النصّ الجليّ في إثبات ولاية علي عليه السلام

محمد حسين بن الآقا باقر بروجردي

النصّ الجليّ في إثبات ولاية علي عليه السلام

المؤلف:

محمد حسين بن الآقا باقر بروجردي


المحقق: علي أصغر شكوهي قوچاني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: الآستانة الرضويّة المقدّسة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٥٠

الآية التاسعة والعشرون

من سورة فاطر ؛ قوله تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ) ٣٢.

روى أصحابنا مستفيضا اختصاص الآية بالفاطميّين ، واختصاص ايراث الكتاب بالعترة الطّاهرة خاصّة (١).

ففي العيون (٢) : أراد الله بذلك ، العترة الطّاهرة ، ولو أراد الأمّة لكانت بأجمعها في الجنّة ، لقول الله تعالى (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) الآية ، ثمّ جمعهم كلّهم في الجنّة ، فقال : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها) الآية ، فصارت الوراثة للعترة الطّاهرة لا لغيرهم.

وفي الكافي عن الكاظم ، أنّه عليه‌السلام تلا هذه الآية ، [و] قال : فنحن الّذين اصطفانا الله عزوجل ، وأورثنا هذا الّذي فيه تبيان كلّ شيء (٣).

وعن الرضا عليه‌السلام ، أنّه سئل عنها فقال : ولد فاطمة عليها‌السلام ، والسّابق بالخيرات :

__________________

(١) ـ تفسير القمّيّ ٢ : ٢٠٩ ؛ كشف اليقين ٣٧٢ ؛ نهج الحقّ وكشف الصدق ١٩٦ ؛ أسرار الإمامة ٢٧٦ ؛ بصائر الدرجات ٤٧ ، ١٩٧ ؛ كشف الغمّة ١ : ٣١٧ ؛ تفسير فرات الكوفي ١٢٨.

(٢) ـ عيون أخبار الرضا ١ : ٢٢٨.

(٣) ـ الأصول من الكافي ١ : ٢٢٦.

١٨١

الإمام ، والمقتصد : العارف بالإمام ، والظالم لنفسه : الّذي لا يعرف الإمام (١).

أقول : إن كان التقسيم المذكور إلى الثلاثة للمصطفين ، لزم أن يكون الظالم مصطفى لله والتالي باطل ، فوجب أن يكون الميراث الكتاب مختصّا بالعترة الطّاهرة من ولد فاطمة عليها‌السلام ، والتقسيم لمطلق ولدها ، والمراد المصطفين الّذين أورثهم الكتاب ؛ آل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين العترة الطاهرة ، وعليّ عليه‌السلام سيّدهم وأفضلهم ، وهذا أظهر.

ومن طريق الجمهور ما رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه أنّ المراد بالاسم الموصول (٢) عليّ عليه‌السلام ؛ وحينئذ فالاتيان بصيغة الجمع : إمّا تشريف أو تشريك له لذريّته وهو الأظهر. وايراث الله كتابه للعترة الطاهرة (٣) كناية عن قيامهم مقام النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في دعوة الخلق وتبليغ النواميس الإلهيّة وإرشاد النّاس سبل السلام ، أو تصريح بعلمهم بالكتاب من الله سبحانه وتعالى علما لدنيّا ، فيجب على غيرهم اتّباعهم بقوله تعالى (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) وهو المعنيّ بالخليفة والإمام ، أو نصّ على كونهم أفضل ، فيكونون خلفاء على غيرهم ، لقبح تقديم المفضول على الفاضل.

وبالجملة ، هذه منقبة لا يساويها مناقب ، ويشهد بهذا التفسير من الآية الكريمة قوله تعالى (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ) (٤).

فإنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّا عليه‌السلام داخلان في العموم ، فكان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أولى بأولي أرحامه ، وأولو الأرحام أولى به ؛ والتقييد بكونهم مؤمنين مهاجرين يخرج غير

__________________

(١) ـ الأصول من الكافي ١ : ٢١٥.

(٢) ـ يقصد «الذين» ، في قوله عليه‌السلام : فنحن الذين اصطفانا الله.

(٣) ـ سنن الترمذيّ ٥ : ٤١ سورة الملائكة ، نور الأبصار للشبلنجيّ ٢٢٧.

(٤) ـ الأحزاب : ٦.

١٨٢

عليّ عليه‌السلام (١) ، لاتّفاق الأمّة أنّ الإمامة لا يخلو من ثلاثة ؛ عليّ وعبّاس وأبي بكر ، فإذا بطل إمامة عبّاس بعدم كونه مهاجرا ؛ بل طليقا ، وبطل إمامة أبي بكر بعدم كونه من أولي أرحام النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وذوي قرابته عرفا ، لأنّ بعد الطبقة يوجب سلب اسم القرابة والرحم ، كما ذكره الفقهاء في بحث صلة الرّحم اتّفاقا ، وإلّا لصدق [على] ابن آدم كلّهم [أنّهم] قرابة ، والتالي ضرورة واتّفاقا ، فالمقدّم مثله ، ولأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله سلب القرابة عنه يوم البراءة بوحي جبرئيل عليه‌السلام ، بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يبلّغ عنّي إلّا أنا أو رجل منّي (٢). ثمّ أرسل عليّا عليه‌السلام ليبلّغ عنه واسترجع أبا بكر ـ باتّفاق الفريقين ـ بعد ارساله لقراءة آيات البراءة على أهل الموسم ، وهذا في سلب نسبه وقرابته عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله. ولو سلّم الإطلاق ، فهو من الأفراد النّادرة ولا ينصرف إليه ، فيتبادر مثل عليّ عليه‌السلام ، ويخرج غيره من آية أولي القربى وآية وجوب المودّة في قوله تعالى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (٣).

أو نقول : عدم اجتماع الوصفين في غير عليّ عليه‌السلام بالاجماع يخرج غيره ، فهو أولى بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله. والأولوية بأفراد الإنسان باختلاف الأفراد تختلف ، ويجمعها ما هو أهمّ عنده. والأهمّ عند النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله هو شرعه وكتابه وتبليغ الأحكام ، فيكون عليّا عليه‌السلام أولى بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله من الثلاثة ، وهذا منصب الإمام ليس إلّا. أو نقول : اطلاق الأولوية بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يقتضي العموم من جهة حذف المتعلّق وعدم التعيّن ومنافاة

__________________

(١) ـ كان عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام مهاجرا ذا رحم ، وقد أثبت الله تعالى بهذه الآية ولايته عليه‌السلام ، لأنّه كان أولى برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من غيره.

