وسائل الشيعة - ج ٢٧

محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]

وسائل الشيعة - ج ٢٧

المؤلف:

محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5503-27-2
ISBN الدورة:
964-5503-00-0

الصفحات: ٤٢٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

من أظهر ولاية ولاة الأمر ، وطلب علومهم. وذلك أنّهم ضربوا القرآن بعضه ببعض ، واحتجوا بالمنسوخ ، وهم يظنّون أنّه الناسخ ، واحتجّوا بالخاص ، وهم يقدّرون أنّه العام ، واحتجّوا بأوَّل الآية ، وتركوا السنّة في تأويلها ، ولم ينظروا الى ما يفتح الكلام ، وإلى ما يختمه ، ولم يعرفوا موارده ومصادره ، إذ لم يأخذوه عن أهله ، فضلّوا ، وأضلّوا. ثمَّ ذكر ( عليه السلام ) كلاماً طويلاً في تقسيم القرآن إلى أقسام وفنون ووجوه ، تزيد على مائة وعشرة ـ إلى أن قال ( عليه السلام ) : ـ وهذا دليل واضح على أنَّ كلام الباري سبحانه لا يشبه كلام الخلق ، كما لا تشبه أفعاله أفعالهم. ولهذه العلّة وأشباهها لا يبلغ أحد كنه معنى حقيقة تفسير كتاب الله تعالى ، إلاّ نبيّه وأوصياؤه ( عليهم السلام ) ـ إلى أن قال : ـ ثمَّ سألوه ( عليه السلام ) عن تفسير المحكم من كتاب الله ، فقال : أمّا المحكم الّذي لم ينسخه شيء فقوله عزَّ وجلَّ : ( هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ) (٢) الآية. وإنّما هلك الناس في المتشابه ، لأنّهم لم يقفوا على معناه ، ولم يعرفوا حقيقته ، فوضعوا له تأويلاً من عند أنفسهم بآرائهم ، واستغنوا بذلك عن مسألة الأوصياء ، ونبذوا قول رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) وراء ظهروهم. الحديث.

[ ٣٣٥٩٤ ] ٦٣ ـ الحسن بن عليّ العسكري ( عليه السلام ) في ( تفسيره ) بعد كلام طويل في فضل القرآن قال : أتدرون من المتمسّك به ، الّذي له بتمسّكه (١) هذا الشرف العظيم ؟ هو الّذي أخذ القرآن وتأويله عنّا أهل البيت ، عن وسائطنا السفراء عنّا إلى شيعتنا ، لا عن آراء المجادلين وقياس الفاسقين (٢) ، فأمّا من قال في القرآن برأيه ، فإن اتّفق له مصادفة صواب

__________________

(٢) آل عمران ٣ : ٧.

٦٣ ـ تفسير الامام العسكري ( عليه السلام ) : ٤.

(١) في المصدر زيادة : ينال.

(٢) في المصدر : القائسين.

٢٠١

فقد جهل في أخذه عن غير أهله ، وكان كمن سلك [ طريقاً ](٣) مسبعا من غير حفاظ يحفظونه ، فإن اتّفقت له السلامة ، فهو ( لا يعدم من العقلاء الذم والتوبيخ ) (٤) ، وإن اتّفق له (٥) افتراس السبع ، فقد جمع إلى هلاكه سقوطه عند الخيّرين الفاضلين ، وعند العوام الجاهلين ، وإن أخطأ القائل في القرآن برأيه فقد تبوأ مقعده من النار ، وكان مثله مثل من ركب بحراً هائجاً بلا ملاّح ، ولا سفينة صحيحة ، لا يسمع بهلاكه أحد إلاّ قال : هو أهل لما لحقه ، ومستحقّ لما أصابه. الحديث.

[ ٣٣٥٩٥ ] ٦٤ ـ فرات بن إبراهيم في ( تفسيره ) عن الحسين بن سعيد ، بإسناده عن سعد بن طريف ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ـ في حديث كلامه مع عمرو بن عبيد ـ قال : وأما قوله : ( وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ ) (١) فإنّما على الناس أن يقرؤوا القرآن كما اُنزل ، فإذا احتاجوا إلى تفسيره ، فالاهتداء بنا وإلينا يا عمرو !.

[ ٣٣٥٩٦ ] ٦٥ ـ العيّاشي في ( تفسيره ) عن عبد الرحمن السلمي : أنّ عليّاً ( عليه السلام ) مرّ على قاضٍ ، فقال : أتعرف الناسخ من المنسوخ ؟ قال : لا ، فقال : هلكت وأهلكت تأويل كلّ حرف من القرآن على وجوه.

[ ٣٣٥٩٧ ] ٦٦ ـ وعن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : من فسّر القرآن برأيه ، إن أصاب لم يوجر ، وإن أخطأ خرّ (١) أبعد من السماء.

