عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ٣

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني

عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ٣

المؤلف:

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٣
الصفحات: ٢٨٧

قتلاها فذرفت عينا رسول الله (ص) فبكى ثم قال ولكن حمزة لا بواكي له فلما رجع سعد وأسيد أمرا نسائهما أن يندبن عم رسول الله (ص) ونحوه في كامل ابن الأثير ص ٧٨ ج ٢ نعم قد يعتذر له بما رواه هو وابنه من أن الميت يعذب ببكاء أهله وهذا الخبر غير صحيح بل كذب محض وإلا فكيف بكى النبي (ص) على حمزة وجعفر وزيد وابراهيم ورضي بالبكاء عليهم وعلى شهداء أحد وغيرهم وقد أنكرت عائشة وابن عباس عليهما في هذه الرواية بقوله تعالى (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى).

ومنها تأخيره مقام إبراهيم الى موضعه اليوم :

وكان ملصقا بالبيت كما ذكره ابن أبي الحديد ج ٣ ص ١١٣ والسيوطي في تاريخ الخلفاء وابن سعد في طبقاته والدميري في مادة الديك من حياة الحيوان.

ومنها انه قاسم عماله اموالهم وابقاهم في اعمالهم :

قال السيوطي في تاريخ الخلفاء أخرج ابن سعد عن ابن عمر أن عمر أمر عماله فكتبوا أموالهم منهم سعد بن أبي وقاص فشاطرهم عمر في أموالهم فأخذ نصفا واعطاهم نصفا ، ونقل في كنز العمال في كتاب الخلافة عن ابن الحكم في فتوح مصر عن يزيد بن أبي حبيب انه قاسمهم نصف أموالهم ولا حاجة لإطالة الكلام في مقاسمته لهم فإنها غنية عن البيان فهو ان كان يعلم خيانتهم بمقدار ما أخذه منهم فكيف ائتمنهم ، ثانيا : وإن لم يعلم خيانتهم فكيف استباح أخذ أموالهم.

٤١

ايجاب دية أبي خراش على اليمانيين :

ومنها حكم عمر على اليمانيين بدية أبي خراش الهذلي الشاعر إذ باتوا ضيوفا عنده فذهب يستقي لهم فمات من حية نهشته في الطريق كما ذكره في الاستيعاب في ترجمة أبي خراش من كتاب الكنى.

ومنها حكمه على غيلان بخلاف الشرع روى أحمد في مسنده ص ١٤ ج ٣ عن ابن عمر أن غيلان بن سلمة طلق نساءه وقسم أمواله بين بنيه فبلغ ذلك عمر إلى أن قال فقال وايم الله لتراجعن نساءك ولترجعن في مالك أو لاورثهن منك ولآمرن بقبرك فيرجم كما رجم قبر أبي عال وأنت ترى أن هذا خلاف السنة فإن الطلاق بيد من أخذ بالساق ولا يجب في الشريعة الرجوع بهن كما أن الناس مسلطون على أموالهم.

ومنها انه حد من لم يشرب الخمر لجلوسه مع من شربها حكى في كنز العمال في كتاب الحدود ص ١٠١ ج ٣ عن أحمد بن حنبل في الأشربة أن عمر أتي بقوم أخذوا على شراب فيهم رجل صائم فجلدهم وجلده معهم قالوا انه صائم قال لم جلس معهم وأنت تعلم أنه لا حد عليه كما ان تعزيره بمقدار حد شرب الخمر لو أراد التعزير خلاف السنة.

الصلاة خير من النوم :

ذكر صاحب كنز العمال ص ٢٧٠ ج ٤ عن الدارقطني وابن ماجة القزويني والبيهقي عن ابن عمر أن عمر قال لمؤذنه إذا بلغت حي على الفلاح في الفجر فقل الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم. وفي الكنز أيضا عن عبد الرزاق بن جريح قال أخبر حسن بن مسلم أن رجلا سأل طاوسا متى قيل الصلاة خير من النوم فقال اما انها لم تقل على عهد رسول الله (ص).

٤٢

اسقاط حي على خير العمل :

ويدل على أن حي على خير العمل كانت من فصول الأذان ما في كنز العمال في كتاب الصلاة ص ٣٦٦ ج ٤ عن الطبراني كان بلال يؤذن بالصبح فيقول حي على خير العمل. ثم إن عمر كما زاد في الأذان الصلاة خير من النوم نقص منه ومن الاقامة حي على خير العمل.

قال القوشجي وهو من متكلمي الأشاعرة في أواخر بحث الامامة من شرح التجريد صعد عمر المنبر وقال أيها الناس ثلاث كن على عهد رسول الله (ص) أنا أنهى عنهن وأحرمهن وأعاقب عليهن وهي متعة النساء ومتعة الحج وحي على خير العمل.

