عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ١

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني

عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ١

المؤلف:

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٣
الصفحات: ٣١١

توفي بالمدينة المنورة يوم الاثنين لخمس بقين من شوال ، وقيل في منتصف رجب سنة ١٤٨ من الهجرة.

قال الكفعمي مات الامام الصادق (ع) مسموما في عنب.

وقال ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة : يقال ان جعفر الصادق (ع) مات بالسم في ايام المنصور. وعن ابن بابويه سمه المنصور الدوانيقي.

ودفن بالبقيع مع أبيه وجده وعمه الحسن عليهم‌السلام ،

الامام السابع

موسى الكاظم عليه‌السلام

هو الامام موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالبعليهم‌السلام ، وهو سابع ائمة أهل البيت صلوات الله عليهم اجمعين ، ولد بالأبواء (وهي منزل بين مكة والمدينة قريب من الجحفة والرابع) ، يوم الأحد سابع صفر سنة ثمان وعشرين ومائة المصادف ٧٤٥ ميلادية.

أمه أم ولد يقال لها حميدة بنت صاعد المغربية ، ويقال انها اندلسية وإنها كانت حميدة المصفاة وتلقب بالمصفاة وأن زوجها الصادق (ع) لقبها بذلك.

(ألقابه وكناه):

يكنى بأبي ابراهيم وبأبي الحسن الأول ، وأشهر ألقابه الكاظم ، ويعرف بالعبد الصالح حتى اشتهر بذلك.

قال فيه القرماني : هو الامام الكبير القدر الأوحد الحجة الساهر ليله قائما القاطع نهاره صائما ، المسمى لفرط حبه وتجاوزه عن المعتدين كاظما ، وهو المعروف عند أهل العراق بباب الحوائج ، لأنه ما خاب المتوسل به في قضاء حاجته قط.

١٨١

(صفاته عليه‌السلام)

قال ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة : هو المعروف عند أهل العراق بباب الحوائج لنجح قضاء حوائج المتوسلين به.

وقال للشيخ المفيد في الإرشاد : وكان موسى بن جعفر عليهما‌السلام أجل ولد ابي عبد الله الصادق (ع) قدرا وأعظمهم محلا وابعدهم في الناس صيتا ، ولم ير في زمانه أسخى منه ولا اكرم نفسا وعشرة ، وكان اعبد أهل زمانه وأورعهم وأجلهم وافقههم وأسخاهم كفا واكرمهم نفسا ، وكان اوصل الناس لأهله ورحمه ، وكان يتفقد فقراء المدينة بالليل فيحمل إليهم الزنبيل فيه الذهب والفضة والأدقة والتمر فيوصل إليهم ذلك ولا يعلمون من أي جهة هو ، وكان الناس بالمدينة يسمونه زين المجتهدين ، ويسمى بالكاظم لكظمه الغيظ والصبر عليه من فعل الظالمين به حتى مضى قتيلا في حبسهم ووثاقهم.

وقال كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي في مطالب السئول عن مناقب الرسول في الامام الكاظم : هو الامام الكبير القدر العظيم الشأن الكثير التهجد الجاد في الاجتهاد المشهور بالعبادة المواظب على الطاعات المشهور بالكرامات ، يبيت الليل ساجدا وقائما ويقطع النهار صائما ، ولفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين عليه دعي كاظما ، وكان يجازي المسيء باحسانه إليه ويقابل الجاني عليه بعفوه ، ولكثرة عباداته كان يسمى بالعبد الصالح ، ويعرف في العراق بباب الحوائج إلى الله لنجح المتوسلين به إلى الله ، كراماته سلام الله عليه تحار منها العقول وتقضي بأن له عند الله تعالى قدم صدق لا تزول ـ انتهى كلامه.

قال ابن خلكان في وفيات الأعيان : كان موسى بن جعفر سخيا كريما ، وكان يسمع عن الرجل أنه يؤذيه فيبعث إليه بصرة فيها ألف

١٨٢

دينار ، وكان يصر الصرر ثلاثمائة دينار وأربعمائة ومائتي دينار ثم يقسمها بالمدينة.

قال ابو الفرج في مقاتل الطالبيين : وكان صرار موسى مثلا ، وعن عمدة الطالب كان أهله يقولون عجبا لمن جاءته صرة موسى فشكا القلة.

وكان الكاظم انيق الملبس جميل الثياب ، وقد روى عبد الله بن جعفر الحميري عن ولده الرضا (ع) أنه قال لي أبي أي الكاظم ما تقول في اللباس الحسن؟ فقلت : بلغني أن الحسن كان يلبس. فقال لي البس وتجمل فان علي بن الحسين (ع) كان يلبس الجبة الخز بخمسمائة درهم والمطرف الخز بخمسين دينارا فيشتو فيه ، فاذا خرج الشتاء باعه فتصدق بثمنه ، وتلا هذه الآية (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ).

(ملكاته الأدبية): ـ

في تحف العقول للحسن بن علي بن شعبة قال ابو حنيفة امام أهل السنة : حججت في أيام ابى عبد الله الصادق (ع) ، فلما أتيت المدينة دخلت داره فجلست في الدهليز انتظر إذنه إذ خرج صبي ، فقلت : يا غلام اين يضع الغريب الغائط من بلدكم؟ قال : على رسلك ، ثم جلس مستندا إلى الحائط ثم قال : توق شطوط الأنهار ، ومساقط الثمار ، وأفنية المساجد ، وقارعة الطريق ، وتوار خلف جدار ، وشل ثوبك ، ولا تستقبل القبلة ولا تستدبرها وضع حيث شئت ، فأعجبني ما سمعت من الصبي. يقول ابو حنيفة : فقلت له : ما اسمك؟ فقال : أنا موسى بن جعفر ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع).

