عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ٣

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني

عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ٣

المؤلف:

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٣
الصفحات: ٢٨٧

آخيت بين اصحابك وتركتني فقال إنما تركتك لنفسي أنت أخى وأنا أخوك فإن ذكرك أحد فقل أنا عبد الله وأخو رسوله لا يدعيها بعدك إلّا كذاب والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيّ بعدي وأنت أخي ووارثي وفي الجمع بين الصحاح الستة عن النبي (ص) قال مكتوب على باب الجنة محمد رسول الله عليّ أخور رسول الله قبل أن يخلق الله السموات بألفي عام.

١٤ ـ حديث إن عليا مني وأنا من عليّ :

من مسند احمد بن حنبل وفي الصحاح الستة عن النبي (ص) من عدة طرق إنّ عليا مني وأنا من عليّ وهو ولي كل مؤمن بعدي لا يؤدّي عني إلا أنا أو عليّ وفيه أيضا لمّا قتل عليّ (ع) اصحاب الألوية يوم احد قال جبرئيل لرسول الله (ص) إن هذه لهي المواساة فقال النبي (ص) إن عليّا مني وأنا منه فقال جبرئيل وأنا منكما يا رسول الله.

١٥ ـ حديث إنّ فيك مثلا من عيسى :

الخامس عشر في مسند احمد بن حنبل إنّ رسول الله (ص) قال لعليّ إن فيك مثلا من عيسى ابغضه اليهود حتى اتهموا أمّه وأحبّه النصارى حتى أنزلوه المنزل الذي ليس له بأهل وقد صدق النبي (ص) لأن الخوارج أبغضوا عليّا (ع) والنصيرية اعتقدوا فيه الربوبية.

١٦ ـ حديث لا يحبّك إلا مؤمن :

السادس عشر من مسند احمد بن حنبل وهو مذكور في الجمع بين

١٤١

الصحيحين وفي الجمع بين الصحاح الستة أن النبي (ص) قال لا يحبّك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق.

١٧ ـ حديث الطائر :

السابع عشر في مسند احمد بن حنبل ومن الجمع بين الصحاح الستة عن انس بن مالك قال كان عند النبي (ص) طائر قد طبخ له فقال اللهم ائتني بأحبّ الناس أليك يأكل معي فجاء عليّ بن أبي طالب (ع) فأكل معه ومنه أنه لمّا حضرت ابن عبّاس الوفاة قال اللهم إني أتقرب أليك بولاية علي بن ابي طالب (ع) وقال الناصب فضل بن روزبهان حديث الطائر مشهور وهو فضيلة عظيمة ورواه الحاكم في المستدرك أيضا عن انس بن مالك ص ٤٠٢ ج ٦.

١٨ ـ حديث أنا مدينة العلم وعليّ بابها :

الثامن عشر في صحيح مسلم ومسند احمد بن حنبل قال لم يكن أحد من اصحاب رسول الله (ص) يقول سلوني إلّا عليّ بن أبي طالب (ع) وقال رسول الله (ص) أنا مدينة العلم وعليّ بابها ورواه الحاكم أيضا من طرق ص ١٢٦ ج ٣ عن ابن عباس وذكره السيوطي في اللئالي المصنوعة عن ابن الجوزي أيضا.

وقال ابو نعيم الأصفهاني رواه ابن عبّاس وجابر ولفظ حديث جابر هكذا سمعت رسول الله (ص) يوم الحديبية وهو آخذ بيد عليّ يقول هذا أمير البررة وقاتل الفجرة منصور من نصره مخذول من خذله يمدّ بها صوته أنا مدينة العلم وعليّ بابها فمن أراد العلم فليأت الباب.

١٤٢

١٩ ـ حديث من آذى عليا فقد آذاني :

التاسع عشر في مسند احمد بن حنبل من عدة طرق أنّ النبي (ص) قال من آذى عليا فقد آذاني أيّها الناس من آذى عليّا بعث يوم القيامة يهوديّا أو نصرانيا ورواه الحاكم عنه أيضا ج ٣ ص ٤٨٣.

٢٠ ـ حديث تزويج فاطمة :

العشرون في مسند احمد بن حنبل والحاكم في المستدرك ص ١٦٧ ج ٢ أنّ أبا بكر وعمر خطبا من رسول الله (ص) فاطمة (ع) فقال إني أنظر أمر الله فيها فخطبها عليّ فزوّجها منه وفي اللئالي المصنوعة عن العقيلي والطبراني قال خطب ابو بكر وعمر فاطمة فقال النبي (ص) هي لك يا عليّ لست بدجال ، فإنّ قوله (ص) لست بدجال تعريض بغيره والدجال لا يصلح للإمامة بالضرورة.

٢١ ـ اجلس يا أبا تراب :

الحادي والعشرون في الجمع بين الصحيحين أن رسول الله (ص) دخل على ابنته فاطمة فقبّل رأسها ونحرها وقال أين ابن عمّك قالت في المسجد فوجد ردائه قد سقط عن ظهره وخلّص التراب إلى ظهره فجعل يمسح عن ظهره التراب ويقول اجلس يا أبا تراب مرتين.

