عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ١

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني

عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ١

المؤلف:

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٣
الصفحات: ٣١١

وأما زكاة الفطرة فهي مقدار صاع من التمر وغيره يقدمه الى الفقراء عند حلول عيد رمضان المبارك في كل سنة.

الخمس

ويعتقدون بوجوب الخمس عملا بالآية الكريمة في سورة الانفعال (٤١) (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

ويعتقدون بوجوب الخمس بشرائطه في سبعة اشياء : ١ ـ الغنائم المأخوذة من الكفار من أهل الحرب قهرا بالمقاتلة معهم بشرط أن يكون باذن الامام (ع) او نائبه ، ٢ ـ المعادن من الذهب والفضة والرصاص والنحاس والحديد والياقوت والزبرجد والفيروزج والزئبق والكبريت والنفط والقير والزرنيخ والملح بل والجص والنورة وطين الغسل وحجر الرحى ٣ ـ الكنز وهو المال المذخور في الأرض والجبل او الجدار او الشجر الخ ٤ ـ الغوص وهو اخراج الجواهر من البحر مثل اللؤلؤ والمرجان الخ ٥ ـ المال الحلال المخلوط بالحرام على وجه لا يتميز مع الجهل بصاحبه وبمقداره ، ٦ ـ الأرض التي اشتراها الذمى من المسلم ، ٧ ـ ما يفضل من مئونة السنة من ارباح التجارات ومن سائر التكسبات الخ.

والخمس هو من الفرائض التي جعله الله تعالى لمحمد (ص) وذريته عوضا عن الزكاة اكراما لهم ، من منع منه درهما او أقل كان مندرجا في الظالمين لهم والغاصبين لحقهم.

ويقسم الخمس الى ستة اقسام : ١ ـ سهم الله تعالى ٢ ـ سهم للرسول (ص) ٣ ـ سهم لذي القربى وهذه الثلاثة للامام عليه‌السلام

٢٨١

٤ ـ سهم للفقراء من الهاشميين ٥ ـ لأيتام السادة الهاشميين ٦ ـ لأبناء السبيل من الهاشميين.

الحج

ويعتقدون بوجوب الحج في العمر مرة واحدة على كل من استطاع إليه سبيلا ويتخير تاركه بين أن يموت يهوديا او نصرانيا وتركه على حد الكفر بالله.

وشروطه : البلوغ ، والعقل ، والحرية ، ووجود الزاد والراحلة ، وصحة البدن ، وأمن الطريق.

وهو انواع ثلاثة ١ ـ إفراد ٢ ـ قران ٣ ـ تمتع ، ولكل منها شروط كثيرة ، وأنه يحرم على المحرم الطيب شما كان او اكلا او دهنا والنساء وطيا وتقبيلا ولمسا ونظرا بشهوة ، وكذا يحرم عليه لبس المخيط وتغطية الرأس للرجال وقبض الأنف عن شم الرائحة الكريهة وقتل القمل وقص الظفر وازالة الشعر عن الرأس والبدن واخراج الدم الا لضرورة الى غير ذلك من الأحكام المذكورة في الكتب الفقهية.

وأنه يجب عليه الطواف حول البيت سبعة الشواط ، ويلزم في حال الطواف جعل الكعبة على يساره ، وأن يكون ثوبه وبدنه خاليتين من النجاسة ، وأن يكون سعيه بين الصفاء والمروة سبعة اشواط لا اقل ولا اكثر ، وأن يكون الوقوف بعرفات في يوم التاسع من زوال الشمس الى غروبها ، وأن يكون الوقوف بالمشعر ليلة العيد الى طلوع الشمس ثم يذهب الى منى ويرمي جمرة العقبة بسبع حصات يوم العيد ويذبح الهدي ان كان من الابل ، ولا يجوز خلاف ذلك الى كثير من الأحكام المتعلقة بالحج.

٢٨٢

الجهاد

فقد ورد في الروايات الكثيرة أنه باب من ابواب الجنة ، أنه نظام للامة ، وأن الجنة تحت ظلال السيوف ، ويعتقدون بوجوب جهاد الكفار الحربيين من أهل الكتاب وغيرهم بالشروط المقررة بين العلماء وأهل الشريعة.

والجهاد نوعان : ١ ـ الجهاد الأكبر وهو مقاومة النفس البشرية الامارة بالسوء ومكافحة صفاتها الذميمة والأخلاق الرذيلة من الجهل والظلم والحسد والبخل والغرور والكبر ـ الخ ، وهي اعدى الأعداء لبني آدم.

٢ ـ الجهاد الأصغر وهو مقاومة الاعداء الذين يريدون الاعتداء على الاسلام والمسلمين ، وبهذين الجهادين بلغ الاسلام ما بلغ إليه من أوج المجد والعز المبين.

