مختصر البصائر

الشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان الحلي

مختصر البصائر

المؤلف:

الشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان الحلي


المحقق: مشتاق المظفّر
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-470-280-8
الصفحات: ٥٨٤

في الأرض طويلاً. الذي يظهر من هذا ، ويتبادر إلى الذهن أنّه يكون أطول من الزمن الذي انقضى في غيبته عليه‌السلام ، وعمره الشريف اليوم ينيف على الخمسمائة والثلاثين سنة (١).

ويدلّ على ما قلناه ما تقدّم ورويناه عن الصادق عليه‌السلام أنّه سئل أيّ العمرين له أطول؟ قال : « الثاني بالضعف » (٢).

وهذا صريح في رجعته عليه‌السلام ، ( وإنّ طول التمتّع في الأرض يكون فيها لا فيما قبلها ، والحمد لله على ما هداه ) (٣).

[ ٥١٨ / ١١ ] ورويت عن جعفر بن محمّد بن قولويه في مزاره ، قال : حدّثني الحسين بن محمّد بن عامر ، عن المعلّى بن محمّد البصري ، قال : حدّثني أبو الفضل ، عن ابن صدقة ، عن المفضّل بن عمر ، قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : « كأنّي والله بالملائكة قد زاحموا المؤمنين على قبر الحسين عليه‌السلام » قال ، قلت : فيتراؤن لهم؟ قال : « هيهات هيهات لزماءَ والله ـ المؤمنين ـ حتى أنّهم ليمسحون وجوههم بأيديهم ، قال : ويُنزل الله على زوّار الحسين عليه‌السلام غدوة وعشية من طعام الجنّة ، وخدّامهم الملائكة ، لا يسأل الله عبد حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلاّ أعطاه إيّاها ».

قال : قلت : هذه والله الكرامة.

قال : « يا مفضّل اُزيدك؟ » قلت : نعم يا سيدي ، قال : « كأنّي بسرير من نور قد

__________________

١ ـ هذا التاريخ لعمره الشريف روحي لتراب مقدمه الفداء في حياة المصنّف رحمه‌الله ، ولكن عمره الآن تقريباً ألف ومائة وستة وستون سنة.

٢ ـ تقدّم في حديث رقم ٥٧ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣ ـ ما بين القوسين لم يرد في نسخة « س » والمختصر المطبوع.

٤٦١

وضع ، وقد ضربت عليه قبّة من ياقوتة مكلّلة بالجوهر ، وكأنّي بالحسين عليه‌السلام جالساً على ذلك السرير ، وحوله تسعون ألف قبة خضراء وكأنّي بالمؤمنين يزورونه ويسلّمون عليه ، فيقول الله عزّ وجلّ لهم : أوليائي سلوني فطالما اُوذيتم وذُلّلتم واضطهدتم ، فهذا يوم لا تسألوني حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلاّ قضيتها لكم ، فيكون أكلهم وشربهم من الجنّة ، فهذه والله الكرامة التي لا يشبهها شيء » (١).

إعلم أنّ هذا الحديث فيه دلالة واضحة بيّنة على أنّ ذلك يكون في الدنيا ، في رجعة سيّدنا الحسين بن علي صلوات الله عليهما إلى الدنيا. كما رويناه في الأحاديث الصحيحة الصريحة عنهم عليهم‌السلام في رجعته ورجعتهم.

أولاً : قوله عليه‌السلام : « ويُنزل الله على زوّار الحسين عليه‌السلام غدوة وعشيّة من طعام الجنّة » والإنزال يدلّ على أنّه في الدنيا لا في الآخرة.

وثانياً : قوله عليه‌السلام : « لا يسأل الله عبد حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلاّ أعطاها إيّاه » وحوائج الدنيا لا تسأل في الآخرة.

وثالثاً : قوله سبحانه : « فهذا يوم لا تسألوني حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلاّ قضيتها لكم ».

والرابع : قوله عليه‌السلام : « فيكون أكلهم وشربهم من الجنّة » فظهر ما قلناه والحمد لله معطي من يشاء ما يشاء كيف يشاء.

[ ٥١٩ / ١٢ ] ومن كتاب المشيخة للحسن بن محبوب رحمه‌الله بإسنادي المتّصل إليه أولاً عن محمّد بن سلام ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى ( ربّنا أمتّنا اثنتين

__________________

١ ـ كامل الزيارات : ١٣٥ / ٣ ، وفي آخره : فهذه الكرامة التي لا انقضاء لها ، ولا يدرك منتهاها.

٤٦٢

وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل ) (١) قال : « هو خاصّ لأقوام في الرجعة بعد الموت ، ويجري في القيامة ، فبعداً للقوم الظالمين » (٢).

[ ٥٢٠ / ١٣ ] الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم بن إسحاق الخارقي (٣) ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : كان أبو جعفر عليه‌السلام يقول : لقائم آل محمّد عليه وعليهم السلام غيبتان ، واحدة طويلة والاُخرى قصيرة ، قال : فقال لي : « نعم يا أبا بصير إحداهما أطول من الاُخرى ، ولا يكون ذلك حتى يختلف ( ولد فلان ) (٤) ، وتضيق الحلقة ، ويظهر السفياني ، ويشتدّ البلاء ، ويشمل الناس موت وقتل ، يلجأون منه إلى حرم الله وحرم رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله » (٥).

[ ٥٢١ / ١٤ ] وقفت على كتاب فيه خطب لمولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام وعليه خط السيّد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن طاووس ما صورته : هذا الكتاب ذكر كاتبه رجلين بعد الصادق عليه‌السلام فيمكن أن يكون تاريخ كتابته بعد المائتين من الهجرة لأنّه عليه‌السلام انتقل بعد سنة مائة وأربعين من الهجرة.

