عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ٢

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني

عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ٢

المؤلف:

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٣
الصفحات: ٣٥٢

اللهِ) قال عليه‌السلام لكنا أهل البيت لا نقول ذلك قال قلت فأي شيء تقولون فيها قال نقول (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) الشفاعة والله الشفاعة والله الشفاعة.

وفي تفسير القمي (ره) في قوله تعالى : (وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ) عن أبي العباس المكبر قال قال مولى لامرأة علي بن الحسين يقال له ابو أيمن فقال يا أبا جعفر تغرون الناس وتقولون شفاعة محمد شفاعة محمد فغضب أبو جعفر حتى تربد وجهه ، أي تغيّر ، ثم قال ويحك يا أبا أيمن ، أغرّك أن عف بطنك وفرجك ، أما لو قد رأيت أفزاع القيامة لقد احتجت إلى شفاعة محمد ، ويلك فهل يشفع إلا لمن وجبت له النار ، قال ما من أحد من الأولين والآخرين إلا وهو محتاج إلى شفاعة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم القيامة.

وقال الصدوق (ره) في العقائد : اعتقادنا في الشفاعة انها لمن ارتضى دينه من أهل الكبائر والصغائر ، فأما التائبون من الذنوب فغير محتاجين إلى الشفاعة وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من لم يؤمن بشفاعتي فلا أنا له الله شفاعتي ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا شفاعة أنجح من التوبة والشفاعة للانبياء والأوصياء والمؤمنين والملائكة ، وفي المؤمنين من يشفع في مثل ربيعة ومضر ، وأقل المؤمنين شفاعة من يشفع في ثلاثين انسانا ، والشفاعة لا تكون لأهل الشك والشرك ، ولا لأهل الكفر والجحود بل تكون للمؤمنين من أهل التوحيد ، انتهى كلامه.

قال الخواجة في التجريد : الإجماع على الشفاعة فقيل لزيادة المنافع ويبطل منا في حقهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وباقي السمعيات متأولة بالكفار ، انتهى كلامه رفع مقامه ، ذكرنا ان اجماع المسلمين بل الضرورة من الدين ورد على ثبوت الشفاعة.

شفاعة علي بن أبي طالب وأولاده الأوصياء عليهم‌السلام :

وفي العلل عن الصادق عليه‌السلام قال : شيعتنا من نور الله خلقوا وإليه يعودون ، وو الله انكم لملحقون بنا يوم القيامة ، وأنا لنشفع فنشفع وو الله انكم تشفعون فتشفعون ، وما من رجل منكم إلا وسترفع له نار عن شماله

٢٨١

وجنة عن يمينه فيدخل أحباءه الجنة وأعداءه النار.

وفي تفسير القمي (ره) عن الباقر والصادق عليهما‌السلام قالا : والله لتشفعن في المذنبين من شيعتنا حتى تقول : أعداؤنا إذا رأوا ذلك فما لنا من شافعين ولا صديق حميم ، فلو أن لنا كرة فتكون من المؤمنين.

وفي رواية العباس المكبّر ثم قال أبو جعفر عليه‌السلام : إن لرسول الله الشفاعة في امته ولنا شفاعة في شيعتنا ولشيعتنا شفاعة في أهاليهم ، ثم قال : وان المؤمن يشفع في مثل ربيعة ومضر ، وان المؤمن ليشفع حتى لخادمه.

شفاعة أمير المؤمنين عليه‌السلام :

وروى الصدوق (ره) في العيون مسندا عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : إن للجنة لثمانية أبواب باب يدخل منه النبيون والصديقون وباب يدخل منه الشهداء والصالحون وخمسة أبواب يدخل منها شيعتنا ومحبونا ، فلا أزال واقفا على الصراط أدعو وأقول يا رب سلم شيعتي ومحبي وأنصاري ومن تولاني في دار الدنيا ، فإذا النداء من بطنان العرش قد اجيبت دعوتك وشفعت في شيعتك ويشفع كل رجل من شيعتي ، ومن تولاني ونصرني وحارب من حاربني بفعل أو قول في سبعين ألف من جيرانه وأقربائه ، وباب يدخل منه سائر المسلمين ممن يشهد أن لا إله إلا الله ولم يكن في قلبه مقدار ذرة من بغضنا أهل البيت ، في البحار ج ١٥ صفحة ٣٣ عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه قال : دخل سماعة ابن مهران على الصادق عليه‌السلام فقال : يا سماعة من شر الناس قال نحن يا ابن رسول الله قال فغضب حتى احمرت وجنتيه ، ثم استوى جالسا وكان متكئا فقال يا سماعة من شر الناس عند الناس فقلت والله ما كذبتك يا ابن رسول الله نحن شر الناس عند الناس لانهم سمونا كفارا ورفضة ، فنظر إلي ثم قال كيف بكم إذا سيق بكم الى الجنة وسيق بهم الى النار فينظرون إليكم ويقولون : (ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار) يا سماعة بن مهران

