النّهاية - ج ٢

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٢

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٥٢٦

(شبع) فيه «الْمُتَشَبِّعُ بما لا يملك كلابس ثوبى زور» أى المتكثّر بأكثر مما عنده يتجمّل بذلك ، كالذى يرى أنه شَبْعَان ، وليس كذلك ، ومن فعله فإنما يسخر من نفسه. وهو من أفعال ذوى الزّور ، بل هو فى نفسه زور : أى كذب.

(ه) وفيه «أنّ زمزم كان يقال لها فى الجاهلية شُبَاعَة» لأن ماءها يروى ويُشْبِعُ.

(شبق) (ه) فى حديث ابن عباس رضى الله عنهما «قال لرجل وطىء وهو محرم قبل الإفاضة : شَبَقٌ شديد» الشَّبَقُ بالتحريك : شدة الغلمة وطلب النكاح.

(شبك) (س) فيه «إذا مضى أحدكم إلى الصلاة فلا يُشَبِّكَنَ بين أصابعه فإنه فى صلاة» تَشْبِيكُ اليد : إدخال الأصابع بعضها بعض. قيل كره ذلك كما كره عقص الشّعر ، واشتمال الصّمّاء والاحتباء. وقيل التَّشْبِيكُ والاحتباء مما يجلب النّوم ، فنهى عن التعرّض لما ينقض الطهارة. وتأوّله بعضهم أن تَشْبِيكَ اليد كناية عن ملابسة الخصومات والخوض فيها. واحتجّ بقوله عليه‌السلام حين ذكر الفتن «فَشَبَّكَ بين أصابعه وقال : اختلفوا فكانوا هكذا».

(س) ومنه حديث مواقيت الصلاة «إذا اشْتَبَكَتِ النجوم» أى ظهرت جميعها واختلط بعضها ببعض لكثرة ما ظهر منها.

(س) وفيه «أنه وقعت يد بعيره فى شَبَكَةِ جرذان» أى أنقابها. وجحرتها تكون متقاربة بعضها من بعض.

(ه) وفى حديث عمر «أن رجلا من بنى تميم التقط شَبَكَة على ظهر جلّال ، فقال : يا أمير المؤمنين اسقنى شَبَكَة» الشَّبَكَةُ : آبار متقاربة قريبة الماء يفضى بعضها إلى بعض ، وجمعها شِبَاكٌ ، ولا واحد لها من لفظها.

وفى حديث أبى رهم «الذين لهم نعم بِشَبَكَة جرح» هى موضع بالحجاز فى ديار غفار.

(شبم) (ه) فى حديث جرير «خير الماء الشَّبِمُ» أى البارد. والشَّبَمُ بفتح الباء : البرد. ويروى بالسين والنون. وقد سبق.

ومنه حديث زواج فاطمة رضى الله عنها «فدخل عليها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى غداة شَبِمَةٍ».

٤٤١

وفى حديث عبد الملك بن عمير «فى غداة شَبِمَةٍ».

ومنه قصيد كعب بن زهير :

شجّت بذى شَبَمٍ من ماء محنية

صاف بأبطح أضحى وهو مشمول

يروى بكسر الباء وفتحها ، على الاسم والمصدر.

(شبه) (س) فى صفة القرآن «آمنوا بِمُتَشَابِهِهِ ، واعملوا بمحكمه» الْمُتَشَابِهُ : ما لم يتلقّ معناه من لفظه. وهو على ضربين : أحدهما إذا ردّ إلى المحكم عرف معناه ، والآخر ما لا سبيل إلى معرفة حقيقته. فالمتتبّع له مبتغ للفتنة ، لأنه لا يكاد ينتهى إلى شىء تسكن نفسه إليه.

(ه) ومنه حديث حذيفة وذكر فتنة فقال «تُشَبِّهُ مقبلة وتبيّن مدبرة» أى أنّها إذا أقبلت شَبَّهَتْ على القوم وأرتهم أنهم على الحقّ حتى يدخلوا فيها ويركبوا منها ما لا يجوز ، فإذا أدبرت وانقضت بان أمرها ، فعلم من دخل فيها أنه كان على الخطأ.

(ه) وفيه «أنه نهى أن تسترضع الحمقاء ، فإنّ اللّبن يَتَشَبَّهُ» أى إن المرضعة إذا أرضعت غلاما فإنه ينزع إلى أخلاقها فَيُشْبِهُهَا ، ولذلك يختار للرّضاع العاقلة الحسنة الأخلاق ، الصحيحة الجسم.

(ه) ومنه حديث عمر «اللّبن يُشَبَّهُ عليه».

وفى حديث الدّيات «دية شِبْهِ العمد أثلاث» شِبْهُ العمد أن ترمى إنسانا بشىء ليس من عادته أن يقتل مثله ، وليس من غرضك قتله ، فيصادف قضاء وقدرا فيقع فى مقتل فيقتل ، فتجب فيه الدّية دون القصاص.

(شبا) فى حديث وائل بن حجر «أنه كتب لأقوال شَبْوَةَ بما كان لهم فيها من ملك» شَبْوَةُ : اسم النّاحية التى كانوا بها من اليمن وحضرموت.

وفيه «فما فلّوا له شَبَاةً» الشَّبَاةُ : طرف السّيف وحدّه ، وجمعها شَباً.

٤٤٢

باب الشين مع التاء

(شتت) فيه «يهلكون مهلكا واحدا ويصدرون مصادر شَتَّى» أى مختلفة. يقال شَتَ الأمر شَتّاً وشَتَاتاً. وأمر شَتٌ وشَتِيتٌ. وقوم شَتَّى : أى متفرّقون.

ومنه الحديث فى الأنبياء عليهم‌السلام «وأمّهاتهم شَتَّى» أى دينهم واحد ، وشرائعهم مختلفة. وقيل أراد اختلاف أزمانهم. وقد تكرر ذكرها فى الحديث.

(شتر) (ه) فى حديث عمر «لو قدرت عليهما لَشَتَّرْتُ بهما» أى أسمعتهما القبيح. يقال شَتَّرْتُ به تَشْتِيراً. ويروى بالنون من الشنّار ، وهو العار والعيب.

ومنه حديث قتادة «فى الشَّتَرِ ربع الدية» هو قطع الجفن الأسفل. والأصل انقلابه إلى أسفل. والرجل أَشْتَرُ.

(س) وفى حديث عليّ رضى الله عنه يوم بدر «فقلت قريب مفرّ ابن الشَّتْرَاءِ» هو رجل كان يقطع الطريق ، يأتى الرّفقة فيدنو منهم ، حتى إذا همّوا به نأى قليلا ، ثم عاودهم حتى يصيب منهم غرّة. المعنى أن مفرّه قريب وسيعود ، فصار مثلا.

