عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ١

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني

عقائد الإماميّة الإثنى عشريّة - ج ١

المؤلف:

السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٣
الصفحات: ٣١١

عفوت عنك. قالت : والله يحب المحسنين. قال : اذهبي فأنت حرة لوجه الله.

وكان (ع) لا يضرب مملوكا له بل يكتب ذنبه عنده حتى اذا كان شهر رمضان جمعهم وقررهم بذنوبهم وطلب منهم أن يستغفروا له الله كما غفر لهم ، ثم يعتقهم ويجيزهم بجوائز ـ أي يفض عليهم الهبات والصلات ـ وما استخدم خادما فوق حول.

وفي العقد الفريد لابن عبد ربه قال : ووفد الناس عليه في المسجد يلمسون يده محبة للخير وتفاؤلا ، فكان الرجل يدخل إلى مسجد رسول الله فيراه فيذهب إليه من فوره او بعد صلاته يقبل يده ويضعها على عينيه يتفاءلون ويرجون الخير.

وجاء في الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي : كان الامام زين العابدين عليه‌السلام يتصدق سرا ويقول : صدقة السر تطفي غضب الرب. قال : وقال ابن عائشة سمعت أهل المدينة يقولون : ما فقدنا صدقة السر حتى مات علي بن الحسين (ع).

وعن رواية احمد بن حنبل والصدوق في الخصال عن الامام الباقر (ع) أنه كان يعيل بمائة بيت فقير من فقراء المدينة ، وكان في كل بيت جماعة من الناس وانه كان يحمل الجراب على ظهره بالليل فيتصدق به ، وكان لا يأكل طعاما حتى يبدأ فيتصدق بمثله ، واذا انقضى الشتاء تصدق بكسوته ، وكان يلبس في الشتاء ثياب الخز ، فقيل له : تعطيها من لا يعرف قيمتها ولا تليق به لباسا فلو بعتها فتصدقت بثمنها؟ فقال : انى اكره ان ابيع ثوبا صليت فيه.

واراد الحج فاتخذت له اخته سكينة طعاما بألف درهم ، فلما صار بظهر الحرة تصدق به على المساكين.

ولما كانت وقعة الحرة أراد مروان أن يستودع اهله فلم يأوهم أحد وتنكر الناس له ، ومروان من يعرف التاريخ كرهه لأهل البيت ، إلا الامام زين العابدين عليه‌السلام فانه جعل اهل مروان مع عياله وجمع أربعمائة مرأة ضعيفة فجعلهن

١٦١

من جملة عيالاته حتى قالت واحدة : والله ما عشت بين ابوي كما عشت في كنف ذلك الشريف.

وحكى عن ربيع الأبرار للزمخشري أنه وجه يزيد بن معاوية قائده مسلم بن عقبة لاستباحة المدينة المنورة ، ضم علي بن الحسين (ع) إلى نفسه أربعمائة مرأة ضعيفة يعولهن إلى انقضاء جيش مسلم ، فقالت امرأة منهن : ما عشت والله بين ابوي بمثل ما عشت في كنف ذلك الشريف.

وعن الإمام الباقر (ع) قال : لما حضرت ابي علي بن الحسين (ع) الوفاة ضمني إلى صدره وقال : يا بني اوصيك بما أوصاني ابى حين حضرته الوفاة وبما ذكر أن أباه أوصاه به : قال : يا بني إياك وظلم من لا يجد عليك ناصرا إلا الله.

وسئل الامام علي بن الحسين (ع) عن العصبية؟ فقال : العصبية التي يأثم عليها صاحبها أن يرى الرجل شرار قومه خيرا من خيار قوم آخرين ، وليس من العصبية أن يحب الرجل قومه ، ولكن من العصبية أن يعين قومه على الظلم.

(الصحيفة السجادية):

الصحيفة السجادية التي تجمع ادعيته وابتهالاته لهي ألواح خالدة من البلاغة والحكمة والفلسفة ومعرفة الله ، يقول في حمد الله وتمجيده :

الحمد لله الأول بلا اوّل كان قبله ، والآخر بلا آخر يكون بعده ، الذي قصرت عن رؤيته أبصار الناظرين ، وعجزت عن نعته أوهام الواصفين ، ابتدع بقدرته الخلق ابتداعا ، واخترعهم على مشيئته اختراعا ، ثم سلك بهم طريق ارادته وبعثهم في سبيل محبته ، لا يملكون تأخيرا عما قدمهم إليه ، ولا يستطيعون تقدما إلى ما أخرهم عنه ، وجعل لكل روح منهم قوتا معلوما مقسوما من رزقه لا ينقص من زاده ناقص ولا يزيد من نقص منهم زائد ، ثم ضرب له في الحياة أجلا موقوتا ، ونصب له امدا محدودا ، يتخطأ إليه بأيام عمره ، ويرهقه بأعوام دهره ، حتى اذا بلغ اقصى اثره واستوعب حساب عمره قبضه الى ما ندبه إليه

١٦٢

من موفور شرابه او محذور عقابه ، ليجزى الذين أساءوا بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى عدلا منه.

