عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ٣

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني

عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ٣

المؤلف:

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٣
الصفحات: ٢٨٧

عقيدة الشيعة الإمامية في حب آل البيت :

قال الله تعالى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) الشورى ٢٣ تعتقد الامامية أن زيادة على وجوب التمسك بآل البيت يجب على كل مسلم أن يدين بحبّهم ومودتهم لأنه تعالى في هذه الآية المذكورة حصر المسئول عنه الناس في المودة في القربى وقد تواتر عن النبي (ص) أن حبهم علامة الايمان وأن بغضهم علامة النفاق وأن من أحبّهم أحبّ الله ورسوله ومن أبغضهم ابغض الله ورسوله بل حبّهم فرض من ضروريات الدين الإسلامي التي لا تقبل الجدل والشك وقد اتفق عليه جميع المسلمين على اختلاف نحلهم وآرائهم عدا فئة قليلة اعتبروا من أعداء آل محمّد (ص) وهم (النواصب) أي من نصبوا العداوة لآل بيت محمّد وبهذا يعدّون من المنكرين لضرورة اسلامية ثابتة بالقطع والمنكر للضرورة الاسلامية كوجوب الصلاة والزكاة يعدّ في حكم المنكر لأصل الرسالة بل هو على التحقيق منكر للرسالة.

عقيدة الشيعة الإمامية في الأئمة :

لا نعتقد في الأئمة ما يعتقده الغلاة والحلوليون كبرت كلمة تخرج من أفواههم بلى عقيدتنا الخالصة أنهم بشر مثلنا لهم ما لنا وعليهم ما علينا وإنما هم عباد مكرمون اختصهم الله تعالى بكرامته وحباهم بولايته إذ كانوا في أعلى درجات الكمال اللائقة بالبشر من العلم والتقوى والشجاعة والكرم والعفة وجميع الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة لا يدانيهم أحد من البشر وبهذا استحقوا أن يكونوا أئمة وهداة ومرجعا بعد النبي (ص) في كل ما يعود للناس من الأحكام وتفسير القرآن وغير ذلك من الأحكام.

عقيدة الشيعة في أن الإمامة بالنصّ :

وتعتقد الامامية أن الامامة كالنبوة لا تكون إلا بالنص من الله تعالى على

١٨١

لسان رسوله او لسان الامام المنصوب بالنصّ إذا أراد أن ينصّ على الامام من بعده وحكمها في ذلك حكم النبوة بلا فرق فليس للناس ان يتحكموا فيمن يعيّنه الله هاديا ومرشدا لعامة البشر كما ليس لهم حق تعيينه او ترشيحه او انتخابه لأن الشخص الذي له من نفسه القدسية استعداد لتحمّل أعباء الامامة العامة قاطبة يجب ألا يعرف إلا بتعريف الله تعالى.

ونعتقد أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نصّ على خليفته والامام في البرية من بعده فعيّن رسول الله ابن عمّه علي بن ابي طالب اميرا للمؤمنين وأمينا للوصي وإماما للخلق في عدة مواطن ونصبه وأخذ البيعة له بامرة المؤمنين يوم الغدير فقال (ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه) كما ذكرنا فيما مرّ مجموعة من النصوص تيمنا بالآيات القرآنية والروايات المتواترة مفصّلا.

عقيدة الشيعة في الجور والظلم :

من اكبر ما كان يعظّمه الائمة عليهم‌السلام على الانسان من الذنوب العدوان على الغير والظلم للناس وذلك اتباعا لما جاء في القرآن الكريم من تهويل الظلم واستنكاره مثل قوله تعالى ولا تحسبنّ الله غافلا عمّا يعمل الظالمون إنّما يؤخّرهم ليوم تشخص فيه الأبصار.

وقد جاء في كلام امير المؤمنين عليه‌السلام ما يبلغ الغاية في شناعة الظلم والتنفير منه كقوله وهو الصادق المصدق من كلامه في نهج البلاغة والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة اسلبها جلب شعيرة ما فعلت وهذا غاية ما يمكن أن يتصوّره الانسان في التعفّف عن الظلم والحذر من الجور واستنكار عمله أنه لا يظلم نملة في قشرة شعيرة وإن اعطي الأقاليم السبعة فكيف حال من بلغ من دماء المسلمين ونهب اموال الناس والاستهانة بأعراضهم وكرامتهم كيف يكون قياسه الى فعل امير المؤمنين (ع) وكيف تكون منزلته عنده صلوات الله عليه إن هذا هو الأدب الإلهي الرفيع الذي يتطلبه الدين من البشر.

١٨٢

التعاون مع الظالمين :

عقيدة الشيعة في التعاون مع الظالمين وعظم خطر الظلم وسوء مغبّته أن نهى الله تعالى عن معاونة الظالمين والركون إليهم (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) هذا أدب القرآن الكريم وهو أدب آل البيت عليهم‌السلام وقد ورد منهم ما يبلغ الغاية من التنفير عن الركون إلى الظالمين والاتصال بهم ومشاركتهم في اي عمل كان ومعاونتهم ولو بشق تمرة وقضية صفوان الجمال مع الامام موسى بن جعفر (ع) مشهورة فراجع الوسائل.