(شتن) فى حديث حجة الوداع ذكر «شَتَانٍ» هو بفتح الشين وتخفيف التاء : جبل عند مكة. يقال بات به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم دخل مكة.

(شتا) (ه) فى حديث أمّ معبد «وكان القوم مرملين مُشْتِينَ» الْمُشْتِي : الذى أصابته المجاعة (١). والأصل فى الْمُشْتِي الداخل فى الشِّتَاءِ ، كالمربع والمصيف للداخل فى الرّبيع والصّيف. والعرب تجعل الشِّتَاءَ مجاعة لأن الناس يلزمون فيه البيوت ولا يخرجون للانتجاع. والرواية المشهورة : مسنتين ، بالسين المهملة والنون قبل التاء ، من السّنة : الجدب. وقد تقدّم.

__________________

(١) أنشد الهروى للحطيئة :

إذا نزل الشتاه بدار قومٍ

تجنّب دار يهتم الشتاة

أراد : لا يتبين على جارهم أثر ضيق الشتاء لتوسيعهم عليه.

٤٤٣

(باب الشين مع الثاء)

(شثث) فيه «أنه مرّ بشاة ميّتة ، فقال عن جلدها : أليس فى الشَّثِ والقرظ ما يطهّره» الشَّثُ : شجر طيّب الريح مرّ الطّعم ، ينبت فى جبال الغور ونجد. والقَرَظ : ورق السّلم ، وهما نبتان يدبغ بهما. هكذا يروى هذا الحديث بالثاء المثلثة ، وكذا يتداوله الفقهاء فى كتبهم وألفاظهم. وقال الأزهرى فى كتاب لغة الفقه. إنّ الشَّبّ ـ يعنى بالباء الموحّدة ـ هو من الجواهر التى أنبتها الله فى الأرض يدبغ به ، شبه الزاج. قال : والسّماع الشّبّ بالباء ، وقد صحّفه بعضهم فقال الشَّثُ. والشَّثُ : شجر مرّ الطّعم ، ولا أدرى أيدبغ به أم لا. وقال الشافعى فى الأمّ : الدباغ بكل ما دبغت به العرب من قرظ وشبّ ، يعنى بالباء الموحدة.

(ه) وفى حديث ابن الحنفيّة «ذكر رجلا يلى الأمر بعد السّفيانى ، فقال : يكون بين شَثٍ وطبّاق» الطَّبَّاق : شجر ينبت بالحجاز إلى الطائف. أراد أن مخرجه ومقامه المواضع التى ينبت بها الشَّثُ والطّبّاق.

(شثن) (ه س) فى صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «شَثْن الكفّين والقدمين» أى أنهما يميلان إلى الغلظ والقصر. وقيل هو الذى فى أنامله غلظ بلاقصر ، ويحمد ذلك فى الرجال ؛ لأنه أشدّ لقبضهم ، ويذمّ فى النساء.

ومنه حديث المغيرة «شَثْنَة الكفّ» أى غليظته.

(باب الشين مع الجيم)

(شجب) (ه) فى حديث ابن عباس رضى الله عنهما «فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى شَجْبٍ فاصطبّ منه الماء وتوضّأ» الشَّجْبُ بالسكون : السقاء الذى قد أخلق وبلى وصار شنّا. وسقاء شَاجِبٌ : أى يابس. وهو من الشَّجْبِ : الهلاك ، ويجمع على شُجُبٍ وأَشْجَابٍ.

ومنه حديث عائشة رضى الله عنها «فاستقوا من كل بئر ثلاث شُجُبٍ».

٤٤٤

وحديث جابر رضى الله عنه «كان رجل من الأنصار يبرّد لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الماء فى أَشْجَابِهِ».

[ه] وحديث الحسن «المجالس ثلاثة : فسالم ، وغانم ، وشَاجِبٌ» أى هالك. يقال شَجَبَ يَشْجُبُ فهو شَاجِبٌ ، وشَجِبَ يَشْجَبُ فهو شَجِبٌ : أى إمّا سالم من الإثم ، وإما غانم للأجر ، وإما هالك آثم. وقال أبو عبيد : ويروى «الناس ثلاثة : السّالم الساكت ، والغانم الذى يأمر بالخير وينهى عن المنكر ، والشَّاجِبُ الناطق بالخنا المعين على الظّلم».

(س) وفى حديث جابر «وثوبه على الْمِشْجَب» هو بكسر الميم عيدان تضمّ رؤوسها ويفرّج بين قوائمها وتوضع عليها الثّياب ، وقد تعلّق عليها الأسقية لتبريد الماء ، وهو من تَشَاجَبَ الأمر : إذا اختلط.

(شجج) (ه) فى حديث أمّ زرع «شَجَّكِ ، أو فَلَّكِ ، أو جَمَعَ كلًّا لكِ» الشَّجُ فى الرأس خاصّة فى الأصل ، وهو أن يضربه بشىء فيجرحه فيه ويشقّه ، ثم استعمل فى غيره من الأعضاء. يقال شَجَّهُ يَشُجُّهُ شَجّاً.

ومنه الحديث فى ذكر «الشِّجَاجِ» وهى جمع شَجَّة ، وهى المرّة من الشَّجِ.

وفى حديث جابر «فأشرع ناقته فشربت فَشَجَّتْ فبالت» هكذا ذكره الحميدى فى كتابه. وقال : معناه قطعت الشّرب ، من شَجَجْتُ المفازة إذا قطعتها بالسّير. والذى رواه الخطّابى فى غريبه وغيره : فَشَجَّتْ وبالت ، على أنّ الفاء أصلية والجيم مخففة ، ومعناه تفاجّت وفرّقت ما بين رجليها لتبول.

وفى حديث جابر رضى الله عنه «أردفنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فالتقمت خاتم النّبوّة فكان يَشُجُ علىّ مسكا» أى أشمّ منه مسكا ، وهو من شَجَ الشّراب إذا مزجه بالماء ، كأنه كان يخلط النّسيم الواصل إلى مشمّه بريح المسك.

ومنه قصيد كعب :

شُجَّتْ بذى شبم من ماء محنية

أى مزجت وخلطت.

٤٤٥

(شجر) فيه «إيّاكم وما شَجَرَ بين أصحابى» أى ما وقع بينهم من الاختلاف. يقال شَجَرَ الأمر يَشْجُرُ شُجُوراً إذا اختلط. واشْتَجَرَ القوم وتَشَاجَرُوا إذا تنازعوا واختلفوا.

