مختصر البصائر

الشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان الحلي

مختصر البصائر

المؤلف:

الشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان الحلي


المحقق: مشتاق المظفّر
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-470-280-8
الصفحات: ٥٨٤

وحده ، ويجنّ عليه الليل وحده ، فإذا نامت العيون ، وغسق الليل (١) ، نزل إليه جبرئيل وميكائيل عليهما‌السلام والملائكة صفوفاً ، فيقول له جبرئيل عليه‌السلام : يا سيدي قولك مقبول ، وأمرك جائز. فيمسح عليه‌السلام يده على وجهه ويقول ( الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوّأ من الجنّة حيث نشاء فنعم أجر العاملين ) (٢).

ويقف بين الركن والمقام ، فيصرخ صرخة فيقول : يا معشر نقبائي وأهل خاصّتي ، ومن ذخرهم الله لنصرتي قبل ظهوري على وجه الأرض! ائتوني طائعين ، فترد صيحته عليه‌السلام عليهم وهم في محاريبهم (٣) وعلى فرشهم ، في شرق الأرض وغربها ، فيسمعونه في صيحة واحدة ، في اُذن كلّ رجل ، فيجيئون جميعهم نحوها (٤) ، ولا يمضي لهم إلاّ كلمحة بصر حتى يكونوا كلّهم بين يديه عليه‌السلام بين الركن والمقام.

فيأمر الله عزّوجل النور فيصير عموداً من الأرض إلى السماء ، فيستضي به كلّ مؤمن على وجه الأرض ، ويدخل عليه نور من جوف بيته ، فتفرح نفوس المؤمنين بذلك النور ، وهم لا يعلمون بظهور قائمنا أهل البيت عليه وعليهم السلام ، ثمّ يصبحون وقوفاً بين يديه عليه‌السلام ، وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً ، بعدّة أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم بدر ».

قال المفضّل : يا مولاي وسيّدي فالاثنان وسبعون رجلاً الذين قتلوا مع الحسين عليه‌السلام يظهرون معه؟

__________________

١ ـ الغسق : أول ظلمة الليل. وقد غسق الليل يغسق ، أي اظلمّ. الصحاح ٤ : ١٥٣٧ ـ غسق.

٢ ـ الزمر ٣٩ : ٧٤.

٣ ـ المحاريب : صدور المجالس. الصحاح ١ : ١٠٨ ـ حرب.

٤ ـ في نسخة « س » : نحوه عليه‌السلام.

٤٤١

قال عليه‌السلام : « نعم يظهرون معه ، وفيهم أبو عبدالله الحسين بن علي عليه‌السلام (١) في اثني عشر ألفاً ، مؤمنين من شيعة علي عليه‌السلام ، وعليه عمامة سوداء ».

قال المفضّل : يا سيّدي فتغيّر سنّة القائم عليه‌السلام الذين بايعوا له قبل ظهوره وقبل قيامه؟

فقال عليه‌السلام : « يا مفضّل كلّ بيعة قبل ظهور القائم عليه‌السلام فبيعة كفر ونفاق وخديعة ، لعن الله المبايع لها والمبايَع له.

بل يا مفضّل يسند سيّدنا القائم عليه‌السلام ظهره إلى الحرم ويمدّ يده المباركة فترى بيضاء من غير سوء ، ويقول : هذه يد الله ، وعن الله ، وبأمر الله ، ثم يتلو هذه الآية ( إنّ الذين يبايعونك إنّما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنّما ينكث على نفسه ) (٢) الآية.

فيكون أول من يقبّل يده جبرئيل عليه‌السلام ثمّ يبايعه وتبايعه الملائكة ونجباء الجنّ ، ثمّ النقباء ، ويصبح الناس بمكّة فيقولون : من هذا الرجل الذي بجانب الكعبة؟ وما هذا الخلق الذين معه؟ وما هذه الآية التي رأيناها الليلة ولم نر مثلها؟ فيقول بعضهم لبعض : هذا الرجل هو صاحب العنيزات.

فيقول بعضهم لبعض : انظروا هل تعرفون أحداً ممّن معه؟ فيقولون : لا نعرف أحداً منهم إلاّ أربعة من أهل مكة ، وأربعة من أهل المدينة ، وهم فلان وفلان

__________________

١ ـ في نسخة « ض » : يظهرون وفيهم أبو عبدالله الحسين بن علي عليه‌السلام.

وفي نسخة « س » : فيقبل الحسين بن علي عليه‌السلام.

وفي المختصر المطبوع والبحار : يظهر منهم أبو عبدالله الحسين بن علي عليه‌السلام.

وما في المتن من نسخة « ق ».

٢ ـ الفتح ٤٨ : ١٠.

٤٤٢

ويعدّونهم بأسمائهم ، ويكون هذا أوّل طلوع الشمس في ذلك اليوم ، فإذا طلعت الشمس وأضاءت صاح صائح بالخلائق من عين الشمس بلسان عربي مبين ، يُسمع من في السماوات والأرضين :

يا معشر الخلائق هذا مهديّ آل محمّد ـ ويسمّيه باسم جدّه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ويكنّيه ، وينسبه إلى أبيه الحسن الحادي عشر إلى الحسين بن علي صلوات الله عليهم أجمعين ـ بايعوه تهتدوا ، ولا تخالفوا أمره فتضلّوا.

فأوّل من يقبّل يده الملائكة ، ثمّ الجنّ ، ثمّ النقباء ويقولون : سمعنا وأطعنا ، ولا يبقى ذو اُذن من الخلائق إلاّ سمع ذلك النداء ، وتقبل الخلائق من البدو والحضر ، والبرّ والبحر ، يحدّث بعضهم بعضاً ، ( ويستفهم بعضهم بعضاً ) (١) ، ما سمعوا بآذانهم.

