النّهاية - ج ٢

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٢

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٥٢٦

هى ما كانت قريش تَسْقِيهِ الحجّاج من الزّبيب المنبوذ فى الماء ، وكان يليها العباس بن عبد المطلب فى الجاهلية والإسلام.

وفيه «أنه خرج يَسْتَسْقِي فقلب رداءه» قد تكرر ذكر الِاسْتِسْقَاء فى الحديث فى غير موضع. وهو استفعال من طلب السُّقْيَا : أى إنزال الغيث على البلاد والعباد. يقال سَقَى الله عباده الغيث ، وأَسْقَاهُمْ. والاسم السُّقْيَا بالضم. واسْتَسْقَيْتُ فلانا إذا طلبت منه أن يَسْقِيَكَ.

(ه) وفى حديث عثمان «وأبلغت الرّاتع مِسْقَاته» الْمِسْقَاةُ بالفتح والكسر : موضع الشّرب. وقيل هو بالكسر آلة الشّرب ، يريد أنه رفق برعيّته ولان لهم فى السّياسة ؛ كمن خلّى المال يرعى (١) حيث شاء ثم يبلغه المورد فى رفق.

وفى حديث عمر «أن رجلا من بنى تميم قال له : يا أمير المؤمنين اسْقِنِي شبكة على ظهر جلّال بقلّة الحزن» الشَّبَكَة : بئار مجتمعة ، واسْقِنِي أى اجعلها لى سُقْيَا وأقطعنيها تكون لى خاصّة.

ومنه الحديث «أعجلتهم أن يشربوا سِقْيَهُمْ» هو بالكسر اسم الشىء الْمُسْقَى.

ومنه حديث معاذ فى الخراج «وإن كان نشر أرض يسلم عليها صاحبها ، فإنه يخرج منها ما أعطى نشرها ربع الْمَسْقَوِيِ وعشر المظمئىّ» الْمَسْقَوِيُ ـ بالفتح وتشديد الياء من الزرع ـ ما يسقى بالسّيح. والمظمئىّ ما تسقيه السماء. وهما فى الأصل مصدرا أسقى وأظمأ ، أو سقى وظمئ منسوبا إليهما.

ومنه حديثه الآخر «إنه كان إمام قومه ، فمرّ فتى بناضحه يريد سَقِيّاً» وفى رواية «يريد سَقِيَّة» السَّقِيُ والسَّقِيَّةُ : النخل الذى يسقى بِالسَّوَاقِي : أى بالدّوالى.

(ه) وفى حديث عمر «قال لمحرم قتل ظبيا : خذ شاة من الغنم فتصدّق بلحمها ، وأَسْقِ إهابها» أى أعط جلدها من يتّخذه سقاء. والسِّقَاءُ : ظرف الماء من الجلد ، ويجمع على أَسْقِيَةٍ ، وقد تكرر ذكره فى الحديث مفردا ومجموعا.

__________________

(١) عبارة الهروى : ترعى حيث شاءت ثم يبلغها .... الخ اه. والمال أكثر ما يطلق عند العرب على الإبل.

٣٨١

وفى حديث معاوية «إنه باع سِقَايَة من ذهب بأكثر من وزنها» السِّقَايَةُ : إناء يشرب فيه.

(س) وفى حديث عمران بن حصين «أنه سُقِيَ بطنه ثلاثين سنة» يقال سُقِيَ بطنه ، وسَقَى بطنه ، واسْتَسْقَى بطنه : أى حصل فيه الماء الأصفر. والاسم السِّقْيُ بالكسر. والجوهرى لم يذكر إلّا سقى بطنه واستسقى.

(س) وفى حديث الحج «وهو قائل السُّقْيَا» السُّقْيَا : منزل بين مكة والمدينة. قيل هى على يومين من المدينة.

(س) ومنه الحديث «أنه كان يستعذب له الماء من بيوت السُّقْيَا».

(س) وفيه «أنه تفل فى فم عبد الله بن عامر وقال : أرجو أن تكون سِقَاءً» أى لا تعطش.

(باب السين مع الكاف)

(سكب) (ه) فيه «كان له فرس يسمّى السَّكْبَ» يقال فرس سَكْبٌ أى كثير الجرى كأنما يصب جريه صبّا. وأصله من سَكَبَ الماء يَسْكُبُهُ.

(ه) ومنه حديث عائشة «أنه كان يصلى فيما بين العشاءين (١) حتى ينصدع الفجر إحدى عشرة ركعة ، فإذا سَكَبَ المؤذن بالأولى من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين» أرادت إذا أذّن ، فاستعير السّكب للإفاضة فى الكلام ، كما يقال أفرغ فى أذنى حديثا : أى ألقى وصبّ.

(ه) وفى بعض الحديث «ما أنا بمنط عنك شيئا يكون على أهل بيتك سبّة سَكْباً (٢)» يقال : هذا أمر سَكْبٌ : أى لازم. وفى رواية «انّا نميط عنك شيئا».

__________________

(١) كذا فى الأصل وا والفائق ١ / ٦٠٥ والذى فى اللسان «فيما بين العشاء إلى انصداع الفجر» ورواية الهروى «كان يصلى كذا وكذا ركعة فإذا سكب المؤذن ... الخ».

(٢) كذا فى الأصل وا والدر النثير والهروى. والذى فى اللسان «سنّة».

٣٨٢

(سكت) (ه) فى حديث ماعز «فرميناه بجلاميد الحرّة حتى سَكَتَ» أى سكن ومات.

(س) وفيه «ما تقول فى إِسْكَاتَتِكَ» هى إفعالة ، من السُّكُوتِ ، معناها سُكُوتٌ يقتضى بعده كلاما أو قراءة مع قصر المدّة. وقيل أراد بهذا السكوت ترك رفع الصوت بالكلام ، ألا تراه قال : ما تقول فى إِسْكَاتَتِكَ : أى سُكُوتِكَ عن الجهر ، دون السّكوت عن القراءة والقول.

(س) وفى حديث أبى أمامة «وأَسْكَتَ واستغضب ومكث طويلا» أى أعرض ولم يتكلّم. يقال تكلّم الرجل ثم سَكَتَ بغير ألف ، فإذا انقطع كلامه فلم يتكلم قيل أَسْكَتَ.

(سكر) (ه) فيه «حرمت الخمر بعينها ، والسَّكَرُ من كل شراب» السَّكَرُ بفتح السين والكاف : الخمر المعتصر من العنب ، هكذا رواه الأثبات. ومنهم من يرويه بضم السين وسكون الكاف ، يريد حالة السَّكْرَانِ ، فيجعلون التحريم لِلسُّكْرِ لا لنفس الْمُسْكِر فيبيحون قليله الذى لا يُسْكِر. والمشهور الأول. وقيل السَّكَرُ بالتحريك : الطّعام. قال الأزهرى : أنكر أهل اللغة هذا ، والعرب لا تعرفه.

