النّهاية - ج ٢

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٢

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٥٢٦

أنواع التّعذيب ، فنفاها النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن الإسلام ونهى المسلمين عنها. والرُّهْبَانُ : جمع رَاهِبٍ ، وقد يقع على الواحد ويجمع على رَهَابِين ورَهَابِنَةٍ. والرَّهْبَنَةُ فعلنة ، منه ، أو فعللة على تقدير أصليّة النون وزيادتها. والرَّهْبَانِيَّةُ منسوبة إلى الرّهبنة بزيادة الألف.

(س) ومنه الحديث «عليكم بالجهاد فإنه رَهْبَانِيَّةُ أمتى» يريد أن الرُّهْبَانَ وإن تركوا الدنيا وزهدوا فيها وتخلّوا عنها ، فلا ترك ولا زهد ولا تخلّى أكثر من بذل النفس فى سبيل الله ، وكما أنه ليس عند النّصارى عمل أفضل من التَّرَهُّبِ ، ففى الإسلام لا عمل أفضل من الجهاد ، ولهذا قال «ذروة سنام الإسلام الجهاد فى سبيل الله».

وفى حديث عوف بن مالك «لأن يمتلىء ما بين عانتى إلى رَهَابَتِي قيحا أحبّ إلىّ من أن يمتلىء شعرا» الرَّهَابَةُ بالفتح : غضروف كاللسان معلق فى أسفل الصّدر مشرف على البطن. قال الخطابى : ويروى بالنون وهو غلط.

(ه) ومنه الحديث «فرأيت السّكاكين تدور بين رَهَابَتِهِ ومعدته».

وفى حديث بهز بن حكيم «إنى لأسمع الرَّاهِبَة» هى الحالة التى تُرْهِبُ : أى تفزع وتخوّف. وفى رواية «أسمعك رَاهِباً» أى خائفا.

(رهج) فيه «ما خالط قلب امرئ رَهْجٌ فى سبيل الله إلّا حرّم الله عليه النار» الرَّهْجُ : الغبار.

(س) وفى حديث آخر «من دخل جوفه الرَّهْجُ لم يدخله حرّ النّار».

(رهره) (ه) فى حديث المبعث «فشق عن قلبه وجىء بطست رَهْرَهَةٍ» قال القتيبى : سألت أبا حاتم عنها فلم يعرفها. وقال : سألت الأصمعى عنها فلم يعرفها. قال القتيبى : كأنه أراد بطست رحرحة بالحاء ، وهى الواسعة ، فأبدل الهاء من الحاء ، كما قالوا مدهت فى مدحت (١).

__________________

(١) جاء فى الهروى وفى الدر النثير يحكى عن الفارسى وابن الجوزى : قال ابن الأنبارى «هذا بعيد جدا ، لأن الهاء لا تبدل من الحاء إلا فى المواضع التى استعملت العرب فيها ذلك ، ولا يقاس عليها ؛ لأن الذى يجيز القياس عليها يلزم أن يبدل الحاء هاء فى قولهم «رحل الرجل» .... وليس هذا من كلام العرب ، وإنما هو «درهرهة» فأخطأ الراوى فأسقط الدال».

والدرهرهة : سكين معوجة الرأس.

٢٨١

وقيل : يجوز أن يكون من قولهم جسم رَهْرَهَةٌ ، أى أبيض من النّعمة ، يريد طستا بيضاء متلألئة. ويروى برهرهة ، وقد تقدّمت فى حرف الباء.

(رهس) (ه س) فى حديث عبادة «وجراثيم العرب تَرْتَهِسُ» أى تضطرب فى الفتنة. ويروى بالشين المعجمة : أى تصطكّ قبائلهم فى الفتن. يقال : ارتهش الناس إذا وقعت فيهم الحرب ، وهما متقاربان فى المعنى. ويروى ترتكس. وقد تقدم.

ومنه حديث العرنيّين «عظمت بطوننا وارْتَهَسَتْ أعضادنا» أى اضطربت. ويجوز أن يكون بالشين والسين.

(رهش) (س) فى حديث قزمان «أنه جرح يوم أحد فاشتدّت به الجراحة ، فأخذ سهما فقطع به رَوَاهِشَ يديه فقتل نفسه» الرَّوَاهِشُ : أعصاب فى باطن الذّراع ، واحدها رَاهِشٌ.

(س) وفى حديث ابن الزبير «ورَهِيشُ الثّرى عرضا» الرَّهِيشُ من التّراب : المنثال الذى لا يتماسك ، من الِارْتِهَاشِ : الاضطراب. والمعنى لزوم الأرض : أى يقاتلون على أرجلهم لئلا يحدّثوا أنفسهم بالفرار ، فعل البطل الشجاع إذا غشى نزل عن دابّته واستقبل لعدوّه ، ويحتمل أن يكون أراد القبر : أى اجعلوا غايتكم الموت.

(رهص) (س) فيه «إنه عليه‌السلام احتجم وهو محرم من رَهْصَةٍ أصابته» أصل الرَّهْصُ : أن يصيب باطن حافر الدابة شىء يوهنه ، أو ينزل فيه الماء من الإعياء. وأصل الرَّهْصِ : شدة العصر.

ومنه الحديث «فرمينا الصّيد حتى رَهَصْنَاهُ» أى أوهنّاه.

(س) ومنه حديث مكحول «أنه كان يرقى من الرَّهْصَة : اللهم أنت الواقى وأنت الباقى وأنت الشّافى».

(ه) وفيه «وإنّ ذنبه لم يكن عن إِرْهَاصٍ» أى عن إصرار وإرصاد. وأصله من الرّهص : وهو تأسيس البنيان.

(رهط) فى حديث ابن عمر رضى الله عنهما «فأيقظنا ونحن ارْتِهَاطٌ» أى فرق مُرْتَهِطُونَ ، وهو مصدر أقامه مقام الفعل ، كقول الخنساء :

٢٨٢

وإنما هى إقبال وإدبار

أى مقبلة ومدبرة ، أو على معنى ذوى ارْتِهَاطٍ. وأصل الكلمة من الرَّهْطِ ، وهم عشيرة الرجل وأهله. والرَّهْطُ من الرجال ما دون العشرة. وقيل إلى الأربعين ولا تكون فيهم امرأة ، ولا واحد له من لفظه ، ويجمع على أَرْهُط وأَرْهَاطٍ ، وأَرَاهِطُ جمع الجمع.

