مختصر البصائر

الشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان الحلي

مختصر البصائر

المؤلف:

الشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان الحلي


المحقق: مشتاق المظفّر
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-470-280-8
الصفحات: ٥٨٤

اسمه ونسبه :

هو الشيخ عزّ الدين أبو محمد الحسن بن سليمان بن محمد بن خالد العاملي الأصل الحلّي الموطن ، ذكره آقا بزرگ الطهراني في موضعين من كتابه طبقات أعلام الشيعة ، ذكره مفصّلاً في الضوء اللامع في القرن التاسع ، وفي الحقائق الراهنة في المائة الثامنة ، والذي يبدو من إجازته للحموياني التي أرّخها في سنة ٨٠٢ هـ. أنه كان حيّاً سنة ٨٠٢.

عالم فقيه كان من أجلاّء تلامذة الشهيد الأوّل رحمه‌الله ، وهو محدِّث جليل وفقيه نبيل ؛ وهو ثاني الستّة المجازين بإجازة واحدة من الشهيد الأوّل تاريخها ١٢ شعبان ٧٥٧ هـ.

مشايخه :

١ ـ استاذه الشهيد الأوّل محمد بن مكي العاملي الجزيني.

٢ ـ السيد بهاء الدين علي بن السيد غياث الدين عبد الكريم بن عبد الحميد الحسيني النيلي النجفي صاحب كتاب الأنوار المضيئة والدرّ النضيد وشرح المصباح الصغير وغيرها.

٣ ـ الشيخ محمد بن إبراهيم بن محسن المطارآبادي.

٤ ـ رضي الدين علي ولم يعرف من هو.

تلاميذه :

١ ـ الشيخ حسين بن محمد بن الحسن الحموياني ، وله إجازة من استاذه

٢١

المترجم له بهذا النص : قرأ عليّ الشيخ العالم الموفّق عزّ الدين حسين بن محمد بن الحسن الحموياني الجزء الأوّل والثاني من كتاب الخصال تصنيف الشيخ الفاضل السعيد المرحوم محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه الفقيه القمي من أوّله إلى آخره وأذنت له في روايته عنّي عن شيخي العالم الشهيد ولي آل حمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله أبي عبدالله محمد بن مكي الشامي ، عن شيخه السيّد عميد الدين بن عبدالمطّلب الأعرج الحسيني ، عن جدّه السيّد فخر الدين أبي الحسن علي ، عن شيخه السيد عبد الحميد بن فخار ، عن السيد أبي علي فخار ، عن شيخه محمد بن إدريس ، عن الحسين ابن رطبة السوراوي ، عن الشيخ أبي علي الطوسي ، عن والده ، عن الشيخ المفيد محمد بن النعمان ، عن الشيخ الصدوق محمد بن بابويه فليروه عنّي لمن شاء كيف شاء بهذا الطريق وبغيره من طرقي إلى مصنفه نفعه الله بما كتب وقرأ ووفّقه للعمل بما علم ، وأنا أطلب منه أن يدعو لي عند قراءته له ونشر علمه والإفادة به فقد روي في الحديث : « من دعا لأخيه المؤمن نودي من العرش لك مائة ألف ضعف ».

وكتب عبدالله حسن بن سليمان بن محمد في الثالث والعشرين من شهر محرم الحرام سنة ٨٠٢ هجرية والحمد لله وحده.

٢ ـ السيّد تاج الدين عبد الحميد بن أحمد بن علي الهاشمي الزيني يروي عنه إجازة.

وروى الشيخ شمس الدين محمد الجبعي جدّ الشيخ البهائي المتوفي سنة ٨٨٦ هـ الصحيفة السجّادية ، عن علي بن محمد بن علي بالإجازة عام ٨٥١ هـ وهو قرأ الصحيفة على تاج الدين عبد الحميد بن جمال الدين أحمد بن علي الهاشمي الزيني وهو يرويها عن استاذه المترجم له.

٢٢

مصنّفاته :

١ ـ مختصر البصائر. وسيأتي الكلام عنه إن شاء الله.

