منهاج الكرامة في معرفة الإمامة

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

منهاج الكرامة في معرفة الإمامة

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: عبدالرحيم مبارك
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة عاشوراء للتحقيقات والبحوث الإسلامية
الطبعة: ١
ISBN: 964-90423-6-9
الصفحات: ٢١٦

ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء ، وقال : هؤلاء أهل بيتي وخاصّتي ، اللهم فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا ، وكرر ذلك ، قالت : فأدخلت رأسي وقلت : وأنا معكم يا رسول الله؟ قال : إنّك إلى خير (إنّك إلى خير). (١)

وفي هذه الآية دلالة على العصمة ، مع التأكيد بلفظ (إنّما) ، وبإدخال اللام في الخبر ، والاختصاص في الخطاب بقوله : (أَهْلَ الْبَيْتِ) ، والتكرير بقوله : (يُطَهِّرَكُمْ) والتأكيد بقوله : (تَطْهِيراً) ، وغيرهم ليس بمعصوم ، فتكون الإمامة في عليّ عليه‌السلام.

ولأنّه ادّعاها في عدّة من أقواله ، كقوله : «والله لقد تقمّصها ابن أبي قحافة (وهو يعلم) (٢) أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرحى» (٣) وقد ثبت نفي الرجس عنه ، فيكون صادقا ، فيكون هو الإمام.

البرهان السادس :

قوله تعالى (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ) (٤) الآية.

قال الثعلبي بإسناده عن أنس بن مالك وبريدة ، قالا : قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذه الآية ، فقام رجل ، فقال : أيّ بيوت هذه يا رسول الله؟ فقال : بيوت الأنبياء ، فقام إليه أبو بكر ، فقال : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، هذا البيت منها؟ يعني بيت عليّ وفاطمة.

قال : نعم ، من أفاضلها (٥).

__________________

(١) ما بين القوسين في «ر» فقط. مسند أحمد ٦ : ٢٩٢ / الحديث ٢٥٩٦٩.

(٢) في «ش ١» و«ش ٢» : وإنّه ليعلم.

(٣) شرح النهج لابن أبي الحديد ١ : ٦٣.

(٤) النور : ٣٦.

(٥) خصائص الوحي المبين : ٧٩ / الفصل ٤ ، والعمدة لابن البطريق : ٢٩١ / الحديث ٤٧٨ ، عن الثعلبي ، وانظر «ما روته العامّة من مناقب أهل البيت» للشرواني : ٩٣ ـ ٩٤.

ورواه الحاكم الحسكاني في شواهده ١ : ٥٣٣ / الحديث ٥٦٧ عن أنس وبريدة ، وفي ١ : ٥٣٢ / الحديث ٥٦٦ أبي برزة ، ورواه السيوطي في الدر المنثور ٦ : ٢٠٣ ، وقال : أخرجه ابن مردويه.

١٢١

وصف فيها الرجال بما يدلّ على أفضليّتهم ، فيكون عليّ هو الإمام ، وإلّا لزم تقديم المفضول على الفاضل

البرهان السابع :

قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (١)

روى أحمد في مسنده ، عن ابن عبّاس ، قال : لمّا نزل (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قالوا : يا رسول الله ، من قرابتك الّذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال : عليّ وفاطمة وابناهما عليهم‌السلام. (٢) وكذا في تفسير الثعلبي ، ونحوه في الصحيحين.

وغير عليّ عليه‌السلام من الصحابة الثلاثة لا تجب مودّته ، فيكون عليّ عليه‌السلام أفضل ، فيكون هو الإمام ؛ لأنّ مخالفته تنافي المودّة ، وامتثال أوامره يكون مودّة ، فيكون واجب الطاعة ، وهو (٣) معنى الإمامة.

البرهان الثامن :

قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) (٤)

قال الثعلبي : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا أراد الهجرة ، خلّف علي بن أبي طالب عليه‌السلام لقضاء

__________________

(١) الشورى : ٢٣.

(٢) لم أعثر عليه في المسند. وقد خرّجه في كتاب المناقب ، وخرّجه عنه محب الدين الطبري في ذخائر العقبى : ٢٤ ، وابن حجر في الصواعق المحرقة : ١٠١. وانظر : شواهد التنزيل ٢ : ١٨٩ ـ ١٩٦ / الأحاديث ٨٢٢ ـ ٨٢٨ ، والفصول المهمّة لابن الصبّاغ المالكي : ٢٩ عن البغوي في تفسيره ، ومناقب ابن المغازلي : ٣٠٧ ـ ٣٠٩ ، ومجمع الزوائد ٧ : ١٠٣ ، ٩ : ١٣٤ و ١٦٨ ، وتفسير الكشاف ٤ : ٢١٩ ، ذيل الآية ، وتفسير الدر المنثور ٦ : ٧ ذيل الآية عن ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه.

ثمّ قال : وأخرج البخاري عن أبي بكر الصديق ، قال : ارقبوا محمّدا صلى الله عليه [وآله] وسلّم في أهل بيته!!

(٣) في «ش ١» : وهي.

(٤) البقرة : ٢٠٧.

١٢٢

ديونه وردّ الودائع التي كانت عنده ، وأمره ليلة خرج إلى الغار ، وقد أحاط المشركون بالدار ، أن ينام على فراشه ، فقال له : يا عليّ اتّشح ببردي الحضرمي الأخضر ونم على فراشي ، فإنّه لا يخلص إليك منهم مكروه إن شاء الله عزوجل ، ففعل ذلك ، فأوحى الله عزوجل إلى جبرئيل وميكائيل : إنّي قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحد كما أطول من عمر الآخر ، فأيّكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختار كلاهما الحياة ، فأوحى الله عزوجل إليهما : ألا كنتما مثل عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، آخيت بينه وبين محمّد ، فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة ، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوّه ، فنزلا ، فكان جبرئيل عليه‌السلام عند رأسه وميكائيل عليه‌السلام عند رجليه ، فقال جبرئيل : بخّ بخّ! من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة! فأنزل الله على رسوله وهو متوجّه إلى المدينة في شأن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) (١).

(وقال ابن عبّاس : إنّها نزلت في عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام) (٢) لمّا هرب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المشركين إلى الغار. (٣)

وهذه فضيلة لم تحصل لغيره تدلّ على أفضليّته على جميع الصحابة ، فيكون هو الإمام.

