عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ٣

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني

عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ٣

المؤلف:

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٣
الصفحات: ٢٨٧

نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيتحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلا يؤم الناس ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقا سمينا وخبزا برا لشهد العشاء ، وهذا ذم من النبي (ص) لجماعة من أصحابه حيث لم يحضروا الصلاة جماعة معه.

خروج عائشة على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب :

وخرجت عائشة إلى قتال أمير المؤمنين (ع) ومعلوم انها عاصية بذلك :

أما (أولا) فلأن الله تعالى قد نهاها عن الخروج وأمرها بالاستقرار في منزلها فهتكت حجاب الله ورسوله (ص) وتبرجت وسافرت في جحفل عظيم وجم غفير يزيد على سبعة عشر ألفا.

وأما (ثانيا) فلأنها ليست ولي الدم حتى تطلب به ولا لها حكم الخلافة فبأي وجه خرجت للطلب.

وأما (ثالثا) فلأنها طلبته من غير من عليه الحق لأن أمير المؤمنين (ع) لم يحضر قتله ولا أمر به ولا واطأ عليه وقد ذكر ذلك كثيرا.

وأما (رابعا) فلأنها كانت تحرض على قتل عثمان وتقول اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا فلما بلغها قتله فرحت بذلك فلما قام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) بالخلافة أسندت القتل إليه وطالبته بدمه لبغضها له وعداوتها معه ثم مع ذلك تبعها خلق عظيم وساعدها عليه جماعة كثيرة ألوفا مضاعفة وفاطمة (ع) لما جاءت تطالب بحق إرثها الذي جعله الله لها في كتابه العزيز وكانت محقة لم يتابعها مخلوق ولم يساعدها بشر.

عقائد الامامية ـ ٦

٨١

تحقيق المسألة :

لا إشكال ان الباغي على أمير المؤمنين (ع) مهدور الدم فضلا عن كونه عاصيا لأمور :

الأول : قوله تعالى : (فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي) روى الحاكم في المستدرك ص ١٥ ج ٣ في مناقب علي (ع) عن الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر أنه بينما هو جالس مع عبد الله ابن عمر إذ جاءه رجل من أهل العراق فقال يا أبا عبد الرحمن اني والله لقد حرصت ان اعتزل الناس واقتدي بك في أمر فرقة الناس وأعتزل الشر ما استطعت ، وإني أقرأ آية من كتاب الله محكمة فأخبرني عن هذه الآية ، وقرأ الآية المذكورة ، فقال عبد الله ما لك ولذلك ، انصرف عني فانطلق حتى توارى عنا سواده ، فأقبل علينا عبد الله بن عمر فقال : ما وجدت في نفسي من شيء في أمر هذه الآية ما وجدت في نفسي أني لم أقاتل هذه الفتنة الباغية ولا ريب أن البغي على علي (ع) لم يختص بمعاوية بل هو شامل للناكثين والمارقين والقاسطين.

الثاني : الأخبار التي قال فيها رسول الله (ص) لعلي (ع) حربك حربي وسلمك سلمي فإنها دالة على وجوب محاربة من حارب عليا (ع) كما يجب محاربة من حارب رسول الله (ص) وإن المحارب لهما بحكم واحد في وجوب قتله وهدر دمه.

الثالث : الأخبار الآمرة لأمير المؤمنين (ع) بحرب الناكثين والقاسطين والمارقين وأنه بعهد من النبي (ص) وروى الحاكم في المستدرك في مناقب علي (ع) ص ١٣٩ ج ٣ عن عقاب بن ثعلبة قال حدثني أبو أيوب الأنصاري في خلافة عمر بن الخطاب قال أمر رسول الله (ص) علي بن

٨٢

أبي طالب (ع) بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين وذكره صاحب كنز العمال أيضا.

الرابع : الأخبار العامة الآمرة بقتل من خرج على إمام زمانه ونازعه كما رواه مسلم في باب بيعة الخلفاء عن عبد الرحمن بن عبد ربه قال دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص إلى ان قال فقال اجتمعنا إلى رسول الله (ص) وذكر كلاما لرسول الله (ص) من جملته ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع.

وإذا تحقق هذا فنقول : ان عائشة وطلحة والزبير خرجوا على علي أمير المؤمنين (ع) وحرب الجمل في البصرة مشهور عند عامة الناس ولذا قال ابن عباس في يوم دفن الإمام الحسن الزكي عند قبر جده رسول الله (ص) وركبت البغل ومنعت أن يدفن عند قبر جده (ص).

تجملت تبغلت ولو عشت تفيلت

لك التسع من الثمن وفي الكل تملكت

كلاب الحوأب :

وروي في الكنز من كتاب الفتن ص ١٤٩ عن ابن أبي شيبة ونعيم بن حماد عن عائشة زوجة النبي (ص) ان النبي (ص) قال لأزواجه أيتكنّ التي تنبحها كلاب الحوأب؟ فلما مرت عائشة ببعض مياه بني عامر ليلا نبحت الكلاب عليها فسألت عنه فقيل لها هذا ماء الحوأب فوقفت وقالت ما أظنني إلا راجعة اني سمعت رسول الله (ص) قال ذات يوم كيف باحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب ورواه أيضا الحاكم في المستدرك عن أم سلمة رضي الله عنها قالت ذكر النبي (ص) خروج بعض أمهات المؤمنين فضحكت عائشة فقال انظري يا حميراء أن لا تكوني أنت وذكر ابن الأثير ص ١٠٤ قصة نباح كلاب الحوأب على عائشة وانها لما عرفت

٨٣

الموضع صرخت بأعلى صوتها وقالت أنا والله صاحبة كلاب الحوأب فأناخت وأناخوا يوما وليلة.