(رهف) (س) فى حديث ابن عباس رضى الله عنهما «كان عامر بن الطفيل مَرْهُوفَ البدن» أى لطيف الجسم دقيقة. يقال رَهَفْتُ السيف وأَرْهَفْتُهُ فهو مَرْهُوفٌ ومُرْهَفٌ : أى رقّقت حواشيه ، وأكثر ما يقال مُرْهَفٌ.

ومنه حديث ابن عمر رضى الله عنهما «أمرنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن آتيه بمدية ، فأتيته بها ، فأرسل بها فَأُرْهِفَتْ» أى سنّت وأخرج حدّاها.

(س) وفى حديث صعصعة بن صوحان «إنى لأترك الكلام مما أُرْهِف به» أى لا أركب البديهة ، ولا أقطع القول بشىء قبل أن أتأمّله وأروّى فيه. ويروى بالزاى من الإِزْهَاف : الاستقدام.

(رهق) فيه «إذا صلّى أحدكم إلى شىء فَلْيَرْهَقْهُ» أى فليدن منه ولا يبعد عنه.

(ه) ومنه الحديث الآخر «ارْهَقُوا القبلة» أى ادنوا منها.

ومنه قولهم «غلام مُرَاهِقٌ» أى مقارب للحلم.

(ه) وفى حديث موسى والخضر عليهما‌السلام «فلو أنه أدرك أبويه» أى أغشاهما وأعجلهما. يقال : رَهِقَهُ بالكسر يَرْهَقُهُ رَهَقاً : أى غشيه ، وأَرْهَقَهُ أى أغشاه إياه ، وأَرْهَقَنِي فلان إثما حتى رَهِقْتُهُ : أى حمّلنى إثما حتى حمّلته له.

ومنه الحديث «فإن رَهِقَ سيّده دين» أى لزمه أداؤه وضيّق عليه.

(س) ومنه حديث ابن عمر «أَرْهَقْنَا الصلاة ونحن نتوضأ» أى أخرناها عن وقتها حتى كدنا نغشيها ونلحقها بالصلاة التى بعدها.

(ه) وفيه «إنّ فى سيف خالد رَهَقاً» أى عجلة.

٢٨٣

(ه) وحديث سعد رضى الله عنه «كان إذا دخل مكة مُرَاهِقاً خرج إلى عرفة قبل أن يطوف بالبيت» أى إذا ضاق عليه الوقت بالتأخير حتى يخاف فوت الوقوف ، كأنه كان يقدم يوم التّروية أو يوم عرفة.

(ه) وفى حديث عليّ رضى الله عنه «أنه وعظ رجلا فى صحبة رجل رَهِقٍ» أى فيه خفّة وحدّة : يقال رجل فيه رَهَقٌ إذا كان يخفّ إلى الشّرّ ويغشاه. والرَّهَقُ : السّفه وغشيان المحارم.

(ه) ومنه حديث أبى وائل «أنه صلّى على امرأة كانت تُرَهَّقُ» أى تتّهم بشرّ.

ومنه الحديث «سلك رجلان مفازة ، أحدهما عابد والآخر به رَهَقٌ».

(س) والحديث الآخر «فلان مُرَهَّقٌ» أى متّهم بسوء وسفه. ويروى مُرَهِّقٌ أى ذو رهق.

(ه) ومنه الحديث «حسبك من الرَّهَقِ والجفاء أن لا يعرف بيتك» الرَّهَقُ هاهنا : الحمق والجهل ، أراد حسبك من هذا الخلق أن يجهل بيتك ولا يعرف ، يريد أن لا تدعو أحدا إلى طعامك فيعرف بيتك ، وذلك أنه كان اشترى منه إزارا فقال للوزّان : زن وأرجح ، فقال : من هذا؟ فقال المسئول : حسبك جهلا أن لا يعرف بيتك. هكذا ذكره الهروى ، وهو وهم ، وإنما هو حسبك من الرَّهَقِ والجفاء أن لا تعرف نبيّك : أى أنه لمّا سأل عنه حيث قال زن وأرجح لم يكن يعرفه ، فقال له المسئول : حسبك جهلا أن لا تعرف نبيّك ، على أنّى رأيته فى بعض نسخ الهروى مصلحا (١) ، ولم يذكر فيه التعليل بالطعام والدعاء إلى البيت.

(رهك) (س) فى حديث المتشاحنين «ارْهِكْ هذين حتى يصطلحا» أى كلّفهما وألزمهما ، من رَهَكْتُ الدابة إذا حملت عليها فى السّير وجهدتها.

(رهم) (س) فى حديث طهفة «ونستخيل الرِّهَامَ» هى الأمطار الضعيفة ، واحدتها رِهْمَةٌ. وقيل الرِّهْمَةُ أشدّ وقعا من الديمة.

__________________

(١) وهو كذلك فى نسخته التى بأيدينا.

٢٨٤

(رهمس) (ه) فى حديث الحجاج «أمن أهل الرّسّ والرَّهْمَسَة[أنت](١)؟» هى المساررة فى إثارة الفتنة وشقّ العصابين المسلمين.

(رهن) (ه) فيه «كل غلام رَهِينَةٌ بعقيقته» الرَّهِينَةُ : الرَّهْنُ ، والهاء للمبالغة ، كالشّتيمة والشتم ، ثم استعملا بمعنى الْمَرْهُونِ ، فقيل هو رَهْنٌ بكذا ، ورَهِينَةٌ بكذا. ومعنى قوله رَهِينَةٌ بعقيقته أن العقيقة لازمة له لا بدّ منها ، فشبّهه فى لزومها له وعدم انفكاكه منها بالرّهن فى يد المرتهن.

قال الخطابى : تكلّم الناس فى هذا ، وأجود ما قيل فيه ما ذهب إليه أحمد بن حنبل. قال : هذا فى الشفاعة ، يريد أنه إذا لم يعقّ عنه فمات طفلا لم يشفع فى والديه. وقيل معناه أنه مَرْهُونٌ بأذى شعره ، واستدلّوا بقوله : فأميطوا عنه الأذى ، وهو ما علق به من دم الرّحم (٢).

(رها) (ه) فيه «نهى أن يباع رَهْو (٣) الماء» أراد مجتمعه ، سمّى رَهْواً باسم الموضع الذى هو فيه لانخفاضه. والرَّهْوَةُ : الموضع الذى تسيل إليه مياه القوم.

(ه) ومنه الحديث «سئل عن غطفان فقال : رَهْوَةٌ تنبع ماء» الرَّهْوَةُ تقع على المرتفع كما تقع على المنخفض ، أراد أنّهم جبل ينبع منه الماء ، وأن فيهم خشونة وتوعّرا.

