كلّ باب إلى صاحبه مسيرة (٣) فرسخ ، على كلّ باب برج فيه اثنى عشر ألف مقاتل يهلبون (٤) الخيل ، ويشحذون (٥) السيوف والسلاح ، ينتظرون قيام قائمنا.

وإنّ لله عزّ وجلّ بالمغرب مدينة يقال لها : جابُرسا لها اثني عشر ألف باب من ذهب ، بين كلّ باب إلى صاحبه مسيرة (٦) فرسخ ، على كلّ باب برج فيه اثنى عشر ألف مقاتل ، يهلبون الخيل ، ويشحذون السلاح ، ينتظرون قائمنا ، وأنا الحجّة عليهم » (٧).

__________________

١ ـ بصائر الدرجات : ٤٩٣ / ١١ ، وعنه في البحار ٢٧ : ٤١ / ٢ باختلاف يسير ، وأورده الكليني في الكافي ١ : ٤٦٢ / ٥ ، باختلاف يسير.

٢ ـ في نسخة « ض و س » : الحسن بن علي بن أبي عمير ، وفي نسخة « ق » : الحسن بن علي ، عن ابن أبي عمير.

٣ ـ في نسخة « ق » : مائة ، بدل : مسيرة.

٤ ـ الهُلَبُ : ما غلظ من الشعر ، وهلبت الفرس : إذا نتفت هُلبَه. الصحاح ١ : ٢٣٨ ـ هلب.

٥ ـ شحذ : حَدّ. مجمع البحرين ٣ : ١٨٢ ـ شحذ.

٦ ـ في نسخة « ق » : مائة ، بدل : مسيرة.

٧ ـ نقله المجلسي عن المختصر في البحار ٥٧ : ٣٣٤ / ١٩ ، وأورده المصنّف في المحتضر : ١٠٢.

٧٥

[ ٤٧ / ٤٧ ] وعنه ، عن ( الحسن بن علي بن أبي عثمان ) (١) ، قال : حدّثنا العبّاد بن عبدالخالق ، عمّن حدّثه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام.

وعن محمّد بن سنان ، عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : « إنّ لله عزّ وجلّ اثنى عشر ألف عالم ، كلّ عالم منهم أكبر من سبع سماوات وسبع أرضين ، ما يرى كلّ عالم منهم ، إنّ لله عالماً غيرهم وأنا الحجّة عليهم » (٢).

[ ٤٨ / ٤٨ ] حدّثنا معاوية بن حكيم ، عن إبراهيم بن أبي سمال (٣) ، قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : إنّا قد روينا عن أبي عبدالله عليه‌السلام : « أنّ الإمام لا يغسّله إلاّ الإمام » وقد بلغنا هذا الحديث فما تقول فيه؟

فكتب إليّ : « إنّ الذي بلغك هو الحق » قال : فدخلت عليه بعد ذلك ، فقلت له :

__________________

١ ـ في نسختي « س و ض » : الحسن بن علي بن أبي عمير ، وفي نسخة « ق » : الحسن بن علي ، عن ابن أبي عمير.

٢ ـ أورده الصدوق في الخصال : ٦٣٩ / ٢ ، وعنه وعن المختصر في البحار ٥٧ : ٣٢٠ / ٢.

٣ ـ في نسخة « ض » : إبراهيم بن أبي سباك ، وفي « س » : ابراهيم بن سماك ، وفي المختصر المطبوع : إبراهيم بن أبي سماك ، وما أثبتناه من نسخة « ق » ظاهراً هو الصحيح ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الكاظم عليه‌السلام ، قائلاً : إبراهيم وإسماعيل ابنا سمّاك واقفيان ، واستظهر السيد الخوئي إنّ في نسخة رجال الطوسي غلط ، وقال : والصحيح ابنا أبي سمّال. وذكره الشيخ في الفهرست : إبراهيم بن أبي بكر بن أبي سمال ، وضبطه العلاّمة في الخلاصة بالسين المهملة واللام ، وقال النجاشي : إبراهيم بن أبي بكر محمد بن الربيع يكنى بأبي بكر ـ ابن أبي السمال ... ثقة هو وأخوه إسماعيل رويا عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام ، ثقة.

انظر رجال الشيخ : ٣٤٤ / ٣٣ ، رجال النجاشي : ٢١ / ٣١ ، فهرست الشيخ : ٩ / ٢٤ ، خلاصة الأقوال : ٣١٤ / ١٢٣٠ ، رجال الكشي : ٤٧١ / ٨٩٧ ، معجم رجال الحديث ١ : ١٦٨.

٧٦

أبوك من غسّله ، ومن وليه؟ فقال : « لعلّ الذين حضروه أفضل من الذين تخلّفوا عنه » قلت : ومن هم؟ قال : « حضره الذين حضروا يوسف عليه‌السلام ، ملائكة الله ورحمته » (١).