طلحة والزبير :

فيدل ما روى الطبري ص ٨٤ عن عوف قال جاء رجل إلى طلحة والزبير وهما في المسجد بالبصرة فقال نشدتكما الله في سيركما أعهد إليكما فيه رسول الله (ص) شيئا فقام طلحة ولم يجبه فناشد الزبير فقال لا ولكن بلغنا أن عندكم دراهم فجئنا نشارككم فيها وروى الطبري وابن الأثير بعد ما سبق انه لما بايع أهل البصرة الزبير وطلحة قال الزبير ألا ألف فارس أسير بهم إلى علي بن أبي طالب (ع) أقتله قبل أن يصل إلينا فلم يجبه أحد فقال إن هذه هي الفتنة التي كنا نتحدث عنها فقال له مولاه أتسميها فتنة وتقاتل فيها قال ويحك إنا نبصر إلى آخرها. ومن يريد أزيد من هذا فليراجع تاريخ الطبري وابن الأثير.

دفن أبي بكر وعمر في حجرة النبي :

أقول من المطاعن انها جعلت بيت رسول الله (ص) مقبرة لأبيها ولعمر وهما أجنبيان عن النبي (ص) فإن كان هذا البيت ميراثا كان من الواجب استئذان جميع الورثة وإن كان صدقة للمسلمين يجب استئذانهم وإن كان ملكا لعائشة كذبه ما تقدم من انها لم يكن لها بيت ولا مسكن ولا دار بالمدينة وقد روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين أن رسول الله (ص) قال : ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة وروى الطبري في تاريخه أن النبي (ص) قال إذا غسلتموني وكفنتموني فضعوني على سريري في بيتي هذا على شفر قبري.

٨٤

ادعاء عائشة بحجرتها :

روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين أن النبي (ص) أراد أن يشتري موضع المسجد من بني النجار فوهبوه له وكان فيه نخل وقبور المشركين ، فقلع النخل وخرّب القبور وقد قال الله تعالى (لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ) ومن المعلوم أن عائشة لم يكن لها ولا لأبيها دار بالمدينة ولا أثرها ولا بيت ولا أثرها ولا لأحد من أقاربها ، وادعت حجرة أسكنها فيها رسول الله (ص) فسلمها إياها أبوها أبو بكر ولم يفعل معها كما فعل مع فاطمة (ع) من أخذ فدك من يدها.

رأي الشيعة الإمامية الاثني عشرية في الصحابة :

ولا بد منا أن نذكر بعض ما يتعلق بهذه المسألة وفروضها ثلاثة : ـ

الأول : ـ ان صحابة رسول الله (ص) كلهم عدول أجمعين وما صدر منهم يتحمل لهم وهم مجتهدون وهذا هو رأي الجمهور من السنة.

الثاني : ـ ان الصحابة كغيرهم من الرجال وفيهم العدول من الرجال وفيهم الفساق منهم يوزنون بأعمالهم فالمحسن يجازى لإحسانه والمسيء يؤخذ بإساءته.

الثالث : ـ إن جميع الصحابة كفار والعياذ بالله وهذا رأي الخارجين عن الإسلام ولا يقوله إلا كافر وليس من الإسلام في شيء.

هذه ثلاثة فروض للمسألة وهنا لا بد أن نقف مليا لنفحص هذه الأقوال أما القول الثالث فباطل بالاجماع ولم يقل به إلا أعداء الإسلام أو الدخلاء فيه ، وأما القول الأول هو أشبه شيء بادعاء العصمة للصحابة أو سقوط التكاليف عنهم وهذا شيء لا يقره الإسلام ولا تمثله تعاليمه ،

٨٥

بقي القول الوسط وهو ما تذهب الشيعة إليه من اعتبار منازل الصحابة حسب الأعمال ودرجة الإيمان ، وذلك ان الصحبة شاملة لكل من صحب النبي (ص) أو رآه أو سمع حديثه فهي تشمل المؤمن والمنافق والعادل والفاسق والبر والفاجر ، كما يدل عليه قول النبي (ص) في غزوه تبوك عند ما أخبره جبرائيل بما قاله المنافقون أن محمدا يخبر بأخبار السماء ولا يعلم الطريق إلى الماء فشكا ذلك إلى سعد بن عبادة فقال له سعد إن شئت ضربت أعناقهم قال (ص) : لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ولكن نحسن صحبتهم ما أقاموا معنا.

