النّهاية - ج ٢

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٢

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٥٢٦

(س) وفى حديث أبى الأسود «قال لإنسان : ما فعلت امرأته التى كانت تُزَارُّهُ وتمارّه؟» الْمُزَارَّةُ من الزَّرِّ وهو العضّ ، وحمار مِزَرٌّ : كثير العض.

(زرع) قد تكرر فيه ذكر «الزِّرَاعَةِ» وهى معروفة. وقد جاء فى بعض الحديث «الزَّرَّاعَةُ» بفتح الزاى وتشديد الراء. قيل هى الأرض التى تُزْرَعُ.

(زرف) (ه) فى خطبة الحجاج «إياى وهذه الزَّرَافَاتِ» يعنى الجماعات ، واحدهم زَرَافَةٌ بالفتح ، نهاهم أن يجتمعوا فيكون ذلك سببا لثوران الفتنة.

(ه) وفى حديث قرّة بن خالد «كان الكلبىّ يُزَرِّفُ فى الحديث» أى يزيد فيه ، مثل يزلّف.

(زرم) (ه) فيه «أنه بال عليه الحسن بن على فأخذ من حجره ، فقال : لا تُزْرِمُوا ابنى» أى لا تقطعوا عليه بوله. يقال زَرِمَ الدمعُ والبولُ إذا انقطعا ، وأَزْرَمْتُهُ أنا.

ومنه حديث الأعرابى الذى بال فى المسجد قال : «لا تُزْرِمُوهُ».

(زرمق) (ه) فى حديث ابن مسعود «إن موسى عليه‌السلام أتى فرعون وعليه زُرْمَانِقَةٌ» أى جبّة صوف. والكلمة أعجمية. قيل هى عبرانيّة ، والتفسير فى الحديث. وقيل فارسيّة ، وأصله أشتربانه : أى متاع الجمّال.

(زرنب) (ه) فى حديث أم زرع «المسّ مسّ أرنب ، والرّيح ريح زَرْنَبٍ» الزَّرْنَبُ : نوع من أنواع الطّيب. وقيل هو نبت طيّب الرّيح. وقيل هو الزعفران (١).

(زرنق) (ه) فى حديث عليّ رضى الله عنه «لا أدع الحجّ ولو تَزَرْنَقْتُ» وفى رواية «ولو أن أَتَزَرْنَقَ» أى ولو استقيت على الزُّرْنُوقِ بالأجرة ، وهى آلة معروفة من الآلات التى يستقى بها من الآبار ، وهو أن ينصب على البئر أعواد وتعلّق عليها البكرة. وقيل أراد من الزَّرْنَقَةِ ، وهى العِينَةُ ، وذلك بأن يشترى الشّىء بأكثر من ثمنه إلى أجل ثم يبيعه منه أو من غيره بأقلّ مما اشتراه ، كأنه معرّب زرنه : أى ليس الذّهب معى.

(ه) ومنه الحديث «كانت عائشة تأخذ الزَّرْنَقَةَ» أى العينة.

__________________

(١) فى الهروى : «قال ابن السكيت : أرادت : زوجى لين العريكة طيب الذكر والعرض».

٣٠١

ومنه حديث ابن المبارك «لا بأس بِالزَّرْنَقَةِ».

[ه] وفى حديث عكرمة «قيل له : الجنب ينغمس فى الزُّرْنُوقِ أيجزئه؟ قال : نعم» الزُّرْنُوقُ : هو النّهر الصّغير ، وكأنه أراد الساقية التى يجرى فيها الماء الذى يستقى بالزّرنوق ؛ لأنه من سببه.

(زرا) فيه «فهو أجدر أن لا تَزْدَرُوا نعمة الله عليكم» الِازْدِرَاءُ : الاحتقار والانتقاص والعيب ، وهو افتعال ، من زَرَيْتُ عليه زِرَايَةً إذا عبته ، وأَزْرَيْتُ به إِزْرَاءً إذا قصّرت به وتهاونت. وأصل ازْدَرَيْتُ ازْتَرَيْتُ ، وهو افتعلت منه ، فقلبت التاء دالا لأجل الزاى.

(باب الزاى مع الطاء)

(زطط) (س) فى بعض الأخبار «فحلق رأسه زُطِّيَّةً» قيل هو مثل الصّليب ، كأنه فعل الزُّطِّ ، وهم جنس من السّودان والهنود.

(باب الزاى مع العين)

(زعب) (ه) فيه «أنه قال لعمرو بن العاص : إنى أرسلت إليك لأبعثك فى وجه يسلّمك الله ويغنمك ، وأَزْعَبُ لك زَعْبَةً من المال» أى أعطيك دفعة من المال. وأصل الزَّعْبِ : الدّفع والقسم.

(س) ومنه حديث أبى الهيثم «فلم يلبث أن جاء بقربة يَزْعَبُهَا» أى يتدافع بها ويحملها لثقلها. وقيل زَعَبَ بحمله إذا استقام.

وفى حديث عليّ وعطيّته «أنه كان يَزْعَبُ لقوم ويخوّص لآخرين» الزَّعْبُ : الكثرة.

وفى حديث سحر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أنه كان تحت زَعُوبَةٍ أو زعوفة» هى بمعنى راعوفة ، وقد تقدمت فى حرف الراء.

(زعج) (س) فى حديث أنس «رأيت عمر يُزْعِجُ أبا بكر إِزْعَاجاً يوم السّقيفة» أى يقيمه ولا يدعه يستقرّ حتى بايعه.

٣٠٢

(س) وفى حديث ابن مسعود «الحلف يُزْعِجُ السّلعة ويمحق البركة» أى ينفقها ويخرجها من يد صاحبها ويقلقها.

(زعر) (س) فى حديث ابن مسعود «إنّ امرأة قالت له : إنى امرأة زَعْرَاءُ» أى قليلة الشّعر ، وهو الزَّعَرُ بالتحريك. ورجل أَزْعَرُ ، والجمع زُعْرٌ.

ومنه حديث عليّ رضى الله عنه يصف الغيث «أخرج به من زُعْرِ الجبال الأعشاب» يريد القليلة النّبات ، تشبيها بقلة الشّعر.

(زعم) (ه) فيه «الزَّعِيمُ غارم» الزَّعِيمُ : الكفيل ، والغَارِمُ : الضّامن.

ومنه حديث عليّ «ذمّتى رهينة وأنا به زَعِيمٌ» أى كفيل. وقد تكرر فى الحديث.