ومنه حديث أبى وائل «أن رجلا أصابه الصّفر فنعت له السَّكَرُ ، فقال : إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرّم عليكم».

(س) وفيه «أنه قال للمستحاضة لمّا شكت إليه كثرة الدّم : اسْكُرِيهِ» أى سدّيه بخرقة وشدّيه بعصابة ، تشبيها بسكر الماء.

(سكرك) فيه «أنه سئل عن الغبيراء فقال : لا خير فيها» ونهى عنها. قال مالك : فسألت زيد بن أسلم ما الغبيراء؟ فقال : «هى السُّكُرْكَةُ» هى بضم السين والكاف وسكون الراء : نوع من الخمور يتّخذ من الذّرة. قال الجوهرى : «هى خمر الحبش» ، وهى لفظة حبشية ، وقد عرّبت فقيل السّقرقع. وقال الهروى :

(ه) وفى حديث الأشعرى «وخمر الحبش السُّكُرْكَة».

٣٨٣

(سكرج) فيه «لا آكل فى سُكُرُّجَةٍ» هى بضم السين والكاف والراء والتشديد : إناء صغير يؤكل فيه الشىء القليل من الأدم ، وهى فارسية. وأكثر ما يوضع فيها الكوامخ (١) ونحوها.

(سكع) فى حديث أم معبد

وهل يستوى ضلّال قوم تَسَكَّعُوا

أى تحيّروا. والتَّسَكُّعُ : التمادى فى الباطل.

(سكك) (ه) فيه «خير المال سِكَّةٌ مأبورة» السِّكَّةُ : الطريقة المصطفّة من النّخل. ومنها قيل للأزقّة سِكَكٌ لاصطفاك الدّور فيها. والمأبورة : الملقحة.

(ه) وفيه «أنه نهى عن كسر سِكَّةِ المسلمين الجائزة بينهم» أراد الدّنانير والدراهم المضروبة ، يسمّى كل واحد منهما سِكَّة ، لأنه طبع بالحديدة. واسمها السِّكَّةُ والسكُ. وقد تقدم معنى هذا الحديث فى بأس من حرف الباء.

(ه) وفيه «ما دخلت السِّكَّة دار قوم إلّا ذلّوا» هى التى تحرث بها الأرض : أى أن المسلمين إذا أقبلوا على الدّهقنة والزراعة شغلوا عن الغزو ، وأخذهم السّلطان بالمطالبات والجبايات. وقريب من هذا الحديث قوله «العزّ فى نواصى الخيل ، والذّلّ فى أذناب البقر».

(س) وفيه «أنه مرّ بجدى أَسَكَ» أى مصطلم الأذنين مقطوعهما.

(ه) وفى حديث الخدرى «أنه وضع يديه على أذنيه وقال : اسْتَكَّتَا إن لم أكن سمعت النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول الذّهب بالذّهب» الحديث : أى صمّتا. والِاسْتِكَاكُ الصّمم وذهاب السّمع ، وقد تكرر ذكره فى الحديث.

(ه) وفي حديث عليّ «أنه خطب الناس على منبر الكوفة وهو غير مَسْكُوكٍ» أى غير مسمّر بمسامير الحديد. والسَّكُ : تضبيب الباب. والسَّكِّيُ : المسمار. ويروى بالشين ، وهو المشدود.

وفى حديث عائشة «كنا نضمّد جباهنا بِالسُّكِ المطيّب عند الإحرام» هو طيب معروف يضاف إلى غيره من الطّيب ويستعمل.

__________________

(١) هى ما يؤتدم به. مفردها : كامخ ، بفتح الميم ، وربما كسرت ، وهو معرب. (المصباح).

٣٨٤

(ه) وفى حديث الصّبية المفقودة «قالت : فحملنى على خافية من خوافيه ثم دوّم بى فى السُّكَاكِ» السُّكَاكُ والسُّكَاكَةُ : الجوّ ، وهو ما بين السماء والأرض.

ومنه حديث عليّ «شقّ الأرجاء وسَكَائِكَ الهواء» السَّكَائِكُ : جمع السُّكَاكَةِ ، وهى السُّكَاكُ ، كذؤابة وذوائب.

(سكن) قد تكرر فى الحديث ذكر «الْمِسْكِين ، والْمَسَاكِين ، والْمَسْكَنَة ، والتَّمَسْكُن» وكلها يدور معناها على الخضوع والذّلة ، وقلّة المال ، والحال السّيئة. واسْتَكَانَ إذا خضع. والْمَسْكَنَةُ : فقر النّفس. وتَمَسْكَنَ إذا تشبّه بِالْمَسَاكِينِ ، وهم جمع الْمِسْكِينِ ، وهو الذى لا شىء له. وقيل هو الذى له بعض الشّىء. وقد تقع الْمَسْكَنَةُ على الضّعف.

(ه) ومنه حديث قيلة «قال لها : صدقت الْمِسْكِينَةُ» أراد الضعف ولم يرد الفقر (١).

(ه) وفيه «اللهمّ أحينى مِسْكِيناً ، وأمتنى مِسْكِيناً ، واحشرنى فى زمرة الْمَسَاكِين» أراد به التّواضع والإخبات ، وأن لا يكون من الجبّارين المتكبّرين.

(ه) وفيه «أنه قال للمصلى : تبأّس وتَمَسْكَنْ» أى تذلّل وتخضّع ، وهو تمفعل من السكون. والقياس أن يقال تسكّن وهو الأكثر الأفصح. وقد جاء على الأوّل أحرف قليلة ، قالوا : تمدرع وتمنطق وتمندل (٢).

(س) وفى حديث الدّفع من عرفة «عليكم السَّكِينَةُ» أى (٣) الوقار والتّأنى فى الحركة والسير.

(س) وفى حديث الخروج إلى الصلاة «فليأت وعليه السَّكِينَة».

وفى حديث زيد بن ثابت «كنت إلى جنب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فغشيته السَّكِينَة» يريد ما كان يعرض له من السّكون والغيبة عند نزول الوحى.

(ه) وحديث ابن مسعود «السَّكِينَةُ مغنم وتركها مغرم» وقيل أراد بها هاهنا الرّحمة.

__________________

(١) قال الهروى : «وفى بعض الروايات أنه قال لقيلة : «يا مِسْكِينَةُ عليك السَّكِينَةَ». أراد : عليك الوقار.

يقال : رجل وديع ساكن : وقور هادئ» اه. وانظر لهذه الرواية اللسان.

(٢) من المدرعة والمنطقة والمنديل. والقياس : تدرّع وتنطق وتندّل.

(٣) فى ا واللسان : والوقار.

