عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ٢

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني

عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ٢

المؤلف:

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٣
الصفحات: ٣٥٢

الثرى ثم قال : يا جابر ان هذه الأربعة يصيبها الحدثان إلا روح القدس فإنها لا تلهو ولا تلعب.

وفي الكافي أيضا عن المفضل عن الامام الصادق عليه‌السلام قال : سألت عن علم الإمام بما في أقطار الأرض وهو في بيته مرضى عليه ستره ، فقال عليه‌السلام : يا مفضل إن الله جعل في النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمسة أرواح : روح الحياة فيه دبّ ودرج ، وروح القوة فيه نهض وجاهد ، وروح الشهوة فيه أكل وشرب وأتى النساء من الحلال ، وروح الإيمان فيه أمن وعدل ، وروح القدس فيه حمل النبوّة ، فإذا قبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انتقل روح القدس فصار إلى الإمام عليه‌السلام ، وروح القدس لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يزهو والأرواح الأربعة تنام وتغفل وتلهو وتزهو.

وما ورد في ظاهر الكتاب والسنة من نسبة

الذنوب والمعاصي إلى الأنبياء والأوصياء :

فله محامل صحيحة عديدة وتأويلات سديدة مذكورة في مظانها ، ومنها أن الأنبياء لما كانوا مستغرقين في طاعة الله عزوجل ومراضيه ويعلمون أنهم بمرأى من الله ومسمع ومطلع على ظواهرهم وبواطنهم وسرائرهم وعلانيهم ، فإذا اشتغلوا أحيانا عن ذكر ربهم لبعض المباحات زيادة على القدر الضروري عدوا ذلك ذنبا ومعصية في حقهم واستغفروا منه ، فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين.

اسناد السهو الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

أما ما ذهب الصدوق (ره) واستاذه محمد بن الحسن بن الوليد إلى جواز السهو عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقالا ليس سهو النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كسهونا لأن سهوه من الله عزوجل اسهاه ليعلم أنه بشر مخلوق فلا يتخذ معبودا دونه ، وسهونا من الشيطان ، وليس

١٦١

للشيطان على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والائمة سلطان ، واستند في ذلك إلى بعض الأخبار الشاذة الموافقة للعامة مما لا يمكن المساعدة عليها لوجوه :

أولا : مخالفتها للآية القرآنية كقوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى). وقوله تعالى : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا). وقوله تعالى : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى). وقوله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ). وقوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ، وأمثال ذلك من الآيات.

وثانيا : أنها مخالفة للأخبار الصحاح المعتضدة بإجماع الإمامية الدالة على نفي السهو والشك والنسيان عنهم عليهم‌السلام.

وفي التهذيب عن ابن بكير عن الصادق عليه‌السلام قال : قلت له : هل سجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سجدتي السهو؟ قال : لا ، وفي الحديث المشهور بين الفريقين ، قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلوا كما رأيتموني اصلي خذوا عني مناسككم.

وفي الكافي عن الرضا عليه‌السلام في وصف الإمام عليه‌السلام عالم لا يجهل راع لا ينكل إلى أن قال : ان الأنبياء والائمة عليهم‌السلام يوفقهم الله ويأتيهم من مخزون علمه.

وعن الصادق عليه‌السلام في حديث قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان مسددا موفقا مؤيدا بروح القدس لا يزل ولا يخطئ في شيء مما يسوس به الخلق.

وثالثا : أنه لو جاز شيء من ذلك على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأوصياء لزم التنفر عنهم وعدم قبول أقوالهم وأفعالهم وهو نقض للغرض.

ورابعا : إنا مأمورون باتباع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والإمام عليه‌السلام ، وترك الاعتراض عليهم ، فلو جاز الخطأ والسهو والنسيان لوجب متابعتهم ، وكنا مأمورين به والأمر باتباع الخطأ قبيح لا يصدر من الحكيم.

١٦٢

وخامسا : أنه لو جاز عليه السهو والنسيان في غير التبليغ لجاز منه الكذب سهوا في غير التبليغ أيضا ، فلا يوثق بشيء من أقواله في غيره وبطلانه قطعي.

وسادسا : إمكان وقوع المعصية وفعل المحرم وترك الواجب سهوا ، وهو باطل وملخّص الكلام ، أن العصمة قوة تمنع الإنسان عن الوقوع في الخطأ ، وعن فعل المعصية وعن النسيان والسهو ، ومؤيد من عند الله تعالى من بدو أمره إلى نهاية عمره.

ثم إن القرآن صرح بأن الأنبياء كثيرون ، وان الله تعالى لم يقصص الجميع في كتابه ، قال تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) المؤمن : ٧٨ ، إلى غير ذلك.

والذين قصّهم الله تعالى في كتابه بالاسم خمسة وعشرون نبيا وهم : آدم ونوح وإدريس وهود وصالح وإبراهيم ولوط وإسماعيل واليسع وذو الكفل والياس ويونس وإسحاق ويعقوب ويوسف وشعيب وموسى وهارون وداود وسليمان وزكريا ويحيى وإسماعيل صادق الوعد وعيسى ومحمد صلّى الله عليهم أجمعين.