(ه) وفيه «أنه ذكر أيوب عليه‌السلام فقال : كان إذا مرّ برجلين يَتَزَاعَمَانِ ، فيذكران الله ، كفّر عنهما» أى يتداعيان شيئا فيختلفان فيه ، فيحلفان عليه كان يكفّر عنهما لأجل حلفهما. وقال الزّمخشرى : «معناه أنهما يتحادثان بِالزَّعَمَاتِ : وهى ما لا يوثق به من الأحاديث ، وقوله فيذكران الله : أى على وجه الاستغفار».

ومنه الحديث «بئس مطيّة الرجل زَعَمُوا» معناه أنّ الرجل إذا أراد المسير إلى بلد والظعن فى حاجة ركب مطيته ، وسار حتى يقضى أربه ، فشبّه ما يقدّمه المتكلّم أمام كلامه ويتوصّل به إلى غرضه ـ من قوله زعموا كذا وكذا ـ بالمطية التى يتوصّل بها إلى الحاجة. وإنما يقال زعموا فى حديث لا سند له ولا ثبت فيه ، وإنما يحكى على الألسن على سبيل البلاغ ، فذمّ من الحديث ما كان هذا سبيله. والزُّعْمُ بالضم والفتح : قريب من الظنّ.

(س) وفى حديث المغيرة «زَعِيمُ الأنفاس» أى موكّل بالأنفاس يصعّدها لغلبة الحسد والكآبة عليه ، أو أراد أنفاس الشّرب ، كأنه يتحسّس كلام الناس ويعيبهم بما يسقطهم. والزَّعِيمُ هنا بمعنى الوكيل.

(زعن) (س) فى حديث عمرو بن العاص «أردت أن تبلّغ الناس عنّى مقالة يَزْعَنُونَ إليها» أى يميلون إليها. يقال زَعَنَ إلى الشّىء إذا مال إليه. قال أبو موسى : أظنّه يركنون إليها فصحّف. قلت : الأقرب إلى التّصحيف أن يكون : يذعنون من الإذعان وهو الانقياد ، فعدّاها بإلى بمعنى اللّام. وأمّا يركنون فما أبعدها من يَزْعَنُونَ.

٣٠٣

(زعنف) (ه) فى حديث عمرو بن ميمون «إيّاكم وهذه الزَّعَانِيفَ الذين رغبوا عن الناس وفارقوا الجماعة» هى الفرق المختلفة. وأصلها أطراف الأديم والأكارع. وقيل أجنحة السّمك ، واحدتها زِعْنِفَةٌ ، وجمعها زَعَانِفُ ، والياء فى الزَّعَانِيفِ للإشباع ، وأكثر ما تجىء فى الشّعر ، شبّه من خرج عن الجماعة بها.

(باب الزاى مع الغين)

(زغب) (س) فيه «أنه أهدى له أجر زُغْبٌ» أى قثّاء صغار. والزُّغْبُ جمع الْأَزْغَبِ ، من الزَّغَبِ : صغار الريش أوّل ما يطلع ، شبّه به ما على القثّاء من الزّغب.

(زغر) فى حديث الدجال «أخبرونى عن عين زُغَرَ هل فيها ماء؟ قالوا : نعم» زُغَر بوزن صرد : عين بالشّام من أرض البلقاء. قيل هو اسم لها. وقيل اسم امرأة نسبت إليها.

وفى حديث عليّ رضى الله عنه «ثم يكون بعد هذا غرق من زُغَر» وسياق الحديث يشير إلى أنها عين فى أرض البصرة ، ولعلها غير الأولى. فأمّا زُعْر ـ بسكون العين المهملة ـ فموضع بالحجاز.

باب الزاى مع الفاء

(زفت) (ه) فيه «أنه نهى عن الْمُزَفَّتِ من الأوعية» هو الإناء الذى طلى بِالزِّفْتِ وهو نوع من القار ، ثم انتبذ فيه.

(زفر) (س) فيه «وكان النساء يَزْفِرْنَ القرب يسقين الناس فى الغزو» ، أى يحملنها مملوءة ماء. زَفَرَ وازْدَفَرَ إذا حمل. والزِّفْرُ : القربة.

ومنه الحديث «كانت أمّ سليط تَزْفِرُ لنا القرب يوم أحد».

(ه) وفى حديث عليّ رضى الله عنه «كان إذا خلا مع صاغيته وزَافِرَتِهِ انبسط» زَافِرَةُ الرجل : أنصاره وخاصّته.

٣٠٤

(زفزف) (س) فى حديث أمّ السائب «أنه مرّ بها وهى تُزَفْزِفُ من الحمّى» أى ترتعد من البرد. ويروى بالرّاء. وقد تقدّم.

(زفف) (ه) فى حديث تزويج فاطمة رضى الله عنها «أنه صنع طعاما وقال لبلال : أدخل الناس علىّ زُفَّةً زُفَّةً» أى طائفة بعد طائفة ، وزمرة بعد زمرة ، سمّيت بذلك لِزَفِيفِهَا فى مشيها وإقبالها بسرعة.

(س) ومنه الحديث «يُزَفُ علىّ بينى وبين إبراهيم عليه‌السلام إلى الجنة» إن كسرت الزاى فمعناه يسرع ، من زَفَ فى مشيه وأَزَفَ إذا أسرع ، وإن فتحت فهو من زَفَفْتُ العروس أَزُفُّهَا إذا أهديتها إلى زوجها.

ومنه الحديث «إذا ولدت الجارية بعث الله إليها ملكا يَزِفُ البركة زَفّاً».

ومنه حديث المغيرة «فما تفرّقوا حتى نظروا إليه قد تكتّب يُزَفُ فى قومه».

(زفل) فى حديث عائشة «أنها أرسلت إلى أَزْفَلَةٍ من الناس» أى جماعة. وقد تقدّم هو وأمثاله فى حرف الهمزة ، لأجل لفظه وإن كان هذا موضعه.

(زفن) فى حديث فاطمة رضى الله عنها «أنها كانت تَزْفِنُ للحسن» أى ترقّصه. وأصل الزَّفْنِ : اللّعب والدفع.

(س) ومنه حديث عائشة رضى الله عنها «قدم وفد الحبشة فجعلوا يَزْفِنُونَ ويلعبون» أى يرقصون.

(س) ومنه حديث عبد الله بن عمرو «إنّ الله أنزل الحقّ ليذهب به الباطل ، ويبطل به اللعب والزَّفْن ، والزّمارات والمزاهر ، والكنّارات» ساق هذه الألفاظ سياقا واحدا.

(باب الزاى مع القاف)

(زقف) (ه) فيه «يأخذ الله السموات والأرض يوم القيامة بيده ثم يَتَزَقَّفُهَا تَزَقُّفَ الرّمّانة».