(حسادة هارون الرشيد لموسى بن جعفر): ـ

كان هارون الرشيد يرى ويشاهد إقبال الناس على الإمام الكاظم

١٨٣

عليه‌السلام والقبول منه والأخذ عنه والرجوع إليه ، وعند ما يراه مالكا قلوب الناس متمتعا بهذه الشعبية المحبوبة تساوره الهواجس ويحاذر على سلطانه منه ، فتراه تارة يسأله فيقول له : كيف صرتم ذرية رسول الله وانتم بنو علي وإنما ينتسب الرجل إلى جده لأبيه دون جده لأمه؟ فيجيبه الامام موسى عليه‌السلام بقوله : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى) وليس لعيسى أب وانما ألحق بذرية الأنبياء من قبل أمه ، وكذلك ألحقنا بذرية النبي من قبل أمّنا فاطمة. ثم قال الكاظم (ع) للرشيد : لو نشر رسول الله وخطب أليك كريمتك أكنت تزوجه؟ فقال : نعم وافتخر على العرب والعجم. قال الإمام : ولكنه لا يخطب مني ولا ازوجه لأنه ولّدنا ولم يلدكم.

(من اقوال الامام الكاظم وحكمه):

التدبير نصف العيش ، والتودد إلى الناس نصف العقل ، كثرة الهم تورث الهرم ، اتق الله وقل الحق وإن كان فيه هلاكك فان فيه نجاتك ، ودع الباطل وإن كان فيه نجاتك فان فيه هلاكك.

المؤمن مثل كفتي الميزان كلما زيد في ايمانه زيد في بلائه.

ليس حسن الجوار كف الأذى ، ولكن حسن الجوار الصبر على الأذى.

سمع الامام موسى بن جعفر رجلا يتمنى الموت فقال له : هل بينك وبين الله قرابة يحابك لها؟ قال : لا. قال : فهل لك حسنات قدمتها تزيد على سيئاتك؟ قال : لا. قال: فأنت اذن تتمنى هلاك الأبد.

قال : من استوى يوماه فهو مغبون ، ومن كان آخر يوميه شرا مما مضى فهو ملعون ، ومن لا يعرف الزيادة في نفسه فهو في النقصان ، ومن كان إلى النقصان فالموت خير له من الحياة.

١٨٤

اجعلوا لأنفسكم حظا من الدنيا باعطائها ما تشتهي من الحلال وما لا يثلم المروءة وما لا سرف فيه ، واستعينوا بذلك على امور الدين ، فانه ليس منا من ترك دنياه لدينه او ترك دينه لدنياه.

(حبوسه سلام الله عليه): ـ

وخاف الرشيد على خلافته منه ، فطلبه من المدينة وقيده وأرسل به إلى البصرة فحبسه عند عيسى بن جعفر ، وكان حمله (ع) من المدينة لعشر ليال بقين من شوال ، قيل وفي السابع والعشرين من رجب سنة تسع وسبعين ومائة ، فقدم به حسان السروي البصرة قبل التروية بيوم فدفعه إلى عيسى بن جعفر فحبسه في بيت من بيوت المحبس واقفل عليه وشغله عنه العيد ، فكان لا يفتح عليه الباب الا في حالتين : حال يخرج فيها إلى الطهور ، وحال يدخل إليه فيها الطعام. وكتب إلى الرشيد لقد طال امر موسى بن جعفر ومقامه في حبسي ، وقد اختبرت حاله ووضعت عليه العيون طول هذه المدة فما وجدته يفتر عن العبادة ، ووضعت عليه من يسمع منه ما يقول في دعائه فما دعا عليك ولا علي ولا ذكرنا بسوء وما يدعو إلا لنفسه بالمغفرة والرحمة ، فان أنت أنفذت إلى من يتسلمه مني وإلا خليت سبيله فاني متحرج من حبسه ، فوجه الرشيد من تسلمه منه وصبره الى بغداد سنة ١٨٠ فسلم إلى الفضل بن الربيع ، فبقي محبوسا عنده مدة طويلة.

وعن الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد : بعث موسى بن جعفر (ع) من الحبس رسالة إلى هارون يقول : لن ينقضي عني يوم من البلاء حتى ينقضي عنك معه يوم من الرخاء حتى نفضي جميعا إلى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون.

وطلب الرشيد من الفضل قتله (ع) فأبى ، فكتب إليه أن يسلمه

١٨٥

إلى الفضل بن يحيى البرمكي ، فتسلمه منه وجعله في بعض حجر دوره ووضع عليه الرصد ، فكانت العيون تخبره أنه لا يزال يذكر الله تعالى ولم تزل لحيته مخضلة بالدموع من خشية الله ، وكان اذا قرأ القرآن رفع صوته بالقراءة فيبكي ويخشع كل من سمعه ، فقال ما لي ولهذا العبد الصالح ، واراد اطلاقه فخاف من الرشيد فأمر أهل الحبس أن يدعو الامام على رسله.

