النّهاية - ج ٢

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٢

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٥٢٦

رئيسها ودهقانها الأعظم ، وهو أفعول من الرُّكُونِ : السّكون إلى الشىء والميل إليه ؛ لأن أهلها إليه يَرْكَنُونَ : أى يسكنون ويميلون.

(ركا) (ه) فى حديث المتشاحنين «ارْكُوا هذين حتى يصطلحا» يقال رَكَاهُ يَرْكُوهُ إذا أخّره. وفى رواية «اتركوا هذين» ، من التّرك. ويروى «ارهكوا هذين» بالهاء : أى كلّفوهما وألزموهما ، من رهكت الدابة إذا حملت عليها فى السّير وجهدتها.

(س) وفى حديث البراء «فأتينا على رَكِيٍ ذمّة» الرَّكِيُ : جنس لِلرَّكِيَّةِ ، وهى البئر ، وجمعها رَكَايَا. والذّمّة : القليلة الماء.

ومنه حديث عليّ «فإذا هو فى رَكِيٍ يتبرّد» وقد تكرر فى الحديث مفردا ومجموعا.

وفى حديث جابر «أنه أتى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بِرَكْوَةٍ فيها ماء» الرَّكْوَةُ : إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء ، والجمع رِكَاءٌ.

(باب الراء مع الميم)

(رمث) (ه) فيه «إنّا نركب أَرْمَاثاً لنا فى البحر» الْأَرْمَاثُ : جمع رَمَثٍ ـ بفتح الميم ـ وهو خشب يضم بعضه إلى بعض ثم يشدّ ويركب فى الماء ، ويسمى الطّوف ، وهو فعل بمعنى مفعول ، من رَمَثْتُ الشىء إذا لممته وأصلحته.

(س) وفى حديث رافع بن خديج وسئل عن كراء الأرض البيضاء بالذّهب والفضة فقال : «لا بأس ، إنّما نهى عن الْإِرْمَاثِ» هكذا يروى ، فإن كان صحيحا فيكون من قولهم : رَمَثْتُ الشىء بالشىء إذا خلطته ، أو من قولهم : رَمَّثَ عليه وأَرْمَثَ إذا زاد ، أو من الرَّمَثِ وهو بقيّة اللّبن فى الضّرع. قال : فكأنه نهى عنه من أجل اختلاط نصيب بعضهم ببعض ، أو لزيادة يأخذها بعضهم من بعض ، أو لإبقاء بعضهم على البعض شيئا من الزّرع. والله أعلم.

(س) وفى حديث عائشة «نهيتكم عن شرب ما فى الرِّمَاثِ والنّقير» قال أبو موسى : إن كان اللّفظ محفوظا فلعلّه من قولهم : حبل أَرْمَاثٌ : أى أرمام ، ويكون المراد به الإناء الذى قد قدم وعتق ، فصارت فيه ضراوة بما ينبذ فيه ، فإنّ الفساد يكون إليه أسرع.

٢٦١

(رمح) (س) فيه «السّلطان ظلّ الله ورُمْحُهُ» استوعب بهاتين الكلمتين نوعى ما على الوالى للرّعية : أحدهما الانتصار من الظالم والإعانة ، لأنّ الظّل يلجأ إليه من الحرارة والشّدّة ، ولهذا قال فى تمامه : «يأوى إليه كلّ مظلوم» والآخر إرهاب العدوّ ؛ ليرتدع عن قصد الرّعيّة وأذاهم فيأمنوا بمكانه من الشّرّ. والعرب تجعل الرُّمْحَ كناية عن الدّفع والمنع.

(رمد) (س) فيه «قال : سألت ربّى أن لا يسلّط على أمّتى سنة فَتُرْمِدَهُمْ فأعطانيها» أى تهلكهم. يقال رَمَدَهُ وأَرْمَدَهُ إذا أهلكه وصيّره كالرَّمَادِ. ورَمَدَ وأَرْمَدَ إذا هلك. والرَّمْدُ والرَّمَادَةُ الهلاك.

(ه) ومنه حديث عمر «أنه أخّر الصّدقة عام الرَّمَادَةِ» وكانت سنة جدب وقحط فى عهده فلم يأخذها منهم تخفيفا عنهم. وقيل سمّى به لأنهم لمّا أجدبوا صارت ألوانهم كلون الرَّمَادِ.

(س) وفى حديث وافد عاد «خذها رَمَاداً رِمْدِداً ، لا تذر من عاد أحدا» الرِّمْدِدُ بالكسر. المتناهى فى الاحتراق والدّقة ، كما يقال ليل أليل ويوم أيوم إذا أرادوا المبالغة.

(ه) وفى حديث أم زرع «زوجى عظيم الرَّمَادِ» أى كثير الأضياف والإطعام ؛ لأن الرماد يكثر بالطّبخ.

(ه) وفى حديث عمر «شوى أخوك حتى إذا أنضج رَمَّدَ» أى ألقاه فى الرماد ، وهو مثل يضرب للذى يصنع المعروف ثم يفسده بالمنّة أو يقطعه.

(ه) وفى حديث المعراج «وعليهم ثياب رُمْدٌ» أى غبر فيها كدورة كلون الرماد ، واحدها أَرْمَدُ.

وفيه ذكر «رَمْد» بفتح الراء : ماء أقطعه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم جميلا العدوىّ حين وفد عليه.

(ه) وفى حديث قتادة «يتوضّأ الرّجل بالماء الرَّمِد» أى الكدر الذى صار على لون الرماد.

٢٦٢

(رمرم) (ه) فى حديث الهرّة «حبستها فلا أطعمتها ولا أرسلتها تُرَمْرِمُ من خشاش الأرض» أى تأكل. وأصلها من رَمَّتِ الشاةُ وارْتَمَّتْ من الأرض إذا أكلت. والمِرَمَّة ـ من ذوات الظّلف ـ بالكسر والفتح كالفم من الإنسان.

(ه) وفى حديث عائشة «كان لآل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وحش ، فإذا خرج ـ تعنى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ لعب وجاء وذهب ، فإذ جاء ربض فلم يَتَرَمْرَمْ ما دام فى البيت» أى سكن ولم يتحرّك ، وأكثر ما يستعمل فى النّفى (١).

(رمس) (س) فى حديث ابن عباس «أنه رَامَسَ عمر بالجحفة وهما محرمان» أى أدخلا رؤوسهما فى الماء حتى يغطّيهما. وهو كالغمس بالغين. وقيل هو بالراء : أن لا يطيل اللّبث فى الماء ، وبالغين أن يطيله.

[ه] ومنه الحديث «الصائم يَرْتَمِسُ ولا يغتمس».

ومنه حديث الشعبى «إذا ارْتَمَسَ الجنب فى الماء أجزأه ذلك».

(س) وفى حديث ابن مغفّل «ارْمُسُوا قبرى رَمْساً» أى سوّوه بالأرض ولا تجعلوه مسنّما مرتفعا. وأصل الرَّمْسِ : السّتر والتّغطية. ويقال لما يحثى على القبر من التراب رَمْسٌ ، وللقبر نفسه رَمْسٌ.

وفيه ذكر «رَامِس» هو بكسر الميم : موضع فى ديار محارب ، كتب به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعظيم بن الحارث المحاربى.

