النّهاية - ج ٢

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٢

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٥٢٦

ألا تراه قال : أكلت حتى إذا امتدّت خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ، أراد أنها إذا شبعت منها بركت مستقبلة عين الشمس تستمرئ بذلك ما أكلت ، وتجترّ وتثلط ، فإذا ثلطت فقد زال عنها الحبط. وإنما تحبط الماشية لأنها تمتلئ بطونها ولا تثلط ولا تبول ، فتنتفخ أجوافها ، فيعرض لها المرض فتبهلك. وأراد بزهرة الدنيا حسنها وبهجتها ، وببركات الأرض نماءها وما يخرج من نباتها.

(ه) ومنه الحديث «إنّ الدنيا حلوة خَضِرَةٌ» أى غضّة ناعمة طريّة.

(س) ومنه حديث عمر رضى الله عنه «اغزوا والغزو حلو خَضِرٌ» أى طرىّ محبوب لما ينزل الله فيه من النصر ويسهّل من الغنائم.

(ه) وفى حديث عليّ «اللهم سلّط عليهم فتى ثقيف الذّيّال (١) يلبس فروتها ، ويأكل خَضِرَتَهَا» أى هنيئها ، فشبّهه بالخضر الغضّ النّاعم.

ومنه حديث القبر «يملأ عليه خَضِراً (٢)» أى نعما غضّة.

(ه) وفيه «تجنّبوا من خَضْرَائِكُمْ ذوات الريح» يعنى الثّوم والبصل والكرّاث وما أشبهها.

(ه) وفيه «أنه نهى عن الْمُخَاضَرَةِ» هى بيع الثمار خُضْراً لم يبد صلاحها.

ومنه حديث اشتراط المشترى على البائع «أنه ليس له مِخْضَارٌ» الْمِخْضَار : أن ينتثر البسر وهو أَخْضَرُ.

(ه) وفى حديث مجاهد «ليس فى الْخَضْرَاوَاتِ صدقة» يعنى الفاكهة والبقول. وقياس ما كان على هذا الوزن من الصّفات أن لا يجمع هذا الجمع ، وإنما يجمع به ما كان اسما لا صفة ، نحو صحراء ، وخنفساء ، وإنما جمعه هذا الجمع لأنه قد صار اسما لهذه البقول لا صفة ، تقول العرب لهذه البقول : الْخَضْرَاءُ لا تريد لونها.

ومنه الحديث «أتى بقدر فيه خَضِراتٌ» بكسر الضاد أى بقول ، واحدها خَضِرَةٌ.

__________________

(١) هو الحجاج بن يوسف الثقفى

(٢) فى الدر النثير : قلت قال القرطبى فى التذكرة : فسر فى الحديث بالريحان.

٤١

(ه) وفيه «إياكم وخَضْرَاءَ الدّمن» جاء فى الحديث أنها المرأة الحسناء فى منبت السّوء ، ضرب الشجرة التى تنبت فى المزبلة فتجىء خَضِرَةً ناعمة ناضرة ، ومنبتها خبيث قذر مثلا للمرأة الجميلة الوجه اللئيمة المنصب.

(ه) وفى حديث الفتح «مر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى كتيبته الْخَضْرَاءِ» يقال كتيبة خَضْرَاء إذا غلب عليها لبس الحديد ، شبّه سواده بِالْخُضْرَةِ. والعرب تطلق الخُضْرَةَ على السّواد.

(س) ومنه حديث الحارث بن الحكم «أنه تزوج امرأة فرآها خَضْرَاءَ فطلّقها» أى سوداء.

وفى حديث الفتح «أبيدت خَضْرَاء قريش» أى دهماؤهم وسوادهم.

(س) ومنه الحديث الآخر «فأبيدوا خَضْرَاءَهُمْ».

وفى الحديث «ما أظلّت الخَضْرَاءُ ولا أقلّت الغبراء أصدق لهجة من أبى ذرّ» الْخَضْرَاءُ السّماء ، والغبراء الأرض.

(ه) وفيه «من خُضِّرَ له فى شىء فليلزمه» أى بورك له فيه ورزق منه. وحقيقته أن تجعل حالته خَضْرَاء.

ومنه الحديث «إذا أراد الله بعبد شرّا أَخْضَرَ له فى اللبن والطّين حتى يبنى».

(ه) وفى صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أنه كان أَخْضَرَ الشّمط» أى كانت الشّعرات التى قد شابت منه قد اخْضَرَّت بالطيب والدّهن المروّح.

(خضرم) (ه) فيه «أنه خطب النّاس يوم النّحر على ناقة مُخَضْرَمَةٍ» هى التى قطع طرف أذنها ، وكان أهل الجاهلية يُخَضْرِمُونَ نعمهم ، فلما جاء الإسلام أمرهم النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يُخَضْرِمُوا فى غير الموضع الذى يُخَضْرِمُ فيه أهل الجاهلية. وأصل الخَضْرَمَةِ : أن يجعل الشىء بين بين ، فإذا قطع بعض الأذن فهى بين الوافرة والناقصة. وقيل هى المنتوجة بين النّجائب والعكاظيّات. ومنه قيل لكل من أدرك الجاهلية والإسلام مُخَضْرَمٌ ؛ لأنه أدرك الْخَضْرَمَتَيْنِ.

٤٢

ومنه الحديث «إنّ قوما بيّتوا ليلا وسيقت نعمهم فادّعوا أنهم مسلمون ، وأنهم خَضْرَمُوا خَضْرَمَةَ الإسلام».

(خضع) فيه «أنه نهى أن يَخْضَعَ الرجل لغير امرأته» أى يلين لها فى القول بما يطمعها منه. والْخُضُوعُ : الانقياد والمطاوعة. ومنه قوله تعالى «فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ» ويكون لازما كهذا الحديث ومتعدّيا.

(ه) كحديث عمر رضى الله عنه «إنّ رجلا مرّ فى زمانه برجل وامرأة وقد خَضَعَا بينهما حديثا ، فضربه حتى شجّه فأهدره عمر رضى الله عنه» : أى ليّنا بينهما الحديث وتكلّما بما يطمع كلّا منهما فى الآخر.

(س) وفى حديث استراق السمع «خُضْعَاناً لقوله» الخُضْعَانُ مصدر خَضَعَ يَخْضُعُ خُضُوعاً وخُضْعَاناً ، كالغفران والكفران. ويروى بالكسر كالوجدان. ويجوز أن يكون جمع خَاضِعٍ. وفى رواية خُضَّعاً لقوله ، جمع خَاضِعٍ.

(ه) وفى حديث الزبير «أنه كان أَخْضَعَ» أى فيه انحناء.

