عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ٣

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني

عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ٣

المؤلف:

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٣
الصفحات: ٢٨٧

المسلمين أموالهم نعوذ بالله من هذه المقالة وشهد لها الحسنان (عليهما‌السلام) فرد أبو بكر شهادتهما وهذا من قلة معرفته بالأحكام أيضا مع ان الله قد أمر النبي (ص) بالاستعانة بدعائهما يوم المباهلة فقال (أبناءنا وأبناءكم) وحكم رسول الله بأنهما سيدا شباب أهل الجنة فكيف يجامع هذا شهادتهما بالزور والكذب وغصب المسلمين حقهم نعوذ بالله من ذلك ثم جاءت بأم أيمن فقال امرأة لا يقبل قولها مع ان النبي (ص) قال أمّ ايمن من أهل الجنة فعند ذلك غضبت فاطمة (سلام الله عليها) ، عليه أي على أبي بكر وعلى صاحبه أي عمر وحلفت ان لا تكلمه ولا صاحبه حتى تلقى أباها وتشكو إليه فلما حضرتها الوفاة أوصت أن تدفن ليلا ولا يدع أحدا منهم يصلي عليها وقد رووا جميعا أن النبي (ص) قال ان الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك.

منع إرث رسول الله يخالف الكتاب :

أقول هذا دليل آخر على عدم صلاحية أبي بكر للامامة وبيان ذلك أنه خالف كتاب الله تعالى في منع إرث رسول الله (ص) ولم يورث فاطمة واستند إلى خبر رواه عن النبي (ص) في قوله (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة) وعموم الكتاب يدلّ على خلاف ذلك وأيضا قوله تعالى (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) ينافي هذا الخبر وقالت له فاطمة أترث أباك ولا أرث أبي لقد جئت شيئا فريّا ومع ذلك فهو خبر واحد لم يعرف من احد الصحابة موافقته على نقله فكيف يعارض الكتاب العزيز المتواتر وكيف بين رسول الله (ص) هذا الحكم لغير ورثته ويخفيه عمن يرثه ولو كان هذا الحديث صحيحا عند أهله لم يمسك أمير المؤمنين (ع) سيف رسول الله وبغلته وعمامته ونازع العباس عليا بعد موت فاطمة (ع) ولو كان هذا الحديث معروفا عندهم لم يجز لهم ذلك

٢١

وروي ان فاطمة (ع) قالت يا أبا بكر أنت ورثت رسول الله أم ورثه أهله قال بل ورثه أهله فقالت ما بال سهم رسول الله (ص) فقال سمعت رسول الله (ص) يقول إن الله إذا أطعم نبيا طعمة كانت لولي الأمر بعده ولو كان هذا الخبر على فرض المحال صحيحا كانت التركة لعلي بن أبي طالب (ع) لأنه هو ولي الأمر بعده لا أبو بكر.

رد فاطمة عن نحلتها وتصديق دعوى الزوجات :

أقول هذا دليل آخر على الطعن في أبي بكر وعدم صلاحيته للامامة وهو أنه أظهر التعصب على أمير المؤمنين عليّ (ع) وفاطمة بنت رسول الله (ص) لأنها ادعت فدكا وذكرت ان النبي (ص) نحلها إياها فلم يصدقها في قولها مع انها معصومة ومع علمه بأنها من أهل الجنة وأشهدت عليا وأم ايمن فردهما وصدق أزواج النبي (ص) في ادعاء ان الحجرة لهن ولم يجعل الحجرة صدقة ولما عرف عمر بن عبد العزيز كون فاطمة مظلومة ردّ على اولادها فدكا ومع ذلك فإن فاطمة (ع) كان ينبغي لأبي بكر إنحالها فدكا ابتداء لو لم تدعه أو يعطيها إياها ميراث.

وصية فاطمة ان لا يصلي عليها ابو بكر فدفنت ليلا :

أقول هذا وجه آخر يدل على الطعن في أبي بكر وهو ان فاطمة (ع) لما حضرتها الوفاة أوصت ان لا يصلي عليها أبو بكر غيظا عليه ومنعا له عن ثواب الصلاة عليها فدفنت ليلا ولم يعلم أبو بكر بذلك وأخفي قبرها لئلا يصلي على القبر ولم يعلم قبرها إلى الآن وهو تاريخ ألف وثلاثمائة وستة وتسعون ١٣٩٦ ق.