فإذا دنت الشمس للغروب ، صرخ صارخ (٢) من مغربها : يا معشر الخلائق قد ظهر ( ربّكم بوادي اليابس ) (٣) من أرض فلسطين وهو عثمان بن عنبسة الاُموي (٤) من ولد يزيد بن معاوية لعنهم الله فبايعوه تهتدوا ، ولا تخالفوا عليه فتضلّوا ، فيردّ عليه الملائكة والجنّ والنقباء قوله ويكذّبونه ، ويقولون له : سمعنا وعصينا ، ولا يبقى ذو شكّ ولا مرتاب ، ولا منافق ، ولا كافر إلاّ ضلّ بالنداء الأخير.

وسيّدنا القائم صلوات الله عليه مسند ظهره إلى الكعبة ويقول : يا معشر الخلائق ألا ومن أراد أن ينظر إلى آدم وشيث ، فها أنا ذا آدم وشيث.

__________________

١ ـ في نسخة « س » : ويسمع ، بدل ما بين القوسين.

٢ ـ الصارخ هو ابليس عليه لعنة الله ، كما ورد في الحديث في ارشاد المفيد ٢ : ٣٧١ ، وإعلام الورى ٢ : ٢٧٩.

٣ ـ في نسختي « س و ق » : بكم موال الناس.

٤ ـ وهو السفياني لعنه الله.

٤٤٣

ألا ومن أراد أن ينظر إلى نوح وولده سام ، فها أنا ذا نوح وسام.

ألا ومن أراد أن ينظر إلى إبراهيم وإسماعيل ، فها أنا ذا إبراهيم وإسماعيل.

ألا ومن أراد أن ينظر إلى موسى ويوشع ، فها أنا ذا موسى ويوشع.

ألا ومن أراد أن ينظر إلى عيسى وشمعون ، فها أنا ذا عيسى وشمعون.

ألا ومن أراد أن ينظر إلى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين صلوات الله عليه ، فها أنا ذا محمّد وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما.

ألا ومن أراد أن ينظر إلى الحسن والحسين عليهما‌السلام ، فها أنا ذا الحسن والحسين عليهما‌السلام.

ألا ومن أراد أن ينظر إلى الأئمّة من ولد الحسين عليهم‌السلام ، فها أنا ذا الأئمّة عليهم‌السلام.

أجيبوا إلى مسألتي فإنّي اُنبّئكم بما نبّئتم به وما لم تنبأوا به.

ومن كان يقرأ الكتب والصحف فليسمع منّي ، ثمّ يبتدئ بالصحف التي أنزلها الله عزّ وجلّ على آدم وشيث عليهما‌السلام ، وتقول اُمّة آدم وشيث هبة الله : هذه والله هي الصحف حقّاً ، ولقد أرانا ما لم نكن نعلمه فيها ، وما كان خفي علينا وما كان اُسقط منها وبُدّل وحُرّف.

ثمّ يقرأ صحف نوح وصحف إبراهيم عليهما‌السلام والتوراة والإنجيل والزبور ، فيقول أهل التوراة والإنجيل والزبور : هذه والله صحف نوح وإبراهيم عليهما‌السلام حقّاً ، وما اُسقط منها وبُدّل وحُرّف منها ، هذه والله التوراة الجامعة والزبور التام والإنجيل الكامل ، وإنّها أضعاف ما قرأنا منها.

ثمّ يتلو القرآن فيقول المسلمون : هذا والله القرآن حقّاً ، الذي أنزله الله تعالى على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وما اُسقط منه وحرّف وبُدّل.

٤٤٤

ثمّ تظهر الدابّة (١) بين الركن والمقام ، فيكتب في وجه المؤمن : مؤمن ، وفي وجه الكافر : كافر.

ثمّ يظهر السفياني ويسير جيشه إلى العراق فيخرّبه ، ويخرّب الزوراء ويتركهما جمّاء (٢) ، ويخرّب الكوفة والمدينة وتروّث بغالهم في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

وجيش السفياني يومئذ ثلاثمائة ألف رجل ، بعد أن خرّب الدنيا ، ثمّ يخرج إلى البيداء يريد مكّة وخراب البيت ، فلمّا صار بالبيداء وعرّس (٣) بها ، صاح بهم صائح : يا بيداء أبيدي فتبتلعهم الأرض بخيلهم فيبقى اثنان ، فينزل ملك فيحوّل وجوههما إلى ورائهما ويقول : يا بشير (٤) امض إلى المهدي وبشّره بهلاك جيش السفياني.

وقال للذي اسمه نذير : امض إلى السفياني فعرّفه بظهور المهدي عليه‌السلام مهدي آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله .

فيمضي مبشّراً (٥) إلى المهدي عليه‌السلام ويعرّفه بهلاك جيش السفياني ، وإنّ الأرض انفجرت ، فلم يبق من الجيش عقال ناقة ، فإذا بات مسح المهدي عليه‌السلام على وجهه ويردّه خلقاً سويّاً ، ويبايعه ويكون معه.

__________________

١ ـ المراد من الدابّة : هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، كما ورد في تفسير قوله تعالى في سورة النمل آية ٨٢ ( وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابّة من الأرض تكلّمهم أنّ الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ) انظر تفسير البرهان ٤ : ٢٢٧ وما بعدها. والذي نقل من المصادر المعتبرة.

٢ ـ جمّاء : أي أرض بلا دور وسكنى.

٣ ـ عرّس بها : نزل في آخر الليل للاستراحة. القاموس المحيط ٢ : ٣٦١.