(شهادته عليه‌السلام): ـ

ثم تسلمه السندي بن شاهك النصراني مدير شرطة عام هارون ، فسمه بالطعام وقيل سمه برطب ، ولبث ثلاثة ايام ثم توفي في آخر اليوم الثالث بعد ما حبس اربع سنوات ، وقيل سبع وقيل اربع عشرة سنة ، والمشهور هو الأول.

وكانت شهادته ووفاته ببغداد لست او لخمس بقين من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة ١٨٣ المصادف ٧٩٩ الميلادية وهو ابن خمس وخمسين سنة على المشهور ، ودفن ببغداد في الجانب الغربي في المقبرة المعروفة بمقابر قريش بباب التبن.

قال المفيد : وكانت هذه المقبرة لبني هاشم والأشراف من الناس قديما.

(اولاده سلام الله عليه): ـ

المشهور بين علماء النسب أنهم سبعة وثلاثون ما بين ذكر وانثى :

الامام علي الرضا (ع) وسيأتي ذكر حالاته الشريفة ، ابراهيم ، القاسم المدفون بين الحلة والديوانية ، العباس لأمهات اولاد.

أحمد ، محمد العابد ، حمزة لأم ولد.

عبد الله ، اسحاق ، عبيد الله ، زيد ، الحسن ، الفضل ، الحسين ، سليمان لأمهات اولاد.

١٨٦

فاطمة الكبرى ، فاطمة الصغرى المشهورة بالمعصومة ماتت في قم بعد أن بقيت سبعة عشرة يوما ودفنت في مقبرة بابلان وقبرها مزار معروف يزورها كل قاصد ، رقية ، حكيمة ، أم ابيها ، رقية الصغرى ، أم جعفر ، لبابة ، زينب ، خديجة ، علية ، آمنة ، حسنة ، بريهة ، عائشة ، أمّ سلمة ، ميمونة ، أم كلثوم لأمهات أولاد وكلهم مدفونون في المدينة غير فاطمة الصغرى المشهورة بمعصومة.

قال الشيخ أبو نصر البخاري : وولد موسى الكاظم عليه‌السلام ستين ولدا سبعا وثلاثين بنتا وثلاثة وعشرين ابنا ، درج منهم خمسة لم يعقبوا بغير خلاف وهم عبد الرحمن وعقيل والقاسم ويحيى وداود ، ومنهم ثلاثة لهم إناث وليس لأحد منهم ولد ذكر وهم سليمان والفضل وأحمد ، ومنهم خمسة في أعقابهم خلاف وهم الحسين وابراهيم الأكبر وهارون وزيد والحسن ، ومنهم عشرة أعقبوا بغير خلاف وهم على وابراهيم الاصغر والعباس وإسماعيل ومحمد العابد وحمزة وإسحاق وحمزة المدفون في الرى (جنب شاه زاده عبد العظيم قرب طهران عاصمة ايران).

وقال الشيخ تاج الدين النسابة : اعقب الكاظم (ع) من ثلاثة عشر ولدا رجلا : منهم أربعة مكثرون وهم علي الرضا (ع) وابراهيم المرتضى ومحمد العابد وجعفر ، وأربعة متوسطون وهم زيد النار وعبد الله وعبيد الله وحمزة ، وخمسة مقلون وهم العباس وهارون وإسحاق والحسن والحسين انتهى كلامه.

في تذكرة جامع الانساب تأليف المؤلف ص ١٣٩ نقلت عن كتاب كنز الانساب للسيد المرتضى أنه قال : ولد لموسى بن جعفر (ع) تسعة وثلاثين ولدا : الامام الرضا (ع) وحسين وفضل الله وعلي وحسن ومحسن وشراربن وعبد الله وعقيل وطيب ومحمد العابد واحمد المعروف بشاه جراغ

١٨٧

المدفونين في مدينة شيراز وناصر وحمزة ـ وهو جد الملوك الصفوية ومحمود وسام ولام وزيد النار وباقر والياس وعباس ونوح وعمران وادنان وصالح وعون وسالم وسليم وزكريا وشعيب واسماعيل وابراهيم المرتضى ويوسف وعبيد الله وهارون وعبد الرحمن ويحيى ويعقوب.

مدفن يحيى بن موسى بن جعفر (ع)

في قصبة صائين قلعة ابهر زنجان

كان يحيى بن موسى كريما جليلا ورعا وله مزار مبروك يعقد عليه النذور وله ضريح صنع في تاريخ ٩٥٧ ه‍ في دار الامان جيلان في بلدة لاهيجان ودفن في جنبه السادة الأخبار منهم السيد باقر بن سيد ابراهيم جد المؤلف من طرف الأب والسيد عيسى بن السيد قوام والعامل الكامل حجة الإسلام الحاج ملا قربانعلي قدس‌سره جد المؤلف من طرف الأم وقد جدد قبره عدة من الأخيار الحاج آغا حسين المعين والحاج علي محمد المعين والرجل الكريم حسين آقا جامي زاد الله توفيقاتهم.

وقبر امامزاده يعقوب بن موسى بن جعفر (عليه‌السلام) أيضا في قصبة صائين قلعة ولكن بمسافة اربع كيلومترات بعيدة عنها.