تقدست اسماؤه ، وتظاهرت آلاؤه ، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

والحمد لله الذي لو حبس عن عباده معرفة حمده على ما ابلاهم من مننه المتتابعة وأسبغ عليهم من نعمه المتظاهرة لتصرفوا في مننه فلم يحمدوه وتوسعوا في رزقه فلم يشكروه ، ولو كانوا كذلك لخرجوا من حدود الإنسانية إلى حدود البهيمية ، فكانوا كما وصف في محكم كتابه (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً).

ومن دعائه قوله (ع) : اللهم اعتذر أليك من مظلوم ظلم بحضرتي فلم أنصره ، ومن معروف أسدى إلي فلم اشكره ، ومن مسىء اعتذر الي فلم اعذره ومن ذى فاقة سألني فلم أوثره ، ومن حق ذى حق لزمني فلم أوفره ، ومن عيب مؤمن ظهر لي فلم أستره.

ومن دعائه (ع) في مكارم الأخلاق قوله (ع) اللهم صل على محمد وآله وحلني بحلية الصالحين ، وألبسني زينة المتقين في بسط العدل ، وكظم الغيظ ، واطفاء النائرة ، وضم أهل الفرقة ، واصلاح ذات البين ، ولين للعريكة ، وخفض الجناح ، وحسن السيرة ، والسبق الى الفضيلة ، والقول بالحق وان عز واستقلال الخير وان كثر من قولي وفعلي ، واستكثار الشر وان قلّ من قولي وفعلي ، ولا ترفعني في الناس درجة إلا حططتني عند نفس مثلها ، ولا تحدث لي عزا ظاهرا إلا أحدثت لي ذلة باطنة عند نفسي بقدرها.

(شهادته ووفاته عليه‌السلام في المدينة):

روى ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة إن الإمام علي بن الحسين (ع) مات مسموما سمه الوليد بن عبد الملك ، فلما توفي غسله ولده الامام محمد الباقر (عليه‌السلام) وحنطه وكفنه وصلى عليه ودفنه.

١٦٣

قال سعيد بن المسيب : وشهد جنازته البر والفاجر ، واثنى عليه الصالح والطالح ، وانهال الناس يتبعونه حتى لم يبق أحد.

ودفن بالبقيع مع عمه الحسن (ع) في القبة التي فيها العباس عم النبي (ص) توفيعليه‌السلام بالمدينة سنة خمس وتسعين من الهجرة في شهر المحرم ٢٥ منه وله ٥٧ من العمر على المشهور.

والعقب من الإمام الحسين سيد الشهداء (ع) منحصر فيه ، ومنه تناسل ولد الحسين (ع) والسيد الباقري والصادقي والكاظمي والتقوي والرضوي والنقوي والعسكري كلهم من نسل علي بن الحسين وببركته غير سادات بني الحسن (ع)

(اولاده عليه‌السلام):

اولاد الامام زين العابدين (ع) خمسة عشر :

الامام ابو جعفر محمد الباقر (عليه‌السلام) ، أمه فاطمة بنت الامام الحسن السبط (ع).

عبد الله ، الحسن ، الحسين الأكبر امهم أم ولد.

زيد الشهيد المصلوب في الكوفة اربع سنوات ، عمر امهما أم ولد.

الحسين الأصغر ، عبد الرحمن ، سليمان امهم أم ولد.

محمد الأصغر أمه أم ولد.

علي وهو اصغر ولده ، وخديجة امهما أم ولد.

فاطمة ، علية ، أمّ كلثوم امهم أم ولد.

قال الشيخ عباس القمي (في سفينة البحار) وهؤلاء كلهم من أمهات اولاد إلا ابو جعفر الباقر (ع) وعبد الله الباهر ، فان امهما أم عبد الله بنت الحسن بن علي بن ابي طالب (ع).

وقال ابن زهرة (في غاية الاختصار) وعقب الامام السجاد في ستة رجال

١٦٤

محمد الباقر ، عبد الله الباهر ، عمر الاشرف ، زيد الشهيد ، حسين الأصغر علي الأصغر.

الامام الخامس

ابو جعفر محمد الباقر عليه‌السلام

(ولادته عليه‌السلام):

ابو جعفر محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب (ع) ، ولد بالمدينة المنورة يوم الجمعة ، وقيل يوم الاثنين غرة رجب ، وقيل ثالث صفر كما في (الوفيات) سنة سبع وخمسين من الهجرة ، المصادف ٦٧٦ م ، وقبض بها يوم الاثنين سابع ذي الحجة سنة اربع عشرة ومائة المصادف سنة ٧٣٧ م ، وعمره الشريف يومئذ سبع وخمسون سنة مثل عمر ابيه وجده.

عاش مع جده الحسين (ع) ثلاث سنين ، وقيل اربع سنين ، وأمه فاطمة بنت الحسن السبط ، فهو اوّل علوي ولد بين علويين ، واوّل من اجتمعت له ولادة الحسن والحسين (ع) ، وتكنى أمه بأم عبد الله وأم الحسن.

قال الامام الصادق (ع) : كانت صديقة لم يدرك في آل الحسن امرأة مثلها ، ويكنى محمد بن علي بأبي جعفر ويلقب بالباقر.