__________________

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) في المصدر : لا يعد من العقلاء والفضلاء ولا يعدم الذم والعدل والتوبيخ.

(٥) في المصدر : عليه.

٦٤ ـ تفسير فرات الكوفي : ٩١.

(١) طه ٢٠ : ٨١.

٦٥ ـ تفسير العياشي ١ : ١٢ / ٩.

٦٦ ـ تفسير العياشي ١ : ١٧ / ٤.

(١) في المصدر : فهوى.

٢٠٢

[ ٣٣٥٩٨ ] ٦٧ ـ وعن عمّار بن موسى ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : سئل عن الحكومة ، فقال : من حكم برأيه بين اثنين فقد كفر ، ومن فسّر (١) آية من كتاب الله فقد كفر.

[ ٣٣٥٩٩ ] ٦٨ ـ وعن أبي الجارود ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : ما علمتم فقولوا ، وما لم تعلموا فقولوا : الله أعلم ، فإنَّ الرجل ينتزع الآية ، فيخرّ فيها (١) أبعد ما بين السماء والأرض.

[ ٣٣٦٠٠ ] ٦٩ ـ وعن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : ليس شيء أبعد من عقول الرجال عن القرآن.

[ ٣٣٦٠١ ] ٧٠ ـ وعن يعقوب بن يزيد ، عن ياسر ، عن الرضا ( عليه السلام ) ، قال : المراء في كتاب الله كفر.

[ ٣٣٦٠٢ ] ٧١ ـ وعن زرارة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : إيّاكم والخصومة ، فإنّها تحبط العمل ، وتمحق الدين ، إنَّ أحدكم لينزع بالآية : فيخرّ (١) فيها أبعد من السماء.

[ ٣٣٦٠٣ ] ٧٢ ـ وعنه ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : نزل القرآن ناسخاً ومنسوخاً.

[ ٣٣٦٠٤ ] ٧٣ ـ وعنه عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : ليس شيء

__________________

٦٧ ـ تفسير العياشي ١ : ١٨ / ٦.

(١) في المصدر زيادة : [ برأيه ].

٦٨ ـ تفسير العياشي ١ : ١٧ / ٣.

(١) في المصدر : بها.

٦٩ ـ تفسير العياشي ١ : ١٧ / ٥.

٧٠ ـ تفسير العياشي ١ : ١٨ / ٣.

٧١ ـ تفسير العياشي ١ : ١٨ / ١.

(١) في المصدر : يقع.

٧٢ ـ تفسير العياشي ١ : ١١ / ٣.

٧٣ ـ تفسير العياشي ١ : ١٢ / ٨.

٢٠٣

أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن ، إنَّ الآية ينزل أوَّلها في شيء ، ( وأوسطها في شيء ) (١) ، وآخرها في شيء.

[ ٣٣٦٠٥ ] ٧٤ ـ وعن جابر قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : يا جابر ! إنَّ للقرآن بطناً وللبطن ظهراً ، وليس شيء أبعد من عقول الرجال منه ، إنَّ الآية لينزل أوَّلها في شيء وأوسطها في شيء ، وآخرها في شيء ، وهو ( كلام متصرّف ) (١) على وجوه.

[ ٣٣٦٠٦ ] ٧٥ ـ وعن السكوني ، عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه ، عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، أنّه قال : إنَّ منكم (١) من يقاتل على تأويل القرآن ، كما قاتلت على تنزيله ، وهو عليُّ بن أبي طالب.

[ ٣٣٦٠٧ ] ٧٦ ـ الطبرسيُّ في ( مجمع البيان ) عن ابن عبّاس ، عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، قال : من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار.

[ ٣٣٦٠٨ ] ٧٧ ـ قال : وصحّ عن النبي ( صلّى الله عليه وآله ) من رواية العامّ والخاصّ ، أنّه قال : إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض.

[ ٣٣٦٠٩ ] ٧٨ ـ قال : وصحَّ عن النبي ( صلّى الله عليه وآله ) والأئمّة ( عليهم السلام ) : أنَّ تفسير القرآن لا يجوز إلاّ بالأثر الصحيح ، والنصِّ الصريح.

__________________

(١) ليس في المصدر.

٧٤ ـ تفسير العياشي ١ : ١١ / ٢.

(١) في المصدر : كلام متصل يتصرف.

٧٥ ـ تفسير العياشي ١ : ١٥ / ٦.

(١) في المصدر : فيكم.

٧٦ ـ مجمع البيان ١ : ٩.

٧٧ ـ مجمع البيان ١ : ٩.

٧٨ ـ مجمع البيان ١ : ١٣.

٢٠٤

[ ٣٣٦١٠ ] ٧٩ ـ قال : وروى العامّة عن النبي ( صلّى الله عليه وآله ) قال : من فسّر القرآن برأيه ، فأصاب الحقّ ، فقد أخطأ.