وجاء يعقوب بن موسى بن جعفر إلى ابهر مع عدد من اخوته واعوانه في زمان الرضا (ع) وفي كتاب كنز الأنساب ذكر أنه جاء من العراق الى قزوين ثم هاجر الى كردستان ثم منها إلى ابهر ثم فر من ابهر الى قرية مشكين وهي لحد الآن موقوفة له ومن مزارع صائين قلعة ومات هناك وكان سيدا جليلا ورعا وله مزار معروف يزوره الزائرون في أيام الصيف والخريف من القصبات والقرى ورأيت في استشهاد أهالي صائين قلعة وخرمدرة وهيدج

١٨٨

وابهر وكبود جشمة كتب أنه من ولد موسى بن جعفر (ع) بلا واسطة وهذا نص عبارة الاستشهاد : هو على كل شيء قدير أما بعد الحمد والصلاة غرض از تحرير ابن كلمات واضحة البينات حامل اين صفحه واضحة الدلالة شيخ علي ابن مرحوم ندر وشيخ صالح خادم ومتوليان بقاع إمام زاده واجب التعظيم والتكريم امام زاده يحيى وامام زاده يعقوب وامام زاده عبد الله اولاد جناب امام موسى الكاظم عليه وعلى آبائه واولاده الطاهرة ألف تحية والثناء استعلام واستخبار مينمايد از فضلاء ذوي الاحترام وسادة الكرام وصلحاء ومتصديون خالصه سلطاني وكافه مؤمنين كه هركه عليم وخبير بوده كه مزرعه موسومه بشكين در جوار قصبه صائين قلعه است كه بقعه امام زاده يعقوب در آن مزرعه واقع است در تحت تصرف متوليان مذكور بوده از زمان سلاطين سلف إلى الآن أحدى دخل در مزرعه نكرده الخ في شهر ذي القعدة الحرام ١٢٢٨ ه‍ ولقد جدد بناء البقعة مرات عديدة ، وأخيرا أحدثنا حوضا كبيرا لأجل الزوار وعدة من الغرف بناها أهل الخير لأجل الزوار.

والعقب لمحمد العابد من ابراهيم المجاب المدفون في حائر الحسين سلام الله عليه.

محمد العابد بن موسى الكاظم عليه‌السلام

وقد ذكر ترجمته علماء التراجم منهم الشيخ المفيد والخوانساري صاحب روضات الجنات والمامقانى والاستاذ الفقيد ابو القاسم سحاب في كتابه زندگانى موسى بن جعفر (ع) والسيد محمد علي الروضاتي الاصفهاني في جامع الأنساب وميرزا فرصت شيرازي في آثار العجم والعلامة السيد جعفر بحر العلوم

١٨٩

في تحفة العالم والسيد نعمت الله الجزائري وغيرهم من علماء التراجم والنسب مثل ابن شدقم والبخاري والمجدي وصاحب عمدة الطالب وابن بطوطة في رحلته وغيرهم.

ذكر العلامة بحر العلوم في رجاله ص ٤٣٨ في ترجمة ابراهيم بن محمد العابد وانما لقب ابوه بالعابد لكثرة عبادته وصومه وصلاته وذكره الفاضل السيد نصير الحسيني المشهور بميرزا (فرصت) في كتابه آثار العجم ص ٤٤٨ في عهد الخلفاء جاء إلى شيراز واختفى فيها إلى أن قال على كل حال فبقعته المنورة مطاف ومزار ومحل الفيوضات وكثير من السادات والأخيار والصلحاء والابرار مدفونون في جوار قبره.

وهو جد السادة الأحمديين في صائين قلعة وسادة سكزآباد قزوين ومجابي شيراز وقزوين ونسب المؤلف ينتهي إليه أيضا.

مع ٣٤ واسطة وجدنا الاكبر المعروف بسيد تاج الدين المدفون في خوئي مدينة كبيرة في آذربايجان وله مزار معروف يزار فيه وجاء السيد محمد مع أخيه الى قصبة صائين قلعة قرب ابهر وسكن فيها ومات وخلف ولدا اسمه السيد امين وابنه السيد مراد علي وابن السيد مراد علي السيد مير الله ويردى وابنه السيد بهرامعلى هاجر الى سكزآباد بوئين زهراء المخروبة من أثر الزلزلة وخلف السيد بهرامعلى في صائين قلعة أربعة اولاد ذكور الأول العالم الفاضل الحاج سيد رضا وهو من تلامذة المجدد الشيرازي الميرزا محمد حسن الشيرازي المولد الحسيني النسب النجفي المدفن الثاني الحاج السيد حبيب وهو رجل ذو ثروة ومكنة الثالث الحاج السيد اسماعيل واعظ مشهور الرابع السيد ابراهيم صاحب الكشف والكرامات مات في سنة ١٣٢٢ وله ثلاثة اولاد السيد باقر والسيد الميرزا والسيد يعقوب السيد باقر توفي سنة ١٣٦٢ ه‍ ودفن في جنب امام زاده يحيى بن موسى الكاظم وللسيد باقر

١٩٠

اولاد ثلاثة الأول السيد صدر الدين وهو مهندس قصر البلاط مات ولم يعقب والثاني السيد فتاح وهاجر من بلاده الى طهران الثالث السيد ساجدين له كرامات مشهورة معروفة وقرأ اوليات المقدمات عند الملا حسين الواعظ ومات في تاريخ ١٣٢٩ شمسي في راد كان من توابع ضياءآباد قزوين ودفن جنب امام زاده ابو سعيد وله مزار معروف يقصده الزائرون. وللسيد الساجدين أربعة اولاد :

