محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5503-27-2
ISBN الدورة:
الصفحات: ٤٢٢
[ ٣٣٤٨٥ ] ٢٢ ـ قال : وقال ( عليه السلام ) : من ترك قول لا أدري اصيبت مقاتله.
[ ٣٣٤٨٦ ] ٢٣ ـ قال : وقال ( عليه السلام ) : لا ورع كالوقوف عند الشبهة.
[ ٣٣٤٨٧ ] ٢٤ ـ قال : وقال ( عليه السلام ) : وإنّما سمّيت الشبهة شبهة لأنها تشبه الحقّ ، فأمّا أولياءُ الله فضياؤهم فيها اليقين ، ودليلهم سمت الهدى ، وأمّا أعداء الله فدعاؤهم فيها الضلال ، ودليلهم العمى.
[ ٣٣٤٨٨ ] ٢٥ ـ قال : وقال ( عليه السلام ) : إنَّ من صرحت له العبر عمّا بين يديه من المثلات ، حجزه (١) التقوى عن تقحّم الشبهات.
[ ٣٣٤٨٩ ] ٢٦ ـ محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشي في كتاب ( الرجال ) عن حمدويه ، عن محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن مفضّل بن قيس بن رمانة ، قال ـ وكان خيّراً ـ قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : إنَّ أصحابنا يختلفون في شيء فأقول : قولي فيها قول جعفر بن محمّد ، فقال : بهذا نزل جبرئيل.
[ ٣٣٤٩٠ ] ٢٧ ـ محمّد بن عليّ بن الحسين قال : إن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) خطب الناس ، فقال في كلام ذكره : حلال بيّن ، وحرام بيّن ، وشبهات بين ذلك ، فمن ترك ما اشتبه عليه من الإِثم فهو لما استبان له أترك ، والمعاصي حمى الله ، فمن يرتع حولها يوشك أن يدخلها.
__________________
٢٢ ـ نهج البلاغة ٣ : ١٦٩ / ٨٥.
٢٣ ـ نهج البلاغة ٣ : ١٧٧ / ١١٣.
٢٤ ـ نهج البلاغة ١ : ٨٥ / ٣٧.
٢٥ ـ نهج البلاغة ١ : ٤٢ / ١٥.
(١) في المصدر : حجزته.
٢٦ ـ رجال الكشي ٢ : ٤٢٢ / ٣٢٣.
الفقيه ٤ : ٥٣ / ١٩٣.
[ ٣٣٤٩١ ] ٢٨ ـ وبإسناده عن عليِّ بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد (١) ، عن الحارث بن محمّد بن النعمان الأحول ، عن جميل بن صالح ، عن الصادق ( عليه السلام ) ، عن آبائه ( عليهم السلام ) ، قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ـ في كلام طويل ـ : الأُمور ثلاثة : أمر تبيّن لك رشده فاتّبعه ، وأمر تبيّن لك غيّه فاجتنبه ، وامر اختلف فيه فردّه إلى الله عزَّ وجلَّ.
ورواه في ( الخصال ) عن أبيه ، عن محمّد بن يحيى ، عن الحسين ابن إسحاق التاجر ، عن عليّ بن مهزيار مثله (٢).
وفي ( المجالس ) عن عليِّ بن عبد الله الورّاق ، عن سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه عليّ مثله (٣).
[ ٣٣٤٩٢ ] ٢٩ ـ وعن محمّد بن عليّ ماجيلويه ، عن عمّه ، عن البرقي ، عن العبّاس بن معروف ، عن أبي شعيب ، يرفعه إلى أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : أورع الناس من وقف عند الشبهة. الحديث.
[ ٣٣٤٩٣ ] ٣٠ ـ وعن أبيه ، عن سعد ، عن القاسم بن محمّد ، عن المنقري ، عن فضيل بن عياض ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : قلت له : من الورع من الناس ؟ قال : الّذي يتورّع عن محارم الله ، ويجتنب هؤلاء ، فإذا لم يتّقِ الشبهات وقع في الحرام ، وهو لا يعرفه. الحديث.
[ ٣٣٤٩٤ ] ٣١ ـ وفي ( عقاب الأعمال ) ، عن أبيه ، عن سعد بن
__________________
٢٨ ـ الفقيه ٤ : ٢٨٥ / ٨٥٤.
(١) في المصدر : الحسن بن سعيد.
(٢) الخصال : ١٥٣ / ١٨٩.
(٣) امالي الصدوق : ٢٥١ / ١١.
٢٩ ـ الخصال : ١٦ / ٥٦.
٣٠ ـ معاني الاخبار : ٢٥٢ / ١.
٣١ ـ عقاب الأعمال : ٣٠٨ ، والمحاسن : ٢٤٩ / ٢٥٩.
عبدالله ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن بكر بن محمّد الازدي ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : إنَّ الشكَّ والمعصية في النار ، ليسا منّا ، ولا إلينا.
[ ٣٣٤٩٥ ] ٣٢ ـ وفي كتاب ( التوحيد ) عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن أحمد ، عن عليِّ بن اسماعيل ، عن معلّى بن محمّد ، عن عليِّ بن أسباط ، عن جعفر بن سماعة ، عن غير واحد (١) ، عن زرارة ، قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) ما حجّة الله على العباد ؟ قال : أن يقولوا ما يعلمون ، ويقفوا عند ما لا يعلمون.