٢٢

احراق بيت علي :

أقول من مطاعن أبي بكر انه طلب هو وعمر بن الخطاب إحراق بيت أمير المؤمنين علي (ع) وفيه فاطمة وابناهما وجماعة من بني هاشم لأجل ترك مبايعة أبي بكر ذكر الطبري في جزء ٣ ص ١٩٨ طبع (مصر) قال اتى عمر بن خطاب منزل أمير المؤمنين عليّ فقال والله لأحرقن عليكم أو لتخرجن للبيعة وذكر الواقدي ان عمر بن خطاب جاء إلى علي (ع) في عصابة منهم اسيد بن الحصين وسلمة بن اسلم فقالوا اخرجوا او لنحرقنها عليكم ونقل ابن خيزرانة في غرره قال زيد بن اسلم كنت ممن حمل الحطب مع عمر إلى باب فاطمة (ع) حين امتنع علي واصحابه عن البيعة ان يبايعوا فقال عمر لفاطمة أخرجي من في البيت وإلا أحرقته ومن فيه (قال) وفي البيت علي (ع) وفاطمة والحسن والحسين (ع) وجماعة من أصحاب النبي (ص) قالت فاطمة (ع) تحرق علي بيتي فقال عمر اي والله أو ليخرجن ويبايعن.

شاعر مصر يفتخر باحراق بيت النبوة :

وقولة لعلي قالها عمر

اكرم بسامعها اكرم بملقيها

احرقت بابك لا ابقي عليك بها

إن لم تبايع وبنت مصطفى فيها

من كان مثل ابي حفص يفوه بها

أمام فارس عدنان وحاميها

وقد ظن هذا الشاعر ان هذا من شجاعة عمر وهو خطأ أو لم يعلم انه لم تثبت لعمر قدم من المقامات المشهورة ولم تمتد له يد في حروب النبي (ص) الكثيرة فما كان ذلك منه إلا لأمانه من عليّ بوصية النبي له بالصبر.

وقال ابن عبد ربه وهو من أعيان السنة فإما عليّ (ع) والعباس فقعدا في بيت فاطمة (ع) وقال له أبو بكر إن أبيا فقاتلهما فأقبل بقبس

٢٣

من نار على ان يضرم عليهما الدار فلقته فاطمة (ع) فقالت يا ابن الخطاب أجئت لتحرق دارنا قال نعم ونحوه روى كثير من محدثي العامة.

فلينظر العاقل من نفسه هل يجوز له تقليد مثل هؤلاء إن كان هذا نقلهم صحيحا وأنهم قصدوا بيت النبي (ص) لاحراق أولاده على شيء لا يجوز فيه الانتقام ولا تحل بسببه هذه العقوبة مع مشاهدتهم تعظيم النبي (ص) لهم وكان ذات يوم يخطب فعثر الحسن (ع) وهو طفل صغير فنزل من منبره وقطع الخطبة وحمله على كتفه وأصعده المنبر ثم اكمل الخطبة وبال الحسين يوما في حجره وهو صغير فزعقوا به فقال لا تزعقوا على ولدي مع ان جماعة لم يبايعوا فهلا أمر أبو بكر بقتلهم.

دفن ابي بكر بغير اذن الرسول في بيته :

أقول هذه مطاعن أخرى فى ابي بكر وهو أنه دفن في بيت رسول الله (ص) وقد نهى الله تعالى عن الدخول بغير إذن النبي (ص) حال حياته وكيف بعد موته.

الجهل والاضطراب في الاحكام :

أقول هذا طعن آخر في أبي بكر وهو أنه لم يكن عارفا بالأحكام فلا يجوز نصبه للامامة اما المقدمة الثانية فقد مرت وأما الأولى فلأنه قطع سارقا من سواره وهو خلاف الشرع واحرق اسلمي بالنار وقد نهى النبي (ص) عن ذلك وقال لا يعذب بالنار إلا رب النار وسئل عن الكلالة فلم يعرف ما يقول فيها ثم قال أقول فيها برأيي فإن كان صوابا فمن الله وإن أخطأ فمني ومن الشيطان والحكم بالرأي باطل وسألته جدة عن

٢٤

ميراثها فقال لها لا أجد لك شيئا في كتاب الله ولا سنة نبيّه ارجعي حتى اسأل واخبره المغيرة بن شعبة ومحمد بن سلمة ان النبي (ص) أعطاها السدس واضطرب في كثير من الأحكام وكان يستفتي الصحابة فيها وذلك دليل واضح على قصور علمه وقلة معرفته وقتل خالد بن وليد مالك ابن نويرة المؤمن المسلم وتزوج امرأته ليلة قتله وضاجعها فلم يحده على الزنا ولا قتله بالقصاص واشار عليه عمر بقتله وعزله فقال لا أغمد سيفا شهره الله على الكفار.

وضع الأحاديث وسلسلة الكذابين والوضاعين :

اتسع نطاق الكذب على الله وعلى رسول الله (ص) وتلاطمت امواج الافتراء وتصدر قوم لا أمانة لهم ولا دين يردعهم ولا عهد لهم بالصدق فحدثوا الناس بالأكاذيب ونفوا وزوروا ووضعوا من الأحاديث كيفما شاءت رغباتهم إرضاء لسلطان لا يرعى للصدق حرمة.