(ه) ومنه الحديث «لا شفعة فى فناء ، ولا منقبة ، ولا طريق ، ولا ركح ، ولا رَهْوٍ» أى أنّ المشارك فى هذه الأشياء الخمسة لا تكون له شفعة إن لم يكن شريكا فى الدّار والمنزل التى هذه الأشياء من حقوقها ، فإنّ واحدا من هذه الأشياء لا يوجب له شفعة (٤).

وفى حديث عليّ رضى الله عنه يصف السماء «ونظم رَهوَات فُرَجِها» أى المواضع المتفتّحة منها ، وهى جمع رَهْوَةٍ.

(ه) وفى حديث رافع بن خديج «أنه اشترى بعيرا من رجل ببعيرين ، فأعطاه أحدهما وقال :

__________________

(١) زيادة من الهروى.

(٢) فى الدر النثير : وقال ابن الجوزى فى حديث أم معبد «فغادرها رهنا» أى خلف الشاة عندها مرتهنة بأن تدر.

(٣) فى الهروى : «نهى أن يمنع رهو الماء» وفى اللسان : «نهى أن يباع رهو الماء أو يمنع».

(٤) وهذا قول أهل المدينة ، لأنهم لا يوجبون الشفعة إلا للشريك المخالط. قاله الهروى.

٢٨٥

آتيك بالآخر غدا رَهْواً» أى عفوا سهلا لا احتباس فيه. يقال : جاءت الخيل رَهْواً. أى متتابعة.

(ه) وفى حديث ابن مسعود رضى الله عنه «إذ مرّت به عنانة تَرَهْيَأَتْ» أى سحابة تهيّأت للمطر ، فهى تريده ولم تفعل.

(باب الراء مع الياء)

(ريب) قد تكرر فى الحديث ذكر «الرَّيْبُ» وهو بمعنى الشّكّ. وقيل هو الشّك مع التّهمة. يقال رَابَنِي الشّيء وأَرَابَنِي بمعنى شكّكني. وقيل أَرَابَنِي فى كذا أى شكّكنى وأوهمنى الرّيبة فيه ، فإذا استيقنته قلت رَابَنِي بغير ألف (١).

(ه) ومنه الحديث «دع ما يُرِيبُكَ إلى ما لا يُرِيبُكَ» يروى بفتح الياء وضمها : أى دع ما تشكّ فيه إلى ما لا تشكّ فيه.

(ه) ومنه حديث عمر رضى الله عنه «مكسبة فيها بعض الرِّيبَةِ خير من المسئلة» أى كسب فيه بعض الشّك أحلال هو أم حرام خير من سؤال الناس.

(ه) وفى حديث أبى بكر «قال لعمر رضى الله عنهما : عليك بِالرَّائِبِ من الأمور ، وإياك والرَّائِبَ منها» الرَّائِبُ من اللّبن : ما مخض وأخذ زبده ، المعنى : عليك بالذى لا شبهة فيه ، كالرائب من الألبان وهو الصّافى الذى ليس فيه شبهة ولا كدر ، وإياك والرَّائِبَ منها : أى الأمر الذى فيه شبهة وكدر. وقيل اللّبن إذا أدرك وخثر فهو رَائِبٌ وإن كان فيه زبده ، وكذلك إذا أخرج منه زبده ، فهو رَائِبٌ أيضا. وقيل إنّ الأول من رَابَ اللبن يَرُوبُ فهو رَائِبٌ ، والثانى من رَابَ يَرِيبُ إذا وقع فى الشّك : أى عليك بالصّافى من الأمور ودع المشتبه منها.

وفيه «إذا ابتغى الأمير الرِّيبَةَ فى الناس أفسدهم» أى إذا اتّهمهم وجاهرهم بسوء الظّن فيهم أدّاهم ذلك إلى ارتكاب ما ظنّ بهم ففسدوا.

__________________

(١) أنشد الهروى :

سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً

وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ

فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى

برفقٍ مجيباً (ما سألتَ يَهُونُ)

أى إن أصبته بحادث قال أربت : أى أوهمت ، ولم تحقق على سبيل المقاربة.

٢٨٦

وفى حديث فاطمة رضى الله عنها «يُرِيبُنِي ما يُرِيبُهَا» أى يسوءنى ما يسوءها ، ويزعجني ما يزعجها. يقال رَابَنِي هذا الأمر ، وأَرَابَنِي إذا رأيت منه ما تكره.

(س) ومنه حديث الظّبي الحاقف «لا يَرِيبُهُ أحد بشيء» أى لا يتعرّض له ويزعجه.

(س) وفيه «إنّ اليهود مرّوا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال بعضهم : سلوه.

وقال بعضهم : ما رَابُكُمْ إليه» أى ما إربكم وحاجتكم إلى سؤاله.

(س) ومنه حديث ابن مسعود «ما رَابُكَ إلى قطعها» قال الخطّابى : هكذا يروونه ، يعنى بضم الباء ، وإنما وجهه ما إربك إلى قطعها : أى ما حاجتك إليه. قال أبو موسى :

ويحتمل أن يكون الصّواب : ما رَابَكَ إليه بفتح الباء : أى ما أقلقك وألجأك إليه. وهكذا يرويه بعضهم.

(ريث) (ه) فى حديث الاستسقاء «عجلا غير رَائِثٍ» أى غير بطىء متأخّر. رَاثَ علينا خبر فلان يَرِيثُ إذا أبطأ.

ومنه الحديث «وعد جبريل عليه‌السلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يأتيه فَرَاثَ عليه».

والحديث الآخر «كان إذا اسْتَرَاثَ الخبر تمثّل بقول طرفة.

ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد (١)

هو استفعل من الرَّيْثِ. وقد تكرّر فى الحديث.

(س) ومنه «فلم يلبث إلا رَيْثَمَا» قلت : أى إلا قدر ذلك. وقد يستعمل بغير ما ولا أن ، كقوله :

لا يصعب الأمر إلّا رَيْثَ تركبه (٢)

وهى لغة فاشية فى الحجاز ، يقولون : يريد يفعل ، أى أن يفعل ، وما أكثر ما رأيتها واردة فى كلام الشافعى رحمة الله عليه.

__________________

(١) صدره :

ستبدي لك الايام ما كنت جاهلاً

(٢) هو لأعشى باهلة ، كما فى اللسان ، وتمامه :

وكلّ أمرٍ سوى الفحشاء يأتمر

٢٨٧

(ريح) قد تكرر ذكر «الرِّيحِ والرِّيَاحِ» فى الحديث. وأصلها الواو ، وقد تقدّم ذكرها فيه فلم نعدها هاهنا وإن كان لفظها يقتضيه.