البرهان التاسع :

قوله تعالى : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) (٤).

__________________

(١) البقرة / ٢٠٧.

(٢) ما بين القوسين والآية التي تسبقه سقط من «ش ٢».

(٣) تذكرة الخواص : ٣٥ عن تفسير الثعلبي ، وكفاية الطالب : ٢٣٩ / باب ٦٢ ، وينابيع المودّة ١ : ٢٧٤ / باب ٢١.

وانظر شواهد التنزيل ١ : ١٢٣ ـ ١٣١ / الأحاديث ١٣٣ ـ ١٤٢ ، ومسند أحمد ١ : ٣٣٠ / الحديث ٣٠٥٢ ، وتفسير الطبري ٩ : ١٤٠ ، ومستدرك الحاكم ٣ : ٤ ، ومناقب الخوارزمي : ١٢٧ / فصل ١٢ ـ الحديث ١٤١.

(٤) آل عمران : ٦١.

١٢٣

نقل الجمهور كافّة أنّ (أَبْناءَنا) إشارة إلى الحسن والحسين ، و (نِساءَنا) إشارة إلى فاطمة عليها‌السلام ، و (أَنْفُسَنا) إشارة إلى (عليّ بن أبي طالب) (١) وهذه الآية أدلّ دليل على ثبوت الإمامة لعليّ عليه‌السلام ؛ لأنّه تعالى قد جعله نفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والاتّحاد محال ، فينبغي (٢) المراد المساوي ، وله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الولاية العامّة فكذا لمساويه.

وأيضا لو كان غير هؤلاء مساويا لهم أو أفضل منهم في استجابة الدعاء ، لأمره الله تعالى بأخذهم معه ؛ لأنّه في موضع الحاجة ، وإذا كانوا هم الأفضل تعيّنت الإمامة فيهم.

وهل تخفى دلالة هذه الآية على المطلوب إلّا على من استحوذ (٣) الشيطان عليه وأخذ بمجامع قلبه ، وخيل له حبّ الدنيا التي لا ينالها إلّا بمنع أهل الحقّ عن حقّهم.

البرهان العاشر :

قوله تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) (٤).

روى الفقيه ابن المغازلي الشافعي ، بإسناده عن ابن عبّاس ، قال : سئل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه ، قال : سأله بحقّ محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين إلّا تبت عليّ! فتاب عليه. (٥)

وهذه فضيلة لم يلحقه أحد من الصحابة فيها ، فيكون هو الإمام لمساواته النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في التوسّل به إلى الله تعالى.

__________________

(١) في «ش ١» : أمير المؤمنين عليه‌السلام.

(٢) في «ش ر» و«ش ٢» : فيبقى.

(٣) في «ر» : استحكم.

(٤) البقرة : ٣٧.

(٥) مناقب ابن المغازلي : ٦٣ / الحديث ٨٩ ، وعنه : ينابيع المودّة ١ : ٢٨٨ / الحديث ٤. وانظر تفسير الدّرّ المنثور ١ : ٦٠ ـ ٦١ ذيل الآية عن ابن النجّار.

١٢٤

البرهان الحادي عشر :

قوله تعالى : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) (١).

روى الفقيه ابن المغازلي الشافعي ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انتهت الدعوة إليّ وإلى عليّ ، لم يسجد أحدنا لصنم قطّ ، فاتّخذني نبيّا واتّخذ عليّا وصيّا. (٢) وهذا نصّ في الباب.

البرهان الثاني عشر :

قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) (٣).

روى الحافظ أبو نعيم ، بإسناده إلى ابن عبّاس ، قال : نزلت في عليّ عليه‌السلام قال : والودّ : محبّته في قلوب المؤمنين.

وعن تفسير الثعلبي : عن البراء بن عازب ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : يا عليّ ، قل : اللهمّ اجعل لي عندك عهدا ، واجعل لي في صدور المؤمنين (٤) مودّة! فأنزل الله تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا). (٥)

__________________

(١) البقرة : ١٢٤.

(٢) مناقب ابن المغازلي : ٢٧٦ / الحديث ٣٢٢ ، وعنه في ينابيع المودّة ١ : ٢٨٨ / باب ٢٤.

(٣) مريم : ٩٦.

(٤) في «ش ١» : المسلمين.

(٥) تذكرة الخواص : ١٦ ـ ١٧ ، عن تفسير الثعلبي ، وانظر الغدير ٢ : ٥٥ ـ ٥٦.

ورواه ابن المغازلي في المناقب : ٣٢٧ / الحديث ٣٧٤ عن البراء ، وفي ص ٣٢٨ / الحديث ٣٧٥ عن ابن عبّاس ، وأخرجه محبّ الدين الطبري في ذخائر العقبى : ٨٩ عن ابن الحنفيّة ، وقال : أخرجه الحافظ السلفي.

وأخرجه القندوزي في ينابيع المودّة ٢ : ٣٦٠ / الباب ٥٨ عن جواهر العقدين ، و ٢ : ٤٥٦ / الباب ٥٩ عن الصواعق المحرقة.

ورواه الزمخشري في الكشاف ٣ : ٤٧ ذيل الآية ، والسيوطي في الدر المنثور ٤ : ٢٨٧ ذيل الآية ، وقال : وأخرج ابن مردويه والديلمي عن البراء قال ... الحديث. ثم قال : وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس ، قال :

١٢٥

ولم يثبت لغيره من الصحابة ذلك ، فيكون أفضل منهم ، فيكون هو الإمام.

البرهان الثالث عشر :

قوله تعالى : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) (١).

من كتاب الفردوس ، عن ابن عبّاس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا المنذر وعليّ الهادي ، وبك يا عليّ يهتدى المهتدون (٢) ونحوه رواه أبو نعيم. وهو صريح في ثبوت الولاية والإمامة.

البرهان الرابع عشر :

قوله تعالى : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) (٣).

__________________

نزلت في عليّ بن أبي طالب (إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودّا) ، قال : محبّة في قلوب المؤمنين.

(١) الرعد : ٧.