(رمص) (س) فى حديث ابن عباس رضى الله عنهما «كان الصّبيان يصبحون غُمْصا رُمْصاً ، ويصبح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم صقيلا دهينا» أى فى صغره. يقال غَمِصَتِ العين ورَمِصَتْ ، من الغَمَص والرَّمَصُ ، وهو البياض الذى تقطعه العين ويجتمع فى زوايا الأجفان ، والرَّمَصُ : الرطب منه ، والغَمَص : اليابس ، والغُمْص والرُّمْصُ : جمع أغمص وأَرْمَصَ ، وانتصبا على الحال لا على الخبر ، لأنّ أصبح تامّة ، وهى بمعنى الدّخول فى الصباح. قاله الزمخشرى.

ومنه الحديث «فلم تكتحل (٢) حتى كادت عيناها تَرْمَصَانِ» ويروى بالضاد ، من الرمضاء : شدّة الحرّ ، يعنى تهيج عيناها.

__________________

(١) قال الهروى : ويجوز أن يكون مبنيا من رام يريم ، كما تقول : خضخضت الإناء ، وأصله من خاض يخوض.

ونخنخت البعير ، وأصله أناخ.

(٢) هى صفية بنت أبى عبيد. كما فى الفائق ١ / ٢٤٤

٢٦٣

(س) ومنه حديث صفيّة «اشتكت عينها حتى كادت تَرْمَصُ» وإن روى بالضاد أراد حتى تحمى.

(رمض) (ه) فيه «صلاة الأوّابين إذا رَمِضَتِ الفصال» وهى أن تحمى الرَّمْضَاء وهى الرّمل ، فتبرك الفصال من شدّة حرّها وإحراقها أخفافها.

(ه) ومنه حديث عمر رضى الله عنه «قال لراعى الشّاء : عليك الظّلف من الأرض لا تُرَمِّضْهَا» رَمَّضَ الراعى ماشيته وأَرْمَضَهَا إذا رعاها فى الرمضاء.

ومنه حديث عقيل «فجعل يتتبّع القىء من شدّة الرَّمَضِ» هو بفتح الميم : المصدر ، يقال رَمِضَ يَرْمَضُ رَمَضاً. وقد تكرر فى الحديث.

ومنه سمّى «رَمَضَان» لأنهم لمّا نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سمّوها بالأزمنة التى وقعت فيها ، فوافق هذا الشهر أيام شدّة الحرّ ورمضه. وقيل فيه غير ذلك.

(ه) وفيه «إذا مدحت الرجل فى وجهه فكأنما أمررت على حلقه موسى رَمِيضاً» الرَّمِيضُ : الحديد الماضى ، فعيل بمعنى مفعول ، من رَمَضَ السّكّين يَرْمِضُهُ إذا دقّه بين حجرين ليرقّ ؛ ولذلك أوقعه صفة للمؤنث.

(رمع) (ه) فيه «أنه استبّ عنده رجلان فغضب أحدهما حتى خيّل إلى من رآه أنّ أنفه يَتَرَمَّعُ» قال أبو عبيد : هذا هو الصواب ، والرواية : يتمزّع. ومعنى يَتَرَمَّعُ : كأنه يرعد من الغضب. وقال الأزهرى : إن صحّ يتمزّع فإن معناه يتشقّق. يقال مزعت الشىء إذا قسمته. وسيجىء فى موضعه.

وفيه ذكر «رِمَع» هى بكسر الراء وفتح الميم : موضع من بلاد عكّ باليمن.

(رمق) (ه) فى حديث طهفة «ما لم تضمروا الرِّمَاقَ» أى النّفاق. يقال رَامَقَهُ رِمَاقاً ، وهو أن ينظر إليه شزرا نظر العداوة ، يعنى ما لم تضق قلوبكم عن الحق. يقال عيشه رِمَاقٌ : أى ضَيِّقٌ. وعيش رَمِقٌ ومُرَمَّقٌ : أى يمسك الرَّمَق ، وهو بقية الروح وآخر النّفس.

ومنه الحديث «أتيت أبا جهل وبه رَمَقٌ».

(س) وفى حديث قسّ «أَرْمُقُ فدفدها» أى أنظر نظرا طويلا شزرا.

٢٦٤

(رمك) (ه) فى حديث جابر «وأنا على جمل أَرْمَكَ» هو الذى فى لونه كدورة.

(س) ومنه الحديث «اسم الأرض العليا الرَّمْكَاء» ، وهو تأنيث الْأَرْمَكِ. ومنه الرَّامِكُ ، وهو شىء أسود يخلط بالطّيب.

(رمل) (ه) فى حديث أمّ معبد «وكان القوم مُرْمِلينَ» أى نفد زادهم. وأصله من الرَّمْلِ ، كأنّهم لصقوا بالرّمل ، كما قيل للفقير التّرب.

ومنه حديث جابر «كانوا فى سريّة وأَرْمَلُوا من الزّاد».

(ه) وحديث أبى هريرة «كنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى غزاة فَأَرْمَلْنَا» وقد تكرر فى الحديث عن أبى موسى الأشعرى ، وابن عبد العزيز ، والنّخعى ، وغيرهم.

(ه) وفى حديث عمر رضى الله عنه «دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وإذا هو جالس على رُمَالِ سرير» وفى رواية «على رُمَالِ حصير» الرُّمَالُ : ما رُمِلَ أى نسج. يقال رَمَلَ الحصيرَ وأَرْمَلَهُ فهو مَرْمُولٌ ومُرْمَلٌ ، ورَمَّلْتُهُ ، شدّد للتكثير. قال الزمخشرى : ونظيره : الحطام والرّكام ، لما حطم وركم. وقال غيره : الرُّمَالُ جمع رَمْلٍ بمعنى مرمول ، كخلق الله بمعنى مخلوقه. والمراد أنه كان السرير قد نسج وجهه بالسّعف ، ولم يكن على السّرير وطاء سوى الحصير. وقد تكرر فى الحديث.

وفى حديث الطواف «رَمَلَ ثلاثا ومشى أربعا» يقال رَمَلَ يَرْمُلُ رَمَلاً ورَمَلَاناً إذا أسرع فى المشى وهزّ منكبيه.

(س) ومنه حديث عمر «فيم الرَّمَلَانُ والكشف عن المناكب وقد أطّأ الله الإسلام؟» يكثر مجىء المصدر على هذا الوزن فى أنواع الحركة ، كالنّزوان ، والنّسلان ، والرّسفان وأشباه ذلك. وحكى الحربى فيه قولا غريبا قال : إنه تثنية الرَّمَلِ ، وليس مصدرا ، وهو أن يهزّ منكبيه ولا يسرع ، والسّعى أن يسرع فى المشى ، وأراد بالرَّمَلَيْنِ الرَّمَل والسّعى. قال : وجاز أن يقال للرَّمَل والسعى الرَّمَلَانِ ؛ لأنه لمّا خفّ اسم الرّمل وثقل اسم السّعى غلّب الأخفّ فقيل الرَّمَلَان ، كما قالوا القمران ، والعمران ، وهذا القول من ذلك الإمام كما تراه ، فإن الحال التى شرع فيها رَمَلُ الطواف ، وقول عمر فيه ما قال يشهد بخلافه ؛ لأنّ رمل الطّواف هو الّذى أمر به النبى صلى الله

٢٦٥

عليه وسلم أصحابه فى عمرة القضاء ؛ ليرى المشركين قوّتهم حيث قالوا وهنتهم حمّى يثرب ، وهو مسنون فى بعض الأطواف دون البعض. وأما السعى بين الصفا والمروة فهو شعار قديم من عهد هاجر أمّ إسماعيل عليهما‌السلام ، فإذا المراد بقول عمر رَمَلَانُ الطواف وحده الذى سنّ لأجل الكفار ، وهو مصدر. وكذلك شرحه أهل العلم لا خلاف بينهم فيه ، فليس للتثنية وجه. والله أعلم.