(الأول) الرجل الفاضل العلامة الورع الزكي الحاج السيد اسماعيل الأحمدي ولد في قصبة صائين قلعة في سنة ١٣٠٤ ش وهاجر إلى قم وتلمذ عند عدة من الأعلام ثم هاجر الى النجف الأشرف وتلمذ على الاعلام مثل المرحوم الحاج الميرزا حسن اليزدي والعلامة السيد محمد باقر المحلاتي المرحوم وآية الله السيد ابو القاسم الخوئي والآية الميرزا باقر الزنجاني والعلامة الثاني السيد عبد الهادي الشيرازي. ورجع إلى ايران وسكن في احلاف قزوين في قصبة ورسج وله من الآثار الخيرية من قبيل المسجد والحمام وآب انبار وله ثلاثة اولاد ذكور.

الأول السيد حسن وهو في طريقه إلى التخرج من صفوفه الثانوية.

الثاني السيد محسن ولا يزال يواصل السير لإكمال صفوفه.

الثالث السيد مهدي.

(الثاني) الحاج السيد محمد ولد في سنة ١٣١٠ ش في قصبة صائين قلعة وتلمذ في مدرسة هيدج اوليات المقدمات عند العالم الفاضل الحاج الشيخ محمد حسين الفهيمى المرحوم ثم هاجر إلى قم واستفاد من الأعلام فيه ثم هاجر إلى النجف ودرج في مدارج العلم والأدب والتقوى واستفاد من الاعلام الآية الخوئي والزنجاني والحمامي والسيد عبد الاعلى السبزواري ورجع الى مدينة قم وله من الآثار الخيرية وبناء مسجدين في قصبة صائين قلعة

١٩١

وبناء جسر كبير فيها أيضا وفي اطراف البلدة اسس آثارا خيرية من قبيل آب أنبار ومساجد وقنوات كثيرة وله ولدين.

الاول السيد علي لا يزال في طريقه إلى التخرج من صفوفه.

الثاني السيد أفضل.

(الثالث) من اولاد السيد ساجدين الورع الزكي الوفي السيد مرتضى ولد في تأريخ ١٣١٦ ش في صائين قلعة وقرأ في المدارس الحكومية وهاجر الى النجف الاشرف وبقي شهورا ولم يساعد مزاجه في الاقامة فرجع الى وطنه وله ولد واحد اسمه السيد مصطفى لا يزال يواصل دراسته.

(الرابع) من اولاد السيد ساجدين الحاج السيد ابراهيم ذكر ترجمته العلماء المعاصرون منهم السيد عماد الحجازي الأبهري في مجموعة فرهنك ابهر والاستاذ ابو القاسم سحاب في كتابه زندگانى موسى بن جعفر (ع) ص ١٥٠ بعنوان سادات زنجاني والفاضل المعاصر السيد محمد علي الروضاتي الاصفهاني في جامع الأنساب ص ١٧٢ والعلامة المعاصر الشيخ حيدر النجفي في خطباء المنابر والعلامة الجليل الشيخ موسى الزنجاني صاحب فهرست مشاهير علماء زنجان ص ٩٠ وذكر العلامة الجليل والمعاصر النبيل الشيخ هادي الأميني في كتابه معجم رجال الفكر والأدب في النجف خلال الف عام ص ٢١٣ السيد ابراهيم بن السيد ساجدين بن السيد باقر ولد في قصبة صائين قلعة ابهر سنة ١٣٤٤ / ١٩٢٦ عالم فاضل مؤرخ جليل كاتب متتبع كثير البحث والتنقيب والمطالعة ومن ائمة الجماعة والوعظ والارشاد الديني له من التأليفات ا ـ أساطين الشيعة ـ ٤ مجلدات وتقريرات الأصول ٣ ج باسم اصفى الاصول من تقريرات السيد امام المسلمين الحاج السيد ابو القاسم الخوئي ومن تقريرات سيدنا الاستاذ أيضا دليل العروة في الفقه ـ ورسالة عدالت تقرير الحجة الثبت الميرزا باقر الزنجاني وجامع الانساب مجلدين مطبوع واثبات الحجة

١٩٢

مطبوع وجغرافياى ايران وفوائد الرضوية وجمال العارفين في الأخلاق وحاشية السفر الأول من الأسفار وعقائد الامامية الاثنا عشرية هذا الكتاب في مجلدين وتاريخ دانشمندان زنجان وابهر واطرافهما ومناسك حج مع تاريخ مكة والمدينة وشرح خلاصة الحساب للشيخ البهائي وتأريخ النجف الأشرف وغير ذلك من الحواشي والرسائل. وله اولاد أربعة ذكور الأول السيد محمد كاظم المتولد في النجف الاشرف في سنة ١٣٧٢ ه‍ وهو لا يزال في طريقه إلى التخرج من صفوفه الثانوية في بغداد عند خاله الماجد حسين آقا النجفي والثاني السيد احمد المتولد ١٣٧٧ ه‍ وهو لا يزال يواصل السير لاكمال صفوفه والثالث الحاج السيد محمد باقر المتولد في النجف ١٩ رجب ١٣٨٢ ه‍ والرابع السيد محمد موسى الملقب بمكي المتولد ١٣٨٦ ه‍ خامس شهر رمضان المبارك.

