عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ١

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني

عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ١

المؤلف:

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٣
الصفحات: ٣١١

(الاول) أن الامام يجب ان يكون معصوما لما تقدم ، ولا احد ممن ادعي له الامامة غير علي (ع) بمعصوم اتفاقا ، فلا أحد غير علي بامام ، والمقدمة الأولى برهانية كما تقدم والثانية اجماعية.

(الثاني) إن الامام يجب أن يكون منصوصا عليه أو مظهرا للمعجز لما تقدم من بطلان الاختيار وادائه الى التنازع والتشاجر واعظم انواع الفساد ، وغير علي لم يكن كذلك اتفاقا ، فتعين أن يكون هو الإمام.

(الثالث) ان الإمام يجب أن يكون حافظا للشرع عالما بجميع احكام الله تعالى المودعة في كتابه ، لانقطاع الوحي بموت النبي (ص) وقصور ما يفهمه الناس من الكتاب والسنة عن جميع الأحكام ، فلا بد من امام منصوب من الله تعالى عالم بجميع احكام الله تعالى منزه عن الزلل في الاعتقاد والقول والعمل ، وغير علي لم يكن كذلك اجماعا ، فتعين أن يكون هو الإمام.

(الرابع) ان الامام يجب ان يكون افضل من جميع الرعية لما تقدم من العقل والنقل ، وعلي افضل من الجميع لما يأتي ، فتعين أن يكون هو الإمام.

(الخامس) أن شرط الامام أن لا تسبق منه معصية على نحو ما تقدم ، وغير علي قبل الاسلام كانوا يعبدون الأصنام اتفاقا فلا يكونون أئمة ، فتعين أن يكون (ع) هو الامام ، لقوله تعالى (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).

(السادس) أن الإمامة رئاسة عامة وإنما تستحق بأوصاف الزهد والعلم والعبادة والشجاعة والإيمان كما تقدم تحقيقه ، والجامع لهذه الصفات على الوجه الاكمل الذي لم يلحقه غيره هو علي (ع) فيكون هو الإمام.

(الآيات القرآنية الدالة على إمامة علي بواسطة

تفسير المفسرين)

(الأولى) قوله تعالى (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) فقد اتفق المفسرون والمحدثون من العامة

٨١

والخاصة انها نزلت في علي (ع) لما تصدق بخاتمه على المسكين في الصلاة بمحضر من الصحابة ، وهو مذكور في الصحاح الستة ، وممن روى نزول الآية في علي من المخالفين السيوطي بأسانيد كثيرة في الدر المنثور ج ٢ ص ٢٩٣ ، والفخر الرازي في تفسيره بسندين ج ٣ ص ٦١٨ ، والزمخشري في تفسيره ج ١ ص ٢٦٤ والبيضاوي في تفسيره ص ١٥٤ ، والنيشابوري في تفسيره ج ٢ ص ٢٨ ، وانظر مجمع البيان للطبرسي ج ٦ ص ١٦٥ ، ونور الابصار للشبلنجي ص ٦٩ ، وكنز العمال ج ٦ ص ٣٩١. وابن البتيع والواحدي والسماني والبيهقي والنشري وصاحب المشكاة ومؤلف المصباح والسدي ومجاهد والحسن البصري والأعمش وعتبة بن أبي حكيم وغالب بن عبد الله وقيس بن الربيع وعباية بن ربعي وابن عباس ، ورواها ابو ذر الغفاري وجابر بن عبد الله الانصاري ، ونظمها شاعر رسول الله (ص) حسان بن ثابت وغيره من الشعراء.

(ووجه الاستدلال) أن (إِنَّما) للحصر باتفاق اهل اللّغة ، «والولي» بمعنى الأولى بالتصرف المرادف للامام الخليفة ، وهو معنى مشهور عند اهل اللغة والشرع كقوله (ص) «أي امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل» وقولهم «السلطان ولي الرعية» و«فلان ولي الميت» ، وهذه الكلمة وإن استعملت في اللغة بمعنى الناصر والمحب إلا انهما لا يناسبان المقام ، لأن المحب والناصر غير منحصرين فيمن ذكر في الآية بل عامان لجميع المؤمنين ، كما قال تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) ولفظ الجمع إما للتعظيم أو لشمول سائر الائمة الطاهرين.

(الثانية) قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) ووجه الاستدلال : أن المراد بوجوب الكون مع الصادقين مشايعتهم في أقوالهم وأفعالهم لا الاجتماع معهم في الأبد ان لاستحالة ذلك وعدم فائدته ، والخطاب جار في جميع المؤمنين في سائر الأزمنة والامكنة ، فلا بد في كل زمان من صادق يجب اتباعه ، وليس المراد بالصادق صادقا ما وإلا لزم وجوب متابعة كل

٨٢

من صدق مرة وهو باطل اجماعا ، بل الصادق في جميع اقواله وأفعاله وهو المعصوم فيلزم وجوب وجود المعصوم في كل زمان ووجوب متابعته وليس غير علي واولاده اتفاقا ، فثبت إمامتهم. على أنه قد روى العامة كالسيوطي في الدر المنثور ج ٣ ص ٢٩٠ والثعلبي عن ابن عباس أن المراد بالصادقين في الآية الصادقين من آل محمد وعن علي (ع) ان الصادقين عترة رسول الله (ص). وعن جعفر بن محمد (ع) أن الصادقين آل محمد (ص).