(٢) ـ مسند أحمد ١ : ٣٣١ ؛ سنن الترمذيّ ٥ : ٣٠٠ ؛ خصائص النسائي ٢٠ ؛ مصابيح السنّة ٢ : ٣٥٠ ؛ تفسير الطبريّ ١٠ : ٤٦ ، ٤٧ ؛ الفصول المهمّة ٤٠ ؛ التفسير الكبير ١٤ : ٢١٨ ؛ غرائب القرآن ١٠ : ٣٩ ؛ زاد المسير في علم التفسير ٣ : ٣٩١ ؛ المناقب للخوارزميّ ١٦٤ ، ١٦٥ ؛ الصواعق المحرقة ١٢٢.

(٣) ـ الشورى : ٢٣ ؛ منهج الشيعة لابن شرفشاه ١١٤.

١٨٣

الاجمال للغرض والحكمة ، فيكون عليّ عليه‌السلام أولى بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله من كلّ أحد في كلّ أمر ، وهذا الإطلاق ليس إلّا للإمام ، ويشهد به الأخبار المستفيضة عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال لعليّ عليه‌السلام : أنت وارثي ، منها ما مضى في حديث المنزلة وغيرها (١).

ومنها ما رواه من المخالفين أحمد بن حنبل مرفوعا عن سلمان وأنس ، عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : قلت له : يا رسول الله ، من وصيّك؟ قال يا سلمان ، من كان وصيي أخي موسى؟ قلت : يوشع بن نون. قال : فإنّ وصيي ووارثي ويقضي ديني وينجز وعدي عليّ بن أبي طالب (٢).

ورواه ابن مردويه (٣) بزيادة فضائل له.

وظاهر إنّ وصيّ الإنسان هو القائم مقامه بأموره الهامّة ، وما أمر أهمّ للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله من إقامة الدّين وهداية الأمّة إلى سنن المرسلين ، وهو المعنيّ بالإمام. قوله : «ووارثي». ولا إرث للنبيّ يرثه الوليّ إلّا الكتاب والعلم وآثار النبوّة ؛ وينصرف إليه الإطلاق في أمثال المقام لعدم اعتنائهم بالدراهم والدّنانير ، ولذا شاع في الأخبار «أنّ الأنبياء لا يورثون درهما ولا دينارا ، وإنّما يورثون العلم» ، وقد مضى عند ذكر حديث المنزلة أنّ عليّا عليه‌السلام سأله : ما أرث منك؟ فقال : ما كان ميراث الأنبياء؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : وما كان ميراث الأنبياء؟ قال : كتاب الله وسنّة نبيّهم (٤).

ومن ذلك ما رواه الخوارزميّ في المناقب : إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال يوم فتح خيبر : «لو لا أن يقول فيك طوائف من أمّتي ما قالت النّصارى في عيسى ابن مريم عليهما‌السلام ،

__________________

(١) ـ سبق تخريجه آنفا.

(٢) ـ فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل ٢ : ٦١٥ ؛ مناقب عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام لابن المغازلي ٢٠٠ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٣ : ٢٠٨ ، ٢٥٦ ؛ المناقب للخوارزميّ ٨٥ ، ١٢٩ ، في حديث طويل ؛ مجمع الزوائد ٩ : ١٤٧ ؛ فرائد السمطين ١ : ٨٥ ، ١٤٥ ، ٢٦٩ ـ ٢٧٢.

(٣) ـ نهج الايمان ٢٠٠ ، ٢٠٢ ، نقلا عن ابن مردويه.

(٤) ـ فضائل الصحابة لأحمد ٢ : ٦٣٨ ح ١٠٨٥.

١٨٤

لقلت فيك اليوم مقالا ؛ بحيث لا تمرّ بملإ من المسلمين إلّا أخذ من تراب نعلك وفضل طهرك يستشفون به ، ولكن حسبك أن تكون منّي وأنا منك ، ترثني وأرثك ، أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي. يا عليّ أنت تؤدّي ديني ، وأنت في الآخرة أقرب النّاس منّي ، وأنت غدا على الحوض خليفتي تذود عنه المنافقين ، وأنت أوّل من يرد عليّ الحوض ، وأنت أوّل داخل في الجنّة من أمّتي ، وشيعتك على منابر من نور ، حربك حربيّ ، وسلمك سلمي ، وسرّك سرّي ، وعلانيتك علانيتي ، وسريرة صدرك سريرة صدري ، وأنت باب علمي ، ولدك ولدي ، ولحمك لحمي ، وجسمك جسمي ، ودمك دمي ، وإنّ الحقّ معك ، وعلى لسانك ، وفي قلبك ، وبين عينيك ، والإيمان مخالط لحمك ودمك ؛ كما خالط لحمي ودمي ، وإنّ الله عزوجل أمرني أن أبشّرك أنّك وعترتك في الجنّة ، وعدوّك في النّار ، ولا يرد على الحوض مبغض لك ولا يغيب عنك محبّك (١).

ورواه أحمد بن حنبل أيضا إلى قوله «من تحت قدميك للبركة».

وبالجملة ، الأخبار الناصّة في أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّ : «أنت وارثي» مستفيضة من الطرفين ؛ بل كادت أن تكون متواترة ، وكلّ ذلك من شواهد أنّ المراد بالآية ايراث الله الكتاب عليّا وأولاده الطاهرين عليهم‌السلام ، فيكون قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله للولي «أنت وارثي» بايراث الله ووحيه ، وهذا نصّ على الخلافة والوصاية والإمامة عند من ليس له لجاج ، أو في ذهنه الاعوجاج ، والحمد لله على أوّل النّعم.

__________________

(١) ـ المناقب للخوارزميّ ١٢٩ ، ٣١١ ، ٣١٧ ؛ خصائص الأئمّة ٧٥ ؛ مناقب عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام لابن المغازليّ ٢٣٧ ـ ٢٣٩ ؛ قصص الأنبياء لقطب الدّين الراونديّ ٣٥٩ ـ ٣٧٢.