٢٨٢

أنه من أساء منكم إساءة مشينا الى الله تعالى يوم القيامة بأقدامنا فنشفع فيه فنشفع والله لا يدخل النار منكم عشرة رجال والله لا يدخل النار منكم خمسة رجال والله لا يدخل النار منكم ثلاثة رجال والله لا يدخل النار منكم رجل فتنافسوا في الدرجات واكمدوا عدوكم بالورع ، وفي البحار ج ١٥ صفحة ١٢٨ عن الرضا عليه‌السلام عن آبائه قال قال رسول الله : إذا كان يوم القيامة ولينا حساب شيعتنا فمن كانت مظلمته فيما بينه وبين الله عزوجل حكمنا فيها ، فأجابنا ومن كانت مظلمته فيما بينه وبين الناس استوهبناه فوهبت لنا ، ومن كانت مظلمته فيما بينه وبيننا كنا أحق من عفا وصفح.

حب أهل البيت يكفر الذنوب :

عن الرضا عليه‌السلام أيضا عن آبائه قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (حبنا أهل البيت يكفر الذنوب ويضاعف الحسنات) وإن الله تعالى يتحمل عن محبينا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد إلا ما كان منهم فيها على أضرار وظلم للمؤمنين فيقول للسيئات كوني حسنات.

عن أبي اسامة زيد الشحام قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : اسمي في تلك الأسماء يعني في كتاب اصحاب اليمين قال نعم وعنه أيضا قال قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : يا زيد كم أتى لك سنة قلت كذا وكذا قال يا أبا أسامة أبشر فأنت معنا وأنت من شيعتنا أما ترضى أن تكون معنا قلت بلى يا سيدي فكيف لن أكون معكم فقال يا زيد ان الصراط إلينا وان الميزان إلينا وحساب شيعتنا إلينا والله يا زيد اني أرحم بكم من أنفسكم والله لكأني أنظر أليك وإلى الحرث بن مغيرة النضري في الجنة في درجة واحدة. الكنى والألقاب ج ١ صفحة ٦.

وفي الخصال في حديث الأربعمائة ، قال عليه‌السلام لنا شفاعة ولأهل مودتنا شفاعة.

٢٨٣

وفي تفسير القمي (ره) في قوله تعالى : (وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ) ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يشفع احد من انبياء الله ورسله حتى يأذن الله له إلا رسول الله فإن الله اذن له في الشفاعة قبل يوم القيامة ، والشفاعة له وللأئمة من ولده ، ثم من بعد ذلك للأنبياء.

شفاعة السادات والعلويين يوم القيامة :

في أمالي الصدوق (ره) وبشارة المصطفى عن ابي بصير عن الصادق عليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد فتغشاهم ظلمات شديدة فيضجون إلى ربهم ويقولون : يا رب اكشف منا هذه الظلمة ، قال : فيقبل قوم يمشي النور بين ايديهم قد اضاء ارض القيامة ، فيقول اهل الجمع : فهؤلاء ملائكة فيجيئهم النداء من عند الله ، ما هؤلاء بملائكة ، فيقول اهل الجمع : من انتم؟ فيقولون : نحن العلويون نحن ذرية محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نحن اولاد علي وليّ الله نحن المخصوصون بكرامة الله نحن الآمنون المطمئنون فيجيئهم النداء من عند الله عزوجل اشفعوا في محبيكم وأهل مودتكم وشيعتكم فيشفعون. وفي عمدة الطالب قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كل سبب ونسب وصهر منقطع إلا نسبي وصهري ، فإنه يأتيان يوم القيامة يشفعان لصاحبهما ، وفيها أيضا عن عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة ، ما خلا سببي ونسبي ، كل قوم عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة فإني أنا أبوهم وعصبتهم.