٤ ـ في نسخة « ق » : لمبشر ، وفي نسخة « س » : يا مبشّر.

٥ ـ في نسخة « س » : المبشر.

٤٤٥

( وتظهر الملائكة والجنّ ، وتخالط الناس ) (١) ، ويسيرون معه ، ولينزلنّ أرض الهجرة ، ولينزلنّ ما بين الكوفة والنجف ، ويكون حينئذ عدّة أصحابه ستّة وأربعون ألفاً من الملائكة ، ومثلها من الجنّ ، ثمّ ينصره الله ويفتح على يده.

وقال عليه‌السلام عن الكوفة : لا يبقى مؤمن إلاّ كان بها أو حواليها ، وليبلغنّ مجالة فرس منها ألفي درهم ، إي والله وليودنّ أكثر الناس أنّه اشترى شبراً من أرض السبع بشبر من ذهب ـ والسبع خطة من خطط همدان ـ ولتصيرنّ الكوفة أربعة وخمسين ميلاً ، وليجاورنّ قصورها كربلاء ، وليصيّرنّ الله كربلاء معقلاً ومقاماً تختلف (٢) فيها الملائكة والمؤمنون ، وليكوننّ لها شأن عظيم ، وليكوننّ فيها من البركات ، ما لو وقف مؤمن ودعا ربّه بدعوة لأعطاه بدعوته الواحدة مثل ملك (٣) الدنيا ألف مرّة ».

ثمّ تنفّس أبو عبدالله عليه‌السلام وقال : « يا مفضّل إنّ بقاع الأرض تفاخرت ، ففخرت كعبة البيت الحرام على بقعة كربلاء ، فأوحى الله إليها : أن اسكتي كعبة البيت الحرام ولا تفتخري على كربلاء.

فإنّها البقعة المباركة التي نودي موسى منها في الشجرة (٤).

__________________

١ ـ في المصدر والبحار : قال المفضّل : يا سيدي وتظهر الملائكة والجن للناس قال عليه‌السلام : « إي والله يا مفضّل ويخالطونهم كما يكون الرجـل مع خاصته ـ في البحار : مع حاشيته ـ وأهله ».

قلت : يا سيدي ويسيرون معه؟

قال عليه‌السلام : « إي والله يا مفضّل ... ». بدل ما بين القوسين.

٢ ـ في نسخة « ق » : تعتكف.

٣ ـ في المختصر المطبوع ص ١٨٦ ونسخة « س » : تلك.

٤ ـ في نسخة « س و ض و ق » : الصخرة ، وما في المتن يؤيّده ما في القرآن الكريم في سورة

٤٤٦

وإنّها الربوة التي أوت إليها مريم والمسيح عليهما‌السلام.

( وإنّها الدالية (١) التي غسل بها رأس الحسين عليه‌السلام ) (٢) ، وفيها غسلت مريم عيسى عليهما‌السلام واغتسلت من ولادتها.

وإنّها خير بقعة عرج (٣) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منها وقت غيبته ، وليكوننّ لشيعتنا فيها حياة إلى ظهور قائمنا عليه‌السلام ».

قال المفضّل : يا سيدي ثمّ يسير المهدي إلى أين؟

قال عليه‌السلام : « إلى مدينة جدّي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإذا وردها كان له فيها مقام عجيب ، يظهر فيه سرور المؤمنين وخزي الكافرين ».

قال المفضّل : يا سيدي ما هو ذاك؟

قال : « يرد إلى قبر جدّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيقول : يا معشر الخلائق هذا قبر جدّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيقولون : نعم يا مهدي آل محمّد ، فيقول : ومن معه في القبر؟ فيقولون : صاحباه وضجيعاه أبو بكر وعمر ، فيقول : ـ وهو أعلم بهما والخلائق كلّهم جميعاً يسمعون ـ من أبو بكر وعمر؟ وكيف دُفنا من بين الخلق مع جدّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعسى المدفون غيرهما؟ فيقول الناس : يا مهدي آل محمّد ما هاهنا غيرهما ، إنّهما دفنا معه ؛ لأنّهما خليفتا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأبوا زوجتيه.

__________________

القصص آية ٣٠ ( فلمّا أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن ياموسى إنّي أنا الله ربّ العالمين ).

١ ـ الدالية : المنجنون تديرها البقر ، والناعورة يديرها الماء. الصحاح ٦ : ٢٣٣٩. والظاهر المراد منه ماء الفرات.

٢ ـ ما بين القوسين لم يرد في المختصر المطبوع ص ١٨٦.

٣ ـ في نسخة « ق » : يخرج ، وفي المصدر : يخرج الرسول.

٤٤٧

فيقول للخلق بعد ثلاثة أيّام : أخرجوهما من قبريهما ، فيخرجان غضّين طريّين لم يتغيّر خلقهما ، ولم يشحب لونهما.

فيقول : هل فيكم من يعرفهما؟ فيقولون : نعرفهما بالصفة ، وليس ضجيعي جدّك غيرهما.

فيقول : هل فيكم أحد يقول غير هذا أو يشكّ فيهما؟ فيقولون : لا ، فيؤخّر إخراجهما ثلاثة أيام.

ثمّ ينتشر الخبر في الناس ، ويحضر المهدي عليه‌السلام ويكشف الجدران عن القبرين ، ويقول للنقباء : ابحثوا عنهما وانبشوهما ، فيبحثون بأيديهم حتى يصلوا إليهما ، فيخرجان غضّين طريين كصورتهما في الدنيا.

فيكشف عنهما أكفانهما ، ويأمر برفعهما على دوحة (١) يابسة نخرة ، فيصلبهما عليها ، فتحيى (٢) الشجرة وتورق وتونع (٣) ويطول فرعها.

