عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ١

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني

عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ١

المؤلف:

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٣
الصفحات: ٣١١

العارف.

إن للسخاء مقدارا فان زاد عليه فهو سرف ، وللحزم مقدارا فان زاد عليه فهو جبن ، وللاقتصاد مقدارا فان زاد عليه فهو بخل ، وللشجاعة مقدارا فان زاد عليه فهو تهور.

(شهادته عليه‌السلام): ـ

وقد سمه المعتمد بن المتوكل ، وتوفي بسامراء يوم الجمعة مع صلاة الغداة لثمان خلون من ربيع الأول على المشهور ، سنة ستين ومائتين ٢٦٠ المصادف ٨٧٣ ميلادي ، وعمره ثمان وعشرون أو تسع وعشرون سنة.

(اولاده عليه‌السلام): ـ

واولاده منحصر ببقية الله الحجة بن الحسن (ع).

الامام الثاني عشر

محمد بن الحسن الحجة المنتظر عليه‌السلام

ابن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن على بن أبي طالب صلوات الله عليهم اجمعين.

(ولادته عليه‌السلام): ـ

هو محمد بن الحسن العسكري الامام الثاني عشر الذي تنتهي عنده الامامة عند الشيعة الإمامية الاثنا عشرية.

وألقابه الشامخة المهدي وصاحب الزمان والامام المنتظر والحجة.

وذكر الشهيد الأول في الدروس أنه سلام الله عليه ولد يوم الجمعة خمسة عشر في شعبان المعظم ٢٥٥ المصادف في التاريخ الميلادي ٨٦٨ م.

وأمه صيقل او نرجس او سوسن ، والأشهر هو الثاني بنت يشوعا قيصر

٢٢١

ملك الروم ، وعلي بن محمد بن صباغ المالكي مؤلف كتاب الفصول المهمة ذكر مثله ، وكذلك محمد بن الحسن شيخ الطائفة الطوسي ذكر في مصباح المجتهد أنه ولد في النصف من شعبان سنة ٢٥٥ في سامراء بدار أبيه.

(صفاته عليه‌السلام): ـ

ابيض الوجه ناصع الجبين اشم الأنف كثف اللحية اكحل العينين براق الثنايا كما استخرجه المؤلف الكبير السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة من مختلف الروايات ، وهو شئن للكفين معطوف الركبتين ، وقيل أنه يشبه رسول الله في خلقه الرضي ، وجاء في رواية النعماني أنه يشبه النبي (ص) في الخلق والخلق.

وسمي بالمنتظر لأن خروجه منتظر حين يعم العالم الجور والظلم وتنعدم الإنسانية ويسود الضلال بين الناس وتضمحل المقاييس فيخرج مؤيدا بمشيئة الله ، ويملك شرق الأرض وغربها فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.

الأخبار التي روتها علماء العامة

واقوال علماء العامة في حق الامام المنتظر

(الأخبار التي وردت في ولادته):

اعلم أنه قد ورد في روايات متواترة وأحاديث متظافرة البشارة بالمهدي المنتظر عليه‌السلام وبأنه تكون له غيبة من طرف العامة والخاصة ، وروى ذلك من العامة البخاري ومسلم وابو داود والترمذي ومؤلف جامع الأصول وغيرهم (١).

__________________

(١) انظر السيرة الحلبية ج ١ ص ٢٠ وص ٧٢ وص ٢٠٧ وأنه من ولد ـ

٢٢٢

(ما يدل على ظهوره وخروجه عليه‌السلام والبشارة به وفيه ٦٥٧ حديثا):

صحيح الترمذي ط دهلي سنة ١٣٤٢ ص ٤٦ ج ٢ في باب ما جاء في المهدي : حدثنا عبيد بن اسباط بن محمد القرشي حدثنا سفيان الثوري عن عاصم بن بهدلة عن زر عن عبد الله قال : قال رسول الله (ص) : لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي. قال الترمذي : وفي الباب عن علي وابي سعيد وأم سلمة وأبي هريرة ، وهذا حديث حسن صحيح.

صحيح الترمذي ص ٤٦ ج ٢ : حدثنا عبد الجبار بن العلاء العطار حدثنا سفيان بن عيينة عن عاصم عن زر عن عبد الله عن النبي (ص) قال : يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي. قال عاصم : وحدثنا ابو صالح عن أبي هريرة قال : لو لم يبق من الدنيا إلا يوما لطول الله ذلك اليوم حتى يلي ، هذا حديث حسن صحيح.

صحيح أبي داود ج ٢ ص ٢٠٧ : حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان عن عاصم عن زر عن عبد الله عن النبي (ص) : لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي. قال : وفي حديث فطر يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.