الكلام في فضائل السادات والعلويين :

الآيات والروايات التي وردت في حق السادات بسم الله الرحمن الرحيم ، قال الله تعالى: (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) الكوثر.

٢٨٤

ذكر الفخر الرازي في تفسيره الكوثر أولاده عليهم‌السلام قالوا : لأن هذه السورة إنما نزلت ردا على من عابه عليه‌السلام بعدم الأولاد ، فالمعنى أنه يعطيه نسلا يبقون على مرّ الزمان ، فأنظر كم قتيل من أهل البيت ثم العالم ممتلى منهم ، ولم يبق من بني أمية في الدنيا أحد يعبأ به ، ثم أنظر كم كان فيهم من الأكابر من العلماء كالباقر والصادق والكاظم والرضا عليهم‌السلام ، والنفس الزكية وأمثالهم.

وفي سورة الشورى آية ٢٢ (ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ).

وذكر الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره في ذيل الآية روايات في فضائل الذرية والعلوية.

ذكر الفيض الكاشاني في تفسير الآية : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) المراد من عبادنا العترة الطاهرة خاصة. واعلموا إنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى ، وفي قوله : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) ، وفي قوله تعالى : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ) روض الجنان / ٩ : ٢٠.

الأحاديث الواردة في فضائل السادات والعلويين :

روى جلال الدين السيوطي في كتاب الجامع الصغير ١ ـ ٤٢ وابن حجر المكي في الصواعق ١٧٠ ط ٢ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أدبوا أولادكم على ثلاث خصال : حب نبيكم وحب أهل بيته وقراءة القرآن ، فإن حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله مع أنبياءه وأصفيائه.

وذكر الشيخ الفقيه في كتابه الشهاب في الحكم والآداب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : اكرموا أولادي الصالحون لله والطالحون لي.

٢٨٥

وأيضا ذكر في جامع السعادات ج ٢ / ٢١٤ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اكرموا ذريتي الصالح لله والطالح لي ، وذكر في جامع الانساب ناقلا عن سراج الانساب ص ٤ قال رسول الله حقت شفاعتي لمن أعان ذريتي بيده ولسانه وماله.

وروى عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة ، ولو جاءوا بذنوب أهل الدنيا ، المكرم لذريتي والقاضي لهم حوائجهم والساعي لهم عند اضطرارهم والمحب لهم بقلبه ولسانه.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا : اكرموا أولادي وحسنوا آدابي.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا : اكرموا أولادي الصالحون لله والطالحون لي ، وفي جامع الأخبار فصل ١٠٢ روى ابن شيرويه في الفردوس عن علي عليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة ، المكرم لذريتي والقاضي لهم حوائجهم والساعي لهم في امورهم عند ما اضطروا إليه ، والمحب لهم بقلبه ولسانه ، ذكره العلامة المجلسي (ره) أيضا.

أول من يدخل الجنة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة

السادات والعلويين :

في خصائص الوحي المبين في مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام في تفسير الثعلبي باسناده عن عمر بن موسى عن زيد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم ، قال شكوت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حسد الناس لي ، فقال : أما ترضى أن تكون رابع أربعة أول من يدخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين وأزواجنا عن ايماننا وشمائلنا وذرياتنا خلف أزواجنا وشيعتنا خلف ذرياتنا.

في كتاب حول الرؤية تأليف العلامة الخبير السيد شرف الدين ، عن النبي

٢٨٦

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إن لله عزوجل ثلاث حرمات ، فمن حفظهن حفظ الله دينه ودنياه ، ومن لم يحفظهن لم يحفظ الله دنياه ولا آخرته ، حرمة الإسلام وحرمتي وحرمة رحمي.

في عيون الأخبار عن محمد بن الحسن الصفار عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، قالعليه‌السلام : النظر إلى ذريتنا عبادة ، قلت : النظر إلى الأئمة منكم أو النظر إلى ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : بل النظر إلى جميع ذرية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبادة ، ما لم يفارقوا منهاجه ولم يتلوثوا بالمعاصي الوسائل كتاب الحج آخر أبواب العترة.

