مختصر البصائر

الشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان الحلي

مختصر البصائر

المؤلف:

الشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان الحلي


المحقق: مشتاق المظفّر
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-470-280-8
الصفحات: ٥٨٤

أحاديث الذرّ

قال الله عزّ وجلّ ( وإذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذرّيتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنّا كنّا عن هذا غافلين * أو تقولوا إنّما أشرك آباؤنا من قبل وكنّا ذرّيةً من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون ) (١).

يقول العبد الضعيف ، الفقير إلى ربّه الغني حسن بن سليمان بن محمّد الحلّي : رويت عن الشيخ الفقيه الشهيد السعيد أبي عبدالله محمّد بن مكّي الشامي ، عن السيّد عبدالمطلب بن الأعرج الحسيني ، عن الحسن بن يوسف بن المطهر ، عن أبيه ، عن السيّد فخار بن معد الموسوي ، عن شاذان بن جبرئيل ، عن العماد الطبري ، عن أبي علي ابن الشيخ أبي جعفر الطوسي ، عن أبيه ، عن الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان ، عن الصدوق محمّد بن علي بن بابويه ، عن محمّد بن عصام الكليني وعلي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقّاق.

[ ٤٣٩ / ١ ] عن محمّد بن يعقوب الكليني ، عن أبي علي الأشعري ومحمّد بن يحيى ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « لو علم الناس كيف كان ابتداء الخلق ما اختلف اثنان ، إنّ الله

__________________

١ ـ الأعراف ٧ : ١٧٢ ـ ١٧٣.

٣٨١

تبارك وتعالى قبل أن يخلق الخلق ، قال : كن ماءً عذباً أخلق منك جنّتي وأهل طاعتي ، وكن ملحاً اُجاجاً أخلق منك ناري وأهل معصيتي ، ثمّ ( أمرهما فامتزجا ) (١) فمن ذلك صار يلد المؤمن الكافر ، والكافر المؤمن.

ثمّ أخذ طيناً من أديم الأرض وعركه عركاً شديداً فإذا هم كالذرّ يدبّون ، فقال لأصحاب اليمين : إلى الجنّة بسلام ، وقال لأصحاب الشمال : إلى النار ولا اُبالي ، ثمّ أمر ناراً فاُسعرت ، فقال لأصحاب الشمال : ادخلوها فهابوها ، وقال لأصحاب اليمين : ادخلوها ، فدخلوها فقال : كوني برداً وسلاماً ، فكانت برداً وسلاماً ، فقال أصحاب الشمال : يا ربّ أقلنا ، قال : قد أقلتكم فادخلوها ، فذهبوا (٢) فهابوها.

فثمّ ثبتت الطاعة والمعصية ، فلايستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء ، ولا هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء » (٣).

[ ٤٤٠ / ٢ ] وبالإسناد عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اُذينة ، عن زرارة أنّ رجلاً سأل أبا جعفر عليه‌السلام عن قوله جلّ وعزّ ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريّتهم ) (٤) الآية ، فقال ـ وأبوه يسمع ـ : « حدّثني أبي أنّ الله جلّ وعزّ قبض قبضة من تراب التربة التي خلق منها آدم عليه‌السلام فصبّ عليها الماء العذب الفرات ، ثمّ تركها أربعين صباحاً ، ثمّ صبّ عليها الماء المالح الاُجاج فتركها أربعين صباحاً ، فلمّا اختمرت الطينة أخذها فعركها عركاً

__________________

١ ـ في نسخة « س » : أمرهما أن امتزجا فامتزجا.

٢ ـ في نسخة « س » زيادة : أن يدخلوها.

٣ ـ الكافي ٢ : ٦ / ١ ، وأورده البرقي في المحاسن ١ : ٤٣٨ / ٤١٨.

٤ ـ الأعراف ٧ : ١٧٢.

٣٨٢

شديداً ، فخرجوا كالذرّ من يمينه وشماله وأمرهم جميعاً أن يقعوا في النار ، فدخل أصحاب اليمين فصارت عليهم برداً وسلاماً ، وأبى أصحاب الشمال أن يدخلوها » (١).

[ ٤٤١ / ٣ ] وبالإسناد عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن محمّد بن علي الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : « إنّ الله جلّ وعزّ لمّا أراد أن يخلق آدم عليه‌السلام أرسل الماء على الطين ، ثمّ قبض قبضة فعركها (٢) ثمّ فرّقها فرقتين بيده ، ثمّ ذرأهم فإذا هم يدبّون ، ثمّ رفع لهم ناراً فأمر أهل الشمال أن يدخلوها ، فذهبوا إليها فهابوها (٣) ولم يدخلوها ، ثمّ أمر أهل اليمين أن يدخلوها فذهبوا فدخلوها ، فأمر الله عزّ وجلّ النار فكانت عليهم برداً وسلاماً.

فلمّا رأى ذلك أهل الشمال قالوا : يا ربّ أقلنا فأقالهم ، ثمّ قال لهم : ادخلوها فذهبوا فقاموا عليها ولم يدخلوها ، فأعادهم طيناً وخلق منها آدم عليه‌السلام.

وقال أبو عبدالله عليه‌السلام : فلن يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء ، ولا هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء.

قال : فترون أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أول من دخل تلك النار فذلك قوله عزّ وجلّ ( قل إن كان للرحمن ولد فأنا أوّل العابدين ) (٤) » (٥).