عدد الأنبياء :

لا أعلم خلافا في عدد الأنبياء فيما بين الشيعة الإمامية الاثنى عشرية أن عددهم مائة ألف وأربعة وعشرون ألف نبي ، ولكن قد خفيت علينا أكثر أسمائهم ولم نحط بمجمل أحوالهم.

قال الصدوق (ره) في اعتقاداته : اعتقادنا في عدد الأنبياء أنهم مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي ومائة ألف وصي وأربعة وعشرون ألف وصي لكل نبي منهم وصي اوصى إليه بأمر الله تعالى ، ونعتقد فيهم أنهم جاءوا بالحق من عند الحق وأن قولهم قول الله تعالى وأمرهم أمر الله وطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله وأنهم لم ينطقوا إلا عن الله وعن وحيه.

١٦٣

وأن سادة الأنبياء خمسة عليهم دارت الرحى وهم أصحاب الشرائع ، من أتى بشريعة مستأنفة نسخت شريعة من تقدمه ، وهم خمسة : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم‌السلام وهم أولو العزم وأن محمدا سيدهم وأفضلهم جاء بالحق وصدّق المرسلين ، انتهى.

وفي الخصال والأمالي مسندا عن الرضا عليه‌السلام عن آبائه قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خلق الله عزوجل مائة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبي أنا أكرمهم على الله ولا فخر ، وخلق الله عزوجل مائة ألف وصي وأربعة وعشرون ألف وصي فعلي أمير المؤمنين عليه‌السلام أكرمهم على الله وأفضلهم.

عدد المرسلين :

وفي الخصال ومعاني الأخبار مسندا عن أبي ذر (ره) قال : قلت يا رسول الله كم النبيون؟ قال : ألف وأربعة وعشرون ألف نبي. قلت : كم المرسلون منهم؟ قال : ثلاث مائة وثلاثة عشر جما غفيرا. قلت : من كان أول الأنبياء؟ قال : آدم. قلت : وكان من الأنبياء المرسلين؟ قال : نعم خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه ، ثم قال : يا أبا ذر : أربعة من الأنبياء سريانيون آدم وشيث واخنوخ وهو إدريس وهو أول من خطّ بالقلم ونوح ، وأربعة من العرب : هود وصالح وشعيب ونبيك محمد ، وأول نبي من بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى وستمائة نبي. قلت : يا رسول الله كم أنزل الله تعالى من الكتب : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مائة كتاب وأربعة كتب أنزل الله تعالى على شيث خمسين صحيفة وعلى إدريس ثلاثين صحيفة وعلى إبراهيم عشرين صحفة وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ، الحديث.

أوصياء الأنبياء عليهم‌السلام :

وعلي بن أبي طالب عليه‌السلام وصي خاتم الأنبياء :

روى الصدوق (ره) في الإكمال والفقيه بإسناده عن الصادق عليه‌السلام قال :

١٦٤

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا سيد النبيين ووصيي سيد الوصيين وأوصياؤه سادات الأوصياء ، إن آدم عليه‌السلام سأل الله عزوجل أن يجعل له وصيا صالحا فأوحى الله عزوجل إليه إني أكرمت الأنبياء بالنبوة ثم اخترت خلقا وجعلت خيارهم الأوصياء ، فقال آدم : يا رب فاجعل وصيي خير الأوصياء فأوحى الله عزوجل إليه يا آدم أوص إلى شيث وهو هبة الله ابن آدم فأوصى إلى شيث وأوصى شيث الى ابنه شبان وهو ابن نزلة الحوراء التي أنزلها الله عزوجل الى آدم من الجنة فزوّجها شيث وأوصى شبان الى ابنه محيث وأوصي محيث الى محرق وأوصى محرق الى عثميثا وأوصى عثميثا الى اخنوخ وهو ادريس النبي عليه‌السلام وأوصى ادريس الى ناخور ودفعها ناخور الى نوح وأوصى نوح الى سام وأوصى سام الى عشامر وأوصى عشامر الى برعيثاثا وأوصى برعيثاثا الى يافث وأوصى يافث الى برّة وأوصى برة الى خفيسة وأوصى خفيسة الى عمران ودفعها عمران الى ابراهيم الخليل وأوصى ابراهيم الى ابنه اسماعيل وأوصى اسماعيل الى اسحاق وأوصى اسحاق الى يعقوب وأوصى يعقوب الى يوسف وأوصى يوسف الى بثريا وأوصى بثريا الى شعيب وأوصى شعيب الى موسى بن عمران وأوصى موسى الى يوشع بن نون وأوصى يوشع بن نون الى داود وأوصى داود الى سليمان وأوصى سليمان الى آصف بن برخيا وأوصى آصف الى زكريا ودفعها زكريا الى عيسى وأوصى عيسى الى شمعون بن حمون الصفاء وأوصى شمعون الى يحيى بن زكريا وأوصى يحيى بن زكريا الى منذر وأوصى منذر الى مسيلمة وأوصى مسيلمة الى برده ، ثم قال رسول الله : ودفعها إليّ برده وأنا أدفعها أليك يا علي وأنت تدفعها الى وصيك ويدفعها وصيك الى أوصيائك من ولدك واحدا بعد واحد حتى تدفع الى خير أهل الأرض وهو الحجة ابن الحسن الامام المنتظر عليه‌السلام بعدك ولتكفرن بك الامة ولتختلفن عليك اختلافا شديدا الثابت عليك كالمقيم معي والشاذ عنك في النار والنار مثوى للكافرين.