المخالفات التي روتها الصحاح عن عثمان :

وأما ما ذكره الفضل بن روزبهان وزعمه من تزويج عثمان بابنتي رسول الله (ص) فمحل اشكال لما ثبت في التواريخ الصحيحة من أن رقية وأم كلثوم ابنتا أخت خديجة وكانت فقيرة وكانتا في بيت خديجة لا انهما ابنتا رسول الله (ص) وزوجهما رسول الله (ص) بعثمان ويشهد بما ذكرناه صاحب كامل البهائي في تاريخه أو ربيبتاه فنسبتا إليه للتربية وأما ما ذكره وتعرض له من اخبارهم من فضل عثمان فقد عرفت فيما ذكره من فضل الشيخين أن ذكر أخبارهم في مثل المقام لغو لا يفيد أصحابه علما ولا يكون علينا حجة على أنها لا تعارض أخبار الطعن المتفق عليها بين الفريقين مضافا إلى ظهور ضعف اسانيد ما عندهم ولذا لم يروها البخاري ومسلم.

فمما رووا عن عثمان أنه ولى أمر المسلمين من لا يصلح لذلك ولا يؤتمن عليه وظهر منه الفسق والفساد ومن لا علم له البتة وقد كان عمر حذره

٤٣

من ذلك فاستعمل الوليد بن عقبة حتى ظهر منه شرب الخمر وفيه نزل قوله تعالى (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) المؤمن علي ابن أبي طالب (ع) والفاسق الوليد بن عقبة على ما قاله المفسرون وفيه نزل (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) وكان الوليد يصلي حال إمارته وهو سكران حتى تكلم فيها والتفت إلى من خلفه وقال أزيدكم في الصلاة فقالوا لا قد قضينا صلاتنا واستعمل سعيد بن العاص على الكوفة وظهرت منه أشياء منكرة وقال إنما هي بستان لقريش تأخذ منه ما شئت وتترك منه ما شئت حتى قالوا له أتجعل ما افاء الله علينا بستانا لك ولقومك وأفضى الأمر إلى أن منعوه من دخولها وتكلموا فيه وفي عثمان كلاما ظاهرا حتى كادوا يخلعون عثمان فاضطر حينئذ إلى إجابتهم وعزله قهرا لا باختيار عثمان وولى عبد الله بن أبي سرح مصرا وتكلم فيه أهل مصر فصرفه عنهم بمحمد بن أبي بكر ثم كاتبه بأن يستمر على الولاية فابطن خلاف ما أظهر فأمر بقتل محمد بن أبي بكر وغيره ممن يرد عليه فلما ظفر محمد بذلك الكتاب كان سبب حصره وقتله.

قال ابن قتيبة في كتاب الامامة والسياسة تحت عنوان ما أنكر الناس على عثمان بن عفان أنه اجتمع الناس من أصحاب رسول الله (ص) وكتبوا كتابا ذكروا فيه ما خالف فيه عثمان من سنة رسول الله (ص) وما كان من هبة خمس غنائم إفريقية لمروان بن الحكم وجعله الولايات في أهله وبني عمه من بني أمية أحداثا وغلمة لا صحبة لهم من رسول الله (ص) ولا تجربة لهم بالأمور.

ايواؤه الحكم بن العاص :

أقول ومنها أنه رد الحكم بن العاص إلى المدينة وهو طريد رسول الله (ص) كان قد طرده وأبعده من المدينة وامتنع أبو بكر من رده

٤٤

فصار عثمان مخالفا للسنة وسيرة من تقدم مدعيا على رسول الله (ص) عاملا بدعواه من غير بينة أجاب قاضي القضاة بأنه قد نقل أن عثمان لما عوتب على ذلك ذكر أنه استأذن رسول الله (ص) وقد اعترضه المرتضى بأن هذا قول قاضي القضاة لم يسمع من أحد ولا نقل من كتاب ولا نعلم من أين نقله القاضي أو في أي كتاب وجده فإن الناس كلهم رووا خلافه قال الواحدي من طرق مختلفة وغيره أن الحكم بن العاص لما قدم المدينة بعد الفتح أخرجه النبي (ص) إلى الطائف وقال لا يساكنني في بلد أبدا لأنه كان يتظاهر بعداوة رسول الله (ص) والوقيعة به حتى بلغ به الأمر إلى أنه كان يعيب النبي (ص) في مشيه فطرده النبي (ص) وأبعده ولعنه ولم يبق أحد يعرفه إلا بأنه طريد رسول الله (ص) فجاء عثمان إلى النبي (ص) وكلمه فيه فأبى ثم جاء إلى أبي بكر وعمر في زمن ولايتهما فكلمهما فيه وأغلظا عليه القول وقال له عمر يخرجه رسول الله (ص) وتأمرني ان أدخله والله لو أدخله لم آمن من قول قائل غيّر عهد رسول الله (ص) وكيف أخالف رسول الله (ص) فإياك يا ابن عفان أن تعاودني فيه بعد اليوم فكيف يحسن من القاضي هذا العذر وهلا اعتذر به عثمان عند أبي بكر وعمر وسلم من كلامهما وخلص من عتابهما عليه مع أنه لما رده جاءه علي (ع) وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف وعمار بن ياسر فقالوا إنك أدخلت الحكم ومن معه وقد كان النبي (ص) أخرجهم وإنا نذكرك الله والإسلام والمعاد فإن لك معادا ومنقلبا وقد أبت ذلك الولاة قبلك ولم يطمع أحد أن يكلمهما فيهم وهذا شيء نخاف الله فيه عليك فقال عثمان إن قرابتهم مني ما تعلمون وقد كان رسول الله (ص) أخرجه لكلمة بلغته عن الحكم ولن يضركم مكانهم شيئا وفي الناس من هو شر منهم فقال أمير المؤمنين (ع) لا أحد شر منه ولا منهم ثم قال هل تعلم ان عمر قال والله ليحملن بني أبي معيط على رقاب الناس والله لئن فعل ليقتلنه فقال عثمان ما كان سيدخله وفي

٤٥

الناس من هو شر منه فغضب علي (ع) وقال والله لتأتينا بشر من هذا إن سلمت وسترى يا عثمان غب ما تفعل.