مسند احمد بن حنبل ج ٣ ص ١٧ : حدثنا عبد الله حدثنا ابي حدثنا ابو النضر

__________________

ـ الحسين (ع) ص ٢٠٧ وشرح نهج البلاغة ج ١ ص ٩٣ ونور الابصار للشبلنجي ص ١٤٩ وص ٥٠ وص ١٥١ ومشارق الانوار للشيخ حسن الحمزاوي ص ١٠٤ ط مصر ١٣١٨ ه‍ واسعاف الراغبين بهامش نور الابصار من ص ١٠٤ إلى ص ١١٦.

٢٢٣

حدثنا ابو معاوية يسبان عن مطر بن طهمان عن أبى الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله (ص) : لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي أجلى أقنى يملأ الأرض عدلا كما ملئت قبله ظلما يكون سبع سنين.

ينابيع المودة ص ٤٤٧ عن كتاب فرائد السمطين بسنده عن الشيخ أبي إسحاق ابراهيم بن يعقوب الكلابادي البخاري بسنده عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله (ص) : من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أنزل على محمد ، ومن أنكر نزول عيسى فقد كفر ، ومن أنكر خروج الدجال فقد كفر.

ورواه في غاية المرام أيضا عن فرائد السمطين في فضل المرتضى والبتول والسبطين ، وفي البرهان في علامات مهدي آخر الزمان ـ (باب) ١٢ أخرج أبو بكر الإسكافي في فوائد الأخبار عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله (ص) من كذب بالدجال فقد كفر ، ومن كذب بالمهدي فقد كفر.

نهج البلاغة ج ٣ / ص ١٩٩ قال عليه‌السلام : لعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها ، وتلى عقيب ذلك قوله (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ).

قال ابن أبي الحديد في شرحه ج ٤ ص ٤٣٦ : ان أصحابنا يقولون إنه وعد بامام يملك الأرض ويستولي على الممالك.

تاريخ ابن عساكر ط سنة ١٣٢٩ ه‍ ج ٢ ص ٦٢ : أخرج بسنده عن ابن عباس أنه قال : قال رسول الله (ص) كيف تهلك أمة أنا في اولها وعيسى في آخرها والمهدي في وسطها.

اقول : كون المهدي في وسطها باعتبار أنه عليه‌السلام يخرج قبل

٢٢٤

نزول عيسى وأن عيسى ينزل عليه ويصلي خلفه ويكون من اصحابه.

غيبة الشيخ عن الحسن بن الحسن عن بلية عن أبي الحجاب قال : قال رسول الله (ص) ابشروا بالمهدي ـ قالها ثلاثا ـ يخرج على حين اختلاف من الناس وزلزال شديد ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، يملأ قلوب عباده عبادة ويسعهم عدله.

بحار الانوار عن الامالي للصدوق : ابن المتوكل عن علي عن أبيه عن ابن ابى عمير عمن سمع أبا عبد الله (ع) يقول :

لكل أناس دولة يرقبونها

ودولتنا في آخر الدهر يظهر

ينابيع المودة عن الحمويني الشافعي ، وفي فرائد السمطين عن دعبل الخزاعي انشدت قصيدة لمولاي الرضا عليه‌السلام اولها :

مدارس آيات خلت من تلاوة

منازل وحي مقفر العرصات

وقبر ببغداد لنفس زكية

تضمنها الرحمن في الغرفات

قال : قال لي الرضا (ع) أفلا الحق بيتين بقصيدتك؟ قلت : بلى يا ابن رسول الله. فقال :

وقبر بطوس يا لها من مصيبة

توقد في الأحشاء بالحرقات

إلى الحشر حتى يبعث الله قائما

يفرج عنا الهم والكربات

قال دعبل : ثم قرأت بواقي القصيدة عنده ، فلما انتهيت إلى قولي :

خروج امام لا محالة واقع

يقوم على اسم الله والبركات

يميز فينا كل حق وباطل

ويجزي على النعماء والنقمات

بكى الرضا (ع) بكاء شديدا ثم قال : يا دعبل نطق روح القدس بلسانك ، تعرف من هذا الامام ومتى يقوم؟ قلت : لا إلا اني سمعت خروج إمام منكم يملأ الأرض قسطا وعدلا. فقال الرضا (ع) إن الامام بعدي ابني محمد ، وبعد محمد ابنه علي ، وبعد علي ابنه الحسن ، وبعد

٢٢٥

الحسن ابنه الحجة القائم ، وهو المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.

وأما متى يقوم فاخبار عن الوقت وغير ذلك من الأخبار التي ذكرها في كتاب منتخب الأثر من ص ١٤١ الى ١٨٨.