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

ونعتقد الشيعة بوجوب امرين هما من أهم الواجبات الاجتماعية عقلا وشروعا ، وهما من أسس الدين ومقومات هذه الشريعة الحقة ، ولو لا العمل بهما لما دام للدين شيء من الأمر ، ألا وهما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشروطهما ، وهذان ما تركهما قوم إلا وضربهم الله بالذل وألبسهم لباس البؤس وجعلهم فريسة لكل غاشم وطعمة لكل ظالم.

فروع

١ ـ يحرم شرب الخمر وكل مسكر وان لم يحصل به السكر كالقطرة الواحدة ، وأن كل مسلم بالغ عاقل شرب الخمر عامدا عالما مختارا وجب عليه أن يجلد ثمانين جلدة سواء كان رجلا او امرأة.

٢ ـ ويحرم بيع الخمر وشرائها ، وكذا بيع آلات اللهو كالرباب

٢٨٣

والكمان والعود ... الخ ، وآلات القمار كالشطرنج والنرد الخ.

٣ ـ ويحرم الأكل في اواني الذهب والفضة بالنسبة للرجال والنساء ، ويحرم على الرجال ليس الذهب والحرير الا في حال الحرب والضرورة.

٤ ـ وأن الانسان لا يملك احدا من آبائه وامهاته ولا احدا من اجداده وجداته ولا احدا من اولاده واولاد اولاده ذكورا كانوا أو إناثا.

٥ ـ وأنه لا يحل للرجل احد من اخواته وعماته وخالاته ولا احد من بنات أخيه وبنات أخته واضرابهن.

٦ ـ وأن نكاح المتعة جائز لا بد فيه من الايجاب والقبول وتعين المدة والمهر ، ولا بد للمرأة من العدة ان وقع الدخول إلا أن تكون آيسة او صغيرة ، ونكاح المتعة ثابت بنص الآية التي في سورة النساء (٢٨) قال الله تعالى (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) الخ ، وهي نوع من الزواج كالزواج الدائم له شروطه واحكامه ، وأما العدة فمشتركة بين الدائم والمنقطع ولذا لو تزوجت في عدة المتعة يحكم عليها بالزنا ، وهذا الزواج هو نفس الزواج الذي شرعه الله والنبي (ص) وعمل به اصحابه لم يتبدل له شرط ولم يتغير له حكم ، فمن عمل بها بخلاف شروطها فهي محرمة ، ولا شك أنها مخالفة كالمخالفات الأخرى التي يرتكبها البعض.

ذكر ابن الأثير في النهاية ج ٢ وهو من كبار علماء العامة وما كانت المتعة إلا رحمة رحم الله بها أمة محمد (ص) وحيث إن الله لا يريد بالناس العسر وانما اراد بهم اليسر ولكنهم ظالمون لأنفسهم مخالفون للشريعة معاكسون لسنة نبيه (ص) ، ومن اراد تفصيل ذلك فليراجع كتاب المتعة للاستاذ توفيق الفكيكي وكذا الفصول المهمة في تأليف الامة لمؤلفه سماحة العلامة

٢٨٤

المرحوم آية الله السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي العاملي ص ٥٣ الى ٦٦

٧ ـ إن الدخول بالمرأة لا يحل إلا بأحد امور أربعة : إما بالعقد الدائم ، أو المتعة ، او الملك ، او التحليل. ومن وطئ امرأة بغير احد هذه الأمور الأربعة وجب عليه الحد الشرعي ، وهو الجلد او الرجم أو مطلق القتل بالشروط المقررة في الكتب الفقهية.

٨ ـ لا يصح الطلاق بالكناية او الكتابة ، ولا بغير العربية مع القدرة ، وأنه لا بد من سماع عدلين صيغة الطلاق الى غير ذلك من الشروط.

٩ ـ ان العدة على المرأة بعد الطلاق ان وقع الدخول إلا أن تكون آيسة او صغيرة ، وأنه تجب العدة عليها بموت الزوج وان لم يدخل بها سواء كانت صغيرة او كبيرة شابة او آيسة.

١٠ ـ ان عدة الوفاة اذا كان الزوج غائبا من حين خبر موته لا من حين موته.

١١ ـ يحرم عند الشيعة الربا والرشوة والسحر والقمار وحلق اللحية واكل السمك الذي لا فلس له الى كثير من المحرمات.

١٢ ـ لا بد للتسمية عند رمي السهم الى الصيد ، وإن من تركها عمدا فصيده ميتة يحرم أكله ، ولو تركها سهوا لم يحرم ، ولا بد من التسمية عند ارسال كلب الصيد للصيد ، ولا بد أن يكون الكلب معلما وأن مرسل المعلم مسلما ، فان الكافر لو أرسل الكلب لم يحل اكل ما قتله وان تلفظ الكافر بالتسمية ، والصيد الذي يقتله غير الكلب المعلم مثل البازي والفهد وسائر الجوارح الطائرة والسائرة فهو ميتة.

١٣ ـ النجاسات اشهرها : البول والغائط مما لا يؤكل لحمه من ذي النفس السائلة ، والمني من ذي النفس السائلة مطلقا ، وكذا الميتة والدم منه ، والكلب والخنزير البريان ، والكافر ، والمسكر ، والفقاع.