[ ٤٩ / ٤٩ ] أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم ، عن أبي حنيفة ، عن عبدالرحمن السلماني ، عن حبيش بن المعتمر (٢) ، عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه قال : « دعاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فوجّهني إلى اليمن لاُصلح بينهم ، فقلت : يارسول الله إنّهم قوم كثير ولهم سنّ وأنا شاب حدث ، فقال : يا علي إذا صرت بأعلى عقبة (٣) أفيق (٤) فناد بأعلى صوتك : ياشجر ، يا مدر ، يا ثرى ، محمّد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

١ ـ نقله المجلسي في البحار ٢٧ : ٢٨٨ / ١ ، عن المختصر.

٢ ـ في نسختي « س و ض » : جيش بن المعتمر ، ذكر السيد الخوئي : حنش بن المعتمر ، قائلاً : لم يوجد في النسخة المطبوعة لرجال الطوسي ، ولكنّه موجود في النسخة الخطّية للاسترآبادي. ويؤيّد هذا وجوده الآن في النسخة المحقّقة لرجال الطوسي ص ٦٢ / ٣٧ ، وقد عدّه من أصحاب الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام.

والذي موجود في النسخة المطبوعة بالنجف من رجال الطوسي ص ٤٠ / ٣٧ : حش بن المغيرة ، وأشار بحر العلوم في هامش الصفحة : في نسخة : حنش بن المعتمر.

وقال النمازي : إنّ جيش مصحّفة من حبيش ، ورجّح المامقاني حنش على حبش ، كما وذكره ابن حجر والمزّي : حنش بن المعتمر ، وهو أبو المعتمر تابعي.

اُنظر معجم رجال الحديث ٧ : ٣٢١ ، مستدركات النمازي ٢ : ٢٩٢ ، تنقيح المقال ١ : ٣٨١ ، تهذيب التهذيب ٣ : ٥١ ، تهذيب الكمال ٧ : ٤٣٢.

٣ ـ العقبة : بالتحريك هو الجبل الطويل يعرض للطريق فيأخذ منه ، وهو طويل صعب إلى صعود الجبل. معجم البلدان ٤ : ١٣٤.

٤ ـ أفيق : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة وقاف : قرية من حَوران في طريق الغَور في أوّل العقبة المعروفة بعقبة أفيق. معجم البلدان ١ : ٢٣٢ ـ ٢٣٣.

٧٧

يقرؤكم السلام.

قال : فذهبت ، فلمّا صرت بأعلى العقبة أشرفت على أهل اليمن ، فإذا هم بأسرهم مقبلون نحوي ، مشرعون رماحهم ، مسوّون أسنّتهم ، متنكّبون قسيّهم (١) ، شاهرون سلاحهم ، فناديت بأعلى صوتي : يا شجر ، يا مدر ، يا ثرى ، محمّد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقرؤكم السلام ، قال : فلم تبق شجرة ولا مدرة ولا ثرى إلاّ ارتجّت بصوت واحد : وعلى محمّد رسول الله السلام وعليك السلام ، فاضطربت قوائم القوم ، وارتعدت ركبهم ، ووقع السلاح من أيديهم ، وأقبلوا إليّ مسرعين ، فأصلحت بينهم وانصرفت » (٢).

[ ٥٠ / ٥٠ ] ( أحمد وعبدالله ابنا محمّد بن عيسى ) (٣) ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، ( عن أبي عبيدة الحذّاء ) (٤) وزرارة بن أعين (٥) ، عن

__________________

١ ـ قسيّهم : واحدها قوس وهو آلة نصف دائرة يرمى بها. أقرب الموارد ٢ : ١٠٥١ ـ قوس.

٢ ـ بصائر الدرجات : ٥٠١ / ٢ ، باختلاف في السند ، وأورده الراوندي في قصص الأنبياء : ٢٨٥ / ٣٥١ ، ونقله المجلسي في البحار ٤١ : ٢٥٢ / ١١ ، عن المختصر.

٣ ـ في البصائر : أحمد بن محمد ومحمّد بن الحسين.

٤ ـ في البصائر : عن أبي عبدالله عليه‌السلام.

٥ ـ زرارة بن أعين : هو ابن سنسن الشيباني ، مولىً لبني عبدالله بن عمرو السمين ، شيخ أصحابنا في زمانه ومتقدّمهم ، وكان قارئاً فقيهاً متكلّماً شاعراً أديباً ، قد اجتمعت فيه خلال الفضل والدين ، ثقه ، صادقاً فيما يرويه. وعدّه البرقي والشيخ من أصحاب الأئمّة الأطهار الباقر والصادق والكاظم عليهم‌السلام ، مات بعد أبي عبدالله عليه‌السلام ، وترحم الامام الصادق عليه‌السلام عليه وقال : « رحم الله زرارة بن أعين لولا زرارة ونظراؤه لاندرست أحاديث أبي عليه‌السلام ».