٢٢ ـ ٢٣ ـ أحاديث كسر الأصنام وصك الولاية وردّ الشمس وغيرها :

روى الجمهور من عدّة طرق أن رسول الله (ص) حمل عليّا

١٤٣

حتى كسر الأصنام من فوق الكعبة وأنه لا يجوز على الصراط الا من كان معه كتاب بولاية عليّ بن أبي طالب (ع) وأنه ردت له الشمس بعد ما غابت حيث كان النبي (ص) نائما على حجره ودعا له بردّها ليصلّي علي العصر وأنه نزل إليه سطل عليه منديل وفيه ماء فتوضّأ للصلاة ولحق بصلاة النبي (ص) وأن مناديا من السماء نادى يوم احد لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا عليّ وروي أنّه نادى به يوم بدر أيضا.

أما الخبر الأول وهو خبر كسر الأصنام فقد أخرجه الحاكم في المستدرك ص ٥ ج ٣ عن عليّ (ع) وصحّحه قال لما كانت الليلة التي أمرني رسول الله أن أبيت على فراشه وخرج من مكة مهاجرا انطلق بي رسول الله إلى الأصنام فقال اجلس فجلست إلى جنب الكعبة ثم صعد رسول الله على منكبي ثم قال انهض فنهضت به فلما رأى ضعفي تحته قال اجلس فجلست فأنزلته وجلس لي رسول الله ثم قال لي ، يا علي اصعد فصعدت على منكبه ثم نهض بي رسول الله (ص) وخيّل لي اني لو شئت لنلت السماء وصعدت إلى الكعبة وقد اشار ابن ادريس الشافعي إلى هذه الواقعة مادحا لأمير المؤمنين (ع) كما حكاه في ينابيع المودة في الباب ٤٨ فقال الشافعي :

قيل لي قل في عليّ مدحا

ذكره يخمد نارا موصده

قلت لا اقدم في مدح امرئ

ضلّ ذو اللب إلى أن عبده

والنبي المصطفى قال لنا

ليلة المعراج لمّا صعده

وضع الله بظهري يده

فأمسّ القلب أن قد برده

وعليّ واضع أقدامه

في محلّ وضع الله يده

وأمّا الحديث الثاني وهو أنه لا يجوز على الصراط إلا من كان معه كتاب بولاية عليعليه‌السلام وفي الينابيع عن الحمويني بسنده عن عليّ (ع)

١٤٤

عن النبي (ص) قال إذا نصب الصراط على جهنم لم يجز عنه إلا من كانت معه براءة بولاية علي بن أبي طالب (ع) وأمّا الحديث الثالث وهو ردّ الشمس فقد قال العلامة في منهاج الكرامة التاسع رجوع الشمس له مرّتين أحدهما في زمن النبي (ص) والثانية في خلافته (ع) أما الاولى فروى جابر وابو سعيد الخدري أن رسول الله (ص) نزل عليه جبرئيل يوما يناجيه من عند الله تعالى فلمّا تغشاه الوحي توسد فخذ أمير المؤمنين فلم يرفع رأسه حتى غابت الشمس فصلّى عليّ (ع) العصر بالايماء فلمّا استيقظ النبي (ص) قال له سل الله يرد عليك الشمس لتصلي العصر قائما فدعا فردت الشمس فصلّى العصر قائما وأمّا الثانية فلمّا أراد أن يعبر الفرات ببابل أي الحلّة استعمل كثير من أصحابه دوابهم وصلّى لنفسه في طائفة من اصحابه العصر وفاتت البعض فتكلموا في ذلك فسأل الله ردّ الشمس فردت ونظمها الحميري فقال :

ردت عليه الشمس لما فاته

وقت الصلاة وقد دنت للمغرب

حتى تبلج نورها في وقتها

للعصر ثم هوت هويّ الكوكب

وعليه قد ردت ببابل مرّة

أخرى وما ردت لخلق مغرب

وأمّا الحديث الرابع وهو حديث السطل والماء والمنديل فقد حكاه أيضا في الينابيع في الباب ٣٩.

وأمّا الحديث الخامس وهو الحديث النداء يوم احد فقد رواه الطبري في تاريخه ص ١٧ ج ٣ وابن الأثير في كامله ص ٢٧٤ وابن أبي الحديد ص ٣٧٢ ج ٣ وأنهم سمعوا تكبيرا من السماء في ذلك اليوم وقائلا يقول لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا عليّ فاستأذن حسان بن ثابت مادح وشاعر رسول الله (ص) أن ينشد شعرا فقال :

جبريل نادى معلنا

والنقع ليس ينجلي

والمسلمون أحدقوا

حول النبي المرسل

لا سيف إلا ذو الفقا

ر ولا فتى إلّا عليّ

وكذا صدور النداء في بدر وخيبر

عقائد الإمامية ـ ١٠

١٤٥

٢٤ ـ حديث الحق مع علي عليه‌السلام :

الرابع والعشرون في الجمع بين الصحاح الستة عن النبي (ص) قال رحم الله عليّا اللهم ادر الحق معه حيث دار روى لفظ الحديث الترمذي في فضائل عليّ (ع) والحاكم في فضائله من المستدرك ص ١٢٤ ج ٦ ونقل في الصواعق في الباب الأول عن الذهبي أنه صحّح طرقا كثيرة لدعاء النبي (ص) لعليّ في غدير خم المشتمل على قوله وادر الحق معه وأيضا قد ثبت عن النبي (ص) في الأخبار الصحيحة أنه قال عليّ مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار.