وقد روي بعض ما فيه عن أبي روح فرج بن فروة ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمّد عليه‌السلام ، وبعض ما فيه عن غيرهما ، ذكر في الكتاب المشار إليه خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام تسمّى المخزون وهي :

__________________

١ ـ غافر ٤٠ : ١١.

٢ ـ نقله عنه الحر العاملي في الإيقاظ من الهجعة : ٢٩٨ / ١٢٧ ، والبحراني في تفسير البرهان ٤ : ٧٤٩ / ٢٠ ، والمجلسي في البحار ٥٣ : ١١٦ / ١٣٩.

٣ ـ في إعلام الورى : إبراهيم الخارقي ، وفي الغيبة : إبراهيم بن [ زياد ] الخارقي.

٤ ـ في نسختي « س و ض » : سيف بني العباس.

٥ ـ أورده النعماني في الغيبة : ١٧٢ / ٧ ، والطبرسي في إعلام الورى ٢ : ٢٥٩.

٤٦٣

« الحمد لله الأحد المحمود ، الذى توحّد بملكه ، وعلا بقدرته ، أحمده على ما عرّف من سبيله ، وألهم من طاعته ، وعلّم من مكنون حكمته ، فإنّه محمود بكل ما يولي ، مشكور بكل ما يُبلي.

وأشهد أنّ قوله عدل ، وحكمه فصل ، ولم ينطق فيه ناطق بكان إلاّ كان قبل كان ، وأشهد أنّ محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله عبدالله وسيّد عباده ، خير من أهّل أوّلاً ، وخير من أهّل آخراً ، فكلّما نسج الله الخلق فريقين جعله في خير الفريقين ، لم يسهم فيه عائر ولا نكاح جاهلية.

ثمّ إنّ الله تعالى ( قد بعث إليكم رسولاً من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ) (١) فـ ( اتّبعوا ما اُنزل إليكم من ربّكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ماتذكّرون ) (٢).

فإنّ الله جعل للخير أهلاً ، وللحق دعائم ، وللطاعة عِصَماً يعصم بهم ، ويقيم من حقّه فيهم ، على ارتضاء من ذلك ، وجعل لها رُعاة وحفظة ، يحفظونها بقوّة ويعينوا عليها أولياء ذلك بما ولّوا من حقّ الله فيها.

أمّا بعد ، فإنّ روح (٣) البصر روح الحياة الذي لا ينفع إيمان إلاّ به ، مع كلمة الله والتصديق بها ، فالكلمة من الروح والروح من النور ، والنور نور السماوات ، فبأيديكم سبب وصل إليكم ، منه إيثار واختيار ، نعمة الله لا تبلغوا شكرها ، خصّصكم بها ، واختصّكم لها ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما

__________________

١ ـ بداية القوس اقتباس من سورة التوبة آية ١٢٨.

٢ ـ الأعراف ٧ : ٣.

٣ ـ في نسخة « ض » : نور.

٤٦٤

يعقلها إلاّ العالمون ) (١).

فابشروا بنصر من الله عاجل ، وفتح يسير يقرّ الله به أعينكم ، ويذهب بحزنكم ، كفّوا ما تناهى الناس عنكم ، فإنّ ذلك لا يخفى عليكم ، إنّ لكم عند كلّ طاعة عوناً من الله ، يقول على الألسن ، ويثبت على الأفئدة ، وذلك عون الله لأوليائه يظهر في خفيّ نعمته لطيفاً ، وقد أثمرت لأهل التقوى أغصان شجرة الحياة ، وإنّ فرقاناً من الله بين أوليائه وأعدائه ، فيه شفاء للصدور ، وظهور للنور ، يعزّ الله به أهل طاعته ، ويذلّ به أهل معصيته ، فليعدّ امرؤ لذلك عدّته ، ولا عُدّة له إلاّ بسبب بصيرة ، وصدق نيّة ، وتسليم سلامة أهل الخفّة في الطاعة ثقل الميزان ، والميزان بالحكمة ، والحكمة ضياء للبصر ، والشكّ والمعصية في النار ، وليسا منّا ولا لنا ولا إلينا ، قلوب المؤمنين مطويّة على الإيمان ، إذا أراد الله إظهار ما فيها فتحها بالوحي ، وزرع فيها الحكمة ، وإنّ لكلّ شيء إنىً (٢) يبلغه ، لا يعجل الله بشيء حتى يبلغ إناه ومنتهاه.

فاستبشروا ببشرى ما بشّرتم به ، واعترفوا بقربان ما قرّب لكم ، وتنجّزوا من الله ما وعدكم ، إنّ منّا دعوة خالصة يظهر الله بها حجّته البالغة ، ويتمّ بها النعمة السابغة ، ويُعطي بها الكرامة الفاضلة ، من استمسك بها أخذ بحكمة منها ، آتاكم الله رحمته ، ومن رحمته نوّر القلوب ، ووضع عنكم أوزار الذنوب ، وعجّل شفاء صدوركم ، وصلاح اُموركم ، وسلام منّا لكم دائماً عليكم ، تسلمون به في دول الأيام ، وقرار الأرحام ، أين كنتم وسلامه لسلامه عليكم ، في ظاهره وباطنه ، فإنّ الله عزّ وجلّ اختار لدينه أقواماً انتجبهم للقيام عليه ، والنصرة له ، بهم ظهرت كلمة

__________________

١ ـ العنكبوت ٢٩ : ٤٣.

٢ ـ إنىً : بمعنى حين ووقت. انظر الصحاح ٦ : ٢٢٧٣ ـ أنا.