ورواه في ( المجالس ) عن جعفر بن محمّد بن مسرور ، عن الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد مثله ، إلاّ أنّه قال : ما حقُّ الله على العباد (٢) ؟
[ ٣٣٤٩٦ ] ٣٣ ـ وعن أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن فضّال ، عن داود بن فرقد ، عن أبي الحسن زكريّا بن يحيى ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : ما حجب الله علمه عن العباد ، فهو موضوع عنهم.
ورواه الكلينيُّ عن محمّد بن يحيى (١) ، والّذي قبله عن الحسين بن محمّد.
أقول : هذا مخصوص بالوجوب ، وأنّه لا يجب الاحتياط بمجرّد احتمال الوجوب ، بخلاف الشك في التحريم ، فيجب الاحتياط ، ولو وجب الاحتياط في المقامين لزم تكليف ما لا يطاق ، إذ كثير من الأشياء يحتمل الوجوب والتحريم ، ولا خلاف في نفي الوجوب في مقام الشك في
__________________
٣٢ ـ التوحيد : ٤٥٩ / ٢٧ والكافي ١ : ٣٤ / ٧.
(١) في الكافي زيادة : عن أبان.
(٢) أمالي الصدوق : ٣٤٣ / ١٤ عن زرارة ، المحاسن : ٢٠٤ / ٥٣.
٣٣ ـ التوحيد : ٤١٣ / ٩.
(١) الكافي ١ : ١٢٦ / ٣.
الوجوب ، إلاّ إذا علمنا اشتغال ذمّتنا بعبادة معيّنه ، وحصل الشك بين فردين كالقصر والتمام ، والظهر والجمعة ، وجزاء واحد للصيد أو اثنين ، ونحو ذلك ، فيجب الجمع بين العبادتين ، لتحريم تركهما معاً قطعاً للنصّ ، وتحريم الجزم بوجوب أحدهما بعينه عملاً بأحاديث الاحتياط. ويستثنى من ذلك ما لو وجب وطء الزوجة ، واشتبهت بأجنبيّة ، أو قتل شخص حدّاً أو قصاصاً واشتبه بآخر محترم ، للقطع بتحريم وطء الأجنبيّة مع الاشتباه وعدمه ، وكذا قتل المسلم ، بخلاف تحريم الجمع بين العبادتين ، فإنّه مخصوص بغير صورة الاشتباه ، فإنَّ النصوص على أمثالها كثيرة ، كاشتباه القبلة ، والفائتة ، والثوبين ، وغير ذلك ، وليس بقياس ، بل عمل بعموم أحاديث الاحتياط. على أنَّ هذا الحديث لا ينافي وجوب الاحتياط والتوقّف ، لحصول العلم بهما النصّ المتواتر كما مضى (٢) ويأتي (٣) ، وقوله : موضوع ، قرينة ظاهرة على إرادة الشك في وجوب فعل وجودي ، لا في تحريمه ، مضافاً إلى النصّ في المقامين.
[ ٣٣٤٩٧ ] ٣٤ ـ ويأتي في حديث التزويج في العدة ، قال : إذا علمت أنَّ عليها العدَّة ، ولم تعلم كم هي ، فقد ثبتت عليها الحجّة ، فتسأل ، حتّى تعلم.
[ ٣٣٤٩٨ ] ٣٥ ـ وعن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : من عمل بما علم كفى ما لم يعلم.
وفي ( ثواب الأعمال ) بالإِسناد مثله (١).
__________________
(٢) مضىٰ في الاحاديث ١ ـ ٢٧ من هذا الباب.
(٣) يأتي في الاحاديث ٢٩ ـ ٦١ من هذا الباب.
٣٤ ـ يأتي في الحديث ٣ من الباب ٢٧ من أبواب حد الزنا.
٣٥ ـ التوحيد : ٤١٦ / ١٧.
(١) ثواب الاعمال ١٦٢.
أقول : تقدَّم وجهه (٢) ، ويمكن حمل الحديثين على أنَّ ما لم يعلم حكمه لم يجب ، بل لم يجز الحكم فيه ، والجزم بأحد الطرفين ، بل يكفي التوقّف والاحتياط ، وإلاّ فقد تقدَّم ما هو صريح في معارضته ، وهو قولهم ( عليهم السلام ) : القضاة أربعة ـ إلى أن قال : ـ وقاض قضى بالحقّ ، وهو لا يعلم ، فهو في النار ، وقاض قضى بجور ، وهو لا يعلم ، فهو في النار ، وغير ذلك ، ويمكن حملهما على الغافل الّذي لم يحصل عنده شكّ ولا شبهه ، ولا بلغه نصّ الاحتياط ، فإنه معذور غير مكلّف ، ما دام كذلك بالنصّ المتواتر.
[ ٣٣٤٩٩ ] ٣٦ ـ وفي ( عيون الأخبار ) عن أبيه ، عن سعد ، عن المسمعي ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن الرضا ( عليه السلام ) ـ في حديث اختلاف الأحاديث ـ قال : وما لم تجدوه في شيء من هذه الوجوه ، فردّوا إلينا علمه ، فنحن أولى بذلك ، ولا تقولوا فيه بآرائكم ، وعليكم بالكفّ والتثبت والوقوف ، وأنتم طالبون باحثون ، حتّى يأتيكم البيان من عندنا.
[ ٣٣٥٠٠ ] ٣٧ ـ وفي ( معاني الأخبار ) عن محمّد بن الحسن ، عن الصفّار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن حمزة بن حمران ، قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : إنَّ من أجاب في كلّ ما يسأل عنه فهو المجنون.