الوظيفة في الدولة الظالمة :

عقيدة الشيعة في الوظيفة في الدولة الظالمة إذا كان معاونة الظالمين ولو بشق تمرة بل حبّ بقائهم من أشدّ ما حذّر عنه الائمة عليهم‌السلام فما حال الاشتراك معهم في الحكم والدخول في وظائفهم وولاياتهم بل ما حال من يكون من جملة المؤسّسين لدولتهم وذلك أن ولاية الجائر دروس الحق كله واحياء الباطل كلّه واظهار الظلم والجور والفساد كما في حديث تحف العقول عن الصادق (ع)

جواز الدخول في الوظائف الحكومية :

إلا انه ورد عنهم عليهم‌السلام جواز ولاية الجائر إذا كان فيها صيانة للعدل واقامة حدود الله والإحسان الى المؤمنين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (إنّ لله في أبواب الظلمة من نوّر الله به البرهان ومكّن له في البلاد فيدفع بهم عن أوليائه ويصلح بهم امور المسلمين اولئك هم المؤمنون حقا اولئك منار الله في ارضه اولئك نور الله في رعيته) كما جاء في الحديث عن موسى بن جعفر (ع).

١٨٣

عقيدة الشيعة في المعاد والبعث :

وتعتقد الشيعة الامامية الاثنا عشرية انّ الله تعالى يبعث الناس بعد الموت في خلق جديد في اليوم الموعود به عباده فيثيب المطيعين ويعذب العاصين وبعبارة واضحة المعاد هو الركن الخامس من اصول الدين وهو ان يعتقد المؤمن الشيعي المسلم بأن الله يبعث النفوس ويعيد لها الحياة من جديد في يوم القيامة متجسّدة بنفس جسدها ليحاسب كل نفس بما عملت فليس من العدل أن يساوى المجرم وغير المجرم والمسيء والمحسن في الحياة وقد أيّد الاعتقاد بالمعاد جميع الشرائع الالهية والأديان السماوية وعدوّا الاعتراف بعودة الانسان إلى الحياة ركنا اساسيا في أديانهم وامّا ما تنص من الآيات في القرآن على المعاد فكثيرة فراجع الجزء الأول من كتابنا عقائد الامامية.

عقيدة الامامية في فروع الدين وفرائض الإسلام :

وأما فروع الدين فعند الشيعة هي كثيرة اشهرها الصلاة ١٧ ركعة ٢ الزكاة ٣ الصوم شهرا واحدا في السنة وهو شهر رمضان ٤ الحج الى بيت الله الحرام في العمر مرّة واحدة بعنوان الوجوب وامّا لأجل الاستحباب في كلّ سنة ٥ الخمس في كل ما يغنم الانسان ٦ الجهاد في مقابل أعداء الإسلام اذا هجم الكفّار والمشركون على مقدسات الاسلام فيجب على كل شخص الدفاع عن حوزة الإسلام وعقيدتنا في كل ما جاء به النبي (ص) من الأحكام حق لا شك فيه يجب الاعتقاد به وامتثاله وتفاصيل كل هذا في الفقه الجعفري وكتب الفقه الجعفري من أول الطهارة إلى الديات مشحونة معروفة في الدنيا ٧ الأمر بالمعروف ٨ النهي عن المنكر ٩ الولاية ١٠ البراءة وأمّا اختلاف الشيعة مع ابناء السنة في الفروع فكاختلاف بعض المذاهب الأربعة مع بعضهم الآخر.

اختلاف فقهاء السنة في الفتوى :

ابو حنيفة : قال في الإفصاح اعلم أنّ الامام أبا حنيفة تفرد بخمس عشرة مسألة :

١٨٤

١ ـ العفو عن مقدار الدرهم من النجاسات والائمة يوافقونه في الدم.

٢ ـ عدم النية في الوضوء والطهارة.

٣ ـ جواز التوضؤ بالمائعات.

٤ ـ الخروج من الصلاة بما ليس منها.

٥ ـ عدم الطمأنينة فيها إلا لما رواه ابو يوسف.

٦ ـ كل اهاب يطهر بالدباغ عنده.

٧ ـ جواز الربا في دار الحرب.

٨ ـ إن للمرأة ولاية النكاح.

٩ ـ قتل النفس بالنفس مطلقا.

١٠ ـ عدم جواز الوقف في المنقول.

١١ ـ عدم القضاء على الغائب.

١٢ ـ ميراث الذين عقدت ايمانكم.

١٣ ـ طهارة الخمر بالمعالجة.

١٤ ـ عدم جواز الجمع إلا من عرفة ومزدلفة.

١٥ ـ ثبوت الربا في الجصّ والنورة والزرنيخ.

مالك بن أنس وأما ما اختص به مالك بن أنس :

١ ـ الارسال في الصلاة أي ارسال اليدين

٢ ـ طهارة الكلب.

٣ ـ جواز القراءة للحائض خوف النسيان.

٤ ـ عدم التوقيت للمسح على الخفين.

٥ ـ قتل المرتد من غير استتابة.

٦ ـ وجوب الغسل للجمعة.

٧ ـ تفضيل المدينة على مكة.

٨ ـ تجاوز الميقات بلا احرام إذا مر عليه ولم يكن له.

١٨٥

الشافعي : وأما ما اختص به ابن ادريس الشافعي

١ ـ وجوب قراءة الفاتحة على المأموم.

٢ ـ وجوب التشهد الآخر.

٣ ـ زواج البنت من الزنا.

٤ ـ اتخاذ أواني الذهب والفضة من غير استعمال.

٥ ـ لعب الشطرنج.

٦ ـ نجاسة الأوراق مطلقا.

احمد بن حنبل وأما ما اختص به احمد بن حنبل ١ ـ وجوب المضمضة والاستنشاق.