يقول عبدالله وفقيره ومسكينه حسن بن سليمان المدّعي محبّته ومحبّة

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٧ / ٢ ، وأورده العياشي في تفسيره ٢ : ٣٩ / ١٠٩.

٢ ـ عَرَكَ الشيء : دَلَكَه وحَكَّه. القاموس المحيط ٣ : ٣١٢ ـ عرك.

٣ ـ في نسخة « ض و س و ق » : فقاموا ، وما في المتن من النسخة المطبوعة.

٤ ـ الزخرف ٤٣ : ٨١.

٥ ـ الكافي ٢ : ٧ / ٣.

٣٨٣

رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته وإن لم يكن معه بيّنة :

قوله عليه‌السلام : « فلن يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء ، ولا هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء ».

ظاهره الجبر وليس هو المراد ، لما ثبت وتحقّق من مذهب آل محمّد صلوات الله عليه وعليهم وسلامه لكونه ينافي الثواب والعقاب.

والجواب عن هذا : الظاهر أنّه عليه‌السلام أخبر عن الأمر الباطن ، الذي جرى في علم الله سبحانه مما يؤول أمر خلقه إليه ويختم لهم به ، وكان سببه طاعة من أطاعه ، ومعصية من عصاه في بدء الخلقة وهم ذرّ ، كما بيّن عليه‌السلام وشرح في الحديث ، ولا يلزم من إخباره بهذا العلم الذي علّمه الله تعالى إيّاه وأظهر عليه ، وحدّث هو عليه‌السلام به وانتقل من الغيب إلى الشهادة ، ومن السرّ إلى العلانية ، رفع القدرة والاختيار عن المكلّفين ، فإنّ التكليف إنّما هو جار على الظاهر دون الباطن الذي هو في علمه سبحانه ، وإنّا اُمرنا بتصديقه والإذعان له ، ولهذا أمثلة كثيرة :

منها : ما ورد في الحديث : « إنّ ولد الزنا لا ينجب » (١) فهو إخبار بما يختم له به ، ويصير أمره إليه ، وهو من سرّ الله الذي يُظهر عليه من يشاء من عباده ، ولا تنافي هذه الأخبار التكليف بل تجامعه ، لأنّ التكليف على الظاهر وتحقّقه قدرة المكلّف ، وهذا إخبار عن الأمر الباطن وليس يدخل تحت قدرته.

ومنها : ما أخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن مشركي أهل مكّة وإنّهم لا يسلمون ، ومن يُقتل منهم ببدر ويرمى بالقليب مع أنّهم مكلّفون بالإسلام ، والرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله يدعوهم إليه ويأمرهم به.

__________________

١ ـ انظر المحتضر للمصنّف : ٥٦.

٣٨٤

ومنها : حاجة أهل الفقر والمسكنة واضطرارهم ، ففي الباطن من الله سبحانه ، لأنّه هو المغني المفقر بالإجماع ، لأنّه سبحانه وتعالى الخالق الرازق ، المغني المفقر ، ومن ادّعى سواه كفر به ، وفي الظاهر ما ورد في الحديث : « ما جاع فقير إلاّ بما مُتّع به غني » (١) ويسمّى الغني : قاتل الفقير إذ منعه حقّه ، ويعاقب عليه لاختياره لذلك ولا منافاة بينهما.

ومنها : قتل المقتول ، ففي الباطن ( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكّل بكم ) (٢) وهو عبد مأمور لا يتوفّى نفساً إلاّ بإذن ربّه سبحانه ، وفي الظاهر : القاتل الذي تولّى إزهاق نفس المقتول هو الفاعل للقتل ، وباختياره فعله ، ثمّ يثاب أو يعاقب أو يكون مباحاً ، ولا ينافي باطن هذا الأمر ظاهره.

ومنها : الغلاء بسبب الاحتكار ، ففي الباطن هو سبحانه المغلّي والمرخّص للأسعار ؛ لأنّه قسّم أرزاق عباده على السعة والضيق ، ففي الحديث عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « لقد نفث الروح الأمين في روعي أنّه لن تموت نفس حتى تستكمل ما كتب لها » (٣) ولا يجوز أن ينسب الرزق إلاّ إليه سعته وضيقه ، وإن كان في الظاهر يُلام المحتكر ويذّم ويعاقب ، لأنّه اختار الاحتكار على البيع ، ولا منافاة بين هذين الأمرين.

ومنها : الأمر الجليل الكبير الذي أمر الله عباده بالإقرار به وتصديقه ، لنصّ الكتاب العزيز عليه ، وورود الأحاديث الصحيحة به ، ولا يجوز ردّ ما ثبت في

__________________

١ ـ نهج البلاغة ٣ : ٢٣١ / ٣٢٨.

٢ ـ السجدة ٣٢ : ١١.

٣ ـ الكافي ٢ : ٧٤ / ٢ ، وفيه : حتى تستكمل رزقها.

٣٨٥

الكتاب والسنّة ، وليس فيه منافاة للعقول المستصبحة بنور هدى آل محمّد صلوات الله عليه وعليهم ، وعلومهم التي خصّهم بها ربّهم ، وأمر من سواهم بسؤالهم كما قال تعالى ( فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) (١) فهم أهل الذكر ، والذكر هنا محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله بنصّ الصادق عليه‌السلام (٢) ، وهو التصديق بقضاء الله وقدره والرضا بهما ، ففي الحديث القدسي المرويّ : « من لم يرض بقضائي ولم يصبر على بلائي ولم يشكر على نعمائي فليتخذ ربّاً (٣) سواي » (٤) وهو من أسرار الله سبحانه التي لم يطّلع عليها سواه ، أو من أراد من حججه من أراد.