١٨٥

الآية الثلاثون

من سورة الصّافات ؛ قوله تعالى (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) ٢٤.

فقد روى الفريقان (١) أنّ المراد أنّهم مسئولون عن ولاية عليّ أمير المؤمنين عليه‌السلام.

رواه أصحابنا ، منهم عليّ بن إبراهيم في تفسيره (٢) ، قال : عن ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ومثله في الأمالي (٣) ، والعيون (٤) عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفي علل الشرائع (٥) عنه عليه‌السلام أنّه قال في تفسيرها : لا يجاوز قدما عبد حتّى يسأل عن أربع :

__________________

(١) ـ أمّا العامّة : صحيح مسلم ٤ : ١٧٨٢ ؛ نظم درر السمطين ١٠٩ ؛ كفاية الطالب ٢١٦ ؛ فرائد السمطين ١ : ٧٩ ؛ شواهد التنزيل ٢ : ١٦٠ ؛ شرف النبيّ ٢٥٢. وروى الخطيب في تاريخه ٣ : ١٦١ ، و ١٠ : ٣٥٧ مسندا إلى ابن عبّاس قال : قلت : يا رسول الله ، للنار جواز؟ قال : نعم ، قلت : وما هو؟ قال : حبّ عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام.

وأمّا الخاصّة : تفسير الحبري ٣١٣ ؛ مناقب آل أبي طالب ٢ : ١٧٤ ؛ بشارة المصطفى ٢٤٣ ؛ نهج الإيمان ٥٠٣ ـ ٥٠٥ ؛ كشف اليقين ٣٦١ ؛ منهاج الكرامة ١٢٦ ، ١٢٧ ؛ أسرار الإمامة ٤٨ ؛ تحفة الأبرار في مناقب الأئمّة الأطهار ٤٣ ، ٨١ ؛ نهج الحقّ وكشف الصدق ١٨١ ؛ خصائص الوحي المبين ٨١ ؛ الطّرائف ٧٤ ؛ العمدة لابن البطريق ٢٨٦ ، ٣٠١.

(٢) ـ تفسير القمّيّ ٢ : ٢٢٢.

(٣) ـ الأمالي للشيخ الطوسيّ ١ : ٢٩٦.

(٤) ـ عيون أخبار الرضا ١ : ٣١٣.

(٥) ـ علل الشرائع ٢١٨.

١٨٦

عن شبابه فيما أبلاه ، وعن عمره فيما أفناه ، وعن ماله من أين جمعه ، وفيما أنفقه ، وعن حبّنا أهل البيت (١).

ورواه من المخالفين في أصولهم الحافظ أبو نعيم (٢) ، عن الشعبيّ ، عن ابن عبّاس ، قال : مسئولون عن ولاية عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام.

ورواه أحمد بن حنبل في المسند (٣) ، وابن شيرويه (٤) في الفردوس في قافية الواو ، وابن حجر في صواعقه (٥) ، والواحدي (٦) عن أبي سعيد الخدريّ ، قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : مسئولون عن ولاية عليّ عليه‌السلام.

وابن الجوزيّ في تذكرة الخواصّ (٧) ، قال مجاهد عن حبّ عليّ عليه‌السلام.

ولا ريب أنّ ولايته الّتي يوقف العبد ويسأل عنها يوم القيامة ، لا سيّما في أوّل قدم قام بها من قبره ، لا تكون إلّا ولاية واجبة قائمة مقام النبوّة ، وليست إلّا الإمامة دون المحبّة المجرّدة ؛ كما في دون فاطمة من أقارب الرّسول وسائر المؤمنين. على أنّ وجوب المودّة والمحبّة دليل وجوب الاتّباع والطاعة ، وليس إلّا الإمامة.

ويشهد بصحّة هذا الخبر قوله تعالى (عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ).

وقد روى الفريقان أنّ المراد بالنّبإ العظيم ولاية عليّ عليه‌السلام (٨).

__________________

(١) ـ المناقب للخوارزميّ ٧٧ ح ٥٩ ؛ المناقب لابن المغازليّ ١١٩ ؛ كفاية الطالب ٢٨٩.

(٢) ـ النور المشتعل من كتاب ما نزل ١٩٦ ـ ١٩٩.

(٣) ـ مسند أحمد بن حنبل ٢ : ١٧٥ ؛ صحيح مسلم ٤ : ١٧٨٢.

(٤) ـ في الأصل «مردويه» ، والصحيح ما أثبتناه.

(٥) ـ الصواعق المحرقة ١٤٩.

(٦) ـ الصواعق المحرقة ١٤٩ ، نقلا عن الديلميّ والواحديّ.

(٧) ـ تذكرة الخواصّ ١٧.

(٨) ـ عليّ عليه‌السلام هو النبأ العظيم ؛ انظر : نظم درر السمطين ٧٨ ؛ بصائر الدرجات ٧٧ ؛ تأويل ما نزل من القرآن

١٨٧

أمّا الخاصّة : فمستفيضا (١).

وأمّا العامّة (٢) : فقد رواه الحافظ الشيرازيّ عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : ولاية عليّ ، يتساءلون عنها في قبورهم. ما من ميّت إلّا ويسأله منكر ونكير عن ولاية عليّ أمير المؤمنين بعد الموت. يقولون له : من ربّك وما دينك؟ ومن نبيّك؟ ومن إمامك؟.

وجه الدّلالة أنّ اجمال الآية يفصّل بالرّواية بما فيه تعيين إمامة عليّ عليه‌السلام ، فيجب الاقتصار عليه إلّا بالدّليل ، مع أنّ الفصل بغير تقييد ، فإذا كانت ولاية عليّ مسئول عنها في القبر والقيامة بالآيتين والرّوايتين كانت من أركان الإيمان ، فهو نصّ في إمامته وخلافته.

ورواه المفسّر من أصحابنا في منهج الصادقين (٣) عن الحافظ أبي نعيم الاصفهانيّ ، عن السدّي ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ الحديث ، وفيها قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : فطوبى للمصدّق بولايته ، والويل للمكذّب بولايته ، وقوله تعالى (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ) (٤) (٥).

__________________

الكريم ٤٢٣ ، وجاء فيه : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : ما لله نبأ هو أعظم منّي ، ولقد عرض فضلي على الأمم الماضية باختلاف ألسنتها.