(خضل) فيه «أنه خطب الأنصار فبكوا حتى أَخْضَلُوا لحاهم» أى بلّوها بالدّموع. يقال خَضِلَ واخْضَلَ إذا ندى ، وأَخْضَلْتُهُ أنا.

ومنه حديث عمر «لمّا أنشده الأعرابى :

يا عمر الخير جزيت الجنّة

الأبيات بكى عمر حتى اخْضَلَّتْ لحيته.

(س) وحديث النجاشى «بكى حتى أَخْضَلَ لحيته».

(ه) وحديث أمّ سليم «قال لها خَضِّلِي قنازعَكِ» أى ندّى شعرك بالماء والدّهن ليذهب شعثه. والقنازع : خصل الشّعر.

(س) وفى حديث قسّ «مُخْضَوْضَلَة أغصانها» هو مفعوعلة منه للمبالغة.

(ه) وفى حديث الحجاج «قالت له امرأة : تزوّجنى هذا على أن يعطينى خَضْلاً نبيلا» تعنى لؤلؤا صافيا جيّدا. الواحدة خَضْلَةٌ ، والنّبيل : الكبير ، يقال درّة خَضْلَةٌ.

٤٣

(خضم) فى حديث عليّ رضى الله عنه «فقام إليه بنو أميّة يَخْضَمُونَ مال الله خَضْمَ الإبلِ نبتة الرّبيع» الخَضْمُ : الأكل بأقصى الأضراس ، والقضم بأدناها. خَضِمَ يَخْضَمُ خَضْماً.

ومنه حديث أبى ذرّ «تأكلون خَضْماً ونأكل قضما».

(ه) وفى حديث أبى هريرة «أنه مرّ بمروان وهو يبنى بنيانا له ، فقال : ابنوا شديدا ، وأمّلوا بعيدا ، واخْضَمُوا فسنقضم».

(س) وفى حديث المغيرة «بئس لعمر الله زوج المرأة المسلمة خُضَمَةٌ حطمة» أى شديد الخَضْم. وهو من أبنية المبالغة.

(س) وفى حديث أم سلمة رضى الله عنها «الدّنانير السّبعة نسيتها فى خُضْمِ الفراش» أى جانبه ، حكاها أبو موسى عن صاحب التّتمة ، وقال الصحيح بالصاد المهملة. وقد تقدم.

وفى حديث كعب بن مالك وذكر الجمعة «فى نقيع يقال له نقيع الخَضَمَات» وهو موضع بنواحى المدينة.

(باب الخاء مع الطاء)

(خطأ) (ه) فيه «قتيل الخَطَإِ ديته كذا وكذا» قتل الخَطَإِ ضدّ العمد ، وهو أن تقتل إنسانا بفعلك من غير أن تقصد قتله ، أو لا تقصد ضربه بما قتلته به. قد تكرر ذكر الخَطَإِ والخَطِيئَةِ فى الحديث. يقال خَطِئَ فى دينه خِطْأً إذا أثم فيه. والخِطْءُ : الذنب والإثم. وأَخْطَأَ يُخْطِئُ. إذا سلك سبيل الخَطَإِ عمدا أو سهوا. ويقال خَطِئَ بمعنى أَخْطَأَ أيضا. وقيل خَطِئَ إذا تعمّد ، وأَخْطَأَ إذا لم يتعمّد. ويقال لمن أراد شيئا ففعل غيره ، أو فعل غير الصواب : أَخْطَأَ.

(ه) ومنه حديث الدجال «إنه تلده أمّه فيحملن النساء بِالْخَطَّائِينَ» يقال رجل خَطَّاءٌ إذا كان ملازما لِلْخَطَايَا غير تارك لها ، وهو من أبنية المبالغة. ومعنى يحملن بِالْخَطَّائِينَ : أى بالكفرة والعصاة الذين يكونون تبعا للدّجّال. وقوله يحملن النساء على لغة من يقول أكلونى البراغيث ومنه قول الشاعر :

٤٤

ولكن ديافىّ أبوه وأمّه

بحوران يعصرن السّليط أقاربه

(س) ومنه حديث ابن عباس «أنه سئل عن رجل جعل أمر امرأته بيدها ، فقالت أنت طالق ثلاثا ، فقال : خَطَّأَ الله نوءها ، ألا طلّقت نفسها!» يقال لمن طلب حاجة فلم ينجح : أَخْطَأَ نوؤك ، أراد جعل الله نوءها مُخْطِئاً لها لا يصيبها مطره. ويروى خطّى الله نوءها بلا همز ، ويكون من خطط ، وسيجىء فى موضعه. ويجوز أن يكون من خطّى الله عنك السّوء : أى جعله يتخطّاك ، يريد يتعدّاها فلا يمطرها. ويكون من باب المعتلّ اللام.

(س) ومنه حديث عثمان «أنه قال لامرأة ملّكت أمرها فطلّقت زوجها : إنّ الله خَطَّأَ نوءها» أى لم تنجح فى فعلها ، ولم تصب ما أرادت من الخلاص.

وفى حديث ابن عمر «أنهم نصبوا دجاجة يترامونها ، وقد جعلوا لصاحبها كلّ خَاطِئَة من نبلهم» أى كلّ واحدة لا تصيبها. والْخَاطِئَةُ هاهنا بمعنى الْمُخْطِئَة.

وفى حديث الكسوف «فَأَخْطَأَ بدرع حتى أدرك بردائه» أى غلط. يقال لمن أراد شيئا ففعل غيره : أَخْطَأَ ، كما يقال لمن قصد ذلك ، كأنه فى استعجاله غلط فأخذ درع بعض نسائه عوض ردائه. ويروى خطا ، من الخطو : المشى ، والأوّل أكثر.

(خطب) (ه) فيه «نهى أن يَخْطُبَ الرجل على خِطْبَةِ أخيه» هو أن يَخْطُبَ الرجل المرأة فتركن إليه ويتّفقا على صداق معلوم ويتراضيا ، ولم يبق إلا العقد. فأما إذا لم يتّفقا ويتراضيا ولم يركن أحدهما إلى الآخر فلا يمنع من خِطْبَتِهَا ، وهو خارج عن النّهى. تقول منه خَطَبَ يَخْطُبُ خِطْبَةً بالكسر ، فهو خَاطِبٌ ، والاسم منه الْخُطْبَةُ أيضا. فأما الخطبة بالضم فهو من القول والكلام.

(س) ومنه الحديث «إنه لحرىّ إن خَطَبَ أن يُخَطَّبَ» أى يجاب إلى خطبته. يقال خَطَبَ إلى فلان فَخَطَّبَهُ وأَخْطَبَهُ : أى أجابه.