٣٨٥

(س) ومنه حديثه الآخر «ما كنا نبعد أن السَّكِينَة تنطق على لسان عمر» وفى رواية : «كنّا أصحاب محمد لا نشكّ أن السَّكِينَة تَكَلَّمُ على لسان عمر!» قيل هو من الوقار والسّكون. وقيل الرّحمة. وقيل أراد السَّكِينَةَ التى ذكرها الله فى كتابه العزيز. قيل فى تفسيرها أنها حيوان له وجه كوجه الإنسان مجتمع ، وسائرها خلق رقيق كالرّيح والهواء. وقيل هى صورة كالهرّة كانت معهم فى جيوشهم ، فإذا ظهرت انهزم أعداؤهم. وقيل هى ما كانوا يسكنون إليه من الآيات التى أعطيها موسى عليه‌السلام. والأشبه بحديث عمر أن يكون من الصّورة المذكورة.

ومنه حديث عليّ وبناء الكعبة «فأرسل الله إليه السَّكِينَةَ ، وهى ريح خجوج» أى سريعة الممرّ. وقد تكرر ذكر السكينة فى الحديث.

وفى حديث توبة كعب «أمّا صاحباى فَاسْتَكَانَا وقعدا فى بيوتهما» أى خضعا وذلّا ، والِاسْتِكَانَةُ : استفعال من الكون.

(ه) وفى حديث المهدى «حتى إنّ العنقود ليكون سُكْنَ أهل الدّار» أى قوتهم من بركته ، وهو بمنزلة النّزل ، وهو طعام القوم الذى ينزلون عليه.

وفى حديث يأجوج ومأجوج «حتى إنّ الرّمانة لتشبع السَّكْنَ» هو بفتح السين وسكون الكاف : أهل البيت ، جمع سَاكِنٍ كصاحب وصحب.

(ه) وفيه «اللهم أنزل علينا فى أرضنا سَكَنَهَا» أى غياث أهلها الذى تَسْكُنُ أنفسهم إليه ، وهو بفتح السين والكاف.

(ه) وفيه «أنه قال يوم الفتح : استقرّوا على سَكِنَاتِكُمْ فقد انقطعت الهجرة» أى على مواضعكم ومَسَاكِنكُمْ ، واحدتها سَكِنَةٌ ، مثل مكنة ومكنات ، يعنى أن الله تعالى قد أعزّ الإسلام وأغنى عن الهجرة والفرار عن الوطن خوف المشركين.

(ه) وفى حديث المبعث «قال الملك لمّا شقّ بطنه [للملك الآخر (١)] ائتنى بِالسِّكِّينَةِ» هى لغة فى السِّكِّينِ ، والمشهور بلا هاء.

(س) ومنه حديث أبى هريرة «إن سمعت بِالسِّكِّينِ إلا فى هذا الحديث ، ما كنا نسميها إلا المدية».

__________________

(١) الزيادة فى الهروى.

٣٨٦

(باب السين مع اللام)

(سلأ) فيه فى صفة الجبان «كأنما يضرب جلده بالسُّلَّاءَةِ» هى شوكة النّخلة ، والجمع سُلَّاء ، بوزن جمّار. وقد تكررت فى الحديث.

(سلب) (ه) فيه «إنه قال لأسماء بنت عميس بعد مقتل جعفر : تَسَلَّبِي ثلاثا ، ثم اصنعى ما شئت» أى البسى ثوب الحداد وهو السِّلَابُ ، والجمع سُلُبٌ. وتَسَلَّبَتِ المرأة إذا لبسته وقيل هو ثوب أسود تغطى به المحدّ رأسها.

ومنه حديث بنت أم سلمة «أنها بكت على حمزة ثلاثة أيام وتَسَلَّبَتْ».

(س) وفيه «من قتل قتيلا فله سَلَبُهُ» وقد تكرر ذكر السَّلَبِ فى الحديث ، وهو ما يأخذه أحد القرنين فى الحرب من قرنه مما يكون عليه ومعه من سلاح وثياب ودابّة وغيرها ، وهو فَعَل بمعنى مفعول : أى مَسْلُوب.

(ه) وفى حديث صلة «خرجت إلى جشر لنا والنخل سُلُبٌ» أى لا حمل عليها ، وهو جمع سَلِيبٍ ، فعيل بمعنى مفعول.

(ه) وفى حديث ابن عمر «دخل عليه ابن جبير وهو متوسّد مرفقة حشوها ليف أو سَلَب» السَّلَبُ بالتحريك : قشر شجر معروف باليمن يعمل منه الحبال. وقيل هو ليف المقل ، وقيل خوص الثّمام. وقد جاء فى حديث «أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان له وسادة حشوها سَلَبٌ».

(ه) ومنه حديث صفة مكة «وأَسْلَبَ ثُمامُها» أى أخرج خوصه.

(سلت) (ه) فيه «أنه لعن السَّلْتَاءَ والمرهاء» السَّلْتَاءُ من النساء : التى لا تختضب. وسَلَتَت الخضاب عن يدها إذا مسحته وألقته.

[ه] ومنه حديث عائشة وسئلت عن الخضاب فقالت «اسْلُتِيهِ وأرغميه».

ومنه الحديث «أمرنا أن نَسْلُتَ الصّحفة» أى نتتبّع ما بقى فيها من الطعام ، ونمسحها بالأصبع ونحوها.

(س) ومنه الحديث «ثم سَلَتَ الدّم عنها» أى أماطه.

٣٨٧

[ه] وفى حديث عمر «فكان يحمله على عاتقه ويَسْلُتُ خشمه» أى يمسح مخاطه عن أنفه. هكذا جاء الحديث مرويا عن عمر ، وأنه كان يحمل ابن أمته مرجانة ويفعل به ذلك.

وأخرجه الهروى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أنه كان يحمل الحسين على عاتقه ويَسْلُتُ خشمه» ولعله حديث آخر. وأصل السَّلْتِ القطع.

ومنه حديث أهل النار «فينفذ الحميم إلى جوفه فَيَسْلُتُ ما فيها» أى يقطعه ويستأصله.

وحديث سلمان «أن عمر رضى الله عنه قال : من يأخذها بما فيها» يعنى الخلافة ، فقال سلمان : «من سَلَتَ الله أنفه» أى جدعه وقطعه.

(ه) وحديث حذيفة وأزد عمان «سَلَتَ الله أقدامها» أى قطعها.

[ه] وفيه «أنه سئل عن بيع البيضاء بِالسُّلْتِ فكرهه» السُّلْتُ : ضرب من الشّعير أبيض لا قشر له. وقيل هو نوع من الحنطة ، والأوّل أصح ؛ لأن البيضاء الحنطة.

(سلح) فى حديث عقبة بن مالك «بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سريّة فَسَلَّحْتُ رجلا منهم سيفا» أى جعلته سِلَاحَهُ. والسِّلَاحُ : ما أعددته للحرب من آلة الحديد مما يقاتل به ، والسّيف وحده يسمّى سِلَاحاً ، يقال سَلَحْتُهُ أَسْلَحُهُ إذا أعطيته سلاحا ، وإن شدّد فللتّكثير. وتَسَلَّحَ : إذا لبس السّلاح.