٢٨٥

١٤ ـ يجب ازالة النجاسة عن الثوب والبدن للصلاة والطواف الواجب والأمور الواجبة.

١٥ ـ المطهرات هي : الماء والأرض والشمس والاستحالة والانتقال والإسلام والتبعية وزوال عين النجاسة وغيبة المسلم والاستنجاء والاستبراء وخروج الدم من محل ذبح الحيوان الجلال.

١٦ ـ ويحرم استدبار او استقبال القبلة في حال التخلي.

١٧ ـ ويحل من الاطعمة الحيوانية : السمك الذي له فلس وبيضته والغنم والبقر وكبش الجبل والحمير والغزلان ، ويكره الخيل والبغال والحمير ، ويحرم الجلال منها ، وكذا كل ذي ناب كالسباع والذئاب وكذا الأرانب والثعالب والضب واليربوع وامثالها من الوحوش ، وكذا الحشرات مطلقا كالخنافس والديدان والحيات ، وأما ما يحرم من الطيور فسبعها كالصقر والبازي ، وأما ما بقي منها فيحل اكلها بشروط ١ ـ ما كان دفيفه اكثر من صفيفه ٢ ـ وكان له صيصة كالاصبع الزائدة ٣ ـ او كان له حوصلة او قانصة.

١٨ ـ الحرام من المشروب هو البول والخمر واخواتها من النبيذ والفقاع والعصير الذي غلا ولم يذهب ثلثاه ، وكذا يحرم كل مغصوب او نجس او مضر سواء كان مأكولا او مشروبا.

١٩ ـ ويشترط في الذابح الإسلام او ما بحكمه كولده او لقيطه ، كما يشترط الذبح بالحديد مع القدرة ، ومع الضرورة بكل ما يفري الاوداج الأربعة ، وأن يسمى ويستقبل ، وأن يفري الأوداج الأربعة ، وفي الابل ينحرها عوض الذبح ، ولو تعذر ذبح الحيوان ونحره كالمتردي والمستعصي جاز اخذه بالسيف ونحوه ، وأما ذكاة السمك عند الشيعة فهي موته خارج الماء بشرائطه.

٢٨٦

٢٠ ـ واما في الإرث فيعتقد الشيعة بأن الحبوة للولد الاكبر ، وأنهم يخصونه بثياب أبيه وملابسه ومصحفه وخاتمه زائدا على حصته من الميراث على تفاصيل وشروط مذكورة في الكتب الفقهية ، وتحرم الزوجة من العقار ورقبة الأرض عينا وقيمة ومن الأشجار والأبنية عينا لا قيمة ، فتعطى الثمن أو الربع من قيمة تلك الأعيان ، وتفاصيل كلها في الفقه.

الحدود

ما تعتقده الشيعة الامامية الاثنا عشرية من الحدود هي :

١ ـ من وطأ امرأة لا يحل له وطأها شرعا عالما عامدا فحده مائة جلدة ، ويرجم بالحجارة ان كان محصنا ، وفي بعض يجلد ثم يحلق رأسه وينفى عن البلد سنة.

٢ ـ ومن زنى باحدى محارمه أو اكره امرأة على الزنا فحده القتل ، ولا تحد الحامل حتى تضع ولا المريض حتى يبرأ ، ولاثباته شروط وقواعد مذكورة في الفقه.

٣ ـ أما حد اللائط احد امور يتخير ولي الأمر فيها ١ ـ القتل ٢ ـ الرجم ٣ ـ الالقاء من شاهق تنكسر عظامه ٤ ـ الاحراق بالنار ، ويقتل المفعول به أيضا ان كان بالغا ويعزر ان كان صغيرا.

٤ ـ واما في السحق فتجلد كل من الفاعلة والمفعولة مائة جلدة ، ولا يبعد الرجم مع الإحصان.

٥ ـ وأما القواد فيجلد خمسة وسبعين جلدة ويحلق رأسه ويشهر وينكر.

٦ ـ ومن قذف مسلما بالغا عاقلا بما فيه حد كالزنا واللواط والخمر ـ الخ ، فيحد بثمانين جلدة.

٧ ـ وأما من سب النبي (ص) فحكمه القتل ، وكذلك فاطمة

٢٨٧

الزهراء بنت النبي أو احد الأئمة الاثنى عشر عليهم‌السلام.

٨ ـ وأما حد من شرب الخمر او الفقاع او ما اشبهها من المسكرات فهو ثمانين جلدة عاريا على ظهره وكتفه ، ولو تكرر الحد يقتل في الرابعة.

٩ ـ وأما شارب الخمر مستحلا فهو مرتد وحكمه القتل.

١٠ ـ وأما بائع الخمر مستحلا فهو مرتد وحكمه القتل.

١١ ـ وحد السارق قطع اصابعه الأربع من يده اليمنى ، وان عاد قطعت رجله اليسرى من وسط القدم ، فإن عاد خلد في السجن ، فان سرق فيه قتل.