٤٦٥

الإسلام وارجاء مفترض القرآن ، والعمل بالطاعة في مشارق الأرض ومغاربها.

ثمّ إنّ الله تعالى خصّكم بالإسلام ، واستخلصكم له ؛ لأنّه اسم سلامة ، وجماع كرامة ، اصطفى الله تعالى منهجه ، وبيّن حججه ، أرّف (١) اُرفه وحدّه ، ووصفه وجعله رضاً كما وصفه ، ووصف أخلاقه ، وبيّن أطباقه ، ووكّد ميثاقه من ظهر وبطن ، ذي حلاوة وأمن ، فمن ظفر بظاهره ، رأى عجائب مناظره في موارده ومصادره ، ومن فطن لما بطن ، رأى مكنون الفطن ، وعجائب الأمثال والسنن.

فظاهره أنيق ، وباطنه عميق ، لا تنقضي عجائبه ولا تفنى غرائبه ، فيه ينابيع النعم ، ومصابيح الظلم ، لا تفتح الخيرات إلاّ بمفاتيحه ، ولا تنكشف الظلمات إلاّ بمصابيحه ، فيه تفصيل وتوصيل ، وبيان الإسمين الأعلين اللذَين جُمعا فاجتمعا ، لا يصلحان إلاّ معاً ، يسمّيان فيعرفان ، ويوصفان فيجتمعان ، قيامهما في تمام أحدهما في منازلهما ، جرى بهما ، ولهما نجوم ، وعلى نجومهما نجوم سواهما ، تحمي حماه ، وترعى مراعيه ، وفي القرآن بيانه وحدوده وأركانه ، ومواضع تقادير ما خزن بخزائنه ، ووزن بميزانه ، ميزان العدل وحكم الفصل.

إنّ رعاة الدين فرّقوا بين الشكّ واليقين ، وجاؤا بالحقّ المبين ، قد بيّنوا الإسلام تبياناً ، وأسّسوا له أساساً وأركاناً ، وجاؤا على ذلك شهوداً وبرهاناً ، من علامات وامارات ، فيها كفاء لمكتف ، وشفاء لمشتف ، يحمون حماه ، ويرعون مرعاه ، ويصونون مصونه ، ويهجرون مهجوره ، ويحبّون محبوبه ، بحكم الله وبرّه ، وبعظيم أمره وذكره ، بما يجب أن يذكر به ، يتواصلون بالولاية ، ويتلاقون بحسن اللهجة (٢) ،

__________________

١ ـ الاُرفة : الحد ، والجمع اُرف. الصحاح ٤ : ١٣٣٠ ـ أرف.

٢ ـ في نسخة « س » : البهجة.

٤٦٦

ويتساقون بكأس الرويّة ، ويتراعون بحسن الرعاية ، ويصدرون بصدور بريّة ، وأخلاق سنيّة لم يؤلم عليها ، وبقلوب رضيّة لا تتسرّب (١) فيها الدنيّة ، ولا تشرع (٢) فيها الغيبة (٣).

فمن استبطن من ذلك شيئاً استبطن خلقاً سنيّاً (٤) ، وقطع أصله ، واستبدل منزله بنقضه مبرماً ، واستحلاله محرّماً ، من عهد معهود إليه ، وعقد معقود عليه ، بالبرّ والتقوى ، وإيثار سبيل الهدى ، على ذلك عقد خلقهم ، وآخا اُلفتهم ، فعليه يتحابّون ، وبه يتواصلون ، فكانوا كالزرع وتفاضله ، يبقى فيؤخذ منه ، ويفنى ببقية التخصيص ، ويبلغ منه التخليص ، فلينظر امرؤ في قصر أيّامه ، وقلّة مقامه في منزل ، حتى يستبدل منزلاً ليضع متحوّله ومعارف منتقله.

فطوبى لذي قلب سليم أطاع من يهديه ، وتجنّب ما يُرديه ، فيدخل مدخل الكرامة ، وأصاب سبيل السلامة ، يبصر ببصره ، وأطاع هادي أمره ، دُلّ أفضل الدلالة ، وكشف غطاء الجهالة المضلّة الملهية ، فمن أراد تفكّراً أو تذكّراً فليذكر رأيه ، وليبرز (٥) بالهدى ، ما لم تغلق أبوابه وتفتح أسبابه ، وقبل نصيحة من نصح بخضوع وحسن خشوع ، بسلامة الإسلام ودعاء التمام ، وسلام بسلام ، تحيّة دائمة لخاضع متواضع يتنافس بالإيمان ، ويتعارف عدل الميزان ، فليقبل أمره وإكرامه بقبول ، وليحذر قارعة قبل حلولها.

__________________

١ ـ في نسختي « س و ض » : لا تشوب.

٢ ـ في نسخة « س » : ولا تسرع.

٣ ـ في نسخة « ض » : الغبيّة.

٤ ـ في نسخة « س » : سيّئاً.

٥ ـ في نسخة « س و ض » : ولينظر.

٤٦٧

إنّ أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلاّ ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل ، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان ، لا يعي حديثنا إلاّ حصون حصينة ، أو صدور أمينة ، أو أحلام رزينة.

يا عجباً كلّ العجب بين جمادى ورجب » فقال رجل من شرطة الخميس : ما هذا العجب يا أمير المؤمنين؟ قال : « وما لي لا أعجب! وقد سبق القضاء فيكم وما تفقهون الحديث ، إلاّ صوتات بينهنّ موتات ، حصد نبات ، ونشر أموات.