ايثار عثمان لأهل بيته بالاموال العظيمة :

أقول منها أنه كان يؤثر أهل بيته بالأموال العظيمة التي اعدت للمسلمين دفع إلى أربعة من قريش وزوجهم ببناته أربعمائة ألف دينار واعطى مروان مائة ألف دينار أجاب قاضي القضاة بأنه ربما كان من ماله واعترضه المرتضى ره بأن المنقول خلاف ذلك فقد روى الواقدي أن عثمان قال إن أبا بكر وعمر ناولا من هذا المال ذوي ارحامهما وإني ناولت منه صلة رحمي وروى الواقدي أنه بعث إليه أبو موسى الأشعري بمال عظيم من البصرة فقسمه عثمان بين ولده وأهله بالصحاف وروى الواقدي أيضا قال قدمت إبل من إبل البصرة فوهبها للحارث بن الحكم بن أبي العاص وولى الحكم بن أبي العاص صدقات قضاعة فبلغت ثلاثمائة ألف فوهبها له وأنكر الناس على عثمان اعطاؤه سعيد بن العاص مائة ألف.

قال الشهرستاني في أوائل الملل والنحل في الخلاف التاسع :

أخذوا عليه أحداثا منها رده الحكم إلى المدينة بعد أن طرده النبي (ص) بعد أن تشفع إلى أبي بكر وعمر فما أجاباه ونفاه عمر من مقامه باليمن أربعين فرسخا ومنها نفيه أبا ذر إلى الربذة وتزويجه مروان بن الحكم بنته وتسليمه خمس غنائم إفريقية وقد بلغ مائتي ألف دينار ومنها ايواؤه ابن أبي سرح بعد أن أهدر النبي (ص) دمه وتوليته إياه مصر بأعمالها وتوليته عبد الله بن عامر البصرة حتى أحدث فيها ما أحدث إلى غير ذلك مما نقموا عليه.

وقال في السيرة الحلبية عند بيان فتنة قتل عثمان بن عفان ص ٨٣

٤٦

ج ٣ المطبوع بمصر ١٣٢٩ وسبب هذه الفتنة أنهم نقموا عليه أمورا منها عزله لاكابر الصحابة ممن ولا هم رسول الله (ص) ومنهم من أوصى عمر بأن يبقى على ولايته وهو أبو موسى الأشعري فعزله عثمان وولى ابن خاله ابن عامر محله وعزل عمرو بن العاص عن مصر وولاها ابن أبي سرح وعزل المغيرة عن الكوفة وعزل ابن مسعود الصحابي الجليل عنها أيضا واشخصه إلى المدينة وعزل سعد بن أبي وقاص عن الكوفة وولاها أخاه لأمه الوليد بن عقبة الذي سماه الله تعالى فاسقا وصار الناس يقولون بئس ما صنع عثمان عزل اللين الهين الورع وولى أخاه الخائن الفاسق المدمن الخمر ولعل مستندهم في ما رواه الحاكم في كتابه ومن ولى رجلا على عصابة وهو يجد في تلك العصابة من هو ارضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين.

ما حماه عن المسلمين من الماء والكلأ :

ومنها أنه حمى الحمى عن المسلمين مع أن رسول الله (ص) جعلهم سواء في الماء والكلأ.

صرف الصدقة في غير وجهها :

ومنها إنه أعطى من بيت مال الصدقة المقاتلة وغيرهم وهذا مما لا يجوز في الدين أجاب القاضي يجوز أن يكون قد اجتهد واعترضه السيد المرتضى بأن المال الذي جعل الله له جهة مخصوصة لا يجوز أن يعول به عن جهته بالاجتهاد ولو جاز لبينه الله تعالى لنبيه (ص) لأنه أعلم بمصالح العباد.

٤٧

ضرب عبد الله بن مسعود :

ومنها إنه ضرب عبد الله بن مسعود حتى كسر بعض أضلاعه وعهد عبد الله بن مسعود إلى عمار ألا يصلي عثمان عليه وعاده عثمان في مرض الموت فقال له ما تشتكي قال ذنوبي قال ما تشتهي قال رحمة ربي قال ألا أدعو لك طبيبا قال الطبيب أمرضني قال أفلا آمر لك بعطائك قال منعتنيه وأنا محتاج إليه وتعطيني وأنا مستغن عنه قال يكون لولدك قال رزقهم على الله قال استغفر لي يا أبا عبد الرحمن قال اسأل الله أن يأخذ لي منك حقي وقال ابن أبي الحديد ص ٢٣٢ ج ١ الطعن السادس لعثمان أنه ضرب عبد الله بن مسعود حتى كسر بعض أضلاعه وإن أعظم ما جاء به عثمان في أمر ابن مسعود احراقه مصحفه وسائر المصاحف كما رواه البخاري في باب جمع القرآن من كتاب فضائل القرآن إذ لا أعظم منه في الجرأة على الله ورسوله والاستخفاف بكتاب الله العزيز.