١٢ ـ وحد المحارب وغيره من كل من جرد السلاح للاخافة برا او بحرا ليلا او نهارا تخير الامام بين قتله وصلبه وقطعه مخالفا ونفيه ، ولو تاب قبل القدرة عليه سقط الحد دون حقوق الناس ، ولو تاب بعدها لم يسقط ، واذا نفي كتب الى كل بلد بالمنع من معاملته ومجالسته الى أن يتوب.

١٣ ـ واللص محارب يدفع مع غلبة السلامة ، فان قتل فهدر.

١٤ ـ ومن كابر امرأة على عرضها او غلاما فلهما دفعه ، فان قتلاه فهدر.

١٥ ـ ومن دخل دار قوم فزجروه فلم ينزجر لم يضمن بتلفه او بتلف بعض اعضائه ، واما المختلس والمستلب والمحتال بشهادة الزور وغيرها فيعزرون.

١٦ ـ وكذا يعزر من استمنى بيده أو وطأ بهيمة.

١٧ ـ ومن زنى بميتة فهو كمن زنى بحية في الحد واعتبار الاحصان ، ويغلظ هنا العقوبة ، ولو كانت الميتة زوجته أو مملوكته عزر ، وحكم اللائط بالميت حكم اللائط بالحي ويغلظ عقوبته.

٢٨٨

١٨ ـ ومن اطلع على دار قوم فزجروه فلم ينزجر فرموه بحصاة او عود فجنى عليه فهو هدر.

القصاص

وما تعتقده الشيعة في القصاص والديات فهو أن دية الحر المسلم مائة من الإبل او مائتان من البقر او ألف شاة او مائتا حلة كل حلة ثوبان او ألف دينار او عشرة آلاف درهم ، فاذا رضي اولياء الدم بها سقط القصاص ووجب دفعها إليهم في مدة سنة ، وفي شبه العمد تتعين الدية وتستوفى مدة سنتين ، وكذلك في الخطأ ولكن في ثلاث سنوات كل سنة ثلث.

وأما جناية الطرف كقطع يده او رجله او فقأ عينه وما اشبه ذلك ان كانت عمدا فالقصاص العين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص.

وقد يضمن الدية اثنان الأول المباشر وهو أن يقع التلف من غير قصد كالطبيب يعالج المريض بعلاجه ، الثاني التسبيب وهو كمن حفر بئرا في غير ملكه فوقع فيها انسان ، وتفاصيل كل ذلك في كتب الفقه.

المواكب الحسينية

وها نحن نقدم الى الملأ الديني فتوى آية الله النائيني قدس‌سره الى البصرة وما والاه :

بعد السلام على اخواننا الأماجد العظام اهالي القطر البصري ورحمة الله وبركاته.

قد تواردت علينا برقياتكم وكتبكم المتضمنة للسؤال عن حكم المواكب العزائية والقامات وغير ذلك نحرر الجواب عن تلك السؤالات ببيان مسائل :

٢٨٩

(الأولى) خروج المواكب العزائية في عشرة عاشوراء ونحوها الى الطرق والشوارع مما لا شبهة في جوازه ورجحانه ، وكونه من اظهر مصادق ما يقام به عزاء المظلوم واسير الوسائل لتبليغ الدعوة الحسينية الى كل قريب وبعيد ، لكن اللازم تنزيه هذا الشعار العظيم عما لا يليق بعبادة مثله من غناء او استعمال آلات اللهو والتدافع في التقدم والتأخر بين أهل محلتين ونحو ذلك ، ولو اتفق شيء من ذلك فذلك الحرام الواقع في البين هو المحرم ولا تسرى حرمته الى المواكب العزائية ، ويكون كالنظر إلى الأجنبية حال الصلاة في عدم بطلانها.

(الثانية) لا اشكال في جواز اللطم بالأيدي على الخدود والصدور حد الاحمرار والاسوداد ، بل يقوى جواز الضرب بالسلاسل أيضا على الأكتاف والظهور الى الحد المذكور ، بل وإن تأدى كل من اللطم والضرب الى خروج دم يسير على الاقوى ، وأما اخراج الدم من الناصية بالسيوف والقامات فالأقوى جواز ما كان ضرره مأمونا وكان من مجرد اخراج الدم من الناصية بلا صدمة على عظمها ولا يتعقب عادة بخروج ما يضر خروجه من الدم ونحو ذلك كما يعرف المتدربون العارفون بكيفية الضرب ، ولو كان عند الضرب مأمونا ضرره بحسب العادة ولكن اتفق خروج الدم قدر ما يضر خروجه لم يكن ذلك موجبا لحرمته ، ويكون كمن توضأ او اغتسل او صام آمنا من ضرره ثم تبين تضرره منه ، لكن الأولى بل الأحوط ان لا يقتحمه غير العارفين المتدربين ، ولا سيما الشبان الذين لا يبالون بما يوردون على انفسهم لعظم المصيبة وامتلاء قلوبهم من المحبة الحسينية ثبتهم الله تعالى بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة.