(صفاته):

قال ابن شهرآشوب في المناقب : كان الامام محمد الباقر ربع القامة ، رقيق البشرة ، جعد الشعر ، أسمر له خال على خده ، ضامر الكشح ، حسن الصوت ، مطرق الرأس ، وكان أصدق الناس لهجة ، واحسنهم بهجة ، وأبذلهم مهجة.

قال الشيخ المفيد في الإرشاد : وكان الباقر محمد بن علي بن الحسين (ع) من بين اخوته خليفة أبيه ووصيه والقائم بالامامة من بعده ، وبرز على جماعتهم

١٦٥

بالفضل في العلم والزهد والسؤدد ، وكان اعظمهم قدرا وأجلهم في العامة والخاصة ، ولم يظهر عن أحد من ولد الحسن والحسين (عليهما‌السلام) من علم الدين والآثار والسنة وعلم القرآن والسيرة وفنون الآداب ما ظهر عن أبي جعفر ، وروى عنه معالم الدين بقايا الصحابة ووجوه التابعين ورؤساء الفقهاء المسلمين ، وكتبوا عنه تفسير القرآن.

وقال ابن سعد في (الطبقات) : وكان محمد الباقر عالما عابدا ثقة ، وروى عنه ابو حنيفة وغيره.

وقال ابن خلكان (في الوفيات) وكان الباقر عالما سيدا كبيرا ، وإنما قيل له الباقر لأنه تبقر في العلم ـ أي توسع.

وقال ابن حجر في الصواعق : أظهر الباقر من مخبئات كنوز المعارف وحقائق الأحكام والحكم واللطائف ما لا يخفى الاعلى منطمس البصيرة او فاسد الطوية والسريرة.

وقال ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة : كان محمد بن علي بن الحسين (عليه‌السلام) سيد فقهاء الحجاز ، ومنه ومن ابيه جعفر تعلم الناس الفقه.

قال الفيروزآبادي في قاموس المحيط : لقب بالباقر لتبحره بالعلم.

وفي لسان العرب لابن منظور : لقب به لأنه بقر العلم وعرف اصله واستنبط وتوسع فيه ، والتبقر التوسع.

وجاء في أمالي ابي علي القالي قال : دخل ابو جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليه‌السلام) على عمر بن عبد العزيز فقال : يا أبا جعفر أوصني. قال : أوصيك أن تتخذ صغير المسلمين ولدا ، واوسطهم أخا ، وكبيرهم أبا ، فارحم ولدك ، وصل اخاك ، وبر اباك ، واذا صنعت معروفا فربه ـ أي أدمه.

وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ ج ١ ص ١١٧ الطبقة الثالثة من التابعين : ابو جعفر محمد بن علي بن الحسين (ع) الثبت الهاشمي العلوي احد الأعلام ،

١٦٦

وكان سيد بني هاشم في زمانه ، اشتهر بالباقر من قولهم «بقر بين شقه» فعلم اصله وخفيه.

(من اقواله وحكمه عليه‌السلام):

قال في اقسام العبادة : إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار ، وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد ، وإن قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الاحرار.

قال الجاحظ : جمع الباقر (ع) صلاح شأن الدنيا بحذافيرها بالكلمتين حيث قال : صلاح شأن التعايش والتعاشر مثل مكيال ثلثاه فطنة وثلثه تغافل.

قال الجاحظ : انه لم يجعل لغير الفطنة نصيبا من الخير ولا حظا من الصلاح لأن الانسان لا يتغافل عن شيء إلا وقد عرفه وفطن له.

وقال الباقر (ع) في الزوجة : اللهم ارزقني امرأة تسرني اذا نظرت ، وتطيعني ان أمرت ، وتحفظني اذا غبت. وقال (ع) في الكبر : ما دخل قلب امرئ شيء من الكبر إلا ونقص من عقله مثل ما دخل فيه قلّ او كثر.

وجاء في كشف الغمة للاربلي : اجتمع عند الباقر (ع) مرة نفر من بني هاشم وغيرهم فقال : اتقوا شيعة آل محمد ، وكونوا النمرقة الوسطى يرجع إليكم الغالي ويلحق بكم التالي. قالوا : وما الغالي؟ قال (ع) : الذي يقول فينا ما لا نقوله في انفسنا قالوا : وما التالي؟ قال : الذي يطلب الخبر فيزيد فيه خبرا ، والله ما بيننا وبين الله قرابة ولا لنا على الله من حجة ولا نتقرب إليه إلا بالطاعة ، فمن كان منكم مطيعا لله يعمل بطاعته نفعته ولايتنا أهل البيت ، ومن كان منكم عاصيا لله يعمل بمعاصيه لم تنفعه ولايتنا ، ويحكم لا تفتروا (وقالها ثلاثا) ثم الحذر من الكبر.

(اولاده عليه‌السلام):

جعفر الصادق (عليه‌السلام) ، عبد الله ، وامهما فروة بنت القاسم بن

١٦٧

محمد بن أبي بكر.

ابراهيم ، عبد الله لم يعقبا ، امهما أم حكيم الثقفية.

على زينب لأم ولد.

أمّ سلمة لأم ولد.