(ه) ومنه حديث أبى عمرو النخعى «يَشْتَجِرُونَ اشْتِجَارَ أطباق الرّأس» أراد أنّهم يشتبكون فى الفتنة والحرب اشتباك أطباق الرأس ، وهى عظامه التى يدخل بعضها فى بعض. وقيل أراد يختلفون.

(ه) وفى حديث العباس رضى الله عنه «كنت آخذا بحكمة بغلة النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم حنين وقد شَجَرْتُهَا بها» أى ضربتها بلجامها أكفّها حتى فتحت فاها ، وفى رواية «والعبّاس يَشْجُرُهَا ، أو يَشْتَجِرُهَا بلجامها» والشَّجْرُ : مفتح الفم. وقيل هو الذّقن.

(س) ومنه حديث عائشة رضى الله عنها فى إحدى رواياته «قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين شَجْرِي ونحرى» وقيل هو التّشبيك : أى أنها ضمّته إلى نحرها مشبّكة أصابعها.

(ه) ومن الأول حديث أمّ سعد «فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها أو يسقوها شَجَرُوا فاها» أى أدخلوا فى شَجْرِهِ عودا حتى يفتحوه به.

وحديث بعض التابعين «تفقّد فى طهارتك كذا وكذا ، والشّاكل ، والشَّجْرَ» أى مجتمع اللّحيين تحت العنفقة.

[ه] وفى حديث الشّراة «فَشَجَرْنَاهُم بالرّماح» أى طعنّاهم بها حتى اشتبكت فيهم.

(ه) وفى حديث حنين «ودريد بن الصّمّة يومئذ فى شِجَارٍ له» هو مركب مكشوف دون الهودج ، ويقال له مَشْجَرٌ أيضا.

وفيه «الصّخرة والشَّجَرَة من الجنة» قيل أراد بالشَّجَرَةِ الكرمة. وقيل يحتمل أن يكون أراد شَجَرَةَ بيعة الرّضوان بالحديبية ؛ لأن أصحابها استوجبوا الجنة.

(س) وفى حديث ابن الأكوع «حتى كنت فى الشَّجْرَاءِ» أى بين الْأَشْجَارِ المتكاثفة ، وهو للشّجرة كالقصباء للقصبة ، فهو اسم مفرد يراد به الجمع. وقيل هو جمع ، والأوّل أوجه.

ومنه الحديث «ونأى بى الشَّجَر» أى بعد بى المرعى فى الشَّجَرُ.

٤٤٦

(شجع) (ه) فيه «يجىء كنز أحدهم يوم القيامة شُجَاعاً أقرع» الشُّجَاعُ بالضم والكسر : الحية الذكر. وقيل الحية مطلقا. وقد تكرر فى الحديث.

وفى حديث أبى هريرة فى منع الزكاة «إلا بعث عليه يوم القيامة سعفها وليفها أَشَاجِع تنهشه» أى حيّات ، وهى جمع أَشْجَعِ وهى الحية الذكر. وقيل جمع أَشْجِعَةٍ ، وأَشْجِعَةٌ جمع شُجَاعٍ وهى الحية.

(س) وفى صفة أبى بكر رضى الله عنه «عارى الْأَشَاجِعِ» هى مفاصل الأصابع ، واحدها أَشْجَعُ : أى كان اللحم عليها قليلا.

(شجن) (ه) فيه «الرّحم شُجْنَةٌ من الرّحمن» أى قرابة مشتبكة كاشتباك العروق ، شبّهه بذلك مجازا واتّساعا. وأصل الشُّجْنَة بالكسر والضم : شعبة فى غصن من غصون الشجرة.

(ه) ومنه قولهم «الحديث ذو شُجُونٍ» أى ذو شعب وامتساك بعضه ببعض.

(ه) وفى حديث سطيح.

تجوب بى الأرض علنداة شَجَن

الشَّجَنُ : الناقة المتداخلة الخلق ، كأنها شجرة مُتَشَجِّنَة : أى متّصلة الأغصان بعضها ببعض. ويروى شزن. وسيجىء.

(شجا) (ه) فى حديث عائشة تصف أباها رضى الله عنهما قالت : «شَجِيُ النّشيج» الشَّجْوُ : الحزن. وقد شَجِيَ يَشْجَى فهو شَجٍ. والنَّشِيج : الصّوت الذى يتردّد فى الحلق.

(س) وفى حديث الحجاج «إنّ رفقة ماتت بِالشَّجِي» هو بكسر الجيم وسكون الياء : منزل على طريق مكة.

٤٤٧

باب الشين مع الحاء

(شحب) فيه «من سرّه أن ينظر إلىّ فلينظر إلى أشعث شَاحِبٍ» الشَّاحِبُ : المتغير اللون والجسم لعارض من سفر أو مرض ونحوهما. وقد شَحَبَ يَشْحَبُ شُحُوباً.

ومنه حديث ابن الأكوع «رآنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم شَاحِباً شاكيا».

وحديث ابن مسعود «يلقى شيطان الكافر شيطان المؤمن شَاحِباً».

وحديث الحسن «لا تلقى المؤمن إلّا شَاحِباً» لأنّ الشُّحُوبَ من آثار الخوف وقلّة المأكل والتّنعّم.

(شحث) (س) فيه «هلمّى المدية فَاشْحَثِيهَا بحجر» أى حدّيها وسنّيها. ويقال بالذال.

(شحج) (ه) فى حديث ابن عمر رضى الله عنهما «أنه دخل المسجد فرأى قاصّا صيّاحا ، فقال : اخفض من صوتك ، ألم تعلم أن الله يبغض كل شَحَّاجٍ» الشُّحَاجُ : رفع الصوت.

وقد شَحَجَ يَشْحَجُ فهو شَحَّاجٌ ، وهو بالبغل والحمار أخصّ ، كأنه تعريض بقوله تعالى (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ).

(شحح) (س) فيه «إياكم والشُّحَ». الشُّحُ : أشدّ البخل ، وهو أبلغ فى المنع من البخل. وقيل هو البخل مع الحرص. وقيل البخل فى أفراد الأمور وآحادها ، والشُّحُ عامٌّ : وقيل البخل بالمال ، والشُّحُ بالمال والمعروف. يقال شَحَ يَشُحُ شَحّاً ، فهو شَحِيحٌ. والاسم الشُّحُ.

(س) وفيه «برئ من الشُّحِ من أدّى الزكاة وقرى الضّيف ، وأعطى فى النائبة».

ومنه الحديث «أن تتصدّق وأنت صحيح شَحِيحٌ تأمل البقاء وتخشى الفقر».