والسيد محمد العابد هو جد سادات آل الخراسان نجف وسادات بهبهاني مقيم طهران وسادات عمارة : ديوانية عراق آل قارون بحرين وتاج الدين خوئي وسادات كشفي ودار آبي وسادات مشعشعى ـ موالي خوزستان وحويزة وشيراز وسادات كتابجي طهران وسادات فقهي شيرازي وكرمانشاهى وسادات مجابي قزوين وسادات سكزآباد بوئين زهراء قزوين من اولاد سيد بهرامعلى لأنه هاجر من صائين قلعة الى هناك وتزوج بها وأولد ولدين احدهما الحاج سيد جمال والثاني سيد أفضل اللهم بارك في اغصانهم.

الامام الثامن

علي بن موسى الرضا عليه‌السلام

ابن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن ابي طالب (ع).

١٩٣

(ولادته عليه‌السلام):

هو ثامن الائمة ولد بالمدينة يوم الجمعة او يوم الخميس في الحادي عشر من ذي القعدة سنة ثمان واربعين ومائة و٧٦٥ م ويقال إن ميلاده كان في سنة ثلاث وخمسين ومائة أي بعد وفاة جده الصادق (ع) بخمس سنين والمصادف ٧٧٠ م أمه أم ولد يقال لها سكن ثم سميت تكتم وسماها زوجها الكاظم (ع) بالطاهرة وذلك بعد ما ولدت (الرضا) وكناها بأم البنين أما لقبها فهو شقراء.

(صفاته عليه‌السلام):

دخل على الرضا (ع) وهو بنيسابور قوم من الصوفية فقالوا إن امير المؤمنين المأمون لما نظر فيما ولاه الله من الامور فرآكم أهل البيت أولى من قام بالامر في الناس ، ثم نظر في أهل البيت فرآك أولى بالناس من كل واحد فرد هذا الامر أليك ، والامامة تحتاج إلى من يأكل الجشب ويلبس الخشن ويركب الحمار ويعود المريض ويشيع الجنائز ، وكان إمامنا الرضا (ع) متكئا ، فاستوى جالسا ثم قال : كان يوسف بن يعقوب نبيا فلبس أقبية الديباج المزركشة بالذهب وجلس على متكآت آل فرعون وحكم وأمر ونهى ، وانما يراد من الامام القسط والعدل ، وإذا قال صدق وإذا حكم عدل وإذا وعد أنجز ، إن الله لم يحرم ملبوسا ولا مطعما ، وتلا قوله تعالى : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ).

وعن ابراهيم بن العباس كما روى الصدوق أنه قال : ما رأيت ولا سمعت بأحد أفضل من ابي الحسن الرضا (ع) ، ومن زعم أنه رأى مثله في فضله فلا تصدقوه ، شاهدت منه ما لم اشاهد من أحد ، وما رأيته جفا احدا بكلامه ، ولا رأيته قطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه ، ومارد

١٩٤

احدا عن حاجة يقدر عليها ، ولا مد رجليه بين يدي جليس له قط ، ولا رأيته يشتم احدا من مواليه ومماليكه ، وما رأيته تفل ، ولا رأيته يقهقه في ضحكه بل كان ضحكه التبسم ، وكان إذا خلا ونصب مائدته اجلس عليها مواليه ومماليكه حتى البواب والسائس.

وعن ياسر الخادم قال كان الرضا (ع) إذا خلا جمع حشمه كلهم عنده الصغير والكبير فيحدثهم ويأنس بهم ويؤنسهم.

وروى أنه دعا يوما بمائدة له ، فجمع عليها مواليه من السودان وغيرهم ، فقال له بعض اصحابه : جعلت فداك لو عزلت لهؤلاء مائدة. فقال : إن الرب تبارك وتعالى واحد والأم واحدة والأب واحد والجزاء بالأعمال.

وعن محمد بن أبي عباد قال : كان جلوس الرضا على حصير في الصيف وعلى مسح في الشتاء ، ولبسه الغليظ من الثياب حتى اذا برز للناس تزين لهم.

(علمه وفضله سلام الله عليه): ـ

روى الصدوق وغيره عن ابراهيم بن العباس أنه قال : ما رأيت الرضا عليه‌السلام سئل عن شيء قط الا علمه ، ولا رأيت اعلم منه بما كان في الزمان إلى وقته وعصره.

وعن ابي الصلت الهروي قال : ما رأيت اعلم من علي بن موسى الرضا (ع) ، ولا رآه عالم إلا شهد بمثل شهادتي ، ولقد سمعت علي ابن موسى الرضا يقول : كنت اجلس في الروضة «يعني عند قبر النبي (ص)» والعلماء بالمدينة يتوافرون ، فاذا أعيى الواحد منهم عن مسألة اشار الي بأجمعهم وبعثوا إلي بالمسائل فأجبت عنهم.

ومباحثاته في مجلس المأمون مع رؤساء الأديان وافهامه لهم واعترافهم بفضل علي بن موسى الرضا (ع) مشهورة.

١٩٥

وقال ابن شهرآشوب : وقد روى عنه جماعة من المصنفين منهم ابو بكر الخطيب في تاريخه والثعلبي في تفسيره والسمعاني في رسالته وابن المعتز في كتابه وغيرهم.