(الثالثة) قوله تعالى (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ* لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ) روى الثعلبي الذي هو من قدوة مفسري المخالفين في شأن نزلوها (انظر هامش ج ٨ تفسير الفخر الرازي لأبي السعود ص ٢٩٢ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٣٠٢ ونور الابصار ص ٦٩) أنه لما كان النبي (ص) بغدير خم نادى الناس فاجتمعوا فأخذ بيد علي (ع) فقال «من كنت مولاه فعلي مولاه» فشاع ذلك وطار في البلاد فبلغ الحارث بن النعمان الفهري فأتى نحو النبي (ص) على ناقته حتى الأبطح فنزل عن ناقته فأناخها وعقلها ، ثم أتى النبي (ص) وهو في ملأ من اصحابه فقال : يا محمد امرتنا من الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وانك رسول الله ففعلناه ، وأمرتنا أن نصلى خمسا فقبلنا ، وامرتنا أن نصوم شهر رمضان فقبلنا ، وأمرتنا ان نحج البيت فقبلنا ، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك وفضلته علينا وقلت «من كنت مولاه فعلي مولاه» وهذا الشيء منك أم من الله؟ فقال النبي (ص) : والذي لا إله إلا هو من الله. فولى الحارث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول «اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء ، أو أتنا بعذاب أليم» فما وصل إليها حتى رماه بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله ، وانزل الله تعالى (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ* لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ* مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ).

(الرابعة) قوله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي

٨٣

وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) فقد روى العامة (انظر الدر المنثور للسيوطي ج ٢ ص ٢٥٩) ومنهم ابو نعيم الاصفهانى عن أبي سعيد الخدري : أن النبي (ص) لما أخذ بضبعي علي (ع) يوم الغدير لم يتفرق الناس حتى نزلت هذه الآية ، فقال (ص) الله اكبر على اكمال الدين واتمام النعمة ورضاء الرب برسالتي وبالولاية لعلي (ع) من بعدي. ثم قال (ص) : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله.

(الخامسة) قوله تعالى (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فقد روى المخالف (١) والمؤالف بأسانيد عديدة وطرق شتى أنها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ، وفي هذه الآية دلالة على عصمتهم من جميع الأرجاس والمعاصي مع التأكيد بلفظة إنما وادخال اللام في الخبر واختصاص الخطاب والتكرير بقوله تعالى «يطهر» والتأكيد بقوله تعالى (تَطْهِيراً) وغيرهم ليس بمعصوم اتفاقا فتكون الإمامة فيهم ، ولأن امير المؤمنين (ع) قد ادعى الخلافة في مواضع ، ومنها قوله (ع) في خطبته الشقشقية التى رواها العامة والخاصة «اما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة وآله ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى» وقد ثبت نفي الرجس عنه عليه‌السلام فيكون صادقا.

(السادسة) قوله تعالى (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) وقد روى

__________________

(١) انظر تفسير الفخر ج ٦ ص ٧٨٣ ، والدر المنثور ج ٥ ص ١٩٩ ، والنيشابوري ج ٣ في تفسير سورة الاحزاب ، وصحيح مسلم ج ٢ ص ٣٣١ ، والشرف المؤبد ص ١٠ ، ومصابيح السنة ج ٢ ص ٢٠٠ ذكره احتمالا ، والخصائص الكبرى ج ٢ ص ٢٦٤ ، والاتحاف ص ١٨ ، واسعاف الراغبين حاشية نور الابصار ص ٨٢ ، واصابة ابن حجر ج ٤ ص ٢٠٧.

٨٤

العامة (١) والخاصة بطرق عديدة عن النبي (ص) انه قال : أنا المنذر وعلي الهادي وبك يا علي يهتدي المهتدون. فيكون إماما لقوله تعالى (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) وفيها أيضا دلالة على احقية مذهب الامامية من عدم خلو الزمان من حجة هاد.

(السابعة) آية المباهلة ، وهي قوله تعالى (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) فقد روى الجمهور بطرق مستفيضة (٢) إن هذه الآية نزلت في اهل البيت عليهم‌السلام ، وان ابناءنا اشارة الى الحسن والحسين ونساءنا إلى فاطمة وانفسنا إلى علي ، فهي تدل على ثبوت الإمامة لعلي (ع) حيث جعله الله تعالى نفس رسول الله (ص) والاتحاد محال فتعين المساواة في الولاية العامة الا النبوة.

(الثامنة) قوله تعالى (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) فقد روى العامة (٣) بأسانيد عديدة عن ابن عباس وابي سعيد الخدرى انهم مسئولون عن ولاية علي عليه‌السلام.

__________________

(١) تفسير روح البيان للشيخ اسماعيل الحقي البروسى ج ٣ ص ٢٣٠ ، والدر المنثور ج ٤ ص ٤٥ ، وتفسير الفخر ج ٥ ص ٢٧٢ ، والنيشابوري ج ٢ ص ٣٦٧ ، ومنتخب كنز العمال ج ٥ ص ٣٩ ، وينابيع المودة ج ١ ص ٩٩ ونور الابصار للشبلنجي ص ٦٩.

(٢) انظر الدر المنثور ج ٢ ص ٣٩ ، وتفسير الجلالين ج ١ ص ٣٥ وتفسير روح البيان ج ١ ص ٤٥٧ ، وتفسير الكشاف ج ١ ص ١٤٩ ، وتفسير الرازي ج ٢ ص ٦٩٩ ، وتفسير البيضاوي ص ٧٦ ، وتاريخ الخلفاء لجلال الدين السيوطي ص ٦٥ ، ومصابيح السنة للبغوي ج ٢ ص ٢٠١ ، وصواعق ابن حجر ص ٩٣.

