محمد حسين بن الآقا باقر بروجردي
المحقق: علي أصغر شكوهي قوچاني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: الآستانة الرضويّة المقدّسة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٥٠
حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) هي موالاة آل محمّد صلّى الله عليهم أجمعين (١) ، على ما نقله الثعلبيّ ، وابن حجر عن ابن عبّاس (٢) ، كلّ ذلك مضافا إلى إجماع أهل البيت الّذين هم داخلون بلا خلاف ، ويشهد بطهارتهم آية التطهير ، والروايات المعتبرة في جوامع الفريقين (٣) ، والأخبار الصحيحة في أصول الفريقين أنّهم مع القرآن لا يفترقان حتّى يردا على الحوض (٤) ، على اختصاص الآية بهم ، والحمد لله.
__________________
(١) ـ كفاية الطالب ٨١ ، ٢٧٩ ؛ الصواعق المحرقة ١٧٠ ، وفيه : واقتراف الحسنات مودّتنا أهل البيت.
وأخرج الطبرانيّ والطبريّ في تفسيره : لمّا جيء بعليّ بن الحسين الإمام السجاد عليهالسلام أسيرا فأقيم على درج دمشق ، قام رجل من أهل الشام ، فقال : الحمد لله الّذي قتلكم واستأصلكم وقطع قرني الفتنة. فقال له عليّ بن الحسين عليهالسلام : أقرأت القرآن؟ فقال : نعم ، قال : فقرأت آل حم؟ قال : قرأت القرآن ، ولم أقرأ آل حم قال : ما قرأت : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)؟ قال : وإنّكم لأنتم هم؟ قال : نعم. وفيه أيضا : وللشيخ شمس الدين بن العربي قوله :
رأيت ولائي آل طه فريضة |
|
على رغم أهل البعد يورثني القربا |
فما طلب المبعوث أجرا على الهدى |
|
بتبليغه إلّا المودّة في القربى |
(٢) ـ سبق تخريجه آنفا.
(٣) ـ الطرائف ١٣١ ؛ المحاسن ١٤٥ ؛ قرب الإسناد ٣٨ ، وقد سبق تخريج هذه الروايات.
(٤) ـ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٣ : ٧٧ ؛ تاريخ بغداد ١٤ : ٣٢١ ؛ المناقب للخوارزميّ ١٧٦ ؛ مناقب عليّ بن أبي طالب عليهالسلام لابن المغازلي ١١٧ ؛ المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٢٤ ؛ فرائد السمطين ١ : ١٧٧ ؛ الصواعق المحرقة ١٢٢ ؛ مجمع الزوائد ٩ : ١٧٨ ؛ كتاب الأربعين عن الأربعين في فضائل عليّ أمير المؤمنين ٨٦ ، وفيه :
لنحن على الحوض ذوّاده |
|
نذود ويسعد ورّاده |
وما فاز من فاز إلّا بنا |
|
وما خاب من حبّنا زاده |
ومن سرّنا نال منّا السرور |
|
ومن ساءنا ساء ميلاده |
ومن كان ظالمنا حقّنا |
|
فإنّ القيامة ميعاده |
الآية الثالثة والثلاثون
من سورة الزّخرف ؛ قوله تعالى (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) ٥٧.
فقد روى الفريقان (١) نزولها لمّا مثّل النبيّ صلىاللهعليهوآله لعليّ عليهالسلام بعيسى ابن مريم عليهماالسلام اعترض عليه المنافقون.
ففي الكافي من طريق الأصحاب ، قال : قال : بينا رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات يوم جالسا إذ أقبل أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ فيك شبها من عيسى ابن مريم عليهماالسلام ، لو لا أن تقول فيك طوائف من أمّتي ما قالت النّصارى في عيسى ابن مريم ، لقلت فيك قولا لا تمرّ بملإ من الناس إلّا أخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة ، قال : فغضب الأعرابيان والمغيرة بن شعبة وعدّة
__________________
(١) ـ الأمالي للطوسيّ ٢٥٦ ، ٣٤٥ ؛ فضائل أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام لابن عقدة ٣١ ، ٣٢ ؛ تفسير القمّيّ ٢ : ٢٨٦ ؛ نهج الحقّ وكشف الصدق ٢١٩ ؛ كشف اليقين ٣٨٧ ؛ العمدة لابن البطريق ٢١٠ ـ ٢١٥.
الخصائص للنسائيّ ٨٤ ؛ المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٢٣ ؛ نظم درر السمطين ٩٢ ، ١٠٤ ؛ البداية والنهاية ٧ : ٣٥٦ ؛ مجمع الزوائد ٩ : ١٨١ ؛ كفاية الطالب ٣٠٣ ؛ ذخائر العقبى ٩٢ ؛ شرف النبيّ ٢٩٣ ؛ شواهد التنزيل ٢ : ٢٢٦ ـ ٢٣٦ ؛ الصواعق المحرقة ١٢٣ ؛ فرائد السمطين ١ : ١٧٢ ـ ١٧٥ ؛ فردوس الأخبار ٥ : ٤٠٨ ؛ النور المشتعل من كتاب ما نزل ٢٢٠ ـ ٢٢٦.
من قريش معهم ، فقالوا : ما رضي أن يضرب لابن عمّه مثلا إلّا عيسى ابن مريم ، فأنزل الله تعالى على نبيّه (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً) ـ إلى قوله تعالى ـ (لَجَعَلْنا مِنْكُمْ) ـ يعني من بني هاشم ـ (مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) (١) (٢).