(الثالثة) الظاهر عدم الاشكال في جواز التشبيهات والتمثيلات التي جرت عادت الشيعة الامامية باتخاذها لاقامة العزاء والبكاء والإبكاء

٢٩٠

منذ قرون (ألف ومائة سنة) وان تضمنت لبس الرجال ملابس النساء على الأقوى ، وان المحرم من تشبيه الرجل بالمرأة هو ما كان خروجا عن زي الرجال رأسا وأخذا بزي النساء دون ما اذا تلبس بملابسها مقدارا من الزمان بلا تبديل لزيه كما هو الحال في هذه التشبيهات. نعم يلزم تنزيها أيضا عن المحرمات الشرعية ، وان كانت على فرض وقوعها لا تسري حرمتها الى التشبيه كما تقدم.

(الرابعة) الدمام والطبل المستعمل في هذه المواكب مما لم يتحقق لنا الى الآن حقيقته ، فان كان مورد استعماله هو اقامة العزاء وعند طلب الاجتماع وتنبيه الراكب على الركوب وفي الهوسات العربية ونحو ذلك ولا يستعمل فيما يطلب فيه اللهو والسرور كما هو المعروف عندنا في النجف الأشرف فالظاهر جوازه ، وذكر للشهيد في اللمعة «لو أوصى بما يقع اسمه على المحرم والمحلل صرف الى المحلل كالعود والطبل» ومعلوم أن له مصداق حرام ومصداق حلال وله طبل لهو وطبل حرب ، فلو لم يكن في الخارج إلا حرام لما بقى لقول الشهيد محل ٥ ربيع الأول سنة ١٣٤٥

حرره الأحقر محمد حسين الغروي النائيني.

ان هذه الشعائر رمز التشيع

في روضات الجنات في ترجمة خلف بن عبد الملك بن مسعود بن راحة الأنصاري ص ٢٧٢ قرطبة بضم الأول والثالث بلد عظيم بالمغرب كما في القاموس ـ الى أن قال ـ وفي الكامل البهائي أن في بلاد المغرب مدينة تسمى قرطبة من عادة اهلها في كل سنة أن أجاسرتهم الملحدين من غاية نصبهم وعداوتهم لأهل بيت الرسالة (ص) متى دخلت عليهم ليلة عاشوراء نصبوا من رءوس الحمير او البعير او الكلب على أسنة الرماح وداروا بها على اطراف المدينة وابواب الدور في جماعة كثيرين من ارذال

٢٩١

البلد مع ضرب الدفوف والطبول واشاعة انواع المزامير والغناء والرقص وسائر الملاهي ، واهل المدينة يطبخون لهم من ملاذ الأطعمة والحلواء حتى اذا بلغوا باب دار احد منهم يقدمون بها لهم ويظهرون البشاشة والسرور على قتل الحسين عليه‌السلام.

ويشبهون تلك الرءوس المنحوسة برأسه الشريف المطهر ، وهم يقومون على باب كل دار ينشدون بالغناء والمزمار يا مستنى المروءة اطمعينا المطنفسة ومرادهم بالمطنفسة من تلك القطائف المصنوعة لأولئك الملحدين عليهم لعنة الله والملائكة والناس اجمعين ـ انتهى كلامه.

وهذا العمل الذي ارتكبه أهالي قرطبة رمز لاعداء الفضيلة والحقيقة وإماتة لذكرى الحسين الشهيد (ع).

تاريخ المسألة

وهذا الأثر الخالد الذي ضرب المثل الأعلى في نكران الذات والتضحية من أجل المثل العليا والأهداف الكريمة وفيه العبر البالغة والعظات الحكمية بقى خالدا خلود الزمن راسخا رسوخ الأطواد الشامخة ، يستقبله المسلمون كافة وشبان الشيعة خاصة بكافة طبقاتهم في كل عام بالاكبار والتقديس والحزن والأسى ، وما يتناسب مع هذه الذكرى الحزينة المخضبة بالدماء والدموع والتي تثير الشجن وترسل الدموع تدفعنا الى تخليدها في كل عام ، ومن تلكم الدول والخلافات الاسلامية التي احتفلت بيوم عاشوراء وسنت له قوانين ورسوم من ضرب السلاسل والقامات والتشبيهات والتمثيلات وغير ذلك من الأقسام الخلافة او الدولة الفاطمية ، فهي منذ دخولها مصر وبنائها القاهرة (وجامعة الأزهر) سنة ٣٥٨ الى انقراضها عام ٥٥٦ اقاموا حفلاتهم ومواسمهم الى جانبه الاحتفال بأيامهم.

