عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ٢

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني

عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ٢

المؤلف:

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٣
الصفحات: ٣٥٢

رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ) سورة الحج.

القرآن يدل على نهاية الكون :

ويخبرنا الله تعالى عن ذلك بقوله : (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ) و (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ). (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً ، يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ ، وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً ، يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً).

ذكر العلامة السيد عبد الله شبّر (ره) في حق اليقين : ان الله سبحانه للطفه ورأفته بعباده ، قد أكثر ذكر المعاد في القرآن الكريم والفرقان العظيم بطرق عديدة وسبل سديدة لصعوبته على الافهام.

فتارة حكم تعالى بأنه كائن لا محالة من دون ذكر دليل بل انه يجب الاعتقاد والاذعان به والتصديق من دون تطلب دليل لذلك ، لا سيما بالنسبة الى العوام والضعفاء كما في قوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) وقوله تعالى : (أَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) وقوله تعالى : (وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ) ونحو ذلك ، وتارة ذكره الله مشفوعا بالقسم لكثرة الشبه والاشتباه فيه. فقال تعالى في سورة النحل : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ ، بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا ، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) وقال تعالى في سورة التغابن : (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ).

وتارة أثبت الله تعالى المعاد مستدلا بكونه قادرا على كل شيء وعلى امور تشبه الحشر والنشر ، فلا تستبعد قدرته تعالى على الحشر والنشر ، كقوله تعالى

٢٢١

في سورة الواقعة ردا على منكري المعاد : (أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ).

ووجه الاستدلال بها على ما في تفسير الفخر الرازي : ان المني يحصل من فضلة الهضم الرابع وهو كالظل المنبث في أطراف آفاق الاعضاء ، ولهذا تشترك الأعضاء في الالتذاذ بالوقاع ويجب غسلها كلها من الجنابة لحصول الانحلال عنها كلها ، ثم ان الله قد سلط قوة الشهوة على البنية حتى انها تجمع تلك الأجزاء الظلية المتفرقة في أوعية المني ، فالحاصل ان تلك الأجزاء كانت مفترقة جدا ، أولا في أطراف العالم ثم انه أخرجها ماء دافقا الى قرار الرحم ، فاذا كانت هذه الأجزاء متفرقة فجمعها وكوّن منها ذلك الشخص ، فاذا تفرقت بالموت مرة اخرى فكيف يمتنع عليه جمعها مرة اخرى.

فهذا تقرير هذه الحجة في هذا المنهج ومن هذا النهج قوله تعالى في سورة الحج : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ) الى قوله تعالى : (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً ، ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وقال تعالى : (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى) وقال تعالى : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ) وتارة بيّن تعالى قدرته على المعاد بذكره مرتبا على ذكر المبدأ اشارة الى ان القادر على الايجاد قادر على الاعادة ، كما قال تعالى في البقرة : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) وقال تعالى في الروم : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى) وقال تعالى في ياسين (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ) وتارة أسدل تعالى على البعث والحشر من جهة وجوب المجازاة واثابة المحسن وتعذيب العاصي وتميزها عن الآخر ليتم عدل الله وحكمته في العباد اذ لو لا الحساب والعقاب والجزاء والثواب للزم الجور وبطل العدل وضاعت الحقوق عن اربابها واستقرت الظلامات على اصحابها ولم يبق فرق بين

٢٢٢

احسان المحسن واساءة المسيء ، بل لكان النفع ضرا والضر نفعا ، فان الخير والإحسان في أغلب الازمان يوجب المشقة والمضرة ونقصان القوة والمال وفوات اللذة بحسب الدنيا والشر والاساءة فلا بد من نشأة اخرى تقع فيها المجازاة على اعمال الناس والانتقام للمظلومين من الظالمين وايصال ذوي الحقوق الى حقوقهم.

وقد أشار تعالى الى هذا المضمون في مواضع منها في يونس قال تعالى : (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ). وقال تعالى في طه : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى). وقال تعالى : (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى). وقال تعالى في سورة ص : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ. أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ).

وتارة استدل تعالى بإحياء الموتى في الدنيا على صحة الحشر والنشر في الآخرة كما في خلق آدم ابتداء من غير مادة لأب وام ، ومنها قوله تعالى في البقرة : (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى) ، ومنها في قصة الخليل وقوله : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى ، قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى) ، ومنها في قصة حزقيل وقوله : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها) ، ومنها في قصة أصحاب الكهف وقوله تعالى : (لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها) ، ومنها في قصة أيوب وقوله : (وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) ، وغيرها من الآيات التي وردت في القيامة والمجازات والبعث (٨٥١ آية).