٣٠٥

[ه] ومنه الحديث «بلغ عمر أنّ معاوية قال : لو بلغ هذا الأمر إلينا بنى عبد مناف ـ يعنى الخلافة ـ تَزَقَّفْنَاهُ تَزَقُّفَ الأكرة» التَّزَقُّفُ. كالتّلقّف. يقال تَزَقَّفْتُ الكرة وتلقّفتها ، وهو أخذها باليد على سبيل الاختطاف والاستلاب من الهواء. وهكذا جاء الحديث «الأكرة» والأفصح الكرة. وبنى عبد مناف : منصوب على المدح ، أو مجرور على البدل من الضّمير فى إلينا.

ومنه الحديث «إنّ أبا سفيان قال لبنى أميّة : تَزَقَّفُوهَا تَزَقُّفَ الكرة» يعنى الخلافة.

(ه) ومنه حديث ابن الزبير «لما اصطفّ الصفّان يوم الجمل كان الأشتر زَقَفَنِي منهم فأتخذنا ، فوقعنا إلى الأرض ، فقلت اقتلونى ومالكا (١)» أى اختطفنى واستلبنى من بينهم. والائتخاذ : افتعال من الأخذ بمعنى التّفاعل : أى أخذ كلّ واحد منّا صاحبه.

(زقق) (ه) فيه «من منح منحة لبن أو هدى زُقَاقاً» الزُّقَاقُ بالضّم : الطّريق ، يريد من دلّ الضّال أو الأعمى على طريقه. وقيل أراد من تصدّق بِزُقَاقٍ من النّخل ، وهى السّكة منها. والأوّل أشبه ؛ لأن هدى من الهداية لا من الهديّة.

(ه) وفى حديث عليّ «قال سلّام : أرسلنى أهلى إليه وأنا غلام فقال : ما لي أراك مُزَقَّقاً» أى محذوف شعر الرّأس كلّه ، وهو من الزِّقِ : الجلد يجز شعره ولا ينتف نتف الأديم : يعنى ما لى أراك مطموم الرّأس كما يطم الزّقّ؟

ومنه حديث سلمان «أنه رئى مطموم الرأس مُزَقَّقاً».

(س) ومنه حديث بعضهم «أنه حلق رأسه زُقِّيَّة» أى حلقة منسوبة إلى التَّزْقِيقِ. ويروى بالطّاء. وقد تقدّم.

(زقم) فى صفة النار «لو أن قطرة من الزَّقُّومِ قطرت فى الدنيا» الزَّقُّومُ : ما وصف الله فى كتابه العزيز فقال : «إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ ، طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ» وهى فعّول من الزَّقْمِ : اللّقم الشديد ، والشّرب المفرط.

__________________

(١) مالك : هو اسم الأشتر. الفائق ١ / ٥٣٦.

٣٠٦

(س) ومنه الحديث «إنّ أبا جهل قال : إنّ محمدا يخوّفنا شجرة الزَّقُّومِ ، هاتوا الزّبد والتّمر وتَزَقَّمُوا» أى كلوا. وقيل أكل الزّبد والتمر بلغة إفريقية : الزَّقُّوم.

(زقا) فى حديث هشام بن عروة «أنت أثقل من الزَّوَاقِي» هى الدّيكة ، واحدها زَاقٍ يقال : زَقَا يَزْقُو إذا صاح. وكل صائح زَاقٍ. يريد أنها إذا زَقَتْ سحرا تفرّق السُّمَّارُ والأحباب. ويروى : أثقل من الزّاووق ، وسيجىء.

(باب الزاى مع الكاف)

(زكت) (س) فى صفة عليّ رضى الله عنه «أنه كان مَزْكُوتاً» أى مملوءا علما ، من قولهم زَكَتُ الإناء إذا ملأته ، وزَكَتُّهُ الحديث زَكْتاً إذا أوعاه إياه. وقيل : أراد كان مذّاء ، من المذى.

(زكن) (س) فى ذكر إياس بن معاوية قاضى البصرة ، يضرب به المثل فى الذّكاء ، قال بعضهم «أَزْكَنُ من إياس» الزَّكْنُ والْإِزْكَانُ : الفطنة ، والحدس الصّادق. يقال زَكَنْتُ منه كذا زَكْناً وزَكَانَةً ، وأَزْكَنْتُهُ.

(زكا) (ه) قد تكرر فى الحديث ذكر «الزَّكَاة والتَّزْكِيَة» وأصل الزَّكَاةِ فى اللّغة الطّهارة والنّماء والبركة والمدح ، وكلّ ذلك قد استعمل فى القرآن والحديث ، ووزنها فعلة كالصّدقة ، فلما تحرّكت الواو وانفتح ما قبلها انقلبت ألفا ، وهى من الأسماء المشتركة بين المخرج والفعل ، فتطلق على العين ، وهى الطّائفة من المال الْمُزَكَّى بها ، وعلى المعنى ، وهو التَّزْكِيَةُ. ومن الجهل بهذ البيان أتى من ظلم نفسه بالطّعن على قوله تعالى (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ) ذاهبا إلى العين ، وإنما المراد المعنى الذى هو التّزكية ، فالزَّكَاةُ طهرة للأموال ، وزَكَاةُ الفطر طهرة للأبدان.

وفى حديث زينب «كان اسمها برّة ، فغيّره ، وقال : تُزَكِّي نفسها!» زَكَّى الرجل نفسه إذا وصفها وأثنى عليها.

٣٠٧

وفى حديث الباقر «أنه قال : زَكَاةُ الأرض يبسها» يريد طهارتها من النّجاسة كالبول وأشباهه بأن يجفّ ويذهب أثره.

(س) وفى حديث معاوية «أنه قدم المدينة بمال ، فسأل عن الحسن بن على فقيل إنه بمكة فَأَزْكَى المال ومضى فلحق (١) الحسن ، فقال : قدمت بمال ، فلما بلغنى شخوصك أَزْكَيْتُهُ ، وها هو ذا» كأنه يريد أوعيته مما تقدم. هكذا فسّره أبو موسى.

(باب الزاى مع اللام)

(زلحف) (ه) فى حديث سعيد بن جبير «ما ازْلَحَفَ ناكحُ الأمة عن الزّنا إلّا قليلا ، لأن الله تعالى يقول : (وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ)» أى ما تنحّى وما تباعد. يقال ازْلَحَفَ وازحلفّ ، على القلب ، وتَزَلْحَفَ. قال الزمخشرى : الصواب ازْلَحَفَ كاقشعرّ ، وازَّلْحَفَ (٢) بوزن اطّهّر ، على أن أصله ازتلحف فأدغمت التاء فى الزّاى.