فيما يدل على الأئمة الاثنى عشر بأسمائهم

وفيه ٥٠ حديثا

ينابيع المودة ص ٤٤٠ عن كتاب فرائد السمطين بسنده عن مجاهد عن ابن عباس رضى الله عنهما قال : قدم يهودي يقال له نعثل فقال : يا محمد اسألك عن اشياء تلجلج في صدري منذ حين فان أجبتني عنها أسلمت على يديك. قال : سل يا أبا عمارة ، فقال : يا محمد صف لي ربك. فقال : لا يوصف إلا بما وصف به نفسه ، وكيف يوصف الخالق الذي تعجز العقول أن تدركه والأوهام أن تناله والخطرات إن تجده ـ إلى أن قال ـ فأخبرني عن وصيك من هو فما من نبي إلا وله وصي وان نبينا موسى بن عمران أوصى إلى يوشع بن نون؟ فقال (ص) : إن وصيي علي بن أبي طالب ، وبعده سبطاي الحسن والحسين ، تتلوه تسعة ائمة من صلب الحسين. قال : يا محمد فسمهم لي. قال : إذا مضى الحسين فابنه علي ، فاذا مضى علي فابنه محمد ، فاذا مضى محمد فابنه جعفر ، فاذا مضى جعفر فابنه موسى ، فاذا مضى موسى فابنه علي ، فاذا مضى علي فابنه محمد ، فاذا مضى محمد فابنه علي ، فاذا مضى علي فابنه الحسن ، فاذا مضى الحسن فابنه الحجة محمد المهدي ، فهؤلاء اثنا عشر. قال : اخبرني كيفية موت علي والحسن والحسين؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله :

٢٢٦

يقتل علي بضربة على قرنه ، والحسن يقتل بالسم ، والحسين بالذبح. قال اليهودي : فأين مكانهم؟ قال : في الجنة في درجتي. قال : اشهد أن لا إله إلا الله وانك رسول الله واشهد انهم الأوصياء بعدك ، ولقد وجدت في كتب الأنبياء المتقدمة وفيما عهد إلينا موسى بن عمران عليه‌السلام أنه إذا كان آخر الزمان يخرج نبي يقال له أحمد ومحمد هو خاتم الأنبياء ولا نبي بعده فيكون اوصياؤه بعده اثنا عشرة اولهم ابن عمه وختنه والثاني والثالث كانا اخوين من ولده ، ويقتل أمة النبي الأول بالسيف والثاني بالسم والثالث مع جماعة من أهل بيته بالسيف وبالعطش في موضع الغربة ، فهو كولد الغنم يذبح ويصبر على القتل لرفع درجاته ودرجات أهل بيته وذريته ولإخراج محبيه واتباعه من النار ، وتسعة الأوصياء منهم من اولاد الثالث ، فهؤلاء الاثنا عشر عدد الأسباط. قال (ص) : أتعرف الأسباط؟ قال : نعم كانوا اثنا عشر اولهم لاوي بن برخيا وهو الذي غاب عن بني اسرائيل غيبة ثم عاد فأظهر الله به شريعته بعد اندراسها وقاتل قرسطيا الملك حتى قتل الملك. قال (ص) : كائن في أمتي ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة ، وإن الثاني عشر من ولدي يغيب حتى لا يرى ويأتي على أمتي بزمن لا يبقى من الاسلام إلا اسمه ولا يبقى من القرآن إلا رسمه فحينئذ يأذن الله تبارك وتعالى له بالخروج ، فيظهر الله الاسلام به ويجدده طوبى لمن احبهم وتبعهم والويل لمن ابغضهم وخالفهم طوبى لمن تمسك بهداهم ، فأنشأ نعثل شعرا :

صلى الإله ذو العلى

عليك يا خير البشر

أنت النبي المصطفى

والهاشمي المفتخر

بكم هدانا ربنا

وفيك نرجو ما أمر

ومعشر سميتهم

ائمة اثنا عشر

٢٢٧

حباهم رب العلى

ثم اصطفاهم من كدر

قد فاز من والاهم

وخاب من عادى الزهر

آخرهم يسقى الظما

وهو الامام المنتظر

عترتك الأخيار لي

والتابعين ما أمر

من كان عنهم معرضا

فسوف تصلاه سقر

منتخب الأثر ص ٩٨ ناقلا عن كفاية الأثر : احمد بن اسماعيل السليماني ومحمد بن عبد الله الشيبانى عن محمد بن همام عن جعفر بن محمد بن مالك عن الحسن بن محمد بن سماعة عن احمد بن الحرث عن المفضل بن عمر عن يونس بن ظبيان عن جابر بن يزيد الجعفي قال : سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول : لما انزل الله تبارك وتعالى على نبيه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) قلت : يا رسول الله قد عرفنا الله ورسوله فمن أولي الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟ فقال : هم خلفائي وأئمة المسلمين بعدي اولهم علي بن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر وستدركه يا جابر فاذا لقيته فاقرأه عني السلام ثم الصادق جعفر بن محمد ثم موسى ابن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن ابن علي ثم سمي وكني حجة الله في ارضه وبقيته في عباده ابن الحسن بن علي ، ذاك الذي يفتح الله على يده مشارق الأرض ومغاربها ، وذاك الذي يغيب عن شيعته واوليائه لا يثبت فيها على القول بامامته الا من امتحن الله قلبه للايمان. قال جابر : فقلت يا رسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟ فقال عليه‌السلام : اي والذي بعثني بالحق نبيا أنهم ليستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس إن سترها سحاب ، يا جابر هذا من مكنون سر الله ومخزون علم الله واكتمه إلا عن أهله.