روى مسلم والنسائي في الخصائص ص ٢٧ عن النبي (ص) أنه قال لعلي (ع) لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق وقال الحسن البصري في حق معاوية أربع خصال في معاوية لو لم تكن إلا واحدة لكانت موبقة : خروجه على هذه الأمة بالسفهاء حتى ابتزها بغير مشورة منهم ، واستخلافه ليزيد وهو يسكر ويلبس الحرير ويضرب بالطنابر ، وادعاؤه زيادا وقال النبي (ص) الولد للفراش وللعاهر الحجر ، وقتل حجر بن عدي وقد ذكر أبو زهرة في كتابه الإمام الصادق (ع) ص ١١٢ وقد لام كثيرون معاوية على سب سيف الله علي بن أبي طالب (ع) وقد أرسلت أم سلمة تقول له إنكم تلعنون الله ورسوله إذ تلعنون علي بن أبي طالب (ع) ومن يحبه وأشهد أن الله ورسوله يحبانه.

وعلى هذا كان معاوية وحزبه في عداد الصحابة محل تقدير النبي (ص) وهم يعلنون سب علي (ع) حتى ورد انه كان في أيام بني أمية أكثر من سبعين ألف منبر يلعن عليها علي (ع) بما سنّه لهم معاوية بن أبي سفيان وأخرج الدار قطني أن مروان بن الحكم قال ما كان أحد أدفع عن عثمان من علي (ع) وقد أشار إلى ذلك العلامة أحمد الحفيظ الشافعي في ارجوزته :

وقد حكى الشيخ السيوطي أنه

قد كان فيما جعلوه سنه

٨٦

سبعون ألف منبر وعشرة

من فوقهن يلعنون حيدره .. الخ

أيكون المغيرة بن شعبة الذي كان يلعن عليا على منبر الكوفة ويدعو الناس إلى البراءة منه محلا للتقدير؟؟ أم سمرة بن جندب الذي أراق دماء المسلمين وهتك الحرمات عند ولايته على البصرة من قبل زياد في عهد معاوية وكان ممن يحث الناس على الخروج لحرب الحسين (ع) وقد وضع أحاديث فيما يؤيد معاوية ويشد عضده؟ أم بسر بن ارطاة ذلك السفاك لدماء المسلمين في اليمن واقامهن في الأسواق للبيع فكان يكثف من سوقهن فأيهن أعظم ساقا اشتريت؟ أم أبو الغادية قاتل عمار بن ياسر رضوان الله عليه وقد قال رسول الله (ص) يا عمار تقتلك الفئة الباغية؟؟

١ ـ ومن الشواهد نفي العدالة عن الصحابة في زمان النبي (ص) قال ابن كثير ج ٤ ص ١٧٠ كان رجل يكتب للنبي (ص) وقد قرأ البقرة وآل عمران فكان رسول الله (ص) يملي عليه غفورا رحيما فيكتب عليما حكيما فيقول له النبي (ص) اكتب كذا وكذا فيقول اكتب كيف شئت ويملي عليه عليما حكيما فيكتب سميعا بصيرا وقال أنا اعلمكم بمحمد فمات ذلك الرجل فقال النبي (ص) الأرض لا تقبله قال أنس بن مالك فحدثني أبو طلحة انه أتى الرجل ، الأرض الذي مات فيها الرجل فوجده منبوذا فقال أبو طلحة ما شأن هذا الرجل قالوا دفناه مرارا فلم تقبله الأرض.

٢ ـ وهذا الوليد بن عقبة بن أبي معيط الذي سماه الله فاسقا أبو خالد سيف الله عند العامة حينما أرسله النبي (ص) على صدقات بني المصطلق فعاد وأخبر النبي (ص) انهم خرجوا لقتاله فأراد ان يجهز لهم جيشا فأنزل الله فيه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ) فقد كان في عداد الصحابة فأين العدالة من الفاسق.

٨٧

٣ ـ وهذا النجد بن قبير أحد بني سلمة نزلت فيه : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ).

٤ ـ وهذا مسجد ضرار وما أدراك ما مسجد ضرار قد بناه قوم وسموا بالصحبة يتظاهرون فيه بأداء الصلاة في أوقات لا يسعهم الوصول إلى النبي (ص) ولكن فضح الله سرهم وأبان أمرهم فهم منافقون وأنزل الله فيهم (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) وكانوا اثني عشر رجلا من المنافقين منهم خزام بن خالد بن عبيد ومن داره اخرج المسجد ومعتب بن قشير وأبو حبيب بن أبي الأزعر وغيرهم (سيرة ابن هشام ج ١ ص ٣٤١).

٥ ـ وهذا ثعلبة بن حاطب بن عمر بن أمية ممن شهد بدرا واحدا فقد منع زكاة ماله فأنزل الله فيه : (وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) وكان ثعلبة هذا من الصحابة ملازما لأداء الصلاة في أوقاتها وكان معدما فقيرا فقال لرسول الله (ص) ادع الله لي أن يرزقني مالا فقال (ص) ويحك يا ثعلبة قليل تشكره خير من كثير لا تطيقه فقال رسول الله (ص) اللهم ارزق ثعلبة مالا فزاد ماله وامتنع عن الزكاة وكان من الكاذبين.

٦ ـ وهذا ذو الثدية كان في عداد الصحابة متنسكا عابدا وكان يعجبهم تعبده واجتهاده فأمر النبي (ص) بقتله وكان (ص) يقول إنه لرجل في وجهه سفعة من الشيطان فأمر النبي (ص) بقتله وأرسل أبا بكر ليقتله فلما رآه يصلي رجع وأرسل عمر فلم يقتله وخالفا أمر النبي (ص) كما ذكرنا سابقا وأرسل عليا (ع) فلم يدركه وهو الذي ترأس الخوارج

٨٨

وقتله علي (ع) يوم النهروان ذكر ذلك في الاصابة ج ١ ص ٤٢٩.