(٢) لم أقف عليه في الفردوس. وقد أخرجه عن الفردوس : القندوزي في ينابيع المودّة : ٢٤٦ ـ ٢٤٧ / الباب ٥٦ ، والسيوطي في الدر المنثور ٤ : ٤٥ ذيل الآية ، وقال : وأخرج ابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة والديلمي وابن عساكر وابن النجّار ، قال : ... الحديث.

وأخرجه كذلك عن ابن مردويه عن أبي برزة الأسلمي ، وعن ابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس ، وعن عبد الله بن أحمد في زوائد المسند ، وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والحاكم وصحّحه وابن مردويه وابن عساكر عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.

ورواه الحاكم في المستدرك ٣ : ١٢٩ ، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب : ٢٣٢ ـ ٢٣٣ / الباب ٦٢ ؛ وابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمّة : ١٢٣ / فصل «في ذكر مناقبه الحسنة» ، والحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ١ : ٣٨١ ـ ٣٩٥ / الأحاديث ٣٩٨ ـ ٤١٦ بأسانيد مختلفة ؛ عن ابن عباس ، وأبي هريرة ، وأبي برزة الأسلمي ، وعمر بن عبد الله بن يعلى بن مرّة ، وعلي بن أبي طالب عليه‌السلام ، والزرقاء الكوفيّة ، ومجاهد.

(٣) الصافات : ٢٤.

١٢٦

من طريق الحافظ أبي نعيم ، عن الشعبي ، (١) عن ابن عبّاس ، قال في قوله تعالى : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) ، قال : عن ولاية عليّ بن أبي طالب (٢) وكذا في كتاب الفردوس عن أبي سعيد الخدري عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣).

وإذا سئلوا عن الولاية ، وجب أن تكون ثابتة له ولم يثبت لغيره من الصحابة ذلك ، فيكون أفضل ، فيكون هو الإمام.

البرهان الخامس عشر :

قوله تعالى : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) (٤).

روى أبو نعيم الحافظ ، بإسناده عن أبي سعيد الخدري في قوله تعالى : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) قال : ببغضهم عليّا. (٥) ولم يثبت لغيره من الصحابة ذلك ، فيكون أفضل منهم ،

__________________

(١) في «ش ١» : الثعلبي.

(٢) ينابيع المودّة ١ : ٣٣٤ / الحديث ١٢ ، وأخرجه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ٢ : ١٦٢ و ١٦٣ /

الحديثان ٧٨٩ و ٧٩٠ عن ابن عباس ، ورواه عن أبي سعيد ومندل العنزي وأبي جعفر.

وأخرجه الكنجي الشافعي في كفاية الطالب : ٢٤٧ عن ابن جرير الطبري والخوارزمي في المناقب : ٢٧٥ / الحديث ٢٥٦ في تفسير الآية ، وابن حجر في الصواعق المحرقة : ١٤٩ / الباب ١١ ـ الفصل الأوّل.

(٣) عنه : ينابيع المودّة ١ : ٣٣٤ / الحديث ١١.

(٤) محمّد : ٣٠.

(٥) أخرجه ابن المغازلي في المناقب : ٣١٥ / الحديث ٣٥٩ ، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب : ٢٣٥ / الباب ٦٢ ، والسيوطي في الدر المنثور ٦ : ٦٦ عن أبي سعيد الخدري.

وقال السيوطي : عن ابن مسعود ، قال : ما كنّا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا ببغضهم عليّ بن أبي طالب. وأخرج الطبراني في معجمه الأوسط ٣ : ٧٦ / الحديث ٢١٤٧ بسنده عن جابر بن عبد الله ، قال : ما كنّا نعرف المنافقين إلّا ببغضهم عليّا (ر ض). وأخرج في ٣ : ٨٩ / الحديث ٢١٧٧ عن عمران بن الحصين أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّ : لا يحبّك إلّا مؤمن ولا يبغضك إلّا منافق.

وأخرج الديلمي في الفردوس ٥ : ٣١٩ ـ ٣٢٠ / الحديث ٨٣١٣ عن علي مرفوعا ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليهم‌السلام يا عليّ لا يبغضك من الرجال إلّا منافق ومن حملته أمّه وهي حائض ، ولا يبغضك

١٢٧

فيكون هو الإمام.

البرهان السادس عشر :

قوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (١).

روى أبو نعيم الحافظ ، عن ابن عبّاس ، قال في هذه الآية : سابق هذه الأمّة عليّ بن أبي طالب. (٢)

وروى الفقيه ابن المغازلي الشافعي عن مجاهد ، عن ابن عبّاس ، في قوله : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) قال : سبق يوشع بن نون إلى موسى ، (٣) و(صاحب يس) (٤) إلى عيسى ، وسبق عليّ إلى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٥).

__________________

من النساء إلّا السلقلق.

وأخرج في ٥ : ٣١٦ / الحديث ٨٣٠٣ عن معاوية بن حيدة مرفوعا : يا عليّ ما كنت أبالي من مات من أمّتي وهو يبغضك ، مات يهوديّا أو نصرانيّا.

وفي ٥ : ٣٣٠ / الحديث ٨٣٣٩ عن بهز بن حكيم مرفوعا كما في الحديث السابق باختلاف يسير. وأخرج المتقي الهندي في كنز العمال : ١١ / الحديث ٣٣٠٢٦ عن أم سلمة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعلي : لا يبغضك مؤمن ولا يحبّك منافق! وأخرجه بلفظ قريب في : ١١ / الحديث ٣٣٠٢٧.

(١) الواقعة : ١٠ و ١١.

(٢) شواهد التنزيل ٢ : ٢٩٦ / الحديث ٩٢٩.

(٣) في «ر» بزيادة : (وسبق موسى إلى فرعون). ولم ترد هذه الزيادة في مناقب ابن المغازلي ولا في باقي النسخ الخطيّة للمنهاج.

(٤) في «ش ١» و«ش ٢» : وسبق شمعون.

(٥) مناقب ابن المغازلي : ٣٢٠ / الحديث ٣٦٥. وأخرجه الخوارزمي في المناقب : ٥٥ / الحديث ٢٠ ، والحاكم الحسكاني في شواهده ٢ : ٢٩١ ـ ٢٩٤ / الأحاديث ٩٢٤ ـ ٩٢٧ ، والقندوزي في الينابيع ١ : ١٩٢ / الباب ١٢ ، و ١ : ٣٤٦ / الباب ٣٨ ، و ٣ : ٣٦٧ / الباب ٩٠.