٢ ـ المحتضر. وفيه تحقيق معاينة المحتضر للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة عليهم‌السلام عند وقت الاحتضار ورؤيته لهم عليهم‌السلام حقيقة ، وقد تعرّض فيه للردّ على الشيخ المفيد في تأويله الأخبار الواردة في ذلك حيث حملها على الانكشاف التام ، بمعنى أنّ المحتضر يرى جزاء وثواب ولائه لأهل البيت عليهم‌السلام لا أنّه يرى الأنوار القدسية لأصحاب الكساء عليهم‌السلام.

٣ ـ كتاب الرجعة والردّ على أهل البدعة ، هذا ما قاله الأميني في أعيان الشيعة (١).

وإليك أقوال العلماء فيه :

أ ـ قال صاحب روضات الجنات : وله أيضاً كتاب في الرجعة لطيف ينقل عنه العلاّمة المجلسي كثيراً (٢).

ب ـ قال صاحب رياض العلماء : وكتاب الرجعة له أيضاً (٣).

ج ـ وفي مقدّمة البحار : وله كتب منها : رسالة في الرجعة (٤).

__________________

١ ـ أعيان الشيعة ٥ : ١٠٦ ـ ١٠٧.

٢ ـ روضات الجنات ٢ : ٢٩٣.

٣ ـ رياض العلماء ١ : ١٩٣.

٤ ـ مقدّمة البحار : ١٩٥.

٢٣

د ـ قال آقا بزرگ في الضوء اللامع في القرن التاسع : وله رسالة في الرجعة (١).

هـ ـ وقال في الذريعة ج ١ : إثبات الرجعة ينقل عنها العلاّمة المجلسي في البحار (٢).

و ـ وقال أيضاً في ج ١٠ : الرجعة ، ينقل عنها العلاّمة المجلسي في البحار كثيراً (٣).

ز ـ وقال النائيني في معجم مؤلّفي الشيعة : إثبات الرجعة (٤).

قصّتي مع الرجعة

في أوائل شهر رمضان من سنة ١٤١٦ هـ أرسلتني مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام إلى منزل العلاّمة المحقّق السيّد عبدالعزيز الطباطبائي رحمه‌الله لمعاونة على عمله في « مستدركاته على الذريعة » ومطابقتها مع فهارس المخطوطات وقد وقع أمام عيني كتاب اسمه « الرجعة في الرد على أهل البدعة » فأعجبني الإسم ودونته في وريقات مذكراتي وبعد وفاة السيّد رحمه‌الله رجعت أعمل في المؤسسة ورحت أبحث عن هذا الكتاب في فهارس المخطوطات فوجدت له نسخة في المكتبة الرضوية ونسخة في مكتبة آية الله العظمى السيّد المرعشي النجفي وطلبت من المؤسسة أن تصوّر لي النسخة التي في المكتبة النسخة التي في المكتبة الرضوية فسعت في ذلك مجدّة جزاها الله خيراً وجاءت

__________________

١ ـ الضياء اللامع : ٣٤.

٢ ـ الذريعة ١ : ٩١.

٣ ـ الذريعة ١٠ : ١٦٢.

٤ ـ معجم مؤلفي الشيعة : ١٤٣.

٢٤

نسخة الرجعة من مشهد المقدس وطالعت منها صفحات وعلى حواشيها تعليقات للناسخ ولضيق وقتي أصابها السبات في مخزن أوراقي وبعد مرور عدة أشهر عليها أخرجتها وصممت على تحقيقها وإخراجها إلى عالم الطباعة.

وبدأت بكتابتها وأنا أعيش في نشوة كبيرة ملأت قلبي وما أن كتبت منها صفحات وإذا تبيّن لي أنها نفس كتاب « مختصر البصائر » وسيأتي الكلام عنه ان شاء الله تعالى.

