عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ٣

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني

عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ٣

المؤلف:

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٣
الصفحات: ٢٨٧

جرثومة الظلم والفساد والمزكية والاسرارية والاباحية والالحادية والماركسية والفاشية والمادية والاشتراكية والفوضوية والديمقراطية واللينينية والابيقورية والدهرية وإن خطر هذه الآراء الفاسدة على المسلمين لأعظم خطر يخاف عاقبته وتخشى مغتبه إن لم ينهج المسلمون اسس التعاليم الاسلامية والرجوع إلى باب أهل بيت العصمة والطهارة والتمسك بولاية علي بن أبي طالب (ع) وأولاده صلوات الله عليهم أجمعين والقيام بتطبيق أخلاق الأئمة الطاهرين وان يتحدوا لابعاد المتداخلين بين صفوف المسلمين لهدم المجتمع الاسلامي من اليهود والنصارى خذلهما الله تعالى وتشويه تعاليم القرآن الدينية والأخلاقية إلى الاباحية ولا يدفع ذلك الخطر إلا باتحاد الكلمة وتوحيد صفوف المسلمين وفهم الإسلام فهما صحيحا وأن تستقى تعاليمه من ينبوعه الذي أراد الله ان نأخذ منه ونتبع قول الحق وأئمة الصدق (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا).

انتشار المذاهب الأربعة في الوقت الحاضر :

أما إحصائيات المذاهب الأربعة في الوقت الحاضر وانتشارها في البلاد الإسلامية فيحدثنا الفاضل المعاصر والصديق المكرم أسد حيدر في كتابه الإمام الصادق (ع) ج ١ ص ٢٠٨ ناقلا عن أحمد تيمور باشا في كتابه نظرة تاريخية ص ٤٢ بما يلي :

المغرب الأقصى يغلب عليه الآن المذهب المالكي وعلى الجزائر وتونس أيضا. طرابلس ليبيا المذهب المالكي بكثرة والحنفي بقلة وهم من بقايا الأسر التركية وأكثرهم في تونس ومنهم أفراد بيت الإمارة بها ولهذا تمتاز حاضرتها بالقضاء الحنفي مشاركا للقضاء المالكي وأما سائر أعمالها فقضاتها مالكية وفي الحاضرة كبير المفتين الحنفي ويلقب بشيخ الإسلام وله التقدم

١٠١

والزعامة المعنوية وله المقام الثاني وقد تساهلوا الآن في تلقيبه بشيخ الإسلام أيضا ومع قلة المقلدين للمذهب الحنفي فإن من السنن المتبعة عندهم ان يكون نصف مدرسي جامع للزيتونة حنفية والنصف الآخر مالكية وإنما امتاز الحنفي بذلك لكونه مذهب الأسرة المالكة (مصر) الشافعي والمالكي ويغلب الأول في الريف والثاني في الصعيد والسودان ويكثر الحنفي وهو مذهب الدولة والمتبع في الفتوى والقضاء والحنبلي قليل بل نادر (الشام) الحنفي يشمل نصف أهل السنة بها والربع شافعية والربع الآخر حنابلة.

فلسطين : يغلب على مذاهب أهل السنة فيها الشافعي ويليه الحنبلي فالحنفي والمالكي.

العراق : يغلب الحنفي فيه على مذاهب أهل السنة ويليه الشافعي وبه مالكية وحنابلة.

الترك : العثمانيون والألبان وسكان بلاد البلقان المذهب الحنفي.

الاكراد : المذهب الشافعي وهو الغالب على بلاد ارمينية لأن مسلميها من أصل تركماني أو كردي والسنيون من أهل فارس أغلبهم شافعية وقليل منهم من بقية مذاهب أهل السنة.

الأفغان : المذهب الحنفي والشافعي والحنبلي بقلة.

تركستان الغربية : التي منها بخارى المذهب الحنبلي.

وأما تركستان الشرقية فكان الغالب عليها الشافعي ثم تغلب الحنفي نمسعى العلماء الواردين عليها من بخارى.

القفقاز وما والاها الحنفي وفيهم شافعية.

الهند : الحنفي والشافعي وفيها مذاهب أخرى.

الهند الصينية : شافعية وكذلك في استراليا وفي البرازيل حتى أمريكا نحو ٣٥ ألف مسلم حنفية.

١٠٢

الحجاز الشافعي والحنبلي وفيه حنفية ومالكية وأهل عسير شافعية.

اليمن السنيون فيها وفي عدن وحضرموت شافعية : وقد يوجد بنواحي عدن حنفية والغالب على عمان الأباضية ولكنها لا تخلو من حنابلة وشافعية.

قطر والبحرين : المالكي وفيها حنابلة من الواردين عليها من نجد.

الاحساء : الغالب على أهل السنة فيها الحنبلي والمالكي.

الكويت المالكي هذا ما ذكره أحمد تيمور باشا عن المذاهب الأربعة وانتشارها ولم يتعرض لانتشار المذهب الشيعي في الأقطار الإسلامية بعد عرضه لتاريخ المذهب ونشأته.