يا عجباً كلّ العجب بين جمادى ورجب » قال الرجل أيضاً : يا أمير المؤمنين ما هذا العجب الذي لا تزال تعجب منه؟ قال : « ثكلت الآخر اُمّه ، وأي عجب يكون أعجب من أموات يضربون هامات الأحياء » قال أنّى يكون ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال : « والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، كأنّي أنظر إليهم قد تخلّلوا سكك الكوفة وقد شهروا سيوفهم على مناكبهم ، يضربون كلّ عدوّ لله ولرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله وللمؤمنين ، وذلك قول الله عزّ وجلّ ( يا أيّها الّذين آمنوا لا تتولّوا قوماً غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفّار من أصحاب القبور ) (١).

أيّها الناس سلوني قبل أن تفقدوني ، لأنا بطرق السماء أعلم من العالم بطرق الأرض.

أنا يعسوب المؤمنين (٢) ، وغاية السابقين ، ولسان المتّقين ، وخاتم الوصيين ، ووارث النبيّين ، وخليفة ربّ العالمين.

أنا قسيم النار ، وخازن الجنان ، وصاحب الحوض ، وصاحب الأعراف ،

__________________

١ ـ الممتحنة ٦٠ : ١٣.

٢ ـ في البحار : الدين.

٤٦٨

فليس منّا أهل البيت إمام إلاّ وهو عارف بجميع أهل ولايته ، وذلك قول الله تعالى ( إنّما أنت منذر ولكلّ قوم هاد ) (١).

ألا أيّها الناس سلوني قبل أن تشغر (٢) برجلها فتنة شرقية ، وتطأ في خطامها بعد موت وحياة ، أو تشبّ ناراً بالحطب الجزل غربي الأرض ، ورافعة ذيلها تدعو ياويلها بذحلة أو مثلها ، فإذا استدار الفلك قلت : مات أو هلك بأيّ واد سلك ، فيومئذ تأويل هذه الآية ( ثمّ رددنا لكم الكرّة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيراً ) (٣).

ولذلك آيات وعلامات أولهنّ : احصار الكوفة بالرصد والخندق ، وتحريق الزوايا في سكك الكوفة ، وتعطيل المساجد أربعين ليلة ، وتخفق رايات ثلاث حول المسجد الأكبر ، يشبّهن بالهدى ، القاتل والمقتول في النار ، وقتل كثير وموت كثير ذريع ، وقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين ، والمذبوح بين الركن والمقام ، وقتل الأسبُع (٤) المظفّر صبراً في بيعة الأصنام ، مع كثير من شياطين الإنس.

وخروج السفياني براية خضراء ، وصليب من ذهب ، أميرها رجل من كلب ، واثنى عشر ألف عنان من خيل يحمل السفياني متوجّهاً إلى مكّة والمدينة ، أميرها أحد من بني اُميّة يقال له : خزيمة ، أطمس العين الشمال ، على عينه طرفة تميل بالدنيا ، فلا تردّ له راية حتى ينزل المدينة ، فيجمع رجالاً ونساءً من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله فيحبسهم

__________________

١ ـ الرعد ١٣ : ٧.

٢ ـ في نسخة « س » : تسرع ، وفي المختصر المطبوع ص ١٩٨ : تشرع.

وشغر : كثر واتّسع. الصحاح ٢ : ٧٠٠ ـ شغر.

٣ ـ الاسراء ١٧ : ٦.

٤ ـ في البحار : الأسبغ.

٤٦٩

في دار بالمدينة يقال لها : دار أبي الحسن الاُموي.

ويبعث خيلاً في طلب رجل من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قد اجتمع إليه رجال من المستضعفين بمكة أميرهم رجل من غطفان ، حتى إذا توسّطوا الصفائح البيض بالبيداء ، يخسف بهم ، فلا ينجو منهم أحد إلاّ رجل واحد ، يحوّل الله وجهه في قفاه لينذرهم ، وليكون آية لمن خلفه ، فيومئذ تأويل هذه الآية ( ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت واُخذوا من مكان قريب ) (١).

ويبعث السفياني مائة وثلاثين ألفاً إلى الكوفة ، فينزلون بالروحاء (٢) وفاروق (٣) ، وموضع مريم وعيسى عليهما‌السلام بالقادسية ، ويسير منهم ثمانون ألفاً حتى ينزلوا الكوفة موضع قبر هود عليه‌السلام بالنخيلة فيهجموا عليه يوم زينة ، وأمير الناس جبّار عنيد يقال له : الكاهن الساحر ، فيخرج من مدينة يقال لها : الزوراء في خمسة آلاف من الكهنة ، ويُقتل على جسرها سبعين ألفاً ، حتى يحتمي الناس من الفرات ثلاثة أيام من الدماء ونتن الأجسام ، ويسبى من الكوفة أبكاراً (٤) ، لا يكشف عنها ستر (٥) ولا قناع ، حتى يوضعن في المحامل ، يزلف بهنّ الثويّة وهي الغريّين.

__________________

١ ـ سبأ ٣٤ : ٥١.

٢ ـ الروحاء : قرية من قرى بغداد وعلى نهر عيسى قرب السندية. معجم البلدان ٣ : ٨٧ / ٥٦٤٦.

٣ ـ فاروق : من قرى إصطخر فارس. معجم البلدان ٤ : ٢٦٠.

والظاهر أنّها مصحّفة من فاروث : وهي قرية كبيرة ذات سوق على شاطئ دجلة بين واسط والمذَار. معجم البلدان ٤ : ٢٥٩. وفاروث أقرب للسياق.

٤ ـ في نسخة « ض » : سبعون بكراً.

٥ ـ في نسخة « س » : كفّ.

٤٧٠

ثم يخرج من الكوفة مائة ألف بين مشرك ومنافق ، حتى يضربوا دمشق ، لا يصدّهم عنها صاد ، وهي إرم ذات العماد ، وتقبل رايات شرقي الأرض ليست بقطن ولا كتان ولا حرير ، مختّمة في رؤوس القنا بخاتم السيد الأكبر ، يسوقها رجل من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، يوم تطير بالمشرق يوجد ريحها بالمغرب كالمسك الأذفر ، يسير الرعب أمامها شهراً.

