النّهاية - ج ٢

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٢

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٥٢٦

(س) وفى حديث عمر : «كنت زَوَّيْتُ فى نفسى كلاما» أى جمعت. والرواية : زَوَّرْت بالراء. وقد تقدم.

وفى حديث ابن عمر رضى الله عنهما «كان له أرض زَوَتْهَا أرض أخرى» أى قربت منها فضيّقتها. وقيل أحاطت بها.

(باب الزاى مع الهاء)

(زهد) (ه) فيه «أفضل النّاس مؤمن مُزْهِدٌ» الْمُزْهِدُ : القليل الشّىء. وقد أَزْهَدَ إِزْهَاداً وشىء زَهِيدٌ : قليل.

ومنه الحديث «ليس عليه حساب ولا على مؤمن مُزْهِدٍ».

(س) ومنه حديث ساعة الجمعة «فجعل يُزَهِّدُهَا» أى يقلّلها.

وحديث عليّ رضى الله عنه «إنك لَزَهِيدٌ».

(س) ومنه حديث خالد «كتب إلى عمر رضى الله عنهما : أن الناس قد اندفعوا فى الخمر وتَزَاهَدُوا الحدّ» أى احتقروه وأهانوه ، ورأوه زَهِيداً.

ومنه حديث الزهرى ، وسئل عن الزُّهْدِ فى الدّنيا فقال : «هو أن لا يغلب الحلال شكره ، ولا الحرام صبره» أراد أن لايعجز ويقصر شكره على ما رزقه الله من الحلال ، ولا صبره عن ترك الحرام.

(زهر) (ه) فى صفته عليه‌السلام «أنه كان أَزْهَرَ اللّون» الْأَزْهَرُ : الأبيض المستنير : والزَّهْرُ والزَّهْرَةُ : البياض النيّر ، وهو أحسن الألوان.

ومنه حديث الدجال «أعور جعد أَزْهَرُ».

ومنه الحديث «سألوه عن جدّ بنى عامر بن صعصعة فقال : جمل أَزْهَرُ متفاجّ».

(ه) ومنه الحديث «سورة البقرة وآل عمران الزَّهْرَاوَانِ» أى المنيرتان ، واحدتهما زَهْرَاءُ.

٣٢١

(ه) ومنه الحديث «أكثروا الصلاة علىّ فى اللّيلة الغرّاء واليوم الْأَزْهَر» أى ليلة الجمعة ويومها ، هكذا جاء مفسّرا فى الحديث.

ومنه الحديث «إن أخوف ما أخاف عليكم ما يفتح عليكم من زَهْرَةِ الدّنيا وزينتها» أى حسنها وبهجتها وكثرة خيرها.

(ه) وفيه «أنه قال لأبى قتادة فى الإناء الذى توضّأ منه : ازْدَهِرْ به فإنّ له شأنا» أى احتفظ به واجعله فى بالك (١) ، من قولهم : قضيت منه زَهْرَتِي : أى وطرى. وقيل هو من ازْدَهَرَ إذا فرح : أى ليسفر وجهك ولْيَزْهَرْ. وإذا أمرت صاحبك أن يجدّ فيما أمرته به قلت له : ازْدَهِرْ. والدّال فيه منقلبة عن تاء الافتعال. وأصل ذلك كله من الزُّهْرَةِ : الحسن والبهجة.

(زهف) (س) فى حديث صعصعة «قال لمعاوية : إنّى لأترك الكلام فما أُزْهِفُ به» الْإِزْهَافُ : الاستقدام. وقيل هو من أَزْهَفَ فى الحديث إذا زاد فيه. ويروى بالرّاء. وقد تقدّم.

(زهق) (ه) فيه «دون الله سبعون ألف حجاب من نور وظلمة ، وما تسمع نفس من حسّ تلك الحجب شيئا إلا زَهَقَتْ» أى هلكت وماتت. يقال زَهَقَتْ نفسه تَزْهَقُ.

ومنه حديث عثمان رضى الله عنه فى الذّبح «أقرّوا الأنفس حتى تَزْهَقَ» أى حتى تخرج الرّوح من الذّبيحة ولا يبقى فيها حركة ، ثم تسلخ وتقطّع.

(ه) وفى حديث عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه «أنّ حابيا خير من زَاهِقٍ» الزَّاهِقُ : السّهم الذى يقع وراء الهدف ولا يصيب ، والحابى : الذى يقع دون الهدف ثم يزحف إليه ويصيب ، أراد أن الضّعيف الذى يصيب الحقّ خير من القوىّ الذى لا يصيبه.

(زهل) فى قصيد كعب بن زهير :

يمشى القراد عليها ثم يزلقه

عنها (٢) لبان وأقراب زَهَالِيلُ

الزَّهَالِيلُ : الملس ، واحدها زُهْلُولٌ. والأقراب : الخواصر.

__________________

(١) أنشد الهروى لجرير.

فإنّك قين وابن قينين فازدهر

بكيرك إن الكير للقين نافع

(٢) الرواية فى شرح ديوانه ١٢ : منها.

٣٢٢

(زهم) (س) فى حديث يأجوج ومأجوج «وتجأى الأرض من زَهَمِهِمْ» الزَّهَمُ بالتحريك. مصدر زَهِمَتْ يدُه تَزْهَمُ من رائحة اللحم. والزُّهْمَةُ بالضم : الرّيح المنتنة ، أراد أن الأرض تنتن من جيفهم.

(زها) (ه) فيه «نهى عن بيع الثمر حتى يُزْهِيَ» وفى رواية حتى يَزْهُوَ. يقال زَهَا النّخل يَزْهُو إذا ظهرت ثمرته. وأَزْهَى يُزْهِي إذا اصفرّ واحمرّ. وقيل هما بمعنى الاحمرار والاصفرار. ومنهم من أنكر يَزْهُو. ومنهم من أنكر يُزْهِي.

وفى حديث أنس «قيل له : كم كانوا؟ قال : زُهَاء ثلاثمائة» أى قدر ثلاثمائة ، من زَهَوْتُ القوم إذا حزرتهم.

(ه) ومنه الحديث «إذا سمعتم بناس يأتون من قبل المشرق أولى زُهَاء يعجب الناس من زيّهم فقد أظلّت السّاعة» أى ذوى عدد كثير. وقد تكررت هذه اللفظة فى الحديث.

(س) وفيه «من اتّخذ الخيل زُهَاءً ونواء على أهل الإسلام فهى عليه وزر» الزُّهَاءُ بالمدّ ، والزَّهْوُ : الكبر والفخر. يقال زُهِيَ الرّجل فهو مَزْهُوٌّ ، هكذا يتكلّم به على سبيل المفعول ، كما يقولون عنى بالأمر ، ونتجت الناقة ، وإن كان بمعنى الفاعل ، وفيه لغة أخرى قليلة زَهَا يَزْهُو زَهْواً.