(ريحان) فيه «إنكم لتبخّلون وتجهّلون وتجبّنون ، وإنّكم لمن رَيْحَانِ الله» يعنى الأولاد. الرَّيْحَانُ : يطلق على الرّحمة والرّزق والرّاحة ، وبالرّزق سمّى الولد رَيْحَاناً.

(ه) ومنه الحديث «قال لعليّ رضى الله عنه : أوصيك بِرَيْحَانَتَيَ خيرا فى الدنيا قبل أن ينهدّ ركناك» فلمّا مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : هذا أحد الرّكنين ، فلمّا ماتت فاطمة رضى الله عنها قال : هذا الرّكن الآخر. وأراد بِرَيْحَانَتَيْهِ الحسن والحسين رضى الله عنهما.

(س) وفيه «إذا أعطى أحدكم الرَّيْحَانَ فلا يردّه» هو كل نبت طيّب الرّيح من أنواع المشموم.

(ريد) (س) فى حديث عبد الله «إنّ الشيطان يريد ابن آدم بكل رِيدَةٍ» أى بكل مطلب ومراد. يقال : أَرَادَ يُرِيدُ إِرَادَةً. والرِّيدَةُ : الاسم من الإرادة. قالوا : أصلها الواو. وإنما ذكرت هاهنا للفظها.

وفيه ذكر «رَيْدَان» بفتح الراء وسكون الياء : أطم من آطام المدينة لآل حارثة ابن سهل.

(رير) (س [ه]) فى حديث خزيمة وذكر السّنة ، فقال : «تركت المخّ رَاراً» أى ذائبا رقيقا ؛ للهزال وشدّة الجدب.

(ريش) (ه) فى حديث عليّ «أنه اشترى قميصا بثلاثة دراهم وقال : الحمد لله الذى هذا من رِيَاشِهِ» الرِّيَاشُ والرِّيشُ : ما ظهر من اللّباس ، كاللّبس واللّباس. وقيل الرِّيَاشُ جمع الرِّيشِ.

(ه) ومنه حديثه الآخر «أنه كان يفضل على امراة مؤمنة من رِيَاشِهِ» أى ممّا يستفيده. ويقع الرِّيَاشُ على الخصب والمعاش والمال المستفاد.

(ه) ومنه حديث عائشة تصف أباها رضى الله عنهما «يفكّ عانيها ويَرِيشُ مملقها» أى يكسوه ويعينه ، وأصله من الرِّيشِ ، كأنّ الفقير المملق لا نهوض به كالمقصوص الجناح.

٢٨٨

يقال رَاشَهُ يَرِيشُهُ إذا أحسن إليه. وكلّ من أوليته خيرا فقد رشته.

ومنه الحديث «إنّ رجلا رَاشَهُ الله مالا» أى أعطاه.

ومنه حديث أبى بكر والنّسّابة :

الرَّائِشُونَ وليس يعرف رَائِشٌ

والقائلون هلمّ للأضياف

(ه) ومنه حديث عمر رضى الله عنه «قال لجرير بن عبد الله. وقد جاءه من الكوفة : أخبرنى عن الناس ، فقال : هم كسهام الجعبة ، منها القائم الرَّائِشُ» أى ذو الريش ، إشارة إلى كماله واستقامته.

ومنه حديث أبى جحيفة «أبرى النّبل وأَرِيشُهَا» أى أنحتها وأعمل لها رِيشاً. يقال منه : رِشْتُ السّهم أَرِيشُهُ.

(ه) وفيه «لعن الله الرَّاشِيَ والْمُرْتَشِيَ والرَّائِشَ» الرَّائِشُ : الذى يسعى بين الراشى والمرتشى ليقضى أمرهما.

(ريط) [ه] فى حديث حذيفة رضى الله عنه «ابتاعوا لى رَيْطَتَيْنِ نقيّتين» وفى رواية «إنه أتى بكفنه رَيْطَتَيْنِ فقال : الحىّ أحوج إلى الجديد من الميّت» الرَّيْطَةُ : كل ملاءة ليست بلفقين. وقيل كل ثوب رقيق ليّن. والجمع رَيْطٌ ورِيَاطٌ.

ومنه حديث أبى سعيد فى ذكر الموت «ومع كل واحد منهم رَيْطَةٌ من رِيَاطِ الجنة» وقد تكررت فى الحديث.

ومنه حديث ابن عمر «أتى بِرَائِطَةٍ فتمندل بعد الطعام (١) بها» قال سفيان : يعنى بمنديل. وأصحاب العربية يقولون رَيْطَة.

(ريع) (س) فى حديث عمر رضى الله عنه «املكوا العجين فإنه أحد الرَّيْعَيْنِ» الرَّيْعُ : الزيادة والنّماء على الأصل ، يريد زيادة الدّقيق عند الطّحن على كيل الحنطة ، وعند الخبز على الدّقيق. والملك والإملاك : إحكام العجن وإجادته.

__________________

(١) رواية الهروى : «أتى عمر برائطة يتمندل بها بعد الطعام فكرهها» وفى اللسان «فطرحها» وأخرجه من حديث ابن عمر.

٢٨٩

ومنه حديث ابن عباس فى كفّارة اليمين «لكل مسكين مدّ حنطة رَيْعُهُ إدامه» أى لا يلزمه مع المدّ إدام ، وأن الزيادة التى تحصل من دقيق المدّ إذا طحنه يشترى به الإدام.

(س) وفى حديث جرير «وماؤنا يَرِيعُ» أى يعود ويرجع.

[ه] ومنه حديث الحسن فى القىء «إن رَاعَ منه شىء إلى جوفه فقد أفطر» أى إن رجع.

(ه) ومنه حديث هشام فى صفة ناقة «إنها لَمِرْيَاعٌ مسياع» أى يسافر عليها ويعاد.

وفيه ذكر «رَائِعَة» هو موضع بمكة به قبر آمنة أمّ النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى قول.

(ريف) (س) فيه «تفتح الْأَرْيَافُ فيخرج إليها الناس» هى جمع رِيفٍ ، وهو كل أرض فيها زرع ونخل. وقيل هو ما قارب الماء من أرض العرب ومن غيرها.

ومنه حديث العرنيّين «كنّا أهل ضرع ولم نكن أهل رِيفٍ» أى إنّا من أهل البادية لا من أهل المدن.

ومنه حديث فروة بن مسيك «وهى أرض رِيفِنَا وميرتنا».