(وفاته وشهادته عليه‌السلام):

توفى الامام الباقر (ع) في خلافة هشام بن عبد الملك. وقال ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة : انه مات بالسم في زمن ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك وقبض صلوات الله عليه بالمدينة يوم الاثنين سابع ذى الحجة سنة اربع عشرة ومائة من الهجرة النبوية المصادف لتاريخ الميلادي سنة ٧٣٢ وعمره يومئذ سبع وخمسون سنة مثل عمر ابيه وجده.

ودفن بالبقيع إلى جانب أبيه زين العابدين وعم ابيه الحسن في القبة التى فيها العباس.

وفي أمالي الطوسى الجزء الثاني ص ٢٠ عن يعقوب بن ميثم التمار مولى علي ابن الحسين (ع) قال : دخلت على ابي جعفر (ع) فقلت له : جعلت فداك يا بن رسول الله اني وجدت في كتب أبي أن عليا (ع) قال لأبي ميثم : احبب حبيب آل محمد وان كان فاسقا زانيا ، وابغض مبغض آل محمد وان كان صواما قواما (يعني قائم الليل وصائم النهار) فاني سمعت رسول الله (ص) وهو يقول (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) ثم التفت الي وقال : هم والله أنت وشيعتك يا علي وميعادك وميعادهم الحوض غدا غرا محجلين مكتملين متوجين. فقال ابو جعفر : هكذا هو عيانا في كتاب علي (ع).

١٦٨

الامام السادس

ابو عبد الله جعفر الصادق عليه‌السلام

(ولادته عليه‌السلام):

ولد بالمدينة المنورة يوم الجمعة او الاثنين عند طلوع الفجر في السابع عشر من ربيع الأول ، وقيل غرة رجب سنة ثلاث وثمانين من الهجرة ٨٣ ، وقيل عام الجحاف سنة ثمانين من الهجرة ، رواه ابن طلحة في مطالب السئول ، اما القول الأول فرواه المفيد والكليني والشهيد ، وبالتاريخ الميلادي إما أن يكون سنة ٧٠٠ أو ٧٠٣ م.

أمه فاطمة المكناة بأم فروة بنت القاسم بن محمد أبي بكر ، والقاسم أبوها هو من ثقاة الامام زين العابدين وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة (توفي سنة ١٠١ وقيل ١٠٢ بقديد وعمره سبعون سنة) ، وجدها محمد بن أبي بكر كان بمثابة ولد من اولاد الامام امير المؤمنين (ع) ، وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ، قالوا ولذا قال الامام الصادق (ع) «ولدني ابو بكر مرتين» وهو الامام الذي تنتهي اصول الشيعة ومذهبهم إليه ، ولذلك سموا بالجعفرية ، وسمي الامامية الاثنا عشرية بالجعفريين نسبة إلى جعفر الصادق (ع).

واشهر ألقاب الامام هو الصادق ، وقال كثير من العلماء لقب به لصدق حديثه.

(صفاته عليه‌السلام): ـ

قال ابن شهرآشوب : كان ربع القامة ، ازهر الوجه ، حالك الشعر جعده ، اشم الأنف انزع دقيق المسربة ، على خدّه خال أسود.

وجاء في كتاب الامام الصادق لمؤلفه محمد ابي زهرة ما نصّه : كان الامام الصادق ربعة ليس بالطويل ولا بالقصير ، أبيض الوجه ،

١٦٩

ازهر له لمعان كأنه السراج ، اسود الشعر جعده ، اشم الأنف ، قد انحسر الشعر عن جبينه فبدا مزهرا ، وعلى خده خال أسود.

وقال كمال الدين محمد بن طلحة في كتابه (مطالب السئول) : وكان الصادق (ع) من عظماء أهل البيت وساداتهم ، ذا علوم جمة وعبادة موفورة واوراد متواصلة وزهادة بينة وتلاوة كثيرة ، يتتبع معانى القرآن الكريم ويستخرج من بحره جواهره ويستنتج عجائبه وقال الصدوق في كتابه من لا يحضره الفقيه ج ١ باب نوادر الحج : ـ روى عن أبى حنيفة نعمان بن ثابت امام أهل السنة : لو لا جعفر بن محمد عليه‌السلام ما علم الناس مناسك حجهم.

(علومه صلوات الله عليه): ـ

اشتهر الامام الصادق عليه‌السلام بغزارة العلم ولا سيما في الطب والكيمياء ، وخلف آثارا عجيبة ، من ذلك طب الصادق وأماليه ، وقد خلف عشرات عشرات من كبار علماء الطب والفلك والكيمياء وكلهم يروي عنه بالإضافة إلى علم الفقه والكلام والحديث.

وقد روى جابر بن حيان الكيماوي العربي الشهير الشيء الكثير من الآراء الكيمياوية في مؤلفاته عن الامام جعفر الصادق عليه‌السلام.

وقال الدكتور محمد يحيى الهاشمي في كتابه (الامام الصادق ملهم الكيمياء) : أن (هو لميارد) قد اورد في دراسة لجابر بن حيان في نشرات الجمعية الطبية الملكية البريطانية ما يؤكد استقاءه علمه من معين الامام جعفر الصادق ، إذ يقول (هو لميارد) إن جابرا هو تلميذ جعفر الصادق وصديقه ، وقد وجد في امامه الفذ سندا ومعينا وراشدا أمينا وموجها لا يستغني عنه ، وقد سعى جابر أن يحرر الكيمياء بارشاد استاذه من اساطير الأولين التي علقت بها من الإسكندرية ، فنجح في هذا السبيل إلى حد

١٧٠

بعيد ، من أجل ذلك يجب أن يدرج اسم جابر مع اساطين هذا الفن في العالم امثال (بويله) و(بريتله) و(لافوازيه) وغيرهم من الأعلام.