(س) ومنه الحديث «إن الله لا ينظر إلى العائل الْمَزْهُوِّ».

(س) وحديث عائشة «إن جاريتى تُزْهِي أن تلبسه فى البيت» أى تترفّع عنه ولا ترضاه ، تعنى درعا كان لها.

٣٢٣

(باب الزاى مع الياء)

(زيب) فى حديث الرّيح «اسمها عند الله الْأَزْيَبُ وعندكم الجنوب» الْأَزْيَبُ : من أسماء ريح الجنوب. وأهل مكة يستعملون هذا الاسم كثيرا.

(زيح) فى حديث كعب بن مالك «زَاحَ عنّى الباطل» أى زال وذهب. يقال زَاحَ عنّى الأمر يَزِيحُ.

(زيد) فى حديث القيامة «عشر أمثالها وأَزِيد» هكذا يروى بكسر الزاى ، على أنه فعل مستقبل ، ولو روى بسكون الزاى وفتح الياء على أنه اسم بمعنى أكثر لجاز.

(زير) (س) فى صفة أهل النار «الضّعيف الذى لا زِيرَ له» هكذا رواه بعضهم ، وفسّره أنه الذى لا رأى له ، والمحفوظ بالباء الموحدة وفتح الزّاى. وقد تقدم.

وفيه «لا يزال أحدكم كاسرا وساده يتّكئ عليه ويأخذ فى الحديث فعل الزِّير» الزِّيرُ من الرجال : الذى يحبّ محادثة النّساء ومجالستهن ، سمّى بذلك لكثرة زيارته لهن. وأصله من الواو ، وذكرناه هاهنا للفظه.

وفيه «إنّ الله تعالى قال لأيوب عليه‌السلام : لا ينبغى أن يخاصمنى إلّا من يجعل الزِّيَارَ فى فم الأسد» الزِّيَارُ : شىء يجعل فى فم الدّابة إذا استصعبت لتنقاد وتذلّ.

(س) وفى حديث الشافعى رضى الله عنه «كنت أكتب العلم وألقيه فى زِيرٍ لنا» الزِّيرُ : الحبّ الذى يعمل فيه الماء.

(زيغ) فى حديث الدعاء «لا تُزِغْ قلبى» أى لا تمله عن الإيمان. يقال زَاغَ عن الطّريق يَزِيغُ إذا عدل عنه.

ومنه حديث أبى بكر رضى الله عنه «أخاف إن تركت شيئا من أمره أن أَزِيغَ» أى أجور وأعدل عن الحقّ.

وحديث عائشة رضى الله عنها «وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ» أى مالت عن مكانها ، كما يعرض للإنسان عند الخوف.

٣٢٤

(س) وفى حديث الحكم «أنه رخّص فى الزَّاغِ» هو نوع من الغربان صغير.

(زيف) فى حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «بعد زَيَفَان وثباته» الزَّيَفَانُ بالتحريك : التّبختر فى المشى ، من زَافَ البعير يَزِيفُ إذا تبختر ، وكذلك ذكر الحمام عند الحمامة إذا رفع مقدّمه بمؤخّره واستدار عليها.

وفى حديث ابن مسعود رضى الله عنه «أنه باع نفاية بيت المال وكانت زُيُوفاً وقسيّة» أى رديئة. يقال درهم زَيْفٌ وزَائِفٌ.

(زيل) (ه) فى حديث عليّ رضى الله عنه ، ذكر المهدى فقال «إنه أَزْيَلُ الفخذين» أى منفرجهما ، وهو الزَّيَلُ والتَّزَيُّلُ.

(ه) وفى بعض الأحاديث «خالطوا الناس وزَايِلُوهُمْ» أى فارقوهم فى الأفعال التى لا ترضى الله ورسوله.

(زيم) فى قصيد كعب :

سمر العجايات يتركن الحصى زِيَماً

لم يقهنّ رؤوس الأكم تنعيل

الزِّيَمُ : المتفرّق ، يصف شدّة وطئها أنه يفرّق الحصى.

وفى حديث خطبة الحجاج :

هذا أوان الحرب (١) فاشتدّى زِيَم

هو اسم ناقة أو فرس ، وهو يخاطبها ويأمرها بالعدو. وحرف النداء محذوف.

(زين) (ه) فيه «زَيِّنُوا القرآن بأصواتكم» قيل هو مقلوب ، أى زَيِّنُوا أصواتكم بالقرآن. والمعنى : الهجوا بقراءته وتَزَيَّنُوا به ، وليس ذلك على تطريب القول والتّحزين ، كقوله «ليس منّا من لم يتغنّ بالقرآن» أى يلهج بتلاوته كما يلهج سائر النّاس بالغناء والطّرب. هكذا قال الهروى والخطّابى ومن تقدّمهما. وقال آخرون : لا حاجة إلى القلب ، وإنما معناه الحثّ على التّرتيل الذى أمر به فى قوله تعالى «وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً» فكأنّ الزِّينَةَ للمرتّل لا للقرآن ، كما يقال : ويل

__________________

(١) يروى : أوان الشد.

٣٢٥

للشّعر من رواية السّوء ، فهو راجع إلى الرّاوى لا للشّعر : فكأنّه تنبيه للمقصّر فى الرّواية على ما يعاب عليه من اللّحن والتّصحيف وسوء الأداء ، وحثّ لغيره على التّوقّى من ذلك ، فكذلك قوله «زَيِّنُوا القرآن» يدل على ما يُزَيِّنُ به من الترتيل والتّدبّر ومراعاة الإعراب.

وقيل أراد بالقرآن القراءة ، فهو مصدر قرأ يقرأ قراءة وقرآنا : أى زيّنوا قراءتكم القرآن بأصواتكم. ويشهد لصحّة هذا ، وأن القلب لا وجه له ، حديث أبى موسى «أنّ النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم استمع إلى قراءته فقال : لقد أتيت مزمارا من مزامير آل داود ، فقال : لو علمت أنك تستمع لحبّرته لك تحبيرا» أى حسّنت قراءته وزيّنتها ، ويؤيّد ذلك تأييدا لا شبهة فيه حديث ابن عباس «أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : لكلّ شىء حلية ؛ وحلية القرآن حسن الصوت» والله أعلم.

(ه) وفى حديث الاستسقاء قال : «اللهم أنزل علينا فى أرضنا زِينَتَهَا» أى نباتها الذى يُزَيِّنُهَا.