أئمة المذاهب الأربعة أخذوا علمهم عن الامام الصادق :

كيف وأئمة المذاهب أنفسهم قد أخذوا عن أهل البيت لا سيما الإمام الصادق (ع) وجعلوا ذلك فخرا لهم وسببا لنجاحهم فهذا الإمام أبو حنيفة كان يأخذ بأقوال علي بن أبي طالب (ع) حتى جعلوا ذلك من مرجحات مذهبه على غيره من المذاهب لقول النبي (ص) أنا مدينة العلم وعلي بابها (ولهذا الحديث طرق كثيرة يتجاوز عددها مائة). وذكر ذلك المقدس في أحسن التقاسم.

وكان أبو حنيفة يفتخر بالأخذ عن الصادق (ع) ويقول لو لا السنتان لهلك النعمان.

ومالك بن أنس هو أحد تلاميذ الصادق (ع).

وعن مالك أخذ وتعلّم العلم ابن ادريس الشافعي وعن ابن ادريس أخذ أحمد بن حنبل وكلهم تلامذة الصادق (ع).

وكان الشافعي لا يروي إلا عن علي (ع) ولذلك اتهموه بالتشيع فافتخر بذلك قائلا :

١٠٣

أنا الشيعي في ديني وأصلي

بمكة ثم داري عسقلية

بأطيب مولد وأعز فخر

وأحسن مذهب يسمو البرية

مناقب الشافعي للفخر الرازي ص ٥١

ورماه يحيى بن معين بالرفض وقال طالعت كتاب الشافعي فوجدته لم يذكر إلا عن علي بن أبي طالب (ع).

وقد أظهر الشافعي ذلك في قوله :

آل النبي ذريعتي

وهموا إليه وسيلتي

أرجو بأن أعطى غدا

بيدي اليمين صحيفتي

واشتهر عنه قوله :

يا آل بيت رسول الله حبكمو

فرض من الله في القرآن أنزله

يكفيكمو من عظيم الشأن أنكموا

من لم يصل عليكم لا صلاة له

ويوضح لنا الإمام الشافعي بواعث اتهامه بالرفض أو التشيع فيقول :

قالوا ترفضت قلت كلا

ما الرفض ديني ولا اعتقاد

لكن توليت دون شك

خير إمام وخير هاد

إن كان حب الوصي رفضا

فإنني أرفض العباد

فهو بإظهاره حب علي بن أبي طالب (ع) قد اتهم بالرفض ولشدة تظاهره بحب علي (ع) فقد هجاه بعض الشعراء بقوله المشهور :

يموت الشافعي وليس يدري

علي ربه أم ربه الله

وهو لم يقتصر بحبه لعلي فقط بل كان يوالي أهل البيت (ع) ويحبهم ولا يبالي بأن يتهم بالتشيع الذي كان من أعظم التهم في عصره وقبل عصره فيقول :

١٠٤

يا راكبا قف بالمحصب من منى

واهتف بمقعد جمعها والناهض

سحرا إذا فاض الحجيج الى منى

فيضا كمعترك الغمام الراكض

ان كان رفضا حب آل محمد

فليشهد الثقلان اني رافضي

وقال الشافعي هل الرفض إلا حب أهل البيت كما يوضح لنا الشافعي بقوله :

إذا في مجلس ذكروا عليا

وسبطيه وفاطمة الزكية

يقال تجاوزوا يا قوم هذا

فهذا من حديث الرافضية

برئت الى المهيمن من اناس

يرون الرفض حب الفاطمية

أحاديث النبي في أهل البيت :

وقد صرح النبي (ص) بوجوب اتباع أهل البيت والتمسك بهم في مواطن عديدة واشتهر حديث الثقلين كالشمس في رائعة النهار وحديث مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق وهوى من الأحاديث الثابتة التي أيّدها الرواة وتناقلتها كتب التاريخ.

أخرج أحمد بن حنبل في مسنده والطبراني في مسنده بالاسناد إلى ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) : من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة عدن التي غرسها ربي فليتول عليا من بعدي وليوال وليه ورزقوا فهمي وعلمي فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي القاطعين صلتي لا أنالهم الله شفاعتي وأخرج ابن حجر في صواعقه قال قال النبي (ص) في كل خلف من امتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ألا وان أئمتكم وفدكم إلى الله تعالى فانظروا من توفدون وأخرج جماعة من الحفاظ عن أبي ذر الغفاري قال قال رسول الله (ص) فلا تقدموهم فتهلكوا ولا تقتصروا عنهم فتهلكوا وقال (ص) اجعلوا أهل بيتي منكم مكان الرأس من الجسد ومكان العينين

١٠٥

من الرأس ولا يهتدى إلا بالعينين وقال (ص) أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب (ع) فمن تولاه فقد تولاني ومن تولاني فقد تولى الله ومن أحبه فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله ومن أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله وقال (ص) اللهم من آمن بي وصدقني فليتول علي بن أبي طالب (ع) فإن ولايته وولايتي ولاية الله وأخرج أبو نعيم الأصفهاني في الحلية عن ابن عباس قال قال رسول الله (ص) ما أنزل الله آية وفيها يا أيها الذين آمنوا إلا وعلي رأسها وأميرها وأخرج عن حذيفة قال يا رسول الله (ص) ألا تستخلف عليا قال إن تولوا عليا تجدوه هاديا مهديا يسلك بكم الطريق المستقيم وأخرج النسائي في الخصائص من طريق عمران بن حصين عن النبي (ص) قال ما تريدون من علي إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن من بعدي وأخرج أيضا عن طريق أم سلمة قالت سمعت رسول الله (ص) يقول من سبّ عليا فقد سبني.