(٣) انظر صواعق ابن حجر ص ٨٩ ، وينابيع المودة ج ١ ص ١١٢.

٨٥

(التاسعة) قوله تعالى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) روى الجمهور في الصحيحين واحمد بن حنبل في مسنده والثعلبي في تفسيره (١) عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية قالوا : يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال (ص) : علي وفاطمة وابناهما. ووجوب المودة يستلزم وجوب الإطاعة ، لأن المودة إنما تجب مع العصمة ، إذ مع وقوع الخطأ منهم يجب ترك مودتهم كما قال تعالى (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ) وغيرهم عليهم‌السلام ليس بمعصوم اتفاقا ، فثبت مودة علي وولده. وقد روى في الصواعق المحرقة في الباب العاشر عن ابن ادريس الشافعي شعرا في وجوب مودة من ذكرناهم آنفا :

يا أهل بيت رسول الله حبكم

فرض من الله في القرآن انزله

كفاكم من عظيم القدر انكم

من لا يصلي عليكم لا صلاة له

(العاشر) قوله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) فروى الفخر والنيسابوري والثعلبى (٢) أنها نزلت في علي (ع) لما هرب النبي (ص) من المشركين إلى الغار خلفه لقضاء ديونه ورد ودائعه ، فبات على فراشه وأحاط المشركون بالدار فأوحى الله إلى جبرائيل وميكائيل أني قد آخيت بينكما وجعلت عمر احد كما أطول من عمر الآخر فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة ، فاختار كل منهما الحياة ، فأوحى الله إليهما ألا كنتما مثل علي بن أبي طالب (ع) آخيت بينه

__________________

(١) انظر الدر المنثور ج ٦ ص ٧ ، وهامش الفخر لابي السعود ج ٧ ص ٤٠١ ، وتفسير الفخر ج ٧ ص ٤٠٦ ، وتفسير الكشاف ج ٢ ص ٣٣٩ وتفسير النيشابوري ج ٣ سورة الشورى ، وتفسير البيضاوي ص ٦٤٢ ، ونور الأبصار للشبلنجي ص ١٠٠ وص ٩٩ ، واسعاف الراغبين بهامشه ص ٨١.

(٢) انظر الفخر ج ٢ ص ٢٨٣ ، والنيشابوري ج ١ ص ٢٢٠ ، وشرح النهج الحديدي ج ٣ ص ٢٧٠.

٨٦

وبين رسول الله (ص) فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثر بالحياة ، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه ، فنزلا وكان جبرائيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه فقال جبرائيل : بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة.

(الحادية عشرة) قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) روى الجمهور ومنهم الإمام الرازي والنيشابوري (١) انها نزلت في امير المؤمنين (ع) ، والود المحبّة في قلوب المؤمنين ، وفي الصواعق المحرقة (ص ١٠٣ ط مصر سنة ٣٢٤) قال : في رواية صحيحة عن النبي (ص) قال : ما بال أقوام يتحدثون فاذا رأوا الرجل من أهل بيتى قطعوا حديثهم ، والله لا يدخل قلب رجل الايمان حتى يحبهم الله ولقرابتهم مني. ومن يوقع الله محبته في قلوب المؤمنين ويذكر ذلك في مقام الامتنان لا بد أن يكون معصوما لما تقدم.

(الثانية عشرة) سورة «هل أتى» فقد روى جمهور (٢) علماء المسلمين أن الحسن والحسين مرضا فعادهما رسول الله (ص) وعامة العرب (يعني أهل المدينة) فنذر علي صوم ثلاثة أيام وكذا امهما فاطمة الزهراء صلوات الله عليها وخادمتهما فضة لئن برئا ، فبرئا وليس عند آل محمد قليل ولا كثير ، فاستقرض امير المؤمنين (ع) ثلاثة اصوع من شعير وطحنت فاطمة الزهراء عليها‌السلام منها صاعا فخبزته خمسة أقراص لكل واحد قرص وصلى علي (ع) المغرب ، فلما أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه للافطار أتاهم مسكين وسألهم فأعطاه كل منهم قوته ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا شيئا ، ثم صاموا اليوم

__________________

(١) انظر الدر المنثور ج ٤ ص ٢٨٧ ، والنيشابوري ج ٢ سورة مريم ، والفتوحات الاسلامية ج ٢ ص ٣٤٢ ، وصواعق ابن حجر ص ١٠٢ ، واسعاف الراغبين بهامش نور الابصار ص ٨٥.

(٢) انظر روح البيان ج ٦ ص ٥٤٦ ، وتفسير الفخر ج ٨ ص ٣٩٢ ، والنيشابوري ج ٣ سورة الدهر ، وينابيع المودة ج ١ ص ٩٣ وص ٩٤.

٨٧

الثاني فخبزت فاطمة عليها‌السلام صاعا فلما قدم بين ايديهم للافطار أتاهم يتيم وسألهم القوت فأعطاه كل واحد منهم قوته ، فلما كان اليوم الثالث من صومهم وقدم الطعام أتاهم أسير وسألهم القوت فأعطاه كل واحد منهم قوته ولم يذوقوا في الأيام الثلاثة سوى الماء ، فرآهم النبي (ص) في اليوم الرابع وهم يرتعشون من الجوع وفاطمة (ع) قد التصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها ، فقال : وا غوثاه يا الله اهل بيت محمد يموتون جوعا. فهبط جبرائيل (ع).