٢٥ ـ حديث الكساء في تفسير آية التطهير :

الخامس والعشرون في مسند احمد بن حنبل من عدة طرق وفي الجمع بين الصحاح الستة عن أم سلمة وقد قالت كان رسول الله (ص) في بيتي فأتت فاطمة فقال ادعي زوجك وابنيك فجاء عليّ (ع) وفاطمة والحسن والحسين (ع) وكان تحته كساء خيبري فأنزل الله (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا فأخذ فضل الكساء وكساهم به.

٢٦ ـ حديث أهل بيتي أمان لأهل الأرض :

السادس والعشرون في مسند احمد بن حنبل قال رسول الله (ص) النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت ذهبوا وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض ورواه صدر الائمة موفّق بن أحمد المكيّ وفي مسند احمد أيضا قال رسول الله (ص) اللهم إني أقول كما قال أخي موسى اجعل لي وزيرا من أهلي عليا أخي أشدد به أزري وأشركه في امري.

١٤٦

٢٧ ـ حديث الثقلين وما بمعناه :

السابع والعشرون روى احمد بن حنبل في مسنده أن النبي (ص) أخذ بيد الحسن والحسين وقال من أحبني وأحبّ هذين وأباهما وأمّهما كان معي في درجتي يوم القيامة وفيه عن جابر قال قال رسول الله (ص) ذات يوم بعرفات وعليّ تجاهه أدن مني يا علي خلقت أنا وأنت من شجرة فأنا أصلها وأنت فرعها والحسن والحسين أغصانها فمن تعلّق بغصن منها أدخله الله الجنة وفيه عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله (ص) إني قد تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي الثقلين وأحدهما اكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ورواه احمد من عدّة طرق وفي صحيح مسلم في موضعين عن زيد بن أرقم قال خطب رسول الله (ص) بماء يدعى خما بين مكة والمدينة ثم قال بعد الوعظ أيّها الناس إنّما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربّي فاجيب وإنّي تارك فيكم الثقلين أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ثم قال وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي اذكركم الله في أهل بيتي وروى الزمخشري وكان من أشد الناس عنادا لأهل البيت قال باسناده قال رسول الله (ص) فاطمة بهجة قلبي وابناها ثمرة فؤادي وبعلها نور بصري والأئمة من ولدها أمناء ربّي وحبل ممدود بينه وبين خلقه من اعتصم بهم نجا ومن تخلّف عنهم هوى وروى الثعلبي في تفسير قوله تعالى واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا بأسانيد متعدّدة عن رسول الله (ص) قال أيّها الناس قد تركت فيكم الثقلين خليفتين إن أخذتم بهما لن تضلوا بعدي أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض وعترتي أهل بيتي وإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض وفي الجمع بين الصحيحين إنّما أنا بشر يوشك ان يأتيني رسول ربي فاجيب وأنا تارك

١٤٧

فيكم الثقلين أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به وأهل بيتي اذكركم الله في أهل بيتي خيرا.

٢٨ ـ حديث اثنا عشر خليفة :

الثامن والعشرون في صحيح البخاري في آخر كتاب الأحكام وفي ينابيع المودة في الباب ٧٧ عن جابر قال سمعت النبي (ص) يقول يكون اثنا عشر اميرا فقال كلمة لم أسمعها فقال أبي إنه قال كلّهم من قريش وفي رواية عن النبي (ص) لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة كلّهم من قريش وفي صحيح مسلم أيضا لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة ويكون عليهم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش وفي الجمع بين الصحاح الستة في موضعين قال رسول الله (ص) هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش وكذا في صحيح ابي داود والجمع بين الصحيحين وقد ذكر السدّي في تفسيره وهو من علماء الجمهور وثقاتهم قال لمّا كرهت سارة مكان هاجر أوحى الله تعالى إلى ابراهيم فقال انطلق باسماعيل وأمّه حتى تنزله بيت النبي (ص) التهامي معين مكة فإنّي ناشر ذرّيتك وجاعلهم ثقلا على من كفر بي وجاعل منهم عظيما ومظهره على الأديان وجاعل من ذرّيته اثني عشر عظيما وجاعل ذريته عدد نجوم السماء وقد دلت هذه الأخبار على إمامة اثني عشر من أهل بيت محمد (ص) ولا قائل بالحصر إلّا الإمامية في المعصومين والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى.

٢٩ ـ حديث عدد الأئمة كعدد نقباء بني إسرائيل :

التاسع والعشرون ما رواه أحمد في مسنده ج ١ ص ٣٩٨ عن مسروق قال كنا جلوسا عند عبد الله بن مسعود وهو يقرئنا القرآن فقال له رجل يا

١٤٨

أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله كم يملك هذه الامة من خليفة فقال عبد الله ابن مسعود ما سألني عنها أحد منذ قدّمت العراق قبلك ثم قال ولقد سألنا رسول الله (ص) فقال اثنا عشر كعدة نقباء بني اسرائيل.