٢٢٨

قال جابر بن يزيد : فدخل جابر بن عبد الله الأنصاري على علي بن الحسين (ع) ، فبينما هو يحدثه اذ خرج محمد بن علي الباقر من عند نسائه وعلى رأسه ذؤابة وهو غلام ، فلما بصر به جابر ارتعدت فرائصه وقامت كل شعر على بدنه ونظر إليه مليا ثم قال له يا غلام اقبل فأقبل ، ثم قال أدبر فأدبر ، فقال جابر : شمائل رسول الله ورب الكعبة. ثم قام فدنا منه ثم قال له : ما سمك يا غلام؟ قال : محمد. قال : ابن من؟ قال : علي بن الحسين. قال : يا بني فداك نفسي فأنت إذا الباقر. قال نعم : فابلغني ما حملك رسول الله (ص) قال جابر : يا مولاي إن رسول الله (ص) بشرني بالبقاء إلى أن القاك وقال لي إذا لقيته فاقرأه مني السلام فرسول الله يا مولاي يقرأ عليك السلام. فقال أبو جعفر : يا جابر على رسول الله السلام ما قامت السماوات والأرض وعليك يا جابر بما بلغت السلام ، وكان جابر بعد ذلك يختلف إليه ويتعلم منه ، فسأله محمد بن علي عن شيء فقال جابر : والله لادخلت في نهي رسول الله (ص) ، لقد أخبرني انكم الأئمة الهداة من أهل بيته بعده اعلم الناس صغارا واعلم الناس كبارا ، فقال : لا تعلموهم فانهم أعلم منكم. قال أبو جعفر : صدق جدي رسول الله (ص) اني أعلم بما سألتك منك والله اوتيت الحكم صبيا ، قال : ذلك بفضل الله علينا ورحمته لنا أهل البيت.

ورواه ابن بابويه في كمال الدين عن غير واحد من اصحابنا عن محمد ابن همام نحوه مع إختلاف يسير.

كفاية الأثر : علي بن الحسين بن مندة عن أبي محمد هارون بن موسى عن محمد بن يعقوب الكليني عن محمد بن يحيى العطار عن سلمة ابن الخطاب عن محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة جميعا عن علقمة بن محمد الحضرمي عن جعفر بن محمد عن جابر

٢٢٩

ابن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله (ص) للحسين بن علي (ع) : يا حسين يخرج من صلبك تسعة من الائمة منهم مهتدي هذه الأمة ، فاذا استشهد ابوك فالحسن بعده ، فاذا سم الحسن فأنت ، فاذا استشهدت فعلي ابنك ، فاذا مضى علي فمحمد ابنه، فاذا مضى محمد فجعفر ابنه ، فاذا مضى جعفر فموسى ابنه ، فاذا مضى موسى فعلي ابنه ، فاذا مضى علي فمحمد ابنه ، فاذا مضى محمد فعلي ابنه ، فاذا مضى علي فالحسن ابنه ، فاذا مضى الحسن فالحجة بعد الحسن يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.

كفاية الأثر ابو الحسن علي بن الحسين عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري عن الحسن بن علي بن زكريا العدوي البصري عن محمد بن ابراهيم المنذر المكي عن الحسين بن سعيد بن الهيثم عن الأحلج الكندي عن افلح بن سعيد عن محمد بن كعب عن طاوس اليماني عن عبد الله بن عباس قال : دخلت على النبي (ص) والحسن على عاتقه والحسين على فخذه يلثمهما ويقبلهما ويقول : اللهم وال من والاهما وعاد من عاداهما. ثم قال : يا ابن عباس كأني به وقد خضبت شيبته من دمه يدعو فلا يجاب ويستنصر فلا ينصر. قلت : من يفعل ذلك يا رسول الله؟ قال : شرار امتي ما لهم لا أنالهم الله شفاعتي. ثم قال : يا ابن عباس من زاره عارفا بحقه كتب له ثواب ألف حجة وألف عمرة ، ألا ومن زاره فكأنما قد زارني ومن زارني فكأنما قد زار الله وحق الزائر على الله أن لا يعذبه بالنار ، ألا وإن الاجابة تحت قبته والشفاء في تربته والأئمة من ولده. قال ابن عباس قلت : يا رسول الله فكم الأئمة بعدك؟ قال : بعدد حواري عيسى وأسباط موسى ونقباء بني اسرائيل. قلت : يا رسول الله فكم كانوا؟ قال : كانوا اثنا عشر والأئمة اثنا عشر اولهم علي بن أبي طالب وبعده سبطاي الحسن والحسين ، فاذا انقضى الحسين فابنه علي ، فاذا انقضى علي فابنه محمد ،

٢٣٠

فاذا انقضى محمد فابنه جعفر ، فاذا انقضى جعفر فابنه موسى ، فاذا انقضى موسى فابنه علي ، فاذا انقضى علي فابنه محمد ، فاذا انقضى محمد فابنه علي ، فاذا انقضى علي فابنه الحسن ، فاذا انقضى الحسن فابنه الحجة.