وفى حديث خزيمة «ما منعنى ألّا أكون مُزْدَاناً بإعلانك» أى مُتَزَيِّناً بإعلان أمرك ، وهو مفتعل من الزّينة ، فأبدل التّاء دالا لأجل الزاى.

(س) وفى حديث شريح «أنه كان يجيز من الزِّينَةِ ويردّ من الكذب» يريد تَزْيِينَ السّلعة للبيع من غير تدليس ولا كذب فى نسبتها أو صفتها.

٣٢٦

حرف السّين

(باب السين مع الهمزة)

(سأب) (ه) فى حديث المبعث «فأخذ جبريل بحلقى فَسَأَبَنِي حتى أجهشت بالبكاء» السَّأْبُ : العصر فى الحلق ، كالخنق.

(سأر) فيه «إذا شربتم فَأَسْئِرُوا» أى أبقوا منه بقيّة. والاسم السُّؤْرُ.

(س) ومنه حديث الفضل بن العباس «لا أوثر بِسُؤْرِكَ أحدا» أى لا أتركه لأحد غيرى.

(س) ومنه الحديث «فما أَسْأَرُوا منه شيئا» ويستعمل فى الطّعام والشّراب وغيرهما.

ومنه الحديث «فضل عائشة على النّساء كفضل الثّريد على سَائِرِ الطّعام!» أى باقيه. والسَّائِرُ مهموز : الباقى. والناس يستعملونه فى معنى الجميع ، وليس بصحيح. وقد تكرّرت هذه اللّفظة فى الحديث ، وكلّها بمعنى باقى الشيء.

(سأسم) فى وصيته لعيّاش بن أبى ربيعة «والأسود البهيم كأنّه من سَاسَمٍ» السَّاسَمُ : شجر أسود ، وقيل هو الآبنوس.

(سأف) فى حديث المبعث «فإذا الملك الذى جاءنى بحراء فَسَئِفْتُ منه» أى فزعت ، هكذا جاء فى بعض الرّوايات.

(سأل) فيه «لِلسَّائِلِ حقّ وإن جاء على فرس» السَّائِلُ : الطّالب. معناه الأمر بحسن الظّن بِالسَّائِلِ إذا تعرّض لك ، وأن لا تجبهه بالتّكذيب والرّدّ مع إمكان الصّدق : أى لا تخيّب السَّائِلَ وإن رابك منظره وجاء راكبا على فرس ، فإنّه قد يكون له فرس ووراءه عائلة أو دين يجوز معه أخذ الصّدقة ، أو يكون من الغزاة ، أو من الغارمين وله فى الصّدقة سهم.

(س) وفيه «أعظم المسلمين فى المسلمين جرما من سَأَلَ عن أمر لم يحرّم ، فحرّم على النّاس

٣٢٧

من أجل مَسْأَلَتِهِ» السُّؤَالُ فى كتاب الله والحديث نوعان : أحدهما ما كان على وجه التّبيين والتّعلّم ممّا تمسّ الحاجة إليه ، فهو مباح ، أو مندوب ، أو مأمور به ، والآخر ما كان على طريق التّكلّف والتعنّت ، فهو مكروه ، ومنهىّ عنه. فكلّ ما كان من هذا الوجه ووقع السكوت عن جوابه فإنما هو ردع وزجر للسّائل ، وإن وقع الجواب عنه فهو عقوبة وتغليظ.

ومنه الحديث «أنه نهى عن كثرة السُّؤَالِ» قيل هو من هذا. وقيل هو سُؤَالُ الناس أموالهم من غير حاجة.

(س) ومنه الحديث الآخر «أنه كره الْمَسَائِلَ وعابها» أراد الْمَسَائِلَ الدّقيقة التى لا يحتاج إليها.

ومنه حديث الملاعنة «لمّا سَأَلَهُ عاصم عن أمر من يجد مع أهله رجلا ، فأظهر النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم الكراهة فى ذلك» إيثارا لستر العورة وكراهة لهتك الحرمة. وقد تكرر ذكر السّؤال والمسائل وذمّها فى الحديث.

(سئم) (س) فيه «إن الله لا يَسْأَمُ حتى تَسْأَمُوا» هذا مثل قوله «لا يملّ حتى تملّوا» وهو الرّواية المشهورة. والسَّآمَةُ : الملل والضّجر. يقال : سَئِمَ يَسْأَمُ سَأَماً وسَآمَةً ، وسيجىء معنى الحديث مبينا فى حرف الميم.

ومنه حديث أم زرع «زوجى كليل تهامة ، لا حرّ ولا قرّ ، ولا سَآمَة» أى أنه طلق معتدل فى خلوّه من أنواع الأذى والمكروه بالحرّ والبرد والضّجر : أى لا يضجر منّى فيملّ صحبتى.

وفى حديث عائشة رضى الله عنها «أن اليهود دخلوا على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا : السَّأْمُ عليكم ، فقالت عائشة : عليكم السَّأْمُ والذّأم واللّعنة» هكذا جاء فى رواية مهموزا من السّأم ، ومعناه أنكم تَسْأَمُونَ دينكم. والمشهور فيه ترك الهمز ، ويعنون به الموت. وسيجىء فى المعتلّ.

٣٢٨

باب السين مع الباء

(سبأ) (س) فى حديث عمر رضى الله عنه «إنه دعا بالجفان فَسَبَأَ الشّراب فيها» يقال : سَبَأْتُ الخمر أَسْبُؤُهَا سَبْئاً وسِبَاءً : اشتريتها. والسَّبِيئَةُ : الخمر. قال أبو موسى : المعنى فى الحديث فيما قيل : جمعها وخبأها.

وفيه ذكر «سَبَأ» وهو اسم مدينة بلقيس باليمن. وقيل هو اسم رجل ولد عامّة قبائل اليمن. وكذا جاء مفسّرا فى الحديث. وسمّيت المدينة به.

(سبب) (ه) فيه «كلّ سَبَبٍ ونسب ينقطع إلّا سَبَبِي ونسبى» النّسب بالولادة والسَّبَبُ بالزّواج. وأصله من السَّبَبِ ، وهو الحبل الذى يتوصّل به إلى الماء ، ثم استعير لكلّ ما يتوصّل به إلى شىء ، كقوله تعالى (وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ) أى الوصل والمودّات.

(س) ومنه حديث عقبة «وإن كان رزقه فى الْأَسْبَاب» أى فى طرق السّماء وأبوابها.

(س) وحديث عوف بن مالك «أنه رأى فى المنام كأن سَبَباً دلّى من السماء» أى حبلا. وقيل لا يسمى الحبل سببا حتى يكون أحد طرفيه معلّقا بالسّقف أو نحوه.