ضربه بسبب دفنه لأبي ذر الغفاري :

أقول منها أنه ضرب عبد الله بن مسعود على دفن أبي ذر أربعين سوطا لأن أبا ذر لما مات بالربذة وليس معه إلا امرأته وغلامه عهد إليهما أن غسلاني وكفناني ثم ضعاني على قارعة الطريق فأول ركب يمرون بكم قولوا هذا أبو ذر صاحب رسول الله (ص) فأعينونا على دفنه فلما مات فعلوا ذلك وأقبل ابن مسعود في ركب من العراق معتمرين فلم يرعهم إلا الجنازة على قارعة الطريق وقد كادت الإبل أن تطأها فقام إليهم العبد فقال هذا أبو ذر صاحب رسول الله (ص) فأعينونا على دفنه فقال ابن مسعود صدق رسول الله (ص) قال له تعيش وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك ثم نزل هو وأصحابه وواروه كما ذكر ابن الأثير في كامله في حوادث سنة ٣٢ ص ٤٥ ج ٢.

٤٨

ضربه لعمار بن ياسر :

أقول منها انه أقدم على عمار بن ياسر بالضرب حتى حدث به فتق وكان أحد من ظاهر المتظلمين من أهل الأمصار على قتله وكان عمار يقول قتلناه كافرا وسبب قتل عثمان أنه كان في بيت المال بالمدينة حلي وجواهر فأخذ منه عثمان وأحلى به أهله فأظهر الناس الطعن عليه في ذلك وكلموه بالرديء حتى أغضبوه فقال لنأخذ حاجتنا من هذا الفيء وان رغمت أنوف اقوام فقال أمير المؤمنين علي (ع) إذا تمنع من ذلك ويحال بينك وبينه فقال عمار أشهد الله أن أنفي أول راغم من ذلك فقال عثمان عليّ يا ابن سمية تجتري خذوه ودخل عثمان فدعا به وضربه حتى أغمي عليه ثم أخرج فحمل حتى أدخل بيت أم سلمة فلم يصل الظهر والعصر والمغرب فلما أفاق توضأ وصلى وكان المقداد وعمار وطلحة والزبير وجماعة من أصحاب رسول الله (ص) كتبوا كتابا عددوا فيه أحداث عثمان وخوفوه واعلموه أنهم مواثبوه ان لم يقلع فجاء عمار فقرأ منه صدرا وقال أعليّ تقدم من بينهم ثم أمر غلمانه فمدوا يديه ورجليه ثم ضربه عثمان على مذاكيره فأصابه فتق وكان ضعيفا كبيرا فأغمي عليه وكان عمار يقول ثلاثة يشهدون على عثمان بالكفر وأنا الرابع (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) وقيل لزيد بن أرقم بأي شيء أكفرتم عثمان فقال بثلاث جعل المال دولة بين الأغنياء وجعل المهاجرين من أصحاب رسول الله (ص) بمنزلة من حارب الله ورسوله وعمل بغير كتاب الله وكان حذيفة يقول ما في عثمان بحمد الله أشك لكني أشك في قاتله لا أدري أكان القاتل كافرا أو مؤمنا خلص إليه النية حتى قتله هو أفضل المؤمنين إيمانا مع أن النبي (ص) كان يقول عمار جلدة ما بين العين والأنف وقال ما لهم ولعمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار ومن عادى عمار عاداه الله ومن أبغض عمار أبغضه الله وأي ذنب وأي

عقائد الامامية ـ ٤

٤٩

كلام غليظ رفع منه استوجب به هذا الفعل وقد كان الواجب اقلاع عثمان عما كان يؤخذ عليه فيه أو يعتذر بما يزيل شبهه.

ما أنكر الناس على عثمان :

وروى ابن قتيبة في كتاب الامامة والسياسة بعنوان ما أنكر الناس على عثمان انه اجتمع الناس من أصحاب رسول الله (ص) وكتبوا كتابا ذكروا فيه ما خالف به عثمان من سنة رسول الله (ص) إلى أن قال وكان ممن حضر الكتاب عمار بن ياسر والمقداد بن الأسود وكانوا عشرة والكتاب في يد عمار بن ياسر إلى أن قال فدخل عليه وعنده مروان وأهله من بني أمية فدفع له الكتاب فقرأ إلى أن قال عثمان اضربوه فضربوه وضربه عثمان معهم حتى فتقوا بطنه فأغمي عليه فجروه حتى طرحوه على باب الدار وذكر في السيرة الحلبية في مطاعن عثمان أنه ضرب عمارا كما سبق وأقر القوشجي في شرح التجريد بضرب عثمان له وذكر في العقد الفريد ج ٣ ص ٩١ من مطاعن عثمان ضربه عمار وذكر ابن حجر في الصواعق بآخر كلامه بخلافة عثمان ضرب عثمان لعمار في نقمته عليه.

