النصّ الجليّ في إثبات ولاية علي عليه السلام

محمد حسين بن الآقا باقر بروجردي

النصّ الجليّ في إثبات ولاية علي عليه السلام

المؤلف:

محمد حسين بن الآقا باقر بروجردي


المحقق: علي أصغر شكوهي قوچاني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: الآستانة الرضويّة المقدّسة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٥٠

وانقطع ظهري حين فعلت بأصحابك ما فعلت غيري ، فإن كان هذا من سخطك فلك العتبى والكرامة ؛ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : والّذي بعثني بالحقّ نبيّا ، ما أخّرتك إلّا لنفسي ، فأنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ، وأنت أخي ووارثي ، وأنت منّي في قصري في الجنّة مع ابنتي فاطمة ، وأنت أخي ورفيقي ، ثمّ تلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله «إخوانا على سرر متقابلين» المتحاجّون في الله ينظر بعضهم إلى بعض (١).

وفي رواية أبي هريرة ـ من رواتهم ـ «قال عليّ عليه‌السلام : يا رسول الله ، أيّنا أحبّ إليك أنا أم فاطمة؟ قال : فاطمة أحبّ إليّ منك ، وأنت أعزّ عليّ منها ، وكأنّي بك وأنت على حوضي ، تذود عنه الناس ، وإنّ عليه لأباريق مثل عدد نجوم السّماء ، وإنّي وأنت والحسن والحسين وفاطمة وعقيل وجعفر في الجنّة ، ثمّ قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله «إخوانا على سرر متقابلين» لا ينظر أحدهم في قفا صاحبه (٢).

وما رواه ابن حنبل في مسنده بإسناد عن سعد بن أبي وقاص ، قال : خلّف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا في غزوة تبوك في أهله ، فقال : يا رسول الله تخلفني في النّساء والصبيان ؛ فقال : ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى ، غير أنّه لا نبيّ بعدي (٣).

وأخرجاه في الصحيحين (٤) أيضا واتّفقا عليه.

وحكاه ابن الجوزيّ في تذكرة الخواصّ (٥) أيضا.

__________________

(١) ـ المناقب للخوارزميّ ١٥٠ ـ ١٥٢.

(٢) ـ مجمع الزوائد ٩ : ٢٧٤ ، ٣٢٦.

(٣) ـ مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٧٧ ؛ نهج الإيمان ٣٩٨.

(٤) ـ صحيح البخاري ٣ : ١٣٥٩ ح ٣٥٠٣ ، و ٤ : ١٦٠٢ ح ٤١٥٤ ، صحيح مسلم ٤ : ١٨٧٠ و ١٨٧١ ح ٢٤٠٤.

(٥) ـ تذكرة الخواصّ ١٩.

١٢١

وما رواه أحمد بن حنبل أيضا في كتاب الفضائل الّذي جمع فيه فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام مسندا عن بريدة ، عن أبيه ، قال : خرج عليّ عليه‌السلام مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ثنية الوداع حين توجّه إلى تبوك ، وهو يبكي ويقول : يا رسول الله خلّفتني مع الخوالف ، ما أحبّ أن تخرج في وجه إلّا وأنا معك ، فقال : ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا النبوّة.

وأفضل ما ذكر (١) : ما رواه أحمد بن حنبل في الفضائل ، عن مجدوح بن زيد الباهليّ ، قال : آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين المهاجرين والأنصار ؛ فبكى عليّ عليه‌السلام ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما يبكيك؟ فقال لم تؤاخ بيني وبين أحد ، فقال : إنّما ادّخرتك لنفسي ، أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، أما علمت أنّه أوّل من يدعى يوم القيامة أنا ، فأقوم عن يمين العرش في ظلّه فأكسى حلّة خضراء من حلل الجنّة ، ثمّ يدعى بالنبيّين بعضهم على أثر بعض ؛ فيقومون سماطين عن يمين العرش ويساره ، ويكسون حللا خضراء من الجنّة ، ثمّ بك لقرابتك منّي ، ويدفع إليك لوائي ـ وهو لواء الحمد ـ فتسير به بين السّماطين ، آدم ومن دونه وجميع الخلق يستظلون بظلّ لوائي يوم القيامة ، وطوله مسيرة ألف سنة ، وسنانه ياقوتة حمراء ، وقصبته درّة خضراء ، وله ثلاث ذوائب من نور ، ذؤابة في المشرق ، وذؤابة في المغرب ، وذؤابة في وسط الدّنيا مكتوب على كلّ ذؤابة سطر ، فعلى أحد الذوائب (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، وعلى الثانية (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، وعلى الثالثة «لا إله إلّا الله محمّد رسول الله» ، فتسير باللّواء والحسن عن يمينك ، والحسين عن شمالك ، حتّى تقف بيني وبين أبي إبراهيم عليه‌السلام في ظلّ العرش ، وتكسى حلّة خضراء من حلل الجنّة ، وينادي مناد من تحت العرش : نعم الأب أبوك إبراهيم ، ونعم الأخ أخوك عليّ ، أبشر يا عليّ ، فإنّك ستكسى إذا كسيت ، وتدعى إذا

__________________

(١) ـ نفس المصدر ٢٠ ، ٢١ ؛ ينابيع المودّة ١ : ١٧٩ ؛ المناقب للخوارزميّ ١٤٠.

١٢٢

دعيت ، وتحيا إذا حيّيت ، وتقف على عقر حوضي تسقي من عرفت ، فكان عليّ عليه‌السلام يقول : والّذي نفسي بيده ، لأذودنّ من حوض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أقواما من المنافقين ؛ كما تذاد غريبة الإبل عن الحوض ترده.

ثمّ أقول : هنا فوائد :

الأولى : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى» يفيد الوزارة والخلافة والوصاية والأخوّة لعليّ عليه‌السلام من محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأنّ هارون كان وزير موسى ، لقوله تعالى (وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً) (١). وكان خليفة موسى لقوله تعالى (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي) (٢) وكان وصيّا له ، وكان أخاه ، وإذا تعذّر حمل اخوّته على النسب ، فليحمل على الحسب.

وبالجملة ، كلّ صفة حميدة كانت لهارون من موسى كانت لعليّ عليه‌السلام من محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إلّا النبوّة ، واستثناء النبوّة دليل إرادة عموم المنزلة.