قال ابن عباس : فقلت يا رسول الله اسامي لم اسمع بهن قط. قال لي : يا بن عباس هم الأئمة بعدي وإن قهروا أمناه معصومون نجباء أخيار ، يا ابن عباس من أتى يوم القيامة عارفا بحقهم أخذت بيده فأدخلته الجنة ، يا ابن عباس من انكرهم أورد واحدا منهم فكأنما قد أنكرني وردني ومن أنكرني وردني فكأنما قد انكر الله ورده ، يا ابن عباس سوف يأخذ الناس يمينا وشمالا فاذا كان كذلك فاتبع عليا وحزبه فانه مع الحق والحق معه لا يفترقان حتى يردا علي الحوض ، يا ابن عباس ولايتهم ولايتي وولايتي ولاية الله وحربهم حربي وحربي حرب الله وسلمهم سلمي وسلمي سلم الله. ثم قال رسول الله (ص) : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ).

وغير ذلك من الروايات التي ذكرها صاحب منتخب الأثر في كتابه ص ١٢٤.

النبي أولى بالمؤمنين من انفسهم

واوصياؤه أيضا كذلك

كفاية الأثر : على بن الحسن بن محمد عن هارون بن موسى عن محمد بن اسماعيل النحوي عن الحسين بن علي قال : قال رسول الله (ص) لعلي (ع) : أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ثم أنت يا علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ثم بعدك الحسن أولى بالمؤمنين من انفسهم ، ثم بعده الحسين

٢٣١

أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ثم بعده علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ثم بعده محمد أولى بالمؤمنين من انفسهم ، ثم بعده جعفر أولى بالمؤمنين من انفسهم ، ثم بعده موسى أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ثم بعده علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ثم بعده محمد أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ثم بعده علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ثم بعده الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، والحجة بن الحسن أولى بالمؤمنين من انفسهم ، ائمة أبرار هم مع الحق والحق معهم.

فيما يدل على الائمة الاثنا عشر وأن أولهم علي

وآخرهم المهدي عليهم‌السلام

كمال الدين : العطار عن أبيه عن ابن الجبار عن احمد بن محمد بن زياد الأزدي عن أبان بن عثمان عن ثابت بن دينار عن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عليهم‌السلام قال : قال رسول الله (ص) : الأئمة من بعدي اثنا عشر أولهم أنت يا علي وآخرهم القائم الذي يفتح الله عزوجل على يديه مشارق الأرض ومغاربها.

وفي المناقب روى جل مشايخنا عن النبي (ص) : الأئمة بعدي اثنا عشر أولهم أنت يا علي وآخرهم القائم الذي يفتح الله على يديه مشارقها ومغربها. وغير ذلك من الروايات التي ذكرها الصدوق والمجلسي والشيخ الطوسي في كتبهم.

في أن الامام المهدي عليه‌السلام طويل العمر

كمال الدين : محمد بن علي البشار عن ابي الفرج بن احمد عن

٢٣٢

محمد بن جعفر الكوفي عن محمد بن اسماعيل البرمكي عن الحسن بن محمد ابن صالح البزاز بن الحسن بن علي بن محمد العسكري عليهم‌السلام يقول : إن ابني هو القائم من بعدي ، وهو الذي يخرج من سير الأنبياء عليه وعليهم‌السلام بالتعمير والغيبة حتى تقسو القلوب لطول الامد فلا يثبت على القول به إلا من كتب الله عزوجل في قلبه الإيمان وايده بروح منه.

كمال الدين محمد بن احمد الشيباني عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي عن حمزة بن عمران عن أبيه حمران بن أعين عن سعيد بن جبير قال : سمعت سيد العابدين علي بن الحسين (ع) يقول : في القائم سنة من نوح وهو طول العمر.

الخرائج عن الحسن العسكري عليه‌السلام أنه قال لأحمد بن إسحاق وقد أتاه يسأله عن الخلف بعده فلما رآه قال مبتدئا : مثله مثل الخضر ، ومثله مثل ذي القرنين ، إن الخضر شرب من ماء الحياة فهو حي لا يموت حتى ينفخ في الصور ، وانه ليحضر الموسم في كل سنة ويقف بعرفة فيؤمن على دعاء المؤمن أو ليؤنس الله به وحشة قائمنا في غيبته ويصل به وحدته ، فله البقاء في الدنيا مع الغيبة وهو من الأنصار.

أقول : شباهته عليه‌السلام بذي القرنين من جهة بلوغه المشرق والمغرب ، ويحتمل أن تكون مضافا إليها من جهة أخرى غيرها كالغيبة وطول العمر ... الى غير ذلك من الاخبار التي وردت في طول عمره ، ومن اراد تفصيلها فليراجع الى كتاب منتخب الأثر وهو كتاب فريد في موضوعه.