٢ ـ وجوب غسل اليدين عند القيام من النوم.

٣ ـ الاقتصار على المفصل في اليد في مسح التيمم قياسا على السرقة.

٤ ـ مؤاخذة المقر باقراره وان استثنى أنه أعطى فلا يقبل منه وان قامت البينة.

عوامل الخلاف بين الطائفتين :

الخلاف القائم بين الطائفتين يتكوّن من عاملين رئيسيين هما :

الأول : الخلاف في الخلافة الاسلامية ومن هو المتأهل أهلية صالحة للولاية العامة والرئاسة الشاملة وهي لا تحصل إلا لمن خصّه الله بالكمال وخلّصه من شوائب النقص في الأقوال والأفعال ونزهه عن الظلم للرعية حتى يقيم الحدود و(الله اعلم حيث يجعل رسالته) والشيعة لا يرون تحقق تلك الشروط وحصول تلك الصفات إلّا في من اختاره الله وأمر نبيّه بالنصّ عليه وهو علي بن ابي طالب (ع) وأولاده صلوات الله عليهم اجمعين كما ذكرنا تعيين خلافة عليّ (ع) بالآيات القرآنية والروايات المتواترة عن رسول الله (ص) من الصحاح الستة فضلا عن كتب علماء الشيعة.

١٨٦

الثاني : عوامل السلطة فإن الطبقة التي سيطرت على نظام الحكم رأت من نفسها عدم انطباق تلك الشروط عليها والشيعة لا يرون قيمة لسلطان لا يتمسّك حق التمسك بالشرع ولا يتنزّه عن الظلم ولا يتورع عن المحارم فرأت السلطات ان موقف الشيعة الى جنب آل محمّد (ص) ومعارضتهم لسياساتهم محاولة ظاهرة للقضاء على كيان الملك الذي تربعوا على دسته بدون اهلية وهو من حق آل محمّد (ص) فهم يحذرونهم أشد الحذر ويدفعون الناس إلى التبرؤ منهم بشتى الوسائل حتى اصبحت تهمة التشيع يفرون منها ويرون أنها أعظم من تهمة الزندقة كما يوضح لنا الشافعي ذلك بقوله :

إذا في مجلس ذكروا عليّا

وسبطيه وفاطمة الزكية

يقال تجاوزوا يا قوم هذا

فهذا من حديث الرافضية

برئت إلى المهيمن من اناس

يرون الرفض حبّ الفاطميّة

ضع الحديث في فضائل الخلفاء والصحابة :

واتخذوا التدابير اللازمة في ردّ المنكرين للخلفاء بأمور منها أنهم رفعوا مقام الصحابة على الاطلاق ومنعوا الناس عن الخوض في أحاديثهم وجعلوا لهم منزلة العصمة وقرنوهم بالرسول الأعظم (ص) وجعلوا مؤاخذتهم بشيء إنما هي مؤاخذة للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنّ الطعن في حديثهم هو طعن في حديث الرسول (ص).

ذكر عند الرشيد الخليفة العباسي حديث أبي هريرة أن موسى لقي آدم فقال أنت الذي أخرجتنا من الجنة فقال القرشي اين لقي آدم موسى فغضب الرشيد وقال النطع والسيف يطعن في حديث رسول الله (ص) وبهذا لجمت الامة ليحرموهم حرية التفكير فمن خرج عن ذلك عدّ زنديقا والزنديق يقتل.

١٨٧

الثاني : أن مبادئ الشيعة وعقائدهم مستفادة من ينبوع أهل البيت عليهم‌السلام ويرونهم نصب أعينهم يقيمون الصلاة ويحتفظون بشعائر الدين إذا كيف يحكم عليهم بالكذب فلا بدّ إذا من سلوك طريق لاتّهام الشيعة بما يخالف الإسلام وبالفعل سلك خصوم الشيعة طريقا نجحوا فيه وذلك في تركيز فكرة الغلوّ عند الشيعة في أذهان العامة وأن الشيعة يدّعون لآل البيت الربوبية وقام بنشر هذه الفكرة بين العامّة اولئك الدجّالون الذين يفترون على الله الكذب من قصّاصين ووعاظ يتّصفون بالتديّن الظاهري وهم جزارون لا يتورّعون عن المحارم معرضين عن أحاديث صاحب الرسالة فالنبي (ص) يقول يا عليّ أنت واصحابك في الجنة وأنت وشيعتك في الجنة وألحق الوضاعون بهذا الحديث ألا إنّ ممن يحبك قوما يظهرون الإسلام بألسنتهم يقرءون القرآن لا يتجاوز تراقيهم لهم نبز يسمّون الرافضة فاذا لقيتهم فجاهدهم فانّهم مشركون (تاريخ بغداد ج ١٢ ص ٣٥٨) ويأتي أبو يحيى الحماني بزيادة عن عليّ (ع) أنه قال قلت يا رسول الله ما العلامة فيهم قال يقرظونك بما ليس فيك ويطعنون على اصحابي وبصورة اخرى يا علي ينتحلون حبّك يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم وعلامتهم أنهم ينبذون أبا بكر وعمر وبصورة أخرى وسيأتي قوم لهم نبز يقال الرافضة فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإنهم مشركون (الإشاعة في اشراط الساعة ص ١١٢) وكتحريف حديث الثقلين بوضع سنتي مكان عترتي وهكذا تجرأ اولئك المقربون لأسيادهم بالكذب على الله ورسوله بوضع تلك الزيادات في الأحاديث الواردة عن صاحب الرسالة بمدح شيعة آل البيت فأصبحت تلك الاكاذيب مقررة بصورة رسميّة كقانون تسير عليه السلطة التنفيذية وتلقاها السذج بكل قبول امّا علماء الرجال فقابلوها بالانكار وصرّحوا بوضعها بكل صراحة.