قال المحقق الدواني (ره) أعلم أن المعاد الجسماني :

مما يجب الاعتقاد به ويكفر منكره. أما المعاد الروحاني : أعني التذاذ النفس بعد المفارقة وتألمها باللذات والآلام العقلية فلا يتعلق التكليف باعتقاده ،

٢٢٣

ولا يكفر منكره ولا منع شرعا ولا عقلا من اثباته. قال الفخر الرازي :

أما القائلون بالمعاد الروحاني والجسماني فقد أرادوا أن يجمعوا بين الحكمة والشريعة ، فقالوا : دل العقل على أن سعادة الأرواح بمعرفة الله تعالى ومحبته ، وأن سعادة الأجساد في ادراك المحسوسات ، والجمع بين هاتين السعادتين في هذه الحياة غير ممكن ، لأن الانسان مع استغراقه في تحلي أنوار عالم القدس لا يمكنه أن يلتفت الى شيء من اللذات الجسمانية ومع استغراقه في استيفاء هذه اللذات لا يمكنه أن يلتفت الى اللذات الروحانية ، وإنما تعذر هذا الجمع لكون الأرواح البشرية ضعيفة في هذا العالم فإذا فارقت الموت واستمدت من عالم القدس والطهارة قويت وصارت قادرة على الجمع بين الأمرين.

الأخبار التي وردت في المعاد الجسماني والروحاني ، ويشهد لذلك ما روى مستفيضا في الاحتجاج وأمالي الشيخ الطوسي (ره) وغيرهما أن ابن أبي العوجاء سأل الصادق عليه‌السلام عن قوله تعالى : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) ما ذنب الغير؟ قال : ويحك هي هي وهي غيرها. قال : فمثل لي ذلك بشيء من أمر الدنيا. قال : نعم أرأيت لو أن رجلا عمد الى لبنة فكسرها ثم صب عليها الماء وجبّلها ثم ردّها في ملبنها فهي هي وهي غيرها. وفي رواية الأمالي : أرأيت لو أن رجلا عمد الى لبنة فكسرها ثم صب عليها الماء وجبّلها ثم ردّها الى هيئتها.

الأولى ، ألم يكن هي هي وهي غيرها؟ فقال : بلى أقنع الله بك ، فإن الظاهر أن مراده عليه‌السلام أنه يعود شخصه بعينه وإنما الاختلاف في الصفات والعوارض غير المشخّصات أو أن المادة متحدة ، وإن اختلفت التشخصات والعوارض.

الثاني : ما ورد من قول الصادق عليه‌السلام في البدن البرزخي لو رأيته لقلت : هذا فلان.

الثالث : ما ورد من أهل الجنة جرد مرد.

٢٢٤

الرابع : ما ورد أن المتكبرين يحشرون على صورة الذر.

الخامس : ما ورد عن طرق جمهور العامة أنه يحشر بعض الناس على صور تحسن عندها القردة والخنازير وكون ضرس الكافر مثل جبل احد تغليظا للعقوبة.

السادس : عن الإمام زين العابدين عليه‌السلام قال : عجبا كل العجب لمن أنكر الموت وهو يرى من يموت كل يوم وليلة والعجب كل العجب لمن أنكر النشأة الآخرة وهو يرى النشأة الاولى.

السابع : روى الصدوق في الصحيح عن الصادق عليه‌السلام قال إذا أراد الله أن يبعث الخلق أمطر السماء على الأرض أربعين صباحا ، فاجتمعت الأوصال ونبتت اللحوم.

الثامن : ما روى القمي في تفسيره بسند صحيح عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن أن ابراهيم عليه‌السلام نظر الى جيفة على ساحل البحر تأكلها سباع البر وسباع البحر ثم تثب السباع بعضها بعض فيأكل بعضها بعضا فتعجب ابراهيم فقال : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى؟ قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ؟ قالَ : بَلى ، وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي. قالَ : فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) الآية. فأخذ ابراهيم الطاوس والديك والحمام والغراب. قال الله تعالى: فصرهنّ أي قطعهن ، ثم اخلط لحمهنّ وفرقها على عشرة جبال ثم خذ مناقيرهنّ وادعهن يأتينك سعيا. ففعل ابراهيم ذلك ، وفرقهن على عشرة جبال ، ثم دعاهن فقال : أجبنني بإذن الله تعالى ، فكانت تجتمع ويتألف لحم كل واحد وعظمه الى رأسه وطارت الى ابراهيم. فعند ذلك قال ابراهيم : إن الله عزيز حكيم.

التاسع : ما في الاحتجاج عن هشام بن الحكم أنه قال الزنديق للصادق عليه‌السلام : أين للروح بالبعث والبدن قد بلى والأعضاء قد تفرقت فعضو في بلدة تأكله سباعها وعضو باخرى تمزقه هوامها وعضو قد صار ترابا بني به مع الطين حائط؟ قال عليه‌السلام : الذي أنشأه من غير شيء وصوّره على غير مثال كان سبق

٢٢٥

إليه ، قادر أن يعيده كما بدأه. قال : أوضح لي ذلك. قال : إن الروح مقيمة في مكانها ، روح المحسن في ضياء وفسحة ، وروح المسيء في ضيق وظلمة ، والبدن يصير ترابا ، منه خلق. وما تقذف به السباع والهوام من أجوافها مما أكلته ومزقته كل ذلك من التراب محفوظ عند من لا يعزب عنه مثقال ذرة في ظلمات الأرض ، ويعلم عدد الأشياء ووزنها ، وأن تراب الروحانيين بمنزلة الذهب في التراب. فإذا كان حين البعث مطرت الأرض فتربو أي تنمو الأرض ثم تمخض مخض السقاء فيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب إذا غسل بالماء ، والزبد من اللبن إذا مخض ، فيجتمع تراب كل قالب فينقل بإذن الله تعالى الى حيث الروح فتعود الصور بإذن المصوّر كهيئتها وتلج الروح فيها فإذا قد استوى لا ينكر من نفسه شيئا الخبر.