فيقول المرتابون من أهل ولايتهما : هذا والله الشرف حقّاً ، ولقد فزنا بمحبّتهما وولايتهما ، ويخبر (٤) من أخفى ما في نفسه ـ ولو مقياس حبّة ـ من محبّتهما وولايتهما ، فيحضرونهما ويرونهما ويفتنون بهما.

وينادي منادي المهدي عليه‌السلام : كلّ من أحبّ صاحبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وضجيعيه فلينفرد جانباً ، فيتجزّء الخلق جزءين : أحدهما موال والآخر متبرّئ

__________________

١ ـ الدوحة : الشجرة العظيمة. القاموس المحيط ١ : ٢٢٠ ـ دوح.

٢ ـ في نسخة « ق » : فتتحرّك.

٣ ـ في المصدر : وتنبع.

٤ ـ في المصدر : ويخسر.

٤٤٨

منهما.

فيعرض المهدي عليه‌السلام على أوليائهما البراءة منهما ، فيقولون : يا مهدي آل رسول الله نحن لم نتبرأ منهما ، وما كنّا نقول : أنّ لهما عند الله وعندك هذه المنزلة ، وهذا الذي بدا لنا من فضلهما ، أنبرأ الساعة منهما ، وقد رأينا منهما ما رأينا في هذا الوقت؟ من نضارتهما وغضاضتهما ، وحياة هذه الشجرة بهما؟ بلى والله نبرأ منك ، وممّن آمن بك ، وممّن لا يؤمن بهما ، وممّن صلبهما وأخرجهما ، وفعل بهما ما فعل ، فيأمر المهدي عليه‌السلام ريحاً سوداء فتهبّ عليهم فتجعلهم كأعجاز نخل خاوية.

ثمّ يأمر بإنزالهما فيُنزلان إليه فيحييهما بإذن الله تعالى ، ويأمر الخلائق بالاجتماع ، ثمّ يقصّ عليهم قصص فعالهما في كلّ كور ودور ، حتى يقصّ عليهم قتل هابيل بن آدم عليه‌السلام ، وجمع النار لإبراهيم عليه‌السلام ، وطرح يوسف عليه‌السلام في الجب ، وحبس يونس عليه‌السلام في بطن الحوت ، وقتل يحيى عليه‌السلام ، وصلب عيسى عليه‌السلام ، وعذاب جرجيس ودانيال عليهما‌السلام ، وضرب سلمان الفارسي ، واشعال النار على باب أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام لإحراقهم بها ، وضرب يد الصدّيقة الكبرى فاطمة بالسوط ، ورفس بطنها واسقاطها محسناً ، وسمّ الحسن عليه‌السلام ، وقتل الحسين عليه‌السلام ، وذبح أطفاله وبني عمّه وأنصاره ، وسبي ذراري رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإراقة دماء آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكل دمّ سفك ، وكلّ فرج نكح حراماً ، وكلّ ( رين وخبث وفاحشة ) (١) وإثم وظلم ، وجور وغشم ، منذ عهد آدم عليه‌السلام إلى وقت قيام قائمنا عليه‌السلام ، كلّ ذلك يعدّده عليهما ، ويلزمهما إيّاه فيعترفان به.

__________________

١ ـ في المصدر : وأكل كلّ سحت وفاحشة ، وفي نسخة « ض » : وكلّ ربا وسحت وفاحشة ، وفي المختصر المطبوع ١٨٧ : وكل زنى وخبث وفاحشة.

٤٤٩

ثمّ يأمر بهما فيقتصّ منهما في ذلك الوقت بمظالم من حضر ، ثمّ يصلبهما على الشجرة ، ويأمر ناراً تخرج من الأرض فتحرقهما والشجرة ، ثمّ يأمر ريحاً فتنسفهما في اليمّ نسفاً ».

قال المفضّل : يا سيدي ذلك آخر عذابهما؟

قال عليه‌السلام : « هيهات يا مفضّل ، والله ليردّنّ وليحضرنّ السيّد الأكبر محمّد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والصدّيق الأكبر أمير المؤمنين ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، والأئمّة عليهم‌السلام ، وكلّ من محض الإيمان محضاً ، أو محض الكفر محضاً ، وليقتصّنّ منهما بجميع المظالم (١) ، حتى أنّهما ليقتلان في كلّ يوم وليلة ألف قتلة ، ويردّان إلى ما شاء الله.

ثمّ يسير المهدي عليه‌السلام إلى الكوفة ، وينزل ما بين الكوفة والنجف ، وعدد أصحابه في ذلك اليوم ستّة وأربعون ألفاً من الملائكة ومثلها من الجن (٢) ، والنقباء ثلاثمائة وثلاثة عشر نفساً ».

قال المفضّل : يا سيدي كيف تكون دار الفاسقين في ذلك الوقت؟

قال عليه‌السلام : « في لعنة الله وسخطه وبطشه ، تخرّبها الفتن ، وتتركها حمماً (٣) ، فالويل لها ولمن بها كلّ الويل من الرايات الصفر ورايات المغرب ، ومن يجلب الجزيرة (٤) ، ومن الرايات التي تسير إليها من كل قريب أو بعيد.

__________________

١ ـ في نسخة « س » والمختصر المطبوع : فعلهما.

٢ ـ في المصدر والبحار : وستّة آلاف من الجن.

٣ ـ في المختصر المطبوع والبحار : جمّاء.

٤ ـ في نسخة « ق » والمصدر : كلب الجزيرة.