نفي الصحابي الجليل أبي ذر :

أقول منها انه قدم على أبي ذر رحمه‌الله تعالى مع تقدمه في الإسلام حتى ضربه ونفاه إلى الربذة أجاب قاضي القضاة باحتمال انه اختار لنفسه ذلك وردّه علم الهدى السيد المرتضى بأن التواتر من الأخبار خلاف ذلك لأن المشهور أنه نفاه أولا إلى الشام فلما اشتكى معاوية منه استقدمه إلى المدينة ثم نفاه إلى الربذة وروي أن عثمان قال يوما أيجوز للإمام أن يأخذ من المال؟ فقال كعب الأحبار لا بأس بذلك فقال له أبو ذر يا ابن

٥٠

اليهودية أتعلمنا ديننا فقال عثمان قد كثر أذاك لي يا صحابي الحق بالشام فأخرجه إليها فكان أبو ذر ينكر على معاوية أشياء يفعلها فبعث إليه معاوية ثلاثمائة دينار فردها عليه وكان أبو ذر يقول والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها والله ما هي في كتاب الله ولا سنة نبيه والله إني لأرى حقا يطفى وباطلا يحيى وصادقا مكذبا وأثرة بغير تقى وصالحا مستأثرا عليه فقال حبيب بن مسلمة الفهري لمعاوية إن أبا ذر لمفسد عليكم الشام فتدارك أهله ان كان لك فيه حاجة فكتب معاوية إلى عثمان فيه فكتب عثمان إلى معاوية أما بعد فاحمله إليّ على أغلظ مركب وأوعره فوجهه مع من سار به ليلا ونهارا وحمله على بعير ليس عليه قتب حتى قدم المدينة وقد سقط لحم فخذيه من الجهد فبعث إليه عثمان وقال له الحق بأية أرض شئت فقال أبو ذر بمكة قال لا قال بيت المقدس قال لا قال بأحد المصرين قال لا ولكن إلى الربذة فلم يزل بها حتى مات.

وروى الواقدي ان أبا ذر لما دخل على عثمان قال له لا أنعم الله بك عينا يا جنيدب فقال أبو ذر أنا جنيدب وسماني رسول الله (ص) عبد الله فأخذت اسم رسول الله (ص) الذي سماني به على اسمي فقال أنت الذي تزعم أنا نقول أن يد الله مغلولة ، وإن الله فقير ونحن أغنياء فقال أبو ذر لو كنتم لا تزعمون لأنفقتم مال الله في عباد الله ولكني أشهد لسمعت رسول الله (ص) يقول إذا بلغ بنو أبي عاص ثلاثين رجلا جعلوا مال الله دولا وعباده خولا ودين الله دخلا فقال للجماعة هل سمعتم هذا من رسول الله فقال علي والحاضرون سمعنا رسول الله (ص) يقول ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر فنفاه إلى الربذة.

وروى الواقدي ان أبا الأسود الدؤلي قال كنت أحب لقاء أبي ذر

٥١

لأسأله عن سبب خروجه فنزلت الربذة فقلت له ألا تخبرني خرجت من المدينة طائعا أم أخرجت منها فقال كنت في ثغر من ثغور المسلمين أغني عنهم فأخرجت إلى المدينة فقلت أصحابي ودار هجرتي فأخرجت منها إلى ما ترى ثم قال بينما أنا ذات ليلة نائم في المسجد إذ مر بي رسول الله (ص) فضربني برجله وقال لا أراك نائما في المسجد فقلت بأبي أنت وأمي غلبني النعاس فنمت فيه فقال (ص) كيف تصنع إذا أخرجوك منه قلت إذا الحق بالشام فإنها أرض مقدسة وأرض بقية الإسلام وأرض الجهاد فقال ما ذا تصنع إذا أخرجوك منها؟ .. قلت آخذ سيفي فأضرب به فقال رسول الله (ص) ألا أدلك على خير من ذلك انسق معهم حيث ساقوك وتسمع وتطيع فسمعت وأطعت وأنا أسمع وأطيع والله ليقتلني عثمان وهو آثم في جنبي.

ويقول الموسوي الزنجاني : ان خروج أبي ذر من المدينة ليس باختياره بل قهرا من ناحية عثمان بن عفان حتى أرسله علماء العامة إرسال المسلمات كالشهرستاني في الملل والنحل وعلي بن برهان الدين الحلبي في السيرة الحلبية وابن حجر في الصواعق وابن عبد البر في الاستيعاب وابن الأثير في أسد الغابة وابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة ص ٣٧٤ ج ٢ وأحمد بن حنبل في مسنده ص ١٥٢ ج ٥ والحاكم في المستدرك في محنة أبي ذر ص ٣٤٤ ج ٣.

تعطيل عثمان لحد ابن عمر :

أقول مما أنكر الناس على عثمان انه عطل الواجب على عبد الله بن عمر بن الخطاب حيث قتل الهرمزان مسلما فلم يقده به وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) يطلبه لذلك قال القاضي ان للإمام ان يعفو ولم يثبت أن أمير المؤمنين (ع) كان يطلبه ليقتله بل ليضع من قدره أجاب

٥٢

المرتضى ره بأنه ليس له أن يعفو وله جماعة من فارس لم يقدموا خوفا وكان الواجب أن يؤمنهم عثمان حتى يقدموا ويطلبوا بدمه ثم لو لم يكن له ولي لم يكن لعثمان العفو أما أولا فلأنه قتل في أيام عمر وكان هو ولي الدم على قولكم وقد أوصى بأن يقتل عبيد الله بن عمر ان لم تقم البينة العادلة على الهرمزان والمدار انهما أمرا أبا لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة بقتله وكانت وصية إلى أهل الشورى فلما مات عمر طلب المسلمون قتل عبيد الله كما أوصى عمر فدافع وعللهم وحمله إلى الكوفة واقطعه بها دارا وأرضا فنقم المسلمون منه ذلك وأكثروا الكلام فيه.

