مختصر البصائر

الشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان الحلي

مختصر البصائر

المؤلف:

الشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان الحلي


المحقق: مشتاق المظفّر
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-470-280-8
الصفحات: ٥٨٤

عذاباً دون ذلك ) (١) قال : عذاب الرجعة بالسيف (٢).

[ ١٣٢ / ٣٢ ] ومنه : قوله تعالى ( إذا تتلى عليه آياتنا قال ـ أي الثاني (٣) ـ أساطير الأوّلين ـ أي أكاذيب الأوّلين ـ سنسمه على الخرطوم ) (٤) قال : في الرجعة ، إذا رجع أمير المؤمنين عليه‌السلام ويرجع أعداؤه فيسمهم بميسم معه ، كما توسم البهائم على الخراطيم : الأنف والشفتان (٥).

[ ١٣٣ / ٣٣ ] ومنه : قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى ( حتى إذا رأوا ما يوعدون ) قال : القائم وأمير المؤمنين عليهما‌السلام في الرجعة ( فسيعلمون من أضعف ناصراً وأقلّ عدداً ) (٦) قال : هو قول أمير المؤمنين صلوات الله عليه لزُفَر : « والله يابن صهّاك لولا عهد من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكتاب من الله سبق لعلمت أيّنا أضعف ناصراً وأقلّ عدداً ».

قال : فلمّا أخبرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مايكون من الرجعة قالوا : متى يكون هذا؟ قال الله تعالى ( قل ـ يا محمّد ـ إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربّي

__________________

١ ـ الطور ٥٢ : ٤٧.

٢ ـ تفسير القمّي ٢ : ٣٣٣ ، وعنه في البحار ٥٣ : ١٠٣ / ١٢٧ ، والبرهان ٥ : ١٨٠ / ١.

٣ ـ في المصدر : كنّى عن فلان ، وفي نسخة « ق » : كنّى عن الثاني ، وفي نسخة « س » : قال أبي : عنى الثاني.

٤ ـ القلم ٦٨ : ١٥ ـ ١٦.

٥ ـ تفسير القمّي ٢ : ٣٨١ ، وفيه : الخرطوم والأنف والشفتين ، وعنه في البحار ٥٣ : ١٠٣ / ١٢٨.

٦ ـ الجن ٧٢ : ٢٤.

١٦١

أمداً ) (١) (٢).

[ ١٣٤ / ٣٤ ] ومنه : قوله ( قُم فأنذر ) (٣) قال : هو قيامه في الرجعة ينذر فيها (٤).

[ ١٣٥ / ٣٥ ] ومنه : في قوله ( قُتل الإنسان ما أكفره ) قال : هو أمير المؤمنين عليه‌السلام قال ( ما أكفره ) أي ماذا فعل وأذنب حتى قتلتموه ، ثمّ قال ( من أي شيء خلقه * من نطفة خلقه فقدّره * ثمّ السبيل يسّره ) قال : ( يسّر له طريق الخير ) (٥) ( ثمّ أماته فأقبره * ثمّ إذا شاء أنشره ) قال : في الرجعة ( كلاّ لمّا يقض ما أمره ) (٦) أي لم يقض أمير المؤمنين عليه‌السلام ما قد أمره وسيرجع حتى يقضي ما أمره (٧) (٨).

[ ١٣٦ / ٣٦ ] أخبرنا أحمد بن إدريس (٩) ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبي نصر ، عن جميل بن درّاج ، عن أبي سلمة (١٠) ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله

__________________

١ ـ الجن ٧٢ : ٢٥.

٢ ـ تفسير القمّي ٢ : ٣٩١ ، وعنه في البحار ٥٣ : ٥٨ / ٤١.

٣ ـ المدّثّر ٧٤ : ٢.

٤ ـ تفسير القمّي ٢ : ٣٩٣ ، وعنه في البحار ٥٣ : ١٠٣ / ١٢٩.

٥ ـ في نسخة « ق » : سبيل الخير ، بدل ما بين القوسين.

٦ ـ عبس ٨٠ : ١٧ ـ ٢٣.

٧ ـ في نسخة « س » : ما أمره الله تعالى.

٨ ـ تفسير القمّي ٢ : ٤٠٥ ، وعنه في البحار ٥٣ : ٩٩ / ١١٩.

٩ ـ في نسختي « س و ض » والمختصر المطبوع : محمّد بن ادريس ، وقد تقدّم برقم ١٢٥.

١٠ ـ في المصدر : أبو أسامة.

١٦٢

عزّ وجلّ ( قُتل الإنسان ما أكفره ) (١) قال : « نعم نزلت في أمير المؤمنين صلوات الله عليه ( ما أكفره ) يعني بقتلكم إيّاه.

ثمّ نسب أمير المؤمنين صلوات الله عليه فنسب خلقه وما أكرمه الله به ، فقال ( من أي شيء خلقه ) يقول : من طينة الأنبياء خلقه ( فقدّره ـ للخير ـ ثمّ السبيل يسّره ) يعني سبيل الهدى ، ( ثمّ أماته ـ ميتة الأنبياء ـ ثمّ إذا شاء أنشره ) » قلت : ما قوله ( ثمّ إذا شاء أنشره ) (٢) قال : « يمكث بعد قتله في الرجعة فيقضي ما أمره » (٣).

[ ١٣٧ / ٣٧ ] ومنه : حدّثنا جعفر بن أحمد قال : حدّثنا عبيد الله بن موسى (٤) ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في

__________________

وأبو اُسامة : هو زيد بن محمّد بن يونس الشحام ، كوفي ، مولى شديد بن عبد الرحمن بن نعيم الأزدي الغامدي ، وقد عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الباقر والصادق عليهما‌السلام.

اُنظر رجال النجاشي : ١٧٥ / ٤٦٢ ، رجال البرقي : ١٨ ، رجال الشيخ : ١٢٢ / ٢ و ١٩٥ / ٢ ، معجم رجال الحديث ٥ : ١٢٥ و ٢٢ : ١٥.