ونحوه رواه في المناقب (٣) ، ومجمع البيان (٤) ، والتهذيب (٥) ، والقمّيّ (٦) ، باختلاف يسير لا يقدح في المطلب. وبالجملة هو المشهور في روايات الأصحاب ، ومعنى يصدّون : يضجّون أو يعرضون.
ومن رجال المخالفين : فقد رواه أحمد بن حنبل (٧) في مسنده بطرق ثمانية على ما ضبطها بعض المحدّثين ، وابن المغازليّ (٨) في المناقب ، ومحمّد بن عبد الواحد التميميّ في الجزء الثالث من جواهر الكلام في حروف النداء ، وابن عبد ربّه في كتاب العقد الفريد (٩).
فما ذكره المفسّرون في الآية وجوه محتملة ، هي اجتهاد في مقابلة النّصوص المعتبرة من الفريقين ، وتفسير بالرأي المنهيّ عنه ، وهذا الحديث من تمثيله صلىاللهعليهوآله لعليّ عليهالسلام بعيسى ابن مريم عليهماالسلام.
وقوله صلىاللهعليهوآله : لو لا أن تقول فيك طائفة من أمّتي ما قالت النصارى في عيسى ابن مريم ، لقلت فيك قولا لا تمرّ بملإ إلّا أخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون
__________________
(١) ـ الزخرف : ٦٠.
(٢) ـ الروضة من الكافي ٨ : ٥٧.
(٣) ـ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ١ : ٣٢٤.
(٤) ـ مجمع البيان ٤ : ٥٣.
(٥) ـ تهذيب الأحكام ٣ : ١٤٤ ، ١٤٥.
(٦) ـ تفسير القمّيّ ٢ : ٢٨٦.
(٧) ـ مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٦٠.
(٨) ـ مناقب عليّ بن أبي طالب عليهالسلام لابن المغازلي ٧١ ؛ ترجمة الإمام عليّ عليهالسلام لابن عساكر ٢ : ٢٨٠.
(٩) ـ العقد الفريد ٢ : ١٩٤.
بذلك البركة ، قد رواه الخوارزميّ من رجال المخالفين في يوم خيبر (١) أيضا ، وقد مضى حديثه في حديث المنزلة ، ومثل هذا لا يناسب إلّا للإمام (٢).
__________________
(١) ـ المناقب للخوارزميّ ١٥٨.
(٢) ـ قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : يا عليّ مثلك في هذه الأمّة ، كمثل عيسى بن مريم أحبه قوم فأفرطوا فيه ، وأبغضه قوم فأفرطوا فيه. المناقب للخوارزميّ ٣٢٥.
الآية الرّابعة والثلاثون
من سورة الزّخرف أيضا ؛ قوله تعالى (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) ٤٥.
فقد روى الفريقان أنّ الله تعالى لمّا جمع بين نبيّه وبين أرواح الأنبياء ليلة المعراج ، قال : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا) على ما ذا بعثوا؟ فقالوا : بعثنا على الإقرار بالتوحيد وبنبوّتك وبولاية عليّ عليهالسلام.
رواه من الجمهور الحافظ أبو نعيم (١) ، استخرجه من كتاب الاستيعاب لابن عبد البرّ ، والنيسابوريّ (٢) في تفسيره عن الثعلبيّ.
وروى أصحابنا ما يفيد هذا المعنى أيضا (٣).
__________________
(١) ـ الصراط المستقيم للبياضيّ ١ : ٢٤٤ عن أبي نعيم الحافظ.
(٢) ـ تفسير الثعلبيّ ٨ : ٣٣٨ ؛ غرائب القرآن ورغائب الفرقان ٢٥ : ٥٢ ؛ شواهد التنزيل ٢ : ٢٢٢ ؛ ذخائر العقبى ٦٩ ؛ الرياض النضرة ٢ : ١٦٦ ؛ المناقب للخوارزميّ ٣١٢ ؛ كفاية الطالب ٦٦ ؛ فرائد السمطين ١ : ٨١ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ : ٥٧٠ ، وروى الهيثمي بمعناه في مجمع الزوائد ٩ : ١٧٩.
(٣) ـ الأصول من الكافي ١ : ٤٣٧ ؛ الأمالي للطوسيّ ١ : ١٠٢ ؛ نهج الحقّ وكشف الصدق ١٨٣ ؛ منهاج الكرامة ١٣٠ ؛ تأويل ما نزل من القرآن الكريم ٣٠٥ ـ ٣٠٧ ؛ العمدة لابن البطريق ٣٥٣ ؛ الطّرائف ١٠١ ؛ بشارة المصطفى ٢٤٩ ؛ خصائص الوحي المبين ٩٨.
وعلى هذا ، فبعض السؤال مذكور في الآية وهو التوحيد ؛ كما قال الله تعالى (أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) هل حكمنا بعبادة الأوثان ، وهل جاءت في ملّة من مللهم ، وهذا ردّ على المشركين ، وبعضه غير مذكور ، بل ألقي عليه بالوحي ، أو ترك من جهة تغيير الكتاب بفعل عمر وعثمان (١).