٢٣٣

الكلام في طول عمر المهدي عليه‌السلام

اعلم أنه استبعد طول عمره بعض من العامة حتى عاب الشيعة على قولهم ببقائهعليه‌السلام ، وقال بعض منهم ان الوصية لأجهل الناس تصرف إلى من ينتظر المهدي عليه‌السلام ، وأنت خبير بأن لا قيمة للاستبعاد في الأمور العلمية والمطالب الاعتقادية بعد ما قام عليها البرهان ودلت عليها الأدلة القطعية من العقل والنقل ، فهذا نوع من سوء الظن بقدرة الله تعالى ، فتأمل في قوله تعالى في قضية يونس (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ) وليس مبني له إلا عدم الانس وقضاء العادة في الجملة على خلافه ، وإلا فيتفق في اليوم الليلة بل في كل ساعة وأن الوفاء من الحوادث والوقائع العادية في عالم الكون حتى في المخلوقات الصغيرة وما لا يرى إلا باعانة المكبرات مما أمره اعجب واعظم من طول عمر انسان سليم الاعضاء والقوى العارف بقواعد حفظ الصحة العامل بها ، بل ليس مسألة طول عمره أغرب من خلقته وتكوينه وانتقاله من عالم الأصلاب الى عالم الأرحام ومنه الى عالم الدنيا.

وبهذا دفع الله استبعاد المنكرين للمعاد في كتابه الكريم ، قال الله تعالى (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) الآية ، وقال (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ) الى آخر السورة ، وقال عز من قائل (وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً) الى آخر الآيات.

هذا مع وقوع طول العمر في بعض الأنبياء كالخضر ونوح وعيسى وغيرهم كيف يكون الايمان بطول عمر المهدي عليه‌السلام أمارة الجهل

٢٣٤

مع تصريح القرآن بامكان مثله كما في قضية يونس كما ذكرناها ، ووقوعه بالنسبة الى نوح عليه‌السلام في قوله تعالى (فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً) وبالنسبة الى المسيح (ع) في قوله تعالى (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) وقد أخبر أيضا بحياة ابليس وأنه من المنظرين الى يوم الوقت المعلوم ، ولم ينكر ذلك احد من المسلمين ولم يستبعده.

وروى مسلم في صحيحه في القسم الثاني من الجزء الثاني في باب ذكر ابن صياد ، والترمذي في سننه في الجزء الثاني ، وابو داود في صحيحه في باب خبر ابن صائد من كتاب الملاحم ، وروايات متعددة في ابن صياد وابن صائد وأن النبي (ص) احتمل أن يكون هو الدجال الذي يخرج في آخر الزمان ، روى ابن ماجة في صحيحه في الجزء الثاني في ابواب الفتن في باب فتنة الدجال وخروج عيسى ، وابو داود في الجزء الثاني من سننه من كتاب الملاحم في باب خبر الجساسة ، ومسلم في صحيحه في باب خروج الدجال ومكثه في الأرض حديث تميم الداري ، وهو صريح في أن الدجال كان حيا في عصر النبي (ع) وأنه يخرج في آخر الزمان ، فان كان القول بطول عمر شخص من الجهل فلم لم ينسب هؤلاء أحد الى الجهل مع اخراجهم هذه الأحاديث في كتبهم وصحاحهم ، وكيف ينسب الجهل الى من يعتقد طول عمر المهدي عليه‌السلام مع تجويز النبي (ص) مثله في عدو الله الدجال.

والحاصل ان بعد وقوع طول العمر لا موقع للتعجب منه فضلا عن الاستبعاد والقول باستحالته.

وقال العلامة السبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص ٣٧٧ : وعامة الامامية على أن الخلف الحجة موجود وأنه حي يرزق ، ويحتجون على حياته بأدلة منها إن جماعة طالت اعمارهم كالخضر وإلياس ، فانه لا

٢٣٥

يدرى كم لهما من السنين وأنهما يجتمعان كل سنة فيأخذ هذا من شعر هذا. وفي التوراة أن ذا القرنين عاش ثلاثة آلاف سنة والمسلمون يقولون ألفا وخمسمائة ، ونقل عن محمد بن إسحاق اسماء جماعة كثيرة رزقوا طول العمر وقد أسرد الكلام في جواز بقائه عليه‌السلام مذ غيبته الى الآن وأنه لا امتناع في بقائه ـ انتهى.