ويخلف أبناء سعد السقاء (١) بالكوفة طالبين بدماء آبائهم ، وهم أبناء الفسقة ، حتى تهجم عليهم خيل الحسين عليه‌السلام ، يستبقان كأنّهما فرسا رهان ، شعث غبر أصحاب بواكي وقوارح ، إذ يضرب أحدهم برجله باكية ، يقول : لا خير في مجلس بعد يومنا هذا ، اللهم فإنّا التائبون الخاشعون الراكعون الساجدون ، فهم الأبدال الذين وصفهم الله عزّ وجلّ ( إنّ الله يحبّ التوابين ويحبّ المتطهرين ) (٢) والمطهّرون نظراؤهم من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله .

ويخرج رجل من أهل نجران راهب مستجيب للإمام ، فيكون أول النصارى إجابة ، ويهدم صومعته (٣) ، ويدقّ صليبها ، ويخرج بالموالي وضعفاء الناس والخيل ، فيسيرون إلى النخيلة بأعلام هدى ، فيكون مجتمع الناس جميعاً من الأرض كلّها بالفاروق ـ وهي محجّة أمير المؤمنين عليه‌السلام وهي ما بين البرس (٤) والفرات ـ فيقبل يومئذ فيما بين المشرق والمغرب ثلاثة آلاف من اليهود والنصارى ، فيقتل بعضهم بعضاً ، فيومئذ تأويل هذه الآية ( فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيداً

__________________

١ ـ في نسخة « س » : سعد السفياني.

٢ ـ البقرة ٢ : ٢٢٢.

٣ ـ في نسختي « س و ض » : بيعته.

٤ ـ في نسخة « ض » : الناوس.

٤٧١

خامدين ) (١) بالسيف وتحت ظلّ السيف.

ويخلف من بني الأشهب الزاجر اللحظ ، في اُناس من غير أبيه هرباً حتى يأتون سبطرى عوّذاً بالشجر ، فيومئذ تأويل هذه الآية ( فلمّا أحسّوا بأسنا إذا هم منها يركضون * لا تركضوا وارجعوا إلى ما اترفتم فيه ومساكنكم لعلّكم تسئلون ) (٢) ومساكنهم الكنوز التي غلبوا (٣) من أموال المسلمين ، ويأتيهم يومئذ الخسف والقذف والمسخ ، فيومئذ تأويل هذه الآية ( وما هي من الظالمين ببعيد ) (٤).

وينادي مناد في شـهر رمضان من ناحية المشرق ، عند طلوع الشمس : يا أهل الهدى اجتمعوا ، وينادي من ناحية المغرب بعد ما تغيب الشمس (٥) : يا أهل الضلالة (٦) اجتمعوا ، ومن الغد عند الظهر تكوّر الشمس ، فتكون سوداء مظلمة ، واليوم الثالث يفرّق بين الحقّ والباطـل بخروج دابّة الأرض ، وتقبل الروم إلى قريـة بساحل البحـر ، عند كهف الفتـية ، ويبـعث الله الفتية من كهفهم إليهم ، رجل يقـال له : مليخا (٧) والآخر كمسلمينا (٨) ، وهما الشاهدان المسلّمان للقائم عليه‌السلام.

__________________

١ ـ الأنبياء ٢١ : ١٥.

٢ ـ الأنبياء ٢١ : ١٢ ـ ١٣.

٣ ـ في البحار : غنموا.

٤ ـ هود ١١ : ٨٣.

٥ ـ في نسخة « س » : بعد ما يغيب الشفق.

٦ ـ في البحار : الهدى.

٧ ـ في نسخة من حاشية نسخة « س » والمختصر المطبوع : تمليخا ، وقد ورد الإسمان في كتب التاريخ والتفسير. فمنهم من يقول : تمليخا ، ومنهم من يقول : مليخا.

٨ ـ في نسخة « ض » : مكسلمينا.

٤٧٢

فيبعث أحد الفتية إلى الروم ، فيرجع بغير حاجة ، ويبعث الآخر ، فيرجع بالفتح ، فيومئذ تأويل هذه الآية ( وله أسلم من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً ) (١).

ثمّ يبعث الله من كلّ اُمّة فوجاً ليريهم كانوا ما يوعدون فيومئذ تأويل هذه الآية ( ويوم نحشر من كلّ اُمّة فوجاً ممّن يكذّب بآياتنا فهم يوزعون ) (٢) والوزع خفقان أفئدتهم.

ويسير الصدّيق الأكبر براية الهدى ، والسيف ذو الفقار والمخصرة ، حتى ينزل أرض الهجرة مرتين وهي الكوفة ، فيهدم مسجدها ويبنيه على بنائه الأول ، ويهدم ما دونه من دور الجبابرة.

ويسير إلى البصرة حتى يشرف على بحرها ، ومعه التابوت ، وعصا موسى عليه‌السلام ، فيعزم عليه فيزفر في البصرة زفرة فتصير بحراً لجّيّاً ، لا يبقى فيها غير مسجدها كجؤجؤ السفينة على ظهر الماء.

ثمّ يسير إلى حروراء (٣) حتى يحرقها ، ويسير من باب بني أسد حتى يزفر زفرة في ثقيف ، وهم زرع فرعون.

ثمّ يسير إلى مصر فيعلو منبره ، ويخطب الناس فتستبشر الأرض بالعدل ، وتعطي السماء قطرها ، والشجر ثمرها ، والأرض نباتها ، وتتزيّن الأرض لأهلها ،

__________________

١ ـ آل عمران ٣ : ٨٣.