(س) ومنه حديث عمر «لمّا أتى بسيف النّعمان بن المنذر دعا جبير بن مطعم فَسَلَّحَهُ إياه».

ومنه حديث أبيّ «قال له : من سَلَّحَكَ هذا القوس؟ فقال : طفيل».

وفى حديث الدعاء «بعث الله له مَسْلَحَةً يحفظونه من الشيطان» الْمَسْلَحَةُ : القوم الذين يحفظون الثّغور من العدوّ. وسمّوا مَسْلَحَةً لأنهم يكونون ذوى سلاح ، أو لأنهم يسكنون الْمَسْلَحَة ، وهى كالثغر والمرقب يكون فيه أقوام يرقبون العدوّ لئلا يطرقهم على غفلة ، فإذا رأوه أعلموا أصحابهم ليتأهّبوا له. وجمع المَسْلَحِ : مَسَالِحُ.

ومنه الحديث «حتى يكون أبعد مَسَالِحِهِمْ سَلَاح» وهو موضع قريب من خيبر.

٣٨٨

والحديث الآخر «كان أدنى مَسَالِح فارس إلى العرب العذيب».

(سلخ) (س) فى حديث عائشة «ما رأيت امرأة أحبّ إلىّ أن أكون فى مِسْلَاخِهَا من سودة» كأنها تمنّت أن تكون فى مثل هديها وطريقتها. ومِسْلَاخُ الحيّة جلدها. والسِّلْخُ بالكسر : الجلد.

(ه) ومنه حديث سليمان عليه‌السلام والهدهد «فَسَلَخُوا موضع الماء كما يُسْلَخُ الإهاب فخرج الماء» أى حفروا حتى وجدوا الماء.

(ه) وفى حديث ما يشترطه المشترى على البائع «إنه ليس له مِسْلَاخٌ ، ولا مخضار ، ولا معرار ولا مبسار» الْمِسْلَاخُ : الّذى ينتثر بسره.

(سلسل) (س) فيه «عجب ربّك من أقوام يقادون إلى الجنّة بِالسَّلَاسِلِ» قيل هم الأسرى يقادون إلى الإسلام مكرهين ، فيكون ذلك سبب دخولهم الجنّة ، ليس أنّ ثمّ سَلْسَلَة. ويدخل فيه كل من حمل على عمل من أعمال الخير.

(س) ومنه حديث ابن عمرو «فى الأرض الخامسة حيّات كَسَلَاسِلِ الرّمل» هو رمل ينعقد بعضه على بعض ممتدّا.

وفيه «اللهم اسق عبد الرحمن بن عوف من سَلْسَلِ الجنّة» هو الماء البارد. وقيل السّهل فى الحلق. يقال سَلْسَلٌ وسَلْسَالٌ. ويروى «من سلسبيل الجنّة» وهو اسم عين فيها.

وفيه ذكر «غزوة ذات السُّلَاسِل» هو بضم السين الأولى وكسر الثانية : ماء بأرض جذام ، وبه سمّيت الغزوة. وهو فى اللغة الماء السَّلْسَالُ. وقيل هو بمعنى السّلسال.

(سلط) (ه س) فى حديث ابن عباس «رأيت عليّا وكأنّ عينيه سراجا سَلِيطٍ» وفى رواية «كضوء سراج السَّلِيطِ» السَّلِيطُ : دهن الزّيت. وهو عند أهل اليمن دهن السّمسم.

(سلع) (س) فى حديث خاتم النبوّة «فرأيته مثل السِّلْعَةِ» هى غدّة تظهر بين الجلد واللّحم إذا غمزت باليد تحرّكت.

(سلف) (ه) فيه «من سَلَّفَ فَلْيُسَلِّفْ فى كيل معلوم إلى أجل معلوم» يقال سَلَّفْتُ

٣٨٩

وأَسْلَفْتُ تَسْلِيفاً وإِسْلَافاً ، والاسم السَّلَفُ ، وهو فى المعاملات على وجهين : أحدهما القرض الذى لا منفعة فيه للمقرض غير الأجر والشكر ، وعلى المقترض ردّه كما أخذه ، والعرب تسمّى القرض سَلَفاً. والثانى هو أن يعطى مالا فى سلعة إلى أجل معلوم بزيادة فى السّعر الموجود عند السَّلَفِ ، وذلك منفعة لِلْمُسْلِفِ. ويقال له سَلَم دون الأوّل.

(س) ومنه الحديث «إنه اسْتَسْلَفَ من أعرابى بكرا» أى استقرض.

(س) ومنه الحديث «لا يحل سَلَفٌ وبيع» هو مثل أن يقول : بعتك هذا العبد بألف على أن تُسْلِفَنِي ألفا فى متاع ، أو على أن تقرضنى ألفا ؛ لأنه إنما يقرضه ليحابيه فى الثّمن فيدخل فى حدّ الجهالة ؛ ولأن كل قرض جرّ منفعة فهو ربا ، ولأن فى العقد شرطا ولا يصح.

وفى حديث دعاء الميت «واجعله لنا سَلَفاً» قيل هو من سلف المال ، كأنه قد أَسْلَفَهُ وجعله ثمنا للأجر والثّواب الذى يجازى على الصبر عليه. وقيل سَلَفُ الإنسان من تقدمه بالموت من آبائه وذوى قرابته ، ولهذا سمّى الصّدر الأوّل من التّابعين السَّلَف الصالح.

ومنه حديث مذحج «نحن عباب سَلَفِهَا» أى معظمها والماضون منها.

(س) وفى حديث الحديبية «لأقاتلنّهم على أمرى حتى تنفرد سَالِفَتِي» السَّالِفَةُ : صفحة العنق ، وهما سَالِفَتَانِ من جانبيه. وكنى بانفرادها عن الموت لأنها لا تنفرد عمّا يليها إلا بالموت. وقيل : أراد حتى يفرّق بين رأسى وجسدى.

(س) وفى حديث ابن عباس «أرض الجنة مَسْلُوفَةٌ» أى ملساء ليّنة ناعمة. هكذا أخرجه الخطابى والزمخشرى عن ابن عباس. وأخرجه أبو عبيد عن عبيد بن عمير الليثى. وأخرجه الأزهرى عن محمد بن الحنفية.

(ه) وفى حديث عامر بن ربيعة «وما لنا زاد إلا السَّلْفُ من التمر» السَّلْفُ بسكون اللام : الجراب الضّخم. والجمع سُلُوفٌ. ويروى إلا السّفّ من التمر ، وهو الزّبيل من الخوص.

(سلفع) (ه) فى حديث أبى الدرداء «وشرّ نسائكم السَّلْفَعَةُ» هى الجريئة على الرّجال ، وأكثر ما يوصف به المؤنث ، وهو بلا هاء أكثر.