واستدل الحافظ الكنجي الشافعي في كتاب البيان باب ٢٥ على ذلك ببقاء عيسى والخضر وإلياس وبقاء الدجال وابليس ، وذكر دليلا على بقاء الدجال ما رواه مسلم في حديث طويل في الجساسة ـ انتهى :

وقد تضمنت التوراة من المعمرين اسماء جماعة كثيرة وذكر احوالهم ، ففي سفر التكوين الإصحاح الخامس الآية ٥ على ما في ترجمتها من العبرانية إلى العربية ط ـ بيروت سنة ١٨٧٠ م «فكانت كل ايام آدم التي عاشها تسعمائة وثلاثين سنة» وفي الآية ٨ قال «فكانت كل أيام شيث تسعمائة واثنتي عشرة سنة ومات» الآية ١١ «فكانت كل أيام انوش تسع مائة وخمس سنين ومات» وفي الآية ١٤ «فكانت كل أيام قينان تسعمائة وعشر سنين ومات» وفي الآية ١٧ «فكانت كل أيام مهلايل ثمانمائة وخمسا وتسعين سنة ومات» وفي الآية ٢٠ «فكانت كل أيام يارد تسعمائة واثنتين وستين سنة ومات» وفي الآية ٢٣ «فكانت كل أيام اخنوخ ثلاثمائة وخمسا وستين سنة» وفي الآية ٢٧ «فكانت كل أيام متوشالح تسعمائة وتسعا وستين سنة ومات» وفي الآية ٣١ «فكانت كل أيام لامك تسعمائة وسبعا وسبعين سنة ومات» وفي الاصحاح التاسع في ٢٩ «فكانت كل أيام نوح تسعمائة وخمسين سنة ومات» وفي الإصحاح الحادي عشر في الآية ١٠ الى ١٧ «هذه مواليد سام لما كان سام ابن مائة سنة ولد ارفكشاد بعد الطوفان بتين ١١ وعاش سام بعد ما ولد ارفكشاد خمس مائة سنة وولد

٢٣٦

بنين وبنات ١٢ وعاش ارفكشاد خمسا وثلاثين سنة وولد شالح ١٣ وعاش ارفكشاد بعد ما ولد شالح أربعمائة وثلاث سنين وولد بنين وبنات ١٤ وعاش عابر اربعا وثلاثين سنة ولد عابر ١٥ وعاش شالح بعد ما ولد عابر اربع مائة وثلاث سنين وولد بنين وبنات ١٦ وعاش عابر اربعا وثلاثين سنة وولد فالج ١٧ وعاش عابر بعد ما ولد فالج أربعمائة وثلاثين سنة وولد بنين وبنات».

وذكر في هذا الإصحاح جماعة غير هؤلاء من المعمرين نقتصر بذكر اسمائهم ، وهم فالح ورعو وسروج وناحور وتارح.

وفي الإصحاح الخامس والعشرين في الآية ٧ ذكر أن ابراهيم عاش مائة وخمس وسبعون سنة ، وفي الآية ١٧ ذكر أن اسماعيل عاش ١٣٧ سنة. وهذا بعض ما في التوراة من اسماء المعمرين وهو حجة على اليهود والنصارى.

وقال العلامة الكراجكي في كنز الفوائد في الكتاب الموسوم بالبرهان على صحة طول عمر الامام صاحب الزمان أن أهل الملل كلها متفقون على جواز امتداد الأعمار وطولها. وقال بعد ذكر بعض ما في التوراة : وقد تضمنت نظيره شريعة الاسلام ولم نجد أحدا من علماء المسلمين يخالفه او يعتقد فيه البطلان ، بل اجمعوا من جواز طول الأعمار على ما ذكرناه ـ انتهى. وقد نقل مثل ذلك عن المجوس وللبراهمة والبودائية وغيرهم ، ومن يريد الاطلاع على احوال المعمرين فيطلبها من البحار وكتاب المعمرين لابي حاتم السجستاني وكتاب كمال الدين وكنز الفوائد في الرسالة الموسومة بالبرهان على صحة طول عمر الامام صاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف واشبع الكلام في بيان الأدلة الدالة على جواز طول الأعمار.

هذا كله مع ما يثبت في علم الحياة وعلم منافع الأعضاء وعلم الطب

٢٣٧

امكان طول عمر الانسان اذا واظب على رعاية قواعد حفظ الصحة ، وان موت الانسان ليس سببه أنه عمر تسعين او ثمانين او غيرهما بل لعوارض تمنع عن استمرار الحياة ، وقد تمكن بعض العلماء من اطالة عمر بعض الحيوانات ٩٠٠ ضعف عمره الطبيعي ، فاذا اعتبرنا ذلك في الإنسان وقدرنا عمره الطبيعي ٨٠ سنة يمكن اطالة عمره (٧٢٠٠٠) ، ومن اراد تفصيل ذلك فليراجع الى مجلة الهلال الجزء الخامس من السنة ٣٨ (ص ٦٠٧ مارس ١٩٣٠).