العاشر : ما في الجزء السابع من بحار الانوار طبع الجديد ص ٤٠ بسند صحيح عن صفوان الجمال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله لجبرئيل : يا جبرئيل أرني كيف يبعث الله تبارك وتعالى العباد يوم القيامة؟ قال : نعم فخرج الى مقبرة بني ساعدة فأتى قبرا ، فقال له اخرج بإذن الله فخرج الرجل ينفض رأسه من التراب وهو يقول : والهفاه واللهف هو الثبور ثم قال : ادخل فدخل ثم قصد به الى قبر آخر فقال : اخرج بإذن الله فخرج شاب ينفض رأسه من التراب وهو يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأشهد أن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ثم قال : هكذا يبعثون يوم القيامة يا محمد.

عن علي عليه‌السلام عن رسول الله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربعة : حتى يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأني رسول الله بعثت بالحق ، وحتى يؤمن بالبعث بعد الموت ، وحتى يؤمن بالقدر.

إجماع جميع الأنبياء على وقوع المعاد :

قد أجمعت جماعة الأنبياء طرا على وجوب الاعتقاد بالمعاد الجسماني والروحاني

٢٢٦

معا وأن المنكر له كافر لا خلاق له في الاسلام وقد أيّد المعاد أرباب الشرائع الإلهية طرا.

إجماع المسلمين واليهود والنصارى على المعاد :

قال العلامة المجلسي (ره) اعلم أن القول بالمعاد الجسماني مما اتفق عليه جميع المليين وهو من ضروريات الإسلام والدين ، ومنكره خارج عن عداد المسلمين ، والآيات الكريمة في ذلك صريحة لا يعقل تأويلها ، والأخبار فيه متواترة ، لا يمكن ردها كما ذكرناها.

قال الصدوق (ره) : اعتقادنا في البعث بعد الموت أنه حق. قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يا بني عبد المطلب إن الرائد لا يكذب أهله والذي بعثني بالحق نبيا لتموتن ولتبعثن كما تستيقظون وما بعد الموت دار إلا الجنة والنار وخلق جميع الخلق وبعثهم على الله عزوجل كخلق نفس واحدة ذلك قوله تعالى : (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ).

٢٢٧

عقيدة الامامية الاثنى عشرية

في الرجعة

وهي من متفردات الامامية. قال الصدوق (ره) : اعتقادنا في الرجعة أنها حق.

معنى الرجعة :

الرجعة عبارة عن حشر قوم عند قيام القائم الحجة بن الحسن عليه‌السلام ممن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ويبتهجوا بظهور دولته وقوم من اعدائه ينتقم منهم وينالوا بعض ما يستحقونه من العذاب والقتل على أيدي شيعته وليبتلوا بالذل والخزي بما يشاهدون من علو كلمته.

وهي عندنا الامامية الاثنا عشرية تختص بمن محّض الايمان ومحّض الكفر والباقون سكوت عنهم.

ويدل على ثبوتها مضافا الى الاجماع بل ضرورة المذهب الكتاب والسنة.

أمّا الكتاب فعدة آيات :

الاولى : قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا) ، حيث دلت هذه الآية على أن هذا الحشر خاص ببعض دون بعض فتعيّن أن

٢٢٨

يكون غير الحشر الأكبر الذي في القيامة لأنه عام بالاتفاق ، ولقوله تعالى فيه : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً). وروى القمي في تفسيره عن الصادق عليه‌السلام أنه سئل عن تفسير الآية الاولى فقال عليه‌السلام : ما يقول الناس فيها ، قلت يقولون أنها في القيامة ، فقال عليه‌السلام : يحشر الله يوم القيامة من كل أمة فوجا ويترك الباقين إنما ذلك في الرجعة فأما آية القيامة فهذه : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) ، والأخبار بهذا المضمون كثيرة.

الثانية : قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ). فعن الباقرعليه‌السلام في تفسيرها قال ما أحسب نبيكم إلا سيطلع عليكم اطلاعة ، وعن الصادقعليه‌السلام في تفسيرها قال لا والله لا تنقضي الدنيا ولا تذهب حتى يجتمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي فيلتقيان ويبيتان بالثوية ، وهو موضع بالكوفة مسجدا له اثني عشر ألف باب وعن السجاد في الآية قال : يرجع إليكم نبيكم وعن الباقر عليه‌السلام قال : يرحم الله جابرا لقد بلغ علمه أنه كان يعرف تأويل هذه الآية إن الذي فرض الآية يعني الرجعة.

الثالثة : قوله تعالى : (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ... لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ). فروى القمي عن الباقر عليه‌السلام أن المراد القتل في سبيل عليّ وذريته. فمن قتل في ولايته قتل في سبيل الله ، وليس أحد يؤمن بهذه الآية إلا وله قتلة وميتة أنه من قتل في فينشر حتى يموت ومن مات ينشر حتى يقتل. وقال عليه‌السلام في قوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) : ليس من قتل بالسيف كمن مات على فراشه ، إن من قتل لا بد أن يرجع الى الدنيا حتى يذوق الموت.