وهذا سمرة بن جندب وأبو هريرة وغيرهما الذي كان يساومه معاوية في وضع الأحاديث او تحريف ما أنزل الله بمئات من الآلاف من الدنانير كما هو مشهور عنه ووضعوا في الخلفاء الثلاثة احاديث كثيرة عن رسول الله (ص) قال أنا مدينة العلم وعلي بابها وابو بكر سقفها وعمر حيطانها وفي حق كل واحد من أبي حنيفة والشافعي والمالكي والحنبلي وقد كان اولئك الدجالون على انواع في الوضع واختلاف في الغاية فمنهم من يضع الحديث طعما في الدنيا وتزلفا وتقربا لولاة الأمر الخائنة وهم الذين نعبر عنهم بلجنة الوضع واوّل من اتخذ ذلك معاوية بن ابي سفيان كما هو في شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج ١ ص ٢٥٨ ومنهم من كان يتعصب لمذهبه تقوية له ومحالفة ويعدون ذلك تدينا ومنهم من يضع الحديث في نصرة مذهبه وهؤلاء يرون الانتصار لمذهبهم انتصارا للحق ومقاومة للباطل

٢٥

وزيّن لهم الشيطان اعمالهم فراحوا يضربون الاحاديث بمهارة في الضرب ويخلقون الحكايات والقصص ويطول بنا الحديث إذا أردنا التوسع فى البحث عن الوضاعين والكذابين وقد احصى العلامة الشيخ عبد الحسين الأميني التبريزي في الجزء الخامس ص ٣٥٨ منهم عددا بلغ ستمائة وعشرين (٦٢٠) ومجموع ما وضعوه من الأحاديث وما قلبوا أسانيده على اختلاف الأهواء والنزعات.

فكان ٣٠٨٣٢٦ حديثا وقد أخرجنا من تلك الموضوعات ما يقارب الأربعمائة من فضائل الخلفاء الثلاثة والمناقب والحال ليس لهم مناقب وفي بعضها أساطير لا أحاديث وحكايات يضعها القصاصون بمهارة ويبثونها بين الناس.

في مطاعن عمر بن الخطاب التي رواها السنة في صحاحهم :

قال الخواجة ره وأمر عمر برجم امرأة حامل وأخرى مجنونة فنهاه علي (ع) فقال عمر لو لا عليّ لهلك عمر.

أقول هذا طعن على عمر بن الخطاب يمتنع معه الامامة له وهو أن عمر أتي إليه بامرأة وقد زنت وهي حامل فأمر برجمها فقال له عليّ (ع) إن كان لك عليها سبيل فليس لك على حملها سبيل فامسك فقال لو لا عليّ لهلك عمر وأتي بامرأة مجنونة زنت فأمر برجمها فقال عليّ (ع) ان القلم مرفوع عن المجنون حتى يفيق فأمسك وقال لو لا عليّ لهلك عمر حتى في سبعين موردا قال عمر لو لا عليّ لهلك عمر ومن يخفى عليه هذه الأمور الظاهرة في الشريعة كيف يستحق الامامة والزعامة الإلهية.

٢٦

قصة الدواة والكتف :

في صحيح مسلم في آخر وصية ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال يوم الخميس وما يوم الخميس ثم جعل تسيل دموعه حتى رأيت كأنها نظام اللؤلؤ قال قال رسول الله (ص) آتوني بالكتف والدواة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فقال عمر ان رسول الله ليهجر حسبنا كتاب الله وقال العلامة الحلي (ره) ولما طلب النبي (ص) في حال مرضه دواة وكتفا ليكتب فيه كتابا لا يختلفون بعده وأراد أن ينص حال موته على ابن عمه عليّ بن أبي طالب (ع) فمنعهم عمر وقال ان نبيكم ليهجر فوقعت الغوغاء وضجر النبي (ص) فقال أهله لا ينبعي عند النبي (ص) هذه الغوغاء فاختلفوا فقال بعضهم احضروا ما طلب وقال آخرون ابعدوا وهل يجوز مواجهة العامي بهذا فكيف سيد المرسلين ما ينطق عن الهوى إن هو الا وحي يوحى.

ومن أوضح الأمور ان نسبة الهجر إلى رسول الله :

إساءة أدب معه بل كفر بمقامه فإنه مخالف للعقل والشرع أما العقل فلأن الهجر هو الهذيان يقال هجر النائم إذا هذي كما في القاموس وهذا ممتنع عقلا على النبي (ص) في صحته ومرضه لأن من جاز عليه الهجر ولم يؤمن عليه الهذيان والخطأ أمكن التشكيك في كثير من أقواله وأفعاله فلا يكون قوله وفعله حجة وهو مناف لمنزلة النبوة وناف لفائدة البعثة وأما الشرع فلقوله تعالى (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ* وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ* وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ).