ثم يقول وإذا درسنا فهرست ابن النديم نجد حقيقتين لا محيد عنهما : أو لا أن جابرا كان على اتصال مع البرامكة ، ثانيا مع ائمة الشيعة المعاصرين له ، وقد ناقش البعض كيفية احاطة الامام جعفر الصادق (ع) بكل هذه العلوم ولا سيما علم الكيمياء ، ومن هؤلاء كان (روسكا) ورد عليهم العلماء الآخرون بالدراسة المنطقية المثبتة ، ومن هؤلاء الرادين هو لميارد والدكتور محمد يحيى الهاشمي واسماعيل مظهر الذي يتلخص رده على روسكا بأن (روسكا) اذا قال انه لم يعرف أن المدينة كانت مركزا لدراسة علم الكيمياء ان كان صحيحا فإن صحته لا تنافي مطلقا أن يكون الامام جعفر قد درس الكيمياء في مكان آخر.

ثم يقول : ولهذا نقول بأن جعفرا إذ كان من عمدة الشيعة وائمتها الكبار وإذ كان على اتصال بشيعة فارس وكانوا يعكفون على الاشتغال بالكيمياء فلهذا ليس من سبب ظاهر يحول دون الاعتقاد بأنه كان يشتغل بعلم الكيمياء من طريق نظري على الأقل إن لم يكن من طريق عملي تجريبي. وقال كمال الدين محمد بن طلحة في كتابه مطالب السئول! وكان ممن نقل عن الصادق عليه‌السلام الحديث وافاد منه جماعة من اعيان العلماء والعظماء وائمة الحديث واعلامهم ، مثل يحيى بن سعيد الانصاري وابن جريح ومالك بن انس وسفيان الثوري وابن عيينة وأبي حنيفة وشعبة بن الحجاج وأيوب السجستاني وغيرهم ، وعدوا أخذهم منه منقبة شرفوا بها وفضيلة اكتسبوها.

وذكر الشيخ الطوسي في (رجاله) ثلاثة آلاف ومائتين وسبعة من تلاميذ الصادق (ع). وذكر ابن عقدة اصحاب الصادق أربعة آلاف رجل

١٧١

من الذين أخذوا العلم منه عليه‌السلام.

وقال مالك بن أنس فقيه أهل السنة : ما رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر الصادق فضلا وعلما وعبادة وورعا ، وكان لا يخلو من احدى حالات ثلاث : ذو علم غزير في الدين ، وأدب كامل في الحكمة ، وزهد بالغ في الدنيا وورع تام عن الشهوات. وقد اقام بالمدينة مدة ثم دخل العراق واقام به مدة ما تعرض للامامة قط ولا نازع احدا في الخلافة ، ومن غرف في بحر المعرفة لم يطمع في شط ، ومن تعلى ذروة الحقيقة لم يخف من حط. وقيل من أنس بالله استوحش عن الناس ، ومن استأنس بغير الله نهبه الوسواس ، وهو من جهة الأب ينتسب إلى شجرة النبوة ومن جانب الام إلى ابي بكر ـ انتهى.

قال الشيخ المفيد في (الارشاد) ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر ذكره في البلدان.

قال الحسن بن علي الوشاء من اصحاب الرضا (ع) : ادركت في هذا المسجد ـ يعنى مسجد الكوفة ـ تسعمائة شيخ كل يقول : حدثني جعفر بن محمد عليه‌السلام.

ودخل عليه سفيان الثوري يوما فسمع منه كلاما اعجبه فقال : هذا والله يا ابن رسول الله الجوهر؟ فقال له : بل هذا خير من الجوهر ، وهل الجوهر الا حجر.

(لا يخلوا كتاب من الكتب من كلام الصادق): ـ

قال ابن شهرآشوب : لا يخلو كتاب من كتب الحديث والحكمة والزهد والموعظة من كلام الإمام الصادق (ع).

قال ابن خلكان في (وفياته) جعفر بن محمد الصادق هو أحد

١٧٢

الأئمة الاثني عشر على مذهب الامامية ، وكان من سادات أهل البيت ، ولقب بالصادق لصدقه في مقالته ، وفضله أشهر من أن يذكر ، وله كلام في صفة الكيمياء والزجر ، وكان تلميذه ابو موسى الزاجر جابر ابن حيان الصوفي الطرسوسي قد ألف كتابا يشتمل على ألف ورقة تتضمن رسائل جعفر الصادق وهي خمسمائة رسالة.

وقال القرماني في ص ١١٢ (الفصل الخامس) في ذكر عالم الحقائق والدقائق الامام جعفر الصادق رضي الله عنه ، وكان من بين اخوته خليفة أبيه ووصيه ، نقل عنه العلوم ما لم ينقل عن غيره ، وكان رأسا في الحديث ، وروى عنه يحيى بن سعيد وابن جريح ومالك بن أنس والثوري وابن عيينة وابو حنيفة وشعبة وابو أيوب السجستاني وغيرهم ، وقد نقل إن كتاب الجفر الذي بالمغرب يتوارثه بنو عبد المؤمن.