ثمّ إنّ العلماء الذين ذكروا في مصنّفاتهم بأنّ رسالة الرجعة أو كتاب الرجعة هو أحد مصادر البحار ، وعلى هذا المبنى اختلط الأمر على الذي خرّج أحاديث البحار حيث خرّج أحاديث المختصر ولم يخرّج الأحاديث المختصّة بباب الرجعة ، في حين أنّ الرجعة هي رسالة أدرجها الحلّي ضمن باب الكرّات وحالاتها والذي جاء في أوّلها : يقول العبد الضعيف الفقير إلى ربّه الغني حسن بن سليمان : إنّي قد رويت في معى الرجعة أحاديث من غير طريق سعد بن عبدالله فأنا مثبتها في هذه الأوراق. وعلى هذا لم تكن رسالة الرجعة مصدراً مستقلاًّ.

ولقد غصت في أعماق البحار لعلّي أجد شيئاً إسمه الرجعة فلم أجد أي ذكر للرجعة لا اسماً ولا رمزاً ، وقد أشار العلاّمة المحقّق السيّد عبد العزيز الطباطبائي رحمه‌الله في تعليقاته على فهرس مخطوطات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي قدس‌سره على أنّ الرجعة هو مختصر البصائر.

٤ ـ رسالة أحاديث الذر : الذي قال في أوّلها : يقول العبد الضعيف الفقير إلى ربّه الغني حسن بن سليمان بن محمد الحلي : رويت عن الشيخ الفقيه الشهيد السعيد أبي عبدالله محمد بن مكي الشامي ، عن السيد عبد المطلب بن الأعرج الحسيني ، عن

٢٥

الحسن بن يوسف بن المطهر ، عن أبيه ، عن السيد فخار بن معد الموسوي ، عن شاذان ابن جبرئيل ، عن العماد الطبري ، عن أبي علي ابن الشيخ أبي جعفر الطوسي ، عن أبيه إلى آخره ، وهذه الرسالة أيضاً ألحقها المترجم له في القسم الثاني من المختصر (١).

٥ ـ رسالة في تفضيل الأئمة عليهم‌السلام على الأنبياء عليهم‌السلام والملائكة.

قال عبدالله الأفندي في تعليقته على أمل الآمل : وهذه الرسالة عندنا منها نسخة ..

أقول : إنّها مطبوعة مع كتاب المحتضر (٢) للمترجم له من طبعة النجف الأشرف. وعدد صفحات الرسالة أكثر بثلاثة أضعاف من كتاب المحتضر.

أقوال العلماء في المختصر :

١ ـ الخوانساري في روضات الجنّات : وله كتاب « منتخب بصائر الدرجات » للشيخ الأجل سعد بن عبدالله القمي (٣).

٢ ـ الحر العاملي في أمل الآمل : له « مختصر بصائر الدرجات » لسعد بن عبدالله (٤).

٣ ـ الأميني في أعيان الشيعة : من مؤلفاته كتاب منتخب بصائر الدرجات أو مختصر بصائر الدرجات لسعد بن عبدالله الأشعري ، وذكر بعض المعاصرين أنّ له

__________________

١ ـ مختصر البصائر : ١٤٩. طبع النجف الأشرف.

٢ ـ المحتضر : ٣١ ، السطر السابع.

٣ ـ روضات الجنّات ٢ : ٢٩٣.

٤ ـ أمل الآمل ٢ : ٦٦ / ١٨٠.

٢٦

مختصر البصائر ومنتخب البصائر (١).

٤ ـ وقال آقا بزرگ في الضياء اللامع في القرن التاسع : وهو صاحب مختصر بصائر الدرجات لسعد بن عبدالله مع ضم أخبار اُخر من عدّة كتب صرّح بأسمائها (٢).

٥ ـ وقال النائيني في معجم مؤلفي الشيعة : ومن كتبه مختصر بصائر الدرجات (٣).

٦ ـ وقال النيسابوري في كشف الحجب والأستار : منتخب بصائر الدرجات للشيخ حسن بن خالد الحلّي (٤).

٧ ـ وقال آقا بزرگ في الذريعة أيضاً في ج ٣ : بصائر الدرجات لسعد بن عبدالله بن أبي خلف الأشعري ، وقد اختصر البصائر الشيخ حسن بن سليمان بن محمد بن خالد الحلي (٥).