[ ٣٣٦١١ ] ٨٠ ـ عليُّ بن إبراهيم في ( تفسيره ) عن أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في قول الله : ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ ) (١) قال : الليل في هذا الموضع هو الثاني ، غشى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في دولته ـ إلى أن قال : ـ والقرآن ضرب فيه الأمثال للناس ، وخاطب نبيّه ( صلّى الله عليه وآله ) به ، ونحن نعلمه ، فليس يعلمه غيرنا.

أقول : وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك (٢) ، ويأتي ما يدلُّ عليه (٣) ، والأحاديث في ذلك كثيرة جدّاً ، وكذا أحاديث الأبواب السابقة ، وإنّما اقتصرت على ما ذكرت لتجاوزه حدّ التواتر.

[ ٣٣٦١٢ ] ٨١ ـ وأمّا ما روي : أنَّ الله لا يخاطب الخلق بما لا يعلمون ، فوجهه : أنّ المخاطب بالقرآن أهل العصمة ( عليهم السلام ) ، وهم يعلمونه ، أو جميع المكلّفين فاذا علم معناه بعضهم فهو كافٍ.

وأمّا العرض على القرآن فالعمل حينئذ بالكتاب والسنّة معاً ، ولا يدلُّ على العمل بالظاهر في غير تلك الصورة ، وهو ظاهر ، والقياس باطل.

وتقدَّم فيه وجه آخر في الجمع بين الأحاديث (١).

[ ٣٣٦١٣ ] ٨٢ ـ وقد تقدَّم في القصر : أنَّ من أتمَّ في السفر ، فإن كانت

__________________

٧٩ ـ مجمع البيان ١ : ١٣.

٨٠ ـ تفسير القمي ٢ : ٤٢٥.

(١) الليل ٩٢ : ١.

(٢) تقدم في الابواب ٦ ـ ١٢ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في الحديث ١ من الباب ١٤ من هذه الأبواب.

٨١ ـ انظر : الكافي ١ / ٩٤ ذيل الحديث ٢.

(١) تقدم في ذيل الحديث ٢٨ من الباب ١٢ من هذه الأبواب.

٨٢ ـ تقدم في الحديث ٤ من الباب ١٧ من أبواب صلاة المسافر.

٢٠٥

قرئت عليه آية التقصير ، وفسّرت له أعاد. وأمّا ما روي في بعض الأخبار من قولهم ( عليهم السلام ) : أما سمعت قوله تعالى ؟ ونحو ذلك ، فوجهه : أنّ من سمع آية ، ظاهرها دالّ على حكم نظري ، لم يجز له الجزم بخلافها ، لاحتمال إرادة ظاهرها ، فالإِنكار هناك لأجل هذا ، وإن كان لا يجوز الجزم بارادة الظاهر أيضاً ، لاحتمال النسخ والتخصيص والتأويل وغير ذلك ، بل إن كانت موافقة للاحتياط فذاك ، وإلاّ تعين الاحتياط لاشتباه الحكم. على أنَّ ما يتخيل معارضته هنا ظاهر ظنّي الدلالة ، لا يعارض النصّ المتواتر القطعيَّ الدلالة مع احتمال الجميع ، للتقيّة وإرادة إلزام المخاطب بما يعتقد حجّيته ، وأمّا الآية التي ورد تفسيرها عنهم ( عليهم السلام ) ، أو استدلالهم بها ، أو وافقت الأحاديث الثابتة ، فلا إشكال في العمل بها ، والله الموفّق.

١٤ ـ باب عدم جواز استنباط الأحكام النظرية من ظواهر كلام النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، المروي عن غير جهة الأئمّة ( عليهم السلام ) ما لم يعلم تفسيره منهم

[ ٤٤٦١٤ ] ١ ـ محمّد بن يعقوب ، عن عليِّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سليم بن قيس الهلالي ، قال : قلت لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) : إنّي سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذرّ شيئاً من تفسير القرآن ، وأحاديث عن نبيّ الله ( صلّى الله عليه وآله ) غير ما في أيدي النّاس ، ثمَّ سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ، وأحاديث عن نبيِّ الله ( صلّى الله عليه وآله ) أنتم تخالفونهم فيها ، وتزعمون أنَّ ذلك كلّه باطل ، أفترىٰ الناس يكذبون على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) متعمّدين ، ويفسّرون القرآن بآرائهم ؟ قال : فأقبل عليّ

__________________

الباب ١٤

فيه ٤ أحاديث

١ ـ الكافي ١ : ٥٠ / ١.