(الثالثة عشرة) قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) روى (١) الجمهور ومنهم الفضل بن روزبهان عن أبي هريرة قال : مكتوب على العرش «لا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد عبدي ورسولي ايدته بعلي بن أبي طالب» وهذه الفضيلة المكتوبة على العرش الأعظم في ازل الأزل يحيل العقل والنقل أن يكون صاحبها متبعا ورعية لمن صرف اكثر عمره في عبادة الأصنام.

(الرابعة عشرة) قوله تعالى (وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) فقد روى (٢) الجمهور أن المراد بصالح المؤمنين امير المؤمنين (ع) وان الخطاب لعائشة وحفصة. وتقريب الاستدلال ما تقدم.

ولو قصدنا جمع كل الآيات الواردة في علي وأهل بيته عليهم‌السلام مما يدل على أولويته بالخلافة والامامة وافضليته لخرجنا عن المقصود ، بل القرآن كله في شأن علي نزل تأويلا ، وفيما ذكرناه كفاية ومن اراد استقصاء ذلك فعليه بمطالعة كتب العلامة وآية الله في العالمين حسن بن يوسف بن المطهر الحلي.

الروايات المروية من طرق الجمهور في إمامة علي (ع)

(الأول) ما روى العامة بأسرهم ومنهم ابن ماجة القزويني في صحيحه في باب فضائل اصحاب رسول الله ص ١٢ ، روى بسنده عن البراء بن عازب

__________________

(١) انظر الدر المنثور ج ٣ ص ١٩٩ ، وينابيع المودة ج ١ ص ٢٨.

(٢) انظر الدر المنثور ج ٦ ص ٢٤٤ ، وينابيع المودة ج ١ ص ٩٣.

٨٨

قال : أقبلنا مع رسول الله (ص) في حجته التي حج ، فنزل في بعض الطريق فأمر الصلاة جامعة ، فأخذ بيد علي (ع) فقال : ألست أولى بالمؤمنين من انفسهم؟ قالوا : بلى. قال : ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا : بلى قال : فهذا ولي من أنا مولاه ، اللهم وال من والاه ، اللهم عاد من عاداه.

ورواه احمد بن حنبل أيضا في مسنده ج ٤ ص ٢٨١ ، وهذا لفظه : قال البراء كنا مع رسول الله (ص) في سفر ، فنزلنا بغدير خم فنودى فينا الصلاة جامعة ، وكسح لرسول الله (ص) تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي عليه‌السلام فقال : ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من انفسهم؟ قالوا : بلى. قال : ألستم تعلمون أنى أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا : بلى. قال : فأخذ بيد علي (ع) فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال البراء : فلقيه عمر بعد ذلك فقال له : هنيئا لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.

وفي صحيح ابن ماجة أيضا في باب فضائل اصحاب رسول الله ص ١٢ : روى بسنده عن ابن سابط وهو عبد الرحمن عن سعد بن أبي وقاص (فاتح مدائن كسرى) قال: قدم معاوية في بعض حجاته ، فدخل عليه سعد فذكروا عليا فنال منه ، فغضب سعد وقال: تقول هذا لرجل سمعت رسول الله (ص) يقول «من كنت مولاه فعلي مولاه» وسمعته يقول «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» وسمعته يقول «لأعطين الراية اليوم رجلا يحب الله ورسوله» أقول : ورواه النسائي أيضا في خصائصه ص ٤ باختلاف في اللفظ ، قال بعد ما ساق السند إلى عبد الرحمن بن سابط عن سعد بن أبي وقاص قال : كنت جالسا فتنقصوا علي بن ابي طالب (ع) فقلت : لقد سمعت رسول الله (ص) يقول في علي خصالا ثلاثة لأن يكون لي واحدة منها أحب إلي من حمر النعم ، سمعته يقول «إنه مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي» وسمعته يقول

٨٩

«لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله» وسمعته يقول «من كنت مولاه فعلي مولاه».

مستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٠٩ روى بسنده عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم قال : لما رجع رسول الله (ص) من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن (أي المراكب) فقال : كأني دعيت فأجبت ، اني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما اكبر من الآخر كتاب الله تعالى وعترتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما فانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال : إن الله عزوجل مولاي وأنا مولى كل مؤمن ، ثم اخذ بيد علي فقال : من كنت مولاه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

حديث الغدير

الذي رواه جمهور العامة منهم الصواعق لابن حجر في الشبهة الحادية عشرة ص ٢٥ ، وكنز العمال ج ٦ ص ٣٩٠ وص ٣٩٧ وص ٤٠٣ وص ٤٠٧ ومسند احمد ج ١ في علي ص ١١٩ وج ٤ منه ص ٣٧٠ و٣٧٢ و٣٨١ ، وخصائص النسائي ص ١٥ و١٨ ، والمواقف وشرحها ، وشرح التجريد للقوشجي ، والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٣ و٣٠٢ ، والدر المنثور للسيوطي ج ٢ ص ٢٥٩ ، ونور الابصار ص ٦٩ ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٦٥ ، والعقد الفريد ج ٢ ص ١٩٤ ، والاستيعاب لابن عبد البر ج ٢ ص ٤٧٣ في ترجمة امير المؤمنين (ع) ، وانظر المحاضرات للراغب ج ٢ ص ٢١٣ ، ودائرة المعارف لفريد وجدي في احوال عمر.