[ ٣٣٥٠١ ] ٣٨ ـ وفي ( الخصال ) عن محمّد بن عليّ ماجيلويه ، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم ، عن العبّاس بن معروف ، عن أبي شعيب يرفعه إلى أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : أورع الناس من وقف عند الشبهة ، وأعبد الناس من أقام الفرائض ، وأزهد الناس من ترك الحرام ، وأشدّ الناس
__________________
(٢) تقدم في ذيل الحديث ٢٨ من هذا الباب.
٣٦ ـ عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ٢ : ٢١ / ٤٥.
٣٧ ـ معاني الأخبار : ٢٣٨ / ٢.
٣٨ ـ الخصال : ١٦ / ٥٦.
اجتهاداً من ترك الذنوب.
[ ٣٣٥٠٢ ] ٣٩ ـ عبد الله بن جعفر في ( قرب الإِسناد ) عن الحسن بن ظريف ، عن معمّر ، عن الرضا ( عليه السلام ) ، عن أبيه موسى بن جعفر ( عليه السلام ) ـ في حديث طويل في معجزات النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ـ قال : ومن ذلك أنَّ وابصة بن معبد الأسدي أتاه ، فقال : لا أدع من البرِّ والإِثم شيئاً إلاّ سألته عنه ، فلمّا أتاه قال له النبي ( صلّى الله عليه وآله ) : أتسأل عمّا جئت له ؟ أوَ اُخبرك ؟ قال : أخبرني ، قال : جئت تسألني عن البرّ والإِثم ، قال : نعم ، فضرب بيده على صدره ، ثمَّ قال : يا وابصة! البرُّ ما اطمأنّت إليه النفس ، والبرُّ ما اطمأنَّ به الصدر ، والإِثم ما تردَّد في الصدر ، وجال في القلب ، وإن أفتاك الناس وأفتوك.
[ ٣٣٥٠٣ ] ٤٠ ـ سليم بن قيس الهلالي في كتابه : إنَّ عليّ بن الحسين ( عليهما السلام ) قال لأبان ابن أبي عياش : يا أخا عبد قيس! إن وضح لك أمر فاقبله ، وإلاّ فاسكت تسلم ، ورد علمه إلى الله ، فإنّك أوسع ممّا بين السماء والأرض.
[ ٣٣٥٠٤ ] ٤١ ـ محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد في ( المجالس ) عن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن موسى بن بكر ، عمّن سمع أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : العامل على غير بصيرة كالسائر على سراب بقيعة ، لا يزيده سرعة سيره إلاّ بعداً.
[ ٣٣٥٠٥ ] ٤٢ ـ محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن سليمان بن داود ، عن عبد الله بن وضّاح : أنّه كتب إلى العبد
__________________
٣٩ ـ قرب الاسناد : ١٣٥.
٤٠ ـ كتاب سليم بن قيس : ٦٧.
٤١ ـ أمالي المفيد : ٤٢ / ١١.
٤٢ ـ التهذيب ٢ : ٢٥٩ / ١٠٣١ ، والاستبصار ١ : ٢٦٤ / ٩٥٢.
الصالح ( عليه السلام ) يسأله عن وقت المغرب والإِفطار ؟ فكتب إليه : أرى لك أن تنتظر حتّى تذهب الحمرة ، وتأخذ بالحائطة لدينك.
[ ٣٣٥٠٦ ] ٤٣ ـ الفضل بن الحسن الطبرسيُّ في التفسير الصغير ، قال : في الحديث : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
[ ٣٣٥٠٧ ] ٤٤ ـ قال : وفي الحديث : إنَّ لكلّ ملك حمى ، وحمى الله محارمه ، فمن رتع حول الحمى أوشك أن يقع فيه.
[ ٣٣٥٠٨ ] ٤٥ ـ الحسن بن محمّد بن الحسن الطوسيُّ في ( أماليه ) عن أبيه ، عن عليِّ بن أحمد بن الحمامي ، عن أحمد بن محمّد القطان ، عن إسماعيل بن أبي كثير ، عن عليِّ بن إبراهيم ، عن السري بن عامر ، عن النعمان بن بشير قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : إن لكل ملك حمىٰ وإن حمى الله حلاله وحرامه ، والمشتبهات بين ذلك ، كما لو أنَّ راعياً رعى إلى جانب الحمى لم تثبت غنمه أن تقع في وسطه ، فدعوا المشتبهات.
[ ٣٣٥٠٩ ] ٤٦ ـ وعن أبيه ، عن المفيد ، عن عليِّ بن محمّد الكاتب ، عن زكريّا بن يحيى التميمي (١) ، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري ، عن الرضا ( عليه السلام ) : أنَّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال لكميل بن زياد : أخوك دينك ، فاحتط لدينك بما شئت.
[ ٣٣٥١٠ ] ٤٧ ـ وعن أبيه ، عن المفيد ، عن ( محمّد بن عليِّ بن
__________________
٤٣ ـ تفسير جوامع الجامع : ٥ ، والبحار ٢ : ٢٥٩.
٤٤ ـ تفسير جوامع الجامع : ٣٥.
٤٥ ـ أمالي الطوسي ١ : ٣٩٠.
٤٦ ـ امالي الطوسي ١ : ١٠٩.
(١) في المصدر : زكريا بن يحيىٰ الكنيجي ...
٤٧ ـ امالي الطوسي ١ : ٦.
الزيات ) (١) ، عن محمّد بن همام ، عن جعفر بن محمّد بن مالك ، عن أحمد بن سلامة ، عن محمّد بن الحسن العامري ، عن أبي معمّر ، عن أبي بكر بن عياش ، عن الفجيع العقيلي ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي طالب ( عليهم السلام ) قال : لما حضرت والدي الوفاة أقبل يوصي ، فقال : اُوصيك يا بنيّ بالصلاة عند وقتها ، والزكاة في أهلها عند محلّها ، والصمت عند الشبهة ، وأنهاك عن التسرّع بالقول والفعل ، والزم الصمت تسلم. الحديث.