(ريق) (س) فى حديث عليّ رضى الله عنه «فإذا بِرَيْق سيف من ورائى» هكذا يروى بكسر الباء وفتح الراء ، من رَاقَ السراب إذا لمع ، ولو روى بفتحها على أنها أصلية من البَرِيقِ لكان وجها بيّنا. قال الواقدى : لم أسمع أحدا إلا يقول بِرَيْقِ سيف من ورائى ، يعنى بكسر الباء وفتح الراء.

(ريم) [ه] فيه «قال للعباس رضى الله عنه : لا تَرِمْ من منزلك غدا أنت وبنوك» أى لا تبرح. يقال : رَامَ يَرِيمُ إذا برح وزال من مكانه ، وأكثر ما يستعمل فى النّفى.

(ه) ومنه الحديث «فو الكعبة ما رَامُوا» أى ما برحوا. وقد تكرر فى الحديث.

وفيه ذكر «رِيم» هو بكسر الراء : اسم موضع قريب من المدينة.

(رين) (ه) فى حديث عمر «قال عن أسيفع جهينة : أصبح قد رِينَ به» أى أحاط

٢٩٠

الدّين بماله. يقال رِينَ بالرجل رَيْناً إذا وقع فيما لا يستطيع الخروج منه. وأصل الرَّيْنِ : الطّبع والتّغطية. ومنه قوله تعالى «كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ» أى طبع وختم.

ومنه حديث عليّ «لتعلم أيّنا الْمَرِينُ على قلبه ، والمغطّى على بصره» الْمَرِينُ : المفعول به الرّين.

[ه] ومنه حديث مجاهد فى قوله تعالى (وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ) قال : هو الرَّانُ» الرَّانُ والرَّيْنُ سواء ، كالذّام والذّيم ، والعاب والعيب.

وفيه «إنّ الصُّيَّام يدخلون الجنة من باب الرَّيَّان» قال الحربى : إن كان هذا اسما للباب ، وإلا فهو من الرّواء ، وهو الماء الذى يروى. يقال روى يروى فهو رَيَّان ، وامرأة رَيَّا. فالرَّيَّان فعلان من الرّيّ ، والألف والنون زائدتان ، مثلهما فى عطشان ، فيكون من باب رَيَا لا رَيَنَ. والمعنى أن الصّيّام بتعطيشهم أنفسهم فى الدّنيا يدخلون من باب الرَّيَّان ليأمنوا من العطش قبل تمكّنهم فى الجنة.

(ريهقان) (ه س) فى حديث عمر «خرج علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعليه قميص مصبوغ بِالرَّيْهُقَانِ» هو الزّعفران ، والياء والألف والنون زوائد.

(ريا) فى حديث خيبر «سأعطى الرَّايَةَ غدا رجلا يحبه الله عزوجل ورسوله» الرَّايَةُ هاهنا : العَلَم. يقال رَيَّيْتُ الرايةَ : أى ركزتها. وقد تكرر ذكرها فى الحديث.

(س) وفيه «الدّين رَايَةُ الله فى الأرض يجعلها فى عنق من أذلّه» الرَّايَةُ : حديدة مستديرة على قدر العنق تجعل فيه.

(س) ومنه حديث قتادة فى العبد الآبق «كره له الرَّايَةَ ورخّص فى القيد».

٢٩١

حرف الزّاى

(باب الزاى مع الهمزة)

(زأد) (س) فى حديث «فَزُئِد» يقال زَأَدْتُهُ أَزْأَدُهُ زَأْداً ، فهو مَزْءُودٌ إذا أفزعته وذعرته.

(زأر) (س) فيه «فسمع زَئِيرَ الأسد» يقال زَأَرَ الأسد يَزْأَرُ زَأْراً وزَئِيراً إذا صاح وغضب.

(س) ومنه قصة فتح العراق وذكر مرزبان «الزَّأْرَة» هى الأجمة. سميت بها لزئير الأسد فيها. والمرزبان : الرئيس المقدّم. وأهل اللغة يضمّون ميمه.

ومنه الحديث «إن الجارود لمّا أسلم وثب عليه الحطم فأخذه وشدّه وثاقا وجعله فى الزَّأْرَةِ».

(باب الزاى مع الباء)

(زبب) (س) فى حديث الزَّكَاةِ «يجىء كنز أحدكم شجاعا أقرع له زَبِيبَتَانِ» الزَّبِيبَةُ : نكتة سوداء فوق عين الحيّة. وقيل هما نقطتان تكتنفان فاها. وقيل هما زبدتان فى شدقيها.

ومنه حديث بعض القرشيين «حتى عرقت وزَبَّبَ صماغاك» أى خرج زبد فيك فى جانبى شفتك.

(ه) وفي حديث عليّ رضى الله عنه «أنا إذا والله مثل التى أحيط بها فقيل : زَبَابِ زَبَابِ حتى دخلت جحرها ، ثم احتفر عنها فاجترّ برجلها فذبحت» أراد الضّبع إذا أرادوا صيدها أحاطوا

٢٩٢

بها ، ثم قالوا لها : زباب زباب. كأنهم يؤنّسونها بذلك. والزَّبَابُ : جنس من الفأر لا يسمع ، لعلّها تأكله كما تأكل الجراد. المعنى : لا أكون مثل الضّبع تخادع عن حتفها.

(ه) وفى حديث الشعبى «كان إذا سئل عن مسئلة معضلة قال : زَبَّاء ذات وبر ، لو سئل عنها أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأعضلت بهم». يقال للدّاهية الصّعبة : زَبَّاء ذات وبر. والزَّبَبُ : كثرة الشّعر. يعنى أنّها جمعت بين الشّعر والوبر.

(س) وفى حديث عروة «يبعث أهل النار وفدهم فيرجعون إليهم زُبّاً حبنا» الزُّبُ : جمع الْأَزَبُ ، وهو الذى تدقّ أعاليه ومفاصله وتعظم سفلته. والحبن : جمع الأحبن ، وهو الذى اجتمع فى بطنه الماء الأصفر.

(زبد) (ه) فيه «إنا لا نقبل زَبْدَ المشركين» الزَّبْدُ بسكون الباء : الرّفد والعطاء. يقال منه زَبَدَهُ يَزْبِدُهُ بالكسر. فأما يَزْبُدُهُ بالضم فهو إطعام الزُّبْدِ. قال الخطّابى : يشبه أن يكون هذا الحديث منسوخا ، لأنه قد قبل هدية غير واحد من المشركين ، أهدى له المقوقس مارية والبغلة ، وأهدى له أكيدر دومة ، فقبل منهما. وقيل إنما ردّ هديّته (١) ليغيظه بردّها فيحمله ذلك على الإسلام. وقيل ردّها لأنّ للهديّة موضعا من القلب ، ولا يجوز عليه أن يميل بقلبه إلى مشرك ، فردها قطعا لسبب الميل ، وليس ذلك مناقضا لقبوله هدية النجاشى والمقوقس وأكيدر ؛ لأنهم أهل كتاب.