الرابعة : قوله تعالى : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ). روى القمي (ره) عن الصادق عليه‌السلام قال : العذاب الأدنى عذاب الرجعة بالسيف والعذاب الأكبر في القيامة ومعنى لعلّهم يرجعون يرجعون في الرجعة فيعذبون.

الخامسة : قوله تعالى : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا

٢٢٩

وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ). فروى القمي في تفسيره وسعد بن عبد الله عن الصادقعليه‌السلام قال : ذلك والله في الرجعة. أما علمت أن أنبياء الله كثيرا لم ينصروا في الدنيا وقتلوا والأئمة من بعدهم قتلوا ولم ينصروا في الدنيا فذلك في الرجعة.

السادسة : قوله تعالى : (جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً). عن سليمان الديلمي قال : سالت أبا عبد الله عليه‌السلام عنها ، فقال : الأنبياء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وابراهيم واسماعيل وذريته والملوك الأئمة ، فقلت : وأي ملك اعطيتهم فقال : ملك الجنة وملك الكرة ولا يكون هذا إلا في الرجعة.

السابعة : قوله تعالى : (رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ). روى القمي عن الصادق عليه‌السلام. قال ذلك في الرجعة يعني أحد الإحياءين في الرجعة والآخر في القيامة وإحدى الإماتتين في الدنيا والاخرى في الرجعة والآية ظاهرة كمال الظهور في الرجعة.

الثامنة : قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً). روى القمي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا رجع آمن به الناس كلهم وعن شهر بن حوشب قال قال لي الحجاج : آية في كتاب الله قد اعيتني ، فقلت : أيها الأمير أية آية هي؟ فقال قوله تعالى : «(وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) (الآية) والله إني لآمر باليهودي والنصراني فتضرب عنقه ثم أرمقه بعيني فما أراه يحرك شفتيه حتى يخمد. فقلت : أصلح الله الأمير ليس على ما تأولت. قال : كيف هو. قلت : إن عيسى ينزل قبل يوم القيامة الى الدنيا فلا يبقى أهل ملة يهودى ولا غيره إلا آمن به قبل موته ويصلي خلف المهدي. قال : ويحك أنى لك هذا ، ومن أين جئت به؟ فقلت : حدّثني به محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب عليه‌السلام. فقال الحجاج : جئت والله بها من عين صافية.

التاسعة : قوله تعالى : (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ). روى القمي في الصحيح عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن الصادق عليه‌السلام والباقر عليه‌السلام قالا : كل قرية أهلك الله أهلها بالعذاب لا يرجعون ، فهذه الآية من أعظم

٢٣٠

الدلالة على الرجعة. لأن أحدا من أهل الإسلام لا ينكر أن الناس كلهم يرجعون الى القيامة من هلك ومن لم يهلك فقوله : لا يرجعون عنى الرجعة فأمّا الى القيامة يرجعون حتى يدخلوا النار.

العاشرة : قوله تعالى : (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ). يعني إذا وجب العذاب والوعيد عليهم أو أنزل العذاب بهم عند اقتراب الساعة أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم بلسان يفهمونه بأن يقول لهم : أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون. وقد تضافر في أخبارنا أن المراد بهذه الدابة أمير المؤمنينعليه‌السلام وأنه يخرج قبل يوم القيامة ومعه عصا موسى وخاتم سليمان فيضرب المؤمن فيما بين عينيه بالعصى فينتقش فيها أنه مؤمن حقا ويسم الكافر بين عينيه فينتقش فيه أنه كافر حقا.

وروى القمي في تفسيره عن الصادق عليه‌السلام في الصحيح قال انتهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو نائم في المسجد قد جمع رملا ووضع رأسه عليه فحرّكه برجله ثم قال : قم يا دابة الله ، فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله أنسمي بعضنا بعضا بهذا الاسم؟ فقال : لا والله ما هو إلا له خاصة وهو الدابة التي ذكرها الله في كتابه ، وإذا وقع القول الخ... ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يا علي إذا كان آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورة ومعك مسيم تسم به أعداءك. قال قال رجل لعمّار بن ياسر يا أبا اليقظان آية في كتاب الله قد أفسدت قلبي ويشككني. قال عمّار : وأية آية هي قال قول الله : وإذا وقع القول الآية ، فأية دابة هذه قال عمار : والله ما أجلس ولا آكل ولا أشرب حتى اريكها فجاء عمار مع الرجل الى أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو يأكل تمرا وزبدا ، فقال : يا أبا اليقظان هلمّ فجلس عمار وأقبل يأكل معه فتعجب الرجل منه ، فلما قام عمار قال الرجل : سبحان الله ، يا أبا اليقظان حلفت أنك لا تأكل ولا تشرب ولا تجلس حتى ترينها. قال عمار قد أريتكها إن كنت تعقل.