وفيه «قال ما خَطْبُك» ، أى ما شأنك وحالك. وقد تكرر فى الحديث. والْخَطْبُ : الأمر الذى يقع فيه الْمُخَاطَبَةُ ، والشّأن والحال ، ومنه قولهم : جلّ الْخَطْبُ : أى عظم الأمر والشّأن.

ومنه حديث عمر ، وقد أفطر فى يوم غيم من رمضان فقال : «الْخَطْبُ يسير».

وفى حديث الحجاج «أمن أهل المحاشد والمَخَاطِبِ؟» أراد بالمَخَاطِبِ الخُطَبَ ، جمع على

٤٥

غير قياس ، كالمشابه والملامح. وقيل هو جمع مَخْطَبَة ، والْمَخْطَبَةُ : الْخُطْبَة. والْمُخَاطَبَةُ : مفاعلة ، من الخِطَاب والمشاورة ، تقول خَطَبَ يَخْطُبُ خُطْبَةً بالضم فهو خَاطِبٌ وخَطِيبٌ ؛ أراد : أأنت من الذين يَخْطُبُونَ الناس ويحثّونهم على الخروج والاجتماع للفتن؟.

(خطر) (ه) فى حديث الاستسقاء «والله ما يَخْطِرُ لنا جمل» أى ما يحرّك ذنبه هزالا لشدّة القحط والجدب. يقال خَطَرَ البعير بذنبه يَخْطِرُ إذا رفعه وحطّه. وإنما يفعل ذلك عند الشّبع والسّمن.

ومنه حديث عبد الملك لما قتل عمرو بن سعيد «والله لقد قتلته وإنه لأعزّ علىّ من جلدة ما بين عينىّ ، ولكن لا يَخْطِر فحلان فى شول».

ومنه حديث مرحب «فخرج يَخْطِرُ بسيفه» أى يهزّه معجبا بنفسه متعرّضا للمبارزة ، أو أنه كان يَخْطِرُ فى مشيته : أى يتمايل ويمشى مشية المعجب وسيفه فى يده ، يعنى أنه كان يَخْطِرُ وسيفه معه ، والباء للملابسة.

ومنه حديث الحجاج لمّا نصب المنجنيق على مكة :

خَطَّارَةٌ كالجمل الفنيق

شبّه رميها بِخَطَرَانِ الجمل.

وفى حديث سجود السّهو «حتى يَخْطِر الشيطان بين المرء وقلبه» ، يريد الوسوسة.

ومنه حديث ابن عباس «قام نبىّ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوما يصلى فَخَطَرَ خَطْرَةً ، فقال المنافقون : إن له قلبين».

(ه) وفيه «ألا هل مشمّر للجنة؟ فانّ الجنة لا خَطَرَ لها» أى لا عوض لها ولا مثل. والْخَطَرُ بالتحريك فى الأصل : الرّهن وما يُخَاطَرُ عليه. ومثل الشىء ، وعدله. ولا يقال إلا فى الشىء الذى له قدر ومزيّة.

ومنه الحديث «ألا رجل يُخَاطِرُ بنفسه وماله» أى يلقيهما فى الهلكة بالجهاد.

(ه) ومنه حديث عمر فى قسمة وادى القرى «فكان لعثمان منه خَطَرٌ ، ولعبد الرحمن خَطَرٌ» أى حظّ ونصيب.

٤٦

(ه) ومنه حديث النعمان بن مقرّن «قال يوم نهاوند : إنّ هؤلاء ـ يعنى المجوس ـ قد أَخْطَرُوا لكم رثّة ومتاعا ، وأَخْطَرْتُمْ لهم الإسلام ، فنافحوا عن دينكم» الرّثّة : ردىء المتاع. المعنى أنهم قد شرطوا لكم ذلك وجعلوه رهنا من جانبهم ، وجعلتم رهنكم دينكم ، أراد أنهم لم يعرّضوا للهلاك إلا متاعا يهون عليهم ، وأنتم عرّضتم لهم أعظم الأشياء قدرا وهو الإسلام.

(ه) وفى حديث عليّ رضى الله عنه «أنه أشار إلى عمّار وقال : جرّوا له الْخَطِيرَ ما انجرّ» وفى رواية «ما جرّه لكم» الْخَطِيرُ : الحبل. وقيل زمام البعير. المعنى اتّبعوه ما كان فيه موضع متّبع ، وتوقّوا ما لم يكن فيه موضع. ومنهم من يذهب به إلى إِخْطَارِ النفس وإشراطها فى الحرب : أى اصبروا لعمّار ما صبر لكم.

(خطرف) فى حديث موسى والخضر عليهما‌السلام «وإن الاندلاث والتَّخَطْرُفُ من الانقحام والتكلّف» تَخْطَرَفَ الشىء إذا جاوزه وتعدّاه. وقال الجوهرى : خَظْرَفَ البعير فى سيره ـ بالظاء المعجمة ـ لغة فى خذرف ، إذا أسرع ووسّع الخطو.

(خطط) (ه س) فى حديث معاوية بن الحكم «أنه سأل النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن الخَطِّ ، فقال : كان نبىّ من الأنبياء يَخُطُّ ، فمن وافق خَطَّهُ علم مثل علمه» وفى رواية «فمن وافق خَطَّهُ فذاك» قال ابن عباس : الْخَطُّ هو الذى يَخُطُّهُ الحازى ، وهو علم قد تركه الناس ، يأتى صاحب الحاجة إلى الحازى فيعطيه حلوانا ، فيقول له اقعد حتى أَخُطَّ لك ، وبين يدى الحازى غلام له معه ميل ، ثم يأتى إلى أرض رخوة فَيَخُطُّ فيها خُطُوطاً كثيرة بالعجلة لئلا يلحقها العدد ، ثم يرجع فيمحو منها على مهل خَطَّين خَطَّين ، وغلامه يقول للتّفاؤل : ابنى عيان أسرعا البيان ، فإن بقى خَطَّان فهما علامة النّجح ، وإن بقى خَطٌّ واحد فهو علامة الخيبة. وقال الحربىّ : الْخَطُّ هو أن يَخُطَّ ثلاثة خُطُوطٌ ، ثم يضرب عليهنّ بشعير أو نوى ويقول يكون كذا وكذا ، وهو ضرب من الكهانة. قلت : الخَطُّ المشار إليه علم معروف ، وللناس فيه تصانيف كثيرة ، وهو معمول به إلى الآن ، ولهم فيه أوضاع واصطلاح وأسام وعمل كثير ، ويستخرجون به الضمير وغيره ، وكثيرا ما يصيبون فيه.

(س) وفى حديث ابن أنيس «ذهب بى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى منزله فدعا

٤٧

بطعام قليل ، فجعلت أُخَطِّطُ ليشبع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» أى أَخُطُّ فى الطعام أريه أنى آكل ولست بآكل.