١٦٥

لا اختيار للخلق في اختيار الواسطة نبيا كان أو إماما :

حيث ثبت وجوب عصمة الواسطة نبيا كان أو إماما فلا خيرة للخلق حينئذ في الاختيار بلا خلاف في النبي وخالف العامة في ذلك بالنسبة الى الإمام والفرق بينهما تحكم لأن العصمة من الامور الباطنية التي لا يطلع عليها إلا علّام الغيوب ، فيمكن أن يكون ما نراه صالحا أو طالحا لأنهم لا يعلمون والله يعلم المفسد من المصلح ، فقد رأينا مثل موسى نبي الله من أولو العزم قد اختار من قومه سبعين فأوحى الله إليه أنهم فاسقون كما نطق بذلك القرآن الكريم ، فكيف لسائر الناس بمعرفة الصالح من الطالح ، ولقوله تعالى : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ).

فقد ذكر المفسرون من العامة أن هذه الآية نزلت في الردّ على من قال لم لم يرسل غير هذا الرسول وحينئذ فهي دالة على أن صاحب الاختيار لا سيما في امور الدين هو الله الواحد القهار ولاختلاف آراء الناس في الاختيار فينجر الى الفساد والاختلاف كما وقع في سقيفة بني ساعدة حيث قالوا منا أمير ومنكم أمير ، ولقصة موسى ولأن ذلك لطف من الله لعباده وهو واجب على الله تعالى كما تقدم.

الواسطة أفضل أهل زمانه :

يجب أن يكون ذلك الواسطة أفضل أهل زمانه عالما بجميع العلوم التي تحتاج الامة إليها لاستحالة الترجيح بلا مرجّح وقبح تقديم المفضول على الفاضل عقلا ونقلا آية ورواية (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) ، ولقوله تعالى : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) ، وقوله تعالى : (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) ، ولأن الملائكة لما سألوا عن ترجيح آدم عليهم أجيبوا بالأعلمية كما قال تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي

١٦٦

بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) الآية ، وقال تعالى في سبب ترجيح طالوت لما قالوا : (أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ قالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) أي في الشجاعة.

تنزيه الأنبياء عن كفر الآباء والامهات :

المشهور بين الإمامية بل حكى عليه الإجماع أنه يجب تنزيه الأنبياء عن كفر الآباء والامهات وعهرهن لئلا يعيّروا ويعابوا في ذلك ولئلا ينفّر عنهم فإن ما في الآباء من العيوب يعود الى الأبناء عرفا لقوله تعالى : (الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) من انتقالك في أصلاب الساجدين لله الى أرحام الساجدات ، وقوله تعالى : (ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا).

١٦٧

عقيدة الامامية الاثنى عشرية

بأن نبينا محمد بن عبد الله أفضل الأنبياء

وأوصياؤه أيضا أفضل الأوصياء

يجب الإيمان والاعتقاد بأن نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفضل من الأنبياء والمرسلين ومن الملائكة المقرّبين لتضافر الأخبار بذلك وتواترها هناك ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا سيد ولد آدم ولا فخر ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا : أنا سيد ولد آدم وأول من تنشقّ عنه الأرض وأول شافع وأول مشفع ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا أول الناس خروجا إذا بعثوا وأنا خطيبهم إذا وفدوا وأنا مبشّرهم إذا يئسوا ، لواء الحمد بيدي وأنا أكرم ولد آدم على الله وخاتم الأنبياء ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : آدم فمن دونه تحت لوائي يوم القيامة ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كنت نبيا وآدم بين الماء والطين ، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم: أنا أول الأنبياء خلقا وآخرهم بعثا ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نحن الآخرون السابقون ، وقال : إن الله اصطفى من ولد ابراهيم اسماعيل واصطفى من ولد اسماعيل كنانة واصطفى من بني كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم.

الكلام في النبوّة الخاصة ونبوّة محمد بن عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

قد مرّ أن النبوة والرسالة احداث الدعوة إلى الله تعالى بداع يختاره الله من

١٦٨

البشر والوصاية إبقاء دعوة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بداع يختاره الله والنبي ويقع الكلام فعلا في نبوة نبينا الأكرم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.