وأخرجه الديلمي في الفردوس ٢ : ٤٢١ / الحديث ٣٨٦٦ عن علي بن داود بن بلال بن أجنحة مرفوعا : الصدّيقون ثلاثة : حبيب النجّار ، وحزقيل مؤمن آل فرعون ، وعليّ وهو أفضلهم.

١٢٨

وهذه الفضيلة لم تثبت لغيره من الصحابة ، فيكون هو الإمام.

البرهان السابع عشر :

قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ) (١) ... الآيات.

روى رزين بن معاوية في «الجمع بين الصحاح الستّة» أنّها نزلت في عليّ عليه‌السلام لمّا افتخر طلحة بن شيبة والعبّاس. (٢)

وهذه فضيلة لم تحصل لغيره من الصحابة ، فيكون أفضل ، فيكون هو الإمام.

البرهان الثامن عشر :

قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ) (٣) ... الآية.

من طريق الحافظ أبي نعيم ، إلى ابن عبّاس ، قال : إنّ الله حرّم كلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا بتقديم الصدقة ، وبخلوا أن يتصدّقوا قبل كلامه ، وتصدّق عليّ عليه‌السلام ، ولم يفعل ذلك أحد من المسلمين غيره! (٤)

__________________

(١) التوبة : ٢٠.

(٢) الجمع بين الصحاح الستة للعبدري ، وعنه : الصراط المستقيم ، ١ : ٢٣٣. وأخرجه الطبري في تفسيره ١٠ : ٦٨ ، والنيسابوري في أسباب النزول : ١٦٤ ، والفخر الرازي في التفسير الكبير ١٦ : ١٠ ، وابن الصبّاغ في الفصول المهمّة : ١٢٤ ـ ١٢٥ / الفصل الأوّل «في ذكر مناقبه الحسنة».

(٣) المجادلة : ١٢.

(٤) شواهد التنزيل ٢ : ٣٢٢ / الحديث ٩٦٤ بسنده عن ابن عباس. ورواه في ٢ : ٣١١ ـ ٣٢٤ / الاحاديث ٩٤٩ ـ ٩٦٣ ، والحديثان ٩٦٥ و ٩٦٦ عن مجاهد وعليّ عليه‌السلام وأبي أيّوب الأنصاري.

ورواه النيسابوري في أسباب النزول : ٢٧٦ ، والنسائي في الخصائص : ٣٩ ، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب : ١٣٥ ، والترمذي في صحيحه ٥ : ٣٠٣ / الحديث ٣٨١٠ ، والخوارزمي في مناقبه : ٢٧٧ / الحديث ٢٦١ ، وابن المغازلي في مناقبه : ٣٢٥ و ٣٢٦ / الحديثان ٣٧٢ و ٣٧٣ ، والسيوطي في الدر المنثور ٦ : ١٨٥.

١٢٩

ومن تفسير الثعلبي قال ابن عمر : كان لعليّ عليه‌السلام ثلاثة ، لو كانت لي واحدة منهنّ كانت أحبّ إليّ من حمر النّعم : تزويجه بفاطمة عليها‌السلام ، وإعطاؤه الراية يوم خيبر ، وآية النجوى. (١)

وروى رزين العبدري في «الجمع بين الصحاح الستّة» ، عن عليّ عليه‌السلام : ما عمل بهذه الآية غيري ، وبي خفّف الله تعالى عن هذه الأمّة. (٢) وهذا يدلّ على أفضليّته عليهم ، فيكون أحقّ بالإمامة.

البرهان التاسع عشر :

قوله تعالى : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا) (٣).

قال ابن عبد البرّ ـ وأخرجه أبو نعيم أيضا ـ قال : إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليلة أسري به جمع الله تعالى بينه وبين الأنبياء ، ثم قال له : سلهم يا محمّد على ما ذا بعثتم؟ فقالوا : بعثنا على شهادة أن

__________________

(١) الصراط المستقيم ١ : ١٨١ عن تفسير الثعلبي ، ورواه الزمخشري في الكشاف ٤ : ٤٩٤ ، ذيل آية المناجاة ، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب : ١٣٦ ـ ١٣٧ ، والبياضي العاملي في الصراط المستقيم ١ : ١٨٠ عن تفسير الثعلبي أيضا.

(٢) العمدة لابن البطريق : ١٨٦ / الحديث ٢٨٧ عن كتاب الجمع بين الصحاح الستة وقال ابن البطريق : اعلم أنّ في هذه الآية تنويها بذكر أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وإثباتا لكونها منقبة خاصّة له ، لأنّ الله سبحانه وتعالى قد جعل لكلّ مؤمن طريقا إلى العمل بهذه الآية إلّا الأقل لأنّه سبحانه وتعالى ما جعل للصدقة الّتي تقدّم بين يدي نجوى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله حدّا مقدّرا ، فيقال أنّه يعجز عنه الفقير ويتأتّى ذلك على الموسر ، وإنّما جعل ذلك بحسب الإمكان ، على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ، بحيث لو أراد أكثر أقارب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه العمل بذلك لقدروا عليه ولم يكن ذلك عليهم متعذّرا ، فترك الكلّ لاستعمال هذه الآية دليل على أنّه سبحانه وتعالى جعلها منقبة له خاصّة ليتميّز بها عن غيره ...

ثم قال : ويزيده بيانا وإيضاحا ، أنّ النّسخ لهذه الآية إنّما حصل عقيب فعل أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فحصوله عقيب فعله يدلّ على أنّها كانت لإظهار منقبته من قبل الله تعالى.

ويزيده أيضا بيانا أنّ أحدا لا يدّعيها لغيره عليه‌السلام من كافّة أهل السلام ، وحصول الإجماع عليها من أدلّ دليل أيضا.

(٣) الزخرف : ٤٥.

١٣٠

لا إله إلّا الله وعلى الإقرار بنبوّتك والولاية لعليّ بن أبي طالب (١).

وهذا تصريح بثبوت الإمامة لعليّ عليه‌السلام.

البرهان العشرون :

قوله تعالى : (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) (٢).

في تفسير الثعلبي : قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سالت الله عزوجل أن يجعلها أذنك يا عليّ (٣).