(س) وفى حديث قيلة «أيلام ابن هذه أن يفصل الْخُطَّة» أى إذا نزل به أمر مشكل فصله برأيه. الْخُطَّةُ : الحال والأمر والخطب.

ومنه حديث الحديبية «لا يسألونى خُطَّة يعظّمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إيّاها».

وفى حديثها أيضا «أنه قد عرض عليكم خُطَّة رشد فاقبلوها» أى أمرا واضحا فى الهدى والاستقامة.

(ه) وفيه «أنه ورّث النساء خِطَطَهُنَ دون الرجال» الخِطَطُ جمع خِطَّةٍ بالكسر ، وهى الأرض يَخْتَطُّها الإنسان لنفسه بأن يعلّم عليها علامة ويَخُطُّ عليها خَطّاً ليعلم أنه قد احتازها ، وبها سمّيت خِطَطُ الكوفة والبصرة. ومعنى الحديث أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أعطى نساء ، منهنّ أمّ عبد خِطَطاً يسكنّها بالمدينة شبه القطائع لا حظّ للرّجال فيها.

(ه) وفى حديث أمّ زرع «وأخذ خَطِّيّاً» الْخَطِّيُ بالفتح : الرّمح المنسوب إلى الخَطُّ ، وهو سيف البحر عند عمان والبحرين ؛ لأنها تحمل إليه وتثقّف به.

(س) وفيه «أنه نام حتى سمع غطيطه أو خَطِيطُهُ» الْخَطِيطُ قريب من الغطيط : وهو صوت النائم. والخاء والغين متقاربتان.

(ه) وفى حديث ابن عباس «خَطَّ الله نوءها» هكذا جاء فى رواية ، وفسر أنه من الْخَطِيطَة ، وهى الأرض التى لا تمطر بين أرضين ممطورتين.

(س) ومنه حديث أبى ذر «نرعى الْخَطَائِطَ ونرد المطائط».

(ه) وفى حديث ابن عمر فى صفة الأرض الخامسة «[فيها](١) حيّات كسلاسل الرّمل ، وكَالْخَطَائِطِ بين الشقائق» الْخَطَائِطُ : الطّرائق ، واحدتها خَطِيطَةٌ.

(خطف) فيه «لينتهين أقوام عن رفع أبصارهم إلى السماء فى الصلاة أو لَتُخْطَفَنَ أبصارهم»

__________________

(١) زيادة من ا

٤٨

الخَطْف : استلاب الشىء وأخذه بسرعة ، يقال خَطِفَ الشىء يَخْطَفُهُ ، واخْتَطَفَهُ يَخْتَطِفُهُ. ويقال خَطَفَ يَخْطِفُ ، وهو قليل.

ومنه حديث أحد «إن رأيتمونا تَخْتَطِفُنَا الطّير فلا تبرحوا» أى تستلبنا وتطير بنا ، وهو مبالغة فى الهلاك.

ومنه حديث الجنّ «يَخْتَطِفُونَ السّمع» أى يسترقونه ويستلبونه. وقد تكرر فى الحديث.

(ه) وفيه «أنه نهى عن المجثّمة والْخَطْفَة» يريد ما اخْتَطَفَ الذئب من أعضاء الشاة وهى حيّة ؛ لأن كلّ ما أبين من حىّ فهو ميّت ، والمراد ما يقطع من أطراف الشّاة ، وذلك أنه لمّا قدم المدينة رأى الناس يجبّون أسنمة الإبل وأليات الغنم ويأكلونها. والْخَطْفَةُ المرّة الواحدة من الخطف ، فسمّى بها العضو المُخْتَطَف.

(س) وفى حديث الرضاعة «لا تحرّم الخَطْفَةُ والْخَطْفَتَانِ» أى الرّضعة القليلة يأخذها الصّبىّ من الثّدى بسرعة.

[ه] وفى حديث عليّ رضى الله عنه «فإذا بين يديه صحفة فيها خَطِيفَة وملبنة» الخَطِيفَة : لبن يطبخ بدقيق ويُخْتَطَفُ بالملاعق بسرعة.

(ه) ومنه حديث أنس «أن أمّ سليم رضى الله عنها كان عندها شعير فجشّته وجعلته خَطِيفَةً للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم».

(س) وفى حديث عليّ رضى الله عنه «نفقتك رياء وسمعة لِلْخَطَّافِ» هو بالفتح والتشديد : الشيطان لأنه يَخْطَفُ السّمع. وقيل هو بضم الخاء على أنه جمع خَاطِفٍ ، أو تشبيها بِالْخُطَّافِ ، وهو الحديدة المعوجّة كالكلّوب يُخْتَطَفُ بها الشىء ، ويجمع على خَطَاطِيفَ.

ومنه حديث القيامة. «فيه خَطَاطِيفُ وكلاليب».

(س) وفى حديث ابن مسعود «لأن أكون نفضت يدىّ من قبور بنىّ أحبّ إلىّ من أن يقع منى بيض (١) الخُطَّاف فينكسر» الْخُطَّافُ : الطائر المعروف. قال ذلك شفقة ورحمة.

__________________

(١) فى الأصل واللسان «... من أن يقع من بيض الخطاف ...» والمثبت من ا.

٤٩

(خطل) فى خطبة عليّ «فركب بهم الزّلل وزيّن لهم الخَطَل» الْخَطَلُ : المنطق الفاسد. وقد خَطِلَ فى كلامه وأَخْطَلَ.

(خطم) فيه «تخرج الدابّة ومعها عصا موسى وخاتم سليمان ، فتجلّى (١) وجه المؤمن بالعصا وتَخْطِمُ أنف الكافر بالخاتم» أى تسمه بها ، من خَطَمْتُ البعير إذا كويته خطّا من الأنف إلى أحد خدّيه ، وتسمى تلك السّمة الْخِطَامَ.

(ه) ومنه حديث حذيفة رضى الله عنه «تأتى الدّابة المؤمن فتسلّم عليه ، وتأتى الكافر فَتَخْطِمُهُ».

(ه) ومنه حديث لقيط فى قيام الساعة والعرض على الله «وأمّا الكافر فَتَخْطِمُهُ بمثل الحمم الأسود» أى تصيب خَطْمَهُ وهو أنفه ، يعنى تصيبه فتجعل له أثرا مثل أثر الْخِطَام فتردّه بصغر (٢). والحمم : الفحم.