[ ٤٤٢ / ٤ ] وبالإسناد المتقدّم المتصل إلى الصدوق محمّد بن علي بن بابويه رحمه‌الله عن مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال في القدر : « ألا إنّ القدر سرّ من سرّ الله ، وستر من ستر الله ، وحرز من حرز الله ، مرفوع في حجاب الله ، مطويّ عن خلق الله ، مختوم بخاتم الله ، سابق في علم الله ، وضع الله العباد عن علمه ، ورفعه فوق شهاداتهم ومبلغ عقولهم ؛ لأنّهم لا ينالونه بحقيقة الربانيّة ، ولا بقدرة الصمدانيّة ، ولا بعظمة النورانيّة ، ولا بعزّة الوحدانية ، لأنّه بحر زاخر خالص لله عزّ وجلّ ، عمقه ما بين السماء والأرض ، عرضه ما بين المشرق والمغرب ، أسود كالليل الدامس ، كثير الحيّات والحيتان ، يعلو مرّة ، ويسفل اُخرى ، في قعره شمس تضيء ، ولا ينبغي أن يطّلع إليها إلاّ الواحد الفرد ، فمن تطلّع إليها فقد ضادّ الله في حكمه ، ونازعه في

__________________

١ ـ النحل ١٦ : ٤٣.

٢ ـ الكافي ١ : ٢١٠ / ١ و ٢ و ٤ ، وانظر نظيره في تفسير البرهان ٣ : ٤٢٣ ـ ٤٢٨.

٣ ـ في نسخة « ض و ق » : إلهاً.

٤ ـ دعوات الراوندي : ١٦٩ / ٤٧١ ، روضة الواعظين : ٣٠.

٣٨٦

سلطانه ، وكشف عن سره وستره ، وباءَ بغضب من الله ، ومأواه جهنّم وبئس المصير » (١).

ولقوله عليه‌السلام (٢) : « فلا يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء ، ولا يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء ».

تأويل آخر : وهو صعوبة الإنتقال من إحدى الحالتين إلى الاُخرى لا التعذّر الكلّي ، والإمتناع من الوقوع كما جاء في وصيّة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لأمير المؤمنين عليه‌السلام : « يا علي ثلاث لا يطيقها أحد من هذه الاُمّة : المواساة للأخ في ماله ، وإنصاف الناس من نفسه ، وذكر الله على كلّ حال » (٣) يريد صلى‌الله‌عليه‌وآله بعدم الطاقة : الصعوبة والمشقّة ، لامتناع الوقوع لتكليفهم بها ، بنصوص أهل البيت صلوات الله عليهم.

وأيضاً ما روي عن مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام : « ألا وإنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ، ومن طعامه بقرصيه ، ألا وإنّكم لا تقدرون على ذلك ، ولكن أعينوني بورع واجتهاد » (٤) وما عنى عليه‌السلام بعدم القدرة سلبها بالكلّية ، إنّما أراد الصعوبة والمشقّة والتعسّر.

ونقول : إنّ أحاديث الرسول وأهل بيته صلوات الله عليه وعليهم تحذو حذو القرآن العزيز ، ففيها المحكم والمتشابه ، والخاصّ والعام ، والناسخ والمنسوخ ، والمجمل والمفصّل ، إلى غير ذلك ، ولا يحلّ لمؤمن أن يردّ الحديث إن صحّ طريقه أو لم يصحّ بما

__________________

١ ـ التوحيد : ٣٨٣ / ٣٢.

٢ ـ توضيح آخر للحديث المتقدّم رقم ٤٤١.

٣ ـ الخصال : ١٢٥ / قطعة من حديث ١٢٢.

٤ ـ نهج البلاغة ٣ : ٧٨ ـ ٧٩ / خطبة ٤٥ ، وفيه طعمه بدل : طعامه.

٣٨٧

يكون فيه ، ممّا لا يستبين معناه ويتّضح كالقرآن العزيز.

وقال : قال الصادق عليه‌السلام : « وَقِفْ عند كلّ ما اشتبه عليك ، فإنّ الوقوف عند حيرة الضلال خير من ركوب الأهوال » (١) ومن أعظم الاهوال ردّ علم آل محمّد عليه وعليهم السلام.

وفي الحديث عن الصادق عليه‌السلام أنّ رجلاً قال له : يابن رسول الله الرجل يعرف بالكذب يأتينا عنكم بالحديث وما نعرفه أنردّه عليه؟ قال : « يقول لكم إنّ جعفر بن محمّد يقول : إنّ الليل ليس بليل والنهار ليس بنهار » قال ما يبلغ إلى هذا ، فقال عليه‌السلام : « إن قال لك إن جعفر بن محمّد يقول : إنّ الليل ليس بليل والنهار ليس بنهار فلا تكذّبه ، فإنّك إنّما كذّبت جعفر بن محمّد ، قال الله سبحانه وتعالى ( وما اُوتيتم من العلم إلاّ قليلاً ) (٢) » (٣). وما يعلم السامع ما قصد بالحديث.