[ ٣٣٥١١ ] ٤٨ ـ وعن أبيه ، عن المفيد ، عن ابن قولويه ، عن محمّد بن يعقوب ، عن عليِّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمّد بن عيسى اليقطيني ، عن يونس ، عن عمرو بن شمر عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في وصيّة له لأصحابه ، قال : إذا اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده ، وردّوه إلينا ، حتّى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا ، فإذا كنتم كما أوصيناكم ، لم تعدوه إلى غيره ، فمات منكم ميّت من قبل أن يخرج قائمنا كان شهيداً ، ومن أدرك قائمنا فقتل معه كان له أجر شهيدين ، ومن قتل بين يديه عدوّاً لنا كان له أجر عشرين شهيداً.
[ ٣٣٥١٢ ] ٤٩ ـ أحمد بن أبي عبد الله البرقيُّ في ( المحاسن ) عن عليِّ ابن حسان ، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن درست ، عن زرارة بن أعين ، قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : ما حقُّ الله على خلقه ؟ قال : حقُّ الله على خلقه أن يقولوا بما يعلمون ، ويكفّوا عمّا لا يعلمون ، فإذا فعلوا ذلك فقد ـ والله ـ أدُّوا إليه حقّه.
[ ٣٣٥١٣ ] ٥٠ ـ وعن أبيه ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن منصور
__________________
(١) في المصدر : عمر بن محمّد بن علي الصيرفي.
٤٨ ـ امالي الطوسي ١ : ٢٣٦.
٤٩ ـ المحاسن : ٢٠٤ / ٥٣.
٥٠ ـ المحاسن : ٢١٥ / ١٠٠.
بن يونس بزرج ، عن عمر بن اُذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : إنّما أهلك الناس العجلة ، ولو أنَّ الناس تلبّثوا (١) لم يهلك أحد.
[ ٣٣٥١٤ ] ٥١ ـ وعن أبيه ، عن فضالة بن أيّوب ، عن عبد الرحمن بن سيّابة ، عن أبي النعمان ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : الأناة من الله ، والعجلة من الشيطان.
[ ٣٣٥١٥ ] ٥٢ ـ محمّد بن عليّ بن عثمان الكراجكي في كتاب ( كنز الفوائد ) عن محمّد بن عليِّ بن طالب البلدي ، عن محمّد بن إبراهيم بن جعفر النعماني ، عن أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة ، عن شيُوخه الأربعة ، عن الحسن بن محبوب ، عن محمّد بن النعمان الأحول ، عن سلام بن المستنير ، عن أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) ، قال : قال جدِّي رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : أيّها الناس ! حلالي حلال إلى يوم القيامة ، وحرامي حرام إلى يوم القيامة ، ألا وقد بيّنهما الله عزَّ وجلَّ في الكتاب ، وبينتهما لكم في سنتي وسيرتي ، وبينهما شبهات من الشيطان وبدع بعدي ، من تركها صلح له أمر دينه ، وصلحت له مروّته وعرضه ، ومن تلبّس بها وقع فيها واتبعها ، كان كمن رعى غنمه قرب الحمى ، ومن رعى ماشيته قرب الحمى ، نازعته نفسه إلى أن يرعاها في الحمى ، ألا وإنَّ لكلّ ملك حمى ، ألا وإنَّ حمى الله عزَّ وجلَّ محارمه ، فتوقّوا حمى الله ومحارمه. الحديث.
[ ٣٣٥١٦ ] ٥٣ ـ قال : وجاء في الحديث عن الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) ، أنه قال : من أراد أن يكون أعزّ الناس فليتّقِ الله.
__________________
(١) في المصدر : تثبتوا.
٥١ ـ المحاسن : ٢١٥ / ١٠١.
٥٢ ـ كنز الفوائد : ١ / ١٦٤.
٥٣ ـ كنز الفوائد : ١ / ١٦٤.
[ ٣٣٥١٧ ] ٥٤ ـ وقال : من خاف الله سخت نفسه عن الدنيا. وقال : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، فانك لن تجد فقد شيء تركته لله عزَّ وجلَّ.
[ ٣٣٥١٨ ] ٥٥ ـ عليُّ بن موسى بن طاوس في كتاب ( كشف المحجّة لثمرة المهجة ) نقلاً من كتاب الرسائل لمحمّد بن يعقوب الكلينيِّ بإسناده إلى ( جعفر بن عنبسة ) (١) ، عن عباد بن زياد الأسدي ، عن ( عمرو بن أبي المقدام ) (٢) ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في وصيّة أمير المؤمنين لولده الحسن ( عليه السلام ) : من الوالد الفان المقرّ للزمان ـ إلى أن قال : ـ واعلم يا بنيَّ ! إنَّ أحبَّ ما أنت آخذ به من وصيّتي إليك تقوى الله ، والاقتصار على ما افترض (٣) عليك ، والأخذ بما مضى عليه سلفك (٤) من آبائك والصالحون من أهل بيتك ، فانّهم لن يدعوا أن نظروا لأنفسهم كما أنت ناظر ، وفكّروا كما أنت مفكّر ، ثمَّ ردَّهم آخر ذلك إلى الأخذ بما عرفوا ، والإِمساك عمّا لم يكلّفوا ، فليكن طلبك لذلك (٥) بتفهّم وتعلّم ، لا بتورّد (٦) الشبهات ، وعلوّ (٧) الخصومات ، وابدأ قبل نظرك في ذلك بالاستعانة بإلهك (٨) ، والرغبة إليه في التوفيق ، ونبذ كلّ شائبة ( أدخلت عليك ) (٩) شبهة ، أو أسلمتك إلى ضلالة. الحديث.