بل في الموسوعة ص ٣١٤ : إن من أدلة الشيعة الامامية على نص النبي (ص) على إمامة علي بالاسم حديث (غدير خم) المشهور الذي رواه ١٢٠ صحابيا و٨٤ تابعيا ، وتجاوز طبقات رواته من أئمة الحديث عن ٣٦٠ راويا ، وبلغ المؤلفون في حديث الغدير من السنة والشيعة ٣٦ مؤلفا ، بل هذا الحديث متواتر بين علماء

٩٠

العامة فضلا عن الخاصة.

وخلاصته : لما انزل في حجة الوداع قوله تعالى (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) وكان النبي (ص) في غدير خم وقت القيلولة في شدة الحر بحيث لو وضع اللحم على الأرض لشوى ، فأمر باجتماع الناس وعمل له منبر من احجار (او من الحدوج) كما قال الحكيم الاصفهاني في ارجوزته «واتخذوا من الحدوج منبرا» فقام (ص) خطيبا ثم قال : ايها الناس ألست أولى بكم من انفسكم؟ قالوا : بلى يا رسول الله فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله. فقال عمر : بخ بخ لك يا علي اصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ثم نزل بعد ذلك قوله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) فقال النبي : الحمد لله على اكمال الدين واتمام النعمة.

(الثاني) كنز العمال ج ٦ ص ٣٩٥ عن ابن عباس : قال عمر بن الخطاب : كفوا عن ذكر علي بن أبي طالب فاني سمعت رسول الله (ص) يقول في علي ثلاث خصال لأن يكون لي واحدة منهن أحب الي مما طلعت عليه الشمس كنت أنا وابو بكر وابو عبيدة الجراح ونفر من اصحاب رسول الله والنبي (ص) متكئ على علي بن ابي طالب حتى ضرب بيده على منكبه ثم قال «أنت يا علي اوّل المؤمنين ايمانا واولهم إسلاما» ثم قال «أنت مني بمنزلة هارون من موسى وكذب علي من زعم أنه يحبني ويبغضك».

(الثالث) ما رواه ابن ابي الحديد ج ٢ ص ٥٠ عن مسند احمد وكتاب الفردوس وتذكرة الخواص ص ٢٨ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كنت أنا وعلي بن ابي طالب نورا بين يدى الله قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر الف عام ، فلما خلق الله تعالى آدم قسم ذلك النور جز أين فجزء أنا وجزء علي.

٩١

وفي حديث آخر رواه ابن المغازلي الشافعي : فلما خلق الله نور آدم وكتب ذلك النور في صلبه فلم يزل في نبي واحد حتى افترقئا في صلب عبد المطلب ففيّ النبوة وفي علي الخلافة. وفي خبر رواه ابن المغازلي عن جابر وفي آخره : حتى قسمها جز أين جزء في صلب عبد الله وجزء في صلب ابى طالب فاخرجني نبيا واخرج عليا وصيا.

(الرابع) روى احمد بن حنبل في مسنده انه لما نزل قوله تعالى (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) جمع النبي (ص) من اهل بيته ثلاثين نفرا فأكلوا وشربوا ثلاثا ، ثم قال لهم : من يضمن عني ديني ومواعيدي ويكون خليفتي ويكون معي في الجنة؟ فقال : علي أنا. فقال (ص) أنت مني بمنزلة هارون من موسى.

ورواه الثعلبي في تفسيره بعد ثلاث مرات في كل مرة يسكت القوم غير على انظر مسند احمد ج ١ ص ١١١ ، وكنز العمال ج ٦ ص ٣٩٧ ، وتاريخ الطبري ج ٢ ص ٢١٧ ، وكامل ابن الأثير ج ٢ ص ٢ و٢٤ ، وشرح النهج ج ٣ ص ٢٦٣ (الخامس) روى العلامة في نهج الحق وأقره فضل بن روزبهان على ذلك عن مسند ابن حنبل عن سلمان انه قال لرسول الله : ومن وصيك؟ قال : يا سلمان من كان وصي أخي موسى. قال : يوشع بن نون. قال : فان وصيى ووارثي يقضي ديني وينجز موعدي على بن ابي طالب.

واقول : احاديث الوصية كثيرة جدا بل هي متواترة عند القوم معنى ، وقد ذكر في الباب الخامس عشر وغيره من ينابيع المودة أحاديث جمة منها عن مسند احمد. وكتب ابن ابي الحديد ثلاث صحائف في اوائل الجزء الأول من الشعر المقول في صدر الاسلام من وجوههم يتضمن بيان الوصية لأمير المؤمنين (ع) (السادس) ما رواه العلامة أيضا عن كتاب ابن المغازلي الشافعي وأقره الناصب عليه باسناده عن رسول الله (ص) انه قال : لكل نبي وصي ووارث ، وأن وصي ووارثي علي بن أبي طالب (ع).

٩٢

(السابع) روى العلامة عن مسند ابن حنبل وعن الجمع بين الصحاح الستة وأقره فضل بن روزبهان أن رسول الله (ص) بعث براءة مع أبي بكر إلى اهل مكة ، فلما بلغ ذا الحليفة بعث إليه عليا (ع) فرده ، فرجع ابو بكر إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله أنزل في شيء؟ قال : لا ولكن جبرائيل جاءني وقال : لا يؤدي عنك إلا أنت او رجل منك.

(الثامن) روى العلامة بطرق عديدة ، عن صحيح مسلم وصحيح البخارى وصحيح الترمذي وغيرها حتى اعترف اكابر اهل السنة كابن حجر وغيره بصحة ما روى ، وهو حديث المنزلة ، وهو قوله (ص) لعلي «أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي».