ومن طريق أبي نعيم ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عليّ ، إنّ الله عزوجل أمرني أن أدنيك وأعلّمك لتعي ، وأنزلت هذه الآية أذن واعية ، فأنت أذن واعية للعلم. (٤)

__________________

(١) أخرجه الحاكم الحسكاني في شواهده ٢ : ٢٢٢ ـ ٢٢٥ / الأحاديث ٨٥٥ ـ ٨٥٨ ، والخوارزمي في المناقب : ٣١٢ / الفصل ١٩ ـ الحديث ٣١٢ ، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب : ٧٥ / الباب ٥ ، وقال : رواه الحاكم في النوع الرابع والعشرين من معرفة علوم الحديث.

(٢) الحاقة : ١٢.

(٣) أخرجه الزمخشري في الكشّاف ٤ : ٦٠٠ ذيل الآية ، والخوارزمي في المناقب : ٢٨٢ ـ ٢٨٣ / الحديث ٢٧٧ ، والحاكم الحسكاني في شواهده ٢ : ٣٦١ / الحديث ١٠٠٧ ، و ٢ : ٣٦٥ / الحديث ١٠١١ ، و ٢ : ٣٦٨ ـ ٣٧١ / الأحاديث ١٠١٣ ـ ١٠١٩ ، و ٢ : ٣٧٦ ـ ٣٧٨ / الأحاديث ١٠٢٦ ـ ١٠٢٩ ، وابن المغازلي في المناقب : ٣١٨ ـ ٣١٩ / الحديث ٣٦٣ ، والسيوطي في الدر المنثور ٦ : ٢٦٠ ذيل الآية.

(٤) أخرجه الواحدي النيسابوري في أسباب النزول : ٢٩٤ ، وابن المغازلي في المناقب : ٣١٩ / الحديث ٣٦٤ ، والخوارزمي في المناقب : ٢٨٢ / الحديث ٢٧٦ ، والحاكم الحسكاني في شواهده ٢ : ٣٦٣ ـ ٣٦٤ / الأحاديث ١٠٠٨ ـ ١٠١٠ ، و ٢ : ٣٦٦ / الحديث ١٠١٢ ، و ٢ : ٣٧٢ ـ ٣٧٥ / الأحاديث ١٠٢٠ ـ ١٠٢٥ ، و ٢ : ٣٧٧ / الحديث ١٠٢٧ ، والطبري في تفسيره ٢٩ : ٣٥ ذيل الآية ، والسيوطي في الدر المنثور ٦ : ٢٦٠ ذيل الآية أخرجه عن ابن جرير وابن أبي حاتم والواحدي وابن مردويه وابن عساكر وابن النجّار عن بريدة ، وعن أبي نعيم في الحلية عن علي.

وأخرجه أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء ١ : ٦٧ ، وأخرجه الديلمي في الفردوس ٥ : ٣٢٩ / الحديث ٨٣٣٨ مرفوعا : يا علي ، إنّ الله أمرني أن أدنيك فأعلّمك التقى ، وأنزلت هذه الآية (وتعيها أذن واعية) ، فأنت أذن واعية لعلمي.

١٣١

وهذه الفضيلة لم تحصل لغيره ، فيكون هو الإمام.

البرهان الحادي والعشرون :

سورة (هَلْ أَتى).

في تفسير الثعلبي ، من طرق مختلفة ، قال : مرض الحسن والحسين عليه‌السلام ، فعادهما جدّهما (١) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعامّة العرب ، فقالوا له : يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك! فنذر صوم ثلاثة أيّام ، وكذا نذرت أمّهما فاطمة عليها‌السلام وجاريتهم فضّة ، فبرءا وليس عند آل محمّد قليل ولا كثير ، فاستقرض عليّ عليه‌السلام ثلاثة أصوع من شعير ، فقامت فاطمة عليه‌السلام إلى صاع فطحنته واختبزت منه خمسة أقراص ، لكلّ واحد منهم قرصا ، وصلّى عليّ عليه‌السلام مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المغرب ، ثم أتى المنزل ، فوضع الطعام بين يديه ، إذ أتاهم مسكين ، فوقف بالباب ، فقال : السلام عليكم أهل بيت محمّد ، مسكين من مساكين المسلمين ، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة! فسمعه عليّ عليه‌السلام فأمر بإعطائه ، فأعطوه الطعام ومكثوا يومهم وليلهم لم يذوقوا شيئا إلّا الماء القراح.

فلمّا أن كان اليوم الثاني ، قامت فاطمة عليها‌السلام فاختبزت (٢) صاعا ، وصلّى عليّ عليه‌السلام مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمّ أتى المنزل ، فوضع الطعام بين يديه ، فأتاهم يتيم ، فوقف بالباب ، وقال : السلام عليكم أهل بيت محمد ، يتيم من أولاد المهاجرين استشهد والدي يوم العقبة ؛ أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة! فسمعه عليّ عليه‌السلام فأمر بإعطائه ، فأعطوه الطعام ، ومكثوا يومين وليلتين لم يذوقوا شيئا إلّا الماء القراح.

فلمّا كان اليوم الثالث قامت فاطمة عليها‌السلام إلى الصاع الثالث فطحنته واختبزته ، وصلّى عليّ عليه‌السلام مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم أتى المنزل ، فوضع الطعام بين يديه ، إذ أتاهم أسير فوقف بالباب ،

__________________

(١) ليس في «ش ١».

(٢) في «ش ٢» : فخبزت.

١٣٢

فقال : السلام عليكم أهل بيت محمّد ، تأسروننا وتشدّوننا ولا تطعمونا؟ أطعموني فإنّي أسير محمّد ، أطعمكم الله على (١) موائد الجنّة! فسمعه عليّ عليه‌السلام فأمر بإعطائه ، فأعطوه الطعام ، ومكثوا ثلاثة أيام ولياليها لم يذوقوا شيئا إلّا الماء القراح.

فلمّا كان اليوم الرابع ـ وقد وفوا نذرهم (٢) ـ أخذ علي عليه‌السلام الحسن بيده اليمنى والحسين بيده اليسرى وأقبل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع ، فلمّا بصر به النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : يا أبا الحسن ، ما أشد ما يسوؤني ما أرى بكم ، انطلق بنا إلى منزل (٣) ابنتي فاطمة ، فانطلقوا إليها (٤) وهي في محرابها قد لصق ظهرها ببطنها من شدّة الجوع وغارت عيناها ، فلمّا رآها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : وا غوثاه بالله أهل بيت محمّد يموتون جوعا.