١ و ٢ ـ عبس ٨٠ : ١٧ ـ ٢٢.

٣ ـ تفسير القمّي ٢ : ٤٠٥ ـ ٤٠٦ ، وعنه في البحار ٥٣ : ٩٩ / القطعة الثانية من حديث ١١٩.

٤ ـ في نسخة « س » والمصدر : عبدالله بن موسى ، وعبيدالله بن موسى : هو ابن أبي المختار العبسي الكوفي ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام.

وقال ابن حجر : أبو محمّد ، ثقة ، كان يتشيّع.

وقال ابن سعد : كان ثقة صدوقاً إن شاء الله ، كثير الحديث ، حسن الهيئة.

وقال الذهبي : قال ابن مندة : وكان معروفاً بالرفض ، لم يدع أحداً اسمه معاوية يدخل داره ، مات بالكوفة سنة ثلاث عشرة ومائتين.

اُنظر رجال الشيخ : ٢٢٩ / ١١١ ، تقريب التهذيب ١ : ٥٣٩ / ١٥١٢ ، طبقات ابن سعد ٦ : ٤٠٠ ، سير أعلام النبلاء ٩ : ٥٥٦.

١٦٣

قوله ( وللآخرة خير لك من الاُولى ) (١) قال : « يعني الكرّة هي الآخرة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ».

قلت : قوله ( ولسوف يعطيك ربّك فترضى ) (٢) قال : « يعطيك من الجنّة فترضى » (٣).

[ ١٣٨ / ٣٨ ] وبإسنادي عن محمّد بن يعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن الحسن بن شمون ، عن عبدالله بن عبد الرحمن الأصم ، عن عبدالله بن القاسم البطل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله ( وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدُنّ في الأرض مرّتين ) قال : « قتل علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وطعن الحسن عليه‌السلام ( ولتعلُنَّ عُلوّاً كبيراً ) (٤) قال : قتل الحسين عليه‌السلام ، ( فاذا جاء وعد اُوليها ) فإذا جاء نصر دم الحسين عليه‌السلام ( بعثنا عليكم عباداً لنا اُولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار ) (٥) قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم عليه‌السلام ، فلا يدعون وتراً (٦) لآل محمّد إلاّ قتلوه ( وكان وعداً مفعولاً ) (٧) خروج القائم عليه‌السلام.

( ثمّ رددنا لكم الكرّة عليهم ) (٨) خروج الحسين عليه‌السلام ، يخرج في سبعين من

__________________

١ ـ الضحى ٩٣ : ٤.

٢ ـ الضحى ٩٣ : ٥.

٣ ـ تفسير القمّي ٢ : ٤٢٧ ، وعنه في البحار ٥٣ : ٥٩ / ٤٣.

٤ و ٥ ـ الإسراء ١٧ : ٤ ـ ٥.

٦ ـ الوتر : والموتور : من قتل له قتيل فلم يدرك بدمه. القاموس المحيط ٢ : ١٥٢ ـ وتر. والمراد بالوتر هو القاتل أو العدو لآل محمّد عليهم‌السلام.

٧ و ٨ ـ الإسراء ١٧ : ٥ ـ ٦.

١٦٤

أصحابه ، عليهم البيض (١) المذهّبة لكلّ بيضة وجهان ، ( يؤذّن المؤذّنون ) (٢) إلى الناس أنّ هذا الحسين عليه‌السلام قد خرج حتى لا يشكّ المؤمنون فيه ، وأنّه ليس بدجّال ولا شيطان ، والحجّة القائم بين أظهرهم ، فإذا استقرّت المعرفة في قلوب المؤمنين أنّه الحسين عليه‌السلام ، جاء الحجّة الموت ، فيكون الذي يغسّله ويكفّنه ويحنّطه ويلحده في حفرته الحسين بن علي عليهما‌السلام ، ولا يلي الوصي إلاّ الوصي » (٣).

[ ١٣٩ / ٣٩ ] وممّا رواه لي ورويته عن السيّد الجليل الموفّق السعيد بهاء الدين علي بن عبد الحميد الحسيني أسعده الله بتقواه وأصلح أمر دنياه واُخراه ، رواه بطريقه عن أحمد بن محمّد الأيادي ، يرفعه إلى أحمد بن عقبة ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام سئل عن الرجعة أحقّ هي؟ قال : « نعم » فقيل له : من أوّل من يخرج؟ قال : « الحسين عليه‌السلام ، يخرج على أثر القائم عليه‌السلام » ، قلت : ومعه الناس كلّهم؟ قال : « لا ، بل كما ذكر الله تعالى في كتابه ( يوم يُنفخ في الصور فتأتون أفواجاً ) (٤) قوماً بعد قوم » (٥).

[ ١٤٠ / ٤٠ ] وعنه عليه‌السلام : « ويقبل الحسين عليه‌السلام في أصحابه الذين قتلوا معه ، ومعه سبعون نبيّاً كما بعثوا مع موسى بن عمران عليه‌السلام ، فيدفع إليه القائم عليه‌السلام الخاتم (٦) ، فيكون الحسين عليه‌السلام هو الذي يلي غسله وكفنه وحنوطه ( ويواري به في

__________________

١ ـ البيضة : الخوذة من الحديد ، وهي من آلات الحرب لوقاية الرأس. المنجد : ٥٦ ـ بيض.

٢ ـ في المصدر : المؤدّون.

٣ ـ الكافي ٨ : ٢٠٦ / ٢٥٠ ، وعنه في البحار ٥٣ : ٩٣ / ١٠٣.

٤ ـ النبأ ٧٨ : ١٨.