٢٠٦

ثمَّ قال : قد سألت فافهم الجواب : أنَّ في أيدي الناس حقّاً وباطلاً ، وصدقاً وكذباً ، وناسخاً ومنسوخاً ، وعامّاً وخاصّاً ، ومحكماً ومتشابهاً ، وحفظاً ووهماً ، وقد كذب على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) على عهده ، حتّى قام خطيباً ، وقال : أيّها الناس ! قد كثرت عليَّ الكذابة ، فمن كذب عليَّ متعمّداً فليتبوأ مقعده من النار. ثمَّ كذب عليه من بعده.

وإنّما أتاكم الحديث من أربعة ، ليس لهم خامس : رجل منافق يظهر الإِيمان ، متصنّع بالإِسلام ، لا يتأثّم ، ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ـ إلى أن قال : ـ ورجل سمع من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) شيئاً ، لم يحمله على وجهه ، ووهم فيه ، ولم يتعمّد كذباً ، فهو في يده ، يقول به ، ويعمل به ، ويرويه ، فيقول : أنا سمعته من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، فلو علم المسلمون أنّه وهم لرفضوه ، ولو علم هو أنّه وهم لرفضه ، ورجل ثالث سمع من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) شيئاً أمر به ثمّ نهى عنه ، وهو لا يعلم : أو نهى عنه ، ثمّ أمر به ، وهو لا يعلم ، فحفظ منسوخه ، ولم يحفظ الناسخ ، فلو علم أنّه منسوخ لرفضه ، ولو علم الناس إذ سمعوه منه أنّه منسوخ لرفضوه ، وآخر رابع لم يكذب على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، مبغض للكذب خوفاً من الله ، وتعظيماً لرسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، لم ينسه ، بل حفظ ما سمع على وجهه ، فجاء به كما سمعه ، لم يزد فيه ، ولم ينقص منه ، وعلم الناسخ من المنسوخ ، فعمل بالناسخ ، ورفض المنسوخ ، فإنَّ أمر النبيِّ ( صلّى الله عليه وآله ) مثل القرآن ، منه ناسخ ومنسوخ ، وخاصٌّ وعامٌّ ، ومحكم ومتشابه.

وقد كان يكون من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) الكلام له وجهان ، وكلام عامّ ، وكلام خاصّ مثل القرآن ـ إلى أن قال : ـ فما نزلت على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) آية من القرآن إلاّ أقرأنيها وأملاها عليّ ، فكتبتها بخطّي ، وعلّمني تأويلها وتفسيرها ، وناسخها ومنسوخها ، ومحكمها ومتشابهها ، وخاصّها وعامّها ، ودعا الله لي أن يعطيني فهماً وحفظاً ، فما

٢٠٧

نسيت آية من كتاب الله ، ولا علماً أملاه عليّ وكتبته. الحديث.

ورواه الرضيُّ في ( نهج البلاغة ) مرسلاً (١).

ورواه الطبرسيُّ في ( الاحتجاج ) كذلك (٢).

ورواه سليم بن قيس الهلالي في كتابه عن عليّ ( عليه السلام ) نحوه (٣).

[ ٣٣٦١٥ ] ٢ ـ وعن عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن عثمان ابن عيسى ، عن أبي أيّوب الخرّاز ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : قلت له : ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان ، عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) لا يتّهمون بالكذب ، فيجيء منكم خلافه ؟ فقال : إنَّ الحديث ينسخ كما ينسخ ، القرآن.

[ ٣٣٦١٦ ] ٣ ـ وعن عليِّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال : قلت : أخبرني عن أصحاب محمّد صدقوا على محمّد ( صلّى الله عليه وآله ) ، أم كذبوا ؟ قال : بل صدقوا ، قلت : فما بالهم اختلفوا ؟ قال : إنَّ الرجل كان يأتي رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، فيسأله المسألة ، فيجيبه فيها بالجواب ، ثمَّ يجيئه بعد ذلك ما ينسخ ذلك الجواب ، فنسخت الأحاديث بعضها بعضاً.

[ ٣٣٦١٧ ] ٤ ـ وعنه ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن مهزم ، وعن بعض أصحابنا ، عن محمّد بن عليّ ، عن محمّد بن إسحاق الكاهلي ،

__________________

(١) نهج البلاغة ٢ : ٢١٤ / ٢٠٥.

(٢) الاحتجاج : ٢٦٤.

(٣) كتاب سليم بن قيس : ١٠٣.

٢ ـ الكافي ١ : ٥٢ / ٢.

٣ ـ الكافي ١ : ٥٢ / ٣.

٤ ـ الكافي ١ : ١٨٧ / ٢٧.

٢٠٨

وعن أبي عليّ الأشعري ، عن الحسن بن عليّ الكوفي ، عن العبّاس بن عامر ، عن ربيع بن محمّد جميعاً ، عن مهزم الأسدي ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : أنا المدينة ، وعليٌّ الباب ، وكذب من زعم أنّه يدخل المدينة إلاّ من قبل الباب.