وأما ثانيا : ـ فلأنه حق لجميع المسلمين فلا يكون للإمام العفو عنه وأمير المؤمنين (ع) إنما طلبه ليقتله لأنه مر عليه يوما فقال له أمير المؤمنين (ع) أما والله لأن ظفرت بك يوما من الدهر لأضربن عنقك فلهذا خرج مع معاوية.

ولا يخفى أن طلب أمير المؤمنين لقتل عبيد الله بن عمر : ـ ظاهر في الطعن بعثمان وعفوه وكفى به صحة على من غدر عثمان فإن الحق مع علي يدور معه حيث دار كما أنه حجة على كذب ما رواه الثري من عفو ابن الهرمزان.

اشتراك الصحابة فى قتله :

أقول منها أن الصحابة تبرعوا منه فإنهم تركوه بعد قتله ثلاثة أيام لم يدفنوه ولا أنكروا على من أجلب عليه من أهل الامصار بل اسلموه ولم يدافعوا عنه بل أعانوا عليه ولم يمنعوا من حصره ولا من منع الماء منه ولا من قتله مع تمكنهم من ذلك كله.

قال ابن جرير الطبري ص ١٤٣ ج ٥ ناقلا عن ابن بشير العابدي

٥٣

قال نبذ عثمان ثلاثة أيام لا يدفن ثم أن حكيم بن حزام القرشي وجبير ابن مطعم بن عدي كلّما عليا في دفنه وطلبا إليه أن يأذن لأهله فى ذلك ففعل وأذن لهم علي فلما سمع الناس بذلك قعدوا له في الطريق بالحجارة وخرج به ناس يسير من أهله وهم يريدون به حائطا بالمدينة يقال له خش كوكب كانت اليهود تدفن فيه موتاهم فلما خرج به على الناس رجموا سريره وهموا بطرحه فبلغ ذلك عليا فأرسل إليهم يعزم عليهم ليكفنّ عنه فانطلقوا به حتى دفن في خش كوكب وأخرج أيضا عن أبي كريب عامل بيت مال عثمان أنه دفن بين المغرب والعتمة ولم يشهد جنازته إلا مروان وثلاثة من مواليه وابنته خاصة فناحت ابنته ورفعت صوتها تندبه وأخذ الناس الحجارة وقالوا نعثل نعثل فقالوا الحائط الحائط فدفن في حائط خارجا وقال العلامة في كتابه نهج الحق وروى الواقدي أن أهل المدينة منعوا من الصلاة عليه حتى حمل بين المغرب والعتمة ولم يشهد جنازته غير مروان وثلاثة من مواليه ولما أحسوا بذلك رموه بالحجارة وذكروه بائس الذكر ولم يقع التمكن من دفنه إلا بعد أن أنكر أمير المؤمنين (ع) المنع من دفنه وروى في الاستيعاب بترجمة عثمان انه لما قتل ألقي على المزبلة ثلاثة أيام فلما كان من الليل أتاه اثنا عشر رجلا فاحتملوه فلما صاروا به إلى المقبرة ليدفنوه ناداهم قوم من بني؟ مازن والله لأن دفنتموه هنا لنخرجن الناس غدا فاحتملوه وكان على باب وان رأسه على الباب ليقولن طق طق حتى صاروا به إلى حش كوكب فحفروا له.

مخالفات عثمان بن عفان للشريعة :

أقول مما انكروا عليه أنه كان يستهزىء بالشرائع ويتجرأ على المخالفة لها وفي صحيح مسلم ان امرأة دخلت على زوجها فولدت لستة أشهر

٥٤

فذكر ذلك لعثمان بن عفان فأمر بها أن ترجم فدخل عليه علي (ع) فقال الله عزوجل يقول (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) وقال أيضا وفصاله في عامين قال فو الله ما كان عند عثمان إلا أن بعث إليها فرجمت كيف استجاز أن يقول هذا القول ويقدم على قتل امرأة مسلمة عمدا من غير ذنب وقد قال الله (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً).