وفى حديث الزكاة «فَخَطَمَ له أخرى دونها» أى وضع الْخِطَام فى رأسها وألقاه إليه ليقودها به. خِطَامُ البعير أن يؤخذ حبل من ليف أو شعر أو كتّان فيجعل فى أحد طرفيه حلقة ثم يشدّ فيه الطّرف الآخر حتى يصير كالحلقة ، ثم يقاد البعير ، ثم يثنّى على مَخْطِمِهِ. وأما الذى يجعل فى الأنف دقيقا فهو الزّمام.

وفى حديث كعب «يبعث الله من بقيع الغرقد سبعين ألفا هم خيار من ينحتّ عن خَطْمِهِ المدر» أى تنشق عن وجهه الأرض. وأصل الْخَطْمِ فى السّباع : مقاديم أنوفها وأفواهها ، فاستعارها للنّاس.

ومنه قصيد كعب بن زهير :

كأنّ ما فات عينيها ومذبحها

من خَطْمِهَا ومن الّلحيين برطيل

أى أنفها.

ومنه الحديث «لا يصلى أحدكم وثوبه على أنفه فإنّ ذلك خَطْمُ الشيطان».

(ه) ومنه حديث عائشة «لمّا مات أبو بكر قال عمر : لا يكفّن إلّا فيما أوصى به ،

__________________

(١) فى اللسان : فتحلى. وأشار مصححه إلى أنها فى التهذيب : فتجلو.

(٢) الصغر ـ بالضم ـ الذل والضيم.

٥٠

فقالت عائشة : والله ما وضعت الخطم على أنفنا» أى ما ملكتنا بعد فتنهانا أن نصنع ما نريد. والْخُطُمُ جمع خِطَامٍ ، وهو الحبل الذى يقاد به البعير.

وفى حديث شدّاد بن أوس «ما تكلّمت بكلمة إلا وأنا أَخْطِمُهَا» أى أربطها وأشدّها ، يريد الاحتراز فيما يقوله ، والاحتياط فيما يلفظ به.

وفى حديث الدجّال «خبأت لكم خَطْمَ شاة».

(ه) وفيه «أنه وعد رجلا أن يخرج إليه فأبطأ عليه ، فاما خرج قال : شغلنى عنك خَطْمٌ» قال ابن الأعرابى : هو الخطب الجليل. وكأنّ الميم فيه بدل من الباء. ويحتمل أن يراد به أمر خَطَمَهُ أى منعه من الخروج.

وفيه «أنّه كان يغسل رأسه بِالْخِطْمِيِ وهو جنب ، يجتزئ بذلك ولا يصبّ عليه الماء» أى أنه كان يكتفى بالماء الذى يغسل به الْخَطْمِي وينوى به غسل الجنابة ، ولا يستعمل بعده ماء آخر يخص به الغسل.

(خطا) فى حديث الجمعة «رأى رجلا يَتَخَطَّى رقاب النّاس» أى يَخْطُو خُطْوَةً خُطْوَةً. والْخُطْوَةُ بالضم : بعد ما بين القدمين فى المشى ، وبالفتح المرّة (١). وجمع الْخُطْوَةِ فى الكثرة خُطاً ، وفى القلّة خُطْوَات بسكون الطاء وضمها وفتحها.

ومنه الحديث «وكثرة الْخُطَا إلى المساجد» وخُطُوَات الشيطان (٢).

(باب الخاء مع الظاء)

(خظا) فى حديث سجاح امرأة مسيلمة «خَاظِي البضيع» يقال خَظَا لحمُهُ يَخْظُو أى اكتنز. ويقال لحمه خَظاً بظا : أى مكتنز ، وهو فعل ، والبضيع : اللحم.

__________________

(١) وجمعها. خطوات بالتحريك ، وخطاء بالكسر. كما فى اللسان.

(٢) كذا فى الأصل وا. والذى فى اللسان : وقوله عزوجل (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) قيل هى طرقه ، أى لا تسلكوا الطريق التى يدعوكم إليها.

٥١

(باب الخاء مع الفاء)

(خفت) [ه] فى حديث أبى هريرة رضى الله عنه «مثل المؤمن كمثل خَافِتِ الزرع يميل مرّة ويعتدل أخرى» وفى رواية «كمثل خَافِتَةِ الزرع» الْخَافِتُ : والْخَافِتَةُ ما لان وضعف من الزرع الغضّ ، ولحوق الهاء على تأويل السّنبلة. ومنه خَفَتَ الصّوت إذا ضعف وسكن. يعنى أن المؤمن مرزّا فى نفسه وأهله وماله ، ممنوّ بالأحداث فى أمر دنياه. ويروى كمثل خامة الزّرع. وستجىء فى بابها.

[ه] ومنه الحديث «نوم المؤمن سبات ، وسمعه خُفَاتٌ» أى ضعيف لا حسّ له.

ومنه حديث معاوية وعمرو بن مسعود «سمعه خُفَاتٌ ، وفهمه تارات».

ومنه حديث عائشة رضى الله عنها قالت «ربّما خَفَتَ النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقراءته ، وربّما جهر».

وحديثها الآخر «أنزلت «وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها» فى الدّعاء» وقيل فى القراءة. والْخَفْتُ ضدّ الجهر.

وفى حديثها الآخر «نظرت إلى رجل كاد يموت تَخَافُتاً ، فقالت ما لهذا؟ فقيل إنه من القرّاء» التَّخَافُتُ : تكلّف الْخُفُوت ، وهو الضّعف والسّكون وإظهاره من غير صحّة.

ومنه حديث صلاة الجنازة «كان يقرأ فى الركعة الأولى بفاتحة الكتاب مُخَافَتَة» هو مفاعلة منه.

(خفج) فى حديث عبد الله بن عمرو «فإذا هو يرى التّيوس تنبّ على الغنم خَافِجَةً» الخَفَجُ : السّفاد. وقد يستعمل فى النّاس. ويحتمل أن يكون بتقديم الجيم على الخاء ، وهو أيضا ضرب من المباضعة.

(خفر) (ه) فيه «من صلى الغداة فإنه فى ذمّة الله فلا تُخْفِرُنَ الله فى ذمّته» خَفَرْت الرجل : أجرته وحفظته. وخَفَرْتُهُ إذا كنت له خَفِيراً ، أى حاميا وكفيلا. وتَخَفَّرت به إذا استجرت به. والْخُفَارَةُ ـ بالكسر والضم ـ : الذّمام. وأَخْفَرْتُ الرجل ، إذا نقضتَ عهده وذمامه. والهمزة فيه

٥٢

للإزالة : أى أزلت خِفَارَتَهُ ، كأشكيته إذا أزلت شكايته ، وهو المراد فى الحديث.

ومنه حديث أبى بكر «من ظلم أحدا من المسلمين فقد أَخْفَرَ الله» وفى رواية «ذمّة الله».