(زبر) (ه) فى حديث أهل النار «وعدّ منهم الضعيف الذى لا زَبْرَ له» أى لا عقل له يَزْبُرُهُ وينهاه عن الإقدام على ما لا ينبغى.

ومنه الحديث «إذا رددت على السّائل ثلاثا فلا عليك أن تَزْبُرَهُ» أى تنهره وتغلظ له فى القول والرد.

(س) وفى حديث صفية بنت عبد المطلب «كيف وجدت زَبْراً؟ أقطا وتمرا ، أو مشمعلّا صقرا؟» الزَّبْرُ بفتح الزاى وكسرها : القوىّ الشّديد ، وهو مكبّر الزُّبَيْرِ ، تعنى ابنها : أى كيف وجدته؟ كطعام يؤكل ، أو كالصّقر؟

(ه) وفى حديث أبى بكر رضى الله عنه «أنه دعا فى مرضه بدواة ومِزْبَرٍ فكتب اسم الخليفة بعده» الْمِزْبَرُ بالكسر : القلم. يقال زَبَرْتُ الكتاب أَزْبُرُهُ إذا أتقنت كتابته.

__________________

(١) المهدى هو عياض بن حمار ، قبل أن يسلم. الفائق ١ / ٥٢١.

٢٩٣

(ه) وفى حديث الأحنف «كان له جارية سليطة اسمها زَبْرَاءُ ، فكان إذا غضبت قال : هاجت زَبْرَاءُ» فذهبت كلمته هذه مثلا ، حتى يقال لكل شيء هاج غضبه. وزَبْرَاءُ : تأنيث الْأَزْبَرِ ، من الزُّبْرَةِ ، وهى ما بين كتفى الأسد من الوبر.

(ه) ومنه حديث عبد الملك «إنه أتى بأسير مصدّر أَزْبَرَ» أى عظيم الصّدر والكاهل ؛ لأنّهما موضع الزّبرة.

(س) وفى حديث شريح «إن هى هرّت وازْبَارَّتْ فليس لها» أى اقشعرّت وانتفشت. ويجوز أن يكون من الزّبرة ، وهى مجتمع الوبر فى المرفقين والصّدر.

وفيه ذكر «الزَّبِيرِ» هو بفتح الزاى وكسر الباء : اسم الجبل الذى كلّم الله تعالى عليه موسى عليه‌السلام فى قول.

(زبرج) فى حديث عليّ رضى الله عنه «حليت الدنيا فى أعينهم ، وراقهم زِبْرِجُهَا» الزِّبْرِجُ : الزينة والذّهب والسحاب.

(زبع) (ه) فى حديث عمرو بن العاص لما عزله معاوية عن مصر «جعل يَتَزَبَّعُ لمعاوية» التَّزَبُّعُ : التّغير وسوء الخلق وقلة الاستقامة ، كأنه من الزَّوْبَعَةِ : الريح المعروفة.

(زبق) فيه ذكر «الزَّابُوقَة» هى بضم الباء : موضع قريب من البصرة كانت به وقعة الجمل أوّل النّهار.

(زبل) (س) فى حديث عمر رضى الله عنه «أن امرأة نشزت على زوجها فحبسها فى بيت الزِّبْلِ» هو بالكسر السّرجين ، وبالفتح مصدر زَبَلْتُ الأرض إذا أصلحتها بالزّبل. وإنما ذكرنا هذه اللفظة مع ظهورها لئلا تصحّف بغيرها ؛ فإنها بمكان من الاشتباه.

(زبن) (ه) فيه «أنه نهى عن الْمُزَابَنَةِ والمحاقلة» قد تكرر ذكر الْمُزَابَنَة فى الحديث ، وهى بيع الرّطب فى رؤس النّخل بالتّمر ، وأصله من الزَّبْن وهو الدفع ، كأنّ كل واحد من المتبايعين يَزْبِنُ صاحبه عن حقّه بما يزداد منه. وإنما نهى عنها لما يقع فيها من الغبن والجهالة.

٢٩٤

وفى حديث عليّ رضى الله عنه «كالنّاب الضّروس تَزْبِنُ برجلها» أى تدفع.

(ه) وفى حديث معاوية «وربما زَبَنَتْ فكسرت أنف حالبها» يقال للنّاقة إذا كان من عادتها أن تدفع حالبها عن حلبها : زَبُونٌ.

(ه) ومنه الحديث «لا يقبل الله صلاة الزِّبِّينِ» هو الذى يدافع الأخبثين ، وهو بوزن السّجّيل ، هكذا رواه بعضهم ، والمشهور بالنّون.

(زبا) (س) فيه «أنه نهى عن مَزَابِي القبور» هى ما يندب به الميت ويناح به عليه ، من قولهم ما زَبَاهُمْ إلى هذا : أى ما دعاهم. وقيل هى جمع مِزْبَاةٍ ، من الزُّبْيَةِ وهى الحفرة ، كأنه ـ والله أعلم ـ كره أن يشق القبر ضريحا كالزّبية ولا يلحد ، ويعضده قوله «اللّحد لنا والشّقّ لغيرنا» وقد صحّفه بعضهم فقال : عن مراثى القبور (١).

(س) وفى حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «أنه سئل عن زُبْيَةٍ أصبح الناس يتدافعون فيها ، فهوى فيها رجل ، فتعلّق بآخر ، وتعلّق الثانى بثالث ، والثّالث برابع ، فوقعوا أربعتهم فيها فخدشهم الأسد فماتوا ، فقال : على حافرها الدّية : للأوّل ربعها ، وللثانى ثلاثة أرباعها ، وللثالث نصفها ، وللرابع جميع الدّية ، فأخبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم به فأجاز قضاءه» الزُّبْيَةُ : حفيرة تحفر للأسد والصّيد ويغطى رأسها بما يسترها ليقع فيها. ويروى الحكم فى هذه المسألة على غير هذا الوجه.

(ه) وفى حديث عثمان رضى الله عنه «أما بعد فقد بلغ السيل الزُّبَى» هى جمع زُبْيَة وهى الرّابية التى لا يعلوها الماء ، وهى من الأضداد. وقيل إنّما أراد الحفرة التى تحفر للسبع ولا تحفر إلا فى مكان عال من الأرض لئلّا يبلغها السّيل فتنطمّ. وهو مثل يضرب للأمر يتفاقم ويتجاوز الحدّ.