(زلخ) (ه) فيه «إن فلانا المحاربىّ أراد أن يفتك بالنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلم يشعر به إلا وهو قائم على رأسه ومعه السيف ، فقال : اللهمّ اكفنيه بما شئت ، فانكبّ لوجهه من زُلَّخَةٍ زُلِّخَهَا بين كتفيه وندر سيفه» يقال رمى الله فلانا بِالزُّلَّخَةِ ـ بضم الزاى وتشديد اللام وفتحها ـ وهو وجع يأخذ فى الظّهر لا يتحرك الإنسان من شدّته (٣) ، واشتقاقها من الزَّلْخِ وهو الزّلق ، ويروى بتخفيف اللام. قال الجوهرى : «الزَّلْخُ : المزلّة تزلّ منها الأقدام ، والزُّلَّخَةُ مثال القبّرة : الزّحلوقة التى تَتَزَلَّخُ منها الصّبيان» قال الخطّابى : رواه بعضهم : فزلّج بين كتفيه ، يعنى بالجيم وهو غلط.

(زلزل) فيه «اللهم اهزم الأحزاب وزَلْزِلْهُمْ» الزَّلْزَلَةُ فى الأصل : الحركة العظيمة والإزعاج الشديد ، ومنه زَلْزَلَةُ الأرض ، وهو هاهنا كناية عن التّخويف والتحذير : أى اجعل أمرهم مضطربا متقلقلا غير ثابت.

__________________

(١) فى الأصل : «فلقى» والمثبت من ا واللسان.

(٢) الذى فى الفائق ١ / ٥٣٩ : وازّحلف ؛ على أن الأصل تزلحف قلب تزحلف ، فادغمت التاء فى الزاى.

(٣) أنشد الهروى :

داو بها ظهرك من توجاعه

من زلخات فيه وانقطاعه

٣٠٨

ومنه حديث عطاء «لا دقّ ولا زَلْزَلَةَ فى الكيل» أى لا يحرّك ما فيه ويهزّ لينضمّ ويسع أكثر مما فيه.

وفى حديث أبى ذرّ رضى الله عنه «حتى يخرج من حلمة ثدييه يَتَزَلْزَلُ».

(زلع) فيه «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصلّى حتى تَزْلَعَ قدماه» يقال زَلِعَ قدمه بالكسر ، يَزْلَعُ زَلَعاً بالتحريك إذا تشقّق.

ومنه حديث أبى ذر «مرّ به قوم وهم محرمون وقد تَزَلَّعَتْ أيديهم وأرجلُهُم ، فسألوه بأىّ شىء نداويها؟ فقال بالدّهن».

(ه) ومنه الحديث «إن المحرم إذا تَزَلَّعَتْ رِجْلُهُ فله أن يدهنها».

(زلف) (ه) فى حديث يأجوج ومأجوج «فيرسل الله مطرا فيغسل الأرض حتى يتركها كَالزَّلَفَةِ» الزَّلَفَةُ بالتّحريك ، وجمعها زُلَفٌ : مصانع الماء ، وتجمع على الْمَزَالِفِ أيضا. أراد أن المطر يغدّر فى الأرض فتصير كأنها مصنعة من مصانع الماء. وقيل : الزَّلَفَةُ : المرآة ، شبّهها بها لاستوائها ونظافتها. وقيل الزَّلَفَةُ : الرَّوضة. ويقال بالقاف أيضا.

(س) وفيه «إذا أسلم العبد فحسن إسلامه يكفّر الله عنه كلّ سيئة أَزْلَفَهَا» أى أسلفها وقدّمها. والأصل فيه القرب والتقدّم.

ومنه حديث الضحية «أتى ببدنات خمس أو ستّ ، فطفقن يَزْدَلِفْنَ إليه بأيّتهنّ يبدأ» أى يقربن منه ، وهو يفتعلن من القرب ، فأبدل التاء دالا لأجل الزاى.

ومنه الحديث «إنه كتب إلى مصعب بن عمير ـ وهو بالمدينة ـ انظر من اليوم الذى تتجهّز فيه اليهود لسبتها ، فإذا زالت الشّمس فَازْدَلِفْ إلى الله بركعتين واخطب فيهما» أى تقرّب.

ومنه حديث أبى بكر والنّسّابة «فمنكم الْمُزْدَلِفُ الحرّ صاحب العمامة الفردة» إنما سمّى الْمُزْدَلِفَ لاقترابه إلى الأقران وإقدامه عليهم. وقيل لأنه قال فى حرب كليب : ازْدَلِفُوا قوسى أو قدرها» أى تقدّموا فى الحرب بقدر قوسى.

٣٠٩

(ه) ومنه حديث الباقر «ما لك من عيشك إلّا لذّة تَزْدَلِفُ بك إلى حمامك» أى تقرّبك إلى موتك.

ومنه سمّى المشعر الحرام «مُزْدَلِفَة» لأنه ينقرّب إلى الله فيها (١).

وفى حديث ابن مسعود ذكر «زُلَف اللّيل» وهى ساعاته ، واحدتها زُلْفَةٌ. وقيل هى الطّائفة من الليل قليلة كانت أو كثيرة.

(ه) وفى حديث عمر رضى الله عنه «إنّ رجلا قال له : إنى حججت من رأس هرّ ، أو خارك ، أو بعض هذه الْمَزَالِفِ» رأس هرّ وخارك : موضعان من ساحل فارس يرابط فيهما. والْمَزَالِفُ : قرى بين البر والريف ، واحدتها مَزْلَفَةٌ.

(زلق) (ه) فى حديث عليّ «أنه رأى رجلين خرجا من الحمّام مُتَزَلِّقَيْنِ» تَزَلَّقَ الرجل إذا تنعّم حتى يكون للونه بريق وبصيص.

وفيه «كان اسم ترس النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم الزَّلُوقَ» أى يَزْلَقُ عنه السلاح فلا يخرقه.

وفيه «هدر الحمام فَزَلِقَتِ الحمامة» الزَّلَقُ : العجز : أى لمّا هدر الذّكر ودار حول الأنثى أدارت إليه مؤخّرها.

(زلل) (ه) فيه «من أُزِلَّت إليه نعمة فليشكرها» أى أسديت إليه وأعطيها ، وأصله من الزَّلِيلِ ، وهو انتقال الجسم من مكان إلى مكان ، فاستعير لانتقال النّعمة من المنعم إلى المنعم عليه. يقال زَلَّتْ منه إلى فلان نعمة وأَزَلَّهَا إليه.