٢٧

إيجاب عمر بيعة أبي بكر على الخلق :

قال العلامة ومنها أي من المطاعن لعمر بن الخطاب إيجاب بيعة أبي بكر على جميع الخلق ومخاصمته على ذلك وقصد بيت النبوة وذرية الرسول (ص) بالاحراق والحال فرض الله على الجميع مودتهم وأكد النبي (ص) عدة مرات موالاتهم وأوجب محبتهم وجعل الحسن والحسين ودائع الأمة فقال النبي (ص) اللهم هذان وديعتي عند امتي فكيف قصد احراقهم بالنار وكيف تجد إيجابه لشيء على جميع الخلق من غير ان يوجبه الله أو نبيه (ص) أو يأمران به أترى عمر كان أعلم من الله ونبيه بمصالح العباد أو كان في نصب أبي بكر إماما أو فوضت الأمة بأسرها إليه ذلك وحكموه على أنفسهم فليرجع العاقل المنصف من نفسه وينظر هل يستجيز لنفسه المصير إلى هذه الاعتقادات الرديئة والكفريات الخبيثة.

مع أن النبي كان أشرف الأنبياء :

وشريعته أتم الشرائع الالهية وقنع من اليهود بالجزية ولم يوجب متابعته قهرا واجبارا وكذا من النصارى والمجوس ولم يعاقبهم بالاحراق فكيف استجاز هؤلاء الصحابة لأنفسهم قصد بيت النبوة بذلك مع أن مسألة الامامة عندهم ليست من أصول العقائد ولا من أركان الدين بل هي مما يتعلق بمصالح العباد في أمور الدنيا فكيف يعاقب من يمتنع من الدخول فيها وهلا قصدوا بيوت الأنصار وغيرهم مثل سلمان وأبي ذر والمقداد وأكابر الصحابة لما امتنعوا من البيعة واسامة بن زيد لم يبايع إلى أن مات وقال إن رسول الله (ص) أمرني عليكم فمن أمرك علي يا أبا بكر.

٢٨

إنكار عمر موت النبي :

ومنها أنه قد بلغ من قلة المعرفة انه لم يعلم أن الموت يجوز على النبي (ص) بل أنكر ذلك لما قالوا مات رسول الله (ص) فقال والله ما مات محمد (ص) حتى يقطع أيدي رجال وارجلهم فقال له أبو بكر أما سمعت قول الله تعالى انك ميت وإنهم ميتون وقوله تعالى وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم. فقال أيقنت بوفاته وكأني لم أسمع هذه الآية ومن هذه حاله كيف يجوز أن يكون إماما واجب الطاعة على جميع الخلق.

لو لا علي لهلك عمر :

ومنها انه أمر برجم امرأة حامل فقال له أمير المؤمنين (ع) إن كان لك عليها سبيل فليس لك على ما في بطنها سبيل فقال لو لا عليّ لهلك عمر ورواه الحاكم في المستدرك في كتاب الصلاة ص ٣٥٨ ج ١ ومنها أمر برجم مجنونة فنبهه أمير المؤمنين (ع) وقال القلم مرفوع عن المجنون حتى يفيق فقال لو لا عليّ لهلك عمر وهذا يدل على قلة معرفته وعدم تنبهه لظواهر الشريعة.

تخلف عمر عن جيش اسامة :

أقول هذا دليل آخر على الطعن في عمر وهو انه خالف النبي (ص) حيث أمرهم (أبا بكر وعمر وعثمان) في تنفيذ جيش اسامة لأنه (ص) قال في حال مرضه حالا بعد حال نفذوا جيش اسامة وكان الثلاثة في جيشه ومن جملة من يجب النفوذ معه فلم يفعلوا ذلك بل تخلفوا عن جيش

٢٩

اسامة ومع انهم عرفوا قصد النبي (ص) لأن غرضه بالتنفيذ من المدينة ابعاد الثلاثة عنها بحيث لا يتوثبوا على الامامة بعد موت النبي (ص) ولهذا جعل أبا بكر وعمر وعثمان ولم يجعل عليا (ع) معه وجعل النبي (ص) اسامة أمير الجيش وكان فيه أبو بكر وعمر وعثمان فهو أفضل منهم وعلي أفضل من اسامة ولم يول عليه أحدا فيكون هو أفضل الناس كافة ولا ريب أن عمر كان في جيش اسامة كما صرح به في طبقات ابن سعد في القسم الثاني ج ٢ ص ٤١ وتهذيب تاريخ الشام لابن عساكر ص ٣٩١ ج ٢ وفي كنز العمال وكامل ابن الأثير ص ١٢٠ ج ٢.

كل الناس افقه من عمر حتى المخدرات في الحجال :

أقول هذا طعن آخر وهو ان عمر قال يوما في خطبته من غالى في صداق ابنته جعلته في بيت المال فقالت له امرأة كيف تمنع ما أحل الله لنا في كتابه بقوله (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً) فقال عمر كل الناس افقه من عمر حتى المخدرات في الحجال ومن يثبت عليه مثل الحكم الظاهر لا يصلح للامامة وقد ادعى الحاكم في المستدرك ص ٩٤ مجلد ٣ تواتر الأسانيد الصحيحة.