(س) وفيه «ليس فى السُّبُوبِ زكاة» هى الثياب الرّقاق ، الواحد سِبٌ ، بالكسر ، يعنى إذا كانت لغير التّجارة. وقيل إنما هى السّيوب ، بالياء ، وهى الرّكاز ؛ لأن الركاز يجب فيه الخمس لا الزّكاة.

ومنه حديث صلة بن أشيم «فإذا سِبٌ فيه دوخلّة رطب» أى ثوب رقيق.

(س) وفى حديث ابن عباس رضى الله عنهما «أنه سئل عن سَبَائِبَ يسلف فيها» السَّبَائِبُ : جمع سَبِيبَةٍ ، وهى شقّة من الثياب أىّ نوع كان. وقيل هى من الكتّان.

ومنه حديث عائشة «فعمدت إلى سَبِيبَةٍ من هذه السَّبَائِبِ فحشتها صوفا ثم أتتنى بها».

٣٢٩

(ه) ومنه الحديث «دخلت على خالد وعليه سَبِيبَةٌ».

(ه) وفى حديث استسقاء عمر «رأيت العباس رضى الله عنه وقد طال عمر ، وعيناه تنضمّان (١) وسَبَائِبُهُ تجول على صدره» يعنى ذوائبَه ، واحدها سَبِيبٌ. وفى كتاب الهروى على اختلاف نسخه «وقد طال عمره» (٢) وإنما هو طال عُمَرَ : أى كان أطول منه ؛ لأن عمر لمّا استسقى أخذ العباس إليه وقال : اللهم إنّا نتوسّل إليك بعمّ نبيّك. وكان إلى جانبه ، فرآه الراوى وقد طاله : أى كان أطول منه.

وفيه «سِبَابُ المسلم فسوق وقتاله كفر» السَّبُ : الشّتم. يقال سَبَّهُ يَسُبُّهُ سَبّاً وسِبَاباً. قيل هذا محمول على من سبّ أو قاتل مسلما من غير تأويل. وقيل إنما قال ذلك على جهة التّغليظ ، لا أنّه يخرجه إلى الفسق والكفر.

(س) وفى حديث أبى هريرة «لا تمشينّ أمام أبيك ، ولا تجلس قبله ، ولا تدعه باسمه ، ولا تَسْتَسِبَ له» أى لا تعرّضه للسّبّ وتجرّه إليه ، بأن تَسُبَّ أبا غيرك فَيَسُبَّ أباك مجازاة لك. وقد جاء مفسّرا فى الحديث الآخر «إن من أكبر الكبائر أن يَسُبَ الرجل والديه. قيل : وكيف يَسُبُ والديه؟ قال : يَسُبُّ أبا الرجل فَيَسُبُّ أباه وأمّه».

(ه) ومنه الحديث «لا تَسُبُّوا الإبل فإن فيها رقوء الدّم».

(سبت) (ه) فيه «يا صاحب السِّبْتَيْنِ اخلع نعليك» السِّبْتُ بالكسر : جلود البقر المدبوغة بالقرظ يتّخذ منها النّعال ، سمّيت بذلك ؛ لأن شعرها قد سُبِتَ عنها : أى حلق وأزيل. وقيل لأنّها انْسَبَتَتْ بالدّباغ : أى لانت ، يريد : يا صاحب النّعلين. وفى تسميتهم للنّعل المتّخذة من السِّبْتِ سِبْتاً اتساع ، مثل قولهم : فلان يلبس الصوف والقطن والإبريسم : أى الثياب المتخذة منها. ويروى السِّبْتِيَّيْنِ ، على النّسب إلى السّبت. وإنما أمره بالخلع احتراما للمقابر ؛ لأنه كان يمشى بينها. وقيل لأنها كان بها قذر ، أو لاختياله فى مشيه (٣).

__________________

(١) كذا فى الأصل وا واللسان وتاج العروس. والذى فى الهروى «تبصّان» وفى الفائق ٢ / ٣٦٦ «تنضحان» وبص : برق ولمع ، ونضحت العين : فارت بالدمع (القاموس).

(٢) فى نسخة الهروى التى بين أيدينا : وقد طال عمر.

(٣) قال الهروى : ويدل على أن السبت ما لا شعر له حديث ابن عمر «قيل له : إنك تلبس النعال السبتية! فقال : رأيت النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يلبس النعال التى ليس عليها شعر وأنا أحب أن ألبسها».

٣٣٠

(ه) ومنه حديث ابن عمر رضى الله عنهما «قيل له : إنك تلبس النعال السِّبْتِيَّةِ» إنما اعترض عليه لأنها نعال أهل النّعمة والسّعة. وقد تكرر ذكرها فى الحديث.

وفى حديث عمرو بن مسعود «قال لمعاوية : ما تسأل عن شيخ نومه سُبُاتٌ ، وليله هبات» السُّبَاتُ : نوم المريض والشيخ المسنّ ، وهو النّومة الخفيفة. وأصله من السَّبْتِ : الراحة والسكون ، أو من القطع وترك الأعمال.

[ه] وفيه ذكر «يوم السَّبْتِ» وسَبَتَ اليهود وسَبَتَتِ اليهود تَسْبُتُ إذا أقاموا عمل يوم السّبت. والْإِسْبَاتُ : الدخول فى السّبت. وقيل سمّى يوم السَّبْتِ ؛ لأن الله تعالى خلق العالم فى ستّة أيّام آخرها الجمعة ، وانقطع العمل ، فسمّى اليوم السّابع يوم السَّبْتِ.

ومنه الحديث «فما رأينا الشّمس سَبْتاً» قيل أراد أسبوعا من السّبت إلى السّبت فأطلق عليه اسم اليوم ، كما يقال عشرون خريفا ، ويراد عشرون سنة. وقيل أراد بِالسَّبْتِ مدّة من الزّمان قليلة كانت أو كثيرة.

(سبج) (ه) فى حديث قيلة «وعليها سُبَيِّجٌ لها» هو تصغير سَبِيجٍ ، كرغيف ورغيّف وهو معرّب شبى ، للقميص بالفارسية. وقيل هو ثوب صوف أسود.