٥ ـ نقله المجلسي عن المختصر في البحار ٥٣ : ١٠٣ / ١٣٠ ، والحرّ العاملي في الايقاظ من الهجعة : ٣٦٧ / ١٢٣ ، قائلاً : ما رواه الحسن بن سليمان في باب الكرّات وحالاتها.

٦ ـ في نسخة « س » زيادة : فيلقاه الموت.

١٦٥

حفرته ) (١) » (٢).

[ ١٤١ / ٤١ ] وعنه عليه‌السلام : « إنّ منّا بعد القائم عليه‌السلام إثنا عشر مهديّاً من ولد الحسين عليه‌السلام » (٣).

[ ١٤٢ / ٤٢ ] وعن جابر الجعفي قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : « والله ليملكنّ منّا أهل البيت رجل بعد موته ثلاثمائة سنة ويزداد تسعاً » قلت : متى يكون ذلك؟ قال : « بعد القائم عليه‌السلام » قلت : وكم يقوم القائم عليه‌السلام في عالمه؟ قال : « تسع عشرة سنة ، ثمّ يخرج المنتصر إلى الدنيا ـ وهو الحسين عليه‌السلام ـ فيطلب بدمه ودم أصحابه ، فيقتل ويسبي حتى يخرج السفّاح (٤) ـ وهو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ـ » (٥).

[ ١٤٣ / ٤٣ ] ورويت عنه أيضاً بطريقه إلى أسد بن إسماعيل (٦) ، عن

__________________

١ ـ في نسختي « ض و ق » : وإبلاغه حفرته ، وإبلاغه : إيصاله. لسان العرب ٨ : ٤١٩ ـ بلغ.

٢ ـ نقله المجلسي عن المختصر في البحار ٥٣ : ١٠٣ / قطعة من حديث ١٣٠ ، والحر العاملي في الايقاظ من الهجعة : ٣٦٨ / ١٢٤.

٣ ـ الغيبة للطوسي : ٤٧٨ / ٥٠٤ ، وعنه في البحار ٥٣ : ١٤٥ / ٢ ، وفيهما : أحد عشر مهديّاً ، وعنه في الإيقاظ من الهجعة : ٣٩٣ ـ ٣٩٤ ـ الباب الحادي عشر ، ولفظه مطابق لما في المتن ، والرواية عن أبي حمزة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام.

٤ ـ السفّاح : المعطاء ، والفصيح ، ورجل سفّاح أي قادر على الكلام. لسان العرب ٢ : ٤٨٦ ـ سفح.

٥ ـ الغيبة للطوسي : ٤٧٨ / ٥٠٥ ، وعنه في البحار ٥٣ : ١٤٥ / ٣ ، وأورده مفصّلاً العياشي في تفسيره ٢ : ٣٢٦ / ٢٤ ، والمفيد في الاختصاص : ٢٥٧ ، وعن المختصر في البحار ٥٣ : ١٠٣ / قطعة من حديث ١٣٠.

٦ ـ أسد بن إسماعيل : عدّه الشيخ والبرقي من أصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام.

رجال الشيخ : ١٥٤ / ٢٥١ ، رجال البرقي : ٤٠.

١٦٦

أبي عبدالله عليه‌السلام أنّه قال حين سئل عن اليوم الذي ذكر الله تعالى مقداره في القرآن ( في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ) (١) « وهي كرّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيكون ملكه في كرّته خمسين ألف سنة ، ويملك أمير المؤمنين عليه‌السلام في كرّته أربعاً وأربعين ألف سنة » (٢).

[ ١٤٤ / ٤٤ ] وبإسنادي عن محمّد بن يعقوب الكليني ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الوليد بن صبيح (٣) ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنّه قال : دخلت عليه يوماً فألقى إليّ ثياباً وقال : « يا وليد رُدّها على مطاويها » فقمت بين يديه ، فقال أبو عبدالله عليه‌السلام : « رحم الله المعلّى بن خنيس » فظننت أنّه شبّه قيامي بين يديه بقيام المعلّى بن خنيس بين يديه.

ثمّ قال : « اُفّ للدنيا ، اُفّ للدنيا ، إنّما الدنيا دار بلاء ، سلّط الله فيها عدوّه على وليّه ، وإنّ بعدها داراً ليست هكذا » ، فقلت : جُعلت فداك وأين تلك الدار؟ فقال : « هاهنا وأشار بيده إلى الأرض » (٤).

[ ١٤٥ / ٤٥ ] وبإسنادي عن محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي جميلة ، عن أبان بن تغلب وغيره ،

__________________

١ ـ المعارج ٧٠ : ٤.

٢ ـ نقله المجلسي عن المختصر في البحار ٥٣ : ١٠٤ / ذيل حديث ١٣٠ ، والبحراني عن السيّد المعاصر في كتاب الرجعة في تفسير البرهان ٥ : ٤٨٧ / ١٩.

٣ ـ الوليد بن صبيح لم يرد في نسخة « ق ».

وهو أبو العباس الأسدي ، مولاهم كوفي ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام.

اُنظر رجال النجاشي ٤٣١ / ١١٦١ ، رجال البرقي ٤١ ، رجال الشيخ : ٣٢٦ / ١.

٤ ـ الكافي ٨ : ٣٠٤ / ٤٦٩.

١٦٧

عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنّه سئل هل كان عيسى بن مريم عليه‌السلام أحيا أحداً بعد موته حتى كان له أكل ورزق ومدّة وولد؟ فقال : « نعم ، إنّه كان له صديق مؤاخ له في الله تبارك وتعالى ، وكان عيسى عليه‌السلام يمرّ به وينزل عليه ، وإنّ عيسى عليه‌السلام غاب عنه حيناً ثمّ مرّ به يسلّم عليه ، فخرجت إليه اُمّه فسألها عنه ، فقالت : مات يا رسول الله ، فقال : أفتحبّين أن ترينه؟ قالت : نعم ، فقال لها : إذا كان غداً أتيتك حتى اُحييه لكِ بإذن الله.