وقال تعالى (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ)

(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)

(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)

وفي الجمع بين الصحيحين أن عثمان هجا عليا ونهاه عن المتعة وفعلها أمير المؤمنين (ع) وأتى بعمرة واستمتع فقال عثمان أنهى الناس وأنت تفعله فقال أمير المؤمنين (ع) ما كنت لأدع سنة رسول الله (ص) بقول أحد وفي الجمع بين الصحيحين أن النبي (ص) صلى صلاة المسافر بمنى وغيرها ركعتين وكذا أبو بكر وعمر وعثمان في صدر خلافته ثم أتمها أربعا ، وفيه عن عبد الله بن عمر قال صلى بنا رسول الله (ص) بمنى ركعتين وأبو بكر وعمر وعثمان صدرا من خلافته ثم أن عثمان صلى بعد أربعا وروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين من عدة طرق أن النبي (ص) صلى في السفر دائما ركعتين فكيف جاز لعثمان تغيير الشرع وتبديله وفي تفسير الثعلبي في قوله تعالى (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) قال عثمان إن في المصحف لحنا واستقمه العرب بألسنتهم فقيل له ألا تغيره فقال دعوه لا يحلل حراما ولا يحرم حلالا وفي صحيح مسلم ان رجلا مدح عثمان فجثى المقداد على ركبتيه وكان رجلا ضخما فجعل يحثو في وجهه الحص مع أن المقداد كان عظيم الشأن كبير المنزلة حسن الرأي قال فيه رسول الله (ص) غلاما حسنا وهذا يدل على سقوط مرتبة عثمان

٥٥

عنده وانه لا يستحق المدح مع ان الصحابة قد كان يمدح بعضهم بعضا من غير نكير.

جرأة عثمان على رسول الله :

مما انكره الصحابة جرأة عثمان على رسول الله (ص) روى الحميدي في تفسير قوله تعالى (وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً).

قال الندى لما توفي أبو سلمة وجنيب بن حذافة وتزوج النبي (ص) امرأتيهما أم سلمة وحفصة قال طلحة وعثمان أينكح محمد نساءنا إذا متنا ولا ننكح نساءه إذا مات والله لو قد مات لقد أجلبنا على نسائه بالهام وكان طلحة يريد عائشة وعثمان يريد أم سلمة فأنزل الله تعالى (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً) وأنزل الله (إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ) وأنزل (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً).

عثمان لم يرض بحكم رسول الله :

أقول ومن مخالفات عثمان ما رواه الندى من الجمهور في تفسير قوله تعالى (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا) قال الندى نزلت هذه في عثمان ابن عفان قال لما فتح رسول الله (ص) بني النظير فغنم أموالهم قال عثمان لعلي ائت رسول الله (ص) فاسأله أرض كذا وكذا فإن أعطاكها فأنا شريكك فيها وآتيه أنا فأسأله إياها فقال له علي (ع) اشركني فأبى عثمان فقال بيني وبينك رسول الله (ص) فأبى أن يخاصمه إلى النبي (ص) فقيل له لم لا تنطلق معه إلى النبي (ص) فقال هو ابن عمه فأخاف أن يقضي له فأنزل الله تعالى (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) ـ إلى قوله تعالى ـ

٥٦

أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) فلما بلغ عثمان ما أنزل الله فيه أتى النبي (ص) فأقر بالحق.

أراد عثمان أن يتهود :

أقول منها ما رواه الندى في تفسير قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) الآية قال الندى لما اصيب النبي (ص) بأحد قال عثمان لألحقن بالشام فإن لي بها يهوديا فلآخذن منه أمانا فإني أخاف ان يدال علينا اليهود وقال طلحة بن عبد الله لاخرجن إلى الشام فإن لي بها صديقا من النصارى فلآخذن منه أمانا فإني أخاف أن يدال علينا النصارى.

قال فأقبل طلحة إلى النبي (ص) وعنده علي فاستأذن طلحة في المسير إلى الشام وقال ان لي بهما مالا آخذه ثم انصرف فقال له النبي (ص) عن مثل هذه الحالة تخذلنا وتخرج وتدعنا فأكثر على النبي (ص) فغضب علي وقال يا رسول الله ائذن لابن الحضرمية فو الله لا عز من نصره ولا ذل من خذله فكف طلحة عن الاستئذان عند ذلك أنزل الله تعالى فيهم (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) يعني أولئك يقول انه يحلف لكم أنه مؤمن معكم فقد حبط عمله بما دخل فيه من أمر الإسلام حتى نافق فيه.

ويقول الموسوي ان الندى وهو اسماعيل بن عبد الرحمن من قدماء مفسري العامة ومشاهيرهم وقد روى عنه جميع أرباب صحاحهم الستة إلا البخاري وقال ابن حجر في التقريب صدوق هذه جملة مما انكره الصحابة على عثمان بن عفان وكيف يستحق ان يكون خليفة رسول الله وإماما للمسلمين؟؟!

٥٧

غلو الخطيب في الصحابة :

أعلن الخطيب عقيدته في كتابه الخطوط العريضة ص ٣٣ وخالف جميع الأمة الإسلامية فرفع أبا بكر وعمر وعثمان وعمرو بن العاص أعلى من مرتبة جميع الأنبياء وجبرئيل وميكائيل وسائر الملائكة وجميع خلق الله وانظر كيف يعلن بذلك ويصرح بتفضيل الشيخين وعثمان وحتى مثل عمرو ابن العاص على الأنبياء والمرسلين كسيدنا ابراهيم (ع) وموسى وعيسى وغيرهم عليهم‌السلام وعلى جميع خلق الله وهو الذي يبغض الشيعة لقولهم بتفضيل علي بن أبي طالب (ع) على سائر الصحابة ويفتري الخطيب عليهم بأنهم (ونعوذ بالله من ذلك) يرفعون مرتبة ائمتهم عن مرتبة الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله الطيبين الطاهرين وسلم وإنما ذكر الخطيب عمرو بن العاص فيمن فضله على جميع خلق الله تلويحا بتفضيل معاوية بن أبي سفيان ويزيد بن معاوية والمغيرة بن شعبة ويحذو حذوهما في بعض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وهؤلاء سفكوا الدماء وقتلوا الأبرياء ويفضلهم على جميع الأنبياء أيضا وهذا عقله السخيف أف لك ولمن اتبعك.