٨ ـ قال المجلسي في البحار ج ١ : وكتاب منتخب البصائر للشيخ الفاضل حسن بن سليمان تلميذ الشهيد رحمه‌الله انتخبه من كتاب البصائر لسعد بن عبدالله بن أبي خلف ، وذكر فيه من الكتب الاُخرى مع تصريحه بأساميها (٦).

__________________

١ ـ أعيان الشيعة ٥ : ١٠٧.

٢ ـ الضياء اللامع في القرن التاسع : ٣٤.

٣ ـ معجم مؤلفي الشيعة : ١٤٣.

٤ ـ كشف الحجب والأستار : ٥٥٩ / ٣١٤٩.

٥ ـ الذريعة ٣ : ١٢٤ / ٤١٥.

٦ ـ بحار الأنوار ١ : ١٦.

٢٧

٩ ـ وقيل في مقدّمة البحار : وله كتب منها : مختصر بصائر الدرجات لشيخنا الأقدم سعد بن عبدالله الأشعري ، اختصر البصائر وأضاف إليه روايات اُخرى من كتب معتبرة (١).

١٠ ـ وقال الأفندي في تعليقته على أمل الآمل ، بعد نقل قول استاذه العلاّمة المجلسي. وعبارة الحسن بن سليمان في كتاب الرجعة : وهذه العبارة تدلّ على أنّ مختصر البصائر لسعد بن عبدالله لا أصل البصائر ، فلعلّ هذه الرسالة ـ يعني الرجعة ـ منتخبة من مختصر بصائر الدرجات الذي لسعد بن عبدالله والبصائر لمحمد بن الحسن الصفار وانتخاب البصائر لحسن بن سليمان. فليلاحظ (٢) ، انتهى.

١١ ـ وقال أيضاً في رياض العلماء وقد نقل قول استاذه العلاّمة المجلسي حول مؤلفات المترجم له وذكر له ثلاثة كتب : منتخب البصائر والمحتضر وكتاب الرجعة. فقال الأفندي : ثمّ قد يتوهّم اتحاد رسالة الرجعة له مع كتاب مختصر البصائر ، قال في أثناء تلك الرسالة : يقول حسن بن سليمان بن خالد : إنّي قد رويت في معنى الرجعة أحاديث ... إلى آخره ، لكن الحق ما حققناه. نعم في هذه العبارة دلالة على ما قلناه من أنّ أصل البصائر لغير سعد بن عبدالله ولكن المختصر له والانتخاب منه لهذا الشيخ (٣) ، انتهى.

وهذا الرأي الأخير للأفندي ظاهراً هو الرأي الصحيح وتحقّقت من صحّته من خلال تخريجاتي للأحاديث فقد وجدت أكثر أحاديث المختصر هي موجودة في

__________________

١ ـ مقدّمة البحار : ١٩٥.

٢ ـ تعليقة الأفندي على أمل الآمل : ١١٥ / ١٨٠.

٣ ـ رياض العلماء ١ : ١٩٤.

٢٨

بصائر درجات الصفار بعينها سنداً ومتناً إلاّ ما شذّ وندر ، والذي يبدو أنّ الأشعري اختار من كلّ باب عدّة أحاديث هو اعتمدها دون غيرها إما لتكرار متنها أو لتوافق سندها.

وإليك الأدلّة التالية :

١ ـ رأيت في جميع النسخ الخطية التي صورتها والتي ذهبت إلى خزانتها فقرأتها وعلى اختلاف مسمّياتها أنّ الحسن بن سليمان الحلي يقول بالحرف الواحد : نقلت من مختصر البصائر لسعد بن عبدالله الأشعري ، وهذا دليل واضح على أنّ المختصر للأشعري ؛ وإن لم يذكره من ترجم للأشعري.