وهذا نصّ في وجوب الإيمان بولاية عليّ عليهالسلام المقرونة بنبوّة النبيّ صلىاللهعليهوآله وتوحيد الله تعالى في لسان جميع الأنبياء عليهمالسلام ، فهو برهان قاطع على أنّ الإيمان بولاية أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام من أعظم أصول الدّين ، بعثت [لأجله] جميع الأنبياء ، وله الحمد.
__________________
(١) ـ يعتقد جميع علماء الشيعة بأنّ القرآن الكريم الموجود بين الدفّتين هو بنفسه القرآن الذي أنزله الله تبارك وتعالى على نبيّه محمّد صلىاللهعليهوآله دون زيادة ولا نقصان ، وأنّ الله تعالى قد تكفّل بصيانة قرآنه من التحريف ، بقوله عزوجل : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) ، لكنّ الشيعة يعتقدون أنّ أسباب النزول والتفسير اللذين كانا موجودين في مصحف أمير المؤمنين عليهالسلام جرى تجاهلهما حين التزم القوم في تدوينهم المصحف بمصاحف بعض الصحابة دون مصحف أمير المؤمنين عليهالسلام ، ممّا نجم عنه ضياع ثروة علميّة ضخمة في أسباب نزول القرآن وتفسير آياته الكريمة.
الآية الخامسة والثلاثون
من سورة محمّد صلىاللهعليهوآله ؛ قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) ـ القمّيّ قال : عن أمير المؤمنين عليهالسلام ـ (وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ) ٣٢.
فقد روى الفريقان نزولها من شاق الرسول صلىاللهعليهوآله في ولاية أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام.
أمّا أصحابنا : فقد رواه القمّيّ (١) ، ورووه في الآية السابقة على هذا (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى) (٢) الآية.
بل رووا عن أئمّتهم : إنّ في هذه السّورة آية فينا ، وآية في عدوّنا (٣).
وورد في جلّ آياتها تفاصيل (٤) ذلك عنهم.
__________________
(١) ـ تفسير القمّيّ ٢ : ٣٠٠.
(٢) ـ سورة محمّد : ٢٥.
(٣) ـ شواهد التنزيل ٢ : ٢٤٠ ؛ كنز الدقائق ١٢ : ٢١٢.
(٤) ـ تفسير القمّيّ ٢ : ٣٠٢ ؛ كشف اليقين ٣٨٢ ؛ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ١ : ٣٤٤ ، و ٣ : ١٠٠ ، ١٢٠ ، ٣٥٤ ؛ مناقب عليّ بن أبي طالب عليهالسلام لابن المغازلي ٣١٥ ؛ كفاية الطالب ٢٠٥ ؛ شواهد التنزيل ٢ : ٢٤٠ ـ ٢٥٠ ؛ الدرّ المنثور ٦ : ٦٦٦.
و [أمّا] من الجمهور ، فقد روى الحافظ أبو بكر بن مردويه أنّ المراد بالهدى المهديّ في أمر عليّ عليهالسلام ، حكاها في كشف الغمّة (١).
ولا ريب أنّ الذمّ المبطل للأعمال ، الشامل للإيمان ، يدلّ على أنّ قبول ولاية أمير المؤمنين عليهالسلام وما قاله الرسول صلىاللهعليهوآله فيه ركن للإيمان لا يتمّ الإيمان بدونه ؛ ضرورة أنّ مخالفة الرسول في الفروع لا يوجب بطلان جميع الأعمال حتّى الإيمان. وهذا دليل على إمامته ، وأنّ الإمامة من الأصول الإيمانيّة ، ثمّ من الواضح أنّه لم يقع شقاق في أمر عليّ عليهالسلام في زمان النبيّ صلىاللهعليهوآله وبعده إلّا في ولايته (٢).
__________________
(١) ـ كشف الغمّة ١ : ٤٣٥ نقلا عن ابن مردويه.
(٢) ـ وقوله تعالى (وَشَاقُّوا الرَّسُولَ) أي قطعوه في أهل بيته بعد أخذ الميثاق عليهم.
الآية السادسة والثلاثون
من سورة ق ؛ قوله تعالى (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) ٢٤.
فقد روى الفريقان أنّ الخطاب لمحمّد صلىاللهعليهوآله وعليّ عليهالسلام ، رواه من أصحابنا جماعة ، منهم : القمّيّ (١) ، وفي مجمع البيان (٢) ، والأمالي (٣) وغيرها (٤).
ومن الجمهور ما رواه أبو حنيفة في مسنده (٥) رواية عن الأعمش ، عن أبي سعيد الخدريّ ، أنّه قال : إذا كان يوم القيامة قال الله تعالى : يا محمّد يا عليّ ، قفا بين الجنّة والنار ، وألقيا في جهنّم كلّ كفّار عنيد. أي كافر مكابر في النبوّة ، معاند للولاية ؛ بل قال : أجمع عليه المفسّرون ووافقهم أبو حنيفة في مسنده للرواية.
__________________
(١) ـ تفسير القمّيّ ٢ : ٣٢٤.
(٢) ـ مجمع البيان ٥ : ٢١٥.
(٣) ـ الأمالي للمفيد ٣٢٨ ؛ أمالي الصدوق ٢٩٥ ، رقم ١٤ ؛ الأمالي للطوسيّ ٢٩٠ ، ٣٦٨ ، المجلس ١١ و ١٣.