وقد روى العامة في كتبهم ، عن عمار وابن عباس وغيرهما وروى الزمخشري

٢٣١

في الكشاف أنها تخرج من الصفاء ومعها عصا موسى وخاتم سليمان ، فتضرب المؤمن في مسجده أو فيما بين عينيه بعصا موسى فتنكت نكتة بيضاء فتفشو تلك النكتة في وجهه حتى يضيء لها وجهه كأنه كوكب دري ، أو تكتب بين عينيه مؤمن ، وتنكت الكافر بالخاتم في أنفه فتفشو النكتة حتى يسود لها وجهه أو تكتب بين عينيه كافر.

وقد روى العامة والخاصة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قال في مواطن كثيرة في خطبه أنا صاحب العصا والميسم.

وروى العامة عن أبي هريرة وابن عباس والأصبغ بن نباتة أن دابة الأرض في الآية أمير المؤمنين عليه‌السلام.

الحادي عشر : قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ). فقد ورد في أخبار كثيرة أن هذه النصرة تكون في الرجعة ، وعن الصادق عليه‌السلام في هذه الآية قال : ما بعث الله نبيا من لدن آدم إلا ويرجع الى الدنيا فينصر أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وقوله : لتؤمنن به يعني رسول الله ولتنصرنه يعني أمير المؤمنين عليه‌السلام. وعن الصادق عليه‌السلام في الآية قال : ليؤمنن برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولينصرن عليا قال : نعم والله من لدن آدم وهلم جرا فلم يبعث الله نبيا ولا رسولا إلا ردّ جميعهم الى الدنيا حتى يقاتلوا بين يدي علي ابن أبي طالب عليه‌السلام.

الثاني عشر : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ). قال الصدوق (ره) : اعتقادنا في الرجعة أنها حق. وقد قال الله في كتابه العزيز وذكر الآية ، وقال في تفسيرها كانوا هؤلاء سبعين الف بيت ، وكان قد يقع فيهم الطاعون كل سنة ، فيخرج الأغنياء لقوتهم ويبقى الفقراء لضعفهم فيقل الطاعون في الذين يخرجون ويكثر في الذين يقيمون

٢٣٢

فيقول الذين يقيمون لو خرجنا لما أصابنا الطاعون ويقول الذين خرجوا لو أقمنا لأصابنا كما أصابهم فأجمعوا أن يخرجوا جميعا من ديارهم اذا كان وقت الطاعون ، فخرجوا جميعهم فنزلوا على شط بحر فلما وضعوا رحالهم ناداهم الله موتوا فماتوا جميعا ، فكستهم المارة عن الطريق فبقوا بذلك ما شاء الله ، فمرّ بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له ارميا فقال لو شئت يا رب لأحييتهم فيعمروا بلادك ويلدوا عبادك ويعبدونك مع من يعبدك ، فأوحى الله تعالى إليه أفتحب أن احييهم لك؟ قال : نعم يا رب ، فأحياهم الله له وبعثهم معه ، فهؤلاء ماتوا ورجعوا الى الدنيا ثم ماتوا بآجالهم.

فأما السنة فكثيرة ، فقد ادعى تواترها :

منها ما رواه في البصائر عن الخثعمي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إن إبليس قال انظرني إلى يوم يبعثون فأبى الله ذلك عليه فقال إنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم ، فإذا كان يوم الوقت ظهر إبليس في جميع أشياعه منذ خلق الله آدم إلى يوم الوقت وهي آخر كرة يكرها أمير المؤمنين عليه‌السلام فقلت وانها لكرات قال نعم إنها لكرات وكرات ما من إمام في قرن إلا ويكر معه البر والفاجر في دهره حتى يديل الله تعالى المؤمن الكافر فإذا كان يوم الوقت المعلوم كر أمير المؤمنين عليه‌السلام في أصحابه وجاء إبليس في أصحابه ويكون ميقاتهم في أرض من أراضي الفرات يقال له الروحاء قريب من كوفتكم فيقتلون قتالا لم يقتل مثله منذ خلق الله عزوجل العالمين فكأني أنظر إلى أصحاب علي أمير المؤمنين عليه‌السلام وقد رجعوا الى خلفهم القهقرى مائة قدم وكأني أنظر إليهم وقد وقعت بعض أرجلهم في الفرات فعند ذلك يهبط الجبار أي ينزل آيات عذابه في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر رسول الله أمامه بيده حربة من نور فإذا نظر إليه إبليس رجع القهقرى أي ناكصا على عقبيه فيقولون له أصحابه أين تريد وقد ظفرت فيقول إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله رب العالمين فيلحقه النبي عليه‌السلام فيطعنه طعنة بين كتفيه فيكون هلاكه وهلاك جميع أشياعه فعند

٢٣٣

ذلك يعبد الله عزوجل ولا يشرك به شيئا ويملك أمير المؤمنين صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أربعا وأربعين ألف سنة حتى يلد الرجل من شيعة علي ألف ولد من صلبه ذكرا في كل سنة ذكرا وعند ذلك تظهر الجنتان المدهامتان عند مسجد الكوفة وما حوله بما يشاء الله.

وبهذا الإسناد عن الصادق عليه‌السلام قال : إن الذي يلي حساب الناس قبل يوم القيامة الحسين بن علي (الحديث).

وفي البصائر أيضا بأسانيد عديدة عن الباقر عليه‌السلام قال : إن أول من يرجع لجاركم الحسين فيملك حتى يقع حاجباه على عينيه من الكبر.