فلمّا كان من الغد أتاها ، فقال لها : انطلقي معي إلى قبره ، فانطلقا حتى أتيا قبره ، فوقف عليه عيسى (١) عليه‌السلام ، ثمّ دعا الله فانفرج القبر وخرج ابنها حيّاً ، فلمّا رأته اُمّه ورآها بكيا فرحمهما ، فقال له عيسى عليه‌السلام : اتُحبّ أن تبقى مع اُمّك في الدنيا؟ فقال : يا نبيّ الله بأكل ورزق ومدّة ، أم بغير رزق ولا أكل ولا مدّة؟ فقال له عيسى عليه‌السلام : بل بأكل ورزق ومدّة وتعمّر عشرين سنة ، وتتزوّج ويولد لك ، قال : نعم ، قال : فدفعه عيسى عليه‌السلام إلى اُمّه فعاش عشرين سنة وتزوّج وولد له » (٢).

[ ١٤٦ / ٤٦ ] وممّا رواه لي ورويته عن السيّد الجليل السعيد بهاء الدين علي بن السيّد عبدالكريم بن عبدالحميد الحسيني بإسناده ، عن أبي سعيد سهل (٣) يرفعه (٤)

__________________

١ ـ في نسخة « ق » : النبي ، بدل عيسى.

٢ ـ الكافي ٨ : ٣٣٧ / ٥٣٢ ، وأورده العيّاشي في تفسيره ١ : ١٧٤ / ٥١ ، وعنه في تفسير البرهان ١ : ٦٢٦ / ٧ ، ونقله المجلسي عنهما في البحار ١٤ : ٢٣٣ / ٣.

٣ ـ أبو سعيد سهل : هو سهل بن زياد الآدمي الرازي ، وقد عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام الجواد والهادي والعسكري عليهم‌السلام قائلاً : أنّه ثقة ومن أهل ري ، واقتصر البرقي على الإمام الهادي والعسكري عليهما‌السلام. انظر رجال الشيخ : ٤٠١ / ١ و ٤١٦ / ٤ و ٤٣١ / ٢ ، رجال البرقي : ٥٨ و ٦٠.

٤ ـ والسند المرفوع هو : أبو سعيد سهل بن زياد ، قال : حدّثنا الحسن بن محبوب ، حدّثنا ابن فضيل ، حدّثنا سعد الجلاّب ، عن جابر.

١٦٨

إلى أبي جعفر عليه‌السلام قال : « قال الحسين عليه‌السلام لأصحابه قبل أن يقتل : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لي : يا بنيّ إنّك ستساق إلى العراق ، وهي أرض قد التقى فيها النبيّون وأوصياء النبيّين ، وهي أرض تدعى « عمورا » وإنّك تستشهد بها ، ويستشهد معك جماعة من أصحابك ، لا يجدون ألم مسّ الحديد وتلا ( يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم ) (١) تكون الحرب عليك وعليهم برداً وسلاماً ، فابشروا فوالله لئن قتلونا فإنّا نرد على نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله .

ثم أمكث ما شاء الله ، فأكون أوّل من تنشقّ الأرض عنه ، فأخرج خرجة توافق خرجة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وقيام قائمنا ، وحياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثمّ لينزلنّ عليَّ وفد من السماء من عند الله ، لم ينزلوا إلى الأرض قط ، ولينزلنّ إليّ جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وجنود من الملائكة ، ولينزلنّ محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي صلوات الله عليه ، وأنا وأخي وجميع من منّ الله عليه في حمولات من حمولات الرب ، خيل بلق (٢) من نور لم يركبها مخلوق.

ثمّ ليهزّنّ محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله لواءه ، وليدفعنّه إلى قائمنا عليه‌السلام مع سيفه (٣) ، ثمّ إنّ الله تعالى يُخرج من مسجد الكوفة عيناً من دهن ، وعيناً من لبن ، وعيناً من ماء.

ثمّ إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام يدفع إليّ سيف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيبعثني إلى الشرق والغرب ، فلا آتي على عدوّ لله إلاّ أهرقت دمه ، ولا أدع صنماً إلاّ أحرقته ، حتى أقع إلى الهند فأفتحها.

وإنّ دانيال ويوشع (٤) يخرجان إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام يقولان : صدق الله

__________________

١ ـ الأنبياء ٢١ : ٦٩.

٢ ـ البَلَقْ والبُلْقَة : سواد في بياض. مجمع البحرين ٥ : ١٤٠ ـ بلق.

٣ ـ في المصدر زيادة : ثمّ إنّا نمكث من بعد ذلك ما شاء الله.

٤ ـ في نسختي « ض و ق » : ويوسف ، وفي الخرائج : ويونس ، بدل : يوشع.

١٦٩

ورسوله ، ويبعث معهما إلى البصرة (١) سبعين رجلاً فيقتلون مقاتلهم ، ويبعث بعثاً إلى الروم ويفتح الله لهم ، ثمّ لأقتلنّ كلّ دابّة حرّم الله لحمها حتى لا يكون على وجه الأرض إلاّ الطيّب.

وأعرض على اليهـود والنصارى وسائر الملل ، ولاُخيّرنّهم دين (٢) الإسلام أو السيف ، فمن أسلم مننت عليه ، ومن كره الإسلام أهرق الله دمه ، ولا يبقى رجل من شيعتنا إلاّ أنزل الله إليه مَلكاً يمسح عن وجهه التراب ، ويعرّفه أزواجه ومنازله في الجنّة ، ولا يبقى على وجه الأرض أعمى ولا مقعد ولا مبتلى إلاّ كشف الله عنه بلاءه بنا أهل البيت.

ولتنزلنّ البركة من السماء إلى الأرض حتّى أنّ الشجرة لتنقصف ممّا يزيد الله فيها من الثمرة ، ولتؤكل (٣) ثمرة الشتاء في الصيف ، وثمرة الصيف في الشتاء ، وذلك قول الله تعالى ( ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتّقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذّبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ) (٤) » (٥).