(س) وفى حديث كعب بن مالك «جرت بينه وبين غيره محاورة ، قال كعب : فقلت له

__________________

(١) جاء فى الدر النثير : قلت : المصنف انعكس عليه الأمر ، فإن الأول التصحيف ، والثانى هو المحفوظ ، كذا ذكره الخطابى والفارسى قالا : وإنما كره من المراثى النياحة على مذهب الجاهلية.

٢٩٥

كلمة أُزْبِيه بذلك» أى أزعجه وأقلقه ، من قولهم : أَزْبَيْتُ الشّىء أَزْبِيهِ إذا حملته. ويقال فيه زَبَيْتُهُ لأن الشّىء إذا حمل أزعج وأزيل عن مكانه.

(باب الزاى مع الجيم)

(زجج) (ه) فى صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أَزَجُ الحواجب» الزَّجَجُ : تقوّس فى الحاجب مع طول فى طرفه وامتداد.

(س) وفى حديث الّذى استسلف ألف دينار فى بنى إسرائيل «فأخذ خشبة فنقرها وأدخل فيها ألف دينار وصحيفة ، ثم زَجَّجَ موضعها» أى سوّى موضع النّقر وأصلحه ، من تَزْجِيجِ الحواجب ، وهو حذف زوائد الشعر. ويحتمل أن يكون مأخوذا من الزُّجِ : النصل ، وهو أن يكون النّقر فى طرف الخشبة ، فترك فيه زُجّاً ليمسكه ويحفظ ما فى جوفه.

(س) وفى حديث عائشة رضى الله عنها «قالت : صلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلة فى رمضان فتحدّثوا بذلك ، فأمسى المسجد من اللّيلة المقبلة زَاجّاً» قال الحربى : أظنه أراد جأزا. أى غاصّا بالناس ، فقلب ، من قولهم جئز بالشّراب جأزا إذا غصّ به. قال أبو موسى : ويحتمل أن يكون راجّا بالراء. أراد أن له رجّة من كثرة الناس.

وفيه ذكر «زُجِ لاوة» هو بضم الزاى وتشديد الجيم : موضع نجدىّ بعث إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الضحّاك بن سفيان يدعو أهله إلى الإسلام. وزُجٌ أيضا : ماء أقطعه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم العدّاء بن خالد.

(زجر) (س) فى حديث ابن مسعود رضى الله عنه «من قرأ القرآن فى أقلّ من ثلاث فهو زَاجِرٌ» من زَجْرِ الإبل يَزْجُرُهَا إذا حثّها وحملها على السّرعة. والمحفوظ «راجز» وقد تقدم.

ومنه الحديث «فسمع وراءه زَجْراً» أى صياحا على الإبل وحثّا.

وفى حديث العزل «كأنه زَجَرَ» أى نهى عنه. وحيث وقع الزَّجْرُ فى الحديث فإنما يراد به النّهى.

٢٩٦

(س) وفيه «كان شريح زَاجِراً شاعرا» الزَّجْرُ للطّير : هو التّيمّن والتّشؤّم بها والتفؤّل بطيرانها ، كالسانح والبارح ، وهو نوع من الكهانة والعيافة.

(زجل) (ه) فيه «أنه أخذ الحربة لأبىّ بن خلف فَزَجَلَهُ بها» أى رماه بها فقتله.

ومنه حديث عبد الله بن سلام «فأخذ بيدى فَزَجَلَ بى» أى رمانى ودفع بى.

(س) وفى حديث الملائكة «لهم زَجَل بالتسبيح» أى صوت رفيع عال.

(زجا) فيه «كان يتخلّف فى المسير فَيُزْجِي الضّعيف» أى يسوقه ليلحقه بالرّفاق.

(س) ومنه حديث عليّ «ما زالت تُزْجِينِي حتى دخلت عليه» أى تسوقنى وتدفعنى.

(س) وحديث جابر «أعيا ناضحى فجعلت أُزْجِيهِ» أى أسوقه.

(س) وفيه «لا تَزْجُو صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب» هو من أَزْجَيْتُ الشىء فَزَجَا إذا روّجته فراج وتيسّر. المعنى : لا تجزئ صلاة وتصح إلّا بالفاتحة.

(باب الزاى مع الحاء)

(زحزح) فيه «من صام يوما فى سبيل الله زَحْزَحَهُ الله عن النار سبعين خريفا» زَحْزَحَهُ أى نحّاه عن مكانه وباعده منه ، يعنى باعده عن النّار مسافة تقطع فى سبعين سنة ؛ لأنه كلما مرّ خريف فقد انقضت سنة.

[ه] ومنه حديث عليّ رضى الله عنه «أنه قال لسليمان بن صرد لما حضره بعد فراغه من الجمل : تَزَحْزَحْتَ وتربّصت فكيف رأيت الله صنع؟».

ومنه حديث الحسن بن علىّ رضى الله عنهما «كان إذا فرغ من الفجر لم يتكلم حتى تطلع الشمس وإن زُحْزِحَ» أى وإن أريد تنحيته عن ذلك وأزعج وحمل على الكلام.

(زحف) فيه «اللهم اغفر له وإن كان فرّ من الزَّحْفِ» أى فرّ من الجهاد ولقاء العدوّ فى الحرب. والزَّحْفُ : الجيش يَزْحَفُونَ إلى العدوّ : أى يمشون. يقال زَحَفَ إليه زَحْفاً إذا مشى نحوه.

٢٩٧

(ه) وفيه «إنّ راحلته أَزْحَفَتْ» أى أعيت ووقفت. يقال أَزْحَفَ البعير فهو مُزْحِفٌ إذا وقف من الإعياء ، وأَزْحَفَ الرجل إذا أعيت دابّته ، كأن أمرها أفضى إلى الزّحف. وقال الخطّابى : صوابه : أُزْحِفَتْ عليه ، غير مسمّى الفاعل. يقال زُحِفَ البعير إذا قام من الإعياء. وأَزْحَفَهُ السفر. وزَحَفَ الرجل إذا انسحب على استه.

ومنه الحديث «يَزْحَفُونَ على أستاههم» وقد تكرر فى الحديث.

(زحل) (ه) فيه «غزونا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فكان رجل من المشركين يدقّنا ويُزَحِّلُنَا من ورائنا» أى ينحّينا. يقال زَحَلَ الرجل عن مقامه وتَزَحَّلَ إذا زال عنه. ويروى يزجلنا بالجيم : أى يرمينا. ويروى : يدفّنا بالفاء ، من الدّفّ : السّير.