(س) وفى حديث الحمر الأهلية «أمر أن تكفأ القدور وأن يُرَمِّلَ اللحم بالتّراب» أى يلتّ بالرمل لئلا ينتفع به.

(ه) وفى حديث أبى طالب يمدح النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمة لِلْأَرَامِلِ

الْأَرَامِلُ : المساكين من رجال ونساء. ويقال لكلّ واحد من الفريقين على انفراده أَرَامِل ، وهو بالنّساء أخصّ وأكثر استعمالا ، والواحد أَرْمَلُ وأَرْمَلَةُ. وقد تكرر ذكر الأَرْمَل والأَرْمَلَة فى الحديث. فَالْأَرْمَلُ الذى ماتت زوجته ، والْأَرْمَلَةُ التى مات زوجها. وسواء كانا غنيّين أو فقيرين.

(رمم) (س) فيه «قال : يا رسول الله كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أَرَمَّتَ» قال الحربىّ : هكذا يرويه المحدّثون ، ولا أعرف وجهه ، والصواب : أَرَمَّتْ ، فتكون التاء لتأنيث العظام ، أو رَمِمْتَ : أى صرت رَمِيماً. وقال غيره : إنما هو أَرَمْتَ بوزن ضربت. وأصله أَرْمَمْتَ : أى بليت ، فحذفت إحدى الميمين ، كما قالوا أحست فى أحسست. وقيل : إنما هو أَرْمَتَ بتشديد التاء على أنه أدغم إحدى الميمين فى التاء ، وهذا قول ساقط ؛ لأن الميم لا تدغم فى التاء أبدا. وقيل : يجوز أن يكون أُرِمْتَ بضم الهمزة بوزن أُمِرْتَ ، من قولهم أَرِمَتِ الإبلُ تَأْرِمُ إذا تناولت العلف وقلعته من الأرض.

قلت : أصل هذه الكلمة من رَمَ الميّت ، وأَرَمَ إذا بَلِيَ. والرِّمَّةُ : العظم البالي ، والفعل الماضى من أَرَمَ للمتكلم والمخاطب أَرْمَمْتُ وأَرْمَمْتَ بإظهار التضعيف ، وكذلك كلّ فعل مضعّف فإنه يظهر فيه التضعيف معهما ، تقول فى شدّ : شددت ، وفى أعدّ : أعددت ، وإنما ظهر التضعيف لأن تاء المتكلم والمخاطب متحركة ولا يكون ما قبلهما إلّا ساكنا ، فإذا سكن ما قبلها وهى الميم الثانية التقى

٢٦٦

ساكنان ، فإن الميم الأولى سكنت لأجل الإدغام ولا يمكن الجمع بين ساكنين ، ولا يجوز تحريك الثانى لأنه وجب سكونه لأجل تاء المتكلم والمخاطب ، فلم يبق إلا تحريك الأوّل ، وحيث حرّك ظهر التضعيف ، والذى جاء فى هذا الحديث بالإدغام ، وحيث لم يظهر التضعيف فيه على ما جاء فى الرواية احتاجوا أن يشدّدوا التاء ليكون ما قبلها ساكنا حيث تعذر تحريك الميم الثانية ، أو يتركوا القياس فى التزام ما قبل تاء المتكلم والمخاطب.

فإن صحّت الرّواية ولم تكن محرّفة فلا يمكن تخريجه إلّا على لغة بعض العرب ، فإن الخليل زعم أن ناسا من بكر بن وائل يقولون : رَدَّتُ ورَدَّتَ ، وكذلك مع جماعة المؤنث يقولون : رُدَّنَ ومُرَّنَ ، يريدون رَدَدْتُ ورَدَدْتَ ، وارْدُدْنَ وامْرُرْنَ. قال : كأنهم قدّروا الإدغام قبل دخول التاء والنون ، فيكون لفظ الحديث : أَرَمَّتَ بتشديد الميم وفتح التاء. والله أعلم.

(ه) وفى حديث الاستنجاء «أنه نهى عن الاستنجاء بالرّوث والرِّمَّة» الرِّمَّةُ والرَّمِيمُ : العظم البالى. ويجوز أن تكون الرِّمَّةُ جمع الرَّمِيمِ ، وإنما نهى عنها لأنها ربما كانت ميتة ، وهى نجسة ، أو لأن العظم لا يقوم مقام الحجر لملاسته.

(س) وفى حديث عمر رضى الله عنه «قبل أن يكون ثماما ثم رُمَاماً» الرُّمَامُ بالضم : مبالغة فى الرميم ، يريد الهشيم المتفتّت من النّبت. وقيل هو حين تنبت رؤوسه فَتُرَمُ : أى تؤكل.

(ه) وفيه «أيّكم المتكلم بكذا وكذا؟ فَأَرَمَ القوم» أى سكتوا ولم يجيبوا. يقال أَرَمَ فهو مُرِمٌ. ويروى : فأزم بالزاى وتخفيف الميم ، وهو بمعناه ؛ لأنّ الأزم الإمساك عن الطعام والكلام ، وقد تقدّم فى حرف الهمزة.

ومنه الحديث الآخر «فلما سمعوا بذلك أَرَمُّوا ورهبوا» أى سكتوا وخافوا.

(ه) وفى حديث عليّ رضى الله عنه يذمّ الدنيا «وأسبابها رِمَامٌ» أى بالية ، وهى بالكسر جمع رُمَّةٍ بالضم ، وهى قطعة حبل بالية.

(ه) ومنه حديث عليّ «إن جاء بأربعة يشهدون وإلّا دفع إليه بِرُمَّتِهِ» الرُّمَّةُ بالضم : قطعة حبل يشدّ بها الأسير أو القاتل إذا قيد إلى القصاص : أى يسلّم إليهم بالحبل الذى شدّ به تمكينا لهم منه لئلا يهرب ، ثم اتّسعوا فيه حتى قالوا أخذت الشىء بِرُمَّتِهِ : أى كلّه.

٢٦٧

وفيه ذكر «رُمّ» بضم الراء وتشديد الميم ، وهى بئر بمكة من حفر مرّة بن كعب.

(س) وفى حديث النعمان بن مقرّن «فلينظر إلى شسعه ورَمِ ما دثر من سلاحه» الرَّمُ : إصلاح ما فسد ولمّ ما تفرّق.

(ه) وفيه «عليكم بألبان البقر فإنها تَرُمُ من كلّ الشجر» أى تأكل ، وفى رواية : تَرْتَمُ ، وهى بمعناه ، وقد تقدّم فى رمرم.