ولمعرفة ذلك طرق أحدها المعجزة الخارقة للعادة كما قال الله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) فإن الخلق إذا عجزوا عن الاتيان بمثله جزموا بأنه من الله فيصدق المدعي.

أشرف معجزات نبينا الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العلم والحكمة :

أعلم ان أشرف معجزات الأنبياء وأفضلها العلم والحكمة وهما للخواص وخوارق العادات للعوام والبلهة ، وأما أهل التعصب والعناد منهم فلا ينفعهم إلا السيف ، وإلى ذلك أشير في القرآن الكريم : (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ). فأسرار الكتاب والميزان وهو البرهان العقلي بأقسامه للخواص الذين لهم قريحة نافذة وفطنة قوية ، وقد خلا باطنهم عن التقليد والتعصب لمذهب موروث ومسموع فإنهم يؤمنون بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بميزان العلم والمعرفة والحكمة ولا يحتاجون إلى خوارق العادات ، وأما الذين ليس لهم فطنة لفهم الحقائق أو كان لهم ذلك ، ولكن ليست لهم داعية الطلب بل شغلتهم الصناعات والحرف ، وليس فيهم أيضا داعية إلى الجدال والتحذق من الخوض في العلم مع قصور فهمهم عنه فإنهم يعالجون بالموعظة وإظهار المعجزات ثم يحالون على ظواهر الكتاب ليس لهم التجاوز عنها إلى أسرار الكتاب والجديد لأهل الجدل والشغب الذين يتبعون ما تشابه من الكتاب مع أهليتهم له ابتغاء الفتنة فإنه يتلطف بهم أولا ويجادل معهم بالتي هي أحسن بأخذ الاصول المسلمة عندهم وارتساخ الحق فيهما بالميزان بالقسط ، فإن لم ينفعهم فالحديد الذي فيه بأس شديد وإلى الثلاثة أيضا أشير في الكتاب بقوله تعالى : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).

١٦٩

ومن هنا يتبين فلسفة دفاع النبي الأكرم عن حوزة الإسلام ، وقد عامل نبينا الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الناس بما أمر الله به في كتابه الكريم وبما يليق بحالهم فقوم أخذهم بالرفق واللين لصفاء قلوبهم ورقة أفئدتهم فانقادوا عاجلا ودخلوا في شرعه سريعا والطريق الآخر أخذهم بالسيف والحسام والشدة والقتال حتى أدخلهم في دينه قهرا وقادهم إليه قسرا ثم تألفهم بإحسانه واستمالهم بمواعظ لسانه حتى طابت له نفوسهم وانشرحت صدورهم ، وذلك معنى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عجبا من قوم يدخلون الجنة في السلاسل أي يدخلون في الإسلام الذي هو سبب دخولهم الجنة.

الحجة والمعجزة :

الحجة هي الداعي إلى الغيب والمعجزة هي علامة من علامات عالم الغيب يظهرها الداعي لتصديق ما يدعو الله وهي اقتدار نفس الحجة على إبراز الغيب وإظهار ما يعجز عنه نوع البشر على ما اقتضته المصلحة المختلفة بإختلاف الأعصار والدهور ، ومنشأ ذلك الاقتدار كمال النفس وقربها من الباري تعالى واتصالها بروح القدس ، فتصير عناصر الأشياء منقادة لها وتطيعها الموجودات برمتها.

الحجة والرسالة والامامة :

الدعوة إلى الله والتخلق بأخلاقه وإصلاح الشخص والنوع بما يريد الله تعالى هو دين الله الذي ارتضاه لخلقه ومحدث هذه الدعوة في الخلق ومظهرها بعد ان لم تكن هو الرسول ، ومبقي الدعوة وحافظها بعد ما حدثت وظهرت هو الإمام والوصي والخليفة ، فلا فرق بين الرسول والإمام في الحجية إلا من حيث الحدوث والبقاء ، وكما أن الرسالة منصب إلهي لله تبارك وتعالى وليس للعباد فيها صنع واختيار كذلك الإمامة والخلافة لأن الإمام الكامل الواقعي الحافظ للواقعيات التي جاء بها الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمبقي لها ، وليس في وسع البشر الإحاطة بالواقعيات حتى يطلعوا على الكامل الواقعي ويجعلونه إماما ، والرسول يلقي بذر المعنويات

١٧٠

والمعارف الربوبية في نفوس البشر ، والإمام يربيها ويستعملها كي تنتج تلك البذور ويصل البشر من الجهل والغرور والغفلة والشهوات الحيوانية إلى النور والعلم ، فالدعوة إلى الخلافة الكبرى والإمامة نتيجة النبوّة والرسالة لأن الدعوة إليهما دعوة إلى إبقاء الشريعة الإسلامية بما فيها من العلم والمعارف.