(التاسع) صحيح الترمذي ج ٢ ص ٢٩٧ : روى بسنده عن عمران بن حصين قال : بعث رسول الله (ص) جيشا واستعمل عليهم علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فمضى في السرية فأصاب جارية فأنكروا عليه ، وتعاقد أربعة من اصحاب رسول الله (ص) فقالوا : إذا لقينا رسول الله (ص) اخبرناه بما صنع وكان المسلمون إذا رجعوا من السفر بدءوا برسول الله فسلموا عليه ثم انصرفوا إلى رحالهم ، فلما قدمت السرية سلموا على النبي (ص) فقام احد الأربعة فقال : يا رسول الله (ص) ألم تر إلى علي بن أبي طالب صنع كذا وكذا ، فأعرض عنه رسول الله (ص) ، ثم قام الثاني فقال مثل مقالته فاعرض عنه ، ثم قام الثالث فقال مثل مقالته فأعرض عنه ، ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا ، فأقبل رسول الله (ص) والغضب يعرف في وجهه فقال : ما تريدون من علي ـ ثلاث مرات ـ إن عليا مني وانا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي.

(اقول) ورواه أحمد بن حنبل أيضا في مسنده ج ٤ ص ٢٣٧ باختلاف يسير في اللفظ ، وقال فيه : فقال دعوا عليا دعوا عليا ، إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي. ورواه داود الطيالسي واحمد بن حنبل وصاحب مجمع

٩٣

الزوائد وتاريخ بغداد وكنز العمال والطبرانى والرياض وغير ذلك من كبار علماء الجمهور.

(العاشر) ذكر المحب الطبري في الرياض النضرة ج ١ ص ١٥٢ جملة من الأحاديث التي قد تمسك بها الشيعة لخلافة علي عليه‌السلام بعد رسول الله (ص) بلا فصل ، فذكر حديث المنزلة وحديث الغدير ثم قال : ومنها ـ وهو اقواها سندا ومتنا ـ حديث عمران بن حصين «إن عليا مني وأنا منه ، وهو ولي كل مؤمن بعدي».

(الحادي عشر) صحيح البخاري في كتاب الأحكام روى بسنده عن جابر بن سمرة قال : سمعت النبي (ص) يقول : يكون اثنا عشر اميرا ، فقال كلمة لم اسمعها ، فقال أبي إنه قال : كلهم من قريش. اقول : ورواه احمد بن حنبل أيضا في مسنده ج ٥ ص ٩٠ و٩٢ بطريقين.

وصحيح مسلم في كتاب الامارة في باب «الناس تبع لقريش» روى بسندين عن جابر بن سمرة قال : دخلت مع ابي على النبي (ص) فسمعته يقول : ان هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضى فيهم اثنا عشر خليفة. قال ثم تكلم بكلام خفى علي قال فقلت لأبي ما قال؟ فقال قال كلهم من قريش.

وصحيح مسلم في كتاب الإمارة في باب «الناس تبع لقريش» روى بسندين عن عامر بن سعد عن جابر بن سمرة قال : سمعت رسول الله (ص) يوم جمعة عشية رجم الأسلمي يقول : لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة او يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش.

وصحيح الترمذي ج ٢ ص ٣٥ روى بسندين عن جابر بن سمرة قال رسول الله (ص) : يكون من بعدي اثنا عشر اميرا. قال ثم تكلم بشيء لم أفهمه فسألت الذي يليني فقال : قال (ص) كلهم من قريش.

المستدرك ج ٤ ص ٥٠١ روى بسنده عن مسروق قال : كنا جلوسا ليلة

٩٤

عند عبد الله يقرئنا القرآن ، فسأله رجل فقال : يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله كم يملك هذه الأمة من خليفة؟ فقال عبد الله : ما سألنى عن هذا احد منذ قدمت العراق قبلك. قال : سألناه فقال اثنا عشر عدة نقباء بني اسرائيل.

اقول : ورواه احمد بن حنبل أيضا في مسنده في الجزء الأول ، وذكره صاحب كنز العمال ج ٣ ص ٢٠٥ ، ولفظه «إن عدة الخلفاء بعدي عدة نقباء موسى» ، وذكر أيضا الطبرانى وابو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء ج ٤ صفحة ٣٣٣.

ومسند احمد بن حنبل ج ٥ ص ٨٦ روى بسنده عن جابر ابن سمرة قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يزال الدين قائما حتى يكون اثنا عشر خليفة من قريش ـ الحديث.

وأيضا مسند الامام أحمد بن حنبل ج ٥ ص ٩٢ روى بسنده عن جابر بن سمرة قال: يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش ـ الحديث.

وكنز العمال ج ٦ ص ٣٠٩ ولفظه : يكون لهذه الأمة اثنا عشر خليفة قيما لا يضرهم من خذلهم كلهم من قريش.

(الثانى عشر) صحيح الترمذي ج ٢ ص ٢٩٩ روى بسنده عن ابن عمر قال : آخى رسول الله (ص) بين اصحابه ، فجاء علي (ع) تدمع عيناه فقال : يا رسول الله (ص) آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد. فقال له رسول الله (ص) : انت اخي في الدنيا والآخرة. أقول : ورواه الحاكم أيضا ج ٣ ص ١٤ ، وذكر المناوى أيضا في كنوز الحقائق مختصرا ، ولفظه : علي أخي في الدنيا والآخرة.