ما رواه جمهور العامة في معاوية بن أبي سفيان :

الكلام في مطاعن معاوية بن أبي سفيان وهي أكثر من ان تحصى وقد روى جمهور العامة منها أشياء كثيرة منها ما روى الحميدي قال قال رسول الله (ص) «ويح عمار تقتله الفئة الباغية بصفين يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار» فقتله معاوية ولما سمع معاوية اعتذر فقال قتله من جاء به فقال ابن عباس فقد قتل رسول الله (ص) حمزة لأنه جاء به إلى الكفار ، وأما ما يقال من اثبات الصحبة العادية لمعاوية للنبي (ص)

٥٨

غير نافعة له فكم من صاحب للنبي (ص) منافق بل رب خاصة له في الظاهر وهو أفسق الفاسقين روى البخاري في باب بطانة الإمام عن النبي (ص) قال ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا وكانت له بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتحظه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحظه عليه فأية فائدة لمعاوية في الصحبة وهو من أكبر الكافرين والمنافقين لحربه واستدامة بغضه لسيد المسلمين وأخ النبي الأمين (ص) وأما ما روي من انه كاتب النبي (ص) فالذي عليه المحققون من أهل السيرة والتواريخ أن الوحي كان يكتبه علي بن أبي طالب (ع) وزيد بن ثابت وزيد بن أرقم وان حنظلة بن الربيع التميمي ومعاوية بن أبي سفيان كانا يكتبان له إلى الملوك والرؤساء ويكتبان حوائجه بين يديه ويكتبان ما يجيء من أموال الصدقات وما يقسم من أربابها انتهى وأما ما يقال في تولية عمر ابن الخطاب له على الشام فصحيح لكن لا تدل على فضيلة له وان الاشكال في المولّي وهو عمر أعظم وتوليته له احدى مطاعنه لوجود كبار الصحابة السابقين الذين هم أولى منه وأصلح للدين كما سبق مثله في تولية عثمان بن عفان لأقاربه.

نسب معاوية واستلحاقه لزياد :

أقول من مطاعن معاوية بن أبي سفيان ما رواه أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب في كتاب المثالب قال كان معاوية لأربعة لعمارة بن الوليد ابن المغيرة المخزومي ولمسافر بن عمر ولأبي سفيان ولرجل آخر سماه قال وكانت هند أمه من المعلمات وكان أحب الرجال إليها السودان وكانت إذا ولدت أسود قتلته وأما حماته فهي بعض جدات معاوية كان لها راية بذي المجاز يعني انها من ذوات الرايات في الزنا وادعى على معاوية أخوه زياد وكان له مدّع يقال له أبو عبيد عند بني علاج من ثقيف فأقدم معاوية

٥٩

على تكذيب ذلك مع أن زيادا ولد على فراشه وادعى معاوية أن أبا سفيان زنى بوالدة زياد وهي عند زوجها المذكور وان زيادا من أبي سفيان فانظر إلى هذا الرجل وإلى القوم العقلاء الذين يعتقدون فيه الخلافة وانه حجة الله في أرضه والواسطة بينهم وبين ربهم وينقلون عنه انه ولد زنا وأن أباه زنى بأخته هل يقاس بمن قال الله في حقه (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).

وفي ربيع الأبرار وشرح ابن أبي الحديد ص ١١١ ج ٣ كان معاوية يعزى إلى أربعة إلى مسافر بن أبي عمرو وإلى عمارة بن الوليد بن المغيرة وإلى العباس بن عبد المطلب وإلى الصباح الذي كان لعمارة بن الوليد وكان أبو سفيان ذميما قصيرا وكان الصباح عسيفا لأبي سفيان شابا وسيما فدعته هند إلى نفسها فغشيها وقالوا إلى عتبة ابن أبي بن المصباح أيضا وقالوا انها كرهت ان تضعه في منزلها فخرجت إلى أجياد فوضعته وفي هذا المعنى يقول حسان أيام المهاجاة بين المسلمين والمشركين في حياة رسول الله (ص) قبل عام الفتح.

لمن الصبي بجانب البطحاء

في الترب ملقى غير ذي مهد

فحلت به بيضاء آنسة

من عبد شمس صلبة الخد

معاوية يشرب الخمر :

أقول منها أنه يشرب الخمر في أيام عثمان ويدل عليه ما في مسند أحمد بن حنبل ص ٣٤٧ ج ٥ عن عبد الله بن بريدة الأسلمي قال دخلت أنا وأبي على معاوية فأجلسنا على الفرش ثم اتينا بالطعام فأكلنا ثم اتينا بشراب فشرب معاوية ثم ناول أبي قال ما شربته منذ حرمه رسول الله (ص) فإن مثل بريدة لا يغض عن معاوية لو لا خوفه منه واستقرار الأمر له.

٦٠