__________________
٥٤ ـ كنز الفوائد : ١٦٤.
٥٥ ـ كشف المحجة : ١٥٩ ، ١٦٢.
(١) في المصدر : أبي جعفر بن عنبسة.
(٢) في المصدر : عمر بن ابي المقدام.
(٣) في المصدر : فرضه الله.
(٤) في المصدر : الأولون.
(٥) في المصدر : ذلك.
(٦) في المصدر : بتورط.
(٧) في المصدر : وغلو.
(٨) في المصدر زيادة : عليه.
(٩) في المصدر : اولجتك في.
ورواه الرضيُّ في ( نهج البلاغة ) مرسلاً (١٠).
[ ٣٣٥١٩ ] ٥٦ ـ محمّد بن مسعود العيّاشي في ( تفسيره ) عن عبد الله بن جندب ، عن الرضا ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال : إنَّ هؤلاء القوم سنح لهم شيطان ، اغترّهم بالشبهة ، ولبّس عليهم أمر دينهم ، وأرادوا الهدى من تلقاء أنفسهم ، فقالوا : لِمَ ، ومتى (١) ، وكيف ؟ فأتاهم الهلك من مأمن احتياطهم ، وذلك بما كسبت أيديهم ، وما ربّك بظلاّم للعبيد ، ولم يكن ذلك لهم ، ولا عليهم ، بل كان الفرض عليهم ، والواجب لهم ، من ذلك الوقوف عند التحيّر ، وردّ ما جهلوه من ذلك إلى عالمه ومستنبطه ، لأنَّ الله يقول في (٢) كتابه : ( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) (٣) يعني : آل محمّد ، وهم الّذين يستنبطون منهم (٤) القرآن ، ويعرفون الحلال والحرام ، وهم الحجّة لله على خلقه.
[ ٣٣٥٢٠ ] ٥٧ ـ وعن السكوني ، عن جعفر (١) ، عن أبيه ، عن عليّ ( عليهم السلام ) ، قال : الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في التهلكة (٢) ، وتركك حديثاً لم تروه خير من روايتك حديثا لم تحصه.
وعن عبد الأعلى ، عن الصادق ( عليه السلام ) مثله (٣).
أقول : التفضيل في أمثال هذا على وجه المجاراة والمماشاة مع
__________________
(١٠) نهج البلاغة ٣ : ٤٢ / ٣١.
٥٦ ـ تفسير العياشي ١ : ٢٦٠ / ٢٠٦.
(١) في المصدر : ومن.
(٢) في المصدر زيادة : محكم.
(٣) النساء ٤ : ٨٣.
(٤) في المصدر : من.
٥٧ ـ تفسير العياشي ١ : ٨ / ٢ ، المحاسن : ٢١٥ / ١٠٢.
(١) في المصدر : عن أبي جعفر.
(٢) في المصدر : الهلكة.
(٣) تفسير العياشي ... وعنه في البحار ٢ : ٢٥٩ / ٧.
الخصم ، كما ورد في أحاديث كثيرة : قليل في سنّة خير من كثير في بدعة ، وأمثال ذلك في الحديث وفي الكلام الفصيح كثير جدّاً.
[ ٣٣٥٢١ ] ٥٨ ـ وعن عليِّ بن أبي حمزه قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : ما من أحد أغير (١) من الله تبارك وتعالى ، ومن أغير (٢) ممّن حرّم الفواحش ، ما ظهر منها ، وما بطن.
[ ٣٣٥٢٢ ] ٥٩ ـ عليُّ بن إبراهيم في ( تفسيره ) عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللهِ مِنْ عَاصِمٍ ) (١) قال : هؤلاء أهل البدع والشبهات والشهوات ، يسوّد الله وجوههم يوم يلقونه.
[ ٣٣٥٢٣ ] ٦٠ ـ وعنه ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في قوله تعالى : ( هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ) (١) قال : هم النصارى ، والقسّيسون ، والرهبان ، وأهل الشبهات والأهواء من أهل القبلة ، والحروريّة ، وأهل البدع.
[ ٣٣٥٢٤ ] ٦١ ـ ووجدت بخطّ الشهيد محمّد بن مكّي قدِّس سرُّه حديثاً طويلاً عن عنوان البصري ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد ( عليه السلام ) ، يقول فيه : سل العلماء ما جهلت ، وإيّاك أن تسألهم تعنّتاً وتجربة ، وإيّاك أن تعمل برأيك شيئاً ، وخذ بالاحتياط في جميع اُمورك ما تجد إليه سبيلاً ، واهرب من الفتيا هربك من الأسد ، ولا تجعل رقبتك عتبة
__________________
٥٨ ـ تفسير العياشي ٢ : ١٦ / ٣٧.
(١ و ٢) في المصدر : أعز.
٥٩ ـ تفسير القمي ١ : ٣١١.
(١) يونس ١٠ : ٢٧.
٦٠ ـ تفسير القمي ٢ : ٤٦.
(١) الكهف ١٨ : ١٠٣ ـ ١٠٤.
٦١ ـ لم نعثر على المصدر.
للناس.