الثانية : الوزارة من الوزر ، وهو الثقل ، وكون هارون وزير موسى عبارة عن تحمّل ما كان على موسى من ثقل إمامة الدّين ، وهذا هو معنى الخلافة ، فيكون ذلك دليلا على خلافة عليّ عليه‌السلام من محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

الثالثة : كان هارون شريكا في أمره من اقامة الدّين لعموم المنزلة في حديث المنزلة.

الرابعة : والأخوّة مشاكلة ومشابهة ، يقال للشيء أخو الشيء إذا كان بينه وبينه مشاكلة ومشابهة كلّيّة ، فلمّا آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين الصّحابة وقرن كلّ قرين بقرينة علمنا مشاكلة كلّ أخوين : كأبي ذر وسلمان ، وأبي بكر وعمر ، فلمّا لم يؤاخ بين عليّ عليه‌السلام وبين غيره ؛ بل أخّره وادّخره لنفسه الشريفة ، علمنا أنّ عليّا عليه‌السلام لا

__________________

(١) ـ الفرقان : ٣٥.

(٢) ـ الأعراف : ١٤٢.

١٢٣

يوازنه إلّا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإنّ الوليّ إنّما يوازن النبيّ ، والنبيّ [يوازن] الوليّ (١).

فكان عليّ عليه‌السلام من محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله كنفسه الشريفة ، كما جعله تعالى نفس النبيّ في آية «أنفسنا» وكان من طينته ونوره. كما تواتر به الأخبار من الفريقين (٢).

وكانا رضيعا لبان واحد من روح القدس ؛ كما أنّ أبا ذر وسلمان كذلك ، وأنّ أبا بكر وعمر كانا أخوين في الدنيا والآخرة أيضا.

وهذا الفعل من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فيه من التلويح على حقيقة عليّ وبطلان أعدائه ما لا يخفى. وفيه دلالة على أنّ عليّا عليه‌السلام ناصر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في اقامة الدّين كهارون من موسى ، لقوله تعالى (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ) (٣).

الخامسة : فيه إشارة لطيفة على ارتداد هذه الأمّة جلّهم والعكوف على عجل السامريّ ، كما وقع لأمّة موسى ، حيث كفروا بولاية هارون وتركوه إلى العجل واعتكفوا عليه بعد ما ذهب موسى إلى ميقات ربّه ، وإليه أشار بقوله سبحانه

__________________

(١) ـ تقدّم مصادر هذا الحديث من كتب أهل السنّة فراجع.

(٢) ـ انظر : شرف النبيّ ٢٧١ ؛ فردوس الأخبار ٢ : ١٩١ ، ح ٢٩٥٢ ، و ٣ : ٢٨٣ ، ح ٤٨٥١ ؛ المستدرك على الصحيحين ٢ : ٢٤١ ، و ٣ : ١٦٠ ؛ كفاية الطالب ٢٨٠ ـ ٢٨٧ ، الباب ٨٧ ؛ المناقب للخوارزميّ ١٤٥ ؛ مناقب عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام لابن المغازلي ٨٧ ـ ٨٩ ؛ نظم درر السمطين ٧٩ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٩ : ١٧١ ؛ ذخائر العقبى ١٦ ؛ تذكرة الخواصّ ١٥.

الطرائف ١٥ ، ١٦ ؛ عمدة عيون صحاح الأخبار ٢٠٩ ؛ نهج الحقّ وكشف الصدق ٢١٢ ؛ كشف اليقين ١١ ؛ احقاق الحقّ ٤ : ٩٢ ؛ و ٥ : ٢٤٣ ؛ كشف الغمّة ١ : ٩٦.

(٣) ـ القصص : ٣٥.

وعن أنس عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : بعث النبيّ مصدّقا إلى قوم ، فعدوا على المصدّق فقتلوه ، فبلغ ذلك النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فبعث عليّا عليه‌السلام فقتل المقاتلة وسبى الذريّة ، فبلغ ذلك النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فسرّه ؛ فلمّا بلغ عليّ أدنى المدينة تلقّاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاعتنقه وقبّل بين عينيه وقال : بأبي أنت وأمّي من شدّ الله عضدي به كما شدّ عضد موسى بهارون.

انظر : شواهد التنزيل ١ : ٥٦١ ؛ نهج الإيمان ٤٠٣ و ٤٠٤.

١٢٤

وتعالى (أَفَإِنْ ماتَ) ـ يعني محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ (أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) (١) ، يعني إلى الجاهليّة للأولى ، والاستفهام للتقرير (٢).

السّادسة : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت أخي في الدنيا والآخرة (٣) ، أشار إلى كونه بمنزلة هارون من موسى في الدنيا ، وأخاه في الآخرة إشارة إلى قوله تعالى (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) ، كما مضى تأويله.

السّابعة : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ووارثي» دلالة على كونه وارث كتابه وعلمه ، وهذا منصب الإمام والخليفة.

الثّامنة : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «وأنت معي في قصري في الجنّة» (٤) دليل على أنّه عليه‌السلام أفضل الأمّة ، بل الخلق أجمعين ، ضرورة أنّه ليس في درجة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في الجنّة إلّا من كان في درجته في العلم والعمل في الدنيا.

التّاسعة : حيث ثبت أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله خلّف عليّا عليه‌السلام في حياته في غزوة تبوك بنصّ الأخبار المتواترة المتتابعة المشاعة ، واتّفاق الأمّة [على أنّه] كان خليفة عنه بعد وفاته أيضا ، إذ لم يثبت نسخ لفعله ذلك ولم يدّعه أحد ، ولم يجيء في أثر ولا خير ، وهذا ما استدلّ به أصحابنا على خلافته وبطلان قول المخالفين ، [من] أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لم ينصّ على خليفة بعده ، فكان الأمر مفوّضا إلى اجتهاد الأمّة ، فأجمعوا على خلافة أبي بكر من اجتهادهم.

إن قلت : كونه خليفة على أهل المدينة [في] غياب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، في غزوة تبوك لا يوجب عموم خلافة خصوصا في الأزمان.

__________________

(١) ـ آل عمران ١٤٤.

(٢) ـ والصواب أنّه للإنكار التوبيخيّ كما لا يخفى. (منه)

(٣) ـ وتقدّم فيه مصادر حديث الأخوّة.