٢ ـ ذكر الحرّ العاملي في خاتمة الوسائل ما نصّه : كتاب الحلل مختصر البصائر للشيخ الفقيه الجليل سعد بن عبدالله انتخبه الشيخ الفاضل الحسن بن سليمان بن خالد ، تلميذ الشهيد (١).

٣ ـ ما نقله الحرّ العاملي في كتابه الايقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة باختلاف تعابيره ما نصّه : ما رواه الحسن بن سليمان بن خالد القمي في رسالته نقلاً من كتاب مختصر البصائر لسعد بن عبدالله.

وإليك بعض صفحات الكتاب : ص ١٥١ حديث ٥٣ و ١٥٢ حديث ٥٤ و ١٥٥ حديث ٥٨ و ١٧٨ ذيل حديث ٢٧ و ١٨٥ حديث ٤٢ و ٢٧٢ حديث ٧٩ و ٢٧٩ حديث ٩٣ و ٢٨٢ حديث ١٠٠ و ٢٩١ حديث ١١٣ و ٣٣٢ ذيل حديث ٤٥ و ٣٥٧ حديث ١٠٤ و ١٠٦ وغيرها من الصفحات. وهذا دليل على أنّ عنوان الكتاب ثابت عنده بهذا الاسم.

__________________

١ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٥٥ / ٢٢.

٢٩

نظرات وتأمّلات حول الكتاب :

ذكر الشيخ عبدالله أفندي : أنّ الشيخ حسن بن سليمان قال نفسه في أثناء كتاب ( منتخب البصائر ) : إنّ كتاب ( مختصر البصائر ) لسعد بن عبدالله. فلعلّ أصل كتاب ( البصائر ) لمحمد بن الحسن الصفّار ، و ( الاختصار ) لسعد بن عبدالله ، و ( الانتخاب ) لهذا الشيخ ، فلاحظ (١).

وقد ردّ على هذا سيّد الأعيان المحسن الأمين العاملي قدس‌سره فقال : ولا يخفى أنّ هذا اجتهاد في مقابل النص ؛ فـ ( بصائر الدرجات ) لسعد بن عبدالله بلا ريب ، بنص النجاشي ، والشيخ ، وغيرهما. و ( مختصره ) للمترجَم ـ أي الشيخ حسن ـ والصفّار له بصائر آخر (٢).

وأضاف العلاّمة الطهراني رضوان الله عليه : أنّ منشأ وقوع صاحب الرياض في هذا الوهم ، قول الشيخ حسن في أول كتابه ( إثبات الرجعة ) : إنّي قد رويت في معنى الرجعة أحاديث من غير طريق سعد بن عبدالله ، وأنا مثبتها في هذه الأوراق ، ثمّ ارجعْ إلى ما رواه سعد في كتاب ( مختصر البصائر ).

فقرأ صاحب الرياض : أرجعُ بصيغة المتكلّم ، ومقتضاه الوعد بأن يذكر روايات سعد بعد روايات غيره في هذا الكتاب ، مع أنّه لم يذكر فيه شيئاً من روايات سعد أبداً.

فيظهر منه أنّ قوله ( ارجعْ ) أمرٌ لمن أراد الاطّلاع على أحاديث سعد أيضاً ،

__________________

١ ـ رياض العلماء ١ : ١٩٤.

٢ ـ أعيان الشيعة ٥ : ١٠٦ ـ ١٠٧.

٣٠

برجوعه إلى كتابه الآخر الذي ألّفه ، وأورد فيه أحاديث سعد وهو ( مختصر كتاب البصائر ) (١).

أقول : إنّ الذي يتبادر إلى نظري عدّة اُمور :

منها : أنّه يبدو من كلمات سماحة سيّدنا الأمين وشيخنا الطهراني تغمّدهما الله برحمته ، أنّهما لم يطّلعا على عبارة الشيخ حسن في أوّل كتابه المطبوع باسم ( مختصر بصائر الدرجات ) (٢) فإنّ هذا الشيخ ذكر صريحاً واضحاً أنّه ينقل من كتاب ( مختصر البصائر ) تأليف سعد بن عبدالله بن أبي خلف القمّي ، ومؤدّى هذه العبارة أوردها صاحب الرياض في مفتتح كلامه السابق فتأمّل.