(٤) ـ علل الشرائع ١ : ١٩٧ ؛ عيون أخبار الرضا ٢ : ٩٢ ح ٣٠ ؛ معاني الأخبار ٢٠٦ ؛ الخصال ٢ : ٢٠٧ ، ٣٦٧ ؛ الفضائل لابن شاذان ١٢٩ ؛ كشف اليقين ٤٢٠ ؛ الطرائف ٨٢ ؛ تحفة الأبرار ٢١٥ ؛ المقنع في الإمامة ٨٨ ؛ بصائر الدرجات ٤١٤ ـ ٤١٨ ؛ العمدة لابن البطريق ٣٧٧ ؛ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٢ : ١٨١ ؛ مائة منقبة ١٠٧ ، رقم ١٩ ؛ كشف الغمّة ١ : ١٠١ ؛ بشارة المصطفى ٤٩.
(٥) ـ جامع مسانيد أبي حنيفة ٢ : ٢٨٤ ؛ مسانيد أبي حنيفة ٢ : ٦ ؛ شواهد التنزيل ٢ : ٢٦١ ـ ٢٦٥.
حكى ذلك كلّه البرسيّ في مشارقه (١).
أقول : هذا ما تواترت الأخبار فيه من أنّ عليّا عليهالسلام قسيم الجنّة والنّار (٢) ، وقد استفيض في طريقنا عن الأئمّة الطّاهرة : إنّ إياب الخلق إلينا وحسابهم علينا.
فمن روايات المخالفين قد مضى ما دلّ على أنّ عليّا عليهالسلام يوم القيامة على الحوض يذود ويرود (٣).
__________________
(١) ـ مشارق الأنوار ١٨٧.
(٢) ـ مسند أحمد ١ : ٨٤ ، ٩٥ ، ١٢٨ ؛ تاريخ بغداد ٢ : ٢٥٥ ، و ٨ : ٤١٧ ، و ١٤ : ٤٢٦ ؛ فردوس الأخبار ٣ : ٩٠ ؛ المناقب للخوارزميّ ٧١ ، ٢٩٤ ؛ مناقب عليّ بن أبي طالب عليهالسلام لابن المغازليّ ٦٧ ، ١١٩ ؛ كفاية الطالب ٦٣ ؛ الفائق للزمخشريّ ٣ : ١٩٥ «قسم» ؛ البداية والنهاية ٧ : ٣٥٥ ؛ الصواعق المحرقة ١٢٦ ؛ فرائد السمطين ١ : ٣٢٦ ؛ المعرفة والتاريخ ٢ : ٧٦٤ ، و ٣ : ١٩٢ ؛ ذخائر العقبى ٧١.
(٣) ـ العسل المصفّى من تهذيب زين الفتى ٢ : ٤٠٦.
راد يرود ريادا ، ومنه الرائد : الذي يتقدّم القوم يبصر لهم الكلأ ومساقط الغيث.
الآية السّابعة والثلاثون
في سورة النّجم ؛ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى)
فقد روى الفريقان ما حاصله أنّها نزلت في وصاية عليّ عليهالسلام (١).
فقد روى من أصحابنا في المحاسن (٢) عن ابن عبّاس ، قال : صلّينا العشاء الآخرة ذات ليلة مع رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فلمّا أسلم أقبل علينا بوجهه ، ثمّ قال : إنّه ينقضّ كوكب من السّماء مع طلوع الفجر ، فيسقط في دار أحدكم ، فمن سقط ذلك الكوكب في داره ، فهو وصيّي وخليفتي والإمام بعدي ، فلمّا قرب الفجر جلس كلّ واحد منّا في داره ينتظر سقوط الكوكب في داره ، وكان أطمع القوم في ذلك أبو العبّاس بن عبد المطلب.
__________________
(١) ـ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٣ : ١٥ ، ١٦ ، وفيه : قال ابن حماد :
إنّ الإمام هو الّذي في داره |
|
ينقضّ نجم الليل ساعة يطلع |
فانقضّ في دار الوصي فغاظهم |
|
وغدت له ألوانهم تتمقّع |
قالوا أمال به الهوى في صنوه |
|
وتوازروا إلبا عليه وشنّعوا |
(٢) ـ لم أعثر عليه في المحاسن ؛ وقد رواه الشيخ الصدوق في مجالسه ٤٥٣ و ٤٥٤ ح ٤ و ٥ ؛ وابن شاذان في الفضائل ٦٥.
انقض الكوكب من الهواء ، فسقط في دار عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله لعليّ : يا عليّ والّذي بعثني بالنبوّة ، لقد وجبت لك الوصيّة والخلافة والإمامة.
فقال المنافقون عبد الله بن أبي (١) وأصحابه : لقد ضلّ محمّد صلىاللهعليهوآله في محبّة ابن عمّه وغوى وما ينطق في شأنه إلّا بالهوى ، فأنزل الله تبارك وتعالى (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) الآية. وعن الصّادق عليهالسلام ما يقرب منه (٢).
ومن رجال الجمهور ما رواه أبو حامد الشافعيّ في كتاب شرف المصطفى (٣) حكاه بعض الثقات ، وابن المغازلي (٤) في المناقب عن ابن عبّاس ، قال : كنت جالسا مع جماعة من بني هاشم مع النبيّ صلىاللهعليهوآله ، إذ انقضّ كوكب ، فقال صلىاللهعليهوآله : من انقضّ هذا الكوكب في داره ، فهو الوصيّ من بعدي ، فقام جماعة من بني هاشم ، فإذا الكوكب قد انقضّ في دار عليّ عليهالسلام ، فقالوا : يا رسول الله قد غويت في حبّ عليّ ، فأنزل الله تعالى (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) الآية.