وذكر الشيخ طنطاوي الجوهري في الجزء ١٧ من تفسيره الذي سماه بالجواهر ص ٢٢٤ في تفسير قوله تعالى (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ) مقالة نشرتها مجلة كل شيء تحكى عن امكان اطالة العمر وتجديد قوى الشيوخ ، وأن الدكتور فورد نوف الذي طار اسمه في كل ناحية لا كطيب بل كمبشر بامكان اطالة الأعمار الى ما فوق المائة وبامكان عود الشباب تجارب ذلك في الحيوانات. قال : قد عملت الى الآن ٦٠٠ عملية ناجحة ، واقول الآن عن اقتناع أنه لا ينصرم القرن العشرون حتى يمكن تجديد قوى الشيوخ وازالة غبار السنين عن وجوههم ـ الى أن قال ـ إن المرء يولد مستعدا للحياة قرنين من حيث تركيب بنيته ونظام قواه قياسا على ما نراه في الحيوانات ، أليس الانسان حيوانا مثلها. على أن هوفلند لم ينفرد في هذا الرأي فكل الذين يدرسون طبائع المخلوقات يرون رأيه ويرون طلائع النور من ابحاثهم بامكان اطالة العمر ـ الى أن قال ـ ويدعم هذا الرأي ما تراه من حياة بعض الإنسان الذين عاشوا أعمارا طويلة ، إن هنري فبكس الانجليزي الذي ولد في ولاية بورك بانكلترا عاش ١٦٩ سنة ، ولما بلغ كان يحارب في معركة فلورفيلد. وجون بافن البولندي عاش ١٧٥ سنة ورأى بعينه ثلاثة من اولاده يتجاوزون المائة من اعمارهم. ويوحنا سور

٢٣٨

الذي توفي سنة ١٧٩٧ م عاش ١٦٠ سنة ، وكان بين اولاده من هو في المائة وخمس سنوات. وطوزمابار عاش ١٥٢ سنة ، وكورتوال ١٤٤ سنة. على أن اكثر من عاش بين البشر حديثا على ما يعرف هو زنجي بلغ ٢٠٠ سنة ، والإحصاءات تدل على أن اعمار الناس اطول في اسوج ونروج وانكلترا منها في فرانسا وايطاليا وكل جنوب اوربا.

والغرض من ذلك كله أن مسألة طول العمر ليس من المسائل التي وقعت موقع انكار العلماء وارباب المذاهب والأديان ، بل قدره كل واحد منهم من طريق فنه او من طريق دينه ومذهبه ، فكل ما كان الانسان بقواعد حفظ صحة البدن اعرف يكون عمره اطول. قال بعض الاطباء «الموت ينشأ عن المرض لا عن الشيخوخة».

وجوده لطف وتصرفه لطف آخر

وعدمه منا كما قال الخواجة في التجرد

كمال الدين : عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار عن علي بن محمد بن قتيبة النيشابوري عن محمد بن سليمان النيشابوري عن احمد بن عبد الله بن جعفر المدائني عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال : سمعت الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام يقول : إن لصاحب هذا الأمر غيبة لا بدّ منها يرتاب فيها كل مبطل. فقلت : ولم جعلت فداك؟ قال : الأمر لم يؤذن لنا في كشفه. قلت : فما وجه الحكمة في غيبته؟ قال : وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره ، إن وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف الا بعد ظهوره كما لا ينكشف وجه الحكمة لما اتاه

٢٣٩

الخضر من خرق السفينة وقتل الغلام واقامة الجدار لموسى إلا وقت افتراقهما ، يا ابن الفضل إن هذا الأمر أمر من امر الله تعالى وسر من سر الله وغيب من غيب الله ، ومتى علمنا أنهعزوجل حكيم صدقنا بأن افعاله واقواله كلها حكمة وان كان وجهه غير منكشف لنا.

اعلم أن اختفاء سبب الغيبة عنا ليس مستلزما لصحة انكار وقوعها او عدم وجود مصلحة فيها ، فان سبيل هذه وسبيل غيرها من الحوادث الجارية بحكمة الله تعالى سواء ، فكما أنه لا سبيل إلى انكار المصلحة في بعض افعاله تعالى مما لم نعلم وجه حكمته ومصلحته لا طريق أيضا إلى انكار المصلحة في غيبة وليه وحجته ، فان مداركنا وعقولنا وقاصرة عن ادراك فوائد كثير من الأشياء وسنن الله تعالى في عالم التكوين والتشريع ، بل لم نعط مدارك ندرك بها كثيرا من المجهولات ، فالاعتراف بقصور افهامنا أولى.

وقال مولانا الصادق (ع) : يا ابن آدم لو أكل قلبك طائر لم يشبعه ، وبصرك لو وضع عليه خرت ابرة لغطاه ، تريد ان تعرف بها ملكوت السماوات والأرض.

والحاصل أنه ليس علينا السؤال عن هذه بعد إخبار النبي والمعصومين من أهل بيته (ص) عن وقوعها ودلالة الأحاديث القطعية عليها وبعد وقوعها في الأمم السالفة كما ذكره الإمام في رواية سدير الطويلة.

إن قلت : أي فائدة في وجود الامام الغائب عن الأبصار ، فهل وجوده وعدمه إلا سواء؟

قلت : أولا إن فائدة وجود الحجة ليست منحصرة في التصرف في الأمور ظاهرا ، بل اعظم فوائد وجوده ما يترتب عليه من بقاء العالم باذن الله تعالى وامره كما ينادي بذلك قوله (ص) «اهل بيتي امان لأهل الأرض ، فاذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض» وقوله (ص)

٢٤٠