٧ ـ وهؤلاء قوم وسموا بالصحابة كانوا يجتمعون في بيت سويلم يثبطون الناس عن رسول الله (ص) فأمر من أحرق عليهم بيت سويلم كما في الاصابة أيضا ج ٣ ص ٢٣٥.

٨ ـ وهذا قزمان بن الحرث شهد أحدا وقاتل مع النبي (ص) قتالا شديدا فقال أصحاب النبي (ص) ما أجزأ عنا أحد كما أجزأ عنا فلان فقال النبي (ص) اما انه من أهل النار ولما أصابته الجراحة وسقط فقيل له هنيئا لك بالجنة يا أبا الغيداق قال جنة من حرمل والله ما قاتلنا إلا على الأحساب.

٩ ـ وهذا الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس شتمه رسول الله ولعنه وهو والد مروان وعم عثمان بن عفان.

حدث الفاكهي بسند عن الزهيري وعطاء الخراساني ان أصحاب محمد دخلوا عليه وهو يلعن الحكم فقالوا يا رسول الله ما باله فقال دخل عليّ شق الجدار وأنا مع زوجتي فلانة ومر الحكم فجعل الحكم يغمز النبي (ص) باصبعه فالتفت فرآه فقال النبي (ص) اللهم اجعله وزغا فزحف في مكانه (الاصابة ج ١ ص ٣٤٦) وكان النبي (ص) يسميه خيط الباطل وقال (ص) فيه ويل لأمتي مما في صلب هذا ومن حديث عائشة انها قالت لمروان بن الحكم اشهد أن رسول الله لعن أباك وأنت في صلبه.

١٠ ـ وهذه أم المؤمنين عائشة لم يثبت لها الايمان : ـ كما حدث كثير بن مرّة عنها أن النبي (ص) قال أطعميني يا عائشة قالت ما عندنا شيء فقال أبو بكر إن المرأة المؤمنة لا تحلف أنه ليس عندها شيء وهو عندها فقال النبي (ص) ما يدريك أنها مؤمنة إن المرأة المؤمنة من النساء كالغراب الأبقع في الغربان (علل الحديث لابن حاتم ج ١ ص ٤٣٩)

٨٩

وهذا إنكار من النبي (ص) على القطع بالعدالة والإيمان ولو كان كما يدعى لقال مؤيدا لقول أبي بكر نعم إنها مؤمنة وزوجة النبي (ص) ومن أهل الجنة.

١١ ـ حديث أبي هريرة فإذا أردنا أن نتثبت في قبول رواية أبي هريرة مثلا ونقف أمام أحاديثه موقف المتثبت لاستجلاء الواقع وظهور الحقيقة يقال هذا طعن على الصحابة أليس من الحق أن نقف موقف الانكار على كثرة أحاديثه حتى بلغ ثلاثين ألف حديث ونتساءل عن اختصاصه بمنزلة لم تكن لأحد من الصحابة قط ، وهو حديث عهد في الإسلام فإنه أسلم بعد فتح خيبر في السنة السابعة ، وذهب إلى البحرين مع العلاء في السنة الثانية وبقي فيها إلى أن توفي النبي (ص) ، فتكون صحبته أقل من سنتين ، فكيف يختص به ممن هو أسبق إسلاما وأكثر ملازمة منه للنبي (ص) ، وأفرغ بالا لقبول ما يسمع؟ فقد كان أبو هريرة مشغولا بسد رمقه ويصرع من الجوع مرة بعد أخرى.

وهذا عمر بن الخطاب لم يثبت العدالة لأبي هريرة عند ما استعمله على البحرين فقدم بعشرة آلاف فقال له عمر استأثرت بهذه الأموال يا عدو الله وعدو كتابه ، فقال أبو هريرة لست بعدو الله ولا عدو كتابه ولكن عدو من عاداهما (يعني عمر وأبا بكر) فقال عمر من أين هي لك قال أبو هريرة خيل نتجت وغلة ورقيق لي قال عمر قد حسبت لك رزقك ومئونتك وهذا فضل فأده قال أبو هريرة ليس لك ذلك قال بلى والله أوجع ظهرك ثم قام عمر إليه بالدرة فضربه حتى أدماه هكذا رأينا يقابل أبا هريرة بشدة ويتهمه بخيانة أموال المسلمين وينسبه لعداء الله وعداء كتابه ومع انه كان أميا لا يقرأ ولا يكتب فقد كانت أحاديثه كثيرة تبعث على الاستنكار فقد روى عن النبي (ص) فقط ٥٣٧٤ حديثا وقد أنكر الصحابة عليه ذلك وكذبوه وقد أنكرت أيضا عليه عائشة وابن عمر ونهاه

٩٠

عمر بن الخطاب عن الحديث وذكر الخطيب البغدادي وهو من أعاظم علماء السنة ذكر عند الرشيد حديث أبي هريرة إن موسى لقي آدم فقال أنت آدم الذي أخرجتنا من الجنة فقال رجل من قريش أنى لقي آدم موسى فغضب الرشيد وقال النطع والسيف زنديق يطعن في حديث رسول الله (ص) (تاريخ بغداد ج ١٤ ص ٧) ومن هذا نعرف شدة الأمر وخطر الموقف فهذا رجل يسأل عن المكان الذي لقي موسى آدم ويتضح له أمر لعله كان يجهله فلقي ما لقي وطبقت عليه مادة الفناء وهي الاتهام بالزندقة فمن ذلك ما حدث به عن سهو النبي (ص) في الصلاة وهو منزه عن ذلك.