قد تقدّم مثل هذا الحديث لكن في ذلك زيادة ليست في هذا (٦).

__________________

١ ـ « إلى البصرة » لم ترد في نسختي « س و ض ».

٢ ـ في المصدر والبحار : بين.

٣ ـ في المصدر والبحار : ولتأكلنّ.

٤ ـ الأعراف ٧ : ٩٦.

٥ ـ الخرائج والجرائح ٢ : ٨٤٨ / ٦٣ ، وعنه في البحار ٤٥ : ٨٠ / ٦ ، وعنه وعن المختصر في البحار ٥٣ : ٦٣ / ذيل حديث ٥٢ ، وفي الكل زيادة : « ثمّ إنّ الله ليهب لشيعتنا كرامة لا يخفى عليهم شيء في الأرض ، وما كان فيها حتى أنّ الرجل منهم يريد أن يعلم علم أهل بيته ، فيخبرهم بعلم ما يعملون ».

٦ ـ تقدّم الحديث في رقم ١٠٧ عن الخرائج.

١٧٠

باب

في رجال الأعراف (١)

[ ١٤٧ / ١ ] حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن عبدالرحمن بن أبي هاشم ، عن أبي سلمة بن مكرم الجمال (٢) ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ ( وعلى الأعراف رجال يعرفون كلاًّ بسيماهم ) (٣) قال : « نحن اُولئك الرجال ، الأئمة منّا يعرفون من يدخل النار ومن يدخل الجنّة ، كما تعرفون في قبائلكم الرجل منكم ، فيعرف مَن فيها مِن صالح أو طالح » (٤).

__________________

١ ـ قال الشيخ الصدوق رحمه‌الله في اعتقاداته ص ٧٠ / ٢٥ : إعتقادنا في الأعراف أنّه سور بين الجنّة والنار ، عليه رجال يعرفون كلاًّ بسيماهم ، والرجال هم : النبيّ وأوصياؤه عليهم‌السلام. لا يدخل الجنّة إلاّ من عرفهم وعرفوه ، ولا يدخل النار إلاّ من أنكرهم وأنكروه.

٢ ـ في البصائر وتفسير العيّاشي زيادة : عن الهلقام ، والظاهر هو الصحيح ، لأنّ ابن مكرم الجمّال لم يذكر في الكتب إنّه يروي عن الإمام الباقر عليه‌السلام ، بل هو من رواة وأصحاب الإمام الصادق والكاظم عليهما‌السلام ، والهلقام قد عدّه الشيخ الطوسي والبرقي من أصحاب الإمام الباقر والراوي عنه عليه‌السلام.

اُنظر معجم رجال الحديث ٩ : ٢٤ / ٤٩٦٦ و ٢٠ : ٣٤٢ / ١٣٤٠٠ ، رجال البرقي : ١٦ ، رجال الشيخ : ١٣٩ / ١ ، مستدركات النمازي ٨ : ١٦٦ / ١٥٩٦٦.

٣ ـ الأعراف : ٧ : ٤٦.

٤ ـ بصائر الدرجات : ٤٩٥ / ١ ، وعنه وعن المختصر في البحار ٢٤ : ٢٥٠ / ٥ ، وأورده

١٧١

[ ١٤٨ / ٢ ] أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن الحسين (١) ، عن محمّد بن فضيل الصيرفي ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام.

وإسحاق بن عمّار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ ( وعلى الأعراف رجال يعرفون كلاًّ بسيماهم ) (٢) قال : « هم الأئمّة عليهم‌السلام » (٣).

[ ١٤٩ / ٣ ] حدّثني أبو الجوزاء (٤) المنبّه بن عبدالله التميمي قال : حدّثني الحسين بن علوان الكلبي ، عن سعد بن طريف ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن هذه الآية ( وعلى الأعراف رجال يعرفون كلاًّ بسيماهم ) (٥) فقال : « يا سعد ، آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله الأعراف لا يدخل الجنّة إلاّ من يعرفهم ويعرفونه ، ولا يدخل النار إلاّ من أنكرهم وأنكروه ، وهم أعراف ، لا يُعرَف الله تعالى إلاّ بسبيل معرفتهم » (٦).

__________________

العيّاشي في تفسيره ٢ : ١٨ / ٤٣ ، بزيادة في آخره وهي : قلت : بلى ، قال : « فنحن اُولئك الرجال الذين يعرفون كلاًّ بسيماهم ».

١ ـ في البصائر والبحار : محمّد بن الحصين.

٢ ـ الأعراف ٧ : ٤٦.

٣ ـ بصائر الدرجات : ٤٩٦ / ٢ ، وعنهما في البحار ٢٤ : ٢٥٠ / ٥ ، ونقله البحراني في تفسير البرهان ٢ : ٥٤٨ / ٦ ، عن بصائر الأشعري.

٤ ـ في نسختي « ض و س » : أبو الجود وكذا المختصر المطبوع ، وفي نسخة « ق » : أبو الجنود ، وما أثبتناه من كتب التراجم ، وهو صحيح الحديث.

انظر معجم رجال الحديث ١٩ : ٣٥٢ ، رجال النجاشي : ٤٢١ / ١١٢٩ ، خلاصة الأقوال : ٢٨٢ / ١٠٣٣.

٥ ـ الأعراف ٧ : ٤٦.

٦ ـ بصائر الدرجات : ٤٩٦ / ٤ ، وعنهما في البحار ٢٤ : ٢٥٠ / ٧ ، وأورده العياشي في تفسيره

١٧٢

[ ١٥٠ / ٤ ] أحمد وعبدالله ابنا محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب الخزّاز ، عن بريد بن معاوية العجلي قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ ( وعلى الأعراف رجال يعرفون كلاًّ بسيماهم ) (١) قال : « اُنزلت في هذه الاُمّة ، والرجال هم الأئمّة من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ».