(س) وفى صفة الصراط «مدحضة مَزَلَّة» الْمَزَلَّةُ : مفعلة من زَلَ يَزِلُ إذا زلق ، وتفتح الزّاى وتكسر ، أراد أنّه تزلق عليه الأقدام ولا تثبت.

وفى حديث عبد الله بن أبى سرح «فَأَزَلَّهُ الشيطان فلحق بالكفّار» أى حمله على الزَّلَلِ وهو الخطأ والذّنب. وقد تكرر فى الحديث.

__________________

(١) فى الهروى أنها سميت المزدلفة ، من الازدلاف وهو الاجتماع ، لاجتماع الناس بها اه. وانظر المصباح والقاموس (زلف)

٣١٠

(س) ومنه حديث عليّ ؛ كتب إلى ابن عبّاس رضى الله عنهم «اختطفت ما قدرت عليه من أموال الأمّة اختطاف الذّئب الْأَزَلِ دامية المعزى» الْأَزَلُ فى الأصل : الصّغير العجز ، وهو فى صفات الذّئب الخفيف. وقيل هو من قولهم زَلَ زَلِيلاً إذا عدا. وخصّ الدّامية لأن من طبع الذئب محبّة الدم ، حتى إنه يرى ذئبا داميا فيثب عليه ليأكله.

(زلم) (ه) فى حديث الهجرة «قال سراقة : فأخرجت زُلَماً» وفى رواية «الْأَزْلَام» الزُّلَمُ والزَّلَمُ واحد الْأَزْلَامِ : وهى القداح التى كانت فى الجاهلية عليها مكتوب الأمر والنهى ، افعل ولا تفعل ، كان الرجل منهم يضعها فى وعاء له ، فإذا أراد سفرا أو زواجا أو أمرا مهمّا أدخل يده فأخرج منها زَلَماً ، فإن خرج الأمر مضى لشأنه ، وإن خرج النّهى كفّ عنه ولم يفعله. وقد تكرر ذكرها فى الحديث.

(ه) وفى حديث سطيح :

أم فاز (١) فَازْلَمَ به شأو العنن

ازْلَمَ : أى ذهب مسرعا ، والأصل فيه ازلأمّ فحذف الهمزة تخفيفا. وقيل أصلها ازْلَامَ كاشهابّ فحذف الألف تخفيفا أيضا ، وشأو العنن : اعتراض الموت على الخلق. وقيل ازْلَمَ : قبض. والعنن الموت : أى عرض له الموت فقبضه.

(باب الزاى مع الميم)

(زمت) (ه) فيه «أنه كان عليه‌السلام من أَزْمَتِهِمْ فى المجلس» أى أرزنهم وأوقرهم.

يقال : رجل زَمِيتٌ وزِمِّيتٌ ، هكذا ذكره الهروى فى كتابه عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٢). والّذى جاء فى كتاب أبى عبيد وغيره قال فى حديث زيد بن ثابت «كان من أفكه النّاس إذا خلا مع أهله وأَزْمَتِهِمْ فى المجلس» ولعلّهما حديثان.

(زمخر) (ه) فى حديث ابن ذى يزن :

يرمون عن عتل كأنّها غبط

بِزَمْخَرٍ يعجل المرمىّ إعجالا (٣)

__________________

(١) يروى «فاد» بالدال المهملة ، والفعلان بمعنى «مات».

(٢) وكذا فعل الزمخشرى فى الفائق ٣ / ٣٧.

(٣) نسبه فى اللسان لأبى الصلت الثقفى. ثم قال : «وفى التهذيب. قال أمية بن أبى الصلت ....» وذكر البيت.

٣١١

الزَّمْخَرُ : السّهم الدّقيق الطويل. والغبط : خشب الرّحال ، وشبّه القسىّ الفارسية بها.

(زمر) (ه) فيه «نهى عن كسب الزَّمَّارَةِ» هى الزّانية. وقيل هى بتقديم الراء على الزّاى ، من الرّمز وهى الإشارة بالعين أو الحاجب أو الشّفه (١) ، والزّوانى يفعلن ذلك ، والأوّل الوجه. قال ثعلب : الزَّمَّارَةُ هى البغىّ الحسناء ، والزَّمِيرُ : الغلام الجميل. وقال الأزهرى : يحتمل أن يكون أراد المغنّية. يقال غناء زَمِيرٌ : أى حسن. وزَمَّرَ إذا غنّى ، والقصبة التى يُزَمَّرُ بها زَمَّارَة.

(س) ومنه حديث أبى بكر «أبِمَزْمُورِ الشيطان فى بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» وفى رواية «مِزْمَارَة الشّيطان عند النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم» الْمَزْمُورُ ـ بفتح الميم وضمّها ـ والْمِزْمَارُ سواء ، وهو الآلة التى يُزَمَّرُ بها.

وفى حديث أبى موسى «سمعه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقرأ فقال لقد أعطيت مِزْمَاراً من مَزَامِيرِ آل داود» شبّه حسن صوته وحلاوة نغمته بصوت الْمِزْمَارِ. وداود هو النبى عليه‌السلام ، وإليه المنتهى فى حسن الصّوت بالقراءة. والآل فى قوله آل داود مقحمة. قيل معناه هاهنا الشخص.

(ه س) وفى حديث ابن جبير رضى الله عنه «أنه أتى به إلى الحجاج وفى عنقه زَمَّارَةٌ» الزَّمَّارَةُ : الغلّ والسّاجور الذى يجعل فى عنق الكلب.

(ه) ومنه حديث الحجّاج «ابعث إلىّ بفلان مُزَمَّراً مسمّعا» أى مسجورا مقيّدا. قال الشاعر :

ولى مسمعان (٢) وزَمَّارَةٌ

وظلّ مديد وحصن أمق

[كان محبوسا](٣) فمسمعاه : قيداه لصوتهما إذا مشى ، وزَمَّارَتُهُ : السّاجور. والظّل والحصن السّجن وظلمته.

__________________

(١) أنشد الهروى :

رمزت إليّ مخافة من بعلها

من غير أن يبدو إلىّ كلامها

(٢) رواه الهروى بكسر الميم الأولى وفتح الثانية. ثم قال : ويروى بالضم والكسر.

(٣) الزيادة من ا واللسان والهروى.

٣١٢

(زمزم) فى حديث قباث بن أشيم «والذى بعثك بالحق ما تحرّك به لسانى ولا تَزَمْزَمَتْ به شفتاى» الزَّمْزَمَةُ : صوت خفىّ لا يكاد يفهم.

ومنه حديث عمر «كتب إلى أحد عمّاله فى أمر المجوس : وانههم عن الزَّمْزَمَةِ» هى كلام يقولونه عند أكلهم بصوت خفىّ.