٣٩٠

ومنه حديث ابن عباس «فى قوله تعالى : (فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ) قال ليست بِسَلْفَعٍ».

وحديث المغيرة «فقماء سَلْفَع».

(سلق) ه) فيه «ليس منا من سَلَقَ أو حلق» سَلَقَ : أى رفع صوته عند المصيبة. وقيل هو أن تصك المرأة وجهها وتمرشه ، والأوّل أصح.

(ه) ومنه الحديث «لعن الله السَّالِقَةَ والحالقة» يقال بالصّاد.

ومنه ديث عليّ «ذاك الخطيب الْمِسْلَق الشّحشاح» يقال مِسْلَقٌ ومِسْلَاقٌ إذا كان نهاية فى الخطابة.

(ه) وفى حديث عتبة بن غزوان «وقد سُلِقَتْ أفواهنا من أكل الشّجر» أى خرج فيها بثور ، وهوداء يقال له السُّلَاقُ.

(ه) وفى حديث المبعث «فانطلقا بى إلى ما بين المقام وزمزم فَسَلَقَانِي على قفاى» أى ألقيانى على ظهرى. يقال سَلَقَهُ وسَلْقَاهُ بمعنى. ويروى بالصّاد ، والسّين أكثر وأعلى.

ومنه لحديث الآخر «فَسَلَقَنِي لحلاوة القفا».

(ه) وفى حديث آخر «فإذا رجل مُسْلَنْقٍ» ى مُسْتَلْقٍ على قفاه. يقال اسْلَنْقَى يَسْلَنْقِي اسْلِنْقَاءً. والنون زائدة.

(س) وفى حديث أبى الأسود «أنه وضع النّحو حين اضطرب كلام العرب وغلبت السَّلِيقَةُ» (١) أى اللّغة التى يسترسل فيها المتكلم بها على سَلِيقَتِهِ : أى سجيّته وطبيعته من غير تعمّد (٢) إعراب ولا تجنّب لحن. قال :

ولست بنحوىّ يلوك لسانه

ولكن سَلِيقِيٌ أقول فأعرب

أى أجرى على طبيعتى ولا ألحن.

__________________

(١) كذا فى الأصل والفائق ١ / ٦١١. وفى ا واللسان وتاج العروس : «السليقيّة».

(٢) فى تاج العروس «تعهّد» وفى الفائق «تقيّد».

٣٩١

(سلل) ه) يه «لا إغلال ولا إِسْلَالَ» لْإِسْلَالُ : السّرقة الخفيّة. يقال سَلَ البعير وغيره فى جوف اللّيل إذا انتزعه من بين الإبل ، وهى السَّلَّةُ. وأَسَلَ : أى صار ذا سَلَّةٍ ، وإذا أعان غيره عليه. ويقال الْإِسْلَالُ الغارة الظّاهرة. وقيل سَلُ السّيوف.

(س) وفى حديث عائشة «فَانْسَلَلْتُ من بين يديه» ى مضيت وخرجت بتأنّ وتدريج.

(س) ومنه حديث حسّان «لَأَسُلَّنَّكَ منهم كما تُسَلُ الشّعرة من العجين».

(س) وحديث الدعاء «اللهم اسْلُلْ سخيمة قلبى».

(س) والحديث الآخر «من سَلَ سخيمته فى طريق النّاس».

(س) وحديث أم زرع «مضجعه كَمَسَلِ شطبة» الْمَسَلُ : مصدر بمعنى المسلول : أى ما سلّ من قشره ، والشّطبة : السّعفة الخضراء. وقيل السيف.

وفى حديث زياد «بِسُلَالَةٍ من ماء ثغب» أى ما استخرج من ماء الثّغب وسلّ منه.

(س) وفيه «اللهم اسق عبد الرحمن من سَلِيلِ الجنّة» قيل هو الشّراب البارد. وقيل الخالص الصّافى من القذى والكدر ، فهو فعيل بمعنى مفعول. ويروى «سلسال الجنة ، وسلسبيلها» وقد تقدما.

وفيه «غبار ذيل المرأة الفاجرة يورث السِّلَ» يريد أنّ من اتّبع الفواجر وفجر ذهب ماله وافتقر ، فشبّه خفّة المال وذهابه بخفة الجسم وذهابه إذا سُلَّ.

(سلم) فى أسماء الله تعالى «السَّلامُ» قيل معناه سلامته مما يلحق الخلق من العيب والفناء. والسَّلَامُ فى الأصل السَّلَامَةُ. يقال سَلِمَ يَسْلَمُ سَلَامَةً وسَلَاماً. ومنه قيل للجنّة (دارُ السَّلامِ) ، لأنها دار السلامة من الآفات.

(س) ومنه الحديث «ثلاثة كلّهم ضامن على الله ، أحدهم من يدخل بيته بِسَلَامٍ» أراد أن يلزم بيته طلبا للسلامة من الفتن ورغبة فى العزلة. وقيل أراد أنه إذا دخل بيته سَلَّمَ. والأوّل الوجه.

٣٩٢

(س) وفى حديث التسليم «قل السَّلَامُ عليك ، فإنّ عليك السَّلَام تحيّة الموتى» هذا إشارة إلى ما جرت به عادتهم فى المراثى ، كانوا يقدّمون ضمير الميت على الدّعاء له كقوله :

عليك سَلَامٌ من أمير وباركت

يد الله فى ذاك الأديم الممزّق

وكقول الآخر :

عليك سَلَامُ الله قيس بن عاصم

ورحمته ما شاء أن يترحّما

وإنما فعلوا ذلك لأن المسلّم على القوم يتوقّع الجواب ، وأن يقال له عليك السلام ، فلما كان الميت لا يتوقع منه جواب جعلوا السلام عليه كالجواب. وقيل : أراد بالموتى كفّار الجاهلية.

وهذا فى الدّعاء بالخير والمدح ، فأما فى الشرّ والذّم فيقدّم الضمير كقوله تعالى «وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي» وقوله : «عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ».

والسنّة لا تختلف فى تحية الأموات والأحياء. ويشهد له الحديث الصحيح أنه كان إذا دخل القبور قال : «سَلَامٌ عليكم دار قوم مؤمنين».

والتَّسْلِيمُ مشتقّ من السلام اسم الله تعالى لسلامته من العيب والنّقص. وقيل معناه أن الله مطّلع عليكم فلا تغفلوا. وقيل معناه اسم السَّلَامِ عليك : أى اسم الله عليك ، إذ كان اسم الله يذكر على الأعمال توقّعا لاجتماع معانى الخيرات فيه وانتفاء عوارض الفساد عنه. وقيل معناه سَلِمْتَ منى فاجعلنى أَسْلَمُ منك ، من السَّلَامَةِ بمعنى السلام.