(٤) ـ المناقب للخوارزميّ ١٥٠ ـ ١٥٢ ؛ المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٤ ، باختصار ؛ ذخائر العقبى ٨٩ ؛ فرائد السمطين ١ : ١١٢.

١٢٥

قلت : استخلافه على المدينة لم يقيّد بزمان ، فالعزل يحتاج إلى فسخ. ألا ترى أنّ السلطان إذا استخلف قاضيا على بلد احتاج عزله إلى ناسخ ، فالأصل بقاؤه استصحابا لحال النصّ إلى أن يثبت الناسخ ، ولم يفصل الأمّة بعد ثبوت خلافته عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد الوفاة استصحابا للنصّ إلى ثبوت الناسخ بين المدينة وغيرها ، فيثبت في غيرها بعدم القول بالفصل والإجماع المركب على أنّ العبرة إنّما هي بعموم اللفظ لا بخصوص المورد.

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله في جواب [قول] عليّ عليه‌السلام «أتخلّفني في النساء والصبيان؟» : «ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى» يفيد استخلافه مطلقا ؛ كما كان هو لهارون من موسى ، ضرورة عدم [وجود] تقييد في خلافة هارون على أمّته من موسى ، ففي الحقيقة كأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في جواب الوليّ قال : لا تخصيص في خلافتك ، بل خلافتك كخلافة هارون من موسى ، لا أنّه تقرير للتخصيص المذكور في كلام عليّ عليه‌السلام. وما قاله عليه‌السلام لم يكن اعتراضا على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل تمهيد لتعميم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله خلافته كخلافة هارون من موسى على وجه يفيد البقاء بعد وفاته ، ضرورة أنّ هارون كان لو عاش بعد موسى كان خليفة ، وإنّما حال الموت بينه وبين الخلافة ، لا أنّ خلافته من موسى كانت مقيّدة بزمان عمره أو بزمان رجوع موسى من ميقات ربّه لعموم اللفظ ، وعدم كون المورد مخصّصا ، كما تقرّر عند المحقّقين في المصارع الأصوليّة.

وبالجملة كأنّ عليّا استفهم حقيقة أو إنكارا تخصيص خلافته ، فأجاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بالعموم ، تنصيصا على عدم اختصاصها بأهل المدينة وبزمان سفره ، بل يعمّ الأزمان والأحوال والأمّة ، كما كان لهارون من موسى ؛ وبهذا ظهر فساد وهم بعضهم من أنّ خلافته كانت في سفره ، أو في أهل المدينة خاصّة. هذا هو التحقيق في فقه الحديث ليس إلّا.

١٢٦

إن قلت : يلزم من هذا كونه خليفة في زمان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وحضوره.

قلت : لا ضير ولا منافاة بين كونه خليفة عنه وكان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أولى منه في التصرّفات وبالمسلمين ، بل هذا محقّق لمعنى الخلافة غير مناف ، كما كان هارون كذلك من موسى ، وهذا كما هو مقتضى اطلاق آيات الولاية وأخبارها لعليّ عليه‌السلام ، ضرورة عدم تقيدها بوفاة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله. نعم عموم أثر ولايته وخلافته وإمارته يظهر بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله.

العاشرة : في مناقبه المستفادة من حديث الباهليّ ، وهي أمور :

أحدها : أنّ عليّا عليه‌السلام صاحب لواء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، رواه الخوارزميّ (١) ، وابن حجر في الصواعق (٢) ، أنّ عليّا صاحب اللواء وساقي الكوثر يوم القيامة.

وعندنا ثابت بالتواتر والإجماع (٣).

وعند المخالفين مشهور بين أكثر المحقّقين (٤).

واللواء جسم معروف أنّ الله أعطاه محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، يوم القيامة يحمل بين يديه ، ظلّه مسيرة خمس مائة ألف عام ، أو ألف سنة على اختلاف الروايات ، يستظل بظلاله جميع الخلق ، كلّهم يلوذون به.

__________________

(١) ـ المناقب للخوارزميّ ٥٨ ، ٣١٧.

(٢) ـ الصواعق المحرقة ١٢٠.

(٣) ـ الخصال ٢ : ١٩٦ ؛ فضائل أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام لابن عقدة ١٠٣ ؛ الصراط المستقيم ١ : ٢٠٩ ؛ عمدة عيون صحاح الأخبار ٢٢٩ ـ ٢٣٧ ؛ كشف الغمّة ١ : ٩٣ ، ٢٩٤ ، ٢٩٥ ؛ الفضائل لابن شاذان ٨٠ ، ١١١ ، ١٢٠ ؛ الاحتجاج للطبرسيّ ١ : ٨٢ ؛ كشف اليقين ٣٠٣ ؛ اليقين باختصاص مولانا عليّ أمير المؤمنين ١٢٩ ؛ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٣ : ٢٦١ ـ ٢٦٥.

(٤) ـ سنن الترمذيّ ٥ : ٣٠٢ ؛ حلية الأولياء ١ : ٦٦ ؛ المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٣٧ ؛ فرائد السمطين ١ : ٢٢٨ ، ٢٢٩ ؛ مجمع الزوائد ٩ : ١٦٦ ، ١٨٥ ؛ كفاية الطالب ٣٠٠ ، ٣٠١ ؛ ذخائر العقبى ٧٥ ؛ الرياض النضرة ٢ : ٢٦٧ ؛ شواهد التنزيل ١ : ١١٨ ؛ مناقب عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام لابن المغازلي ٢٠٠ ؛ تاريخ بغداد ١٢ : ٩٩ ؛ تذكرة الخواصّ ٢١ ؛ مقتل الحسين للخوارزميّ ٤٩.

١٢٧

قال : «آدم ومن دونه تحت لوائي» (١).