(ه) ومنه حديث أبى موسى أتاه عبد الله يتحدّث عنده ، فلما أقيمت الصلاة زَحَلَ وقال : «ما كنت أتقدّم رجلا من أهل بدر» أى تأخّر ولم يؤمّ القوم.

ومنه حديث الخدرى «فلما رآه زَحَلَ له وهو جالس إلى جنب الحسين».

ومنه حديث ابن المسيّب «قال لقتادة : ازْحَلْ عنّى فقد نزحتنى» أى أنفدت ما عندى.

(باب الزاى مع الخاء)

(زخخ) فيه «مثل أهل بيتى مثل سفينة نوح ؛ من تخلّف عنها زُخَ به فى النار» أى دفع ورمى. يقال زَخَّهُ يَزُخُّهُ زَخّاً.

(ه) ومنه حديث أبى موسى «اتّبعوا القرآن ولا يتّبعنّكم ، فإنه من يتّبعه القرآن يَزُخُ فى قفاه».

وحديث أبى بكرة ودخولهم على معاوية «قال : فَزُخَ فى أقفائنا» أى دفعنا وأخرجنا.

[ه] ومنه حديث عليّ رضى الله عنه «أنه كتب إلى عثمان بن حنيف : لا تأخذنّ من الزُّخَّةِ والنّخّة شيئا» الزُّخَّةُ : أولاد الغنم لأنها تُزَخُ : أى تساق وتدفع من ورائها ، وهى فعلة بمعنى مفعول ، كالقبضة والغرفة. وإنما لا تؤخذ منها الصدقة إذا كانت منفردة ، فإذا كانت مع أمّهاتها اعتدّ بها فى الصّدقة ولا تؤخذ ، ولعل مذهبه كان لا يأخذ منها شيئا.

٢٩٨

(ه) ومنه حديثه الآخر :

أفلح من كانت له مِزَخَّهْ

يَزُخُّهَا ثم ينام الفخّه

الْمِزَخَّةُ بالكسر : الزّوجة ، لأنه يَزُخُّهَا : أى يجامعها. وقال الجوهرى : هو بالفتح.

(زخر) (س) فى حديث جابر رضى الله عنه «فَزَخَرَ البحر» أى مدّ وكثر ماؤه وارتفعت أمواجه.

(زخرف) (ه) فيه «إنه لم يدخل الكعبة حتى أمر بِالزُّخْرُفِ فنحّى» هو نقوش وتصاوير بالذهب كانت زيّنت بها الكعبة ، أمر بها فحكّت. والزُّخْرُفُ فى الأصل : الذهب وكمال حسن الشيء.

ومنه الحديث «نهى أن تُزَخْرَفَ المساجد» أى تنقش وتموّه بالذّهب. ووجه النّهى يحتمل أن يكون لئلا تشغل المصلى.

والحديث الآخر «لَتُزَخْرِفُنَّهَا كما زَخْرَفَتِ اليهود والنّصارى» يعنى المساجد.

ومنه حديث صفة الجنة «لَتَزَخْرَفَتْ له ما بين خوافق السموات والأرض».

وفى وصيته لعيّاش بن أبى ربيعة لما بعثه إلى اليمن «فلن تأتيك حجّة إلا دحضت ، ولا كتاب زُخْرُفِ إلّا ذهب نوره» أى كتاب تمويه وترقيش يزعمون أنه من كتب الله ، وقد حرّف أو غيّر ما فيه وزيّن ذلك التغيير وموّه.

(زخزب) (ه) فى حديث الفرع وذبحه ، قال : «وأن تتركه حتى يصير ابن مخاض أو ابن لبون زُخْزُبّاً خيرٌ من أن تكفأ إناءك وتولّه ناقتك» الزُّخْزُبُ : الذى قد غلظ جسمه واشتدّ لحمه. والفَرْعُ : هو أوّل ما تلده الناقة ، كانوا يذبحونه لآلهتهم ، فكره ذلك : وقال : لأن تتركه حتى يكبر وتنتفع بلحمه خير من أنك تذبحه فينقطع لبن أمّه فتكبّ إناءك الذى كنت تحلب فيه ، وتجعل ناقتك والهة بفقد ولدها.

(زخم) فيه ذكر «زُخْم» هو بضم الزاى وسكون الخاء : جبل قرب مكة.

٢٩٩

(باب الزاى مع الراء)

(زرب) (س) فى حديث بنى العنبر «فأخذوا زِرْبِيَّةَ أمّى فأمر بها فردّت» الزِّرْبِيَّةُ : الطّنفسة. وقيل البساط ذو الخمل ، وتكسر زايها وتفتح وتضم ، وجمعها زَرَابِيُ.

(ه) وفى حديث أبى هريرة «ويل لِلزِّرْبِيَّةِ ، قيل : وما الزِّرْبِيَّةُ؟ قال : الذين يدخلون على الأمراء ، فإذا قالوا شرّا أو قالوا شيئا (١) قالوا : صدق» شبّههم فى تلوّنهم بواحدة الزَّرَابِيِ ، وما كان على صبغتها وألوانها ، أو شبّههم بالغنم المنسوبة إلى الزِّرْبِ : وهو الحظيرة التى تأوى إليها ، فى أنهم ينقادون للأمراء ويمضون على مشيتهم انقياد الغنم لراعيها.

ومنه رجز كعب :

تبيت بين الزِّرْبِ والكنيف

وتكسر زايه وتفتح. والكنيف : الموضع الساتر ، يريد أنها تعلف فى الحظائر والبيوت لا بالكلأ والمرعى.

(زرر) (س) فى صفة خاتم النبوّة «إنه مثل زِرِّ الحجلة» الزِّرُّ : واحد الْأَزْرَارِ التى تشدّ بها الكلل والسّتور على ما يكون فى حجلة العروس. وقيل إنما هو بتقديم الراء على الزاى ، ويريد بالحجلة القبجة ، مأخوذ من أرزّت الجرادة إذا كبست ذنبها فى الأرض فباضت ، ويشهد له ما رواه الترمذى فى كتابه بإسناده عن جابر بن سمرة «وكان خاتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الذى بين كتفيه غدّة حمراء مثل بيضة الحمامة».

(ه) وفى حديث أبى ذر : قال يصف عليا «وإنه لعالم الأرض وزِرُّهَا الذى تسكن إليه» أى قوامها ، وأصله من زِرِّ القلب ، وهو عظيم صغير يكون قوام القلب به. وأخرج الهروى هذا الحديث عن سلمان.

__________________

(١) فى الهروى : أو قالوا سيئا.

٣٠٠