أقوال رؤساء المذاهب والعلماء في الامام الصادق :

قال زيد بن علي بن الحسين (ع) في كل زمان رجل منا أهل البيت يحتج الله به على خلقه وحجة زماننا ابن أخي جعفر لا يضل من تبعه ولا يهتدي من خالفه. قال مالك بن أنس جعفر بن محمد (ع) اختلفت إليه زمانا فما كنت أراه إلا على إحدى ثلاث خصال إما مصل وإما صائم وإما يقرأ القرآن وما رأت عين ولا سمعت اذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمد الصادق (ع) علما وعبادة. وورعا وقال أبو حنيفة ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد لما اقدمه المنصور الدوانيقي العباسي بعث إليّ فقال يا أبا حنيفة إن الناس قد افتتنوا بجعفر بن محمد فهيّئ له من المسائل الشداد فهيئت له أربعين مسألة ثم بعث إليّ أبو جعفر

١٠٦

المنصور وهو في الحيرة أو هو قرب (النجف الأشرف) فأتيته فدخلت عليه وجعفر بن محمد جالس عن يمينه فلما أبصرت به دخلتني من الهيبة لجعفر بن محمد الصادق ما لم يدخلني لأبي جعفر فسلمت عليه وأومأ إليّ فجلست ثم التفت إليه فقال يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة قال جعفر بن محمد (ع) نعم ثم اتبعها فقد أتانا كأنه كره ما يقول فيه قوم انه إذا رأى الرجل عرفه ثم التفت المنصور إليّ فقال يا أبا حنيفة ألق على أبي عبد الله (ع) من مسائلك فجعلت ألقي عليه فيجيب فيقول (ع) أنتم تقولون كذا (يعني مرتزقة علماء العراق القائلين بالرأي) وأهل المدينة يقولون كذا ونحن نقول كذا وربما تابعهم وربما خالفنا جميعا حتى أتيت على الأربعين مسألة ثم قال أبو حنيفة ألسنا روينا ان أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس (مناقب أبي حنيفة ج ١ ص ١٧٣).

قال ابن أبي العوجاء :

ما هذا بشر وإن كان في الدنيا روحاني يتجسد إذا شاء ويتروح إذا شاء فهو هذا وأشار إلى الصادق (ع) وسيجيء بقية أقوال العلماء في أحواله.

التشيع والاسلام تولدا يوم الدار :

لا غرو لو قلنا أن الدعوة إلى التشيع ابتدأت من اليوم الذي هتف فيه المنقذ الأعظم محمد (ص) صارخا بكلمة لا إله إلا الله في شعاب مكة وجبالها فإنه لما نزل عليه قوله تعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) جمع النبي (ص) بني هاشم في بيت أبي طالب (ع) وأنذرهم وقال ايكم يؤازرني فيكون أخي ووارثي ووزيري ووصيي وخليفتي فيكم بعدي فلما لم يجبه إلى

١٠٧

ما أراد (ص) غير أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (ع) قال النبي (ص) لهم هذا أخي ووارثي ووزيري ووصيي وخليفتي فيكم بعدي.

الولاية والرسالة توأمان يرتضعان من ثدي واحد :

فكانت الدعوة إلى التشيع لأبي الحسن (ع) من صاحب الرسالة تمشي وترتضع منه جنبا لجنب مع الدعوة للشهادتين الوحدانية لله والرسالة لمحمد (ص) ومن ثم كان أبو ذر الغفاري شيعة علي (ع) وهو رابع المسلمين أو سادسهم كما في الاستيعاب فيصح أن نقول الولاية والرسالة توأمان يرتضعان من ثدي واحد كما ذكرنا في الجزء الأول من عقائد الإمامية الاثني عشرية ولقد كفانا مئونة الدليل على ما نريد محمد كرد علي من كبار علماء دمشق في كتابه خطط الشام ٥ / ٢٥١ / ٢٥٢ قال عرف جماعة من كبار الصحابة بموالاة علي (ع) في عصر رسول الله (ص) مثل سلمان الفارسي المحمدي (ع) القائل بايعنا رسول الله (ص) على النصح للمسلمين والائتمام بعلي بن أبي طالب (ع) والموالاة له ومثل أبي سعيد الخدري الذي يقول أمر رسول الله (ص) الناس بخمس فآمنوا بأربع وتركوا واحدة ولما سئل عن الأربع قال الصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج قيل فالواحدة التي تركوها قال ولاية علي بن أبي طالب (ع) قيل له وإنها لمفروضة معهن قال نعم هي مفروضة معهن.