قال أبو هريرة صلى بنا رسول الله (ص) الظهر والعصر فسلم في ركعتين فقال ذو اليدين أنقصت الصلاة أم نسيت وفي لفظ كما أخرجه مسلم بينما أنا أصلي مع رسول الله (ص) الحديث مما يدل على حضور أبي هريرة الواقعة ومما لا شك فيه ان إسلام أبي هريرة كان بعد فتح خيبر ووفاة ذي اليدين في بدر في السنة الثانية وأيضا يحدث أبو هريرة عن رقية بنت رسول الله (ص) وأنه دخل عليها وسألها عن فضيلة لعثمان بن عفان والحال ان رقية ماتت قبل إسلام أبي هريرة في السنة الثالثة.

المدينة والحركة العلمية :

كانت المدينة المنورة مصدرا للفتيا ترجع إليهم الامة في مهمات التشريع الإسلامي لأنها مركز العلم وفيها أصحاب الرسول وأهل بيته والتابعين لهم باحسان وقد لاحظت الدولة الأموية من قبل هذه المهمة التي يجب ان تلاحظها وهي اتجاه الأنظار إلى المدينة لأنها الجامعة الإسلامية ويخشى على الدولة خطرها فكانت تحذرهم أشد الحذر فاستمالت أكثر الفقهاء بالعطاء والرجوع إليهم في المهمات لتسد بذلك ثغرة الخطر على الدولة وفي العهد العباسي

٩١

نشطت الحركة العلمية وكان طبيعيا ان تفشى العلوم في ظل سلطانهم لأنهم كانوا يجعلون حقهم في الأمة قائما على انهم سلالة النبي (ص) وكانوا يقولون انهم سيشيدون على اطلال الحكومة الموسومة بالزندقة عند أهل التقى نظاما على سنة النبي (ص) واحكام الدين الإلهي فنهض أهل البيت وبقية العلماء لنشر العلم إذ وجد المسلمون حرية الرأي والتفوا حول آل البيت لانتهال العلوم من موردهم العذب وكان الامام الصادق (ع) هو الشخصية التي يتطلع إليها الناس يوم طلع فجر النهضة العلمية فحملوا عنه إلى سائر الأقطار وقصده طلاب العلم من أقطار العالم فكان تلاميذ الصادق (ع) أربعة آلاف نسمة.

أهل الحديث وأهل الرأي :

وكان الحديث في العراق قليلا ولكن انفتح فيه باب الرأي والقياس وقد أخذه حماده عن ابراهيم النخعي المتوفى سنة ٩٥ ه‍ ٧١٣ وأخذه أبو حنيفة نعمان بن ثابت الكابلي الأصل متولد الكوفة ٨٠ ه‍ متوفى ١٥٠ ه‍ عن حماد وكان أهل الحديث يعيبون أهل الرأي لأنهم يتركون الأحاديث لأقيستهم ، والدين لا يقاس بالرأي ، وإنما سموا أهل الرأي ، لأن عنايتهم بتحصيل وجه من القياس وأصحاب أبي حنيفة محمد بن الحسن الشيباني وأبو يوسف القاضي وزفر بن الهذيل والحسن بن زياد اللؤلؤي وأبو مطيع البلخي وبشر الريس فهؤلاء عرفوا بأهل الرأي وبهذا افترقت الأمة إلى فرقتين أهل حديث وأهل الرأي أو أهل المدينة وأهل الكوفة.

نشوء المذاهب :

أصبح النشاط العلمي واسع النطاق فكان في كل بلد إمام له مذهب ينسب إليه وكثر عدد المذاهب والمنتمون إليها إلا أنه لم يكتب البقاء

٩٢

لأكثرها واعتراها الانقراض وكان لمؤسسيها الذين كثر اتباعهم تاريخ مجيد ومكانة سامية ربما فاقوا في معاصريهم ودوي العلم منهم رؤساء المذاهب الذين وقفت قافلة الفقه عندهم واقتصر استنباط الأحكام عليهم ولكن عوامل انتشار مذاهبهم عجزت عن مسايرة الظروف فلم يكتب لها البقاء ولم يبق لأبناء السنة منها إلا أربعة المالكي والحنفي والشافعي والحنبلي أما المذاهب التي انقرضت فهي كثيرة ونذكر منها :

١ ـ مذهب عمر بن عبد العزيز

المتوفي سنة ١٠١ ه‍ ٧٣٠ م

٢ ـ مذهب الشعبي

المتوفي سنة ١٠٥ ه‍ ٧٢٣ م

٣ ـ مذهب الحسن البصري الصوفي

المتوفي سنة ١١٠ ه

٤ ـ مذهب (الاعمش)