(س) ومنه حديث ابن عمر «إنّ رجلا قال له : إنّى شَحِيحٌ ، فقال : إن كان شُحُّكَ لا يحملك على أن تأخذ ما ليس لك فليس بِشُحِّكَ بأس».

٤٤٨

(س) ومنه حديث ابن مسعود «قال له رجل : ما أعطى ما أقدر على منعه ، قال : ذاك البخل ، والشُّحُ أن تأخذ مال أخيك بغير حقه».

(س) وفى حديث ابن مسعود «أنه قال : الشُّحُ منع الزّكاة وإدخال الحرام».

(شحذ) فيه «هلمّى المدية واشْحَذِيهَا» يقال شَحَذْتُ السّيف والسكّين إذا حدّدته بالمسنّ وغيره مما يخرج حدّه.

(شحشح) (ه) فى حديث عليّ «أنه رأى رجلا يخطب ، فقال : هذا الخطيب الشَّحْشَحُ» أى الماهر الماضى فى كلامه ، من قولهم قطاة شَحْشَحٌ ، وناقة شَحْشَحَةٌ : أى سريعة.

(شحط) (س) فى حديث محيّصة «وهو يَتَشَحَّطُ فى دمه» أى يتخبّط فيه ويضطرب ويتمرّغ.

(ه) وفى حديث ربيعة «فى الرجل يعتق الشقص من العبد ، قال : يُشْحَطُ الثّمن ثم يعتق كلّه» أى يبلغ به أقصى القيمة. يقال شَحَطَ فلان فى السّوم إذا أبعد فيه. وقيل معناه يجمع ثمنه ، من شَحَطْتُ الإناء إذا ملأته.

(شحم) فيه «ومنهم من يبلغ العرق إلى شَحْمَةِ أذنيه» شَحْمَةُ الأذن : موضع خرق القرط ، وهو مالان من أسفلها.

(س) ومنه حديث الصلاة «إنه كان يرفع يديه إلى شَحْمَةِ أذنيه».

(س) وفيه «لعن الله اليهود حرّمت عليهم الشُّحُومُ فباعوها وأكلوا أثمانها» الشَّحْمُ المحرّم عليهم هو شَحْمُ الكلى والكرش والأمعاء ، وأمّا شَحْمُ الظّهور والألية فلا.

(س) وفى حديث عليّ «كلوا الرّمّان بِشَحْمِهِ فإنه دباغ المعدة» شَحْمُ الرمان : ما فى جوفه سوى الحبّ.

(شحن) فيه «يغفر الله لكل عبد ما خلا مشركا أو مُشَاحِناً». الْمُشَاحِنُ : المعادى والشَّحْنَاءُ العداوة. والتَّشَاحُنُ تفاعل منه. وقال الأوزاعى : أراد بِالْمُشَاحِنِ هاهنا صاحب البدعة المفارق لجماعة الأمة.

٤٤٩

ومن الأوّل «إلّا رجلا كان بينه وبين أخيه شَحْنَاء» أى عداوة. وقد تكرر ذكرها فى الحديث.

(شحا) (ه) فى حديث عليّ «ذكر فتنة فقال لعمّار : والله لَتَشْحُوَنَ فيها شَحْواً لا يدركك الرجل السّريع» الشَّحْوُ : سعة الخطو. يريد أنك تسعى فيها وتتقدّم.

(ه) ومنه حديث كعب يصف فتنة قال : «ويكون فيها فتى من قريش يَشْحُو فيها شَحْواً كثيرا» أى يمعن فيها ويتوسّع. يقال ناقة شَحْوَاءُ أى واسعة الخطو.

(ه) ومنه «أنه كان للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فرس يقال له الشَّحَّاءُ» هكذا روى بالمدّ ، وفسّر بأنه الواسع الخطو.

(باب الشين مع الخاء)

(شخب) فيه «يبعث الشهيد يوم القيامة وجرحه يَشْخُبُ دما» الشَّخْبُ : السّيلان. وقد شَخَبَ يَشْخُبُ ويَشْخَبُ. وأصل الشَّخْبِ : ما يخرج من تحت يد الحالب عند كل غمزة وعصرة لضرع الشّاة.

(س) ومنه الحديث «إن المقتول يجىء يوم القيامة تَشْخُبُ أوداجه دما».

(س) والحديث الآخر «فأخذ مشاقص فقطع براجمه فَشَخَبَتْ يداه حتى مات».

(س) ومنه حديث الحوض «يَشْخُبُ فيه ميزابان من الجنّة».

(شخت) (ه) فى حديث عمر «أنه قال للجنّىّ : إنّى أراك ضئيلا شَخِيتاً» الشَّخْتُ والشَّخِيتُ : النّحيف الجسم الدقيقه. وقد شَخُتَ يَشْخُتُ شُخُوتَةً.

(شخص) فى حديث ذكر الميت «إذا شَخَصَ بصره» شُخُوصُ البصر : ارتفاع الأجفان إلى فوق ، وتحديد النّظر وانزعاجه.

(ه) وفى حديث قيلة «قالت : فَشُخِصَ بى» يقال للرجل إذا أتاه ما يقلقه : قد شُخِصَ به ، كأنه رفع من الأرض لقلقه وانزعاجه.

[ه] ومنه «شُخُوصُ المسافر» خروجه عن منزله.

٤٥٠

ومنه حديث عثمان رضى الله عنه «إنما يقصر الصلاة من كان شَاخِصاً أو بحضرة عدوّه» أى مسافرا.

ومنه حديث أبى أيوب «فلم يزل شَاخِصاً فى سبيل الله تعالى».

وفيه «لا شَخْصَ أغير من الله» الشَّخْصُ : كلّ جسم له ارتفاع وظهور. والمراد به فى حقّ الله تعالى إثبات الذّات ، فاستعير لها لفظ الشّخص. وقد جاء فى رواية أخرى «لا شىء أغير من الله»

وقيل معناه : لا ينبغى لشخص أن يكون أغير من الله.

(باب الشين مع الدال)

(شدخ) (س) فيه «فَشَدَخُوهُ بالحجارة» الشَّدْخُ : كسر الشّىء الأجوف. تقول شَدَخْتُ رأسه فَانْشَدَخَ.

(ه) وفى حديث ابن عمر فى السّقط «إذا كان شَدَخاً أو مضغة فادفنه فى بيتك» هو بالتحريك : الذى يسقط من بطن أمّه رطبا رخصا لم يشتدّ (١).

(شدد) فيه «يردّ مُشِدُّهُمْ على مضعفهم» الْمُشِدُّ : الذى دوابّه شَدِيدَةٌ قوية ، والمُضْعِفُ الذى دوابّه ضعيفة. يريد أن القوىّ من الغزاة يساهم الضعيف فيما يكسبه من الغنيمة.