وفي الحديث : « بُعثنا معاشر الأنبياء نخاطب الناس على قدر عقولهم » (٤) فمن ثمّ وجب التسليم وحرم الردّ ، لتعدّد درجات العقل وكثرتها ، لكن كلّ ما خالف الكتاب العزيز والسنّة المتّفق عليها لا يجوز الأخذ به ، ولا يحلّ تكذيبه وتكذيب

__________________

١ ـ أورده الشريف الرضي في نهج البلاغة ٣ : ٤٤ ، وفيه « فإنّ الكف عن حيرة الضلال خير من ركوب الأهوال ». والطوسي في التهذيب ٧ : ٤٧٤ / ذيل حديث ١١٢ وفيه : « الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة ». والبرقي في المحاسن ١ : ٣٤٠ / ١٠١ ، والعياشي في تفسيره ١ : ٨ / ٢.

٢ ـ الاسراء ١٧ : ٨٥.

٣ ـ البحار ٢ : ٢١١ / ١١٠. وتقدّم برقم ٢٣٩.

٤ ـ أورده البرقي في المحاسن ١ : ٣١٠ / ١٧ ، والصدوق في الأمالي ٥٠٤ / ذيل حديث ٦ ، والطوسي في أماليه : ٤٨١ / ١٠٥٠ ، وفيهنّ : إنّا معاشر الأنبياء اُمرنا .....

٣٨٨

راويه (١) إلاّ أن يردّه إلى إمام معصوم ، ويصحّ النقل عنه بالردّ فيجوز حينئذ.

رجعنا إلى أصل الباب

[ ٤٤٣ / ٥ ] وبالإسناد عن محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن داود العجلي ، عن زرارة ، عن حمران ، عن أبي جعفر (٢) عليه‌السلام قال : « إنّ الله تبارك وتعالى حيث خلق الخلق ، خلق ماءً عذباً وماءً مالحاً اُجاجاً ، فامتزج الماءان » أخذ طيناً من أديم الأرض فعركه عركاً شديداً ، فقال لأصحاب اليمين ـ وهم كالذرّ يدبّون ـ : إلى الجنّة بسلام ، وقال لأصحاب الشمال : إلى النار ولا اُبالي ، ثمّ قال ( ألست بربّكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنّا كنّا عن هذا غافلين ) (٣).

قال : ثمّ أخذ الميثاق على النبيّين ، فقال : ألست بربّكم وأنّ محمّداً رسولي ، وأنّ علياً هذا أمير المؤمنين؟ قالوا : بلى ، فثبتت لهم النبوّة ، وأخذ الميثاق على اُولي العزم : أنّني ربّكم ، ومحمّد رسولي ، وعلي أمير المؤمنين ، وأوصياؤه من بعده ولاة أمري ، وخزّان علمي ، وأنّ المهدي أنتصر به لديني ، واُظهر به دولتي ، وأنتقم به من أعدائي ، واُعبد به طوعاً وكرهاً ، قالوا : أقررنا يا ربّ وشهدنا » (٤).

[ ٤٤٤ / ٦ ] وبالإسناد عن محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد وعليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن

__________________

١ ـ في نسخة « ق » : ولا يحل تكذيب رواته ، وفي « ض » : ولا يحل تكذيب راويه.

٢ ـ في نسخة « ض » : عن أبي عبدالله عليه‌السلام.

٣ ـ الأعراف ٧ : ١٧٢.

٤ ـ الكافي ٢ : ٨ / ١ ، وللحديث تكملة ، وأورده الصفّار في بصائر الدرجات : ٧٠ / ٢ ، باختلاف.

٣٨٩

حبيب السجستاني (١) ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : « إنّ الله جلّ وعزّ لمّا أخرج ذرّية آدم عليه‌السلام من ظهره ليأخذ عليهم الميثاق بالربوبيّة له وبالنبوّة لكلّ نبي ، فكان أوّل من أخذ له عليهم الميثاق نبوّة محمّد بن عبدالله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

ثمّ قال الله عزّ وجلّ لآدم : اُنظر (٢) ما ترى؟ قال : فنظر آدم عليه‌السلام إلى ذرّيّته وهم ذرّ قد ملؤا السماء ، فقال آدم عليه‌السلام : يا ربّ ما أكثر ذرّيّتي ولأمر ما خلقتهم ، فما تريد منهم بأخذك الميثاق عليهم؟ قال الله عزّ وجلّ : يعبدونني (٣) ولا يشركون بي شيئاً ، ويؤمنون برسلي ويتّبعونهم.

قال آدم عليه‌السلام : يا ربّ فمالي أرى بعض الذرّية أعظم من بعض ، وبعضهم له نور كثير ، وبعضهم له نور قليل ، وبعضهم ليس له نور؟ قال الله عزّ وجلّ : كذلك خلقتهم لأبلوهم في كلّ حالاتهم ، قال آدم عليه‌السلام : يا ربّ فتأذن لي في الكلام فأتكلّم؟ قال الله عزّ وجلّ له : تكلّم فإنّ روحك من روحي ، وطبيعتك خلاف كينونيّتي ، قال آدم عليه‌السلام : يا ربّ فلو كنت خلقتهم على مثال واحد ، وقدر واحد ، وطبيعة واحدة ، وجبلّة (٤) واحدة ، وألوان واحدة ، وأعمار واحدة ، وأرزاق واحدة ، سواء لم يبغ بعضهم على بعض ، ولم يكن بينهم تحاسد ولا تباغض ، ولا اختلاف في شيء من

__________________

١ ـ حبيب السجستاني : عدّه البرقي في أصحاب الإمام الباقر عليه‌السلام ، وفي أصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام قائلاً : حبيب بن المعلّى سجستاني ، وزاد الشيخ عليه الإمام السجاد علي بن الحسين عليه‌السلام.