وقد نصّ على أنّ حامله بين يديه يوم القيامة هو عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام إلى الجنّة ، بنصّ الخاصّة والعامّة ، وهذا صورة وقالب لمعنى المرتبة الجامعة الحاوية لجميع مراتب الكمال ، فإنّها لا أعظم ولا أجلّ منها ، لشدّة امتدادها وقوّة إحاطتها بحيث يكون الكلّ إنّما يستفيدون الكمال منها ، فكلّ كمال وجمال في عالم المعاني وفي عالم الأشباح والصور مستعار من جماله وكماله في تلك المرتبة الجامعة الحاوية ؛ فهي لواء الحمد الجامع لمحامد الخصال ومحاسن الجمال ومجامع الكمال ، فيكون آدم ومن دونه تحت لوائه لما تقرّر في محلّه أن لا ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل إلّا وهو مستفيض من ينبوعه ، ويستضيء بشمس نوره. ولذا قال : «آدم ومن دونه تحت لوائي» فاستظلال آدم ومن دونه بلوائه استظلال صوريّ ، ودليل على استظلال نوريّ ، وعليّ هو حامل ذلك اللواء ، إذ لا يطيق أحد ذلك غيره ، وهذا يطابق قوله الثابت بنقل ثقات الفريقين «أنا مدينة العلم وعليّ بابها» (٢).

وبالجملة كونه حامل لوائه يوم القيامة إشارة لطيفة إلى كونه خليفة عنه في الدنيا ، لأنّ اللواء المذكور صورة المرتبة الجامعة والشريعة الكاملة. لا يخفى ذلك على أولي الألباب ، وهذا دليل على أنّ عليّا عليه‌السلام أفضل الخلق أجمعين بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأنّه صاحب اللواء والمرتبة الجامعة ، وقد أشار إليه في هذا الحديث الشريف بقوله : «ثمّ تسير باللواء ، والحسن عن يمينك ، والحسين عن شمالك ، حتّى تقف بيني وبين أبي إبراهيم في ظلّ العرش» (٣). فيكون موقف عليّ أقدم من

__________________

(١) ـ الفضائل لابن شاذان ١٢٠ ؛ مشارق أنوار اليقين ١٨٨.

(٢) ـ الإرشاد للمفيد ١ : ٣٣ ؛ ذخائر العقبى لمحبّ الدين الطبري ٧٧ ؛ المستدرك ٣ : ١٢٦ و ١٢٧ ؛ تاريخ بغداد ٤ : ٢٤٨.

(٣) ـ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٣ : ٢٦٣.

١٢٨

محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله من موقف إبراهيم ، وكلّ من كان موقفه أقدم كان إليه أقرب كان أفضل (١).

ثانيها : أنّه يفيد كون عليّ عليه‌السلام ساقي حوض النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، الكوثر ، وهذا مشهور مستفيض أيضا ، وكونه ساقيا بحوض النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إشارة لطيفة إلى أنّه صاحب شرعه ودينه وعلمه ، وهو منصب الإمام.

ثالثها : قوله : «تسقي من عرفت» أي كان يتولّدك ويقول بولايتك ، ضرورة أنّه يعرف الكلّ بالسّعادة والشّقاوة ، لقوله تعالى (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ) (٢). وهم شهداء الله على الخلق أئمّة الهدى ، سيّدهم عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام (٣).

رابعها : قوله عليه‌السلام : «لأذودنّ عن حوض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أقواما من المنافقين» أي من أظهر الإيمان بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وأبطن الكفر ، وليس إلّا من ارتدّ عن الإسلام والدّين بانكار ولاية أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام ، وذودهم عن الحوض صورة ذودهم عن الولاية.

خامسها : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ثمّ يدعى بك لقرابتك منّي» اشارة إلى آية وجوب مودّة ذي القربى في أجر الرّسالة في قوله تعالى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي

__________________

(١) ـ يقصد أن أمير المؤمنين عليه‌السلام أقرب إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله من إبراهيم عليه‌السلام ، وأنّه لذلك ـ أفضل من إبراهيم عليه‌السلام.

(٢) ـ الأعراف : ٤٦.

(٣) ـ عن الأصبغ بن نباتة ، قال : كنت جالسا عند عليّ عليه‌السلام ، فأتاه عبد الله بن الكواء ، فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن قول الله : «وعلى الأعراف رجال ...» فقال : ويحك يا ابن الكواء نحن نوقف يوم القيامة بين الجنّة والنّار ، فمن ينصرنا عرفناه فأدخلناه الجنّة ، ومن أبغضناه عرفناه بسيماه فأدخلناه النّار ، فلا يدخل الجنّة إلّا من عرفنا وعرفناه ، ولا يدخل النّار إلّا من أنكرنا وأنكرناه.

انظر : الأصول من الكافي ١ : ١٨٤ ح ٩ ؛ تفسير العيّاشيّ ٢ : ١٨ ح ٤٤ ؛ الصواعق المحرقة ١٦٩ ؛ مطالب السئول ١٨ ؛ كشف الغمّة ١ : ٣٢٤ ؛ مجمع البيان ٢ : ٤٢٣.

١٢٩

الْقُرْبى) (١) وستعرف حال الآية ونزولها في عليّ عليه‌السلام وأولاده الطاهرين إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) ـ تفسير الثعلبيّ ٨ : ٣١٠.

١٣٠

الآية الخامسة عشر

من النحل ؛ قوله تعالى (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ٤٣.

فقد روى الفريقان : أنّها نزلت في آل محمّد عليهم‌السلام.

أمّا أصحابنا (١) فعليه إجماعهم وتواتر رواياتهم عن أئمّة الهدى عليهم‌السلام ؛ قال : نحن أهل الذّكر المسئول عنهم ، والذّكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قوله تعالى (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ) (٢) فالذكر رسول الله ، ونحن أهله. وفي رواية البصائر عن الباقر عليه‌السلام (٣) ، والكافي (٤) عن الصادق عليه‌السلام : الذكر القرآن ، وأهله آل محمّد عليهم‌السلام.

وأمّا المخالفون : فقد رواه منهم الحافظ محمّد مؤمن الشيرازيّ ، عن ابن

__________________

(١) ـ نهج الحقّ وكشف الصدق ٢١٠ ؛ تحفة الأبرار في مناقب الأئمّة الأطهار ١١٠ ؛ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٢ : ٣٩٣ ؛ و ٣ : ١١٨ ، ٢٧٩ ، ٢٩٩ ، و ٤ : ١٩٤ ؛ مجمع البيان ٣ : ٣٦٢ ؛ الطرائف ٩٤ ؛ خصائص الوحي المبين ١٣٢.

(٢) ـ سورة الطلاق : ١٠ و ١١.

(٣) ـ بصائر الدرجات ٣٧ ، ٣٨ ؛ عيون أخبار الرضا ٢ : ٢١٦ باب ٢٣.