احكام جائرة.

والغرض أن ولاة الجور اتخذوا هذه الامور كقانون يحكمون به على

١٨٨

المعارضين لأحكامهم فكان من الخطر البالغ أن يجهر الاثنان بأيّ رأي حرّ او يذهب الى خلاف ما تراه السلطة الحاكمة ومن سوء حظ الرجل ان يكون له خصوم يسعون به للسلطان فتطبق بحقه هذه المادة فيكون نصيبه القتل او السجن.

اتهام غير الشيعة بالتشيّع وقتلهم :

فهذا المولى ظهير الدين الاردبيلي حكم عليه بالاعدام واتّهم بالتشيّع وذلك لأنه ذهب الى عدم وجوب مدح الصحابة على المنبر وأنه ليس بفرض وقد قبض عليه وحكم عليه القاضي بالاعدام ونفذ الحكم في حقه فقطعوا رأسه وعلقوه على باب زويلة بالقاهرة شذرات الذهب ج ٧ ص ١٧٣.

وامتنع أحد القضاة من المبايعة للخليفة المقتدر العباسي وقال هو خبيث لا تصحّ مبايعته فحكموا عليه بالقتل وذبح أمام الملأ بدمشق.

وهذا سليمان بن عبد القوي المعروف بابي العباس الحنبلي المتولد سنة ٦٥٧ ه‍ والمتوفى سنة ٧١٦ ه‍ كان من علماء الحنابلة ومن المتبرّزين في عصره ودرس في اكثر مدارس الحنابلة في مصر فقد نسب الى الرفض وقامت عليه الشهود في ذلك حتى تعجّب هو من هذه التهمة واستغربها فقال :

حنبلي رافضي ظاهري

أشعري إنها احدى الكبر

وقد عزّر في القاهرة لمدحه عليا بأبيات منها :

كم بين من شك في خلافته

وبين من قال إنه الله

ونسب إلى هجاء الشيخين ابي بكر وعمر والحط من مقام عمر بن الخطاب لقوله في شرح الاربعين إن اسباب الخلاف الواقع بين العلماء تعارض الروايات والنصوص وبعض الناس يزعم أنّ السبب في ذلك هو عمر بن الخطاب لأنّ الصحابة استأذنوه في تدوين السنّة والروايات فمنعهم مع علمه بقول النبي

١٨٩

اكتبوا لأبيّ وقوله (ع) قيدوا العلم بالكتابة ولو ترك الصحابة يدوّن كل واحد منهم ما سمع من النبي (ص) لانضبطت السنة فلم يبق بين آخر الامة وبين النبي (ص) إلّا الصحابي الذي دونت روايته لأن تلك الدواوين كانت تتواتر عنهم وأول من دوّن من العامة قتادة ١٠١ ه‍ وبهذه الصراحة نسب هذا الحنبلي إلى الرفض وناله الضرب والسجن والتبعيد عن وطنه وفضل عن وظيفة التدريس (تاريخ علماء بغداد السلامي ص ٥٩)

ذكر المقدسي في كتابه احسن التقاسيم ج ٢ ص ٢٩٩ عند دخوله اصفهان بقوله وفيهم بله وغلوّ في ابي بكر وعمر ومعاوية ووصف لي رجل بالزهد والتعبّد فقصدته وتركت القافلة خلفي فبت عنده تلك الليلة وجعلت أسأله الى أن قلت ما قولك في صاحب بن عباد فجعل يلعنه قلت ولم قال إنه أتى بمذهب لا نعرفه (وهو المذهب الجعفري) قلت وما هو قال إنه يقول إن معاوية لم يكن مرسلا قلت وما تقول انت قال اقول كما قال الله عزوجل ولا نفرّق بين أحد من رسله ابو بكر بن ابي قحافة وعمر بن الخطاب وعثمان كانوا مرسلين وعليّ كان مرسلا ثم قال معاوية كان مرسلا قلت لا تفعل أما الاربعة فكانوا خلفاء ومعاوية كان ملكا وقال النبي ص الخلافة بعدي إلى ثلاثين سنة تم تكون ملكا فجعل يشنع علي واصبح يقول للناس هذا رجل رافضي قال المقدسي فلو لم أهرب وادركت القافلة لبطشوا بي.

وطعنوا على الحاكم ابي عبد الله النيسابوري صاحب المستدرك بأنه شيعي لذكره في كتابه حديث الطائر المشوي وحديث من كنت مولاه فعليّ مولاه.