(١) ـ الأصول من الكافي ١ : ٢٧٠ ؛ معاني الأخبار ٦٧ ؛ تفسير القمّيّ ٢ : ٤٠١ ؛ تحفة الأبرار في مناقب الأئمّة الأطهار ٤٣ ؛ نهج الايمان ٥٠٥ ـ ٥٠٧ ؛ نهج الحقّ وكشف الصدق ٢١١ ؛ الطّرائف ٩٥ ؛ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٢ : ١٧٤ ، ١٧٥ ، ١٧٨ ؛ مجمع البيان ٤ : ٤٤١ ؛ كشف الغمّة ١ : ٤٢١ ، ٤٣٠.

(٢) ـ شواهد التنزيل ٢ : ٤١٧ ، ٤١٨ ؛ المناقب للخوارزميّ ٢٧٥ ؛ الطرائف ٩٥ ؛ نقلا عن الحافظ الشيرازيّ.

(٣) ـ تفسير منهج الصادقين ٧ : ٥٠٩.

(٤) ـ سورة ص : ٦٧.

(٥) ـ كثر إطلاق النبأ العظيم على عليّ عليه‌السلام ، حتّى صار كأنّه من ألقابه الخاصّة وعناوينه المخصوصة على ألسنة العامّة والخاصة ، ففي دعاء الافتتاح في وصف أمير المؤمنين عليه‌السلام «وآيتك الكبرى والنّبإ العظيم» ؛ وفي

١٨٨

__________________

الشعر المعروف عن حسّان بن ثابت أو عمرو بن العاص.

هو النبأ العظيم وفلك نوح

وباب الله وانقطع الخطاب

وقال عمرو بن العاص في قصيدته المعروفة بالجلجليّة مخاطبا لمعاوية :

نصرناك من جهلنا يا ابن هند

على النبأ الأعظم الأفضل

وقال ابن أبي الحديد في قصيدته :

يا أيّها النبأ العظيم فمهتد

في حبّه وغواة قوم ضلّل

القصائد السبع العلويّات ٨٠.

١٨٩

الآية الإحدى والثلاثون

من سورة الصّافات أيضا ؛

قوله تعالى : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) ١٣٠.

فقد روى الفريقان أنّ المراد بآل يس آل محمّد صلّى الله عليه وعليهم وعلى سيّدهم ، وذلك لأنّ يس اسم محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، بدليل [قوله تعالى](إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ).

فقد رواه من أصحابنا القمّيّ (١) ، وفي معاني الأخبار (٢) ، ورواه في الجوامع عن (٣) ابن عبّاس : آل يس آل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين ، ويس اسم من أسمائه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وفي الاحتجاج ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : إنّ الله سمّى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بهذا الاسم ، حيث قال (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) ، لعلمه بأنّهم يسقطون قول الله سلام على آل محمّد سلام الله عليهم أجمعين ، كما أسقطوا غيره (٤). وفيه دلالة على آل

__________________

(١) ـ تفسير القمّيّ ٢ : ٢٢٦ ؛ كشف اليقين ٤٠٣ ؛ مجمع البيان ٤ : ٤٥٧.

(٢) ـ معاني الأخبار ١٢٢ ؛ نهج الحقّ وكشف الصدق ٢٠٥.

(٣) ـ ورواه أيضا في مجمع البيان ٨ : ٧١٤ ذيل الآية.

(٤) ـ الاحتجاج للطبرسيّ ١ : ٢٥٣ ؛ تفسير الحبريّ ٣٥٨ ، وفيه : قال عليّ عليه‌السلام : إنّ الله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اسمه يس ، ونحن الّذين قال الله تعالى (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) ؛ مجمع البيان ٤ : ٤٥٧ ؛ تفسير البيان ٨ : ٥٢٣ ؛

١٩٠

يس ، ومن المخالفين ، قال ابن حجر في صواعقه (١) : إنّه تحقّق ذلك ، ورواه جمع كثير (٢).

أقول : ويؤيّده كون «آل» مفعولا عن «يس» في مصحف عثمان ، على ما حكاه جماعة من الأعلام ، وهذه الأخبار تشهد بصحّة قراءة «آل يس» بفتح الهمزة ومدّها وكسر اللام.

ورواه في العيون (٣) عن الرضا عليه‌السلام في مجلس المأمون ، قال له المأمون : فهل عندك في الآل شيء أوضح من هذا في القرآن؟ قال : نعم ، أخبروني عن قول الله تعالى (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) فمن عني بقوله (يس) ، قالت العلماء : يس محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لم يشكّ فيه أحد ، قال : فإنّ الله أعطى محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله وآل محمّد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلّا من عقله ، وذلك إنّ الله لم يسلّم على أحد إلّا على الأنبياء ، فقال تبارك وتعالى : (سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ) (٤) و (سَلامٌ

__________________

ينابيع المودّة ١ : ١٤٣ ، وفيه : وقال الله تعالى (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) يعني آل محمّد عليهم‌السلام ، ولم يسلّم على آل أحد من الأنبياء عليهم‌السلام سواه.

(١) ـ الصواعق المحرقة ١٤٨ ، ١٤٩ ؛ التفسير الكبير ٢٦ : ١٦٠ ؛ جواهر العقدين ٢٢٨.

(٢) ـ شواهد التنزيل ٢ : ١٦٥ ـ ١٧٠ ؛ معاني القرآن ٢ : ٣٩٢ ؛ مجمع الزوائد ٩ : ٢٧٧ ؛ غرائب القرآن ورغائب الفرقان ٢٣ : ٦٧ ؛ تفسير الطبريّ ٢٣ : ٩٤ ـ ٩٦ ؛ الدرّ المنثور ٥ : ٢٨٦ ؛ تفسير الخازن ٦ : ٢٦ ؛ تفسير الثعالبيّ ٥ : ٤٦ ؛ زاد المسير في علم التفسير ٧ : ٨٤ ؛ غريب القرآن للسجستانيّ ١٥٩.

(٣) ـ عيون أخبار الرضا ١ : ٢٣٦ ؛ أسرار الإمامة ٢٣٩ ، ٢٨١ ، وفيه : قال الله تعالى (سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ) وقال (سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ) و (سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ) ثمّ قال في أهل النبيّ (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) ، وياسين محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله بالإجماع ، فيجب أن يكون هؤلاء مثل نوح وموسى وهارون وابراهيم الّذين سلّم الله تعالى عليهم ، فخلع الله تعالى عليهم خلعة الأنبياء عليهم‌السلام.