وعن كتاب نثر الدرر قال : سأل الفضل بن سهل علي بن موسى الرضا عليه‌السلام في مجلس المأمون فقال : يا أبا الحسن الناس مجبرون؟ فقال : الله اعدل من أن يجبر ثم يعذب. قال : فمطلقون؟ قال : الله احكم من أن يهمل عبده ويكله إلى نفسه.

(ولاية عهد الخلافة العباسية): ـ

كان الرشيد قد بايع لابنه محمد الأمين بن زبيدة المتوفاة في تبريز وبعده لولده الثاني عبد الله المأمون وبعدهما لأخيهما المؤتمن ، وجعل امر عزله وابقائه بيد المأمون ، وكتب بذلك صحيفة وأودعها في جوف الكعبة ، وقسم البلاد بين الأمين والمأمون ، فجعل شرقيها للمأمون وأمره بسكنى (مرو) في خراسان اليوم ، وغربيها للأمين وأمره بسكنى بغداد ، فكان المأمون في حياة أبيه في مرو ، ثم ان الامين بعد موت أبيه في خراسان خلع أخاه المأمون عن ولاية العهد ، فقامت قيامة المأمون ووقعت الحرب بينهما ، ولما قتل أخاه الامين واستقل بالسلطنة وجرى حكمه في شرق الأرض وغربها كتب إلى الرضا (ع) يستقدمه من المدينة إلى خراسان ، فامتنع واعتل بعلل كثيرة ، فما زال المأمون يكاتبه ويسأله حتى علم الرضا (ع) أنه لا يكف عنه ، فأجابه فبعث المأمون رجاء بن أبي الضّحاك وياسر الخادم إلى المدينة ليشخصا إليه الرضا (ع) ومحمد بن جعفر عم الرضا (ع) وجماعة من آل أبي طالب ، وذلك في سنة مائتين من الهجرة.

(وحب أهل البيت نافع له ولو كان المحب فاسقا): ـ

١٩٦

وكان جمال الرضا (ع) من قرى اصفهان ، ولما اراد أن يرجع قال : يا ابن رسول الله (ص) شرفنى بخطك حتى يكون افتخارا لولدي ، وكان الرجل من العامة. قال الرضا (ع) : «كن محبا لآل محمد وإن كنت فاسقا ، او محبا لمحبيهم وان كانوا فاسقين» قيل هذا الخط موجود عند بعض أهل القرية.

(حديث سلسلة الذهب): ـ

في كتاب كشف الغمة لعلي بن عيسى الإربلى نقلا عن تاريخ نيشابور قال : لما وصل الرضا (ع) بنيشابور جاء رجلان من حفاظ الحديث احدهما ابو ذرعة الرازي وثانيهما محمد بن السلم الطوسي قالا : ايها السيد بن السادة ايها الامام ابن الائمة ايها السلالة الطاهرة المرضية ايها الخلاصة الزاكية النبوية بحق آبائك الأطهرين واسلافك الاكرمين الا اريتنا وجهك المباركة الميمونة ورويت لنا حديثا عن آبائك عن جدك نذكرك به.

فتوقفت بغلة الرضا (ع) وكشف وجهه الشريف ففازت عيون المسلمين بطلعة وجهه ، ونادى ائمة الحديث وقضاة نيشابور : يا معاشر الناس اسكتوا واسمعوا.

قال الرضا (ع) : حدثني ابي موسى بن جعفر الكاظم ، قال حدثني ابي جعفر بن محمد الصادق قال حدثني أبي محمد بن علي الباقر ، قال حدثني أبي علي بن الحسين ، قال حدثني أبي حسين بن علي بن أبي طالب شهيد ارض كربلاء ، قال حدثني أبي امير المؤمنين على بن أبي طالب (ع) شهيد ارض الكوفة ، قال حدثني أخي وابن عمي محمد رسول الله (ص) ، قال حدثني جبرئيل ، قال سمعت رب العزة سبحانه وتعالى يقول : كلمة «لا إله إلا الله حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي» صدق الله سبحانه وصدق جبرئيل وصدق رسول الله (ص) والأئمة عليهم‌السلام ، ونحن آل محمد من شروطها. ولما تحركت البغلة قال الرضا (ع) بشروطها

١٩٧

وأنا من شروطها. وفي رواية أخرى قال : «ولاية علي بن أبي طالب (ع) حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي» وكتب أربعة وعشرون ألف رجل هذا الحديث.

روى المسعودي في اثبات الوصية أن المأمون استقبل الرضا عليه‌السلام واعظمه واكرمه واظهر فضله واجلاله.

وقال المفيد : لما وصلوا إلى مرو أنزلهم المأمون دارا وأنزل الرضا (ع) دارا ، ثم أنفذ إليه اني اريد أن أخلع نفسي من الخلافة واقلدك اياها فما رأيك في ذلك؟ فأنكر الرضا هذا الأمر وقال له : أعيذك بالله يا امير المؤمنين من هذا الكلام وأن يسمع به أحد ، وجرت في ذلك مخاطبات كثيرة حتى قبل ولاية العهد ، فخرج الفضل بن سهل فأعلم الناس برأي المأمون في علي بن موسى الرضا (ع) وأنه قد ولاه عهده وأمره بلبس الخضرة التي هي من شعار العلويين بدل السواد الذي هو شعار العباسيين.