وروى الصدوق (ره) في العيون بإسناد معتبر عن الحسن بن الجهم قال : قال يا أبا الحسن ما تقول في الرجعة ، فقال عليه‌السلام انها الحق قد كانت في الامم السالفة ونطق بها القرآن ، وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكون في هذه الامة كل ما كان في الامم السالفة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة.

وفي كامل الزيارة لابن قولويه عن الصادق عليه‌السلام في زيارة الحسين ونصرتي لكم معدة حتى يحكم الله ويبعثكم فمعكم معكم لا مع عدوكم إني من المؤمنين برجعتكم لا أنكر لله قدرة ولا اكذب له مشيئة ولا أزعم أن ما شاء لا يكون.

وروى الكليني (ره) والقمي في تفسيره عن الصادق عليه‌السلام في قوله تعالى (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ) إنما عنى الحسن والحسين عليهما‌السلام ثم عطف على الحسين فقال : (حملته أمه كرها ووضعته كرها) وذلك أن الله أخبر رسوله وبشّره بالحسين قبل حمله وأن الإمامة تكون في ولده إلى يوم القيامة ثم أخبره بما يصيبه من القتل والمصيبة في نفسه وولده ثم عوّضه بأن جعل الإمامة في عقبه وأعلمه أن يقتل ثم يرده إلى الدنيا وينصره حتى يقتل أعدائه ويملكه الأرض ، وهو قوله تعالى : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) ، وقوله تعالى : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ) الآية... فبشر الله

٢٣٤

نبيه أن أهل بيتك يملكون الأرض ويرجعون إليها ويقتلون أعداءهم.

وفي اختصاص المفيد ص ٢٥٧ عن جابر قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول والله ليملكن رجل منا أهل البيت بعد موته ثلاثمائة سنة ويزداد تسعا ، قال : فقلت فمن يكون ذلك قال فقال بعد موت القائم عليه‌السلام قلت له وكم يقوم القائم في عالمه حتى يموت قال فقال تسعة عشر سنة من يوم قيامه إلى يوم موته قلت له فيكون بعد موته الهرج قال نعم خمسين سنة ثم يخرج المنتصر الى الدنيا فيطلب بدمه ودماء أصحابه فيقتل حتى يقال لو كان هذا من ذرية الأنبياء ما قتل الناس كل هذا القتل فيجتمع عليه الناس أبيضهم وأسودهم فيكثرون عليه حتى يلجئوه الى حرم الله فإذا اشتد البلاء عليه وقتل المنتصر خرج السفاح الى الدنيا غضبا للمنتصر فيقتل كل عدو لنا وهل تدري من المنتصر ومن السفاح يا جابر؟ المنتصر الحسين بن علي عليه‌السلام والسفاح علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

وفي إرشاد المفيد روى المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : يخرج مع القائمعليه‌السلام من ظهر الكوفة سبعة وعشرون رجلا خمسة عشر من قوم موسى الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون وسبعة من أهل الكهف ويوشع بن نون وسلمان وأبو دجانة الأنصاري والمقداد ومالك الأشتر فيكونوا بين يديه أنصارا وحكاما.

وفي منتخب البصائر عن الصادق عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أنا الفاروق الأكبر وصاحب الميسم وأنا صاحب النشر الأول أي الرجعة والنشر الآخر وصاحب الكرات ودولة الدول وعلى يدي يتم موعد الله وتكمل كلماته وبي يكمل الدين.

وفي الاختصاص قال أبو عبد الله عليه‌السلام : أول من تنشق الأرض عنه ويرجع إلى الدنيا الحسين بن علي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأن الرجعة ليست بعامة وهي خاصة لا يرجع إلا من محّض الإيمان محضا أو محّض الشرك محضا.

٢٣٥

وفي تفسير العياشي في قوله تعالى : (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ) عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال خروج الحسين عليه‌السلام في الكرة في سبعين رجلا من أصحابه الذين قتلوا معه عليهم البيض المذهبة لكل بيضة وجهان.

وفي الزيارة المعروفة بالوارث ، يا أبا عبد الله أشهد الله وملائكته وأنبيائه ورسله أني بكم مؤمن وبإيابكم موقن.

وفي زيارة العباس عليه‌السلام ونصرتي لكم معدة حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين فمعكم معكم لا مع عدوكم إني بكم من المؤمنين.

وفي زيارة الفطر والأضحى : وأنا بكم مؤمن وبإيابكم موقن.

وفي زيارة الأربعين للحسين عليه‌السلام وأشهد أني بكم مؤمن وبإيابكم موقن بشرائع ديني وخواتيم عملي وقلبي لقلبكم سلم وأمري لأمركم متبع ونصرتي لكم معدة حتى يأذن لكم فمعكم معكم لا مع عدوكم.

وفي الجامعة : معترف بكم مؤمن بإيابكم مصدق برجعتكم منتظر لأمركم مرتقب لدولتكم.

وفي دعاء العهد : اللهم إن حال بيني وبينه الموت الذي جعلته على عبادك حقا مقضيا فاخرجني من قبري مؤتزرا كفني شاهرا سيفي مجردا قناتي ملبيا دعوة الداعي في الحاضر والبادي.