(سبح) قد تكرر فى الحديث ذكر «التَّسْبِيح» على اختلاف تصرّف اللّفظة. وأصل التَّسْبِيحُ : التّنزيه والتقديس والتبرئة من النّقائص ، ثم استعمل فى مواضع تقرب منه اتّساعا. يقال سَبَّحْتُهُ أُسَبِّحُهُ تَسْبِيحاً وسُبْحَاناً ، فمعنى (سُبْحانَ اللهِ) : تنزيه الله ، وهو نصب على المصدر بفعل مضمر ، كأنه قال : أبرّئ الله من السّوء براءة. وقيل معناه : التّسرّع إليه والخفّة فى طاعته. وقيل معناه : السّرعة إلى هذه اللّفظة. وقد يطلق التَّسْبِيحُ على غيره من أنواع الذّكر مجازا ، كالتّحميد والتّمجيد وغيرهما. وقد يطلق على صلاة التطوّع والنافلة. ويقال أيضا للذّكر ولصلاة النّافلة : سُبْحَة. يقال : قضيت سُبْحَتِي. والسُّبْحَةُ من التّسبيح ؛ كالسّخرة من التّسخير. وإنما خصّت النافلة بالسّبحة وإن شاركتها الفريضة فى معنى التّسبيح لأن التَّسْبِيحَاتِ فى الفرائض نوافل ، فقيل لصلاة النّافلة سُبْحَة ، لأنها نافلة كالتّسبيحات والأذكار فى أنها غير واجبة. وقد تكرر ذكر السبحة فى الحديث كثيرا.

(ه) فمنها الحديث «اجعلوا صلاتكم معهم سُبْحَةً» أى نافلة.

٣٣١

ومنها الحديث «كنا إذا نزلنا منزلا لا نُسَبِّحُ حتى تحلّ الرّحال» أراد صلاة الضّحى ، يعنى أنهم كانوا مع اهتمامهم بالصّلاة لا يباشرونها حتى يحطّوا الرّحال ويريحوا الجمال ؛ رفقا بها وإحسانا.

(س) وفى حديث الدعاء «سُبُّوحٌ قدّوس» يرويان بالضم والفتح ، والفتح أقيس ، والضم أكثر استعمالا ، وهو من أبنية المبالغة. والمراد بهما التنزيه.

وفى حديث الوضوء «فأدخل أصبعيه السَّبَّاحَتَيْنِ فى أذنه» السَّبَاحَةُ والْمُسَبِّحَهُ : الإصبع التى تلى الإبهام ، سمّيت بذلك لأنها يشار بها عند التسبيح.

(ه) وفيه «أن جبريل عليه‌السلام قال : «لله دون العرش سبعون حجابا ، لو دنونا من أحدها لأحرقتنا سُبُحَاتُ وجه ربّنا».

(س) وفى حديث آخر «حجابه النور أو النار ، لو كشفه لأحرقت سُبُحَاتُ وجهه كلّ شىء أدركه بصره» سُبُحَاتُ الله : جلاله وعظمته ، وهى فى الأصل جمع سُبْحَةٍ. وقيل أضواء وجهه. وقيل سُبُحَاتُ الوجه : محاسنه ، لأنك إذا رأيت الحسن الوجه. قلت : سُبْحَانَ الله. وقيل معناه تنزيه له : أى سُبْحَانَ وجهه. وقيل : إن سُبُحَاتِ وجهه كلام معترض بين الفعل والمفعول : أى لو كشفها لأحرقت كلّ شىء أدركه بصره ، فكأنه قال : لأحرقت سبحات الله كل شىء أبصره ، كما تقول : لو دخل الملك البلد لقتل والعياذ بالله كلّ من فيه. وأقرب من هذا كلّه أن المعنى : لو انكشف من أنوار الله التى تحجب العباد عنه شىء لأهلك كلّ من وقع عليه ذلك النّور ، كما خرّ موسى عليه‌السلام صعقا ، وتقطّع الجبل دكّا لمّا تجلّى الله سبحانه وتعالى.

(س) وفى حديث المقداد «أنه كان يوم بدر على فرس يقال له سَبْحَة» هو من قولهم فرس سَابِحٌ ، إذا كان حسن مدّ اليدين فى الجرى.

(سبحل) فيه «خير الإبل السِّبَحْلُ» أى الضّخم.

(سبخ) (ه) فى حديث عائشة «أنه سمعها تدعو على سارق سرقها ، فقال : لا تُسَبِّخِي عنه بدعائك عليه» أى لا تخفّفى عنه الإثم الذى استحقّه بالسّرقة.

ومنه حديث عليّ رضى الله عنه «أمهلنا يُسَبِّخْ عنا الحرّ» أى يخفّ.

٣٣٢

وفيه «أنه قال لأنس ـ وذكر البصرة ـ إن مررت بها ودخلتها فإيّاك وسِبَاخَهَا وكلأها» السِّبَاخُ : جمع سَبَخَة ، وهى الأرض التى تعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت إلا بعض الشجر. وقد تكرر ذكرها فى الحديث.

(سبد) (ه) فى حديث الخوارج «التَّسْبِيدُ فيهم فاش» هو الحلق واستئصال الشّعر. وقيل هو ترك التّدهّن وغسل الرّأس.

وفى حديث آخر «سيماهم التّحليق والتَّسْبِيدُ».

(ه) ومنه حديث ابن عباس «أنه قدم مكة مُسَبِّداً رأسه» يريد ترك التّدهّن والغسل.

(سبذ) (س) فى حديث ابن عباس «جاء رجل من الْأَسْبَذِيِّينَ إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم». هم قوم من المجوس لهم ذكر فى حديث الجزية. قيل كانوا مسلحة لحصن المشقّر من أرض البحرين ، الواحد أَسْبَذِيٌ ، والجمع الْأَسَابِذَةُ.

(سبر) (ه) فيه «يخرج رجل من النّار قد ذهب حبره وسِبْرُهُ» السِّبْرُ : حسن الهيئة والجمال. وقد تفتح السّين.

(ه) ومنه حديث الزبير «قيل له : مر بنيك حتى يتزوّجوا فى الغرائب ، فقد غلب عليهم سِبْرُ أبى بكر ونحوله» السِّبْرُ هاهنا : الشّبه. يقال عرفته بِسِبْرِ أبيه : أى بشبهه وهيأته. وكان أبو بكر نحيفا دقيق المحاسن ، فأمره أن يزوّجهم للغرائب ليجتمع لهم حسن أبى بكر وشدّة غيره.

(ه) وفيه «إسباغ الوضوء فى السَّبَراتِ» السَّبَرَاتُ : جمع سَبْرَةٍ بسكون الباء ، وهى شدّة البرد.

ومنه حديث زواج فاطمة رضى الله عنها «فدخل عليها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى غداة سَبْرَة».

(س) وفى حديث الغار «قال له أبو بكر : لا تدخله حتى أَسْبُرَهُ قبلك» أى اختبره وأعتبره وأنظر هل فيه أحد أو شىء يؤذى.

٣٣٣

وفيه «لا بأس أن يصلّى الرجل وفى كمّه سَبُّورَةٌ» قيل هى الألواح من السّاج يكتب فيها التّذاكر ، وجماعة من أصحاب الحديث يروونها سنّورة ، وهو خطأ.