المتوفي سنة ١٤٨ ه

٥ ـ مذهب الاوزاعي

المتوفي سنة ١٥٧ ه‍ ٧٧٣ م

٦ ـ مذهب سفيان الثوري

المتوفي سنة ١٦١ ه‍ ٧٧٧ م

٧ ـ مذهب الليث

المتوفي سنة ١٧٥ ه

٨ ـ مذهب سفيان بن عيينة

المتوفي سنة ١٩٨ ه‍ ٨١٤ م

٩ ـ مذهب اسحاق

المتوفي سنة ٢٣٨ ه

١٠ ـ مذهب (أبي ثور)

المتوفي سنة ٢٤٠ ه‍ ٨٥٤ م

١١ ـ مذهب داود الظاهري

المتوفي سنة ٣٧٠ ه‍ ٨٣٣ م

١٢ ـ مذهب محمد بن جرير

المتوفي سنة ٣١٠ ه‍ ٩٢٣ م

١٣ ـ مذهب عبد الله بن اباض الخارجي

١٤ ـ مذهب عائشة

١٥ ـ مذهب ابن عمر

١٦ ـ مذهب ابن مسعود

١٧ ـ مذهب ابراهيم النخعي

١٨ ـ مذهب حنفي ١٩ مالكي ٢٠ شافعي ٢١ حنبلي

٩٣

المذاهب الأربعة :

ثم كان بعد هذا ما هو أدهى وأمر فإنه في سنة ٦٤٥ ه‍ أحضر (مدرس المدرسة) المستنصرية في بغداد إلى دار الوزير فطلب منهم ألا يذكروا شيئا من تصانيفهم وقال شهاب الدين الزنجاني الشافعي واقضى القضاة عبد الرحمن بن اللمغاني الحنفي قال إن المشايخ كانوا رجالا ونحن رجال.

استقرار المذاهب الأربعة في مصر :

وقال المقريزي فلما كانت سلطنة الظاهر (بيبرس) ولى بمصر أربعة قضاة وهم شافعي ومالكي وحنفي وحنبلي فاستمر ذلك من سنة ٥٦٥ ه‍ حتى لم يبق في مجموع أمصار الإسلام مذهب يعرف من مذاهب أهل الإسلام سوى هذه الأربعة وعملت لأهلها المدارس والخوانك والزوايا والرباط في سائر ممالك الإسلام ولا قدّم للحطابة والإمامة والتدريس أحد ما لم يكن مقلدا لأحد هذه المذاهب وأفتى فقهاء الأمصار في طول هذه المدة بوجوب اتباع هذه المذاهب وتحريم ما عداها وسدّوا باب الاجتهاد وصاروا مقلدين وكان ملوك المسلمين ينشئون المدارس بدل المساجد ويحبسون عليها من الأوقاف ما يرغب العلماء فيها ويجعل لهم سلطانا عليهم حتى صار التعليم خاضعا للحكومات بعد أن كان أمره بيد الرعية وكان لهذه أثرة في نفوس العلماء فنزلوا على إرادة الملوك ولم تقو نفوسهم على مخالفتهم في رأيهم.

المدارس البيهقية :

وكانت أول ما انشىء من تلك المدارس وهي منسوبة إلى البيهقي المتوفى سنة ٤٥٠ ه‍ ثم بعدها المدرسة السعيدية بنيشابور أنشأها الأمير نصر

٩٤

ابن سبكتكين ثم بعدها النظامية ببغداد أنشأها الوزير نظام الملك الطوسي خراساني سنة ٤٥٩ ه‍ وقد احتفل بافتتاحها احتفالا عظيما ثم جاء صلاح الدين الأيوبي الكردي لمصر فقام بإنشاء المدارس فيها للتعليم وأنشأ المدرسة الناصرية لتعليم مذهب الشافعي سنة ٥٦٦ ه‍ ثم أنشأ المدرسة الصلاحية بالقرافة الصغرى سنة ٥٧٢ ه‍ بجوار الإمام الشافعي ثم أنشأ مدرسة أخرى بجوار المشهد الحسيني بمصر وكان صلاح الدين يقصد من هذه المدارس كلها إلى إحياء مذهب أهل السنة والقضاء على مذهب الشيعة الفاطميين الذين كانوا يملكون مصر قبله وفي سنة ٧١٣ ه‍ إنشاء سلطان الجايتو محمد خدابنده في سلطانية زنجان مدرسة نظير مدرسة المنتصرية ببغداد.

المذهب الحنفي :

ينسب أبو حنيفة وهو النعمان بن ثابت بن زوطي إلى أهل كابل عاصمة الافغان أو من أهل نسا ناحية من نواحي شيراز وكان اسمه عتيك ابن زوطرة وكان أبوه عبدا أسر من كابل مملوكا لرجل من ربيعة من بني تيم الله بن ثعلبة من فخذ يقال لهم بني قفل ولد سنة ٨٠ ه‍ في نسا وتوفي سنة ١٥٠ ه‍ في بغداد. كانت دعوة العباسيين قائمة على أساس الانتماء إلى النبي (ص) وانهم سلالة النبوة فهم أحق بالأمر من أمية خصوم الإسلام وأعداء محمد وآله (ص) وبالطبع إنهم يقيمون على اطلال تلك الدولة المتهمة بمخالفة الدين دولة ذات صبغة دينية يحاولون ان يظهروا الاتصال الوثيق بين الدين والدولة ليكونوا من أحكام الشريعة الإسلامية دستورا ونظاما تسير الدولة عليه سيرا صوريا. فقربوا العلماء واتصلوا بهم اتصالا وثيقا وآثروا نشر العلم وجعلوا القضاء بيد أهل الرأي من أهل العراق وهو أبو يوسف في مقابل الإمام الصادق إمام الحق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين.