ونقل ابن شهرآشوب عن مسند أبي حنيفة : إن حسن بن زياد قال : سمعت أبا حنيفة وقد سئل من افقه الناس ممن رأيت؟ قال : جعفر ابن محمد الصادق لما طلبه المنصور من المدينة أرسل الي وقال : قد فتن الناس بجعفر بن محمد فتأهب أن تسأله اشكل مسائلك ، فأحضرت له اربعين مسألة ، فأحضرني المنصور وكان في الحيرة فقصدته ورأيت جعفر جالسا عن يمينه ، فلما وقع نظري عليه هبته هيبة لم أهب مثلها المنصور مع شدة بطشه ، فسلمت عليه فأشار الي بالجلوس ، فتوجه الى الصادق وقال : يا أبا عبد الله إن هذا أبو حنيفة. فقال : أعرفه. ثم توجه إليّ المنصور وقال : سل أبا عبد الله عن مسائلك ، فما زلت اسأله فيجيب ويقول : أنتم تقولون كذا وأهل المدينة يقولون (يعني به نفسه الشريف) كذا ، وكانت فتواه تارة موافقة لنا وأخرى موافقة لأهل المدينة وربما خالف الجميع في بعض فتواه ، فلم يخل بواحدة منها ، إذا فأعلم الناس

١٧٣

باختلاف الأقوال اعلمهم جميعا وأفقههم.

وفي حلية الأولياء لأبي نعيم الاصفهاني بعد ما جاء بأسماء إعلام الاسلام وروايتهم عنه قال : وأخرج عنه مسلم في صحيحه محتجا بحديثه ، وكان مالك بن أنس اذا حدث عنه قال : حدثني الثقة بعينه.

(اقوال العلماء في حق الامام الصادق): ـ

وغرضنا في البحث عن حياة الصادق (ع) بيان منزلته العلمية بالقياس إلى غيره ممن أخذ الشهرة وما هو منه في شيء ، والأسباب غير مجهولة والحقيقة غير صامتة ، ونستمع إلى اقوال علماء الأمة ورؤساء المذاهب وحفاظ الحديث وكبار المؤرخين والكتاب من القدماء وبعض المعاصرين بدون احاطة للكل :

قال زيد بن علي بن الحسين (ع) : في كل زمان رجل منا أهل البيت يحتج الله به على خلقه ، وحجة زماننا ابن أخي جعفر ، لا يضل من تبعه ولا يهتدي من خالفه.

قال المنصور الدوانيقي : ـ إن جعفرا كان ممن قال الله فيه (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) وكان ممن اصطفاه الله وكان من السابقين في الخيرات ، وأنه ليس من أهل بيت إلا وفيهم محدث وإن جعفر بن محمد محدثنا اليوم.

قال عمرو المقدام : ـ كنت اذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين.

قال ابن أبي العوجاء : ـ ما هذا ببشر ، وإن كان في الدنيا روحاني يتجسد إذا شاء ويتروح إذا شاء فهو هذا ، او أشار الى جعفر بن محمد الصادق (ع).

قال ابو نعيم الأصفهاني : جعفر بن محمد الامام الناطق ذو الزمام

١٧٤

السابق ابو عبد الله جعفر بن محمد الصادق ، أقبل على العبادة والخضوع وآثر العزلة والخشوع ونهى عن الرئاسة والجموع.

جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ، كان مشغولا بالعبادة عن حب الرئاسة (عبد الرحمن ابن الجوزي).

جعفر بن محمد بن علي بن الحسين (ع) ، وكنيته ابو اسماعيل ويلقب بالصادق والطاهر والفاضل ، واشهر ألقابه الصادق (ابو المظفر يوسف شمس الدين).

أدركت في هذا المسجد (يعني الكوفة) تسعمائة شيخ كل يقول : حدثني جعفر بن محمد (الحسن بن الوشاء).

جعفر بن محمد ازدحم على بابه العلماء واقتبس من مشكاة انواره الاصفياء ، وكان يتكلم بغوامض الأسرار وعلوم الحقيقة وهو ابن سبع سنين (عبد الرحمن بن محمد الحنفي البسطامي).

ابو عبد الله جعفر بن محمد الباقر بن زين العابدين بن الحسين السبط الهاشمي القرشي سادس الائمة الاثنى عشر عند الامامية ، كان من أجل التابعين وله منزلة رفيعة في العلم ، أخذ عنه جماعة منهم ابو حنيفة ومالك وجابر بن حيان ، ولقب بالصادق لأنه لم يعرف عنه الكذب قط ، له اخبار مع الخلفاء من بني العباس ، وكان جريئا عليهم صداعا في الحق ، وصنف تلميذه جابر بن حيان كتابا في الف ورقة يتضمن رسائل الامام جعفر الصادق (ع) وهي عدد ٥٠٠ رسالة ، مولده ووفاته بالمدينة (خير الدين الزركلي).

لو لا السنتان لهلك النعمان (ابو حنيفة).