قصة دخول عمر على جماعة بلا إذن منهم :

ومنها انه تسور على قوم ووجدهم على منكر فقالوا اخطأت من جهات تجسست وقد قال الله تعالى (وَلا تَجَسَّسُوا) ودخلت الدار من غير الباب والله تعالى يقول (لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها) ولم تسلم وقد قال الله تعالى (وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها) فلحقه الخجل أجاب قاضي القضاة بأن له

٣٠

ان يجتهد في إزالة المنكر ولحقه الخجل لأنه لم يصادف الامر على ما قيل له وهذا خطأ لانه لا يجوز للرجل ان يجتهد في محرم ومخالفة الكتاب والسنة خصوصا مع عدم علمه ولا ظنه ولذا ظهر كذب الافتراء على اولئك.

تعطيل حد المغيرة بن شعبة :

بيان الواقعة قال الطبري في ص ٢٠٤ ج ٤ في حوادث سنة سبع عشرة وفي هذه السنة ولى عمر أبا موسى البصرة وأمره ان يشخص إليه المغيرة بن شعبة في ربيع الأول فشهد عليه فيما حدثني معمر بن الزهري عن ابن المسيب أبو بكرة وشبل بن مجد البجلي ونافع بن كلدة وزياد وقال حدثني محمد بن يعقوب بن عتبة عن أبيه قال كان يختلف إلى أم جميل امرأة من بني هلال فبلغ ذلك أهل البصرة فأعظموه فخرج المغيرة ابن شعبة يوما حتى دخل عليها وقد وضعوا عليها الرصد فانطلق القوم الذين شهدوا جميعا فكشفوا الستر وقد واقعها قال العلامة انه عطل حد الله تعالى في المغيرة بن شعبة لما شهد عليه بالزنا ولقن عمر الشاهد الرابع الامتناع من الشهادة وقال له أرى وجه رجل لا يفضح الله به رجلا من المسلمين فلخلخ في شهادته اتباعا لهواه فلما فعل ذلك عاد إلى الشهود فحدهم وفضحهم فتجنب ان يفضح المغيرة وهو واحد قد فعل المنكر ووجب عليه الحد وفضح ثلاثة مع تعطيله حكم الله ووضعه الحد في غير موضعه.

تحريم عمر متعة النساء ومتعة الحج :

ومنها أنه قال «متعتان كانتا على عهد رسول (ص) أنا أنهى وأعاقب عليهما» وهذا يقدح في عدالته حيث حرم ما أباحه الله تعالى

٣١

وكيف يسوغ له أن يشرع الأحكام وينسخها ويجعل اتباعه أولى من اتباع الرسول الذي لا ينطق عن الهوى فان حكم هاتين المتعتين ان كان من عند الرسول (ص) لا من قبل الله لزم تجويز كون كل الأحكام كذلك نعوذ بالله تعالى وإن كان من عند الله فكيف يحكم بخلافة أجاب قاضي القضاة بأنه قال ذلك كراهة للمتعة وأيضا يجوز ان يكون ذلك برواية عن النبي (ص) واعترضه المرتضى علم الهدى بأنه أضاف النهي إلى نفسه وقال كانت على عهد رسول الله (ص) وهو يدل على انه كانا في جميع زمانه حتى مات عليهما ولو كان النهي من الرسول كان أبلغ في الانتهاء فلم لم يفعل ذلك على سبيل الرواية.

وقد روي عن ابنه عبد الله إباحتها :

فقيل له إن أباك يحرمها فقال إنما ذلك عن رأي رآه وقد روى السنة في الجمع بين الصحيحين عن جابر بن عبد الله قال تمتعنا مع رسول الله فلما قام عمر قال إن الله كان يحل لرسوله ما يشاء وان القرآن قد نزل منازله فأتموا الحج والعمرة كما أمركم الله وإياكم ونكاح هذه النساء فلن أوتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة.

وهذا نص في مخالفة كتاب الله والشريعة المحمدية لأنا لو فرضنا تحريمها لكان فاعلها على شبهة والنبي (ص) قال ادرءوا الحدود بالشبهات فهذه رواياتهم الصحيحة عندهم تدل على ما دلت عليه فلينظر العاقل وليخف الجاهل.

تحقيق حول المتعة :

أقول لا ريب في أصل شرعية المتعة للنساء والحج ، للكتاب والسنة والاجماع ،

٣٢

وإنما الكلام في نسخ حلية متعة النساء فذهب إليه أكثر القوم من العامة.

وان التحريم للمتعتين من عمر بن الخطاب لا من الله ولا من الرسول (ص) كما توافرت به أخبار الخاصة وأخبار العامة.

ويدل على حلية المتعتين من أخبار العامة ما لا يحصى : ـ منها ما رواه البخاري في أول ورقة من كتاب النكاح في باب نكاح المتعة عن عبد الله قال كنا نغزو مع النبي (ص) وليس معنا النساء فقلنا ألا نختصي فنهانا عن ذلك فرخص لنا أن نتزوج المرأة بالثوب ثم قرأ علينا (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) ورواه مسلم من عدة طرق عن عبد الله وقال فيه ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل فإن استشهاد النبي (ص) بالآية ظاهر في أن الامتناع من المتعة من تحريم طيبات ما أحل الله فلا يصلح لتعلق النسخ به فيكون التحريم من عمر وما رواه مسلم في الباب المذكور عن جابر بن عبد الله قال كنا نتمتع بقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث فإنه صريح في استمرار الحلية أيام النبي (ص) وأبي بكر بل أيام عمر إلى أن نهى من عند نفسه لقضية ابن حريث.