أقول : ومن الظاهر أنّ الوصيّ هو المتولّي بجميع أمور الموصي بعد وفاته نيابة عنه ، ولا أمر أهمّ عند النبيّ صلىاللهعليهوآله من تبليغ الأحكام وارشاد الضالّة ، والقيام بأمور الدّين ، وحفظ سنن المرسلين ، وتبيين كتاب ربّ العالمين ، وهو المعنيّ بالخليفة والإمام.
وكون السورة مكيّة لا ينافي كون ابن عبّاس ـ كما قيل ـ قد ولد بعد الهجرة ، ومن اطلاقات المكيّة كون النزول بمكّة قبل الهجرة أو بعدها ، حكاها بعض الثقات
__________________
(١) ـ كنز الدّقائق ١٢ : ٤٦٩ ـ ٤٧١.
(٢) ـ تأويل ما نزل من القرآن الكريم ٣٣٧ ، ٣٣٨.
(٣) ـ إحقاق الحقّ ٢ : ٣٤٠ و ٣٤١ ؛ بحار الأنوار ٣٥ : ٢٨٤ ، عن شرف المصطفى.
(٤) ـ مناقب عليّ بن أبي طالب عليهالسلام لابن المغازلي ٢٦٦ ، ٣١٠.
عن السيوطيّ في كتاب الإتقان (١).
ومن الجمهور روى الخوارزميّ وابن مردويه في الوصاية مسندا عن أمّ سلمة ـ في حديث طويل ـ قالت : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : إنّ الله تعالى اختار من كلّ أمّة نبيّا. واختار لكلّ نبيّ وصيّا ، فأنا نبيّ هذه الأمّة ، وعليّ وصيّي في عترتي وأهل بيتي وأمّتي من بعدي (٢).
ومن ذلك رواه أحمد بن حنبل مرفوعا عن سلمان ، أنّه سأل [النبيّ] عن وصيّه ، فأجابه بأنّ عليّا وصيّي ، وقد مضى الحديث بلفظه (٣).
ومن ذلك ما رواه الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء (٤) عن أنس ، قال : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات يوم : يا أنس ، أوّل من يدخل عليك من هذا الباب سيّد المسلمين ، وإمام المتّقين ، وقائد الغرّ المحجّلين ، ويعسوب الدّين ، وخاتم الوصيّين.
قال : فأحببت أن يكون رجلا من الأنصار. وإذا بعليّ قد دخل عليه ، فاستقبله واحتضنه وبدأ يمسح من عرق جبينه بجبينه ، فقال : يا رسول الله ، ما وجدتك تصنع معي كصنيعك هذا اليوم ؛ فقال : ما يمنعني وأنت تؤدّي عنّي وتسمعهم صوتي وتبيّن لهم ما اختلفوا فيه من بعدي.
وهذا نصّ في الباب من وصايته وتفسيرها بالخلافة والإمامة والولاية بما لا مجال للاختلاف بغيره.
ومن ذلك ما رواه الخوارزميّ (٥) : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : نزل عليّ جبرئيل عليهالسلام
__________________
(١) ـ الإتقان في علوم القرآن للسيوطيّ ١ : ١٤ ، ٣٣.
(٢) ـ المناقب للخوارزميّ ١٤٦ ، ١٤٧ ، نقلا عن ابن مردويه.
(٣) ـ فضائل الصحابة لأحمد ٢ : ٦١٥ ح ١٠٥٢.
(٤) ـ حلية الأولياء ١ : ٦٣.
(٥) ـ المناقب للخوارزميّ ٣١٩ ، مائة منقبة ١٣٣ ، رقم ٦٥.
صبيحة يوم فرحا مستبشرا ، فقلت : حبيبي ما لي أراك فرحا مستبشرا؟ فقال : يا محمّد وكيف لا أكون كذلك وقد قرّت عيني بما أكرم الله به أخاك ووصيّك وإمام أمّتك عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فقلت : وبم أكرم الله أخي وإمام أمّتي؟ قال : باهى بعبادته البارحة ملائكته وحملة عرشه ، وقال : ملائكتي انظروا إلى حجّتي في أرضي على عبادي بعد نبيّي ، فقد عفّر خدّه في التراب تواضعا لعظمتي ، أشهدكم أنّه إمام خلقي ومولى بريّتي.
وهذا نصّ في الباب ؛ وبالجملة الأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى في كتب الفريقين (١) وأصولهم ، لا مجال لإنكارها ، قد ذكرت شطرا وافيا منها.
__________________
(١) ـ الروضة من الكافي ٨ : ٣٨٠ ؛ كشف الغمّة ١ : ٣٢٠ ؛ أمالي الصدوق ٤٥٣ ؛ نهج الحقّ وكشف الصدق ١٩٢ ؛ خصائص الوحي المبين ٣٨ ؛ العمدة لابن البطريق ٧٨ ، ٩٠ ؛ تفسير القمّيّ ٢ : ٣٣٤ ؛ شواهد التنزيل ٢ : ٢٧٥ ـ ٢٨٢ ؛ كفاية الطالب ١٤٣ ، ٢٢٩.
الآية الثامنة والثلاثون
من سورة الرّحمن ؛ قوله تعالى (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ) ـ إلى ـ (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) ١٩ ـ ٢٢.