قلت : فما الأعراف؟ قال : « صراط بين الجنّة والنار ، فمن شفع له الإمام ـ من المؤمنين المذنبين ـ نجا ، ومن لم يشفع له هوى » (٢).

[ ١٥١ / ٥ ] أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسين بن علوان ، عن سعد بن طريف (٣) ، عن الأصبغ بن نباتة قال : كنت عند أمير المؤمنين صلوات الله عليه جالساً فجاء رجل (٤) فقال له : يا أمير المؤمنين ( وعلى الأعراف

__________________

٢ : ١٨ / ٤٥ ، إلى قوله : أنكرهم وأنكروه ، ونقله البحراني عن بصائر الدرجات لسعد بن عبدالله في البرهان ٢ : ٥٤٨ / ٧ ، إلاّ أنّ فيه : ابو الجوزاء بن المنبّه بن عبدالله التميمي وهو اشتباه ، انظر سند الحديث وهامش رقم ٤.

١ ـ الأعراف ٧ : ٤٦.

٢ ـ بصائر الدرجات : ٤٩٦ / ٥ ، وعنه في البحار ٨ : ٣٣٥ / ٣ ، ونقله البحراني عن بصائر الدرجات لسعد بن عبدالله في تفسير البرهان ٢ : ٥٤٩ / ٨.

٣ ـ سعد بن طريف : هو الحنظلي مولاهم ، الإسكاف ، كوفي ، كان قاضياً ، روى عن الإمامين الصادقين عليهما‌السلام ، عدّه البرقي من أصحاب الإمام الباقر عليه‌السلام ، وعدّه الشيخ من أصحاب الإمام السجّاد والباقر والصادق عليهم‌السلام.

اُنظر رجال النجاشي : ١٧٨ / ٤٦٨ ، رجال البرقي : ٩ ، رجال الشيخ : ٩٢ / ١٧ و ١٢٤ / ٣ و ٢٠٣ / ٣.

٤ ـ الرجل : هو ابن الكوّا.

١٧٣

رجال يعرفون كلاًّ بسيماهم ) (١) فقال له علي عليه‌السلام : « نحن الأعراف نعرف أنصارنا بسيماهم ، ونحن الأعراف الذي لا يُعرف الله إلاّ بسبيل معرفتنا ، ونحن الأعراف نوقف يوم القيامة بين الجنّة والنار ، فلايدخل الجنّة إلاّ من عرفنا وعرفناه ، ولا يدخل النار إلاّ من أنكرنا وأنكرناه.

وذلك لأنّ الله عزّ وجلّ لو شاء عرّف الناس نفسه حتّى يعرفوه ويوحّدوه (٢) ويأتونه من بابه ، ولكنّه جعلنا أبوابه ، وصراطه ، وسبيله ، وبابه الذي يؤتى منه » (٣).

[ ١٥٢ / ٦ ] علي بن محمّد بن علي بن سعد الأشعريّ (٤) ، عن حمدان بن يحيى (٥) ، عن بشر بن حبيب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنّه سئل عن قول الله عزّ وجلّ ( وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال ) (٦) قال : « سور بين الجنّة والنار ، قائم عليه محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي والحسن والحسين وفاطمة وخديجة عليهم‌السلام فينادون : أين محبّونا

__________________

١ ـ الأعراف ٧ : ٤٦.

٢ ـ في نسختي « س و ض » : يعرفوا حدّه.

٣ ـ بصائر الدرجات : ٤٩٦ / ٦ ، وقد وقع خلط في سنده ، وأورده الطبرسي في الاحتجاج ١ : ٥٤٠ / ١٢٩ ، والكليني في الكافي ١ : ١٨٤ / صدر حديث ٩ ، إلى قوله : إلاّ من أنكرنا وأنكرناه ، وفي تفسير العياشي ٢ : ١٩ / ٤٨ ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، باختلاف.

٤ ـ علي بن محمّد بن علي بن سعد الأشعري : هو القمّي القزداني ، يكنّى أبا الحسن ، ويعرف بابن متّويه وهو ممّن روى عنه الكليني بواسطة واحدة ، عدّه الشيخ في رجاله في من لم يرو عنهم عليهم‌السلام.

اُنظر رجال النجاشي : ٢٥٧ / ٦٧٣ ، رجال الطوسي : ٤٨٤ / ٤٧.

٥ ـ في نسخة « ق » : حمدان بن عيسى.

٦ ـ الأعراف ٧ : ٤٦.

١٧٤

أين شيعتنا ، فيقبلون إليهم فيعرفونهم بأسمائهم وأسماء آبائهم ، وذلك قوله تعالى ( يعرفون كلاًّ بسيماهم ) (١) فيأخذون بأيديهم ( فيجوزون بهم ) (٢) الصراط ويدخلونهم الجنّة » (٣).

[ ١٥٣ / ٧ ] المعلّى بن محمّد البصري (٤) ، قال : حدّثني أبو الفضل المدني ، عن أبي مريم الأنصاري ، عن المنهال بن عمرو ، عن زرّ بن حُبيش (٥) ، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال : سمعته يقول : « إذا اُدخل الرجل حفرته أتاه ملكان اسمهما منكر ونكير ، فأوّل ما يسألانه عن ربّه ، ثمّ عن نبيّه ، ثمّ عن وليّه ، فإن أجاب نجا ، وإن تحيّر عذّباه ».

فقال رجل : فما حال من عرف ربّه ونبيّه ولم يعرف وليّه؟ فقال : ( مذبذب لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يُضلل الله فلن تجد له سبيلاً ) (٦) فذلك لا سبيل له.

__________________

١ ـ الأعراف ٧ : ٤٦.

٢ ـ في نسخة « ق » : على ، بدل ما بين القوسين.