فكل نبي ورسول إذا لم يهتم بتعيين الخليفة من بعده فيما جاء به وأظهره من العلوم والمعارف الواقعية الإلهية مع التفاته بأنه ليس في وسع البشر الإحاطة بالواقعيات فهو ناقص النبوة والرسالة في مجمع العقلاء ، وقد ضيع ملايين من امته التي في أرحام الامهات وأصلاب الآباء لأن حدوث الدعوة إلى الواقعيات وإظهاره بما هو حدوث وإظهاره من غير نظر إلى بقائها وإبقائها مع الالتفات بكثرة أغراض البشر وشهواته من غير نظر إلى بقائها وإبقائها أمر غير مرغوب فيه في الفكر العميق فكيف بالرسول الأعظم وهو خاتم الأنبياء بنص الآية ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ، ولكن رسول الله وخاتم النبيين لا فكر له إلا ما اطلع عليه من علم الله تعالى.

من معجزات نبينا الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوصياؤه المعصومون :

لقد أجاد القائل إن من معجزات نبينا أوصياؤه المعصومون عليهم‌السلام وظهورهم واحدا بعد واحد من ذريته في كل حين إلى يوم الدين ، فإن كلا منهم صلوات الله عليهم أجمعين حجة قائمة على صدقه وآية بينة على حقيته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

تاريخ ولادة الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

ولادة محمد بن عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مكة في المكان المعروف بسوق الليل فجر يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة مضت من ربيع الأول عام الفيل وهو قدوم أبرهة الأشرم ملك اليمن إلى مكة ليهدم الكعبة المكرمة.

١٧١

تاريخ ولادته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالميلادي :

في يوم ٢٠ آب عام ٥٧٠ للميلاد وبينه وبين حادثة الفيل خمسون يوما ، وقد كانت ولادته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأربعين سنة من حكم كسرى انوشيروان الملك العادل ، وكانت أمه تحدث أنها لم تجد منذ حملت به حتى وضعته ما تجده الحوامل من ثقل وتعب ، ولما ولدته أرسلت إلى جده عبد المطلب وكان يطوف في البيت تلك الليلة جاء إليها ، فقالت له : يا أبا الحارث ولد لك مولود عجيب فذعر وقال : أليس بشرا سويا؟ قالت : نعم ، ولكن سقط ساجدا ثم أخذه ودخل به الكعبة ، وهو الذي سماه محمدا ، وقال : اني لأرجو أن يحمده أهل الأرض كلهم.

ما وقع عند ولادته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من العجائب :

ومن عجيب ما وقع عند ولادته من ارتجاج ايوان كسرى وسقوط أربع عشرة شرفة من شرفاته ، وغيض بحيرة طبريا في فلسطين ، وخمود نار فارس ، وكانت مضت عليها مدة طويلة لم تخمد كما روى ذلك البيهقي وأبو يعقوب والخرائطي في الهواتف وابن عساكر واليعقوبي وعلماء الخاصة والعامة ، وفي السابع من ولادته عتق عنه جده عبد المطلب بكبش وبشرت بولادته ثويبة الأسلمية وكانت جارية عند عمه أبي لهب فأعتقها لذلك ، وتوفيت أمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بعد ان أتى عليه‌السلام ست سنوات ولها من العمر ثلاثون سنة ، وذلك في مكان يقال له الابواء بين مكة والمدينة ، وكفّله جده عبد المطلب مدة وبعد وفاة الجد الكفيل ضمه إليه عمه ابو طالب كافلا له فكان خير كافل. واستمرت هذه المحافظة من الكفيل العم الماجد ابو طالب عليه‌السلام بكل ما أوتي من حفاظ حتى اختاره الله إليه ، ولم يكن ذلك منه لوشيجة وصلة رحم كما زعم عبد الفتاح عبد المقصود الجيلاني في كتابه الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام بل بدافع العقيدة بمبدإ ابن اخيه بدلائل كثيرة ذكرت في مطولات الكتب منها قوله من قصيدة طويلة :

١٧٢

ولقد علمت بأن دين محمد

من خير أديان البرية دينا

والله لن يصلوا إليك بجمعهم

حتى أوسد في التراب دفينا

مرضعاته :

أرضعته ثماني نسوة هي أمه آمنة وثويبة الأسلمية وخولة بنت المنذر وحليمة السعدية وامرأة من بني سعد غير حليمة السعدية وثلاث نسوة من العواتك وأم أيمن وأكثرهن إرضاعا له حليمة السعدية ، وكانت حليمة كلما مرّ بها جماعة من اليهود خذلهم الله تعالى وحدثتهم عنه حضوا على قتله ، وكلما عرضته على العرافين صاحوا بقتله ، وكانوا يقولون اقتلوا هذا الصبي فليقتلن أهل دينكم وليكسرن أصنامكم وليظهرن أمره عليكم.

سفره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الشام :

ولما بلغ الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التاسعة من عمره ارتحل إلى الشام مع عمه أبي طالبعليه‌السلام في ركب للتجارة سنة ٥٧٩ للميلاد ، ثم ارتحل في الخامسة والعشرين من عمرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رحلته الثانية إلى بصرى من أرض الشام ، ولقي الراهب ما لقي من العجائب البلد التاريخي المعروف ، وكانت هذه الرحلة على حساب خديجة قبل تزويجه منها.