انتشار المذهب الجعفري :

وخلاصة القول أن المذهب الجعفري انتشر بقوته ومقوماته من دون استناد إلى سلطة أو عوامل الترغيب في اعتقاده وأول ظهور الشيعة كان في بلد الحجاز في مكة المكرمة وهي أول أرض بذرت فيها بذرة التشيع

١٠٨

وفي المدينة من يوم هجرة الرسول الأعظم ١٤ ربيع الأول أول التاريخ الإسلامي مخصوصا في القرن الرابع انتشر بصورة ظاهرة وقد عظم ذلك على من يسوؤهم انتشار مذهب أهل البيت كابن حزم فقد وصف المدينة المنورة بما لا يليق بها لوجود الشيعة فيها فراجع النبذ في أصول الفقه الظاهري لابن حزم الأندلسي. كما انتشر في الشام وكان أبو ذر الغفاري الصحابي الجليل هو الذي نشر المذهب هناك ولا يزال في قرية الصرفند بين صيدا وصور مقام معروف باسم أبي ذر اتخذ مسجدا معمورا وهم اليوم عدد كثير اشتركوا في ادارة البلاد وشغلوا مناصب مهمة في حكومة سوريا ومنهم التجار والأطباء لهم مركز مهم هناك وتقام عندهم مآتم عزاء الحسين (ع) علنا في عاصمة الأمويين ويحضرها كثير من أهل السنة والخطيب يفصح بمخازي معاوية ويزيد وبني أمية مستنبطا ذلك من التاريخ الصحيح ويقول ابن جبير في رحلته في وصف المذاهب المتغلبة على الشام في القرن السادس إن الشيعة أكثر من السنيين وقد عموا البلاد بمذهبهم ويقول كرد علي وفي دمشق يرجع عهدهم أي الشيعة ، إلى القرن الأول للهجرة وفي أكناف حوران وهم مهاجرة جبل عامل وفي شمال لبنان والمتن والبترون وهم مهاجرة بعلبك ولا يقل عدد الشيعة في الشام من الإمامية عن مائتي ألف نسمة فراجع خطط الشام لكرد علي ج ٦ ص ٢٥٢ أما جبل عامل وبيروت ومحلة الشياح وبرج حمود وبعلبك فهو البلد الواقع بين الصرفند جنوبا ونهر الأولي شمالا وغور الحولة وما والها إلى أرض البقاع شرقا أطراف بعلبك والبحر المتوسط غربا فقد كان بدء التشيع في جبل عامل بفضل الجهود التي بذلها المجاهد في الله أبو ذر الغفاري رضي الله عنه وانتشر بسبب دعوته وكانت حركة علمية واسعة حتى اليوم وعلماء جبل عامل خمس علماء الشيعة الإمامية الاثني عشرية في أقطار العالم ونذكرهم إنشاء الله في آخر الكتاب.

فالتشيع في لبنان منتشر بكثرة ويسير بكل نظام وهدوء محفوظ الحقوق

١٠٩

مرعيّ الجانب ولهم في النجف الأشرف وقم جماعة وتخرج منها عدد كثير من أبطال العلم مثل الشهيد الأول والثاني والمحقق الثاني والشيخ الحر صاحب وسائل الشيعة والسيد شرف الدين والسيد محسن الأمين ويقول الأستاذ كرد علي أيضا إن في حمص قرى للشيعة خاصة وفي نفس المدينة جماعات ظاهرة ومتسترة وفي أعمال ادلب قرى الغونمة ونبل وغيرهما كلها شيعة وفيها إلى اليوم السادة بنو زهرة نقباء الأشراف والسادة في مدينة حلب وكل هؤلاء من بقايا الحمدانيين ومن فلول شيعة حلب يوم تشتت شملهم يشير بذلك إلى الكارثة التي أصابت الشيعة عند ما أفتى الشيخ نوح المرتزق بكفر الشيعة واستباحة دمائهم أتابوا أو لم يتوبوا فقتل بسبب هذه الفتوى أربعون ألفا من الشيعة وانتهبت أموالهم وأخرج الباقون إلى القرى وغلب مذهب التشيع في حلب بصورة ظاهرة ولهم قوة استطاعوا أن يمنعوا سليمان بن عبد الجبار صاحب حلب عن بناء المدرسة الزجاجية وذلك في سنة ٥١٧ ه‍.

وسرى التشيع في إفريقيا بانتشار عظيم إلى أن قاومته السلطة يوم كان أمير إفريقيا المعز بن باديس فإنه فتك بالشيعة فتكا ذريعا وذلك في عام ٤٠٧ ه‍. فقد أوقع بهم وقعة عظيمة ونسبوا ذلك إلى سب الشيخين وهي المادة التي يطبقها الولاة الخونة على من يريدون الفتك به من أي الفرق كان.

وذلك أن المعز بن باديس مر على جماعة من الشيعة في القيروان وقد سأل عنهم فلما أحسّ الناس من المعز الميل عنهم انصرفت العامة من فورها إلى مجتمعات الشيعة فقتلوا منهم خلقا كثيرا وتوجه العسكر للنهب والغارة وشجعهم عامل القيروان فقتل منهم خلق كثير وأحرقوا بالنار ونهبت دورهم وتتبعوهم في جميع إفريقيا واجتمع جماعة منهم إلى قصر المنصور قرب القيروان فتحصنوا به فحصرهم العامة وضيقوا عليهم فاشتد

١١٠

عليهم الجوع فأقبلوا يخرجون والناس يقتلونهم حتى قتلوا عن آخرهم ولجأ منهم جماعة إلى الجامع بالمدينة فقتلوا كلهم فراجع كامل ابن الأثير ج ٩ ص ١٢٣ وهذه احدى النكبات الفظيعة التي لاقاها التشيع وما أكثرها ومع ذلك فإن التشيع اليوم منتشر في إفريقيا الوسطى والجنوبية زهاء عشرة ملايين نسمة وفي أندونيسيا عدد كبير من الشيعة يقدر بثمانية ملايين نسمة وللعلويين هناك اليد الطولى في انتشار المذهب وكان منهم العلامة السيد عقيل صاحب المؤلفات القيمة كالنصائح الكافية والعتب الجميل وتقوية الإيمان والقول الفصل وكان يقيم في سنغافورة وكانت لهم أندية أدبية تربط أواصر بعضهم من بعض.