وأخرج أبو الشيخ من جملة حديث طويل ، قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أيها الناس إن الفضل والشرف والمنزلة والولاية لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذريته فلا تذهبن بكم الأباطيل ، الصواعق المحرقة / ١٧٤.

وأخرج الخطيب عن عثمان بن عفان أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال من صنع صنيعة إلى أحد من خلف عبد المطلب في الدنيا فعلي مكافاته إذا لقيني.

وفي جامع الأنساب للروضاتي الأصفهاني المعاصر ص ٥٧ ، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيما رجل صنع إلى رجل من ولدي صنيعة فلم يكافه عليها ، فأنا المكافي له عليها ، وفي الامالي للشيخ الطوسي ـ ٢٢٧ ط طهران ١٣١٣ ، ومن كتاب الفردوس عن عبد الله بن عمر ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : أول من أشفع له يوم القيامة من امتي أهل بيتي ثم الأقرب فالأقرب.

حديث غريب ذكره في مقدمة الصحيفة الشريفة السجادية ، قال الصادق عليه‌السلام : ما خرج ولا يخرج منا أهل البيت إلى قيام قائمنا أحد ليدفع ظلما أو؟؟؟ نعش حقا إلا اضطلمته البلية ، وكان قيامه زيادة في مكروهنا وشيعتنا.

٢٨٧

كلمات اكابر العلماء في حق السادات والعلويين :

باب الاعتقاد في العلوية ، قال الشيخ أبو جعفر : اعتقادنا في العلوية أنهم آل رسول الله ، وأن مودتهم واجبة لأنها أجر الرسالة ، قال الله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) والصدقة عليهم محرمة لأنها أوساخ ما في أيدي الناس ، واعتقادنا في المسيء منهم أن عليه ضعف العقاب ، وفي المحسن منهم أن له ضعف الثواب وبعضهم اكفاء بعض لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين نظر إلى بني أبي طالب وعلي وجعفر الطيار قال : بناتنا كبنينا وبنونا كبناتنا ، وسئل الصادق عليه‌السلام عن آل محمد ، فقال : آل محمد من حرم على رسول الله نكاحه وقال الصدوق (ره) في أماليه : ومودة ذرية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا كانوا على منهاج آبائهم الطاهرين فريضة واجبة في أعناق العباد الى يوم القيامة ، وهو أجر النبوة لقول الله عزوجل : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) ، الامالي ص ٣٨.

وقال العلامة الحلي (ره) فيما قال لابنه فخر المحققين : وعليك بصلة الذرية العلوية ، فإن الله تعالى قد أكد الوصية فيهم وجعل مودتهم أجر الرسالة والإرشاد ، لقول الله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اني شافع يوم القيامة لأربعة أصناف ، ولو جاءوا بذنوب أهل الدنيا ، رجل نصر ذريتي ورجل بذل ماله لذريتي عند المضيق ورجل أحب ذريتي باللسان والقلب ورجل سعى في حوائج ذريتي إذا طردوا أو شردوا ، وقال الصادق عليه‌السلام : إذا كان يوم القيامة نادى مناد أيها الخلائق أنصتوا فإن محمدا يكلمكم فينصت الخلائق فيقوم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيقول : يا معشر الخلائق من كانت له عندي يد أو منة وأي معروف لنا بل اليد والمنة والمعروف لله ولرسوله على جميع الخلائق ، فيقول : بل من أكرم واحدا من أهل بيتي أو برّهم أو كساهم من عرى أو أشبع جائعهم فليقم حتى أكافيه ، فيقوم اناس قد فعلوا ذلك فيأتي النداء من عند الله يا محمد يا حبيبي قد جعلت مكافاتهم

٢٨٨

إليك فأسكنهم في الجنة حيث شئت فيسكنهم في الوسيلة حيث لا يحجبون عن محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم.

وذكر المحقق النراقي في جامع السعادات : يجب تخصيص الذرية العلوية بزيادة الإكرام والتعظيم ، قال رسول الله حقت شفاعتي لمن أعان ذريتي بيده ولسانه وماله ، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أربعة انا لهم شفيع يوم القيامة المكرم لذريتي والقاضي لهم حوائجهم والساعي لهم في أمورهم عند ما اضطروا إليه والمحب لهم بقلبه ولسانه ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اكرموا اولادي ـ الصالحون لله والطالحون لي ، والأخبار في فضل السادات والعلويين وثواب من يكرمهم ويعينهم اكثر من ان تحصى.