٤٥٠

والله لينزلنّ بها من صنوف العذاب ما نزل بسائر الاُمم المتمرّدة من أوّل الدهر إلى آخره ، ولينزلنّ بها من العذاب ما لا عين رأت ، ولا اُذن سمعت بمثله ، ولا يكون طوفان أهلها (١) إلاّ بالسيف ، فالويل لمن اتخذ بها مسكناً ، فإنّ المقيم بها يبقى بشقائه (٢) ، والخارج منها برحمة الله.

والله ليبقى من أهلها في الدنيا حتى يقال إنّها هي الدنيا ، وإنّ دورها وقصورها هي الجنّة ، وإنّ بناتها هنّ الحور العين ، وإنّ ولدانها هم الولدان ، وليظنّن أنّ الله لم يقسّم رزق العباد إلاّ بها ، وليظهرنّ من الافتراء على الله وعلى رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والحكم بغير كتاب الله ، ومن شهادات الزور ، وشرب الخمور ، والفجور (٣) ، وأكل السحت ، وسفك الدماء ما لا يكون في الدنيا كلّها إلاّ دونه ، ثمّ ليخرّبها الله تعالى بتلك الفتن (٤) وتلك الرايات ، حتى لو مرّ عليها مارّ لقال : هاهنا كانت الزوراء ».

قال المفضّل : ثمّ يكون ماذا يا سيدي؟

قال عليه‌السلام : « ثمّ يخرج الفتى الحسني الصبيح من نحو الديلم فيصيح بصوت له فصيح : يا آل محمّد (٥) أجيبوا الملهوف ، والمنادي من حول الضريح ، فتجيبه كنوز الله بالطالقان (٦) ، كنوز وأي كنوز ، لا من ذهب ولا من فضّة ، بل هي رجال كزبر الحديد ،

__________________

١ ـ في نسختي « س و ق » : أجلها.

٢ ـ في نسخة « س » : بمقامه.

٣ ـ في نسخة « ض » زيادة : وركوب الفسق.

٤ ـ في نسخة « ق » : الفترة.

٥ ـ في المصدر والبحار : يا آل أحمد.

٦ ـ الطالقان : بلدتان ، إحداهما بخراسان بين مرو الروز وبلخ ، والاُخرى : بلدة وكورة بين قزوين وأبهر ، وبها عدّة قرى يقع عليها هذا الاسم. معجم البلدان ٤ : ٧.

٤٥١

لكأنّي أنظر إليهم على البراذين (١) الشهب ، بأيديهم الحراب ، يتعاوون شوقاً إلى الحرب كما تتعاوى الذئاب ، أميرهم رجل من تميم ، يقال له : شعيب بن صالح ، فيقبل الحسني (٢) فيهم ، وجهه كدائرة القمر يروع الناس جمالاً ، فيبقى على أثر الظلمة ، فيأخذ سيفه الصغير والكبير ، والوضيع والعظيم ، ثم يسير بتلك الرايات كلّها حتى يرد الكوفة ، ( وقد جمع بها ) (٣) أكثر أهل الأرض ويجعلها له معقلاً.

ثمّ يتّصل به وبأصحابه خبر المهدي عليه‌السلام فيقولون له : يابن رسول الله من هذا الذي نزل بساحتنا؟ فيقول الحسني : اخرجوا بنا إليه حتى تنظروا من هو؟ وما يريد؟ وهو يعلم والله أنّه المهدي عليه‌السلام وإنّه ليعرفه ، وإنّه لم يرد بذلك الأمر إلاّ الله (٤).

فيخرج الحسني وبين يديه أربعة آلاف رجل في أعناقهم المصاحف ، وعليهم المسوح ، مقلّدين بسيوفهم ، فيقبل الحسني حتى ينزل بقرب المهدي عليه‌السلام فيقول : سائلوا عن هذا الرجل من هو وماذا يريد؟ فيخرج بعض أصحاب الحسني إلى عسكر المهدي عليه‌السلام ، فيقول : أيّها العسكر الجائل من أنتم حيّاكم الله؟ ومن صاحبكم هذا؟ وماذا يريد؟ فيقول أصحاب المهدي عليه‌السلام : هذا مهدي آل محمّد عليهم‌السلام ، ونحن أنصاره من الجنّ والإنس والملائكة ، ثمّ يقول الحسني : خلّوا بيني وبين هذا ، فيخرج إليه المهدي عليه‌السلام ، فيقفان بين العسكرين ، فيقول الحسني : إن كنت مهدي آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله فأين هراوة جدّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وخاتمه ، وبردته ، ودرعه الفاضل ،

__________________

١ ـ البرذون : الاُنثى من الدواب. اُنظر الصحاح ٥ : ٢٠٧٨ ـ برذن.

٢ ـ في المختصر المطبوع ونسخه الثلاثة : الحسين عليه‌السلام ، وما أثبتناه من المصدر والبحار ، وكذا الموارد الآتية.

٣ ـ في المصدر والبحار : وقد صفا.

٤ ـ في البحار : ليعرّف أصحابه من هو؟. بدل لفظ الجلالة.

٤٥٢

وعمامته السحاب ، وفرسه اليربوع ، وناقته العضباء ، وبغلته الدُلدُل ، وحماره اليعفور ، ونجيبه البراق ، وتاجه (١) ، والمصحف الذي جمعه (٢) أمير المؤمنين عليه‌السلام بغير تغيير ولا تبديل ، فيحضر له السفط الذي فيه جميع ما طلبه.

( وقال أبو عبدالله عليه‌السلام : إنّه كلّه كان في السفط ) (٣) ، وتركات جميع النبيّين حتى عصا آدم ونوح عليهما‌السلام ، وتركة هود وصالح عليهما‌السلام ، ومجموع (٤) إبراهيم عليه‌السلام ، وصاع يوسف عليه‌السلام ، ومكيل (٥) شعيب عليه‌السلام وميزانه ، وعصا موسى عليه‌السلام ، وتابوته الذي فيه بقية ما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة ، ودرع داود عليه‌السلام ، وخاتم سليمان عليه‌السلام (٦) وتاجه ، ورحل عيسى عليه‌السلام ، وميراث النبيّين والمرسلين في ذلك السفط ».