أقول : وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك في حديث هشام مع الشامي (١) ، وحديث الصادق ( عليه السلام ) مع الصوفية (٢) ، وغير ذلك (٣) ، ومضمون الأخير متواتر من طريق العامّة والخاصّة ، والله الهادي.

__________________

(١) تقدم في الحديث ٢ من الباب ١٣ من هذه الأبواب.

(٢) تقدم في الحديث ٢٣ من الباب ١٣ من هذه الأبواب.

(٣) تقدم في الأبواب ٣ و ٧ و ١٠ من هذه الأبواب.

٢٠٩
٢١٠



أبواب آداب القاضي

١ ـ باب جملة منها.

[ ٣٣٦١٨ ] ١ ـ محمّد بن يعقوب ، عن عليِّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه ، عن سلمة بن كهيل ، قال : سمعت عليّاً ( عليه السلام ) يقول لشريح : انظر إلى ( أهل المعك (١) والمطل (٢) ، ودفع ) (٣) حقوق الناس من أهل المقدرة (٤) واليسار ، ممّن يدلي (٥) بأموال الناس إلى الحكّام ، فخذ للناس بحقوقهم منهم ، وبع فيها العقار والديار فإنّي سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) يقول : مطل المسلم الموسر ظلم للمسلم. ومن لم يكن له عقار ، ولا دار ، ولا مال فلا سبيل عليه.

__________________

أبواب آداب القاضي

الباب ١

فيه حديثان

١ ـ الكافي ٧ : ٤١٢ / ١.

(١) في نسخة من التهذيب : المعل ( هامش المخطوط ) ، المعل : معل الشيء : اختطفه واختلسه ، « القاموس المحيط ( معل ) ٤ : ٥١ » ، المعك : مطل الدِّين. « القاموس المحيط ( معك ) ٣ : ٣١٩ ».

(٢) المطل : التسويف بالعدة والدين « القاموس المحيط ( مطل ) ٤ : ٥١ ».

(٣) في الفقيه : أهل المطل والاضطهاد ومن يدفع ( هامش المخطوط ).

(٤) في الفقيه : المدره ( هامش المخطوط ).

(٥) يدلي : أي يرسل. ( هامش المخطوط ).

٢١١

واعلم أنّه لا يحمل الناس على الحقّ ، إلاّ من ورعهم (٦) عن الباطل. ثمّ واسِ بين المسلمين بوجهك ومنطقك ومجلسك ، حتّى لا يطمع قريبك في حيفك ، ولا ييأس عدوّك من عدلك. ورد اليمين على المدّعي مع بيّنته ، فإنَّ ذلك أجلى للعمى ، وأثبت في القضاء.

واعلم أنَّ المسلمين عدول بعضهم على بعض ، إلاّ مجلود في حدّ لم يتب منه ، أو معروف بشهادة زور ، أو ظنين (٧). وإيّاك والتضجّر والتأذّي في مجلس القضاء ، الّذي أوجب الله فيه الأجر ، ويحسن فيه الذخر لمن قضى بالحقِّ.

واعلم أنَّ الصلح جائز بين المسلمين إلاّ صلحاً حرَّم حلالاً ، أو أحلّ حراماً. واجعل لمن ادّعى شهوداً غيّباً أمداً بينهما ، فإن أحضرهم أخذت له بحقّه ، وإن لم يحضرهم أوجبت عليه القضيّة. وإيّاك أن تنفذ قضيّة في قصاص ، أو حدّ من حدود الله ، أو حقّ من حقوق المسلمين ، حتّى تعرض ذلك عليَّ إن شاء الله ، ولا تقعد في مجلس القضاء حتّى تطعم.

ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب نحوه ، إلاّ أنه ترك ذكر الصلح (٨).

محمّد بن الحسن بإسناده عن عليِّ بن إبراهيم نحوه (٩).

[ ٣٣٦١٩ ] ٢ ـ وعنه ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن عبيد الله بن عليّ الحلبي ، قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لعمر بن الخطّاب : ثلاث إن حفظتهنَّ ،

__________________

(٦) في بعض النسخ : وزعهم ، والوزع : الكف والمنع. « الصحاح ( وزع ) ٣ : ١٢٩٧ ».

(٧) الظنين : المتهم « الصحاح ( ظنن ) ٦ : ٢١٦٠ ».

(٨) الفقيه ٣ : ٨ / ١٠.

(٩) التهذيب ٦ : ٢٢٥ / ٥٤١.

٢ ـ التهذيب ٦ : ٢٢٧ / ٥٤٧.

٢١٢

وعملت بهنَّ كفتك ما سواهنّ ، وإن تركتهنّ لم ينفعك شيء سواهنّ ، قال : وما هنّ يا أبا الحسن ؟ قال : إقامة الحدود على القريب والبعيد ، والحكم بكتاب الله في الرضا والسخط ، والقسم بالعدل بين الأحمر والأسود ، قال عمر : لعمري لقد أوجزت وأبلغت.