٣٠ ـ في بعض فضائل عليّ (ع) تقتضي وجوب إمامة

أمير المؤمنين وخلافة رسول الله بلا فصل :

الثلاثون في ذكر الفضائل التي تقتضي وجوب إمامة أمير المؤمنين (ع) وكونه عليه‌السلام خليفة بلا فصل لرسول الله (ص) روى أخطب خوارزم من الجمهور باسناده الى ابن عباس قال قال رسول الله لو أن الرياض أقلام والبحر مداد والجنّ حسّاب والانس كتاب ما أحصوا فضائل عليّ بن أبي طالب (ع) فمن يقول عنه رسول الله (ص) مثل هذا كيف يمكن ذكر فضائله لكن لا بدّ من ذكر بعضها لما رواه أخطب خوارزم أيضا قال قال رسول الله (ص) إن الله جعل لأخي عليّ بن أبي طالب (ع) فضائل لا تحصى كثرة فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرّا لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة رسم ومن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر ثم قال (ص) النظر إلى عليّ عبادة وذكره عبادة ولا يقبل الله ايمان عبد إلا بولايته والبراءة من أعدائه.

فضائل علي حال الولادة وفضائل علي بعد الولادة :

فنقول أما حال ولادته فإنه ولد يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة في الكعبة وقد قال الحاكم في المستدرك ص ٤٨٣ ج ٣ أن الأخبار قد تواترت أن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه في جوف الكعبة ولم يولد فيها

١٤٩

أحد سواه قبله ولا بعده وكان عمر النبي (ص) ثلاثين سنة فأحبّه وربّاه وكان يطهره وقت غسله ويوجره اللبن عند شربه ويحرّك مهده عند نومه ويناغيه في يقظته ويحمله على صدره ويقول هذا أخي ووليي وناصري وصفيي وذخري وكهفي وصهري وزوج كريمتي وأميني على وحيي وخليفتي وكان يحمله دائما ويطوف به جبال مكة وشعابها وأوديتها رواه صاحب كتاب بشارة المصطفى من الجمهور ونقل أيضا في كشف الغمة ولادته في الكعبة عن ابن المغازلي ورواه سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواصّ وقال عبد الباقي العمري مادحا لأمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.

أنت العليّ الذي فوق العلى رفعا

ببطن مكة وسط البيت إذ وضعا

وقال الحميري في مدحه عليه‌السلام ومدح والدته الطاهرة :

ولدته في حرم الإله وأمنه

والبيت حيث فنائه والمسجد

بيضاء طاهرة الثياب كريمة

طابت وطاب وليدها والمولد

في ليلة غابت نحوس نجومها

وبدا مع القمر المنير الأسعد

ما لفّ في خرق القوابل مثله

إلّا ابن آمنة النبي محمد

وهذا كاشف عن معلوميّة ولادة عليّ بن أبي طالب (ع) بالكعبة في الصدر الأول كما هو كذلك في جميع الأوقات.

فضائل عليّ عليه‌السلام النفسانية ـ إيمانه :

وأما بعد ولادته فأقسامها ثلاثة نفسانية وبدنيّة وخارجيّة أما النفسانية وفيها مطالب : الأول ـ الايمان وبواسطة سيفه تمهدت قواعده وتشيّدت أركانه وبواسطة تعليمه الناس حصل لهم الايمان اصوله وفروعه لم يشرك بالله طرفة

١٥٠

عين ولم يسجد لصنم بل هو الذي كسر الأصنام من فوق الكعبة لمّا صعد على كتف النبي (ص) وهو أوّل الناس إسلاما وروى الحاكم في المستدرك وأحمد بن حنبل أنه اوّل من أسلم وأوّل من صلى مع النبي (ص) وفي مسنده أن النبي (ص) قال لفاطمة أما ترضين أنّي زوجتك أقدمهم اسلاما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما.

علمه عليه‌السلام :

المطلب الثاني : العلم ، والناس كلّهم بلا خلاف عيال عليه في المعارف الحقيقة والعلوم اليقينية والأحكام الشرعيّة والقضايا النّقلية لأنه (ع) كان في غاية الذكاء والحرص على التعلم والملازمة لرسول الله وهو اشفق الناس عليه لا ينفك عنه ليلا ونهارا فيكون علم علي بن أبي طالب (ع) كعلم النبي (ص) رشحة من الفيض الإلهي غاية الامر علم النبي (ص) بواسطة جبرئيل وعلم عليّ (ع) بواسطة النبي (ص) وقد قال رسول الله في حقه اقضاكم عليّ والقضاء يستلزم العلم في الدّين وروى الترمذي في صحيحه أن رسول الله (ص) قال أنا مدينة العلم وعليّ بابها وذكر البغوي في الصحاح أن رسول الله (ص) قال أنا دار الحكمة وعليّ بابها وفي مسند احمد بن حنبل وينابيع المودّة عن ابي الحمراء قال رسول الله من أراد ان ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في فهمه وإلى يحيى بن زكريّا في زهده وإلى موسى ابن عمران في بطشه فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب (ع) وروى البيهقي باسناده الى رسول الله (ص) قال من أراد ان ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في تقواه وإلى ابراهيم في حلمه وإلى موسى في هيبته وإلى عيسى في عبادته فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب (ع).