ومن أغرب الأشياء ما ذهب إليه ابن كثير في تاريخه ج ١٠ ص ٢١ وهو أن شهاب الدين احمد المعروف بابن عبد ربّه مؤلف العقد الفريد كان من الشيعة بل إن فيه تشيع بشع وذلك لأنه روى اخبار خالد القشيري وما هو عليه من سوء الحال

وقد تحصّل ممّا تقدم ذكره من آراء : القهر والقمع والضغط الاجتماعي الذي أثّر في روح الجماعات من تحمّل العداء للشيعة فلا نستغرب اذا تعبيرهم عن التشيع

١٩٠

بكونه بدعة كما هو في كثير من عبارات أهل الحديث فالبدعة هنا في مقابلة سنة السياسة لا سنة الشريعة المقدسة وإذا أردنا اجراء الحساب معهم عمّا ارتكبوه في حق الشيعة فلا يستطيعون الجواب بشيء لأنهم ساروا مع التقاليد وإلا فما هي بدعة التشيع وهم مجمعون على أنّ الشيعة هم الذين شايعوا عليا (ع) وتابعوه ومن الغريب جدا أن تكون متابعة علي والأخذ عنه وعن أهل بيته بدعة أليس في ذلك مخالفة صريحة لأقوال النبي (ص) في علي الدالّة بوضوح على وجوب حبّه ولزوم اتباعه كقوله يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق.

ولما سئل احمد بن حنبل عمّا يروى أنّ عليّا (ع) قسيم الجنة والنار فقال احمد وما تنكرون من ذا أليس قد روينا أن النبي (ص) قد قال لا يحبّك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق قالوا بلى قال فأين المؤمن قالوا في الجنّة قال فأين المنافق قالوا في النار قال احمد فعليعليه‌السلام قسيم الجنّة والنار.

تهمة سبّ الصحابة :

قال الاستاذ الشيخ اسد حيدر النجفي في كتابه الامام الصادق عليه‌السلام والمذاهب الاربعة ج ٢ ـ ٢١٤ (إنّ تهمة سبّ الصحابة قد استأصل داؤها فعزّ علاجه ونفذ حكمها فعظم نقضه وسرت تلك الدعاية في مجتمع تسوده عاطفة عمياء وعصبية هو جاء وقد وقفت الحقيقة أمام ذلك الوضع المؤلم مكتوفة اليد وأسدلت دونها أبراد التمويه وأحيطت بأنواع الحواجز وأقيمت في طريق الوصول إليها آلاف من العقبات وسلاح القوة فوق ذلك اذ سلطة الأمويّين والعبّاسيين قررت نظام انطباق الكفر والزندقة على المعارضين لسياستها خصوصا العلويّين والشيعة الاثني عشرية ولم يمكنهم تحقيقه إلا باتهام سبّ الصحابة او أبي بكر وعمر وعثمان بصورة خاصّة وإذا حاول المفكرون أن يقفوا على حقيقة الأمر والواقع أخذوا بتلك التهمة وشملهم ذلك النظام الجائر فكانت الحكومة إذا أرادت أن تعاقب شيعيّا لمذهبه لم تذكر اسم علي بن ابي طالب

١٩١

(ع) بل يجعل سبب العقوبة أنه شتم أبا بكر وعمر وعثمان قاله في المنتظم قال ابن الأثير في حوادث سنة ٢٠٧ ه‍ وفي هذه السنة قتلت الشيعة في جميع بلاد افريقيا وجعل سبب ذلك اتهامهم بسبّ الشيخين (الكامل ج ٩ ص ١١٠)

في تاريخ ١٠٣٨ ه‍

قتلوا من الشيعة ثلاثين الف نسمة

في كتاب أربعة قرون تأليف لونكريك ذكر في حوادث ١٠٣٨ ه‍ فتح سلطان مراد العثماني بغداد وأمره بقتل الشيعة في مكان واحد قتلوا من الشيعة ثلاثين الف نسمة بفتوى شيخ يحيى الحنفي وأمر بنقل جميع الموقوفات التي في المشاهد المشرفة كربلاء والكاظمية وسامراء الى بقعة الشيخ عبد القادر الكيلاني الرشتي.

وكم قتلوا من علماء الشيعة واكابرهم في زمن الحجاج وهنا يخبرنا الباقر (ع) عن عيان ومشاهدة عما كان من الحجاج مع الشيعة كما يحكيه شارح النهج ٣ ، ١٥ يقول (ع) ثم جاء الحجاج فقتل الشيعة كل قتلة وأخذهم بكل ظنة وتهمة حتى أن الرجل ليقال له زنديق أو كافر احب إليه من ان يقال له شيعة علي (ع) وما اكثر تلك الفظائع السود والأعمال الوحشية التي وقعت طبقا لنظام السياسة ولا علاقة لها بنظام الإسلام الذي يقضي على مرتكبها بالخروج منه وإن المسألة مكشوفة لا تحتاج الى مزيد بيان لشرح الأسباب التي أدت إلى حدوث تلك الحوادث المؤلمة وارتكاب تلك الجرائم الفادحة ومعاملة شيعة علي بن أبي طالب (ع) بتلك المعاملة القاسية انظر الى شرح النهج ٣ ، ١٥ وتاريخ ابن الأثير في عام ٤٠١ ه‍ و ٤٠٦ و ٤٤٣ و ٤٤٤ ه‍ حتى قال عن حوادث عام ٤٤٣ ه‍ وجرى من الأمر الفظيع ما لم يجر مثله في الدنيا ولو قرأت من كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والامم لابن الجوزي ج ٨ من الحوادث في عام ٤٤١ ه‍ وما بعده لعرفت كيف كانت الحال التي تجري الدموع دما ولم يفتحوا باب النقاش العلمي وحرموا الناس حرية القول وأرغموهم

١٩٢

على الاعتراف بكفر الشيعة والابتعاد عن مذهب أهل البيت (ع) لو سألهم سائل عن الحقيقة وطلب منهم أن يوضحوا لهم سبب ذلك فليس له جواب إلا شمول ذلك النظام له.