٢ ـ باب كراهة القضاء في حال الغضب ، وعدم جواز الحكم من غير تأمّل.

[ ٣٣٦٢٠ ] ١ ـ محمّد بن يعقوب ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : من ابتلي بالقضاء فلا يقضي وهو غضبان.

ورواه الشيخ بإسناده عن عليِّ بن إبراهيم (١).

ورواه الصدوق مرسلاً ، إلاّ أنّه قال : فلا يقضين (٢).

[ ٣٣٦٢١ ] ٢ ـ وعن عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ـ رفعه ـ قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لشريح : لا تشاور (١) أحداً في مجلسك ، وإن غضبت فقم ، ولا تقضينّ وأنت غضبان.

قال : وقال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : لسان القاضي وراء قلبه ، فإن كان له قال ، وإن كان عليه أمسك.

__________________

الباب ٢

فيه ٣ أحاديث

١ ـ الكافي ٧ : ٤١٣ / ٢.

(١) التهذيب ٦ : ٢٢٦ / ٥٤٢.

(٢) الفقيه ٣ : ٦ / ١.

٢ ـ الكافي ٧ : ٤١٣ / ٥.

(١) في التهذيب والفقيه : لا تسار ( هامش المخطوط ) وكذلك المصدر.

٢١٣

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن أبي عبد الله (٢).

ورواه الصدوق مرسلاً ، إلى قوله : وأنت غضبان (٣).

[ ٣٣٦٢٢ ] ٣ ـ محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطّاب ، عن عليِّ بن سيف ، عن سليمان بن عمرو بن أبي عيّاش ، عن أنس بن مالك ، عن النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) ، قال : لسان القاضي بين جمرتين من نار ، حتّى يقضي بين الناس ، فإمّا إلى الجنّة ، وإما إلى النار.

٣ ـ باب استحباب مساواة القاضي بين الخصوم في الإِشارة ، والنظر ، والمجلس ، وكراهة ضيافة أحد الخصمين دون الآخر.

[ ٣٣٦٢٣ ] ١ ـ محمّد بن يعقوب ، عن عليِّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : من ابتلي بالقضاء فليواسِ بينهم في الإِشارة ، وفي النظر ، وفي المجلس.

[ ٣٣٦٢٤ ] ٢ ـ وبهذا الإِسناد : أنَّ رجلاً نزل بأمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فمكث عنده أيّاماً ، ثمَّ تقدَّم إليه في خصومة (١) لم يذكرها لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فقال له : أخصم أنت ؟ قال : نعم ، قال :

__________________

(٢) التهذيب ٦ : ٢٢٧ / ٥٤٦.

(٣) الفقيه ٣ : ٧ / ٦.

٣ ـ التهذيب ٦ : ٢٩٢ / ٨٠٨.

الباب ٣

فيه حديثان

١ ـ الكافي ٧ : ٤١٣ / ٣ ، والتهذيب ٦ : ٢٢٦ / ٥٤٣ ، والفقيه ٣ : ٨ / ٩.

٢ ـ الكافي ٧ : ٤١٣ / ٤.

(١) في الفقيه : حكومة ( هامش المخطوط ).

٢١٤

تحوّل عنّا ، فإنَّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) نهى أن يضاف الخصم ، إلاّ ومعه خصمه.

ورواه الشيخ بإسناده عن عليِّ بن إبراهيم (٢) ، وكذا الّذي قبله.

ورواه الصدوق مرسلاً (٣) ، وكذا الّذي قبله ، إلاّ أنّه رواه عن النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، وقال فيه : فليساوِ بينهم.

٤ ـ باب أنّه لا يجوز للقاضي أن يحكم عند الشك في المسألة ، ولا في حضور من هو أعلم منه ، ولا قبل سماع كلام الخصمين ، ويجب عليه إنصاف الناس حتى من نفسه.

[ ٣٣٦٢٥ ] ١ ـ محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحجّال ، عن داود بن أبي يزيد (١) ، عمّن سمعه ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : إذا كان الحاكم يقول لمن عن يمينه ، ولمن عن يساره : ما ترى ؟ ما تقول ؟ فعلى ذلك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، ألاّ (٢) يقوم من مجلسه ، ويجلسهم (٣) مكانه.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد (٤).

__________________

(٢) التهذيب ٦ : ٢٢٦ / ٥٤٤.

(٣) الفقيه ٣ : ٧ / ٣.

الباب ٤

فيه ٧ أحاديث

١ ـ الكافي ٧ : ٤١٤ / ٦.

(١) في التهذيب : داود بن يزيد ( هامش المخطوط ).

(٢) في الفقيه زيادة : أن ( هامش المخطوط ).

(٣) في الفقيه : يجلسهما ( هامش المخطوط ).