رجال البرقي : ١٥ و ١٨ ، رجال الطوسي : ٨٨ / ٢٤ و ١١٦ / ٣٢ و ١٧٢ / ١٢٠.

٢ ـ في نسخة « س » زيادة : ما بين السماء والأرض.

٣ ـ في نسخة « ض » : يصدّقونني.

٤ ـ الجبلّة : الخلقة. الصحاح ٤ : ١٦٥١ ـ جَبَل.

٣٩٠

الأشياء.

قال الله تعالى : يا آدم بروحي نطقت ، وبضعف طبيعتك تكلّفت ما لا علم لك به ، وأنا الخالق العليم ، بعلمي خالفت بين خلقهم ، وبمشيئتي يمضي فيهم أمري ، وإلى تدبيري وتقديري صائرون لا تبديل لخلقي ، إنّما خلقت الجنّ والإنس إلاّ ليعبدوني ، وخلقت الجنّة لمن عبدني وأطاعني منهم واتّبع رسلي ولا ابالي ، وخلقت النار لمن كفر بي وعصاني ولم يتّبع رسلي ولا اُبالي ، وخلقتك وخلقت ذرّيتك من غير فاقة بي إليك وإليهم ، وإنّما خلقتك وخلقتهم لأبلوك وأبلوهم أيّكم أحسن عملاً في الدنيا ، في حياتكم وقبل مماتكم ، ولذلك خلقت الدنيا والآخرة والحياة والموت ، والطاعة والمعصية ، والجنّة والنار ، وكذلك أردت في تقديري وتدبيري وبعلمي النافذ فيهم ، خالفت بين صورهم وأجسامهم ، وألوانهم ، وأعمارهم ، وأرزاقهم ، وطاعتهم ، ومعصيتهم.

فجعلت (١) منهم السعيد والشقي ، والبصير والأعمى ، والقصير والطويل ، والجميل والدميم (٢) ، والعالم والجاهل ، والغني والفقير ، والمطيع والعاصي ، والصحيح

__________________

١ ـ في نسخة « س و ق و ض » : فخلقت.

٢ ـ في نسختي « س و ض » والمختصر المطبوع : الذميم ، والظاهر أنّ نقطة الذال زائدة بالقطع حيث معنى الذميم لا يلائم سياق الحديث.

فالذميم له معنيان : المخاط والبول الذي يذمّ ويدنّ من قضيب التيس ، وكذلك اللبن من أخلاف الشاة ، وله أيضاً : شيء يخرج من مسام المارن كبيض النمل. الصحاح ٥ : ١٩٢٥.

وفي نسخة « ق » : الأبلج ، وهذا أيضاً لا يتلاءم مع بلاغة الحديث ، فمعنى الأبلج : مشرق الوجه كما في الصحاح ١ : ٣٠٠ ـ بلج ، فهو والجميل يصبحان في معنى واحد ، وترى الحديث يذكر

٣٩١

والسقيم ، ومن به الزمانة ومن لا عاهة به.

فينظر الصحيح إلى الذي به العاهة فيحمدني على عافيته ، وينظر الذي به العاهة إلى الصحيح فيدعوني ويسألني أن اُعافيه ، ويصبر على بلائي فاُنيله (١) جزيل عطائي.

وينظر الغني إلى الفقير فيحمدني ويشكرني ، وينظر الفقير إلى الغني فيدعوني ويسألني.

وينظر المؤمن إلى الكافر فيحمدني على ما هديته ، فلذلك خلقتهم لأبلوهم في السرّاء والضرّاء ، وفيما اُعافيهم ، وفيما أبتليهم ، وفيما اُعطيهم ، وفيما أمنعهم.

وأنا الله الملك القادر ولي أن أمضي جميع ما قدّرت على ما دبّرت ، ولي أن اُغيّر من ذلك ما شئت لما شئت ، واُقدّم من ذلك ما أخرّت ، واُؤخّر من ذلك ما قدّمت. وأنا الله الفعّال لما اُريد ، لا أسأل عمّا أفعل ، وأنا أسأل خلقي عمّا هم فاعلون » (٢).

[ ٤٤٥ / ٧ ] وبالإسناد عن محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عن صالح بن سهل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام : « إنّ بعض قريش قال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بأيّ شيء سبقتَ الأنبياء عليهم‌السلام وأنت بُعثت آخرهم وخاتمهم؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي كنت أوّل من آمن بربّي ، وأوّل من أجاب حيث أخذ الله

__________________

المتناقضات. وما أثبتناه في المتن إن شاء الله هو الصحيح.

فالدميم : القبيح. الصحاح ٥ : ١٩٢١ ـ دمم.

١ ـ في الكافي : فاُثيبه.

٢ ـ الكافي ٢ : ٨ / ٢٠ ، وأورده الصدوق باختلاف في علل الشرائع : ١٠ / ٤.

٣٩٢

ميثاق النبيّين وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم ، فكنت أنا أوّل نبيّ قال بلى ، فسبقتهم بالإقرار بالله عزّ وجلّ » (١).

[ ٤٤٦ / ٨ ] وبالإسناد عن محمّد بن يعقوب ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن خالد ، عن بعض أصحابنا ، عن عبدالله بن سنان ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : جعلت فداك إنّي لأرى بعض أصحابنا يعتريه النزق (٢) والحدّة والطيش ، فأغتمّ لذلك غمّا شديداً ، وأرى من خالفنا فأراه حسن السمت ، قال : « لا تقل حسن السمت ، فإنّ السمت سمت الطريق ، ولكن قل حسن السيماء ، فإنّ الله عزّ وجلّ يقول ( سيماهم في وجوههم ) (٣) قال : قلت له : فأراه حسن السيماء ، له وقار فأغتمّ لذلك.