أما في مصر فقد انتشر التشيع عند انتشار الإسلام هناك وذلك بواسطة أصحاب رسول الله (ص) الذين شهدوا فتح مصر وهم المقداد بن الأسود الكندي وأبو ذر الغفاري وأبو رافع وأبو أيوب الأنصاري فهؤلاء هم دعاة التشيع والأنصار.

ولما دخلها عمار بن ياسر أيام عثمان بن عفان دعا إلى التشيع ونمت روحه حتى أصبحت البلاد كلها إلى جانب علي بن أبي طالب (ع) وأجمعوا على مقاومة عثمان وجاء وفد من مصر إلى المدينة وجاء وفد أيضا من أنحاء العراق قتلوا عثمان كما تقدم تفصيله ثم دخلها بعد ذلك قيس بن سعد واليا فركز دعائم التشيع هناك وخفق لواؤه وكثرت جنوده لكن بدخول عمر بن العاص الخبيث خادم معاوية تأخر سير تلك الحركة إلى أن زال ملك الأمويين فأظهر المصريون ما انطوت عليه قلوبهم من الولاء لعلي (ع) إلى أن جاءت دولة الفاطميين وبناء جوهر الصقيل جامعة الأزهر باسم فاطمة الزهراء (ع) بتاريخ ٣٥٣ ه‍ وحكموا بلاد مصر ٢٧٠ سنة ولا زال التشيع يظهر في مصر ويخفى حسب العوامل التي تدعو إلى خفائه وظهوره وهو اليوم منتشر هناك وفيه فئات كثيرة.

١١١

وفي سنة ١٣٩٣ ه‍ زرت مقام رأس الحسين (ع) في القاهرة وبعد الصلاة ازدحم الناس إلى زيارة مقام رأس الحسين (ع).

التشيع في الهند :

وفي الهند ظهر التشيع هناك وانتشر بسبب الروابط المتصلة بين أهالي إيران وعرب الشيعة والهنود وقد اعتنق مذهب التشيع جماعة كبيرة من الوثنيين بمساعي المرشدين الذين دخلوا بلاد الهند من الشيعة ومنهم جماعة كثيرة باقون إلى اليوم ولهم أمراء ورؤساء في جميع الأقطار الهندية ولا يخلو بلد منهم وهناك بلد ان تختص بهم وأخرى يكونون الأكثرية بها وهي لكنهور وهي المركز الوحيد للشيعة في الهند وعاصمة مملكة أودة الغانية ومنبع علمائهم وفيها مدارس عربية أهمها الجامعة السلطانية ومدرسة الواعظين وهي تختص بالتبليغ والمدرسة الناظمية قد أسسها العلامة السيد أبو الحسن كما أسس الجامعة السلطانية في لكنهور الشيء الكثير من آثار الشيعة كالمساجد والحسينيات ومن البلدان جانبور بتن آباد ومظفرآباد.

وفي باكستان أربعون مليون نسمة من الشيعة وفيها من الولايات الشيعية كراجي وبنجاب ولاهور وفيها مدارس مدرسة لاهور وبنجاب وجامع المنتظر ومدرسة كراجي. ومدرسة الواعظين اسسها نواب مظفر علي مرقزل باشا.

تركيا :

أما في تركيا فقد انتشر المذهب بصورة محسوسة وكثر أتباعه ولكن السلطان سليم العثماني المتوفى سنة ٩٣٤ تأثر بفتوى علماء مرتزقة إسلامبول

١١٢

فقاوم الشيعة وقتل منهم مقتله عظيمة يقول ابراهيم الطبيب الأول للجيش التركي وكان السلطان سليم شديد التعصب على أهل الشيعة ولا سيما أنه كان في تلك الأيام قد انتشرت بين رعاياه تعاليم شيعية تنافي مذاهب أهل السنة العشر وكان قد تمسك بها جماعة من الأهالي فأمر السلطان سليم بقتل كل من يدخل في هذه الشيعة فقتلوا نحو أربعين ألف رجل وأخرج شيخ الإسلام فتوى بأنه يؤجر على قتل الشيعة وإشهار الحرب ضدهم كما في مصباح الساري ونزهة القاري ص ١٢٣ ـ ١٢٤ ومع هذا فهم اليوم في تركيا عدد كثير منتشرون في أطراف البلاد ١٦ مليون نسمة أغلبهم علوي بكتاشي صوفي.

وفي السعودية والمدينة المنورة والقطيف وقراها شيعة خالصة :

الاحساء : وأما الاحساء وقاعدتها هفوف فالشيعة فيها يشاطرون غيرهم كما ان في قطر يوجد كثير من الشيعة ولا يزال من الاحساء والقطيف في النجف الأشرف مهاجرون لتحصيل علم أهل البيت ومنهم علماء مبرزون وادباء لهم مكانتهم الأدبية والعلمية.