وذكر العلامة البحاثة الشيخ هادي الأميني نقلا عن المقريزي تقي الدين

٢٩٢

عن المؤرخ المعاصر لهم ابن المأمون قال : اذا حل اليوم العاشر من محرم احتجب الخليفة الفاطمي عن الناس ، فاذا علا النهار ركب قاضي القضاة والشهود وقد لبسوا ملابس الحداد ثم يسيرون الى مشهد الحسين (ع) فيتخذون مجلسهم الى جانب القراء حتى يصل الوزير فيجلس في صدر المجلس والقاضي عن يمينه والداعي عن شماله ثم يتناوب القراء تلاوة القرآن وينشد الشعراء القصائد في رثاء أهل بيت النبي (ص) ، ثم ينصرف الوزير الى داره ويدخل قاضي القضاة والداعي ومن معهما باب الذهب ، وهو أحد ابواب القصر الفاطمي ، فيجدون الدهاليز قد فرشت بالحصر بدل البسط والزينة وصاحب الباب جالسا هنالك ، فيجلس القاضي والداعي الى جانبه ثم يجلس سائر الناس فيقوم القراء وينشد المنشدون.

ومن مظاهر الاحتقال بيوم عاشوراء ذلك السماط الذي اطلق عليه (سماط الحزن) كعادة أهالي تسعين محلة كركوك وتازه خرماتو وبشير وداقوق وطوزخرماتو في زماننا هذا ، فهم لا يأكلون في عشرة عاشوراء اللحم وانواع الفاكهة ، وكان يقدم فيه خبز الشعير والعدس والمملحات والمخللات والأجبان والألبان وعسل النحل.

وكان الخليفة الفاطمي يحضر هذا المجلس ويجلس على كرسي من الجريد بغير مخدة متلثما هو وجميع رجال حاشيته ، فيسلم عليه الوزير والأمراء والقاضي والداعي والأشراف وهم متلثمون حفاة ، وكان الخليفة يبدي ابلغ مظاهر الحزن والأسى في ذلك اليوم ، وإذا انتهى المجلس انصرف الناس في ذلك الزي الذي ظهروا فيه وطافت النواح بالقاهرة وأغلق الباعة حوانيتهم الى ما بعد صلاة العصر.

وذكر المقريزي أيضا أنه في العاشر من شهر المحرم سنة (٣٦٣) وهو ذكرى اليوم الذي قتل فيه الحسين بكربلاء انصرف جماعة من المصريين

٢٩٣

المتشيعين ومعهم فريق من فرسان المغاربة ورجالهم من مشهدي (أم كلثوم) بنت الامام محمد الباقر عليه‌السلام والسيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليه‌السلام وساروا في موكبهم ينوحون ويبكون على الحسين (ع) وحملوا الناس على مشاركتهم في الحزن فكسروا أواني السقائين في الأسواق فاغلقت الدكاكين وتعطلت حركة الأسواق.

وفي عهد المستعلى الفاطمي ٤٧٨ زاد النياح والصياح والبكاء والعويل في اليوم العاشر من المحرم.

هذه صورة ما نقله المقريزي عن المؤرخين المعاصرين له عما كان يجري تحت بصرهم وسمعهم في يوم عاشوراء ، كان يخرج الرسم المطلق للمتصدرين والقراء والوعاظ والشعراء ، وهي إن دلت على شيء فانما تدل على مبلغ اهتمام الدولة على اقامة العزاء الحسيني.

وسلاطين آل بويه سنة (٣٥٠) اقاموا المآتم لقتيل الطف سيد الشهداء (ع) ، حتى إن معز الدولة آل بويه أمر الناس في العشر من المحرم أن يغلقوا دكاكينهم في بغداد ويبطلوا البيع والشراء وأن يظهروا النياحة ، ففعل الناس ذلك حتى خرجت النساء ناشرات الشعور مسودات الوجوه ، وكانت بغداد آنذاك عاصمة العراق في تدريس الفقه الجعفري وعلم الكلام وغيرهما من العلوم الخاصة بمذهب آل محمد ، وفيه اشترك نوابغ العلماء امثال ابن قولويه القمي والشيخ المفيد والشريفان والشيخ الطوسي وغيرهم.

الزيارة

وأما مسألة الزيارات للعتبات المقدسة فهي مستحبة لديهم وليست بالواجبة ، وهم يعبدون الله فيها تقربا إليه فهي تلك البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه.

٢٩٤

فهم يتعرضون لزيارة قبر اولياء الله واحبائه رغبة في ثوابه ورجاء لمغفرته وجزيل احسانه ، لأن لهم المودة الواجبة والدرجات الرفيعة والمقام المحمود والمكان المعلوم عند الله عزوجل والجاه العظيم والشأن الكبير والشفاعة المقبولة ، وهم الذين قرن الله طاعتهم بطاعته واسترعاهم امر خلقه لقوله تعالى (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ... فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) فهم يتذرعون إلى الله سائلين منه أن يجعلهم في جمله العارفين بهم وبحقهم وفي زمرة المرحومين بشفاعتهم.