(س) وفى حديث حبيب بن أبى ثابت «قال : رأيت على ابن عباس ثوبا سَابِريّاً أستشفّ ما وراءه» كلّ رقيق عندهم سَابِرِيٌ. والأصل فيه الدروع السَّابِرِيَّةُ ، منسوبة إلى سَابُورَ.

(سبسب) (س) فيه «أبدلكم الله تعالى بيوم السَّبَاسِبِ يوم العيد» يوم السَّبَاسِبُ عيد للنّصارى ، ويسمّونه السّعانين.

(س) وفى حديث قس «فبينا أنا أجول سَبْسَبَهَا» السَّبْسَبُ : القفر ، والمفازة. ويروى بسبسها ، وهما بمعنى.

(سبط) (ه) فى صفته عليه‌السلام «سَبْط القصب» السَّبْطُ بسكون الباء وكسرها : الممتدّ الذى ليس فيه تعقّد ولا نتوّ ، والقصب يريد بها ساعديه وساقيه.

(س) وفى حديث الملاعنة إن جاءت به سَبْطاً فهو لزوجها» أى ممتدّ الأعضاء تامّ الخلق.

(ه) ومنه الحديث فى صفة شعره صلى‌الله‌عليه‌وسلم «ليس بِالسَّبْطِ ولا الجعد القطط»

السَّبْطُ من الشّعر : الْمُنْبَسِطُ المسترسل ، والقطط : الشّديد الجعودة : أى كان شعره وسطا بينهما.

(ه) وفيه «الحسين سِبْطٌ من الْأَسْبَاطِ» أى أمّة من الأمم فى الخير. والْأَسْبَاطُ فى أولاد إسحاق بن إبراهيم الخليل بمنزلة القبائل فى ولد إسماعيل ، واحدهم سِبْطٌ ، فهو واقع على الأمّة ، والأمّة واقعة عليه.

(ه) ومنه الحديث الآخر «الحسن والحسين سِبْطَا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» أى طائفتان وقطعتان منه. وقيل الْأَسْبَاطُ خاصّة : الأولاد. وقيل أولاد الأولاد. وقيل أولاد البنات.

ومنه حديث الضّباب «إن الله غضب على سِبْطٍ من بنى إسرائيل فمسخهم دوابّ».

(ه) وفى حديث عائشة رضى الله عنها «كانت تضرب اليتيم يكون فى حجرها حتى

٣٣٤

يُسْبِطَ» أى يمتدّ على وجه الأرض. يقال أَسْبَطَ على الأرض إذا وقع عليها ممتدّا من ضرب أو مرض.

(س) وفيه «أنه أتى سُبَاطَةَ قوم فبال قائما» السُّبَاطَةُ والكناسة : الموضع الذى يرمى فيه التراب والأوساخ وما يكنس من المنازل. وقيل هى الكناسة نفسها. وإضافتها إلى القوم إضافة تخصيص لا ملك ؛ لأنها كانت مواتا مباحة. وأما قوله : قائما ، فقيل لأنه لم يجد موضعا للقعود ؛ لأن الظاهر من السُّبَاطَةِ أن لا يكون موضعها مستويا. وقيل لمرض منعه عن القعود. وقد جاء فى بعض الروايات : لعله بمأبضية. وقيل فعله للتّداوى من وجع الصّلب ؛ لأنهم كانوا يتداوون بذلك.

وفيه «أن مدافعة البول مكروهة ، لأنه بال قائما فى السُّبَاطَةِ ولم يؤخّره».

(سبطر) (ه) فى حديث شريح «إن هى قرّت ودرّت واسْبَطَرَّتْ فهو لها» أى امتدّت للإرضاع ومالت إليه.

ومنه حديث عطاء «أنه سئل عن رجل أخذ من الذّبيحة شيئا قبل أن تَسْبَطِرَّ ، فقال : ما أخذت منها فهو ميتة» أى قبل أن تمتدّ بعد الذّبح.

(سبع) فيه «أوتيت السَّبْعَ المثانى» وفى رواية «سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي» قيل هى الفاتحة لأنها سبع آيات. وقيل السّور الطوال من البقرة إلى التّوبة ، على أن تحسب التوبة والأنفال بسورة واحدة ، ولهذا لم يفصل بينهما فى المصحف بالبسملة. ومن فى قوله : (مِنَ الْمَثانِي) ، لتبيين الجنس ، ويجوز أن تكون للتبعيض : أى سَبْعُ آيات أو سبع سور من جملة ما يثنى به على الله من الآيات.

وفيه «إنه ليغان على قلبى حتى أستغفر الله فى اليوم سَبْعِينَ مرة» قد تكرر ذكر السَّبْعِينَ والسَّبْعَة والسَّبْعمائة فى القرآن والحديث. والعرب تضعها موضع التضعيف والتكثير ، كقوله تعالى (كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ) وكقوله «إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ» وكقوله [عليه‌السلام] «الحسنة بعشر أمثالها إلى سَبْعِمِائَةٍ» وأعطى رجل أعرابيا درهما فقال : سَبَّعَ الله لك الأجر ، أراد التضعيف.

(ه) وفيه «للبكر سَبْعٌ وللثّيّب ثلاث» يجب على الزّوج أن يعدل بين نسائه فى القسم فيقيم عند كل واحدة مثل ما يقيم عند الأخرى ، فإن تزوّج عليهنّ بكرا أقام عندها سَبْعَةَ أيام لا تحسبها

٣٣٥

عليه نساؤه فى القسم ، وإن تزوّج ثيّبا أقام عندها ثلاثة أيام لا تحسب عليه.

ومنه الحديث «قال لأم سلمة حين تزوّجها ـ وكانت ثيّبا ـ إن شئت سَبَّعْتُ عندك ثم سَبَّعْتُ عند سائر نسائى ، وإن شئت ثلّثت ثم درت» أى لا أحتسب بالثلاث عليك. اشتقّوا فَعَّل من الواحد إلى العشرة ، فمعنى سَبَّعَ : أقام عندها سبعا ، وثلّث أقام عندها ثلاثا. وسَبَّعَ الإناء إذا غسله سبع مرّات ، وكذلك من الواحد إلى العشرة فى كلّ قول أو فعل.

(ه) وفيه «سَبَّعَتْ سليم يوم الفتح» أى كملت سبعمائة رجل.