فعند ذلك يقول الحسني : يابن رسول الله اقض ما قد رأيته ، والذي أسألك أن تغرز هراوة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في هذا الحجر الصلب (٧) ، وتسأل الله أن ينبتها فيه ـ ولا يريد بذلك إلاّ أن يُري أصحابه فضل المهدي عليه‌السلام حتى يطيعوه ويبايعوه ـ فيأخذ المهدي عليه‌السلام الهراوة فيغرزها فتنبت فتعلو وتفرع وتورق حتى تظلّ عسكر الحسني

__________________

١ ـ في نسخة « ض » : ورحله. وكلاهما لم يردا في البحار.

٢ ـ في نسخة « س و ق » زيادة : أبي ، وفي نسخة « ض » : جدّي.

٣ ـ في المصدر : قال المفضّل : يا سيدي فهذا كلّه في السفط؟ قال : يا مفضّل. بدل ما بين القوسين.

٤ ـ في نسخة « ق » ومجمع.

٥ ـ في نسخة « ق » : ومكتل.

٦ ـ في نسختي « ض و ق » زيادة : وعصاه.

٧ ـ في نسختي « ض و ق » : الصلد. وكذا البحار.

٤٥٣

وعسكر المهدي عليه‌السلام.

فيقول الحسني : الله أكبر يابن رسول الله مد يدك حتى اُبايعك ، فيبايعه الحسني وسائر عسكره ، إلاّ أربعة آلاف (١) من أصحاب المصاحف ومسوح الشعر ـ المعروفون بالزيدية ـ فإنّهم يقولون : ما هذا إلاّ سحر عظيم.

فيختلط العسكران ، ويقبل المهدي عليه‌السلام على الطائفة المنحرفة فيعظهم ويؤخّرهم (٢) إلى ثلاثة أيام فلا يزدادون إلاّ طغياناً (٣) وكفراً ، فيأمر المهدي عليه‌السلام بقتلهم (٤) ، فكأنّي أنظر إليهم قد ذبحوا على مصاحفهم كلّهم ، يتمرّغون في دمائهم وتتمرّغ المصاحف ، فيقبل بعض أصحاب المهدي عليه‌السلام فيأخذوا تلك المصاحف ، فيقول المهدي عليه‌السلام : دعوها تكون عليهم حسرة كما بدّلوها وغيّروها وحرّفوها ولم يعملوا بما حكم الله فيها ».

قال المفضّل : يا سيدي ماذا يعمل المهدي عليه‌السلام؟

قال عليه‌السلام : « تثور سراياه على السفياني إلى دمشق ، فيأخذونه ويذبحونه على الصخرة.

ثمّ يظهر الحسين بن علي عليه‌السلام في اثني عشر ألف صدّيق ، واثنين وسبعين رجلاً ـ أصحابه الذين قتلوا معه يوم عاشوراء ـ فيالك عندها من كرّة زهراء ورجعة بيضاء.

__________________

١ ـ في البحار : إلاّ أربعين ألفاً.

٢ ـ في نسخة « ض » : ويدعهم ، وفي نسخة « ق » : ويزجرهم ، وفي البحار : ويدعوهم.

٣ ـ في نسخة « ق » : إلاّ بعداً وطغياناً.

٤ ـ في نسخة « ض » والبحار زيادة : فيقتلون جميعاً.

٤٥٤

ثمّ يخرج الصدّيق الأكبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وتنصب له القبّة البيضاء على النجف ، وتقام أركانها : ركن بالنجف ، وركن بهجر ، وركن بصنعاء اليمن ، وركن بأرض طيبة ، فكأنّي أنظر إلى مصابيحها تشرق في السماء والأرض كأضوأ من الشمس والقمر فعندها ( تبلى السرائر ) (١) و ( تذهل كلّ مرضعة عمّا أرضعت وتضع كلّ ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ) (٢) الآية.

ثمّ يظهر السيّد الأجل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله في أنصاره والمهاجرين ومن آمن به وصدّقه واستشهد معه ، ويحضر مكذّبوه الشاكّون فيه والمكفّرون ، والقائلون فيه أنّه ساحر وكاهن ومجنون ، ومعلّم وشاعر ، وناطق عن الهوى ، ومن حاربه وقاتله حتى يقتصّ منهم بالحقّ ، ويجازون بأفعالهم منذ وقت ظهر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إلى وقت ظهور المهدي عليه‌السلام إماماً إماماً ، ووقتاً وقتاً ، ويحقّ تأويل هذه الآية ( ونريد أن نمنّ على الّذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمّة ونجعلهم الوارثين * ونمكّن لهم في الأرض ونرى فرعون وهامان ) (٣) الآية.

( قال المفضّل : قلت : يا سيدي ومن فرعون وهامان؟

قال عليه‌السلام : « أبو بكر وعمر » ) (٤).

قال المفضّل : يا سيدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين عليه‌السلام يكونان معه؟

قال عليه‌السلام : « لا بدّ أن يطآن الأرض ، إي والله حتى ما وراء القاف (٥) ، إي والله

__________________

١ ـ الطارق ٨٦ : ٩.

٢ ـ الحج ٢٢ : ٢.

٣ ـ القصص ٢٨ : ٥ ـ ٦.

٤ ـ ما بين القوسين لم يرد في نسختي « س و ق » والمصدر.

٥ ـ في البحار : الخاف. وفي نسخة « ق » : الخافقان.