فهبط جبرئيل عليه‌السلام على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : يا محمّد ، خذ ما هنّاك الله في أهل بيتك ، قال : وما آخذ يا جبرئيل؟ فأقرأه (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) (٥).

وهي تدلّ على فضائل جمّة لم (يسبق إليها) (٦) أحد ولا يلحقه أحد ، فيكون أفضل من غيره ، فيكون هو الإمام.

البرهان الثاني والعشرون :

قوله تعالى : (الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) (٧).

__________________

(١) في «ش ١» و«ش ٢» : من.

(٢) في «ش ١» و«ش ٢» : نذورهم.

(٣) في «ر» فقط.

(٤) في «ر» فقط.

(٥) الإنسان : ١.

(٦) في «ش ١» و«ش ٢» : يسبقه بها.

(٧) الزمر : ٣٣.

١٣٣

من طريق أبي نعيم ، عن مجاهد ، في قوله تعالى : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) : محمّد وصدّق به قال : عليّ بن أبي طالب. (١)

ومن طريق الفقيه الشافعي ، عن مجاهد ، في قوله تعالى : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) قال : جاء به محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وصدّق به عليّ عليه‌السلام (٢). وهذه فضيلة اختصّ بها عليه‌السلام ، فيكون هو الإمام.

البرهان الثالث والعشرون :

قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) (٣).

من طريق أبي نعيم ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مكتوب على العرش «لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، محمّد عبدي ورسولي أيّدته بعليّ بن أبي طالب» ، وذلك قوله تعالى في كتابه : (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) ، يعني عليّ بن أبي طالب (٤) وهذه

__________________

(١) أخرجه ابن المغازلي فى المناقب : ٢٦٩ ـ ٢٧٠ / الحديث ٣١٧ ، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب : ٢٣٣ / الباب ٦٢ ، وقال : هكذا ذكره ابن عساكر في تاريخه ، ورواه عن جماعة من أهل التفسير بطرقه ، والسيوطي في الدر المنثور ٥ : ٣٢٨ ذيل الآية عن ابن مردويه عن أبي هريرة.

(٢) مناقب ابن المغازلي ٢٦٩ ـ ٢٧٠ / الحديث ٣١٧.

(٣) الأنفال : ٦٢.

(٤) رواه أبو نعيم في «ما انزل من القرآن في علي» كما في «النور المشتعل من كتاب ما نزل من القرآن في علي» : ٨٩ / الحديث ١٧.

وأخرجه الحاكم الحسكاني في شواهده ١ : ٢٩٢ / الحديث ٢٩٩ عن أبي هريرة ، وفي ١ : ٢٩٤ / الحديث ٣٠١ عن أنس باختلاف ، وفي ١ : ٢٩٥ ـ ٢٩٦ / الحديث ٣٠٢ عن جابر بلفظ قريب ، وفي ١ : ٢٩٧ ـ ٢٩٨ / الحديثان ٣٠٣ و ٣٠٤ عن أبي الحمراء بلفظ قريب.

وأخرجه الكنجي الشافعي في الكفاية : ٢٣٤ / الباب ٦٢ عن أبي هريرة ، وقال : ذكره ابن جرير في تفسيره وابن عساكر في تاريخه.

ورواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى : ٦٩ عن أبي الخمسين ، وقال : خرّجه الملّا في سيرته.

ورواه السيوطي في الدر المنثور ٣ : ١٩٩ عن ابن عساكر ، ورواه القندوزي في الينابيع ١ : ٢٧٩ ـ ٢٨٠ / الحديث

١٣٤

من أعظم الفضائل التي لم تحصل لغيره ، فيكون هو الإمام.

البرهان الرابع والعشرون :

قوله تعالى : (أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (١)

من طريق أبي نعيم ، قال : نزلت في عليّ بن أبي طالب (٢)

وهذه فضيلة لم تحصل لأحد من الصحابة غيره ، فيكون هو الإمام.

البرهان الخامس والعشرون :

قوله تعالى : (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) (٣).

قال الثعلبي : إنّها نزلت في عليّ عليه‌السلام (٤). وهذا يدلّ على أنّه أفضل ، فيكون هو الإمام.

__________________

٣ عن أبي نعيم الحافظ بسنده عن أبي هريرة وابن عباس ، وفي ١ : ٢٨٢ / الحديث ٤ عن كتاب الشفاء بسنده عن أبي الحمراء.

(١) الأنفال : ٦٤.

(٢) رواه أبو نعيم في «ما نزل من القرآن في علي» كما في «النور المشتعل» : ٩٢ / ٧ الحديثان ١٨ و ١٩ ، ورواه البياضي العاملي في الصراط المستقيم ١ : ٢٩٤ عن أبي نعيم الحافظ. وأخرجه الحاكم الحسكاني في شواهده ١ : ٣٠١ / الحديثان ٣٠٥ و ٣٠٦.

(٣) المائدة : ٥٤.

(٤) تفسير الثعلبي ، وعنه : تفسير البرهان للبحراني ١ : ٤٧٩ / الحديث ٧ ذيل الآية ، والعمدة لابن البطريق : ١٥٨ في حديث الراية بعد نقله روايات كثيرة من الصحاح عن فتح خيبر. ثمّ قال ابن البطريق : اعلم أنّ إعطاء الراية لأمير المؤمنين عليه‌السلام في يوم خيبر كان غاية في التبجيل له ، ونهاية في التعظيم ، لأنّه أبان عن أشياء توجب ذلك ، والتنزيه عن أشياء توجب ضدّ ذلك ؛ فما يوجب المدح والتعظيم والتبجيل فهو محبّة الله تعالى ومحبّة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله المذكورين في لفظ هذه الأخبار الصحاح ، ولم يجب له ذلك إلّا من حيث الجدّ في الإقدام ، والإخلاص في الجهاد ، يدلّ على ذلك قوله سبحانه وتعالى (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ

١٣٥

البرهان السادس والعشرون :

قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ) (١)

(روى أحمد بن حنبل ، بإسناده إلى ابن أبي ليلى عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الصّدّيقون) (٢) ثلاثة : حبيب بن موسى النّجار مؤمن آل يس ، الذي قال (يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) (٣) ، وحزقيل مؤمن آل فرعون ، الذي قال (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ) (٤) ، وعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام الثالث ، وهو أفضلهم.