وفيه «لا تبيعوا الحبّ حتّى يَشْتَدَّ» أراد بالحبّ الطعام ، كالحنطة والشعير ، واشْتِدَادُهُ : قوّته وصلابته.

(س) وفيه «من يُشَادُّ الدين يغلبه» أى ثاويه ويقاومه ، ويكلّف نفسه من العبادة فيه فوق طاقته. والْمُشَادَدَةُ : المغالبة. وهو مثل الحديث الآخر «إن هذا الدّين متين فأوغل فيه برفق».

(ه) ومنه الحديث «ألا تَشِدُّ فَنَشِدَّ معك» أى تحمل على العدوّ فنحمل معك. يقال شَدَّ فى الحرب يَشِدُّ بالكسر.

ومنه الحديث «ثم شَدَّ عليه فكان كأمس الذّاهب» أى حمل عليه فقتله.

__________________

(١) فى الهروى والدر النثير : وقيل الذى يولد لغير تمام.

٤٥١

وفى حديث قيام رمضان «أحيا الليل وشَدَّ المئزر» هو كناية عن اجتناب النّساء ، أو عن الجدّ والاجتهاد فى العمل ، أو عنهما معا.

وفى حديث القيامة «كحضر الفرس ، ثم كَشَدِّ الرجل» الشَّدُّ : العدو.

ومنه حديث السّعى «لا تقطع الوادى إلّا شَدّاً» أى عدوا.

(س) وفى حديث الحجّاج :

هذا أوان الحرب فَاشْتَدِّي زيم

زيم : اسم ناقته أو فرسه.

وفى حديث أحد «حتى رأيت النساء يَشْتَدِدْنَ فى الجبل» أى يعدون ، هكذا جاءت اللفظة فى كتاب الحميدى. والذى جاء فى كتاب البخارى «يَشْتَدَّنَ» هكذا جاء بدال واحدة. والّذى جاء فى غيرهما «يسندن» بالسين المهملة والنون : أى يصعّدن فيه ، فإن صحّت الكلمة على ما فى البخارى ـ وكثيرا ما يجىء أمثالها فى كتب الحديث ، وهو قبيح فى العربية ، لأنّ الإدغام إنما جاز فى الحرف المضعّف لما سكن الأوّل وتحرّك الثانى ، فأما مع جماعة النّساء فإنّ التضعيف يظهر ؛ لأنّ ما قبل نون النساء لا يكون إلّا ساكنا فيلتقى ساكنان ، فيحرّك الأوّل وينفكّ الإدغام ، فتقول يَشْتَدِدْنَ ـ فيمكن تخريجه على لغة بعض العرب من بكر بن وائل ، يقولون : رَدَّتُ ، ورَدَّتَ ، ورِدَّنَ ، يريدون رَدَدْتُ ، ورَدَدْتَ ، ورَدَدْنَ. قال الخليل : كأنهم قدّروا الإدغام قبل دخول التاء والنون ، فيكون لفظ الحديث يشتدّن.

وفى حديث عتبان بن مالك «فغدا علىّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد ما اشْتَدَّ النهار» أى علا وارتفعت شمسه.

ومنه قصيد كعب بن زهير :

شَدَّ النّهار ذراعا عيطل نصف

قامت فجاوبها نكد مثاكيل

أى وقت ارتفاعه وعلوّه.

(شدف) [س] فى حديث ابن ذى يزن «يرمون عن شُدُفٍ» هى جمع شَدْفَاءِ ، والشَّدْفَاءُ العوجاء : يعنى القوس الفارسيّة. قال أبو موسى : أكثر الرّوايات بالسين المهملة ، ولا معنى لها.

٤٥٢

(شدق) (س) فى صفته عليه‌السلام «يفتتح الكلام ويختتمه بِأَشْدَاقِهِ» الْأَشْدَاقُ جوانب الفم ، وإنما يكون ذلك لرحب شِدْقَيْهِ. والعرب تمتدح بذلك. ورجل أَشْدَقُ : بيّن الشَّدَقِ.

(س) فأما حديثه الآخر «أبغضكم إلىّ الثّرثارون الْمُتَشَدِّقُونَ» فهم المتوسّعون فى الكلام من غير احتياط واحتراز. وقيل : أراد بِالْمُتَشَدِّقِ : المستهزئ بالناس يلوى شِدْقَهُ بهم وعليهم.

(شدقم) (س) فى حديث جابر رضى الله عنه «حدّثه رجل بشىء فقال : ممن سمعت هذا؟ فقال : من ابن عباس ، فقال : من الشَّدْقَمِ!» هو الواسع الشِّدْقِ ، ويوصف به المنطيق البليغ المفوّه. والميم زائدة.

(باب الشين مع الذال)

(شذب) (ه) فى صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أقصر من الْمُشَذَّبِ» هو الطويل البائن الطّول مع نقص فى لحمه. وأصله من النّخلة الطّويلة التى شُذِّبَ عنها جريدها : أى قطّع وفرّق.

(ه) ومنه حديث عليّ «شَذَّبَهُمْ عنّا تخرّم الآجال» وقد تكرر فى الحديث.

(شذذ) (ه) فى حديث قتادة وذكر قوم لوط فقال «ثم أتبع (١) شُذَّانَ القوم صخرا منضودا» أى من شَذَّ منهم وخرج عن جماعته. وشُذَّان جمع شَاذٍّ ، مثل شابّ وشبّان. ويروى بفتح الشين وهو المتفرّق من الحصى وغيره. وشُذَّانُ الناس : متفرّقوهم. كذا قال الجوهرى.

(شذر) (ه) فى حديث عائشة «إن عمر شرّد الشّرك شَذَرَ مذر» أى فرّقه وبدّده فى كل وجه. ويروى بكسر الشين والميم وفتحهما.

وفى حديث حنين «أرى كتيبة حرشف كأنهم قد تَشَذَّرُوا للحملة» أى تهيّأوا لها وتأهّبوا.

(ه) ومنه حديث عليّ «قال له سليمان بن صرد : لقد بلغنى عن أمير المؤمنين ذرو من

__________________

(١) الفاعل مستتر يعود على جبريل عليه‌السلام

٤٥٣

قول تَشَذَّرَ لى به» أى توعّد وتهدّد. ويروى «تشزّر» بالزاى ، كأنه من النّظر الشّزر. وهو نظر المغضب.

(شذا) فى حديث عليّ «أوصيتهم بما يجب عليهم من كفّ الأذى وصرف الشَّذَا» هو بالقصر : الشرّ والأذى. يقال أذيت وأَشْذَيْتُ.