نشأته :

لقد نشأ الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أواسط جزيرة العرب في مكة المكرمة مع بني قومه نشأ كأحدهم لم تشمله يد التعليم ، ولم يدخل مدرسة لتحصيل الثقافة ولم يخط بيده كتابا ، ولم يتعلم جغرافية ولا حسابا ، ولم يخالط الامم المجاورة خلطة يكتب منهم فنونا من العلم وفروعا من الحكمة والأدب ، ولم يكن يحتفل مع كبار قريش في بلده مكة ، بل يقضي اكثر أيامه في البادية مع رجال القبائل

١٧٣

وخصوصا بني سعد باعتبار أن مرضعته حليمة السعدية ، وكانت له علاقة خاصة بها وبأبنائها اخوته من الرضاعة ، وكان أفصح قريش منطقا وأبسطهم فكرا وأسرعهم تصديقا وأوفاهم بالعهود وأحذرهم من القبائح مصيبا في الرأي قويا في العزيمة أمينا عند كل أحد معتمدا للناس شديد البأس عونا للضعفاء دأبه الجود والانصاف وكله الحياء والعفاف. وهذه المزايا ارتضعها الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ثدي البداوة لأنها تنشأ عليها رجال البادية ، وقد مات ابوه في المدينة وقبره معلوم وقد زرته مرارا عديدة رزقنا الله زيارته أيضا ، وهو حمل في بطن أمه وماتت أمه وله من العمر ست سنوات. وكانت قريش تلقبه باليتيم ، وقد كفلته مرضعته حليمة السعدية بأمر من عبد المطلب جده سيد قريش وأخرجته إلى بني سعد ، وكانت القبيلة المذكورة تتبرك به ويزداد بيت حليمة بركة ورفاهية ، ولم يتم له ثلاث سنوات حتى أحس بخروج أولاد حليمة في البادية لرعي المواشي فكان يتبعهم ويواسيهم ، ثم رجع إلى مكة بعد أن اكمل خمس سنوات ، وكان عبد المطلب يلاحظ جانبه ويقدمه على كبار ولده لما تفرّس فيه من شأن النبوّة ثم نشأ بين ظهراني قريش على أحسن حال من العفة والكرم ورجاحة العقل والشجاعة والحياء والاجتناب عن الذمائم والقبائح والملاهي ، ويأبى عبادة الأصنام والتقرب إليها والاستشفاء بها ومناولة النذور والقرابين واعتاد صدق الحديث وأداء الأمانة حتى لقب بالأمين ، وكانت قريش يلجئون إليه في حل مشاكلهم الاجتماعية ، وقد تشاحوا في نصب الحجر الأسود بعد نبأ البيت حتى كادوا يقتتلون ، فتحاكموا إليه فكشف عنهم الابهام وأزال عنهم الخلاف ، فعمد إلى عباءته ووضع الحجر وسطها ، ثم شرك رجال قريش في حمله فرفع بينهم التحاسد والبغض ، وكان يترأس في صباه على صبيان أهل بني هاشم مكة ، وكان يأتي كل يوم برطب فيقسمه عليهم.

هل كان الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اميا؟

لقد آن لنا أن نتخلص من الاسطورة الرائجة عن أمّية محمد بن عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

١٧٤

فقد درج القوم على إسناد تلك الامية المزعومة إلى أساس مغلوط وهو أنه ورد في القرآن الكريم تسميته (النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ).

(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) الأعراف ١٥٧.

وقد فاتهم أن القرآن أخذ هذه الصفة هنا لا بمعناها اللغوي بل بمعناها الاصطلاحي الذي أشاعه اليهود في مهاجرهم والحجاز فكل من عداهم من الناس اميون أي من الامم الذين لا كتاب لهم منزل ، فالعرب كتابيون واميون.

(وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ) آل عمران : ٣٠.

لذلك فمحمد نبي امي أي من الاميين.

(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ) الجمعة : ٣.

ويظهر من كثير من الأحاديث الواردة أنه كان اميا نسبة الى أمّ القرى وهي مكة وأنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان قادرا على القراءة والكتابة كما كان قادرا على ما يعجز عنه مثله ، ولكنه لم يكتب لمصلحة ، وكان يأمر غيره بقراءة الكتب وكتابة الوحي.

ففي بصائر الدرجات عن الصولي قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليه‌السلام الامام التاسع قلت له يا ابن رسول الله لم سمي النبي الامي؟ قال : ما يقول الناس؟ قلت : يقولون إنما سمي الامي لأنه لم يكتب ، فقال : كذبوا عليهم لعنة الله أنى يكون ذلك والله تعالى يقول في محكم كتابه (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) ، فكيف يعلمهم ما لم يحسن وإنما سمي الامي لأنه كان من مكة ومكة أمّ القرى لقوله تعالى : (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها).