فقال عليه‌السلام : « لا تغتمّ لما رأيت من نزق أصحابك ، ولما رأيت من حسن سيماء من خالفك ، إنّ الله تعالى لمّا أراد أن يخلق آدم عليه‌السلام خلق تلك الطينتين ثمّ فرّقهما فرقتين ، فقال لأصحاب اليمين : كونوا خلقاً بإذني ، فكانوا خلقاً بمنزلة الذرّ يدرج ، ثمّ رفع لهم ناراً ، فقال : اُدخلوها بإذني ، فكان أوّل من دخلها محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ اتّبعه اُولوا العزم من الرسل وأوصياؤهم وأتباعهم.

ثمّ قال لأصحاب الشمال : اُدخلوها بإذني ، فقالوا : ربّنا خلقتنا لتحرقنا؟ فعصوا ، فقال لأصحاب اليمين : اُخرجوا من النار بإذني ، فخرجوا لم تُكِلم (٤) النار منهم كلماً ، ولم تؤثّر فيهم أثراً ، فلمّا رآهم أصحاب الشمال ، قالوا : ربّنا نرى أصحابنا

__________________

١ ـ الكافي ١ : ٤٤١ / ٦ و ٢ : ١٠ / ١ ، وأورده الصفّار في البصائر : ٨٣ / ٢ ، والصدوق في علل الشرائع : ١٢٤ / ١.

٢ ـ النزق : الخفّة عند الغضب. القاموس المحيط ٣ : ٢٨٥ ـ نزق.

٣ ـ الفتح ٤٨ : ٢٩.

٤ ـ تُكِلم : أي تجرح. الصحاح ٥ : ٢٠٢٣ ـ كلم.

٣٩٣

قد سلموا فأقلنا ومُرنا بالدخول ، قال : قد أقلتكم فادخلوها ، فلمّا دنوا وأخذهم (١) الوهج رجعوا ، وقالوا : يا ربّنا لا صبر لنا على الاحتراق فعصوا.

وأمّا أصحاب اليمين فأمرهم بالدخول ثلاثاً كلّ ذلك يطيعون ويخرجون ، وأمر اُولئك ثلاثاً كلّ ذلك يعصون ويرجعون ، فقال لهم : كونوا طيناً بإذني ، فخلق منهم آدم عليه‌السلام.

قال : فمن كان من هؤلاء لا يكون من هؤلاء ، ومن كان من هؤلاء لا يكون من هؤلاء ، وما رأيت من نزق أصحابك وخلقهم فممّا أصابهم من لطخ أصحاب الشمال ، وما رأيت من حسن سيماء من خالفكم ووقارهم فممّا أصابهم من لطخ أصحاب اليمين » (٢).

[ ٤٤٧ / ٩ ] وبالإسناد عن محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسن (٣) ، عن علي بن إسماعيل ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن سعدان بن مسلم ، عن صالح بن سهل (٤) عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : « سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بأيّ شيء سبقت ولد آدم؟ قال : إنّي أول من أقرّ بربّي ، إنّ الله عزّ وجلّ أخذ ميثاق النبيّين ( وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى ) (٥) فكنت أوّل من أجاب » (٦).

__________________

١ ـ في الكافي : وأصابهم.

٢ ـ الكافي ٢ : ١١ / ٢ ، وأورده الصدوق في علل الشرائع : ٨٣ / ٥.

٣ ـ في نسخة « ق » والكافي : محمّد بن الحسين.

٤ ـ صالح بن سهل : هو الهمداني ، الكوفي الأصل كما قاله البرقي والطوسي ، وقد عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الباقر والصادق عليهما‌السلام ، واقتصر البرقي على الإمام الصادق عليه‌السلام.

رجال البرقي : ٢٧ ، رجال الطوسي : ١٢٦ / ٥ و ٢٢١ / ٤٦.

٥ ـ الأعراف ٧ : ١٧٢.

٦ ـ الكافي ٢ : ١٢ / ٣ ، وأورده الصفّار في بصائر الدرجات : ٨٦ / ١٢.

٣٩٤

[ ٤٤٨ / ١٠ ] وبالإسناد عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : كيف أجابوا وهم ذرّ؟ قال : « جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه ـ يعني في الميثاق ـ » (١).

[ ٤٤٩ / ١١ ] وبالإسناد عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ ( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) (٢) ما تلك الفطرة؟ قال : « هي الإسلام ، فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد ، قال ( ألست بربّكم ) (٣) وفيه المؤمن والكافر » (٤).

[ ٤٥٠ / ١٢ ] وبالإسناد عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اُذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ ( وإذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذريّتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى ) (٥) الآية ، قال : « أخرج من ظهر آدم ذريّته إلى يوم القيامة ، فخرجوا كالذرّ فعرّفهم وأراهم نفسه ، ولولا ذلك لم يعرف أحدٌ ربّه جلّ وعزّ » (٦).

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ١٢ / ١ ـ باب كيف أجابوا وهم ذر ، وأورده العياشي في تفسيره ٢ : ٣٧ / ١٠٤.

٢ ـ الروم ٣٠ : ٣٠.