(باب الشين مع الراء)

(شرب) (س) فى صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أبيض مُشْرَبٌ حمرة» الْإِشْرَابُ : خلط لون بلون ، كأن أحد اللّونين سقى اللّون الآخر. يقال بياض مُشْرَبٌ حمرة بالتخفيف. وإذا شدّد كان للتكثير والمبالغة.

(س) ومنه حديث أحد «أنّ المشركين نزلوا على زرع أهل المدينة وخلّوا فيه ظهرهم وقد شُرِّبَ الزرع الدقيق» وفى رواية «شَرِبَ الزّرع الدقيق» وهو كناية عن اشتداد حبّ الزرع وقرب إدراكه. يقال شَرَّبَ قصب الزرع إذا صار الماء فيه ، وشُرِّبَ السّنبل الدقيق إذا صار فيه طعم. والشُّرْبُ فيه مستعار ، كأنّ الدقيق كان ماء فَشُرِبَهُ.

ومنه حديث الإفك «لقد سمعتموه وأُشْرِبَتْهُ قلوبكم» أى سقيته قلوبكم كما يسقى العطشان الماء. يقال شَرِبْتُ الماء وأُشْرِبْتُهُ إذا سقيته. وأُشْرِبَ قلبه كذا : أى حلّ محلّ الشَّرَابِ واختلط به كما يختلط الصّبغ بالثوب.

وفى حديث أبى بكر «وأُشْرِبَ قلبُهُ الإشفاق».

(س ه) وفى حديث أيام التّشريق «إنها أيام أكل وشُرْبٍ» يروى بالضم والفتح وهما بمعنى ، والفتح أقلّ اللّغتين (١) ، وبها قرأ أبو عمرو «شَرْبَ الهيم» يريد أنها أيام لا يجوز صومها.

__________________

(١) فى الهروى : قال الفراء : «الشّرب والشّرب والشّرب ثلاث لغات ، وفتح الشين أقلها ، إلا أن الغالب على الشّرب جمع شارب ، وعلى الشّرب الحظ والنصيب من الماء.»

٤٥٤

وفيه «من شَرِبَ الخمر فى الدنيا لم يَشْرَبْهَا فى الآخرة» وهذا من باب التعليق فى البيان ، أراد أنه لم يدخل الجنة ، لأنّ الخمر من شَرَابِ أهل الجنة ، فإذا لم يَشْرَبْها فى الآخرة لم يكن قد دخل الجنة.

وفى حديث عليّ وحمزة رضى الله عنهما «وهو فى هذا البيت فى شَرْبٍ من الأنصار» الشَّرْبُ بفتح الشين وسكون الراء : الجماعة يَشْرَبُونَ الخمر.

(ه) وفى حديث الشّورى «جرعة شَرُوبٌ أنفع من عذب موب» الشَّرُوب من الماء : الذى لا يُشْرَبُ إلّا عند الضّرورة ، ويستوى فيه المؤنّث والمذكّر ، ولهذا وصف بها الجرعة. ضرب الحديث مثلا لرجلين أحدهما أدون وأنفع ، والآخر أرفع وأضرّ.

وفى حديث عمر «اذهب إلى شَرَبَةٍ من الشَّرَبَاتِ فادلك رأسك حتى تنقّيه» الشَّرَبَةُ بفتح الراء : حوض يكون فى أصل النّخلة وحولها يملأ ماء لتشربه.

(ه) ومنه حديث جابر «أتانا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فعدل إلى الرّبيع فتطّهر وأقبل إلى الشَّرَبَةِ» الرّبيع : النّهر.

(ه) ومنه حديث لقيط «ثم أشرفت عليها وهى شَرْبَةٌ واحدة» قال القتيبى : إن كان بالسكون فإنّه أراد أن الماء قد كثر ؛ فمن حيث أردت أن تَشْرَبَ شَرِبْتَ. ويروى بالياء تحتها نقطتان وسيجىء.

(ه س) وفيه «ملعون ملعون من أحاط على مَشْرَبَةٍ» الْمَشْرَبَةُ بفتح الراء من غير ضم : الموضع الذى يشرب منه كالمشرعة ، ويريد بالإحاطة تملّكه ومنع غيره منه.

(ه) وفيه «أنه كان فى مَشْرُبَةٍ له» الْمَشْرُبَةُ بالضم والفتح : الغرفة. وقد تكرر فى الحديث.

(ه) وفيه «فينادى يوم القيامة مناد فَيَشْرَئِبُّونَ لصوته» أى يرفعون رؤسهم لينظروا إليه. وكلّ رافع رأسه مُشْرَئِبٌ.

(ه) ومنه حديث عائشة «واشْرَأَبَ النّفاق» أى ارتفع وعلا.

٤٥٥

(شرج) (ه) فيه «فتنحّى السّحاب فأفرغ ماءه فى شَرْجَةٍ من تلك الشِّرَاجِ» الشَّرْجَةُ : مسيل الماء من الحرّة إلى السّهل. والشَّرْجُ جنس لها ، والشِّرَاجُ جمعها.

(ه) ومنه حديث الزبير «أنه خاصم رجلا فى شِرَاجِ الحرّة».

ومنه الحديث «أنّ أهل المدينة اقتتلوا وموالى معاوية على شَرْجٍ من شِرَاجِ الحرّة».

ومنه حديث كعب بن الأشرف «شَرْجُ العجوز» هو موضع قرب المدينة.

(ه) وفى حديث الصوم «فأمرنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالفطر فأصبح الناس شَرْجَيْنِ» يعنى نصفين : نصف صيام ونصف مفاطير.

(س) وفى حديث مازن :

فلا رأيهم رأيى ولا شَرْجُهُمْ شَرْجِي

يقال : ليس هو من شَرْجِهِ : أى من طبقته وشكله.

(ه) ومنه حديث علقمة «وكان نسوة يأتينها مُشَارَجَاتٍ لها» أى أتراب وأقران. يقال هذا شَرْجُ هذا وشَرِيجُهُ ومُشَارِجُهُ : أى مثله فى السنّ ومشاكله.

(ه) ومنه حديث يوسف بن عمر «أنا شَرِيجُ الحجّاج» أى مثله فى السّنّ.

(س) وفى حديث الأحنف «فأدخلت ثياب صونى العيبة فَأَشْرَجْتُهَا» يقال أَشْرَجْتُ العيبة وشَرَجْتُهَا إذا شددتها بالشَّرَجِ ، وهى العرى.

(شرجب) (س) فى حديث خالد «فعارضنا رجل شَرْجَبٌ» الشَّرْجَبُ : الطويل. وقيل هو الطويل القوائم العارى أعالى العظام.