وفي الجامعة الكبيرة عن علي الهادي عليه‌السلام : ونصرتي لكم معدة حتى يحيي الله تعالى دينه بكم ويردكم في أيامه ويظهركم لعدله ويمكنكم من أرضه ، واجعلني ممن يقتص بآثاركم ويسلك سبيلكم ويهتدي بهداكم ويحشر في زمرتكم ويكبر في رجعتكم ويملك في دولتكم ويشرف في عافيتكم ويمكن في أيامكم وتقرّ عينه غدا برؤيتكم.

عن الشيخ الطوسي عن الحسين بن روح (ره) في الزيارة الواردة في المشاهد المشرفة في شهر الرجب : يسأل الله إليكم المرجع وسعيه إليكم غير منقطع وأن

٢٣٦

يرجعني من حضرتكم خير مرجع الى جناب ممرع وخفض عيش موسع ودعة ومهل الى حين الاجل وخير مصير ومحل في النعيم الأزل والعيش المقتبل ودوام الأكل وشرب الرحيق والسلسل ، وعل ونهل لا سأم منه ولا ملل ، ورحمة الله وبركاته وتحياته عليكم ، حتى العود إلى حضرتكم والفوز في كرتكم والحشر في زمرتكم.

في الخصال عن الباقر عليه‌السلام أيام الله ثلاثة يوم القائم ويوم الكرّة ويوم القيامة (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (سورة التوبة ٢٣).

عن تفسير الطبري ج ١٠ ص ٨٢. فقال بعضهم ذلك عند خروج عيسى حين تصير الملل كلها واحدة.

عن الصادق عليه‌السلام قال ليس منّا من لم يؤمن بكرّتنا ويستحل متعتنا.

وفي احتجاج الطبرسي : روى أن أبا حنيفة قال يوما من الأيام لمؤمن الطاق إنكم تقولون بالرجعة. قال نعم. قال أبو حنيفة : فأعطني الآن ألف درهم حتى اعطيك ألف دينار إذا رجعنا. قال الطاق لابي حنيفة : فأعطني كفيلا بأنك ترجع انسانا ولا ترجع خنزيرا.

وفي حق اليقين شبر (ره) عن الصادق عليه‌السلام قال : من دعا إلى الله أربعين صباحا بهذا العهد كان من أنصار قائمنا ، فإن مات قبله أخرجه الله تعالى من قبره وفيه : اللهم إن حال بيني وبينه الموت الذي جعلته على عبادك حتما مقضيا فأخرجني من قبري مؤتزرا كفني شاهرا سيفي مجرّدا قناتي ملبيا دعوة الداعي (هو بقية الله حجة ابن الحسن عليه‌السلام).

وفي تفسير الفرات بن ابراهيم ومناقب شاذان بن جبرئيل وتفسير محمد بن العباس بن مهيار بأسانيدهم عن الصادق في قوله تعالى : (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ). قال : الراجفة الحسين بن علي والرادفة علي بن أبي طالب

٢٣٧

وأول من ينفض عن رأسه التراب الحسين بن علي عليه‌السلام في خمسة وسبعين ألفا ، وهو قوله تعالى : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ).

وعن الصادق (ره) في كتاب صفات الشيعة عن الصادق عليه‌السلام قال : من أقرّ بسبعة أشياء فهو مؤمن ، وذكر منها الإيمان بالرجعة.

وفي كتاب حق اليقين شبر (ره) ص ٣٠ عن الرضا عليه‌السلام قال : من أقرّ بتوحيد الله وساق الكلام إلى أن قال : وأقرّ بالرجعة والمتعتين وآمن بالمعراج والمسألة في القبر والحوض والشفاعة وخلق الجنة والنار والصراط والميزان والبعث والنشور والجزاء والحساب فهو مؤمن حقا وهو من شيعتنا أهل البيت.

رجعة الأئمة عليهم‌السلام :

حق اليقين للشبر (ره) ص ١٠ ومختصر البصائر ص ٣٧ عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال الحسين لأصحابه عليهم‌السلام قبل أن يقتل : إن رسول الله قال لي : يا بني إنك ستساق إلى العراق وهي أرض قد التقى فيها النبيون وأوصياء النبيين وهي أرض تدعى عمورا وإنك تستشهد بها ويستشهد معك جماعة من أصحابك ولا يجدون ألم مسّ الحديد ، وتلا : (قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) يكون الحرب بردا وسلاما عليك وعليهم ، فأبشروا فو الله لئن قتلونا فانا نرد على نبينا ثم أمكث ما شاء الله فأكون أول من تنشق الأرض عنه فأخرج خرجة توافق خرجة أمير المؤمنين عليه‌السلام وقيام قائمنا وحياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم لينزلن علي وفد من السماء من عند الله عزوجل لم ينزلوا إلى الأرض قط وينزلن إلى جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وجنود من الملائكة وينزلن محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي وأنا وأخي وجميع من منّ الله عليه في حمولات من حمولات الرب خيل أبلق من نور لم يركبها مخلوق ثم ليهزن محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لوائه وليدفعنه إلى قائمنا محمد عليه‌السلام مع سيفه ثم إنا نمكث ما شاء الله ثم إن الله تعالى يخرج من

٢٣٨

مسجد الكوفة عينا من دهن وعينا من لبن وعينا من ماء ، إلى أن قال : ولا يبقى رجل من شيعتنا إلا أنزل الله إليه ملكا يمسح عن وجهه التراب ويعرّفه أزواجه ومنازله في الجنة ولا يبقى على وجه الأرض أعمى ولا مقعد ولا مبتلى إلا كشف الله عنه بلائه بنا أهل البيت الخبر.