وفي البحرين :

وفي البحرين للشيعة مكانة ولأهله قوة وقد برز منها علماء خدموا الامة الإسلامية بمؤلفاتهم القيّمة وآثارهم الجليلة التي تعد في الواقع من أعظم التراث الشيعي ولهم في النجف بعثات تتلقى العلوم الدينية ومنهم علماء وطلاب وادباء مشهورون.

أفغان :

وفي الأفغان انتشر التشيع من زمن بعيد ويقدر عددهم بعشر ملايين ويوجد منهم في النجف زهاء ثلاثة آلاف نسمة وقد برز منهم علماء لهم مكانتهم العلمية.

عقائد الامامية ـ ٨

١١٣

مهاجرون من الشيعة إلى امريكا :

وهاجر كثير من الشيعة إلى امريكا من السوريين وجبل عامل للتجارة والزراعة من قبل نصف قرن وينوف عددهم اليوم على خمسين ألفا وهم ذو شأن وعزة هناك يقيمون شعائر الإسلام علنا وقد بنوا مسجدا فخما في الولايات المتحدة وفي امريكا من الشيعة من شيعة إيران والهند وباكستان وقليل من العراق.

الصين :

كما أن مذهب التشيع وصل إلى الصين منذ القرن الرابع ولهم عدد كثير هناك حتى اليوم.

روسيا :

وفي روسيا كان للشيعة في البلاد الروسية حرية واسعة في إقامة الشعائر الدينية كبلاد بادكوبه وقفقاز وايروان ونخجوان وكنجه وعشق آباد وآذربايجان وكانوا قبل الحرب العالمية عام ١٣٣٢ ه‍ يتواردون بكثرة لزيارة المشاهد المقدسة في إيران والعراق ويفدون مهاجرين لطلب العلم وإلى اليوم منهم جماعة في خراسان وقم والنجف الأشرف حالت دون وصولهم لأوطانهم هذه السلطة الحاضرة الظالمة.

الشيعة في اليمن :

أما عدد الشيعة في اليمن فكثير جدا حسبما بلغنا عمن زاروا بلادهم هناك وقد انتشر التشيع في بقاع اليمن منذ صدور الإسلام ومنذ كان علي بن أبي طالب (ع) واليا من قبل النبي (ص) في زمانه.

١١٤

العراق :

أما العراق فقد انتشر فيه مذهب أهل البيت في الصدر الأول وقام بذلك أصحاب الرسول (ص) في الكوفة والمدائن والبصرة وعرفت الكوفة بأنها علوية النزعة وقام رجال الدعوة في الدفاع عن أهل البيت وتحملوا في عهد معاوية ما تحملوا وفي المدائن كان سلمان الفارسي وحذيفة بن اليمان قد نشرا دعوة التشيع هناك وكذلك البصرة وغيرها من مدن العراق من الشمال إلى الجنوب وولائهم للعترة الطاهرة. والشيعة هم الأكثرية في العراق بالمائة ثمانين وقد قاوموا ظلم الأتراك بثورات سجلها التاريخ بكل فخر لهم في محاربة الاستبداد وقاوموا الاستعمار الانكليزي وأعلنوا ثورة العشرين التي شيدت صرح الاستقلال الوطني بفتوى علماء ومراجع الشيعة في النجف وكربلاء وجهاد علماء الشيعة.

وجامعة الشيعة : النجف الأشرف :

ومرقد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) واراه بنوه ليلا في بقعته الطاهرة من النجف الأشرف إخفاء لقبره علما منهم أن الدولة ستكون لبني امية ولا يؤمن من إساءتهم لمرقده الشريف وكان أولاده (ع) عالمين بموضعه فقد زاره الإمام زين العابدين سرا وابنه الباقر من بعده على عهد بني مروان ولما جاء الحكم العباسي وجلبوا الصادق (ع) عدة مرات من المدينة إلى العراق صار يدل صفوة أصحابه على موضع القبر وفي كل مرة يزور فيها المرقد المقدس يصحب معه بعضهم وكان على القبر دكة قد هدمها السيل وأول من بنى مرقده العلوي الشريف صفوان الجمال بأمر الصادق (ع) فأمر الإمام الصادق صفوان الجمال فأعاد بناءه فصارت الشيعة من ذلك اليوم تقصده للزيارة بعد أن عرفه جماعة من رجال الصادق (ع).

١١٥

وصارت النجف عاصمة التدريس للفقه الجعفري وسائر العلوم من بغداد من يوم انتقل شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي رحمه‌الله سنة ٤٤٨ ه‍ إلى النجف الأشرف وسلمت هي والحلة وكربلاء من عادية هولاكو وجنوده إلى زماننا هذا ١٣٩٣ ه‍.

وجملة القول في شيعة العراق :

ان جنوب العراق شيعة خالصة ولئن وجد الخليط في بعض بلاده فلا يكون الا فردا قليلا وأما البلاد الشمالية فسكانها على العموم من أهل السنة إلا أن الشيعة فيها ليسوا بالقليل وهم موالين بالطبع إلى أهل البيت كما يكمن العدد القليل من أهل السنة في الجنوب من تلك البلاد لا سيما في لواء الموصل وكركوك وتلعفر وسنجار وأما البلاد الوسطى كالحلة فهي شيعية خالصة سوى افراد معدودين في نفس الحلة.