٢ ـ النمل ٢٧ : ٨٣.

٣ ـ حروراء : بفتحتين وسكون الواو ، قرية بظاهر الكوفة ، وقيل : موضع على ميلين من الكوفة نزل به الخوارج الذين خالفوا علي بن أبي طالب عليه‌السلام. معجم البلدان ٢ : ٢٨٣ / ٣٦٢٩.

٤٧٣

وتأمن الوحوش حتى ترتعي في طرق الأرض كأنعامهم ، ويقذف في قلوب المؤمنين العلم ، فلا يحتاج مؤمن إلى ما عند أخيه من العلم ، فيومئذ تأويل هذه الآية ( يغنِ الله كلاًّ من سعته ) (١).

وتخرج لهم الأرض كنوزها ويقول القائم عليه‌السلام ( كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية ) (٢) فالمسلمون يومئذ أهل الصواب للدين ، أذن لهم في الكلام فيومئذ تأويل هذه الآية ( وجاء ربّك والملك صفاً صفاً ) (٣) فلا يقبل الله يومئذ إلاّ دينه الحق ألا لله الدين الخالص ، فيومئذ تأويل هذه الآية ( أو لم يروا أنا نسوقُ الماءَ إلى الأرضِ الجُرُز فنُخرجُ به زرعاً تأكلُ منه أنعامُهم وأنفُسهم أفلا يُبصرون * ويقولون متى هذا الفتحُ إن كنتم صادقين * قل يومَ الفتحِ لا ينفعُ الذين كفروا إيمانُهم ولا هم يُنظرون * فأعرض عنهم وانتظر إنّهم منتظِرون ) (٤).

فيمكث فيما بين خروجه إلى يوم موته ثلاثمائة سنة ونيفاً ، وعدّة أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر ، منهم : تسعة من بني اسرائيل ، وسبعون من الجن ، ومائتان وأربعة وثلاثون فيهم سبعون الذين غضبوا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ هجته مشركوا قريش ، فطلبوا إلى نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يأذن لهم في إجابتهم ، فأذن لهم حيث نزلت هذه الآية ( إلاّ الذين آمنوا وعَمِلوا الصالحاتِ وذكروا الله كثيراً وانتصروا من بعد ما ظُلموا وسيعلم الذين ظَلموا أيَّ مُنقلب ينقلبون ) (٥).

__________________

١ ـ النساء ٤ : ١٣٠.

٢ ـ الحاقة ٦٩ : ٢٤.

٣ ـ الفجر ٨٩ : ٢٢.

٤ ـ السجدة ٣٢ : ٢٧ ـ ٣٠.

٥ ـ الشعراء ٢٦ : ٢٢٧.

٤٧٤

وعشرون من أهل اليمن منهم المقداد بن الأسود ، ومائتان وأربعة عشر الذين كانوا بساحل البحر ممّا يلي عدن ، فبعث الله إليهم نبيّ برسالة فأتوا مسلمين ، وتسعة من بني اسرائيل ، ومن أفناء الناس (١) ألفان وثمانمائة (٢) وسبعة عشر.

ومن الملائكة أربعون ألفاً ، من ذلك من المسوّمين ثلاثة آلاف ، ومن المردفين خمسة آلاف.

فجميع أصحابه عليه‌السلام سبعة وأربعون ألفاً ومائة وثلاثون من ذلك تسعة رؤوس ، مع كلّ رأس من الملائكة أربعة آلاف من الجنّ والإنس عدّة يوم بدر ، فبهم يقاتل ، وإيّاهم ينصر الله ، وبهم ينتصر ، وبهم يقدّم (٣) النصر ، ومنهم نضرة الأرض » (٤).

كتبتها كما وجدتها وفيها نقص حروف.

[ ٥٢٢ / ١٥ ] محمّد بن علي الصدوق رحمه‌الله ، عن محمّد بن أحمد بن إبراهيم ، قال : حدّثنا أبو عبدالله الورّاق محمّد بن عبدالله بن الفرج ، قال : حدّثنا أبو الحسن علي بن بنان المقري (٥) ، قال : حدّثنا محمّد بن سابق ، قال : حدّثنا زائدة ، عن الأعمش ، قال : حدّثنا فرات القزاز ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري ، قال : كنّا جلوساً في المدينة في ظلّ حائط ، قال : وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في غرفة فاطّلع علينا ، فقال : « فيما أنتم؟ » قلنا : نتحدّث ، قال : « عمّ ذا؟ » قلنا : عن الساعة ، فقال :

__________________

١ ـ من أفناء الناس : إذا لم يعلموا ممنّ هم. اُنظر الصحاح ٦ : ٢٤٥٧ ـ فني.

٢ ـ في نسخة « ض » : ثلاثمائة.

٣ ـ في نسخة « ض » : يقدّر.

٤ ـ نقله المجلسي في بحار الأنوار ٥٣ : ٧٧ / ٨٦.

٥ ـ في المصدر : علي بن بيان المقرئ.

٤٧٥

« إنّكم لا ترون الساعة حتى تروا قبلها عشر آيات :

طلوع الشمس من مغربها ، والدجّال ، ودابّة الأرض ، وثلاثة خسوف تكون في الأرض ، خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، ونزول (١) عيسى بن مريم عليهما‌السلام ، وخروج يأجوج ومأجوج ، وتكون آخر الزمان نار تخرج من اليمن من قعر الأرض لا تدع خلفها أحداً ، تسوق الناس إلى المحشر ، كلّما قاموا قامت لهم تسوقهم إلى المحشر » (٢).