ومنها ما رواه مسلم عن أبي نضرة في الباب المذكور قال كنت عند جابر بن عبد الله فأتاه آت فقال ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين فقال جابر فعلناهما مع رسول الله (ص) ثم نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما وهو صريح في ان النهي إنما هو من عمر بعد ما استمرت الحلية زمانه وانهم تركوها اتقاء من عمر بشهادة ان متعة الحج مما اتفقت كلمة المسلمين على حليتها فلو لا التقية لم يمتنعوا عنها ومنها ما رواه مسلم أيضا في الباب المذكور عن عطاء قال قدم جابر بن عبد الله معتمرا فجئناه في منزله فسأله القوم عن أشياء ثم ذكروا المتعة فقال نعم استمتعنا على عهد

٣٣

رسول الله وأبي بكر وعمر ومثله في مسند أحمد بن حنبل ص ٣٨٠ ج ٣.

ومنها ما رواه احمد بن حنبل في مسنده ص ٩٥ ج ٢ من طرق صحيحة عن عبد الرحمن الأعرجي قال سأل رجل ابن عمر (وهو عبد الله) عن المتعة وانا عنده (متعة النساء) فقال والله ما كنا على عهد الرسول (ص) زانين ولا مسافحين ثم قال والله لقد سمعت رسول الله يقول : ليكونن قبل يوم القيامة المسيح والدجال وكذابون ثلاثون أو أكثر ، وهو صريح في إباحة المتعة للنساء طول عهد النبي (ص).

ومنها ما رواه أحمد بن حنبل ص ٣٠ ج ٣ عن أبي سعيد الخدري قال كنا نتمتع على عهد النبي (ص) بالثوب وهو دال على أنه كان سيرة المسلمين على عهد النبي (ص) كله ومنها ما رواه الطبري في تفسيره بسند صحيح عن شعبة عن الحكم قال : سألته عن هذه الآية : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) إلى هذا الموضع (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) منسوخة هي؟ قال لا وقال الحكم وقال علي لو لا ان عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي وغير ذلك من أخبار العامة والخاصة على التواتر.

تنبيه ايقاظي :

روى القوشجي في شرح التجريد آخر بحث الامامة ان عمر صعد المنبر وقال أيها الناس ثلاث كن على عهد رسول الله (ص) أنا أنهى واحرمهن وأعاقب عليهن وهي متعة النساء ومتعة الحج وحي على خير العمل وهو من أصرح الاخبار الدالة على المطلوب لأمور.

أولا : ـ إنه نسب النهي إلى نفسه ولو كان رواية عن النبي (ص) لكان اللازم أن ينسبه إلى النبي (ص) لأنه أبلغ في الانتهاء كما ذكره علم الهدى السيد المرتضى.

٣٤

ثانيا : ـ ان الرواية لا تناسب قوله كانتا على عهد رسول الله (ص) فإنه ظاهر في جوازه الواقعي على عهده فلا يصلح أن يكون توطئة لرواية النهي عنه بل ينافيها وإنما يناسب أن يكون توطئة للنهي من نفسه.

ثالثا : ـ أن إرادة الرواية ممتنعة لأنه قرن المتعتين والمعلوم من دين النبي (ص) حلية متعة الحج إلى آخر الأبد كما تواترت به الأخبار ولأجل صراحة قول عمر في التشريع خلافا للرسول الله (ص) قال المأمون العباسي وهو يحكي كلامه من انت يا جعل حتى تنهى عن ما فعله رسول الله (ص) كما ذكره ابن خلكان في ترجمة يحيى بن اكثم.

المتعة في القرآن :

قال الله تعالى في سورة النساء آية ٢٣ (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) تدل على حلية النساء إلى يوم القيامة ولو أريد بها النكاح الدائم للزم التكرار لأنه تعالى قد بين بالآيات التي قبلها حكم النكاح الدائم قال تعالى (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) ـ إلى قوله تعالى ـ (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) ولما استفاض عند القوم وأبناء العامة عن ابن عباس وأبي بن كعب من أن الآية هكذا «فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى» قال فخر الرازي في تفسيره روي عن أبي بن كعب انه كان يقرأ فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن قال وهذا أيضا قراءة ابن عباس والامة ما أنكرت عليهما في هذه القراءة فكان ذلك إجماعا من الامة على صحة هذه الرواية وروى الحاكم في كتاب التفسير من المستدرك ص ٢٠ ج ٢ عن أبي نضرة قال قرأت على ابن عباس فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى قال أبو نضرة فقلت وما نقرأها كذلك فقال ابن عباس والله لا نزلها الله كذلك ثم قال

٣٥

الحاكم هذا حديث صحيح على شرط مسلم ونقله السيوطي في در المنثور عن الحاكم.