(شرح) [ه] فيه «وكان هذا الحىّ من قريش يَشْرَحُونَ النّساء شَرْحاً» يقال شَرَحَ فلان جاريته إذا وطئها نائمة على قفاها.

(ه) وفى حديث الحسن «قال له عطاء : أكان الأنبياء صلى الله عليهم يَشْرَحُونَ إلى الدّنيا والنّساء؟ فقال : نعم ، إن لله ترائك فى خلقه» أراد كانوا ينبسطون إليها ويَشْرَحُونَ صدورهم لها.

(شرخ) (ه) فيه «اقتلوا شُيُوخَ المشركين واستحيوا شَرْخَهُمْ» أراد بالشيوخ الرّجال

٤٥٦

المسانّ أهل الجلد والقوّة على القتال ، ولم يرد الهرمى. والشَّرْخُ : الصّغار الذين لم يدركوا. وقيل أراد بالشيوخ الهرمى الذين إذا سبوا لم ينتفع بهم فى الخدمة ، وأراد بِالشَّرْخِ الشباب أهل الجلد الذين ينتفع بهم فى الخدمة. وشَرْخُ الشباب : أوّله. وقيل نضارته وقوّته. وهو مصدر يقع على الواحد والاثنين والجمع. وقيل هو جمع شَارِخٍ ، مثل شارب وشرب.

وفى حديث عبد الله بن رواحة «قال لابن أخيه فى غزوة مؤتة : لعلك ترجع بين شَرْخَيِ الرّحل» أى جانبيه ، أراد أنه يستشهد فيرجع ابن أخيه راكبا موضعه على راحلته فيستريح. وكذا كان ، استشهد ابن رواحة رضى الله عنه فيها.

(س) ومنه حديث ابن الزبير مع أزبّ. «جاء وهو بين الشَّرْخَيْنِ» أى جانبى الرحل.

وفى حديث أبى رهم «لهم نعم بشبكة شَرْخ» هو بفتح الشين وسكون الرّاء : موضع بالحجاز. وبعضهم يقوله بالدال.

(شرد) فيه «لتدخلنّ الجنّة أجمعون أكتعون إلّا من شَرَدَ على الله» أى خرج عن طاعته وفارق الجماعة. يقال شَرَدَ البعير يَشْرُدُ شُرُوداً وشِرَاداً إذا نفر وذهب فى الأرض.

(ه) ومنه الحديث «إنه قال لخوّات بن جبير : ما فعل شِرَادُكَ» قال الهروى : أراد بذلك التّعريض له بقصّته مع ذات النّحيين فى الجاهليّة ، وهى معروفة (١) يعنى أنه لما فرغ منها شَرَدَ وانفلت خوفا من التّبعة. وكذلك قال الجوهرى فى الصحاح ، وذكر القصّة. وقيل إنّ هذا وهم من الهروى والجوهرى ومن فسّره بذلك.

والحديث له قصة مرويّة عن خوّات إنه قال : نزلت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمرّ الظّهران ، فخرجت من خبائى ، فإذا نسوة يتحدّثن فأعجبننى ، فرجعت فأخرجت حلّة من عيبتى فلبستها ثم جلست إليهن ، فمرّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فهبته ، فقلت : يا رسول الله جمل لى شَرُودٌ وأنا أبتغى له قيدا ، فمضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وتبعته ، فألقى إلىّ رداءه ودخل الأراك فقضى حاجته وتوضّأ ؛ ثم جاء فقال : أبا عبد الله : ما فعل شِرَادُ جملك؟ ثم ارتحلنا ، فجعل لا يلحقنى إلّا قال : السلام عليكم أبا عبد الله ، ما فعل شِرَادُ جملك؟ قال :

__________________

(١) انظر الصحاح (نحا)

٤٥٧

فتعجلت إلى المدينة ، واجتنبت المسجد ومجالسة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلما طال ذلك علىّ تحيّنت ساعة خلوة المسجد ، ثم أتيت المسجد فجعلت أصلى. فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من بعض حجره ، فجاء فصلى ركعتين خفيفتين وطوّلت الصلاة رجاء أن يذهب ويدعنى ، فقال طوّل يا أبا عبد الله ما شئت فلست بقائم حتى تنصرف ، فقلت : والله لأعتذرنّ إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولأبرئن صدره ، فانصرفت ، فقال : السلام عليكم أبا عبد الله ما فعل شِرَاد الجمل (١)؟ فقلت : والذى بعثك بالحق ما شَرَدَ ذلك الجمل منذ أسلمت ، فقال : رحمك الله ، مرّتين أو ثلاثا ، ثم أمسك عنّى فلم يعد.

(شرر) (ه) فى حديث الدعاء «الخير بيديك ، والشَّرُّ ليس إليك» أى أنّ الشَّرَّ لا يتقرّب به إليك ، ولا يبتغى به وجهك ، أو أن الشَّرَّ لا يصعد إليك ، وإنما يصعد إليك الطّيّب من القول والعمل. وهذا الكلام إرشاد إلى استعمال الأدب فى الثّناء على الله ، وأن تضاف إليه محاسن الأشياء دون مساويها ، وليس المقصود نفى شىء عن قدرته وإثباته لها ، فإن هذا فى الدعاء مندوب إليه. يقال يا ربّ السماء والأرض ، ولا يقال يا ربّ الكلاب والخنازير ، وإن كان هو ربّها. ومنه قوله تعالى «وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها».

وفيه «ولد الزّنا شَرُّ الثلاثة» قيل هذا جاء فى رجل بعينه كان موسوما بالشّرّ. وقيل هو عامّ. وإنما صار ولد الزنا شَرّاً من والديه لأنه شرّهم أصلا ونسبا وولادة ، ولأنه خلق من ماء الزّانى والزّانية ، فهو ماء خبيث. وقيل لأن الحدّ يقام عليهما فيكون تمحيصا لهما ، وهذا لا يدرى ما يفعل به فى ذنوبه.

(س) وفيه «لا يأتى عليكم عام إلّا والذى بعده شَرٌّ منه» سئل الحسن عنه فقيل : ما بال زمان عمر بن عبد العزيز بعد زمان الحجّاج؟ فقال : لا بدّ للناس من تنفيس. يعنى أنّ الله ينفّس عن عباده وقتا مّا ، ويكشف البلاء عنهم حينا.

(ه) فيه «إن لهذا القرآن شِرَّةً ، ثم إن الناس عنه فترة» الشِّرَّةُ : النشاط والرّغبة.

(س) ومنه الحديث الآخر «لكلّ عابد شِرَّةٌ».