(٤) ـ الصافّات : ٧٩ ، وعمّ سلام نوح في قوله (فِي الْعالَمِينَ) ، كأنّه جعل له بعدد كلّ أحد وبعدد كلّ شيء في العالم ـ ومن العالم ناطق وجماد وحيوان وموات ـ سلاما باقيا ذلك بقاء العالمين في الدنيا والآخرة ، فكذلك عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام وسائر آل الرسول عليهم‌السلام اختصّوا بالسّلام في قوله : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) أي جعل لآل الرسول عليهم‌السلام وعليّ عليه‌السلام أفضل السلام.

١٩١

عَلى إِبْراهِيمَ) (١) و (سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ) (٢) ، ولم يقل : وسلام على آل نوح ، ولم يقل : وسلام على آل إبراهيم ، ولم يقل : وسلام على آل موسى وهارون.

وقال : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) يعني آل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين (٣).

وبالجملة ، هذه القراءة في رواياتنا وعند علمائنا معروفة مشهورة لا نتركها مهما أمكن ، ونفتي بصحّتها ، للروايات الصحيحة من طريقنا مضافا إلى طريق المخالفين (٤).

وأمّا قراءة الياسين متّصلا لا آل يس ، فقيل : لغة في الياس كيناوسين (٥). وقيل : جمع له أريد به هو وأتباعه ، وفيه إنّه لو كان كذلك لكان معرّفا ، ولو كان أريد به هو واتباعه ، لزم أن يكون أتباع الياس في سلك الأنبياء ، وأن يكون الله سلّم عليهم ، والظاهر أنّ سلام الله على أحد يدلّ على عصمته وطهارته عن رجس الآثام ، وسلامته من الهلاك ، فيختصّ بأهل العصمة. فالصّحيح اختصاص الآية بالعترة الطاهرة أهل بيت الرسول ، فيكون آل يس عليّ سيّدهم في درجة الأنبياء حفظا لسياق الآيات وتطبيق الطرفين مع الوسط ، لأنّه تعالى ختم السورة بقوله سبحانه : (سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) ، وليس آل يس من المرسلين ، فيكونون أئمّة.

وقد روى ابن حجر (٦) المتأخّر من رجال المخالفين في صواعقه أيضا ، أنّ الله

__________________

(١) ـ الصافّات : ١٠٩.

(٢) ـ الصافّات : ١٢٠.

(٣) ـ مشارق الأنوار ١٠٦.

(٤) ـ رويت هذه القراءة عن نافع ، وابن عامر ، ويعقوب ، ورويس ، والأعرج ، وشيبة ، وزيد بن عليّ ، وعبد الله بن مسعود ، كما رويت عن الإمام الرضا عليه‌السلام. انظر معجم القراءات القرآنيّة ٥ : ٢٤٦ ـ ٢٤٧.

(٥) ـ كذا في المتن.

(٦) ـ الصواعق المحرقة ١٤٩ ، وفيه : إنّ الله تعالى جعل أهل بيت نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله مطابقا له في أشياء كثيرة ، وذكر الفخر الرازي أنّ أهل بيته صلى‌الله‌عليه‌وآله يساوونه في خمسة أشياء :

١٩٢

تعالى ساوى بين محمّد وآله في خمسة مواضع :

منها : السّلام عليهم ، فكما سلّم على محمّد بقوله : والسلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته ، سلّم على آله بقوله سبحانه : «سلام على آل ياسين».

ثمّ أقول : إذا ثبت أنّ الله سبحانه وتعالى سلّم على الآل ، ثبت عصمتهم وطهارتهم وسلامتهم عن الآثام ، فيكونون أئمّة وأولى بالإمامة ، وهو الظاهر. ألا ترى كيف أثبت عصمة الأنبياء عن الزّلل بقوله تعالى : (وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) بعد (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) ، فإنّ السلام على أحد دعاء بالسلامة ، و [السلام] من الله سبحانه وتعالى فعل السلامة بعبده تكوينا ، ولا نعني بالعصمة إلّا هذا.

__________________

إحداها : في السلام ، قال : «السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته» وقال لأهل بيته : «سلام على آل ياسين».

والثانيّة : في الصلاة على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى الآل ، كما في التشهّد وغيره ، تجب الصلوات في التشهد بقول الشافعيّ : التفسير الكبير للرازيّ ٢٥ : ٢٢٧.

والثالثة : في الطهارة ، قال الله تعالى : (طه) أي يا طاهر (ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى) ، وقال لأهل بيت نبيّه (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).

والرابعة : تحريم الصدقة ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تحلّ الصدقة لمحمّد ولا لآل محمّد.

والخامسة : المحبّة ، قال الله عزوجل : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) ، وقال لأهل بيته : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى).

١٩٣

الآية الثانية والثلاثون

من سورة الشورى ؛

قوله تعالى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) أي على التبليغ والرسالة (أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) ٢٣.

فقد روى الفريقان (١) أنّ المراد بذوي القربى في الآية : الّذين جعل الله مودّتهم

__________________

(١) ـ أمّا العامّة : مسند أحمد ١ : ٢٨٦ ؛ صحيح البخاريّ ٦ : ٣٧ ؛ حلية الأولياء ٣ : ٢٠١ ؛ المعجم الصغير ١ : ٧٦ ؛ تفسير الكشّاف ٤ : ٢٢٠ ؛ كفاية الطالب ٧٩ ـ ٨١ ؛ مناقب عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام لابن المغازلي ٣٠٧ ـ ٣٠٩ ؛ المناقب للخوارزميّ ٢٧٥ ؛ الدرّ المنثور ٦ : ٧ ؛ الوسيط في تفسير القرآن للواحد النيسابوريّ ٤ : ٥٢ ؛ التفسير الكبير للرازيّ ٢٧ : ١٦٦ ، ١٦٧ ؛ شرف النبيّ ١٢٥ ؛ الذريّة الطاهرة للدولابيّ ١١٠ ؛ كتاب الولاية وفضائل عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام لمحمد بن جرير الطبريّ ٧٥ ؛ شواهد التنزيل ٢ : ١٣٤ ؛ أسباب النزول للواحدي ١٣٣ ؛ تفسير الماورديّ المسمّى بنكت العيون ٢ : ٤٩ ؛ ذكر أخبار اصبهان ٢ : ١٦٥ ؛ مجمع الزوائد ٩ : ٢٦٦ ؛ مطالب السئول ٨ ؛ نظم درر السمطين ٢٤ ، ٨٦ ؛ ذخائر العقبى ٢٦ ، ١٣٨ ؛ فرائد السمطين ٢ : ١٣ ؛ المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٧٢ ؛ تفسير البحر المحيط ٧ : ٥١٦.