واما لواء بغداد عاصمة العراق فأكثريته من الشيعة ولواء الدليم فيه من الشيعة عدد قليل وعليه في العراق اليوم تسعة محافظات شيعية وخمسة من غيرهم ومن السنة وفيها من الشيعة ولواءان مختلطان يغلب التشيع عليهما هذا ما نعرفه لبلاد العراق ومن ثم نحتاج إلى استقراء لجميع بلاد الجنوب والعمارة والغرّاف وما سواها من دجلة والسماوة والديوانية والناصرية وما سواها من بلاد الفرات.

لو كان العلم في الثريا لناله رجال من الفرس :

لا تمر فترة من الزمن إلا يؤلف كتاب من كتاب السوء يحمل بين طياته أفكارا هدّامة لكيان المجتمع الإسلامي بعبارات مسمومة ووخزات مؤلمة وحملات ظالمة وأقوال فارغة لا تقف أمام الواقع إلا كما يقف الرماد إذا اشتدت به الريح ولقد تطرقت لهذا الموضوع أكثر من مرة وقضيت

١١٦

وقتا طويلا أتصفح واطالع تلك التي سوّدت بمداد الحقد ورقمت بأقلام شط بأصحابها الحظ لسوء التفكير عن الخط الذي يجب أن تسير عليه لخدمة الامة وصالح المجموع كنت أفكر في الأسباب التي دعت لهذه التهجمات والتعرف على الوسائل المبررة لما يرتكبه هؤلاء الكتاب مثل صاحب العقد الفريد اذ يقول الرافضة يهود هذه الامة يبغضون الإسلام كما يبغض اليهود النصرانية الجواب كيف يرتضي القارئ هذه الكلمة وبين يديه القرآن المجيد وفيه (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) وكيف يرتضيها وهو يقرأ في الحديث قول الرسول الأمين (ص) لعلي : أنت وشيعتك في الجنة (تاريخ بغداد ١٣ ص ٢٨٩) وقوله (ص) إذا كان يوم القيامة دعي الناس بأسمائهم وأسماء امهاتهم إلا هذا ـ يعني عليا ـ وشيعته فإنهم يدعون بأسمائهم وأسماء آبائهم لصحة ولادتهم (مروج الذهب ص ٥١) وقوله (ص) تقدم على الله أنت وشيعتك راضين مرضيين ، وقوله (ص) : ان هذا يعني علياعليه‌السلام وشيعته الفائزون يوم القيامة إلى غير ذلك من الروايات.

قال صاحب العقد الفريد : محبة الرافضة محبة اليهود قالت اليهود لا يكون الملك إلا في آل داود وقالت الرافضة لا يكون الملك إلا في آل علي بن أبي طالب عليه‌السلام ؛ الجواب إن كان في قول الرافضة تبعة فهي على مخلف آل علي عليه‌السلام ، في قوله الصحيح الثابت المتواتر المتسالم عليه عن بضع وعشرين صحابيا ـ كما في الصواعق ص ١٣٦ ـ : إني تارك أو مخلف فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، فقد خطب به الصادع بالحق على رءوس الأشهاد في كثير من الصحابة تبلغ عدتهم مائة ألف أو يزيدون مثبتا خلافة آل بيته الطاهر وعلي سيدهم وأبوهم. وقال صاحب الملل والنحل : إن الروافض ليسوا من المسلمين إنما هي فرق جاءت بعد موت النبي (ص) ب ٢٥ سنة. الجواب :

١١٧

إن هذه جمل قارصة بعيدة عن الإنسانية وليت شعري كيف يمكن سلب الإسلام عن قوم يستقبلون القبلة في فرائضهم ويقولون بالشهادتين ويحملون القرآن ويعملون به ويتبعون سنة النبي (ص) الأقدس وملأت الدنيا كتبهم في العقائد والأحكام وكيف يسع هذا الرجل هذا الحكم الكاذب وآلاف من الشيعة هم مشايخ أعلام السنة ورواة الحديث في صحاحهم الستة وغيرها من المسانيد وهي مراجع قومه في معتقداتهم وأحكامهم (فراجع الجزء الثالث من الغدير ص ٩٣).

فرية على العراقيين والايرانيين :

في كتاب الجولة في ربوع الشرق الأدنى تأليف ثابت المصري مدرس أول العلوم الاجتماعية بمدرسة القبة الثانوية ، يقول ، يقول العلماء هناك : أي (في النجف) أن المدافن فيها عشرة آلاف لا تزيد ولا تنقص لأن سيدنا عليا يرسل من الجثث بعيدا فلا يعرف أحد مقرها ص ١٠٥. الجواب : لقد فتشنا علب العطارين وأوعية أهل الحرف وجوالق المكاريين ومدونات القصص الروائية فلم تعطنا خبرا بشيء من هذه المفتريات. أقول عجيب كيف تصدر هذه الخرافات عن مدرس جامعي من اين تخجل أوجه اموية تملى بلذات الفجور حيائها.