(س) وفى حديث زياد بن حدير «حملت على رِمٍ من الأكراد» أى جماعة نزول ، كالحىّ من الأعراب. قال أبو موسى : وكأنه اسم أعجمى. ويجوز أن يكون من الرِّمِ ، وهو الثّرى. ومنه قولهم : جاء بالطّم والرِّمِ.

(ه) وفى حديث أم عبد المطلب جدّ النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم «قالت حين أخذه عمّ المطلب (١) منها : كنّا ذوى ثُمِّه ورُمِّهِ» يقال ما له ثُمٌّ ولا رمٌ ، فالثُّمّ قماش البيت ، والرُّمُ مرمّة البيت ، كأنها أرادت كنا القائمين بأمره منذ ولد إلى أن شبّ وقوى. وقد تقدم فى حرف الثّاء مبسوطا.

وهذا الحديث ذكره الهروى فى حرف الراء من قول أمّ عبد المطّلب ، وقد كان رواه فى حرف الثاء من قول أخوال أحيحة بن الجلاح فيه ، وكذا رواه مالك فى الموطّأ عن أحيحة ، ولعله قد قيل فى شأنهما معا ، ويشهد لذلك أن الأزهرىّ قال : هذا الحرف روته الرّواة هكذا ، وأنكره أبو عبيد فى حديث أحيحة ، والصحيح ما روته الرواة.

(رمن) فى حديث أم زرع «يلعبان من تحت خصرها بِرُمَّانَتَيْنِ» أى أنها ذات ردف كبير ، فإذا نامت على ظهرها نبا الكفل بها حتى يصير تحتها متّسع يجرى فيه الرُّمَّان ، وذلك أن ولديها كان معهما رُمَّانَتَانِ ، فكان أحدهما يرمى رُمَّانَتَهُ إلى أخيه ، ويرمى أخوه الأخرى إليه من تحت خصرها.

(رمي) (ه) فيه يمرقون من الدين كما يمرق السّهم من الرَّمِيَّةِ» الرَّمِيَّةُ : الصّيد الذى تَرْمِيهِ فتقصده وينفذ فيه سهمك. وقيل هى كل دابّة مَرْمِيَّةٍ.

وفى حديث الكسوف «خرجت أَرْتَمِي بأسهمى» وفى رواية أَتَرَامَى. يقال رَمَيْتُ

__________________

(١) فى الأصل : عبد المطلب. والمثبت من ا واللسان.

٢٦٨

بالسّهم رَمْياً ، وارْتَمَيْتُ ، وتَرَامَيْتُ تَرَامِياً ، ورَامَيْتُ مُرَامَاةً ؛ إذا رميت بالسهام عن القسىّ. وقيل خرجت أَرْتَمِي إذا رميت القنص ، وأَتَرَمَّى إذا خرجت ترمى فى الأهداف ونحوها.

ومنه الحديث «ليس وراء الله مَرْمًى» أى مقصد ترمى إليه الآمال ويوجّه نحوه الرّجاء. والْمَرْمَى : موضع الرمى ، تشبيها بالهدف الذى ترمى إليه السّهام.

وفى حديث زيد بن حارثة رضى الله عنه «أنه سبى فى الجاهلية ، فَتَرَامَى به الأمر إلى أن صار إلى خديجة رضى الله عنها ، فوهبته للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأعتقه» تَرَامَى به الأمر إلى كذا : أى صار وأفضى إليه ، وكأنه تفاعل من الرّمى : أى رَمَتْهُ الأقدار إليه.

(س) وفيه «من قتل فى عِمِّيَّة فى رِمِّيَّا تكون بينهم بالحجارة» الرِّمِّيَّا بوزن الهجّيرا والخصّيصا ، من الرّمى ، وهو مصدر يراد به المبالغة.

(س) وفى حديث عدىّ الجذامى «قال : يا رسول الله كان لى امرأتان فاقتتلتا ، فَرَمَيْتُ إحداهما ، فَرُمِيَ فى جنازتها ، أى ماتت ، فقال : اعقلها ولا ترثها» يقال رُمِيَ فى جنازة فلان إذا مات ؛ لأنّ جنازته تصير مَرْمِيّاً فيها. والمراد بِالرَّمْيِ : الحمل والوضع ، والفعل فاعله الذى أسند إليه هو الظّرف بعينه ، كقولك سير بزيد ، ولذلك لم يؤنّث الفعل. وقد جاء فى رواية : فرميت فى جنازتها بإظهار التاء.

(ه) وفى حديث عمر «إنى أخاف عليكم الرَّمَاءُ» يعنى الرّبا. والرَّمَاءُ بالفتح والمدّ : الزيادة على ما يحل. ويروى : الْإِرْمَاءُ. يقال أَرْمَى على الشّىء إِرْمَاءً إذا زاد عليه ، كما يقال أربى.

(ه) وفى حديث صلاة الجماعة «لو أن أحدهم دعى إلى مِرْمَاتَيْنِ لأجاب وهو لا يجيب إلى الصلاة» الْمِرْمَاةُ : ظلف الشّاة. وقيل ما بين ظلفيها ، وتكسر ميمه وتفتح. وقيل الْمِرْمَاةُ بالكسر : السّهم الصغير الذى يتعلّم به الرّمى ، وهو أحقر السّهام وأدناها (١) : أى لو دعى إلى أن يعطى سهمين من هذه السّهام لأسرع الإجابة. قال الزمخشرى : وهذا ليس بوجيه ، ويدفعه قوله

__________________

(١) قال السيوطى فى الدر النثير : وقيل : هى لعبة كانوا يلعبون بها بنصال محددة يرمونها فى كوم من تراب فأيهم أثبتها فى الكوم غلب. حكاه ابن سيد الناس فى شرح الترمذى عن الأخنس.

٢٦٩

فى الرواية الأخرى «لو دعى إلى مِرْمَاتَيْنِ أو عرق» وقال أبو عبيد : هذا حرف لا أدرى ما وجهه ، إلا أنه هكذا يفسّر بما بين ظلفى الشّاة ، يريد به حقارته.

(باب الراء مع النون)

(رنح) (ه) فى حديث الأسود بن يزيد «أنه كان يصوم فى اليوم الشّديد الحرّ الذى إنّ الجمل الأحمر لَيُرَنَّحُ فيه من شدّة الحرّ» أى يدار به ويختلط. يقال رُنِّحَ فلان تَرْنِيحاً إذا اعتراه وهن فى عظامه من ضرب ، أو فزع ، أو سكر. ومنه قولهم : رَنَّحَهُ الشراب ، ومن رواه يريح ـ بالياء ـ أراد يهلك ، من أراح الرّجل إذا مات.

(س) ومنه حديث يزيد الرّقاشى «المريض يُرَنَّحُ والعرق من جبينه يترشّح».

(س) ومنه حديث عبد الرحمن بن الحارث «أنه كان إذا نظر إلى مالك بن أنس قال : أعوذ بالله من شرّ ما تَرَنَّحَ له» أى تحرّك له وطلبه.

(رنف) فيه «كان إذا نزل عليه الوحى وهو على القصواء تذرف عيناها وتُرْنِفُ بأذنيها من ثقل الوحى» يقال أَرْنَفَتِ الناقة بأذنيها إذا أرختهما من الإعياء.