٣ ـ الأعراف ٧ : ١٧٢.

٤ ـ الكافي ٢ : ١٢ / ٢ ، وأورده الصدوق في التوحيد : ٣٢٩ / ٣.

٥ ـ الأعراف ٧ : ١٧٢.

٦ ـ الكافي ٢ : ١٣ / قطعة من حديث ٤ ، وأورده الصدوق في التوحيد : ٣٣٠ / قطعة من حديث ٩ ، وفيه : وأراهم صنعه ، بدل : وأراهم نفسه.

٣٩٥

نقول : صدق عليه‌السلام أنّ الرؤية تطلق على معنيين : رؤية القلب بمعنى اليقين ، وعدم الشكّ ، وتطلق أيضاً على البصر بالعين ، وهذا منفي عنه بقوله سبحانه وتعالى ( ولا يحيطون به علماً ) (١) ومن أدركه ببصر العين فقد أحاط به العلم ، فيكون المعنى الأوّل هو المراد هنا خاصّة.

[ ٤٥١ / ١٣ ] وبالإسناد عن الصدوق محمّد بن علي بن بابويه رحمه‌الله قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عبدالرحمن المقري ، قال : حدّثنا أبو عمرو محمّد بن جعفر المقري الجرجاني ، قال : حدّثنا أبو بكر محمّد بن الحسن (٢) الموصلي ببغداد ، قال : حدّثني محمّد بن عاصم الطريفي ، قال : حدّثنا أبو زيد عيّاش بن زيد بن الحسن بن علي الكحّال مولى زيد بن علي ، قال : حدّثني أبي زيد بن الحسن ، قال : حدّثني موسى بن جعفر صلّى الله عليهما ، قال : قال الصادق صلّى الله عليه : « من صلّى على النبي وآله (٣) فمعناه أنّي أنا على الميثاق والوفاء الذي قبلت حين قوله تعالى ( ألست بربّكم قالوا بلى ) (٤) » (٥).

[ ٤٥٢ / ١٤ ] وبالإسناد عن الشيخ الصدوق محمّد بن علي بن بابويه رفعه إلى الصادق عليه‌السلام قال : « إنّ الله تبارك وتعالى آخى بين الأرواح في الأظلّة ، قبل أن يخلق الأجساد بألفي عام ، فلو قد قام قائمنا أهل البيت ورّث الأخ الذي آخى بينهما

__________________

١ ـ طه ٢٠ : ١١٠.

٢ ـ في نسخة « س » والمطبوع : الحسين. بدل : الحسن.

٣ ـ وآله ، لم ترد في المعاني.

٤ ـ الأعراف ٧ : ١٧٢.

٥ ـ معاني الأخبار : ١١٥ / ١ ، وعنه في البحار ٩٤ : ٥٤ / ٢٥.

٣٩٦

في الأظلّة ، ولم يورّث الأخ من الولادة » (١).

[ ٤٥٣ / ١٥ ] وبالإسناد عن الصدوق محمّد بن علي بن بابويه رحمه‌الله ، قال : حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقّاق ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي ، عن محمّد بن اسماعيل البرمكي ، قال : حدّثنا جذعان بن نصر أبو نصر الكندي ، قال : حدّثني سهل بن زياد الآدمي ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبدالرحمن بن كثير ، عن داود الرقّي ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قوله عزّ وجلّ ( وكان عرشه على الماء ) (٢) فقال لي : « ما يقولون في ذلك؟ » قلت : يقولون : إنّ العرش كان على الماء والربّ فوقه ، فقال : « كذبوا ، من زعم هذا فقد صيّر الله محمولاً ، ووصفه بصفة المخلوق ، ولزمه أنّ الشيء الذي يحمله أقوى منه ».

قلت : بيّن لي جُعلت فداك ، فقال : « إنّ الله عزّ وجلّ حمل دينه وعلمه الماء قبل أن تكون أرض أو سماء ، أو جنّ أو إنس ، أو شمس أو قمر ، فلمّا أراد أن يخلق الخلق نثرهم بين يديه ، فقال لهم : من ربّكم؟ فكان أوّل من نطق رسول الله وأمير المؤمنين والأئمّة صلوات الله عليهم ، فقالوا : أنت ربّنا ، فحمّلهم العلم والدين.

ثمّ قال للملائكة : هؤلاء حملة علمي وديني ، واُمنائي في خلقي وهم المسؤولون (٣) ، ثمّ قيل لبني آدم : أقرّوا لله بالربوبيّة ولهؤلاء النفر بالطاعة ، فقالوا : نعم ربّنا أقررنا ، فقال للملائكة : اشهدوا ، فقالت الملائكة : ( شهدنا على أن لا يقولوا غداً

__________________

١ ـ من لا يحضره الفقيه ٤ : ٢٥٤ / ٨٢٠ ، وأورده أيضاً في الهداية : ٣٤٣ ـ باب نادر ، وفي الاعتقادات : ٤٨ ـ ضمن مصنفات المفيد ج ٥.

٢ ـ هود ١١ : ٧.

٣ ـ في نسختي « ض و ق » : المسلّمون.

٣٩٧

إنّا كنّا عن هذا غافلين ، أو يقولوا إنّما أشرك آباؤنا من قبل وكنّا ذريّة من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون ) (١) ، يا داود ولايتنا مؤكّدة عليهم في الميثاق » (٢).