[ ٣٣٥٢٥ ] ٦٢ ـ وقد تقدَّم في حديث ميراث الخنثى المشكل : أنَّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال لزوجها : لأنت أجرأ من خاصي الأسد.
[ ٣٣٥٢٦ ] ٦٣ ـ محمّد بن مكّي الشهيد في ( الذكرى ) قال : قال النبيُّ ( صلّى الله عليه وآله ) : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
[ ٣٣٥٢٧ ] ٦٤ ـ قال : وقال ( صلّى الله عليه وآله ) : من اتّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه.
[ ٣٣٥٢٨ ] ٦٥ ـ قال : وقال الصادق ( عليه السلام ) : لك أن تنظر الحزم ، وتأخذ بالحائطة لدينك.
[ ٣٣٥٢٩ ] ٦٦ ـ وقد تقدَّم بعدَّة أسانيد عن الصادق ( عليه السلام ) قال : القضاة أربعة ، ثلاثة في النار ، وواحد في الجنّة : رجل قضى بجور وهو يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بجور وهو لا يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بالحقّ وهو لا يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بالحقّ وهو يعلم فهو في الجنّة.
أقول : وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك (١).
[ ٣٣٥٣٠ ] ٦٧ ـ محمّد بن عليّ بن الحسين قال : قال الصادق ( عليه
__________________
٦٢ ـ تقدم في الحديث ٣ من الباب ٢ من أبواب ميراث الخنثى.
٦٣ ـ الذكرىٰ : ١٣٨.
٦٤ ـ الذكرىٰ : ١٣٨.
٦٥ ـ لم نجد في الذكرى هذا النص ، وانما الموجود في ( ص ١٣٨ ) : عن العبد الصالح : ارى لك ان تنظر حتى تذهب الحمرة وتأخذ الحايط لدينك.
٦٦ ـ تقدم في الحديث ٦ ، وفي ذيل الحديث ٧ من الباب ٤ من هذه الأبواب ..
(١) تقدم في الأحاديث ١ ـ ١١ ، وفي الاحاديث ١٣ و ١٤ و ١٩ ، وفي الأحاديث ٢٩ ـ ٣٢ ، وفي الحديث ٣٤ و ٣٦ من الباب ٤ من هذه الأبواب.
٦٧ ـ الفقيه ١ : ٢٠٨ / ٩٣٧.
السلام ) : كلّ شيء مُطلق حتّى يرد فيه نهي.
أقول : هذا يحتمل وجوها :
أحدها ـ الحمل على التقيّة ، فإنَّ العامّة يقولون بحجّية الأصل ، فيضعف عن مقاومة ما سبق ، مضافاً إلى كونه خبراً واحداً لا يعارض المتواتر.
وثانيها ـ الحمل على الخطاب الشرعي خاصّة ، بمعنىٰ أنّ كلَّ شيء من الخطابات الشرعية يتعيّن حمله على اطلاقه وعمومه ، حتّى يرد فيه نهي يخصّ بعض الأفراد ، ويخرجه من الإِطلاق ، مثاله : قولهم ( عليهم السلام ) : كلّ ماء طاهر حتّى تعلم أنه قذر ، فإنّه محمول على إطلاقه ، فلمّا ورد النهي عن استعمال كلّ واحد من الإِناءين إذا نجس أحدهما واشتبها ، تعين تقييده بغير هذه الصورة ، ولذلك استدلَّ به الصدوق على جواز القنوت بالفارسيّة ، لأنَّ الأوامر بالقنوت مطلقة عامّه ، ولم يرد نهي عن القنوت بالفارسيّة يخرجه من إطلاقها.
وثالثها ـ التخصيص بما ليس من نفس الأحكام الشرعيّة ، وإن كان من موضوعاتها ومتعلّقاتها ، كما إذا شكَّ في جوائز الظالم أنّها مغصوبة ، أم لا.
ورابعها ـ أنَّ النهي يشمل النهي العامّ والخاصّ ، والنهي العامّ بلغنا ، وهو النهي عن ارتكاب الشبهات في نفس الأحكام ، والأمر بالتوقّف والاحتياط فيها ، وفي كلّ ما لا نصّ فيه.
وخامسها ـ أن يكون مخصوصاً بما قبل كمال الشريعة وتمامها ، فأمّا بعد ذلك فلم يبق شيء على حكم البراءة الأصليّة.
وسادسها ـ أن يكون مخصوصاً بمن لم تبلغه أحاديث النهي عن ارتكاب الشبهات والأمر بالاحتياط لما مرّ (١) ، ولاستحالة تكليف الغافل عقلاً ونقلاً.
__________________
(١) مرّ في أكثر أحاديث هذا الباب.
وسابعها ـ أن يكون مخصوصاً بما لا يحتمل التحريم ، بل علمت إباحته ، وحصل الشكّ في وجوبه ، فهو مطلق حتّى يرد فيه نهي عن تركه ، لأنَّ المستفاد من الأحاديث هنا عدم وجوب الاحتياط ، بمجرّد احتمال الوجوب وإن كان راجحاً ، حيث لا يحتمل التحريم.
وثامنها ـ أن يكون مخصوصاً بالأشياء المهمّة الّتي تعمّ بها البلوى ، ويعلم أنه لو كان فيها حكم مخالف للأصل لنقل ، كما يفهم من قول عليّ ( عليه السلام ) : يا بنيّ ، إنه لو كان إله آخر لأتتك رسله ، ولرأيت آثار مملكته. وقد صرّح بنحو ذلك المحقّق في المعتبر وغيره.