__________________

(١) فى ا : ما فعل شراد جملك

٤٥٨

(س) وفيه «لا تُشَارِّ أخاك» هو تفاعل من الشّرّ : أى لا تفعل به شرّا يحوجه إلى أن يفعل بك مثله. ويروى بالتخفيف.

ومنه حديث أبى الأسود «ما فعل الذى كانت امرأته تُشَارُّهُ وتمارّه».

(س) وفى حديث الحجاج «لها كظّة تَشْتَرُّ» يقال اشْتَرَّ البعير واجترّ ، وهى الجرّة لما يخرجه البعير من جوفه إلى فمه ويمضغه ثم يبتلعه. والجيم والشين من مخرج واحد.

(شرس) (ه)فى حديث عمرو بن معديكرب «هم أعظمنا خميسا وأشدّنا شَرِيساً» أى شراسة. وقد شَرِسَ يَشْرَسُ فهو شَرِسٌ. وقوم فيهم شَرَسٌ وشَرِيسٌ وشَرَاسَةٌ : أى نفور وسوء خلق. وقد تكرر فى الحديث.

(شرسف) فى حديث المبعث «فشقّا ما بين ثغرة نحرى إلى شُرْسُوفِي» الشُّرْسُوفُ واحد الشَّرَاسِيفِ ، وهى أطراف الأضلاع المشرفة على البطن. وقيل هو غضروف معلّق بكل بطن.

(شرشر) (ه) فى حديث الرؤيا «فَيُشَرْشِرُ شدقه إلى قفاه» أى يشقّقه ويقطّعه.

(شرص) (ه) فى حديث ابن عباس رضى الله عنهما «ما رأيت أحسن من شَرَصَةِ علىّ» الشَّرَصَةُ بفتح الراء : الجلحة ، وهى انحسار الشعر عن جانبى مقدّم الرأس. هكذا قال الهروى. وقال الزمخشرى : هو بكسر الشين وسكون الراء ، وهما شِرْصَتَانِ ، والجمع شِرَاصٌ.

(شرط) فيه «لا يجوز شَرْطَانِ فى بيع» هو كقولك : بعتك هذا الثوب نقدا بدينار ، ونسيئة بدينارين ، وهو كالبيعتين فى بيعة ، ولا فرق عند أكثر الفقهاء فى عقد البيع بين شَرْطٍ واحد أو شَرْطَيْنِ. وفرّق بينهما أحمد ، عملا بظاهر الحديث.

ومنه الحديث الآخر «نهى عن بيع وشَرْطٍ» وهو أن يكون الشَّرْطُ ملازما فى العقد لا قبله ولا بعده.

ومنه حديث بريرة «شَرْطُ الله أحقّ» يريد ما أظهره وبيّنه من حكم الله تعالى بقوله «الولاء لمن أعتق» وقيل هو إشارة إلى قوله تعالى (فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ).

٤٥٩

(ه) وفيه ذكر «أَشْرَاطِ الساعة» فى غير موضع. الْأَشْرَاطُ : العلامات ، واحدها شَرَطٌ بالتحريك. وبه سميت شُرَط السلطان ، لأنهم جعلوا لأنفسهم علامات يعرفون بها. هكذا قال أبو عبيد. وحكى الخطّابى عن بعض أهل اللغة أنه أنكر هذا التفسير ، وقال : أَشْرَاطُ الساعة : ما ينكره الناس من صغار أمورها قبل أن تقوم الساعة. وشُرَطُ السلطان : نخبة أصحابه الذين يقدّمهم على غيرهم من جنده. وقال ابن الأعرابى : هم الشُّرَطُ ، والنّسبة إليهم شُرَطِيٌ. والشُّرْطَةُ ، والنسبة إليهم شُرْطِيٌ (ه) وفى حديث ابن مسعود «وتُشْرَطُ شُرْطَةً للموت لا يرجعون إلّا غالبين» الشُّرْطَةُ أوّل طائفة من الجيش تشهد الوقعة.

وفيه «لا تقوم الساعة حتى يأخذ الله شَرِيطَتَهُ من أهل الأرض ، فيبقى عجاج لا يعرفون معروفا ، ولا ينكرون منكرا» يعنى أهل الخير والدّين. والْأَشْرَاطُ من الأضداد يقع على الأشراف والأرذال. قال الأزهرى : أظنّه شَرَطَتَهُ : أى الخيار ، إلّا أن شمرا كذا رواه.

(ه) وفى حديث الزكاة «ولا الشَّرَط اللّئيمة» أى رذال المال. وقيل صغاره وشراره.

(ه) وفيه «نهى عن شَرِيطَةِ الشيطان» قيل هى الذّبيحة التى لا تقطع أوداجها ويستقصى ذبحها ، وهو من شَرْطِ الحجّام. وكان أهل الجاهلية يقطعون بعض حلقها ويتركونها حتى تموت. وإنما أضافها إلى الشيطان لأنه هو الذى حملهم على ذلك ، وحسّن هذا الفعل لديهم ، وسوّله لهم.

(شرع) قد تكرر فى الحديث ذكر «الشَّرْعِ والشَّرِيعَةِ» فى غير موضع ، وهو ما شَرَعَ الله لعباده من الدّين : أى سنّه لهم وافترضه عليهم. يقال : شَرَعَ لهم يَشْرَعُ شَرْعاً فهو شَارِعٌ. وقد شَرَعَ الله الدين شَرْعاً إذا أظهره وبيّنه. والشَّارِعُ : الطريق الأعظم. والشَّرِيعَةُ مورد الإبل على الماء الجارى.

(س) وفيه «فَأَشْرَعَ ناقته» أى أدخلها فى شريعة الماء. يقال شَرَعَتِ الدواب فى الماء تَشْرَعُ شَرْعاً وشُرُوعاً إذا دخلت فيه. وشَرَّعْتُهَا أنا ، وأَشْرَعْتُهَا تَشْرِيعاً وإِشْرَاعاً. وشَرَعَ فى الأمر والحديث : خاض فيهما.

(ه) ومنه حديث عليّ «إنّ أهون السّقى التَّشْرِيعُ» هو إيراد أصحاب الإبل إبلهم شَرِيعَةً لا يحتاج معها إلى الاستقاء من البئر. وقيل معناه إنّ سقى الإبل هو أن تورد شريعة الماء أوّلا ثمّ يستقى لها ، يقول : فإذا اقتصر على أن يوصلها إلى الشّريعة ويتركها فلا يستقى لها فإن هذا أهون السّقى وأسهله مقدور عليه لكلّ أحد ، وإنما السّقى التّام أن ترويها.

٤٦٠