وأما تقبيل الأضرحة وغيرها فهي ليست بالأمر الواجب ولا من ضروريات الدين في شيء بل هو من الأمور الطبيعية في نفس الانسان حيث يظهر بالقبلة حبه او احترامه لمن يقبله ، فهو يقبل جلد القرآن احتراما لكلمات الله تعالى وحبا لها ، وهو يقبل ايدي العلماء والسادة والملوك والكبار من اقربائه حبا لهم وكرامة إليهم ، وكذا يقبل الآباء اولادهم واطفالهم ، فالقبلة هي رمز الحب الوحيد ودليل المحبة بين الناس ، وما احسن قول القائل في هذا المضمون :

أمر على الديار ديار ليلى

أقبل ذا الجدار وذا الجدارا

وما حب الديار شغفن قلبي

ولكن حب من سكن الديارا

التربة

وأما ما يعتقده الشيعة بالنسبة لما يجوز السجود عليه : فلا يجوز لديهم السجود إلا على ما لا يؤكل ولا يلبس ، ولا شك أن أفضل ما يمكن السجود عليه هو التراب ، لما في صحيح هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام «السجود على الأرض أفضل لأنه أبلغ في التواضع والخضوع لله عزوجل».

٢٩٥

وعن معاوية بن عمار قال : كان لأبي عبد الله (ع) خريطة ديباج صفراء فيها تربة ابي عبد الله (ع) ، فكان اذا حضرته الصلاة صبه على سجادته وسجد عليه ، ثم قال (ع) «إن السجود على تربة ابي عبد الله الحسين (ع) يخرق الحجب».

وفي مرسل الفقيه عن الصادق (ع) : السجود على طين قبر الحسين عليه‌السلام ينور إلى الارضين السبع.

وفي مكارم الأخلاق عن إبراهيم بن محمد الثقفي أن فاطمة (ع) بنت رسول الله كانت سبحتها من خيوط الصوف مفتل معقود عليه عدد التكبيرات ، فكانت تدبيرها بيدها تكبر وتسبح إلى أن قتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه سيد الشهداء فاستعملت تربته وعملت التسابيح فاستعملها الناس ، فلما قتل الحسين عليه‌السلام عدل إليه بالأمر فاستعملوا تربته لما فيها من الفضل والمزية.

وخير الكتب الموجزة المقنعة لهذا البحث والذي كتب مؤخرا هو كتاب الأرض والتربة الحسينية لمؤلفها آية الله المرحوم الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء النجفي ، فقد جمع في كتابه هذا الموجز الذي يظهر بحجم صغير ما يقنع ويكفي المتعرض بهذا الأمر من نواحي العقل والنقل والحكمة ، وفيه من الدلائل الواضحة والشواهد البينة والحجج البالغة التي ترضي المتعرض وتزيل العجب ممن يتعجب ويرى المنافاة بين التربة والارض والسجود عليه لله عزوجل.

الجمع بين الصلاتين

لا خلاف بين المسلمين في جواز الجمع بعرفة وقت الظهر بين الفريضتين الظهر والعصر ، كما لا خلاف بينهم في جواز الجمع في المزدلفة

٢٩٦

وقت العشاء للحجاج بين الفريضتين المغرب والعشاء ، واختلفوا فيما عدى ذلك : فمنهم من جوز الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء تقديما وتأخيرا بعذر السفر عند مالك والشافعي واحمد.

والدليل على الجمع قوله تعالى في الآية ١١٥ من سورة هود (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) فالطرف الأول من النهار لصلاة الصبح والطرف الثاني منه لصلاة الظهر والعصر وزلفا من الليل لصلاة المغرب والعشاء.

وفي الآية ١٣٠ سورة طه (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى) وفي الآية ٧٨ من الأسراء (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) ودلوك الشمس زوالها وهو وقت صلاة الظهر والعصر ، وغسق الليل ظلمته وهي وقت صلاة المغرب والعشاء ، وقرآن الفجر يعني صلاة الصبح يشهدها الناس.

الاخبار

أخرج مسلم عن انس قال : كان النبي (ص) اذا أراد أن يجمع بين الصلاتين في السفر أخر الظهر حتى يدخل وقت العصر ثم يجمع بينهما.

وأخرج عن ابن شهاب عن أنس أن النبي (ص) اذا عجل به السفر يؤخر الظهر الى اوّل وقت العصر فيجمع بينهما ، ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق صحيح مسلم ج ٥ ص ١١٤.

وأخرج البخاري عن أنس بن مالك قال : كان النبي (ص) يجمع بين صلاة المغرب والعشاء في السفر (للبخاري ج ٢ ص ٥٥).

وأخرج مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : صلى رسول الله

٢٩٧

الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا من غير خوف ولا سفر

واخرج أيضا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بلفظ : صلى رسول الله (ص) الظهر والعصر جميعا في المدينة من غير خوف ولا سفر وأخرجه مالك في الموطأ.

قال ابو الزبير : فسألت سعيدا لم فعل ذلك؟ فقال سعيد : سألت ابن عباس كما سألتني فقال : اراد أن لا يخرج احدا من أمته (شرح النووي ص ٢١٦).