(٤) التهذيب ٦ : ٢٢٧ / ٥٤٥.

٢١٥

ورواه الصدوق مرسلاً نحوه (٥).

[ ٣٣٦٢٦ ] ٢ ـ محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن عليِّ بن محبوب ، عن محمّد بن الحسين ، عن ذبيان بن حكيم الأودي (١) ، عن موسى بن أكيل النميري ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقضِ للأوَّل ، حتّى تسمع من الآخر ، فإنّك إذا فعلت ذلك تبيّن لك القضاء.

ورواه الصدوق مرسلاً ، ثمَّ قال : قال عليٌّ ( عليه السلام ) فما زلت بعدها قاضياً (٢).

[ ٣٣٦٢٧ ] ٣ ـ وبإسناده عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليِّ بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لا (١) يأخذ بأوَّل الكلام دون آخره.

[ ٣٣٦٢٨ ] ٤ ـ محمّد بن عليِّ بن الحسين قال : قال الصادق ( عليه السلام ) : من أنصف الناس من نفسه رضي به حكماً لغيره.

[ ٣٣٦٢٩ ] ٥ ـ وفي ( عيون الأخبار ) عن أحمد بن زياد بن جعفر ، والحسين بن إبراهيم بن أحمد ، وعليِّ بن عبد الله الوارق كلّهم عن عليِّ بن

__________________

(٥) الفقيه ٣ : ٧ / ٢.

٢ ـ التهذيب ٦ : ٢٢٧ / ٥٤٩.

(١) في نسخة : دينار بن حكيم الاودي ، وفي المصدر : ذبيان بن حكيم الأزدي.

(٢) الفقيه ٣ : ٧ / ٥.

٣ ـ التهذيب ٦ : ٣١٠ / ٨٥٣.

(١) ليس في المصدر.

٤ ـ الفقيه ٣ : ٧ / ٤.

٥ ـ عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ١ : ١٩٤ / ١.

٢١٦

إبراهيم ، عن القاسم بن محمّد البرمكي ، عن أبي الصلت الهروي ، عن الرضا ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ : إنَّ داود ( عليه السلام ) عجّل على المدّعى عليه ، فقال : ( لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ) (١) ولم يسأل المدّعي البيّنة على ذلك ، ولم يقبل على المدّعى عليه ، فيقول له : ما تقول ، فكان هذا خطيئة رسم الحكم ، لا ما ذهبتم إليه.

[ ٣٣٦٣٠ ] ٦ ـ وعن محمّد بن عمر الجعابي ، عن الحسن بن عبد الله بن محمّد الرازي ، عن أبيه ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن عليّ ( عليهم السلام ) قال : قال النبي ( صلّى الله عليه وآله ) لمّا وجّهني إلى اليمن : إذا تحوكم (١) إليك فلا تحكم لأحد الخصمين ، دون أن تسأل (٢) من الآخر ، قال : فما شككت في قضاء بعد ذلك.

[ ٣٣٦٣١ ] ٧ ـ العيّاشي في ( تفسيره ) عن الحسن (١) ، عن عليّ ( عليه السلام ) : أنَّ النبي ( صلّى الله عليه وآله ) حين بعثه ببراءة ـ إلى أن قال : ـ فقال : إنَّ الناس سيتقاضون إليك ، فإذا أتاك الخصمان فلا تقض لواحد ، حتّى تسمع الآخر ، فإنه أجدر أن تعلم الحقّ.

أقول : وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك (٢).

__________________

(١) ص ٣٨ : ٢٤.

٦ ـ عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ٢ : ٦٥ / ٢٨٦.

(١) في المصدر : تقوضي.

(٢) في المصدر : تسمع.

٧ ـ تفسير العياشي ٢ : ٧٥ / ٩.

(١) في المصدر : حبيش.

(٢) تقدم في البابين ٤ و ١٢ من أبواب صفات القاضي.

٢١٧

٥ ـ باب أنه يستحب للإِنسان أن يقوم عن يمين خصمه ، ويستحب للقاضي أن يقدم الذي عن يمين خصمه بالكلام.

[ ٣٣٦٣٢ ] ١ ـ محمّد بن عليِّ بن الحسين بإسناده عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : إذا تقدّمت مع خصم إلى والٍ ، أو إلى قاض فكن عن يمينه. ـ يعني : عن يمين الخصم ـ.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن عليّ بن محبوب ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب مثله (١).

[ ٣٣٦٣٣ ] ٢ ـ وبإسناده عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : قضى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : أن يقدّم صاحب اليمين في المجلس بالكلام.

ورواه ابن الجنيد في كتابه نقلاً من كتاب الحسن بن محبوب ، عن محمّد بن مسلم ، على ما نقله عنه السيّد المرتضى في ( الانتصار ) (١) ، وكذا الذي قبله.