(ه) وحديثه الآخر «من صلى الصبح فهو فى خُفْرَةِ الله» أى فى ذمته.

(س) وفى بعض الحديث «الدّموع خُفَرُ العيون» الْخُفَرُ : جمع خُفْرَةٍ ، وهى الذّمّة : أى أنّ الدّموع التى تجرى خوفا من الله تجير العيون من النار ، لقوله عليه الصلاة والسلام «عينان لا تمسّهما النّار : عين بكت من خشية الله تعالى».

(س) وفى حديث لقمان بن عاد «حيىّ خَفِرٌ» أى كثير الحياء. والخَفَرُ بالفتح : الحياء.

(س) ومنه حديث أم سلمة لعائشة «غضّ الأطراف وخَفَرَ الإعراض» أى الحياء من كل ما يكره لهنّ أن ينظرن إليه ، فأضافت الْخَفَر إلى الإعراض : أى الذى تستعمله لأجل الإعراض. ويروى الأعراض بالفتح : جمع العرض : أى إنهنّ يستحيين ويتستّرن لأجل أعراضهن وصونها.

(خفش) (س) فى حديث عائشة «كأنهم معزى مطيرة فى خَفْشٍ» قال الخطّابى : إنّما هو الْخَفَشُ ، مصدر خَفِشَتْ عينه خَفَشاً إذا قلّ بصرها ، وهو فساد فى العين يضعف منه نورها ، وتغمص دائما من غير وجع : تعنى أنهم فى عمى وحيرة ، أو فى ظلمة ليل. وضربت المعزى مثلا لأنها من أضعف الغنم فى المطر والبرد.

ومنه كتاب عبد الملك إلى الحجاج «قاتلك الله أُخَيْفِش العينين» هو تصغير الْأَخْفَشِ. وقد تكرر فى الحديث.

(خفض) فى أسماء الله تعالى «الخَافِضُ» هو الذى يَخْفِضُ الجبّارين والفراعنة : أى يضعهم ويهينهم ، ويَخْفِضُ كلّ شىء يريد خَفْضَهُ. والخَفْضُ ضدّ الرّفع.

ومنه الحديث «إن الله يَخْفِضُ القسط ويرفعه» القسط : العدل ينزله إلى الأرض مرّة ويرفعه أخرى.

ومنه حديث الدّجّال «فرفّع فيه وخَفَّضَ» أى عظّم فتنته ورفع قدرها ، ثم وهّن أمره وقدره وهوّنه. وقيل : أراد أنه رفع صوته وخَفَضه فى اقتصاص أمره.

٥٣

ومنه حديث وفد تميم «فلما دخلوا المدينة بهش إليهم النّساء والصّبيان يبكون فى وجوههم فَأَخْفَضَهُمْ ذلك» أى وضع منهم. قال أبو موسى : أظنّ الصّواب بالحاء المهملة والظاء المعجمة : أى أغضبهم.

وفى حديث الإفك «ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يُخَفِّضُهُمْ» أى يسكّنهم ويهوّن عليهم الأمر ، من الخَفْضِ : الدّعة والسّكون.

(س) ومنه حديث أبى بكر «قال لعائشة فى شأن الإفك : «خَفِّضِي عليك» أى هوّنى الأمر عليك ولا تحزنى له.

(ه) وفى حديث أم عطية «إذا خَفَضْتِ فأشمّى» الخَفْضُ للنساء كالختان للرّجال. وقد يقال للخائن خَافِضٌ ، وليس بالكثير.

(خفف) فيه «إنّ بين أيدينا عقبة كؤودا لا يجوزها إلا المُخِفُ» يقال أَخَفَ الرجل فهو مُخِفٌ وخِفٌ وخَفِيفٌ ، إذا خَفَّت حاله ودابّته ، وإذا كان قليل الثّقل ، يريد به الْمُخِفَّ من الذّنوب وأسباب الدنيا وعلقها.

[ه] ومنه الحديث الآخر «نجا المُخِفُّونَ».

(ه) ومنه حديث عليّ ، لمّا استخلفه النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى غزوة تبوك ، قال «يا رسول الله يزعم المنافقون أنك استثقلتنى وتَخَفَّفْتَ منّى» أى طلبت الخِفَّةَ بترك استصحابى معك.

(س) وفى حديث ابن مسعود «أنه كان خَفِيفَ ذات اليد» أى فقيرا قليل المال والحظّ من الدنيا. ويجمع الْخَفِيفُ على أَخْفَافٍ.

(س) ومنه الحديث «خرج شبّان أصحابه وأَخْفَافُهُمْ حسّرا» وهم الذين لا متاع معهم ولا سلاح. ويروى خِفَافهم وأَخِفَّاؤُهُمْ ، وهما جمع خَفِيفٍ أيضا.

وفى حديث خطبته فى مرضه «أيّها الناس إنه قد دنا منّى خُفُوفٌ من بين أظهركم» أى حركة وقرب ارتحال. يريد الإنذار بموته صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٥٤

(س) ومنه حديث ابن عمر «قد كان مني خُفُوفٌ» أى عجلة وسرعة سير.

(س) ومنه الحديث «لما ذكر له قتل أبى جهل اسْتَخَفَّهُ الفرح» أى تحرّك لذلك وخَفَّ. وأصله السّرعة.

[ه] ومنه قول عبد الملك لبعض جلسائه «لا تغتابنّ عندى الرّعيّة فإنه لا يُخِفُّنِي» أى لا يحملنى على الْخِفَّةِ فأغضب لذلك.

وفيه «كان إذا بعث الخرّاص قال خَفِّفُوا الخرص ، فان فى المال العريّة والوصية» أى لا تستقصوا عليهم فيه ، فانهم يطعمون منها ويوصون.

(ه) وفى حديث عطاء «خَفِّفُوا على الأرض» وفى رواية «خِفُّوا» أى لا ترسلوا أنفسكم فى السّجود إرسالا ثقيلا فيؤثّر فى جباهكم.

(ه) ومنه حديث مجاهد «إذا سجدت فَتَخَافَ» أى ضع جبهتك على الأرض وضعا خَفِيفاً. ويروى بالجيم ، وقد تقدم.

(ه) وفيه «لا سبق إلّا فى خُفٍ أو نصل أو حافر» أراد بالخُفِ الإبل ، ولا بدّ من حذف مضاف : أى فى ذى خُفٍّ وذى نصل وذى حافر. والخُفُ للبعير كالحافر للفرس.

ومنه الحديث الآخر «نهى عن حمى الأراك إلّا ما لم تنله أَخْفَافُ الإبل» أى ما لم تبلغه أفواهها بمشيها إليه. قال الأصمعىّ : الخُفُ : الجمل المسن ، وجمعه أَخْفَافٌ : أى ما قرب من المرعى لا يحمى ، بل يترك لمسانّ الإبل وما فى معناها من الضّعاف التى لا تقوى على الإمعان فى طلب المرعى.