٣ ـ نقله الاسترآبادي في تأويل الآيات ١ : ١٧٦ / ١٢ ، وعنه في البحار ٢٤ : ٢٥٥ / ١٩ ، عن أبي جعفر الطوسي.

٤ ـ في البصائر : الحسين بن محمّد ، عن المعلّى بن محمّد.

٥ ـ في نسخة « ق » : رزين بن حبيش ، وكذا البصائر ، وفي نسخة « س » والمختصر المطبوع ص ٥٣ : ذر بن حُبيش ، وما في المتن هو الصواب.

وزرّ بن حُبيش هو ابن حباشة بن أوس الأسدي الكوفي ، يكنّى أبا مطرف وأبا مريم ، وقال ابن سعد : كان ثقة كثير الحديث ، مات وهو ابن اثنتين وعشرين ومائة سنة ، وقد عدّه الشيخ من أصحاب الإمام على عليه‌السلام قائلاً : وكان فاضلاً.

انظر سير أعلام النبلاء ٤ : ١٦٦ ، طبقات ابن سعد ٦ : ١٠٤ ـ ١٠٥ ، رجال الشيخ : ٤٢ / ٥.

٦ ـ اقتباس من سورة النساء آية ١٤٣.

١٧٥

وقد قيل للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من ولي الله (١) يا نبي الله؟ فقال : وليّكم في هذا الزمان عليّ عليه‌السلام ، ومن بعده وصيّه ، ولكلّ زمان عالم يحتجّ الله به لئلاّ يكون كما قال الضُلاّل قبلهم حين فارقتهم أنبياؤهم ( ربّنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتّبع آياتك من قبل أن نذلّ ونخزى ) (٢) بما كان من ضلالتهم وهي جهالتهم بالآيات ، وهم الأوصياء فأجابهم الله عزّ وجلّ ( قل كلّ متربّص فتربّصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى ) (٣) وإنّما كان تربّصهم أن قالوا : نحن في سعة من معرفة الأوصياء حتّى نعرف إماماً فعيّرهم (٤) الله بذلك.

فالأوصياء هم أصحاب الصراط وقوفاً عليه ، لا يدخل الجنّة إلاّ من عرفهم وعرفوه ، ولا يدخل النار إلاّ من أنكرهم وأنكروه ، لأنّهم عرفاء الله عزّ وجلّ ، عرّفهم عليهم عند أخذ المواثيق عليهم ، ووصفهم في كتابه ، فقال عزّ وجلّ ( وعلى الأعراف رجال يعرفون كلاًّ بسيماهم ) (٥) وهم الشهداء على أوليائهم ، والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الشهيد عليهم ، أخذ لهم مواثيق العباد بالطاعة ، وأخذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عليهم الميثاق (٦) بالطاعة ، فجرت نبوته عليهم ، وذلك قول الله عزّ وجلّ ( فكيف إذا جئنا من كلّ اُمّة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً * يومئذ يودّ الذين كفروا

__________________

١ ـ في البصائر : من الولي ، وفي نسخة « ق » : من وليّك ، وفي « ض » : من أولئك.

٢ ـ طه ٢٠ : ١٣٤.

٣ ـ طه ٢٠ : ١٣٥.

٤ ـ في البصائر : فعرّفهم.

٥ ـ الأعراف ٧ : ٤٦.

٦ ـ في البصائر : المواثيق.

١٧٦

وعصوا الرسول لو تسوّى بهم الأرض ولايكتمون الله حديثاً ) (١) » (٢).

[ ١٥٤ / ٨ ] حدّثنا أحمد بن الحسن بن علي بن فضّال (٣) ، عن عليّ بن أسباط ، عن أحمد بن خباب (٤) ، عن بعض أصحابه ، عمّن حدّثه عن الأصبغ بن نباتة ، عن سلمان الفارسي قال : قال أشهد ـ أو قال : اُقسم ـ بالله لسمعت رسول لله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعليّ عليه‌السلام : « يا علي إنّك والأوصياء من بعدي ـ أو قال : من بعدك ـ أعراف ، لا يُعرف الله إلاّ بسبيل معرفتكم ، وأعراف لا يدخل الجنّة إلاّ من عرفتموه وعرفكم ، ولا يدخل النار إلاّ من أنكركم وأنكرتموه » (٥).

[ ١٥٥ / ٩ ] محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن موسى بن سعدان ، عن عبدالله بن القاسم الحضرمي ، عن بعض أصحابه ، عن سعد بن طريف ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : قول الله عزّ وجلّ ( وعلى الأعراف رجال يعرفون كلاًّ بسيماهم ) (٦) فقال : « يا سعد إنّها أعراف لا يدخل الجنّة إلاّ من عرفهم وعرفوه ، وأعراف لا يدخل النار إلاّ من أنكرهم وأنكروه ، وأعراف لا يعرف الله إلاّ بسبيل معرفتهم ، فلا سواء من اعتصمت به المعتصمة ، ( ومن ذهب مذهب الناس ، ذهب الناس إلى عين كدرة يفرغ بعضها في بعض ) (٧).

__________________

١ ـ النساء ٤ : ٤١ ـ ٤٢.

٢ ـ بصائر الدرجات : ٤٩٨ / ٩ ، وعنهما في البحار ٦ : ٢٣٣ / ٤٦.

٣ ـ في البصائر : الحسن بن علي بن فضال.

٤ ـ في البصائر : أحمد بن حنان.

٥ ـ بصائر الدرجات : ٤٩٧ / ٧ ، وعنهما فى البحار ٢٤ : ٢٥٢ / ١٣.

٦ ـ الأعراف ٧ : ٤٦.

٧ ـ ما بين القوسين لم يرد في نسخة « ض و ق و س ».