١٧٥

أسماء الذين كانوا يكتبون له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، أبو بكر ، عمر بن الخطاب ، عثمان ابن عفان ، الزبير بن كعب ، زيد بن ثابت ، محمد بن مسلمة ، الأرقم بن أبي الأرقم ، أبان بن سعيد بن العاص ، خالد بن سعيد بن العاص ، ثابت بن قيس ، حنظلة بن الربيع ، خالد بن الوليد ، عبد الله بن الأرقم ، عبد الله بن زيد ، العلاء ابن عتبة ، المغيرة بن شعبة ، ومعاوية بن أبي سفيان كان كاتب خراج.

كلمات أكابر الغربيين والمستشرقين

في حق عظمة نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتعاليمه :

لقد أدرك الغربيون والمستشرقون عظمة نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتعاليمه فاعترفوا له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمحاسن العظمة والكرامة وهذه آراؤهم :

١ ـ فرنسوا فولتر الفرنسي.

قال في كتابه المعروف (محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) :

إن في نفس محمد شيئا عجيبا طريفا رائعا يحمل الإنسان على الإعجاب والتقدير ولعمري أن الرجل وقف وحده يدعو إلى الله ويتحمل الأذى في سبيل هذه الدعوة سنوات عديدة (٢٣ سنة) وأمامه الجموع المشركة تعمل جهدها لمعاكسته وقتل فكرته ، انه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا يستحق كل تقدير وتمجيد.

٢ ـ الدكتور مظهر لوقا.

قال في كتابه (محمد والرسالة والرسول) المطبوع في مصر سنة ١٩٥٩ م : يا رسول الخير والصدق والحق فالناس بخير وحكومتهم ما بقي للحق في قلوبهم مكان وللغيرة على العدل في قلوبهم الكلمة والسلطان.

٣ ـ القس لوازون الفرنسي.

١٧٦

نقلا عن مجلة المقتطف المجلد الرابع العدد السابع.

قال في إحدى محاضراته :

وآخر جميع الأنبياء كما يعتقد المسلمون هو محمد الذي ولد في مكة لعشر ليال مضت من أبريل سنة ٥٧٠ للميلاد وكانت عائلته أشرف عائلة في قريش وهي إحدى القبائل الشهيرة في بلاد العرب وصاحب النسب المرتقى الى اسماعيل ابن ابراهيم الخليل وكان جده متوليا سدانة الكعبة وكانت دار حكومتهم ومعبد ديانة العرب الوثنية ، وتوفي والده عبد الله قبل ولادته وتوفيت أمه وهو ابن ست سنوات ، وكان على أعظم ما يكون من كريم الطباع وشريف الأخلاق ومنتهى الحياء وشدة الإحساس وقد كفله عمه أبو طالب وهو ابن ست سنوات ، وأثناء كفالته بدأت تظهر من محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علامات الذكاء ورجاحة العقل ، فقد مرّ بصبية يلعبون فدعوه الى اللعب معهم فأجابهم إن الإنسان خلق للأعمال الجليلة والمقاصد الشريفة لا للأعمال السافلة والامور الباطلة ، وكان على خلق عظيم وشيم مرضية شفوقا على الأطفال مطبوعا على الإحسان وكان حائزا قوة إدراك عجيبة وذكاء مفرط وعواطف رقيقة شريفة.

٤ ـ السير وليم سويد الانكليزي.

قال في كتابه (سيرة محمد) ص ٣١ :

امتاز محمد بوضوح كلامه ومبرّ دينه وأنه أتم من الأعمال ما أدهش الألباب لم يشهد التاريخ مصلحا أيقظ النفوس وأحيا الأخلاق الحسنة ورفع شأن الفضيلة في زمن قصير كما فعل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٥ ـ الكاتب الشهير دريترس الالماني.

ولد في برلين ١٨٢١ ـ ١٨٨٨ مستشرق ألماني مدرّس العربية له كتب عربية فلسفية قال في مقولات ارسطاطاليس أن علوم الطبيعة والفلك والفلسفة

١٧٧

والرياضيات التي أنعشت اوروبا في القرن العاشر للميلاد مقتبسة من قرآن محمد ، بل إن اوروبا مدينة للاسلام الذي جاء به محمد.

٦ ـ المستر جيبون الكندي.

قال في كتابه (محمد في الشرق) ص ١٧ :

إن دين محمد خال من الشكوك والظنون والقرآن أكبر دليل على وحدانية الله تعالى بعد أن نهى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن عبادة الأصنام والكواكب ، وبالجملة دين محمد أكبر من أن تدرك عقولنا الحالية أسراره ، ومن يتهم محمدا أو دينه فإنما ذلك من سوء التدبير أو بدافع العصبية ، وخير ما في الإنسان أن يكون معتدلا في آرائه ومستقيما في تصرفاته.

٧ ـ بشارة الخوري اللبناني.