ونحن نسألهم :

١ ـ أين هذه الامة التي تكفّر جميع الصحابة ويتبرءون منهم.

٢ ـ اين هذه الامة التي تدّعي لأئمة أهل البيت (ع) منزلة الربوبيّة.

٣ ـ اين هذه الامة التي أخذت تعاليمها من المجوس فمزجتها في عقائدها

٤ ـ اين هذه الامة التي حرفت القرآن وادّعت نقصه.

٥ ـ اين هذه الامة التي ابتدعت مذاهب خارجة عن الإسلام

انتم لا تستطيعون الجواب على ذلك لأن الدولة قررت هذه الاتهامات فلا يمكنهم مخالفتها.

أليس التشيّع مبدأ يشمل عددا وافرا من أصحاب محمّد (ص):

أليس التشيع مبدأ يشمل عددا وافرا من اصحاب محمّد (ص) وهم من البدريين وأهل بيعة الرضوان ممن والى عليا ويرى احقية عليّ (ع) بالخلافة ممن ذكرنا في ذكر عدد كثير من وجوه الصحابة أليس من الشيعة علماء اعترف الكل بعلوّ منزلتهم وغزارة علمهم واحتياج الناس إليهم ومنهم من شيوخ وكبار العلماء ورجال الصحاح كأبي حنيفة والشافعي واحمد والبخاري وغيرهم وقد خرج اصحاب الصحاح لعدد وافر من رجال الشيعة يربو عددهم على ٣٠٠ رجل.

ما هو موقف علماء السوء امام الله تعالى يوم القيامة :

ما ذا يقول المرتزقة من العلماء الذين أصبحوا مصدرا للفتوى وحكاما على السلطة التشريعية قد أخذوا على عاتقهم مسئولية إغواء العامة وحملهم

عقائد الإماميّة ـ ١٣

١٩٣

على خلاف الحق فكانوا دعاة فرقة وأئمة ضلال فحكموا على الشيعة بالأخص من دون بيان لمستند الحكم ودليل للفتوى بأن قتالهم أي الشيعة ، جهاد أكبر ومن قتل في حربهم فهو شهيد ويقول في خاتمة الفتوى ومن شك في كفرهم أي الشيعة كان كافرا وآخر يقول في الخلاصة الرافضي إذا كان يسب الشيخين فهو كافر وان كان يفضل عليّا عليهما فهو مبتدع (فراجع رسائل ابن عابدين ج ٢ ص ١٤٩) وهكذا زيّنوا للناس حبّ الوقيعة بعضهم ببعض وأباحوا قتل المؤمن المسلم بيد أخيه المسلم بدون تثبت في الحكم ووقوف أمام حرمة ذلك وليس غرضهم إلا ارضاء السلطة وإن غضب الله عليهم والشيعة لا تصير في بغض من عادى عليّا فإنّ مبغض علي منافق بنصّ الحديث الشريف يا عليّ لا يحبّك إلا مؤمن ولا يبغضنك إلا منافق ، وإنّ المنافقين لفي الدرك الأسفل من النار ، وأن المشايخ الثلاثة خالفوا قول الله تعالى وقول الرسول (ص) في حق أهل البيت وقد ثبت أن بعض من وسموا بالصحبة كانوا يبغضون عليا (ع) ويسبّونه وقد اشتهر ذلك عنهم :

فالله يشهد إنا لا نحبّهم

لله لا نخشى في ذاك من غضبا

وبدون شك أنّ معاوية وحزبه كانت تتجلى بهم صفة البغض لعلي وأهل البيت وابنه الخبيث يزيد قتل الحسين (ع) سيّد شباب أهل الجنة وصار عارا على المسلمين عامة وعلى العرب خاصّة كما أعلن معاوية شتم علي وجعله سنة وتتبع أنصاره وحزبه من الصحابة والتابعين فأذاقهم أنواع الأذى والمحن وأعمال معاوية وأمثاله لا يمكن السكوت عنها ولا طريق إلى حملها على وجه صحيح وليس من الإنصاف ان يقال إن معاوية مجتهد ومتأول وقد عطّل الحدود وأبطل الشهود وقتل النفس المحرّمة وسبى نساء المسلمين وعرضهنّ في الأسواق فيكشف عن سوقهن فأيتهن كانت أعظم ساقا اشتريت على عظم ساقها كما ذكره في الاستيعاب ج ١ ص ١٥٧ الى كثير من تلك

١٩٤

الفظائع والفجائع وقال الحسن البصري في حق معاوية اربع خصال في معاوية لو لم تكن إلا واحدة لكانت موبقة خروجه على هذه الامة بالسفهاء حتى ابتزّها بغير مشورة منهم واستخلافه يزيد وهو يسكر ويلبس الحرير ويضرب بالطنابر وادعاؤه زيادا وقد قال النبي (ص) الولد للفراش وللعاهر الحجر وقتله حجر بن عدي والخوارج يكفرون جميع المسلمين مع ذلك لا يفتي علماء المرتزقة بكفرهم بخلاف الشيعة لأنهم يحبّون أهل البيت.