وأمّا الخاصّة : عيون أخبار الرضا ١ : ٢٣٣ ؛ الأمالي الصدوق ١٤١ ؛ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ١ : ٣٠٩ ؛ فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام لابن عقدة ٢١٤ ؛ كتاب الولاية لابن عقدة ١٧١ ؛ تفسير الحبريّ ٣٥٩ ـ ٣٦٣ ؛ كشف الغمّة ١ : ٥٤ ؛ منهاج الكرامة ٨٢ ، ١٢٢ ؛ بشارة المصطفى ٢٤٠ ، ٢٤١ ؛ العمدة لابن البطريق ٤٧ ـ ٦٠ ؛ تفسير القمّيّ ٢ : ٢٧٥ ؛ بصائر الدرجات ١٣٨ ، ١٣٩ ؛ نهج الحقّ و

١٩٤

أجر الرسالة ، فمن لم يودّهم فسد إيمانه بالرّسول ، لأنّ أجر الرّسالة من متمّمات الإيمان بالرّسول صلى‌الله‌عليه‌وآله [و] هم العترة الطّاهرة : عليّ وفاطمة والحسنان عليهم‌السلام.

وأمّا أصحابنا فقد رووه متواترا وعليه إجماعهم لا خلاف بينهم.

منها : ما رواه في مجمع البيان (١) عن السّجاد والباقر والصادق عليهم‌السلام.

وفي الكافي عن الصادق عليه‌السلام ، قال : لمّا رجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من حجّة الوداع وقدم المدينة أتته الأنصار ، فقالوا : يا رسول الله ، إنّ الله جلّ ذكره قد أحسن إلينا وشرّفنا بك وبنزولك بين ظهرانينا ، فقد فرّح الله صديقنا ، وكبت عدوّنا ، وقد يأتيك وفود ، فلا تجد ما تعطيهم ، فيشمت بك العدوّ ، فنحبّ أن تأخذ ثلث أموالنا ، حتّى إذا قدم عليك وفد مكّة وجدت ما تعطيهم ، فلم يردّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليهم شيئا ، وكان ينتظر ما يأتيه من ربّه ، فنزل جبرئيل عليه‌السلام وقال : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) ولم يقبل أموالهم ، فقال المنافقون : ما أنزل الله هذا على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وما يريد إلّا أن يرفع بضبع ابن عمّه ويحمل علينا أهل بيته ، يقول أمس : «من كنت مولاه فعليّ مولاه» ، واليوم : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (٢).

ونحوه رواه في قرب الإسناد (٣) ، والجوامع (٤) ، والمجمع (٥) ، والمحاسن (٦) ، وغيرها ،

__________________

كشف الصدق ١٧٥ ؛ خصائص الوحي المبين ٥٢ ـ ٥٥ ؛ أسرار الإمامة ٢٧٩ ، ٢٨٠ ، ٢٥٦ ، وفيه : أعظم الأمور في الدّنيا النبوّة بعد الإلهيّة ، فجعل الله تعالى محبّة عليّ وأولاده بإزاء النبوّة ، وجعلها أجره إزاء النبوّة بمنزلة الشّكر لها ، فقال (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ ...) فمن أنكره فقد أنكر القرآن ، ومنكر القرآن كافر وعدوّ الله وعدوّ رسوله والمؤمنين.

(١) ـ مجمع البيان ٥ : ٢٨ ، ٢٩.

(٢) ـ الأصول من الكافي ١ : ٢٩٥ ، ٢٩٦ ، ٤١٣ ؛ روضة الكافي ٣٧٩ ، رقم ٥٧٤ ؛ روضة الواعظين ٢٦٨.

(٣) ـ قرب الإسناد ١٢٨ ، رقم ٤٥٠.

(٤) ـ تفسير جوامع الجامع للطبرسيّ ٤٢٩.

(٥) ـ مجمع البيان ٥ : ٢٨.

(٦) ـ المحاسن ١٤٥.

١٩٥

بل هذا من أصول مذهبنا وما أجمع عليه أصحابنا في الأعصار والأمصار (٧).

وأمّا المخالفون : فقد رواه منهم مسلم (٨) ، والبخاريّ (٩) في الصحيحين ، وأحمد بن حنبل في مسنده (١٠) ، والزمخشريّ (١١) ، والثعلبيّ (١٢) ، والبغويّ (١٣) في تفاسيرهم عن ابن عبّاس وغيره.

ورواه الأندلسيّ في الجمع بين الصّحاح (١٤) ، والطبرانيّ (١٥) ، والحاكم (١٦) ، وابن أبي حاتم (١٧) ، وابن حجر في صواعقه (١٨) عنه ، أنّه فسّر القرابة بعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ، وصفهم بوجوب المودّة.

__________________

(٧) ـ تفسير القمّيّ ٢ : ٢٧٥ ؛ تأويل الآيات الظاهرة ٥٣٠ ـ ٥٣١ ؛ والأخبار كثيرة في أنّ حبّ عليّ وأولاده عليهم‌السلام حبّ الله تعالى ، وبغضهم بغض الله ، وبالجملة محبّتهم إيمان وبغضهم كفر ونفاق. وجاء في الخبر «أساس فاتحة الكتاب بسم الله الرّحمن الرّحيم ، وأساس الدّين حبّ آل محمّد عليهم‌السلام» وروي أيضا «أساس الإسلام حبّنا أهل البيت» انظر : أسرار الإمامة ٣٤٧.

(٨) ـ تفسير الدر المنثور للسيوطي ٦ : ٥ ذيل آية المودّة ، عن صحيح مسلم ، ولم أعثر عليه في صحيح مسلم المطبوع.