ويدل على حلية متعة النساء اجماع المسلمين ، وما روي من النسخ لم يثبت بل الثابت خلافه كما ذكرنا في محله من الأخبار.

كتاب فاطمة عليها‌السلام :

ومن ذلك إن فاطمة (ع) لما طالت المنازعة بينها وبين أبي بكر رد أبو بكر عليها فدكا وكتب لها بذلك كتابا فخرجت والكتاب في يدها فلقيها عمر فسألها عن شأنها فقصت قصتها فأخذ منها الكتاب وخرّقه ودعت عليه ودخل على أبي بكر وعاتبه على ذلك واتفقا على منعها عن فدك.

منع اهل البيت عليهم‌السلام من خمسهم :

ومن ذلك أن عمر كان يعطي أزواج النبي (ص) من بيت المال حتى كان يعطي عائشة وحفصة عشرة آلاف درهم كل سنة وأخذ من بيت المال ثمانين ألف درهم فأنكر عليه ذلك فقال أخذته على جهة القرض ومنع أهل البيت الخمس الذي أوجبه الله تعالى لهم في الكتاب العزيز.

الشورى :

ومن ذلك ان عمر خالف رسول الله (ص) عندهم حيث لم يفوض الأمر إلى اختيار الناس وخالف أبا بكر حيث لم ينص على إمام بعده ثم انه طعن في كل واحد ممن اختاره للشورى وأظهر كراهية

٣٦

ان يتقلد أمر المسلمين ميتا كما تقلده حيا ثم تقلده وجعل الإمامة في ستة نفر ثم ناقض نفسه فجعلها في أربعة بعد الستة ثم في ثلاثة ثم في واحد فجعل إلى عبد الرحمن بن عوف الاختيار بعد أن وصفه بالضعف ثم قال إن اجتمع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وعثمان فالأمر ما قالاه وإن صاروا ثلاثة ثلاثة فالقول للذين فيهم عبد الرحمن ، لعلمه بعدم الاجتماع من علي وعثمان وعلمه بأن عبد الرحمن لا يعدل بها عن عثمان ابن عمه ثم أمر بضرب أعناقهم ان تأخروا عن البيعة ثلاثة أيام وأمر بقتل من خالف الأربعة منهم أو الذين فيهم عبد الرحمن وكيف يسوغ له قتل علي (ع) وعثمان وعلي بن أبي طالب (ع) من أكابر المسلمين.

اجتهادات عمر بن الخطاب :

منها انه غير في الدين ما لا يحوز تغييره مثل صلاة التراويح ، ووضع الخراج على أهل العراق والسواد وترتب الجزية وكل هذا مخالف للقرآن والسنة لأنه تعالى جعل الغنيمة للغانمين والخمس لأهل الخمس والسنة تنطق بأن الجزية على كل شخص وغانم دينار وان الجماعة إنما تجوز في الفريضة.

أول من وضع العشر هو عمر بن الخطاب :

منها انه وضع العشور روى في الكنز في كتاب الجهاد عن أبي عبيد وابن سعد عن أنس قال بعثني عمر وكتب لي أن آخذ من أموال المسلمين ربع العشر ومن أموال أهل الذمة إذا اختلفوا بها للتجارة نصف العشر ومن أموال أهل الحرب العشر وروى أيضا عن الشافعي وأبي عبيد البيهقي عن ابن عمر ان عمر كان يأخذ من النبط نصف العشر يريد بذلك ان يكثر الحمل إلى المدينة ويأخذ من القبطة العشر وروى عن

٣٧

الشافعي وأبي عبيد عن السائب قال كنت عاملا على سوق المدينة زمن عمر فكنا نأخذ من النبط العشر وعن أبي عبيد عن الشعبي قال أول من وضع العشر في الاسلام عمر ونحوه عن عبد الرزاق عن ابن جريح إلى غير ذلك مما في الكنز وغيره ، ومنها انه أوجب الزكاة في الخيل وهي غير واجبة حكى في كنز العمال في كتاب الزكاة ص ٣٠ / ٣٣ عن البيهقي وابن عاصم النبيل عن يعلى قال في جملة حديثه قال عمر إنا نأخذ من كل أربعين شاة شاة ولا نأخذ من الخيل شيئا خذ من كل فرس دينارا فضرب على الخيل دينارا دينارا وحكى أيضا عن ابن جرير عن عمر قال يا أهل المدينة ان لا خير في مال لا يزكى فجعل في الخيل عشرة دراهم وفي البراذين ثمانية وذكر السيوطي في تاريخ الخلفاء في أوليات عمر إنه أول من أخذ زكاة الخيل.

ويدل على عدم الوجوب ما رواه البخاري في أبواب الزكاة ومسلم في كتاب الزكاة والحاكم من المستدرك في كتاب الزكاة ص ٤٠٠ ج ١ عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال ليس على المسلم صدقة في عبده ولا فرسه.