صاحب جريدة البيرق يقول :

ان للرسول وهو في عنفوان شبابه من المعجزات ما يقف دونه الفكر صاغرا ولكن له وهو في حداثته ما تصغر عنه عظمة العظيم ويبطل عنده سحر الساحر انه وقد أخرج امة بأسرها من ظلمات الجاهلية الى أضواء المدنية انه وقد أبدل معايب الجاهلية بمحاسن الاسلام انه وقد أبطل وأد البنات وحرّم الزنى ونقى القلوب من العداوات ، والطهر في قلبه والأمل في عينيه والحكمة في شفتيه انه وهو حاكم قريش يوم الفتح ليس بأعظم منه وهو حكمها يوم الرداء وغيّر الجاهلية والوثنية إلى عبادة الله أخرجها من خشونة الجهل إلى نعومة العلم إلى آخر كلامه.

٨ ـ وقال المستشرق الألماني ماكرمنز :

ان الرجل العربي الذي أدرك خطايا المسيحية واليهودية وقام بمهمة لا تخلو من الخطر بين أقوام مشركين يعبدون الأصنام يدعوها الى التوحيد ويزرع فيها أبدية

١٧٨

الروح ليس من حقه أن يعدّ بين صفوف رجال التاريخ العظام فقط بل جدير بنا أن نعترف بنبوته.

٩ ـ وقال المستر جون ريفوتبوت :

هل بالإمكان إنكار فضل محمد الذي قام باصلاحات عظيمة خالدة لبلاده بأن جعل أهلها يعبدون الله ويهجرون عبادة الأصنام ذلك الذي منع قتل الموؤدة وحرّم شرب الخمر والميسر.

١٠ ـ قال المستر بوسورت سميث :

من حسن الحظ الوحيد في التاريخ دون غيره هو أن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أسس في وقت واحد ثلاثة أشياء من عظائم الامور وجليل الأعمال فإنه مؤسس لامة وامبراطورية وديانة.

١١ ـ وقال القس لوازون الفرنسي :

محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلا التباس ولا نكران من النبيين والصدّيقين وهو رسول الله ، بل انه نبي عظيم جليل القدر والشأن ، أمكنه بإرادة الله تكوين الملة الاسلامية وإخراجها من العدم إلى الوجود بما صار أهلها يربو على الثلاثمائة مليون مسلم في أقطار العالم.

١٢ ـ المسيو سيرللو السويسري.

قال في كتابه (تاريخ العرب) ص ٥٨ :

ولقد بلغ محمد من العمر خمسا وعشرين سنة استحق بحسن سيرته واستقامته مع الناس أن يلقب بالأمين ثم استمر على هذه الصفات الحميدة حتى نادى بالرسالة ودعا قومه إليها فعارضوه أشد معارضة ، ولكن سرعان ما لبّوا دعوته وناصروه ، وما زال في قومه يعطف على الصغير ويحنو على الكبير ويفيض عليهم من عمله وأخلاقه.

١٧٩

١٣ ـ ويقول سيزتن الاسوجي.

في تاريخ حياة محمد اذا أنكرنا ما هو عليه من عظيم الصفات وحميد المزايا فلقد خاض محمد معركة الحياة الصحيحة في وجه الجهل والهمجية مصرا على مبدئه وما زال يحارب الطغاة حتى انتهى به المطاف الى النصر المبين فأصبحت شريعته أكمل الشرائع وهو فوق عظماء التاريخ.

١٤ ـ السير بولير الانكليزي.

قال في كتابه (تاريخ محمد) ص ٢٠ :

إن محمدا نبي المسلمين لقب بالأمين منذ الصغر بإجماع أهل بلده لشرف أخلاقه وحسن سلوكه ، ومهما يكن هناك من أمر فإن محمدا أسمى من أن ينتهي إليه الواصف ولا يعرفه من جهله ، وخبير به من أنعم النظر في تاريخه المجيد ذلك التاريخ الذي ترك محمدا في طليعة الرسل ومفكري العالم.

١٥ ـ ويغان سكيم الفرنسي ولد في بروكسل عام ١٨٦٧ م ، له مذكرات قيمة في حفلة ميلاد الرسول الأعظم.

في ١٩٢٥ ألقى خطابا في بيروت :

مهما احتفل المسلمون بعيد ميلاد محمد عليه‌السلام فهو قليل لأنه جاءهم بدين هو فوق الأديان وهو في نفسه كبير وفي أخلاقه عظيم وفي شريعته سيد الأنبياء فعلى المنصفين أن يحتفلوا بذكرى عظماء التاريخ وفي طليعتهم محمد الرسول والقائد الأعلى لتحقيق شريعة الله على الأرض وتركيزها في صدور الناس.

١٦ ـ المسيو سفيتردى ساس الفرنسي.

له مؤلفات في الشئون الشرقية ولد في بلدة سيلوم ١٧٥٠ م قال :

لست أرى بدا من القرآن بأن الإسلام جامع مانع وفيه التعاليم الحيوية كيف لا وبانيه محمد بن عبد الله عليه‌السلام المفكر العظيم والفيلسوف الكبير ودينه صالح

١٨٠