وأخرج عن معاذ قال : خرجنا مع رسول الله (ص) في غزوة تبوك ، فكان يصلى الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا.

وعن عامر بن واثلة ابو الطفيل حدثنا معاذ بن جبل قال : جمع رسول الله (ص) في غزوة تبوك بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء.

وأخرج عن ابن عباس قال : صليت مع النبي (ص) ثمانيا وسبعا جميعا.

وأخرج مالك بن انس عن ابي هريرة ان رسول الله (ص) كان يجمع بين الظهر والعصر في سفره إلى تبوك (موطأ مالك ج ١).

وأخرج مالك عن معاذ بن جبل انهم خرجوا مع رسول الله (ص) عام تبوك فكان رسول الله (ص) يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء. قال فأخر الصلاة يوما ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا.

وهذه الاخبار تدل بصراحة على جواز الجمع بين الصلاتين وأنه مشروع ، وعلة تشريعه هي التوسعة على الأمة وعدم احراجها بسبب التفريق.

٢٩٨

عقائد الامامية الاثنا عشرية في الخير والشر

وقالت الامامية : الخير من الله بمعنى أنه اراده وأمر به ، ومن العبد أيضا لأنه صدر منه باختياره ومشيئته. أما الشر فمن العبد فقط لأنه فاعله وليس من الله لأنه نهى عنه ، والقبائح يستحيل فعلها على الله عزوجل.

وقالت السنة : الخير والشر من الله ، وأنه هو الذي فعل ويفعل الظلم والشرك وجميع القبائح لأنه خالق كل شيء.

والدليل على ما ذهبت إليه الامامية قوله تعالى آية ٨١ سورة النساء (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً).

دفاع عن اهالي ظوزخرماتو وداقوق وتسعين محلة كركوك وتازه خرماتو وبشير وليلان وتلعفر وبعض قراء كرمانشاه من قبيل كرين وقصر شرين وغير ذلك من القراء وقزلباشية تركية.

لا تمر فترة من الزمن إلا ويطالعنا كتاب يحمل بين طياته افكارا هدامة لكيان المجتمع الاسلامي بعبارات مسمومة ووخزات مؤلمة وحملات ظالمة واقوال فارغة لا تقف امام الواقع إلا كما يقف الرماد إذا اشتدت به الريح.

ولقد تطرقت لهذا الموضوع اكثر من مرة وقضيت وقتا طويلا اتصفح تلك الصفحات التي سودت بمداد الحقد ورقمت بأقلام شط بأصحابها

٢٩٩

سوء التفكير عن الخط الذي يجب أن تسير عليه لخدمة الأمة وصالح المجموع.

كنت أفكر في الأسباب التي دعت لهذه التهجمات والتعرف على الوسائل المبررة لما يرتكبه هؤلاء الكتاب من سوء الصنع ورميهم الى الكاكائية او اليزيدية مع اخوان لهم في الدين يقرون لله بالوحدانية ولمحمد بالرسالة وكل ما جاء به محمد (ص) ويؤدون فرائض الاسلام بأجمعها وهم مائة مليون او مائتي مليون او يزيدون.

إن اكثر تلك الاتهامات التي رميت بها هذه الطائفة ـ أي شيعة أهالي القصبات والقرى المذكورين في اعلاه ـ كان مبعثه الوقوف على اخطاء بعض من ينتمي إليهم وقد رفضتهم الشيعة وجعلت للجميع طبقا للقياس المعكوس او مؤاخذة الأمة بالفرد والانسان لا يسلم من الخطأ.

قال الأستاذ أسد حيدر النجفي في كتابه النفيس الامام الصادق عليه‌السلام في الجزاء السادس ص ١٠٧ : إن مهمة المؤرخ عن الشيعة هي اشد صعوبة من مهمة من يؤرخ لغيرهم من طوائف المسلمين ، لوجود عوامل وعقبات يجب أن يجتازها المؤرخ بنفسه لا أن يقطعها على اجنحة التقليد والاتباع بدون معرفة وتدبر.

وإن انفصال الشيعة عن الدولة القائمة في ذاك الزمان وعدم مؤازرتها هو السبب الوحيد لكل ما علق بهذه الطائفة المظلومة من كاكائية او يزيدية ومن عيوب هم براء منها حتى تحامى الناس الميل إليهم وما اثبتوه من خرافات وما جنوه من أخطاء في تشويه الحقائق بدافع من الميول والتعصب وأخذ الفلوس والاتجاه في الأبحاث على غير ما تقتضيه الأصول والقواعد ، ولقد كان لتحرير الحقائق والتلاعب بالنصوص التاريخية دورا فعالا في بث روح البغضاء بين طوائف المسلمين مما أدى الى تفكك اوصال ذلك المجتمع ، وقد عاش المسلمون في ظروف ساد فيها القلق وتركزت فيها

٣٠٠