ومنها : إنّه ربّما كان لسعد كتابان ، أحدهما باسم ( بصائر الدرجات ) الذي أشار إليه النجاشي والطوسي وغيرهما ، والآخر باسم ( مختصر البصائر ) الذي ذكره وأشاد به الشيخ حسن في كتابه المذكور مرّتين : مرّة في أوّل صفحة منه ، والاُخرى في صفحة ٣٠ طبعة النجف الأشرف بتقديم العلاّمة الأوحد المغفور له الشيخ الاوردآبادي قدس‌سره.

ومنها : أنّا وجدنا الروايات التي أوردها الشيخ حسن في كتابه عن طريق سعد ، وجدناها ـ على الأعم الأغلب ـ بنصها وفصّها ، سنداً ومتناً ، متطابقة ومتوافقة مع ( بصائر الدرجات ) للصفّار!

وبناءً على هذا فلربّما ينهض احتمال الميرزا عبدالله أفندي ، ويؤيّد ظنّه

__________________

١ ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة ٣ : ١٢٤ / ٤١٥.

٢ ـ اللهم إلاّ أن يكون مختصر البصائر هو بعينه رسالة الرجعة ، وهذا لا يمكن كما ستأتي الإشارة إليه.

٣١

ويدعمه ، باعتباره من أصدق الشواهد عليه.

وإذا قيل : بأنّ الشيخ سعد القمّي ، والشيخ محمد الصفّار ، لمّا كانا مشاركين في أكثر الرجال ، باعتبار أنّهما في طبقة واحدة ، وفي عصر واحد ، لذا فإنّهما وردا مورداً واحداً ، وأخذا من مصدر معين ، وبهذا تكون مرويّاتهما متشابهة ومتشاكلة بعضها مع البعض الآخر ، فحينئذ لا يأخذ بادعاءكم السابق مأخذه في إقامة الدليل على الاحتمال المذكور.

فنجيب على ذلك ونقول : إنّ كلّ ما في كتاب الشيخ سعد ـ على الأغلب ـ قائم يتراءى على هيئته في كتاب الصفّار ، وليس ثمّة اختلاف مهم يُذكر في هذا الصدد ؛ حتى أنّ الأشعري سار في ( مختصره ) مع ترتيب الأجزاء وأبواب كتاب الصفّار ، حيث يبدو للمراجع الكريم جليّاً أنّه انتخب من كلّ باب رواية أو روايتين وهكذا.

ومن أعجب وأغرب الاُمور المتفقة في ذلك ، أنّ اسم الكتاب ( بصائر الدرجات ) لم يسلم أيضاً من تلك المجانسة والمؤانسة من التوافق والتطابق الموجودين! ولا أدري فهل للمشاركة والمعاصرة المذكورتين دخل في اقتباس وانتخاب عنوان الكتاب أيضاً؟!

ومن البعيد جدّاً ـ لاسيما على أمثالهما ـ أنّه لم يطّلع أحدهما على نتاج الآخر ، وعلى الأقل في ذلك تكون أسماء الكتب المؤلّفة من قبلهما!

فأي شيء تعلّل به تلك التشابهات؟ سوى أنّهما يرجعان إلى أصل واحد ، وكتاب فارد؟!

ومنها : أنّ العلاّمة الطهراني رحمه الله تعالى ، كان قد نقل قول الشيخ حسن وهو إنّي قد رويت في معنى الرجعة أحاديث من غير طريق ... إلى آخرها. وعزاها

٣٢

إلى كتابه ( إثبات الرجعة ) في موضعين من ( الذريعة ) في الجزء الأوّل ، صفحة ٩١ رقم ٤٣٩ ، وفي الجزء الثالث ، صفحة ١٢٤ رقم ٤١٥.