(ه) وفى حديث عبد الملك «أنّ رجلا قال له : خرجت بى قرحة ، فقال له : فى أىّ موضع من جسدك؟ فقال : بين الرَّانِفَةِ والصَّفَن : فأعجبه حسن ما كنى به» الرَّانِفَةُ : ما سال من الألية على الفخذين ، والصَّفَن : جلدة الخصية.

(رنق) (س) فيه أنه ذكر النّفخ فى الصّور فقال «ترتجّ الأرض بأهلها فتكون كالسّفينة الْمُرَنِّقَةِ فى البحر تضربها الأمواج» يقال رَنَّقَتِ السفينة إذا دارت فى مكانها ولم تسر. والتَّرْنِيقُ : قيام الرجل لا يدرى أيذهب أم يجيء. ورَنَّقَ الطائر : إذا رفرف فوق الشىء.

(س) ومنه حديث سليمان عليه‌السلام «احشروا الطّير إلّا الرَّنْقَاء» هى القاعدة على البيض.

(ه) وفى حديث الحسن «وسئل : أينفخ الرجل فى الماء؟ فقال : إن كان من رَنَقٍ فلا بأس» أى من كدر. يقال ماء رَنْق بالسكون ، وهو بالتّحريك المصدر.

٢٧٠

ومنه حديث ابن الزبير «وليس للشّارب إلّا الرَّنْقُ والطّرق».

(رنم) (س) فيه «ما أذن الله لشىء إذنه لنبىّ حسن التَّرَنُّمِ بالقرآن» وفى رواية «حسن الصّوت يَتَرَنَّمُ بالقرآن» التَّرَنُّمُ : التّطريب والتّغنّى وتحسين الصّوت بالتّلاوة ، ويطلق على الحيوان والجماد ، يقال تَرَنَّمَ الحمام والقوس.

(رنن) فيه «فتلقّانى أهل الحىّ بِالرَّنِينِ» الرَّنِينُ : الصّوت ، وقد رَنَ يَرِنُ رَنِيناً.

(باب الراء مع الواو)

(روب) (س) فى حديث الباقر «أتجعلون فى النّبيذ الدّردىّ؟ قيل : وما الدّردى؟ قال الرُّوبَةُ ، قالوا : نعم» الرُّوبَةُ فى الأصل خميرة اللّبن ، ثم تستعمل فى كل ما أصلح شيئا ، وقد تهمز.

ومنه الحديث «لا شوب ولا رَوْبَ فى البيع والشّراء» أى لا غشّ ولا تخليط. ومنه قيل للّبن الممخوض : رَائِبٌ ؛ لأنه يخلط بالماء عند المخض ليخرج زبده.

(روث) (س) فى حديث الاستنجاء «نهى عن الرَّوْثِ والرّمّة» الرَّوْثُ : رجيع ذوات الحافر ، والرَّوْثَةُ أخصّ منه ، وقد رَاثَتْ تَرُوثُ رَوْثاً.

(س) ومنه حديث ابن مسعود «فأتيته بحجرين ورَوْثَةٍ فردّ الرَّوْثَةَ».

(ه) وفى حديث حسان بن ثابت «أنه أخرج لسانه فضرب به رَوْثَةَ أنفه» أى أرنبته وطرفه من مقدّمه.

(س) ومنه حديث مجاهد «فى الرَّوْثَةِ ثلث الدية» وقد تكرر ذكرها فى الحديث.

(س) وفيه «إن رَوْثَةَ سيف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كانت فضّة» فسّر أنها أعلاه ممّا يلى الخنصر من كفّ القابض.

(روح) قد تكرر ذكر «الرُّوحِ» فى الحديث ، كما تكرر فى القرآن ، ووردت فيه على معان ، والغالب منها أن المراد بِالرُّوحِ الذى يقوم به الجسد وتكون به الحياة ، وقد أطلق على

٢٧١

القرآن ، والوحى ، والرحمة ، وعلى جبريل فى قوله تعالى «الرُّوحُ الْأَمِينُ» و (رُوحُ الْقُدُسِ). والرُّوحُ يذكر ويؤنث.

(ه) وفيه «تحابّوا بذكر الله ورُوحِهِ» أراد ما يحيا به الخلق ويهتدون ، فيكون حياة لهم. وقيل أراد أمر النّبوّة. وقيل هو القرآن.

(س) ومنه الحديث «الملائكة الرُّوحَانِيُّونَ» يروى بضم الراء وفتحها ، كأنه نسبة إلى الرُّوحِ أو الرَّوْحِ ، وهو نسيم الرّيح ، والألف والنون من زيادات النّسب ، ويريد به أنهم أجسام لطيفة لا يدركها البصر.

(س) ومنه حديث ضمام «إنى أعالج من هذه الْأَرْوَاحِ» الْأَرْوَاحُ هاهنا كناية عن الجنّ ، سمّوا أَرْوَاحاً لكونهم لا يُرَون ، فهم بمنزلة الأرواح.

(ه) وفيه «من قتل نفسا معاهدة لم يَرَحْ رَائِحَةَ الجنّة» أى لم يشم ريحها. يقال رَاحَ يَرِيحُ ، ورَاحَ يَرَاحُ ، وأَرَاحَ يُرِيحُ : إذا وجد رائحة الشّىء ، والثلاثة قد روى بها الحديث.

وفيه «هبّت أَرْوَاحُ النّصر» الْأَرْوَاحُ جمع رِيحٍ لأنّ أصلها الواو ، وتجمع على أَرْيَاحٍ قليلا ، وعلى رِيَاحٍ كثيرا ، يقال الرِّيحُ لآل فلان : أى النّصر والدّولة. وكان لفلان ريح.

ومنه حديث عائشة رضى الله عنها «كان الناس يسكنون العالية فيحضرون الجمعة وبهم وسخ ، فإذا أصابهم الرَّوْحُ سطعت أَرْوَاحُهُمْ ، فيتأذّى به النّاس فأمروا بالغسل» الرَّوْحُ بالفتح : نسيم الرّيح ، كانوا إذا مرّ عليهم النّسيم تكيّف بِأرواحهم وحملها إلى النّاس.

(س) ومنه الحديث «كان يقول إذا هاجت الرِّيحُ : اللهم اجعلها رِيَاحاً ولا تجعلها ريحا» العرب تقول : لا تلقح السّحاب إلا من رياح مختلفة ، يريد اجعلها لقاحا للسّحاب ، ولا تجعلها عذابا. ويحقق ذلك مجىء الجمع فى آيات الرّحمة ، والواحد فى قصص العذاب ، ك (الرِّيحَ الْعَقِيمَ) ، و (رِيحاً صَرْصَراً).

وفيه «الرِّيحُ من رَوْحِ الله» أى من رحمته بعباده.

(س) وفيه «أنّ رجلا حضره الموت فقال لأولاده : أحرقونى ثم انظروا يوما راحا فأذرونى فيه»

٢٧٢

يوم رَاحٌ : أى ذو ريح ، كقولهم رجل مال. وقيل : يوم راح وليلة رَاحَةٌ إذا اشتدّت الريح فيهما.

(س) وفيه «رأيتهم يَتَرَوَّحُونَ فى الضّحى» أى احتاجوا إلى التَّرَوُّحِ من الحرّ بِالْمِرْوَحَةِ ، أو يكون من الرَّوَاحِ : العود إلى بيوتهم ، أو من طلب الراحة.