ويقال السَّلَامُ عليكم ، وسَلَامٌ عليكم ، وسَلَامٌ ، بحذف عليكم ، ولم يرد فى القرآن غالبا إلا منكّرا كقوله تعالى (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ) فأمّا فى تشهّد الصلاة فيقال فيه معرّفا ومنكّرا ، والظاهر الأكثر من مذهب الشافعى رحمه‌الله أنه اختار التنكير ، وأما فى السَّلَامِ الذى يخرج به من الصلاة فروى الرّبيع عنه أنه لا يكفيه إلا معرّفا ، فإنه قال : أقلّ ما يكفيه أن يقول السَّلَامُ عليكم ، فإن نقص من هذا حرفا عاد فسلّم. ووجهه أن يكون أراد بِالسَّلَامِ اسم الله تعالى ، فلم يجز حذف الألف واللّام منه ، وكانوا يستحسنون أن يقولوا فى الأوّل سَلَامٌ عليكم ، وفى الآخر السَّلَامُ عليكم ، وتكون الألف واللام للعهد. يعنى السلام الأوّل.

٣٩٣

وفى حديث عمران بن حصين «كان يُسَلَّمُ علىّ حتى اكتويت» يعنى أنّ الملائكة كانت تسلّم عليه ، فلما اكتوى بسبب مرضه تركوا السلام عليه ؛ لأن الكىّ يقدح فى التّوكل والتَّسْلِيمِ إلى الله والصبر على ما يبتلى به العبد وطلب الشفاء من عنده ، وليس ذلك قادحا فى جواز الكىّ ولكنّه قادح فى التّوكّل ، وهى درجة عالية وراء مباشرة الأسباب.

(س) وفى حديث الحديبية «أنه أخذ ثمانين من أهل مكة سَلْماً» يروى بكسر السين وفتحها ، وهما لغتان فى الصّلح ، وهو المراد فى الحديث على ما فسّره الحميدى فى غريبه. وقال الخطّابى : أنه السَّلَمُ بفتح السين واللام ، يريد الِاسْتِسْلَامَ والإذعان ، كقوله تعالى (وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ) أى الانقياد ، وهو مصدر يقع على الواحد والاثنين والجميع. وهذا هو الأشبه بالقضية ؛ فإنهم لم يؤخذوا عن صلح. وإنما أخذوا قهرا وأَسْلَمُوا أنفسهم عجزا ، وللأوّل وجه ، وذلك أنهم لم تجر معهم حرب ، وإنما لمّا عجزوا عن دفعهم أو النّجاة منهم رضوا أن يؤخذوا أسرى ولا يقتلوا ، فكأنهم قد صولحوا على ذلك فسمّى الانقياد صلحا وهو السلم.

ومنه كتابه بين قريش والأنصار «وإنّ سِلْمَ المؤمنين واحد لا يُسَالَمُ مؤمن دون مؤمن» أى لا يصالح واحد دون أصحابه ، وإنما يقع الصّلح بينهم وبين عدوّهم باجتماع ملئهم على ذلك.

(ه) ومن الأول حديث أبى قتادة «لآتينّك برجل سَلَمٍ» أى أسير لأنه اسْتَسْلَمَ وانقاد.

وفيه «أَسْلَمُ سَالَمَهَا الله» هو من المُسَالَمَةِ وترك الحرب. ويحتمل أن يكون دعاء وإخبارا : إما دعاء لها أن يُسَالِمَهَا الله ولا يأمر بحربها ، أو أخبر أن الله قد سَالَمَهَا ومنع من حربها.

وفيه «الْمُسْلِمُ أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسْلِمُهُ» يقال : أَسْلَمَ فلان فلانا إذا ألقاه إلى الهلكة ولم يحمه من عدوّه ، وهو عامّ فى كل من أسلمته إلى شىء ، لكن دخله التّخصيص ، وغلب عليه الالقاء فى الهلكة.

ومنه الحديث «إنى وهبت لخالتى غلاما ، فقلت لها لا تُسْلِمِيهِ حجّاما ولا صائغا ولا قصّابا» أى لا تعطيه لمن يعلمه إحدى هذه الصنائع ، إنما كره الحجّام والقصّاب لأجل النّجاسة التى يباشرانها مع تعذّر الاحتراز ، وأما الصائغ فلما يدخل صنعته من الغشّ ، ولأنه يصوغ الذهب

٣٩٤

والفضة ، وربّما كان من آنية أو حلى للرجال وهو حرام ، ولكثرة الوعد والكذب فى إنجاز ما يستعمل عنده.

(س) وفيه «ما من آدمى إلّا ومعه شيطان ، قيل : ومعك؟ قال : نعم ، ولكن الله أعاننى عليه فَأَسْلَمَ» وفى رواية «حتى أَسْلَمَ» أى انقاد وكفّ عن وسوستى. وقيل دخل فى الإسلام فسلمت من شره. وقيل إنما هو فَأَسْلَمُ بضم الميم ، على أنه فعل مستقبل : أى أَسْلَمُ أنا منه ومن شرّه. ويشهد للأوّل :

(س) الحديث الآخر «كان شيطان آدم كافرا وشيطانى مُسْلِماً».

وفى حديث ابن مسعود «أنا أول من أَسْلَم» يعنى من قومه ، كقوله تعالى عن موسى عليه‌السلام «وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ» يعنى مؤمنى زمانه ، فإن ابن مسعود لم يكن أوّل من أسلم ، وإن كان من السّابقين الأوّلين.

(ه) وفيه «كان يقول إذا دخل شهر رمضان : اللهم سَلِّمْنِي من رمضان وسَلِّمْ رمضان لى وسَلِّمْهُ منى» قوله سَلِّمْنِي منه أى لا يصيبني فيه ما يحول بينى وبين صومه من مرض أو غيره. وقوله سَلِّمْهُ لى : هو أن لا يغمّ عليه الهلال فى أوّله أو آخره فيلتبس عليه الصوم والفطر. وقوله وسَلِّمْهُ منى : أى يعصمه من المعاصى فيه.

وفى حديث الإفك «وكان عليّ مُسَلَّماً فى شأنها» أى سالما لم يبد بشىء من أمرها. ويروى بكسر اللام : أى مُسَلِّماً للأمر ، والفتح أشبه : أى أنه لم يقل فيها سوءا.

(ه س) وفى حديث الطواف «أنه أتى الحجر فَاسْتَلَمَهُ» هو افتعل من السّلام : التحية. وأهل اليمن يسمّون الركن الأسود المحيّا : أى أنّ الناس يحيّونه بالسّلام. وقيل هو افتعل من السَّلَامِ وهى الحجارة ، واحدتها سَلِمَةٌ بكسر اللام. يقال اسْتَلَمَ الحجر إذا لمسه وتناوله.

(س) وفى حديث جرير «بين سَلَمٍ وأراك» السَّلَمُ شجر من العضاه واحدتها سَلَمَةٌ بفتح اللام ، وورقها القرظ الذى يدبغ به. وبها سمّى الرجل سَلَمَة ، وتجمع على سَلَمَاتٍ.