وقال الشيخ عبدالله أفندي : إنّه قد يتوهم اتحاد ( رسالة الرجعة ) له مع كتاب ( مختصر البصائر ) قال في أثناء تلك الرسالة : يقول حسن بن سليمان بن خالد إنّي قد رويت في معنى الرجعة (١) ... وساق عين العبارة التي أوردها شيخنا الطهراني قدس‌سره!.

والحال أنّا وجدنا هذه الجملة بنصّها مثبتة ومطبوعة ضمن كتابه ( مختصر البصائر ) وفي صفحة ٣٠ على وجه التعيين من النسخة المطبوعة المومى إليها آنفاً ، وكذلك فهي موجودة أيضاً في سائر الاُصول المعتمدة المخطوطة التي بحوزتنا فهل يعني ذلك أنّ كتاب ( الرجعة ) أو ( إثبات الرجعة ) هو بعينه كتاب ( مختصر البصائر ) الذي حذّر من توهّمه الشيخ عبدالله أفندي؟! لا سيّما وأنّه بحوزتنا الآن مخطوطة تحمل اسم ( إثبات الرجعة ) ومحتواها لا يختلف عن ( مختصر البصائر ) (٢)؟!

ولا يخفى فإنّ الحرّ العاملي كان قد أدرج رسالة الرجعة ضمن مصادر كتابه ( الإيقاظ من الهجعة ) (٣) وكلّ ما نقل من تلك الرسالة وجدناه بحذافيره في ( مختصر البصائر ) ومع ذلك فإنّا آثرنا أن نبقي عنوان الكتاب ( مختصر البصائر ) على ما هو

__________________

١ ـ رياض العلماء ١ : ١٩٥.

٢ ـ أضف إلى ذلك أنّ محتوى ( مختصر بصائر الدرجات ) يدور على الأكثر حول موضوع الرجعة والمسائل العقائدية المربوطة بها ، راجع على الخصوص ( باب الكرّات وحالاتها وما جاء فيها ).

٣ ـ وقد ذكر الحرّ العاملي قدس‌سره في مقدّمة كتابه المشار إليه أنّه لم يحضره عاجلاً كتاب ( مختصر بصائر الدرجات ) فتأمّل.

٣٣

المشهور المعروف المتداول ، حذراً من أن نأتي باسم آخر ، لئلاّ يجرّ ذلك إلى مسائل اُخر نحن في غنى عنها.

وأحبّ أن ألفت نظر القارئ العزيز أنّ مصنّف كتابنا هذا نقل من كتاب مختصر البصائر لسعد بن عبدالله أحاديثاً جمّة بلغت نصف الكتاب ، والنصف الثاني من مصادر شتّى ، منها مطبوعة وبعض منها محقّقة ، ولهذا ـ وحسب الظاهر ـ اشتهر اسم الكتاب بالمختصر ، وكان العلاّمة المجلسي رحمه‌الله ينقل عنه باسم مختصر البصائر ويرمز له برمز ( خص ).

وأمّا القسم الثاني من المختصر فنقل العلاّمة أحاديثه من مصادره الأصلية دون تعرّض لاسم ورمز المختصر.

النسخ المعتمدة :

١ ـ النسخة المحفوظة في مكتبة الإمام الرضا عليه‌السلام في مدينة مشهد المقدّسة ، والتي رقمها ٢٠١٨ وتحمل اسم الرجعة والرد على أهل البدعة ، تاريخ نسخها في سنة ١٠٨٥ هـ بيد بهاء الدين محمد بن علي نقي الطغائي وله حواشي كثيرة على بعض الأحاديث. ورمزت لها بحرف « ض » ، وهي كاملة.

٢ ـ النسخة المحفوظة في مكتبة الإمام الرضا عليه‌السلام في مدينة مشهد المقدّسة ، وتحمل اسم مختصر البصائر ، تاريخ نسخها ١٠٧٩ هـ ولم يذكر اسم ناسخها ورمزت لها بحرف « ق » وفيها سقوطات كثيرة قد تجاوزت حدّ الأبواب ، والتي رقمها ١٨٥٠.