[ه] ومنه حديث ابن عمر «ركب ناقة فارهة فمشت به مشيا جيّدا فقال :

كأنّ راكبها غصن بِمَرْوَحَةٍ

إذا تدلّت به أو شارب ثمل

الْمَرْوَحَةُ بالفتح : الموضع الذى تخترقه الريح ، وهو المراد ، وبالكسر : الآلة التى يتروّح بها. أخرجه الهروى من حديث ابن عمر ، والزمخشرى من حديث عمر.

(س) وفى حديث قتادة «أنه سئل عن الماء الذى قد أَرْوَحَ أيتوضّأ منه؟ فقال : لا بأس» يقال أَرْوَحَ الماء وأَرَاحَ إذا تغيرت ريحه.

(ه) وفيه «من رَاحَ إلى الجمعة فى الساعة الأولى فكانّما قرّب بدنة» أى مشى إليها وذهب إلى الصلاة ، ولم يرد رَوَاحَ آخر النّهار. يقال رَاحَ القوم وتَرَوَّحُوا إذا ساروا أىّ وقت كان. وقيل أصل الرّواح أن يكون بعد الزوال ، فلا تكون الساعات التى عدّدها فى الحديث إلا فى ساعة واحدة من يوم الجمعة ، وهى بعد الزوال ، كقولك قعدت عندك ساعة ، وإنما تريد جزءا من الزمان وإن لم تكن ساعة حقيقيّة التى هى جزء من أربعة وعشرين جزءا مجموع اللّيل والنهار.

وفى حديث سرقة الغنم «ليس فيه قطع حتى يؤويه الْمُرَاح» الْمُرَاحُ بالضم : الموضع الذى تروح إليه الماشية : أى تأوى إليه ليلا. وأمّا بالفتح فهو الموضع الذى يروح إليه القوم أو يروحون منه ، كالمغدى ، للموضع الذى يغدى منه.

ومنه حديث أمّ زرع «وأَرَاحَ علىّ نعما ثريّا» أى أعطانى ؛ لأنّها كانت هى مُرَاحاً لنعمه.

وفى حديثها أيضا «وأعطانى من كل رَائِحَةٍ زوجا» أى مما يروح عليه من أصناف المال أعطانى نصيبا وصنفا. ويروى ذابحة بالذال المعجمة والباء. وقد تقدّم.

(س) ومنه حديث الزبير «لولا حدود فرضت وفرائض حدّت تُرَاحُ على أهلها» أى

٢٧٣

تردّ إليهم ، وأهلها هم الأئمة. ويجوز بالعكس ، وهو أنّ الأئمة يردّونها إلى أهلها من الرّعية.

ومنه حديث عائشة «حتى أَرَاحَ الحقّ على أهله».

(س) وفى حديث عقبة «رَوَّحْتُهَا بالعشى» أى رددتها إلى المراح.

(س) وحديث أبى طلحة «ذاك مال رَائِحٌ» أى يَرُوحُ عليك نفعه وثوابه ، يعنى قرب وصوله إليه. ويروى بالباء وقد سبق.

ومنه الحديث «على رَوْحَةٍ من المدينة» أى مقدار رَوْحَةٍ ، وهى المرّة من الرواح.

(ه) وفيه «أنه قال لبلال : أَرِحْنَا بها يا بلال» أى أذّن بالصلاة نَسْتَرِحْ بأدائها من شغل القلب بها. وقيل كان اشتغاله بالصّلاة راحة له ؛ فإنه كان يعدّ غيرها من الأعمال الدّنيوية تعبا ، فكان يَسْتَرِيحُ بالصلاة لما فيها من مناجاة الله تعالى ، ولهذا قال «قرّة عينى فى الصلاة» وما أقرب الرّاحة من قرّة العين. يقال : أَرَاحَ الرجل واسْتَرَاحَ إذا رجعت نفسه إليه بعد الإعياء.

(ه) ومنه حديث أم أيمن «إنها عطشت مهاجرة فى يوم شديد الحرّ ، فدلّى إليها دلو من السّماء فشربت حتى أَرَاحَتْ».

(س) وفيه «أنه كان يُرَاوِحُ بين قدميه من طول القيام» أى يعتمد على إحداهما مرة وعلى الأخرى مرة ليوصل الراحة إلى كل منهما.

(س) ومنه حديث ابن مسعود «أنه أبصر رجلا صافّا قدميه فقال : لو رَاوَحَ كان أفضل».

ومنه حديث بكر بن عبد الله «كان ثابت يُرَاوِحُ ما بين جبهته وقدميه» أى قائما وساجدا ، يعنى فى الصلاة.

(س) ومنه حديث «صلاة التَّرَاوِيحِ» لأنهم كانوا يَسْتَرِيحُونَ بين كلّ تسليمتين. والتَّرَاوِيحُ جمع تَرْوِيحَةٍ ، وهى المرّة الواحدة من الراحة ، تفعيلة منها ، مثل تسليمة من السّلام.

(ه) وفى شعر النابغة الجعدى يمدح ابن الزبير :

حكيت لنا الصّدّيق لما وليتنا

وعثمان والفاروق فَارْتَاحَ معدم

أى سمحت نفس المعدم وسهل عليه البذل. يقال : رِحْتُ للمعروف أَرَاحُ رَيْحاً ، وارْتَحْتُ أَرْتَاحُ ارْتِيَاحاً ، إذا ملت إليه وأحببته.

٢٧٤

[ه] ومنه قولهم «رجل أَرْيَحِيٌ» إذا كان سخيّا يَرْتَاحُ للنّدى.

[ه] وفيه «نهى أن يكتحل المحرم بالإثمد الْمُرَوَّحِ» أى المطيّب بالمسك ، كأنه جعل له رَائِحَةٌ تفوح بعد أن لم تكن له رائحة.

ومنه الحديث الآخر «أنه أمر بالإثمد الْمُرَوَّحِ عند النّوم».

وفى حديث جعفر «ناول رجلا ثوبا جديدا فقال : اطوه على راحته» أى على طيّه الأوّل.

(ه) وفى حديث عمر رضى الله عنه «أنه كان أَرْوَحَ كأنه راكب والناس يمشون» الْأَرْوَحُ الذى تتدانى عقباه ويتباعد صدرا قدميه.

(ه) ومنه الحديث «لكأنّى أنظر إلى كنانة بن عبد ياليل قد أقبل تضرب درعه رَوْحَتَيْ رجليه».

(س) ومنه الحديث «أنه أتى بقدح أَرْوَحَ» أى متّسع مبطوح.

(س) وفى حديث الأسود بن يزيد «إن الجمل الأحمر ليريح فيه من الحرّ» الْإِرَاحَةُ هاهنا : الموت والهلاك. ويروى بالنّون. وقد تقدّم.

(رود) (ه) فى حديث عليّ رضى الله عنه ، فى صفة الصحابة رضى الله عنهم «يدخلون رُوَّاداً ويخرجون أدلّة» أى يدخلون عليه طالبين العلم وملتمسين الحكم من عنده ، ويخرجون أدلّة هداة للنّاس. والرُّوَّادُ : جمع رَائِدٍ ، مثل زائر وزوّار. وأصل الرَّائِدِ الذى يتقدّم القوم يبصر لهم الكلأ ومساقط الغيث. وقد رَادَ يَرُودُ رِيَاداً.