الاعتقاد في البعث بعد الموت :

قال الصدوق (ره) اعتقادنا في البعث بعد الموت أنه حق ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا بني عبد المطلب ان الرائد لا يكذب أهله والذي بعثني بالحق نبيّا لتموتنّ كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون ، وما بعد الموت دار إلا الجنة والنار ، وخلق جميع الخلق وبعثهم على الله عزوجل كخلق نفس واحدة ذلك قوله تعالى : (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ).

الاعتقاد في الوعد والوعيد :

ان من وعد الله على عمل ثوابا فهو منجزه ، ومن وعده على عمل عقابا فهو فيه بالخيار ، إن عذبه فبعدله ، وإن عفى عنه فبفضله ، وما ربك بظلام للعبيد ، وقال عزوجل : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ).

الاعتقاد فيما يكتب على العبد :

قال الشيخ ابو جعفر اعتقادنا في ذلك أنه ما من عبد إلا وله ملكان موكلا عليه يكتبان عليه جميع أعماله ، ومن همّ بحسنة كتب له حسنة وإن عملها كتب

٢٨٩

له عشر حسنات ، فإن همّ بسيئة لم يكتب عليه حتى يعملها ، وإن عملها أجلّ سبع ساعات ، فإن تاب قبلها لم يكتب عليه ، وإن لم يتب كتب عليه سيئة واحدة ، والملكان يكتبان على العبد كل شيء حتى يكتبان النفخ في الرماد ، وقال الله : (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ). ومرّ أمير المؤمنين عليه‌السلام برجل وهو يتكلم بفضول الكلام ، فقال له : يا هذا الرجل انك تملي علي ملكيك كتابا إلى ربك فتكلم بما يعنيك ودع ما لا يعنيك ، وقال علي عليه‌السلام : الرجل المسلم يكتب محسنا ما دام ساكتا ، فإذا تكلم كتب إما محسنا أو مسيئا ، وموضع الملكين من ابن آدم الترقوان ، فإن صاحب اليمين يكتب الحسنات ، وصاحب الشمال يكتب السيئات ، وملكا النهار يكتبان عمل العبد في النهار ، وملكا الليل يكتبان عمل العبد في الليل.

٢٩٠

عقيدة الشيعة الامامية الاثنى عشرية

في الاعراف

وهو سور بين الجنة والنار وعليه رجال يعرفون كلا بسيماهم ، والرجال هم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأوصيائه ولا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه ولا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه ، وعند الاعراف المرجون لأمر الله ، إما يعذبهم وإما يتوب عليهم كما قاله الصدوق (ره).

الاعتقاد في العدل :

قال الشيخ ابو جعفر (ره) : إن الله تبارك وتعالى أمرنا بالعدل وعاملنا هو بما فوقه وهو التفضل ، وذلك أنه عزوجل يقول : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ، وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها ، وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) والعدل هو أن يثيب بالحسنة الحسنة ويعاقب على السيئة السيئة ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يدخل رجل الجنة بعمله إلا برحمة اللهعزوجل.

٢٩١

عقيدة الشيعة الامامية الاثنى عشرية

في العقبات التي على طريق المحشر

الاعتقاد في ذلك أن هذه العقبات اسم كل عقبة منها اسم على حدة اسم فرض أو أمر أو نهي ، فمتى انتهى الإنسان إلى عقبة اسمها الفرض ، وكان قد قصر في ذلك الفرض حبس عندها وطولب بحق الله فيها ، فإن خرج منه بعمل صالح قدمه وبرحمة تداركه نجى منها إلى عقبة أخرى ، فلا يزال يدفع من عقبة إلى عقبة ، ويحبس عند كل عقبة فيسأل عما قصر فيه من معنى اسمها ، فإن سلم من جميعها انتهى إلى دار البقاء فيحيا حياة لا موت فيها أبدا ، ويسعد سعادة لا شقاوة معها ، وسكن في جوار الله مع أنبيائه وحججه ، والصديقين والشهداء والصالحين من عباده ، وان حبس على عقبة فطولب بحق قصر فيه ، فلم ينجه عمل صالح ، ولا أدركته من الله تعالى رحمة زلت به قدمه عن العقبة فهوى في نار جهنم نعوذ بالله منها ، وهذه العقبات كلها على الصراط اسم عقبة منها.