٣ ـ النسخة المحفوظة في مكتبة الإمام الرضا عليه‌السلام في مدينة مشهد المقدّسة ،

٣٤

وتحمل اسم منتخب بصائر الدرجات ، ورقمها ٨٠٠٩ ، نسخها محمد قاسم بن شجاع الدين النجفي بتاريخ ١٠٧٩ وهي كاملة ورمزت لها بحرف « س » ، وقد ظهر عليها تواريخ الذين استنسخوها من بعده وأسمائهم ، وظهرت على حواشيها تأشيرات تدلّ على أنّها قوبلت مع نسخة اُخرى.

وكان بودّي أن أحصل على عدد أكثر من النسخ الخطية ولكن وجدت في بعض المكتبات غلاء التصوير ، وعدم توفّر أجهزة التصوير في البعض الآخر ، فاكتفيت بما حصلته.

وتنزّهاً عن المكابرة ، وتواضعاً أمام كبار المحققين وأساطين المدققين أن أقف أمامهم بأدب واحترام ، وأنطق بلسان أوثقته عيوبه ، أن لا يؤاخذوني على كل مأخذ ، وأن يقيلوا لي عثرتي ، ويقيموا زلّتي في أمر تحقيقي ومقدّمتي.

منهجية التحقيق :

١ ـ أوّل عمل قمت به وكما ذكرت آنفاً كتبت نسخة « ض » من أوّلها إلى آخرها ، ثم قوبلت مع نسختي « ق و س » وكذلك المطبوع.

٢ ـ ضبط النص ، وقد اتّبعت فيه عملية التلفيق بين النسخ ، وتثبيت الاختلافات المهمة في الهامش ، وما أثبتّه من المصادر وضعته بين معقوفتين.

٣ ـ تخريج الأحاديث من منابعها مع ذكر الاختلاف في الهامش ، وتخريج الآيات الشريفة من القرآن المجيد.

٤ ـ تعريفات مختصرة لبعض الكلمات المبهمة ، وشروحات لبعض المسائل العقائدية والتاريخية.

٣٥

٥ ـ ترجمة لبعض رجال السند والمتن من أصحاب الأئمة عليهم‌السلام وغيرهم مع مراعاة الاختصار.

٦ ـ أعددت الفهارس التالية في نهاية عملي لتعمّ الفائدة والمنفعة ، ولنسهل على ذوي الاختصاص الرجوع لأي موضوع من مواضيع الكتاب ، والفهارس التي أعددتها في كتابي هذا هي كما يلي :

١ ـ فهرس الآيات القرآنية.

٢ ـ فهرس الأحاديث الشريفة.

٣ ـ فهرس المحتوبات.

وقبل الختام شريطتنا على قارئ كتابنا الإقصار عن طلب عيوب خطائنا ، والصفح عن ما يقف عليه من إغفالنا ، والتجاوز عن ما ينتهي إليه من إهمالنا ، وإن أدّاه التصفّح إلى صواب نشره ، أو إلى خطأ ستره ، لأنّه قد تقدّمنا بالإقرار ، ولا بدّ للإنسان من زلل وعثار. والحمد لله خالق الجنّة والنار ، باعث النبي المختار ، ومصطفي الأئمة الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

شكر وتقدير :

وفي الختام لا بدّ لي من أن اُقدم وافر شكري لإدارة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام علي سعيها للحصول على مخطوطات المختصر من مكتبة الإمام الرضا عليهم‌السلام ، واُجدّد شكري على اجازتها لي بالاستفادة من مكتبتها العامرة.

وثاني شكري الى مؤسسة النشر الإسلامي التابعة للحوزة العلميّة في قم

٣٦

المقدّسة على نشرها لهذا الأثر.

وختام شكري لابنتي الكبيرة حيث تبنّت مقابلة كتابي هذا من أول مراحله إلى آخر مرحلة منه فجزاها الله عني خير الجزاء.

الفقير إلى رحمة ربّه الغني

مشتاق المظفر

الجمعة ١٣ رجب الأصب ١٤٢٠ هـ. ق

٣٧
٣٨

٣٩

٤٠