(ه) وفى حديث ابن عباس وسئل عن مسئلة فقال «إحدى من سَبْعٍ» أى اشتدّت فيها الفتيا وعظم أمرها. ويجوز أن يكون شبّهها بإحدى اللّيالى السّبع التى أرسل الله فيها الرّيح على عاد ، فضربها لها مثلا فى الشدّة لإشكالها. وقيل أراد سبع سنى يوسف الصدّيق عليه‌السلام فى الشدّة.

ومنه الحديث «إنه طاف بالبيت أُسْبُوعاً» أى سبع مرّات.

ومنه «الْأُسْبُوعُ للأيّام السّبعة». ويقال له سُبُوعٌ بلا ألف لغة فيه قليلة. وقيل هو جمع سُبْعٍ أو سَبْعٍ ، كبرد وبرود ، وضرب وضروب.

ومنه حديث سلمة بن جنادة «إذا كان يوم سبوعه» يريد يوم أُسْبُوعِهِ من العرس : أى بعد سبعة أيام.

(ه س) وفيه «إنّ ذئبا اختطف شاة من الغنم أيام مبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فانتزعها الرّاعى منه ، فقال الذئب : من لها يوم السَّبْعِ؟» قال ابن الأعرابى : السَّبْعُ بسكون الباء : الموضع الذى إليه يكون المحشر يوم القيامة ، أراد من لها يوم القيامة. والسَّبْعُ أيضا : الذّعر ، سَبَعْتُ فلانا إذا ذعرته. وسَبَعَ الذّئب الغنمَ إذا فرسها : أى من لها يوم الفزع. وقيل هذا التأويل يفسد بقول الذّئب فى تمام الحديث : يوم لا راعى لها ، غيرى. والذّئب لا يكون لها راعيا يوم القيامة. وقيل أراد من لها عند الفتن حين يتركها الناس هملا لا راعى لها ، نهبة للذئاب والسِّبَاعِ ، فجعل السَّبُع لها راعيا إذ هو منفرد بها ، ويكون حينئذ بضمّ الباء. وهذا إنذار بما يكون من الشّدائد والفتن التى يهمل الناس فيها مواشيهم فتستمكن منها السّباع بلا مانع. وقال أبو موسى بإسناده عن أبى

٣٣٦

عبيدة : يوم السَّبْع عيد كان لهم فى الجاهليّة يشتغلون بعيدهم ولهوهم ، وليس بالسَّبُع الذى يفترس الناس. قال : وأملاه أبو عامر العبدرى الحافظ بضم الباء ، وكان من العلم والإتقان بمكان.

وفيه «نهى عن جلود السِّبَاعِ» السِّبَاعُ تقع على الأسد والذّئاب والنّمور وغيرها. وكان مالك يكره الصلاة فى جلود السّباع وإن دبغت ، ويمنع من بيعها. واحتجّ بالحديث جماعة ، وقالوا إنّ الدّباغ لا يؤثر فيما لا يؤكل لحمه. وذهب جماعة إلى أن النّهى تناولها قبل الدّباغ ، فأما إذا دبغت فقد طهرت. وأما مذهب الشّافعى فإن الدّباغ (١) يطهّر جلود الحيوان المأكول وغير المأكول إلا الكلب والخنزير وما تولّد منهما ، والدّباغ يطهّر كلّ جلد ميتة غيرهما. وفى الشّعور والأوبار خلاف هل تطهر بالدّباغ أم لا. وقيل إنما نهى عن جلود السِّبَاعِ مطلقا ، وعن جلد النّمر خاصّا ، ورد فيه أحاديث لأنه من شعار أهل السّرف والخيلاء.

ومنه الحديث «أنه نهى عن أكل كلّ ذى ناب من السِّبَاع» هو ما يفترس الحيوان ويأكله قهرا وقسرا ، كالأسد والنّمر والذّئب ونحوها.

(ه) وفيه «أنه صبّ على رأسه الماء من سِبَاعٍ كان منه فى رمضان» السِّبَاعُ : الجماع. وقيل كثرته.

(ه) ومنه الحديث «أنه نهى عن السِّبَاعِ» هو الفخار بكثرة الجماع. وقيل هو أن يتسابّ الرّجلان فيرمى كلّ واحد صاحبه بما يسوءه. يقال سَبَعَ فلان فلانا إذا انتقصه وعابه (٢).

وفيه ذكر «السَّبِيع» هو بفتح السين وكسر الباء : محلّة من محالّ الكوفة منسوبة إلى القبيلة ، وهم بنو سَبِيعٍ من همدان.

(سبغ) (ه) فى حديث قتل أبىّ بن خلف «زجله بالحربة فتقع فى ترقوته تحت تَسْبِغَةِ البيضة» التَّسْبِغَةُ : شىء من حلق الدّروع والزّرد يعلّق بالخوذة دائرا معها ليستر الرّقبة وجيب الدّرع.

__________________

(١) فى الأصل وا واللسان «فإن الذبح» والمثبت أفاده مصحح الأصل. وهو الصواب المعروف فى مذهب الشافعية.

(٢) فى الدر النثير : قلت الأول تفسير ابن لهيعة. وقال ابن وهب : يريد جلود السباع ، حكاه البيهقى فى سننه.

٣٣٧

(س) ومنه حديث أبى عبيدة «إنّ زردتين من زرد التَّسْبِغَةِ نشبتا فى خدّ النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم أحد» وهى تفعلة مصدر سَبَّغَ ، من السُّبُوغ : الشّمول.

(س) ومنه الحديث «كان اسم درع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذو السُّبُوغِ» لتمامها وسعتها.

(س) وفى حديث الملاعنة «إن جاءت به سَابِغَ الأليتين» أى تامّها وعظيمهما ، من سُبُوغِ الثّوب والنّعمة.

(س) ومنه حديث شريح «أَسْبِغُوا لليتيم فى النّفقة» أى أنفقوا عليه تمام ما يحتاج إليه ، ووسّعوا عليه فيها.

(سبق) (س) فيه «لا سَبَقَ إلا فى خفّ أو حافر أو نصل» السَّبَقُ بفتح الباء : ما يجعل من المال رهنا على الْمُسَابَقَةِ. وبالسّكون : مصدر سَبَقْتُ أَسْبِقُ سَبْقاً. المعنى لا يحل أخذ المال بالمسابقة إلّا فى هذه الثّلاثة ، وهى الإبل والخيل والسّهام ، وقد ألحق بها الفقهاء ما كان بمعناها ، وله تفصيل فى كتب الفقه. قال الخطّابى : الرّواية الصحيحة بفتح الباء.

(س) ومنه الحديث «أنه أمر بإجراء الخيل ، وسَبَّقَهَا ثلاثة أعذق من ثلاث نخلات» سَبَّقَ هاهنا بمعنى أعطى السَّبَق. وقد يكون بمعنى أخذ ، وهو من الأضداد ، أو يكون مخفّفا وهو المال المعيّن.