٩٥

أبو حنيفة في كتب أهل السنة :

قال ابن عبد البر في فضائل مالك والشافعي وأبي حنيفة ص ١٤٩ فممن طعن على أبي حنيفة أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري صاحب الصحيح في ص ١٥ فقال في كتابه في الضعفاء والمتروكين أبو حنيفة النعمان ابن ثابت الكوفي قال نعيم بن حماد حدثنا يحيى بن سعيد ومعاذ بن معاذ سمعا سفيان الثوري يقول استتيب أبو حنفية من الكفر مرتين وقال نعيم بن حماد عن الفزاري كنت عند سفيان بن عيينة فجاء نعي أبي حنيفة فقال لعنه الله كان يهدم الإسلام عروة عروة وما ولد في الإسلام مولود أشر منه هذا ما ذكره البخاري وقال في ص ١٥٠ من الانتقاء وذكر الساجي في كتاب العلل له في باب أبي حنيفة انه استتيب في خلق القرآن فتاب. وقال ابن الجارود في كتابه في الضعفاء والمتروكين النعمان بن ثابت أبو حنيفة جلّ حديثه وهم قد اختلف في إسلامه.

وروي عن مالك انه قال في أبي حنيفة نحو ما ذكر سفيان إنه شر مولود ولد في الإسلام وانه لو خرج على هذه الأمة بالسيف كان أهون وذكر الساجي قال حدثنا أبو السائب قال سمعت وكيع بن الجراح يقول وجدت أبا حنيفة خالف مائتي حديث عن رسول الله (ص) وذكره الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج ١٣ ص ٣٩٠ وذكر الساجي قال حدثني محمد بن روح المدائنيّ قال حدثني تعلى بن أسد قال قلت لابن المبارك كان الناس يقولون إنك تذهب إلى قول أبي حنيفة قال ليس كل ما يقول الناس يصيبون فيه كنا نأتيه زمانا ونحن لا نعرفه فلما عرفناه تركناه وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : أصحاب أبي حنيفة لا ينبغي أن يروى عنهم شيء وسئل عبد الله بن أحمد عن أبي حنيفة يروى عنه قال لا. وعن منصور بن أبي مزاحم قال سمعت مالك بن أنس وذكر أبو حنيفة قال كاد الدين ومن كاد الدين فليس من أهله ذكره صاحب

٩٦

حلية الأولياء وذكره الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج ١٢ ص ٤٠ أيضا.

وعن الوليد بن مسلم قال قال لي مالك بن أنس يذكر أبو حنيفة ببلدكم قلت نعم قال ما ينبغي لبلدكم أن يسكن. حلية الأولياء ص ٣٢٥.

وعن يوسف بن اسباط رد أبو حنيفة على رسول الله (ص) أربعمائة حديث أو أكثر وعن مالك انه قال ما ولد في الإسلام مولود أضر على الإسلام من أبي حنيفة وعنه كانت فتنة أبي حنيفة أضر على هذه الأمة من فتنة إبليس في الوجهين جميعا وما وضع من نقض السنن.

وعن عبد الرحمن بن مهدي ما اعلم في الإسلام فتنة بعد فتنة الدجال أعظم من رأي أبي حنيفة وعن شريك لأن يكون في كل حي من الأحياء ضمائر خير من ان يكون فيه رجل من أصحاب أبي حنيفة وعن الأوزاعي عمد أبو حنيفة إلى عرى الإسلام فنقضها عروة عروة ما ولد مولود في الإسلام أضر على الإسلام منه.

وعن سفيان الثوري انه قال إذ جاء نعي أبي حنيفة الحمد لله الذي أراح المسلمين منه لقد كان ينقض عرى الإسلام عروة عروة ما ولد في الإسلام مولود أضر على أهل الإسلام منه وعن سفيان أيضا وذكر عنده أبو حنيفة يتعسف امورا بغير علم ولا سنة وعن عبد الله بن ادريس أبو حنيفة ضال مضل وعن ابن أبي شيبة وذكر أبا حنيفة أراه كان يهوديا وعن أحمد بن حنبل انه قال كان أبو حنيفة يكذب وقال أصحاب أبي حنيفة ينبغي ان لا يروى عنهم شيء تاريخ بغداد ج ٧ ص ١٧.

المذهب المالكي :

مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي ولد بالمدينة سنة ٩٣ ه‍ وحملت

٩٧

به أمه سنتين وقيل أكثر وتوفي سنة ١٧٩ ه‍ بالمدينة وكان من نتائج النزاع الذي حدث بين أهل العراق وأهل المدينة أو أهل الحديث وأهل الرأي ظهور أبي حنيفة في العراق ومالك في الحجاز والسلطة تؤيد رأي أبي حنيفة بخلاف مالك لأنه يميل إلى العلويين في أوائل أمره اتصل بالحكومة وكانت الحكومة تعظم مالك.