١٧٧

ومن أتى آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله أتى عيناً صافية تجري بعلم الله ، ليس لها نفاد ولا انقطاع ، ذلك بأنّ الله لو شاء لأراهم شخصه حتّى يأتوه من بابه ، لكن جعل محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله وآل محمّد عليهم‌السلام الأبواب التي يؤتى منها ، وذلك قول الله عزّ وجلّ ( ليس البرّ بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكنّ البرّ من اتّقى وأتوا البيوت من أبوابها ) (١) » (٢).

[ ١٥٦ / ١٠ ] محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن سنان ، عن عمّار بن مروان (٣) ، عن المنخل بن جميل ، عن جابر بن يزيد ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الأعراف ما هم؟ فقال : « هم أكرم الخلق على الله تبارك وتعالى » (٤).

[ ١٥٧ / ١١ ] محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبدالله ابن مسكان (٥) ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ ( وعلى

__________________

١ ـ البقرة ٢ : ١٨٩.

٢ ـ بصائر الدرجات : ٤٩٩ / ١١ ، وعنه في البحار ٨ : ٣٣٦ / ٥.

٣ ـ في نسخة « ض و ق و س » : عثمان بن مروان.

٤ ـ بصائر الدرجات : ٥٠٠ / ١٦ ، وعنه في البحار ٢٤ : ٢٥١ / ١٢.

٥ ـ عبدالله بن مسكان : هو أبو محمّد مولى عنزة ، ثقة ، عين ، روى عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام ، وقيل : روى عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام ، وكان من الذين أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح منهم ، وأقرّوا له بالفقه ، وقيل : إنّه كان لا يدخل على أبي عبدالله عليه‌السلام شفقة ألاّ يوفّيه حقّ إجلاله ، فكان يسمع من أصحابه ، مات رحمه‌الله في أيّام الإمام أبي الحسن عليه‌السلام.

اُنظر رجال النجاشي : ٢١٤ / ٥٥٩ ، رجال الكشي : ٣٧٥ / ٧٠٥ و ٣٨٣ / ٧١٦ ، رجال البرقي : ٢٢ ، رجال الشيخ : ٢٦٤ / ٦٨٥ ، رجال العلاّمة : ١٩٤ / ٦٠٧.

١٧٨

الأعراف رجال يعرفون كلاًّ بسيماهم ) (١) فقال : « هم الأئمّة منّا أهل البيت عليهم‌السلام في باب من ياقوت أحمر على سرب (٢) الجنّة يعرف كل إمام منّا ما يليه » فقال رجل : ما معنى ما يليه؟ فقال : « من القرن الذي هو فيه إلى القرن الذي كان » (٣).

[ ١٥٨ / ١٢ ] المعلّى بن محمّد البصري (٤) ، عن محمّد بن جمهور ، عن عبدالله بن عبدالرحمن الأصم ، عن الهيثم بن واقد ، عن مقرن ، قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : « جاء ابن الكوّا إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال : يا أمير المؤمنين ( وعلى الأعراف رجال يعرفون كلاًّ بسيماهم ) (٥) فقال : نحن الأعراف ( نعرف أنصارنا بسيماهم ، ونحن الأعراف ) (٦) الذين لا يعرف الله عزّ وجلّ (٧) يوم القيامة على الصراط غيرنا ، ولا يدخل الجنّة إلاّ من عرفنا وعرفناه ، ولا يدخل النار إلاّ من أنكرنا وأنكرناه.

إنّ الله تعالى لوشاء لعرّف العباد نفسه ، ولكن جعلنا أبوابه ، وصراطه ، وسبيله ، والوجه الذي يؤتى منه ، فمن عدل عن ولايتنا أو فضّل علينا غيرنا ، فإنّهم

__________________

١ و ٥ ـ الأعراف ٧ : ٤٦.

٢ ـ في المختصر المطبوع والبصائر : سور. والسرب : المسلك والطريق. لسان العرب ١ : ٤٦٤. سرب.

٣ ـ بصائر الدرجات : ٥٠٠ / ١٩ ، وعنه في البحار ٨ : ٣٣٥ / ٤.

٤ ـ في البصائر والكافي : الحسين بن محمّد ، عن ، المعلّى بن ...

٦ ـ ما بين القوسين لم يرد في نسخة « س و ض و ق ».

٧ ـ في الكافي وتفسير فرات والبحار عن المختصر والبصائر زيادة : إلاّ بسبيل معرفتنا ، ونحن الأعراف يعرّفنا الله عزّ وجلّ.

١٧٩

عن الصراط لناكبون ، ولا سواء من اعتصم الناس به ، ولا سواء من ذهب حيث ذهب الناس ، ذهب الناس إلى عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض ، وذهب من ذهب الينا إلى عيون صافية تجري بأمر ربّها لا نفاد لها ولا انقطاع » (١).

[ ١٥٩ / ١٣ ] أحمد بن الحسين الكناني ، قال : حدّثنا عاصم بن محمّد المحاربي ، قال : حدّثنا يزيد بن عبدالله الخيبري ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسين بن مسلم العجلي (٢) ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ( وعلى الأعراف رجال يعرفون كلاًّ بسيماهم ) (٣) قال : « نحن أصحاب الأعراف ، من عرفنا فإلى الجنّة ، ومن أنكرنا فإلى النار » (٤).

__________________

١ ـ بصائر الدرجات : ٤٩٧ / ٨ ، وعنهما في البحار ٢٤ : ٢٥٣ / ١٤ ، وأورده الكليني في الكافي ١ : ١٨٤ / ٩ ، وفرات الكوفي في تفسيره : ١٤٢ / ١٧٤ ، بزيادة في صدره ، واختلاف في بعض ألفاظه.

٢ ـ في نسخة « س و ق » : البجلي.

٣ ـ الأعراف ٧ : ٤٦.

٤ ـ نقله البحراني عن بصائر الدرجات للأشعري في تفسير البرهان ٢ : ٥٥٢ / ١٧ ، وفيه : مآله بدل : فإلى.

١٨٠