(٩) ـ تفسير الدرّ المنثور ٦ : ٥ ، ذيل الآية ، عن صحيح البخاريّ ؛ ولم أعثر عليه في صحيح البخاريّ المطبوع.

(١٠) ـ مسند أحمد بن حنبل ١ : ٢٨٦ ؛ سنن أبي داود ٥ : ٣٧٧.

(١١) ـ الكشّاف ٤ : ٢٢٠.

(١٢) ـ تفسير الثعلبيّ ٨ : ٣١٠ ؛ العمدة لابن البطريق ٥٠ ح ٤٣.

(١٣) ـ تفسير البغويّ ٤ : ١٢٥ ذيل الآية ٢٣ من سورة الشورى.

(١٤) ـ العمدة لابن البطريق ٥٨ ح ٥٩ و ٦٠ ، عن الأندلسيّ.

(١٥) ـ المعجم الكبير للطبرانيّ ٣ : ٤٧ رقم ٢٦٤١.

(١٦) ـ المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٨٨.

(١٧) ـ تفسير الدرّ المنثور ٦ : ٧ ذيل الآية عن ابن أبي حاتم في تفسيره.

(١٨) ـ قال ابن حجر في صواعقه ١٦٩ ، ١٧٠ في تفسير هذه الآية : أخرج أحمد ، والطبرانيّ ، وابن أبي حاتم ، والحاكم ، والثعلبيّ ، عن ابن عبّاس ، أنّ هذه الآية لمّا نزلت قالوا : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الّذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ وفاطمة وابناهما.

١٩٦

ومن التفصيل في ذلك ما في مسند أحمد بن حنبل (١) عن ابن عبّاس ، لمّا نزل (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قالوا : يا رسول الله ، من قرابتك الّتي وجب علينا مودّتهم؟ قال : عليّ وفاطمة وأبناهما.

ونحوه في الصحيحين (٢) ، وتفسير الثعلبيّ (٣). ويشهد له أيضا ما ورد في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) (٤) يعني مودّة واجبة ؛ وأخبار وجوب محبّة عليّ عليه‌السلام ، فإنّ حبّه إيمان ـ أي متمّم الإيمان وشرط له ـ وبغضه نفاق ؛ وهي متواترة من الطرفين :

منها ما رواه من رجال المخالفين في صحيح البخاريّ (٥) ، وفي الجمع بين الصحيحين ، مسند عليّ عليه‌السلام ، في الحديث التاسع من أفراد مسلم ، وفي الجمع بين الصحاح ، في الجزء الثاني على حدّ ثلثيه في باب مناقبه ، عن صحيح ابن داود من الباب المذكور من صحيح البخاريّ.

و [يشهد له أيضا] ما في مسند ابن حنبل (٦) ، وفي المشكاة للمبارك نوري (٧) ، وفي الاستيعاب (٨) ، وحكاه في تذكرة الخواصّ (٩) لابن الجوزيّ ، عن الفضائل لابن حنبل أيضا ، أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّ : لا يحبّك إلّا مؤمن ، ولا يبغضك إلّا

__________________

(١) ـ مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٩٩ ؛ ذخائر العقبى ٢٥.

(٢) ـ تفسير الدرّ المنثور ٦ : ٥ ، ذيل آية المودّة ، عن صحيح البخاريّ وصحيح مسلم.

(٣) ـ تفسير الثعلبيّ ٨ : ٣١٠.

(٤) ـ سورة مريم : ٩٦.

(٥) ـ صحيح البخاريّ ٤ : ١٨١٩ باختلاف.

(٦) ـ مسند أحمد بن حنبل ١ : ٨٤ ، ٩٥ ، ١٢٨ ، و ٦ : ٢٩٢.

(٧) ـ مشكاة المصابيح ٢ : ٥٠٣.

(٨) ـ الاستيعاب ٣ : ٣٧.

(٩) ـ تذكرة الخواصّ ٢٨ ، رواه عن الفضائل.

١٩٧

منافق (١).

وأورد جملة من هذه الرّوايات في تذكرة الخواصّ (٢) سبط ابن الجوزيّ ، ويشهد به أيضا أنّ الله تعالى جعل عليّا نفس النبيّ صلوات الله عليهما وآلهما في آية المباهلة ـ الآية الرابعة من هذا الكتاب ـ ومودّة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله واجبة اتّفاقا ، فكذا من هو كنفسه الشريفة. وإذا ثبت كون مودّتهم أجر الرّسالة ، ثبت وجوب طاعتهم ، وهو معنى الإمامة ، وهذه الخصلة من خواصّ الإمام ، مع أنّ إطلاق وجوب المودّة يقتضي عدم النكير عليهم فيما صدر عنهم ، فإن لم يكونوا معصومين جاز الخطاء عليهم ، فإن وجوب الردّ كان منافيا لإطلاق وجوب المودّة ، وإلّا كان مخالفا لما علم من الدّين ضرورة من وجوب الإنكار في المنكر ، وتقييد وجوب المودّة بما لم يكن ما صدر عنهم منكر خلاف الأصل ، فلا يصار إليه إلّا بدليل ، فإطلاق وجوب المودّة لهم دليل عصمتهم.

إذا عرفت هذه فنقول : أجمعت الأمّة على وجوب مودّة ذوي قرابة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله للآية والرّوايات ، واختلفوا في تعميمها وتخصيصها بهؤلاء المنصوص عليهم في

__________________

(١) ـ أنساب الأشراف ٢ : ٩٧ ، ١٥٣ ؛ سنن ابن ماجة ١ : ٤٢ ؛ المسند للحميديّ ١ : ٣١ ؛ سنن الترمذيّ ٥ :٢٩٩ ، ٣٠٦ ؛ نظم درر السمطين ١٠٢ ؛ مجمع الزوائد ٩ : ١٧٠ ـ ١٨١ ؛ صحيح مسلم ١ : ٥٥ ، ٨٦ ؛ كتاب الإيمان ؛ حلية الأولياء ٤ : ١٨٥ ؛ المناقب للخوارزميّ ٣٢٦ ؛ ذخائر العقبى ٩١ ؛ شرف النبيّ ٢٧٠ ؛ تاريخ بغداد ٢ : ٢٥٥ ، و ٤ : ٤١ ، و ٨ : ٤١٧ ، و ١٤ : ٤٢٦ ؛ المستدرك على الصحيحين ٣ :١٢٨ ؛ خصائص الإمام عليّ عليه‌السلام للنسائيّ ٨٣ ؛ الصواعق المحرقة ١٢٢ ؛ فردوس الأخبار ١ : ٥٢٢ ، و ٥ : ٤٠٨ ؛ شواهد التنزيل ٢ : ١٨٩ ؛ الرياض النضرة ٢ : ١٨٩.