ومنه حديث ابن عمر «أنه كان يصلى عند سَلَمَاتٍ فى طريق مكة». ويجوز أن يكون بكسر اللام جمع سَلِمَةٍ وهى الحجر.

٣٩٥

(ه) وفيه «على كل سُلَامَى من أحدكم صدقة» السُّلَامَى : جمع سُلَامِيَة وهى الأنملة من أنامل الأصابع. وقيل واحده وجمعه سواء. ويجمع على سُلَامِيَاتٍ وهى التى بين كلّ مفصلين من أصابع الإنسان. وقيل السُّلَامَى : كل عظم مجوّف من صغار العظام : المعنى على كلّ عظم من عظام ابن آدم صدقة. وقيل : إن آخر ما يبقى فيه المخ من البعير إذا عجف السُّلَامَى والعين. قال أبو عبيد : هو عظم يكون فى فرسن البعير.

(ه) ومنه حديث خزيمة فى ذكر السّنة «حتى آل السُّلَامَى» أى رجع إليه المخّ.

وفيه «من تَسَلَّمَ فى شىء فلا يصرفه إلى غيره» يقال أَسْلَمَ وسَلَّمَ إذا أسلف. والاسم السَّلَمُ ، وهو أن تعطى ذهبا أو فضّة فى سلعة معلومة إلى أمد معلوم ، فكأنك قد أَسْلَمْتَ الثمن إلى صاحب السّلعة وسَلَّمْتَهُ إليه. ومعنى الحديث أن يسلف مثلا فى برّ فيعطيه المستسلف غيره من جنس آخر ، فلا يجوز له أن يأخذه. قال القتيبى : لم أسمع تفعّل من السّلم إذا دفع إلّا فى هذا.

ومنه حديث ابن عمر «كان يكره أن يقال : السَّلَمُ بمعنى السّلف ، ويقول الْإِسْلَامُ لله عزوجل» كأنه ضنّ بالإسم الذى هو موضوع للطّاعة والانقياد لله عن أن يسمّى به غيره ، وأن يستعمله فى غير طاعة الله ، ويذهب به إلى معنى السّلف. وهذا من الإخلاص باب لطيف المسلك. وقد تكرّر ذكر السّلم فى الحديث.

(س) وفيه «أنهم مرّوا بماء فيه سَلِيمٌ ، فقالوا : هل فيكم من راق» السَّلِيمُ اللّديغ. يقال سَلَمَتْهُ الحيّة أى لدغته. وقيل إنما سمّى سَلِيماً تفاؤلا بالسّلامة ، كما قيل للفلاة المهلكة مفازة.

وفى حديث خيبر ذكر «السُّلَالِم» هى بضم السين ، وقيل بفتحها : حصن من حصون خيبر. ويقال فيه أيضا السُّلَالِيمُ.

(سلا) (س) فيه «أنّ المشركين جاءوا بِسَلَى جزور فطرحوه على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يصلى» السَّلَى : الجلد الرّقيق الذى يخرج فيه الولد من بطن أمه ملفوفا فيه. وقيل هو فى الماشية السَّلَى ، وفى النّاس المشيمة ، والأوّل أشبه ، لأن المشيمة تخرج بعد الولد ، ولا يكون الولد فيها حين يخرج.

٣٩٦

(س) ومنه الحديث «أنه مرّ بسخلة تتنفس فى سَلَاهَا».

(س) وفى حديث عمر «لا يدخلنّ رجل على مغيبة ، يقول : ما سَلَيْتُمُ العام وما نتجتم الآن» أى ما أخذتم من سَلَى ماشيتكم ، وما ولد لكم. وقيل يحتمل أن يكون أصله ما سَلَأتُم بالهمز ، من السَّلَاء وهو السّمن ، فترك الهمز فصارت ألفا ثم قلب الألف ياء.

(س) وفى حديث ابن عمر «وتكون لكم سَلْوَةٌ من العيش» أى نعمة ورفاهية ورغد يُسْلِيكُمْ عن الهمّ.

(باب السين مع الميم)

(سمت) فى حديث الأكل «سمّوا الله ودنّوا وسَمِّتُوا» أى إذا فرغتم فادعوا بالبركة لمن طعمتم عنده. والتَّسْمِيتُ الدّعاء.

(ه) ومنه الحديث «فى تَسْمِيتِ العاطس» لمن رواه بالسّين المهملة. وقيل اشتقاق تَسْمِيتِ العاطس من السَّمْتِ ، وهو الهيئة الحسنة : أى جعلك الله على سَمْتٍ حسن ، لأن هيئته تنزعج للعطاس.

(ه) ومنه حديث عمر «فينظرون إلى سَمْتِهِ وهديه» أى حسن هيئته ومنظره فى الدّين ، وليس من الحسن والجمال. وقيل هو من السَّمْتِ : الطّريق. يقال الزم هذا السَّمْت ، وفلان حسن السَّمْتِ : أى حسن القصد.

ومنه حديث حذيفة «ما نعلم أحدا أقرب سَمْتاً وهديا ودلّا بالنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم من ابن أمّ عبد» يعنى ابن مسعود.

(ه) ومنه حديث عوف بن مالك «فانطلقت لا أدرى أين أذهب إلّا أنى أُسَمِّتُ» أى ألزم سمت الطّريق ، يعنى قصده. وقيل هو بمعنى أدعو الله له. وقد تكرر ذكر السَّمْتِ والتَّسْمِيتِ فى الحديث.

٣٩٧

(سمج) فى حديث عليّ «عاث فى كل جارحة منه جديد بلى سَمَّجَهَا» سَمُجَ الشىء بالضم سَمَاجَةً فهو سَمِجٌ : أى قبح فهو قبيح. وقد تكرر ذكره فى الحديث.

(سمح) (ه) فيه «فيقول الله تعالى : أَسْمِحُوا لعبدى كَإِسْمَاحِهِ إلى عبادى» الْإِسْمَاحُ : لغة فى السَّمَاحِ. يقال سَمَحَ وأَسْمَحَ إذا جاد وأعطى عن كرم وسخاء. وقيل إنما يقال فى السخاء سَمَحَ ، وأما أَسْمَحَ فإنّما يقال فى المتابعة والانقياد. يقال أَسْمَحَتْ نفسه : أى انقادت. والصحيح الأوّل. والمُسَامَحَةُ المساهلة.

(ه) وفيه «اسْمَحْ يُسْمَح لك» أى سهّل يسهل عليك.

(س) ومنه حديث عطاء «اسْمَحْ يُسْمَحْ بك».

ومنه الحديث المشهور «السَّمَاحُ رباح» أى المساهلة فى الأشياء يربح صاحبها.