الزكاة في الحلي :

ومنها فرض الزكاة في الحلي مع أنه لا زكاة في الذهب والفضة إلا من النقدين لدليلهما الخاص حكى في الكنز ص ٣٠٣ ج ٣ عن البخاري في تاريخه والبيهقي عن شعيب بن سيار ان عمر كتب يزكى الحلي ثم نقل عن البيهقي انه روى عن شعيب قال كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري أن مر من قبلك من نساء المسلمين أن يصدّقن من حليهن.

٣٨

التكبير على الجنائز :

ومنها : أنه جمع الناس في صلاة الجنائز على أربع تكبيرات كما ذكره السيوطي في تاريخ الخلفاء وابن الشحنة في روضة الناظر وابن الأثير في كامله وعدّوه جميعا من أوليات عمر ونقل في كنز العمال في كتاب الموت ص ١١٣ ج ٨ عن الطحاوي عن سليمان بن سيار قال جمع عمر الناس على أربع تكبيرات في الجنازة ونقل أيضا نحوه عن عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبيهقي عن أبي وائل وهو خلاف سنة رسول الله (ص) ومذهب أهل البيت (ع) ويدل عليه جملة من أخبار القوم روى أحمد في مسنده عن عبد الأعلى قال صليت خلف زيد بن أرقم على جنازة فكبّر خمسا فقام إليه عبد الرحمن بن أبي ليلى فأخذ بيده فقال نسيت قال لا ولكن صليت خلف أبي القاسم محمد بن عبد الله خليلي (ص) فكبّر خمسا فلا أتركها أبدا ورواه النسائي في صحيحه في عدد التكبيرات أيضا.

أول من حرم البكاء على الميت هو عمر :

ومنها تحريمه البكاء على الميت حتى عاقب عليه مع أن النبي (ص) نهاه مرارا عن منع البواكي وفعله النبي (ص) بنفسه الشريفة وطلبه مرارا اما تحريم عمر له فقد ذكره البخاري في باب البكاء عند المريض من أبواب الجنائز قال وكان عمر يضرب فيه بالعصي ويرمي بالحجارة ويحثي فيه بالتراب وروى الطبري في تاريخه عند ذكر موت أبي بكر في حوادث سنة ١٣ ص ٤٩ ج ٤ عن سعيد بن المسيب قال لما توفي أبو بكر أقامت عليه عائشة النوح فأقبل عمر حتى قام ببابها فنهاهن عن البكاء فأبين أن ينتهين فقال عمر لهشام بن الوليد أدخل فاخرج ابنة أبي قحافة أخت أبي بكر فقالت عائشة لهشام اني احرج عليك بيتي فقال عمر ادخل فقد اذنت

٣٩

لك فدخل فأخرج أم فروة أخت ابي بكر إلى عمر فعلاها بالدّرة فضربها ضربات فتفرق النوح ونحوه في كامل ابن الأثير ص ٣٠٣ ج ٢ واما نهي النبي (ص) لعمر عن منع البواكي فقد رواه النسائي في صحيحه في كتاب الجنائز عن ابي هريرة قال مات ميت من آل رسول الله (ص) فاجتمع النساء يبكين عليه فقام عمر ينهاهن ويطردهن فقال رسول الله (ص) دعهن يا عمر فإن العين دامعة والقلب مصاب والعهد قريب ونحوه في مسند احمد بن حنبل عن ابن عباس.

واما ما يدل على فعل النبي (ص) للبكاء فاخبار مستفيضة روى جملة منها البخاري في أبواب الجنائز في كتاب الجنائز ومسلم في كتاب الجنائز وكتاب الفضائل من باب رحمة من الصبيان والعيال انه (ص) بكى على صبي مات لاحدى بناته فقال له سعد ما هذا يا رسول الله قال هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء وبكى (ص) على ولده ابراهيم كما في رواية البخاري فقال له عبد الرحمن بن عوف وأنت يا رسول الله قال (ص) يا ابن عوف انها رحمة فقال ان العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وانا بفراقك يا ابراهيم لمحزونون.

وأما ما يدل على طلب النبي (ص) للبكاء على الميت والنوح عليه ورغبته فيهما كثير أيضا روى أحمد بن حنبل في مسنده ص ٤٠ ج ٢ عن ابن عمر أن رسول الله (ص) لما رجع من أحد فجعلت نساء الأنصار يبكين على من قتل من أزواجهن فقال رسول الله (ص) ولكن حمزة لا بواكي له قال ثم نام واستنبه وهن يبكين حمزة فهن إلى زماننا هذا ١٣٩٦ ق صارت العادة لهن يبكين ويندبن حمزة ومن ثم يندبن ميتهن ونحوه في الاستيعاب بترجمة حمزة (ع) وقال في تاريخ الطبري ص ٢٧ ج ٣ أن النبي (ص) مر بدار من دور الأنصار فسمع البكاء والنوائح على

٤٠