١٥١

والعلوم كلها مستندة الى عليّ بن أبي طالب (ع):

المطلب الثالث في أن جميع العلوم مستندة إليه أما الكلام واصول الفقه فظاهر وكلامهعليه‌السلام في نهج البلاغة يدل على كمال معرفته في التوحيد والعدل وجميع جزئيات علم الكلام والاصول وأمّا الفقه فالفقهاء كلهم يرجعون إليه امّا الامامية فظاهر وأما الحنفية فإن أصحاب ابي حنيفة أخذوا من ابي حنيفة وهو تلميذ الصادق (ع) وأما الشافعية فأخذوا عن محمّد بن ادريس الشافعي وهو قرأ على محمّد بن الحسن تلميذ ابي حنيفة وعلى مالك فرجع فقهه إليهما وامّا احمد بن حنبل فقرأ على الشافعي فرجع فقهه إليه وأمّا مالك فقرأ على اثنين أحدهما ربيعة الرأي وهو تلميذ عكرمة وهو تلميذ عبد الله بن عباس وهو تلميذ علي بن أبي طالب (ع) والثاني مولانا جعفر ابن محمّد الصادق (ع) وكان الخوارج تلامذة له وأمّا النحو فهو واضعه وكذا علم التفسير قال ابن عباس حدثني أمير المؤمنينعليه‌السلام في باء بسم الله الرحمن الرحيم من أوّل الليل إلى الفجر ولم يتم وذكره ابن ابي الحديد في مقدمة نهج البلاغة.

علم الفصاحة مستند إليه عليه‌السلام :

اقول وعلم الفصاحة منسوب إليه حتى قيل في كلامه أنه فوق كلام المخلوق دون كلام الخالق ومن كلامه تعلّم الفصحاء قال ابن نباتة حفظت من كلامه الف خطبة ففاضت ثم فاضت وأمّا علم الكلام واصحابه هم المتكلمون فأربعة معتزلة واشاعرة وشيعة وخوارج وانتساب الشيعة إليه معلوم والخوارج كذلك فإنّ فضلاءهم رجعوا إليه وأمّا المعتزلة فإنهم انتسبوا إلى واصل بن عطاء وهو تلميذه واما الأشاعرة فإنهم تلاميذ أبي الحسن عليّ بن بشر

١٥٢

الأشعري وهو تلميذ ابي علي الجبائي وهو من مشايخ المعتزلة وقد تلخّص أنه عليه‌السلام هو المؤسس لهم علم الكلام وطريقة الاستدلال على مسائله.

وأما علم الطريقة إليه ينسب :

وأما علم الطريقة فإن جميع الصوفيّة وأرباب الاشارات والحقيقة يسندون علمهم إليه وأصحاب الفتوة يرجعون إليه وهو الذي نزل جبرئيل ينادي عليه يوم بدر لا سيف إلّا ذو الفقار ولا فتى إلّا عليّ وقال النبي (ص) أنا الفتى ابن الفتى أخو الفتى امّا أنا الفتى فلأنه سيّد العرب وأمّا أنه ابن الفتى فلأنه ابن ابراهيم الذي قال الله تعالى فيه فتى يقال له ابراهيم وامّا أنه أخو الفتى فلأنه أخو علي الذي قال جبرئيل فيه لا فتى إلا عليّ وقد صرّح بذلك الشبلي وابن الجنيد وسرى وابو يزيد البسطامي النيشابوري وابو محفوظ معروف الكرخي.

ورجوع الصحابة إليه في الأحكام :

وأيضا جميع الصحابة رجعوا إليه في الأحكام واستفادوا منه ولم يرجع هو إلى أحد منهم في شيء البتة وقال عمر بن الخطّاب في عدة مواضع لو لا عليّ لهلك عمر حيث ردّه عن خطأ كثير.

إخبار علي (ع) بالمغيبات :

اقول من جملة اوصافه عليه‌السلام الاخبار بالغيب وقد حصل منه في عدة مواطن فمنها أنه قال في خطبة له (ع) سلوني قبل ان تفقدوني فو الله لا تسألونني عن فتنة تضل مائة وتهدي مائة إلا نبأتكم بناعقها وسائقها إلى يوم القيامة فقام إليه رجل فقال له أخبرني كم في رأسي ولحيتي من طاقة شعر