وفيه «ذكر زَمْزَم» وهى البئر المعروفة بمكة. قيل سمّيت بها لكثرة مائها. يقال : ماء زُمَازِمٌ وزَمْزَمٌ. وقيل هو اسم علم لها.

(زمع) (س) فى حديث أبى بكر والنّسّابة «إنك من زَمَعَاتِ قريش» الزَّمَعَةُ بالتّحريك : التّلعة الصّغيرة : أى لست من أشرافهم ، وقيل هى ما دون مسايل الماء من جانبى الوادى.

(زمل) (ه) فى حديث قتلى أحد «زَمِّلُوهُمْ بثيابهم ودمائهم» أى لفّوهم فيها. يقال تَزَمَّلَ بثوبه إذا التفّ فيه.

ومنه حديث السقيفة «فإذا رجل مُزَمَّلٌ بين ظهرانيهم» أى مغطّى مدثّر ، يعنى سعد بن عباة.

(ه) وفى حديث أبى الدرداء «لئن فقدتمونى لتفقدنّ زِمْلاً عظيما» الزِّمْلُ : الحمل ، يريد حملا عظيما من العلم. قال الخطّابى : رواه بعضهم زُمَّل بالضم والتشديد ، وهو خطأ.

وفى حديث ابن رواحة «أنه غزا معه ابن أخيه على زَامِلَة» الزَّامِلَةُ : البعير الذى يحمل عليه الطّعام والمتاع ، كأنها فاعلة من الزَّمْلِ : الحمل.

ومنه حديث أسماء «وكانت زِمَالَةُ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وزِمَالَةُ أبى بكر واحدة» أى مركوبهما وأداتهما وما كان معهما فى السّفر.

(ه) وفيه «أنه مشى عن زَمِيل» الزَّمِيلُ : العديل الذى حمله مع حملك على البعير. وقد زَامَلَنِي : عادلنى. والزَّمِيلُ أيضا : الرّفيق فى السّفر الذى يعينك على أمورك ، وهو الرّديف أيضا.

٣١٣

وفيه «للقسىّ أَزَامِيلُ وغمغمة» الْأَزَامِيلُ : جمع الْأَزْمَلِ ، وهو الصوت ، والياء للإشباع ، وكذلك الغمغمة ، وهى فى الأصل كلام غير بيّن.

(زمم) (ه) فيه لا زِمَامَ ولا خزام فى الإسلام» أراد ما كان عبّاد بنى إسرائيل يفعلونه من زَمِ الأنوف ، وهو أن يخرق الأنف ويعمل فيه زِمَامٌ كزمام النّاقة ليقاد به.

[ه] وفيه «أنه تلا القرآن على عبد الله بن أبىّ وهو زَامٌ لا يتكلّم» أى رافع رأسه لا يقبل عليه. والزَّمُ : الكبر. وزَمَ بأنفه إذا شمخ وتكبّر. وقال الحربى فى تفسيره : رجل زَامٌ أى فزع.

(زمن) (ه) فيه «إذا تقارب الزَّمَانُ لم تكد رؤيا المؤمن تكذب» أراد استواء اللّيل والنّهار واعتدالهما. وقيل : أراد قرب انتهاء أمد الدّنيا. والزَّمَانُ يقع على جميع الدّهر وبعضه (١).

(زمهر) (ه س) فى حديث ابن عبد العزيز «قال : كان عمر مُزْمَهِرّاً على الكافر» أى شديد الغضب عليه. والزَّمْهَرِيرُ : شدّة البرد ، وهو الذى أعدّه الله عذابا للكفّار فى الدّار الآخرة.

(باب الزاى مع النون)

(زنأ) (ه) فيه «لا يصلّينّ أحدكم وهو زَنَاءٌ» أى حاقن بوله. يقال زَنَأَ بوله يَزْنَأُ زَنْئاً فهو زَنَاءٌ بوزن جبان ، إذا احتقن. وأَزْنَأَهُ إذا حقنه. والزَّنْءُ فى الأصل : الضّيق ، فاستعير للحاقن لأنه يضيق ببوله.

(ه) ومنه الحديث الآخر «أنه كان لا يحبّ من الدّنيا إلا أَزْنَأَهَا» أى أضيقها.

(س) وفى حديث سعد بن ضمرة «فَزَنَئُوا عليه بالحجارة» أى ضيّقوا.

__________________

(١) فى الدر النثير : قال الفارسى : ويحتمل أنه عبارة عن قرب الأجل ، وهو أن يطعن المؤمن فى السن ويبلغ أوان الكهولة والمشيب ، فإن رؤياه أصدق ، لاستكمال تمام الحلم والأناة وقوة النفس.

٣١٤

(ه) وفيه «لا يصلى زَانِئٌ» يعنى الذى يصعد فى الجبل حتى يستتمّ الصّعود ، إمّا لأنّه لا يتمكّن ، أو ممّا يقع عليه من البهر والنّهيج فيضيق لذلك نفسه. يقال : زَنَأَ فى الجبل يَزْنَأُ إذا صعد.

(زنج) (س) فى حديث زياد «قال عبد الرحمن بن السائب : فَزَنَجَ شىء أقبل طويل العنق ، فقلت : ما أنت؟ فقال : أنا النّقّاد ذو الرّقبة» قال الخطابى : لا أدرى ما زَنَجَ ، وأحسبه بالحاء. والزَّنَح : الدّفع ، كأنه يريد هجوم هذا الشخص وإقباله. ويحتمل أن يكون زلج باللام والجيم ، وهو سرعة ذهاب الشىء ومضيّه. وقيل هو بالحاء بمعنى سنح وعرض ، وتَزَنَّحَ علىّ فلان أى تطاول.

(زنخ) (ه) فيه «إن رجلا دعاه فقدّم إليه إهالة زَنِخَةً فيها عرق» أى متغيرة الرّائحة. ويقال سنخة بالسين.

(زند) (ه) فى حديث صالح بن عبد الله بن الزّبير «أنه كان يعمل زَنَداً بمكة» الزَّنَدُ بفتح النون : المسنّاة من خشب وحجارة يضمّ بعضها إلى بعض. والزّمخشرى أثبتها بالسكون وشبّهها بِزَنْدِ السّاعد. ويروى بالراء والباء وقد تقدم.

وفيه ذكر «زَنْدَوَرَد» وهو بسكون النون وفتح الواو والراء : ناحية فى أواخر العراق لها ذكر كثير فى الفتوح.