ومنه الحديث «استقيموا فقد سَبَقْتُمْ سَبْقاً بعيدا» يروى بفتح السين وبضمها على ما لم يسمّ فاعله ، والأوّل أولى ، لقوله بعده : وإن أخذتم يمينا وشمالا فقد ضللتم.

وفى حديث الخوارج «سَبَقَ الفرث والدّم» أى مرّ سريعا فى الرّميّة وخرج منها لم يعلق منها بشىء من فرثها ودمها لسرعته ، شبّه به خروجهم من الدّين ولم يعلقوا بشىء منه.

(سبك) (س) فى حديث عمر «لو شئت لملأت الرّحاب صلائق وسَبَائِكَ» أى ما سُبِكَ من الدقيق ونخل فأخذ خالصه. يعنى الحوّارى ، وكانوا يسمّون الرّقاق السَّبَائِك.

(سبل) قد تكرر فى الحديث ذكر «سَبِيل الله وابن السَّبِيلِ» فَالسَّبِيلُ : فى الأصل الطّريق ويذكّر ويؤنّث ، والتأنيث فيها أغلب. وسَبِيلُ الله عامّ يقع على كل عمل خالص سلك به طريق

٣٣٨

التقرّب إلى الله تعالى بأداء الفرائض والنّوافل وأنواع التّطوّعات ، وإذا أطلق فهو فى الغالب واقع على الجهاد ، حتى صار لكثرة الاستعمال كأنه مقصور عليه. وأمّا ابن السَّبِيلِ فهو المسافر الكثير السّفر ، سمى ابنا لها لملازمته إيّاها.

(ه) وفيه «حريم البئر أربعون ذراعا من حواليها لأعطان الإبل والغنم ، وابن السَّبِيلِ أوّل شارب منها» أى عابر السَّبِيل المجتاز بالبئر أو الماء أحقّ به من المقيم عليه ، يمكّن من الورد والشّرب ، وأن يرفع لشفته ثم يدعه للمقيم عليه.

(س) وفى حديث سمرة «فإذا الأرض عند أَسْبُلِهِ» أى طرقه ، وهو جمع قلة للسّبيل إذا أنّثت ، وإذا ذكّرت فجمعها أَسْبِلَةٌ.

وفى حديث وقف عمر «احبس أصلها وسَبِّلْ ثمرتها» أى اجعلها وقفا ، وأبح ثمرتها لمن وقفتها عليه ، سَبَّلْتُ الشىء إذا أبحته ، كأنّك جعلت إليه طريقا مطروقة.

(ه) وفيه «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة : الْمُسْبِلُ إزاره» هو الذى يطوّل ثوبه ويرسله إلى الأرض إذا مشى. وإنما يفعل ذلك كبرا واختيالا. وقد تكرّر ذكر الْإِسْبَالِ فى الحديث ، وكلّه بهذا المعنى.

ومنه حديث المرأة والمزادتين «سَابِلَة رجليها بين مزادتين» هكذا جاء فى رواية. والصّواب فى اللّغة مُسْبِلَة : أى مدلّية رجليها. والرّواية سادلة : أى مرسلة.

(ه) ومنه حديث أبى هريرة «من جرّ سَبَلَهُ من الخيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» السَّبَلُ بالتحريك : الثياب المسبلة ، كالرّسل ، والنشر ؛ فى المرسلة والمنشورة. وقيل : إنها أغلظ ما يكون من الثياب تتّخذ من مشاقة الكتّان.

ومنه حديث الحسن «دخلت على الحجّاج وعليه ثياب سَبَلَةٌ».

(ه) وفيه «إنه كان وافر السَّبَلَة» السَّبَلَةُ بالتحريك : الشّارب ، والجمع السِّبَالُ ، قاله الجوهرى. وقال الهروى (١) هى الشّعرات التى تحت اللّحى الأسفل. والسَّبَلَةُ عند العرب مقدّم الّلحية وما أَسْبَلَ منها على الصّدر.

__________________

(١) حكاية عن الأزهرى.

٣٣٩

ومنه حديث ذى الثّديّة «عليه شعيرات مثل سَبَالَةِ السّنّور».

(س) وفى حديث الاستسقاء «اسقنا غيثا سَابِلاً» أى هاطلا غزيرا. يقال أَسْبَلَ المطر والدّمع إذا هطلا. والاسم السَّبَلُ بالتحريك.

(س) ومنه حديث رقيقة.

فجاد بالماء جونىّ له سَبَلٌ

أى مطر جود هاطل.

(س) وفى حديث مسروق «لا تسلم فى قراح حتى يُسْبِلَ» أَسْبَلَ الزّرع إذا سَنْبَلَ. والسَّبَلُ : السُّنْبُلُ ، والنون زائدة.

(سبن) (س) فى حديث أبى بردة ، فى تفسير الثّياب القسّيّة «قال : فلما رأيت السَّبَنِيَ عرفت أنها هى» السَّبَنِيَّةُ : ضرب من الثّياب تتّخذ من مشاقة الكتّان ، منسوبة إلى موضع بناحية المغرب يقال له سبن.

(سبنت) (س) فى مرثية عمر رضى الله عنه :

وما كنت أرجو أن تكون وفاته

بكفّى سَبَنْتَى أزرق العين مطرق

السَّبَنْتَى والسّبندى : النّمر.

(سبنج) (س) فيه «كان لعلى بن الحسين سَبَنْجُونَة من جلود الثّعالب ، كان إذا صلّى لم يلبسها» ؛ هى فروة. وقيل هى تعريب آسمان جون : أى لون السّماء.

(سبهل) (س) فيه «لا يجيئن أحدكم يوم القيامة سَبَهْلَلاً» أى فارغا ، ليس معه من عمل الآخرة شىء. يقال جاء يمشى سَبَهْلَلاً ؛ إذا جاء وذهب فارغا فى غير شىء.

(س) ومنه حديث عمر «إنى لأكره أن أرى أحدكم سَبَهْلَلاً لا فى عمل دنيا ولا فى عمل آخرة» التنكير فى دنيا وآخرة يرجع إلى المضاف إليهما وهو العمل ، كأنه قال : لا فى عمل من أعمال الدّنيا ولا فى عمل من أعمال الآخرة.

(سبا) قد تكرر فى الحديث ذكر «السَّبْي والسَّبِيَّة والسَّبَايَا» فَالسَّبْيُ : النّهب وأخذ الناس عبيدا وإماء ، والسَّبِيَّةُ : المرأة المنهوبة ، فعيلة بمعنى مفعولة ، وجمعها السَّبَايَا.

٣٤٠