ونحوه رواه الفقيه ابن المغازلي الشافعي ، وصاحب كتاب «الفردوس» (٥).

__________________

فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).

وما وصفه الله سبحانه وتعالى بالفوز العظيم ، فليس بعده ملتمس مطلوب.

ثمّ وكّد سبحانه وتعالى ذلك بقوله (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) ، فأبان محبته تعالى بما ذا تحصل.

ثمّ أبان سبحانه وتعالى محبّته لهم ومحبّتهم له بما ذا تكون ، فقال تعالى مبيّنا لذلك (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ).

ثمّ كشف عن حقيقة حال من يحبّ الله تعالى ، ومن يحبّه الله تعالى ، بقوله في تمام الآية (يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) وهذه الآية بعينها في أمير المؤمنين عليه‌السلام خاصّة ، ذكرها الثعلبي في تفسيره كذلك.

(١) الحديد : ١٩.

(٢) العبارة بين الأقواس ساقطة من «ش ١».

(٣) يس : ٢٠.

(٤) غافر : ٢٨.

(٥) ذخائر العقبى : ٥٦ عن المناقب لأحمد ، وشرح النهج لابن أبي الحديد ٢ : ٤٣١. وأخرجه ابن المغازلي في المناقب : ٢٤٥ ـ ٢٤٧ / الحديثان ٢٩٣ و ٢٩٤ ، والديلمي في الفردوس ٢ : ٤٢١ / الحديث ٣٨٦٦ بسنده عن علي بن داود بن بلال بن أجنحة مرفوعا ، والحاكم الحسكاني في شواهده ١ : ٣٠٦ ـ ٣٠٧ / الأحاديث ٩٣٩ ـ ٩٤٢ ، وفي ١ : ٣٠٣ ـ ٣٠٤ / الحديث ٩٣٨ مثله باختصار في اللفظ.

ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق ترجمة الإمام علي عليه‌السلام ١ : ٩١ ـ ٩٢ / الحديث ١٢٦ ، والخوارزمي في المناقب :

١٣٦

وهذه فضيلة تدلّ على إمامته.

البرهان السابع والعشرون :

قوله تعالى : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً) (١).

من طريق أبي نعيم الحافظ ، بإسناده إلى ابن عبّاس ، قال : نزلت في عليّ عليه‌السلام ، كان معه أربعة دراهم ، فأنفق بالليل درهما ، وبالنهار درهما ، وفي السرّ درهما ، وفي العلانية درهما وكذا رواه الثعلبي في تفسيره. (٢)

ولم يحصل لغير عليّ عليه‌السلام ذلك ، فيكون أفضل ، فيكون هو الإمام.

البرهان الثامن والعشرون :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)

ما رواه أحمد بن حنبل ، عن ابن عبّاس ، قال : ليس من آية في القرآن (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) إلّا وعليّ رأسها وأميرها وشريفها وسيّدها ، ولقد عاتب الله عزوجل أصحاب

__________________

٣١٠ / الحديث ٣٠٧ كما في رواية الحسكاني الأخيرة.

وأخرجه السيوطي في الدر المنثور ٥ : ٢٦٢ ذيل الآية ٢٠ من سورة يس عن أبي داود وأبي نعيم وابن عساكر والديلمي. كما أخرج قريبا منه عن البخاري في تاريخه عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الصدّيقون ثلاثة ؛ حزقيل مؤمن آل فرعون وحبيب النجّار صاحب آل يس وعليّ بن أبي طالب.

(١) البقرة : ٢٧٤.

(٢) رواه أبو نعيم الحافظ في «ما أنزل من القرآن في علي» كما في «النور المشتعل» : ٤٣ ـ ٤٤ / الحديث ٢.

وأخرجه الواحدي النيسابوري في أسباب النزول : ٥٨ ، وسبط ابن الجوزي في التذكرة : ١٣ ـ ١٤ ، والخوارزمي في المناقب : ٢٨١ / الحديث ٢٧٥ ، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب : ٢٣٢ / الباب ٦٢ ، وابن المغازلي في المناقب : ٢٨٠ / الحديث ٣٢٥ ، والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى : ٨٨ ، والحاكم الحسكاني في شواهده ١ : ١٤٠ ـ ١٤٩ / الأحاديث ١٥٥ ـ ١٦٣ عن ابن عباس بطرق متعدّدة ، والسيوطي في الدر المنثور ١ : ٣٦٣ ، ذيل الآية عن عبد الرزاق وعبد حميد وابن جرير وابن منذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن عساكر.

١٣٧

محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في القرآن وما ذكر عليّا إلّا بخير (١).

وهذا يدلّ على أنّه أفضل ، فيكون هو الإمام.

البرهان التاسع والعشرون :

قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (٢).

من صحيح البخاري ، عن كعب بن عجرة ، قال : سألنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلنا : يا رسول الله ، كيف الصلاة عليكم أهل البيت ، فإنّ الله قد علّمنا كيف نسلّم؟ قال : قولوا : اللهمّ صلّ على محمّد وعلى (٣) آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد. (٤)

ومن صحيح مسلم ، قلنا : يا رسول الله ، أمّا السلام عليك فقد عرفناه ، فكيف الصلاة

__________________

(١) ذخائر العقبى : ٨٩ ، عن المناقب لأحمد ، وأخرجه الخوارزمي في المناقب : ٢٦٦ ـ ٢٦٧ / الفصل ١٧ ـ الحديث ٢٤٩ ، وأبو نعيم الحافظ في الحلية ١ : ٦٤ ، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب : ١٣٩ ـ ١٤٠ بطريقين عن ابن عباس ، وقال : هكذا رواه النجار ، وقع إلينا عاليا من هذا الطريق بحمد الله.