[ ٣٣٥٣١ ] ٦٨ ـ قال الصدوق : وخطب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فقال : إنَّ الله حدَّ حدوداً فلا تعتدوها ، وفرض فرائض فلا تنقصوها ، وسكت عن أشياء لم يسكت عنها نسياناً (١) فلا تكلّفوها ، رحمة من الله لكم فاقبلوها ، ثمَّ قال ( عليه السلام ) : حلال بيّن ، وحرام بيّن ، وشبهات بين ذلك ، فمن ترك ما اشتبه عليه من الإثم فهو لما استبان له أترك والمعاصي حمى الله ، فمن يرتع حولها يوشك أن يدخلها.
أقول : الوجوه السابقة آتية هنا ، وأوضحها التقيّة ، والتخصيص بمقام الوجوب ، بقرينة ذكر السكوت والرحمة بعد الفرائض بغير فصل ، وبقرينة ذكر الشبهات بعد ذلك بغير فصل ، والأمر باجتنابها وتقييد الشبهات ، بأنّها بين الحلال والحرام ، لا بين الواجب والحلال ، وهو ظاهر واضح جدّاً. ( والله الموفّق للصواب ) (٢).
__________________
٦٨ ـ الفقيه ٤ : ٥٣ / ١٩٣.
(١) في المصدر زيادة : لها.
(٢) ما بين القوسين جاء في المصححة ولم يرد في المسودّة.
١٣ ـ باب عدم جواز استنباط الأحكام النظرية من ظواهر القرآن ، إلاّ بعد معرفة تفسيرها من الأئمة ( عليهم السلام ).
[ ٣٣٥٣٢ ] ١ ـ محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن الفضل ابن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم ، قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : إنَّ الله أجلّ وأكرم من أن يعرف بخلقه ـ إلى أن قال : ـ وقلت للناس : أليس (١) تعلمون أنَّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) كان الحجّة من الله على خلقه ؟ قالوا : بلى ، قلت : فحين مضى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) من كان الحجّة لله على خلقه ؟ قالوا : القرآن ، فنظرت في القرآن ، فإذا هو يخاصم به المرجىء والقدري والزنديق الّذي لا يؤمن به حتّى يغلب الرجال بخصومته ، فعرفت أنَّ القرآن لا يكون حجّة إلاّ بقيّم ، فما قال فيه من شيء كان حقاً ـ إلى أن قال : ـ فأشهد أنَّ عليّاً ( عليه السلام ) كان قيّم القرآن ، وكانت طاعته مفترضة ، وكان الحجّة على الناس بعد رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، وأنَّ ما قال في القرآن فهو حقّ ، فقال : رحمك الله.
ورواه الصدوق في ( العلل ) عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن صفوان بن يحيى (٢).
ورواه الكشيُّ في كتاب ( الرجال ) عن جعفر بن أحمد (٣) بن أيّوب ،
__________________
الباب ١٣
فيه ٨٢ حديثاً
١ ـ الكافي ١ : ١٢٨ / ٢.
(١) ليس في المصدر.
(٢) علل الشرائع : ١٩٢ / ١.
(٣) في نسخة : محمّد ( هامش المخطوط ).
عن صفوان بن يحيى مثله (٤).
[ ٣٣٥٣٣ ] ٢ ـ وعن عليِّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عمّن ذكره ، عن يونس ابن يعقوب ، قال : كنت عند أبي عبد الله ( عليه السلام ) فورد عليه رجل من أهل الشام ، ثمَّ ذكر حديث مناظرته مع هشام بن الحكم ـ إلى أن قال : ـ فقال هشام : فبعد رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) من الحجّة ؟ قال : الكتاب والسنّة ، قال هشام : فهل ينفعنا (١) الكتاب والسنّة في رفع الاختلاف عنّا ؟ قال الشامي : نعم ، قال هشام : فَلِمَ اختلفت أنا وأنت ، وصرتَ إلينا من الشام في مخالفتنا إيّاك ؟ فسكت الشامي ، فقال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : ما لك لا تتكلّم ؟ فقال : إن قلت : لم يختلف (٢) كذبت ، وإن قلت (٣) : الكتاب والسنّة يرفعان عنّا الاختلاف أحلت (٤) ، لأنّهما يحتملان الوجوه ـ إلى أن قال الشامي : ـ والساعة من ( الحجّة ) (٥) ؟ فقال هشام : هذا القاعد الّذي تشدّ إليه الرحال ، ويخبرنا بأخبار السماء. الحديث.
وفيه أن الصادق ( عليه السلام ) أثنى على هشام.
[ ٣٣٥٣٤ ] ٣ ـ وعن محمّد بن أبي عبد الله ، ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، وعن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد جميعاً ، عن الحسن بن العباس بن الحريش ، عن أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) ، قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : وذكر الحديث ، وفيه أنَّ رجلاً سأل أباه عن مسائل ، فكان ممّا أجابه به أن قال : قل لهم : هل كان فيما أظهر رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) من علم الله اختلاف ؟ فإن قالوا : لا ،
__________________
(٤) رجال الكشي ٢ : ٧١٨ / ٧٩٥.
٢ ـ الكافي ١ : ١٣٠ / ٤.
(١) في المصدر : نفعنا اليوم.
(٢) في المصدر : نختلف.
(٣) في المصدر زيادة : إن.
(٤) في المصدر : أبطلت.
(٥) ليس في المصدر.
٣ ـ الكافي ١ : ١٨٨ / ١.