صحيح ابن ماجة ص ١٢ روى بسنده عن عباد بن عبد الله عن علي (ع) قال : قال علي (ع) أنا عبد الله وأخو رسوله ، وأنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي الا كذاب ، صليت قبل الناس بسبع سنين.

٩٥

مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ١٤ روى بسنده عن ابن عمر قال : إن رسول الله (ص) آخى بين اصحابه فآخى بين ابى بكر وعمر وبين طلحة والزبير وبين عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف ، فقال علي (ع) : يا رسول الله انك قد آخيت بين اصحابك فمن أخي؟ قال رسول الله (ص) : أما ترضى يا علي أن اكون اخاك. قال ابن عمر : وكان علي جلدا شجاعا ، فقال علي (ع) : بلى يا رسول الله. فقال رسول الله : أنت أخي في الدنيا والآخرة.

(الثالث عشر) ما رواه العلامة عن مسند ابن حنبل قال : قال رسول الله : النجوم أمان لأهل السماء فاذا ذهبت ذهبوا ، واهل بيتى أمان لأهل الارض فاذا ذهب اهل بيتي ذهب اهل الأرض. ورواه صدر الأئمة موفق بن احمد المكي. وفي مسند احمد قال رسول الله: اللهم اني اقول كما قال أخي موسى «اجعل لي وزيرا من أهلي عليا أخي اشدد به ازرى واشركه في امري».

(الرابع عشر) ما رواه احمد بن حنبل في مسنده من عدة طرق ، وعن الجمع بين الصحاح الستة عن أمّ سلمة قالت : كان رسول الله (ص) في بيتي فأتت فاطمة فقال : ادعى زوجك وابنيك ، فجاء علي وفاطمة والحسن والحسين وكان تحته كساء خيبري ، فأنزل الله تعالى (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فأخذ فضل الكساء وكساهم به ثم اخرج يده فأومى بها إلى السماء وقال : هؤلاء اهل بيتي وخاصتي ، اللهم فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، فأدخلت راسى البيت وقلت : وأنا معكم يا رسول الله. قال : انك إلى خير انك الى خير. وقد روى نحو المعنى من صحيح ابن داود وموطأ مالك وصحيح مسلم في عدة مواضع وعدة طرق.

(الخامس عشر) مسند الامام احمد بن حنبل ج ٦ ص ٣٧٣ : روى بسنده عن مسهر بن حوشب عن أمّ سلمة ان رسول الله (ص) قال لفاطمة : آتيني بزوجك وابنيك ، فجاءت بهم فألقى عليهم كساء فدكيا ثم وضع يده عليهم ثم قال :

٩٦

اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد إنك حميد مجيد. قالت أم سلمة : فرفعت الكساء لأدخل معهم ، فجذبه من يدي وقال : إنك على خير.

اقول : ذكره الطحاوي أيضا في مشكل الآثار ج ١ ص ٣٣٤ ، ورواه المتقي الهندي أيضا في كنز العمال ج ٧ ص ١٠٣ ، وذكره السيوطي أيضا في الدر المنثور في تفسير آية التطهير من سورة الأحزاب.

المستدرك للحاكم ج ٣ ص ١٠٧ روى بسنده عن عامر بن سعد يقول : قال معاوية لسعد بن أبي وقاص : ما يمنعك أن تسب ابن أبي طالب؟ قال : فقال لا أسب ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله (ص) لئن تكون لي واحدة منهن احب إلي من حمر النعم. قال له معاوية : ما هن يا أبا اسحاق؟ قال : لا أسبه ما ذكرت حين نزل عليه الوحي فأخذ عليا وابنيه وفاطمة فأدخلهم تحت ثوبه ثم قال : رب إن هؤلاء أهل بيتي ، ولا أسبه ما ذكرت حين خلفه في غزوة تبوك غزاها رسول الله (ص) فقال له علي : خلفتني مع الصبيان والنساء؟ قال : ألا ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي ، ولا أسبه ما ذكرت يوم خيبر قال رسول الله (ص) : لأعطين هذه الراية رجلا يحب الله ورسوله ويفتح الله على يديه ، فتطاولنا لرسول الله (ص) فقال : أين علي؟ قالوا : هو أرمد. فقال : أدعوه ، فدعوه فبصق في عينيه ثم أعطاه الراية ففتح الله عليه. قال : فلا والله ما ذكره معاوية بحرف حتى خرج من المدينة. ورواه أيضا في كنز العمال ، ورواه النسائي أيضا في خصائصه ص ١٦.

(السادس عشر) سنن البيهقي ج ٢ ص ٣٧٩ روى بسنده عن ابى السعود قال : لو صليت صلاة لا أصلي فيها على آل محمد لرأيت أن صلاتي لا تتمّ. أقول : ورواه بطريق آخر بعد هذا وقال فيه : على محمد وآل محمد ما رأيت أنها تتم.

٩٧

ورواه الدار قطني أيضا في سننه ص ١٣٦.

(السابع عشر) في مسند ابن حنبل عن ابي سعيد الخدري قال : قال رسول الله : إني قد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي الثقلين احد هما اكبر من الآخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتى أهل بيتي ألا إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.

وروى أحمد من عدة طرق ، وفي صحيح مسلم في موضعين عن زيد بن أرقم قال : خطبنا رسول الله (ص) بين مكة والمدينة ثم قال بعد الوعظ : ايها الناس إنما أنا بشر يوشك ان يأتيني رسول ربي فأجيب ، واني تارك فيكم الثقلين أولهما كتاب الله فيه النور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا ـ فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال ـ أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي اذكركم الله في أهل بيتي.