المذهب الشافعي :

محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد ابن عبد بن يزيد وقيل ان شافعا كان مولى لأبي لهب فطلب من عمر ان يجعله من موالي قريش وامتنع فطلب من عثمان ذلك ففعل ولد سنة ١٥٠ ه‍ يوم وفاة أبي حنيفة وتوفي سنة ١٩٨ ه‍ في مصر.

ما ورد في حق الشافعي :

وقال صاحب لسان الميزان ج ٥ ص ١٧٥ عن أبي هريرة عن النبي (ص) سيكون في أمتي رجل يقال له محمد بن ادريس (يعني الشافعي) فتنته على أمتي أضر من فتنته إبليس.

قال محمد بن موسى الحنفي قاضي دمشق المتوفى سنة ٥٠٤ ه‍ لو كان لي من الأمر شيء لأخذت على الشافعية الجزية ويقول أبو حامد الغزالي الطوسي المتوفى سنة ٥٤٧ ه‍ لو كان لي الأمر لوضعت على الحنابلة الجزية.

المذهب الحنبلي :

ينسب إلى أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن ادريس

٩٨

ابن حيان بن عبد بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن ذهل بن شيبان ولد سنة ١٤٤ ه‍ في بغداد وتوفي فيها سنة ٢٤١ ه‍ أو في مرو خراسان.

التعصب بين المذاهب الأربعة وتكفير بعضها لبعض :

وإذا نظرنا إلى الحوادث المؤلمة التي حصل فيها التشاجر والتطاول بين معتقدي المذاهب الباطلة الأربعة فإن ذلك يبعث في نفوسنا الألم مما وصلت إليه الحالة السيئة بين جماعات الأمة ليت شعري أخفيت على أصحاب المذاهب الأربعة تلك الحوادث التي وقعت بين الحنفية والحنابلة وبين الحنابلة والشافعية يوم قام خطباء الحنفية يلعنون الحنابلة والشوافع على المنابر والحنابلة يحرقون مسجدا للشافعية بمرو وتقع هناك فتنة ذهب ضحيتها خلق كثير ويعظم الأمر والخلاف بين الحنفية والشافعية في نيسابور ايران وتقع فتنة مبعثها التعصب المذهبي فتحرق الأسواق والمدارس ويكثر القتل في الشافعية فينتصرون بعد ذلك على الحنفية ويسرفون في أخذ الثأر منهم وذلك في سنة ٥٥٤ ه‍ في الري أي طهران ومثلها تقع بين الشافعية والحنابلة وتضطر السلطة إلى التدخل في حسم النزاع بالقوة وذلك سنة ٧١٤ ه‍ وكثر القتل وحرق المساكن والأسواق في أصفهان وكان منشؤه التعصب كما في مرآة الجنان ج ٣ ص ٣٤٣ ومن الحوادث حادثة بغداد سنة ٧٨٩ ه‍.

ولما تولى القيثري الوعظ بالمدرسة النظامية عظم ذلك على الحنابلة فحطوا منه وكان ينال منهم فوقعت بينهم فتنة ذهبت بكثير من النفوس واشتد تعصب محب الدين بن محمد الهندي الحنفي المتوفى سنة ٧٨٩ ه‍ على الشافعية وكان يظهر التدين والنسك ويرى تعصبه عليهم تدينا والدين بريء من ذلك كما في شذرات الذهب ج ٦ ص ٢٦٠.

٩٩

اجماع المذاهب على تكفير الحنابلة والوهابية :

وتجمّع بقية المذاهب على الحنابلة غضبا على أعمال ابن تيمية ونودي في دمشق وغيرها : من كان على دين ابن تيمية حل ماله ودمه ، بمعنى أنهم كفرة يعاملون معاملة الكافرين. على ان الشيخ ابن حاتم الحنبلي يقول : من لم يكن حنبليا فليس بمسلم (كما في تذكرة الحفاظ ج ٣ ص ٣٧٥) فهو يكفر جميع المسلمين وعكسه الشيخ أبو بكر المقري الواعظ في جوامع بغداد حيث ذهب إلى تكفير الحنابلة ويعطينا الزمخشري جار الله الأردبيلي صورة واضحة من صورة الخلاف وشدة التطاحن بين المذاهب وطعن البعض على البعض بقوله :

إذا سألوا عن مذهبي لم أبح به

وأكتمه كتمانه لي أسلم

فإن حنفيا قلت قالوا بأنني

أبيح الطلى وهو الشراب المحرم

وإن شافعيا قلت قالوا بأنني

أبيح نكاح البنت والبنت تحرم

وإن مالكيا قلت قالوا بأنني

أبيح لهم أكل الكلاب وهم

وإن قلت من أهل الحديث وحزبه

يقولون دين ليس يدرى ويفهم

والمراد من أهل الحديث الحنبلي ، الكشاف ج ٢ ص ٤٩٨.

واتسع الخلاف بين المسلمين من تكفير البعض للبعض وكانوا بمنزلة اليهود والنصارى حين كفر بعضهم بعضا فقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء.

فلسفة اختلاف المذاهب الأربعة :

وهذا ما يذهب بنفس المسلم حسرات ويميت قلبه أسفا وحزنا وها نحن اليوم أمام تيار المبادي الفاسدة والآراء الهدامة والعقائد السخيفة من المذهب الشيوعي

١٠٠