فقد روى الفريقان أنّ البحرين ؛ عليّ وفاطمة ، والبرزخ : محمّد صلىاللهعليهوآله واللّؤلؤ والمرجان : الحسنان.
أمّا أصحابنا ، فقد رواه بعضهم (١).
وأمّا الجمهور ، فقد رواه الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه ، كما [في] كشف الغمّة عن أنس بن مالك ، أنّها نزلت في عليّ وفاطمة عليهماالسلام (٢).
__________________
(١) ـ الأصول من الكافي ١ : ٤١١ ؛ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٣ : ٣٦٥ ، ٣٦٧ ؛ نهج الحقّ وكشف الصدق ١٨٨ ؛ كشف اليقين ٤٠٠ ؛ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٣ : ٣١٨ ؛ منهاج الكرامة ١٣٩ ؛ فضائل أمير المؤمنين عليهالسلام لابن عقدة ٢١٦ ؛ قرب الإسناد ٦٤ ؛ تفسير القمّيّ ٢ : ٣٤٤ ؛ خصائص الوحي المبين ١٢٣ ؛ تفسير فرات الكوفيّ ٤٦٠ ؛ العمدة لابن البطريق ٣٩٩ ؛ روضة الواعظين ١٤٨.
(٢) ـ كشف الغمّة ١ : ٣٢٣ ؛ نقلا عن ابن مردويه ؛ تذكرة الخواصّ ٢١٢ ؛ النور المشتعل من كتاب ما نزل ٢٣٦ ؛ الدرّ المنثور ٦ : ١٤٢ و ١٤٣ ، نقلا عن ابن عبّاس وابن مردويه ؛ نور الأبصار ١٠١ ؛ الفصول المهمّة ٢٨ ؛ مناقب عليّ بن أبي طالب عليهالسلام لابن المغازلي ٣٣٩ ؛ مقتل الحسين للخوارزميّ ١ : ١١٣ ؛ شواهد التنزيل ٢ : ٢٨٤ ـ ٢٩٠ ؛ تفسير الثعلبيّ ٩ : ١٨٢.
ورواه في مجمع البيان عن سلمان الفارسي ، وسعيد بن جبير ، وسفيان الثوري : و «البحرين» عليّ وفاطمة ، و «برزخ» محمّد صلىاللهعليهوآله ، و «اللؤلؤ والمرجان» الحسن والحسين عليهماالسلام (١).
أقول : هذا العلّة إشارة إلى اجتماع بحر النبوّة والولاية ، فيخرج منهما اللّؤلؤ والمرجان ، أولاد النبيّ صلىاللهعليهوآله من صلب عليّ عليهالسلام.
قال الشيخ عزّ الدّين المقدسيّ الشافعيّ في رسالته المعمولة في مدح الخلفاء : حكى بعض الثقات كلاما فيه أنّ البحرين بحر ماء النبوّة من فاطمة عليهاالسلام ، وبحر ماء الفتوّة من عليّ عليهالسلام ، والبرزخ بينهما برزخ التقوى ، لا يبغيان أحدهما على الآخر بدعوى أو شكوى ، واللّؤلؤ والمرجان الحسنان عليهماالسلام (٢).
وهذا يفيد كون عليّ عليهالسلام تلو النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فيكون واليا على النّاس عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فيكون قوله تعالى (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) : معناه أبنعمة النبوّة أم بنعمة الولاية ـ وبهما تتمّ الهداية ـ تكذّبان (٣).
__________________
(١) ـ مجمع البيان ٥ : ٢٠١.
(٢) ـ لم نعثر على نسخة هذا الكتاب ، وانظر مؤدّاه : النور المشتعل من كتاب ما نزل ٢٣٦ ـ ٢٣٩ ؛ شواهد التنزيل ٢ : ٢٨٤ ـ ٢٩٠.
(٣) ـ الأصول من الكافي ١ : ٢١٧.
الآية التاسعة والثلاثون
من سورة الواقعة ؛ قوله تعالى (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) ١٠ و ١١.
فقد روى الفريقان ما يفيد أنّ المراد عليّ عليهالسلام لسبقه في الإسلام قبل الأمّة أجمع (١).
__________________
(١) ـ مسند أحمد بن حنبل ١ : ٩٩ ، ١٦٠ ، و ٤ : ٣٦٨ ، ٣٧٠ ، ٣٧١ ، و ٥ : ١٨١ ، ٤٩٥ ؛ الاستيعاب ٤ : ٤٠٤ ؛ سنن ابن ماجة ١ : ٤٤ ؛ سنن الترمذيّ ٥ : ٥٩٨ ، ٦٠٠ ؛ أنساب الأشراف ٢ : ٩٢ ؛ مطالب السئول ١١ ؛ فردوس الأخبار ١ : ٧٢ ، و ٣ : ٤٣٣ ، و ٥ : ٤٠٦ ؛ المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٢١ ، ١٤٧ ؛ تاريخ الطبريّ ٢ : ٥٧ ؛ الرياض النضرة ٢ : ٢٠٨ ؛ ذخائر العقبى ٥٨ ؛ مجمع الزوائد ٩ : ١٢٣ ـ ١٢٨ ؛ الفصول المهمّة ٣٢ ؛ الصواعق المحرقة ١٢٠ ؛ المناقب للخوارزميّ ٥١ ـ ٥٩ ، ٢٧٦ ؛ مناقب عليّ بن أبي طالب عليهالسلام لابن المغازلي ١٣ ـ ١٦ ؛ فرائد السمطين ١ : ٢٤٢ ؛ شواهد التنزيل ٢ : ٢٩١ ـ ٢٩٧ ؛ تاريخ بغداد ٢ : ١٨ ، و ٣ : ٨١ ؛ و ٤ : ٢٣٣ ؛ الدرّ المنثور ٦ : ١٥٤ ؛ الخصائص للنسائيّ ١٨ ـ ٢٣ ؛ تفسير القرطبيّ ٨ : ٢٣٦ ؛ شرف النبيّ ٢٤٧ ، ٤٨٤ ؛ وفيه : بنا أهل البيت بدأ الله الإسلام ، وبنا يعيد ، وبنا يختم الدّنيا.