الإرشاد للمفيد ١ : ٣٩ ؛ أمالي المفيد ٦٢ ؛ الخصال للشيخ الصدوق ٢ : ٣٦٢ ؛ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٢ : ٣٥١ ؛ منهاج الكرامة ٩٤ ؛ الطّرائف ٦٩ ؛ الإفصاح في الإمامة ١٢٨ ؛ فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام لابن عقدة ١٣٥ ، ٢٠٦ ؛ أسرار الإمامة ٢٢٩ ، ٢٥٤ ، ٤١٥ ؛ غوالي اللآلي ٤ : ٨٥ ؛ الثاقب في المناقب ١٢٣ ؛ كشف اليقين ٢٢٠ ـ ٢٣٢ ؛ العمدة لابن البطريق ٢٧٢ ـ ٢٨٢.

(٢) ـ تذكرة الخواصّ ١٤.

١٩٨

الرّوايات : عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام (١) ، ويجب مودّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله بالأولويّة ، ولأنّها من لوازم الإيمان ، فالأكثرون من المسلمين على التخصيص بهؤلاء الجماعة المنصوص عليهم بالنصوص الصحيحة المتواترة من الطرفين ، ولأنّها معلومة المراد.

والأصل عدم إرادة غيرهم ، والأصل [عدم] براءة الذمّة عن التكليف بمودّة غير هؤلاء الجماعة المجمع عليها ولأنّ ظاهر الآية إطلاق وجوب المودّة ، وهو يقتضي عصمة من وجب مودّته ؛ ولا عصمة في غيرهم اتّفاقا ، فلا يجب مودّة غيرهم ، لأنّ انتفاء اللازم دليل انتفاء الملزوم ، فإطلاق وجوب المودّة في القربى ينافي إطلاق ذوي القرابة ، فوجب تخصيصها بالعترة الطّاهرة للجمع على وجوب مودّتهم ، إمّا بالخصوص أو في العموم ، لأنّهم أظهر أفراد ذوي القرابة وأولاهم ، فإن كانت الأمّة عامّة دخلوا ، وإن كانت خاصّة ، فهم المخصوصون بها.

ولو قيل : إذا وجب التقييد في الجملة ، فما الترجيح بجانب تخصيص ذوي القرابة بالعترة؟

قلنا : العترة مرادة من الآية اتّفاقا ، والشكّ إنّما هو في غيرهم ، والأصل عدم وجوب مودّة غيرهم ، فهذا هو المرجّح لعدم اليقين ، بل الظنّ في دخول غيرهم. على أنّ مودّة غير العترة على وجه ما ليست من أركان الإيمان ، والإسلام وأجر الرّسالة ؛ كما هو الظاهر [من] الآية ، بل نصّها لا يجب في غيرهم اتّفاقا ، بل مودّتهم إن كانت واجبة ، فهي مودّة المؤمن بمعنى عدم جواز بغضه ، ثمّ (الْقُرْبى) تأنيث أقرب ، ولا أقرب إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله من نفسه ، يجعل الله تعالى عليّا نفسه في آية المباهلة باتّفاق الأمّة والمفسّرين ، مضافا إلى النصوص الصحيحة والمعتبرة في أصول الفريقين على أنّ [المراد] ب (أَنْفُسَنا) هو عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، عن أنّ

__________________

(١) ـ كشف الغمّة ١ : ٤٤٤ ؛ روضة الكافي ٨ : ٣١٠ ، رقم ٥٧٤.

١٩٩

القربى هم ذوي قرابة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والظاهر المتبادر من القرابة قرابة النسب لا السّبب ، فخرج مثل عثمان. ثمّ الظّاهر المتبادر من ذوي قرابة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أقاربه العرفيّة وأرحامه ، فلا يعمّ مثل أبي بكر ، لاتّفاق الأمّة على عدم كونه رحما داخلا في آية أولي الأرحام وإن كان من قريش ، وإلّا لكان بنو آدم كلّهم أرحام وأقرباء ، مضافا إلى نصّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في سلبه عنه في يوم البراءة بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو رجل منّي (١). ومن ثمّ عزل أبا بكر عن قراءة آيات البراءة على قريش في الموسم ونصب عليّا عليه‌السلام بوحي جبرئيل عليه‌السلام معلّلا بذلك ، وقد رواه الفريقان متواترا.

فدلّ هذا على أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله سلب أبا بكر عن نفسه ، مضافا إلى نصوص الفريقين في الباب في تفسير الآية بعليّ وفاطمة والحسنين عليهم‌السلام ، مضافا إلى ما رواه أحمد بن حنبل (٢) في المسند ، ومسلم (٣) ، والبخاريّ (٤) في الصحيحين ، والثعلبيّ في تفسيره عن ابن عباس ، أنّه قال : لمّا نزل (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) الآية ، قالوا : يا رسول الله من قرابتك الّتي وجب علينا مودّتهم؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ وفاطمة وابناهما عليهم‌السلام (٥).

وهذا نصّ في الاختصاص. والنبيّ لم يضف إليهم غيرهم ، والظّاهر عدمه ؛ وتأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز عقلا ونقلا.

كما ـ تقرّر في محلّه ـ مضافا إلى أنّ الحسنة المذكورة بعد الآية (وَمَنْ يَقْتَرِفْ

__________________

(١) ـ سبق تخريج هذا الحديث في ذيل الآية الرابعة.

(٢) ـ مسند أحمد بن حنبل ١ : ٢٨٦ ، رواه عن ابن عبّاس ؛ سنن أبي داود ٥ : ٣٧٧.

(٣) ـ لم أعثر عليه في صحيح مسلم المطبوع.

(٤) ـ صحيح البخاريّ ٤ : ١٨١٩ ح ٤٥٤١ ؛ و ٣ : ١٢٨٩ ح ٣٣٠٦ باختلاف.

(٥) ـ نهج الإيمان ٤٩٦ ، عن الثعلبيّ.

٢٠٠