ومنه حديث الحجاج فى صفة الغيث «وسمعت الرُّوَّاد تدعو إلى رِيَادَتِهَا» أى تطلب الناس إليها.

[ه] ومنه الحديث «الحمّى رَائِدُ الموت» أى رسوله الذى يتقدّمه كما يتقدم الرائد قومه.

(ه) ومنه حديث المولد «أعيذك بالواحد ، من شرّ كل حاسد ، وكل خلق رَائِد» أى متقدم بمكروه.

[ه] ومنه حديث وفد عبد القيس «إنّا قوم رَادَةٌ» هو جمع رَائِدٍ ، كحائك وحاكة : أى نرود الخير والدّين لأهلنا.

٢٧٥

(ه) ومنه الحديث «إذا بال أحدكم فَلْيَرْتَدْ لبوله» أى يطلب مكانا ليّنا لئلا يرجع عليه رشاش بوله. يقال رَادَ وارْتَادَ واسْتَرَادَ.

(س) ومنه حديث معقل بن يسار وأخته (١) «فَاسْتَرَادَ لأمر الله» أى رجع ولان وانقاد.

وفى حديث أبى هريرة «حيث يُرَاوِدُ عمّه أبا طالب على الإسلام» أى يراجعه ويرادده.

ومنه حديث الإسراء «قال له موسى عليه‌السلام : قد والله رَاوَدْتُ بنى إسرائيل على أدنى من ذلك فتركوه».

وفى حديث أنجشة «رُوَيْدَك رفقا بالقوارير» أى أمهل وتأنّ ، وهو تصغير رُودٍ. يقال أَرُودُ به إِرْوَاداً : أى رفق. ويقال رُوَيْدَ زيد ، ورُوَيْدَكَ زيدا ، وهى فيه مصدر مضاف. وقد تكون صفة نحو : ساروا سيرا رُوَيْداً ، وحالا نحو : ساروا رُوَيْداً ، وهى من أسماء الأفعال المتعدّية.

(س) وفى حديث قسّ :

ومَرَاداً لمحشر الخلق طرّا

أى موضعا يحشر فيه الخلق ، وهو مفعل من رَادَ يَرُودُ ، وإن ضمّت الميم فهو اليوم الذى يراد أن تحشر فيه الخلق.

(روذس) رُوذِس لها ذكر فى الحديث ، وهى اسم جزيرة بأرض الروم. وقد اختلف فى ضبطها ، فقيل هى بضم الراء وكسر الذال المعجمة. وقيل هى بفتحها. وقيل بشين معجمة.

(روز) (س) فى حديث مجاهد فى قوله تعالى «وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ». قال : «يَرُوزُكَ ويسألك». الرَّوْزُ : الامتحان والتقدير. يقال رُزْتُ ما عند فلان إذا اختبرته وامتحنته ، المعنى يمتحنك ويذوق أمرك هل تخاف لائمته إذا منعته منه أم لا.

(س) ومنه حديث البراق «فاستصعب فَرَازَهُ جبريل عليه‌السلام بأذنه» أى اختبره.

(ه) ومنه الحديث «كان رَازُ سفينة نوح عليه‌السلام جبريل» الرَّازُ : رأس البنّائين ، أراد أنّه كان رأس مدبّرى السّفينة ، وهو من رَازَ يَرُوزُ.

(روض) فى حديث طلحة «فَتَرَاوَضْنَا حتى اصطرف منّى» أى تجاذبنا فى البيع

__________________

(١) جاء بهامش الأصل : فى بعض النسخ : وأخيه.

٢٧٦

والشراء ، وهو ما يجرى بين المتبايعين من الزّيادة والنّقصان ، كأنّ كلّ واحد منهما يَرُوضُ صاحبه ، من رِيَاضَةِ الدّابة ، وقيل هى المواصفة بالسّلعة ، وهو أن تصفها وتمدحها عنده.

(ه) ومنه حديث ابن المسيّب «أنه كره الْمُرَاوَضَة» وهو أن تواصف الرجل بالسّلعة ليست عندك ، ويسمّى بيع المواصفة. وبعض الفقهاء يجيزه إذا وافقت السّلعة الصّفة.

(ه س) وفى حديث أمّ معبد «فدعا بإناء يُرِيضُ الرّهط» أى يرويهم بعض الرّى ، من أَرَاضَ الحوض إذا صبّ فيه من الماء ما يوارى أرضه. والرَّوْضُ نحو من نصف قربة. والرواية المشهورة فيه بالباء ، وقد تقدّم.

(ه) وفى حديثها أيضا «فشربوا حتى أَرَاضُوا» أى شربوا عللا بعد نهل ، مأخوذ من الروضة وهو الموضع الذى يستنقع فيه الماء. وقيل معنى أَرَاضُوا : صبّوا اللبن على اللبن.

(روع) (ه) فيه «إن روح القدس نفث فى رُوعِي» أى فى نفسى وخلدى. وروح القدس : جبريل.

[ه] ومنه «إنّ فى كل أمة محدّثين ومُرَوَّعِينَ» الْمُرَوَّعُ : الملهم ، كأنه ألقى فى روعه الصّواب.

وفى حديث الدعاء «اللهم آمن رَوْعَاتِي» هى جمع رَوْعَةٍ ، وهى المرّة الواحدة من الرَّوْعِ : الفزع.

(ه) ومنه حديث عليّ رضى الله عنه «أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعثه ليدى قوما قتلهم خالد بن الوليد ، فأعطاهم ميلغة الكلب ، ثم أعطاهم بِرَوْعَةِ الخيل» يريد أنّ الخيل رَاعَتْ نساءهم وصبيانهم ، فأعطاهم شيئا لما أصابهم من هذه الرّوعة.

(ه) ومنه حديث ابن عباس رضى الله عنهما «إذا شمط الإنسان فى عارضيه فذلك الرَّوْعُ» كأنه أرد الإنذار بالموت.

(ه) ومنه الحديث «كان فزع بالمدينة ، فركب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فرس أبى طلحة ليكشف الخبر ، فعاد وهو يقول : لن تُرَاعُوا ، لن تراعوا ، إن وجدناه لبحرا».

ومنه حديث ابن عمر رضى الله عنهما «فقال له الملك : لم تُرَعْ» أى لا فزع ولا خوف.

٢٧٧

ومنه حديث ابن عباس «فلم يَرُعْنِي إلّا رجل آخذ بمنكبىّ» أى لم أشعر ، وإن لم يكن من لفظه ، كأنه فاجأه بغتة من غير موعد ولا معرفة ، فَرَاعَهُ ذلك وأفزعه.

(ه) وفى حديث وائل بن حجر «إلى الأقيال العباهلة الْأَرْوَاعِ» الْأَرْوَاعُ : جمع رَائِعٍ ، وهم الحسان الوجوه. وقيل هم الذين يَرُوعُونَ الناس ، أى يفزعونهم بمنظرهم هيبة لهم. والأوّل أوجه.

ومنه حديث صفة أهل الجنة «فَيَرُوعُهُ ما عليه من اللّباس» أى يعجبه حسنه.

(س) ومنه حديث عطاء «كان يكره للمحرم كل زينة رَائِعَة» أى حسنة. وقيل معجبة رائقة.