٤٥٥

وما في الظلمات ، وما في قعر البحار ، حتى لا يبقى موضع قدم إلاّ وطآه ، وأقاما فيه مالدين الواجب لله تعالى.

كأنّي أنظر إلينا ـ معاشر الأئمّة ـ ونحن بين يدي جدّنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، نشكوا إليه ما نزل بنا من الاُمّة بعده ، من التكذيب والردّ علينا وسبّنا (١) ولعننا وارهاقنا (٢) بالقتل ، وقصد طواغيتهم الولاة لاُمورهم إيّانا من دون الاُمّة ( بترحيلنا عن حرمه إلى دار ملكهم ، وقتلهم إيّانا بالسم والحبس ) (٣) ، فيبكي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ويقول : يا بنيّ ما نزل بكم إلاّ ما نزل بجدّكم. ولو علمت طواغيتهم وولاتهم أنّ نحن والمهدي والإيمان والوصية والإمامة في غيركم لطلبوه.

ثمّ تبتدئ فاطمة عليها‌السلام فتشكو من عمر وما نالها من أبي بكر ، وأخذ فدك منها ، ومشيها إليه في مجمع من المهاجرين والأنصار ، وخطابها له في أمر فدك ، وما ردّ عليها من قوله : إنّ الأنبياء لا تورّث ، واحتجاجها بقول زكريا ويحيى عليهما‌السلام ، وقصّة داود وسليمان عليهما‌السلام.

وقول صاحبه : هاتي صحيفتك التي ذكرت أنّ أباكِ كتبها لك ، وإخراجها الصحيفة وأخذها منها ، ونشرها على رؤوس الأشهاد من قريش وسائر المهاجرين والأنصار وسائر العرب ، وتفله فيها ، وعزله (٤) لها ، وتمزيقه إيّاها ، وبكائها ، ورجوعها إلى قبر أبيها باكية حزينة ، تمشي على الرمضاء قد أقلقتها ، واستغاثتها بالله

__________________

١ ـ في البحار : وسبينا.

٢ ـ في نسخة « ق » : والظلم فينا ، وفي « س » : واخافتنا.

٣ ـ ما بين القوسين لم يرد في نسختي « س و ق » والمختصر المطبوع.

٤ ـ في المصدر : وعركه.

٤٥٦

عزّ وجلّ وبأبيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتمثّلها فيه بقول رقيقة بنت صيفي (١) :

قد كان بعدك أنباء وهنبثة

لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها

واختل قومك فاشهدهم ولا تغب

__________________

١ ـ في المختصر المطبوع ونسخه الخطّية الثلاثة : رقية بن صفي. وما أثبتناه من اُسد الغابة ٦ : ١١١ / ٦٩١٩ ، والاصابة ٤ : ٢٩٦ إلاّ أنّ فيه : بنت أبي صيفي. ومع ذلك فقد اختلفوا في نسبة الأبيات ، فمنهم من نسبها إلى هند بنت اُثاثة :

كالقرشي في اصله : ٩٥ ـ ضمن الاصول الستة عشر ـ والأربلي في كشف الغمّة ١ : ٤٨٩ ، وابن سعد في طبقاته ٢ : ٣٣٢.

ومنهم من نسبها إلى صفية بنت عبدالمطلب :

كالطبري في دلائل الإمامة : ٣٥ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ٩ : ٣٩. إلاّ أنّه قال : إنّ محمّداً لم يدرك صفيّة.

ومنهم من نسبها إلى رقيقة بنت صيفي أو بنت أبي صيفي :

كابن الأثير في اُسد الغابة ٦ : ١١١ / ٦٩١٩ ، وابن حجر في الإصابة ٤ : ٢٩٦ ، إلاّ أنّهما نقلا قولاً : أنّ رقيقة لم تدرك البعثة والدعوة.

ومنهم من نسبها إلى سيدتي المهضومة المظلومة فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها :

كالكليني في الكافي ٨ : ٣٧٦ / ٥٦٤ ، والقاضي المغربي في شرح الأخبار ٣ : ٣٩ ، والمفيد في الأمالي : ٤١ ، والطبرسي في الاحتجاج ١ : ٢٧٩ ، وابن شهرآشوب في المناقب ٢ : ٥١ ، وابن طاووس في الطرائف : ٢٦٥ ، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ١٦ : ٢٥١ ، وابن طيفور في بلاغات النساء : ١٤ ، والزمخشري في الفائق ٤ : ١١٦ ، وابن الأثير في النهاية ٥ : ٢٧٧ ، وابن الدمشقي في مناقب الإمام علي عليه السلام : ١٦١ ، والقمي في تفسيره ٢ : ١٥٧ ، وابن منظور في لسان العرب ٢ : ١٩٩ ، والزبيدي في تاج العروس ١ : ٦٥٤.

وقال بعض المحقّقين : إنّ البيتين الاولين لهند وباقي الأبيات للطاهرة المطهرة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها.

٤٥٧

أبدى رجال لنا نجوى صدورهم

لمّا نأيت وحالت دونك الحجب

لكلّ قوم لهم قرب ومنزلة

عند الإله على الأدنين مقترب

يا ليت قبلك كان الموت يأخذنا

أملوا اُناس وفازوا بالذي طلبوا

وتقصّ عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله قصّة أبي بكر وإنفاذه خالداً وقنفذاً وعمر والجمع معهم (١) لإخراج أمير المؤمنين عليه‌السلام من بيته إلى البيعة في سقيفة بني ساعدة.