وفى حديث المغيرة «غليظة الْخُفُ» استعار خُفَّ البعير لقدم الإنسان مجازا.

(خفق) (ه) فيه «أيّما سريّة غزت فَأَخْفَقت كان لها أجرها مرّتين» الْإِخْفَاقُ : أن يغزو فلا يغنم شيئا ، وكذلك كلّ طالب حاجة إذا لم تقض له. وأصله من الخَفْقِ : التحرّك : أى صادفت الغنيمة خَافِقَةً غير ثابتة مستقرة.

(ه) وفى حديث جابر «يخرج الدّجال فى خَفْقَةٍ من الدّين وإدبار من العلم» أى فى حال

٥٥

ضعف من الدّين وقلّة أهله ، من خَفَقَ الليل إذا ذهب أكثره ، أو خَفَقَ إذا اضطرب ، أو خَفَقَ إذا نعس. هكذا ذكره الهروى عن جابر. وذكره الخطّابى عن حذيفة بن أسيد.

(س) ومنه الحديث «كانوا ينتظرون العشاء حتى تَخْفِقَ رؤوسهم» أى ينامون حتى تسقط أذقانهم على صدورهم وهم قعود. وقيل هو من الْخُفُوقِ : الاضطراب.

وفى حديث منكر ونكير «إنّه ليسمع خَفْقَ نعالهم حين يولّون عنه» يعنى الميّت : أى يسمع صوت نعالهم على الأرض إذا مشوا. وقد تكرر فى الحديث.

ومنه حديث عمر «فضربهما بِالْمِخْفَقَةِ ضربات وفرّق بينهما» الْمِخْفَقَةُ : الدّرّة.

(ه) وفى حديث عبيدة السّلمانى «سئل ما يوجب الغسل؟ قال : الخَفْقُ والخلاط» الْخَفْقُ : تغييب القضيب فى الفرج ، من خَفَقَ النجم وأَخْفَقَ إذا انحطّ فى المغرب. وقيل : هو من الْخَفْق : الضّرب.

(ه) وفيه «منكبا إسرافيل يحكّان الْخَافِقَيْنِ» هما طرفا السماء والأرض. وقيل المغرب والمشرق. وخَوَافِق السماء : الجهات التى تخرج منها الرّياح الأربع.

(خفا) (ه) فيه «أنه سأل عن البرق فقال : أخَفْواً أم وميضا» خَفَا البرق يَخْفُو ويَخْفِي خَفْواً وخَفْياً إذا برق برقا ضعيفا.

(ه) وفيه «ما لم تصطبحوا أو تغتبقوا ، أو تَخْتَفُوا بقلا» أى تظهرونه. يقال اخْتَفَيْتُ الشىء إذا أظهرته (١) ، وأَخْفَيْتُهُ إذا سترته. ويروى بالجيم والحاء ، وقد تقدم.

ومنه الحديث «أنه كان يُخْفِي صوته بآمين» رواه بعضهم بفتح الياء من خَفَى يَخْفِي إذا أظهر ، كقوله تعالى «إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها» فى إحدى القراءتين.

(ه) وفيه «إن الحزاءة تشتريها أكايس النساء لِلْخَافِيَةِ والإقلات» الْخَافِيَةُ : الجنّ ، سمّوا بذلك لاستتارهم عن الأبصار.

(ه) ومنه الحديث «لا تحدثوا فى القرع فإنه مصلّى الْخَافِين» أى الجنّ. والقرع بالتحريك : قطع من الأرض بين الكلأ لا نبات فيها.

__________________

(١) فى الدر النثير : «عبارة ابن الجوزى فى قولك اختفيت الشىء أى استخرجته». ومثله فى اللسان

٥٦

(س) وفيه «أنه لعن الْمُخْتَفِي والْمُخْتَفِيَةَ» الْمُخْتَفِي : النّبّاش عند أهل الحجاز ، وهو من الِاخْتِفَاءُ : الاستخراج ، أو من الاستتار ؛ لأنه يسرق فى خُفْيَةٍ.

(س) ومنه الحديث الآخر «من اخْتَفَى ميّتا فكأنما قتله».

(س) وحديث على بن رباح «السّنّة أن تقطع اليد الْمُسَتَخْفِيَةُ ولا تقطع اليد المستعلية» يريد بِالْمُسْتَخْفِيَةِ يد السارق والنبّاش ، وبالمستعلية يد الغاصب والناهب ومن فى معناهما.

(س) وفى حديث أبى ذرّ «سقطت كأنى خِفَاء» الْخِفَاء : الكساء ، وكل شىء غطّيت به شيئا فهو خِفَاءٌ.

وفيه «إنّ الله يحبّ العبد التّقىّ الغنىّ الْخَفِيَ» هو المعتزل عن الناس الذى يَخْفَى عليهم مكانه.

ومنه حديث الهجرة «أَخْفِ عنّا» أى استر الخبر لمن سألك عنّا.

(س) ومنه الحديث «خير الذّكر الْخَفِيُ» أى ما أَخْفَاهُ الذاكر وستره عن الناس. قال الحربى : والذى عندى أنه الشّهرة وانتشار خبر الرجل ؛ لأن سعد بن أبى وقّاص أجاب ابنه عمر على ما أراده عليه ودعاه إليه من الظّهور وطلب الخلافة بهذا الحديث.

(س) وفيه «إنّ مدينة قوم لوط حملها جبريل عليه‌السلام على خَوَافِي جناحه» هى الريش الصّغار التى فى جناح الطائر ، ضدّ القوادم ، واحداتها خَافِيَةٌ.

(س) ومنه حديث أبى سفيان «ومعى خنجر مثل خَافِيَةِ النّسر» يريد أنه صغير.

(باب الخاء مع القاف)

(خقق) (ه) فيه «فوقصت به ناقته فى أَخَاقِيق جرذان فمات» الْأَخَاقِيقُ : شقوق فى الأرض كالأخاديد ، واحدها أُخْقُوقٌ. يقال خَقَ فى الأرض وخدّ بمعنى. وقيل إنما هى لخاقيق ، واحدها لخقوق ، وصحّح الأزهرى الأوّل وأثبته.

٥٧

(ه) وفى حديث عبد الملك «كتب إلى الحجّاج : أما بعد فلا تدع خَقّاً من الأرض ولا لقّا إلّا زرعته» الخَقُ : الجحر ، واللّقّ بالفتح : الصّدع.