روى الصدوق في العيون أن البيعة للرضا (ع) كانت لخمس خلون من شهر رمضان سنة احدى ومائتين من الهجرة.

(تزويج المأمون ابنته للرضا): ـ

ثم إن المأمون زوجه ابنته أم حبيبة في أول سنة اثنتين ومائتين ، وسمى للجواد ابن الرضاعليهما‌السلام ابنته أمّ الفضل ، وامر فضربت له الدراهم والدنانير وطبع عليها اسم الرضا (ع) ، وأمر أن يخطب له على المنابر وكتب المأمون إلى الآفاق بذلك وخطب للرضا (ع) في كل بلد بولاية العهد.

(العهد الذي كتبه المأمون بولاية عهد الرضا): ـ

أما العهد الذي كتبه المأمون فقد ذكره عامة المؤرخين ، وقد كتبه المأمون بخطه وانشائه ووقع عليه الامام الرضا (ع) بخطه ، وهذا هو نصه

١٩٨

ويليه نص عهد الامام الرضا (ع) :

بسم الله الرحمن الرحيم.

هذا كتاب عبد الله بن هارون الرشيد امير المؤمنين لعلي بن موسى ابن جعفر ولي عهده ، أما بعد : فان الله عزوجل اصطفى الاسلام دينا واصطفى له من عباده رسلا دالين عليه وهادين إليه ، يبشر اولهم بآخرهم ويصدق تاليهم ماضيهم ، حتى انتهت نبوة الله إلى محمد (ص) على فترة من الرسل ودروس من العلم وانقطاع من الوحي واقتراب من الساعة ، فختم الله به النبيين وجعله شاهدا له وانزل عليه كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد بما أحل وحرم واوعد وأنذر وأمر به ونهى عنه ، لتكون له الحجة البالغة على خلقه ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من يحيى عن بينة وأن الله سميع عليم ، فبلغ عن الله رسالته ودعا إلى سبيله بما امره به من الحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي احسن ثم بالجهاد والغلظة حتى قبضه الله إليه واختار له ما عنده الوحي والرسالة جعل قوام الدين ونظام امر المسلمين بالخلافة واتمامها وعزها والقيام بحق الله فيها بالطاعة التي بها تقام فرائض الله وحدوده وشرائع الاسلام وسننه ويجاهد بها عدوه ، فعلى خلفاء الله طاعته فيها استخلفهم واسترعاهم من دينه وعباده ، وعلى المسلمين طاعة خلفائهم ومعاونتهم على اقامة حق الله وعدله وأمن السبيل وحقن الدماء وصلاح ذات البين وجمع الألفة ، وفي خلاف ذلك اضطراب حبل المسلمين واختلالهم واختلاف ملتهم وقهر دينهم واستعلاء عددهم وتفرق الكلمة وخسران الدنيا والآخرة ، فحق على من استخلفه الله في ارضه وائتمنه على خلقه أن يجهد لله نفسه ويؤثر ما فيه رضى الله وطاعته ويعتد لما الله موافقه عليه وسائله عنه ويحكم بالحق ويعمل بالعدل فيما حمله الله وقلده ، فان الله عزوجل

١٩٩

يقول لنبيه داود عليه‌السلام (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ) وقال الله عزوجل (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) ، وبلغنا أن عمر بن الخطاب قال : لو ضاعت سخلة بشاطئ الفرات لتخوفت ان يسألني الله عنها ... وايم الله إن المسئول عن خاصة نفسه الموقوف على عمله فيما بينه وبين الله ليعرض على امر كبير وعلى خطر عظيم ، فكيف بالمسئول عن رعاية الأمة وبالله الثقة ، وإليه المفزع والرغبة في التوفيق والعصمة والتسديد والهداية إلى ما فيه ثبوت الحجة والفوز من الله بالرضوان والرحمة ، وأنظر الأمة لنفسه وأنصحهم لله في دينه وعباده من خلائفه في ارضه من عمل بطاعة الله وكتابه وسنة نبيه عليه‌السلام في مدة ايامه وبعدها ، وأجهد رأيه ونظره فيمن يوليه عهده ويختاره لامامة المسلمين ورعايتهم بعده وينصبه علما لهم ومفزعا في جمع ألفتهم ولم شعثهم وحقن دمائهم والأمن باذن الله من فرقتهم وفساد ذات بينهم واختلافهم ورفع نزغ الشيطان وكيده عنهم ، فان الله عزوجل جعل العهد بعد الخلافة من تمام امر الإسلام وكماله وعزه وصلاح اهله ، وألهم خلفاءه من توكيده لمن يختارونه له من بعدهم ما عظمت به النعمة وشملت فيه العافية ونقض الله بذلك مكر أهل الشقاق والعداوة والسعي في الفرقة والتربص للفتنة ، ولم يزل امير المؤمنين منذ أفضت إليه الخلافة فاختبر بشاعة مذاقها وثقل محملها وشدة مئونتها وما يجب على من تقلدها من ارتباط طاعة الله ومراقبته فيما حمله منها ، فانصب بدنه واسهر عينه واطال فكره فيما فيه عز الدين وقمع المشركين وصلاح الأمة ونشر العدل واقامة الكتاب والسنة ومنعه ذلك من الخفض والدعة ، ومهنأ العيش علما بما الله سائله عنه ومحبة أن يلقى الله مناصحا له في دينه وعباده

٢٠٠