(زنق) (ه) فى حديث أبى هريرة «وإن جهنم يقاد بها مَزْنُوقَة» الْمَزْنُوقُ : المربوق بِالزِّنَاقِ ، وهو حلقة توضع تحت حنك الدابّة ، ثم يجعل فيها خيط يشدّ برأسه تمنع جماحه. والزِّنَاقُ : الشّكال أيضا. وزَنَقْتُ الفرس إذا شكّلت قوائمه الأربع.

ومنه حديث مجاهد فى قوله تعالى (لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً) قال : شبه الزِّنَاق ،

(س) وفى حديث أبى هريرة الآخر «أنه ذكر الْمَزْنُوق فقال : المائل شقّه لا يذكر الله» قيل أصله من الزَّنَقَةِ ، وهى ميل فى جدار فى سكة أو عرقوب واد. هكذا فسره الزّمخشرى.

ومنه حديث عثمان «قال : من يشترى هذه الَزَّنَقَةَ فيزيدها فى المسجد؟».

٣١٥

(زنم) فيه ذكر «الزَّنِيم» وهو الدّعىّ فى النّسب الملحق بالقوم وليس منهم ، تشبيها له بِالزَّنَمَةِ ، وهى شىء يقطع من أذن الشاة ويترك معلّقا بها ، وهى أيضا هنة مدلّاة فى حلق الشّاة كالملحقة بها.

ومنه حديث علىّ وفاطمة رضى الله عنهما :

بنت نبىّ ليس بِالزَّنِيمِ

(س) وحديث لقمان «الضّائنة الزَّنَمَة» أى ذات الزّنمة. ويروى الزّلمة ، وهو بمعناه.

(زنن) (ه) فيه لا يصلينّ أحدكم وهو زِنِّينٌ» أى حاقن. يقال زَنَ فذنّ : أى حقن فقطر. وقيل هو الذى يدافع الأخبثين معا.

ومنه الحديث «لا يقبل الله صلاة العبد الآبق ولا صلاة الزِّنِّين».

ومنه الحديث «لا يؤمّنكم أنصر ولا أَزَنُ ولا أفرع».

(س) وفى حديث ابن عباس يصف عليا رضى الله عنهم «ما رأيت رئيسا محربا يُزَنُ به» أى يتّهم بمشاكلته. يقال زَنَّهُ بكذا وأَزَنَّهُ إذا اتّهمه به وظنّه فيه.

(س) ومنه حديث الأنصار وتسويدهم جدّ بن قيس ، «إنا لَنُزِنُّهُ بالبخل» أى نتّهمه به.

والحديث الآخر «فتى من قريش يُزَنُ بشرب الخمر».

(س) ومنه شعر حسان فى عائشة :

حصان رزان ما تُزَنُ بريبة (١)

(زنة) فيه «سبحان الله عدد خلقه وزنة عرشه» أى بوزن عرشه فى عظم قدره. وأصل الكلمة الواو ، والهاء فيها عوض من الواو المحذوفة من أوّلها ، تقول : وزن يزن وزنا وزنة ، كوعد يعد عدة ، وإنما ذكرناها لأجل لفظها.

__________________

(١) تمامه :

وتصبح غرثى من لحوم الفوافل

٣١٦

(زنا) (ه) فيه ذكر «قسطنطينيّة الزَّانِيَة» يريد الزَّانِي أهلها. كقوله تعالى (وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً) أى ظالمة الأهل.

(س) وفيه «إنه وفد عليه بنو مالك بن ثعلبة ، فقال : من أنتم؟ قالوا : نحن بنو الزِّنْيَةِ ، فقال : بل أنتم بنو الرّشدة» الزَّنْيَة بالفتح والكسر : آخر ولد الرّجل والمرأة ، كالعجزة. وبنو مالك يسمّون بنى الزّنْيَة لذلك. وإنما قال لهم النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بل أنتم بنو الرّشدة ؛ نفيا لهم عما يوهمه لفظ الزِّنْيَةِ من الزّنا ، وهو نقيض الرّشدة. وجعل الأزهرى الفتح فى الزَّنْيَةِ والرَّشدة أفصح اللّغتين. ويقال للولد إذا كان من زنا : هو لزنية ، وهو فى الحديث أيضا.

(باب الزاى مع الواو)

(زوج) (ه) فيه «من أنفق زَوْجَيْنِ فى سبيل الله ابتدرته حجبة الجنة. قيل : وما زَوْجَانِ؟ قال : فرسان ، أو عبدان أو بعيران» الأصل فى الزَّوْجِ : الصّنف والنّوع من كل شىء ، وكل شيئين مقترنين ؛ شكلين كانا أو نقيضين فهما زوجان. وكلّ واحد منهما زوج. يريد من أنفق صنفين من ماله فى سبيل الله. جعله الزمخشرى من حديث أبى ذر ، وهو من كلام النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ويروى مثله أبو هريرة أيضا عنه.

(زود) فيه «قال لوفد عبد القيس : أمعكم من أَزْوِدَتِكُمْ شىء؟ قالوا : نعم» الْأَزْوِدَةُ : جمع زَادٍ على غير القياس.

(س) ومنه حديث أبى هريرة «ملأنا أَزْوِدَتَنَا» يريد مَزَاوِدَنَا ، جمع مِزْوَدٍ ، حملا له على نظيره ، كالأوعية فى وعاء ، مثل ما قالوا الغدايا والعشايا ، وخزايا وندامى.

(س) وفى حديث ابن الأكوع «فأمرنا نبىّ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فجمعنا تَزَاوِدَنَا» أى ما تَزَوَّدْنَاهُ (١) فى سفرنا من طعام.

__________________

(١) فى الدر النثير : قال الفارسى : لست أتحقق أنه بالفتح أو بالكسر ، فإن كان بالفتح فهو مصدر بمنزلة التزويد فمعناه : جمعنا ما تزودنا به ، فعبر بلفظ المصدر عن الزاد. ومن قال بالكسر فيحتمل أنه اسم موضوع للزاد كالتمثال والتمساح. قال : وإنما يتمحل هذا لأجل النقل ، وإلا فالوجه : فجمعنا أزوادنا.

٣١٧

(زور) (ه) فيه «المتشبّع بما لم يعط كلابس ثوبى زُورٍ» الزُّورُ : الكذب ، والباطل ، والتّهمة. وقد تكرر ذكر شهادة الزّور فى الحديث ، وهى من الكبائر.

فمنها قوله «عدلت شهادة الزُّورِ الشّرك بالله» وإنما عادلته لقوله تعالى (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) ثم قال بعدها (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ).