(سمحق) (ه) فى أسماء الشّجاج «السِّمْحَاقُ» وهى التى بينها وبين العظم قشرة رقيقة. وقيل تلك القشرة هى السِّمْحَاقُ ، وهى فوق قحف الرّأس ، فإذا انتهت الشّجّة إليها سمّيت سِمْحَاقاً.

(سمخ) (س) فى حديث ابن عمر «أنه كان يدخل أصبعيه فى سِمَاخَيْهِ» السِّمَاخُ : ثقب الأذن الذى يدخل فيه الصّوت. ويقال بالصّاد لمكان الخاء.

(سمد) (ه) فى حديث عليّ «أنه خرج والناس ينتظرونه للصلاة قياما ، فقال : ما لي أراكم سَامِدِينَ» السَّامِدُ : المنتصب إذا كان رافعا رأسه ناصبا صدره ، أنكر عليهم قيامهم قبل أن يروا إمامهم. وقيل السَّامِدُ : القائم فى تحيّر.

(ه) ومنه الحديث الآخر «ما هذا السُّمُودُ» هو من الأوّل. وقيل هو الغفلة والذّهاب عن الشّىء.

(ه) ومنه حديث ابن عباس فى قوله تعالى «وَأَنْتُمْ سامِدُونَ» قال مستكبرون. وحكى الزمخشرى : أنه الغناء فى لغة حمير. يقال اسْمُدِي لنا أى غنّى.

(س) وفى حديث عمر «إنّ رجلا كان يُسَمِّدُ أرضه بعذرة النّاس ، فقال : أما يرضى

٣٩٨

أحدكم حتى يطعم الناس ما يخرج منه» السِّمَادُ : ما يطرح فى أصول الزرع والخضر من العذرة والزّبل ليجود نباته.

(س) وفى حديث بعضهم «اسْمَادَّتْ رجلها» أى انتفخت وورمت ، وكل شىء ذهب أو هلك فقد اسْمَدَّ واسْمَادَّ.

(سمر) (س) فى صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أنه كان أَسْمَرَ اللّون» وفى رواية «أبيض مشربا حمرة» ووجه الجمع بينهما أن ما يبرز إلى الشمس كان أَسْمَرَ ، وما تواريه الثّياب وتستره كان أبيض.

(س) وفى حديث المصرّاة «يردّها ويردّ معها صاعا من تمر لا سَمْرَاء» وفى رواية «صاعا من طعام لا سَمْرَاء» وفى أخرى «من طعام سَمْرَاء» السَّمْرَاءُ : الحنطة. ومعنى نفيها : أى لا يلزم بعطيّة الحنطة لأنها أغلى من التّمر بالحجاز. ومعنى إثباتها إذا رضى بدفعها من ذات نفسه. ويشهد لها رواية ابن عمر «ردّ مثلى لبنها قمحا» والقمح الحنطة.

ومنه حديث عليّ «فإذا عنده فاثور عليه خبز السَّمْرَاء» وقد تكرر فى الحديث.

(ه) وفى حديث العرنيّين «فَسَمَرَ (١) أعينهم» أى أحمى لهم مسامير الحديد ثم كحلهم بها.

(ه) وفى حديث عمر فى الأمة يطؤها مالكها يلحق به ولدها قال «فمن شاء فليمسكها ومن شاء فَلْيُسَمِّرْهَا» يروى بالسين والشين. ومعناهما الإرسال والتّخلية. قال أبو عبيد : لم نسمع السين المهملة إلا فى هذا الحديث. وما أراه إلّا تحويلا ، كما قالوا سمّت وشمّت.

(س) وفى حديث سعد «وما لنا طعام إلّا هذا السَّمْرُ» هو ضرب من شجر الطّلح ، الواحدة سَمُرَةٌ.

ومنه الحديث «يا أصحاب السَّمُرَةِ» هى الشجرة التى كانت عندها بيعة الرضوان عام الحديبية. وقد تكرر فى الحديث.

(ه) وفى حديث قيلة «إذ جاء زوجها من السَّامِرِ» هم القوم الذين يَسْمُرُونَ بالليل : أى

__________________

(١) يروى «سمل» وسيأتى

٣٩٩

يتحدّثون. السَّامِرُ : اسم للجمع ، كالباقر ، والجامل للبقر والجمال. يقال سَمَرَ القوم يَسْمُرُونَ ، فهم سُمَّارٌ وسَامِرٌ.

ومنه حديث «السَّمَرُ بعد العشاء» الرواية بفتح الميم من المُسَامَرَةِ وهو الحديث بالليل. ورواه بعضهم بسكون الميم. وجعله المصدر. وأصل السَّمَر لون ضوء القمر ؛ لأنهم كانوا يتحدّثون فيه. وقد تكرر فى الحديث.

وفى حديث عليّ «لا أطور به ما سَمَرَ سَمِيرٌ» أى أبدا. والسَّمِيرُ : الدّهر. ويقال فيه : لا أفعله ما سَمَرَ ابنا سَمِير ، وابناه : الليل والنهار : أى لا أفعله ما بقى الدّهر.

(سمسر) (ه) فى حديث قيس بن أبى غرزة «كنّا نسمّى السَّمَاسِرَةَ على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فسّمانا التّجار» السَّمَاسِرَةُ : جمع سِمْسَار ، وهو القيّم بالأمر الحافظ له ، وهو فى البيع اسم للذى يدخل بين البائع والمشترى متوسّطا لإمضاء البيع (١). والسَّمْسَرَةُ : البيع والشراء.

ومنه حديث ابن عباس فى تفسير قوله «لا يبع حاضر لباد» قال : لا يكون له سِمْسَاراً.

(سمسم) فى حديث أهل النار «فيخرجون منها قد امتحشوا كأنهم عيدان السَّمَاسِم» هكذا يروى فى كتاب مسلم على اختلاف طرقه ونسخه ، فإن صحّت الرواية بها فمعناه ـ والله أعلم ـ أن السَّمَاسِمَ جمع سِمْسِمٍ ، وعيدانه تراها إذا قلعت وتركت ليؤخذ حبّها دقاقا سودا كأنها محترقة ، فشبّه بها هؤلاء الذين يخرجون من النار وقد امتحشوا.

وطالما تطلّبت معنى هذه الكلمة وسألت عنها فلم أر شافيا ولا أجبت فيها بمقنع. وما أشبه أن تكون هذه اللّفظة محرّفة ، وربّما كانت كأنهم عيدان السّاسم ، وهو خشب أسود كالآبنوس. والله أعلم.

(سمط) (س) فيه «أنه ما أكل شاة سَمِيطاً» أى مشويّة ، فعيل بمعنى مفعول.

__________________

(١) أنشد الهروى للأعشى :

فأصبحت لا أستطيع الكلام

سوى أن اُراجع سمسارها

قال الزمخشرى فى الفائق ١ / ٦١٣ : يريد السفير بينهما

٤٠٠