فقل لهم : فمن حكم بحكم فيه اختلاف ، فهل خالف رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ؟ فيقولون : نعم ، فأن قالوا : لا ، فقد نقضوا أوَّل كلامهم ، فقل لهم : ما يعلم تأويله إلاّ الله والراسخون في العلم ، فإن قالوا : من الراسخون في العلم ؟ فقل : من لا يختلف في علمه ، فإن قالوا : من (١) ذاك ؟ فقل : كان رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) صاحب ذاك ـ إلى أن قال : ـ وإن كان رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) لم يستخلف (٢) أحداً فقد ضيّع من في أصلاب الرجال ممّن يكون بعده ، قال : وما يكفيهم القرآن ؟ قال : بلى ، لو وجدوا له مفسّراً ، قال : وما فسّره رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ؟ قال : بلى ، قد فسّره لرجل واحد ، وفسّر للاُمّة شأن ذلك الرجل ، وهو عليُّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) ـ إلى أن قال : ـ والمحكم ليس بشيئين إنّما هو شيء واحد ، فمن حكم بحكم ليس فيه اختلاف ، فحكمه من حكم الله عزَّ وجلَّ ، ومن حكم بحكم فيه اختلاف فرأى أنَّه مصيب ، فقد حكم بحكم الطاغوت.
[ ٣٣٥٣٥ ] ٤ ـ وعن عليِّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن سليم بن قيس الهلالي ، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، قال : إنَّ الله طهّرنا ، وعصمنا ، وجعلنا شهداء على خلقه ، وحجّته في أرضه ، وجعلنا مع القرآن ، ( والقرآن ) (١) معنا ، لا نفارقه ، ولا يفارقنا (٢).
[ ٣٣٥٣٦ ] ٥ ـ وعن عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن
__________________
(١) في المصدر : فمن هو.
(٢) في المصدر زيادة : في عمله.
٤ ـ الكافي ١ : ١٤٧ / ٥.
(١) في المصدر : وجعل القرآن.
(٢) قوله : لا نفارقه ولا يفارقنا ، وجهه أنهم لا يخالفونه ولا يعلم غيرهم تفسيره بل ولا تنزيله كله كما ينبغي ، ولو علم أحد غيرهم جميع تنزيله وتأويله لفارقهم وفارقوه ، « منه. قده ».
٥ ـ الكافي ١ : ١٦٦ / ١.
الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن أيّوب بن الحرّ ، عن عمران ابن عليّ ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : نحن الراسخون في العلم ، ونحن نعلم تأويله.
[ ٣٣٥٣٧ ] ٦ ـ وعن عليِّ بن محمّد ، عن عبد الله بن عليّ ، عن إبراهيم ابن إسحاق ، عن عبد الله بن حمّاد ، عن بريد بن معاوية ، عن أحدهما ( عليهما السلام ) في قول الله عزَّ وجلَّ : ( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) (١) فرسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أفضل الراسخين في العلم ، قد علّمه الله جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل ، وما كان الله لينزّل عليه شيئاً (٢) لا يعلمه تأويله ، وأوصياؤه من بعده يعلمونه. الحديث.
[ ٣٣٥٣٨ ] ٧ ـ وعن الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن محمّد ابن اورمة ، عن عليِّ بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : الراسخون في العلم : أمير المؤمنين ( عليه السلام ) والأئمّة ( من ولده ) (١) ( عليهم السلام ).
[ ٣٣٥٣٩ ] ٨ ـ وبهذا الإِسناد عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ في قوله تعالى : ( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) (١) قال : أمير المؤمنين : والأئمّة ( عليهم السلام ).
[ ٣٣٥٤٠ ] ٩ ـ وعن أحمد بن محمّد (١) ، عن محمّد بن عليّ ، عن حمّاد
__________________
٦ ـ الكافي ١ : ١٦٦ / ٢.
(١) آل عمران ٣ : ٧.
(٢) في المصدر : لم.
٧ ـ الكافي ١ : ١٦٦ / ٣.
(١) في المصدر : من بعده.
٨ ـ الكافي ١ : ٣٤٣ / ١٤.
(١) آل عمران ٣ : ٧.
٩ ـ الكافي ١ : ١٦٦ / ١.
(١) في المصدر : أحمد بن مهران.
ابن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول في هذه الآية : ( بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) (٢) فأومى بيده إلى صدره.
[ ٣٣٥٤١ ] ١٠ ـ وعنه ، عن محمّد بن عليّ ، عن ابن محبوب ، عن عبد العزيز العبدي ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في قول الله عزَّ وجلَّ : ( بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) (١) قال : هم الأئمّة ( عليهم السلام ).
[ ٣٣٥٤٢ ] ١١ ـ وعنه ، عن محمّد بن عليّ ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، قال : قرأ (١) أبو جعفر ( عليه السلام ) هذه الآية : ( بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) (٢) ثمَّ قال : أما والله ، يا أبا محمّد ما قال ما بين دفتي المصحف ، قلت : مَن هم جعلت فداك ؟ قال : من عسى أن يكونوا غيرنا.
[ ٣٣٥٤٣ ] ١٢ ـ وعن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن يزيد شعر ، عن هارون بن حمزة ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : سمعته يقول : ( بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) (١) قال : هم الأئمّة خاصّة.
__________________
(٢) العنكبوت ٢٩ : ٤٩.
١٠ ـ الكافي ١ : ١٦٧ / ٢.
(١) العنكبوت ٢٩ : ٤٩.
١١ ـ الكافي ١ : ١٦٧ / ٣.
(١) في المصدر : قال :.
(٢) العنكبوت ٢٩ : ٤٩.
١٢ ـ الكافي ١ : ١٦٧ / ٤.
(١) العنكبوت ٢٩ : ٤٩.