الخصال ١ : ١٩٩ ، و ٢ : ٣٥٥ ؛ الإرشاد للمفيد ١ : ٣١ ؛ فضائل أمير المؤمنين عليهالسلام لابن عقدة ٢١٧ ؛ خصائص الوحي المبين ٨٢ ـ ٨٧ ؛ مجمع البيان ٥ : ٢١٥ ؛ منهاج الكرامة ١٢٨ ؛ نهج الحقّ وكشف الصدق ٢٠٠ ؛ كشف اليقين ٢٥ ، ٢٦ ، ١٦٦ ، ١٦٧ ؛ إعلام الورى ١٣٣ ـ ١٣٦ ؛ مناقب آل أبي طالب
أمّا أصحابنا ففي الخصال ؛ عن عليّ عليهالسلام ، قال : نزلت فيّ (١).
وفي إكمال الدّين ، عن الباقر عليهالسلام في حديث : نحن السّابقون ، نحن الآخرون (٢).
وفي الأمالي ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، قال : فقال لي : جبرئيل عليهالسلام ذلك في عليّ عليهالسلام وشيعته ، هم السّابقون إلى الجنّة المقرّبون من الله بكرامته (٣) لهم.
أقول : معنى السّابقون [: السابقون] في الإيمان بالنبيّ صلىاللهعليهوآله ، وهو الوليّ عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، هم السّابقون إلى الجنّة ، وغيره يتبعه.
وروى الثعلبيّ من رجال المخالفين في تفسيره أنّ المراد به عليّ عليهالسلام (٤).
وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه (٥) ما معناه أنّ المراد بهم عليّ وسلمان. بل قيل : إنّ سلمان كان أقدم من أبي بكر في الإسلام.
و [روى] ابن الجوزيّ في تذكرة الخواصّ (٦) عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس ، قال : أوّل من صلّى مع رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّ عليهالسلام ، فنزلت الآية.
واستدلال بعضهم على فضيلة أبي بكر في الهجرة ساقط ، لأنّ المراد الأسبق في الإسلام والإيمان ، مع أنّ أبا بكر لم يكن من المهاجرين ، لأنّ الهجرة إنّما كانت بعد هجرة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وأبو بكر لم يخرج مهاجرا إلى الله تعالى ورسوله ، بل خرج مع
__________________
لابن شهرآشوب ٢ : ١٠ ، و ٣ : ٢٨٧ ، و ٤ : ٣٠٨ ، ٣٥٨ ؛ المقنع في الإمامة ٧٣ ؛ المحاسن للبرقيّ ٣٣١ ؛ الإفصاح في الإمامة ٢٣٢ ؛ أسرار الإمامة ٢١٦ ، ٣٤٧ ؛ تفسير الحبريّ ٢٤١ ، ٤٠٠ ـ ٤٠٩ ؛ العمدة لابن البطريق ٦٠ ـ ٦٨.
(١) ـ الخصال ٢ : ١٩٩ ، ٣٥٥.
(٢) ـ اكمال الدين ١ : ٢٠٦.
(٣) ـ الأمالي للمفيد ٢٩٨ ؛ أمالي الصدوق ٢٨ ح ٥ ؛ الأمالي للطوسيّ ٧٢ ، المجلس الثالث.
(٤) ـ نهج الإيمان ١٦٦ ، نقلا عن تفسير الثعلبيّ.
(٥) ـ أسرار الإمامة ١٩٧ ، وفيه : الذين أسلموا بعد النبوّة أبو ذر وسلمان ...
(٦) ـ تذكرة الخواصّ ١٧.
رسوله مخالفا في نهيه عن الخروج (١).
كما رواه الثقات [من] الفريقين ، وممّا يشهد بما ذكرناه ما رواه في أنوار البصائر عن الخوارزميّ (٢) ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، قال في عليّ عليهالسلام : إنّه أوّلكم إيمانا معي ، وأوفاكم بعهد الله تعالى وأقومكم بأمر الله ، وأعدلكم في الرعيّة ، وأقسمكم بالسّويّة ، وأعظمكم عند الله مزيّة.
وعن حلية الأولياء لأبي نعيم الحافظ ، قال : قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : أخصمك يا عليّ بالنبوّة ـ فلا نبوّة بعدي ـ وتخصم النّاس بسبع لا يحاجّك فيهن أحد من قريش : أنت أوّلهم إيمانا بالله ، وأوفاهم بعهد الله ، وأقومهم بأمر الله ، وأقسمهم بالسويّة ، وأعدلهم في الرعيّة ، وأبصرهم في القضيّة ، وأعظمهم عند الله يوم القيامة مزيّة (٣).