(٤) ـ الأصول من الكافي ١ : ٢١٠ ؛ تفسير العيّاشي ٢ : ٢٦٠ ؛ قرب الإسناد ٣٥٠ ؛ الأمالي للطوسي ٦٦٢ ؛ فضائل أمير المؤمنين عليّ لابن عقدة ١٩٧ ؛ أسرار الإمامة ٢٨٢ ، ٣١٣ ؛ نهج الإيمان ٥٧١.

١٣١

عبّاس ، وعن سفيان الثوريّ ، عن السدي (١) ، أنّ أهل الذكر محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

أقول : الذكر أطلق في كلام الله على القرآن تارة ، في قوله تعالى (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) (٢) ، وعلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تارة ، في قوله تعالى (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ).

وعلى الوجهين : فأهل الذكر هم آل محمّد عليهم‌السلام ، وعليّ عليه‌السلام سيّدهم.

أمّا على الأوّل : فلأنّهم أعلم علماء القرآن باتّفاق الخصم ، والمراد بأهل القرآن علماؤه الّذين أخذوا علمه وورثوه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا بالاجتهاد وتتبع لغة العربيّة وتمهيد قواعد عقليّة ونقليّة ، فإنّه تفسير منهم بالرأي ، وقد نهى عنه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد تواتر عن النبيّ عند الفريقين أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض (٣).

__________________

(١) ـ حلية الأولياء ١ : ٦٨ ؛ تفسير الطبريّ ١٤ : ١٠٨ ؛ ينابيع المودّة ١ : ١٤٥ ، ٣٥٧ ؛ كنز العمّال ٦ : ١٥٦ ؛ تفسير الثعلبيّ ٦ : ١٥٦ ؛ تفسير الثعلبيّ ٦ : ٢٧٠.

(٢) ـ النحل : ٤٤.

(٣) ـ حديث الثقلين حديث صحيح ثابت مشهور متواتر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، رواه من العامّة : مسند أحمد ٤ : ٣٧١ ؛ و ٥ : ١٨١ ، ١٨٩ ، ١٩٠ ، ٣٢٠ ؛ سنن ابن ماجة ١ : ٢٨ ؛ سنن الترمذيّ ٥ : ٦٦٣ ؛ سنن الدارميّ ٢ : ٤٣١ ؛ صحيح مسلم ٢ : ٢٣٧ ، ٢٣٨ و ٤ : ١٨ ح ٢٤٠٨ ؛ المعجم الكبير للطبرانيّ ٣ : ٦٣ ح ٢٦٧٩ ؛ مصابيح السنّة ٢ : ٤٥٥ ، ٤٥٧ ؛ المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٠٩ ، ١٤٨ ؛ مجمع الزوائد ٩ : ٢٥٦ ـ ٢٦٠ ؛ الصواعق المحرقة ١٥٠ ؛ المناقب للخوارزميّ ١٥٤ ؛ مناقب عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام لابن المغازلي ٢٣٤ ـ ٢٣٦ ؛ الذريّة الطّاهرة للدولابيّ ١٦٨ ح ٢٢٨ ؛ كفاية الطالب ٥٣ ؛ تذكرة الخواصّ ٣٢٢ ؛ البداية والنهاية ٥ : ٢٠٩ ؛ الدرّ المنثور ٧ : ٣٤٩ ، في تفسير آية المودّة.

ومن الخاصّة : معاني الأخبار ٩٠ ـ ٩٥ ؛ الأمالي للصدوق ٤١٥ ؛ الأمالي للطوسيّ ١٦٢ ، ٢٥٥ ، ٥٤٨ ؛ بصائر الدرجات ٤١٢ ؛ كنز الفوائد للكراجكيّ ٣٧٠ ؛ الشافي في الإمامة ٣ : ١٢ ؛ منهاج الكرامة ٩٤ ؛ الاحتجاج للطبرسيّ ١ : ٧٠ ؛ الطرائف ١١٣ ـ ١٢٢ ؛ أسرار الإمامة ٩٧ ، ٢٧٧ ، ٢٩٧ ، ٣١٣ ، ٣٩٦ ، ٤٤٢ ، ٤٧٣ ؛ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٣ : ٧٦ ؛ تفسير الحبري ١٥٦.

١٣٢

فإذا كان أهل بيته وعترته لا يفارقون القرآن ، ولا يفارقهم القرآن ، فكانوا هم العلماء بالقرآن ، وأحقّ من نسب إليه القرآن.

ويقال : إنّه القرآن علما وعملا ، ولم يثبت في حقّ غيرهم من أعلام المفسّرين شيء من هذه المنقبة الّتي لا يطمع فيها طامع.

وبالجملة هم أكمل أفراد أهل القرآن وأظهرهم ، فليحمل عليهم الإطلاق المذكور. على أنّ الله لا يأمر بالسؤال من الجهّال لقبحه ونقص غرضه ، ولم نر غير آل محمّد صلوات الله عليهم في الأمّة من يدّعي علم القرآن كلّه ، ولو ادّعاه أحد كفاه إحساس عجزه في أغلب الآيات ، فكان من بلغ الغاية من علماء التفسير نراه كالحيارى في فهم جلّ الآيات ، يذكر وجوها من الاحتمالات ؛ بخلاف ما نراه من عليّ عليه‌السلام ، وأولاده الطاهرين عليهم‌السلام من علمهم بآياته كلّها تأويلا وتنزيلا ظهرا وبطنا (١) ، بل بطونه من غير اجتهاد وحيرة.

فإطلاق الأمر بالسؤال من أهله في كلّ آية ومسألة يقتضي الأمر بالسؤال عمّن يعلم الكلّ ولا يتوقّف ولا يجهل ، وليس إلّا آل محمّد عليهم‌السلام ؛ مع أنّ القرآن فيه تبيان كلّ شيء ، والأمر بالسؤال من أهله يقتضي الأمر بالسؤال ممّن يعلم كلّ شيء ، وليس إلّا آل محمّد عليهم‌السلام ، إذ لم يدّعه ولا يدّعيه أحد سواهم ، فانحصر السؤال منهم فيهم ، وإلّا لزم الأمر بسؤال من لا يوجد ، وذلك باطل ، وتخصيص الأمر بسؤال علماء الأمّة فيما علموه كلّ بحسب فهمه وعلمه تخصيص بلا مخصّص.