الولاية لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام يوقف جميع الخلائق عندها فيسألون عن ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام وأولاده الاحد عشر عليهم‌السلام من بعده ، فمن أتى

٢٩٢

بها نجى وجاز ، ومن لم يأت بها بقي فهوى ، وذلك قول الله عزوجل : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) واسم عقبة منها المرصاد ، وهو قول الله عزوجل : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) ، ويقول الله عزوجل بعزتي وجلالي لا يجوز بي ظلم ظالم واسم عقبة منها الرحم واسم عقبة منها الأمانة واسم عقبة منها الصلاة واسم كل فرض أو أمر أو نهي عقبة يحبس عندها العبد فيسأل عن كل واحد.

٢٩٣

عقيدة الشيعة الامامية الاثنى عشرية

في الجنة ونعيمها والنار وعذابها

القول في حقيقة الجنة والنار يجب الايمان بالجنة والنار الجسمانيتين على نحو ما تكاثرت به الآيات المتضافرة والأخبار المتواترة ، وذلك من ضروريات الدين لم يخالف فيه أحد من المسلمين ، ومن أنكر وجودهما كالملاحدة أو أولهما بما يأتي كبعض الفلاسفة ، فلا ريب في كفره ، والآيات التي وردت في ذكر الجنة في القرآن كثيرة (٣٦٢) آية (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) البقرة ، (وَقالُوا : لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ ، قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) آل عمران ٣ ، (قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ ، وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) ١٥ ، وقال تعالى : (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) ١٣٣ ، وقال تعالى : (أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) وغير ذلك من الآيات.

وأما الأخبار فقد ذكر في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام عن الهروي قال قلت للرضاعليه‌السلام : يا ابن رسول الله عليه‌السلام أخبرني عن الجنة والنار أهما اليوم مخلوقتان

٢٩٤

فقال عليه‌السلام : نعم وإن رسول الله قد دخل الجنة لمّا عرج به الى السماء. قال فقلت له : فإن قوما يقولون إنهما اليوم مقدّرتان غير مخلوقتين ، فقال عليه‌السلام : ما اولئك منّا ولا نحن منهم من أنكر خلق الجنة والنار فقد كذّب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكذّبنا وليس من ولايتنا على شيء وخلّد في نار جهنم ، قال الله عزوجل : (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما عرج بي الى السماء اخذ بيدي جبرئيل فأدخلني الجنة فناولني من رطبها فأكلته فتحوّل ذلك نطفة في صلبي فلما هبطت الى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ففاطمة حوراء إنسية فكلما اشتقت الى رائحة الجنة شمعت رائحة ابنتي فاطمة ، وفي البحار ج ٨ ص ١٣٥ : (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً) الى جماعة سلام عليكم طبتم أي طابت مواليدكم لانه لا يدخل الجنة إلا طيّب المولد.

وفي ثواب الأعمال عن الصادق عليه‌السلام قال : ما خلق الله خلقا إلا جعل له في الجنة منزلا ، وفي النار منزلا. فإذا سكن أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ، نادى مناديا أهل الجنة اشرفوا فيشرفون على النار وترفع لهم منازلهم في النار ثم يقال لهم : هذه منازلكم التي لو عصيتم ربكم دخلتموها. قال : فلو أن أحدا مات فرحا لمات أهل الجنة في ذلك اليوم فرحا لما صرف عنهم من العذاب ثم ينادون يا معشر أهل النار ارفعوا رءوسكم فانظروا الى منازلكم في الجنة فيرفعون رءوسهم فينظرون الى منازلهم في الجنة وما فيها من النعيم ، فيقال لهم : هذه منازلكم التي لو أطعتم ربكم دخلتموها. قال : فلو أن أحدا مات حزنا لمات أهل النار ذلك اليوم حزنا ، فيورث هؤلاء منازل هؤلاء وهؤلاء منازل هؤلاء. وذلك قول الله تعالى : (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ).