وما رواه محمّد بن يوسف الكنجيّ في كفاية الطالب عن جماعة ، أنّه قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ستكون من بعدي فتنة ، فإذا كان ذلك فاقتدوا بعليّ بن أبي طالب والزموه ، فإنّه أوّل من آمن بي ، وأوّل من يصافحني يوم القيامة ، وهو الصدّيق الأكبر ، وهو فاروق هذه الأمّة ، يفرق بين الحقّ والباطل ، وهو يعسوب المؤمنين وإمام المتقين (٤).
وجه الدلالة أنّه لو لم يكن أسبق في الإسلام لم يكن أسبق في الملاقاة والمصافحة مع النبيّ صلىاللهعليهوآله يوم القيامة ، إذ السّابقون في الإسلام هم السّابقون في دخول الجنّة ، وأولئك هم المقرّبون أصحاب عين التسنيم في قوله تعالى (عَيْناً
__________________
(١) ـ الطرائف ٤١٠.
(٢) ـ حلية الأولياء ١ : ٦٦ ؛ تفسير الطبريّ ٣٠ : ١٧١ ، باختصار ؛ المناقب للخوارزميّ ١١١ ؛ ترجمة الإمام عليّ عليهالسلام لابن عساكر ١ : ١٣٢ ؛ فرائد السمطين ١ : ٢٢٣ ؛ مجمع البيان ٤ : ٢١٥ ؛ مجمع الزوائد ٩ : ١٢٣.
(٣) ـ حلية الأولياء ١ : ٦٥.
(٤) ـ كفاية الطالب ١٦٢ ، ١٦٣.
يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ) (١).
ثمّ أقول : قول المخالفين في لقب أبي بكر الصديق ، وفي لقب عمر الفاروق اطلاق من هذا الحديث ، كاطلاق أمير المؤمنين للشيخين ، حتّى صار الأمر إلى أن قيل لعلوج بني أميّة مثل يزيد بن معاوية ومروان «أمير المؤمنين».
وقوله «يعسوب المؤمنين» معناه أمير المؤمنين ، لأنّ اليعسوب هو أمير النحل (٢) ،
__________________
(١) ـ المطفّفين : ٢٨.
المقرّبون هم آل محمّد صلوات الله عليهم ، يقول الله (السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) : رسول الله صلىاللهعليهوآله وخديجة وعليّ بن أبي طالب عليهمالسلام وذرّيّاتهم ، والمقرّبون يشربون من تسنيم صرفا ، وسائر المؤمنين ممزوجا ، والتسنيم عين في الجنّة ، سمّيت تسنيما لارتفاع مكانها. تفسير الصافي ٥ : ١٢٠ ؛ المفردات في غريب القرآن ٢٤٥.
(٢) ـ ومن ألقابه عليهالسلام «يعسوب المؤمنين» ؛ قال الزجّاج في أماليه (ص ١٩) : قال أبو عبد الله الجدلي : دخلت على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فرأيت بين يديه ذهبا مصبوبا فقلت : ما هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال : هذا يعسوب المنافقين ، فقلت : وما معنى «يعسوب» يا أمير المؤمنين؟ فقال : هذا يلوذ به المنافقون ، كما يلوذ المؤمنون بي ، فأنا يعسوب المؤمنين.
وقال ابن الجوزيّ في تذكرة الخواصّ ص ٤ : ويسمّى عليّ عليهالسلام يعسوب المؤمنين ، لأنّ اليعسوب أمير النحل وهو أحزمهم ـ أي أقواهم ـ يقف على باب الكوارة ـ الكوارة شيء يتّخذ للنحل من القضبان ـ كلّما مرّت به نحلة شمّ فاها ، فإن وجد منها رائحة منكرة علم أنّها رعت حشيشة خبيثة فيقطعها نصفين ويلقيها على باب الكوارة ليتأدّب بها غيرها ، وكذا عليّ عليهالسلام يقف على باب الجنّة فيشمّ أفواه الناس ، فمن وجد منه رائحة بغضه ألقاه في النّار.
وانظر : مسند أحمد ٥ : ٣١ ؛ سنن الترمذيّ ٥ : ٦٣٥ ؛ سنن ابن ماجة ١ : ٤٤ ؛ حلية الأولياء ١ : ٦٦ ؛ مجمع الزوائد ٩ : ١٢٤ ؛ المناقب للخوارزميّ ٤٠ ، ٢٩٥ ؛ مناقب عليّ بن أبي طالب عليهالسلام لابن المغازلي ٦٥ ؛ المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٣٧ ؛ ذخائر العقبى ٥٦ ، ٧٠ ؛ الرياض النضرة ٢ : ١٥٥ ؛ تاريخ بغداد ٥ : ٤١٦ ؛ أخبار اصبهان ٢ : ٢٩٩ ؛ كفاية الطالب ١٨٨ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٣ : ٢٨٨ ؛ شواهد التنزيل ١ : ٧٦ ؛ مصابيح السنّة ٤ : ١٧٢.
أمالي الصدوق ٣٠١ و ٣٨٥ ؛ معاني الأخبار ٣١٤ ؛ الاختصاص ٥٣ ؛ الأمالي للطوسي ٣٤٥ و ٥٥٢ ؛ فضائل أمير المؤمنين عليهالسلام لابن عقدة ١٧ ـ ٢٠ ؛ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٢ : ٣٥١ ؛ إعلام