الخوارج :

نشأت هذه الفرقة بصفّين عند ما طلب معاوية التحكيم من عليّ عليه‌السلام وهي خديعة استعملها معاوية بن ابي سفيان ودلّه عليها عمرو بن العاص عند ما أحس بالهزيمة ولمس الضعف في جيشه وعرف تفوّق عليّ بحقّه وأن الحقّ مع عليّ (ع) وقد انضم لجيشه رجال مخلصون قد رسخ الإيمان في قلوبهم أراد معاوية أن يوقع الشك ويحدث الفرقة في صفوف جيش علي وقد وقع ما أراد معاوية فقد نفرت طائفة لم يتركز الايمان في قلوبهم ومرقوا من الدين فأصبحت شعار هذه الطائفة الخوارج.

فرق الخوارج :

ذكر للخوارج فرق كثيرة قاربت العشرين فرقة على حسب اختلافهم في الآراء وأهم فرقهم المشهورة.

الأزارقة :

وهم أتباع نافع بن الازرق وكان من اكبر فقهائهم وقد كفّر جميع المسلمين وقال إنه لا يحل لأحد من أصحابه أن يجيب أحدا من غيرهم إذا دعاهم إلى الصلاة ولا أن يأكلوا من ذبائحهم ولا ان يتزوّجوا منهم ولا يتوارث الخارجي وغيره وهم مثل كفّار العرب وعبدة الأوثان لا يقبل منهم إلا

١٩٥

الإسلام أو السيف ودارهم دار حرب ويحلّ قتل أطفالهم ونسائهم ولا تحل التقية واستحل الغدر بمن خالفه وكان أصحاب نافع من أقوى فرق الخوارج وأكثرهم عددا خرجوا من البصرة معه فتغلّبوا على الأهواز وما وراءها من بلدان فارس وكرمان وقتلوا عمّال تلك النواحي واشتدت شوكتهم ووقعت حروب بينهم وبين الدولة الاموية بما لا يسع المجال لذكرها.

النجدات :

وهم أتباع نجدة بن عامر الحنفي وهم الذين خالفوا نافعا وانفردوا بتعاليم منها أن المخطئ بعد أن يجتهد معذور وإن الدين أمران معرفة الله ومعرفة رسوله ومن اداه اجتهاده الى استحلال حرام او تحريم حلال فهو معذور.

الأباضية في المغرب وسلطنة عمان :

وهم أتباع عبد الله بن اباض التميمي الذي خرج أيام مروان الحمار آخر ملوك بني أمية ولا يزال أتباعه الى اليوم في المغرب العربي دولة الملك الحسن الثاني وهم فرق البقية من جميع فرق الخوارج الكثيرة التي انقرضت ولم تبق منهم باقية إلّا الأباضية وهم على عقيدتهم في تكفير جميع المسلمين ويعتذرون عنهم بأنّهم يذهبون الى تكفيرهم لا على سبيل الشرك بل يرون انّهم كفار نعمة ومن جملة آرائهم إن دماء مخالفيهم حرام في السر لا في العلانية ودارهم دار توحيد وأنّهم ليسوا مشركين ولا مؤمنين ويسمونهم كفارا ولا يحل من غنائمهم في الحرب إلا الخيل والسلاح ولا يزال الأباضيون يؤلّفون جماعات عديدة في افريقية الشمالية ويوجد فريق آخر بزنجبار بإفريقية الشرقية أما الوطن الأصلي للأباضيين الذين يهاجرون الى افريقية الشرقية فهو بلاد عمّان.

١٩٦

اليزيدية :

وهم اليزيدية أتباع يزيد بن انسية الخارجي وادّعوا أنّ الله سبحانه وتعالى يبعث رسولا من العجم ينزل عليه كتابا ينسخ الشريعة المحمدية.

الميمونية :

أتباع ميمون العجردي وأظهروا عقائد المجوس فكانوا يبيحون نكاح بنات الأولاد وبنات اولاد الاخوة وبنات اولاد الاخوات.

وتقسم الأباضية ذاتها إلى ثلاثة شعب هي الحفصية والحارثية واليزيدية.

الصفرية :

وهم أتباع زياد بن الأصفر ومن زعماء الصفرية ابو هلال مرداس الذي خرج أيام يزيد بن معاوية بناحية البصرة على عبيد الله بن زياد ومنهم عمران ابن حطان وقد انتخبه الخوارج إماما لهم وهو القائل بمدح عبد الرحمن بن ملجم المرادى اللعين :

يا ضربة من منيب ما أراد بها

إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

إني لأذكره يوما فاحسبه

أوفى البرية عند الله ميزانا

وأجابه جماعة منهم عبد القادر البغدادي المتوفى ٤٢٩ ه

يا ضربة من كفور ما استفاد بها

إلا الجزاء بما يصليه نيرانا

إني لألعنه دنيا وألعن من

يرجو له ابدا عفوا وغفرانا

ذاك الشقي لأشقى الناس كلهم

اخفهم عند رب الناس ميزانا

وعمران بن حطان قد خرّج حديثه البخاري ووثقه وهذا من مزايا صحيحه وامتيازه.

العجاردة :

وهم أتباع عبد الكريم بن عجرد وكانت العجاردة مفترقة عشرة فرق

١٩٧

ثم افترقوا فرقا كثيرة هذا جملة القول في أهم فرق الخوارج وقد بلغت عشرين فرقة وكل فرقة تخالف الاخرى في تعاليمها وآرائها إلا أنهم اتفقوا على النظريتين الأولى تكفير عليّ وعثمان وأصحاب الجمل والحكمين الثانية اعترفوا بصحة خلافة الشيخين والخوارج مع عظم اجرامهم لا يوصفون بما وصف به الشيعة كتاب المرتزقة من أمثال احمد امين والشيخ زهو وابو زهرة والخطيب محبّ الدين صاحب الخطوط العريضة ويتجرّءون على الشيعة بالعبارات القبيحة والألفاظ المستهجنة لأن جرم هوانهم الشيعة يوالون عليا واولاده صلوات الله عليهم اجمعين وبدون شك أن حركة الخوارج من اكبر العوامل التي هددت المسلمين بأخطار كثيرة وقد اتخذوا تكفير جميع فرق المسلمين الحنفي والمالكي والحنبلي والشافعي وغيرهم.