(س) وفيه «إنّ لِزَوْرِكَ عليك حقّا» الزَّوْرُ : الزَّائِرُ ، وهو فى الأصل مصدر وضع موضع الاسم ، كصوم ونوم بمعنى صائم ونائم. وقد يكون الزَّوْرُ جمع زَائِرٍ ، كراكب وركب. وقد تكرر فى الحديث.

(س) وفى حديث طلحة «حتى أَزَرْته شعوب» أى أوردته المنيّة فَزَارَهَا. وشعوب من أسماء المنيّة.

(ه) وفى حديث عمر يوم السقيفة «كنت زَوَّرْتُ فى نفسى مقالة» أى هيأت وأصلحت. والتَّزْوِيرُ : إصلاح الشىء. وكلام مُزَوَّرٌ : أى محسّن.

(ه) ومنه حديث الحجاج «رحم الله امرأ زَوَّرَ نفسه على نفسه» أى قوّمها وحسّنها. قاله القتيبى. وقيل إنما أراد : اتّهم نفسه على نفسه ، وحقيقته نسبتها إلى الزّور ، كفسّقه وجهّله.

(ه) وفى حديث الدجال «رآه مكبّلا بالحديد بِأَزْوِرَةٍ» هى جمع زِوَارٍ وزِيَارٍ : وهو حبل يجعل بين التّصدير والحقب. والمعنى أنه جمعت يداه إلى صدره وشدّت. وموضع بِأَزْوِرَة النصب ، كأنه قال مكبّلا مُزَوَّراً.

وفى حديث أمّ سلمة «أرسلت إلى عثمان : يا بنىّ ، ما لي أرى رعيّتك عنك مُزْوَرِّينَ» أى معرضين منحرفين. يقال ازْوَرَّ عنه وازْوَارَّ بمعنى.

ومنه شعر عمر رضى الله عنه :

بالخيل عابسة زُوراً مناكبها

الزُّورُ : جمع أَزْوَرَ ، من الزَّوَرِ : الميل.

٣١٨

وفى قصيد كعب بن زهير :

فى خلقها عن بنات الزَّوْرِ (١) تفضيل

الزَّوْرُ : الصّدر ، وبناته : ما حواليه من الأضلاع وغيرها (٢).

(زوق) (س) فيه «ليس لى ولنبىّ أن ندخل بيتا مُزَوَّقاً» أى مزيّنا ، قيل أصله من الزَّاوُوقِ وهو الزّئبق ؛ لأنه يطلى به مع الذّهب ثم يدخل النار. فيذهب الزّئبق ويبقى الذّهب.

ومنه الحديث «أنه قال لابن عمر : إذا رأيت قريشا قد هدموا البيت ثم بنوه فَزَوَّقُوهُ ، فإن استطعت أن تموت فمت» كره تَزْوِيقَ المساجد لما فيه من التّرغيب فى الدّنيا وزينتها ، أو لشغلها المصلّى.

(ه) ومنه حديث هشام بن عروة «أنه قال لرجل : أنت أثقل من الزَّاوُوقِ» يعنى الزّئبق. كذا يسميه أهل المدينة. (٣).

(زول) فى حديث كعب بن مالك «رأى رجلا مبيضّا يَزُولُ به السّراب» أى يرفعه ويظهره. يقال زَالَ به السّراب إذا ظهر شخصه فيه خيالا.

ومنه قصيد كعب :

يوما تظلّ حداب الأرض ترفعها

من اللّوامع تخليط وتَزْيِيلٌ

يريد أنّ لوامع السّراب تبدو دون حداب الأرض ، فترفعها تارة وتخفضها أخرى.

(ه) وفى حديث جندب الجهنى «والله لقد خالطه سهمى ولو كان زَائِلَة لتحرّك» الزَّائِلَةُ : كلّ شىء من الحيوان يَزُولُ عن مكانه ولا يستقرّ ، (٤) وكان هذا المرمىّ قد سكّن نفسه لا يتحرّك لئلا يحسّ به فيجهز عليه.

__________________

(١) الرواية فى شرح ديوانه ١٠ «عن بنات الفحل» وبنات الفحل : النوق.

(٢) فى الدر النثير : قلت : ونهى عن الزور. فسر بوصل الشعر. اه ، وانظر مادة (سفف) فيما يأتى.

(٣) انظر (زقا) فيما سبق.

(٤) قال الهروى : يقع على الإنسان وغيره ، وأنشد :

وكنت امرءا أرمى الزوائل مرّة

وأصبحت قد ودعت رمى الزّوائل

قال : هذا رجل كان يختل النساء فى شبيبته ويصيبهن.

٣١٩

وفى قصيد كعب :

فى فتية (١) من قريش قال قائلهم

ببطن مكّة لمّا أسلموا زُولُوا

أى انتقلوا عن مكّة مهاجرين إلى المدينة.

(ه) وفى حديث قتادة «أخذه العويل والزَّوِيلُ» : أى القلق والانزعاج ، بحيث لا يستقرّ على المكان. وهو والزَّوَالُ بمعنى.

وفى حديث أبى جهل «يَزُولُ فى النّاس» أى يكثر الحركة ولا يستقرّ. ويروى يرفل. وقد تقدّم.

(س) وفى حديث النّساء «بِزَوْلَةٍ وجلس» الزَّوْلَةُ : المرأة الفطنة الدّاهية. وقيل الظّريفة. والزَّوْلُ : الخفيف الحركات.

(زوي) (ه) فيه «زُوِيَتْ لى الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها» أى جمعت : يقال زَوَيْتُهُ أَزْوِيهِ زَيّاً.

ومنه دعاء السفر «وازْوِ لنا البعيد» أى اجمعه واطوه.

[ه] والحديث الآخر «إن المسجد لينزوى من النّخامة كما تنزوى الجلدة فى النّار» أى ينضمّ وينقبض. وقيل أراد أهل المسجد ، وهم الملائكة.

[ه] ومنه الحديث «أعطانى ربّى اثنتين ، وزَوَى عنّى واحدة».

ومنه حديث الدعاء «وما زَوَيْتَ عنّى مما أحبّ» أى صرفته عنّى وقبضته.

[ه] ومنه حديث عمر «قال للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : عجبت لما زَوَى الله عنك من الدّنيا».

(ه) وفى حديث آخر «لَيُزْوَأَنَّ الإيمان بين هذين المسجدين» هكذا روى بالهمز ، والصّواب : لَيُزْوَيَنَ بالياء : أى ليجمعنّ ويضمّنّ.

(ه) ومنه حديث أم معبد :

فيا لقصىّ ما زَوَى الله عنكم

أى ما نحّى عنكم من الخير والفضل.

__________________

(١) الرواية فى شرح ديوانه ٢٣ : فى عصبة.

٣٢٠