٧٨

أبي جعفر عليه‌السلام قال : « لمّا قُتل الحسين بن علي عليهما‌السلام ، أرسل محمّد بن الحنفية إلى علي ابن الحسين عليهما‌السلام فخلا به » ، ثم قال : يا ابن أخي قد علمت أنّ رسول لله صلى‌الله‌عليه‌وآله كانت الوصية منه ، والإمامة من بعده إلى علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، ثمّ إلى الحسن بن علي عليه‌السلام ، ثمّ إلى الحسين عليه‌السلام ، وقد قُتل أبوك صلوات الله عليه ولم يوص ، وأنا عمّك وصنو أبيك ، وولادتي من علي عليه‌السلام في سنّي وقدمي ، وأنا أحقّ بها منك في حداثتك ، لا تنازعني الوصيّة والإمامة ولا تجانبني (١) ، فقال له علي بن الحسين عليهما‌السلام : « يا عمّ إتّق الله ولا تدّع ما ليس لك بحق ، إنّي أعظك أن تكون من الجاهلين ، إنّ أبي صلوات الله عليه يا عم أوصى إليّ في ذلك قبل أن يتوجّه إلى العراق ، وعهد إليّ في ذلك قبل أن يستشهد بساعة ، وهذا سلاح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عندي ، فلا تتعرّض لهذا فإنّي أخاف عليك نقص العمر وتشتّت الحال.

إنّ الله تبارك وتعالى ـ لمّا صنع الحسين عليه‌السلام ما صنع ـ (٢) آلى أن لا يجعل

__________________

انظر رجال النجاشي : ١٧٥ / ٤٦٣ ، رجال البرقي : ١٦ و ٤٧ ، رجال الشيخ : ١٢٣ / ١٦ و ٢٠١ / ٩٠ و ٣٥٠ / ١ ، رجال ابن داود : ٩٦ / ٦٢٩ ، رجال العلاّمة : ١٥٢ / ٤٤١ ، رجال الكشي : ١٣٦ / ٢١٧ و ١٣٣ / ٢٠٨.

١ ـ في الكافي : ولا تحاجّني.

٢ ـ في نسختي « ض و ق » : ( لمّا صنع الحسن عليه‌السلام مع معاوية لعنه الله ما صنع ) وفي المختصر المطبوع : الحسين بدل الحسن ، وما أثبتناه من نسخة « س » هو الأنسب للسياق ، لأنّه حاشا لله تعالى أن يصطفي له حجّة على خلقه وأميناً في أرضه ثمّ يعامله بهذه الصورة ، ثمّ حاشا للإمام أن يكون تصرّفه موجباً لسخط الربّ تبارك وتعالى ، بل إنّ فعل الامام الحسن روحي فداه هو منتهى الحكمة وكمال الصلاح للاُمّة ، ففي هدنته عليه‌السلام وفي استشهاد الامام

٧٩

الوصية والإمامة إلاّ في عقب الحسين عليه‌السلام ، فإن رأيت أن تعلم ذلك فانطلق بنا إلى الحجر الأسود (١) حتى نتحاكم إليه ونسأله عن ذلك.

قال أبو جعفر عليه‌السلام : وكان الكلام بينهما بمكّة ، فانطلقا حتى أتيا الحجر ، فقال علي بن الحسين عليهما‌السلام لمحمّد بن علي إئته ياعم وابتهل إلى الله عزّ وجلّ أن يُنطق لك الحجر ، ثم سله عمّا ادّعيت ، فابتهل في الدعاء وسأل الله ثمّ دعا الحجر فلم يجبه.

فقال علي بن الحسين عليهما‌السلام : أما إنّك يا عم لو كنت وصيّاً وإماماً لأجابك ، فقال له محمّد : فادع أنت يا ابن أخي فاسأله ، فدعا الله علي بن الحسين عليهما‌السلام بما أراد ، ثمّ قال : اسألك بالذي جعل فيك ميثاق الأنبياء والأوصياء ، وميثاق الناس أجمعين لما أخبرتنا مَن الإمام والوصي بعد الحسين عليه‌السلام ، فتحرّك الحجر حتى كاد أن يزول عن موضعه ، ثمّ أنطقه الله بلسان عربيّ مبين فقال :

اللهمّ إنّ الوصيّة والإمامة بعد الحسين بن علي عليهما‌السلام إلى علي بن الحسين بن فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . فانصرف محمّد بن علي بن الحنفيّة وهو يتولّى علي بن الحسين عليهما‌السلام » (٢).

__________________

الحسين عليه‌السلام بني الإسلام وثبتت ركائزه. وهي الموافقة لرواية الاحتجاج وباختلاف يسير مع عبارة الكافي.

١ ـ الحجر الأسود : في رواية عن أمالي الطوسي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : « وهو من حجارة الجنّة ، وكان لمّا اُنزل في مثل لون الدرّ وبياضه ، وصفاء الياقوت وضيائه ، فسوّدته أيدي الكفّار » ص ٤٧٦ / ذيل حديث ١٠.

وفي رواية عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : « كان الحجر الأسود أشدّ بياضاً من اللبن فلولا ما مسّه من أرجاس الجاهلية ؛ ما مسّه ذو عاهة إلاّ برئ » علل الشرائع : ٤٢٧ / ١.

٢ ـ بصائر الدرجات : ٥٠٢ / ٣ باختلاف ، وأورده الكليني في الكافي ١ : ٣٤٨ / ٥ ، والطبرسي في الاحتجاج ٢ : ١٤٧ / ١٨٥.

٨٠