قال الصدوق (ره) اعتقادنا في الجنة :

انها دار البقاء ودار السلامة لا موت فيها ولا هرم ولا سقم ولا مرض ولا

٢٩٥

آفة ولا زوال ولا زمانة ولا همّ ولا غم ولا حاجة ولا فقر وإنها دار الغنى ودار السعادة ودار المقامة ودار الكرامة لا يمس اهلها نصب ولا يمسهم فيها لغوب لهم فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين وهم فيها خالدون ، وأنها دار أهلها جيران الله تعالى وأوليائه وأحبائه واهل كرامته وهم أنواع على مراتب منهم المتنعّمون بتقديس الله وتسبيحه وتكبيره في جملة ملائكته ومنهم المتنعمون بأنواع المآكل والمشارب والفواكه والأرائك وحور العين واستخدام الولدان المخلدون والجلوس على النمارق والزرابي ولباس السندس كل منهم إنما يتلذذ بما يشتهي ويريد على حسب ما تعلقت همّته ويعطى من عند الله من أجله.

قال الصدوق عليه‌السلام : إن الناس يعبدون الله على ثلاثة أصناف : صنف منهم يعبدون شوقا الى جنته ورجاء ثوابه ، فتلك عبادة الخدّام. وصنف منهم يعبدونه خوفا من ناره ، فتلك عبادة العبيد. وصنف منهم يعبدونه حبا له فتلك عبادة الكرام وهم الامناء ، وذلك قوله عزوجل : (وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ).

الكلام في النار اعاذنا الله منها :

الآيات والروايات المتواترة وردت فيها ـ الآيات ـ البقرة : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) ٢٤. وقال تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) ٣٩. وقال : (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً ، قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ ، بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ). (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ، وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) آل عمران. (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ) ، وغير ذلك من الآيات

٢٩٦

الكثيرة التي وردت في خصوص النار.

وأما الأخبار التي وردت في خصوص النار فقد ذكر العلامة المجلسي (ره) في البحار ناقلا عن ثواب الأعمال والأمالي للصدوق (ره) عن ابن موسى عن الأسدي عن النخعي عن النوفلي عن حفص بن غياث عن الصادق جعفر بن محمد عن آبائه عن علي عليه‌السلام قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أربعة يؤذون أهل النار على ما بهم من الأذى يسقون من الحميم في الجحيم ينادون بالويل والثبور. يقول أهل النار بعضهم لبعض : ما بال هؤلاء الأربعة قد آذونا على ما بنا من الأذى ، فرجل معلق في تابوت من جمر ورجل يجرّ أمعاؤه ورجل يسيل فوه قيحا ودما ورجل يأكل لحمه. فقيل لصاحب التابوت : ما بال الأبعد؟ اي بعد من الخير ، قد آذانا على ما بنا من الأذى فيقول : إن الأبعد قد مات وفي عنقه أموال الناس لم يجد لها في نفسه اداء ولا وفاء. ثم يقال للذي يجر امعاؤه ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى فيقول : إن الأبعد كان لا يبالي أين اصاب البول من جسده. ثم يقال للذي يسيل فوهه قيحا ودما ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى ، فيقول : إن الأبعد كان يحاكى فينظر الى كل كلمة خبيثة فيسندها ويحاكي بها. ثم يقال للذي كان يأكل لحمه ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ فيقول : إن الأبعد كان يأكل لحوم الناس بالغيبة ، ويمشي بالنميمة. الصدوق (ره) ذكر في الخصال عن ماجيلويه عن محمد بن العطار عن الصادق عليه‌السلام قال : إن من العلماء من يحب أن يخزن علمه ولا يؤخذ عنه فذاك في الدرك الأسفل من النار ، ومن العلماء من اذا وعظ أنف واذا وعظ عنف فذاك في الدرك الثاني من النار ، ومن العلماء من يرى أن يضع العلم عند ذوي الثروة والشرف ولا يرى له في المساكين فذاك في الدرك الثالث من النار ، ومن العلماء من يذهب في علمه مذهب الجبابرة والسلاطين ، فان رد عليه شيء من قوله أو قصر في شيء من أمره غضب فذاك في الدرك