ورواه الطبراني في معجمه الكبير : ١١ / الحديث ١١٦٨٧ ، والحاكم الحسكاني في شواهده ١ : ٣٠ / الحديث ١٣ عن عكرمة عن ابن عباس. ثم قال : قال عكرمة : إنّي لأعلم أنّ لعليّ منقبة لو حدّثت بها لنفدت أقطار السماوات والأرض. أو قال : الأرض. وأخرجه سبط ابن الجوزي في التذكرة بعد نقله أبيات حسّان بن ثابت التي يقول فيها :

من ذا بخاتمه تصدّق راكعا

وأسرّها في نفسه إسرارا

من كان بات على فراش محمّد

ومحمّد أسرى يؤم الغارا

من كان في القرآن سمّي مؤمنا

في تسع آيات تلين غزارا

وقال : أشار إلى قول ابن عباس : ما أنزل الله آية في القرآن إلّا عليّ أميرها ورأسها. كما أخرجه السيوطي في تاريخ الخلفاء : ١٧١ عن الطبراني وابن أبي حاتم ، وأخرجه في الدّرّ المنثور ١ : ١٠٤ عن أبي نعيم في الحلية.

(٢) الأحزاب : ٥٦.

(٣) في «ر» فقط.

(٤) صحيح البخاري ٦ : ١٥١ / كتاب التفسير ـ سورة الأحزاب ، بسنده عن كعب بن عجرة ، ورواه بلفظ قريب عن أبي سعيد الخدري.

١٣٨

عليك؟ فقال : قولوا : اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم. (١)

ولا شكّ في (٢) أنّ عليّا أفضل آل محمّد ، فيكون أولى بالإمامة.

البرهان الثلاثون :

قوله تعالى : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ) (٣).

من تفسير الثعلبي وطريق أبي نعيم ، عن ابن عبّاس ، في قوله تعالى : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ) قال : عليّ وفاطمة ، (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ) (٤) النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) (٥) الحسن والحسين عليهما‌السلام (٦).

ولم يحصل لغيره من الصحابة هذه الفضيلة ، فيكون أولى بالإمامة.

البرهان الحادي والثلاثون :

قوله تعالى : (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) (٧).

من طريق الحافظ أبي نعيم ، عن ابن الحنفيّة ، قال : هو عليّ بن أبى طالب عليه‌السلام (٨)

__________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ١٦ / كتاب الصلاة ـ باب الصلاة على النبيّ ، ورواه في نفس الصفحة بلفظ قريب عن أبي مسعود الأنصاري.

(٢) في «ر» فقط.

(٣) الرحمن : ١٩.

(٤) الرحمن : ٢٠.

(٥) الرحمن : ٢٢.

(٦) ينابيع المودّة ١ : ٣٥٤ ، عن تفسير الثعلبي ، وأخرجه ابن المغازلي في المناقب : ٣٣٩ / الحديث ٣٩٠ ، وابن الصبّاغ في مقدّمة الفصول المهمة : ٢٨ ، والسيوطى في الدر المنثور ٦ : ١٤٢ ـ ١٤٣ ذيل الآية عن ابن مردويه عن ابن عباس ، وأخرجه كذلك عن ابن مردويه عن أنس مختصرا.

وأخرجه الحاكم الحسكاني في شواهده ٢ : ٢٨٤ ـ ٢٨٩ / الأحاديث ٩١٨ ، ٩١٩ ، ٩٢٠ ، ٩٢١ و ٩٢٣ بألفاظ مختلفة ، عن الضحّاك وسلمان وابن عباس وأبي ذر والإمامين الصادق والرضا عليهما‌السلام.

(٧) الرعد : ٤٣.

(٨) رواه أبو نعيم في «ما أنزل من القرآن في علي» كما في «النور المشتعل من كتاب ما نزل من القرآن في علي» : ١٢٥ ،

١٣٩

وفي تفسير الثعلبي عن عبد الله بن سلام ، قلت : من هذا الذي عنده علم الكتاب؟ فقال : إنّما ذلك عليّ بن أبي طالب. (١)

وهذا يدلّ أنّه أفضل ، فيكون هو الإمام.

البرهان الثاني والثلاثون :

قوله تعالى : (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) (٢).

روى أبو نعيم مرفوعا إلى ابن عبّاس ، قال : أول من يكسى من حلل الجنّة إبراهيم عليه‌السلام لخلّته من الله ، ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنّه صفوة الله ، ثمّ عليّ يزفّ بينهما إلى الجنان. ثم قرأ ابن عبّاس (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) ، قال : عليّ وأصحابه. (٣)

__________________

ورواه الحاكم الحسكاني في شواهده ١ : ٤٠١ / الحديث ٤٢٤ ، والقندوزي في ينابيع المودّة ١ : ٣٠٧ / الحديث ٨.

(١) أخرجه عن الثعلبي ، السيّد البحراني في غاية المرام : ٣٥٧ / الحديث ٢ ، والقندوزي في الينابيع ١ : ٣٠٥ / الحديث ٢.

وأخرجه الحاكم الحسكاني في شواهده ١ : ٤٠٠ ـ ٤٠٥ / الأحاديث ٤٢٢ و ٤٢٣ و ٤٢٥ عن أبي سعيد وابن

عباس وعبد الله بن عطاء.

والقندوزي في ينابيع المودّة ١ : ٣٠٥ / الحديث ١ عن عبد الله بن عطاء ، والحديث ٣ عن الباقر عليه‌السلام ، والحديث ٧ عن أبي سعيد الخدري ، والحديث ١٢ عن محمد بن الحنفية والحديث ١٣ عن قيس بن سعد بن عبادة. وأخرج في أحاديث أخر أنّ المعنيّ به الأئمة عليهم‌السلام.

وأخرج السيوطي في الدرّ المنثور ٤ : ٦٩ عن سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنّحّاس في «ناسخه» عن سعيد بن جبير أنّه سئل عن قوله : (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) أهو عبد الله بن سلام؟ قال : وكيف؟ وهذه السورة مكّيّة؟!! وأخرجه أيضا القندوزي في الينابيع ١ : ٣٠٨ / الحديث ١٠ وفيه : قال : لا ، وكيف وهذه السورة مكّيّة ، وعبد الله بن سلام أسلم في المدينة بعد الهجرة؟!

(٢) التحريم : ٨.

(٣) أخرجه أبو نعيم في «ما نزل من القرآن في علي» كما في «النور المشتعل» : ٢٦٢ ـ ٢٦٣ / الحديث ٧٢. وأخرجه

١٤٠