واشتغال أمير المؤمنين عليه‌السلام بعد وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بضمّ أزواجه وتعزيتهم ، وجمع القرآن وتأليفه ، وقضاء ديونه ، وإنجاز عداته وهي ثمانون ألف درهم ، باع تليده وطارفه ، وقضاها عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

وقول عمر : اخرج يا علي إلى ما أجمع عليه المسلمون من البيعة ، فمالك أن تخرج عمّا أجمع عليه المسلمون ، وإن لم تفعل قتلناك.

وقول فضّة جارية فاطمة عليها‌السلام : إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام مشغول ، والحقّ له لو أنصفتم من أنفسكم وأنصفتموه » (٢).

ذكر أبو علي الطبرسي في قوله تعالى ( وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابّة من الأرض تكلّمهم ) (٣).

[ ٥١٣ / ٦ ] روى محمّد بن كعب قال : سئل علي عليه‌السلام عن الدابة قال : « أما والله ما لها ذَنَب ، وإنّ لها للحية » (٤).

__________________

١ ـ في نسخة « ض » : وجمعه الناس.

٢ ـ الهداية الكبرى : ٣٩٢ ـ ٤٠٧ ، وللحديث تكملة ، وعنه في البحار ٥٣ : ١ ـ ١٨ ، وله تكملة. وعن المختصر في ص ٣٥ ، باختصار.

٣ ـ النمل ٢٧ : ٨٢.

٤ ـ مجمع البيان ٤ : ٢٣٤. هذا الحديث وحديث ٧ و ٨ لم يرد في المختصر المطبوع ص ١٩٢.

٤٥٨

[ ٥١٤ / ٧ ] ومن الكتاب : « إنّ الدابّة معها العصا والميسم » (١).

[ ٥١٥ / ٨ ] ومنه أيضاً : عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : « أنا صاحب العصا والميسم » (٢).

[ ٥١٦ / ٩ ] وروى الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي في مصباح المتهجّد ، عن يونس بن عبدالرحمن : أنّ الرضا عليه‌السلام كان يأمر بالدعاء لصاحب الأمر عليه‌السلام بهذا :

« اللهمّ ادفع عن وليّك وخليفتك وحجّتك ـ ثمّ ساق الدعاء ـ وقال : اللهم وصلّ على ولاة عهده والأئمّة من بعده ، وبلّغهم آمالهم ، وزد في آجالهم ، وأعزّ نصرهم ، وتمّم لهم ما أسندت إليهم من أمرك ونهيك ، وثبّت دعائمهم ، واجعلنا لهم أعواناً ، وعلى دينك أنصاراً ، فإنّهم معادن كلمتك ، وخزّان علمك ، وأركان توحيدك ، ودعائم دينك ، وولاة أمرك ، وخالصتك من عبادك ، وصفوتك من خلقك ، وأوليائك وسلائل أوليائك ، وصفوة أولاد نبيّك صلى‌الله‌عليه‌وآله والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته » (٣).

إعلم أنّ هذا الدعاء يدعى به لكلّ إمام في زمانه ، ومولانا صاحب الأمر ابن الحسن عليه‌السلام أحدهم صلوات الله عليهم ، فحينئذ يصدق عليه هذا الدعاء : اللهم صلّ على ولاة عهده والأئمّة من بعده. إلى آخره.

وإلاّ لم يكن هذا الدعاء عامّاً لهم أجمع ، ويكون هذا النصّ مضافاً إلى ما

__________________

١ ـ مجمع البيان ٤ : ٢٣٤ ، عن حذيفة ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢ ـ مجمع البيان ٤ : ٢٣٤.

٣ ـ مصباح المتهجد : ٣٦٦ ـ ٣٦٩ ، وأورده الكفعمي في مصباحه : ٥٤٨ ـ ٥٥٠.

٤٥٩

رويناه أوّلاً عنهم عليهم‌السلام ، من الأحاديث الصحيحة الصريحة في هذا المعنى واصلاً له وشاهداً بمعناه.

[ ٥١٧ / ١٠ ] ومن الكتاب المذكور أيضاً : ممّا يدعى به في شهر رمضان وغيره :

« اللهمّ كن لوليّك فلان بن فلان في هذه الساعة وكلّ ساعة وليّاً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتّعه فيها طويلاً » (١).

قوله : « حتى تسكنه أرضك طوعاً » يدلّ على زمان ظهوره وانبساط يده عليه‌السلام ، لأنّه اليوم مقهور مغصوب ، مستأثر على حقّه غير مستطيع لإظهار الحقّ في الخلق.

وقوله : « وتمتّعه فيها طويلاً » هذا يكون على ما رويناه في رجعته عليه‌السلام بعد وفاته ، لأنّا روينا أنّه يعيش ـ بعد ظهوره ـ في عالمه تسع عشرة سنة وأشهراً ويموت صلّى الله عليه.

ومن ذلك ما رويناه عن النعماني من كتاب الغيبة له رفع الحديث عن حمزة بن حمران ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنّه قال : « يملك القائم عليه‌السلام تسع عشرة سنة وأشهراً » (٢).

وروي أيضاً : « إنّ الذي يغسّله جدّه الحسين عليه‌السلام » (٣).

فأين موقع هذه التسع عشرة سنة وأشهراً من الدعاء له بطول العمر ، والتمتّع

__________________

١ ـ مصباح المتهجد : ٥٧٣ / ٥٧٤ ، وأورده الكليني في الكافي ٤ : ١٦٢ ، والشيخ الطوسي في التهذيب ٣ : ١٠٣ ، وابن طاووس في إقبال الاعمال : ٨٥.

٢ ـ الغيبة للنعماني : ٣٣٢ / ٤.

٣ ـ الكافي ٨ : ٢٠٦ / ٢٥٠. عن أبي عبدالله عليه‌السلام.

٤٦٠