يقول الآلوسي : هذا أبو حنيفة وهو من أهل السنة يفتخر ويقول بأفصح لسان «لو لا السنتان لهلك النعمان» يعني السنتين اللتين جلس فيهما

١٧٥

لأخذ العلم عن الامام جعفر الصادق (ع).

جعفر الصادق ، فاق جميع اقرانه من أهل البيت ، وهو ذو علم غزير وزهد بالغ في الدنيا وورع تام عن الشهوات وأدب كامل في الحكمة (الشيخ عبد الرحمن السلمي).

جعفر الصادق له عمود الشرف ومناقبه متواترة بين الانام مشهورة بين الخاص والعام ، وقصد المنصور الدوانيقي بالقتل مرارا فعصمه الله (جمال الدين الداوردي).

جعفر الصادق ، كان من بين اخوته خليفة أبيه ووصيه ، نقل عنه في العلوم ما لم ينقل عن غيره ، وكان إماما في الحديث ومناقبه كثيرة (السويدي في سبائك الذهب)

جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين بن أبي طالب (ع) ، وكنيته ابو عبد الله وقيل ابو اسماعيل ، وألقابه الصادق والفاضل والطاهر ، وأشهرها الأول ، ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صيته في جميع البلدان ، وروى عنه الائمة الكبار كيحيى ومالك وأبي حنيفة (محمود بن وهيب البغدادي).

الامام ابو عبد الله جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب رضي الله عنهم الهاشمي المدني الصادق ، أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن ابي بكر ، روى عن أبيه ، وروى عنه محمد بن إسحاق ويحيى الانصاري ومالك والسفيان وابن جريح وشعبة ويحيى القطّان وآخرون ، واتفقوا على إمامته وجلالته (ابو زكريا محي الدين بن شرف).

جعفر الصادق (ع) ابو عبد الله بن محمد بن علي بن الحسين (ع) روى عنه كثيرون كمالك والسفيان وابن جريح وابن اسحاق ، واتفقوا على إمامته وجلالته وسيادته ، ولد سنة ٨٠ وتوفي سنة ١٤٨ مسموما وشقة

١٧٦

في رواية الشافعي وابن معين وابو حاتم والذهبي ، وهو من فضلاء أهل البيت وعلمائهم (احمد شهاب الدين الخفاجي).

كان جعفر بن محمد الصادق مستجاب الدعوة إذا سأل الله شيئا لا يتم قوله إلا وهو بين يديه (الشبلنجي في نور الأبصار).

ابو عبد الله جعفر بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم اجمعين ، أحد الائمة الاثني عشر على مذهب الامامية ، وكان من سادات آل البيت ، ولقب بالصادق لصدقه ، وفضله أشهر من أن يذكر (ابن خلكان في وفياته).

واكبر شخصيات ذلك العصر في التشريع الشيعي بل الاسلامي بل ربما كان اكبر الشخصيات في ذلك في العصور المختلفة الامام جعفر الصادق (ع) ، وعلي الجملة فقد كان الامام جعفر من اعظم الشخصيات في عصره وبعد عصره ، وقد مات في العام العاشر من حكم المنصور الدوانيقي (الدكتور أحمد امين).

جعفر بن محمد كان إماما مفخرة من مفاخر المسلمين لم تذهب قط وإنما بقي منها من كل غد قادم حتى القيامة صوت صارخ يعلم الزهاد زهدا ويكسب العلماء علما يهدى المضطرب ويشجع المقتحم يهدم الظلم ويبني العدالة ، وهو ينادي بالمسلمين جميعا أن هلموا واجتمعوا ، وأن قوما لم يختلفوا في ربهم وفي نبيهم لمجموعون مهما اختلفوا في يوم قريب (عبد العزيز سيد الأهل).

كان بيت جعفر الصادق كالجامعة يزدان على الدوام بالعلماء الكبار في الحديث والتفسير والحكمة والكلام ، فكان يحضر مجلس درسه في أغلب الأوقات ألفان وبعض الأحيان أربعة آلاف من العلماء المشهورين ، وقد الف تلاميذه من جمع الأحاديث والدروس التي كانوا يتلقونها في مجلسه

١٧٧

مجموعة من الكتب تعد بمثابة دائرة معارف للمذهب الشيعي أو الجعفري ، وقد صنف أربعة مائة تصنيف أربعة مائة مصنف. جعفر الصادق وهو ابن محمد الباقر بن علي زين العابدين ، كان من سادات أهل البيت ولقب بالصادق لصدقه وفضله عظيم ، له مقالات في صناعات الكيمياء وللزجر ، وكان تلميذه جابر بن حيان قد ألف كتابا يشتمل على ألف ورقة تتضمن (رسائل الصادق) وهي خمس مائة رسالة ، وإليه ينسب كتاب الجفر وسيذكر. وكان جعفر أديبا تقيا دينا حكيما في سيرته (بطرس البستاني) وبهذا نكتفي عن ذكر أقوال بقية العلماء الآخرين.

(بعض اقوال الصادق وحكمه): ـ

من اكرمك فاكرمه ، ومن استخف بك فأكرم نفسك عنه.