(باب الخاء مع اللام)

(خلأ) (ه) فى حديث الحديبية «أنه بركت به راحلته فقالوا خَلَأَتِ القصواء ، فقال ما خَلَأَت القصواء ، وما ذاك لها بخلق ، ولكن حبسها حابس الفيل» الخِلَاءُ للنّوق كالإلحاح للجمال ، والحران للدّوابّ. يقال : خَلَأَت الناقة ، وألحّ الجمل ، وحرن الفرس.

(ه) وفى حديث أمّ زرع «كنت لك كأبى زرع لأمّ زرع فى الألفة والرّفاء ، لا فى الفرقة والْخِلَاء» الْخِلَاءُ بالكسر والمد : المباعدة والمجانبة.

(خلب) (ه) فيه «أتاه رجل وهو يخطب ، فنزل إليه وقعد على كرسى خُلْبٍ قوائمه من حديد» الْخُلْب : اللّيف ، واحدته خُلْبَةٌ.

ومنه الحديث «وأمّا موسى فجعد آدم على جمل أحمر مخطوم بِخُلْبَةٍ» وقد يسمّى الحبل نفسه خُلْبَة.

ومنه الحديث «بليف خُلْبَة» على البدل.

وفيه «أنه كان له وسادة حشوها خُلْب» وفى حديث الاستسقاء «اللهم سقيا غير خُلَّبٍ برقها» أى خال عن المطر. الْخُلَّب : السّحاب يومض برقه حتى يرجى مطره ، ثم يخلف ويقلع وينقشع ، وكأنه من الخِلَابَة وهى الخداع بالقول اللطيف.

(س) ومنه حديث ابن عباس «كان أسرع من برق الْخُلَّب» إنما خصّه بالسّرعة لخفّته بخلوّه من المطر.

(ه) ومنه الحديث «إذا بعت فقل لا خِلَابَةَ» أى لا خداع. وجاء فى رواية «فقل لا خيابة» بالياء ، وكأنها لثغة من الراوى أبدل اللام ياء.

٥٨

ومنه الحديث «إنّ بيع المحفّلات خِلَابَةٌ ، ولا تحلّ خِلَابَةُ مسلم» والمحفّلات : التى جمع لبنها فى ضرعها.

(ه) ومنه الحديث (١) «إذا لم تغلب فَاخْلُبْ» أى إذا أعياك الأمر مغالبة فاطلبه مخادعة.

ومنه الحديث «إن كان خَلَبَهَا».

(ه) وفى حديث طهفة «ونَسْتَخْلِبُ الخبير» أى نحصده ونقطعه بِالْمِخْلَبِ ، وهو المنجل ، والخبير : النّبات.

(س) وفى حديث ابن عباس وقد حاجّه عمر فى قوله تعالى «تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ» فقال عمر : حامية ، فأنشد ابن عباس لتبّع :

فرأى مغار الشّمس عند غروبها

فى عين ذى خُلُبٍ وثأط حرمد

الْخُلُب : الطّين اللّزج والحمأة.

(خلج) (ه) فيه «أنه صلّى صلاة فجهر فيها بالقراءة وجهر خلفه قارىء ، فقال : لقد ظننت أنّ بعضهم خَالَجَنِيهَا» أى نازعنيها. وأصل الخَلْجِ : الجذب والنّزع.

(ه) ومنه الحديث «ليردنّ علىّ الحوض أقوام ثم لَيُخْتَلَجُنَ دونى» أى يجتذبون ويقتطعون.

(ه) ومنه الحديث «يَخْتَلِجُونَهُ على باب الجنة» أى يجتذبونه.

ومنه حديث عمار وأمّ سلمة «فَاخْتَلجهَا من جحرها».

ومنه حديث عليّ رضى الله عنه فى ذكر الحياة «إن الله تعالى جعل الموت خَالِجاً لأشطانها» أى مسرعا فى أخذ حبالها.

وحديثه الآخر «تنكّب الْمَخَالِجَ عن وضح السّبيل» أى الطّرق المتشعّبة عن الطّريق الأعظم الواضح.

__________________

(١) هو فى الهروى واللسان والتاج مثل. قال فى اللسان : «ويروى فاخلب بالكسر. ومعناه على الضم : اخدع. وعلى الكسر : انتش قليلا شيئا يسيرا بعد شىء ، كأنه أخذ من مخلب الجارحة».

٥٩

وحديث المغيرة «حتى تروه يَخْلِجُ فى قومه أو يحلج» أى يسرع فى حبّهم. يروى بالخاء والحاء. وقد تقدّم.

(ه) ومنه الحديث «فحنّت الخشبة حنين النّاقة الْخَلُوج» هى التى اخْتُلِجَ ولدها : أى انتزع منها.

(ه) ومنه حديث أبى مجلز «إذا كان الرجل مُخْتَلِجاً فسرّك أن لا تكذب فانسبه إلى أمّه» : يقال رجل مُخْتَلِجٌ إذا نوزع فى نسبه ، كأنه جذب منهم وانتزع. وقوله فانسبه إلى أمّه يريد إلى رهطها وعشيرتها ، لا إليها نفسها.

وفى حديث عدى قال له عليه الصلاة والسلام «لا يَخْتَلِجنّ فى صدرك طعام» أى لا يتحرّك فيه شىء من الرّيبة والشّك. ويروى بالحاء ، وقد تقدّم. وأصل الِاخْتِلَاجِ : الحركة والاضطراب.

وفى حديث عائشة ، وسئلت عن لحم الصّيد للمحرم فقالت : «إن تَخَلَّجَ فى نفسك شىء فدعه».

(س) ومنه الحديث «ما اخْتَلَجَ عرق إلّا ويكفّر الله به».

(س) وفى حديث عبد الرحمن بن أبى بكر «إنّ الحكم بن أبى العاص بن أميّة أبا مروان كان يجلس خلف النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فإذا تكلّم اخْتَلَجَ بوجهه ، فرآه فقال له : كن كذلك ، فلم يزل يَخْتَلِجُ حتى مات» أى كان يحرّك شفتيه وذقنه استهزاء وحكاية لفعل النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فبقى يرتعد ويضطرب إلى أن مات.

وفى رواية «فضرب به شهرين ، ثم أفاق خَلِيجاً» أى صرع ثم أفاق مُخْتَلِجاً قد أخذ لحمه وقوّته. وقيل مرتعشا.

(ه) وفى حديث شريح «إنّ نسوة شهدن عنده على صبىّ وقع حيّا يَتَخَلَّجُ» أى يتحرّك.

(ه) وحديث الحسن «أنه رأى رجلا يمشى مشية أنكرها ، فقال : تَخَلَّجَ فى مشيته خَلَجَانَ المجنون» الخَلَجَانُ بالتّحريك : مصدر ، كالنّزوان.

٦٠