[ ٥٢٣ / ١٦ ] محمّد بن علي الصدوق رحمه‌الله ، عن حمزة بن محمّد بن أحمد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفي مولى بني هاشم ، قال : أخبرني القاسم بن محمّد بن حمّاد ، قال : حدّثنا غياث بن إبراهيم ، قال : حدّثنا الحسين بن زيد بن علي ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أبشروا ثمّ أبشروا ـ ثلاث مرات ـ إنّما مثل اُمّتي كمثل غيث لا يدرى أوله خير أم آخره.

إنّما مثل اُمّتي كمثل حديقة اُطعم منها فوج عاماً ، ثمّ اُطعم منها فوج عاماً ، لعلّ آخرها فوجاً يكون أعرضها بحراً ، وأعمقها طولاً وفرعاً ، وأحسنها جنىً ، وكيف تهلك اُمّة أنا أولها ، واثنا عشر من بعدي من السعداء واُولي الألباب ، والمسيح عيسى بن مريم عليه‌السلام آخرها ، ولكن يهلك بين ذلك نتج (٣) الهرج ليسوا منّي ولست

__________________

١ ـ في المصدر والبحار : وخروج.

٢ ـ الخصال : ٤٤٩ / ٥٢ ، وعنه في البحار ٦ : ٣٠٤ / ٣.

٣ ـ في نسخة « ق » : تيح ، وكذلك البحار.

٤٧٦

منهم » (١).

[ ٥٢٤ / ١٧ ] ومن الكتاب المذكور أيضاً الذي فيه خطب مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام خطبة قال فيها بعد كلام طويل : « يا رسول الله بأي المنازل اُنزلهم إذا فعلوا ذلك؟ قال : بمنزلة فتنة ، ينقذ الله بنا أهل البيت عند ظهورنا السعداء من اُولي الألباب إلاّ أن يدّعوا الضلالة ، ويستحلّوا الحرام في حرم الله ، فمن فعل ذلك منهم فهو كافر.

يا علي : بنا ختم الله ، وبنا فتح الإسلام ، وبنا يختمه ، بنا أهلك الله الأوثان ومن يعبدها ، وبنا يقصم كلّ جبّار وكلّ منافق ، حتى ليقتل في الحق من يقتل في الباطل.

يا علي : إنّما مثل هذه الاُمّة مثل حديقة اُطعم منها فوج عاماً ، ثمّ فوج عاماً ، ثم فوج عاماً ، فلعلّ آخرها فوجاً أن يكون أثبتها أصلاً ، وأحسنها فرعاً ، وأمدّها ظلاًّ ، وأحلاها جنىً ، وأكثرها خيراً ، وأوسعها عدلاً ، وأطولها ملكاً.

( يا علي : كيف تهلك اُمّة أنا أوّلها ، ومهديها وسطها ، والمسيح بن مريم آخرها ) (٢).

يا علي : إنّما مثل هذا الاُمّة كمثل الغيث لا يُدرى أوله خير أم آخره ، وبعد ذلك نتج الهرج ، لست منه وليس منّي » (٣) إلى آخر الخطبة.

[ ٥٢٥ / ١٨ ] ومن كتاب التنزيل والتحريف أحمد بن محمّد السيّاري ، عن

__________________

١ ـ عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ١ : ٥٢ / ١٨ ، الخصال : ٤٧٥ / ٣٩ ، كمال الدين : ٢٦٩ / ١٤ ، وعنهم في البحار ٣٦ : ٢٤٢ / ٤٨.

٢ ـ ما بين القوسين لم يرد في المختصر المطبوع.

٣ ـ وعنه في نهج السعادة ١ : هامش صفحة ٣٨٧.

٤٧٧

محمّد بن خالد ، عن عمر بن عبدالعزيز ، عن عبدالله بن نجيح اليماني ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام ( لتسئلنّ يومئذ عن النعيم ) (١) قال : « النعيم الذي أنعم الله عليكم بمحمّد وآل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله » وفي قوله تعالى ( لو تعلمون علم اليقين ) (٢) قال : « المعاينة » وفي قوله تعالى ( كلاّ سوف تعلمون * ثمّ كلاّ سوف تعلمون ) (٣) قال : « مرّة بالكرّة واُخرى يوم القيامة » (٤).

[ ٥٢٦ / ١٩ ] محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى وأحمد بن محمّد جميعاً ، عن محمّد بن الحسن ، عن علي بن حسّان ، قال : حدّثني أبو عبدالله الرياحي (٥) ، عن أبي الصامت الحلواني ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « قال أمير المؤمنين عليه‌السلام أنا قسيم الله بين الجنّة والنّار ، لا يدخلها داخل إلاّ على أحد قسمي ، وأنا الفاروق الأكبر ، وأنا الإمام لمن بعدي ، والمؤدّي عمّن كان قبلي ، لا يتقدّمني أحد إلاّ أحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإنّي وإيّاه لعلى سبيل واحد ، إلاّ أنّه هو المدعوّ باسمه ، ولقد اُعطيت الست : علم البلايا والمنايا ، والوصايا ، وفصل الخطاب ، وإنّي لصاحب الكرّات ، ودولة الدول ، وإنّي لصاحب العصا والميسم ، والدابّة التي تكلّم الناس » (٦).

[ ٥٢٧ / ٢٠ ] ومن كتاب الاحتجاج لأبي منصور أحمد بن أبي طالب الطبرسي رحمه‌الله قال : روي أنّ يوماً قال أبو حنيفة لمؤمن الطاق : إنّكم تقولون بالرجعة؟ قال : نعم ، قال أبو حنيفة : فأعطني الآن ألف درهم حتى اُعطيك ألف دينار

__________________

١ و ٢ و ٣ ـ التكاثر ١٠٢ : ٨ و ٥ و ٣ ـ ٤.