١٥٣

فقال (ع) والله لقد حدثني خليلي رسول الله (ص) بما سألت وأن على كل طاقة شعر من رأسك ملكا يلعنك وإن على كل طاقة شعر من لحيتك شيطانا يستفزّك وإن في بيتك لسخلا يقتل ابن رسول الله (ص) ولو لا أن ما سألت عنه يعسر برهانه لأخبرت به ولكن آية ذلك ما نبأتك به من لعنك وسخلك الملعون وكان ابنه في ذلك الوقت صغيرا وهو الذي تولّى قتل الحسين (ع) وأخبر بقتل ذي الثدية من الخوارج وعدم عبور الخوارج النهر بعد ان قيل له قد عبروا وعن قتل نفسه وبقطع يدي جويرية بن مسهر وصلبه فوقع في أيام معاوية وبصلب ميثم التمّار وطعنه بحربة عاشر عشرة وأراه النخلة التي يصلب على جذعها ففعل به ذلك عبيد الله بن زياد وبقطع يدي رشيد الهجري ورجليه وصلبه ففعل ذلك به وقتل قنبر غلامه فقتله الحجّاج بن يوسف الثقفي وبأفعال الحجاج التي صدرت عنه وجاء رجل إليه فقال إن خالد ابن عرفطة قد مات فقال (ع) إنه لم يمت ولا يموت حتى يقود جيش ضلالة صاحب لوائه حبيب بن حماد فقام رجل من تحت المنبر فقال يا أمير المؤمنين انّي لك شيعة ومحبّ فقال من انت فقال (أنا حبيب بن حماد قال إيّاك ان تحملها ولتحملنها وتدخل بها من هذا الباب وأومى بيده إلى باب الفيل فلمّا كان زمان الحسين عليه‌السلام جعل ابن زياد خالد بن عرفطة على مقدّمة عمر بن سعد وحبيب بن حماد صاحب رايته فسار بها حتى دخل من باب الفيل وقال للبراء بن عازب يقتل ابني الحسين وأنت حيّ لا تنصره فقتل الحسين (ع) وهو حيّ لم ينصره ولما اجتاز بكربلاء في وقعة صفين بكى وقال هذا والله مناخ ركابهم وموضع قتلهم وأشار الى ولده الحسين واصحابه

اخباره عليه‌السلام بعمارة بغداد :

وأخبر عليه‌السلام بعمارة بغداد وملك بني العباس وأحوالهم وأخذ المغول الملك منهم وبواسطة هذا الخبر سلمت الحلة والكوفة وكربلاء والنجف الأشرف

١٥٤

من القتل في وقعة هلاكو سنة ٦٥٦ ه‍ قال العلامة إنه لمّا ورد بغداد كاتبه والدي والسيّد ابن طاوس والفقيه ابن أبي المعزّ وسألوه الامان قبل فتح بغداد فطلبهم فخافوا فمضى والدي إليه خاصة فقال كيف أقدمت على المكاتبة قبل الظفر فقال له والدي لأن أمير المؤمنين عليّاعليه‌السلام أخبر بك وقال إنه سيرد الترك على الاخير من بني العباس يقدمهم ملك يأتي من حيث بدأ ملكهم جهوري الصوت لا يمر بمدينة الا فتحها ولا ترفع له راية إلا نكسها الويل الويل لمن ناواه فلا يزال كذلك حتى يظفر وذكر هذه العلائم أيضا ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ص ٢٠٨ ج ١.

شجاعة علي بن أبي طالب (ع):

وقد أجمع الناس كافّة خاصهم وعامهم على أن عليّا (ع) كان أشجع الناس بعد النبي (ص) وتعجبت الملائكة من حملاته وفضل النبي (ص) قتله لعمرو بن عبد ود على عبادة الثقلين فقال (ص) ضربة عليّ يوم الخندق افضل من عبادة الثقلين ونادى جبرئيل لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا عليّ وروى الجمهور أن المشركين كانوا إذا أبصروا عليا في الحرب عهد بعضهم الى بعض.

زهد علي بن أبي طالب (ع):

فنقول لا خلاف في أنه ازهد أهل زمانه طلّق الدنيا ثلاثا قال قبيصة بن جابر ما رأيت في الدنيا أزهد من علي بن أبي طالب (ع) كان قوته الشعير غير المأدوم ولم يشبع من البرّ ثلاثة ايام وقال عمر بن عبد العزيز ما علمنا أن أحدا كان في هذه الامة بعد النبي (ص) أزهد من علي بن ابي طالب (ع) وروى اخطب خوارزم عن عمار بن ياسر قال سمعت رسول الله (ص) يقول يا عليّ إنّ الله تعالى زيّنك بزينة لم يزيّن العباد بزينة هي أحب إليه منها

١٥٥

زهّدك في الدنيا وبغضها أليك وحبّب أليك الفقراء فرضيت بهم اتباعا ورضوا بك إماما يا عليّ طوبى لمن أحبك وصدق بك والويل لمن ابغضك وكذّب بك امّا من أحبك وصدق بك فاخوانك في دينك وشركاؤك في جنتك واما من كذّب بك فحقيق على الله أن يقيمه يوم القيامة مقام الكاذبين ونقلها أيضا في كنز العمّال ص ١٥٨ ج ٦ والحاكم في المستدرك ١٣٥ ج ٣ وقد أقرّ الفضل بن روزبهان فقال لو أخذنا في الحكايات الدالة على زهده ممّا رواه جمهور اصحابنا لطال الكتاب.

وكرمه :

ولا خلاف في كرم عليّ بن ابي طالب (ع) وأنه أسخى الناس جاد بنفسه فأنزل الله تعالى في حقه (ومن الناس من يشتري نفسه ابتغاء مرضاة الله) وتصدّق بجميع ماله في عدّة مرار وجاد بقوته ثلاثة ايام وكان يعمل بيده حديقة ويتصدّق بها.