ثلاثة لا يزيد الله بها المسلم إلا عزا : الصفح عمن ظلمه ، والاعطاء لمن حرمه ، والصلة لمن قطعه. من حقيقة الايمان أن تؤثر الحق وإن ضرك على الباطل وإن نفعك ، وان لا يجوز منطقك عملك.

تهادوا وتحابوا فإن الهدية تذهب بالضغائن. الغضب مفتاح كل شر ، من لم يملك غضبه لم يملك عقله.

انقص الناس عقلا من ظلم من دونه ولم يصفح عمن اعتذر إليه.

المؤمن إذا غضب لم يخرجه غضبه عن حق ، وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل.

طلب الحوائج إلى الناس استلاب للعز ومذهبة للحياء ، واليأس مما في ايدي الناس عز للمؤمن في دينه ، والطمع هو الفقر الحاضر.

لا تغتب فتغتب ، ولا تحفر لأخيك حفرة فتقع فيها ، فإنك كما تدين تدان ، الحياء من الإيمان ، من رق وجهه رق علمه ، لا ايمان لمن لا حياء له.

١٧٨

سرك من دمك. فلا تجره في غير اوداجك وصدرك اوسع لسرك.

الرجال ثلاثة : رجل بماله ، ورجل بجاهه ، ورجل بلسانه وهو افضل الثلاثة.

مجاملة الناس ثلث العقل ، المن يهدم الصنيعة ، أفضل الصدقة ابراد كبد حرى.

أربعة تذهب ضياعا : مودة تمنحها من لا وفاء له ، ومعروف عند من لا شكر له ، وعلم عند من لا استماع له ، وسر تودعه من لا حصانة له.

المعروف ابتداء ، فأما ما اعطيته بعد المسألة فإنما كافيته بما بذل لك من وجهه.

ومن وصية يوصي بها عنوان البصري وكنيته ابو عبد الله : يا أبا عبد الله ليس العلم بالتعليم إنما هو نور يقع في قلب من يريد الله تبارك تعالى أن يهديه ، فإن أردت العلم فاطلب أولا في نفسك حقيقة العبودية واطلب العلم باستعماله واستفهم الله يفهمك. قلت شريف. فقال (ع) قل يا أبا عبد الله قلت : يا أبا عبد الله ما حقيقة العبودية؟ قال : ثلاثة اشياء أن لا يرى العبد لنفسه فما خوله ملكا لان العبيد لا يكون لهم ملك يرون المال مال الله يضعونه حيث أمرهم الله به ، ولا يدبر العبد تدبير نفسه ، وإذا اشتغل العبد بما أمره الله تعالى ونهاه ـ إلى أن قال ـ : فاذا اكرم الله العبد بهذه الثلاثة هان عليه الدنيا وابليس والخلق.

وفي وصية له (ع) في الأخلاق والرياضة والعلم : ثلاثة منها في رياضة النفس ، وثلاثة منها في الحلم ، وثلاثة منها في العلم ـ إلى ان قال : اما اللواتي في الرياضة فإياك أن تأكل ما لا تشتهيه فإنه يورث الحماقة والبله ، ولا تأكل إلا عند الجوع ، واذا اكلت فكل حلالا وسم الله

١٧٩

واذكر حديث الرسول (ص) «ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه ، فان كان ولا بد فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه» وأما اللواتي في الحلم : فمن قال لك إن قلت واحدة سمعت عشرا فقل إن قلت عشرا لم تسمع واحدة ، ومن شتمك فقل له ان كنت صادقا فيما تقول فأسأل الله أن يغفر لي وان كنت كاذبا فيما تقول فالله اسأل أن يغفر لك ، ومن وعدك بالخناء فعده بالنصيحة والرعاء. واما اللواتي في العلم : فاسأل العلماء ما جهلت واياك أن تسألهم تعنتا وتجربة ، واياك أن تعمد برأيك شيئا وخذ بالاحتياط في جميع ما تجد إليه سبيلا ، واهرب من الفتيا هربك من الأسد ولا تجعل رقبتك للناس جسرا ، قم عني يا أبا عبد الله.

(اولاده عليه‌السلام): ـ

وعددهم عشرة : اسماعيل وهو اكبر اولاد الامام وجد الخلفاء الفاطميين في المغرب ومصر ، وهو الذي مات في حياة الصادق (ع) في التاريخ سنة ١٣٦ او ١٣٣ ودفن في البقيع وله ابنه محمد وجماعة من الاسماعيلية قائلون بامامته.

وعبد الله هو الولد الثاني بعد اسماعيل ، واسماء وقيل عالية ونكنى بأم فروة ، امهم بنت الحسين بن علي بن الحسين بن أبي طالب (ع).

موسى الكاظم عليه‌السلام ، اسحاق ، محمد وقبره في بسطام وجرجان وهي الناحية المعروفة باسترآباد وهو المعروف بالديباج ، وفاطمة الكبرى امهم أم ولد اسمها حميدة بنت صاعد.

العباس ، على المعروف بالعريض وانما سمي بالعريض لأن له قرية يملكها بالعريض وهو على فرسخ من المدينة.

(شهادته ووفاته عليه‌السلام): ـ

مجمل عمر الامام الصادق خمس وستون سنة ، وهو اكبر الأئمة سنا ،

١٨٠