٤ ـ التنزيل والتحريف : ٧٠ ـ مصورة من مكتبة السيد المرعشي ، وعنهما في البحار ٥٣ : ١٠٧ / ١٣٥. وفي التنزيل : مرّة بالكوفة. بدل : مرة بالكرّة.

٥ ـ في نسختي « ض و ق » الرماحي ، وفي « س » : الرماني.

٦ ـ الكافي ١ : ١٩٨ / ذيل حديث ٣.

٤٧٨

إذا رجعنا ، قال الطاقي لأبي حنيفة : فأعطني كفيلاً بأنّك ترجع انساناً ولا ترجع خنزيراً (١).

[ ٥٢٨ / ٢١ ] ومن كتاب الغارات لإبراهيم بن محمّد بن سعيد بن هلال الثقفي : روى حديثاً عن أمير المؤمنين عليه‌السلام منه قيل له : فما ذو القرنين؟ قال عليه‌السلام : « رجل بعثه الله إلى قومه فكذّبوه وضربوه على قرنه فمات ، ثمّ أحياه الله ، ثمّ بعثه إلى قومه فكذّبوه وضربوه على قرنه الآخر فمات ، ثمّ أحياه الله ، فهو ذو القرنين لأنّه ضربت قرناه ».

وفي حديث آخر : « وفيكم مثله » يريد نفسه عليه‌السلام (٢).

[ ٥٢٩ / ٢٢ ] ومنه أيضاً : حدّثنا عبدالله بن اسيد الكندي ـ وكان من شرطة الخميس ـ عن أبيه ، قال : إنّي لجالس مع الناس عند عليّ عليه‌السلام إذا جاء ابن معن وابن نعج معهما عبدالله بن وهب الراسبي (٣) ، قد جعلا في حلقه ثوباً يجرّانه ، فقالا : يا أمير المؤمنين اقتله ولا تداهن الكذّابين ، قال : « ادنه » فدنا ، فقال لهما : « فما يقول؟ » قالا : يزعم أنّك دابّة الأرض ، وأنّك تُضرب على هذا قبيل هذا ـ يعنون رأسه إلى لحيته ـ

__________________

١ ـ الاحتجاج ٢ : ٢١٤ ، وعنه في البحار ٤٧ : ٣٩٩.

٢ ـ الغارات : ١٠٥ ـ ١٠٦ ، وعنهما في البحار ٥٣ : ١٠٧ ، ١٣٧.

٣ ـ عبدالله بن وهب الراسبي : عدّه الشيخ من أصحاب الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قائلاً : رأس الخوارج ملعون. وهو القائل في ارجوزته في حرب الخوارج ضد أمير المؤمنين عليه‌السلام.

أنا ابن وهب الراسبي الشاري

أضرب في القوم لأخذ الثأر

حتى تزول دولة الأشرار

ويرجع الحق إلى الأخيار

والشراة هم قبيلة من الخوارج.

رجال الطوسي : ٥٢ / ٩٦ ، المناقب لابن شهرآشوب ٣ : ٢٢٠.

٤٧٩

فقال : « ما يقول هؤلاء؟ » قال : يا أمير المؤمنين حدّثتهم حديثاً حدّثنيه عمّار بن ياسر ، قال : « اتركوه فقد روى عن غيره.

يا بن اُم السوداء إنّك تبقر الحديث بقراً ، ولتبقرنّ كما تبقره ، خلّوا سبيل الرجل ، فإن يك كاذباً فعليه كذبه ، وإن يك صادقاً يصبني الذي يقول » (١).

[ ٥٣٠ / ٢٣ ] ومنه أيضاً : عن عباية ، قال : سمعت علياً عليه‌السلام يقول : « أنا سيّد الشيب وفيّ سنّة من أيوب عليه‌السلام ، والله ليجمعنّ الله لي أهلي كما جمعوا ليعقوب عليه‌السلام » (٢).

( إعلم أنّ في هذا الحديث دلالة بيّنة على رجعته صلوات الله عليه إلى الدنيا لقوله : « فيّ سنّة من أيوب » ) (٣) لأنّ أيوب عليه‌السلام ابتُلي ثمّ عافاه الله من بلواه ، واُوتي أهله ، ومثلهم معهم ، كما حكى الله سبحانه.

فروي أنّه أحيا له أهله الذين قد ماتوا لمّا أذهب بلواه ، وكشف ضرّه ، وقد صحّ عنهم صلوات الله عليهم أنّه : « كلّ ما كان في بني اسرائيل يكون في هذه الاُمّة مثله ، حذوا النعل بالنعل ، والقذّة بالقذّة » وقد قال : « إنّ فيه شبهه عليه‌السلام ».

وقوله عليه‌السلام : « والله ليجمعنّ الله لي أهلي كما جمعوا ليعقوب عليه‌السلام » فإنّ يعقوب عليه‌السلام فرّق بينه وبين أهله برهة من الزمان ، ثمّ جمعوا له ، فقد حلف عليه‌السلام أنّ الله سبحانه وتعالى سيجمع له ولده كما جمعهم ليعقوب عليه‌السلام ، وقد كان اجتماع يعقوب

__________________

١ ـ وعنهما في البحار ٥٣ : ١٠٨.

٢ ـ لم أعثر عليه في الغارات ، بل وجدته في أمالي المفيد : ١٤٥ / ٤ ، باختلاف يسير ، وعن مسعدة بن صدقة في إرشاد المفيد ١ : ٢٩٠.

وعن المختصر عن الغارات في البحار ٥٣ : ١٠٨.

٣ ـ ما بين القوسين لم يرد في المختصر المطبوع.

٤٨٠