__________________

الباب ٥

فيه حديثان

١ ـ الفقيه ٣ : ٧ / ٨ ، والانتصار ٢٤٤.

(١) التهذيب ٦ : ٢٢٧ / ٥٤٨.

٢ ـ الفقيه ٣ : ٧ / ٢٥.

(١) الانتصار ٢٤٤.

٢١٨

٦ ـ باب كراهة الجلوس إلى قضاة الجور *.

[ ٣٣٦٣٤ ] ١ ـ محمّد بن يعقوب ، عن عليِّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن محمّد بن مسلم ، قال : مرّ بي أبو جعفر ، أو أبو عبد الله ( عليهما السلام ) وأنا جالس عند قاضٍ (١) بالمدينة ، فدخلت عليه من الغد ، فقال لي : ما مجلس رأيتك فيه أمس ؟ فقلت : إنَّ هذا القاضي لي مكرم ، فربما جلست إليه ، فقال لي : وما يؤمنك أن تنزل اللعنة ، فتعمّ من في المجلس.

ورواه الشيخ بإسناده عن عليِّ بن إبراهيم مثله (٢).

[ ٣٣٦٣٥ ] ٢ ـ محمّد بن عليِّ بن الحسين بإسناده عن محمّد بن مسلم ، قال : مرّ بي أبو جعفر ( عليه السلام ) وأنا جالس ، ثمِّ ذكر مثله ، إلاّ أنه قال في آخره : فتعمّك معه.

قال : وروي في خبر آخر : فتعمّ من في المجلس.

[ ٣٣٦٣٦ ] ٣ ـ قال : وروي في خبر آخر : أنَّ شرَّ البقاع دور الاُمراء ، الّذين لا يقضون بالحقّ.

[ ٣٣٦٣٧ ] ٤ ـ قال : وقال الصادق ( عليه السلام ) : إنَّ النواويس (١)

__________________

الباب ٦

فيه ٤ أحاديث

* عنوان الباب موافق لعنوانه في الكافي « منه قدّه ».

١ ـ الكافي ٧ : ٤١٠ / ١.

(١) في الفقيه : القاضي ( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ٦ : ٢٢٠ / ٥٢٠.

٢ ـ الفقيه ٣ : ٤ / ٩.

٣ ـ الفقيه ٣ : ٤ / ١٠.

٤ ـ الفقيه ٣ : ٤ / ١١.

(١) النواويس : موضع في جهنم ( مجمع البحرين ( نوس ) ٤ : ١٢٠ ».

٢١٩

شكت إلى الله عزَّ وجلَّ شدَّة حرِّها ، فقال لها عزَّ وجلَّ : اسكني (٢) فإنَّ مواضع القضاة أشدّ حرّاً منك.

أقول : وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (٣) وغيره (٤) ، وتقدَّم في الإِجارة (٥) وغيرها (٦) : أنَّ الأئمّة ( عليهم السلام ) كانوا يجلسون عند القضاة ، فلعلّه لبيان الجواز ، أو للتقيّة.

٧ ـ باب أن المفتي اذا أخطا أثم ، وضمن.

[ ٣٣٦٣٨ ] ١ ـ محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي عبيدة ، قال : قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : من أفتى الناس بغير علم ، ولا هدى من الله ، لعنته ملائكة الرحمة ، وملائكة العذاب ، ولحقه وزر من عمل بفتياه.

[ ٣٣٦٣٩ ] ٢ ـ وعن عليِّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجّاج ، قال : كان أبو عبد الله ( عليه السلام ) قاعداً في حلقة ربيعة الرأي ، فجاء أعرابيُّ ، فسأل ربيعة الرأي عن مسألة ، فأجابه ، فلمّا سكت قال له الأعرابيُّ : أهو في عنقك ؟ فسكت عنه ربيعة ، ولم يردّ عليه شيئاً ، فأعاد المسألة عليه ، فأجابه بمثل ذلك ، فقال له الأعرابيُّ : أهو في عنقك ؟ فسكت ربيعة ، فقال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : هو في عنقه ، قال : أولم يقل : وكلّ مفت ضامن ؟!

__________________

(٢) في المصدر : اسكتي.

(٣) تقدم في البابين ٣٧ و ٣٨ من أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

(٤) تقدم في الحديث ١٠ من الباب ١ من أبواب صفات القاضي.

(٥) تقدم في البابين ١٢ و ١٣ من أبواب أحكام الاجارة.

(٦) تقدم في الحديث ٣١ من الباب ٧ من أبواب صفات القاضي.

الباب ٧

فيه حديثان

١ ـ الكافي ١ : ٣٣ / ٣ و ٧ : ٤٠٩ / ٢ ، والتهذيب ٦ : ١٢٣ / ٥٣١.

٢ ـ الكافي ٧ : ٤٠٩ / ١.

٢٢٠