المعتزلة :

الاعتزال نشأ في البصرة عند ما اعتزل واصل بن عطاء المتوفّى ١٣١ ه‍ حلقة درس الحسن البصري لمخالفته إياه في مسئلة مرتكب الكبيرة.

فرق المعتزلة :

قال الخياط في كتاب الانتصار ليس يستحق أحد اسم الاعتزال حتى يجمع القول بالأصول الخمسة التوحيد والعدل والوعد والوعيد والمنزلة بين المنزلتين (يعني مرتكب الكبيرة لا يكون مؤمنا ولا كافرا) والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإذا كانت في الانسان هذه الأصول الخمس فهو معتزلي.

افترقت المعتزلة الى فرق كثيرة منهم :

١ ـ الواصلة وهم أصحاب واصل بن عطاء.

٢ ـ الهذيلية وهم اصحاب ابي الهذيل العلّاف.

١٩٨

٣ ـ النظامية وهم أصحاب النظام ابراهيم بن سيّار.

٤ ـ الحائطية وهم أصحاب أحمد بن حائط.

٥ ـ البشرية وهم اصحاب بشر بن المعمر.

٦ ـ المعمرية وهم اصحاب معمر بن عباد السلمي.

٧ ـ المزدارية وهم اصحاب عيسى المكنى بأبي موسى الملقب بالمزدار.

٨ ـ الشمامية وهم اصحاب شمامة بن اشرف النمري.

٩ ـ الهشامية وهم اصحاب هشام بن عمر الفوطي.

١٠ ـ الجاحظية وهم اصحاب عمرو بن بحر الجاحظ.

١١ ـ الخياطية وهم اصحاب ابي الحسين الخيّاط.

١٢ ـ الجبائية وهم اصحاب أبي علي محمّد بن عبد الوهاب الجبائي.

وغيرهم كما هو مذكور في كتب أهل المقالات والفرق.

الجبرية :

الجبر هو نفي الفعل من العبد حقيقة واضافته إلى الربّ حقيقة وزعمت هذه الفرقة أن الإنسان لا يخلق افعاله وليس له مما ينسب إليه من الأفعال شيء فقوام هذا المذهب نفي الفعل عن العبد وإضافته الى الرب تعالى.

وقد اختلفت الأقوال في نشأة هذه الفرقة ومن هر القائل بها أولا فقيل إن أوّل من قام بهذه النحلة رجل يهودي وقيل الجعد بن درهم أخذها عن أبان بن سمعان وأخذها أبان عن طالوت بن اعصم اليهودي فهي على هذا فكرة يهودية وقد ضل بها خلق كثير.

وبهذا المذهب لا يكون للانسان كسب ولا إرادة ولا اختيار ولا تصرّف فيما وهبه الله من نعمة العقل على حسبه فكيف يكون له مطمع في ثواب او خوف من عقاب.

١٩٩

المفوضة :

وقد انتشر مذهب المفوّضة وهم الذين يقولون بتفويض الأفعال إلى المخلوقين ورفعوا عنها قدرة الله وقضاءه عكس المجبرة الذين أسندوا الأفعال جميعا إليه تعالى وأنه أجبر الناس على فعل المعاصي وأجبرهم على فعل الطاعات وأن أفعالهم في الحقيقة افعاله فكان اثر هاتين الفكرتين سيّئا في المجتمع الإسلامي فتصدّى الامام الصادق عليه‌السلام لردّ هؤلاء وأعلن العقيدة الصحيحة والرأي السديد في التوسّط بين الأمرين فقال عليه‌السلام :

لا جبر ولا تفويض ولكن امر بين امرين :

وخلاصته أنّ أفعالنا من جهة هي أفعالنا وتحت قدرتنا واختيارنا من جهة أخرى هي مقدورة لله تعالى وداخلة في سلطانه فلم يجبرنا على افعالنا حتى يكون قد ظلمنا في عقابنا على المعاصي لأنّ لنا القدرة على الاختيار فيما نفعل ولم يفوّض إلينا خلق افعالنا حتى يكون قد أخرجها عن سلطانه بل له الخلق والامر وهو قادر على كل شيء ومحيط بالعباد واعتقاد الشيعة الامامية الاثني عشرية بين المذهبين كما بيّنه أئمة الهدى ودلت عليه كلمة الامام الصادق (ع) المشهورة.

المرجئة وفرقهم :

وهم عكس مذهب المعتزلة المبالغين في اثبات الوعيد فهم يرجون المغفرة والثواب لأهل المعاصي ويرجئون حكم اصحاب الكبائر إلى الآخرة.

الدولة الاموية أيّدت المرجئة تأييدا عمليا :

ويقول النوبختي ولمّا قتل عليّ (ع) بسيف ابن ملجم المرادي اتفق بقية الناكثين والقاسطين وتبعتهم الدنيا على معاوية فسمّوا المرجئة.

وافترقت الفرق الى خمسة فرق كل فرقة تضلّل أختها وهم :

٢٠٠