استجابة دعاء عليّ بن أبي طالب وحسن خلقه وحلمه :

الكلام في استجابة دعائه عليه‌السلام كان رسول الله قد استعان به وطلب تأمينه على دعائه يوم المباهلة ولم تحصل هذه المرتبة لأحد من الصحابة ودعا على أنس بن مالك لما استشهده على قول النبي (ص) من كنت مولاه فعلي مولاه فاعتذر بالنسيان فقال عليه‌السلام ان كان كاذبا فاضربه ببياض لا تواريه العمامة فبرص ودعا على المغيرة بن شعبة بالعمى لاجل نقل اخباره الى معاوية فعمي. وردّت له الشمس مرتين بدعائه ودعا في زيادة الماء لأهل الكوفة حتى خافوا الغرق فنقص حتى ظهرت الحيتان. فكلمته إلا الجري والمار ما هي والزمار فتعجّب الناس من ذلك واما حسن الخلق فبلغ فيه الغاية حتى

١٥٦

نسبه اعداؤه أبو بكر وعمر ومعاوية بن ابي سفيان إلى الدعابة وكذا الحلم قال رسول الله (ص) لفاطمة إنّي زوجتك من أقدم الناس سلما واكثرهم علما واعظمهم حلما.

وقد تحصّل أن استجابة الدعاء في مثل هذه الأمور الخارقة للعادة لا تقع إلّا لنبيّ او وصي نبي لاشتمالها على المعجز وليس مثلها لغير امير المؤمنين فيكون هو الامام خاصة دون غيره من المشايخ الثلاثة.

القسم الثاني

في فضائله البدنية :

وفيها أمران : الأول في عبادته عليه‌السلام فنقول لا خلاف أنه (ع) كان أعبد الناس ومنه تعلّم الناس صلاة الليل والأدعية المأثورة والمناجاة في الأوقات الشريفة والأماكن المقدسة وبلغ في العبادة إلى أنه كان يؤخذ النشاب من جسده الشريف عند الصلاة لانقطاع نظره عن غير الله تعالى بالكليّة وكان مولانا زين العابدين الامام الرابع عليه‌السلام يصلي في اليوم والليلة الف ركعة ويدعو بصحيفته ثم يرى كالمتضجّر ويقول أنّى لي بعبادة عليّ (ع) قال الكاظم ان قوله تعالى (تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) نزلت في أمير المؤمنين (ع) وكان يوما في صفين مشتغلا بالحرب وهو بين الصفّين يراقب الشمس فقال ابن عباس ليس هذا وقت صلاة إن عندنا لشغلا فقال عليّ فعلام نقاتلهم إنما نقاتلهم على الصلاة وهو الذي عبد الله حق عبادته حيث قال ما عبدتك خوفا من نارك ولا شوقا إلى جنتك ولكن رأيتك أهلا للعبادة فعبدتك.

١٥٧

الكلام في جهاد عليّ عليه‌السلام :

اما الجهاد فنقول : إنّما شيّدت مباني الدين وثبتت قواعده وظهرت معالمه بسيف مولانا امير المؤمنين (ع) وتعجبت الملائكة من شدة بلائه في الحرب ففي غزاة بدر وهي الداهية العظمى على المسلمين وأوّل حرب ابتلوا بها قتل صناديد قريش الذين طلبوا المبارزة كالوليد بن عتبة والعاص بن سعيد بن العاص الذي أحجم المسلمون عنه ونوفل بن خويلد الذي قرن أبا بكر وطلحة بمكة قبل الهجرة وأوثقهما بحبل وعذّبهما وقال رسول الله (ص) لمّا عرف حضوره في الحرب اللهم اكفني نوفلا ولمّا قتله عليّ قال رسول الله (ص) الحمد لله الذي أجاب دعوتي فيه ولم يزل يقتل في ذلك اليوم واحدا بعد واحد حتى قتل نصف المقتولين وكانوا سبعين نفرا وقتل هو والمسلمون كافة وثلاثة آلاف من الملائكة المسوّمين النصف الآخر وفي غزاة أحد انهزم المسلمون عن النبي (ص) ورمي رسول الله (ص) وضربه المشركون بالسيوف والرماح وعليّ يدافع عنه فنظر إليه النبي (ص) بعد افاقته من غشيته وقال ما فعل المسلمون فقال نقضوا العهد وولّوا الدّبر فقال رسول الله اكفني هؤلاء فكشفهم عنه وصاح صائح بالمدينة قتل رسول الله (ص) فانخلعت القلوب ونزل جبرئيل قائلا لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا عليّ وقال للنبي (ص) يا رسول الله لقد عجبت من حسن مواساة علي لك بنفسه فقال النبي (ص) ما يمنعه من ذلك وهو مني وأنا منه ورجع بعض الناس وفرّ ابو بكر وعمر وعثمان بن عفان ورجع عثمان بعد ثلاثة أيام فقال النبي (ص) لقد ذهبت بها عريضا وفي غزوة الخندق أحدق المشركون بالمدينة كما قال الله إذ جاءكم من فوقكم ومن اسفل منكم ونادى المشركون بالبراز فلم يخرج سوى علي وفيه قتل أمير المؤمنين (ع) عمرو بن عبيدة قال ربيعة السعدي أتيت حذيفة بن اليمان فقلت يا أبا عبد الله إنا لنتحدث عن علي ومناقبه فيقول أهل البصرة إنكم لتفرطون في علي فهل تحدثني بحديث فقال حذيفة