وأمّا على الثاني فالأمر أوضح ، ضرورة أنّ أهل الرسول إنّما هم أهل بيته

__________________

(١) ـ قال عليّ عليه‌السلام في فهمه من كتاب الله تعالى : والله ما نزلت آية الّا وقد علمت فيهم نزلت ، وأين نزلت ، وعلى من نزلت ، إنّ ربّي وهب لي قلبا عقولا ولسانا ناطقا.

حلية الأولياء ١ : ٦٧ ؛ تفسير الطبريّ ١٢ : ١٠ ؛ تذكرة الخواصّ ١٦ ؛ المناقب للخوارزميّ ٩٠ ، ٩٤ ؛ الدرّ المنثور ٣ : ٣٢٤.

١٣٣

بروايات الخاصّة والعامّة ، ولا يراد منه نساؤه هنا باتّفاق الفريقين ، ضرورة جهلهنّ بالقرآن كلّه أو جلّه ، وفي أخبارنا كلا التفسيرين كما مضى ، وهو إشارة إلى أنّه يتمّ على الوجهين :

أمّا على الأوّل : لانصراف الإطلاق إلى أكمل الأفراد وأظهره ، مضافا إلى ما مرّ من القرائن.

وأمّا على الثاني : فظاهر كما مرّ. ثمّ إذا عرفت وجوب السؤال منهم فيما لا علم لنا به ، وجب اتّباع قولهم فيه ، وإلّا لكان السؤال لغوا يجب تنزيه كلام الحكيم عنه. وإذا وجب اتّباع قولهم ثبت كونهم أئمّة النّاس بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو المطلوب. واطلاق الأمر بالسؤال منهم يقتضي وجوب السؤال على النّاس طرّا ، حتّى على الخلفاء الثلاثة ؛ فثبت أنّ عليّا عليه‌السلام كان إماما وواليا عليهم وهم رعاياه ، وهو المطلوب.

١٣٤

الآية السّادسة عشر

من سورة مريم ؛ قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) ٩٦.

فقد روى الفريقان (١) في كيفيّة نزوله ، أنّ المراد بالموصول عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام. رواه من المخالفين الرازيّ (٢) ، والنيسابوريّ (٣) ، وابن حجر في صواعقه (٤).

__________________

(١) ـ تفسير الحبري ٢٨٩ ؛ روضة الواعظين ١٠٦ ؛ خصائص الوحي المبين ٧٠ ؛ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ١ : ٣٠٨ ، و ٣ : ١١٣ ؛ كشف الغمّة ١ : ٣١٤ ؛ كشف اليقين ٣٥٦ ؛ أسرار الإمامة ٢٤٦ ، ٢٥٥ ، ٤١٥ ؛ مجمع البيان ٣ : ٥٣٢ ؛ منهاج الكرامة ١٢٥.

تفسير الكشّاف ٣ : ٤٧ ؛ شواهد التنزيل ١ : ٣٦٤ ـ ٤٧٧ ؛ الرياض النضرة ٢ : ٢٠٧ ؛ فرائد السمطين ١ : ٨٠ ؛ نظم درر السمطين ٨٥ ؛ مجمع الزوائد ٩ : ١٦٧ ؛ تذكرة الخواصّ ١٧ ؛ الدرّ المنثور ٤ : ٢٨٧ ؛ كفاية الطالب ٢١٨ ؛ المناقب للخوارزميّ ٢٧٩ ؛ مناقب عليّ بن أبي طالب لابن المغازليّ ٣٢٧ ـ ٣٢٩ ؛ النكت والعيون تفسير الماورديّ ٣ : ١٩١ ، ٣٩١ ؛ الجامع لأحكام القرآن للقرطبيّ ١١ : ١٦١.

(٢) ـ التفسير الكبير ٢٧ : ١٦٦ ، ١٦٧.

(٣) ـ غرائب القرآن ورغائب الفرقان ١٦ : ٨٥.

(٤) ـ الصواعق المحرقة ١٧٢.

١٣٥

ورواه أصحابنا القمّيّ (١) عن الصّادق عليه‌السلام [و] كان سبب نزول هذه الآية أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام كان جالسا بين يديّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال له : قل يا علي «اللهمّ اجعل لي في قلوب المؤمنين ودّا» فأنزل الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ...) و [رواه] العيّاشي (٢) عنه عليه‌السلام [قال :] دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في صلاته رافعا بها صوته يسمع الناس يقول : اللهمّ هب لعليّ المودّة في المؤمنين ، والهيبة والعظمة في صدور المنافقين ، فأنزل الله (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ...).

وفي الكافي (٣) عنه عليه‌السلام ، قال : ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام هي الودّ الّذي قال الله تعالى ، والقمّيّ (٤) عنه مثله.

وفي مجمع البيان (٥) عن الباقر عليه‌السلام ـ وهو من التابعين ، وقوله حجّة عند المخالفين ـ أيضا ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ عليه‌السلام : قل «اللهمّ اجعل لي عندك عهدا ، واجعل لي في قلوب المؤمنين ودّا» فقالهما : فنزلت هذه الآية.

وهذه رواها الجمهور ، منهم الثعلبيّ في تفسيره عن البراء بن عازب أنّه قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الحديث (٦).

وروى الواحديّ عليّ بن أحمد من أعلام المفسّرين من علماء الجمهور في تفسيره (٧) أنّ هذه الآية نزلت في عليّ عليه‌السلام.

__________________

(١) ـ تفسير القمّيّ ٢ : ٥٧ ، ٧٦ ؛ خصائص الأئمّة ٧١.

(٢) ـ بحار الأنوار ٣٥ : ٣٥٤ عن تفسير العيّاشي.

(٣) ـ الأصول من الكافي ١ : ٤٣١ ؛ الخصال ٢ : ٣٦٢.

(٤) ـ تفسير القمّيّ ٢ : ٥٦ ؛ تفسير البرهان ٣ : ٢٦ ، ٢٧.

(٥) ـ مجمع البيان ٣ : ٥٣٢ ؛ العسل المصفّى من تهذيب زين الفتى ٢ : ٢٠ ، ٢١ ؛ وفيه : قال عبد الله بن مسعود : «لو أحبّ أهل الأرض عليّا حبّ أهل السّماء ، ما عذّب الله منهم أحدا».