لو لا علماء الشيعة لما قام للمسلمين سوق ولا دين في العالم :

قال الاستاذ في ص ١٥٣ ، السيارات الكبيرة تمر تباعا (بين طهران وخراسان) ذهابا ورجعة في كثرة كلها تحمل جماهير الحجاج ويقولون بأن هذا الخط على وعورته أكثر البلاد حركة في نقل المسافرين لأن مشهد لديهم خير من مكة المكرمة تغنيهم عن بيت الله الحرام في زعمهم ، ويقول ص ١٤٢ والذي شجع الفرس على اتخاذ مشهد كعبة مقدسة الشاه عباس الأكبر وقومه بدلا من زيارة مكة المكرمة لكراهتهم للعرب.

١١٨

اللهم ما أجرأ هذا الكذاب على المفتريات التي لم تطرق سمع أحد من الشيعة ولا وقع عليها نظر أي منهم ولو في اسطورة كاذبة حتى وجدها في كتاب هذا الخائن وليس في الشيعة أحد يعتقد في خراسان إلّا خليفة من خلفاء رسول الله (ص) ومثوى امام عليه‌السلام ولذلك عاد مهبطا للزائرين. الراجين للفيوض الإلهية وأما القول بإغنائه عن بيت الله الحرام وأن زيارته مسقطة للحج فبهتان عظيم والشاه الصفوي المغفور له لم يتخذه كعبة ولا قصد زيارته ماشيا إلا للتزلف إلى المولى سبحانه بزيارة ولي من أوليائه ولم يكن الشاه ولا شعبه الايرانيون بالذين يشحون على الأموال دون الفرائض التي من أعظمها الحج إلى الكعبة المشرفة ولا يرون لهذه الفريضة أي بدل من زيارة أو عبادة بل في كتب فقهاء الشيعة يذكرون أن تأخر الحج عن سنة الاستطاعة كبيرة موبقة ، وهذه الحقب والأعوام تشهد في كل سنة وقت الحج مائة ألف نسمة من الايرانيين الذين كانوا يحجون البيت الحرام في كل عام وعلماء الايرانيين خدموا الإسلام بمؤلفاتهم القيمة من صدر الاسلام سواء كانوا شيعة او سنة وإليك أسماء الأكابر منهم أما من الفلاسفة الشيعة فأبو محمد بن محمد الفارابي التركي ألّف في الحكمة والفلسفة ٨٠ كتابا والشيخ الرئيس أبو علي بن سينا صاحب التأليفات الكثيرة مثل الشفاء والقانون والطب والإشارات وفريد الدين العطار النيسابوري وفيلسوف الاسلام والمتكلمين الخواجه نصير الدين الطوسي وله في العلوم العقلية تأليفات كثيرة وأبو الفتح يحيى ابن الشيخ شهاب الدين السهروردي الزنجاني كتب خمسين كتابا في الفلسفة والعرفان المقتول في حلب لسوريا وزكريا الرازي الطهراني وأبو حسين هارون الزنجاني أحد المؤلفين من إخوان الصفاء والسيد محمد باقر الداماد الأسترآبادي وصدر المتألهين ملا صدر الدين الشيرازي صاحب الاسفار الكبير في الفلسفة وملا

١١٩

جلال الدين الدواني الشيرازي وملا خليل القزويني والحاج ملا هادي السبزواري صاحب المنظومة في الفلسفة والحكيم الإلهي آغا يزار أبو الحسن جلوة والحكيم العارف الحاج ملا محمد الزنجاني الاصل طهراني المسكن ثم والمدفن والشيخ ابراهيم الزنجاني والشيخ مجيد الزنجاني والمتكلم والفيلسوف الشيخ عبد الكريم الزنجاني والحكيم المنزوي الحاج ابراهيم الموسوي ابن سيد الساجدين سيد باقر الابهري الزنجاني والشيخ صدر جامع المعقول والمنقول وفريد العصر الفقيه الحكيم الميرزا حسن الموسوي البجنوردي له تأليفات كثيرة في العلوم الشرعية والعقلية والملا عبد الرزاق لاهيجاني أحد اجداد عائلتي طليعة بنت حجة الاسلام الشيخ محمد علي الرشتي والمحقق الفيض الكاشاني صاحب تأليفات كثيرة والحكيم الالهي السيد ابو الحسن القزويني والعارف الكامل والمجتهد المعاصر الشيخ محمد تقي الآملي الأصل طهراني المسكن والمدفن وغيرهم من أكابر فلاسفة الايرانيين.

وأمّا علماء التفسير والفقه والاصول فكثيرون أيضا نذكر جملة منهم «شيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسي» هو أوّل من أسّس الحوزة العلمية في النجف وبذر فيها بذر العلم وروّاد العلم يهاجرون إليها ، وله تأليفات في التفسير والفقه والاصول وكتبه في أقطار العالم مشهورة ومنهم الشيخ الطبرسي صاحب مجمع البيان وحاز تفسيره سباق الميدان وتلقته الخاصة والعامة بالقبول ومنهم قطب الدين الراوندي الكاشاني ومنهم الفيض الكاشاني وله في علوم الحديث والتفسير والمعارف والأخلاق تأليفات كثيرة ومنهم أبو الفتوح الرازي صاحب التفسير ومنهم الشيخ الفاضل ملّا فتح الله الكاشاني صاحب منهج الصادقين ومنهم العلامة الفيلسوف الأكبر السيّد محمّد حسين الطباطبائي التبريزي صاحب تفسير الميزان ٢٠ جزءا.

١٢٠