يقول السيد ابراهيم الموسوي الزنجاني : إن اعتقادي هو ما ورد في التفاسير والأحاديث والأدعية واعتقاد علماء الاثنا عشرية قدس الله أسرارهم من أن الله تعالى يعيد عند ظهور الإمام الثاني عشر جماعة من الشيعة إلى الدنيا ليفوزوا بثواب نصرته ومشاهدة دولته ويعيد جماعة من الظلمة والغاصبين والظالمين لحق آل محمد عليهم‌السلام لينتقم منهم والبرهان على المدعي الآيات التي ذكرنا بمعونة التفسير الوارد عن عدل القرآن والأحاديث المتواترة وإجماع علماء الحقة بعد إمكانها بل وقوعها في الامم الماضية.

وقال العلامة المجلسي (ره) أجمعت الشيعة على ثبوت الرجعة في جميع الآثار واشتهر بينهم كالشمس في رابعة النهار حتى نظموها في أشعارهم واحتجوا على المخالفين في جميع أمصارهم وشنع المخالفون عليهم في ذلك وأثبتوا في كتبهم وأسفارهم منهم الرازي والنيسابوري وغيرهما وكيف يشك مؤمن بحقية الأئمة الأطهار فيما تواتر عنهم في قريب من مائتي حديث صريح رواها نيف وأربعون من الثقات العظام والعلماء الأعلام كثقة الإسلام الكليني والصدوق محمد بن بابويه والشيخ أبي جعفر الطوسي والسيد المرتضى والنجاشي والكشي والعياشي وعلي بن ابراهيم وسليم الهلالي والشيخ المفيد والكراجكي والنعماني والصفار وسعيد ابن عبد الله وابن قولويه وعلي بن عبد الحميد والسيد علي بن طاوس وولده صاحب كتاب زوائد الفوائد ومحمد بن علي بن ابراهيم وفرات بن ابراهيم وأبي الفضل الطبرسي وأبي طالب الطبرسي (ره) وابراهيم بن محمد الثقفي ومحمد بن العباس ابن مروان والبرقي وابن شهرآشوب والحسن بن سليمان والقطب الراوندي والعلامة الحلي والسيد بهاء الدين علي بن عبد الكريم وأحمد بن داود بن سعيد

٢٣٩

والحسن بن علي بن أبي حمزة والفضل بن شاذان والشيخ الشهيد محمد بن مكي والحسين بن حمدان والحسن بن محمد بن جمهور والحسن بن محبوب وجعفر بن محمد بن مالك الكوفي وطهر بن عبد الله وشاذان بن جبرئيل ، وإذا لم يكن مثل هذا متواترا ففي أي شيء يمكن دعوى التوتر مع ما روته كافة الشيعة خلفا عن سلف ، وظني أن من يشك في أمثالها فهو شاك في أئمة الدين. (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ).

وقد صنّف جماعة من القدماء كتبا في حقية الرجعة ، فمنهم أحمد بن داود ابن سعيد الجرجاني قال الشيخ في الفهرست له كتاب المتعة والرجعة ومنهم الحسن ابن علي بن أبي حمزة البطائني وعدّ النجاشي من جملة كتبه كتاب الرجعة ، ومنهم الفضل بن شاذان النيسابوري ، ذكر الشيخ في الفهرست والنجاشي أن له كتبا في إثبات الرجعة ، ومنهم الصدوق (ره) فإنه عدّ النجاشي من كتبه كتاب الرجعة ، ومنهم محمد بن مسعود النجاشي ذكر النجاشي والشيخ في الفهرست كتابه في الرجعة ، ومنهم الحسن بن سلمان.

ولذا تضافرت الأخبار عن الأئمة الأطهار عليهم‌السلام ، ليس منا من لم يؤمن برجعتنا كما ذكرناها مفصلا ، وقد ذكر السيد بن طاوس (ره) في كتاب الطرائف روى مسلم في صحيحه في أوائل الجزء الأول بإسناده إلى الجراح قال : سمعت جابرا يقول عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر محمد الباقر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تركوها كلها ، ثم ذكر مسلم في صحيحه بإسناده إلى محمد بن عمر الرازي قال : سمعت حريزا يقول : لقيت جابر بن يزيد الجعفي فلم أكتب عنه لأنه كان يؤمن بالرجعة ، ثم قال : انظر ، رحمك الله ، كيف حرموا أنفسهم الانتفاع برواية سبعين ألف حديث عن نبيهم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم برواية أبي جعفر الذي هو من أعيان أهل بيته الذين أمرهم بالتمسك بهم.

قد عرفت من الآيات المتظافرة والأخبار المتواترة وكلام جملة من المتقدمين والمتأخرين من شيعة الأئمة الطاهرين أن أصل الرجعة حق لا ريب فيه ولا شبهة

٢٤٠