(٦) ـ تفسير الثعلبيّ ٦ : ٢٣٣ ؛ إحقاق الحقّ ٣ : ٧٦ ـ ٨٢ ، و ١٤ : ١٥٠ ـ ١٦٥ ، و ١٨ : ٥٤١ ، و ٢٠ : ٥١ ـ ٥٥.

(٧) ـ تفسير الوسيط للواحديّ النيسابوريّ ٣ : ١٩٧ ، وفيه : إنّ هذه الآية نزلت في عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، جعل له ودّا في قلوب المؤمنين ؛ جواهر العقدين ٣٢٧.

١٣٦

ورواه أبو نعيم بإسناده عن ابن عبّاس ، قال : نزلت في عليّ عليه‌السلام (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) والودّ محبّة في قلوب المؤمنين (١). وعلى الرواية المتضمّنة للعهد يكون قوله تعالى في الآيات السّابقة (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً) (٢) عطاشا (٣) «لا يملكون الشفاعة» لا تنالهم ولا تنفع شفاعة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله «إلّا من اتّخذ عند الرّحمن عهدا» وهو عهد الإمامة لعليّ عليه‌السلام ، كما في قوله تعالى (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) مرّ به (٤) لما بهذه الآية ، فيكون المراد بالعهد عهد إمامة عليّ عليه‌السلام ، والمجرمون هم الكافرون به ، والمتّقون هم شيعته ، والحمد لله على الهداية.

ثمّ هذه المودّة في صدور المؤمنين علامة الإيمان ، والحمد لله على أوّل النّعم ، ونقيضه وعلامة الكفر بحكم العكس ، وقوله تعالى (وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً) ويشهد بصحّة ذلك من طريق الجمهور ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده (٥) ، والعبدريّ في الجمع بين الصحاح الستّ ، في الجزء الثاني على حدّ ثلثيه ، في باب مناقبه عليه‌السلام (٦) من صحيح أبي داود ، ومن الباب المذكور أيضا من صحيح البخاريّ ، والحميديّ (٧) بين الصحيحين في مسند عليّ عليه‌السلام ، وفي الحديث التاسع من أفراد

__________________

(١) ـ النور المشتعل من كتاب ما نزل ١٢٩ ـ ١٣٧ ؛ ذخائر العقبى ٨٩.

(٢) ـ سورة مريم : ٨٥ ، ٨٦.

(٣) ـ تأويل الآيات الظاهرة ٣٠١ ، ٣٠٢ ؛ وفيه : قال عليّ عليه‌السلام : من هؤلاء يا رسول الله؟ فقال : يا عليّ هم شيعتك وأنت إمامهم ، وهو قول الله عزوجل (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ ...) على الرّحائل ، (وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ ...) وهم أعداؤك يساقون إلى النار.

(٤) ـ كذا في المتن.

(٥) ـ مسند أحمد بن حنبل ١ : ٨٤ ، ٩٥ ، ١٢٨ ، و ٦ : ٢٩٢.

(٦) ـ العمدة لابن البطريق ٢١٨ ح ٣٤٣.

(٧) ـ المسند للحميديّ ١ : ٣١.

١٣٧

مسلم (١) ، وفي مشكاة المصابيح (٢) ، وفي الاستيعاب (٣) ، أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّ عليه‌السلام : لا يحبّك إلّا مؤمن ، ولا يبغضك إلّا منافق.

وروى مسلم عن عليّ عليه‌السلام أنّه قال : عهد إليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه لا يحبّني إلّا مؤمن ، ولا يبغضني إلّا منافق (٤).

ورواه أحمد في مسنده (٥) أيضا ، ورواه أحمد في الفضائل (٦) عن عبد المطّلب بن عبد الله بن خطيب ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في خطبته أوصيكم بحبّ ذي

__________________

(١) ـ صحيح مسلم ١ : ٥٥ ، ٨٦ كتاب الإيمان باب ٣٣ رقم ١٣١.

(٢) ـ مشكاة المصابيح ٣ : ١٧١٩ ح ٦٠٧٩ ؛ و ٣ : ١٧٢٢ ح ٦٠٩١.

(٣) ـ الاستيعاب ٣ : ٣٧.

(٤) ـ صحيح مسلم ١ : ٨٦ ح ٧٨ ؛ سنن الترمذيّ ٥ : ٢٩٩ و ٣٠٦ ؛ سنن ابن ماجة ٤٢ ح ١١٤ ؛ المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٢٨ ؛ فردوس الأخبار ٢ : ٢٢٧ ، ٥٢٢ و ٥ : ٤٠٨ ؛ مجمع الزوائد ٩ : ١٧٤ ـ ١٨١ ؛ شرف النبيّ ٢٧٠ ؛ تاريخ بغداد ٢ : ٢٥٥ ، و ٤ : ٤١ ، تذكرة الخواصّ ٢٨ ؛ الصواعق المحرقة ١٢٢ ؛ أنساب الاشراف ٢ : ٩٧ ، ١٥٣ ، ذخائر العقبى ٩١ ؛ الرياض النضرة ٢ : ١٨٩ ؛ نظم درر السمطين ١٠٢ ؛ المناقب للخوارزميّ ٣٢٦ ، رقم ٣٢٦ ؛ ترجمة الامام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ١ : ١٣٣.

الإرشاد للمفيد ١ : ٣٩ ؛ أمالي المفيد ٦٢ ؛ الخصال ٢ : ٣٦٢ ؛ تفسير الحبري ٣٥٠ ؛ بشارة المصطفى ١٤٨ ؛ تفسير فرات الكوفي ١١٥ ؛ نهج الإيمان ٤٥٣ ـ ٤٥٦ ؛ فضائل أمير المؤمنين لابن عقدة ٢٩ ـ ٣٣ ؛ كتاب الولاية لابن عقدة ١٧٤ ؛ مائة منقبة ١٤٨ ؛ غوالي اللئالي ٤ : ٨٥ ؛ الثاقب في المناقب ١٢٣ ؛ أسرار الإمامة ٢٢٩ ، ٢٥٤ ، ٤١٥ ، ٤٥٩ ؛ وروى ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب ٣ : ٢٣٩ ـ ٢٤٢ عن السيّد الحميريّ ، قال :

وجاء عن ابن عبد الله أنّا

به كنّا نميّز مؤمنينا

فنعرفهم بحبّهم عليّا

وإنّ ذوي النفاق ليعرفونا

ببغضهم الوصيّ ، ألا فبعدا

لهم ما ذا عليه ينقمونا؟

وممّا قالت الأنصار كانت

مقالة عارفين مجرّبينا

ببغض عليّ الهادي عرفنا

وحقّقنا نفاق منافقينا

 (٥) ـ مسند أحمد بن حنبل ١ : ٩٥ ، و ٦ : ٢٩٢.