وروى الزمخشري وكان من اشد الناس عنادا لأهل البيت ، وهو الثقة المأمون عند الجمهور باسناده قال : قال رسول الله (ص) : فاطمة مهجة قلبي وابناها ثمرة فؤادي وبعلها نور بصري والأئمة من ولدها احباء ربى وحبل ممدود بينه وبين خلقه من اعتصم بهم نجا ومن تخلف عنهم هوى.

وروى الثعلبى في تفسير قوله تعالى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) بأسانيد متعددة عن رسول الله (ص) قال : يا أيها الناس قد تركت فيكم الثقلين خليفتين إن اخذتم بهما لن تضلوا بعدي ، احد هما اكبر من الآخر : كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض ، وعترتى اهل بيتى ، ألا وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.

وفي الجمع بين الصحيحين : إنما أنا بشر يوشك أن يأتينى رسول ربى فأجيب ، وأنا تارك فيكم الثقلين : أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، وأهل بيتي اذكركم الله في أهل بيتى خيرا.

٩٨

وفي هذه الأخبار دلالة صريحة ومقالة فصيحة على أن أهل البيت هم خلفاء النبي (ص) ، وأنه يجب الرجوع إليهم والأخذ منهم والتعويل عليهم والتسليم لهم والركون إليهم ، فعليك بالانصاف ايها الناظر والتدبر في أن العامل بهذه الوصايا والتأكيدات الصادرة عمن لا ينطق عن الهوى هل هم الامامية أم المخالفون الذين لا يجسر أحد على ذكر أهل البيت بفضيلة عندهم؟؟

خلاصة الأخبار في الامامة وخلافة أمير المؤمنين (ع)

اعلم ان ابن حجر قد ألف كتابا في الرد على الفرقة المحقة والطائفة الحقة وفي تكفيرهم وتكذيبهم ، وذكر جملة من المفتريات التى هي أوهن من بيت العنكبوت وانه لأوهن البيوت ، مستدلا بها على اثبات فضيلة ومنقبة لأئمته ، ومع ذلك قد أجرى الحق على لسانه فذكر في صواعقه أحاديث عجيبة وروايات غريبة مع شدة تعصبه وعناده ، لنذكر جملة وافية من كلامه :

قال ابن حجر في الصواعق في ص ٧٣ إلى ص ١١٠ اسلم علي بن ابي طالب وهو عشر سنين وقيل تسع وقيل ثمان وقيل دون ذلك قديما.

قال ابن عباس وانس وزيد بن أرقم وسلمان الفارسي وجماعة أنه أول من أسلم ، ونقل بعض الاجماع عليه يعنى اجماع المسلمين عليه ونقل ابو يعلى عنه (ع) قال : بعث رسول الله (ص) يوم الاثنين وأسلمت يوم الثلاثاء.

وأخرج ابن سعد عن الحسن بن زيد بن الحسن قال : لم يعبد الأوثان لصغره ومن ثم يقال فيه «كرم الله وجهه».

ثم قال (يعنى ابن حجر) وفضائله ـ يعنى عليا عليه‌السلام ـ كثيرة شهيرة حتى قال احمد ما جاء لأحد من الفضائل ما لعلي (ع) ، وقال اسماعيل القاضي والنسائي وابو يعلى النيشابوري لم يرد في حق احد من الصحابة بالأسانيد الحسان اكثر مما جاء في فضل علي.

ثم روى عن سعد بن ابى وقاص واحمد والبزاز عن ابى سعيد الخدري عن

٩٩

اسماء بنت عميس وأمّ سلمة وحبيش وجنادة وابن عمر وابن عباس وجابر بن سمرة وعلي والبراء بن عازب والطبرانى إن رسول الله (ص) خلف علي بن أبي طالب في غزوة تبوك ، فقال : يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان؟ فقال : أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي.

وأخرج الشيخاني أيضا عن سهل بن سعد والطبراني عن ابن عمر وابي ليلى وعمران بن حصين والبزاز عن ابن عباس ان رسول الله (ص) قال يوم خيبر : لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يده يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فبات الناس يتفكرون ـ أي يخوضون ويتحدثون ليلتهم ـ أيهم يعطاها ، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله (ص) كلهم يرجو أن يعطاها ، فقال (ص) أين علي بن أبي طالب؟ فقيل : يشتكي عينه. فأرسلوا إليه فأتى به فبصق رسول الله في عينه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع ، فأعطاه الراية.

وأخرج الترمذي عن عائشة قالت : كانت فاطمة أحب الناس إلى رسول الله وزوجها علي أحب الرجال إليه.

وأخرج مسلم عن سعد بن ابي وقاص قال : لما نزلت هذه الآية (أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) دعا رسول الله (ص) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي.

وقال رسول الله (ص) يوم غدير خم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ـ الحديث. ورواه عن النبي (ص) ثلاثون صحابيا وكثير من طرقه صحيح أو حسن.

وروى البيهقي أنه ظهر علي من البعد فقال النبي (ص) : هذا سيد العرب فقالت عائشة : ألست سيد العرب؟ فقال : أنا سيد العالمين وهو سيد العرب. ورواه الحاكم في صحيحه عن ابن عباس بلفظ أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب وأخرج الترمذي والحاكم وصححه عن بريدة قال : قال رسول الله (ص)

١٠٠