٢٩٧

الرابع من النار ومن العلماء من يطلب أحاديث اليهود والنصارى ليغزر علمه ، ويكثر به حديثه ، فذاك في الدرك الخامس من النار ، ومن العلماء من يضع نفسه للفتيا ويقول ولعله لا يصيب حرفا واحدا والله لا يحب المتكلفين ، فذاك في الدرك السادس من النار ، ومن العلماء من يتخذ علمه مروة وعقلا ، فذاك في الدرك السابع من النار. وفي البحار ج ٨ ص ٣١١ ناقلا عن علي عليه‌السلام قال : إن في جهنم رحى تطحن خمسا أفلا تسألوني ما طحنها؟ فقيل له : وما طحنها يا أمير المؤمنين؟ قال : العلماء الفجرة والقراء الفسقة والجبابرة الظلمة والوزراء الخونة والعرفاء الكذبة (الخبر).

وفي نهج البلاغة من عهد له عليه‌السلام الى محمد بن ابي بكر ، واحذروا نارا قعرها بعيد وحرها شديد وعذابها شديد وعذابها جديد. دار ليس فيها رحمة ولا تسمع فيها دعوة ولا تفرّج فيها كربة.

قال الصدوق (ره) في العقائد : اعتقادنا في النار أنها دار الهوان ودار الانتقام من أهل الكفر والعصيان ، ولا يخلد فيها إلا أهل الكفر والشرك. فأما المذنبون من أهل التوحيد فإنهم يخرجون منها بالرحمة التي تدركهم والشفاعة التي تنالهم. وروي أنه لا يصيب أحدا من أهل التوحيد ألم في النار إذا دخلوها وإنما يصيبهم الآلام عند الخروج منها فتكون تلك الآلام جزاء بما كسبت أيديهم ، وما الله بظلام للعبيد. وأهل النار هم المساكين حقا لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها ، لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا ، وإن استطعموا أطعموا من الزقوم ، وإن استغاثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا ، ينادون من مكان بعيد : ربنا اخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ، فيمسك الجواب عنهم أحيانا ، ثم قيل لهم اخسئوا فيها ولا تكلمون ، ونادوا : يا مالك ليقض علينا ربك قال انكم ماكثون.

٢٩٨

وروي أنه يأمر الله عزوجل برجال الى النار ، فيقول لمالك : قل للنار لا تحرقي لهم أقداما، فقد كانوا يمشون الى المساجد ولا تحرقي لهم أيديا ، فقد كانوا يرفعونها إليّ بالدعاء ولا تحرقي لهم ألسنة فقد كانوا يكثرون تلاوة القرآن ولا تحرقي لهم وجوها ، فقد كانوا يسبغون الوضوء ، فيقول مالك : يا أشقياء فما كان حالكم فيقولون : كنا نعمل لغير الله ، فقيل لنا خذوا ثوابكم ممن عملتم له. ص ٩٠ / ٩١. والأخبار التي وردت في المقام متواترة.

٢٩٩

عقيدة الشيعة الامامية الاثنى عشرية

في نفي الغلو والتفويض

ذكرنا في الجزء الأول من كتابنا عقائد الإمامية الاثنى عشرية ص ٣٠٢ ان معنى الغلو عبارة عن حلول الله تعالى في كل شيء ، تعالى الله من ذلك يرون أن البدن واسطة الظهور ، وان الله نور لا يمكن وصفه ، وإنما برز للعيان بطريقة الحلول والاتحاد والكون والمكوّن واحد ، فهذه العقيدة عقيدة الكثيرين من غلاة التصوف ، ومن أبرز صفاتهم اعتقاد الحلول والاتحاد بواحد من الأئمة أو لعلي أمير المؤمنين عليه‌السلام.

قال الصدوق (ره) اعتقادنا في الغلاة والمفوضة أنهم كفار بالله جل اسمه ، وأنهم شر من اليهود والنصارى والمجوس والقدرية والحرورية من جميع أهل البدع والأهواء المضلة ، وأنه ما صغر الله جل جلاله تصغيرهم بشيء ، كما قال الله تعالى : (ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ) ، ثم يقول للناس : (كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ). وقال عزوجل : (لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ) واعتقادنا في النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه سمم في غزوة خيبر ، فما زالت هذه الأكلة تعاوده حتى قطعت ابهره

٣٠٠