(روغ) (ه) فيه «إذا كفى أحدكم خادمه حرّ طعامه فليقعده معه ، وإلا فَلْيُرَوِّغْ له لقمة» أى : يطعمه لقمة مشرّبة من دسم الطعام.

ومنه حديث عمر رضى عنه «أنه سمع بكاء صبىّ فسأل أمّه فقالت : إنى أُرِيغُهُ على الفطام : أى أديره عليه وأريده منه. يقال فلان يُرِيغُنِي على أمر وعن أمر : أى يراودنى ويطلبه منى.

ومنه حديث قس «خرجت أُرِيغُ بعيرا شرد منّى» أى أطلبه بكلّ طريق.

ومنه «رَوَغَانُ الثّعلب».

(س) وفى حديث الأحنف «فعدلت إلى رَائِغَةٍ من رَوَائِغِ المدينة» أى طريق يعدل ويميل عن الطريق الأعظم. ومنه قوله تعالى «فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ» أى مال عليهم وأقبل.

(روق) (ه) فيه «حتى إذا ألقت السماء بِأَرْوَاقِهَا» أى بجميع ما فيها من الماء.

والْأَرْوَاقُ : الأثقال ، أراد مياهها المثقلة للسحاب.

[ه] وفى حديث عائشة رضى الله عنها «ضرب الشيطان رَوْقَهُ» الرَّوْقُ : الرِّوَاقُ ، وهو ما بين يدى البيت. وقيل رِوَاقُ البيت : سماوته ، وهى الشّقّة التى تكون دون العليا.

ومنه حديث الدجال «فيضرب رِوَاقَهُ فيخرج إليه كلّ منافق» أى فسطاطه وقبّته وموضع جلوسه.

٢٧٨

وفى حديث عليّ رضى الله عنه :

تلكم قريش تمنّانى لتقتلنى

فلا وربّك ما برّوا وما ظفروا

فإن هلكت فرهن ذمّتى لهم

بذات رَوْقَيْنِ لا يعفو لها أثر

الرَّوْقَانِ : تثنية الروق وهو القرن ، وأراد بها هاهنا الحرب الشديدة. وقيل الداهية. ويروى بذات ودقين ... ، وهى الحرب الشديدة أيضا.

ومنه شعر عامر بن فهيرة :

كالثّور يحمى أنفه بروقه

(ه) وفى حديث ذكر الروم «فيخرج إليهم رُوقَةُ المؤمنين» أى خيارهم وسراتهم.

وهى جمع رَائِقٍ ، من رَاقَ الشّىء إذا صفا وخلص. وقد يكون للواحد ، يقال غلام رُوقَةٌ وغلمان رُوقَةٌ.

(روم) (ه) فى حديث أبى بكر ، وقيل بعض التابعين «أنه أوصى رجلا فى طهارته ، فقال : عليك بالمغفلة والمنشلة والرَّوْم» الرَّوْمُ : شحمة الأذن.

وفيه ذكر «بئر رُومَة» هى بضم الراء : بئر بالمدينة اشتراها عثمان رضى الله عنه وسبّلها.

(روي) (ه) فيه أنه عليه‌السلام «سمّى السحاب رَوَايَا البلاد» الرَّوَايَا من الإبل : الحوامل للماء ، واحدتها رَاوِيَةٌ ، فشبّهها بها. ومنه سميت المزادة رَاوِيَة. وقيل بالعكس.

(س) ومنه حديث بدر «وإذا بِرَوَايَا قريش» أى إبلهم التى كانوا يستقون عليها.

(ه) وفى حديث عبد الله «شرّ الرَّوَايَا رَوَايَا الكذب» هى جمع رَوِيَّةٍ ، وهى ما يُرَوِّي الإنسان فى نفسه من القول والفعل : أى يزوّر ويفكّر. وأصلها الهمز ، يقال روّأت فى الأمر. وقيل هى جمع رَاوِيَةٍ ؛ للرجل الكثير الرِّوَايَة ، والهاء للمبالغة. وقيل جمع رَاوِيَة : أى الذين يَرْوُونَ الكذب : أى تكثر رِوَايَاتُهُمْ فيه.

(س) وفى حديث عائشة تصف أباها رضى الله عنهما «واجتهر دفن الرَّوَاء» هو بالفتح والمدّ : الماء الكثير. وقيل العذاب الذى فيه للواردين رِيٌ ، فإذا كسرت الراء قصرته ، يقال : ماء رِوًى.

٢٧٩

(س) وفى حديث قيلة «إذا رأيت رجلا ذا رُوَاءٍ طمح بصرى إليه» الرُّوَاءُ بالمدّ والضم : المنظر الحسن ، كذا ذكره أبو موسى فى الراء والواو ، وقال هو من الرّىّ والِارْتِوَاءِ ، وقد يكون من الْمَرْأَى والمنظر ، فيكون فى الراء والهمزة. وفيه ذكره الجوهرى.

(ه) وفى حديث ابن عمر رضى الله عنهما «كان يأخذ مع كل فريضة عقالا ورِوَاءً» الرِّوَاءُ بالكسر والمدّ : حبل يقرن به البعيران. وقال الأزهرى : الرِّوَاء : الحبل الذى يروى به على البعير : أى يشدّ به المتاع عليه. فأمّا الحبل الذى يقرن به البعيران فهو القرن والقران.

ومنه الحديث «ومعى إداوة عليها خرقة قد رَوَّأْتُهَا» هكذا جاء فى رواية بالهمز ، والصواب بغير همز : أى شددتها بها وربطتها عليها. يقال رَوَيْتُ البعير ، مخفّف الواو ، إذا شددت عليه بالرّواء.

وفى حديث ابن عمر «كان يلبّى بالحج يوم التَّرْوِيَةِ» هو اليوم الثّامن من ذى الحجّة ، سمّى به لأنهم كانوا يَرْتَوُونَ فيه من الماء لما بعده : أى يسقون ويستقون.

وفيه «ليعقلنّ الدين من الحجاز معقل الْأُرْوِيَّةِ من رأس الجبل» الْأُرْوِيَّةُ : الشاة الواحدة من شياه الجبل ، وجمعها أَرْوَى. وقيل هى أنثى الوعول وهى تيوس الجبل. وقد تكرر فى الحديث.

(باب الراء مع الهاء)

(رهب) (س) فى حديث الدعاء «رغبة ورَهْبَةً إليك» الرَّهْبَةُ : الخوف والفزع ، جمع بين الرّغبة والرّهبة ، ثم أعمل الرّغبة وحدها. وقد تقدّم فى الرّغبة.

وفى حديث رضاع الكبير «فبقيت سنة لا أحدّث بها رَهْبَتَهُ» هكذا جاء فى رواية : أى من أجل رهبته ، وهو منصوب على المفعول له ، وتكرّرت الرَّهْبَةُ فى الحديث.

(ه) وفيه «لا رَهْبَانِيَّةَ فى الإسلام» هى من رهبنة النصارى. وأصلها من الرَّهْبَةِ : الخوف ، كانوا يَتَرَهَّبُونَ بالتّخلّى من أشغال الدّنيا ، وترك ملاذّها ، والزّهد فيها ، والعزلة عن أهلها ، وتعمّد مشاقّها ، حتى إنّ منهم من كان يخصى نفسه ، ويضع السّلسلة فى عنقه ، وغير ذلك من

٢٨٠