(٦) ـ تذكرة الخواصّ ٢٨ نقلا عن أحمد في الفضائل ، عن عبد المطّلب بن عبد الله بن حنطبة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في خطبته : أوصيكم بحبّ ذي قرنيها أخي ...

١٣٨

قرابتي أقربها أخي وابن عمّي عليّ بن أبي طالب ، فإنّه لا يحبّه إلّا مؤمن ولا يبغضه إلّا منافق.

وأخرج الترمذيّ عن أمّ سلمة ، قالت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : لا يحبّ عليّا إلّا مؤمن ، ولا يبغضه إلّا منافق.

قال الترمذيّ : هذا حديث حسن صحيح.

وفي رواية ، قال عليّ عليه‌السلام : والّذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة إنّه لعهد إليّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله من أنّه لا يحبّني إلّا مؤمن تقيّ ، ولا يبغضني إلّا منافق شقيّ. وحكاها بعض الثقات عن الترمذيّ أيضا (١).

وعن النسائيّ (٢) ، وابن ماجة (٣) ، وقال الترمذيّ (٤) أيضا : كان أبو الدرداء يقول : ما كنّا نعرف المنافقين معشر الأنصار الّا ببغضهم عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام.

ورواه أبو سعيد الخدريّ ، قال : ما كنّا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا ببغضهم عليّا (٥).

ورواه أبو ذر ، وقال : ما كنّا نعرف المنافقين إلّا بتكذيبهم الله ورسوله ، والتخلّف عن الصّلاة ، والبغض لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام (٦).

وعن عبادة بن الصامت قال : كنّا نبور ـ أي نختبر ـ أولادنا بحبّ عليّ بن أبي

__________________

(١) ـ سنن الترمذيّ ٥ : ٢٩٩ ، ٣٠٤.

(٢) ـ السنن للنسائيّ ٨ : ١١٥ ، ١١٦ ؛ خصائص الإمام عليّ عليه‌السلام للنسائي ٨٣.

(٣) ـ سنن ابن ماجة ١ : ٤٢ ، رقم ١١٤.

(٤) ـ سنن الترمذيّ ٥ : ٢٩٨ ؛ المناقب للخوارزميّ ٣٣٢ ؛ فرائد السمطين ١ : ٣٦٥ و ٣٦٦.

(٥) ـ الصواعق المحرقة ١٢٢ ؛ مختصر تاريخ دمشق ١٧ : ٣٧٠ ، ٣٧١ ؛ نظم درر السمطين ١٠٢ ؛ الدر المنثور ٦ : ٦٦ ؛ تاريخ الخلفاء ١١٥ ، ١٨٩ ؛ الفصول المهمّة ١٢٥ ؛ ذخائر العقبى ٩١.

(٦) ـ المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٢٩ ؛ الرياض النضرة ٢ : ١٩٠ ؛ أنساب الأشراف ٢ : ٩٦ ؛ مجمع الزوائد ٩ : ١٨٠ ؛ تذكرة الخواصّ ٢٨ ؛ كتاب فضائل عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام وكتاب الولاية للطبريّ ٥٧ ـ ٦٣ ؛ الأمالي للمفيد ٦٢ ؛ أسرار الإمامة ٢٩٠ ؛ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٣ : ٢٣٩.

١٣٩

طالب عليه‌السلام ، فإذا رأينا أحدهم لا يحبّ عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام علمنا أنّه ليس منّا ، وأنّه لغير رشدة.

أورد هذه الأحاديث الثلاثة الشيخ شمس الدّين الجزريّ في أسنى المناقب (١) في فضائل عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام بأسانيد جيّدة. قال في حديث سعيد : رواه الترمذيّ وقال : غريب.

وفي حديث أبي ذر رواه الحاكم ، وقال : صحيح على شرط مسلم ، ولم يبيّن شرح حديث عبادة ، إلّا أنّه أورده بإسناد حسن ، قال : ورد ذلك عن أبي سعيد الخدريّ أيضا ، ولفظه.

كنّا معشر الأنصار نبور أولادنا بحبّهم عليّا ، وإذا ولد فينا مولود فلم يحبّه ، عرفنا أنّه ليس منّا (٢).

وأورد حديث الترمذيّ في ذلك ابن الجوزيّ في تذكرة الخواصّ (٣) أيضا.

وفي نهج البلاغة عنه عليه‌السلام ، قال :

لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني ، ولو صببت

__________________

(١) ـ وقال محمّد بن يوسف الزرنديّ الحنفيّ في كتابه نظم درر السمطين ١٣٣ : سأل محمّد بن عليّ الباقر عليهم‌السلام جابر بن عبد الله الأنصاريّ لمّا دخل عليه عن عائشة وما جرى بينه وبين عليّ عليه‌السلام ؛ فقال له جابر : دخلت عليها يوما وقلت لها : ما تقولين في عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام؟ فأطرقت رأسها ثمّ رفعته وقالت :

إذا ما التبر حكّ على المحكّ

تبيّن غشّه من غير شكّ

ففينا الغشّ والذّهب المصفّى

عليّ بيننا شبه المحكّ

وقال أبو جعفر محمّد بن عليّ بن شهرآشوب في مناقبه ٣ : ٢٤٠ ، في خبر طويل : كان الرجل من بعد يوم خيبر يحمل ولده على عاتقه ثمّ يقف على طريق عليّ عليه‌السلام فإذا نظر إليه أومأ بإصبعه [وقال :] يا بنيّ تحبّ هذا الرجل؟ فإن قال «نعم» قبله ، وإن قال «لا» خرق به الأرض ، وقال له : الحق بأمّك.

(٢) ـ المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٢٩.

(٣) ـ تذكرة الخواصّ ٢٨.

١٤٠