[ ٤٥٤ / ١٦ ] وبالإسناد عن محمّد بن علي بن بابويه رحمه‌الله قال : حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل ، قال : حدّثنا علي بن إبراهيم ، قال : حدّثنا محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبدالرحمن ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ ( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) (٣) ما تلك الفطرة؟ قال : « هي الإسلام ، فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد ، فقال ( ألست بربّكم ) (٤) وفيه المؤمن والكافر » (٥).

[ ٤٥٥ / ١٧ ] وبالإسناد عن الصدوق محمّد بن علي بن بابويه رحمه‌الله ، عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن ابن مسكان ، عن زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أصلحك الله قول الله عزّ وجلّ في كتابه ( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) (٦) قال : « فطرهم على التوحيد عند الميثاق على معرفة أنّه ربّهم » قلت : وعاينوه (٧) ، قال : فطأطأ رأسه ، ثمّ قال : « لولا ذلك لم

__________________

١ ـ اقتباس من آية ١٧٢ و ١٧٣ من سورة الأعراف.

٢ ـ التوحيد : ٣١٩ / ١.

٣ ـ الروم ٣٠ : ٣٠.

٤ ـ الأعراف ٧ : ١٧٢.

٥ ـ التوحيد : ٣٢٩ / ٣ ، وأورده الكليني في الكافي ٢ : ١٢ / ٢.

٦ ـ الروم ٣٠ : ٣٠.

٧ ـ في التوحيد : وخاطبوه.

٣٩٨

يعلموا مَن ربّهم ولا مَن رازقهم » (١).

نقول : صدق ابن رسول الله عليه‌السلام ومعناه ما قال مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه لمّا قال له رجل : أرأيت ربّك يا أمير المؤمنين؟ قال عليه‌السلام : « لم أكن أعبد ربّاً لم أره » قال : وكيف رأيته؟ قال : « لم تره العيون بمشاهدة العيان ، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان » (٢).

[ ٤٥٦ / ١٨ ] وبالإسناد عنه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن هاشم ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ويعقوب بن يزيد جميعاً عن ابن أبي عمير ، عن ابن اُذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ ( حنفاء لله غير مشركين به ) (٣) وعن الحنيفية ، فقال : « هي الفطرة التي فطر الناس عليها » ( لا تبديل لخلق الله ) (٤) قال : « فطرهم الله على المعرفة به ».

قال زرارة : وسألته عن قول الله عزّ وجلّ ( وإذ أخذ الله من بني آدم من ظهورهم ) (٥) الآية ، قال عليه‌السلام : « أخرج من ظهر آدم ذرّيته إلى يوم القيامة ، فخرجوا كالذرّ فعرّفهم وأراهم نفسه (٦) ، ولولا ذلك لم يعرف أحد ربّه ».

__________________

١ ـ التوحيد : ٣٣٠ / ٨.

٢ ـ أورده الخزّاز في كفاية الأثر : ٢٦١ ، ضمن حديث ، وباختلاف الصدوق في أماليه : ٣٥٢ / ٤ ، عن الإمام الباقر عليه‌السلام مع رجل من الخوارج ، والمفيد في الإرشاد ١ : ٢٢٥ ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ضمن حديث ، وكذلك الطبرسي في الاحتجاج ١ : ٤٩٣ / ١٢٣.

٣ ـ الحج ٢٢ : ٣١.

٤ ـ الروم ٣٠ : ٣٠.

٥ ـ الأعراف ٧ : ١٧٢.

٦ ـ في التوحيد والكافي : صنعه.

٣٩٩

وقال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كلّ مولود يولد على الفطرة ، يعني على المعرفة ، بأنّ الله عزّ وجلّ خالقه ، فذلك قوله ( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولنّ الله ) (١) » (٢).

[ ٤٥٧ / ١٩ ] ومن كتاب أبي جعفر محمّد بن علي الشلمغاني بإسناده إلى أبي هاشم ، قال : كنت عند أبي محمّد عليه‌السلام ـ يعني العسكري ـ فسأله محمّد بن صالح الأرمني عن قول الله عزّ وجلّ ( وإذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذرّيتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى شهدنا ) (٣) فقال أبو محمّد عليه‌السلام : « ثبتت المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه ، ولولا ذلك لم يدر أحد من خالقه ، ولا من رازقه » (٤).

[ ٤٥٨ / ٢٠ ] وبالإسناد إلى أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ، قال : أخبرنا عدّة من أصحابنا ، عن محمّد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ومحمّد بن الحسين ، عن سعد بن عبدالله ، عن المعلّى بن محمّد البصري ، قال : حدّثنا أبو الفضل المدنّي (٥) ، عن أبي مريم الأنصاري ، عن المنهال بن عمرو (٦) ، عن زرّ بن حبيش ، عن أمير المؤمنين صلوات

__________________

١ ـ لقمان ٣١ : ٢٥ ، الزمر ٣٩ : ٣٨.

٢ ـ التوحيد : ٣٣٠ / ٩ ، وأورده الكليني في الكافي ٢ : ١٢ / ٩.

٣ ـ الأعراف ٧ : ١٧٢.

٤ ـ أورده البرقي في المحاسن ١ : ٣٧٦ / ٢٢٨ ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، والصدوق في علل الشرائع : ١١٧ / ١ ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، والقمّي في تفسيره ١ : ٢٤٨ ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام.

٥ ـ في البصائر : المدايني.

٦ ـ المنهال بن عمرو : هو ابن عمرو الأسدي ، مولاهم كوفي ، روى عن علي بن الحسين وأبي

٤٠٠