١٥٨

والذي نفسي بيده لو وضع جميع اعمال امة محمد في كفة ميزان منذ بعث الله محمدا إلى يوم القيامة ووضع عمل علي في الكفة الأخرى لرجح عمل علي على جميع اعمالهم فقال ربيعة هذا الذي لا يقام له ولا يقعد فقال حذيفة يا لكع وكيف لا يحمل واين كان ابو بكر وعمر وحذيفة وجميع اصحاب النبي (ص) يوم عمرو بن عبد ود وقد دعا إلى المبارزة فأحجم الناس كلهم ما خلا عليا فإنه انزل إليه فقتله والذي نفس حذيفة بيده لعمله ذلك اليوم أعظم أجرا من عمل اصحاب محمّد إلى يوم القيامة وهذا معنى قول الرسول (ص) ضربة علي (ع) يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين وفي يوم الأحزاب تولّى امير المؤمنين عليه‌السلام قتل الجماعة وفي غزاة بني المصطلق قتل امير المؤمنين عليه‌السلام مالكا وابنه وسبى جويرية بنت الحارث فاصطفاها النبي (ص) وفي غزاة خيبر كان الفتح فيها لأمير المؤمنين (ع) قتل مرحبا وانهزم الجيش بقتله وأغلقوا باب الحصن فعالجه امير المؤمنين (ع) ورمى به وجعله جسرا على الخندق للمسلمين وظفروا بالحصن وأخذوا الغنائم وكان يقله سبعون رجلا وقال عليه‌السلام والله ما قلعت باب خيبر بقوة جسمانية بل بقوة ربّانية وفي غزاة الفتح قتل امير المؤمنين (ع) الحويرث بن نفيل ابن كعب وكان يؤذي النبي (ص) وقتل جماعة وكان الفتح على يده وفي غزاة حنين حين خرج النبي (ص) بعشرة آلاف من المسلمين فعاينهم ابو بكر وقال لن نغلب اليوم من قلة فانهزموا بأجمعهم ولم يبق مع النبي (ص) سوى تسعة من بني هاشم فأنزل الله ثم وليتم مدبرين ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين يريد عليا ومن ثبت معه وكان عليّ يضرب بالسيف بين يديه والعبّاس عن يمينه والفضل عن يساره وابو سفيان ابن الحارث يمسك سرجه ونوفل وربيعة ابنا الحارث بن عبد المطلب وعبد الله بن الزبير وعتبة ومعتب ابنا أبي لهب وقتل أمير المؤمنين جمعا كثيرا فانهزم المشركون وحصل الأسر وابتلي بجميع الغزوات وقتال الناكثين والقاسطين والمارقين وروى ابو بكر الانباري في أماليه أن عليا جلس الى

١٥٩

عمر في المسجد وعنده ناس فلما قام عرض واحد بذكره ونسبه إلى التيه والعجب فقال عمر حق لمثله أن يتيه والله لو لا سيفه لما قام عمود الإسلام وهو بعد أقضى الامة وذو سبقها وذو شرفها فقال له ذلك القائد في منعكم يا امير المؤمنين فقال كرهناه على حداثة السنّ وحبّه بني عبد المطلب ، وحمله سورة براءة إلى مكة وكان النبي (ص) أنفذ بها أبا بكر فنزل عليه جبرئيل وقال إن ربّك يقرؤك السلام ويقول لك لا يؤديها إلا أنت أو واحد منك وفي هذه القصة وحدها كفاية في شرف علي امير المؤمنين عليه‌السلام وعلو مرتبته بأضعاف كثيرة على من لا يوثق على أدائها ولم يؤتمن عليها وهذه الشجاعة مع خشونة مأكله فإنّه لم يطعم البرّ ثلاثة أيام وكان يأكل الشعير بغير ادام ويختم جريشه لئلا يؤدمه الحسنان عليهما‌السلام وكان كثير الصوم كثير الصلاة مع شدة قوته حتى قلع باب خيبر وقد عجز عنه المسلمون وفضائله اكثر من أن تحصى وقد تحقق من جميع ما ذكرناه تفضيل امير المؤمنين عليه‌السلام على المشايخ الثلاثة في الشجاعة والجهاد والعبادة كسائر الصفات الحميدة والآثار الجميلة فكيف يستحق ابو بكر وعمر وعثمان التقدّم على يعسوب الدين وليث العالمين وزين العلماء العاملين ونفس النبي الامين مع فرار المشايخ الثلاثة عن الجهاد.

مساواة علي مع الأنبياء :

وبيان ذلك أن عليا عليه‌السلام كان مساويا للأنبياء المتقدمين فيكون أفضل من غيره من الصحابة بالضرورة لأن المساوي للأفضل أفضل بيان الأفضلية ما رواه البيهقي عن النبي (ص) أنه قال من أحبّ أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح (ع) في تقواه وإلى ابراهيم في حلمه وإلى موسى في هيبته وإلى عيسى (ع) في عبادته فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب.

١٦٠